You are on page 1of 12

‫متهيد‪:‬‬

‫ال شك أننا يف زمن احتدم فيه الصراع السلفي األشعري‪ ،‬وهذا الصراع وإن كان قديما‬
‫منحصرا يف األروقة العلمية واملصنفات العقدية‪ ،‬إال أنه مع ظهور السوشيال ميداي واملواقع‬
‫م‬
‫اإللكرتونية واالنفتاح الذي أدى إىل طرح اإلشكاالت العلمية على مرأى ومسمع من الناس‪،‬‬
‫مع تفاوت العقول وتفاضل األفهام‪ ،‬ووجود من ل يتأسس يف مباحث االعتقاد‪ ،‬خرج جيل‬
‫يتكلم بغري فهم‪ ،‬وحيكم بغري عدل‪ ،‬فاحتدم الصراع وكثر اجلدل العقدي يف مجلة من القضااي‬
‫اليت حتتاج إىل حترير‪ ،‬ومنها قضية اعتقاد احلنابلة واألثرية‪ ،‬ال سيما يف مبحث األمساء والصفات‬
‫صحيحا‪ ،‬وبيان جذورها‬
‫م‬ ‫تصويرا‬
‫م‬ ‫وما تفرع منها من مسائل‪ ،‬وحترير حمل النزاع فيها‪ ،‬وتصويرها‬
‫بعيدا عن الشطط أو اإلفراط والتفريط‪.‬‬
‫املعرفية‪ ،‬م‬
‫صحيحا‪ ،‬من‬
‫م‬ ‫تصويرا‬
‫م‬ ‫فجاء هذا الكتاب‪ ،‬ليحرر مجلة من هذه املصطلحات‪ ،‬وتصويرها‬
‫خالل منهج علمي رصني‪ ،‬قام على التتبع واالستقراء‪ ،‬مع تفكيك هذه املصطلحات وإرجاعها‬
‫إىل أصلها‪ ،‬مث إعادة تركيبها مرة أخرى‪.‬‬
‫وعلما يف هذا الرواق القضائي والنزاع السلفي‬
‫رمزا م‬‫وملا كان شيخ اإلسالم ابن تيمية م‬
‫حكما وال قاضيما‪ ،‬إمنا‬
‫األشعري كان ال بد من حضوره يف هذا السياق‪ ،‬لكن املؤلف ل جيعله م‬
‫ومشاهدا أخرى‪ ،‬مث ترك احلكم لصاحل ابن تيمية أو عليه‬
‫م‬ ‫ومدافعا اترة‪،‬‬
‫م‬ ‫شاهدا اترة‪،‬‬
‫م‬ ‫جعله‬
‫للقارئ الكرمي ليصل لنتيجة هذا النزاع بنفسه‪.‬‬
‫املعلومات الفنية للكتاب‪:‬‬
‫عنوان الكتاب‪ :‬دراسة الصفات اإلهلية يف األروقة احلنبلية والكالم حول اإلثبات‬
‫والتفويض وحلول احلوادث‪.‬‬
‫اسم املؤلف‪ :‬عالء حسن إمساعيل‪.‬‬
‫دار الطباعة‪ :‬تبصري للنشر والتوزيع‪ ،‬القليوبية‪ ،‬مجهورية مصر العربية‪.‬‬
‫رقم الطبعة واترخيها‪ :‬الطَّبعة ى‬
‫األوىل‪ ،‬عام ‪1443‬هـ‪2022 /‬م‪.‬‬
‫حجم الكتاب‪ :‬يبلغ عدد صفحاته (‪ )368‬صفحة‪ ،‬يف جملد واحد‪.‬‬
‫أمهية البحث وأسباب الكتابة فيه‪:‬‬
‫تكمن قيمة هذا البحث يف كون املؤلف ِّ‬
‫يؤرخ للفكر العقدي وتطوره داخل الرواق احلنبلي‬
‫من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر يقوم بتفكيك التصورات املغلوطة عن علماء احلنابلة اليت تضعهم‬
‫يفكك تلك الصورة ابستمرار‬ ‫كلهم يف بوتقة واحدة يف مقابل شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬فهو ِّ‬
‫وفصال بعد فصل؛ لتظهر لك الصورة العقدية‬
‫طوال الكتاب‪ ،‬مث يُعيد تركيبها مبحثما بعد مبحث م‬
‫لعلماء احلنابلة مبختىلف طبقاهتم واضحة‪.‬‬
‫أوال‪ ،‬مث معرفة السياق‬
‫ال شك أنَّه ال يكن احلكم على األفكار قبل التثبت من النقل م‬
‫احلجاجي الذي نشأ من خالله هذا الفكر‪ ،‬مث القضية اخلطرية وهي قضية "املصطلح" أي‪:‬‬
‫حتمله من مضامني؟ هذا األمر له‬‫كيف مت التعبري عن ذلك الفكر؟ وما مصطلحاته؟ وما ِّ‬
‫حضور كبري يف تلك الدراسة اليت تلِّج إىل عمق املذهب احلنبلي العقدي‪ ،‬ال بوصف احلق‬
‫كامن يف ذلك املذهب‪ ،‬ولكن بوصف احلالة السجالية العقدية اليت أحدثها املذهب احلنبلي‬
‫العقدي أمام األطروحة اجلهمية واألشعرية‪ ،‬ال سيما بعد مرحلة شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫واستعماله ملفردات كان منها ما هو غريب عن الوسط احلنبلي العقدي‪ ،‬وإن كانت مضامني‬
‫تلك املفردات موجودة يف املذهب احلنبلي كما أثبت املؤلف‪.‬‬
‫فتأيت أمهية هذا الكتاب بوصفه حائ ى‬
‫ط صد أمام االستدعاء املعاصر ‪-‬من بعض احلنابلة‪-‬‬
‫بديال مناسبما لألطروحة التيمية‬
‫ملذهب متأخري احلنابلة كالقاضي أيب يعلى الذي وجدوا فيه م‬
‫واألشعرية على السواء‪.‬‬
‫خمصصا للحنابلة‪ ،‬إال أنه ل يغفل أقوال أهل‬
‫م‬ ‫مع األخذ يف االعتبار أن البحث وإن كان‬
‫احلديث واألثرية‪ ،‬وإن كانوا من مذاهب فقهية أخرى‪ ،‬أمثال السجزي وابن خزية وابن قتيبة‬
‫وابن عبد الرب وغريهم كثري يف أثناء البحث‪.‬‬
‫موضوع البحث‪:‬‬
‫هذا البحث خمصص ملبحث "الصفات اإلهلية" وإشكاالهتا‪ ،‬استطاع املؤلف حترير الكثري‬
‫من املصطلحات اليت دار اخلالف حوهلا‪ ،‬كقضية التفويض‪ ،‬واألفعال االختيارية‪ ،‬وحلول‬
‫احلوادث‪.‬‬
‫عرض جممل ملا اشتمل عليه الكتاب‪:‬‬
‫قسم الكتاب إىل ثالثة أبواب‪:‬‬
‫الباب األول‪ :‬اإلثبات عند احلنابلة‪ ،‬وفيه أربعة فصول‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬حترير مسألة التفويض‪:‬‬
‫بدأ املصنف يف هذا الفصل بقضية مركزية يف مصنفه‪ ،‬وهي حترير املصطلحات مع تفكيكه‬
‫ملسألة التفويض‪ُ ،‬مبينا اخلطأ الذي كان حيصل يف املسألة نتيجة تناوهلا جمملة من غري تفصيل‪،‬‬
‫وإظهار إشكالية مهمة وهي ورود ألفاظ توهم التفويض ممن تُعلم عقيدته السلفية‪ ،‬ومثَّل ابلشيخ‬
‫حممد بن عبد الوهاب وولده عبد للا والشيخ حممود شكري اآللوسي وغريهم‪.‬‬
‫وأرجع املؤلف السبب يف ذلك إىل أن مسألة التفويض اليت يتجاذهبا طلبة العلم ل تكن‬
‫مطروحة ومشتهرة عند األثرية هبذه الصورة إال بعد االعتناء مبصنفات شيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫يف القرن املاضي‪ .‬وإن كان األشاعرة استخدموا التفويض استخداما كالميا‪.‬‬
‫اشتهارا‬ ‫ِّ‬
‫وهنا يؤكد الباحث على اعتبار العامل الزمن وأتثريه على املصطلحات دقةم وخفاء و م‬
‫انداثرا‪ ،‬وهي ال شك اعتبارية مهمة يف البحث العقدي املعاصر‪.‬‬
‫و م‬
‫الفصل الثاين‪ :‬حترير التفويض املذموم‪:‬‬
‫يف هذا الفصل يبدأ الباحث يف حترير مفهوم التفويض‪ ،‬ويايز بينه وبني التفويض املذموم‪،‬‬
‫مث تستمر إشكالية املصطلحات لبعض أقوال احلنابلة الذين يعدون فيها الصفات من املتشابه‪،‬‬
‫أو قول بعضهم عن آايت الصفات‪( :‬بال معىن) أو (بال تفسري)‪ ،‬لنجد َّ‬
‫أن األمر أوسع مما‬
‫أن قصدهم له تعلق مبنع الكيفية يف فهم الصفات‪ ،‬ومن هنا يبدأ الكتاب‬ ‫يتبادر إىل الذهن‪ ،‬و َّ‬
‫يف توضيح الفروق الدقيقة بني تفويض األشاعرة وتفويض احلنابلة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬مسألة القدر املشرتك‪:‬‬
‫حمضا‪ ،‬وليس القصد منه مماثلة‬
‫تعطيال م‬
‫القدر املشرتك هو القدر الذي إذا نُفي كان األمر م‬
‫اخلالق للمخلوق‪ ،‬وهذا القدر املشرتك البد منه؛ ففي أحيان كثرية ال يعرف اإلنسان القول‬
‫الصحيح ومآالته إال إذا عرف املذهب املقابل له‪.‬‬
‫مستدال‬
‫م‬ ‫وهنا بني الباحث خطأ الكثري من املعاصرين يف ختطئة ابن تيمية يف هذه املسألة‬
‫على ذلك بكالم الكثري من أئمة األشاعرة واحلنابلة ونظارهم ممن يثبتون هذا القدر املشرتك‬
‫ويؤصلون له ويقررونه‪ ،‬مبينما معايري معرفة السلف وأئمة احلديث مبعاين الصفات‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬إشكالية املصطلحات‪:‬‬
‫أييت هذا الفصل ليبني فيه املؤلف بوضوح مصدر اخللل الذي أدى إىل سوء الفهم‪ ،‬وهو أن‬
‫مثة قناعة غري صحيحة ِّشبه متعارف عليها عند كثري من طلبة العلم املعاصرين‪ ،‬وهي الظن أن‬
‫تقريرات ابن تىيميَّة العقدية وتقسيماته االصطالحية هي تقسيمات مستقرة ومطردة منذ عصور‬
‫ما قبل التقعيد العلمي (عصور أهل احلديث األوىل ومن بعدهم يف الطبقات الوسطى)‬
‫كمصطلح صفات الفعل وصفات الذات‪ ،‬والقدمي واحلادث‪ ،‬واملعىن والكيف وغري ذلك‪ ،‬وأن‬
‫أئمة أهل اإلثبات احملض تتفق طريقتهم وعباراهتم مع طريقة وعبارات ابن تىيميَّة أو أهنم يلتزمون‬
‫هبا‪.‬‬
‫وبناء على هذا الظن ‪-‬غري الدقيق‪ -‬يقوم املعاصر بتقييم العلماء ‪-‬قبل وبعد ابن تىيميَّة‪-‬‬
‫ُ‬
‫وحماكمتهم بظواهر كالم ابن تىيميَّة‪ ،‬وهو ما يُؤدي إىل كوارث يصعب حصرها داخل يف الرواق‬
‫العلمي‪.‬‬
‫والصواب ‪-‬كما يقول املؤلف‪ -‬أن تقسيمات ابن تىيميَّة وحتريراته العقدية هي تقسيمات‬
‫استقرائية ألحوال السلف وأئمة احلديث وتصرفاهتم ‪-‬خالل عصور خمتلفة‪ -‬مع تفاضل عبارات‬
‫هؤالء األئمة من حيث جودة العبارة‪ ،‬ومدى دقتها يف الداللة‪ ،‬واختالفاهتم يف جزئيات غري‬
‫مطردة‪.‬‬
‫وُيكن متثيلها بتحريرات الشافعي األصولية‪ ،‬وهي قولبة لطريقة فقه الصحابة والتابعني‬
‫وفقهاء األمصار‪ ،‬وال يلزم أن أفراد الفقهاء من الصحابة والتابعني ‪-‬ممن سبقوا الشافعي‪-‬‬
‫يلتزمون بنفس مصطلحات الشافعي أو يلتزمون بذكر نفس املصطلح األصويل عند املتأخرين يف‬
‫كل حال‪ ،‬على الرغم من أن ُكنه مذاهبهم تدور حول تلك التأصيالت األصولية بال شك‪،‬‬
‫حىت ولو خالف آحاد الفقهاء يف آحاد املسائل فهي خمالفات غري مطردة‪.‬‬
‫ويرجع املؤلف بعض التصورات املغلوطة إىل أن املخالف يفهم ابن تيمية من خالل السلفي‬
‫فهما دقيقا‪ ،‬فينتج من ذلك غلط على غلط‪.‬‬
‫الذي هو بدوره قد ال يكون قد فهم ابن تيمية م‬
‫يف هذا الفصل أجاد املؤلف يف التمثيل ببعض األخطاء املنهجية يف قضية املصطلحات‬
‫مثل‪( :‬خطأ التالزم بني نفي التفسري والتفويض) و(املتشابه والتفويض) و(وصف األفعال‬
‫ابلقدية أو صفة الذات‪ ،‬ونفي األفعال)‪.‬‬
‫وقد أجاد الرد على دعوى أن معىن اليد يف اللغة هي اجلارحة‪ ،‬مبينا زيف تلك الدعوى من‬
‫كالم أئمة اللغة الذين صرحوا أن اجلارحة قيلت على سبيل اجملاز وليست هي حقيقة اليد‪.‬‬
‫مث جاء أبمثلة على من وصف األفعال أبهنا قدية‪ ،‬مثل الدارمي املعروف عنه إثبات‬
‫األفعال االختيارية‪ ،‬ومع ذلك وصف األفعال بصفة الذات القدية‪ ،‬مما يدل أنه ال تالزم بني‬
‫استخدام مصطلح القدمي وبني نفي الفعل االختياري ابلضرورة‪.‬‬
‫والسبب يف ذلك ‪-‬كما يرى املؤلف‪ -‬أن بعض أهل احلديث استخدموا مصطلح (القدمي‬
‫وصفة الذات)‪ ،‬وقصدوا هبا أن األفعال غري منفصلة عن الذات كنوع من الرد على اجلهمية‬
‫الذين جيعلوهنا خملوقة منفصلة عن الذات‪.‬‬
‫فعدم إدراك مقاصد العلماء ودراسة التاريخ العقدي االصطالحي هو السبب الرئيس يف‬
‫وقوع اإلشكاالت املعاصرة‪.‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬حلول احلوادث واألفعال االختيارية‪ ،‬وفيه تسعة فصول‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬طرائق املذاهب ف الفعل االختياري‪:‬‬
‫يؤكد املؤلف أن نصوص الوحي ِّمن أوهلا إىل آخرها متضمنة أن للا يفعل يف وقت دون‬
‫وقت‪ ،‬ويتكلم يف حني دون حني؛ فكلَّم آدم بعد أن خلقه ول يكلِّمه قبل ذلك‪ ،‬وكلَّم موسى‬
‫عباده املتقني يوم القيامة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫عندما جاء ميقات ربه‪ ،‬وكلَّم م‬
‫حممدا ليلة املعراج‪ ،‬وسيكلم ى‬
‫ويف حديث الشفاعة الطويل حينما يهرع الناس يوم القيامة إىل األنبياء يقول كل نيب‪« :‬إن‬
‫ريب قد غضب اليوم غضبًا مل يغضب قبله‪ ،‬ولن يغضب بعده مثله»‪.‬‬
‫واملذاهب الرئيسة هي‪:‬‬
‫‪ -1‬مذهب األشعرية‪ :‬أن فعل للا خملوق منفصل عنه‪.‬‬
‫‪ -2‬مذهب الكالبية والساملية وبعض احلنابلة‪ :‬أن األفعال قدية ال تتعلق ابملشيئة‪.‬‬
‫‪ -3‬املذهب الصحيح (السلف ومجهور أهل احلديث)‪ :‬أن أفعال للا متجددة غري خملوقة‪.‬‬
‫وهنا ملحظ لطيف‪ ،‬وهو أن بعضهم يستخدم مصطلح القدمي وينفي احلدوث كاحلسن بن‬
‫كدا‬
‫حامد‪ ،‬وبعضهم ال جيد غضاضة من وصف األفعال ابحلدوث مثل الكرجي القصاب‪ ،‬مؤ م‬
‫فكرته برسم جدول مقارنة بني هذين اإلمامني ليؤكد الفكرة لدى القارئ‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬التفرقة بني احلادث واملخلوق‪:‬‬
‫بني الباحث يف هذا الفصل أن ابن تيمية ل يكن هو أول من فرق بني احلادث واملخلوق‪،‬‬
‫بل سبقه الكثري من أئمة السلف يف ذلك أمثال‪ :‬اإلمام حممد بن إمساعيل البخاري‪ ،‬وابن قتيبة‬
‫الدينوري‪ ،‬واإلمام الكرجي القصاب‪ ،‬واإلمام أيب نصر السجزي الوائلي‪ ،‬رمحة للا على اجلميع‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬موقف األشاعرة من صفات األفعال‪:‬‬
‫األشاعرة ينفون الصفات االختيارية‪ ،‬وهنا وقعوا يف إشكالية أبن قالوا‪ :‬إن اخللق هو‬
‫املخلوق‪ ،‬والفعل هو املفعول‪ ،‬فقالوا عن حروف القرآن‪ :‬خملوقة‪ ،‬ومعىن ذلك أن صفة الفعل ال‬
‫تقوم ابهلل تعاىل‪.‬‬
‫وهذا أوقعهم يف التناقض والسفسطة‪ ،‬ورجع قوهلم إىل قول اجلهمية كما قال ذلك البخاري‬
‫يف (خلق أفعال العباد)‪ ،‬ورد عليهم السجزي‪ ،‬وتسبب ذلك يف حرية الرازي‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬مصطلح حلول احلوادث عند ابن تيمية‪:‬‬
‫فند الباحث مقولة من ينسب إىل شيخ اإلسالم ابن تيمية أنه يقول بقول الكرامية يف‬
‫مسألة حلول احلوادث‪ ،‬مبينما أن شيخ اإلسالم يعترب هذه املصطلحات من املصطلحات‬
‫قائال بشكل صريح‪" :‬وال ريب أن أهل السنة واحلديث ال يطلقون عليه أنه‬
‫الكالمية املبتدعة‪ ،‬م‬
‫حمل للحوادث‪ ،‬وال حمل لألعراض وحنو ذلك من األلفاظ املبتدعة"‪.‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬إشكالية صفة الكالم عند احلنبلية بعد القرن الرابع‪:‬‬
‫ويف هذا الفصل وهو األكثر دقة وحساسية‪ ،‬وهو الفصل اخلاص ابخلالف احلنبلي احلنبلي‬
‫يف صفة الكالم‪ ،‬حاكيما حدوث نزاعات اترخيية‪ ،‬قام برصدها وحتليلها‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬ردود بعض احلنابلة على القاضي أيب يعلى‪.‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬قدم أصوات القارئني للقرآن‪:‬‬
‫تعرض املؤلف إىل دعوى خمالفة ابن تيمية للمتقدمني يف قِّدم القرآن‪ ،‬وهو اخلالف األكثر‬
‫يهاب ولوجه لدقته‪ ،‬إال أن املؤلف جتاسر‬
‫حساسية يف الرواق العقدي‪ ،‬وكثري من الباحثني ُ‬
‫وكسر حاجز اخلوف‪ ،‬وأجاد فيه إجادة قوية‪ ،‬وأجاب بوجوه كثرية جدا إىل احلد الذي يروي‬
‫ظمأ من يريد الوقوف على حقيقة األمر‪.‬‬
‫مث عرج على فساد قول مدرسة القاضي يف صفة الكالم‪ ،‬والغلو الذي قادهم إىل القول أبن‬
‫صوت القارئ هو صوت للا تعاىل‪.‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬مىت ظهرت بدعة نفي الكالم ابملشيئة؟‬
‫ساق املؤلف بعض النزاعات اليت حدثت يف صفة الكالم‪ ،‬ومن أهم تلك النزاعات التارخيية‬
‫ما حصل بني ابن خزية وتالميذه يف صفة الكالم‪ .‬وأيضا ما حكاه غالم اخلالل عن خالف‬
‫أصحاب أمحد يف هذه املسألة الدقيقة‪.‬‬
‫كان املؤلف ُمنص مفا يف نقل اخلالف‪ ،‬إذ ل يستبعد أن حيصل اخلالف يف الطبقة األوىل من‬
‫أصحاب أمحد؛ ألن اهلدف من الكتاب كما يرى هو بيان احلقائق كما هي بعدل وإنصاف‪.‬‬
‫وأن حدوث اخلالف ال يُعد شبهة‪ ،‬وذلك ألن ابن خزية أسبق اترخيا من غالم اخلالل‪،‬‬
‫وقد حدث يف زمنه تنازع أيضا‪.‬‬
‫الفصل التاسع‪ :‬إشكالية تعاقب احلروف‪:‬‬
‫إشكالية تعاقب احلروف اليت ظهرت بعد القرن الرابع اهلجري انقشها بعض العلماء‬
‫كالسجزي وابن عقيل‪ ،‬ومن الواضح أن ابن عقيل ‪-‬بعد عودته إىل السنة‪ -‬قد ُوفق إىل حد‬
‫كبري للجواب عن تلك الشبهة‪ ،‬بعكس السجزي الذي التزم نفي تعاقب احلروف ولو على‬
‫سبيل احملاججة‪.‬‬
‫أبدا بني نفي تعاقب احلروف وبني نفي األفعال ابلضرورة‪ ،‬فابن‬
‫ويوضح املؤلف أنه ال تالزم م‬
‫تيمية يعترب السجزي ممن يثبتون األفعال االختيارية‪ .‬ودعم املؤلف وجهة نظره بكالم للشيخ‬
‫أاببطني النجدي يف نفي التعاقب أيضا‪ .‬واستدل املؤلف بذلك على غلط من قرن بني األمرين‪،‬‬
‫وال تالزم بينهما‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬عقائد احلنابلة وفق طبقاهتم‪:‬‬
‫أما الباب الثالث واألخري فهو يقارب نصف الكتاب تقريبما‪ ،‬مما يعن أن البابني األول‬
‫عن بطبقات احلنابلة‬
‫والثاين يتقامسان النصف األول‪ .‬وال غرابة يف ذلك‪ ،‬فالباب الثالث ىم ي‬
‫وعقائدهم‪ ،‬وهو األمر الذي حيتاج إىل شرح وبيان‪.‬‬
‫وقد قسمهم إىل ثالث طبقات‪:‬‬
‫طبقة املتقدمني‪ :‬بداية من اإلمام أمحد وينتهون إىل احلسن بن حامد‪.‬‬
‫طبقة املتوسطني‪ :‬بداية من القاضي أيب يعلى إىل ما قبل املرداوي‪.‬‬
‫طبقة املتأخرين‪ :‬بداية من املرداوي إىل عصران‪.‬‬
‫وجميبما‬
‫فيبدأ ابلطبقة األوىل مبتدئ ابإلمام أمحد وبيان طريقته يف حتقيق معاين الصفات‪ُ ،‬‬
‫على رواية‪( :‬ال كيف وال معىن) اليت تلوكها ألسنة املعاصرين دون مجع رواايته يف الباب‪.‬‬
‫مث خيتار بعض النماذج من املتقدمني كحرب الكرماين وعبد الوهاب الوراق‪ ،‬مث ابن بطة‬
‫وابن شاقال واحلسن بن حامد‪.‬‬
‫وهذه الطبقة ل ينقل عنهم خمالفات يف العقيدة إال شيء من الزايدة يف اإلثبات عند‬
‫بعضهم كإثبات احلركة واالنتقال واملماسة‪.‬‬
‫أما الطبقة الثانية ‪-‬ويبدؤون من القاضي أيب يعلى‪ -‬فيُبدع املؤلف يف الكالم عنها‪ُ ،‬مزي مفا‬
‫الظن الشائع الذي يقول أبن هذه الطبقة كلهم من املفوضة‪ ،‬وأييت أبدلة كثرية على وجود اجلرأة‬
‫يف اإلثبات حىت عند أتباع مدرسة القاضي‪.‬‬
‫وقد أفرد مبحثا للقاضي وحده جلاللته يف املذهب‪ ،‬وهو ما يزيد هذا الكتاب أمهية‪ ،‬حيث‬
‫تتبع املؤلف شخصية القاضي ابلتحرير والتحليل‪ ،‬وذكر تراجعاته وتناقضاته يف الباب‪ ،‬مث ختم‬
‫جبدول مقارنة بني القاضي وابن تيمية‪.‬‬
‫أما اخلط األثري مثل ابن منده واهلروي وابن عبد الغن وابن قدامة فقد أفردهم يف فصل‬
‫كامل‪ ،‬وأهم ما ييز هذا الفصل هو مبحث الشيخ املوفق ابن قدامة‪ ،‬فقد تناول موقف املوفق‬
‫من األفعال االختيارية واستخدام املوفق لفظة (القدمي) يف وصف احلروف ونفي تعاقب‬
‫احلروف‪ ،‬وكذا موقف ابن تيمية من املوفق‪ ،‬كل هذا انقشه املؤلف مناقشة ُموسعة جدا‪ ،‬إىل‬
‫احلد الذي يُشبع فيه من أراد الوقوف على احلقيقة دون اجتزاء‪.‬‬
‫وأرجع الباحث تضارب األقوال يف ابن قدامة إىل اخلطأ الشهري يف األوساط املعاصرة الذي‬
‫ذكره يف الباب األول‪ ،‬وهو حماكمة العلماء مبصطلحات شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬واليت هي‬
‫مصطلحات حتقيقية لبيان االشتباه عند املتكلمني‪ ،‬وال يلزم أن األثرية ممن سبقوا ابن تيمية‬
‫يلتزمون هبا‪ .‬وإمنا يُعرف مذهبهم جبملة أحواهلم وتصرفاهتم يف الباب‪.‬‬
‫أما احلنابلة املتأخرون ‪-‬ويبدؤون من اإلمام املرداوي‪ -‬فقد غلب عليهم الطابع الفقهي‪،‬‬
‫عارضا؛ ألسباب كثرية منها السجن والتنكيل‪ ،‬واالنشغال بتحرير‬
‫أمرا م‬ ‫وأصبح اجلانب العقدي م‬
‫ظاهرا لديهم بنسب خمتلفة‪.‬‬
‫املذهب الفقهي‪ ،‬وإن كان التأثري التيمي م‬
‫حىت جاء علماء اجلزيرة العربية بعد القرن الثالث عشر اهلجري‪ ،‬فأخرجوا تراث شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وانتفع الناس بتحقيقهم الرتاثي وإخراجهم لكتب أهل احلديث‪.‬‬
‫وساق بعض األمثلة ليثبت التأثري العقدي التيمي يف متأخري احلنابلة‪ ،‬فذكر الرحلة‬
‫العياشية؛ ليثبت أن رسائل ابن تيمية يف العقيدة معتمدة عند املتأخرين من احلنابلة‪ ،‬مث ذكر‬
‫تقريرات متأخري املذهب مثل عالء الدين املرداوي‪ ،‬ومجال الدين بن املربد‪ ،‬وابن النجار‬
‫الفتوحي‪ ،‬وأمحد البعلي‪ ،‬وابن بلبان‪ ،‬ومرعي الكرمي‪ ،‬وعثمان النجدي‪ ،‬والسفارين‪.‬‬
‫مث ساق بعض األسئلة املنتشرة يف الرواق احلنبلي‪ ،‬وأجاب عنها‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫هل يوجد معتمد عقدي عند احلنابلة؟‬
‫ملاذا خالف املتأخرون ابن تيمية يف بعض املسائل؟‬
‫كيف يتعامل احلنابلة مع فكرة املعتمد؟‬
‫مميزات الكتاب‪:‬‬
‫ىسواء اتفقت مع رؤية املؤلف أو اختلفت معه‪ ،‬فالكتاب يعترب نقلة نوعية يف اجلدل‬
‫العقدي املعاصر‪ ،‬ليس على منوال كثري من الكتب املعاصرة اليت ترتكز يف أحباثها على شيخ‬
‫ُ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪.‬‬
‫ومن تلك األمور الت ممتيز الكتاب‪:‬‬
‫بعيدا عن اجلمود والتقليد احلاصلني يف‬
‫صحيحا‪ ،‬م‬
‫م‬ ‫تصويرا‬
‫م‬ ‫‪ -1‬حترير املصطلحات وتصويرها‬
‫خطاابت املوافقني واملخالفني‪.‬‬
‫‪ -2‬مراعاة البعد الزمن واملكاين عند حترير هذه املصطلحات‪ ،‬وأتثريه على املصطلحات‬
‫اشتهارا وانداثرا‪.‬‬
‫دقةم وخفاء و م‬
‫‪ -3‬تذليل املسائل العقدية الصعبة وتسهيلها ليفهمها القارئ‪ ،‬ليتدرج به شيئا فشيئا إىل ما‬
‫هو أعلى‪ ،‬فامتاز املؤلف بسهولة العبارة والتدرج حىت يفهم املسائل الصعبة بغري إخالل‬
‫ابملقصود‪ .‬كذلك تفكيك املسائل وحترير حمل النزاع وجرد شامل لألوهام اليت تقع يف هذه‬
‫املسائل‪.‬‬
‫أصال‬
‫حكما على غريه‪ ،‬أو م‬
‫‪ -4‬إثبات احلق يف املسائل املُشكلة دون جعل ابن تيمية م‬
‫ُحيتكم إليه‪ ،‬بل حضور ابن تيمية يف هذا الكتاب كان كحضور الشاهد ال كحضور القاضي‪.‬‬
‫‪ -5‬اإلشارة إىل أمهية دراسة التاريخ العقدي وتطور الفكر اجلديل عند أهل احلديث مما‬
‫خلال فيما بعد‪.‬‬
‫يُسهل توضيح الصورة كاملة لطالب العلم‪ ،‬دون اجتزاء يُسبب م‬
‫‪ -6‬قضية املصطلحات قضية مركزية للكتاب والتطور التارخيي للمصطلح‪ ،‬فقد يؤثر العامل‬
‫اشتهارا وانداثرا‪.‬‬
‫م‬ ‫الزمن على املصطلح دقةم وخفاء‪،‬‬
‫‪ -7‬أشار املؤلف إىل أمهية معرفة مراتب اخلالف العقدي‪ ،‬وأن العقيدة تنقسم إىل أصول‬
‫وفروع‪ ،‬أو كما قال ابن تيمية‪ :‬األصول الكبار‪ ،‬واملسائل الدقيقة‪ .‬فاملسائل الكبار ال خالف‬
‫ضمنة يف املختصرات العقدية‪ ،‬وأما املسائل الدقيقة فحصل فيها‬
‫فيها بني أهل احلديث‪ ،‬وهي ُم َّ‬
‫نوع خالف بعد القرن الرابع اهلجري‪ ،‬وإن كانت هذه املسائل احلق فيها واحد وال يسوغ فيها‬
‫اخلالف‪ ،‬إال أن اخلطأ فيها وارد‪ ،‬وال يوجب املفارقة العقدية ابلضرورة‪.‬‬
‫ُ‬
‫خلال عند بعض طلبة العلم‪ ،‬حيث ينظر الطالب إىل‬ ‫وغياب هذا التأصيل كان يُسبب م‬
‫العقيدة على أهنا قالب واحد ال يتجزأ‪ ،‬وإذا وجد عاملا من العلماء خيالف ابن تيمية يف مسألة‬
‫دقيقة حيصل له نوع ُشبهة‪ ،‬ويظن أن ابن تيمية خيالف أهل احلديث من جهة‪ ،‬أو يبدع هذا‬
‫اإلمام الذي خالف احلق من جهة أخرى‪.‬‬
‫واخللل هنا يكمن يف عدم إدراك مراتب مسائل االعتقاد والظن أهنا يف رتبة واحدة‪.‬‬
‫ابلنهاية هذا الكتاب من الدراسات املتميزة اليت تعتىن بتحرير املسائل‪ ،‬وكذا كثرة النقل من‬
‫كتب احلنابلة واألثرية‪ ،‬ويرصد بدقة حتوالت احلنابلة يف دقيق املسائل العقدية‪ ،‬ومن اجلميل يف‬
‫الكتاب عمل جداول مقارانت عقدية مفيدة بني أعالم املذهب احلنبلي واختياراهتم العقدية‬
‫حىت ال ينفرط عقد انتباه القارئ‪.‬‬
‫واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

You might also like