You are on page 1of 73

‫الفصل الثامن‬

‫مل يستطع راكاف وأسرتو أف يعودوا للوطن‬

‫من أجل زفاؼ ريفاؿ ومراد السريع فسافر‬

‫قيس وزوجتو أفناف وابنتهما آفيندار الٍب‬

‫رأت بسفرىا للوطن ىدنة لقلبها ادلكلوـ‬

‫حب ب ب ا أمل بل ونوت أف سبد ططلتها لفَبة‬

‫سبكث لدى طمها سلطاف األقرب لقلبها‬

‫حٌب تن ّفذ ما نوت طليو‪.‬‬

‫تنحي ساىد من‬


‫وما نوت طليو كاف أف ّ‬

‫‪1‬‬
‫تفكريىا سباما وقد شعرت أف تعلّقها بو مرض‬

‫أيخذ منها صحتها وسعادهتا وىي تؤمن أف‬

‫احل ب يهدي لصاحبو السعادة ال احلزف‬

‫لذا طزمت طلى طدـ الرجوع لوالديها إال‬

‫وقد نسيتو سباما وىي قادرة طلى ذلك‪.‬‬

‫تعج ب كثريا أف النس ب مع‬


‫أما قيس فقد ّ‬
‫قبيلة الباشا ما غريىا!‬

‫ولكنو ارأتى أف ىذا أفضل شيء لينسوا ما‬

‫حدث قدديا خاصة أف ادلتسبّبني بذلك قد‬

‫‪2‬‬
‫القوا وجو الكرمي وحساهبم طند هللا وىم ال‬

‫يريدوف أف تستمر العداوة بني القبيلتني‬

‫لشيء مات واندفن منذ سنوات طويلة‪.‬‬

‫بعدما صافحت اجلميع ظلّت طلى صفيح‬

‫ساخن تريد الذىاب لعمها سلطاف ولكن‬

‫وجود الشباب ابجمللس معو دينعها وخجلها‬

‫دينعها أكثر وف ّكرت بفكاىة لو كانت ريفاؿ‬

‫القتحمت اجمللس بتهورىا ادلعروؼ ومل تعرؼ‬

‫هتور ريفاؿ ىو ما أودى هبا دلصري ال‬


‫أف ّ‬

‫‪3‬‬
‫حيسدىا طليو أحد‪.‬‬

‫ما إف غادر الشباب اجمللس حٌب انداىا‬

‫سلطاف حبنو فركضت لو بلهفة وىي هتتف‪:‬‬

‫لك كثريا"‬
‫"طمي سلطااف‪ ,‬لقد اشتقت َ‬
‫ضحك اجلميع وقاؿ فيصل مشاكسا‪:‬‬
‫ِ‬
‫اشتقت لو وضلن‬ ‫ِ‬
‫"طمك سلطاف فقط َمن‬

‫ال اي ابنة قيس؟"‬

‫خجلت حبضن طمها وىي تقوؿ خبفوت‪:‬‬

‫"بل اشتقت لكم مجيعا اي طمي"‬

‫‪4‬‬
‫مث صمتت للحظات قبل أف تتابع بصراحة‪:‬‬

‫"ولكن أكثر َمن اشتقت لو ىو طمي‬

‫سلطاف ال أنكر"‬

‫ساد ادلرح بينهم ومصع ب يقوؿ لو‪:‬‬

‫لك اي سلطاف حب ب أمرية البنات"‬


‫"ىنيئا َ‬
‫وأماـ اجمللس وقف واضعا يده طلى قلبو‬

‫الذي نبض بطريقة غريبة حاؿ رؤيتو‬

‫آلفيندار ابنة طمو قيس حبضن والده‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫***‬
‫"اي إذلي نسيت ىاتفي ابجمللس‪ ,‬اذىبوا دلراد‬

‫وأان سأحضر اذلاتف وأتبعكم"‬

‫قاؿ داغر وطاد أدراجو للمجلس الذي‬

‫ذبمد‬
‫حلسن حظو مل يبتعد طنو كثريا ولكنو ّ‬
‫أماـ اجمللس للمشهد الذي رآه فابنة طمو‬

‫ادلغَببة والٍب مل يرىا منذ فَبة كبرية ساكنة‬

‫يضمها لو ويشاكس‬
‫حبضن والده الذي ّ‬
‫البقية حببها واشتياقها لو وىي تصدح‬

‫‪6‬‬
‫ببساطة اشتياقها لوالده أكثر من اجلميع‪..‬‬

‫"اي إذلي! أىذه آفيندار الصغرية؟"‬

‫سبتم داغر بذىوؿ وىو يرى ابنة طمو برباءهتا‬

‫ادلشرقة الٍب خطفت بصره بطريقة مل يعهدىا‬

‫بنفسو أبدا وال يعلم ِملَ تؤثّر بو وىو الذي مل‬

‫يتأثّر أبنثى قب ا!‬

‫أفاؽ من شروده هبا طلى ضربة ليث ومجلتو‬

‫ال ائمة‪":‬أين غض البصر اي ابن طمي؟"‬

‫استجاب لو داغر وىو يشيح ببصره‬

‫‪7‬‬
‫بصعوبة مستغفرا فابتسم ليث الذي يرى‬

‫ادلقرب وابن طمو هبذه احلالة ألوؿ‬


‫صديقو ّ‬
‫مرة فما حدث أف لفتت نظره فتاة من قبل‬

‫السبق‪.‬‬
‫ولكن يبدو أف آفيندار سيكوف ذلا ّ‬
‫***‬
‫"ما ابلك متوترا ىكذا اي مراد؟ ماذا ستفعل‬

‫العروس إذا؟"‬

‫شاكسو حيدر دبرح فابتسم لو وىو يفكر‬

‫(بكل أتكيد تنعي حظها ابلزواج من رجل‬

‫‪8‬‬
‫مل تره يوما كما ينعي حظو)‬

‫ربّت حسن طلى ظهره بدطم وىو يقوؿ‬

‫مباركا‪":‬زجية الدىر إف شاء هللا اي مراد"‬

‫ّأمن اجلمع دبن فيهم مراد طلى قولو وىو‬

‫يبتسم لو ليشاكسو شهم‪":‬العقىب طندؾ‬

‫بك‬
‫اي رفيق‪ ,‬ألن ربن طلينا وتفرح قلوبنا َ‬
‫وتتزوج اي رجل؟ لقد أصبحت طجوزا"‬

‫ضحك حسن وساد جو من ادلرح طندما‬

‫أجابو حيدر‪":‬أخربه اي شهم‪ ,‬لقد تعبت من‬

‫‪9‬‬
‫حثّو طلى الزواج حٌب أنين شككت دبيولو‬

‫لوىلة"‬

‫ضربو حسن ِبغلظة وداخلو يهتف‬

‫(من أريدىا صلمة بعيدة‪ ,‬كيف يل أف أصل‬


‫َ‬
‫إليها وبداخلي كل ىذا الوجع؟!)‬
‫"مل ِ‬
‫أيت النصي ب بعد"‬

‫قاؿ حسن برزانتو ادلعهودة فرمقو دايب‬

‫اببتسامة ماكرة وىو يعلّق طلى قولو‪:‬‬

‫"قرب هللا النصي ب وجعلنا نفرح بكما قريبا‬


‫ّ‬

‫‪11‬‬
‫اي طبي ب"‬

‫ابتسم حيدر طلى ارتباؾ م امح حسن‬

‫بنظرات دايب الذي طلى ما يبدو الحظ‬

‫طشق حسن البنة طمو شيهانة ولكن ىل‬

‫يعلم دايب ِسر إطراض حسن طن التصريح‬

‫برغبتو ابلزواج بشيهانة أـ ال؟ ىذا ىو‬

‫السؤاؿ!‬

‫****‬
‫جالسة ابلغرفة ومعها شقيقتيها ينظراف إليها‬

‫‪11‬‬
‫أبمل طلى حاذلا‪ ..‬دلاذا حيدث ىذا معهن؟!‬

‫طليهن طدـ اختيار أزواجهن؟!‬ ‫ ب‬‫دلاذا ُكتِ‬


‫ّ‬ ‫َ‬
‫قن‬
‫ذلن قلوب وأح اـ يتُ َ‬
‫ألسن بشرا ّ‬
‫لتحقيقها؟‬

‫"ألن ترتدي ثوب الزفاؼ اي ُرََب‪ ,‬لقد امتأل‬

‫ادلكاف ابدلدطوات واقَبب موطد رليء‬

‫العريس"‬

‫قالت طود هبدوء ربث أختها طلى النهوض‬

‫من جلستها الٍب ال فائدة ذلا‪ ..‬فقد طُ ِق َد‬

‫‪12‬‬
‫القراف ابلفعل وال سبيل ل اطَباض اآلف أو‬

‫العودة فيما حدث‪ ..‬ىذا نصيبهن وطليهن‬

‫الرضا بو مهّت خزامى ابلتحدث إال أف طود‬

‫لكزهتا حبدة حٌب ال تفسد ما تفعلو فصمتت‬

‫طلى مضض مث شعرت بتأني ب الضمري ذباه‬

‫يغري ذلك‬
‫ُرَب‪ ..‬فحٌب لو وقفت معها لن ّ‬
‫شيء لذا فعليها مساطدة طود فيما تفعلو‬

‫بدال من التأفف واالطَباض الذي ال فائدة‬

‫منو‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫زفرت خبفوت ومسّت هللا مث اقَببت من ُرَب‬

‫وىي تقوؿ دبرح مصطنع‪":‬ىيا اي طروس‪,‬‬


‫افقك لعر ِ‬
‫يسك‪,‬‬ ‫سيأيت أيب بعد قليل لري ِ‬

‫العقىب لنا قريبا"‬

‫ابتسمت ذلا ُرَب ابمتناف وىي تنهض معها‪,‬‬

‫تعلم أف كل ىذا مصطنع فهي تعرؼ جيدا‬

‫مشاطر أختيها إال أهنا شاكرة ذلما دطمها‬

‫وما حيزهنا حقا أهنا ستغادرمها ولن تكوف‬

‫معهما بعد اليوـ سوى زائرة لفَبة زلدودة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫أكملت ارتداء م ابسها وجاءت والدهتا‬

‫ومعها والدىا الذي ابتسم ذلا حبنو ما إف‬

‫رآىا‪..‬‬

‫ُرَب بِكريتو اذلادئة اجلميلة وإف أنكرت وإف‬

‫أنكر الكوف أهنا ابنتو البيولوجية إال أنو‬

‫والدىا الذي أحبها ومل حيمل ذلا ضغينة أبدا‪,‬‬

‫لقد أنزؿ هللا حبها بقلبو منذ مولدىا فهي‬

‫بنظره ضحية مثلهما حٌب أنو مل يوافق طلى‬

‫إجهاضها ومل يعلم أحد أهنا ليست ابنتو حٌب‬

‫‪15‬‬
‫أخويو‪.‬‬
‫"رَب حبيبٍب‪ ,‬مبارؾ اي قرة طني ِ‬
‫أبيك"‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫قاذلا سليم حبنو وطاطفة واضحة لألطمى‬

‫فابتسمت لو ُرَب حبزف شاب م ازلها فهي‬

‫مل تُ ِرد يوما مفارقتو وأمها حٌب لو حلمت‬

‫بزوج حيبها كما ىي وال جيرحها بسب ب ال‬

‫يصع ب طليها‬
‫دخل ذلا فيو إال أف أكثر ما ّ‬
‫ىذا الزواج ىو مفارقة أسرهتا الٍب تعشق‪.‬‬

‫"سأفتقدؾ كثريا أيب"‬


‫َ‬

‫‪16‬‬
‫قالت ُرَب حبزف فضمها سليم لو بقوة وىو‬
‫ِ‬
‫جانبك دوما‬ ‫يقوؿ ذلا‪":‬سأكوف ِ‬
‫معك وإىل‬
‫ِ‬
‫يضيمك‬ ‫حبيبٍب‪ ,‬لقد وطدين مراد أنو لن‬

‫أبدا وأان أثق بوطود الزىرانية"‬


‫ِ‬
‫ظلمتك اي ابنٍب‬ ‫صمت قلي ا مث سأذلا‪":‬ىل‬

‫هبذه الزجية؟"‬

‫نفت حبركة من رأسها وىي تقوؿ بصدؽ‪:‬‬

‫أنك تفعل الصاحل يل دوما‬


‫"ك ا أيب‪ ,‬أطلم َ‬
‫بك وابختيارؾ"‬
‫وأان أثق َ‬

‫‪17‬‬
‫ربّت طلى وجنتها حب ب لتقوؿ والدهتا ططر‬

‫الٍب سالت دموطها دلشهدمها‪:‬‬

‫"أفسح الطريق اي سليم واترؾ يل ابنٍب‬

‫أضمها قبل الرحيل"‬


‫ّ‬
‫ونربهتا ادلهتزة فضحت أتثرىا ووجعها طلى‬

‫فراؽ ابنتها فهي وإف سبنّت بلحظة أف‬

‫ذبهضها جنينا إال أهنا وقعت حببها ما إف‬

‫تعافت وأصبحت أقرب بناهتا ذلا حٌب أهنا‬

‫أتخذ م ازلها كاملة مع أغل ب صفاهتا‬

‫‪18‬‬
‫فضمتها وىي تدطو هللا أف جيعل حظ ابنتها‬
‫ّ‬
‫كحظها وأفضل‪.‬‬

‫***‬
‫أمسك سلطاف بذراطو وىو ينتظر العروس‬

‫أوصيتك اي مراد‪ ,‬هللا هللا‬


‫َ‬ ‫قائ ا خبفوت‪":‬كما‬

‫أمانتك فاستوصي هبا خريا بين"‬


‫َ‬ ‫ابلفتاة‪ ,‬ىي‬

‫أومأ مراد وىو يقوؿ لعمو‪":‬ال تقلق طمي"‬

‫وبداخلو حقا نوى طلى رطايتها ف ا ذن ب ذلا‬

‫مثلو بشيء‪ ,‬لقد كتبهما هللا لبعضهما وهللا‬

‫‪19‬‬
‫كل أمره خري‪.‬‬

‫استلمها من والدىا الذي قاؿ لو‪:‬‬

‫أوصيك‬
‫َ‬ ‫قرة طيين اي مراد ولن‬
‫أططيتك ّ‬
‫َ‬ ‫"لقد‬

‫طليها فأان أطرؼ أنك رجل من ظهر رجل‬

‫وستصوهنا جيدا"‬

‫أومأ لو مراد وىو ديسك بكفها الذي ارتعش‬

‫بكفو وىو يقوؿ‪":‬ىي بعيين اي طمي‪,‬‬

‫ال تقلق طليها"‬

‫ساطدىا مراد طلى الصعود إىل السيارة الٍب‬

‫‪21‬‬
‫ستوصلهما لشقتهما الذي سيبيتاف هبا الليلة‬

‫ويسافراف ابلصباح إلحدى ادلدف الساحلية‬

‫ىدية من والده ذلما‪..‬‬

‫كل ىذا وىو مل يكشف وجهها حٌب فلم‬

‫يوافق طلى الدخوؿ إليها لدى النساء كما‬

‫ضل ك امها أف يستلما‬


‫فعل طريس أختو وف ّ‬
‫طروسيهما أماـ السيارة والرحيل‪.‬‬

‫قاد هبما داغر وتبعو شباب الزىرانية‬

‫بسياراهتم حٌب وصلوا شقة مراد وادلنفصلة‬

‫‪21‬‬
‫نوطا ما طن منزؿ طائلتو لكن قريبة من‬

‫زليطو وتركوا العريساف يدخ اف بعد أف‬

‫رحبت هبما النساء مث انصرؼ اجلميع كل‬


‫ّ‬
‫إىل وجهتو‪.‬‬

‫***‬
‫وقف سلطاف جبوار غازي الذي كاف ابنتظار‬

‫طروسو وىو خيربه هبدوء‪":‬هللا هللا يف ابنتنا‬

‫اي غازي‪ ,‬لقد تركناىا يف أمانتك فكن طلى‬

‫قدر األمانة"‬

‫‪22‬‬
‫"ال تقلق اي شيخ سلطاف‪ ,‬ابنتكم يف طيين"‬

‫مث أتبع قولو بتساؤؿ ماكر‪":‬أمل أتخذ‬

‫الضماانت الكافية اي شيخ؟‬

‫انظره سلطاف للحظات مث قاؿ هبدوء حازـ‪:‬‬

‫"ال تتّخذ شلا حدث مربرا ألفعالك معها‬

‫وأنت‬
‫أنت َمن أردهتا وجئت طالبا ذلا َ‬
‫وتذ ّكر َ‬
‫تعلم كل شيء‪ ,‬فكن كرديا معها كما كنت‬

‫مع والدىا‪ ,‬ولو مل تُ ِردىا فنحن أوىل هبا"‬

‫ابتسم لو غازي يطمئنو وقد أخجلو رد‬

‫‪23‬‬
‫سلطاف‪":‬إهنا أمانٍب اي شيخ سلطاف وأان أىل‬

‫لألمانة"‬

‫"والنِّعم بك بين"‬

‫قاذلا سلطاف ابطمئناف وىو يعلم أف نظرتو بو‬

‫لن زبي ب‪..‬‬

‫لقد سأؿ طنو جيدا ولوال ذلك دلا أططاه‬

‫ريفاؿ مهما حدث لذا يستبشر بو خريا أف‬

‫هتور ريفاؿ ورطونتها ويدطو هللا‬


‫خي ّفف من ّ‬
‫أف يكوف ذلا السكن كما أي ِمل بو‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وصلت طنده ريفاؿ زلاطة بعميها قسورة‬

‫وفيصل وكل منهما يوصيو طليها فابتسم‬

‫ذلما مطمئنا وىو يتناوؿ كفها ويساطدىا‬

‫طلى الصعود للسيارة الٍب يقودىا طمراف‬

‫شقيقو والذي مازاؿ مراتاب بزواجو السريع‬

‫والغري ب من قبيلة كانت طدوهتم لسنوات‬

‫إال أنو أخربه أف قلبو اختارىا ومل يستطع‬

‫رفض اختياره وال يعلم ىل اقتنع شقيقو أـ‬

‫ال وال يهمو حقا اقتناطو من طدمو‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫***‬
‫قادىا إىل اجلناح ابرتباؾ ال يعلم ماذا طليو‬

‫أف يقوؿ ويفعل مع طروسو الذي يراىا ألوؿ‬

‫مرة وكأنو زواج من حقبة قددية أو ردبا طادوا‬

‫ابلزمن وال يعلم‪..‬‬

‫زفر خبفوت قبل أف يقوؿ ذلا‪:‬‬


‫"مبارؾ ِ‬
‫لك ُرَب"‬

‫لك أيضا"‬
‫"مبارؾ َ‬
‫أجابت ُرَب بصوت رقيق جعلو حيبس أنفاسو‬

‫‪26‬‬
‫للحظات‪ ..‬اي هللا! إف صوهتا كنغم موسيقي‬

‫يطرب القل ب قبل األذف اقَبب منها‬

‫فَباجعت للخلف فابتسم خلجلها ومل يعلم‬

‫أهنا زبشى ىذه اللحظة خاصة‪ ..‬زبشى‬

‫اللحظة الذي سريفع غطاء وجهها طنها‬

‫وتشوه‪..‬‬
‫ويرى وجهها ّ‬
‫مل تكمل الكلمة داخلها إال وقد رفع النقاب‬

‫طن وجهها وابتسم ذلا ابتسامة واسعة قائ ا‪:‬‬


‫ِ‬
‫مجالك ابلفعل إال أف‬ ‫"لقد أخربوين طن‬

‫‪27‬‬
‫الس َمع"‬
‫الرؤية أفضل كثريا من َ‬
‫رفعت لو وجهها مذىولة دبا قاؿ!‬

‫ىل يسخر منها؟!‬

‫أي مجاؿ ىذا الذي ح ّدثوه طنو؟ أمل خيربه‬

‫طما هبا؟‬
‫أحد ّ‬
‫أـ أخربوه وىو يسخر منها ومن حظو الذي‬

‫أوقعو هبا؟!‬

‫ت اقت طينامها فحبس أنفاسو وىو يضيع‬

‫بعينيها الفاتنتني ادلرتبكتني واللتني تنظراف لو‬

‫‪28‬‬
‫واهتاـ وال يعلم ِملَ؟!‬
‫بشك ّ‬
‫ِ‬
‫أخربتك أف النظر‬ ‫"ىل ستتهميين ابجلنوف لو‬
‫ِ‬
‫طينيك جيل ب طعم الزيتوف الذي أطشقو‬ ‫إىل‬

‫إىل فمي؟!"‬

‫قاؿ مراد مسحورا دبا يرى فرمقتو ُرَب بغرابة‬

‫فاغرة فاىا دلا يقولو وال تعلم أيهذي أـ أنو‬

‫يتناوؿ سل ّدرا ما وىو ليس بوطيو اآلف‬

‫وال يراىا من األساس!‬

‫رأى دىشتها فضحك حبرج وىو يقوؿ‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫كك تب ّدلني ِ‬
‫ثيابك حٌب نصلّي‬ ‫"حسنا سأتر ِ‬

‫ركعتني قبل تناوؿ العشاء"‬

‫مهّت ابلقوؿ أهنا ليست جائعة إال أنو قاطع‬

‫ما كانت ستقولو وىو يقوؿ‪":‬أان أتضور‬


‫جوطا وبكل أتكيد ِ‬
‫أنت مثلي ف ا داطي‬

‫للخجل خاصة أف ىناؾ الكثري من اخلريات‬

‫ابخلارج تنتظران"‬

‫غمزىا دبرح وىو يغادر الغرفة اتركا إايىا‬

‫تنظر إبثره بذىوؿ شلا حدث وىي تتمتم‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫"أيراين حقا أـ أنو مغيّ ب ِبفعل طقار ما؟!"‬

‫***‬
‫الص َعداء فقد‬
‫حادلا خرج من طندىا تن ّفس َ‬
‫شعر أف روحو طلقت دب ازلها وخاصة‬

‫طينيها وخشي أف أتَب العودة لو مرة‬

‫أخرى‪..‬‬

‫ابتسم بب اىة وىو يسأؿ نفسو‪:‬‬

‫التشوه الذي أخربوه أهنا تشعر‬


‫(أين ىذا ّ‬
‫ابحلرج منو؟ مل َير شيئا يستحق كل ىذه‬

‫‪31‬‬
‫اجللبة فبضع آاثر من حادث قدمي ال يؤثر‬

‫أبدا طلى مجاذلا وستكوف محقاء لو أتثّرت‬

‫بك اـ أي كاف طنها‪..‬‬


‫ِ‬
‫يتمتم‪":‬لديك كل احلق‬ ‫ابتسم لنفسو وىو‬

‫خالٍب مشوخ‪ ,‬إهنا دطوة أمي الصادقة يل‬

‫بليلة قدر‪ ,‬فتبدو طليها الطيبة والتهذي ب‬

‫وأظن أف حياتنا معا ستكوف أكثر من جيدة"‬

‫***‬
‫"ادخلي ريفاؿ"‬

‫‪32‬‬
‫قاذلا غازي الذي أغلق ابب الشقة ودخل‬

‫ومازالت ىي واقفة جوار الباب وكأهنا تبغي‬

‫اذلرب‪..‬‬

‫دلفت خبطوات بطيئة وىي تفكر أف الشقة‬

‫أنيقة حقا كما أخربهتا غزؿ الٍب ساطدت‬

‫بوضع حاجياهتا وردبا كانت ستفرح هبا لو مل‬

‫يكن طليها أف تشاركو هبا‪.‬‬

‫أشار إىل غرفة النوـ وىو يقوؿ هبدوء‪:‬‬


‫غرفتك‪ ,‬ادخلي وأبديل ِ‬
‫ثيابك حٌب‬ ‫ِ‬ ‫"ىذه‬

‫‪33‬‬
‫نصلّي مث نتناوؿ العشاء"‬

‫رمقتو بعدـ فهم للحظات قبل أف تتحرؾ‬

‫رافعة رأسها بكربايء فارغ وىي تقوؿ‪:‬‬

‫"ال أريد الطعاـ"‬

‫صمتو داـ للحظات قبل أف يصلها صوتو‬

‫احلازـ‪":‬اطتادي منذ اليوـ أف كل شيء‬

‫سأقولو سيُػنَػ ّفذ دوف نقاش‪ ,‬لقد َوَىل طهد‬

‫الدالؿ اي ابنة الزىرانية"‬

‫دلفت إىل الداخل خبوؼ من كلماتو ونربتو‪..‬‬

‫‪34‬‬
‫رب ّدث نفسها أنو سليف جدا بطريقتو اجلادة‬

‫يصوهبا‬
‫والصارمة ونظراتو اجلامدة الٍب ّ‬
‫ذباىها‪ ..‬وتعَبؼ بينها وبني نفسها أهنا زبافو‬

‫حقا أكثر شلا خافت من أي شخص حٌب‬

‫دايب ابن طمها ادلخيف‪.‬‬

‫زفرت خبفوت وىي تن ّفذ تلقائيا ما أخربىا‬

‫بو لتعود للخارج بعد حلظات وذبده قد‬

‫أبدؿ م ابسو ىو أيضا منتظرا إايىا طلى ما‬

‫يبدو للص اة فوقفت خلفو تصلّي وتبكي‬

‫‪35‬‬
‫بندـ طلى ما فعلتو وكانت نتيجتو ما حيدث‬

‫معهااآلف وما سيحدث بعد ذلك‪..‬‬

‫أطاؿ ابلص اة حٌب تفرغ ما بقلبها قلي ا مث‬

‫استقاـ بعدما أهنى الركعتني وىو خيربىا‪:‬‬

‫"الطعاـ ابنتظاران"‬

‫سارت خلفو ومل زبلع ثوب الص اة فقد‬

‫شعرت ابخلجل طلى الرغم أهنا ترتدي ثواب‬


‫رايضيا ومل تر ِ‬
‫تد ثوب النوـ الذي رأتو‬

‫موضوطا طلى الفراش وشعرت بوجهها‬

‫‪36‬‬
‫حيَبؽ طندما فكرت أف ترتديو أمامو فهو‬

‫ليس زواجا طاداي حٌب تفعل شيئا كهذا‬

‫وغالبا لن يكوف‪.‬‬

‫انتهى الطعاـ وقد اكتشفت أهنا جائعة حقا‬

‫فأكلت بشهية رغما طنها وطن ابتسامتو‬

‫الٍب الحظتها وىو ينظر ذلا إال أهنا ذباىلتو‬

‫وقلبها خيتل نبضو طندما الحظت وسامتو‬

‫والغمازة الٍب ابلكاد الحظتها بني شعريات‬

‫حليتو والٍب جعلتو أكثر وسامة‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫وخبت نفسها‪ ..‬لقد ر ِ‬
‫أيت َمن ىو أكثر‬ ‫ّ‬
‫وسامة منو ف ُك ّفي طن أمور ادلراىقة ىذه‪.‬‬

‫"ىناؾ أشياء طلينا التحدث طنها اي ريفاؿ‬

‫قبل أف تنتهي ىذه الليلة فهي ستحدد‬

‫شكل ط اقتنا معا"‬

‫قاؿ غازي هبدوء فناظرتو بتساؤؿ ليتابع‪:‬‬

‫"ما بيننا سيظل بيننا فقط‪ ,‬ال أحد يعرفو‪,‬‬

‫وال أحد يتد ّخل بيننا أبي شيء مهما كاف‪..‬‬


‫ِ‬
‫طلباتك ستكوف رلابة من مأكل وملبس‬ ‫كل‬

‫‪38‬‬
‫ومشرب ودراسة أيضا لو ِ‬
‫أردت وابدلقابل‬
‫كل أمور ادلنزؿ ِ‬
‫أنت َمن ستقومني هبا فأان‬

‫ال أح ب أف يعبث غري ب أبشيائي"‬

‫صمت للحظات قبل أف يتابع‪:‬‬

‫"حياتنا ستكوف منفصلة طن العائلة أغل ب‬

‫الوقت إال أننا سنذى ب ىناؾ ونتناوؿ‬


‫ِ‬
‫ط اقتك الطيبة‬ ‫الوجبات أحياان لديهم لذا‬

‫معهم ىامة وخاصة أمي‪ ,‬وأي شيء خب اؼ‬

‫ذلك لو حق ادلناقشة"‬

‫‪39‬‬
‫كادت ترد طلى زلاضرتو برد ساخر إال أهنا‬

‫كبحت هتورىا وىي تومئ بصمت فللحق‬

‫ىو مل خيطئ بشيء وىذا ولو أطجبها فقد‬

‫أاثر حنقها منو وشعورىا بتفوقو طليها طواؿ‬

‫الوقت‪.‬‬

‫***‬
‫دلفت إىل الغرفة الٍب قاؿ طليها غرفتها‬

‫لتسَبيح من طناء اليوـ وىي تفكر أبف ىذه‬

‫ليلة زفافها وستقضيها وحيدة‪ ,‬حزينة‪ ,‬دوف‬

‫‪41‬‬
‫كلمة واحدة حٌب طن مظهرىا الذي فًب‬

‫احلضور مجيعا كما وصلها من سبتماهتن‪.‬‬

‫َمن زبيّل أف يوـ زفافها سيكوف هبذا احلزف؟!‬

‫ىي ريفاؿ الٍب تشع جنوان ومرحا وحيوية دير‬

‫يوـ زفاىا هبذه الكآبة؟!‬

‫ىي َمن حلمت دوما بوالدىا الذي ديسك‬

‫بذراطها بكل فخر ويسلّمها لعريسها يوصيو‬

‫هبا وىي تتعلّق بو بدالؿ ال تريد تركو‬

‫فيضحك من بني دموطو لفراقها وخيربىا أف‬

‫‪41‬‬
‫طريسها ينتظر طلى أحر من اجلمر ومل يعد‬

‫لديو صرب إال أنو ابلواقع مل يتحقق أي شيء‬

‫صنع يديها!‬
‫شلا حلمت بو وكلو ُ‬
‫فرطت وخانت هللا قبل والديها لذا‬
‫ىي ّمن ّ‬
‫كاف البد ذلا من طقاب رادع طلى قدر‬

‫فِعلتها وطليها أف تتقبّل كل شيء بنفس‬

‫راضية‪ ,‬صامتة‪ ,‬راجية الصفح يوما ما‪.‬‬

‫قاطع أفكارىا دخوؿ غازي ادلفاجئ للغرفة‬

‫فانتفضت مكاهنا رباوؿ إخفاء نفسها طنو‬

‫‪42‬‬
‫ربت نظراتو الساخرة وقولو‪":‬ال تقلقي‪ ,‬أان‬
‫ِ‬
‫نسيت"‬ ‫ِ‬
‫زوجك لو‬

‫توقّفت طما تفعل وىي تعي احلماقة الٍب‬

‫تفعلها وجعلتو يسخر منها لذا وقفت‬

‫بك إىل ىنا؟"‬


‫تتخصر لو قائلة‪":‬ما الذي أتى َ‬
‫ّ‬
‫رفع حاجبو بدىشة قائ ا‪":‬أليست غرفٍب؟‬

‫أريد النوـ"‬

‫"ك ا إهنا غرفٍب أان"‬

‫قالت بغباء فلوى شفتيو ساخرا وىو يقوؿ‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫"مل أكن أطلم أف لكل منّا غرفة‪ ,‬فبقبيلتنا‬

‫ادلرأة ذباور زوجها طلى فراش واحد وبغرفة‬

‫واحدة‪ ..‬أخيتلف األمر طندكم؟"‬

‫ضت شفتيها بغيظ وىي تقوؿ‪":‬ألست َمن‬


‫طّ‬
‫أخربين أهنا غرفٍب؟ دلاذا جئت إىل ىنا إذا؟"‬
‫"أظنين أخرب ِ‬
‫تك السب ب للتو‪ ,‬أريد النوـ‬
‫ِ‬
‫غرفتك اي ابنة الزىرانية‪,‬‬ ‫وىذه غرفٍب كما‬
‫يبدو أنين سأسأؿ ِ‬
‫طمك ىل الزوج لديكم‬

‫يناـ جوار زوجتو أـ بغرفة أخرى"‬

‫‪44‬‬
‫ابتلعت ريقها خبوؼ وتوتر من وجوده بنفس‬

‫ادلكاف وطقلها يوحي ذلا أنو سيأخذىا رغما‬

‫طنها ألهنا لن تكوف راضية بكل أتكيد إال‬

‫ربولت للجمود ونربتو الٍب‬


‫أف م ازلو الٍب ّ‬
‫ماثلتها مجودا وإف شاهبا احتقارا واضحا‬

‫جعلها تتي ّقن أف كل ما ف ّكرت بو خاطئ‪:‬‬

‫"اطمئين اي زوجٍب العزيزة‪ ,‬جئت للنوـ فقط‬

‫وال شيء غري النوـ فأان متع ب من ذبهيزات‬

‫العرس"‬

‫‪45‬‬
‫صمت للحظات مث أخربىا بنربة جرحتها‬

‫تظين للحظة أنين سأقَبب من‬


‫للصميم‪":‬ال ّ‬
‫فض ات آخر‪ ,‬زواجنا كاف من أجل ِ‬
‫والدؾ‬

‫والصلح فقط أما غري ذلك أزيليو من‬


‫ُ‬
‫فلست ِ‬
‫أنت األنثى الٍب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تفكريؾ سباما‪,‬‬

‫سبنّيت"‬

‫واستلقى طلى الفراش هبدوء يدير ذلا ظهره‬

‫بعدما طعن أنوثتها بكل ىدوء وتركها بقل ب‬


‫ٍ‬
‫ابؾ وإف مل تسقط منها دمعة واحدة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫***‬
‫أطعمها بيديو فازداد خجلها وىي تقوؿ‪:‬‬

‫"لقد شبعت"‬

‫رفع حاجبو دبشاكسة قائ ا‪":‬أين الطعاـ‬

‫الذي أكلتيو لتشبعي ُرَب؟ إف طصافري‬


‫شيهانة أتكل أكثر ِ‬
‫منك"‬

‫سألتو‪":‬من تكوف شيهانة؟‬


‫َ‬ ‫ابتسمت خبجل مث‬

‫امسها شليز جدا"‬

‫ابتسم ذلا وىو جيي ب‪":‬شيهانة تكوف ابنة‬

‫‪47‬‬
‫طمي مصع ب وىي أكرب وأوؿ حفيدة‬

‫للزىرانية لذا ذلا مكانة كبرية وشليزة بقلوبنا‬

‫مجيعا‪ ,‬ىي أختنا الٍب دللتنا خاصة أان فقد‬

‫كنت اثين األحفاد لذا مل يكن ىناؾ سواان‬

‫نلع ب معا ونعتين ابلبقية الذين ُولِدوا خلفنا"‬

‫كاف يتحدث معها ابستفاضة وبساطة حٌب‬

‫يزيل قلقها الواضح بكل خلجة من‬

‫خلجاهتا فاندرلت معو وىو خيربىا طن أبناء‬

‫طمو البنات والشباب وط اقتهم ادلميزة‬

‫‪48‬‬
‫مجيعا فابتسمت وىي زبربه‪":‬ط اقتكم مجيلة‬

‫كثريا‪ ,‬هبا الكثري من احلناف واأللفة"‬

‫أومأ موافقا وىو يقوؿ‪":‬إهنا حقيقة وطلى‬

‫الرغم أنين مل أندمج مع أغل ب أبناء طمي‬

‫ردبا لفارؽ العمر أو التفكري إال أف حيدر‬

‫ومن أذى ب لو طندما‬


‫األسعد ىو أقرهبم يل َ‬
‫احتاج أي شيء"‬

‫لك أيضا؟"‬
‫"ومن ىو؟ ابن طم َ‬
‫َ‬
‫"ك ا إنو من طائلة أخرى تربطنا بينهم نس ب‬

‫‪49‬‬
‫ومنا"‬
‫ولك هنتربىم أبناء طم لنا ّ‬
‫انتهى الطعاـ فنهض يساطدىا وينظّم ادلكاف‬

‫معها فابتسمت لو خبجل وىي تقوؿ‪:‬‬

‫طنك سأفعل أان"‬


‫"اترؾ َ‬
‫"لقد اطتدت طلى ذلك منذ صغري اي ُرَب‪,‬‬

‫نساطد أمي أو نساطد بعضنا أبي مكاف‬

‫نكوف فيو"‬

‫قاؿ مراد بلطف وما إف انتهيا حٌب أخربىا‪:‬‬

‫"أان مرىق جدا وأريد النوـ يف احلاؿ"‬

‫‪51‬‬
‫شحبت م ازلها والحظ ذلك بعينيو‬

‫ادلسلّطتني طليها فابتسم ذلا بلطف وىو‬

‫ديسك كفها بني كفيو قائ ا‪:‬‬

‫"أطلم أف زفافنا جاء سريعا ومل نعرؼ شيئا‬

‫لنتعرؼ‬
‫طن بعضنا لذا أمامنا العمر أبكملو ّ‬
‫طلى بعض وف‪"...‬‬

‫صمت حبرج ال يعلم ماذا يقوؿ!‬

‫تنحنح مث قاؿ‪":‬ىيا ُرَب وال تقلقي لن أفرض‬


‫ِ‬
‫طليك شيئا"‬

‫‪51‬‬
‫وقد كاف‪ ..‬فما إف وضع رأسو طلى الفراش‬

‫بسبات طميق لتلتقط ىي أنفاسها‬


‫حٌب راح ُ‬
‫ببطء وتظل تنظر لو لفَبة قبل أف تغفو‬

‫جواره وآخر ما ف ّكرت فيو أنو سلتلف طن‬

‫أبناء طمها كثريا ويبدو أف حياهتا معو لن‬

‫تكوف ابلسوء الٍب زبيّلتو‪.‬‬

‫***‬
‫"كاف الزفاؼ مجي ا جدا"‬

‫قالت خنساء لزوجها حرب وىي زبلع طنها‬

‫‪52‬‬
‫ثياب االحتفاؿ فأومأ ذلا وىو يقوؿ‪:‬‬

‫"أجل‪ ,‬لقد توقّعت أف حيدث أي شيء‬

‫آلخر حلظة إال أنو مل حيدث و هل احلمد‬

‫ومر األمر طلى خري بفضل هللا"‬


‫ّ‬
‫أخربؾ إايه حرب"‬
‫"ىناؾ ما أريد أف َ‬
‫قالت خنساء بَبدد وىي تقَبب منو فجذهبا‬

‫بني أحضانو وىو يقوؿ‪":‬أخربيين ما تريدين‬


‫ِ‬
‫دبكانك اي قل ب حرب وروحو"‬ ‫ِ‬
‫وأنت‬

‫ابتسمت وىي تضم ذلا جسدىا تطمئن‬

‫‪53‬‬
‫برائحة وجوده وذراطيو حييطاهنا حب ب وحنو‬

‫كما اطتادت منو مث قالت‪":‬أان حامل"‬

‫انتفض حرب يبعدىا طنو ينظر ذلا بعدـ‬

‫تصديق وىو يقوؿ‪":‬أتقولني الصدؽ‬

‫خنساء؟"‬

‫أومأت وىي ترى فرحتو الٍب توقعتها بعد‬

‫سنوات مل ينجح رمحها ابلتقاط بذرة أخرى‬

‫بعد ابنتهما بيداء فعاد يضمها بقوة وىو‬

‫يقوؿ‪":‬مبارؾ لنا اي أـ البيداء‪ ,‬غدا نذى ب‬

‫‪54‬‬
‫ِ‬
‫صحتك وصحة‬ ‫للمشفى ونطمئن طلى‬

‫اجلنني"‬

‫"ىل تريد أخ أـ أخت لبيداء؟"‬

‫سألتو وىي تعلم رده وكما توقّعت قاؿ‪:‬‬

‫"ال يهم نوطو‪ ,‬ما يهمين أف تكوان بصحة‬

‫جيدة وكل ما دوف ذلك دير"‬

‫انمت طلى صدره وىي تدطو أف يقر طينها‬

‫ىذه ادلرة بذكر حٌب تراتح محاهتا الٍب ما‬

‫فتِأت تلومها طلى طدـ محلها وجلبها الذكر‬

‫‪55‬‬
‫الذي سيحمل اسم والده وجده وكأف األمر‬

‫بيدىا!‬

‫****‬
‫"تُرى كيف حاؿ ُرَب اآلف؟"‬

‫قالت طود بقلق فابتسمت خزامى بشقاوة‬

‫وىي تقوؿ‪":‬زوجها وسيم جدا‪ ,‬لذا ستكوف‬

‫بني أحضانو سعيدة بكل أتكيد ال تقلقي‬

‫طليها"‬

‫ضرهبا طود وىي تضحك‪":‬وىل األمر‬

‫‪56‬‬
‫ابلوسامة اي فتاة؟"‬

‫ضحكت معها خزامى وىي تقوؿ‪:‬‬

‫"ال‪ ,‬ولكن الوسامة زبفف من وقع األمر‬

‫بكل أتكيد أخٍب"‬


‫انظرهتا طود دبكر قائلة‪":‬إذا ِ‬
‫أنت ستكوين‬

‫أكثران حظا فوسامة ابن العم ال خيتلف‬

‫طليها اثناف"‬

‫امتعضت م امح خزامى وىي تقوؿ‪:‬‬

‫"ىذا خاصة ولو كاف بو وسامة العامل كلو ال‬

‫‪57‬‬
‫أطيق رؤيتو أبدا"‬

‫ىزت طود رأسها وىي تقوؿ‪":‬أتوؽ دلعرفة‬


‫ّ‬
‫لغساف‪ ..‬مل َنر منو شيئا سيئا‬ ‫ِ‬
‫طدواتك‬ ‫سب ب‬
‫ّ‬
‫أبدا حٌب تكرىيو ذلذا احلد"‬

‫"ىكذا‪ ,‬ال أحبو وفقط"‬

‫قالت خزامى قبل أف تستلقي جوار أختها‬

‫طلى الفراش وتغمض طينيها لتناـ إال أف‬

‫طقلها أَب إال أف يعيد طليها تلك الذكرى‬

‫القبيحة والٍب جعلتها تكره ابن طمها‬

‫‪58‬‬
‫ضل‪.‬‬
‫ادلف ّ‬
‫كانت طائدة من ادلدرسة القريبة من‬

‫مزرطتهم فقررت أف سبر طلى والدىا وطميها‬

‫غساف الذي أصبح يدللها مؤخرا بعد‬


‫وترى ّ‬
‫ارتدائها احلجاب كجائزة ذلا طلى ارتدائو‪..‬‬

‫احلق يُقاؿ إنو يدللها دوما إال أف شقاوهتا‬

‫منذ صغرىا وذلوىا مع ابقي األطفاؿ خاصة‬

‫الذكور منهم كانت تثري جنونو وذبعلو يعاقبها‬

‫بشٌب الطرؽ وإف كاف طقابو ليس مؤدلا بقدر‬

‫‪59‬‬
‫أنو مضحكا‪..‬‬

‫وجدت ادلزرطة ىادئة طلى غري العادة وقد‬

‫قابلها طمراف وأخربىا أف والدىا وطميها‬

‫وغساف فقط‬
‫يبق سواه ّ‬
‫سبقوىم للمنزؿ ومل َ‬
‫ابدلزرطة لذا ابتسمت لو وأخربتو أهنا‬

‫غساف والذي كاف بني أطواد‬


‫ستذى ب إىل ّ‬
‫الذرة كما أخربىا طمراف‪ ..‬اقَببت من‬

‫ادلكاف ببطء حٌب تفاجئو مثريه ذُطره ولو أهنا‬

‫ال تنجح أبدا بذلك ولكن يكفيها شرؼ‬

‫‪61‬‬
‫احملاولة إال أهنا ومع اقَباهبا مسعت أصواات‬

‫غريبة‪ ..‬أيوجد أحد معو؟!‬

‫أىو حرب شقيقو؟!‬

‫إال أف مع اقَباهبا أكثر ميّزت الصوت‬

‫األنثوي ال اىث فاقَببت بريبة لتجد فتاة‬

‫طرفتها طلى الفور وإف كانت بعيدة نسبيا‬

‫غساف بذراطيها‬
‫وظهرىا مقابل ذلا ربيط طنق ّ‬
‫وفمهما ملتصقاف بطريقة أاثرة امشئزازىا‬

‫وغثياهنا‪..‬‬

‫‪61‬‬
‫يف البداية ظنّتو حرب فبكل أتكيد لن يفعل‬

‫غساف ذلك مع زوجة أخيو إال أهنا ربفظ‬


‫ّ‬
‫م امح ابن طمها جيدا لذا ركضت طائدة‬

‫من حيث أتت وحلسن حظها مل ذبد طمراف‬

‫بطريق طودهتا لذا مل يعرؼ أحد طما رأتو‬

‫ومل زبرب أحدا أبدا إال أهنا ومنذ ذلك اليوـ‬

‫غساف بكل ذرة بكياهنا الذي كاف‬


‫كرىت ّ‬
‫ضلو طن اجلميع وابتعدت طن طريقو‬
‫يف ّ‬
‫سباما إال أنو مل يبتعد بل سبادى بغيّو وطلبها‬

‫‪62‬‬
‫تؤجل الزواج‬
‫للزواج وىا ىي منذ سنوات ّ‬
‫حبجة الدراسة الٍب كادت تنتهي وال تعلم‬

‫ستتحجج بعد ذلك‪.‬‬ ‫َِ‬


‫ِب‬
‫ّ‬
‫***‬
‫دلفت ذلا ال تعلم كيف زبربىا أنو رفض‬

‫رؤيتها بعد طقد القراف وأخربىا أف ىذا‬

‫زفاؼ مراد وريفاؿ وال يوجد وقت لذلك‪..‬‬

‫الغيب سيجرح قلبها العاشق لو ويبعدىا طنو‬

‫بكل محاقة ويستحق طقاهبا ب ا وستساطدىا‬

‫‪63‬‬
‫أيضا يف طقابو‪ ..‬ال تعلم ىل الغباء صفة‬

‫الرجاؿ طامة أـ أهنا صفة خاصة بشباب‬

‫ومن جياورىم فقط!‬


‫قبيلتها َ‬
‫زفرت خبفوت وىي تدلف إىل الغرفة‬

‫ادلنتظرة هبا َو َىج‬

‫"أىو ابخلارج؟"‬

‫تساءلت آفيندار وىي تنهض ترتدي حجاهبا‬

‫ربسبا لدخولو فيما سألت سألتها غزؿ‬


‫ّ‬
‫خبفوت‪":‬أين أخو ِؾ اي شيهانة؟"‬

‫‪64‬‬
‫ضحكت شادف وقالت دبرح مصطنع طندما‬

‫الحظت ارتباؾ شيهانة‪":‬ىرب أليس كذلك؟‬

‫ربمل مجاؿ ابنتنا فنفد جبلده‬


‫مل يستطع ّ‬
‫ضح"‬
‫حٌب ال يُف َ‬
‫شحبت م امح َو َىج واستحاؿ وجهها الذي‬

‫كاف منذ حلظات فقط زلتقنا كحبة طماطم‬

‫انضجة شهية وقست نظراهتا وىي تنهض‬

‫متجهة لغرفتها دوف حديث أو تساؤؿ طن‬

‫العريس ادلفَبض دخولو لرؤيتها وقد‬

‫‪65‬‬
‫أصبحت ح الو ولكنو رفض!‬

‫رفض رؤيتها وكسر قلبها ببساطة وىذا إف‬

‫دؿ طلى شيء فسيكوف طدـ حبو ذلا‪.‬‬


‫ّ‬

‫***‬

‫تسري غزؿ طلى غري ىدى تسأؿ نفسها ماذا‬

‫سيحدث لو صدؽ ما مسعتو اليوـ؟!‬

‫أحقا سيخط ب قريبا؟!‬

‫وىي الٍب ظنّت بعد الظروؼ األخرية أف‬

‫يقرب منهما وأف طُقدهتا طلى‬


‫كل شيء ّ‬

‫‪66‬‬
‫وشك أف ُربَل وسيكوف كل شيء كما‬

‫سبنّت‪..‬‬

‫زفرت بقوة وىي تنعطف بطريقها للجامعة‬

‫فقد طلبت من السائق أف ينزذلا قريبا من‬

‫اجلامعة حٌب ربضر بعض األشياء الضرورية‬

‫إال أهنا رغبت أف تسري قلي ا ردبا يهدأ‬

‫وجي ب قلبها شلا مسعتو ليلة أمس من‬

‫صديقتها وىي زبربىا طن اإلشاطة الٍب‬

‫انتشرت يف الكلية‬

‫‪67‬‬
‫(دكتور طمراف سيخط ب قريبا قريبة لو)‬

‫حاؿ انعطافها ارتطمت بقوة بصدر صل ب‬

‫جعلها تتوجع وىي تعود للخلف حبمق‬

‫جعلها طلى وشك السقوط لتسمع آخر‬

‫صوت ظنّت أهنا ستسمعو يف ىذا الوقت!‬

‫***‬
‫انتهى اجلدار الذي يسري جواره وما إف‬

‫استدار حٌب يدخل الشارع اجملاور حٌب‬

‫ارتطم بشيء رقيق طلم بعد حلظات أهنا فتاة‬

‫‪68‬‬
‫وليس أي فتاة بل فتاة يُ َد ّرس ذلا!‬

‫شهقة قوية من الفتاة وىي تعود للخلف‬

‫حبرقة خرقاء جعلتها طلى وشك السقوط سبد‬

‫يدىا زلاولة منها للتماسك حٌب ال تسقط‬

‫أرضا إال أهنا مل تستطع وأيقنت أهنا ستسقط‬

‫أمامو بكل ب اىة‪ ..‬ستسقط أماـ اإلنساف‬

‫الوحيد الذي تتحاشى حٌب االقَباب منو يف‬

‫حدود الدراسة إال أهنا مل تسقط فقد امتدت‬

‫ذراطيو سبسكاهنا من ذراطيها وتثبّتاهنا أمامو‬

‫‪69‬‬
‫اشتمت ططره‬
‫قريبة من صدره حٌب أهنا ّ‬
‫الرجويل األثري أما ىو فقد شعر برقة‬

‫جسدىا أماـ جسده الرجويل الضخم نوطا‬

‫ما وططرىا اخلفيف يصلو فيأسره وىو‬

‫يتساءؿ طن امسو بصمت إال أنو انتبو طلى‬


‫ما حدث وسأذلا‪":‬ىل ِ‬
‫أنت خبري اي آنسة؟"‬

‫"دكتور طمراف!‬

‫مهستها بصدمة وصلتو واضحة فكاد‬

‫يضحك بقوة طلى م ازلها ادلصدومة من‬

‫‪71‬‬
‫وجوده ومل يعلم أف سر صدمتها أنو زلور‬

‫أفكارىا منذ ليلة أمس بل إنو يسأذلا أيضا‬

‫ىل ىي خبري؟! (أجل‪ ,‬بكل خري ابلطبع‪..‬‬

‫يكفي أف تكوف أمامي حٌب أكوف أبلف‬

‫خري)‬

‫قالتها داخلها هبياـ قبل أف تبتسم لو ابرتباؾ‬

‫طندما الحظت ربديقو هبا بكل أتكيد ينتظر‬

‫أتكيدىا أهنا خبري حٌب يتابع طريقة الذي‬

‫قاطعتو ىي بكل محاقة‪..‬‬

‫‪71‬‬
‫فتحت فمها لتخربه أهنا خبري وال يقلق‬

‫يتعرؼ‬
‫طليها ليقاطعها بدىشة وىو ّ‬
‫طليها‪":‬غزؿ؟!"‬

‫"ىل تعرفين؟"‬

‫قالتها بدىشة وبعض اذلياـ والسعادة تسلّ ا‬

‫بصوهتا رغما طنها فقد تذ ّكرىا رغم بُعد‬

‫ادلوقف الذي مجعهما سابقا فابتسم‬

‫لدىشتها وىو يقوؿ شلازحا‪:‬‬

‫"وىل َخيفى القمر؟"‬

‫‪72‬‬
‫ابتهجت بقوة وابتهاجها رافق ارتباكها‬

‫اللذيذ الذي أطجبو وقبل أف ينطق بكلمة‬

‫وجدىا تشهق بقوة وىي هتتف خبوؼ‪:‬‬

‫"أخي!"‬

‫هناية الفصل‬

‫‪73‬‬

You might also like