You are on page 1of 63

‫شعبة ‪ :‬الجغرافيا‬

‫بحث مشروع نهاية الدراسة‬

‫تحت عنوان‪:‬‬

‫من إنجاز الطلبة‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪NASREDDINN REDOUANE‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪EL D’HAR ABDELKABIR‬‬
‫‪CNE : 1129028874‬‬ ‫‪CNE :1229028982‬‬
‫‪‬‬ ‫‪OUAHMAN NEZHA‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪NAJI SOUKAINA‬‬
‫‪CNE : 1311010900‬‬ ‫‪CNE :1210024888‬‬

‫ذ‪ .‬عبد الرحمان أعمو‬ ‫تحت إشراف‪:‬‬

‫السنة الجامعية‪2016 – 2015 :‬‬

‫‪0‬‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫سورة األنبياء‬ ‫ش ْيءٍ َحي ٍ أَفَال يُؤْ ِمنُونَ {‬ ‫{و َجعَ ْلنَا ِمنَ ْال َم ِ‬
‫اء ُك َّل َ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ :‬‬

‫سورة النور‬ ‫اَّللُ َخلَقَ ُك َّل دَابَّ ٍة ِم ْن َماءٍ {‬


‫تعالى‪{:‬و َّ‬
‫َ‬ ‫و قوله‬

‫سلَ َكهُ يَنَابِي َع فِي‬


‫اء َما ًء فَ َ‬ ‫اَّللَ أ َ ْنزَ َل ِمنَ ال َّ‬
‫س َم ِ‬ ‫و قوله تعالى‪{:‬أَلَ ْم ت َ َر أ َ َّن َّ‬

‫عا ُم ْخت َ ِلفًا أ َ ْل َوانُهُ ث ُ َّم يَ ِهي ُج فَت َ َراهُ ُم ْ‬


‫صفَ ًّرا ث ُ َّم‬ ‫ْاأل َ ْر ِ‬
‫ض ث ُ َّم يُ ْخ ِر ُج ِب ِه زَ ْر ً‬

‫سورة الزمر األية ‪21‬‬ ‫طا ًما ِإ َّن ِفي َٰذَ ِل َك لَ ِذ ْك َر َٰى ِألُو ِلي ْاأل َ ْلبَا ِ‬
‫ب{‬ ‫يَ ْجعَلُهُ ُح َ‬
‫صدق هللا العظيم‬

‫‪1‬‬
‫نهدي هذا العمل المتواضع إلي كل من أضاء بعلمه عقل غيره‬
‫أو هدى بالجواب الصحيح حيرة سائليه فأظهر بسماحته‬
‫تواضع العلماء وبرحابته سماحة العارفين‪.‬‬
‫كما يسعدنا أن نتقدم بجزيل الشكر و االمتنان للدكتور المحترم‬
‫"عبد الرحمان أعمو" على قبوله اإلشراف على هذا البحث‬
‫وتتبع خطواته وعلى نصائحه القيمة‬
‫كما نشكر جميع األساتذة و نبلغ تحياتنا لكل المصالح خصوصا‬
‫وكالة الحوض المائي والمكتب الجهوي لإلستثمارالفالحي‬
‫ومديرية المياه والغابات بإقليم تارودانت‬
‫كما نتقدم بشكر والدينا وإخواننا و زمالئنا و كل من علمنا‬
‫حرفا نهدي هذا البحث المتواضع راجيين من المولى عز وجل‬
‫أن يجد القبول والنجاح‬

‫‪2‬‬
‫تقديم عام ‪:‬‬
‫يتميز البحث الذي نقدمه حول "الماء و التحوالت المجالية بسهل سوس نموذج إقليم تارودانت" بمنهجية توثق‬
‫عناصر المياه بالمنطقة وأهم العوامل والتحديات التي تلعب دورا بارزا في التأثير على التحوالت المجالية التي عرفتها‬
‫منطقة تارودانت ما بين سنوات ‪ 2010‬و ‪.2015‬‬

‫فعلى صعيد أولي يرتكز البحث على بنك من المعلومات حول العوامل الجغرافية المؤشرة على اإلقليم‪ ،‬بحيث‬
‫تطرقنا في الفصل األول للموارد و المؤهالت الهيدروفالحية و مستوى التنمية المحلية‪ ،‬وفي الفصل الثاني تحدثنا فيه‬
‫عن التهيئة الهيدروفالحية و مستوى التنمية المحلية‪ ،‬وفي الفصل الثالث أشرنا فيه إلى أهم المشاكل و العراقيل‬
‫المرتبطة بتدبير الموارد المائية وآفاق التهيئة الهيدروفالحية‪ .‬وعموما لقد حاولنا أن نبين العالقة بين تلك العناصر و‬
‫تأثيرها على النظام المائي‪.‬‬

‫أما على صعيد ثاني‪ ،‬فقد تناولنا في الفصل األول من المحور األول اإلطار الطبيعي لإلقليم وحالة الموارد المائية‬
‫فيه‪ ،‬وأهم العناصر الطبيعية المتحكمة في الموارد المائية‪ ،‬وتناولنا في الفصل الثاني السياسة التي نهجتها الدولة في‬
‫تهيئة الحوض المائي لسوس إقليم تارودانت بشكل خاص‪ ،‬وأهم اإلعدادات القديمة التي اتبعتها الدولة قبل استقاللها و‬
‫تناولنا أيضا أهم الطرق في استغالل الماء في المجال الفالحي و الغير الفالحي في اإلقليم و توزيع الغطاء النباتي‬
‫وارتباطه بالمجاري المائية الموجودة فيه‪.‬‬

‫أما في الفصل الثالث رصدنا فيه الموارد المائية بين تردد الجفاف واالستغالل المفرط‪ ،‬و تلوث المياه وكيفية‬
‫المعالجة‪ ،‬و أخيرا سوف ندرس تهافت الساكنة على الماء وتزايد الحاجيات وضعف الموارد‪.‬‬

‫وأهم الخالصات العلمية التي استنتجناها في البحث المتواضع فهي تتمثل في أن اإلقليم يسير نحو مزيد من تراجع‬
‫في كميات المياه المتوفرة‪ ،‬تحت ضغط أنشطة السكان بفعل عدم التكافؤ بين الموارد المائية وحاجيات الساكنة‪ .‬كما‬
‫يعكس اإلقليم مجموعة من التحديات تنعكس على مستقبله‪.‬‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬
‫يعتبر الماء مصدر الحياة ومرتكز يساهم في تنمية الشعوب فهو أساس أنشطة اإلنسان خاصة االقتصادية منها‪ ،‬دون‬
‫إغفال الطبيعة ومواردها األولية‪ ،‬وكذا باالعتماد على العلم و تطوره الذي وفر لإلنسان معظم متطلباته عبر التاريخ‪ ،‬إال‬
‫أن حاجة اإلنسان للماء ال يمكن أن تلبى بتركيب أو تصنيع مما يفرض عقلنة عملية تدبيره وترشيده‪.‬‬

‫و المغرب كباقي البلدان العربية يقع ضمن المنطقة الجافة و الشبه الجافة‪ ،‬الشيء الذي يطرح مشكل ندرة المياه‬
‫ونقصها باإلضافة إلى سوء تدبيرها خاصة أمام تزايد الطلب عليها نتيجة النمو السكاني المتزايد‪ ،‬حيث من المنتظر‬
‫خالل السنوات المقبلة وارتفاع الطلب على الماء الشروب وكذلك مياه الري‪.‬‬

‫فالمغرب يمتلك ما بين ‪ 20‬و ‪ 23‬مليار متر مكعب من الموارد المائية في السنة‪ ،‬منها ‪ 12.6‬كلم‪ ³‬مياه عذبة‪ ،‬تتوزع‬
‫بين مختلف القطاعات حسب احتياجات كل قطاع‪ ،‬تعتبر الفالحة بالمغرب النشاط االقتصادي السائد‪ ،‬لذلك يفضي‬
‫تراجع المياه العذبة إلى تراجع الغذاء‪.‬‬

‫وعليه يكتسي موضوع الماء بالمغرب اهتماما واسع من طرف الساكنة خاصة بالعالم القروي‪ ،‬وكذلك لدى‬
‫المسؤولين فقد أدركوا العواقب التي تنجم عن ندرة الماء‪ ،‬فإستراتيجية المغرب الحالية مكنت من االستجابة إلى جميع‬
‫المتطلبات خاصة فترات الجفاف التي مر منها لمغرب إذ تتركز على تعبئة الموارد المائية بالدرجة األولى‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ولعل إقليم تارودانت‪ ،‬وهو مجال دراستنا يعتمد في نشاطه الرئيسي على الموارد المائية نظرا لكونه إقليما فالحيا‬
‫بالدرجة األولى‪ ،‬كما أن ظروفه الطبيعية غير منتظمة‪ ،‬نوعا ما خاصة إبان فترات الجفاف‪ ،‬ومن خالل بحثنا هذا‬
‫سنحاول اإلجابة عن األسئلة التالية‪:‬‬

‫‪ )1‬ما هي الموارد و المؤهالت الهيدروفالحية إلقليم تارودانت؟‬


‫‪ )2‬ما هي السياسة المائية المعتمدة بالمنطقة؟‬
‫‪ )3‬ما هي أهم المشاكل والعراقيل المرتبطة بتدبير الموارد المائية بالمنطقة؟‬

‫األسباب الكامنة وراء اختيار الموضوع‪:‬‬


‫إن اختيارنا لهذا الموضوع دون غيره من المواضيع‪ ،‬لم يكن اعتباطيا بقدر ما كان دقيقا ونابعا من جملة من الدوافع‬
‫الذاتية و الموضوعاتية‪.‬‬

‫‪ ‬الدوافع الذاتية‪ :‬تتمثل في رغبة جامحة وأكيدة في إنجاز بحث يخص منطقتنا التي ننتمي إليها وذلك رغبة‬
‫في اكتشاف الظروف الطبيعية بالمنطقة‪ ،‬هذا فضال عن كوننا أردنا من خالل هذا العمل طرح مشكل‬
‫التحديات واإلكراهات المستقبلية التي تواجه الموارد المائية بالمنطقة‪ ،‬وتقف في وجه تحقيق تنمية مستدامة‬
‫بجميع شروطها‪ ،‬وكذا البحث عن السبل الكفيلة لتحسين أوضاع هذه المنطقة التي تعيش تحت رحمة‬
‫ظروف مناخية قاسية أحيانا‪.‬‬
‫‪ ‬الدوافع الموضوعاتية‪ :‬ترتبط براهنية الموضوع بحيث يعتبر من أكثر المواضيع دينامية وحساسية وتداوال‬
‫بين مختلف تبعاته حديث الساعة على الساحة الوطنية والدولية‪ ،‬إذ أصبح يطرح عدة تحديات كبرى على‬
‫المستوى االقتصادي واالجتماعي‪ .‬كما شدتنا مجموعة من األشياء والعناصر للتعرف عليها كنمط الري‬
‫والموارد المائية الموجودة بالمنطقة‪ ،‬وكذا السياسة المائية بإقليم تارودانت‪.‬‬
‫هذا فضال عن محاولتنا المساهمة في إغناء النقاش والتأسيس للتراكمات العلمية في مجال األبحاث التي تهتم‬
‫باالنفتاح على آليات ووسائل بحثية أقرب إلى الواقع‪.‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬
‫نطمح من خالل هذه الدراسة المساهمة في تشخيص الوضع المائي بالمجال المدروس‪ ،‬انطالقا من معرفة الخصائص‬
‫والعناصر المؤشرة على النظام المائي بالمنطقة وبغية أيضا استكشاف موروثات طبيعية للمنطقة التي تشكل هوية إقليم‬
‫تارودانت‪ ،‬السيما وأن هذه األخيرة تتعرض معالمها للتغيير بشكل مستمر‪.‬‬

‫ويعتبر هذا البحث بمثابة تمهيد الرؤية أشمل تغني بحوثا مستقبلية في إطار الدراسات العليا‪.‬‬

‫وتهدف الدراسة في النهاية إلى العديد من األمور وأهمها‪:‬‬

‫تحديد العناصر المؤشرة على الموارد المائية‬ ‫‪‬‬


‫إبراز واقع تلك المياه‬ ‫‪‬‬
‫توضيح أبرز التحديات التي تواجه الموارد المائية باإلقليم‬ ‫‪‬‬
‫الوقوف على حجم تلك التحديات‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬تقديم بعض التصورات والمقترحات والسبل لمواجهة تلك التحديات‬

‫‪4‬‬
‫منهجية البحث‪:‬‬
‫إن طبيعة موضوع الدراسة الذي يتناول جوانب عدة ظواهر ومتغيرات متعددة ومتداخلة تفرض علينا إتباع أكثر من‬
‫منهج واحد‪ ،‬ابتداءا من المنهج الوصفي الذي يتيح إمكانية المالحظة و التحليل و التفسير‪ ،‬باإلضافة على االعتماد على‬
‫المنهج االستقرائي الذي يسمح بإخضاع الفرضيات للتجربة من خالل االستطالعات الميدانية وحيث يكتسي البحث‬
‫واقعية فالبد من المرور عبر المنهج النقدي والنسقي الجهوي والوطني كمستويات للتدخل تتفاعل فيما بينها لتفرز‬
‫طبيعية ومستوى دينامية مجال معين‪ ،‬كل ذلك في إطار منظور شمولي ومتكامل‪.‬‬

‫في هذا اإلطار تتمثل الخطوات التي سلكناها إلنجاز هذا البحث الذي يتمحور حول "الماء و التحوالت المجالية" فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫البيبليوغرافيا‪ :‬يتمثل العمل البيبليوغرافي في جمع المادة العلمية المتوفرة وقراءتها وتحليلها وتأويل معطياتها‬ ‫‪‬‬
‫بما يجب في تصميم البحث ويخدم أهدافها وبعد تفحصها لكثير منها خلصنا إلى أن األبحاث الجغرافية المنجزة‬
‫حول إقليم تارودانت وبالتحديد حول الموارد المائية تبقى محدودة مقارنة بمختلف التخصصات‪.‬‬
‫وكالة الحوض المائي لجهة سوس ‪ :‬أنيطت لما تنفيذ ووضع مخططات للتهيئة المندمجة للموارد المائية التابعة‬ ‫‪‬‬
‫لنفوذها ومنح الرخص الخاصة باستغالل الفرشات الباطنية والمياه السطحية‪ ،‬وتتبع جودة الماء والفيضانات من‬
‫أجل حماية السكان وممتلكاتهم والملك العام‪.‬‬
‫زيارات ميدانية لمجموعة من المناطق‬ ‫‪‬‬
‫المديرية اإلقليمية للمياه و الغابات‬ ‫‪‬‬
‫العمللل الارائطللي والبينللات‪ ،‬يعددد وسدديلة فعالددة فددي الدراسددة باعتبدداره يقدددم وثددائق أساسددية فددي عمليددة االسددتقراء‬ ‫‪‬‬
‫واالستنتاج وقد شمل الجداول واألشكال والخرائط‪.‬‬
‫‪ ‬واألشللكال والمبيانللات‪ :‬ثددم االعتمدداد علددى إحصدداءات وأرقددام خاصددة مسددتقاة مددن مصددادر مختلفددة‪ .‬وقددد ترجمددت‬
‫وحولت إلى مبيانات وأشكال توضيحية‪.‬‬
‫‪ ‬الارائط ‪ :‬اعتمدنا في وضع خرائط البحث على الخرائط التي اتبعتها مختلف الوكاالت وبعض المراجع السابقة‬
‫وأيضا صور االستشعار عن بعد‪ .‬وذلك بهدف تسليط الضوء على دينامية األوساط الطبيعية والبشرية للمنطقة ‪.‬‬

‫القيام بزيارة ميدانية لمختلف مناطق اإلقليم من أجل فهم المجال وقراءة المشدهد الجغرافدي‪ ،‬بحيدث تبدين لندا أن المجدال‬
‫يعرف دينامية طبيعية وبشرية تؤثر على النظام المائي وعلى مستقبل البيئة بالمنطقة‪.‬‬

‫وقد تناولنا في هذا البحث الفصول التالية‪:‬‬

‫‪ ‬الفصل األول‪ :‬سنحاول إبراز أهم الموارد والمؤهالت الهيدروفالحية إلقليم تارودانت‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬سيتم الوقوف عند التهيئة الهيدروفالحية بالمنطقة‪ ،‬ومستوى التنمية المحلية‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الثالث‪ :‬من خالله سنتطرق إلى المشاكل والعراقيل المرتبطة بتدبير المياه وآفاق التهيئة الهيروفالحية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫صعوبة انجاز البحث‪:‬‬
‫تعشب الصعوبات ومعيقات البحث بمثابة الشروط الموضدوعية إلنجداز أي بحدث علمدي‪ ،‬إال أن هدذه الصدعوبات‬
‫غالبا ما تتحول إلى تحدي وإصرار بالنسبة للباحث إلتمام عمله‪ .‬ومن جملة الصعوبات التي اعترضتنا في هذا البحدث‪،‬‬
‫صعوبة الولوج إلى المعلومات التي تخض السنوات األخيرة‪ ،‬فغال بدا مدا يعطونندا معلومدات قديمدة جددا‪ .‬ناهيدك عدن عددم‬
‫االهتمام بالبحث العلمي من طف الفاعلين المحليين‪ ،‬وأهم مشكل واجهناه خالل هذا البحث يكمن في كثرة المراجع حيث‬
‫وجد في صعوبات في معالجة هذا الحكم الهائل من المعطيات‪ ،‬ويكمن الخلل في ضيق الوقدت وكدذا التوفيدق بدين البحدث‬
‫وحصص الدراسة‪ .‬مما جعلنا لم نعالج الكم الهائل من المعلومات‪ ،‬وقد تم التخلي عدن بعضدها منهدا خصوصدا بالفرنسدية‬
‫لمدا يتطلددب ذلدك مددن وقدت كبيددر للترجمدة‪ ،‬ولددم نوفددق فدي إنجدداز بعدض العناصددر بطريقتندا الخاصددة‪ ،‬لدذلك سددوف نعمددل‬
‫جاهدين إن شاء هللا في المستقبل من أجل عمل أحسن‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫تقديم ‪:‬‬
‫نهج المغرب مبكرا سياسة وطنية لتعبئة الموارد المائية ترتكز على تشييد السدود وتهيئة المدارات السقوية‪ ،‬كما‬
‫جعلت هذه السياسة من قطاع السقي أهم محرك لالقتصاد واإلنتاج الفالحي‪ ،‬هذه األخيرة نتجت عنها تحوالت مهمة‬
‫بالعالم القروي في مجموعة من المجاالت اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا‪ .‬ولتدبير هذه الموارد بكيفية محكمة يجب التفطير‬
‫في مصطلح التنمية المستدامة لتستفيد األجيال الحاضرة والالحقة‪.‬‬
‫إن اختيار حوض سوس من أجل المساهمة في دراسته كنظام مائي مغربي ساهم ويساهم في تفعيل توجهات‬
‫اإلعداد الهيدروفالحي الذي تبناه المغرب كأولوية سوسيوإقتصادية لم يأتي من مجرد كونه يمثل أحد أهم األحواض‬
‫المغربية‪ ،‬من حيث مساحته ومن حيث وارداته المائية بالقياس إلى موقعه الجنوبي‪ ،‬وإنما أيضا لكونه يشكل وضعا‬
‫طبيعيا خاصا تتداخل عنده معالم المغرب المتوسطي وخصائص المغرب الصحراوي‪ ،‬وتتكامل عنده الموارد المائية‬
‫الجوفية والسطحية مقارنة مع باقي األحواض الجنوبية األطلسية‪ .‬وقد شكلت هذه الموارد المائية منذ القديم قاعدة‬
‫ومحركا القتصاديات المنطقة‪ ،‬لكنها اليوم أصبحت تتعرض لضغوط متزايدة ومتنوعة مصدرها بروز نظام استعمال‬
‫مائي جديد أخذ يتقلص أمامه بجالء هامش الفائض المائي المتوفر‪ ،‬ليس فقط عن طريق االقتطاعات المائية المتواصلة‪،‬‬
‫إنما أيضا بسبب التدهور والتبديد الذي تتعرض له الموارد الطبيعية المحلية‪ ،‬فلقطاع الفالحة عالقة وطيدة بوضعية‬
‫الموارد المائية‪ ،‬سواء كانت إيجابية أو سلبية‪ ،‬وقد راهن المغرب منذ فجر االستقالل على الفالحة كرافعة للتنمية‪.‬‬
‫يعتبر الماء من بين النعم األساسية الموجودة على وجه الكرة األرضية وهو من أكثر المواد توفرا على سطحها‬
‫وفي باطنها‪ ،‬كما أنه من أهم العناصر التي يحتاجها االنسان في حياته اليومية‪ ،‬مصداقا لقول المولى عز وجل في كتابه‬
‫الحكيم‪" :‬وجعلنا من الماء كل شيء حي أفال يومنون" سورة األنبياء اآلية‪30،‬‬
‫خريطة رقم ‪ :1‬موقع حوض سوس داخل المجال الهيدروغرافي المغربي‬

‫المصدر‪ :‬عمل شخصي ‪2016‬‬

‫‪7‬‬
‫خريطة رقم ‪ : 2‬توطين المجال المدروس‬

‫المصدر ‪ :‬عمل شخصي ‪2016‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الموارد والمؤهالت الهيدروفالحية بإقليم‬
‫تارودانت‬

‫‪9‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫رغم وجود منطقة سوس داخل النطاق شبه الجاف إال أنها تتميز بعدة خصائص طبيعية تجعل منها وسطا‬
‫ينفرد بمؤهالت فالحية‪ ،‬قل نظيرها باألوساط الواقعة ضمن هذا النطاق المناخي‪ ،‬أن ما يميز هذه المنطقة هو ارتباطها‬
‫بالخارج مما جعل جل مكونات اقتصادها منفتحة على االسواق الخارجية أي فالحة تصديرية وبالتالي ارتفاع الطلب‬
‫على المنتوجات الفالحية في األسواق جعلها تضاعف من كميات االنتاج والمساحة المستغلة الشيء الذي يتطلب موارد‬
‫مائية لالستجابة لهذا التوسع الزراعي المتزايد‪ ،‬ما قد يزيد من تكريس مؤشر ندرة الموارد المائية الذي اصبحت معها‬
‫الفرشة في تناقص مستمر‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬حالة الموارد المائية بإقليم تارودانت‬


‫‪ )1‬الموارد المائية الجوفية‬
‫يقدر متوسط الموارد الجوفية المتجدد بالمغرب ب ‪ 9‬مليار متر مكعب في السنة منها ‪ 2.5‬مليار متر مكعب‬
‫في شكل عيون تغذي األودية‪ ،‬و‪ 2.5‬مليار متر مكعب تصب في البحر‪ .‬أما ‪ 4‬مليار متر مكعب في السنة المتبقية‬
‫من إجمالي المياه النافعة بالمغرب "‪ 29‬مليار متر ‪%‬فهي عبارة عن مياه قابلة للتعبئة‪ .‬وبذلك فإنها تمثل نسبة ‪13.8‬‬
‫مكعب في السنة كمتوسط" (المصدر‪ :‬محمد صباحي مطبوع خاص حول جغرافية المغرب)‪.‬‬

‫كما تعتبر مياه الفرشاة الباطنية الركيزة األساسية لالقتصاد الفالحي برمتها‪ ،‬خاصة بالقطاعات العصرية‪ ،‬إذ تساهم‬
‫من مجموع المياه المستعملة فالحيا‪ .‬وتشكل فرشة سوس المائية لسانا ‪%‬الفرشاة المائية لسوس ماسة بحوالي ‪85‬‬
‫منحصرا بين األطلس الكبير والصغير ويعرف سطحها انحدارا عاما من الشرق نحو الغرب‪ ،‬مع تحوالت في‬
‫االتجاه وتغيرات في أهمية الماء‪.‬‬

‫يبلغ مجموع احتياط هذه الفرشة الممتدة على مساحة ‪ 4150‬كلم مربع حوالي ‪ 40‬مليار متر مكعب‪ ،‬منها ‪ 8‬مليار‬
‫متر مكعب قابلة لالستغالل االقتصادي وتلعب هذه الفرشة دورا رياديا في التنمية الفالحية واالجتماعية‪ ،‬لكن‬
‫التكثيف الزراعي الذي دشنه االستعمار والذي سيتطور مع فجر االستقالل‪ ،‬سيضاعف الطلب على ميه الفرشة‬
‫الجوفية يصعب تجدد مواردها‪ ،‬وبالتالي ستدخل هذه األخيرة مرحلة تميزت بهبوط مستمر لمستواها المائي حيث‬
‫اتخذ في بعض األماكن أبعادا خطيرة نظرا لكثرة الطلب على مياهها وخاصة بمجال انتشار الحوامض كمنطقة‬
‫"الكردان"‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫خريطة رقم ‪ :3‬نزول مستوى فرشة سوس‬

‫المصدر‪ :‬وكالة الحوض المائي سوس ماسة‬

‫‪ )2‬الموارد المائية السطحية‬


‫تساهم مختلف روافد وادي سوس بشكل متفاوت في تعزيز الموارد السطحية للحوض وهي تبلغ حوالي ‪412‬‬
‫من مجموع الموارد السطحية بالجهة‪ .‬رغم أن متوسط ما يقوم حوض ‪%‬مليون متر مكعب‪ ،‬وتشكل حوالي ‪65‬‬
‫سوس بتصريفه يبقى ضعيف ال يتجاوز ‪ 255‬مليون متر مكعب في السنة مقارنة مع أحواض مائية أخرى‪ .‬فعند‬
‫خانق أولوز الذي يشكل مخرجا لحوض سوس األعلى في اتجاه سهل سوس تسجل نسبة عالية من حجم الواردات‬
‫الكلية داخل الحوض‪ ،‬أي حوالي ‪ 183‬مليون متر مكعب‪ ،‬ويساهم وادي تغنوت ومجموع الروافد األخرى المنحدرة‬
‫من كتلة "سيروة أزالغ" بصبيب خام قدره ‪ 3‬متر مكعب في الثانية‪.‬‬

‫وفي إطار التوجه نحو إعداد وتعبئة الموارد السطحية بسوس تم في سنة ‪ 1981‬الشروع في إنجاز رابع أكبر سد‬
‫في المغرب وأكبر سد بحوض سوس وهو سد عبد المومن على وادي إسن‪ ،‬إضافة إلى سدين آخرين مع بداية‬
‫التسعينات‪ .‬فأصبح حوض سوس يتوفر على حقينة إجمالية تقدر ب‪ 330‬مليون متر مكعب‪.‬‬

‫جدول رقم ‪ :1‬حجم المقينة المائية وخصائص حوض سوس الكبرى ‪:‬‬

‫الحقينة المائية ب م م مكعب‬ ‫سنة اإلنجاز‬ ‫المجرى المائي‬ ‫السد‬


‫‪213‬‬ ‫‪1981‬‬ ‫إسن‬ ‫عبد‬
‫المومن‬
‫‪7‬‬ ‫‪1986‬‬ ‫إسن‬ ‫الدخيلة‬
‫‪110‬‬ ‫‪1991‬‬ ‫سوس‬ ‫أولوز‬
‫‪12‬‬ ‫‪1993‬‬ ‫تالكجونت‬ ‫إمي‬
‫الخنك‬
‫المصدر‪ :‬وكالة الحوض المائي لسوس ماسة‬

‫‪11‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬العناصر الطبيعية المتحكمة في الموارد المائية‬
‫‪ )1‬البنية الجيولوجية ‪:‬‬
‫إن داخل هذه األحواض السفحية تقدم البنية الجيولوجية وتطوراتها الجيومورفولوجية القاعدة المحتضنة‬
‫للدورة المائية‪ ،‬فهي ال تحدد امتداد الحوض المائي وشكله فحسب‪ ،‬أو توجه رسم خطوط تقسيم مياهه وتخطيط‬
‫عناصر شبكته الهيدروغرافية بالعالقة مع الدينامية المائية‪ ،‬إنما تعطيه أيضا بعدا عموديا يختلف سمكه وسلوكه‬
‫الهيدروليكي حسب الوضع البنيوي (التسرب‪ ،‬التخزين‪ ،‬العبور‪ .)...‬لهذا سيكون من الفيد التعرف على طبيعة‬
‫اإلطار البنيوي داخل األحواض المائية‪ ،‬وكذلك فهم ظروف ومراحل نشأته وتطوره‪.‬‬

‫إن حوض سوس بحكم موقعه يطبع بثنائية بنيوية تتمثل في اتصال ميدان األطلس الصغير بميدان األطلس الكبير‪،‬‬
‫فالميدان األول تمثله وحدات أخدود سوس‪ ،‬واألطلس الصغير الغربي‪ ،‬واألطلس الصغير األوسط‪ .‬أما ميدان‬
‫األطلس الكبير تمثله وحدات حاحا وممر أركانة‪ ،‬واألطلس الكبير األولي الغربي ومنطقة أوناين‪-‬أزالغ‪ ،‬إن هذا‬
‫اإلتصال يدل على أن بنية حوض سوس قد خضعت لتطور طويل ومعقد انطلق مع بداية تكون األطلس الصغير‬
‫عند حاشية القاعدة اإلفريقية خالل ما قبل الكمبري‪.‬‬

‫المصدر‪' :‬حسن المحداد‪ ،‬الماء واالنسان بحوض سوس‪'2003...‬‬

‫‪ )2‬البناء الجيولوجي للمجال المدروس‪:‬‬

‫إعتمادا على بعض الدراسات التي قام بها كل من ( ‪( (DIJON. R 1969‬والدكتور حسن المحداد‪،)1999 ،‬‬
‫يتضح أن البناء الجيولوجي داخل حوض سوس يتركب من وحدات بنيوية شديدة التنوع‪ ،‬بحيث أن استقرار وتطور‬
‫حوض سوس عند اتصال األطلس الصغير بالميدان األطلسي جعله يعرف تطورا بنيويا يلخص إلى حد ما التاريخ‬
‫الجيولوجي العام لألرض المغربية‪ ،‬وقد تم هذا على مراحل كبرى‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫خريطة رقم ‪ :4‬الوحدات البنيوية الكبرى داخل حوض سوس‬

‫المصدر ‪ :‬الحسن المحداد‬

‫‪ )3‬المراحل الكبرى لتطور بنية حوض سوس الجيولوجية‪:‬‬


‫أ‪ -‬مرحلة ما قبل الكمبري وبداية ظهور أرض سوس‪:‬‬

‫شهدت هذه المرحلة اإلنتهاضية الكبرى بداية ميالد أرض حوض سوس‪ ،‬وقد شمل تأثيرها وحدة األطلس‬
‫الصغير وامتد في اتجاه الشمال عند كتلتي سيروة وأزالغ‪ .‬وتظهر مواد بهرات مختلفة عند األطلس الصغير أن مرحلة‬
‫ما قبل الكمبري تمثل أطول دورة انتهاضية في بنيوية المنطقة‪.‬‬

‫مجاليا شواهد ما قبل الكمبري األسفل محدودة اإلنتشار وهي عبارة عن مواد ذات درجة عالية من التحول مثل‬
‫الغاو والميكاشيست والشست‪ ،‬متداخلة مع إتاوات صهيرية متنوعة من الغرانيت والكابرو والريوليت‪...‬وذلك على‬
‫النحو المتوفر عند أيت مخلوف وإكردن‪-‬أوداد بكثلة إدا وزدوت‪ .‬وتمثل حقبة ما فبل الكمبري األوسط أطول مراحل‬
‫الدورة الماقبل الكمبرية‪ ،‬وهي مسؤولة عن التكوين النهائي لألطلس الصغير على شكل سلسلة ذات اتجاه‬
‫غ‪.‬ج‪.‬غ‪/‬شـ‪.‬ش‪.‬شـ‪ ،‬فخالل هذه الحقبة التي استمرت ‪1600‬مليون سنة‪ ،‬عرف األطلس الصغير استقرار بنيويا جعله‬
‫يتلقى حجما ضخما من المواد الرسوبية المتنوعة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫خالل مرحلة الماقبل الكمبري األعلى عرف ميدان األطلس الصغير نشاطا تكتونيا هاما سجلته المواد الصخرية‬
‫المذكورة في شكل التواءات وعمليات تحول متقدمة‪ ،‬وفي شكل نشاط بركاني غطت أدفاقه مجاال واسعا‪ ،‬وقد انتهت هذه‬
‫المرحلة بخلق تضاريس مرتفعة‪.‬‬

‫مع نهاية المرحلة الكلدونية الهرسينية كانت المعالم البنيوية الكبرى لحوض سوس قد وضعت‪ ،‬وخالل المرحلة‬
‫األلبية اكتسب الحوض مظهره النهائي بسبب تكوين منخفضين هامشيين‪ ،‬األول غرب كتلة األطلس الكبير القديمة‬
‫ارتبط ببداية انفتاح المحيط األطلنتي‪ ،‬والثاني عند سهل سوس ارتبط بتهدل لحق بالحاشية الشمالية الغربية لميدان‬
‫األطلس الصغير‪.‬‬

‫خالل الترياسي استقبل الهامش الغربي لألطلس الكبير الهرسيني سلسلة رسوبية حمراء فتاتية وتبخارية‬
‫مرفوقة بصخور صهيرية‪ ،‬هذه السلسلة تعرف سمكا كبيرا عند منخفض أركانة‪.‬‬

‫مع الجوراسي بدأت معالم الوسط البحري تتضح بالتدريج‪ ،‬فمواد الجوراسي األسفل واألوسط تتميز بسحنات‬
‫قارية محرة عبارة عن صلصال وحث طيني‪ ،‬والمواد البحرية بدأت تظهر مع الجوراسي األعلى‪ ،‬وخالل الطباشيري‬
‫المتميزان يتواثر المستويات الكربوناتية والصلصالية بسمك كبير جدا‪.‬‬

‫وتميزت فترة الطباشيري األيوسين األسفل بتوغل البحر في اتجاه الشرق عن األخدود الجنوب أطلسي إلى‬
‫حدود حافة األطلس الصغير وعلى إثر ذلك استقبل سهل سوس مواد متنوعة السحنات والسمك‪.‬‬

‫األيوسين يتشكل عند صلصال القاعدة من صلصال حثي ثم صلصال كلسي فصلصال رملي في األعلى‬
‫ومتوسط السمك في حدود ‪ 100‬متر‪.‬‬

‫مباشرة بعد هذا التوضع تراجع البحر بشكل نهائي عن وهدة سوس واقتصرت طغياناته الالحقة على المجال‬
‫الموافق لسوس األسفل الحالي‪.‬‬

‫مع نهاية األيوسي دخل حوض سوس مرحلة تطور قاري لعب خاللها سهل سوس المتهدد دور المستقطب‬
‫للمياه ولمواد التعرية المتنوعة‪ ،‬وذلك انطالقا من اإلطار الصخري المشرف والمشكل من األطلسين الصغير والكبير‬
‫اللذين يسجالن حركات رفع متواصلة وتبعا لهذا فإذا كانت الدورات اإلنتهاضية القديمة ما قبل الكمبرية والكلدونية‬
‫الهرسينية قد أعطت أساس الوعاء البنيوي الذي تشكل داخله حوض سوس‪ ،‬فإن الدورة األطلسية خاصة في دورها‬
‫البليوفالفرنشي قد أدت إلى تحديد معالمه النهائية عن طريق رفع اإلطار الجبلي وتثبيت عناصر الشبكة الهيدروغرافية‬
‫التي تمكنت في ظروف مناخية ذات طابع متوسطي بشكل عام من إزالة ونقل مواد المجاالت العالية وطمر المجاالت‬
‫المتهدلة داخل الحوض‪ ،‬وانتهى األمر بزيادة سمك مواد سهل سوس‪ ،‬وتأسيسا على هذا فإن التطورات الرباعية الالحقة‬
‫تبقى محدودة وال تتخذ تأثيراتها إال طابعا محليا‪( ،‬المصدر‪ :‬حسن المحداد‪ ،‬الماء واإلنسان بحوض سوس‪.)2003...‬‬

‫‪14‬‬
‫ب ‪ -‬التطور الرباعي‪:‬‬

‫إذا كان دور التطور الرباعي في عملية البناء المورفوبنيوي لحوض سوس وفي تشخيص وحداته‬
‫الهيدرولوجية يبقى محدودا‪ ،‬فإن دراسة أحداته تبقى ذات فائدة عالية نظرا لكون تركاتها المختلفة تحمل مؤشرات‬
‫متعددة حول التغيرات البيومناخية الرباعية مما سيساعد على ضبط تغيرات الرصيد المائي المحلي وتحديد نزاعات‬
‫وآفاق تطوره‪ .‬هذا باإلضافة إلى كونها ساهمت في إعداد وتطور الغطاء الترابي الذي يشكل أحد العناصر األساسية‬
‫المتحكمة في حصيلة الحوض المائية والمفسرة لالستقرار البشري بالمنطقة‪.‬‬

‫إن عمليات التعرية التي انطلقت وتوسعت مع الحقبة الفالفرنشية عرفت نوعا من االستمرارية خالل الفترة‬
‫الرباعية لكن بحدة أقل‪ ،‬ووفق سيناريوهات متباينة مجاليا وزمانيا تحكمت فيها طبيعة التغبيرات المناخية ونوع‬
‫الحركات البنائية‪ .‬هذا التطور جعل حوض سوس يعرف تعاقب أنظمة مرفوتشكالية تقلبت بين الرطبة والجافة‪ ،‬ساهمت‬
‫في وضع بعض التنميقات على المشهد التضاريسي السوسي ‪ ،‬وذلك عن طريق تعمق األودية وتراجع السفوح وإعادة‬
‫تحريك المواد السطحية ‪ ،‬األمر الذي أعطى مظهرا متقطعا ومتدرجا للتضاريس عند المجاالت المشرفة التي تعرضت‬
‫للرفع البنائي من جديدي‪ ،‬وجعل التراكمات تتداخل عند الجهات المنخفضة‪ ،‬في حين أن البيأنهار األكثر استقرار عرفت‬
‫أدوار تفسخ وتترب هامة‪ .‬وخالل الرباعي يظهر أن األطلسين الكبير والصغير تعرضا على حد سواء لحركة رفع‬
‫عامة وتدريجية جعلت محاور النظام الهيدروغرافي تتعمق على مراحل وتشكل مظهرا تضاريسيا متدرجا تمكن‬
‫معاينته كما سمحت الظروف المحلية بالمحافظة عليه على طول األودية والمنخفضات‪ .‬باإلضافة إلى شيء آخر يمكن‬
‫التأكيد عليه هو أن التباينات المناخية المختلفة المتواثرة على حوض سوس عبر أطوار التاريخ الجيولوجي الحديث‪،‬‬
‫أخذت طابعا جهويا وذلك تحت تأثير التمايز المورفوبنيوي الذي يعرفه الحوض بشكل عام‪( .‬المصدر‪ :‬حسن المحداد‪،‬‬
‫الماء واإلنسان بحوض سوس‪.)2003...‬‬

‫يتبين إذن من هذا التاريخ الجيولوجي الطويل أن أرض حوض سوس الحالي عرفت أحداثا بنائية متنوعة‬
‫جعلتها تتمتع بإطار صخاري طباقي متعدد السحنات‪ ،‬وقد خضع هذا اإلطار لتطوير بنائي وجيومورفولوجي معقد‬
‫وطويل‪ ،‬ساهم عن طريق إعادة تحريك المواد انطالقا من الحواشي الجبلية وترسيبها عند القطاعات المتهدلة في تحديد‬
‫المعالم المورفوبنيوية النهائية داخل حوض سوس‪.‬‬

‫‪ )4‬الوحدات المورفوبنيوية الكبرى لحوض سوس ‪:‬‬

‫أ‪ -‬األطلس الصغير‪:‬‬

‫يمثل األطلس الصغير وحدة بنيوية تمتد على شكل شريط مرتفع باتجاه ج‪.‬غ‪/‬ش‪.‬شـ‪ ،‬بين بهرة كردوس وكتلتي‬
‫سيروة وأرالغ‪ .‬ويبدو أن حركية القاعدة األفريقانية الماقبل كمبرية قد قامت بدور أساسي في ترتيب عناصر هذه‬
‫الوحدة البنيوية الكبرى‪ ،‬ذلك أن البنائية الماقبل كمبرية أدت إلى خلق طوبوغرافية غير متجانسة وظهور أوساط‬
‫رسوبية متفاوتة العمق استقبلت غطاء رسوبي متغير السمك كان له رد فعل متباين اتجته الحركات البنائية الالحقة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫وقد انتهى هذا البناء الذي خضع للتعرية خالل فترة زمنية طويلة بتنظيم وحدة األطلس الصغير داخل حدود حوض‬
‫سوس‪ ،‬على شكل ثالث وحدات متباينة‪ :‬قطاع غربي يتوافق مع مقعر فوانو‪-‬كوأبال وهامشه الهضبي‪ ،‬قطاع أوسط‬
‫يمثل خط بوهرات أيت عبد هللا‪-‬زناكة‪ ،‬قطاع شرقي يتوافق مع مقعر تالوين‪.‬‬

‫ب‪ -‬كتلة سيروة أزالغ ‪:‬‬

‫عن الهامش الشرقي من مقعر تالوين الذي يشكل نهاية وحدة األطلس الصغير‪ ،‬تبرز بشكل سريع كتلة شاهقة‬
‫تعطي لحوض سوس تضاريس عالية جدا‪ ،‬تنطلق من كتلة سيروة إلى كتلة أدرار‪-‬ن‪-‬درن المعروفة بكتلة أزالغ‬
‫التي تحمل قمة توبقال الشهيرة على علو ‪ 4165‬متر‪ .‬وال تشكل هذه الكتلة في الواقع إال جزءا متقدما في اتجاه‬
‫الشمال من قاعدة األطلس الصغير الماقبل الكمبرية‪ ،‬لتفصل بين المنخفضين الجنوب‪-‬أطلسي سوس في الغرب‬
‫وورزازات في الشرق‪ .‬وقد خضعت هذه الكتلة لتطورات بنائية الحقة نشيطة جدا مالزمة لموجات الحركات‬
‫األطلسية المختلفة التي جعلتها تتعرض لتأثير شبكة كثيفة من االنكسارت‪ ،‬وأدت خالل البليورباعي إلى انفجارات‬
‫بركانية ضخمة عند سيروة زادت من تعقد الطيف الصخري المحلي وتنوع المشهد التضاريسي داخل هذه الوحدة‪.‬‬

‫ج‪ -‬األطلس الكبير الغربي ‪:‬‬

‫المقصود باألطلس الكبير المجال الجبلي المنحصر بين كتلة أزالغ واألطلس األطلنتي‪ ،‬وهو عبارة عن وحدة‬
‫هيرسينية تلتف موادها األولية حول كتلة تيشكا الكرانيتية وتغطيها في اتجاه الغرب والجنوب تكوينات األحواض‬
‫الرسوبية الثنائية والثالثية السميكة‪ .‬لقد أصبحت هذه الوحدة بسبب عنف الحركات البنائية وتقدم التطور‬
‫الجيومورفولوجي الذي خضعت له تتخذ مظهرا مورفوبنيويا متنوعا يمكن التفريق داخله بين السفح الجنوبي‬
‫لألطلس الكبير وحوض إسن‪.‬‬

‫د‪ -‬وهدة سوس‪:‬‬

‫وسط اإلطار البنيوي المشكل من األطلس الصغير وكتلة سيروة أزالغ واألطلس الكبير‪ ،‬يستقر مجال تهدلي‬
‫الذي يتوافق مع سهل سوس‪ ،‬اتصال هذه الوحدة باألطلس الصغير يتم عن طريق ميل خفيف نسبيا لطبقات‬
‫اآلدوداني والتالويني في اتجاه الشمال بشكل عام‪ ،‬مما يوحي بأن سهل سوس قد ارتبط بطية مقعرة تهدلية كبيرة‬
‫وبأن مقعرات فوانو‪-‬كوأبال ال تمثل إال بعض أجزائها التي ما زالت محفوظة عند األطلس الصغير‪.‬‬

‫لذلك يجوز القول أن الشخصية البنيوية لسهل سوس هي نتاج لتداخل بنية ميدان األطلس الصغير مع بنية‬
‫الميدان األطلسي‪ .‬وقد ادى هذا التداخل في البداية إلى نشأة ثغرة طوبوغرافية غير متجانسة شكلت مستوى قاعديا‬
‫محليا للجريان يستقطب مواد ومياه اإلطار الجبلي المحيط‪ ،‬وانتهى بخلق وحدة بنيوية تراكمية متنوعة المعالم‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ )5‬الغالف الترابي بحوض سوس ‪:‬‬

‫بحكم موقعه بين الغالف الجوي والغطاء النباتي من جهة‪ ،‬وركائز الغطاء الصخري من جهة ثانية‪ ،‬فإن‬
‫الغالف الترابي يشكل حلقة موجهة لسلوك الماء ومؤهلة للتدخل في تنظيم الدورة الهيدرولوجية سطحيا وجوفيا داخل‬
‫الحوض‪ ،‬فالتربة بحكم وجودها عند السطح أو فوق الركائز الصخرية فإن ذلك يجعلها في وضع المستقبل والمتلقي‬
‫للوارد المائي المطري ويؤهلها للتحكم في مصير المياه المتساقطة‪ .‬مصير يتنوع حسب األوضاع بين التوقف عند‬
‫السطح والعودة إلى الغالف الجوي عن طريق التبخر أو السيالن والتصريف السطحي أو التسرب نحو الجيوب‬
‫الجوفية‪ ،‬وهذا القسم المتسرب من المياه قد يستقر جزئيا أو كليا داخل القطاع الترابي الذي سيشكل في هذه الحالة خزانا‬
‫يحتضن المياه عند مجال تتمكن جدور النباتات من الوصول إليه دون صعوبات‪ ،‬وقد يخترقه في اتجاه الفرشاة العميقة‪،‬‬
‫كما قد يعود في اتجاه األعلى إلى الغالف الجوي‪ .‬ويتبين في الحالتين األخيرتين أن التربة باإلضافة إلى أنها تشكل‬
‫خزانا مائيا مهما‪ ،‬فإنها تشكل مجاال لعبور المياه‪ .‬معنى هذا أن الغالف الترابي في حالة وجوده سيشكل خزانا مائيا‬
‫داخل الحوض المائي تربطه مجموعة من التيارات بالخزانات األخرى الجوفية والسطحية‪ ،‬له ميزانيته الخاصة التي‬
‫تكون حصيلة جزئية داخل الحصيلة المائية العامة للحوض‪.‬‬

‫خريطة رقم ‪ :5‬توزيع األتربة داخل سهل سوس‬

‫المصدر ‪ :‬عالقة تدبير الموارد المائية بالفالحة بالمجاالت المسقية حالة 'حوض سوس'‬

‫يتبين أن حوض سوس خضع غالفه الترابي لدراسات متعددة ومتنوعة وكلها دراسات كانت محلية وضعت‬
‫استجابة لحاجيات مشاريع التنمية الهيدروفالحية فلم تخرج عن نطاق سهل سوس وتركت جانبا النطاق الجبلي وإن كان‬

‫‪17‬‬
‫يحتضن مفاتيح ضبط ظروف وعوامل تطور التربة داخل سهل سوس ومعرفة خاصياتها‪ .‬وباإلضافة إلى هذا‪ ،‬فإن هذه‬
‫الدراسات لم تهتم برطوبة التربة إال نادرا‪ ،‬وهذا يشكل عرقلة وثغرة كبرى أمام كل محاولة لدراسة الخزان المائي‬
‫الترابي داخل حوض سوس بشكل دقيق‪.‬‬

‫اعتمادا على وصف بعض القطاعات الترابية الواردة بمختلف الدراسات التي اهتمت بالحوض مثل ‪peltier J-P‬‬
‫‪ ،82‬إضافة إلى المعاينة الميدانية لبعض الدارسين والباحثين فإن المشهد الترابي داخل حوض سوس يتركب من‬
‫وحدات ترابية مجالية شديدة التنوع واإلختالف وأهمها‪:‬‬

‫‪ ‬األتربة المعدنية الاام‪:‬‬

‫يتميز هذا الصنف الترابي بضعف المادة العضوية األمر الذي يحول دون تكوين المركبات الطين‪-‬ذبالية ودون‬
‫تطور القسم المعدني داخل التربة‪ ،‬ويوجد فوق تكوينات عبارة عن موارد غرينية وسفحية مختلطة‪ ،‬او فوق تشكيالت‬
‫رملية ريحية‪ .‬بالنيبة للخاصيات المائية فإن نسيج هذا الصنف يتميز بطغيان المواد الخشنة‪ ،‬والقسم الطيني ال يتجاوز‬
‫لتبقى الغلبة للرمال والمواد الحصيمية والحصوية‪ .‬لذلك فاألتربة المعدنية الخام المعروفة بسوس تتميز بمسامية ‪10%‬‬
‫مرتفعة وبالتالي قدرة ضعيفة على خزن المياه‪.‬‬

‫‪ ‬األتربة الضعيفة التطور‪:‬‬

‫إن األتربة الضعيفة التطور تتركب من مسكة (أ) عضوية توجد فوق مسكة (ج) شديدة التنوع بسبب تعدد‬
‫السحنات الصخرية التي تتشكل منها داخل حوض سوس‪ ،‬هذه السحنات تتمثل في المواد الغرينية والرمل‪-‬دقية يكون‬
‫عند حافة األودية الرئيسية وعند أقدام جبال األطلس الكبير‪ .‬هذا النوع من األتربة يتميز بقدرته على مسك المياه‬
‫وخزنها‪.‬‬

‫‪ ‬األتربة الكلسمغنزية‪:‬‬

‫عبارة عن أتربة تتميز بحضور هام لكربونات الكالسيوم في شكلها النشيط‪ ،‬داخل حوض سوس يمثل هذا‬
‫الصنف نوعان ترابيان‪ :‬أتربة الشرساء الرملية واألتربة المسمرة الكلسية‪.‬‬

‫خصائص هذه األتربة الكلسمغنزية تجعلها ذات قدرة أهم على مستوى خزن المياه وذلك مقارنة مع الصنفين‬
‫السابقين ويعود ذلك إلى تصاعد أهمية القسم الطيني داخل القطاع وإلى أهمية سمك القطاع‪.‬‬

‫‪ ‬األتربة السيدبالية‪:‬‬

‫تتميز هذه األتربة بتطور أهم للمادة العضوية ولعمليات التفسخ التي تنتج الطين وتتشكل من ثالث مجموعات‬
‫من األتربة‪:‬‬

‫أتربة الشروزم أو الكلساء‪ :‬مكونة من مواد دقية‪-‬رملية وتوجد فوق ركائز صخرية مختلفة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫األتربة السمراء‪ :‬تتوزع عند مجاالت نشر المواد الغرينية غالبا مكونة من مواد رمل‪-‬طينية‪.‬‬
‫األتربة القسطلية‪ :‬تستقر عند عالية السهل وعند قدم األطلس الكبير‪ ،‬تعد أتربة جيدة تعرف سمكا‬
‫متفاوتا‪.‬‬
‫‪ ‬األتربة المتحدسلة‪:‬‬

‫داخل حوض سوس تطورت األتربة المتحدسلة عند قدم األطلس الكبير األطلنتي فوق مواد مخاليط اإلنصباب‬
‫المتكلسة‪ ،‬وفوق ركائز الزمن األول الكاربوناتية المكونة لهضاب األطلس الصغير‪ .‬هذه األتربة بتعرضها للتحويل فإنها‬
‫تتكون من مستوى علوي رملي ومستوى طيني يفصله عن الصخر األم‪ ،‬مستوى ثالث غني بالكلس ‪ ،‬وبسبب النسيج‬
‫الطيني يجعل منها تربة ذات قدرة عالية على خزن المياه ونمو النباتات‪.‬‬

‫‪ ‬األتربة المالحة‪:‬‬

‫تشغل مجاال ضيقا داخل حوض سوس‪ ،‬فوجودها يقتصر على خور وادي سوس بسبب صعود المياه البحرية‪،‬‬
‫ومجال نشر فيض واد إسن عند خروجه إلى سهل سوس حيث يتمكن من تسريب مواد منخفض أركانة الترياسية الغنية‬
‫بالطين والجبس والملح‪ .‬وبسبب انحصار مجال انتشارها فإن أهمية مساهمة هذا النوع من التربة في الدورة‬
‫الهيدرولوجية تبقى محدودة‪.‬‬

‫‪ )6‬المناخ ‪:‬‬
‫إن موقع سوس يجعله منطقة انتقالية بين الشمال الرطب نسبيا حوالي ‪ 600‬ملم‪/‬سنة‪ ،‬والجنوب الجاف الذي تقل‬
‫فيه التساقطات المطرية عن ‪ 100‬ملم‪/‬سنة‪ .‬وهذه الوضعية تجعل سهل سوس ذو مناخ شبه جاف (‪ 250-170‬ملم‬
‫سنويا) إال أن هذا الوضع تستثنى منه بعض الجهات داخل الحوض خاصة المجاالت الموجودة عند قدم األطلس الكبير‬
‫الغربي حيث ترتفع التساقطات إلى أن تصل أحيانا إلى ‪ 600‬ملم سنويا‪ ،‬كما تقل درجة الحرارة بهذه المناطق‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫أ‪ -‬الحرارة‪:‬‬

‫مبيان رقم ‪ : 1‬متوسط درجات الحرارة بمحطة تارودانت ‪2010‬‬

‫المصدر‪ :‬وكالة الحوض المائي لسوس ماسة‬

‫إن هذه الحرارة القصوى بسهل سوس ال تؤثر بنفس األهمية على المنتوجات الفالحية‪ ،‬فارتفاع الحرارة خالل‬
‫األسابيع األخيرة من شهري غشت وشتنبر تساعدان على نضج مبكر للحوامض‪ ،‬وبفضل هذه الحرارة فتصبح سوس‬
‫مجاال متميزا بإنتاج أنواع كثيرة من الحوامض ذات الجودة العالية بالمغرب‪ ،‬والتي أصبحت تصدر نحو األسواق‬
‫الدولية وهذا ما يفسر إقبال منتجي سوس بشكل خاص على ممارسة هذا النوع من المغروسات‪( .‬المصدر‪ :‬رومان عبد‬
‫اللطيف‪.)1995 ،‬‬

‫ب‪ -‬التساقطات‪:‬‬

‫باإلضافة إلى قلة التساقطات المطرية فإنها تتميز بسوء انتضامها على المستوى السنوي والبيسنوي‪ ،‬إذ يصل‬
‫معدل التساقطات عموما ما يقارب ‪ 200‬ملم‪/‬سنة‪ ،‬وهي بالطبع كمية هزيلة مقارنة مع الحاجيات الكبيرة للنباتات‬
‫والمزروعات من الماء‪ ،‬ناهيك عن الماء الشروب الذي تزايد طلبه بفعل تزايد السكان‪ ،‬ويالحظ أن التساقطات تقل كلما‬
‫اتجهنا شرقا وسط السهل‪ ،‬فإذا كانت سافلة السهل تحضى برطوبة وتستقبل أمطارا مهمة (ما بين ‪ 240‬إلى ‪ 300‬ملم)‪،‬‬
‫فإن هذه الكمية تقل عند محطة تارودانت حيث لم تتعدى في الفترة ما بين ‪ 1990‬و‪ 2000‬حوالي ‪ 210‬ملم‪/‬سنة‪ .‬إال أن‬
‫حجم التساقطات يرتفع في عالية السهل إذ سجل بمحطة أولوز في الفترة ما بين ‪ 1990‬و‪ 2000‬ما يناهز ‪ 345‬ملم‪/‬سنة‪،‬‬
‫لكونها منطقة جبلية مرتفعة‪ ،‬ولعل ما يزيد األمور صعوبة بالنسبة للحياة الريفية هو عدم انتظام هذه التساقطات‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مبيان رقم ‪ : 2‬متوسط التساقطات المطرية بإقليم تارودانت ما بين ‪ 2010‬و ‪2015‬‬

‫متوسط التساقطات المطرية بإقليم تارودانت بين سنتي ‪ 2010‬و‬


‫‪2015‬‬

‫‪600‬‬

‫‪500‬‬
‫التساقطات بالملمتر‬

‫‪400‬‬

‫‪300‬‬

‫‪200‬‬ ‫التساقطات…‬
‫‪100‬‬

‫‪0‬‬
‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2015‬‬
‫السنوات‬

‫المصدر‪ :‬وكالة الحوض المائي لسوس ماسة أكادير‬

‫فيما يخص المبيان أعاله فإن متوسط التساقطات المطرية بإقليم تارودانت يترواح ما بين ‪ 280‬ملم سنة ‪2010‬‬
‫و ‪ 320‬ملم سنة ‪ ،2015‬وأكبر نسبة سجلت هي ‪ 500‬ملم في سنة ‪ ،2013‬وأدنى تساقطات سجلت ‪ 50‬ملم تقريبا في‬
‫‪.2012‬‬

‫إن هذه الخاصيات المناخية التي تتميز بضعف التساقطات وعدم انتظامها وتوالي سنوات الجفاف يجعل الضغط‬
‫يتضاعف على الموارد المائية الجوفية ويعمق حالة عدم التوازن بين الحاجيات والموارد‪ .‬كما يؤثر هذا الشح المطر‬
‫على الحالة الهيدرولوجية للسدود باعتبارها المغدي األول للقطاعات المسقية العصرية والتقليدية سواء بشكل مباشر عن‬
‫طريق السقي بمياهها‪ ،‬أو بشكل غير مباشر بتغذية الفرشة المائية الباطنية لسهل سوس فنظام الجريان المائي يتأثر هو‬
‫اآلخر بشكل مباشر بنظام الواردات المائية مما ينعكس سلبا على حجم الحقينة المائية للسدود‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫يتميز حوض سوس بمميزات تجعله يختلف عن العديد من األحواض السفحية بالمغرب‪ ،‬باإلضافة إلى شساعته وتوسع‬
‫تضاريسه ومناخه شبه الجاف يتسم بنظام مائي يتميز بعدم اإلنتظام مما حتم السلطات اإلهتمام أكثر بتنمية هذه‬
‫األحواض على مستوى تعبئة الموارد المائية‪ ،‬ونظرا ألهميته على المستوى الفالحي على الصعيد الوطني باعتباره أهم‬
‫حوض منتج للحوامض‪ .‬ورغم أن المجهودات المبذولة في ميدان التعبئة مكنت من توفير حجم مائي يقدر ب ‪970‬‬
‫مليون متر مكعب في السنة‪ ،‬وذلك من خالل سياسة السدود واستغالل الطبقات المائية لسوس‪ ،‬ويمكن هذا الحجم مهن‬
‫تزويد المنطقة بالماء الصالح للشرب ومن سقي لآلالف من الهكتارات‪ ،‬وبالرغم من هذا فإن المنطقة تعيش عجزا مائيا‬
‫خاصة نتيجة لإلستغالل المكثف والمفرط للموارد السطحية والجوفية من خالل تلبية قطاع الماء الفالحي‪ ،‬وقطاع الماء‬
‫الشروب‪...‬‬
‫هذا باإلضافة إلى اإلكراهات المتعددة التي تزيد من محدودية الوارد المائي‪ .‬وفي ظل هذه الوضعية أصبح من‬
‫الضروري وضع واتخاذ مجموعة من الحلول والتدابير للحيلولة دون تفاقم مشكل الماء بالمنطقة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التهيئة الهيدروفالحية ومستوى التنمية‬
‫المحلية‬

‫‪22‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫عرف ميدان تدبير المياه بالمغرب منذ القدم‪ ،‬تظافر مجموعة من األساليب التنظيمية؛ القانونية منها والتقنية‪ ،‬لما‬
‫تحظى به الفالحة داخل االقتصاد الوطني بشكل عام والمجال الريفي بالخصوص‪ .‬ومع توالي سنوات االضطرابات‬
‫المناخية والسياسية واالجتماعية وغيرها‪ ،‬تولدت لدى الجميع ‪-‬مستعمر و أجهزة الدولة والمواطن‪ -‬ضرورة تطوير‬
‫أساليب االستغالل الهيدروفالحي‪.‬‬
‫ال بد لكل سياسة تستهدف التنمية االقتصادية واالجتماعية بالمغرب أن تركز ‪ -‬من بين ما تركز عليه ‪ -‬على تعبئة‬
‫وحسن تدبير الموارد المائية‪ ،‬ذلك من أجل تغطية الحاجيات المتزايدة كما وكيفا لهذه المادة الحيوية في ميادين اقتصادية‬
‫واجتماعية متعددة‪ ،‬وبالدرجة األولى في الميدان الفالحي لما له من أهمية بالغة في حياة المواطنين والبالد‪.‬‬
‫ويشكل موضوع اإلعداد الهيدروفالحي نقطة مهمة بالنسبة للتنمية االقتصادية المستديمة‪ ،‬ويعتبر هذا االعداد من أهم‬
‫صور إعداد التراب الوطني الذي أصبح يلقى االهتمام الكبير من لدن كل الفاعلين العموميين والخصوصيين على حد‬
‫سواء‪.‬‬
‫وسنحاول إبراز أهم التحوالت ومظاهر االنعكاسات التي تخلفها مشاريع اإلعداد الهيدروفالحي‪ ،‬والمتعلقة أساسا‬
‫بهيكلة وتنظيم المجال‪ ،‬وبالتوازنات اإلجتماعية والبيئة‪ ،‬وحدود نجاعة السياسة الهيدروفالحية‪ ،‬في ظل التوقعات‬
‫المستقبلية‪.‬‬

‫إذن فما هي السياسة التي نهجتها الدولة من أجل النهوض بهذا القطاع بجميع فروعه الكبيدر والمتوسدط والصدغير بسدهل‬
‫سوس خاصة إقليم تارودانت؟ وماهي مسداهمته فدي النهدوض بالقطداع الفالحدي للرفدع مدن مسداهمته فدي االقتصداد علدى‬
‫مستوى الجهة وعلى المستوى الوطني؟ وإلى أي حد ساهمت هذه السياسة في تخفيف حدة المشاكل االجتماعيدة بالمجدال‬
‫القروي والتقليص من انعكاساته على المجال الحضري؟‬

‫تعريف‪ :‬اإلعداد الهيدروفالحي هو كل العمليات التي تدخل في التجهيز السقوي لمجال فالحي معين‪ :‬سدود وقنوات‬
‫سقي وضم لألراضي واجتثاث وتجفيف‪...‬‬

‫المحور األول‪ :‬سياسة الدولة في تهيئة الحوض المائي بسهل سوس خاصة إقليم تارودانت‬
‫‪ )1‬اإلعداد المائي القديم‬
‫‪ ‬ظروف بلورة السياسة الهيدروفالحية بالمغرب‬
‫عدم تالؤم التدبير التقليدي للماء ومتطلبات الظروف االجتماعية‬
‫إن الحديث عن سياسة تدبير المياه بالمغرب‪ ،‬في الوقت الراهن تجعلنا نتساءل عن كيفية تدبير مياهه قبل سنة ‪.1912‬‬

‫فاإلهتمام بالسقي في المغرب لم يكن وليد ظروف ما بعد دخول االستعمار بل هو تقنية قديمة‪ ،‬تدم االعتمداد خاللهدا علدى‬
‫أساليب وتقنيات متعددة تختلف باختالف حجم وطبيعة الملكية وكذا المجال الجغرافدي‪ ،‬فكاندت هنداك تقنيدات تعتمدد علدى‬
‫القوة العضلية لجلب الماء من اآلبار أو من المجاري المائية كالشادوف وأغرور‪،‬وتقنيات تعتمد على إنشاء قنوات مبنيدة‬
‫للتصريف كالساقية والخطارة وأخرى على الطاقة المائية الناتجة عن قوة الصبيب كالناعورة‪.... ،‬‬

‫مالمح اإلعداد المائي القديم بسهل سوس خاصة إقليم تارودانت ‪:‬‬

‫تعتبر الساقية التقنية األكثر شيوعا في استغالل المياه السطحية‪ .‬وقد شكل واد سوس على وجه الخصوص‬
‫منطلق شبكة كثيفة من السواقي إضافة إلى تلك التي تقوم بتصريف المياه التي توفرها المصادر األخرى‬
‫كالعيون واالنبثاقات المختلفة‪ .‬وإلى اليوم ال تزال بعض السواقي بإقليم تارودانت تؤدي دورا أساسيا في الحياة‬

‫‪23‬‬
‫الفالحية للساكنة الريفية‪.‬‬
‫ويشهد امتدادها المجالي وأهمية األراضي التي تسقيها على عمق العمل الجماعي وعلى مقاومتها للتحوالت‬
‫العميقة التي تعرفها الممارسة الفالحية‪ ،‬وتتوزع السواقي بإقليم تارودانت بين عدة مناطق سنقتصر على ذكر‬
‫منطقتين أساسيتين هما‪ :‬سواقي أولوز وسواقي ايكلي وتستفيد معظم هذه السواقي من تقنية "أكوك" التي تنشئها‬
‫الساكنة المحلية لتعبئة المياه السطحية وهي عبارة عن سدود أو حواجز مائية صغيرة وتقليدية لتحويل المياه‪.‬‬
‫وستعرف بعض هذه المنشات عدة تغيرات بعد تدخل الدولة وتأمين تزويدها بالماء‪.‬‬

‫ويلاص الجدول التالي توزيع هذه السواقي وخصائصها ‪:‬‬

‫صبيبها‪ :‬ل‪/‬ث المساحة المسقية‬ ‫متوسط‬ ‫طولها ب‪:‬‬ ‫الجماعة‬ ‫الساقية‬


‫ب‪ :‬هكتار‬ ‫منسوب‬ ‫كيلومتر‬
‫مياهها ب‪:‬‬
‫سنتيمتر‬
‫‪300‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪05‬‬ ‫أولوز‬ ‫تميلت‬
‫‪250‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫أولوز‬ ‫تفرزازت‬
‫‪360‬‬ ‫‪1540‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪18‬‬ ‫أولوز‬ ‫تابومهاوت‬
‫‪870‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪04‬‬ ‫ايكلي‬ ‫زاوية ازيض‬
‫‪3446‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ايكلي‬ ‫الساقية الجديدة‬
‫‪1500‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪03‬‬ ‫ايكلي‬ ‫تغفيرت‬

‫المصدر‪ :‬بوشلخة محمد‪ .2007 ،‬بتصرف‬

‫ومن خالل البحث الميداني المنجز عن هذه السواقي اتضح أن جلها يعتمد على تحويل مياه واد سوس خاصة في‬
‫فترات الفيض عندما يتم إطالق مياه سد أولوز‪ ،‬لذلك فان جريانها أصبح موسميا لكن أصبحت تحول كميات مائية‬
‫ضعيفة‪ .‬ولتغطية النقص الحاصل في المياه السطحية المعبأة تلجأ الساكنة المحلية إلى حفر اآلبار الستغالل المياه‬
‫الباطنية باستعمال أساليب تقليدية‪.‬‬

‫صورة رقم‪ : 1‬حفر اآلبار الستغالل المياه الباطنية باستعمال أساليب تقليدية‬

‫المصدر‪ :‬تدبير المياه في الواحات‪ ،‬مشروع هيدريا‬

‫‪24‬‬
‫عهد الحماية و بداية الضغط على المياه الجوفية ‪:‬‬
‫باإلضافة إلى تقنية اآلبار القديمة المعتمدة على الطاقة البشرية أو الحيوانية في رفع المياه الباطنية والتي لم يكن‬
‫عمقها يتعدى ‪ 20‬متر إال ناذرا‪ ،‬عمدت سلطات الحماية إلى تدشين أساليب جديدة في سهل سوس خاصة إقليم‬
‫تارودانت لجلب ونقل مياه السقي‪ .‬فقد شكلت تقنية الضخ اآللي المعتمد على محركات ميكانيكية الوسيلة المفضلة‬
‫للفالحين الفرنسيين لرفع المياه نظرا لسرعة هذه التقنية والحجم المهم من الماء الذي تضخه في ظرف وجيز‪ .‬ولم‬
‫تقتصر محركات الضخ على ضيعات المعمرين فحسب بل شملت آنذاك بعض الضيعات الفالحية المغربية وبعض‬
‫القطاعات التقليدية األصلية ‪.‬‬

‫صورة رقم ‪ :2‬تقنية الضخ اآللي المعتمد على محرك ميكانيكي (منطقة إسن)‬

‫المصدر‪ :‬مجلة هوارة بريس االلكترونية‬

‫ولم تقتصر تعبئة المياه الجوفية من لدن سلطات الحماية على تقنية الضخ اآللي‪ ،‬بل دشنت كذلك تقنية حديثة لنقل المياه‬
‫الجوفية – تقوم مقام الخطارات التقليدية وهي المصارف الجوفية العصرية وأهمها "مصرف افريجة الجوفي" الذي‬
‫يمتد على طول ‪ 4.2‬كلم‪ ،‬والذي ينقل مياه العيون نحو الضيعات العصرية األجنبية‪.‬‬

‫عمليات اإلعداد الهيدروفالحي بعد االستقالل ‪:‬‬

‫شكلت هذه المرحلة بداية لإلعداد المائي بسوس حيث بدأ مباشرة بعد استقالل المغرب بعقد من الزمن‪ ،‬التخطيط‬
‫الستغالل موجه ومعقلن للموارد المائية بالسهل السيما وأن الفرشة المائية أصبحت تعرف عجزا متزايدا بفعل ازدياد‬
‫الطلب على الماء الفالحي وتوسيع الرقعة الزراعية وعموما فقد تميزت هذه المرحلة بتسطير مجموعة من المشاريع‬
‫التي تهدف إلى تدبير الموارد المائية‪:‬‬

‫‪ -‬العصرنة التدريجية للقطاعات السقوية التقليدية‪.‬‬


‫‪ -‬إنجاز مجموعة من السدود والتاطيط لسدود جديدة في أفق ‪ 2000‬لتغطية عجز الفرشة الجوفية‪.‬‬

‫وضع التصميم التوجيهي المندمج إلعداد مياه حوض سوس وحوض ماسة والذي يتمحور هدفه الرئيس حول وضع‬
‫برنامج متكامل لتعبئة واستعمال المياه بشكل يضمن تنمية متجانسة داخل كل مناطق الحوضين والعمل على التخفيف‬
‫من ضغط الفرشة المائية لسوس والمعالجة الفعالة للعجز الذي تعرفه‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫وعموما يتبين أن السياسة المائية التي اتبعت خالل فترة االستقالل جعلت حوض سوس يستقبل تجهيزات مائية متنوعة‬
‫الحجم بتدخل من الدولة والقطاع الخاص‪ ،‬وهو األمر الذي جعل هذا الحوض أحد أكثر األحواض النهرية المغربية التي‬
‫تعرف تنوعا من حيث مشاهده المائية‪.‬‬
‫وقد اتخذ اإلعداد الهيدروفال حي بسهل سوس األعلى عدة أشكال مختلفة منها ‪:‬‬

‫القطاعات المسقية التقليدية‪ :‬تهيئة مائية من طرف الاواص‬

‫إن هذا النوع من المجال الفالحي لم يخضع ألي تدخل عميق من لدن الدولة ‪ " :‬ويغطي هذا المجال حوالي ‪32000‬‬
‫هكتار ويستقطب حوالي ‪ 130‬مليون متر مكعب من السقي‪ % 42 .‬من هذه المساحة تمتد حول مجرى واد سوس بحكم‬
‫توفيره لألتربة الجيدة والموارد المائية الكافية في شكل انبثاق أو جريان سطحي دائم‪% 24 ،‬عند قدم الجبل حول‬
‫مخارج األودية والعيون و‪ %34‬المتبقية تستقر على طول األودية الجبلية داخل األطلسين الكبير والصغير"‬
‫الحسن المحداد ‪ " :2003‬الماء واإلنسان بحوض سوس إسهام في دراسة نظام مائي مغربي "‬

‫وأهم التقنيات المستعملة في السقي ونقل المياه هناك اآلبار الستغالل المياه الجوفية ثم العيون‪ ،‬ولنقل المياه السطحية‬
‫تستعمل الساقية التي تنقل المياه انطالقا من سد تحويلي تقليدي يعرف ب “أكوك” وتخضع الساقية لتنظيم جماعي ‪،‬‬
‫وغالبا ما تكون مردوديتها ضعيفة إذ أن مرورها من تربات ذات نفاذية عالية ينقص من صبيبها المائي‪.‬‬

‫وحسب معطيات المكتب الجهوي لالستثمار الفالحي بسوس ماسة فان القطاع المسقي التقليدي يتميز بنظام عقاري‬
‫بسيط ‪ ،‬يسود فيه الملك الخاص بنسب جد عالية ‪ .‬وال تحتل داخله أنواع الملكية األخرى‪ ،‬أي أراضي الجموع وأراضي‬
‫األحباس واألراضي المخزنية إال مجاال ضيقا جدا بل إن هذه األصناف األخرى ال تظهر داخل كل المحيطات السقوية‬
‫التقليدية‪ .‬وما يالحظ على القطاعات السقوية التقليدية بسهل سوس كونها توجد عند مجال طبوغرافي يسمح لها‬
‫باالستفادة من مياه الفيضانات حالة حدوثها‪ ،‬مما يفسر أن الساكنة كانت تحاول التأقلم مع الظروف الطبيعية واإلمكانيات‬
‫المتاحة للقيام بالنشاط الزراعي‪.‬‬

‫وقد عرف سهل سوس األوسط كذلك نوعا آخر من القطاعات التقليدية عرفت تدخال للدولة فيها وسميت بالقطاعات‬
‫المسقية المعادة التأهيل‪ ،‬إعتمدت على استغال ل مياه سد أولوز وإمي الخنك لكن بشكل أكبر إعتمدت على ضخ المياه‬
‫الجوفية عبر حفر األبار وتجهيز محطات الضخ‪ .‬وقد سلمت الدولة هذه التجهيزات للفالحين بعد أن تم تنظيمهم في‬
‫إطار جمعيات مستعملي المياه لألغراض الزراعة كما ظهرت عدة قوانين لتيسيير تسيير جيد لهذه القطاعات‪ ،‬ويمكن‬
‫أن نميز بين ثالثة من هذه األخيرة في سهل سوس األوسط هي‪:‬‬

‫قطاعات ما قبل ‪ :1974‬وهي تلك التي عرفت تدخال منذ عهد الحماية وتمثل ‪ % 8.2‬من مساحة المناطق المعادة‬
‫التأهيل‪.‬‬

‫قطاع تالمت ‪ :‬يوجد في عالية سوس وجاء سياق تأهيله بعد النتائج المتواضعة لمركب سد أولوز الموجه لتغذية الفرشة‬
‫المائية لذا تقرر بناء مجموعة من السدود على روافد األطلس الكبير والصغير من بينها سد "امي الخنك" الذي ينظم ‪12‬‬
‫مليون متر مكعب من مياه واد تلكجونت سنويا‪ ،‬وقد تبين فيما بعد أنه بمقدور هذا السد أن يزود محيط تالمت بمياه‬
‫السقي‪.‬‬

‫مشروع عالية سهل سوس ‪ :‬شكل هذا المشروع أحد التدخالت الرئيسة التي برمجت ضمن المخطط التوجيهي إلعداد‬
‫الماء الفالحي بسهل سوس‪ ،‬إذ باإلضافة إلى خلق هذا المجال السقوي العصري‪ ،‬تقرر إعادة تأهيل بعض القطاعات‬
‫المجاورة له والتي كانت ستعاني من منافسة شديدة على مستوى المياه من قبل هذا المشروع لذا تم تأهيل محيط اكلي‪،‬‬
‫أيت واعراب (الذي سيصبح فيما بعد قطاعا مسقيا عصريا قائما بذاته) ومحيط أوالد مسعود‪...‬‬

‫نستنتج أن اإلعداد المائي الذي انطلق بعد استقالل البالد تركز في بداية األمر على إعادة تأهيل القطاعات التي كانت‬
‫منذ عهد الحماية‪ ،‬إال انه يسجل أن هذا التأهيل لم يشمل جميع هذه القطاعات‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أدركت الدولة بأنه لتفادي المشاكل التي تطرحها فرشة سوس والمتمثلة في العجز المتزايد أمام ازدياد الطلب الزراعي‬
‫على الماء كان ال بد من وضع سياسة تروم تعبئة الموارد المائية السطحية‪ ،‬وبذلك ستدخل المنطقة مرحلة جديدة تميزت‬
‫بالتركيز على تشييد مجموعة من السدود المتوسطة والكبرى السيما وأن التصميم المندمج إلعداد مياه حوضي سوس‬
‫ماسة قد سطر من بين أهدافه االستمرار في تعبئة الموارد المائية السطحية لتغطية المناطق الزراعية الجديدة بحاجياتها‬
‫المائية (مشروع عالية سوس نموذج على توسيع الرقعة الزراعية داخل سهل سوس تحديدا باقليم تارودانت)‬

‫‪ )2‬اإلعداد المائي الموجه‬


‫اإلعداد الموجه وانضمام سوس إلى صف قطاعات السقي الكبرى ‪:‬‬
‫سطر هذا التدخل مجموعة من المشاريع التي أنجزت وهي‪:‬‬

‫‪ -‬خلق قطاعان سقويان من قبل الدولة‪ ،‬وهما “محيط ايسن” على مساحة ‪ 13000‬هكتار(بسوس األوسط) و”محيط عالية سوس”‬
‫على مساحة ‪ 6123‬هكتار‪ .‬القطاع األول سيعتمد في السقي على المياه السطحية التي ستصله من سد عبد المومن‪ ،‬ويعود السبب‬
‫في هذا االختيار إلى كون هذا المحيط يوجد بسافلة السهل والتي رأينا أنها تعرضت الستنزاف مبكر‪ .‬وأما المحيط الثاني فسيعتمد‬
‫لسقيه على ضخ المياه الجوفية وهو ما سيدشن بداية الضغط الكثيف على فرشة عالية سوس‪.‬‬

‫‪ -‬توسيع المساحة المسقية من قبل الاواص بعد الحصول على الترخيص باستغالل المياه الجوفية‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن هذا‬
‫القطاع قد عرف توسعا كبيرا جدا كما رأينا سابقا‪ ،‬فكانت لهذا التوسع تأثيرات سلبية على المياه الجوفية لكونه مجهز بمحركات‬
‫ضخ ذات صبيب مرتفع‪ .‬ورغم الترخيص الذي نص عليه الماطط بالنسبة الستغالل المياه الجوفية من قبل الاواص فان هذا لم‬
‫يمنع من هذا التوسع لكون جل المحركات بالضيعات الكبرى توفر مياه السقي بطرق غير مشروعة‪.‬‬

‫‪ -‬العصرنة التدريجية للقطاعات التقليدية عن طريق إدخال الضخ اآللي‪ ،‬وهو ما استفادت منه بعض القطاعات التي سميت فيما‬
‫بعد بالقطاعات المعادة التأهيل‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة عمق اآلبار بسبب تراجع الفرشة المائية للحفاظ على استمرارية الضخ بالقطاعات العصرية‪.‬‬

‫‪ -‬برمجة انجاز سد أولوز على واد سوس بعالية السهل الذي تم إنجازه سنة ‪ 1991‬لتغذية الفرشة المائية بهذا الجزء من السهل‬
‫عن طريق طلقات منتظمة لمياهه بعد انجاز مجموعة من العتبات اإلسمنتية بشكل مستعرض لمجرى واد سوس بغية حصر المياه‬
‫المطلوقة وتسهيل تسربها نحو األسفل لتغذية الفرشة المائية الباطنية‪.‬‬

‫من بين المالحظات التي يمكن أن نسجلها فيما يخص هذه اإلعدادات الموجهة نحو الموارد المائية بسهل سوس‬
‫كونها استهدفت بالخصوص المجاالت الواقعة في السهل‪ ،‬واستثنت المناطق الجبلية وأقدام الجبال‪ ،‬خاصة منها عند‬
‫قدم األطلس الصغير حيث نذرة الموارد المائية وهو ما يهدد الفالحة المعاشية للساكنة المحلية‪.‬‬

‫كون هذا المخطط حقيقة كرس الضغط المتزايد على المياه الجوفية فهو لم يقدم حلوال لمشكل ندرة مياه السقي أمام‬
‫التوسع المتزيد للمساحات المزروعة بل راهن على استغالل هذه المياه التي لن تستطيع تغطية الحاجيات المائية‬
‫على المدى البعيد السيما أن المنطقة تعرف تساقطات مطرية متباينة حسب السنوات مما يجعل تجدد مياه الفرشة‬
‫الجوفية أمرا صعبا‪.‬‬

‫سياسة الدولة لتدبير الموارد المائية‪:‬‬

‫تهدف هذه السياسة إلى تقنين استعمال مياه السقي خاصة نظرا لكون األغراض الفالحية هي المستهلك األول للمياه‬
‫بالمنطقة ( حوالي ‪ %95‬من المياه موجهة نحو أغراض زراعية)‪ .‬وهي عبارة عن مجموعة من اإلجراءات‬
‫واالتفاقيات التي تهدف إلى االقتصاد في مياه السقي عن طريق متابعة ومراقبة مختلف االستعماالت من لدن الضيعات‬
‫الفالحية وتقنينها خاصة بقطاعات الري الكبير والمتوسط‪ ،‬سواء لدا الخواص أو بالمحيطات السقوية العمومية‪ .‬أما فيما‬
‫يخص المتدخلين لتطبيق هذه السياسة فيمكن حصرهم في مؤسستين أساسيتين هما‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -‬وكالة الحوض المائي لجهة سوس ماسة درعة‬
‫‪ -‬المكتب الجهوي لالستثمار الفالحي لسوس ماسة‬

‫التصميم التوجيهي المندمج إلعداد مياه حوض سوس ماسة ‪:‬‬

‫هو بمثابة إستراتيجية ذات بعد متوسط وبعيد المدى لتنمية الموارد المائية بالحوض رفق األهداف المسطرة في‬
‫قانون الماء ‪ 95 – 12‬على المستوى الوطني‪ .‬أما المنجزات التي جاء بها هذا المخطط والتي تم الشروع في انجازها‬
‫منذ أواسط التسعينيات والى حدود سنة ‪ 2012‬فإنها ركزت بشكل كبير على تعبئة الموارد المائية السطحية والتحكم‬
‫فيها عبر إنشاء مجموعة من السدود والحواجز المائية‪.‬‬
‫و أما الخطوط العريضة التي جاء بها فهي كاألتي ‪:‬‬

‫‪ -‬االستمرار في تعبئة المياه السطحية عن طريق انجاز مجموعة من السدود التلية الصغرى والمتوسطة للتافيف من حدة‬
‫الضغط على المياه الجوفية‪.‬‬
‫‪ -‬حماية التجهيزات المائية القائمة من ماتلف المااطر البيئية والصناعية كالتصحر والتلوث‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال واسع للوسائل المقتصدة على مياه السقي‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع استعمال المياه العادمة والمالحة بعد معالجتها وتصفيتها‪.‬‬
‫‪ -‬خلق توازن بين ماتلف أجزاء الحوض عن طريق تحقيق تنمية مائية متوازنة ‪.‬‬
‫‪ -‬وضع بنود قانونية ومالية لحماية الموارد المائية داخل مجال نفوذ الماطط‪.‬‬
‫‪ -‬حماية الموروث المائي والفالحي عن طريق تنمية مستدامة (أودية‪ ،‬مجاالت رطبة‪ ،‬واحات‪ ،‬بحيرات‪ ،‬عيون‪.)....‬‬

‫تثمين مياه السقي عن طريق تقنية الري الموضعي (التنقيط)‪:‬‬

‫يقصد بتثمين مياه السقي تحقيق اقتصاد في الماء عن طريق إتباع أساليب وتقنيات تمكن من الحصول على أكبر‬
‫مردودية ممكنة بأقل كمية مائية ممكنة‪ ،‬مثل استعمال أسلوب الري بالتنقيط‪ ،‬ممارسة أنواع زراعية ذات حاجيات‬
‫مائية منخفضة‪ ،‬التدبير التشاركي للموارد المائية عن طريق تأسيس جمعيات مستعملي المياه ألغراض زراعية‪....‬‬
‫وقد قامت المؤسسات المائية والفالحية بمجموعة من التدابير بمجال عالية سهل سوس لالقتصاد في مياه السقي‪ ،‬غير أن‬
‫هذه التدخالت تستهدف مختلف القطاعات الزراعية سواء منها الخاصة أو التابعة ألراضي اإلصالح الزراعي‪ ،‬وبالتالي‬
‫فان المعطيات التي سنورد هنا تبين بشكل عام اإلجراءات المتخذة في مختلف القطاعات المذكورة‪.‬‬

‫‪ -‬التركيز على زيادة مساحة المغروسات ذات الهامش الربحي الكبير والتي ال تتطلب حاجيات مائية كبيرة‪.‬‬
‫‪ -‬إدخال تقنيات فالحية تزيد في اإلنتاجية كالتسميد بالري الموضعي‪.‬‬
‫‪ -‬االستثمار في مشاريع السقي الجماعي بالطرق العصرية‪.‬‬

‫ويندرج اإلطار العام الذي ظهر فيه توسع في استعمال الري الموضعي بسهل سوس ضمن البرنامج المتعلق بتجهيز‬
‫‪ 30‬ألف هكتار بأنظمة الري بالتنقيط في أفق ‪.2012‬‬

‫‪28‬‬
‫مبيان رقم ‪ : 3‬التوزيع السنوي لبرنامج التجهيز للري بالتنقيط بسهل سوس ماسة‬

‫المصدر‪ :‬م‪.‬ج‪.‬س‪.‬ف‪ /‬تارودانت ‪2011‬‬

‫التنقيب عن المياه الجوفية ‪:‬‬

‫إن سياسة التنقيب عن المياه الجوفية تترجم إلى الزيادة في عدد األتقاب واآلبار بالضيعات الفالحية‪ ،‬و قد عرفت هذه‬
‫العمليات توسعا كبيرا في اآلونة األخيرة من طرف المؤسسات المائية العمومية‪ ،‬خاصة بعد تحسن الحالة الهيدرولوجية‬
‫بالمنطقة في السنوات األخيرة‪.‬‬
‫غير أن هذه السياسة ال يمكن أن توفر الحاجيات المائية الفالحية على مدى بعيد‪ ،‬نظرا لكون المنطقة تعرف تباينا في‬
‫التساقطات المطرية والتي تؤثر مباشرة على الحالة الهيدرولوجية للفرشة المائية‪ ،‬وبالتالي فسنجد الدولة تحاول‬
‫التعويض عن النقص الحاصل في المياه الباطنية باللجوء إلى الزيادة في تعبئة المياه السطحية عن طريق بناء سدود‬
‫جديدة والزيادة في حجم الحقينة المائية للسدود القديمة عن طريق عمليات الصيانة وإزالة التوحل‪ ،‬وكذا بناء سدود تلية‬
‫على روافد السدود الكبرى للحد من ظاهرة التوحل‪.‬‬

‫نهج سياسة الترخيص لحفر اآلبار ‪:‬‬

‫يتضح أن سهل سوس يعرف تزايدا كبيرا في استغالل المياه الجوفية‪ ،‬ولعل تطبيق هذا المرسوم المتعلق بمسطرة‬
‫الحصول عـلى الترخيص من أجل استغالل هذه المياه لدليل على قوة هذا االستغالل‪ .‬ويهدف هذا اإلجراء إلى التحكم‬
‫في توسع المساحات الزراعية بالمنطقة‪.‬‬

‫التغذية االصطناعية للتافيف من العجز ‪:‬‬

‫وقد انطلقت هذه الفكرة مع بناء سد أولوز الذي شيد أساسا لهذا الغرض سنة ‪،1992‬والذي يخزن مياهه لفترة وجيزة‬
‫بحيث يعرف طلقات مائية في بداية كل موسم هيدرولوجي لمساعدة تسريب المياه نحو الفرشات الجوفية وتطعيمها‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فان هذه العملية تقوم إلى جانب بناء السد‪ ،‬على تشييد مجموعة من الحواجز على طول مجرى واد‬
‫سوس بداية من السد وصوال بالمصب ويتوفر مجرى واد سوس على تسعة حواجز لتخفيف سرعة سيالن مياه الواد‬
‫وتحسين عملية تسرب المياه إلى الفرشة‪ ،‬خصوصا في منطقة سوس األوسط التي عرفت استنزافا مبكرا للمياه‪.‬‬

‫تنمية الموارد المائية حصيلة ‪:‬‬

‫إن مختلف التدابير والسياسات المتخذة للحفاظ واالستعمال المستدام للموارد المائية بسهل سوس تظل غير كافية إذا ما‬
‫قارناها بالطلب المتزايد على مياه السقي‪ ،‬ولكون هذه اإلجراءات رغم تنوعها وتعددها تظل أمورا نظرية أو غير قابلة‬
‫لألجرأة نظرا لمجموعة من األسباب التي تبقى سياسية (استهداف قطاعات الري الصغيرة والمحيطات التقليدية التي‬

‫‪29‬‬
‫يمتلكها الفالحون الصغار‪ ،‬أما الضيعات الفالحية الكبرى والتي توجد في ملكية المنتجين الكبارذوي النفود السياسي‬
‫فإنها تظل بمعزل عن هذه التدابير والسياسات واإلجراءات المتخذة للحفاظ واالستعمال المستدام للموارد المائية‪،)...‬‬
‫فمراقبة عمليات الحفر التي تتخذها وكالة الحوض المائي كمسطرة جزرية لتقنين استعمال الملك المائي العمومي ظلت‬
‫تستهدف قطاعات الري الصغيرة والمحيطات التقليدية التي تعاني من نقص في اإلمكانيات المادية‪ .‬أما الضيعات‬
‫الفالحية الكبرى والتي توجد في ملكية المنتجين الكبار‪ ،‬فإنها تظل بمعزل عن هذه المراقبة وان كانت فهي شكلية فقط‪،‬‬
‫نظرا لعدة أسباب غامضة‪.‬‬
‫لكن ما يسجل على هذه المراقبة كونها ليست بمبررات مقنعة‪ ،‬وبعبارة أخرى فان هذه الضيعات نجدها تمتلك‬
‫امتيازات وأعراف تحميها من التعرض ألي زجر أو متابعة رغم تسجيل مخالفات في تطبيق اإلجراءات القانونية‬
‫الستعمال الملك المائي‪.‬‬
‫و بالتالي فالبد لهذه التدابيرمن أن تتحلى بقدر من الموضوعية والمصداقية في تطبيق أي مسطرة قانونية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫أنه ال يمكن الحديث عن تنمية للموارد المائية في ظل توزيع غير متكافئ للماء بين مختلف الفئات الفالحية‪ ،‬فقد ظل‬
‫الماء مصدر صراع و إقصاء اجتماعي بين فالحي سهل سوس‪ .‬وعموما تظهر أهمية هذا التركز في الماء وما أفرزته‬
‫من اتساع في الهوة االجتماعية واالقتصادية بين مكونات المجتمع الريفي بحوض سوس‪.‬فإذا استطاع المنتجون الكبار‬
‫تجنيد إمكانياتهم لمواكبة التغيرات الطارئة على الموارد المائية بسهل سوس فان الفالحين الصغار الزالوا تحت وطأة‬
‫العجز عن تمكين ضيعاتهم من الحاجيات المائية الالزمة‪.‬‬

‫إن أي تدابير متخذة لتنمية الموارد المائية البد أن تراعي أمور عدة حتى يتحقق تطبيقها ويعم مردودها‪ ،‬ومن بينها ‪:‬‬

‫‪ -‬تعميم تطبيق المساطر القانونية والتدخالت المؤسساتية في ماتلف قطاعات السقي سواء منها العمومية‬
‫والااصة وفي المحيطات ذات الري الكبير والدوائر السقوية المتوسطة والصغيرة‪.‬‬

‫‪ -‬التحكم الفعلي في توسع المساحات المزروعة وانجاز دراسات حول وقع مشاريع التنمية الفالحية على الموارد‬
‫الطبيعية والسيما المائية منها لكونها ال تتسع الن تغطي كل الحاجيات المائية‪.‬‬

‫‪ -‬محاربة تبذير مياه السقي ليس فقط بتعميم السقي الموضعي‪ ،‬بل بالصيانة والمراقبة المستمرة للتجهيزات‬
‫المائية وشبكات النقل بماتلف القطاعات المسقية‪ ،‬واختيار المعدات المقتصدة في الماء‪.‬‬

‫‪ -‬فتح باب المبادرة وتوسيع دائرة أخذ القرار وتدبير الموارد المائية لتشمل مستعملي المياه لألغراض الزراعية‪،‬‬
‫وضرورة إشراكهم في كل اإلجراءات التي تهم تحسين األداء المائي بالمنطقة‪.‬‬

‫‪ -‬توسيع صالحيات جمعيات مستعملي المياه‪ ،‬وعدم تلايص دورها في تطبيق األنظمة التي تضعها ماتلف‬
‫السلطات الفالحية والمائية‪ ،‬مع تمكينها من ماتلف المساعدات المادية والتقنية لتجاوز مشاكلها وتحسين أدائها‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة النظر في أهداف مجموعة من السدود المشيدة بعالية سهل سوس خاصة‪ ،‬لتوجيهها نحو سقي المساحات‬
‫الزراعية عوض توجيه مياهها لمجاالت معينة مثل سد سيدي عبد هللا الذي لن تستفيد أي مساحات زراعية عمومية‬
‫من مياهه بقدر ما ستوجه لسقي ضيعات في ملكية أقلية تتمتع بنفوذ وسلطة تجعلها تحتكر دور هذا السد‪ ،‬أو بعبارة‬
‫أخرى ضرورة مراعاة مبدأ العدالة في االستفادة من أي مشروع سقوي‪ ،‬وتعميمه على ماتلف القطاعات والحيازات‬
‫الممكنة كيفما كان حجمها‪ ،‬ولعل هذا المبدأ هو الكفيل بإنجاح مجموعة من المشاريع السقوية التي تستهدف تأمين‬
‫الحاجيات المائية لبعض المجاالت الفالحية ( مشروع إنقاذ حوامض منطقة الكردان بسوس األوسط)‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة انجاز سدود جديدة توجه لسقي المساحات الزراعية المستحدثة خاصة أحواض سوس العليا التي كلفت‬
‫حاجيات مائية كبيرة من الفرشة المائية‪ ،‬وعلما بأن الحوض أصبح يعرف واردات مائية مهمة في اآلونة األخيرة‬
‫تشجع على أنجاز هذه المنشات المائية التي سيحقق تشييدها كذالك تافيف الضغط واالستغالل المفرط الذي باتت‬
‫تعرفه الفرشة المائية الجوفية‪.‬‬

‫‪ -‬االستمرار في اقتصاد ماء السقي وتثمينه عن طريق تعميم تقنيات الري المقتصدة في عمليات السقي ويهم‬
‫األمرهنا تعميم الري بالتنقيط مع تقديم الدولة لكل المساعدات المادية الممكنة لقطاعات السقي الصغير التي تعرف‬

‫‪30‬‬
‫عجزا في تطبيق هذه التقنيات نظرا لضعف إمكانياتها المادية من جهة والرتفاع تكلفة التجهيز بهذه المعدات من جهة‬
‫أخرى ولعل هذا اإلجراء كفيل لوحده لتطبيق مشروع تعميم الري بأسلوب التنقيط الذي رفعته الدولة في اآلونة‬
‫األخيرة والذي يهدف إلى تحويل أساليب الري بأساليب الجذب والرش إلى الري الموضعي في حوالي ‪ 30000‬هكتار‬
‫في غضون ‪.2012‬‬
‫المصدر‪ :‬تدبير مياه السقي بسهل سوس األعلى‪ :‬الحالة‪ ،‬حصيلة التدخل‪ ،‬الرهانات‬

‫أما بالنسبة للتحوالت التي رافقت سياسة تدخل الدولة من مخططات وبرامج نجملها في الخطاطة التالية ‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫شكل رقم ‪ : 1‬التحوالت التي رافقت سياسة القطاعات المسقية‬

‫التحوالت التي رافقت سياسة القطاعات المسقية‬

‫تدخل الدولة في القطاعات المسقية‬

‫تحوالت سوسيومجالية واقتصادية‬

‫ظهور التأطير والدعم‬ ‫إنتاج فالحي موجه‬ ‫مشهد زراعي جديد‬ ‫تغيير البنيات العقارية‬ ‫تنظيم جديد للمجال‬

‫القروض‬ ‫موجه إلى السوق‬ ‫مشارات هندسية‬ ‫إصالح عقاري‬ ‫التجميع‬


‫اإلرشاد‬ ‫التكثيف و التنوع‬ ‫التخصص‬ ‫الضم‬ ‫توسع المواصالت‬
‫تنظيم مهني‬ ‫مردودية مهمة‬ ‫مزروعات جديدة‬ ‫التوزيع‬ ‫تزايد المدن‬
‫والمراكز‬
‫الموارد المائية ‪:‬‬
‫الندرة ‪ -‬سوء التدبير‪ -‬الجفاف – تناقص حقينة السدود‬

‫استغالل كل المياه المتاحة‬

‫استغالل مياه خاصة وال تخضع للتدبير الجماعي ‪-‬‬


‫ازدواجية‬ ‫استغالل مياه السدود المرفقة بضوابط‬
‫اآلبار‬

‫اندماج سريع لالستغالليات في اقتصاد السوق‬

‫تنامي دور ونفوذ بعض الفاعلين‬ ‫تراجع دور الدولة‬ ‫تأزم أوضاع االستغالليات الصغرى والمتوسطة‬

‫المؤسسات الفالحية والصناعية‬ ‫العمل بالضيعات الكبيرة‬


‫التعاونيات‬ ‫ممارسة أنشطة غير فالحية‬
‫الخواص‬ ‫الهجرة إلى المدن‬

‫مشاكل القطاعات المسقية‬

‫مشكل البنيات العقارية ‪ :‬التجزئ والتشتت‬

‫مشكل الموارد المائية المحدودة وسوء التدبير‬ ‫مسألة توسيع األرياف والمدن أو الحفاظ على القطاعات‬
‫المسقية‬

‫المصدر ‪ :‬عمل شخصي‬

‫‪32‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬طرق استغالل الماء في المجال الفالحي بمنطقة تارودانت‬

‫مميزات القطاع الفالحي بالمنطقة ‪:‬‬


‫‪ ‬فالحة عصرية تعتمد على تقنيات حديثة‪:‬‬
‫‪ ‬اسللتعمال البيللوت المغطللاة‪ :‬تفللوق المسللاحة المغطللاة ‪ 10.450‬هكتللار‪ ،‬أي ‪ % 58‬مللن المسللاحة المغطللاة علللى‬
‫الصعيد الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬اعتماد الري الموضعي‪ 42.200 :‬هكتار‪ ،‬أي ‪ % 35‬من المساحة المجهزة على الصعيد الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬استعمال انواع وأصناف زراعية ذات مردودية عالية‪.‬‬
‫‪ ‬االنفتاح على االسواق الاارجيلة بحجلم صلادراته ملن البلواكر والحلوامض‪ % 75 :‬و ‪ % 55‬ملن الصلادرات‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫‪ ‬تلبية حاجيات السوق الداخلي من الاضروات والفواكه‬
‫‪ ‬خلق فرص الشغل لليد العاملة‪.‬‬

‫‪ ‬فالحة تقليدية تتمركز بمدارات السقي المتوسط والصغير وخصوصا بالمناطق الجبلية‪.‬‬
‫من أهم معيقات القطاع الفالحي باقليم تارودانت‪:‬‬
‫‪ -‬محدودية الموارد المائية نتيجة تعاقب سنوات الجفاف ( نقص في واردات المياه السطحية بالسدود‪ ،‬تقليص‬
‫الحصص المائية المحددة في الماطط المديري‪).‬‬
‫‪ -‬اإلستغالل المفرط للموارد المائية الجوفية (عجز في الموازنة المائية بالفرشة المائية لسوس يقدر ب ‪230‬‬
‫مليون م‪ 3‬سنويا نتج عنه انافاض مستمر لمستوى الفرشة المائية تراوح ما بين ‪ 0.5‬و ‪ 3‬امتار)‪.‬‬
‫إرتفاع الطلب على الماء الفالحي‪:‬‬

‫مدددن المشددداكل التدددي تعددداني منهدددا الفرشددداة المائيدددة لسدددوس هدددو نزولهدددا بمتدددر إلدددى متدددرين فدددي السدددنة حسدددب المنددداطق‬
‫وبددداألخص فدددي المنطقدددة الواقعدددة بدددين تاروداندددت وأوالد تايمدددة بسدددبب الطلدددب الكبيدددر علدددى المددداء الفالحدددي الدددذي‬
‫يشددددكل حددددوالي ‪ 96%‬مددددن الميدددداه المسددددتخرجة التددددي تبلددددغ ‪550‬م م‪ 3‬فددددي حددددين أن معدددددل التغذيددددة ال يتجدددداوز ‪320‬‬
‫م م‪ 3‬أي بعجز يقدر ب ‪ 230 :‬م م‪ 3‬في السنة‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬عالقة تدبير الموارد المائية بالفالحة بالمجاالت المسقية حالة 'حوض سوس'‬

‫‪33‬‬
‫جدول رقم ‪ : 2‬اإلستعمال الفالحي للموارد المائية بحوض سوس‬

‫المصدر‪ :‬عالقة تدبير الموارد المائية بالفالحة بالمجاالت المسقية حالة 'حوض سوس'‬

‫في مجال تدخل المكتب الجهوي لالستثمار الفالحي لسوس ماسة يتم سقي الضيعات العمومية بواسطة المياه السطحية‬
‫باسن مع استعمال كمية إضافية من المياه الجوفية‪ .‬أما المدارات العمومية المسقية انطالقا من المياه الجوفية‪ ،‬فتهم‬
‫مدارات سوس العليا والمدارات التقليدية المؤهلة بسوس‪ .‬وخار ج منطقة نفوذ المكتب الجهوي لإلستثمار الفالحي‬
‫لسوس ماسة‪ ،‬هناك ‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫المدارات التقليدية بعالية أولوز وتهم مدارات تفنوت وتالوين بمساحة ‪7940‬هكتار التي تستهلك حوالي ‪ 56‬مليون م‬
‫انطالقا من المياه السطحية ومياه السواقي التقليدية‪.‬‬
‫جدول رقم ‪ : 3‬تقييم المساحات المسقية بمنطقة سوس ‪:‬‬

‫المصدر‪:‬محمد أوسيد وادريس علوي ‪2014‬عرض حول الموارد المائية بحوض سوس‪.‬‬

‫تثمين غير كافي للماء في الفالحة المسقية ‪:‬‬

‫إن تحليل المردودية االقتصادية لمختلف المزروعات يبين أن الخضر و الحوامض هي المزروعات األكثر مردودية‬
‫بالنظر إلى المساحة المزرزعة ومع كمية المياه المستهلكة (‪20‬درهم‪ /‬م‪ )3‬على العكس من زراعة األعالف التي ال‬
‫تتعدى مردوديتها درهم واحد للمتر المكعب من الماء‪ .‬كما يتضح أيضا أن حوالي ‪ 50%‬من المساحات المزرعة تستغل‬
‫في زراعات قليلة المردودية االقتصادية‪.‬‬

‫و يمثل الجدول التالي المردودية اإلقتصادية للمزروعات بالنظر إلى استهالكها للماء ‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫جدول رقم ‪ : 4‬المردودية اإلقتصادية للمزروعات بالنظر إلى استهالكها للماء‬

‫المصدر ‪ :‬جهة سوس ماسة درعة‬

‫عدم التحكم في المساحات المسقية ‪:‬‬

‫ما بين ‪ 2003‬و ‪ 2005‬ثم خلق ‪ 4235‬هكتار جديدة بعالية سوس ( أوالد برحيل ‪،‬تزارت‪ )...‬وبين ‪ 1996‬و ‪ 2003‬ثم‬
‫خلق ‪ 6301‬هكتار جديدة بزيادة تقدر ب ‪.64% :‬‬
‫هذا باإلضافة للقابلية الكبيرة للتلوث نتيجة استعمال األسمدة والمواد الكيماوية وأيضا مشكل انجراف التربة حيث أن‬
‫‪ 40%‬من مساحة الحوض معرضة لالنجراف الحاد (حوض إيسن‪ ،‬األحواض الساحلية والروافد اليمنى لواد سوس‬
‫الى غاية سد أولوز) وتبلغ كمية هذه االنجرافات حوالي ‪ 550‬طن في الكلم‪ 2‬في السنة في حوض ايسن‪.‬‬
‫خريطة رقم ‪ : 6‬المساحات الزراعية المسقية بحوض سوس‬

‫المصدر‪ :‬وكالة الحوض المائي سوس‬

‫‪35‬‬
‫إن تدبير الموارد المائية بالمنطقة يعاني من إكراهات عدة منها‪:‬‬
‫اإلكراهات المرتبطة بطرق السقي ‪:‬‬

‫‪ 50% ‬من المساحة اإلجمالية تسقى بطريقة الجدب (‪.)gravitaire‬‬


‫‪ 15% ‬تسقى بطريقة السقي بالرش (‪.)aspiration‬‬
‫‪ 31% ‬تسقى بطريقة السقي الموضعي (‪.)localisé‬‬

‫‪ )1‬طرق الري التقليدية‬


‫وتعرف بأنها تلك الطرق التي يضاف فيها الماء إلى سطح األرض فيغمره أو ينساب فوقه وتعتبر أكثر الطدرق‬
‫شيوعا ً فجملة المساحة المروية بهدذه الطدرق تفدوق كثيدرا ً تلدك المرويدة بدالطرق الحديثدة وخاصدة فدي المنداطق‬
‫الجافة وشبة الجافة ‪ ,‬فعند إضافة ماء الري لألرض بأعلى نقطة فإن جزء من هذا الماء يتسرب لدألرض يتقددم‬
‫الباقي في اتجاه الميل ولكن بمعدل متناقص لذا فإننا نتوقع صعوبة تجانس توزيع مياه الري تحت هذه الظروف‬
‫ونتيجددددة لددددذلك فددددإن قدددددرا ً كبيددددرا ً مددددن المدددداء يتسددددرب لددددألرض عنددددد بدايددددة موضددددع الددددري ونهايتدددده‪.‬‬
‫وهناك ثالث عوامل مشدتركة بدين كدل طدرق الدري السدطحي وهدي حجدم التصدريف المدائي والمسداحة ومعددل‬
‫التسرب ولضمان تجانس توزيع مياه الري يجب تعدديل حجدم التصدريف المدائي والمسداحة المرويدة فدي ضدوء‬
‫معدل التصريف‪.‬‬

‫وتزداد أهمية هذه العوامل الثالث فدي حالدة الدري بداألحواض والسديما األحدواض الصدغيرة ‪ .‬أمدا طدرق الدري‬
‫التي يسير فيها الماء لمسافات طويلة فوق األرض فإن العوامل المؤثرة في سدرعة انسديابه تصدبح مهمدة كدذلك‬
‫وهكذا نرى أن كفاءة الري السطحي ترتبط بكثير من العوامل المتداخلة ويعتبر كفاءة إضافة المداء أحدد وسدائل‬
‫التقييم وتعرف هذه الكفاءة بأنها نسبة الماء المخزون في القطاع بمنطقة نمو الجذور إلى حجم الماء الكلي‪.‬‬

‫و تشمل الطرق التقليدية ‪:‬‬

‫‪ ‬الاطارة ‪:‬‬
‫الخطارة وهي تقنية أصلية في مجال السقي عبر قناة باطنية يتراوح طولها حوالي ‪ 7‬إلى ‪ 10‬كيلومتر حسب موقع‬
‫الفرشات الباطنية وتستعمل هذه الطريقة في جلب المياه من العالية إلى السفلى عبر الساقية ويتم ربط القناة بواسطة أبار‬
‫يفصل بينهما حوالي ‪ 25‬إلى ‪ 30‬متر تساعد على حفر القناة وإصالحها‪ ،‬يتراوح سقف الخطارة من ‪ 1.5‬إلى ‪ 2‬متر‬
‫على حساب المنطقة كما تتسع قناة تصرف المياه ما بين ‪ 50‬و‪ 80‬سنتمتر وعندما تتعرض الخطارة إلى االنهيار‬
‫وتتعرض لالنحباس بواسطة الصخور يضطر الفالحون إلى تغير مسار القناة وجريان هذه األخيرة يكون مستمرا ويأخذ‬
‫شكل موازيا الجريان المياه الجوفية‪ ،‬وتتخذ الخطارة أحيانا اسم القبيلة أو الدوار الذي يستفيد منها‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫شكل رقم ‪ : 2‬رسم توضيحي للاطارة‬

‫المصدر‪ :‬جلب المياه للشرب و الري بــــ "الخطارة"‪ ،‬منتديات ستار تايمز‬

‫يتم توزيع وحدة المياه حسب على وحدة قياسية تسمى" النوبة"‪ ،‬وتدل على التناوب في السقي وقد تكون إما ليال أو‬
‫نهارا تحدد زمنيا من طلوع الشمس إلى غروبها أو من الغروب إلى طلوع الشمس مدتها تطول أو تقصر حسب‬
‫الفصول وتقاس زمنيا بـ ‪ 12‬ساعة وتنقسم النوبة إلى وحدات صغيرة‪ 12 :‬ساعة نصف النوبة‪ 6 ،‬ساعات ربع النوبة‪3 ،‬‬
‫ساعات ثمن النوبة‪ ،‬ووفق ذلك ينقسم الليل والنهار إلى ساعات ودقائق مضبوطة‪.‬‬
‫إن كل خطارة تتوفر على" شيخ" و‪ 6‬أعضاء (الجماعة)‪ ،‬فالشيخ هو المسئول عن تسير الخطارة وينتخب الشيخ من‬
‫قبل القبيلة في اجتماع محلي‪ ،‬ويجب أن يتوفر على حصص مائية في الخطارة زيادة على مكانته االجتماعية‪ ،‬األخالقية‬
‫الخ‪...‬‬
‫تتم صيانة الخطارة بإعالن الشيخ بعد صالة الجمعة وتحدد بعامل لكل نوبة والعمل يكون يوميا إلى أن تنتهي أو يتم‬
‫العمل بالمثنى أي النوبة بيومي عامل وهذه بطريقة مباشرة‪.‬أما الطريقة الغير مباشرة فتتم بأداء "الفريضة" وهي‬
‫فريضة يؤديها المالك حسب حصته المائية‪.‬‬
‫‪ ‬السقي بالربطة‬
‫باعتبار المنطقة منطقة فالحية بامتيازنجد بعض المدارات السقوية التقليدية تعتمد في الري السقوي على طريقة السقي‬
‫بالربطة‪ ،‬لكن هذه الطريقة تبذر الموارد المائية بشكل كبير نظرا لعدم تهيئ المدارات السقوية بكيفية جيدة ويتخد عدة‬
‫أشكال من السقي‪.‬‬
‫صورة رقم ‪ : 3‬ري باستادام طريقة السقي بالربطة‬

‫المصدر‪Google images:‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ ‬السقي بالغمر‬
‫يعتبر السقي بالغمر من أبسط طرق الري السطحي بالمنطقة‪ ،‬حيث يتم تقسيم الحقل إلى وحدات صغيرة محاطة من‬
‫جميع الجهات بمياه تحصر أرضا مستوية بينها وبعد ذلك يمأل الحوض لإلرتفاع المطلوب ثم يترك ليتسرب الماء‬
‫للحقل فيغذيه‪.‬‬

‫صورة رقم ‪ : 4‬ري شجر النايل باستادام طريقة السقي بالغمر‬

‫المصدر‪Google images :‬‬

‫‪ )2‬طرق الري العصرية‬


‫تشغل المساحة التي تروى بهذه الطريقة قدرا ً ضئيالً بالنسبة للمساحة التي تروى بالري السطحي‪ ،‬و تشدمل طدرق الدري‬
‫العصرية الري بالرش‪ ،‬الري بالتنقيط‪ ...،‬كما تحتاج لبعض الظروف الضرورية لنجاحها والتدي ال تتدوفر فدي كثيدر مدن‬
‫األحيان‪.‬‬

‫وبصفة أساسية فإن الري العصري يشتمل على تنظديم مسدتوى المداء األرضدي وهدو فدي تنظيمده خلديط مدن نظدام الدري‬
‫ونظام الصرف وبمعنى آخر تنظيم بعد مستوى الماء األرضي يجب أن يوفر رطوبة مالئمة لمقابلة االحتياجدات المائيدة‬
‫للنبات‪.‬‬

‫و تشمل طرق الري العصرية‪:‬‬

‫‪ ‬نظام الري الموضعي ‪: irrigation localisée‬‬


‫السقي بالتنقيط ‪goutte à goutte‬‬

‫الري بالتنقيط طريقة للسقاية يتم فيها توزيع مياه الري بواسطة شبكة كثيفة من األنابيب مباشرة إلى منطقة الجذور‬
‫على شكل تدفقات قليلة تخرج من ثقوب صغيرة توجد أسفل أنابيب السقاية بهدف الحفاظ على المستوى األمثل‬
‫لرطوبة التربة‪.‬‬
‫طريقة الري بالتنقيط تمكننا من تقديم مياه الري إلى النبات بشكل مستمر إضافة للعناصر الغذائية على خالف ما‬
‫يجري في طرق الري األخرى حيث تقدم المياه على شكل دفعات (سقاية متقطعة) ‪ .‬إن إتباع هذا األسلوب في توزيع‬
‫مياه الري طول الموسم تبعا ً لالحتياج المائي للنبات وتغييراته حسب مراحل النمو يسمح في إيجاد النظام المائي‬
‫وتوزيع الرطوبة األمثل في حدود العمق الفعال للتربة مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫صورة رقم ‪ : 5‬نظام السقي بالتنقيط ‪goutte à goutte‬‬

‫المصدر‪Programme national d’économie d’eau en irrigation (PNEEI) 2008-2020 :‬‬

‫المواصفات الفنية لألنبوب المستادم في الري بالتنقيط ‪:‬‬

‫‪ -1‬األنبوب من مادة البولي إيتلين الخطي المخفض الكثافة ‪.‬‬


‫‪ -2‬القطر ‪ 20 -16‬ملم ‪..‬‬
‫‪ -3‬القطر بين المنقطات ‪5,15‬ملم ‪.‬‬
‫‪ -4‬سماكة جدار األنبوب ‪ 1 ,1‬إلى ‪ 1 , 2‬ملم ‪.‬‬
‫‪ -5‬المسافة بين المنقطات ‪ 20‬سم كحد أدنى‬
‫‪ -6‬العمر اإلفتراضي له ‪ 10‬سنوات إذا كان مستخدما ً بشكل صحيح ‪.‬‬
‫‪ -7‬صمم نظام (‪ )GR‬ليقوم بتنظيف نفسه ومنع اإلنسداد ذاتيا ً في حال اإلستخدام بشكل صحيح وباستخدام الفالتر‬
‫الخاصة‪.‬‬
‫‪ -8‬تصريف المنقط ‪2‬ل‪ /‬سا أو‪4‬ل‪ /‬سا أو‪8‬ل‪ /‬سا‪.‬‬
‫‪-9‬الطول الذي يعمل عليه(مع انتظام بالتدفق حتى ‪)%98‬يصل حتى ‪ 50‬مترا ً‬
‫‪-10‬سهولة الفك والتركيب ‪.‬‬

‫تعتبر الحل األمثل لري المحاصيل الحقلية والبيوت البالستيكية من حيث تنظيمها لتدفق المياه في وحدة الزمن والتحكم‬
‫بكمية المياه الواجب إعطائها للنبات‪.‬‬

‫مزايا إستادام نظام الري بالتنقيط ‪:‬‬


‫من أهم مزايا النظام إمكانية تطبيق مبدأ السعة الحقلية وإعطاء النباتات كمية المياه الالزمة حسب المقنن المائي فقط‬
‫وهذا يتم من خالل التحكم الدقيق بكمية مياه الري وهذه الميزه يكاد ينفرد بها هذا النظام عن غيره باإلضافه إلى ‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -1‬التوفير الكبير في كمية المياه المستادمة في الري والتوفير في الطاقة اللالزمة لضخ تلك المياه ‪.‬‬
‫‪ -2‬التوفير بكمية األسمدة مع إمكانية إستادام األسمدة الذوابة مع مياه الري بشكل مباشر أضف إلى ذلك التوفير‬
‫الملحوظ باليد العاملة ‪.‬‬
‫‪ -3‬الحد من نمو األعشاب الضارة حيث أن الري يتم على خطوط الزراعية فقط ‪.‬‬
‫‪ -4‬سهولة فك وتركيب النظام وسهولة إستعماله ‪.‬‬
‫‪ -5‬القضاء على مشكلة التملح التي يمكن أن تنتج عن إرتفاع مستوى المياه السطحية ‪.‬‬
‫‪ -6‬المواد المستعملة في هذا النظام عديمة السمية ومقاومة للعوامل البيئية‬
‫‪ -7‬إمكانية ري مساحات أكبربكثير من تلك التي يمكن ريها بالطرق العادية األخرى مع إمكانية ري األراضي المائلة‬
‫والمستوية بنفس السوية ‪.‬‬
‫‪ -8‬التالص من مشكلة إنجراف التربة التي يمكن أن تحدث وخصوصا ً في األراضي المائلة مع توزيع المياه على‬
‫كامل خطوط الري ‪.‬‬

‫‪ ‬نظام الري بالرش ‪: aspiration‬‬


‫يستخدم في ري المحاصيل المتقاربة والكثيفة كالمحاصيل الحقلية واألعالف والمسطحات الخضراء في الحدائق‬
‫ويستخدم في ري بعض محاصيل الخضر المتقاربة المسافات على أن تكون المياه المستخدمة منخفضة الملوحة‪.‬‬
‫فكرة الري بالرش ترتكز على دفع المياه بسرعة كبيرة من خالل فتحة الرشاش‪ ،‬مما يؤدي لنشر هذه المياه وتساقطنا‬
‫على هيئة قطرات صغيرة تشبه المطر وحجم هذه القطرات يعتمد على قطر الفوهة (فتحت الرشاش) وعلى ضغط‬
‫التشغيلي‪.‬‬
‫صورة رقم ‪ : 6‬نظام الري بالرش‬

‫المصدر ‪Google images :‬‬

‫ويمكن تقسيم نظام الري بالرش إلى ثالثة مجموعات هي‪:‬‬

‫‪ .1‬األنظمة الثابتة‪ :‬حيث تكون خطوط األنابيب الرئيسية والفرعية ثابتة ومدفونة تحت التربة وتثبت الرشاشات‬
‫على األنابيب فوق سطح التربة ويتم التحكم في عملية الري بواسطة فتح وقفل المحابس لكل قطعة أو أكثر ومن‬
‫ثم االنتقال إلي القطعة التي تليها وهكذا حتى يتم ري كل القطع وهذا النوع األكثر شيوعا في الدولة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ .2‬األنظمة المتنقلة‪ :‬هنا تكون بعض األجزاء ثابتة كالخطوط الرئيسية وربما الفرعية وأما خطوط الرشاشات‬
‫يمكن نقلها بعد انتهاء عملية الري لري قطعة أخرى من المساحة المزروعة‪ .‬ومن أمثلة ذلك المدفع الرشاش‬
‫حيث يكون كل األجزاء ثابتة ماعدا المدفع نفسه الذي ينقل من جزء آلخر‪.‬‬

‫‪ .3‬األنظمة المتحركة ‪ :‬وهي أنظمة تتحرك ميكانيكيا (على عجالت) إما في خطوط مستقيمة أو على شكل دائري‬
‫ومن أشهر تلك األنظمة الري المحوري الذي يمتد على شكل أذرع تدور حول محور لري مساحات كبيرة‪.‬‬

‫وأهم مميزات الري بالرش ‪:‬‬

‫يمكن استغالل أراضي ذات طبوغرافية صعبة دون الحاجة إلجراء عملية تسوية ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ال يحتاج إلى عناية خاصة لتصفية المياه لكبر حجم فتحة الرشاش وعدم تعرضها النسداد بسهولة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يعمل كملطف للحرارة في الحقل مما يتيح مناخ مالئم لنمو المحصول ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫توفير أيدي عاملة‬ ‫‪.4‬‬
‫يتم استخدام المكننة بصورة واسعة مما يقلل من تكلفة العمالة‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫ولضمان نجاح أنظمة الري بالرش يجب مراعاة‪:‬‬

‫إعداد التصميم الجيد يضمن وصول المياه بشكل منتظم للمنطقة المراد ريها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اختيار مواصفات الرشاش المناسب من حيث قطر الفتحة وقطر دائرة البلل وزاوية االرتفاع‬ ‫‪‬‬
‫المعرفة التامة بسرعة واتجاه الرياح في المنطقة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫توفير ضغط مناسب لمتطلبات الرشاش المستخدم وبالتالي قبل اختيار الرشاش البد من معرفة اآلتي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫نوع المحصول المراد زراعته‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫نوع وخصائص التربة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كمية التصرف المطلوبة لتتناسب مع نفاذية التربة للماء لتفادي الجريان السطحي للماء‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫المسافة بين الرشاش واآلخر والمسافة بين خطوط الرشاشات‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪41‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬توزيع الغطاء النباتي وارتباطه بالمجاري المائية بالمنطقة‬

‫نظرا للوضعية المناخية للمنطقة نجد تنوعا في الغطاء النباتي من حيث األشجار‪ ،‬تقع المنطقة وسط غابة األركان‬
‫الشجرة التي تتميز بها منطقة سوس وتشتهر بزيتها المتميز‪ ،‬وذلك بسفوح األطلس الصغير وسفوح الجزء الغربي‬
‫لألطلس الكبير باإلضافة إلى بعض المساحات المنبسطة من السهل والمتصلة بقاعدتي الجبلين‪.‬‬

‫كما نجد أشجار الزيتون التي كانت سابقا ركيزة اإلقتصاد الفالحي والتجاري التقليدي في غالب المنطقة وهلك منها‬
‫عشرات اآلالف من األشجارالتي كانت تغطي مساحات شاسعة حول مدينة تارودانت وفي النواحي بالمحاداة لوادي‬
‫سوس والتي إختفت معها كثير من معاصر الزيتون التقليدية التي كانت تعج بها المنطقة‪.‬‬

‫هذا باإلضافة إلى أشجار الليمون والموز التي تتواجد في الضيعات المعتمدة على األساليب العصرية مع بعض‬
‫األشجار المختلفة األخرى كالنخيل الذي ينتشر على الخصوص في الجزء الغربي من اإلقليم‪ ،‬أو كلما إتجهنا إلى‬
‫الجنوب تظهر األعشاب والتشكيالت الشجرية الدالة على سيطرة المناخ شبه الصحراوي‪.‬‬

‫‪ )1‬أنواع الغطاء النباتي‬


‫يتدوفر إقلديم تاروداندت لوحدده علدى ‪ 49%‬مدن مجمدوع المسدداحة الغابويدة بالجهدة و تقددر مسداحة الملدك الغدابوي التددابع‬
‫لمركز المحافظة وتنمية الموارد الغابويدة لتاروداندت ب ‪ 264718‬هكتدار‪ .‬كمدا يتدوفر اإلقلديم علدى ‪ 20‬موقعدا ذو أهميدة‬
‫بيئية وايكولوجية‪ ،‬ثم تنوع نباتي مهم حيث يضم حوالي ‪ 3/1‬النباتات على المستوى الوطني‪ ،‬مع وجدود أصدناف محليدة‬
‫مهمة على أن النوع الذي يميز هذه المنطقة هو األركان كصنف محلي يشمل حوالي ثلثي مسداحات الغابدات بداإلقليم‪ .‬ثدم‬
‫التكوينات النباتية الواحية التي تتحمل الجفاف و الملوحة‪ ،‬توجد بها بقع بأشجار صدغيرة موزعدة علدى امتددادات مجاليدة‬
‫متفرقة‪.‬‬

‫بعض أنواع التشكيالت الشجرية المتواجدة بالمنطقة ‪:‬‬

‫‪ ‬شجرة األركان أو لوز البربر (اإلسم العلمي ‪) Argania spinosa :‬‬

‫شجر األركان نادر للغاية‪ ،‬وهو من أقدم األشجار في العالم إذ اليوجد اآلن إال في المغرب وخاصة في المناطق‬
‫الواقعة بين الصويرة وتزنيت وبين أكاديروتارودانت كما يذكرأنه يوجد في بعض مناطق المكسيك‪ .‬وشجرة‬
‫األركان كبيرة الحجم فقد يتخطى علوها عشرة أمتار‪ ،‬و يمتد عمرها ما بين ‪ 125‬و ‪ 150‬عاما وهي ذات جذوع‬
‫قوية ملتوية في الغالب تغطيها قشرة صلبة تشتد خشونة كلما تقدم بها العمر‪،‬أغصانها شائكة ولها أوراق صغيرة‬
‫ملساء صلبة دائمة الخضرة في كل فصول السنة وتنتج مرة في كل سنة ثمارا متوسطة الحجم بيضاوية الشكل‬
‫تحتضن في داخلها نواة منها يستخرج زيت األركان وتبدأ الشجرة في اإلثمار عندما يبلغ عمرها خمس سنوات‬
‫وتبلغ انتاجيتها ذروتها على مدى ‪ 50‬عاما بعد ذلك‪.‬‬
‫وشجرة األركان من أهم األشجار التي تقاوم الجفاف وتحد من ظاهرة التصحر وهي تحظى اآلن باهتمام بالغ من‬
‫لدن مختلف الجهات قصد حمايتها و المحافظة عليها وذلك بعد ما تعرضت له من استغالل مفرط من قبل الرعاة و‬
‫منتجي حطب الوقود والفحم الخشبي‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫صورة رقم ‪ : 7‬شجر األركان (منطقة تيوت)‬

‫المصدر ‪Grazing goats in argan trees Tiout Morocco :‬‬

‫‪ ‬العرعار (اإلسم العلمي ‪) Tetraclinis articulata:‬‬

‫جنس نباتي يتبع الفصيلة السروية ويضم حوالي خمسين نوعا من النباتات المعمرة ودائمة الخضرة‪ .‬وتعد شجرة‬
‫العرعر من األشجار الكبيرة والمعمرة والنادرة‪ ،‬وهي شجرة ظليلة جذابة‪ ،‬تفرز باستمرار زيوتا ً طيارة وافرة تبعث‬
‫رائحة عبقة وجذابة لكل من يجلس تحتها‪ ،‬تنمو في أعالي الجبال وتزيد كثافتها كلما ارتفعت المنطقة‪.‬‬
‫من الغريب في شجرة العرعر أن أوراقها يتغير شكلها مع تقدمها في العمر‪ ،‬فاألوراق تكون إبرية في بداية عمرها ثم‬
‫تتخذ شكالً حرشفيا ً في مرحلة البلوغ‪.‬‬

‫صورة رقم ‪ : 8‬شجر العرعار‬

‫المصدر ‪Google images :‬‬

‫‪43‬‬
‫خريطة رقم ‪: 7‬انتشار شجر العرعار بالمغرب‬

‫المصدر ‪http://www.floramaroccana.fr/tetraclinis-articulata :‬‬

‫‪ ‬البلوط األخضر (اإلسم العلمي ‪) Quercus ilex :‬‬

‫تتميز شجرة البلوط االخضر بجدع قصير ‪ ،‬و تعدد التفرعات‪ ،‬ويعدود اسدم شدجرة البلدوط االخضدر الدذي يشدير إلدى ان‬
‫اوراق الشددجرة بشددهية اي اوراق ذات جنبددات حرجيددة ‪،‬وشددجرة البلددوط االخضددر تنمددو بشددكل بطدديء و هددي معمددرة‪.‬‬
‫اوراق شجرة البلوط االخضر متقابلة دائمة الوجود ‪ ،‬حيث ال تعرف تساقطا عند فصل الخريف ‪ ،‬شدكلها بيضداوي ‪7-3‬‬
‫سم ‪ ،‬وتتغير حدودها من ملسة إلى مسننة ‪،‬تتوفر على وجهين االعلى اخضر ناصع و االسفل ابيض وبري إلى رمادي‬
‫كامد القشرة رمادية ‪ ،‬ملساء ‪ ،‬تتشقق في الجهتين‪.‬أما في مدا يتعلدق بالجدذور‪ :‬جذوروتديدة عموديدة ‪ ،‬تتفدرع منهدا جدذور‬
‫افقية تبقى مميزة لمدة طويلة نسبيا غير انها تنتهي باإلندثار مع شيخوخة الشجرة‪.‬‬

‫صورة رقم ‪ : 9‬شجر البلوط‬

‫المصدر ‪Google images :‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ ‬الطلح الصمغي (اإلسم العلمي ‪) Acacia gummifera:‬‬

‫يطلق عليها أيضا أسم السدنط االكاسديا أو الطللح ‪ ،‬وهدي عبدارة عدن شلجرة معمدرة يصدل ارتفاعهدا الدى ‪ 20‬متدر تقريبدا‬
‫تتواجد بسفوح األطلس الصغير ‪ ،‬و يوجد عليها ازهار صفراء وثمارا قرنيدة يصدل طولهدا الدى ‪ 15‬سدم‪ ،‬يوجدد بدداخلها‬
‫عدة بذور لونها بني تشبه الفاصوليا‪.‬‬

‫صورة رقم ‪ : 10‬شجرة الطلح الصمغي بسفوح األطلس الصغير‬

‫المصدر ‪Google images :‬‬

‫‪ )2‬توزيع الغطاء النباتي‬


‫تشددكل غابددة أركددان مددا نسددبته ‪ %71‬مددن الغطدداء النبدداتي بمنطقددة جبددال األطلددس الصددغير إلددى الجنددوب‪ ،‬وهددي تمثددل مددا‬
‫مجموعة على الصعيد الوطني ‪ ٪18‬من المساحة الغابوية للمغرب‪.‬‬

‫تعرضت غابات األركان بإقليم تارودانت على مر السنين الستغالل مفرط وخطيدر سدواء مدن طدرف رعداة الماشدية‪ ،‬أو‬
‫منتجي حطب الوقود والفحم الخشبي‪ .‬حيث اتضح أن تأهيل هذه الشجرة فدي المغدرب وحمايتهدا يسدتوجب تضدافرا فعليدا‬
‫وحقيقيا لجهود العديد من الجهات من ضمنها على سبيل المثدال ال الحصدر مراكدز البحدث العلمدي فدي المغدرب ‪ ،‬وإدارة‬
‫الميدداه والغابددات بدداإلقليم‪ ،‬والتعاونيددات النسددوية إلنتدداج زيددت أركددان‪ ،‬و فددي عددام ‪ 1999‬أصددبحت غابددة األركددان محميددة‬
‫طبيعية مدن قبدل اليونسدكو وتدم حظدر االسدتغالل المفدرط لزيدت األركدان بشدكل صدارم‪ ،‬و يدتم حمايتهدا حاليدا مدن خدالل‬
‫ممارسات الحصاد المستدامة وجهود إعادة التحريج الجدية‪.‬‬

‫تنتشر غابة األركان بإقليم تارودانت بسفوح األطلس الصغير وسفوح الجزء الغربي لألطلس الكبير باإلضافة إلى بعض‬
‫المساحات المنبسطة من السهل والمتصلة بقاعدتي الجبلين بفعل تركز مجاري مائية مهمة بهذه المناطق حيث تعتبر من‬
‫الروافد األساسية لواد سوس (وادي اكورطا ‪ ،‬وادي اسن‪ ،‬تالكجونت ‪.)...‬‬

‫في ما يلي خريطة انتشار غابات األركان بإقليم تارودانت ‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫خريطة رقم ‪ : 8‬انتشار غابات األركان بإقليم تارودانت‬

‫المصدر‪ :‬عمل شخصي‬

‫أمافي ما يخص انتشار بعض أنواع التشكيالت الشجرية األخرى وارتباطه بالمجاري المائية المتواجدة بإقليم تارودانت‬
‫فسنحاول إبرازه في الخريطة أسفله ‪:‬‬
‫خريطة رقم ‪ :9‬انتشار بعض أنواع التشكيالت الشجرية‬

‫المصدر‪ :‬عمل شخصي‬

‫‪46‬‬
‫خاتمة‬
‫تتمتع منطفة تارودانت بثروات مائية سطحية وكذا موارد مائية باطنية مهمة‪ ،‬لكن مع األسدف ال تلبدي حاجيدات المنطقدة‬
‫و متطلباتها الفالحية (الماء الفالحي)‪ ،‬وفي ظل مواجهة هذا التحدي تمت برمجة سياسات من طرف القطاعات الوصدية‬
‫على الماء (الدولة‪،‬المكتب الجهوي لالستثمار الفالحي‪ ،‬وكالة الحوض المائي‪ )...‬بالتعاون مع السداكنة مدع خلدق صدالت‬
‫وصل بينها وبين المكاتب لتحقيق تدبير معقلن للماء‪.‬‬

‫يعتبر نظام السقي العصري السائد في المنطقة ويعتمد على تقنيات حديثة للري تتمثل في الري بدالتنقيط‪ .‬كمدا نجدد أيضدا‬
‫الري بالغمر بنسبة مهمة لكنه ال يخلو من مظاهر التبذير‪ ،‬باإلضدافة إلدى ضدعف قددرة الفالحدين بالمنطقدة‪ ،‬ونظدرا لهدذه‬
‫الوضعية تم اإلتجاه إلى تبني عدة استراتيجيات مستقبلية لإلقتصاد في الماء‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬المشاكل و العراقيل المرتبطة بتدبير المياه‬
‫وآفاق التهيئة الهيدروفالحية‬

‫‪48‬‬
‫مقدمة‬
‫إن المخاطر التي تهدد توازن استدامة الموارد الطبيعية من ماء وتربة وغطاء غابوي وأوساط بيئية أصبحت تشكل‬
‫مواضيع اهتمام قضايا الساعة في العالم بأسره‪ ،‬من القضايا المثيرة لالنشغال تلك المتعلقة بتدبير الموارد المائية‪ ،‬فهذه‬
‫المادة الحيوية تخضع في الوقت الراهن لإلستغالل المفرط خاصة في مجال الفالح وتوالي سنوات الجفاف التي عرفها‬
‫حوض سوس‪ ،‬وعالوة على هذا فإن الموارد المائية السطحية كانت أم باطنية معرضة للجفاف والتلوث ونظرا‬
‫لتصريف المياه المستعملة في المدن دون المعالجة واإلفراط في استعمال المخصبات والمبيدات في القطاع الفالحي‪ ،‬لذا‬
‫فقد بات من الضروري النظر في تدبير الموارد المائية بغية ترشيد استهالكها وضمان حمايتها من التلوث‪ ،‬لم يظهر‬
‫اإلهتمام بمشكل الماء بالمغرب إال ابتداء من الثمانينيات‪ ،‬ففي بلد كالمغرب يعاني من قلة التساقطات المطرية وارتداد‬
‫الجفاف‪ ،‬فإن إقليم تارودانت بالرغم من المكتسبات واإلنجازات في قطاع الماء يواجه مجموعة من التحديات التي‬
‫ستكون أكثر تعقيدا مما كان الوضع في الماضي‪ .‬وترتبط هذي التحديات بمجموعة من العوامل من بينها الموارد المائية‬
‫بين تردد الجفاف واالستغالل المفرط‪ ،‬وتلوث المياه ومعالجتها‪ ،‬وأخيرا الماء بين تزايد الحاجيات وضعف الموارد‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬الموارد المائية بين تردد الجفاف واالستغالل المفرط‬


‫‪ )1‬مشكل الجفاف‬
‫يعتبر مشكل الجفاف واقعا ثابثا في تاريخ مناخ المنطقة والمغرب بصفة عامة وباألخص منذ عقد الثمانينات‪،‬‬
‫لقد أصبحت الفترات الجافة ذات أهمية‪ ،‬فموقع المغرب في العروض شبه المدارية االنتقالية جعله أكثر عرضة‬
‫للجفاف الذي شهده حوض سوس كما أن إنعكاسات التغيرات المناخية المترتب عن تنامي ظاهرة االحتباس‬
‫الحراري سيزيد من حدة ظاهرة الجفاف‪ .‬ولهذا فإن حاالت الجفاف بإقليم تارودانت ستتكرر في المستقبل على شكل‬
‫فترات دورية متقاربة لدى أصبحت ظاهرة الجفاف تمثل معضلة سنوية أي الموارد المائية أصبحت معرضة‬
‫للخطر والستنزاف وهذا ما سيدخل اإلقليم ضمن حاالت المناطق المهددة بشح حاد في المياه على المدى المتوسط‬
‫والبعيد‪.‬‬

‫مبيان رقم ‪ : 3‬التساقطات السنوية بمحطة تارودانت (سوس األوسط)‬

‫المصدر‪ :‬وكالة الحوض المائي لسوس ماسة أكادير‬

‫‪49‬‬
‫بين ‪ 1921‬و ‪ 1939‬عرف اإلقليم فترات جفاف تميزت بعدم التساقطات وقد ارتبطت بعدها بتوالي ست سنوات‬
‫متوازنة‪ ،‬إذ عرفت فترات متوازنة ما بين ‪ 1939‬إلى ‪ .1957‬انطالقا من سنة ‪ 1957‬إلى ‪ 1963‬تميزت بفترات‬
‫حرجة أي فترة رطبة بحيث أصبح االقليم يعيش تحت تأثير نظام مناخي رطب‪ ،‬وتميزت كذلك بفترات ممطرة‬
‫وتساقطات مهمة من سنة ‪ 1963‬إلى ‪ 1969‬دامت ‪ 7‬سنوات‪ ،‬هكذا تظهر مرة أخرى فترات جفاف من ‪ 1975‬إلى‬
‫‪ ،1987‬دامت هذه الفترة ‪ 13‬سنة كلها تميزت بسنوات الجفاف‪ ،‬استمرت من سنة ‪ 1987‬إلى ‪ .1999‬غموما تميز‬
‫حوض سوس بخصائص مناخية غير مالئمة تتمثل في أمطار محدودة وغير منتظمة وتوزيع متفاوت كميا وزمانيا‬
‫وفترات جفاف طويلة ومتكررة‪.‬‬

‫‪ )2‬التغيرات المناخية‬
‫بحكم موقعه في العروض شبه مدارية فأن المغرب يعتبر من بين البلدان األكثر تعرضا للتغيرات المناخية‬
‫وتشير بعض المؤشرات إلى أن مناخ البالد بدأ فعال منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي يتجه نحو مزيد من‬
‫اإلحترار والتجفيف‪ .‬وتشير السيناريوهات المستقبلية إلى أن مناخ المغرب في القرن ‪ 21‬سيكون أكثر حرارة‬
‫وجفافا في عموم البالد ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى حدوث تحوالت كبرى في المجال المغربي بيئة واقتصادا‬
‫ومجتمعا‪ .‬ويشير مصطلح تغير المناخ إلى تغيرات مهمة من الناحية االحصائية‪ ،‬إما في متوسط حاالت المناخ أو‬
‫في تقلبه التي قد تستمر لفترة محدودة أو تمتد عقودا كما الحظنا في المبيان السابق تعاقب فترات الجفاف التي‬
‫شهدها اإلقليم ناتجة عن التغيرات المناخية المترتبة عن تنامي ظاهرة االحتباس الحراري‪ ،‬وقد نشأ التغير المناخي‬
‫عن عمليات داخلية طبيعية أو تأثيرات خارجية أو عن تغيرات بشرية المنشأ ترتبط بتغير نسب مكونات الغالف‬
‫الجوي واستخدام األرض خاصة في مجال االستغالل الفالحي الذي ينعكس سلبا على مردودية االنتاج الفالحي في‬
‫االقليم‪.‬‬

‫‪ )3‬االستغالل المفرط‬
‫إن أثر استغالل المياه الجوفية بسهل سوس على حصيلة الفرشة بدأت تظهر في الواقع مع الخمسينيات ومنذ‬
‫ذلك الحين بدأت تتخذ سلسلة من القرارات القانونية للحد من توسيع المجال المسقي العصري‪ ،‬وكذا الحد من ضخ‬
‫حصص مائية إضافية‪ .‬غير أن خذه االجراءات المتخذة لم تنجح دائما في توقيف وتعميق خصائص الفرشة التي لم‬
‫تعد مياهها مطلوبة فقط من قبل االستغالليات الفالحية العصري الخاصة‪ ،‬وإنما أيضا من قبل القطاع الفالحي‬
‫المسقي العمومي‪ ،‬ومن قبل المراكز الحضرية القديمة والناشئة التي عرفت وال زالت تسجل توسعا مستمرا على‬
‫مستوى حاجياتها المائية‪.‬‬

‫لحل هذه المعضلة وما يترتب عنها من مشاكل اقتصادية واجتماعية داخل الحوض جاء المخطط التوجيهي إلعداد‬
‫الماء الفالحي بوادي سوس عند بداية السبعينات بمجموعة من التدابير‪ ،‬نفد منها مشروع "عالية سهل سوس"‬
‫لتمكين مجموعة من الفالحين الصغار من الولوج إلى المياه الجوفية البعيدة‪ ،‬ومشروع "إسن" الذي جاء لتوسيع‬

‫‪50‬‬
‫القطاع المسقي العصري وإنقاذ قطاع حمضيات أوالد تايمة من التراجع والتوقف عن اإلنتاج‪ ,‬ومن أجل توقيف‬
‫مسلسل تزايد خصاص فرشة سوس تمت برمجة سد أولوز ليخصص لتغذية هذه الفرشة في أفق ما بعد سنة‬
‫‪ ،2000‬لكن هذا الخصاص سجل أرقاما تجاوزت بكثير المستويات المرتقبة مما جعل السلطات المائية تعجل ببنائه‬
‫قبل حلول الموعد المرتقب بكثير‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬تلوث المياه ومعالجة المستعملة‬


‫‪ )1‬التلوث‬
‫تعتبر االستعماالت المختلفة للمياه السبب الرئيسي عن مصادر تلوث المياه السطحية ومن أهمها‪:‬‬

‫أ‪ -‬المياه العادمة المنزلية‪:‬‬

‫تحتوي على كميات كثير من البكتيريا والفطريات والفيروسات (‪ %80‬من المياه المستهلكة لالستعمال المنزلي تتحول‬
‫إلى مياه عادمة)‪.‬‬

‫ب‪ -‬المياه العادمة الصناعية‪:‬‬

‫يعتبر الماء في الماء في القطاع الصناعي كمادة خام (االنتاج أو التبريد) بعد استعمالها تصبح على شكل مياه عادمة‬
‫تحتوي على مواد كيماوية ضارة ومواد سامة ومواد عالقة وأخرى مترسبة أو مواد دائبة وأحماض سامة إضافة إلى‬
‫ارتفاع حرارتها‪.‬‬

‫ج‪ -‬المياه العادمة الزراعية‪:‬‬

‫ناتجة عن تصنيع أعالف الحيوانات وتحتوي أحماض ضارة ومركبات النيتروجين‪ ،‬كما ان استعمال المبيدات‬
‫المختلفة تؤدي إلى نقل هذه المواد عبر المياه السطحية إلى الحقول المزروعة المجاورة وتلوثها‪.‬‬

‫د‪ -‬مياه األمطار الحمضية‪:‬‬

‫تتشكل هذه األمطار بالخصوص في مناطق التركز الصناعي حيث يحتوي الهواء فيها على الغبار وأكاسيد‬
‫النيتروجين والكبريت‪ ،‬وتهطل على شكل أمطار وعند وصولها إلى سطح األرض تلوث المياه السطحية‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫صورة رقم ‪ :11‬أشكال تلوث المياه‬

‫المصدر‪ :‬وكالة الحوض المائي لسوس ماسة أكادير‬

‫‪ )2‬معالجة المياه المستعملة‬


‫مع استمرار توسع الظاهرة الحضرية وما رافق هذا التطور من تزايد في حجم المياه المستعملة الصادرة عن‬
‫التجمعات البشرية الكبرى‪ ،‬حصل اقتناع لدى الجميع بضرورة التدخل من أجل تدارك العجز والخصاص‬
‫الحاصلين في قطاع التطهير السائل داخل حوض سوس‪ .‬وهكذا تم تسجيل عدد من المبادرات خاصة مع نهاية عقد‬
‫الثمانينيات من أجل تمتيع مجموعة من المراكز الحضرية بتصاميم توجيهية لصرف المياه المستعملة ومعالجتها‬
‫تصاميم روعي في وضعها حفظ الصحة العمومية والمحافظة على البيئة الطبيعية‪ ،‬وكذلك برمجة إمكانيات إعادة‬
‫استعمال المياه الملوثة بعد معالجتها وتصفيتها‪.‬‬

‫بعض هذه التصاميم قد شرع في تنفيذه‪ ،‬وسيكون لتجهيزاته حين اشتغالها آثار إيجابية عل تدبير الموارد المائية‬
‫المحلية‪ ،‬كما أنها ستمكن من خلق هامش وإعطاء آفاق أوسع لعمليات إعداد المياه القارية داخل حوض سوس‬
‫واألحواض المجاورة‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬الماء بين تزايد الحاجيات وضعف الموارد‬
‫‪ )1‬تزايد النمو الديمغرافي‬
‫انتقل مجموع عدد سكان إقليم تارودانت من ‪ 300000‬نسمة سنة ‪ ،1971‬إلى ما يقارب ‪ 900‬ألف نسمة حسب إحصاء‬
‫‪ .2014‬وفي مايلي جدول تطور تعداد سكان إقليم تارودانت ‪:‬‬
‫جدول رقم ‪ : 5‬تطور تعداد سكان إقليم تارودانت‬

‫‪2014‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪1971‬‬ ‫السنوات‬

‫‪838820‬‬ ‫‪780661‬‬ ‫‪300000‬‬ ‫عدد السكان ب األلف نسمة‬


‫المصدر‪ :‬عمل شخصي( معطيات اإلحصاء العام للسكان والسكنى وإسقاطات المندوبية السامية للتخطيط)‬

‫هذا التطور السريع للساكنة أدى إلى ضرورة تعبئة مضاعفة للموارد المائية سواء منها السطحية أو الباطنية‪ ،‬الشيء‬
‫الذي فرض أيضا تكلفة متزايدة مع تزايد عدد السكان ‪.‬‬

‫بلغ معدل النمو الديمغرافي السنوي ‪.1,7%‬‬ ‫‪-‬‬


‫يمثل السكان الحضريون ‪ 55,1%‬من مجموع السكان‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وجود فوارق ما بين المجاالت الجغرافية (الجبال‪ /‬المجاالت المنبسطة‪ )...‬وعدم توازن النمو الديمغرافي بين المجالين الحضري‬ ‫‪-‬‬
‫والقروي‪.‬‬
‫توزيع غير متوازن للسكان‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ويتبين من خالل تحليل هذه المعطيات‪:‬‬

‫‪ -‬صعوبة التحكم في المجال العمراني‪.‬‬


‫‪ -‬حدوث تحوالت كبيرة على المستوى االجتماعي وأنظمة نشاط المجاالت الحضرية والقروية‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع الطلب على الشغل والسكن والتجهيزات‪.‬‬

‫ولتوضيح هذه العالقة ما بين التزايد السكاني وحاجيات الموارد المائية نرصد الجدول التالي‪:‬‬

‫‪53‬‬
‫جدول رقم ‪ : 6‬تقديرات حاجيات الماء الشروب بالمتر مكعب بين سنتي ‪2000‬و‪2020‬‬

‫‪2020‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫السنة‬

‫نسبة االرتباط بأنظمة التزود (‪:(%‬‬

‫‪12.4‬‬ ‫‪3.9‬‬ ‫ارتباط خاص‬

‫‪56.6‬‬ ‫‪12.8‬‬ ‫السقايات‬

‫‪31.1‬‬ ‫‪83.9‬‬ ‫أخرى‬

‫حصة اإلستهالك الفردي (ل‪/‬ي‪/‬ف)‪:‬‬

‫‪56‬‬ ‫‪45‬‬ ‫ارتباط خاص‬

‫‪37‬‬ ‫‪24‬‬ ‫السقايات‬

‫‪15‬‬ ‫‪15‬‬ ‫أخرى‬

‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬ ‫حصة اإلستهالك الحيواني (ل‪/‬ي‪/‬رأس)‪:‬‬

‫‪13.60‬‬ ‫‪6.84‬‬ ‫الحاجيات المائية (م م‪:)3‬‬

‫المصدر‪ :‬مديرية هندسة المياه سوس ماسة درعة‪ ،‬أكادير‬

‫من خالل الجدول والمبيان أعاله يتضح حاجيات الماء الشروب سوف تعرف ارتفاعا ملحوظا‪ ،‬مما يوحي بأزمة حقيقة‬
‫للموارد المائية بالمنطقة ما لم يتم إعادة النظر في تدبيرها‪..‬‬

‫‪ )2‬التمدين السريع‬
‫يقصد بظاهرة التمدين‪ ،‬تزايد عدد السكان وتوسع مجالها الجغرافي وتكاثر عدد المدن بفعل الهجرة القروية لذلك تشهد‬
‫ظاهرة التمدين خالل النصف الثاني من القرن العشرين ارتفاعا بوثيرة سريع‪ ،‬وقد ترتب عن ذلك تزايد عدد المدن‬
‫نتيجة تحول مجموعة من المراكز القروية الصغيرة إلى حواضر‪.‬‬

‫يضم إقليم تارودانت ‪ 7‬جماعات حضرية وهي آيت ايعزة‪ ،‬الڭردان‪ ،‬إغرم‪ ،‬أوالد برحيل‪ ،‬أوالد التايمة‪ ،‬تاليوين‪ ،‬تارودانت‪،‬‬
‫باإلضافة إلى ‪ 82‬جماعة قروية‪.‬‬
‫لقد ارتفع التحضر باإلقليم بشكل سريع في المدن الشيء الذي واكبته الحاجة واالحاح الكبيرين على الماء الشروب‬
‫ووسائل التطهير‪ ،‬فقد انتقلت نسبة السكان الحضريين من ‪ 29‬في المائة سنة ‪ 1970‬إلى ‪ 56‬في المائة سنة ‪ .2014‬أي‬
‫بزيادة ‪ 27‬في المائة‪ ،‬كما أن معدل الربط الفردي بالماء الشروب على المستوى اإلقليم بلغ ‪ 76.5‬بالمائة سنة ‪،2009‬‬
‫منها ‪ 96.2‬بالمائة بالوسط الحضري‪ ،‬و‪ 43.4‬بالمائة بالوسط القروي‪ .‬من هنا يتضح أن صعوبة التزويد بالماء‬
‫الصالح للشرب أكثر حدة خصوصا بالعالم القروي‪ ،‬حيث العزلة والفقر يعيقان تعميم التزويد بالماء الصالح للشرب مما‬
‫يزيد من صعوبة وتعقد المؤسسات المسئولة عن تدبير الماء‪.‬‬

‫وأمام هذه الزيادة في نسبة التمدين‪ ،‬فإن الحاجيات من الموارد المائية هي األخرى عرفت زيادة كبيرة الشيء الذي‬
‫ساهم في نقصها وندرتها‪.‬‬

‫"بالنسبة لحاجيات الماء الشروب الخاصة بالوسط الحضري الخاصة بحوض سوس فقد تم تحديد حجمها في أكثر‬
‫من ‪117‬م م‪ 3‬في أفق سنة ‪ .2020‬حوالي ‪ 0/0 85‬من هذا الحجم ستستقطبه مراكز أكادير الكبرى أي حوالي‬
‫‪ 100‬م م‪ ،3‬والباقي يشكل حصة المراكز الداخلية‪ ،‬أي ‪ 18,16‬م م‪" 3‬‬
‫الحسن المحداد ‪ " :2003‬الماء واإلنسان بحوض سوس إسهام في دراسة نظام مائي مغربي "‬

‫‪54‬‬
‫‪ )3‬تزايد الطلب من طرف القطاعات المستهلكة‬
‫أ‪-‬الفالحة‬

‫تشكل الفالحة العمود الفقري لإلقتصاد بجهة سوس ماسة عموما وإقليم تارودانت بشكل خاص نظرا لما تلعبه من دور‬
‫فعال في الدفع بعجلة التنمية على جميع المستويات لذى حضي باألولوية من طرف الدولة منذ االستقالل‪ ،‬وتعتبر هذه‬
‫الفالحة من أهم وأكثر القطاعات المستهلكة للمياه حيث أن ‪ 95‬بالمائة من المياه تستنزف من طرف القطاع الفالحي‪،‬‬
‫وذلك بسبب اتساع المساحات المخصصة لألغراض الفالحية عبرتراب سهل سوس والمعتمدة أساسا على السقي‪،‬‬
‫وخاصة بعد برمجة سياسة السدود بالمغرب خالل الستينات‪ .‬وبفعل اتساع المساحات المخصصة للزاعة المسقية‬
‫باألساس نتج عنها استغالل مفرط للموارد المائية الجوفية‪.‬‬
‫شكل رقم ‪ : 3‬نسبة الطلب على الماء الفالحي و الغير فالحي‬

‫المصدر‪ :‬محمد أوسيد وادريس علوي‪ 2014،‬عرض حول الموارد المائية بحوض سوس‬

‫مبيان رقم‪ : 4‬تطور الطلب على الماء الفالحي و الماء الشروب‬

‫وكالة الحوض المائي‪ ،‬أكادير ‪2013‬‬

‫‪55‬‬
‫يعتبر القطاع السقوي مجموع االستغالليات الفالحية المسقية التي تعتمد بشكل كامل على ضخ مياه فرشة سوس‬
‫"الحرة" آليا‪ .‬وذلك في إطار نشاط فالحي رأسمالي مضارب يعتمد على تصدير منتجاته الفالحية بالدرجة األولى إلى‬
‫أوربا‪ .‬وقد توسع هذا القطاع بشكل كبير على عهد االستقالل‪.‬‬
‫فإدارة هندسة المياه والمكتب الجهوي لإلستثمارالفالحي سوس ماسة رغم تحكمها في عملية تسليم رخص حفر اآلبار‬
‫فإنهما يؤكدان على أن اآلبارغيرالمرخصة بسهل سوس في تزايد مستمر مما يحول دون تنظيم استعمال الفرشة‬
‫الجوفية‪ ،‬أيضا فإن قطاع الضخ العصري الخاص يتميز بدينامية عالية تجعله يتطور باستمرار تبعا للتغيرات التي‬
‫تعرفها الموارد المائية أو التي يسجلها السوق‪ ،‬كما أن الحدود بينه و بين القطاع التقليدي ليست واضحة‪ ،‬بحيث أن هناك‬
‫محيطات سقوية تقليدية تعتمد على السواقي و في الوقت نفسه على الضخ من اجل ضمان من اجل ضمان نجاح بعض‬
‫زراعتها‪ .‬و تجدر اإلشارة إلى أن بعض القطاعات أصبحت تعاني من عدة مشاكل مرتبطة باستنزاف الموارد المائية‪،‬‬
‫فمحيط الحمضيات ألوالد تايمة المنتمي لقطاع الضخ العصري الخاص يعاني من مشكلة نضوب مياه الفرشة الجوفية‬
‫التي أصبحت تهدد مساحته بالتراجع‪ ،‬كما هو األمر بالنسبة لقطاع الكردان و هذا كله نتيجة استنزاف الفرشة المائية‬
‫الجوفية‪.‬‬

‫"يوازي تطور القطاع الفالحي بحوض سوس ماسة االستغالل المفرط للفرشات المائية الذي أدى إلى انخفاض مستوى‬
‫الماء و ساهم في ارتفاع كلفة الجلب بسبب تعميق األبار و توالي سنوات الجفاف كل هذه الظروف دفعت ببعض صغار‬
‫الفالحين إلى التخلي عن ضيعاتهم‪ ،‬وانخفاض مستمر لمستوى الفرشات المائية مما شكل عجزا في تعبئتها حتى تحقق‬
‫توازنا مع مايتم ضخه من المياه‪ ،‬و النشاط الفالحي المكثف بعد توسيع المساحات السقوية و تبدير كبير في استعمال‬
‫الموارد المائية و استفحال ظاهرة تلوت المياه‪.‬‬

‫هذه الوضعية التي تعيش عليها المنطقة عجلت بإعالن جهة سوس ماسة درعة كمنطقة منكوبة تحتاج إلى تدخل عاجل‬
‫من الدولة إلنقاذ الفالحة و المواطنين ‪ .‬أمام هذا الضغط المتزايد في الطلب على الماء و اإلستعمال المفرط لهذه الثروة‬
‫و كذا تزايد المساحات الفالحية المسقية سيعرف حوض سوس عموما قافلة تحسيسية بأهمية ترشيد استعمال المياه في‬
‫القطاع الفالحي ومن بين النقط التحسيسية التي ستهتم بها قافلة الماء هي خلق حوار جدي حول جدوى ترشيد استعمال‬
‫المياه السقوية التي تستفيد منها أراضي فالحية تقدر مساحتها ب ‪ 30‬ألف هكتار باإلضافة إلى تركيز مجهودات إقتصاد‬
‫الماء في المناطق التي تعتبر فيها المياه الجوفية أكثر هشاشة و فتح باب اإلستفادة لجميع الفالحين في مجال السقي‬
‫لإلستفادة من دعم يتراوح بين ‪ 60‬إلى ‪ 100‬بالمئة من تكلفة السقي بتقنية التنقيط‪ ،‬وإعتماد المزروعات ذات المردودية‬
‫اإلقتصادية العالية و األقل استهالكا للماء‪ ،‬و كذا منع عملية خلق مساحات سقوية جديدة و في هذا اإلطار سيتم تحويل‬
‫‪ 50000‬هكتارمن أنظمة سقي تقليدية إلى أنظمة سقي عصرية بالتنقيط في الفترة من ‪ 2007‬إلى ‪ 2012‬مع تبسيط‬
‫المساطر و تقليص الوثائق المطلوبة كاعتماد شباك واحد و موحد و بحث علمي و حيد للحفر و الجلب معا‪ .‬و من أجل‬
‫تحقيق أهداف هذه القافلة يستوجب امتالك جميع المتدخلين لوعي شامل بضرورة المساهمة الفعلية إلنجاح استراتيجية‬
‫الحفاظ على الموارد المائية الجوفية‪ ،‬و إيقاف حفر اآلبار الجديدة دون دراسات و متابعة برامج التغدية اإلصطناعية‬
‫للفرشة المائية و إشراك الجميع في اتخاذ القرارات من فالحين و شركات انتاج و الجهات الرسمية المسؤولة و هذه‬
‫الحملة التحسيسية امتد برنامجها من ‪ 10‬نونبر إلى غاية ‪ 6‬دجنبر ‪ 2007‬وقد عرفت انطالقتها بسبت الكردان يوم ‪ 10‬و‬
‫‪ 11‬نونبر‪ .‬كما زارت القافلة كل من أوالد تايمة يومي ‪ 14‬و ‪ 15‬و مدينة تارودانت يومي ‪ 17‬و ‪ 18‬ومنطقة أوالد‬
‫برحيل كمحطة رابعة على مستوى اقليم تارودانت‪...‬‬
‫كما ستواكب هذه القافلة حمالت تحسيسية نوعية ووصالت تعريفية عبر اإلذاعة و التلفزة والجرائد الجهوية و‬
‫الوطنية‪".‬‬
‫المصدر‪ :‬مقال ابراهيم فاضل‪ ،‬أوالد برحيل نشر في جريدة أسيف يوم ‪2007-11-21‬‬

‫ب‪ -‬الصنــاعـــة ‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫يعد الماء عنصر أساس في الصناعات ومواصفات المياه المستخدمة صناعيا ً تختلف بشكل كبير من صناعة الى اخرى‬
‫اعتمادا ً على نوع الصناعة ودور المياه فيها فكل صناعة لها اعتباراتها الخاصة في اختيار نوعية المياه المستخدمة فيها‬
‫حيث أن للماء خاصيات متعددة‪ .‬فالصناعة تستفيد من الماء كقوة تحريك‪ ،‬وكعنصر منظم للحرارة‪ ،‬وكمادة أولية تدخل‬
‫في تركيب المنتجات‪ ،‬وكعنصر لغسل المواد األولية وتنظيف اآل ليات وحفظ صحة العمال ومحالت اإلنتاج‪ ،‬كما‬
‫يستعمل لسحب النفايات‪ ،‬وكوسيلة نقل غير مكلفة‪ ،‬وتبقى الئحة اإلستعماالت الصناعية للماء طويلة و مفتوحة‪...‬‬

‫بالرغم من أن المنطقة تعتبـررائدة في مجال اإلنتاج الفالحي‪ ،‬فإن اإلنتاج الصناعي يبقى جد متواضع‪ .‬اللهم ان استثنينا‬
‫بعض الوحدات الصناعية المختصة في الصناعة التحويلية الفالحية الغذائية‪ .‬كالتعاونية الفالحية كوباك التي تستفيد من‬
‫الماء كعنصر منظم للحرارة‪ ،‬وكعنصر لغسل المواد األولية وتنظيف اآل ليات‪ ،‬كما يستعمل لسحب النفايات‪ ،‬حيث يكون‬
‫استهالك المياه في أعلى معدالته ‪...‬‬

‫باإلضافة إلى بعض الصناعات والحرف التقليدية كصناعة الجلود بالمدابغ حيث يتباين استهالك المياه في العمليات‪،‬‬
‫ومن ثم تدفقات المياه المستعملة‪ ،‬تباينا ً شديدا ً بين المدابغ وفقا للعمليات المطبقة والمواد الخام والمنتجات‪ .‬وبصفة‬
‫عامة‪ ،‬يكون استهالك المياه في أعلى معدالته في المناطق التي تجرى بها عمليات الدباغة األولية‪ ،‬وتستهلك آذلك‬
‫كميات كبيرة من المياه في عمليات ما بعد الدباغة لذلك تم اقتراح مجموعة من الحلول للحد من استهالك المياه ‪:‬‬
‫‪ -‬الحد من استهالك المياه من خالل إعادة تدوير تدفقات العمليات المعتمدة على الماء الجاري‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام عمليات الغسيل "الدفعية“ بدال من العمليات‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام عم ليات التعويم القصيرة (على سبيل المثال محتوى مائي منخفض) في دورة الدباغة (مثل التعويم باستخدام من ‪20‬‬
‫إلى ‪ 40‬في المائة من المياه فيما يتعلق بعمليات التعويم العادية) حيث يتيح ذلك توفير المياه بنسبة تصل إلى ‪ 70‬في المائة‪...‬‬

‫ج‪ -‬السياحة ‪:‬‬


‫يعتبر القطاع السياحي ركيزة أساسية في اقتصاد المنطقة‪ ،‬و يشكل مصدرا هاما للعملة الصعبة و محركا لتنشيط عدة‬
‫قطاعات‪ ،‬كما يساهم في توفير فرص الشغل‪ .‬وتتصدرالفنادق و مالعب الغولف و المساحات الخضراء والمسابح‬
‫واألحواض المائية مختلف األنشطة السياحية المستهلكة للمياه‪ ،‬فالماء إذا يشكل مادة أولية بالنسبة للنشاط السياحي ‪.‬‬

‫فالنشاط السياحي يستنزف بشكل كبير الموارد المائية خصوصا المياة العذبة‪ ،‬وال يرتبط هذا اإلستنزاف بتوسع رقعة‬
‫المجال السياحي وتزايد عدد الوافدين فقط‪ ،‬وإنما أيضا بطبيعة هؤالء الوافدين و بعاداتهم اإلستهالكية التي تختلف عن‬
‫عادات السكان المحليين‪ ،‬وبمتطلباتهم المائية العالية‪.‬‬
‫لدى أصبح من الضروري التفكير بشكل جدي في ضرورة إعادة النظر في السياسة المتبعة اتجاه تدبير الموارد والمائية‬
‫بالقطاع السياحي واإلسراع في تبني إستراتيجية جديدة تهدف إلى تدبير وترشيد معقلن للموارد المائية المستعملة في هذا‬
‫القطاع‪...‬‬

‫خاتمة‬
‫يتضح من خالل كل ما قيل حول الموارد المائية بإقليم تارودانت أن هذا األخيدر يتدوفر علدى مدوارد مائيدة ال بداس بهدا‪،‬‬
‫سواء منها السطحية أو الباطنية‪ .‬إال أنها تعاني جملة من المشاكل التي تعد عائقا أمام تثمينها و حمايتها‪ ،‬لدى أصدبح مدن‬
‫الضروري التفكير بشكل جدي في ضرورة إعادة النظر في السياسة المتبعة اتجاه تدبير الموارد والمائيدة واإلسدراع فدي‬
‫تبني إستراتيجية جديدة تهدف إلى تددبير وترشديد معقلدن للمدوارد المائيدة حتدى نضدمن اسدتمراريتها بهددف تحقيدق تنميدة‬
‫مستدامة لها‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫خاتمة البحث ‪:‬‬
‫خالصة القول أن إشكالية الماء في سوس تتمثل أساسا في قلة مصادر المياه و التبذير والتدبير غير المعقلن‬
‫للماء من قبل مستعمليه واالستغالل المفرط للطبقات الجوفية‪ ،‬إذ بالرغم من أن الجهة تتوفر على موارد مائية مهمة‬
‫وتوجد فيها طبقات مائية جوفية تعد من أهم الخزانات المائية الجوفية في الجنوب‪ ،‬والطبقة المائية لسوس التي‬
‫يجري تدبيرها من طرف وكالة الحوض المائي لسوس ماسة‪ ،‬ورغم وجود سدود مائية مهمة‪ ،‬إال أن هذه الموارد‬
‫الطبيعية تواجه تحديات كبرى يرجع بعضها إلى اعتماد المنطقة على النشاط الفالحي واتساع الفالحة العصرية‬
‫المسقية بها‪ ،‬ومنها ما يرجع إلى إكراهات الطبيعة والمجتمع من جفاف ونمو ديموغرافي وتلوث‪ ،...‬و يعود البعض‬
‫اآلخر منها إلى قصور في السياسات التدبيرية للماء‪.‬‬

‫وتشير إحصائيات الوكالة إلى أن ‪ 95 %‬من الحجم اإلجمالي للموارد المائية يستعمل للفالحة‪ ،‬وأن ‪ 5%‬يستعمل‬
‫كماء صالح للشرب والصناعة‪ ،‬ما يعني أن تزايد النشاط الفالحي سيكون له تأثير سلبي وخطير على الموارد‬
‫المائية‪ ،‬ما لم تواجه المشاكل التي تهدد هذه الثروة‪ ،‬وفي مقدمتها محدودية الموارد المائية التي تتوفر عليها الطبقات‬
‫المائية الجوفية لسوس‪ ،‬واالستهالك المفرط للمياه الجوفية والسطحية مع غياب تدبير معقلن لهذا المورد الحيوي في‬
‫المنطقة‪ ،‬فضال عن التلوث الذي تتعرض له الموارد المائية‪ ،‬والحفر العشوائي لآلبار دون مراعاة ما ينتج عن ذلك‬
‫من استنزاف خطير للماء‪ ،‬في غياب تدبير رشيد لعمليات السقي‪.‬‬

‫من خالل دراستنا ألهم المراحل التي مر منها اإلعداد الهيدروفالحي بسهل سوس تحديدا إقليم تارودانت وخاصة‬
‫التدبير المائي للموارد المائية‪ ،‬وبعد وقوفنا على أهم السياسات المتخذة لتحقيق استغالل مائي معقلن وأمثل بسهل‬
‫سوس يتضح أن الدولة اتخذت مجموعة من التدابير واإلجراءات لضمان استمرار عطاء هذه الموارد التي أصبحت‬
‫تتسم بالندرة نظرا لتزايد الحاجيات المائية والمساحات المسقية‪ .‬وقد قامت مختلف السياسات المتخذة على عنصرين‬
‫أساسيين هما ‪:‬‬

‫تعبئة المياه الجوفية ‪ :‬إن المتتبع لعملية الضخ بسهل سوس سيالحظ بأن هذا األخير عرف تطورا كبيرا في‬
‫حجم المياه الجوفية المستغلة في ظرف زمني وجيز‪ .‬ففي ظرف نصف قرن منذ تدشين سلطات الحماية لعمليات‬
‫الضخ والى حدود بداية التسعينيات من القرن الماضي كانت الفرشة المائية الجوفية قد استنزفت بشكل كبير‬
‫وأصبحت تعاني من عجز مائي يقدر بحوالي ‪230‬م م‪ .3‬وهذا دليل على قوة النشاط الفالحي بهذه المنطقة التي‬
‫أصبحت أولى المناطق إنتاجا لألنواع الزراعية على المستوى الوطني‪.‬‬

‫تعبئة الموارد المائية السطحية ‪ :‬بدأت هذه العملية عبر انجاز مجموعة من السدود الكبيرة والمتوسطة بحوض‬
‫سوس‪ ،‬باإلضافة إلى انجاز السدود التلية الصغيرة‪ .‬وقد عرف الحوض انطالقة لهده التعبئة بشكل كبير مع بداية‬
‫التسعينات‪ ،‬وقد نهجت الدولة هذا الخيار بعد أن أصبحت المياه الجوفية تعرف عجزا كبيرا في موازنتها المائية‬

‫‪58‬‬
‫نظرا لكون المشاريع الفالحية المنجزة بهذا المجال قا اعتمدت على الفرشة المائية بشكل أساسي منذ انطالقتها‬
‫وذلك عبر تكثيف الضخ اآللي للمياه الباطنية‪.‬‬

‫غير أن هذه ال تدابير المتخذة وان كانت قد حققت نتائج ال بأس بها فإنها تحتاج إلى آليات للتنفيذ والمراقبة لضمان‬
‫نجاحها‪ ،‬وذلك عبر أخذ مجموعة من األمور بعين االعتبار قبل انجاز أي مشروع فالحي منها ‪:‬‬

‫‪ -‬القيام بدراسات وقع مشاريع التنمية الفالحية على العناصر البيئية والسيما على الموارد المائية لكون سهل‬
‫سوس يتميز بالهشاشة الكبيرة في مختلف مكوناته الطبيعية‪ ،‬واألخذ بعين االعتبار نتائج هذه الدراسات أثناء‬
‫وضع أي مشروع تنموي‪.‬‬

‫‪ -‬تمكين الفالحين الصغار من مختلف المساعدات المادية والتقنية والتوجيهية الممكنة قبل تطبيق أي إجراءات‬
‫قانونية‪ ،‬لضمان توزيع عادل للماء الفالحي الذي ظل أساس التنمية االجتماعية واالقتصادية بالمنطقة‪ ،‬بين‬
‫مختلف المحيطات الفالحية‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة انجاز مشاريع سقوية كبرى لتزويد سهل سوس بالمياه الالزمة لمساحته المزروعة‪ ،‬ويتعلق األمر هنا‬
‫بمشروع التضامن المائي بين األحواض الهيدرولوجية‪ ،‬حيث يتم نقل المياه عبر قنوات جوفية من أحواض‬
‫الفائض المائي نحو األحواض التي تعرف عجزا مائيا‪ .‬ولعل هذا اإلجراء أنجع وسيلة لتجاوز األزمات المائية‬
‫التي أصبحت تعرفها السهول المغربية الجنوبية السيما إذا كانت تحتضن مشاريع زراعية مسقية كبيرة مثل‬
‫سهل سوس‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن سهل الحوز المجاور لسهل سوس من جهة الشمال مثال على األحواض المائية التي تتوفر‬
‫على موارد مائية مهمة قابلة للنقل نحو سهل هش كسهل سوس والدائرة السقوية العصرية بورزازات‪...‬‬

‫‪59‬‬
‫تصميم البحث‪:‬‬
‫تقديم عام‪:‬‬
‫إشكالية البحث‬ ‫‪.I‬‬
‫أسباب اختيار منطقة تارودانت كمجال للدراسة‬ ‫‪.II‬‬
‫أهداف البحث‬ ‫‪.III‬‬
‫منهجية البحث‬ ‫‪.IV‬‬
‫صعوبات البحث‬ ‫‪.V‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الموارد والمؤهالت الهيدروفالحية إلقليم تارودانت‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬حالة الموارد المائية بإقليم تارودانت‬
‫‪ )1‬الموارد المائية الجوفية‬
‫‪ )2‬الموارد المائية السطحية‬
‫المحور الثاني‪ :‬العناصر الطبيعية المتحكمة في الموارد المائية‬
‫‪ )1‬البنية الجيولوجية‬
‫‪ )2‬البناء الجيولوجي للمجال المدروس‬
‫‪ )3‬المرال الكبرى لتطور بنية حوض سوس الجيولوجية‬
‫‪ )4‬الوحدات المرفوبنيوية الكبرى لحوض سوس‬
‫‪ )5‬الغالف الترابي لحوض سوس‬
‫‪ )6‬المناخ‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬التهيئة الهيدروفالحية ومستوى التنمية المحلية‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬سياسة الدولة في تهيئة الحوض المائي بسهل سوس خاصة إقليم تارودانت‬
‫‪ )1‬اإلعداد المائي القديم‬
‫‪ )2‬اإلعداد المائي الموجه‬

‫‪60‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬طرق واستغالل الماء في المجال الفالحي بمنطقة تارودانت‬
‫‪ )1‬الطرق التقليدية‬
‫‪ )2‬الطرق العصرية‬
‫المحور الثالث‪ :‬توزيع الغطاء النباتي وارتباطه بالمجاري المائية بالمنطقة‬
‫‪ )1‬أنواع الغطاء النباتي‬
‫‪ )2‬توزيع الغطاء النباتي‬
‫خاتمة‬
‫الفصل الثالث‪ :‬المشاكل و العراقيل المرتبطة بتدبير المياه وآفاق التهيئة الهيدروفالحية‬
‫مقدمة‬
‫المحور األول‪ :‬الموارد المائية بين تردد الجفاف واالستغالل المفرط‬
‫‪ )1‬مشكل الجفاف‬
‫‪ )2‬التغيرات المناخية‬
‫‪ )3‬االستغالل المفرط‬
‫المحور الثاني‪ :‬تلوث المياه ومعالجة المستعملة‬
‫‪ )1‬التلوث‬
‫‪ )2‬معالجة المياه المستعملة‬
‫المحور الثالث‪ :‬الماء بين تزايد الحاجيات وضعف الموارد‬
‫‪ )1‬تزايد النمو الديمغرافي‬
‫‪ )2‬التمدين السريع‬
‫‪ )3‬تزايد الطلب من طرف القطاعات المستهلكة‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة البحث‬

‫‪61‬‬
‫المراجـــع‪:‬‬
‫‪ ‬الحسن المحداد "الماء و اإلنسان بحوض سوس إسهام في دراسة نظام مائي مغربي"‪ ،‬نشر‬

‫مركز ابن تومرت للدراسات والنشر و التوثيق أكادير‪ ،‬جامعة ابن زهر كلية اآلداب و العلوم‬

‫اإلنسانية – ‪.20013‬‬

‫‪ ‬محمد بوشلاة أرياف سوس ماسة‪ ،‬الجزء األول و الثاني التحوالت الحديثة والديناميات‬

‫السوسيومجالية – ‪.2007‬‬

‫‪ ‬وكالة الحوض المائي سوس ماسة و درعة‪.‬‬

‫‪ ‬المكتب الجهوي لالستثمار الفالحي‪.‬‬

‫‪ ‬المديرية اإلقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بتارودانت‪.‬‬

‫‪ ‬الماء و التنمية الفالحية بعالية سهل سوس حال قطاع المحازم (تارودانت) بحث لنيل شهادة‬

‫الماستر‪ ،‬محمد الجغاوي – ‪.2011‬‬

‫‪ ‬الماء و التحوالت السوسيومجالية بسوس األوسط نموذج قطاع الكردان‪ ،‬بحث لنيل دبلوم‬

‫الدراسات العليا‪ ،‬العياشي كركر ‪.2007‬‬

‫‪ ‬التدبير المائي والتهيئة بحوض سوس توجهاته‪ ،‬مجاالته مع دراسة نموذج قطاع الكردان‬

‫الفالحي‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا عبد الحفيظ براير ‪.2000‬‬

‫‪ ‬عالقة تدبير الموارد المائية بالفالحة بالمجاالت المسقية حالة 'حوض سوس’‬

‫‪62‬‬

You might also like