You are on page 1of 86

‫تنويو ىاـ‪:‬‬

‫أحداث زفاؼ حيدر وحسن حدثت قبل‬


‫غساف أبسبوع‬
‫زفاؼ ّ‬
‫الفصل السابع عشر‬

‫ال يعلم ِِلَ ال ينفك يف ّكر بكل ما حدث لو‬

‫مع عود الباشا!‬

‫غض‬
‫يتذ ّكر كل حملة منها على الرغم أنو ّ‬
‫البصر عنها ما إف استيقظت ولكنو حفظ‬

‫كل حملة منها ابلوقت القصَت الذي كاف‬

‫‪1‬‬
‫يطمئن عليها فيو وىذا ِل حيدث لو قبال‬

‫فحىت ريفاؿ ِل تلفت نظره من البداية‪,‬‬

‫فقط بضع مقابالت ومواقف معها صدفة‬

‫ىي ما لفتت نظره إليها وإف شعر بقرارة‬

‫نفسو أهنا ال تناسبو فهي جريئة ابلنسبة دلا‬

‫يريده يف زوجتو ادلستقبلية إال أنو مجاذلا‬

‫ساحرا وخيطف البصر‪..‬‬

‫استغفر هللا وىو يذ ّكر نفسو أنو ما عاد‬

‫يصلح لو حىت التفكَت فيها فهي ملك‬

‫‪2‬‬
‫لسواه وشلا مسعو فهما على ما يراـ مع‬

‫بعضهما وحىت إف ِل تكن على ما يراـ معو‬

‫فهي ِل تعد تصلح لو أبدا‪.‬‬

‫شرد للحظات وىو يتذكر عينيها الناعستُت‬


‫اللتُت نظرات لو بقلق يف البداية مث ٍ‬
‫بتحد بعد‬

‫ذلك ما إف المها على احلادث فارتسمت‬

‫ابتسامة عفوية على شفتيو وىو يتابع تذ ّكر‬

‫كل حملة منها وخاصة خصالهتا الفحمية‬

‫الناعمة اليت تسللت من أسفل قلنسوهتا‬

‫‪3‬‬
‫لتلمس وجنتها الناعمة الرقيقة واليت للحظة‬

‫بسط كفو ليلمسها وكأنو أراد أف يتأكد من‬

‫نعومتها الظاىرة إال أنو عاد لصوابو بلحظة‬

‫وقبض كفو وىو يصيح هبا حىت يفيق من‬

‫أتثَتىا اللحظي عليو‪..‬‬

‫زفر بقوة وىو حياوؿ إشاحتها من تفكَته إال‬

‫أف عينيها احلزينتُت من توبيخ والدىا ال َقلِق‬

‫جعلتا إزالتها من تفكَته أمرا صعبا للغاية‬

‫فاحلناف الذي تدفّق داخلو ذباىها وقتها‬

‫‪4‬‬
‫والدعم الذي أراد أف يساندىا بو واحلميّة‬

‫اليت شعر هبا ذباىها وقتها كل ذلك جعلو‬

‫يتوؽ ليجعلها حاللو حىت يستطيع م ّدىا دبا‬

‫يريده دوف أف يقف أي عائق بينهما‪..‬‬

‫اتّسعت عيناه شلا قاده إليو تفكَته وىو‬

‫موخبا (أستتزوج فتاة فقط حىت‬


‫يهتف بنفسو ّ‬
‫أنت حىت ال تعرؼ أي‬
‫ربنو عليها وربميها؟! َ‬
‫معك؟)‬
‫شيء عنها اي ليث‪..‬ماذا حيدث َ‬
‫"أتوؽ ألعلم ِِبَ تف ّكر بكل ىذا العمق‬

‫‪5‬‬
‫وجهك اي رجل"‬
‫َ‬ ‫والشرود ادلرتسم على‬

‫قاذلا قتادة وىو يقًتب منو مع داغر فابتسم‬

‫ذلما ابختصار وِل يعلّق فغمزه داغر قائال‪:‬‬

‫"يبدو أنو سيكوف ىناؾ عرس آخر قريب"‬

‫"وما ىو العرس األوؿ؟"‬

‫سألو ليث بدىشة فأجابو داغر ببساطة‪:‬‬

‫"عرسي وعرس قتادة ولو أف قتادة عليو‬

‫االنتظار أكثر مٍت قليال"‬

‫أنك حقا تف ّكر ابلزواج؟"‬


‫"أىذا معناه َ‬

‫‪6‬‬
‫سألو قتادة دبكر فابتسم ليث وىو يقوؿ‪:‬‬

‫"وِِلَ ال؟ لقد وقعتم مجيعا ابلفخ أسأكوف‬

‫دبفردي عازاب؟!"‬

‫"واي لو من فخ!"‬

‫يتنهد بقوة فضحكا عليو‬


‫قاؿ داغر وىو ّ‬
‫قتادة‪":‬ومن ىي‬
‫َ‬ ‫ولدي عميو قبل أف يسأؿ‬

‫سعيدة احلظ اي ليث؟ أىي من القبيلة؟"‬

‫"كال‪ ,‬من قبيلة الباشا"‬

‫قاذلا ليث ببساطة فاتّسعت عينامها بصدمة‬

‫‪7‬‬
‫قبل أف يبتسم داغر ساخرا وىو يقوؿ‪:‬‬

‫"يبدو أف أيب لديو حق‪ ,‬لقد استولت قبيلة‬

‫الباشا على فتياتنا ورجالنا معا"‬

‫ساد ادلرح بينهم قبل أف يناديهم دايب‬

‫ليكونوا مع العريسُت حسن وحيدر‪.‬‬

‫***‬
‫شعرت ابالختناؽ ابلزفاؼ خاصة عندما‬

‫رأت اىتماـ زوجة عمها انصر بغزؿ عروسة‬

‫ابنها عمراف فخرجت للحديقة الداخلية‬

‫‪8‬‬
‫واليت يقع اجمللس أمامها مباشرة وىي‬

‫مطمئنة أهنا لن تقابل أي شاب هبذه اجلهة‬

‫هبذا الوقت من الزفاؼ‪..‬‬

‫ىي ال تكره غزؿ بل تَغبِطها فقط وتتساءؿ‬

‫ِِلَ ال يريدىا أي فرد من أفراد قبيلتها؟!‬

‫أىي قبيحة؟ أـ أف األمر متعلّق ابلتعليم؟‬

‫أجل ىي ِل تكمل دراستها لعدـ رغبتها‬

‫بذلك فهي ربب العمل ادلنزيل وتبدع فيو‬

‫وربب التطريز أيضا حىت أهنا أخربت والدهتا‬

‫‪9‬‬
‫أهنا تريد كلية ذلا عالقة ابألعماؿ ادلنزلية‬

‫ولكنها لألسف ال تقع ابدلدينة القريبة منهم‬

‫ورفض والدىا أف تذىب دبفردىا بعيدا عنهم‬

‫لذا اختارت اجللوس ابدلنزؿ والتعلّم عرب‬

‫االنًتنت وقد برعت كثَتا بكل ما تعلّمتو‬

‫ولكن يبدو أف ىذا ال يكفي الدكتور عمراف‬


‫أما غساف فهو حيب أختها منذ ِ‬
‫الصغَر‬ ‫ّ‬
‫وما حيزهنا مشاعر أختها السلبية ذباىو‬

‫واليت ال تعلم ما سببها؟!‬

‫‪11‬‬
‫زفرت بضيق ومهّت ابلدخوؿ مرة أخرى‬

‫وىي رباوؿ رسم ابتسامة رلاملة على شفتيها‬

‫لتقابل هبا نظرات النساء وِل تعلم أف ىناؾ‬

‫َمن طلبها من والدىا ابلفعل ورغم شعوره‬

‫بتسرعو إال أف مشاعره الغريبة ذباىها جعلتو‬


‫ّ‬
‫وأصر عليو أف‬
‫يسرع بذلك فأخرب والده ّ‬
‫يفاتح والدىا بزفاؼ حسن وحيدر‪.‬‬

‫***‬
‫سبلمل دبكانو وىو ينظر لوالده كل برىة‬

‫‪11‬‬
‫ووالده يشيح ببصره وىو يعرؼ سباـ ادلعرفة‬

‫أنو ينتظر إشارة منو على أنو ح ّدث اجلالس‬

‫جواره عن ابنتو وزواجو منها وال يعلم َِِل‬

‫يشاكسو والده هبذه الطريقة ادلثَتة للغيظ‪.‬‬

‫بك اي رجل؟ تكاد تنقض‬


‫"اىدأ اي ليث‪ ,‬ما َ‬
‫على الرجل لتسألو الزواج من ابنتو‪..‬‬

‫مىت رأيتها من األساس حىت تكوف ملهوفا‬

‫ىكذا عليها؟"‬

‫سألو داغر خبفوت وىو يضحك فرمقو ليث‬

‫‪12‬‬
‫بنظرة انرية جعلت ضحكتو تصدح عاليا‬

‫وىو يقوؿ‪":‬اي إذلي! ماذا قلت حىت تقتلٍت‬

‫بنَتاف نظراتك ىكذا؟! آه من احلب‬

‫وعذابو"‬

‫شاكسو داغر فلكزه قتادة وىو يضحك‬

‫قائال‪":‬احذر اي ابن العم‪ ,‬سينقض الليث‬

‫عليك اآلف وستكوف العواقب وخيمة"‬


‫َ‬
‫"أمن ادلفًتض أف أضحك؟ ألنٍت ال أجد‬

‫أاي منكما مضحكا هبذه اللحظة"‬

‫‪13‬‬
‫قاذلا ليث من بُت أسنانو بينما عقلو يدور‬

‫كادلرجل‪ِِ ..‬لَ ىو متوترا ىكذا حقا؟‬

‫أكل ىذا ألنو طلب فتاة ِل يرىا سوى مرة‬

‫واحدة وىو ِل يكن أبدا هبذا التهور‪..‬‬

‫أجل مسع من غزؿ الكثَت عنها وعن‬

‫أخالقها وبراعتها ابألعماؿ ادلنزلية ورفضها‬

‫تتفرغ دلا رببو وهتواه‪..‬‬


‫إسباـ دراستها حىت ّ‬
‫وأجل كل ما مسعو عنها جعلو يعلم أهنا ىي‬

‫َمن تنطبق عليها مواصفات الزوجة‬

‫‪14‬‬
‫ادلمستقبلية ادلناسبة لو إال أف كل ىذا‬

‫يفسر أبدا توتره وذلفتو اآلف!‬


‫ال ّ‬
‫زفر مرة أخرى ليشاكسو دايب ىذه ادلرة‪:‬‬

‫ابلك اي أسدان؟ ستحرقنا مجيعا هبذه‬


‫"ما َ‬
‫التنهدات‪ ..‬اىدأ قليال"‬
‫ّ‬
‫هنض ليث فجأة وغادر ادلكاف وىو يهاتف‬

‫غزؿ أختو حىت تقابلو ابحلديقة ليطلب منها‬

‫مطلبا‪ ..‬أجل ال يستطيع أف جيلس ىادائ‬

‫وىو ال يعرؼ ردىا على طلبو الزواج منها‬

‫‪15‬‬
‫ِل ترد غزؿ عليو شلا جعل أعصابو تشتعل‬

‫أكثر إال أنو تفاجأ عندما وجد عود الباشا‬

‫أماـ عينيو ابحلديقة ويبدو أهنا ىربت من‬

‫الضوضاء مثلو إف ِل يكن من شيء آخر‬

‫ضايقها‪.‬‬

‫وجد نفسو يقًتب منها وىو يقوؿ‪:‬‬


‫ِ‬
‫قدمك اآلف؟"‬ ‫"مرحبا عود‪ ,‬كيف حاؿ‬

‫انتفضت عود حادلا رأتو أمامها قبل أف‬

‫تسمعو حي ّدثها فأجابت خبجل‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫لك"‬
‫"خبَت شكرا َ‬
‫مهّت ابلرحيل إال أنو وقف أمامها بتهور‬

‫ليس من شيمتو وىو يقوؿ‪":‬ىل تتزوجيٍت؟"‬

‫ذبمدت مكاهنا بصدمة وىي ترمقو بذىوؿ‬


‫ّ‬
‫قبل أف تقوؿ‪":‬ىل سبزح معي؟"‬

‫"وىل ىذه األمور هبا مزاح؟ عندما تعرفيٍت‬

‫جيدا ستعرفُت أنٍت ال أمزح ابألمور اجل ّدية‬


‫طلبتك من ِ‬
‫والدؾ ولكٍت أريد‬ ‫ِ‬ ‫أبدا‪ ..‬أان‬
‫معرفة ر ِ‬
‫أيك بكل صراحة"‬

‫‪17‬‬
‫صمتت ال تعرؼ ماذا زبربه؟!‬

‫أزبربه أهنا منذ حلظات كانت تشعر أهنا‬

‫منبوذة وغَت مرغوبة من قبيلتها واآلف تشعر‬

‫بسعادة غريبة أف رجال مثلو يريدىا زوجة لو‬

‫على الرغم أهنا ال تعرؼ السبب!‬

‫فهو ِل يرىا سوى مرة واحدة وكاان يتجادالف‬

‫هبا فما الذي جعلو يريد الزواج منها؟!‬

‫"دلاذا؟"‬

‫سألتو خبفوت فأدرؾ أهنا تسألو عن السبب‬

‫‪18‬‬
‫الذي جعلو يريد الزواج منها فأجاهبا‬
‫بصراحة‪":‬ألف كل ما عرفتو ِ‬
‫عنك جعلٍت‬
‫أعرؼ ِ‬
‫أنك الفتاة اليت أريدىا زوجة يل‪..‬‬

‫فتاة عاقلة وىادئة‪ ..‬أخالقها رائعة‪ ,‬مبدعة‬

‫وفوؽ كل ىذا مجيلة"‬

‫توردت وجنتيها ِبفعل مدحو ذلا إال أهنا ِل‬


‫ّ‬
‫تستطع إال أف تتمٌت لو مسعت كلمة حب‬

‫حبديثو ولكنها أيضا تدرؾ أهنا ِل تكن‬

‫لتصدقو وىو الذي ِل يرىا سوى مرة واحدة‬

‫‪19‬‬
‫لذا ِل ذبد سوى أف زبربه‪:‬‬

‫"انتظر الرد من أيب"‬

‫وغادرت بعد أف رمست ابتسامة كبَتة على‬

‫وجهو العابس أخَتا‪.‬‬

‫***‬
‫واقفة يف احلديقة الداخلية أماـ رللس‬

‫النساء تتحدث يف اذلاتف وقد تدثّرت‬

‫ابلعباءة حىت ال يغضب داغر‪..‬‬

‫أهنت حديثها وىي تبتسم حادلا الح خبياذلا‬

‫‪21‬‬
‫وسبنّت لو رأتو يف ىذه اللحظة‪ ,‬ال تعلم َِِل‬

‫تشتاؽ لرؤيتو إىل ىذا احلد‪ ,‬منذ علمت أنو‬

‫ادث والدىا حاؿ وصولو وِل يطق صربا‬


‫َح َ‬
‫حىت يسًتيح من عناء السفر وىي تشعر‬

‫بلهفتو بقلبها وحبو ديأل عليها كياهنا وىي‬

‫تتأكد أهنا ِل تعرؼ احلب يوما وأف مشاعرىا‬

‫ذباه ساىد ما ىي إال تعلّق مراىقة محقاء‬

‫ال تعرؼ معٌت احلب‪.‬‬


‫"كيف ِ‬
‫حالك آفيندار؟"‬

‫‪21‬‬
‫أخرجها من أفكارىا صوت ساىد الذي ال‬

‫تعلم مىت جاء من األساس ورغم ظنّها أهنا‬

‫قد ترتبك حبضرتو إال أف مشاعرىا هبذه‬

‫اللحظة ِل تتع ّد مشاعر فتاة ذباه أخ ذلا‪..‬‬

‫أنت؟"‬
‫"خبَت ساىد‪ ,‬كيف حالك َ‬
‫أجابتو آفيندار هبدوء ليجيبها ابرتباؾ من‬

‫ىدوئها غَت ادلعتاد ابلنسبة لو‪:‬‬


‫"خبَت شكرا ِ‬
‫لك"‬

‫توجو اىتمامها‬
‫أومأت لو دوف اىتماـ وىي ّ‬

‫‪22‬‬
‫ذلاتفها مرة أخرى فازداد ارتباؾ ساىد أماـ‬

‫آفيندار بنسختها اجلديدة الواثقة بنفسها‬

‫ليحاوؿ القوؿ "أان آسف على‪"....‬‬

‫قاطعتو آفيندار دوف اىتماـ‪:‬‬

‫أنت أخي ولست غاضبة‬


‫"ال عليك ساىد‪َ ,‬‬
‫منك على أي شيء"‬
‫َ‬
‫ىم ابلتحدث إال أف مالزلها اليت أشرقت‬
‫ّ‬
‫فجأة بسعادة شلتزجة خبجل وىي تنظر خلف‬

‫ظهره جعلتو يستدير ليجد داغر يقف‬

‫‪23‬‬
‫دبالمح غامضة وىو يسألو‪:‬‬

‫"ىل ضللت الطريق اي ابن العم؟"‬

‫"يبدو ىكذا داغر"‬

‫قاذلا ساىد وىو يشعر ابلراحة أف ابنة عمو‬

‫أنيس قلبها أخَتا وإشراقها وثقتها‬


‫َ‬ ‫وجدت‬

‫اللذين رآمها أعلماه أف اختيارىا ىذه ادلرة‬

‫اختيار صائب‪.‬‬

‫أما آفيندار ما إف رأت داغر حىت اقًتبت‬

‫منو وىي هتمس لو‪":‬دلاذا أتخرت؟"‬

‫‪24‬‬
‫رغما عنو ابتسم وىو ينظر ذلا‪ ..‬فاتنة ورقيقة‬

‫زبطف القلب والعقل بعفويتها وىشاشتها‬

‫وأكثر ما أسعده ابستقباذلا ىو عدـ اىتمامها‬

‫إبظهار أهنا زبصو أماـ أي أحد بل تثبت‬

‫ملكيتو ذلا دوف ارتباؾ أو قلق‪.‬‬


‫"ىل ِ‬
‫كنت تنتظريٍت؟"‬

‫شاكسها داغر بقولو فابتسمت خبجل وىي‬

‫تومئ برأسها فسأذلا عن السبب فقالت‬

‫لك"‬
‫َ‬ ‫ل‪":‬اشتقت‬ ‫ِ‬
‫ج‬ ‫خبفوت َخ‬

‫‪25‬‬
‫يضمها لو‬
‫رقص قلبو بسعادة حىت أنو كاد ّ‬
‫علّها تشعر دبا تفعلو بو إال أنو تنحنح وابتعد‬

‫خطوة للخلف وىو يقوؿ‪":‬آفيندار‪ ,‬ادخلي‬

‫للمجلس من فضلك"‬

‫عبست بعدـ فهم وىي ترمقو بتساؤؿ‬

‫ىامسة‪":‬أِل تشتاؽ يل؟"‬

‫"اي هللا!"‬

‫مهس وىو يغمض عينيو ويقبض كفيو بقوة‬

‫خلف ظهره قبل أف يفتح عينيو قائال‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫لك حىت‬ ‫ِ‬
‫إخبارؾ كم اشتقت ِ‬ ‫"لن أستطيع‬

‫يُع َقد قراننا‪ ,‬لذا ادخلي للمجلس اآلف قبل‬


‫ِ‬
‫وأخيفك"‬ ‫أف أفقد زماـ أمري‬

‫ضت شفتيها خبجل وىي تدرؾ ما حياوؿ‬


‫عّ‬
‫قولو قبل أف تقًتب منو خب ّفة وتطبع قبلة‬

‫خفيفة على وجنتو وهترب للداخل قبل أف‬

‫ديسك هبا‪..‬‬

‫ذبمد دبكانو لوىلة قبل أف‬


‫أما داغر فقد ّ‬
‫يتأوه بشوؽ قائال‪:‬‬
‫يلمس مكاف قبلتها وىو ّ‬

‫‪27‬‬
‫"اقًتب موعدان اي عشق وكم أتوؽ لوضع‬

‫القبلة يف مكاهنا الصحيح"‪.‬‬

‫*****‬

‫جالسة بوقت متأخر دبكاهنا ادلفضل يف‬

‫حديقة منزذلم بعد انتهاء الزفاؼ تدعو‬

‫لشيهانة وشادف ابلسعادة وعلى شفتيها‬

‫ابتسامة رقيقة وأمامها احلاسب احملموؿ‬

‫خاصتها والذي تكتب فيو وقد استوحت‬

‫من قصص فتيات قبيلتها روايتها األخَتة‬

‫‪28‬‬
‫حىت نفسها قد أدخلتها ابلرواية‪..‬‬

‫خيف عليو إال أنو ِل‬


‫(ظلّت تناظره بعشق ِل َ‬
‫جيد صدى داخلو ذلذا العشق‪ ..‬ىو رجل‬

‫األفعاؿ ال الكلمات‪ ..‬حيب بعقلو ال بقلبو‬

‫والصغَتة لو أصبحت لو كما تريد ستتع ّذب‬

‫معو وعليو أف يُفهمها ىذا األمر حىت ال‬

‫تلومو فيما بعد‪ ..‬إال أنو كلما نظر إليها‬

‫وادلوجو لو‬
‫ّ‬ ‫ورأى العشق ادلتمثّل بعينيها‬

‫يشعر بعذاب شلتزج بنشوة ال يستطيع‬

‫‪29‬‬
‫ذباىلها فعزـ على مصارحتها دبا يعتمل‬

‫داخلو من سلاوؼ‪..‬‬
‫منك أجل ولكٍت ال ِ‬
‫أحبك‬ ‫"أان أريد الزواج ِ‬

‫وال أستطيع أف أفعل ليس عيبا ِ‬


‫بك بل ىذه‬

‫شخصييت‪ ,‬أان ال أريد عاطفة لفتاة تقودين‬

‫للجنوف بل أريد حبا ىادائ وامرأة تدفئٍت‬

‫وال تشغلٍت‪ ,‬فهل تستطيعي أف تكوين ىذه‬

‫ادلرأة؟!"‬

‫وابتسم ذلا تلك االبتسامة اليت ذبعل الصغَتة‬

‫‪31‬‬
‫تغرؽ ببحور عشقو واليت ال قِبَ َل ذلا‬

‫دبواجهتها إال أهنا ِل تستطع ادلوافقة على‬

‫الزواج منو وعلى كبحها دلشاعرىا من أجلو‬

‫فرفضت وعادت من حيث أتت وىي‬

‫تتساءؿ تُرى أستجد مرساهتا يوما أـ‬

‫ستظل ىائمة على وجهها تبحث عن شبيهة‬


‫للنهاية)‬

‫"دلاذا كل ىذا احلزف اي َو َىج؟"‬

‫سأذلا شهم والذي ال تعلم كيف وصل ذلا‬

‫‪31‬‬
‫هبذا الوقت ادلتأخر!‬

‫انظرتو َو َىج بدىشة من وجوده وسألتو‪:‬‬

‫"كيف أتيت؟ بل كيف عرفت أنٍت ىنا؟"‬

‫ابتسم شهم وىو يقوؿ دبرح‪:‬‬

‫"حصلت على بعض ادلساعدة وليس أمامي‬

‫الكثَت من الوقت"‬

‫ابتسمت َو َىج دبرح على الرغم من خجلها‬

‫منو لرؤيتها دبالبس النوـ على الرغم من‬

‫احتشامها وأدركت أف داغر ىو َمن ساعده‬

‫‪32‬‬
‫للدخوؿ ومعرفة مكاهنا وردبا يراقبو اآلف‬

‫اآلف فازداد خجلها خاصة عندما أ ّكد شهم‬

‫التورد خجال‬
‫ما تفكر فيو قائال‪ُ ":‬ك ّفي عن ّ‬
‫ِ‬
‫شقيقك‬ ‫اي ذات الغمازات حىت ال يقتلٍت‬

‫عندما أفعل ما أتوؽ لفعلو اآلف"‬

‫تورد وجنتيها‬
‫وعلى العكس من حديثو ازداد ّ‬
‫إال أهنا أخربتو‪":‬إهنا الرواية اليت أكتب هبا‪,‬‬

‫والبطلة هبا رقيقة وربب أحدىم ولكنو ال‬

‫حيبها وال يؤمن ابحلب من األساس"‬

‫‪33‬‬
‫كاف قد علم من شقيقتو شيهانة أهنا تكتب‬

‫الرواايت بل ومشهورة نوعا ما أيضا على‬

‫ادلستوى اإللكًتوين ورغم غَتتو من أف‬

‫يعجب هبا أحدىم وىذا حيدث بكل أتكيد‬

‫إال أنو شعر ابلفخر من كوف حبيبتو وزوجتو‬

‫كاتبة تناقش موضوعات جيدة للمجتمع‬

‫وتعرض أفكارا تساعد يف تقومي َمن يقرأ ذلا‬

‫"أمحق ىذا الرجل‪ ,‬فهل يوجد أمجل من‬

‫ظٍت أنو سيقع بعشقها فيما‬


‫احلب؟ ولكن ّ‬

‫‪34‬‬
‫بعد‪ ..‬أليس كذلك؟"‬

‫ابتسمت َو َىج دبرح وىي تقوؿ لو بغموض‪:‬‬

‫"ردبا وردبا ال‪ ..‬ما يهم حقا ىل سيكوف‬

‫حبو وقتها ُرلداي أـ سيكوف األواف‬

‫قد فات؟!"‬

‫اقًتب منها فجأة برأسو فارتبكت وىي تعود‬

‫للخلف جبسدىا ابدلقعد فابتسم وىو يقوؿ‪:‬‬


‫"بكل أتكيد لن أقب ِ‬
‫لك وداغر يراقبنا‪ ,‬أان‬‫ّ‬
‫أريد أف أدخل دنيا ال أف أخرج منها"‬

‫‪35‬‬
‫ضحكت َو َىج رغما عنها فاشتعلت عيناه‬

‫بربيق جعل قلبها ينبض بقوة وىي ربٍت‬

‫رأسها خبجل منو ومن نظراتو فازدادت‬

‫بتذمر‪:‬‬
‫ابتسامتو اتساعا قبل أف يقوؿ ّ‬
‫"مىت أييت يوـ زفافنا؟ لقد تعبت من التأجيل‬

‫كل مرة"‬

‫وقبل أف ذبيبو كاف داغر ديسك بو قائال‬

‫وىو يقوده للخارج‪":‬لو أردت أف تصل‬

‫للزفاؼ فاخرج اآلف قبل أف يستيقظ أيب‬

‫‪36‬‬
‫لصالة الفجر ووقتها َسيُػ َؤ ّجل الزفاؼ إىل‬

‫األبد اي ابن العم"‬

‫ضحك شهم دبرح وىو يقوؿ‪":‬الاا‪ ,‬سأغادر‬

‫التو‪ ..‬لن أغامر برؤية عمي سلطاف يل‬


‫يف ّ‬
‫هبذا الوقت ىنا خاصة أنو منذ عُ ِق َد قراين‬

‫على ابنتو وىو يكرىٍت بقوة"‬

‫قهقو داغر وىو جيذبو للخارج قائال‪:‬‬

‫"أوافقك الرأي‪ِ ,‬ل أجد والدي يغار من‬


‫َ‬
‫منك على زوجتو وابنتو"‬
‫أحدىم كما يغار َ‬

‫‪37‬‬
‫راقبتهما َو َىج حىت اختفيا عن انظريها لتعود‬

‫تتأمل ما كتبت‬
‫إىل احلاسب احملموؿ وىي ّ‬
‫مف ّكرة ىل سيتحقق ما كتبتو أـ سيكوف‬

‫حظ غزؿ يف الواقع أفضل من حظ‬

‫بطلتها يف الرواية؟!‬

‫***‬
‫ال يعلم ماذا حيدث مع شقيقو حرب!‬

‫أىذ ا وقت مناسب ليًتكو دبفرده؟!‬

‫أجل ولدي عمو جواره ويدعمانو كما أف‬

‫‪38‬‬
‫شباب قبيلة الزىرانية معو أيضا إال أنو حيتاج‬

‫شقيقو حرب‪ ..‬فهو ِل يكن شقيقو فقط بل‬

‫كاف والده الثاين وصديقو وكل شيء‪..‬‬

‫احت ّدت نظراتو عندما تذ ّكر ما اهتمتو بو‬

‫عروسو ظهر اليوـ والذي انتهى بصفعو ذلا‬

‫وإخبارىا أنو من األفضل ذلا أف تغادره حىت‬

‫ال يرتكب جردية وأهنا لو رب ّدثت هبذه‬

‫الًتىات مرة أخرى ستكوف العواقب وخيمة‬

‫عليها ولكنو يعلم أف خزامى عنيدة وأهنا لن‬

‫‪39‬‬
‫تستسلم لزواجو منها ببساطة حىت لو‬

‫صمتت وِل ترفضو من أجل والديهما إال‬

‫أهنا لن تصبح لو ببساطة حىت تقتنع أف كل‬

‫ما قالتو ترىات ومن وحي خياذلا األمحق‪.‬‬

‫مر الوقت وِل يعد شقيقو جييب ىاتفو بل‬


‫ّ‬
‫وأغلقو ابلنهاية وِل يعد ىناؾ رلاؿ للتأجيل‬

‫فتم عقد قرانو على خزامى وعُ ِق َد قراف ابنة‬


‫ّ‬
‫عمو عود على ليث الزىراين وأيضا عقد‬

‫قراف ابن عمو عمراف على غزؿ الزىراين‬

‫‪41‬‬
‫وعقدي القراف كاان مفاجأة للجميع حقا‬

‫فقد طلب العريساف األمر فجأة بعد عقد‬

‫جهز كل منهما أوراقو‬


‫قرانو مباشرة وقد ّ‬
‫جيدا فلم جيد الشيوخ مانعا لعدـ عقد‬

‫القراف مع زفافو وردبا ىذا ما جعل اجلميع‬

‫عدا والديو ينشغلوف عن غياب حرب‬

‫الغريب هبذا اليوـ اذلاـ للقبيلة إال أف النبأ‬

‫الذي وصلو أخَتا بنهاية الزفاؼ جعلو‬

‫يسقط بصدمة وىو يهتف‪":‬أخي‪ ..‬حرب!"‬

‫‪41‬‬
‫غساف؟"‬
‫"ماذا حدث حلرب اي ّ‬
‫سأؿ الشيخ عامر بقلق عارـ ابنو األصغر‬

‫غساف بصدمة‪":‬حادث على الطريق‬


‫فأجابو ّ‬
‫أيب و‪"...‬‬

‫صمت غَت قادر على إبالغو ما حدث‬

‫وسرعاف ما انتشر اخلرب وصدح صراخ‬

‫النساء قبل أف تغيب خنساء عن الوعي‬

‫وانفض العرس الذي ربوؿ من‬


‫ّ‬ ‫من الصدمة‬

‫الفرح والسعادة للحزف والبكاء خاصة‬

‫‪42‬‬
‫عندما أت ّكد األمر أف سيارة حرب قد‬

‫تفحمت سباما واجلثة داخلها زلروقة‬


‫ّ‬
‫ابلكامل‪.‬‬

‫***‬
‫أفاقت خنساء من إغمائها لتجد ريفاؿ‬

‫وعود حوذلا تناظرىا كل منهما بقلق شلتزج‬

‫حبزف شديد ظهر واضحا على مالزلهما‬

‫فسألتهما‪":‬ىل عاد حرب؟"‬

‫شهقت عود ابلبكاء مرة أخرى وىي تقوؿ‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫"لقد رحل حرب"‬

‫انظرهتا خنساء بعدـ فهم وىي تسأذلا‪:‬‬

‫"رحل إىل أين؟"‬

‫ادع لو خنساء"‬
‫"أدع لو حبيبيت‪ِ ,‬‬
‫ِ‬
‫قالتها ريفاؿ هبدوء وىي تكبح دموعها‬

‫رباوؿ سبالك نفسها‪ ..‬لقد شعرت ابلصدمة‬

‫شلا حدث حلرب فما ابذلا بزوجتو واليت‬

‫تعشقو كما أخربهتا قبال!‬

‫"أدعو لو؟ دلاذا؟ أليس خبَت؟"‬

‫‪44‬‬
‫قالتها خنساء وىي رباوؿ ذباىل كل‬

‫اإلشارات أمامها إال أف صوت خزامى اليت‬

‫جلست يف الركن البعيد من الغرفة وىي‬

‫مازالت بثوب العرس صدح قائال حبرقة‪:‬‬

‫"لقد مات حرب اي خنساء‪ ,‬مات أال‬


‫تفهمُت؟"‬

‫"خزامى‪"..‬‬

‫هنرهتا والدهتا اليت دخلت عليهن الغرفة‬

‫بنفس اللحظة لتنهض خزامى وىي تقوؿ‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫"ماذا أمي؟ أسنخفي عليها ما حدث‬

‫لزوجها؟ لقد مات ابن عمي احلنوف قبل أف‬

‫يرى الولد الذي ينتظره منذ سنوات‪..‬‬

‫مات وترؾ ابنتو الصغَتة‪ ..‬مات وىو‬

‫ال يع‪"...‬‬

‫غساف القوي الذي وصلها‬


‫أسكتها صوت ّ‬
‫مناداي ابمسها فحثّتها والدهتا عطر‪:‬‬
‫ِ‬
‫لزوجك اي خزامى‪ ,‬ىيّا"‬ ‫"اذىيب‬

‫رمت خزامى خنساء بنظرة كره قاتلة قبل أف‬

‫‪46‬‬
‫زبرج لزوجها كما قالت والدهتا وىي تريد أف‬

‫تقتل كليهما مف ّكرة‪..‬‬

‫دلاذا وصلهم اخلرب بعد عقد القراف؟ أِل يكن‬

‫من األفضل لو وصلهم قبلو لكانت اآلف‬

‫التف حوؿ‬
‫حرة بدال من ذلك القيد الذي ّ‬
‫رقبتها ولن تستطيع اخلالص منو بسهولة‪.‬‬

‫صدح صوت من داخلها يهتف هبا‪:‬‬


‫(ىذا القيد ِ‬
‫أنت تعشقينو وِل تستطي ِع كرىو‬

‫وأنت ربتقرين فِعلتو القددية وكل ما‬


‫حىت ِ‬

‫‪47‬‬
‫حيدث ِ‬
‫معك واألِل الذي تشعرين بو ما ىو‬
‫ِ‬
‫حبيبك يوما‬ ‫إال غَتة مقيتة من امرأة أرادىا‬
‫بينما ِ‬
‫أنت مدذلّة بعشقو)‬

‫وِل تستطع أف تنكر ما يصدح داخلها إال‬

‫أهنا ستموت قبل أف تعًتؼ لو بذلك خاصة‬

‫لو أت ّكدت أف عالقتهما الزالت مستمرة‪.‬‬

‫***‬
‫بعد أسبوع من كل األحداث السابقة‬

‫دلف إىل ادلنزؿ متعبا فمنذ وفاة حرب وكل‬

‫‪48‬‬
‫وغساف وِل‬
‫العمل أصبح على عاتقو ىو ّ‬
‫سمح ذلما أف يعيشا احلزف كما جيب فقط‬
‫يُ َ‬
‫ألهنما العموداف للقبيلة بعد وفاة كبَتمها‬

‫حرب وانشغاؿ عمراف ابلتدريس ابجلامعة‬

‫وخبطيبتو وقد متّ االتفاؽ على أتجيل الزفاؼ‬

‫قليال وعدـ االحتفاؿ بو بسبب الوفاة اليت‬

‫ابغتتهم مجيعا وجعلت احلزف يسكن قلوهبم‪.‬‬

‫قابلتو ريفاؿ ومعها بيداء اليت تقطن معهما‬

‫منذ وفاة والدىا فوالدهتا خنساء يف حالة ال‬

‫‪49‬‬
‫تسمح ذلا دبراعاهتا أبدا خاصة مع قرب‬

‫والدهتا وازدايد تعبها دبا حدث‪.‬‬


‫"كيف ِ‬
‫حالك بيداء؟"‬

‫ابدرىا غازي اببتسامة صغَتة رمسها من أجل‬

‫بيداء ومن أجل الفاتنة اليت ترافقها وتسلب‬

‫عقلو وقلبو على السواء‪.‬‬

‫"خبَت عمي غازي‪ ,‬ىيّا حىت أتكل معنا لقد‬

‫جعنا وحنن ننتظرؾ"‬

‫قالتها بيداء فابتسمت ريفاؿ وىي تقوؿ‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫ِ‬
‫"أخربتك أف أتكلي ِ‬
‫أنت وال تنتظريو"‬

‫حركت بيداء حاجبيها وىي تقوؿ‪:‬‬


‫ّ‬
‫"كال أريد أف آكل معكما اليوـ حىت أرى‬
‫ِ‬
‫يطعمك مثلما يفعل والدي مع‬ ‫عمي وىو‬

‫والديت"‬

‫اتّسعت عينا ريفاؿ بصدمة من رد الصغَتة‬

‫وتفكَتىا فيما دللم غازي ابتسامتو وىو‬


‫ِ‬
‫والديك‬ ‫يقوؿ‪":‬خطأ أف زبربينا دبا حيدث مع‬

‫حبيبيت‪ ,‬وال يفعل كل ادلتزوجُت مثل‬

‫‪51‬‬
‫ِ‬
‫والديك"‬

‫قاذلا وقد غمر احلزف مالزلو رغما عنو وىو‬

‫يتذكر ابن عمو حرب واحلب الكبَت الذي‬

‫كنّو لزوجتو دوما‪..‬‬

‫رمقتو بيداء حبنق قبل أف تقوؿ‪":‬حسنا‪ ,‬يبدو‬

‫أف انتظاري لألكل معكما كاف فاشال"‬

‫مث التفتت إىل ريفاؿ اليت ترمقها بعدـ‬

‫تصديق من حديثها مث قالت‪":‬سآكل ابلغرفة‬

‫الصغَتة أماـ الشاشة حىت أشاىد برانرلي‬

‫‪52‬‬
‫ادلفضل اي ريفاؿ"‬

‫وسبقتها للغرفة اليت احتلتها منذ قدومها‬

‫منذ عدة أايـ وقد أصبح غازي يناـ معها‬

‫بنفس الغرفة بسبب ذلك حىت ال تفشي‬

‫الصغَتة سرمها بعد أف توقف عن النوـ‬

‫بنفس ادلكاف منذ اعًتؼ لنفسو دبشاعره‬

‫ذباىها فابتعد عنها ىاراب‪.‬‬

‫"ما ىذا اجليل؟!"‬

‫بتذمر جعل غازي يضحك‬


‫قالتها ريفاؿ ّ‬

‫‪53‬‬
‫رغما عنو وىو خيربىا‪":‬أشعر أف بيداء‬
‫ِ‬
‫تشبهك ِ‬
‫وأنت صغَتة‪ ,‬أليس كذلك؟"‬

‫ابتسمت ريفاؿ خبجل وىي تومئ معًتفة‪:‬‬

‫"أجل‪ ,‬لقد كانت عمي سلطاف خيربين أف‬

‫لساين أكثر طوال من شيهانة"‬

‫قهقو غازي دبرح فتوقّفت ريفاؿ دبكاهنا وىي‬

‫تنظر لو ابنشداه‪ ..‬مالزلو الوسيمة تزداد‬

‫وسامة كلما ابتسم أو ضحك وىذا خطر‬

‫على قلبها األمحق الذي يعشقو‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫أغمضت عينيها لربىة قبل أف تغادر إىل‬

‫لتجهز الطعاـ لو ولبيداء وىي تدعو‬


‫ادلطبخ ّ‬
‫هللا أف تصمد أمامو وال تذىب كاحلمقاء‬

‫لتعًتؼ لو حببها الذي يقودىا للجنوف‪.‬‬

‫***‬
‫"اشتقت ِ‬
‫لك"‬

‫انتفضت فداء ما إف وصلها صوتو اخلافت‬

‫جوار أذهنا وىي تتساءؿ كيف اقًتب منها‬

‫إىل ىذا احلد وِل تشعر بو؟!‬

‫‪55‬‬
‫أكانت غارقة أبفكارىا ذلذه الدرجة؟!‬

‫التفتت لو وىي تبتسم خبجل‪:‬‬

‫"مرحبا دكتور ساىد"‬

‫زـ ساىد شفتيو وىو يقوؿ‪":‬مرحبا فقط؟‬


‫ّ‬
‫لك أيضا؟"‬
‫أال يوجد اشتقت َ‬
‫تل ّفتت حوذلا ابرتباؾ ال تعلم ماذا حدث لو؟‬

‫يف البداية كانت تشعر ابلغضب منو ومن‬

‫عجرفتو إال أهنا سرعاف ما علمت أهنا‬

‫ليست عجرفة ىو فقط ال يعرؼ تنسيق‬

‫‪56‬‬
‫وحلو اللساف‪ ,‬تلقائي أكثر شلا جيب‬
‫احلديث ُ‬
‫تغَت معها كثَتا‬
‫وعلى الرغم من ذلك لقد ّ‬
‫وجعلها تشعر ألوؿ مرة حبياهتا أهنا زلبوبة‬

‫وألوؿ مرة أيضا يدؽ قلبها الذي أغلقت‬

‫عليو بعدما اكتشفت ما حدث ابدلاضي‬

‫وِل يستطع أحد الوصوؿ لو إال ساىد‪.‬‬

‫لك"‬
‫"اشتقت َ‬
‫قالت فداء خبفوت فابتسم ذلا ساىد بسعادة‬
‫قبل أف يسأذلا‪":‬مىت أستطيع مقابلة ِ‬
‫والدؾ؟"‬

‫‪57‬‬
‫ارتبكت كما حيدث معها كلما ذكر ذلا‬

‫الزواج‪ ..‬ال تستطيع أف زبربه أف والدىا‬

‫حياوؿ إجبارىا على الزواج من ابن عمها‬

‫والذي ال تطيقو حىت يطمئن قلبو عليها‬

‫كما خيربىا دوما خاصة وىم ال أىل ذلم‬


‫ابلغربة اليت أ ِ‬
‫ُجربوا عليها قدديا ألسباب ال‬

‫تعرفها جيدا حىت ىذه اللحظة‪.‬‬

‫"ِل أستطع مفاربتو اي ساىد‪ ,‬لقد تعب بعطلة‬

‫هناية األسبوع لذا ِل أستطع إخباره بشيء"‬

‫‪58‬‬
‫قالتها متجاىلة السبب الرئيسي لعدـ إخبار‬

‫والدىا عنو فصمت ساىد للحظات قبل أف‬

‫يقوؿ‪":‬اعطيٍت رقم ىاتفو أو عنواف عملو‬


‫ِ‬
‫أضعك بيننا"‬ ‫وأان سأذىب لو بنفسي ولن‬

‫شعرت ابخلوؼ‪ ..‬أجل ىي معجبة بساىد‬

‫خاصة بعدما اقًتاب من بعضهما وعرفتو حق‬

‫ادلعرفة إال أهنا الزالت غَت أكيدة أهنا تريد‬

‫الزواج منو على الرغم من مشاعرىا ذباىها‬

‫إال أنو أيضا أفضل فرصة ذلا لتبتعد عن‬

‫‪59‬‬
‫الزواج من ابن عمها الكريو‪..‬‬

‫ولكن ىل سيوافق والدىا؟!‬

‫"أخشى ّأال يوافق أيب"‬

‫بتعجب‪:‬‬
‫قالتها خبفوت فناظرىا ساىد ّ‬
‫"دلاذا ال يوافق؟"‬

‫صمتها مع نظراهتا اليت هترب منو جعلو‬

‫يقوؿ هبدوء أكرب‪":‬أخربيٍت دبا زبفينو عٍت‬


‫اي فداء حىت أفهم ِ‬
‫قولك أنو لن يوافق"‬

‫"يريد تزوجيي اببن عمي"‬

‫‪61‬‬
‫قالتها فداء أبِل‪ ..‬تشعر أهنا ما إف زبربه حىت‬

‫ينصرؼ عنها ويبحث عن أخرى بعيدا عن‬

‫ادلشاكل اليت ديكن أف تسببها لو أو الرفض‬

‫الذي يلوح ابألفق من جهة والدىا إال أنو‬

‫لدىشتها ابتسم وقاؿ‪":‬ال تقلقي‪ ,‬أستطيع‬

‫إقناعو وإف ِل يوافق ابدلرة األوىل سيوافق‬

‫ابلثانية‪ ..‬لن أتركو حىت يوافق على زواجنا"‪.‬‬

‫****‬

‫دخل عليو والده فيصل الورشة خلف زلل‬

‫‪61‬‬
‫الذىب الرئيسي والذي ديلكونو ووجده‬

‫مشغوال بقطعة يش ّكلها دبهارة كما تعلّم منو‬

‫قدديا‪ ..‬لقد امتلك ابنو ادلوىبة واحلِس الفٍت‬

‫ردبا أكثر منو لذا جعل احملل الرئيسي الذي‬

‫ملكوه قبال أكثر من واحد داخل الزىرانية‬

‫وخارجها‪.‬‬

‫"أىي ىدية العروس؟"‬

‫شاكس فيصل ابنو فابتسم قتادة وىو يومئ‬

‫امحرت أذانه‪":‬أجل أيب"‬


‫حبرج وقد ّ‬

‫‪62‬‬
‫مث ترؾ ما يفعلو واقًتب زلييا والده ومقبال‬

‫كتفيو فربّت فيصل على كتفو حبب وىو‬

‫يقوؿ‪":‬زلظوظة ابنة حامت أهنا ستأخذ شبيو‬

‫عمو قسورة"‬

‫ازداد امحرار أذنو وِل يعلّق فقهقو فيصل‬

‫أذانؾ من احلديث الربيء‬


‫وىو يقوؿ‪":‬ربمر َ‬
‫ستحمر‬
‫ّ‬ ‫شاكستك بوقاحة‪..‬‬
‫َ‬ ‫فماذا إف‬

‫ابلكامل اي ابن فيصل؟"‬

‫"أيب‪"..‬‬

‫‪63‬‬
‫بتذمر فضحك فيصل قبل أف‬
‫قاذلا قتادة ّ‬
‫يقوؿ جبدية‪":‬أعلم بٍت أف أتجيل حدوث أي‬

‫احتفاؿ بسبب ما حدث حلرب الباشا‬

‫حيزنك ولكن ىذه ىي العادات واألعراؼ‬


‫َ‬
‫اليت نشأان عليها"‬

‫يهمٍت‬
‫أومأ قتادة وىو يقوؿ‪":‬أعلم أيب‪ ,‬ما ّ‬
‫أهنا أصبحت مكتوبة يل حىت دوف احتفاؿ‪..‬‬

‫وردبا تكلّم عمي حامت أف نعقد القراف بيننا‬

‫ونؤجل االحتفاؿ بعد أف دير‬


‫دوف احتفاؿ ّ‬

‫‪64‬‬
‫بعض الوقت على ما حدث"‬

‫ىم فيصل ابحلديث إال أف دخوؿ داغر‬


‫ّ‬
‫ومساعو آخر مجلة لقتادة واليت علّق عليها‬

‫بلهفة‪":‬أجل عمي‪ ,‬وأان أيضا أريد عقد قراف‬

‫دوف احتفاؿ‪ ..‬لقد تعبت من االنتظار"‬

‫قهقو فيصل على ذلفة ابنو وابن عمو قبل أف‬

‫سأحرؾ األمرين معا حىت‬


‫يقوؿ دبرح‪":‬حسنا ّ‬
‫ال يفقد الرزينُت عقلهما"‬

‫قبّل داغر كتفو دبحبة وىو يقوؿ‪:‬‬

‫‪65‬‬
‫منك عمي"‬
‫"ال حرمنا هللا َ‬
‫مث قاؿ دبسكنة‪":‬اجلميع عقد قرانو وتزوج‬

‫ومازلت أان وقتادة يف مرحلة االنتظار‪..‬‬

‫وأنت ال ترضى ابلظلم لنا ابلطبع"‬


‫َ‬
‫صدحت ضحكات فيصل العالية وىو يومئ‬

‫قائال‪":‬ابلطبع ال أرضى لكما ابلظلم"‬

‫أنت‬
‫مث غمزه قائال‪":‬استعد لعقد القراف َ‬
‫ورفيقك بعد أسبوع واحد"‪.‬‬
‫َ‬

‫‪66‬‬
‫***‬
‫"ما ىذا احلظ اي هللا؟ كلما اقًتب الزفاؼ‬

‫حيدث شيء لتأجيلو‪ ..‬أسأظل معلّقا ىكذا‬

‫لألبد؟ لقد تعبت من االنتظار"‬

‫بتذمر فضحك مصعب دبرح‬


‫ىتف شهم ّ‬
‫فيما انظره سلطاف بربود مصطنع وىو‬

‫أنت ترى‬
‫لك اي شهم؟ َ‬
‫يقوؿ‪":‬وماذا أصنع َ‬
‫بنفسك ما حيدث معنا منذ فًتة‪ ..‬اصرب إف‬
‫َ‬
‫هللا مع الصابرين بٍت"‬

‫قاؿ اجلملة األخَتة وىو يلملم ضحكتو‬


‫‪67‬‬
‫على شهم الذي يكاد جيذب خصالت‬

‫شعره مقطّعها إايىا من الغيظ قبل أف يقوؿ‪:‬‬

‫"وىل البد من االحتفاؿ الكبَت؟ أان موافق‬

‫على شيء صغَت أو حىت دوف احتفاؿ"‬

‫رمقو سلطاف بنظرة ابردة جعلت مصعب‬

‫يكبح ضحكة عالية كادت تفلت منو قبل‬

‫أف يقوؿ سلطاف‪":‬ابنيت الصغَتة والوحيدة‬

‫تتزوج دوف احتفاؿ؟ ِِلَ ماذا يعيبها؟!"‬

‫"إهنا أمَتة الفتيات مجيعهن عمي ولكٍت‬

‫‪68‬‬
‫تعبت من االنتظار‪ ..‬والزفاؼ كاف سيكوف‬

‫اجلمعة القادمة ولكنو أتجل للمرة اليت ال‬

‫أعلم عددىا‪ ..‬ألن نتزوج هبذا العاـ أبدا؟!"‬

‫ىم سلطاف ابحلديث إال أف شهم اتبع‪:‬‬


‫ّ‬
‫"لقد تزوج العاِل كلو ومازلت أان عاقدا قراين‬

‫وال أرى زوجيت إال اندرا‪ ,‬بِضع حلظات ال‬

‫تُغٍت وال تُسمن من جوع‪ ..‬ىذا ليس عدال"‬

‫رفع سلطاف حاجبو األيسر وىو يقوؿ‬

‫زوجتك‬
‫َ‬ ‫خطيبتك وليست‬
‫َ‬ ‫بربود‪":‬أوال‪ ,‬ىي‬

‫‪69‬‬
‫واثنيا‪ ,‬إهنا عدة أشهر ِخطبة فلم زبطبها منذ‬

‫سنوات حىت تقوؿ تعبت واثلثا وىو األىم‬

‫أجعلك تراىا وأتغاضى عن‬


‫َ‬ ‫فلتحمد هللا أنٍت‬

‫رؤيتك ذلا خلف ظهري بتلك ادلرات فبعُرفنا‬


‫َ‬
‫العريس ال يرى عروسو إال وقت الزفاؼ‬

‫فقط"‬

‫اتّسعت عينا شهم بصدمة فانفجر مصعب‬

‫ضاحكا وىو يضرب سلطاف على كتفو‬

‫قائال‪":‬رفقا اببٍت اي أخي‪ ..‬إنو عاشق"‬

‫‪71‬‬
‫زـ سلطاف شفتيو ابستياء قائال‪:‬‬
‫ّ‬
‫"ألجل ىذه الكلمة الزفاؼ سيكوف العاـ‬

‫ادلقبل"‬

‫"ماذا؟"‬

‫ىتف شهم بصدمة فيما انفجر مصعب‬

‫ابلضحك مرة أخرى وشاركو سلطاف على‬

‫مظهر شهم ادلصدوـ فيما تد ّخل دايب‬

‫الذي دخل اجمللس منذ قليل وحضر ما‬

‫حيدث اببن عمو‪":‬رفقا بشهم أيب‪ ..‬كما أنٍت‬

‫‪71‬‬
‫أريد الزواج أيضا‪ ..‬أسأظل خاطبا طواؿ‬
‫العمر؟"‬

‫"العاـ القادـ مع ابن عمك احلبيب"‬

‫قاذلا سلطاف بربود جعل شهم يكاد يقفز من‬

‫مكانو بغضب فيما ىتف فيصل الذي دلف‬

‫إىل اجمللس وخلفو قتادة وداغر‪:‬‬

‫"سيكوف زفافهم بعد أسبوعُت مع عقد‬

‫قراف قتادة وداغر اي ابن العم‪"..‬‬

‫ىلّل الشباب لعمهم فيصل قبل أف يناظر‬

‫‪72‬‬
‫األخَت سلطاف وىو يقوؿ غامزا إايه بنربة‬

‫ذات مغزى‪":‬الشباب ليس لديهم صربؾ‬

‫ادلغيظ اي زوج أخيت‪ ..‬مشاعرىم انرية‬

‫مثل أعمامهم"‬

‫صر سلطاف على أسنانو حىت ال ينهض‬


‫ّ‬
‫ويضرب فيصل هبذا العمر فيما انفجر‬

‫مصعب وقيس ابلضحك ومها يدركاف‬

‫ما يشَت إليو فيصل‪.‬‬

‫***‬

‫‪73‬‬
‫ما ىذه الفتاة اي هللا؟!‬

‫تكاد تقوده للجنوف برباءهتا وعفويتها‬

‫وخلخاذلا الذي حييط بنهاية ساقها األبيض‬

‫ادلرمري‪..‬‬

‫زفر بقوة وىو حياوؿ اخلروج من ادلنزؿ هبدوء‬

‫حىت ال يقابلها إال أنو ما إف خرج من غرفتو‬

‫حىت وجدىا أمامو بكامل ىيئتها اليت ابتت‬

‫تفقده صوابو‪..‬‬

‫"صباح اخلَت غازي"‬

‫‪74‬‬
‫ابدرتو ريفاؿ اببتسامة وجدىا ىو ساحرة‬

‫فازدرد ريقو ببطء قبل أف جييبها خبفوت‪:‬‬

‫"صباح اخلَت"‬

‫منت جيدا؟"‬
‫"ىل َ‬
‫سألتو وىي تقًتب منو أما ىو فقد اته‬

‫هبيئتها ادلشرقة كشمس الصباح بداية من‬

‫ثوهبا اخلفيف األصفر القصَت حبمالتيو‬

‫الرفيعتُت والذي جعلها مشعة كالشمس‬

‫حقا خاصة مع خصالهتا الشقراء وتلك‬

‫‪75‬‬
‫اخلصل البنية اليت يتوؽ ليتخللها أبانملو‪,‬‬

‫مرورا خبلخاذلا الرقيق والذي يصدر أصواات‬

‫رقيقة مثلها كلما ربركت ووصوال خلفها‬

‫الرقيق والذي دياثل لوف الثوب الذي يُظ ِهر‬

‫معظم ساقيها كما يُظ ِهر رسم احلنّاء الذي‬

‫يبدأ من قدمها مستمرا حىت خيتفي أسفل‬

‫الثوب الذي جعل أنفاسو تنقطع من السحر‬

‫الذي يل ّفو كلما رآىا‪..‬‬

‫"غازي‪ ,‬ىل ىناؾ شيء؟"‬

‫‪76‬‬
‫سبعنو فيها دوف‬
‫سألتو ريفاؿ عندما الحظت ّ‬
‫حديث لتتابع عندما ِل يرد‪:‬‬

‫"ىل ىناؾ ما يسوء دبظهري؟"‬

‫حرؾ رأسو انفيا وىو حياوؿ اإلشاحة ببصره‬


‫ّ‬
‫عنها وعن تلك النمشات اليت يتوؽ للمسها‬

‫بشفتيو‪..‬‬

‫التقط نفسا عميقا مث أخرجو ببطء زلاوال أف‬

‫يسيطر على أعصابو قبل أف جييب‪:‬‬

‫"كال‪ ,‬فقط الوضع الراىن دبنزؿ عمي‬

‫‪77‬‬
‫جيعلٍت مشتتا نوعا ما"‬

‫أجاهبا غازي وىو يشعر ببعض الندـ فحالة‬

‫ادلنزؿ لدى عمو عامر زلزنة وىو ال يفكر‬

‫إال بزوجتو اليت تثَت جنونو بعفويتها ورقتها‬

‫وفتنتها‪.‬‬

‫وقفت أمامو وىي ترمقو بدعم مث فاجأتو‬

‫بذراعيها اللذين أحاطا خبصره وىي تربّت‬

‫على ظهره حبنو قائلة‪":‬كل شيء سيكوف‬

‫على ما يراـ‪ ,‬ال تقلق"‬

‫‪78‬‬
‫جسده الذي تصلّب لوىلة حادلا دلستو‬

‫اسًتخى بعد حلظة ليجد نفسو حييطها‬

‫بذراعيو يضمها لو بقوة مغمضا عينيو قبل‬

‫أف يبتعد عنها ببطء وديسك بذقنها برقة‬

‫يرفع وجهها ينظر لعينيها اللتُت ارتسم هبما‬

‫اخلجل اللذيذ وقبل أف يدرؾ أيهما‬

‫ما حيدث كاف يهديها قبلتها األوىل‪..‬‬

‫قبلة رقيقة كالفراشة اليت تقبّل زىرة شلتصة‬

‫رحيقها بتلذذ‪..‬‬

‫‪79‬‬
‫كررىا عدة مرات وكأنو فقد اإلحساس‬
‫قبلة ّ‬
‫ابلزماف وادلكاف بل فقد نفسو كلية بقبلتها‬
‫ِ‬
‫يهمس‪":‬قبلتك إدماف اي ذات‬ ‫وىو‬

‫اخللخاؿ"‪.‬‬

‫****‬
‫قل يل اي سيدي كيف مجعت كل األض ّداد‬

‫ببساطة؟!‬

‫صوتك فأحسبو ىزمي الرعد‪..‬‬


‫َ‬ ‫أمسع‬

‫ينيك فأشعر بدؼء أشعة الشمس‬


‫وأرى ع َ‬

‫‪81‬‬
‫بيوـ صحو!‬

‫منذ تزوجها ومها يعيشاف حياة منفصلة فهو‬

‫يعود متأخرا كل ليلة حىت ال يسمع منها ما‬

‫جيعلو يقتلها غضبا وحىت يهرب من قلبو‬

‫الذي يئن شوقا لَتتوي منها كما اتؽ طواؿ‬

‫حياتو‪ ..‬إال أنو عاد ابكرا الليلة فقد شعر‬

‫ابلتعب وأراد أف يناـ حىت يستطيع السفر‬

‫ابكرا إلهناء العمل ادلكلّف بو وما إف دخل‬

‫شقتو حىت وجدىا انئمة على األريكة أماـ‬

‫‪81‬‬
‫التليفزيوف فابتسم حبنو وىو يرمقها بشوؽ‬

‫خيفيو عن عينيها الباردتُت كلما قابلها‪..‬‬

‫ماذا يفعل حىت تفهم أهنا الوحيدة بقلبو‬

‫وعقلو وأنو ِل خينها أو خين ربو أبدا؟!‬

‫يتوجو إىل غرفتو وىي‬


‫زفر خبفوت وىو ّ‬
‫الغرفة الرئيسية يف الشقة واليت تعلو شقة‬

‫شقيقو حرب رمحو هللا‪..‬‬

‫ما لبث أف عاد ووقف جوارىا يتأملها حبب‬

‫وشوؽ كبَتين وىيأهتا ادلهلكة ذبعلو يتوؽ‬

‫‪82‬‬
‫لضمها لو والنوـ بُت ذراعيها هبناء‪..‬‬

‫ثوهبا الوردي الطويل والذي يصل إىل‬

‫كاحليها وادلفتوح بفتحة جانبية من كاحلها‬

‫إىل فخذىا تقريبا وقد ظهرت فتحتو جيدا‬

‫وما ربتها وىي انئمة ال تشعر بشيء حوذلا‪..‬‬

‫شعرىا األسود كشعر الفرس منسدال حوؿ‬

‫ملونتُت بلوف أمحر‬


‫وجهها الربيء وشفتيها ّ‬
‫طبيعي‪ ..‬عينيها الكحيلتُت السوداوتُت‬

‫ُمغلَقتُت ربميهما أىداهبا السوداء الطويلة‬

‫‪83‬‬
‫الكثيفة واليت يتوؽ لتقبيلها‪.‬‬

‫احنٌت حامال إايىا هبدوء وقادىا دوف وعي‬

‫وىم بوضعها على الفراش إال أهنا‬


‫لغرفتو ّ‬
‫أحاطت عنقو بذراعيها وىي هتمس ابمسو‬

‫بنعومة‪":‬غساف‪"..‬‬
‫ّ‬
‫"روحو وحياتو‪"..‬‬

‫غساف بشغف وىو يضمها لو أكثر‬


‫مهس ذلا ّ‬
‫يتوؽ لغرسها داخل ضلوعو علّها تظل معو‬

‫دوما وال تفارقو أبدا‪..‬‬

‫‪84‬‬
‫غساف‪"..‬‬
‫"أحبك ّ‬
‫مهست لو مرة أخرى وىي ربلم على ما‬

‫غساف وىو يضعها على‬


‫يبدو فضاع هبا ّ‬
‫الفراش زليطا إايىا بذراعيو وىو خيربىا‬
‫ىامسا‪":‬وغساف حييا وديوت ِ‬
‫بك اي روحو"‬ ‫ّ‬
‫قبّلها برفق ونعومة فبادتلو القبلة وىي تدفن‬

‫نفسها بُت أحضانو أكثر هتمس لو حببها‬

‫ويهمس ذلا بعشقو وقد نسيا العاِل أبكملو‬

‫وغرؽ هبا وغرقت بو رغما عن كل‬

‫‪85‬‬
‫يفرقهما ويبعدمها عن بعضهما أو دبعٌت‬
‫ما ّ‬
‫أدؽ يبعدىا عنو وِل يكن ىنالك من عودة‬

‫بعد أف وصل ذلذه ادلرحلة خاصة مع‬

‫استجابتها لو واندماجها معو بكل كياهنا‬

‫وذلفتها وحبها فأصبحت لو وأصبح ذلا‬

‫وِل يعلم كالمها ما ينتظرمها يف الصباح‬

‫التايل‪.‬‬

‫هناية الفصل‬

‫‪86‬‬

You might also like