Professional Documents
Culture Documents
خضاب الشعر بالسواد
خضاب الشعر بالسواد
فصل
ويف اللحية عرش خصال مكروهة ،وبعضها أشد كراهة من بعض ،ويه :خضابها
بالسواد ،وتبييضها بالكربيت ،ونتفها ،ونتف الشيب منها ،وانلقصان منها ،والزيادة
فيها ،وترسحيها تصنعا ألجل الرياء ،وتركها شعثة إظهارا للزهد ،وانلظر إىل سوادها عجبا
بالشباب ،وإىل بياضها تكربا بعلو السن ،وخضابها باحلمرة والصفرة من غري نية تشبها
بالصاحلي .
أما األول :وهو اخلضاب بالسواد :فهو منيه عنه ،قال « : خري شبابكم من
تشبه بشيوخكم ،ورش شيوخكم من تشبه بشبابكم » .
واملراد بالتشبه بالشيوخ يف الوقار ،ال يف تبييض الشعر ،ونىه عن اخلضاب بالسواد
،وقال « :هو خضاب أهل انلار » ،ويف لفظ آخر « :اخلضاب بالسواد خضاب الكفار » .
وتزوج رجل ىلع عهد عمر واكن خضب بالسواد ،فنصل خضابه وظهرت شيبته
،فرفعه أهل املرأة إىل عمر ، فرد نكاحه وأوجعه رضبا وقال :غررت القوم بالشباب
ولبست عليهم شيبتك .
السابعة :أن األئمة حرموا خضاب شعر أبيض من رأس رجل أو امرأة أو حلية رجل
بالسواد ؛ خلرب أيب داود والنسايئ وابن حبان يف « صحيحه » واحلاكم عن ابن عباس قال
:قال رسول اهلل « : يكون قوم خيضبون يف آخر الزمان بالسواد كحواصل احلمام ،ال
يرحيون راحئة اجلنة » ،واكلرجل واملرأة :اخلنث .
نعم ؛ جيوز للمرأة ذلك بإذن زوجها أو سيدها ؛ ألن هل غرضا يف تزينها به ،وقد أذن
هلا فيه .
والظاهر :كما قال بعض املتأخرين :أنه حيرم ىلع الويل خضب شعر الصيب أو
الصبية إذا اكن أصهب بالسواد ؛ أي :ملا فيه من تغيري اخللقة وإن عزي للناظم يف « رشح
نلظمه » أنه قال :إن الظاهر أنه ال حيرم .
وخرج بقوهل ( :بسواد ) :خصبه بغريه اكحلناء ؛ فإنه ال حيرم ،بل هو سنة للرجل
واملرأة .
قوهل ( :وامرأة ) أي :بغري إذن حليلها ؛ فإن أذن هلا ..جاز .
قوهل ( :ال للجهاد ) أي :فال حيرم اخلضب بالسواد ؛ ملا فيه من إرهاب العدو .
( وحرموا خضاب شعر بسواد لرجل وامرأة ) أي :حيرم خضاب شعر أبيض من
رأس رجل أو امرأة أو حلية رجل بالسواد ؛ خلرب أيب داود والنسايئ وابن حيان يف « صحيحه
» واحلاكم عن ابن عباس قال :قال رسول اهلل « : يكون قوم خيضبون يف آخر الزمان
بالسواد كحواصل احلمام ،ال يرحيون راحئة اجلنة » ،واكلرجل واملرأة :اخلنث .
نعم ،جيوز للمرأة ذلك بإذن زوجها أو سيدها ؛ ألن هل غرضا يف تزيينها به ،وقد
أذن هلا فيه .
والظاهر كما قاهل بعض املتأخرين :أنه حيرم ىلع الويل خضب شعر الصيب أو الصبية
إذا اكن أصهب بالسواد ؛ أي :ملا فيه من تغيري اخللقة وإن عزى للناظم يف « رشحه نلظمه
» أنه قال :إن الظاهر أنه ال حيرم ،انتىه .
( ال للجهاد ) أي :جيوز خضب الشعر األبيض بالسواد ألجل اجلهاد ؛ ملا فيه من
إرهاب العدو ،وخرج بالسواد خضبه بغريه اكحلناء ؛ فال حيرم ،بل هو سنة لذلكر واألنث
.
قال الرميل يف « رشحه » ( :نعم ،جيوز للمرأة ذلك بإذن زوجها أو سيدها ؛ ألن هل
غرضا يف تزينها به ،وقد أذن هلا فيه .
والظاهر :كما قال بعض املتأخرين :أنه حيرم ىلع الويل خضب شعر الصيب أو
الصبية إذا اكن أصهب بالسواد ؛ أي :ملا فيه من تغيري اخللقة وإن عزي للناظم يف « رشحه
نلظمه » أنه قال :إن الظاهر أنه ال حيرم ) انتىه .
( وخيضب الشيب حبمرة أو صفرة ) ؛ لالتباع ،وحيرم بالسواد ولو المرأة ،ىلع
خالف فيها .
وقوهل ( :حبمرة أو صفرة ) أي :ال بسواد ،أما به ..فيحرم إن اكن لغري إرهاب العدو
يف اجلهاد ،وذلك خلرب أيب دواد والنسايئ وابن حبان يف « صحيحه » واحلاكم عن ابن
عباس قال :قال رسول اهلل « : يكون قوم خيضبون يف آخر الزمان بالسواد
كحواصل احلمام ،ال يرحيون راحئة اجلنة » .
قال الرميل يف « رشحه » ( :نعم ،جيوز للمرأة ذلك بإذن زوجها أو سيدها ؛ ألن هل
غرضا يف تزينها به ) .
وخيضب الشيب حبمرة أو صفرة ؛ اتبااع للسنة ،ويكره أو حيرم بسواد إال يف حالة
احلرب إلرهاب الكفار .
وأما خضاب الشعر باألمحر واألصفر واألسود وغري ذلك من األلوان ..فهو جائز ،
إال عند الشافعية ،فإنه حيرم اخلضاب بالسواد ،وقال غريهم بالكراهة فقط ؛ ملا رواه
اجلماعة إال ابلخاري والرتمذي عن جابر بن عبد اهلل قال :يجء بأيب قحافة يوم الفتح إىل
رسول اهلل ، وكأن رأسه ثغامة ،فقال رسول اهلل « : اذهبوا به إىل بعض نسائه ،
فلتغريه بيشء ،وجنبوه السواد » .
ويف احلديث املتفق عليه بي أمحد والشيخي عن حممد بن سريين قال :سئل أنس
بن مالك عن خضاب رسول اهلل فقال ( :إن رسول اهلل لم يكن شاب إال يسريا ،
ولكن أبا بكر وعمر بعده خضبا باحلناء والكتم ) .
فقال بعضهم :ترك اخلضاب أفضل ؛ حلديث يف انليه عن تغيري الشيب ،وألنه
لم يغري شيبه .
وقال آخرون :اخلضاب أفضل ،فقد خضب مجاعة من الصحابة واتلابعي ومن
بعدهم لألحاديث الواردة يف ذلك .
ثم اختلف هؤالء ،فاكن أكرثهم خيضب بالصفرة ؛ أي :الشقرة ،منهم ابن عمرو
وأبو هريرة وآخرون ،وروي ذلك عن يلع .
وخضب مجاعة بالسواد ،روي ذلك عن عثمان واحلسن واحلسي ابين يلع ،وعقبة
بن اعمر وابن سريين وأيب بردة وآخرين .
والصواب جواز تغيري الشيب وجواز تركه ،وجواز اخلضاب بأي لون اكن ،مع كراهة
اخلضاب بالسواد .
وحيرم استعمال السواد لصبغ الشعر ؛ ملا يف ذلك من اخلداع ومشابهة خلق اهلل
تعاىل ،ويباح يف اجلهاد إلرهاب العدو .
حيرم صبغ شعر الرأس واللحية بالسواد للرجال والنساء ،ويستحب خضاب الشيب
وصبغ الشعر بغري السواد للرجال والنساء بصفرة أو محرة .
وديلل ذلك ما رواه مسلم يف [اللباس والزينة -باب -استحباب خضاب الشيب
بصفرة أو محرة ،وحتريمه بالسواد ،رقم ]2102 :وغريه عن جابر قال :أيت بأيب قحافة
يوم الفتح ،ورأسه وحليته اكثلغامة بياضا ،فقال رسول اهلل « : غريوا هذا بيشء
واجتنبوا السواد » .
[اثلغامة :نبت هل زهر أبيض ،شبه بياض الشيب به .
أبو قحافة :وادل أيب بكر الصديق ، واسمه عثمان أسلم اعم الفتح] .
وروى الرتمذي يف [اللباس -باب -ما جاء يف اخلضاب ،رقم ]1752 :عن أيب هريرة
قال :قال رسول اهلل « : غريوا الشيب ،وال تشبهوا بايلهود » .
عن أيب هريرة ، أن انليب قال « :إن ايلهود وانلصارى ال يصبغون فخالفوهم
».
ولعل احلكمة من حتريم الصبغ بالسواد إنما تعود مملا يف اخلضاب به من الزتوير ،
ّ
وتغيري الواقع ،فإن السواد جيعل من الكبري صغريا ،ومن املسنة شابة يف أعي انلاس ،
فيظنون أمرهما ىلع خالف ما هو عليه يف الواقع .
أما ما عدا السواد ..فقد ال يصل إىل هذا احلد من اتلغري واتلغرير والزتوير .
ونقول بعد هذا :إن اعمة هذه املوضواعت ،إنما تقوم أحاكمها ىلع حمض اتلعبد ،
وىلع االمتثال ،واالختبار اخلالصي .
وخالصة ما قال انلووي يف هذا ابلاب :يف اخلضاب أقوال ،أصحها أن خضاب
الشيب للرجل واملرأة باحلمرة والصفرة مستحب ،وبالسواد حرام .
قال صاحب « املحيط » :هذا يف حق غري الغزاة ،وأما من فعل ذلك من الغزاة ؛
يلكون أهيب يف عي العدو ال للزتين ..فغري حرام ،ولعل ما روي عن عثمان واحلسن
واحلسي خضبوا حلاهم بالسواد ..اكن للمهابة ال للزينة ،واهلل أعلم .انتىه منه .
وحاصل الالكم يف ذلك :أن اخلضاب بالسواد خيتلف حكمه باختالف األغراض
ىلع أقوال :
األول :أن يكون اخلضاب بالسواد من الغزاة ؛ يلكون أهيب يف عي العدو ،وهذا
جائز باالتفاق .
واثلاين :أن يفعله الرجل للغش واخلداع ولريي نفسه شابا وليس بشاب ،فهذا
ممنوع باالتفاق ؛ التفاق العلماء ىلع حتريم الغش واخلداع .
واثلالث :أن يفعله للزينة ،فهذا فيه اختالف بي العلماء ،فأكرثهم ىلع كراهته
حتريما ،وروي عن أيب يوسف أنه قال :كما يعجبين أن تزتين يل يعجبها أن أتزين هلا .
مرشد ذوي احلجا واحلاجة إىل سنن ابن ماجه ( . ) 192 /21