Professional Documents
Culture Documents
احلمد هلل والصالة والسالم' على أشرف اخللق واملرسلني ،وبعد :فهذا تلخيص وتعليق على كتاب:
" النصرانيّة"
سوسن العتييب
إ ّن الغ''رض من التعري''ف هبذا الكت''اب ه''و تب''يني اخلط اجلدي''د لدراس''ة النص''رانيّة من قِب''ل مس''لمني متخصص''ني،
ومن خالل اجلامعة اإلس'الميّة' العامليّ'ة مباليزي'ا ،فق'د ب'رز أب'رز علمني لدراس'ة األدي'ان ،ومها :عرف'ان عب'د احلمي'د،
وإمساعيل راجي الفاروقي ،وقد درس كل منهما النصرانيّة' يف كتابني بعنوان':
-النصرانيّة' نشأهتا التارخييّة وأصول عقائدها ،لعرفان عبد احلميد فتّاح ،رمحه اهلل .باللغة العربيّ''ة)٣٠٤( .
صفحة.
-األخالق املسيحية '،إلمساعيل راجي الفاروقي ،رمحه اهلل .باللغة اإلجنليزيّة )٣٣٣( .صفحة.
العام ''ة للكت ''اب ،وتثيّن
األول لعرف ''ان عب ''د احلمي ''د رمحه اهلل ،تب ''دأ برؤيته ''ا ّ
'ص للكت ''اب ّ
وه ''ذا املل ''ف خمص ' ّ
املضمنة فيه.
بتلخيصها للكتاب مع بعض التعليقات ّ
عنوان الكتاب" :النصرانيّة ':نشأهتا التارخيية وأصول عقائدها"
ه ''ذا ه ''و الفص ''ل األهم؛ إذ س ''تتبنّي من خالل ''ه أس ''س رؤي ''ة عرف ''ان عب ''د احلمي ''د للمنهجي ''ات الدارس ''ة لألدي ''ان،
اعتض''اداً' خبلفيّت''ه العلميّ''ة ال''يت تلقاه''ا يف الغ''رب وج''اء هبا إىل الع''امل اإلس''المي ،وخصوص'اً إىل اجلامع''ة اإلس''الميّة'
درس فيه'ا منهج مقارن'ة األدي'ان ،وت'أثّر ب'ه قس'م أص'ول ال'دين ومقارن'ة األدي'ان خصوص'اً.
العامليّة مباليزي'ا ،وال'يت ّ
وهو فصل مهم لكل الدارسني.
الفصل الثاين حىت الفصل العاشر :يتحدث فيه عن املسيحية منذ املسيح عيسى عليه الس'الم ح'ىت العص'ر احلايل،
بعرض موجز.
والتثبيت "...املؤلّف ّ
بتصرف.
1
علمي" يس''توجب الس''ؤال :أي منظ''ور علمي بالتحدي''د؟ أه''و املنطل''ق من رؤي''ة علم مقارن''ة
قول''ه" :من منظــور ّ
األديان وفق الرؤية الغربيّة؟ وأي رؤي'ة غربيّ'ة بالتحدي'د؟ ه'ذا س'ؤال مهم ،ألن املنهجي'ات متع'ددة حبس'ب تع'دد
املنطلقات ،ومتعددة أيضاً حبسب املعايري احملددة لعلميّة علم ما.
-النصرانيّة' العيسويّة.
احملرفة ،أو ما يعرف بالبوليسيّة'.
-النصرانيّة' ّ
ف''القول ب ''التحريف مس''تنده إمياين ق''رآينّ ،كم ''ا أ ّن نق ''ده لنظري ''ة اقتب ''اس الق ''رآن من الكتب الس ''ابقة ،يرتك''ز
اإلهلي"؛' وهذا معيار إمياينّ متعلّق بذات الدارس ،فال حي'دة يف املوض'وع ،ب'ل
على إميانه بوحدة املصدر "الوحي ّ
ه ''و انتص ''ار للح ' ِ'ق ال ''ذي ي ''راهُ ب ' ِ
'احلق ال ''ذي يعتق ''دهُ .وحيم ''د أيض' 'اً إلمساعيل راجي الف ''اروقي أن ص ' ّ'رح ب ''ذات
التصريح ،وأ ّن مستنده الدراسي مستند إمياين.
كنت دارساً ألمر ميس االعتقاد ،فال ب' ّد أن تق' ّدم أدوات االعتق''اد تق'دمياً م'دلال ،إن ك'ان
وهنا لفتة :إن َ
مفهوم العلم الذي نق ّ'ره ه'و ال'دليل الص'حيح الص'ادق؛ وه'ذا ي'وجب أن نق' ّدم رؤيتن'ا املدلّل'ة على ال'رؤى ال'يت ال
نعتق''دها ،ب''ل ونق ' ّدمها على م''ا اختذ ّقوت''ه االس''تداللية ملرتب''ة االع''رتاف ب''ه ،كاألدل''ة املس' ّ'ماة بالعلميّ''ة الع''رتاف
2
جمامع اجلامع' ''ات هبا؛ فينبغي أن نق ' ' ّدم م' ''ا ن' ''ؤمن ب' ''ه ص' ''راحة بدليل' ''ه الق' ' ّ'وي وحناجج ب' ''ه ،ونرفع ''ه ف ''وق احلجج
األخرى.
ومؤرخيها" ،ميكن أن نتخ' ' ''ذه مص' ' ''دراً؛ وهي الدراس ' ''ات ال ' ''يت
قول ' ''ه" :يس ـ ــتنطق أك ـ ــابر فالس ـ ــفة النص ـ ــرانيّة ّ
استعرضها وانتقدها واستفاد منها.
قوله" :باالعتماد على منهج يتسم بالموضوعيّة والوصفيّة المحايدة" ،نفس القول الذي قي''ل عن احلي''اد يع''اد
هن'ا عن'د احلديث عن املوض''وعيّة '،إذ املوض''وعيّة' تعت'رب مسة احلي'اد ،والق''ول باملوض'وعيّة' ي'وجب الق'ول باالنفص'ال
بني ال ''ذات واملوض ''وع؛' أل ّن أص ''ل ه ''ذه الثنائي 'ة' غربيّ ''ة تفل ''ق ح ' ّدا بني االث ''نني ،بني م ''ا يوض ''ع أم ''ام العني ف ''رتاه
وحتجمه وجتوهره وتلبسه لباس إدراك احملسوس ،وبني ما يكون يف ذات اإلنس''ان' مما ال موض''وع ل''ه يف اخلارج،
ّ
وهذه قدمية قدم فلسفة اليونان '،وأصوهلا يونانيّة' فلسفيّة ميتافيزيقيّة' حبسب رؤية اليونان للكون.
قوله" :محرراً من الدعاوى القيميّة ،والذاتيّة" ،أي حمرراً من احلكم ،وقول''ه ه''ذا ين''اقض مرتك''زهُ ال''ذي ص' ّ'رح
ب''ه "مرتك''ز إمياين" ،إذ اإلميان قيم''ة القيم ،وه''ذه القيم تل''زم ب''احلكم على ك''ل م''ا خيالف اإلميان ،أو يناقض''ه ،أو
يقل' ' ''ل من' ' ''ه ،فال إميان بال حكم ،وإال ال قيم' ' ' ''ة لإلميان .كم' ' ' ''ا أ ّن ال' ' ' ''ذات ال ميكن أن تنفص' ' ' ''ل عن الدراس' ' ''ة،
وخصوص 'اً م ''ا تعلّ ''ق بالدراس ''ات اإلنس ''انيّة' -املص ''نّفة' غربيّ ''ا واملعلوم ''ة عاملي ''ا ح ''ىت يف ال ''دول اإلس ''الميّة -وال ''يت
تص''نّف الدراس''ات الديني'ة' ض''منها حين'اً ،أو جماورة هلا يف نفس احلق''ل حين'اً ،وإال لك''انت نت''ائج ك''ل الدراس''ات
يف كل البقاع متطابقة.
قوله" :مجانباً مناهج القدماء الجدلية-الصوريّة" ،يف اعتقادي أ ّن اجلدل مل ينته ،بل جتدد شكله وبقي أص''له،
ذل''ك أ ّن الدراس''ات األكادميي''ة تتطلب عرض''ا للدراس''ات واآلراء ،مث اس''تنطاق الب''احث لي''بنّي رأي''ه بني ال''دحض
والتأييد '،وهذا أصل الطريقة التقليدية اجلدليّة ،إال أ ّن طريقة الع''رض اختلفت؛ فب'دالً من اللغ''ة القويّ''ة وال'يت فيه''ا
أحكام بالكذب ،والزي'ف ،والب'دع ،والكف'ر ،ص'ارت يف الطريق'ة األكادميي'ة ،وي'رى املؤل'ف الفالين ،بينم'ا ي'رى
3
املؤلّف الفالين ،ورأي الباحث ه'و ...إخل .وه''ذه لطاف''ة أس'لوب ،م''ع بق'اء طريق''ة الع''رض واالع''رتاض' مث احلكم
يف هناية االستخالص.
األول بـ :مق ّدم''ة عام''ة يف من''اهج دراس''ة مقارن''ة األدي''ان ،مبيّن''ا منهج''ه أيض'اً يف
مث يق' ّدم املؤلّ''ف الفص''ل ّ
كتاب''ه باحلي''دة واملوض''وعيّة...إخل '،وق''د س''بق تب''يني رأي القارئ''ة .مث ي''ردف وص''فه ملنهج''ه بقاع''دة ومس'لّمة" :أ ّن
خيل بوص ''فه ملنهج ''ه بالبع ''د عن إص ''دار األحك ''ام القيمي ''ة .ف ''املرتكز
مرتك ''زه إمياين خ ''الص" ،وه ''ذا كم ''ا تق' ' ّدم ّ
اإلمياين يلزمه بدحض ما يع'ارض إميان'ه ،ول'و بقواع'د أساس'يّة تش' ّكل أس'س رؤيت'ه ال'يت من خالهلا ي'رى اخلط'وط
الك''ربى ،فاإلميان يس''تلزم احلكم ،وإال ك''ان كال إميان .وربما يكون اإلنســان مسـلماً ولكن عقلـه غــير مسـلم
الحتكامــه لمرجعيّـة إدراكيّـة تعـارض المرجعيّـة اإلدراكيّـةـ في دينـه .وأم''ا مس'لّمته فمن خالهلا ي''بنّي أ ّن ال''دين
وضع إهلي معصوم باألصالة ،وأن التبديل حلقه من جهة املؤمنني به وأتباعه ،واملثال التط'بيقي على ه''ذه املس'لّمة
هو :دراسته النصرانيّة يف هذا الكتاب.
استشكال:
قال املؤلّف إ ّن منهجه منهج مقارنة األديان .وما جيب أن يطرح هو :ما هو منهج مقارن'ة األدي'ان؟ وم'ىت نش'أ؟
وكيف؟ وما هي مسلّماته؟ وهل جمرد القول بأن اإلسالم أقر بوجود األديان ٍ
كاف للقول بقبوله؟ ّ
إ ّن ال''دارس ملن''اهج مقارن''ة األدي''ان رمبا جيد أ ّن ه''ذا العلم نش''أ م''ع انفالق' الثنائي''ة بني :ال''دين والعلم ،أو
ال ''دين والوض' ''عيّة ،ومن مثّ مجع ك' ''ل م' ''ا ليس بعلم يف املس' ' ّ'مى املتس' ''ع "ال' ''دين" ،لت' ''دخل في' ''ه األدي ''ان حقيق ''ة،
والثقاف''ات ،والع''ادات ،واملمارس''ات ،ب''ل ح''ىت احلرك''ات واألي''ديولوجيات كاملاركس''يّة عن''د البعض!' فلم يع''د
ـربي" ،أي ك' ''ل م ''ا مل يتّص ''ف
ـعي غ ـ ّ
أي معي' ''ار أو حمدد ،ب' ''ل معي' ''اره ه' ''و "م ــا ليس بعلم وض ـ ّ
لتعري ''ف ال' ''دين ّ
بـ"العلميّ ''ة" أو "الوض ''عيّة" فه ''و :دين ل ''دى بعض التص ''نيفات' املتو ّس' 'عة ،أو ه ''و دين وفلس ''فة .وحبس ''ب دراس ''ة
املؤلّف خبلفيّته الغربيّة ،فإن الق'ول مبنهج مقارن'ة األدي'ان ي'وجب حتري'ر أهم املس'ائل املتعلّق'ة باملقارن'ة بني األدي'ان
يف اإلسالم '،ولعل أمهها: 4
-قصة اإلنسان ،فاإلنسان يف أص'ل النش'أة والتك'وين' خمل'وق ،وه'و حبس'ب العل'وم الغربيّ'ة ناش'ئ متط ّ'ور ال
خملوق.
-اإلنس''ان' يف أص''ل خلقت''ه ن''زل عاملاً بع''امل الغيب ،بينم''ا يف العل''وم الغربيّ''ة ه''و بُ''دائي مهجي ،تعلّم الكالم
بع''د أن تط' ّ'ورت س''بل عيش''ه ،مث ص''ار ال''دين حقب''ة دالّ''ة على تط''ور إنس''اينّ .بينم''ا آدم ق''د عُلم األمساء
كلّها ،فعلمه اللغوي وعلمه بالكالم أسبق من علمه بطريقة معاشه يف الدنيا بعد اهلبوط.
-أص''ل دراس''ة األدي''ان يف اإلس''الم ،أو معرفته''ا ه''و :الش''هادة لألنبي''اء وتص''ديقهم ،ودع''وة الن''اس إىل دين
'يب اهلل عيس'ى' علي'ه الس'الم ،وتزكي'ة ص'ورته بع'د اهلل؛ فدراسة النصرانية' أو اليهوديّة هي دراسة ملناصرة ن ّ
لنيب اهلل موسى عليه السالم وتزكية لصورته بعد أن دنّست .وهذا هو الدأب أن دنّست ،وكذا شهادة ّ
مع مجيع األنبياء عليهم السالم.
ولك أن تتأمل يف كتاب اهلل ،إذ أنعم اهلل على املسلمني مبعرف''ة حقيق'ة عيس'ى علي''ه الس''الم دون
خص اهلل هبا أتب''اع نبين''ا ص''لى اهلل علي''ه
الع''املني؛ إذ ظه''ر لك''ل من حول''ه أنّ''ه ق''د قت''ل ،بينم''ا احلقيق''ة ال''يت ّ
وس ''لم أنّ ''ه ق ''د رف ''ع ،فواجبن ''ا أن نبلّ ''غ ه ''ذه الش ''هادة للع ''امل أمجع ،وه ''ذا تكلي ''ف إهلي ي ''وجب االهتم ''ام
بدراس''ة األدي''ان املعاص''رة هلا ،والس''ابقة ملناص''رة أنبي''اء اهلل ،وتص''حيح الص''ور ،وتب''يني م''ا بيّن''ه نبين''ا ص'لى
اهلل صلى اهلل عليه وسلم.
وميكن إمجال أهم أغراض دراسة األديان يف اإلسالم':
-تصديق األنبياء' والشهادة هلم ،والشهادة ألتباعهم والشهادة عليهم يف آن .واالنتص''ار لألنبي'اء بتص''حيح
حنوهلا لعمل حبثي حقيقي؟ صورهم؛ وإال ما فائدة اإلميان بالرسل يف اعتقادنا إن مل ّ
-تبيني أصل اإلنسان يف خلقته ويف حتوالته التارخيية.
حتوالت عن األصول. -تبيني أصل كثري من العقائد وأهّن ا ّ
-نبذ النظري'ات املخالف'ة ألص'ول األدي'ان كـ :نظري'ة التط'ور ،نظري'ة اإلنس'ان البُ'دائي ،نظري'ة االقتب'اس بني
الكتب السماويّة.
ولق''د ق''ام إمساعيل راجي الف''اروقي رمحه اهلل بدراس''ة اليهوديّ''ة ،وبني فض''ل بعث''ة الن''يب ص''لى اهلل علي''ه وس''لم
على اليهوديّة ،إذ من خالل اإلسالم' مت االعرتاف بصدق بعض الوثائق اليهوديّ''ة يف ال''دوائر الغربيّ''ة ،أل ّن الق''رآن
وثيقة صادقة صحيحة مقبولة' ال خلل فيها.
5
مث أشار املؤلف بإش'ارة م'وجزة إىل علم مقارن'ة األدي'ان ،وق'د أحس'ن إذ بنّي أ ّن أص'وله مبنيّ'ة على مس'لّمات
غربيّة ،يتخذ الدين فيها موضوعاً حبسب فلسفاهتا ،وقد بنّي دراسة الدين وف'ق املنهج الوض'عي' التط ّ'وري ،وال''يت
اختذ ال''دين فيه''ا موض''ع "الظ''اهرة التارخييّ''ة" ،وه''ذا يع''ين الت''ايل :اس''تبعاد قص''ة اخلل''ق ،ال''دين مظه''ر ت''ارخيي دال
التطوريّ''ة وبق''اء من ي''ؤمن ب''ه ،واإلق''رار مبب''دأ االس''تعارة'
على التط' ّ'ور البش''ري ،ال''دين رجعي بع''د جتاوز مرحلت''ه ّ
الذي يدل على أ ّن كل دين هو استعارة' من الدين الذي قبله.
ه''ذه املنهجيّ''ة الغربي''ة الش''ائعة واملس' ّ'ماة بـ"علم مقارن''ة األدي''ان" اختزالي''ة س''طحيّة يف كث''ري من األحي''ان؛ إذ
تس ' ّ'وي بني األدي ''ان وف ''ق التش ''اهبات ال ''يت حتاف ''ظ على خ ''ط التط ' ّ'ور ،وت ''دفن ك ''ل األس ''س والن ''واقض الداحض ''ة
التطور ،وإال كيف ميكن مقارن'ة دين ي''ؤمن بإل'ه واح'د يتط' ّ'ور ل'دين ي''ؤمن بإل'ه من ثالث'ة أق''انيم ،إىل دين
لنظرية ّ
يعي''د اإلميان بإل''ه واح''د؟ باإلض''افة ل''وهن االعت''داد بالرؤي''ة القدمية لإلنس''ان البُ''دائي '.باإلض''افة ل''رفض اإلق''رار أو
شوهت' األديان السماويّة ،بل غرّي ت الدين املسيحي متاماً.
ضعف اإلقرار بأثر احلضارة اهليلنستية' اليت ّ
يعاب على املؤلّف أنّه ق ّدم الرؤى الغربيّ'ة ،لكن'ه مل يق' ّدم رؤي'ة منطلق'ة من اإلس'الم تنظ'ر لألدي'ان ،ومل يق' ّدم
رؤي ' ''ة اإلس ' ''الم لإلنس ' ''ان ويق ' ' ّدمها على املنهجي ' ''ات األخ ' ''رى ،مث يب ' ''دأ باملقارن ' ''ة .من املألوف اعت ' ''داد الغ ' ''ريب
باملنهجيات الغربيّة ،حىت الدينية منها وتقدميها ،لكن من غري املقب'ول أن يعي'د املس'لم تنظيمه'ا وترتيبه'ا ونق'د م'ا
يل'زم دون تب''يني رؤي''ة ومنهج دين''ه يف النظ''ر لألدي''ان ،أع''ين املالمح العام''ة ،والقواع''د األساس''يّة '.والكت''اب' باللغ''ة
وموجه ملسلمني ،فال بد من تقدمي املرجعيّة األوىل يف تبيني النشأة التارخيية واألصول.
العربيّة ّ
ومما حيم''د للمؤلّ''ف أن بني أص''ول ال''دعوة ملا يع''رف حالي 'اً بـ "احلوار بني األدي''ان"؛ إذ نش''أته غربيّ''ة أص''لها
احلرب بني اليهود والنصارى ،وال'دعوة' للمص'احلة بينهم حتت م'ا مسّي بعدئ''ذ بـ "ال''ديانات اإلبراهيّميّ''ة" '،بع''د أن
صارت األديان يف خندق واحد ضد العلمانيّة الغربيّة ،وعلى إثرها نتجت أيضاً مباحث "التعدديّة الدينيّة"'.
ويف بقيّة الفصول يعرض املؤلف النصرانيّة من خالل املصادر اليت ّأرخت هلا:
6
-اليهود.
-النصارى.
-فالسفة التنوير.
-الدراسات الغربيّة املعاصرة ،وفق مدرسيت هيجل وكانط.
ومن اجلدير بال''ذكر أ ّن أهم حلظ''ة تارخييّ''ة ش ' ّكلت النص''رانية' هي "م''وت عيس''ى علي''ه الس''الم" ب''زعمهم ،بينم''ا
رفع''ه إميان 'اً ويقين 'اً ب''اخلرب اإلهلي الق''رآينّ؛ ل''ذلك ال ب''د من تق''دمي ه''ذه اللحظ''ة املفص''ليّة باألدل''ة القرآنيّ''ة أوالً ،مث
ع ''رض األدلّ ''ة ح ''ول التوثي ''ق هلذه اللحظ ''ة عن ''د املعاص ''رين ل ''ه من روم ''ان أو يه ''ود ،أو الالحقني من الدارس ''ني
الغربيني للدين باعتباره ظاهرة تارخييّة.
لنخلص يف النهاي ''ة إىل أن ال ''دين النص ''رانية' حبس ''ب اليهوديّ ''ة "احنراف" ،وحبس ''ب النص ''رانيّة' "حقيق ''ة"؛
ولكن املشكل عندهم :تعدد األناجيل واختالف الروايات ،وحبسب فالسفة التنوير واملتأثرين هبم والباحثني يف
العص''ر احلايل فال''دين "ظ''اهرة تارخييّ''ة"؛ في''درس حبس''ب ه''ذا االعتب''ار ،أي يعت''رب من خالل واق''ع املؤم''نني ب''ه ،إذ
هبم ينعكس مستوى الوعي اإلنساين.
هذا منهج املؤلّف بشكل عام ،وأما العرض فهو ما يف الصفحات التالية'.
7
النصران ّية
نشأتها التاريخية وأصول عقائدها
ومؤرخيهــا
"يحاول هذا الكتـاب تقـديم النصــرانية من منظـور علمي محايــد يسـتنطق أكــابر فالسـفة النصـرانيّة ّ
باالعتماد على منهج يتسم بالموضوعيّة والوصفيّة المحايدة محرراً من الدعاوى القيمية ،والذاتيّــة ،ومجانبـاً
مناهج القدماء الجدلية -الصوريّة "المعروفةـ بمنهج الدحض والتثبيت""...
بتصرف
المؤلّفّ - 8
التعريف العام بالكتاب
النصر ّانية
ّ
نشأهتا التارخيية' وأصول عقائدها
تأليف :عرفان عبد
محتويات الكتاب
الحميد فتّاح
كوااللمبور :التجديد مق ّدمةـ عامة في مناهج دراسة مقارنةـ األديان األولـ
الفصل ّ
الســيّد المســيح عليــه الســالم :والدتــه ،نشــأته،ـ ونهايتــه الفصل الثاني
الطبعة 2
المفجعة
.هـ 2005 -م1426 كتاب المسيحية المق ّدس الفصل الثالث
صــفحة 304 السيّد المسيح عليه السالم ويهوديّة عصره الفصل الرابعـ
الفصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الفترات الرئيسيةـ في التاريخ العام للمسيحيّة
الخامس
الفصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل المجامع الدينيّةـ
السادسـ
الفصل السابع نظم الرهبانيّةـ
األسرار السبعة في النصرانيّة الفصل الثامنـ
الحركات اإلصالحيّة (1648-1513م) الفصل التاسع
المسـ ــيحيّة من عصـ ــر اإلصـ ــالح البروتسـ ــتانتيـ وحـ ــتى الفصل العاشر
اليوم
9
1
األول
الفصل ّ
عامة في مناهج دراسة مقارنة األديان
مق ّدمة َّ
منهج الكتاب:ـ
يص ''ف املؤلّ ''ف منهج ''ه بـ "احلي ''دة واملوض ''وعيّة' والبع ''د عن إص ''دار األحك ''ام القيمي ''ة '...وجتاوزت ق ''در
املمكن واملستطاع' مناهج (الدحض والتثبيت) '،أو (الدفاع والتربير) "...
القاعدةَّ :
أن مرتكزه إمياينّ خالص.
المسلّمة :يرى أن الدين وضع إهلي معصوم باألصالة ،وأن التحريف والتبديل حلق به مما أضفاه عليه املؤمنون،
وشوهوا' نقاءه األصلي.
فحجبوا جوهره األصليّ ،
المثال التطبيقي للبرهنة :هذا الكتاب الذي يدرس من خالله النصرانية' بعد حتريفها وتبديلها.
موقعه بين العلوم :فرع من ف'روع املعرف'ة التارخيي'ة ،ال'يت عُ'رفت يف الت'اريخ اإلس'المي؛ وذل'ك ألن الق'رآن ج'اء
املدعوة حملاورهتم.
بالتصديق لألديان واهليمنة عليها وختمها ،وضرورة معرفة أديان األمم ّ
الفائ ــدةـ األخص لدراســةـ األدي ــان العالميّــةـ الي ــوم :أ ّن من ''اهج دراس ''ة األدي ''ان احلديث ''ة نش ''أت وف ''ق فلس ''فات
التطوريّة:
ومسلّمات غربيّة ،وأمهها موضع الدين ،ومنها املنهج الوضعي بفلسفته ّ
1
التطوري :أساسها استجالب رؤي''ة داروين ّ
التطوري''ة إىل دراسة مقارنة األديان وفق المنهج الوضعي ّ
روادهم:
جماالت العل'وم اإلنس''انيّة ،وق'د ت''أثر هبا من درس مقارن'ة األدي'ان وتارخيه''ا ،فأخ'ذ هبا كث'ري من ّ
عم'ق منهجهم الوض'عي ،مث''ل:
ماكس مويل ،وتيله ،ومتزاين ،وإدوارد ك'ريي .وق''د ت'أثر هبم بعدئ'ذ من ّ'
بيرتس ،وجوردان ،وكارن آرمسرتونج ،وهانز كونك ،ومريسيه إليادة.
موضع الدين من خالل هذا التيّار:
قص ة اخللق ،وبالطبع استبعاد اخلالق ،ومقتضيات ذلك من نفي إحكام الكون'.
استبعاد ّ
احلقيقة نسبيّة وحمايثة ال متعالية.
ال ''دين مظه ''ر من مظ ''اهر التط ' ّ'ور ال أن ''ه ه ''و املط ' ِّ'ور ،وب ''التبع ك ''ل كتب ال ''دين تعام ' ُ'ل معامل' 'ةَ الوث ''ائق
التارخيية!
حتوالت تارخيي''ة
ال''دين ظ''اهرة تارخيي''ة وينبغي أن يف ّس'ر على ذل''ك؛ وأ ّن ال''وحي م''ا ه''و إال تعب''ريات' عن ّ
إنسانيّة ال أنه حقيقة متعالية.
التس''وية بني مجي''ع األدي''ان ومقابلته''ا بالعقلي''ة الوض''عية ،وف''ق معي''ار العقليّ''ة الوض''عيّة لفت''ق ثنائي''ة بني م''ا
ليس مبعق''ول كال''دين واألس''طورة واخلراف''ة ،والعق''ل الوض''عي ،لتن''درج ك''ل األدي''ان حتت قائم''ة املقاب''ل
بالرغم من التفاوت الكبري بينها! بل وإدخاهلا يف نوع جيمعها باألسطورة واخلرافة!
قيمة الدين اآلن :أنه الكاشف عن البنية' العلويّة اليت ش ّكلت البىن االجتماعية احلالية (السفلى)!
لتطور الدين من البدائية الوثنيّة' إىل التوحيدية!
رسم اخلط التارخيي ّ
مقتضيات هذه النتائج:
م''ا دام ال ''دين س ''ريورة تارخيي ''ة؛ فإن ''ه ق''د اس ''تعار من ال ''دين ال''ذي س ''بقه ،وعلى ذل''ك س ''ارت دراس ''تهم
املقارنة بني األديان يف تبيني العالقة بني األديان املتشاهبة بأهنا عالقة أخ''ذ واقتب''اس! أو اعتم''اد واس''تعارة
"."Dependence or borrowing
1
واألهم يف موضوع "األديان السماويّة" أن األديان الثالثة ':اليهودية ،املس'يحية ،اإلس'الم؛ م'ا دامت هبذا
'دل على وح''دة
التش''ابه فه''ذا دلي''ل على أهنا إمنا اقتبس 'ت' من بعض''ها! ومل يق''رروا ب''أ ّن تش''ابه األدي''ان ي' ّ
املصدر ،والذي يوجب أن يؤمنوا مبصدر ٍ
متعال مي ّد هذه األديان.
األديــان اإلبراهيميــة ،أو أديــان أبنــاء إبــراهيم :هي دع ''وة ظه ''رت من ''ذ الس ''تينات من الق ''رن العش ''رين
تدعو إىل دع'وى "أن اليهودي''ة واملس'يحية واإلس''الم دين واح'د يف ص''ورة ثالث''ة أدي''ان" ،وق''د وض'عوا هلا
مص ''طلح" :اجملم ''ع اإلب ''راهيمي "Abrahamic Ecumen-أو "أبن ''اء إب ''راهيمChildren of-
"Abrahamوأحياناً "اإلرث اإلبراهيمي' املشرتك."Abraham Stock-
أصل الدعوى :أهنا تصنيف لدعوى أعلى منها جتمع األديان دون ممايزة إال بالتص''نيف للتعري''ف ،وهي
"الوح' ' ''دة املتعالي' ' 'ة' لألدي' ' ''ان "-The Transcendent Unity of Religionsول' ''ذلك
تسمى هذه ال''دعوى األعم بـ":التعددي''ة الديني''ةReligious-
فاألديان اإلبراهيمية' فرع منها! وأحياناً ّ
"Pluralismأو "روحانيّة املقاصد."Spiritual Humanity-
1
الفصل الثاني
السيد المسيح عليه السالم :والدته ،نشأته ،ونهايته المفجعة
املسيحية تُنسب إىل املسيح عيس'ى علي'ه الس'الم ،وامسه األص'لي " "Emanuelومعن'اه :اهلل معن'ا ،أو
اهلل خيلّصنا.
التعريف باملصطلحات:
المسيح: ()1
أصــله اللغــوي" :مش''تق من الكلم''ة العربيَّة " "Massiahوتع''ين يف العربي''ة واآلرميّ''ة "املنق''ذ املوع''ود" ،وأص''لها
سرته بدهن ال'َّ'زيت املق' ّدس " ،"Yehoshuaبدالل''ة :يه''وه املنق''ذ
العربي ""ha-mashiah؛ أي املمسوحة َّ
""Yahwa saves؛ مث اختصرت فاختذت صورة "Yeshua" :أو "-Yeshuيس'وع"؛ بدالل''ة املمس'وحة
سرته واملختار من اهلل تعاىل."The anointed and chosen one by God" :
ّ
وق ' ''د تُ ' ''رمجت الكلم ' ''ة إىل اليونانيّ' ' 'ة' بص ' ''يغة -Khristos :خريس ' ''توس املش ' ''تقَّة من Khriein :أي
'تق االس''م الت''ارخيي للدَّيان''ة"Christianity" :؛ وخريس''توس تع''ين أيض 'اً:
املس''ح ،to anoint -ومنه''ا اش' َّ
الزيت املقدَّس؛ عمالً بالتقاليد املوروثة عند اليهود مع الطفل املولود ،أو مع امللوك.
سرته بدهن َّ
املمسوحة َّ
أما اسم ٍ Jesus
فآت من اليونانيَّة' Le Sousاليت هي بدورها ترمجة للكلمة العربيَّة' ."Yeshu
1
التأويل اإلسالمي :انش''غلوا ب' ّ
'رد كلم''ة املس''يح إىل األص''ول اللغويّ''ة العربي''ة ،إال أن اإلم''ام الط''ربي ش''عر بأص''لها
غري العريب ،وأهنا سريانية ،فقال" :مشيحاً فعُِّربت".
النصرانيّة:ـ ()2
األول:ـ نس' ''بة إىل مدين' ''ة الناص' ''رة مس' ''قط رأس الس' ''يد املس' ''يح علي' ''ه الس' ''الم؛ حبس ''ب املص ''ادر
الق ــول ّ
اليهودية اليت تنفي أن يكون قد ولد يف "بيت حلم"؛ لنفي صفة املسيحانيّة' املنتظ'رة وال''يت خيرج ص'احبها
ص' 'غرى م ''دن اليه ''ود ،من ''ك
من "بيت حلم" ،واعتق ''ادهم أن ''ه من آل داود؛ "لكن ي ''ا بيت حلم أفرات ''هُ ،
س''يخرج يل س 'يِّ ٌد على ب''ين إس''رائيل ،يك''ون' من''ذ الق''دمي ،من''ذ أي''ام األزل" [العه''د الق''دمي :س''فر ميخ''ا:
.]5:3ونبذ املسيح ونسبته للناصرة خصوصاً لوصفهم إياها بـ "أ َِم َن النَّاصرة خيرج شيءٌ صاحل؟".
القول الثاني:ـ من املؤرخني من يرى أن الناصرة حتريف لكلمة "الناظر" وهي أقدم تسمية أطلقت على
الصابئة املن''دائيني أو املغتس''لة؛ ولع'ل ه'ذا اخلل''ط ألن يوحن''ا املعم''دان ،واملس'يحيون من بع''ده ق'د مارس''وا
ع ''ادة التغطيس' يف املاء ،مث أص ''بحت س ''راً من األس ''رار الس ''بعة يف املس ''يحية ،وهي ع ''ادة يتبعه ''ا اليه ''ود
"الرب يرمحنا ويغف''ر
ُّ عامة حىت يومنا هذا وتدعى بـ "التشليخ "Tashlikhميارسوهنا يف عيد الغفران'،
لنا ذنوبنا ،ويف أعماق البحر يطرح خطايانا" [العهد القدمي :سفر ميخا.]20-18 :7 :
القـــول الثـــالث :حبس' ''ب ال' ''ورود ،أول ورود ملص' ''طلح "النص' ''رانية" ك' ''ان يف إجني' ''ل م' ''ارك يف "أعم' ''ال
"زايتلن" إىل أ ّن ورود اللف ''ظ "الناص ''رة" يف
الرس ''ل" ،أثن ''اء حماكم ''ة ج ''رت للق ''ديس بط ''رس .وي ''ذهب ْ
إجنيلي "مىّت " و"لوقا" ال ينبغي أن حيم'ل على قص'د "مدين'ة الناص'رة"؛ ألن النص'وص' القدمية تف ّ'رق بني "
"Nazareneو" :"Nazarethال''يت تع''ين امساً جلماع''ة ديني''ة ،ك''ان من متق ' ّدميهم الق''ديس يعق''وب
أخ الس ''يد املس ''يح ال ''ذي مسّي بعيس 'ى' الناص ''ري –حبس ''ب ق ''وهلم ،-ممن س ''لكوا حي ''اة التعبّ ''د والزه ''د يف
املعبد اليهودي.
1
دعــوى فلســفة األنــوار :التش ''كيك يف حقيق ''ة ظه ''ور املس ''يح يف الق ''رن الث ''امن عش ''ر ح ''ىت ب ''دايات الق ''رن
املؤدية إلنكار حقيقة املسيح عليه السالم.
العشرين حتت تأثري الفلسفة التارخيية اهليجليّة ّ
متضادين:
ّ دراسة المسيحية في القرن التاسع عشر :جرت دراستها حتت تأثري منظورين فلسفيني
وجهـ ــة نظـ ــر الكنيسـ ــة في هـ ــذه الدراسـ ــات:ـ "أن ه' ''ذه الدراس' ''ات ومثيالهتا :ق ' ''ام هبا عقالني' ''ون' غالة "
املتطرف''ة " ،"Humanitariansأو
،"Unorthodox rationalistsأو أتب''اع النزع''ات اإلنس''انية' ّ
أنصار الالهوت' املتحرر ""Liberal Christians؛ الذي أرسى أسسه فردريك ش''الير م''اخر ،واجلامع
بينهم :رفض املعج ''زات ورفض اإلق ''رار بألوهي 'ة' عيس ''ى علي ''ه الس ''الم –عب ''د اهلل عن ''دنا ،-وأ ّك''دوا أخالقي ''ة
تعامليه وأبرزوها".
التطوريــة لدراســة األناجي ـلـ األربعــة :نظ ''راً الحنص ''ار املواد املتاح ''ة يف األناجي ''ل األربع ''ة،
نظريّــة المراحــل ّ
ونظ''راً ألهنا كتبت بلغ''ة ال تواف''ق الوص''ف الت''ارخيي للدراس''ات التارخيي''ة فق''د أص''بح حتري''ر املص''در ّأوالً أهم
املادة التارخيي'ة م ّ'رت عن'د النق'اد بثالث
من األخذ منه عند من درس النصرانية من هذه األناجي'ل ،ل'ذا فه'ذه ّ
تطورية ،كالتايل:
مراحل ّ
1
رواي ''ات مرحل ''ة إعالن' املس ''يح علي ''ه الس ''الم عن بش ''ارته ،ونت ''ف من أخب ''ار تتص ''ل هبذه املرحل ''ة (وهي أ.
مرحلة قصرية).
مدون'ة (من الثالثين'ات ح'ىت الس'تينات' من
مرحلة ال'دعوة إىل بش'ارته ،بتقالي'د متوارث'ة متنوع'ة ش'فوية أم ّ ب.
األول) .ودراس''ة "رودول''ف بولتم''ان" النق''د-ص''وريّة تتعل''ق مبا ت''راكم من رواي''ات عن
الق''رن املس''يحي' ّ
هذه املرحلة.
مرحل''ة االختي''ار والص''ياغة' والتع''ديل والته''ذيب' للرواي''ات املتداول''ة ،من قِب''ل كت''اب األناجي''ل األربع''ة. ت.
وق ' ''د درس ' ''ها من اهتم بأس ' ''لوب النق ' ''د املط ' ' ّ'ور بع ' ''د احلرب العاملي ' 'ة' الثاني ' ''ة "Reduction and
-composition criticismالتهذيب والرتكيب".
إشكالية نظرية التحقيب التاريخي للمادة التاريخية :هل تُبىن سرية املسيح عليه الس''الم من املرحل''ة الثالث''ة
وصوالً إىل املرحلة األوىل لتوثيق حياة املسيح بالرغم من أ ّن أصل التوثيق عبارة عن شهادات إمياني''ة مس''بقة
'ادة ِ
من قب''ل الكتّ''اب لألناجي''ل " "Committed Testimonies of Faithوليس''ت الس''تنباط م' ّ
تارخيية موثّقة.
بع ''د التش ''كيك' يف نوعيّ ''ة التص ''رحيات اإلجنيلي ''ة ،فق ''د ف ' ّ'رق الش ''كاك' أو ت ''أثّراً باجلدليّ ''ة اهليجليّ ''ة يف مقابالهتا
'ارة بني دين عيس ''ى وإميان دي ''ين بعيس ''ى ،وت ''ارة يف املقابل ''ة بني بس ''اطة بش ''ارة عيس ''ى والق ''ول
'ادة ':ت ' ّ
املتض ' ّ
بألوهيّته '،وبني عيسى السامي املتح ّدث باآلرمية والداعي للتوحيد ،وبولص األبع''د عن التوحيدي''ة واألق''رب
للفلس''فة اهللينس''تية .واملقابل''ة بني عيس''ى علي''ه الس''الم وب''ولص أنتج دراس''ات ف' ّ'رقت بني دين املس''يح وبني
املسيحية التارخيية من أشهرها دراسة ،Gotthold Ephraim Lessingوكذلك مارتن بوبر.
1
الخالصة من الدراسات:ـ بالرغم من شح املوارد ،إال أ ّن جمموع الدراسات اليهودية والنص'رانيّة عن الس''يد
املسيح عليه السالم وحياته ،جتمع على:
مسـ ــقط رأسـ ــه وسـ ــنة والدتـ ــه :اختلفت األناجي ' ''ل يف تع ' ''يني مس ' ''قط رأس ' ''ه بني "الناص ' ''رة" و"بيت حلم"،
وكذلك يف تعيني سنة الوالدة بني 4ق.م و 5ق.م (إجنيل مىّت ) ،وبني 6ق.م و 7ق.م (إجنيل لوقا)،
تحديد التاريخ الميالدي :مت اعتم'اد الت'أريخ مبيالد املس'يح علي'ه الس'الم يف الق'رن الس'ادس امليالدي؛ وعلي'ه
ف''اختلفت الكنيس 'ة' الكاثوليكي 'ة' عن الكن''ائس' األرمنيّ''ة يف االحتف''ال بعي''د ميالد املس''يح ،فه ''و 25ديس''مرب
للكاثوليك '،و 6كانون الثاين.
1
والدة المسيح عليــه السـالم :الق''ول ب''أن ل''ه أخ''وة وأخ''وات ووال''د مش''كل ،لكن وج''دت الكنيس'ة' خمرج'اً
النجار زوج والدته!
بنسبة األبناء خلالته أو ليوسف ّ
المس ــيح :أطلق ''ه علي ''ه أتباع' 'ه' أل ّن أغلبهم من اليه ''ود املتن ّ
ص' 'رين ،وليس يف األناجي ''ل م ''ا ي ''دل على
استخدامه هلذا اللقب.
ك''ان املس''يح يس' ّ'مي نفس''ه بـ "ابن اإلنس''ان"' املس''تعار من العه''د الق''دمي للتبش''ري ب''ه ،وعُ''رف بالس''يّد
واملعلّم.
س ـ ْنهدريون " "Supreme Jewish tribunalبزعام ''ة قياف ''ا " ،"Caiaphasمجاع ''ة من
ال َّ -1
اليهود هم رجال املعبد وأعضاء اجمللس اليهودي األعلى ،والسبب:
فضحوا باملسيح فداء لليهود.
أل ّن دعوة املسيح شاعت فخافوا على أن يستبد الرومان هبم ّ أ.
ألن املسيح عليه السالم انتقدهم وكشف زيفهم وتعاطيهم الرىب والتظاهر بالشريعة. ب.
الصدوقيون :أصحاب السلطة الدينية والوض'ع االس'تقراطي' اخلادم للس'لطة الروماني'ة؛ وذل'ك خوف'اً -2
حمرض'اً
على مكاسبهم فهم عمالة للرومان ،واعتربوا' املسيح علي'ه الس'الم ث'ائراً اجتماعي'اً مث'رياً للفنت ّ
على منع دفع اجلزية للقيصر.
السلطة الرومانية ،وعلى رأسها بالطس'. -3
2
الروايات اإلنجيلية :تذهب رواية إجني''ل يوحنّ''ا إىل أن ّ
احملرض على ذل''ك هم اليه''ود ،ولكن ألن اإلجني''ل كتب
متأخراً يف وقت تأزم العالقة بني اليهود والنصارى فقد كان اهلجوم على اليهود فيه كبري ،واهتموهم مبحاكمته
وقتله صلباً.
املؤرخ ''ون ه''ذه الرواي''ة ،ال ''يت تعت ''رب اليه''ود "قتل''ة ال ''رب" خصوص''ا دع ''اة "املص''احلة' التارخيي ''ة" بني
انتق''د ّ
لخص''ة أهنا
وردوا الرواي''ة ،ومحّلوه''ا جري''رة الص''راع بني اليه''ود والنص''ارى– .وه''ذه تظن املُ ّ
اليه''ود والنص''ارىّ ،
حتوير للتاريخ ال أهنا حتقق من الرواية التارخيية! .-والبعض' قال بأن' تلك األحداث والقتل ما هي إال أس''طورة،
مثل "رودولف بولتمان" .والتعليل :أن القتل صلباً ليس من شريعة موسى عليه السالم.
موت المسيح عيسى عليه السالم –بزعمهم -الركن األهم في العقيدة النصرانيّة
ثانياً :صلبه
ثالث ـاً :قومت ''ه بع ''د ص ''لبه وموت ''ه وخل ' ّ'و ق ''ربه من جس ''ده بع ''د زل ''زال دح ''رج احلج ''ر عن ق ''ربه (وه ''ذه احلادث ''ة مل
يشهدها البشر ،ومل يرد يف األناجيل ما يؤكدها).
بعد إمياهنم –أي حوارييه -بصلب عيسى علي''ه الس''الم ،وحال''ة احلزن ال''يت أص''ابتهم والن''دم على ض''عف
مناص ''رته ،وبع ''د خروج ''ه وقيام ''ه من ق ''ربه ،أص ''بحت قيام ''ة املس ''يح علي ''ه الس ''الم من أهم األرك ''ان الفارق ''ة بني
2
اليهودي''ة والنص''رانيّة '،فص''ار اإلميان ب''ه خملّص'اً ومبعوث'اً' بع''د موت''ه ه''و التح' ّ'ول الت''ارخيي املنش'ئ' للهويّ''ة املس''يحية،
فانتقلت من اجملال اليهودي إىل مسيحية هلينستية' أضفى عليها بولص هذا الطابع اهللينستيين.
ترتب على اإلميان بذلك احتفال سنوي يف عيد الفصح املسيحي ،Easterوكذلك أمران خطريان:
نتجت عن قيامة املسيح أيضاً عقيدة احللول اليت ترى أ ّن "روح الق''دس" ح''ل يف احلواريني ،وه''و م''ا يس' ّ'مى
بـ "العنص ''رة" ،ويف ك ''ل من ي ''ؤمن ب ''ه ،واحنراف املس ''يحية عن التوحي ''د إىل الوثني ''ة ال ''يت تتق ' ّ'ول على عيس ''ى أن ''ه
وص''ف نفس''ه إهلاً مبا ال دلي''ل علي''ه يف األناجي''ل الثالث''ة وال الرس''ائل األوىل من أعم''ال الرس''ل كم''ا يؤك''د ذل''ك
.Lane A- Dermot
بعد تبلور التغرّي ات' اليت أدخلها بولص على املسيحية ،فقد مسّيت لدى الدارس''ني بـ "املس''يحية التارخيي''ة"
أو "املسيحية البوليسية"؛' النقطاعه'ا عن عقي''دة التوحي'د اإلبراهيمي''ة وخروجه''ا عن "العيس'ويّة" '،وإق'رار التثليث'
يف جممع نيقة 325م ،وجممع إفسوس 431م ،وجممع 451م. 2
عقيــدة الفــداء:ـ ظه''رت ُمبل''ورة يف ه''ذه احلقب''ة وذل''ك يف تص' ّ'ورات ح''اولت التوفي''ق بني الع''دل اإلهلي والرمحة
ذريت''ه ،وألن
اإلهلي''ة عن''د مناقش''ة مش''كلة "اخلطيئ''ة األص''ليّة" ال''يت ق''ام هبا آدم علي''ه الس''الم ،وال''يت ب''زعمهم ترثه''ا ّ
الق ''ائم هبا آدم ،وذريّت ''ه ال ذنب هلا فيه ''ا ،فللتوفي ''ق بني الع ''دل اإلهلي والرمحة اإلهلي ''ة فق ''د أص ''بح ال ''رب إنس ''اناً
جت ّس'د يف املس''يح ال''ذي أرس''له ابن'اً ليفت''دي البش''ر فيتحق''ق الوف''اق بني ص''فات ال''رب "الع''دل" و"الرمحة" ،وه''ذا
مدونت' ' ''ه املعتم' ' ''دة عن' ' ''د الكن' ' ''ائس عام' ' ''ة وهي "why God
احلل ق ّدم ' ''ه الق' ' ''ديس انس' ' ''لم ت1109م ،يف ّ
."become man
اإلنجيل لغة Evangel:األصل كلمة يونانيّة' مر ّكب''ة من مقطعني Ev :أي ال ّس'ار واملف''رح ،وAngelion
السار ،والبشرى.
،أي :اخلرب؛ فاإلجنيل هو :اخلرب َّ
"بايب ـ ـ ـلـ " :"Bibleمش' ' ' ''ت ّقة من الكلم' ' ' ''ة اليونانيّ' ' ' ''ة ،Bibliaأي :الكتب ،booksوهي ص' ' ''يغة اجلم' ' ''ع لـ
Bibilionأي الكتاب ،والكلمة أصالً صيغة تصغري من ،Le biblosوتعينPapyras :؛ اسم الصحائف
الورقيَّة املصنوعة' من عجينة أوراق الربدي".
اإلنجيل تسمية :اإلجنيل Christian Bible-the Gospel-هو اسم للكتاب املقدس عن''د النص''ارى،
ويس ' ّ'مى ك' ''ذلك بـ "العه' ''د اجلديد " The new Testament/ the new covenant؛ وه ''ذه
التس ''مية م ''أخوذة عن الالتيني 'ة' " "Novum Testamentumاملرتمجة للعب ''ارة اليوناني 'ة' "Kaina dia
1
الع ْ'ه'د ،ال َّش 'هادة اجلدي''دة -وهي تس''مية قص ''د هبا النص ''ارى للدالل''ة على أن
َ احلكم، 'ىن:' عمب ؛ "theke
1 ّ
الملخ صة ،لذا فال بد من مراجعة الكتاب أو البحث عن أصل العبارة للتثبت .األحرف الالتينية التي كتبت بها العبارة اليونانية غير متوفرة من ّقطة لدى 2
اإلجنيل ناسخ لليهودية ،لذا فإن دعاة املصاحلة عدلوا عن تسمية "العهد القدمي" إىل " "Hebrew Bibleأو
"."Hebrew Scripture
وتس ' ّ'مى الثالث األول بـ "املتماثل ''ة "Synopticالختالفه ''ا عن يوحنّ ''ا ،إلمجاع النق ''اد يف الق ''رن الث ''امن
عشر على ذلك.
الزمنيّة :أث' ''ريت مش' ''كلة االختالف بني األناجي ''ل فتخ ' ّ'رص الن ّق ''اد ال ''رتتيب' الزم ''ين هلا ،فجعل' ''وا أس ''بقها إجني ''ل
مرقص ،وأنّه املصدر املباشر إلجنيلي مىّت ولوقا.
المضــمون :مض''مون اإلجني''ل نق''ل ش''هادات عن عيس''ى علي''ه الس''الم ال أهنا كلم''ات ل''ه ،ل''ذلك ي''رى الن ّق''اد أن
التص ''رحيات املنس ''وبة لعيس ''ى علي ''ه الس ''الم حتم ''ل بص ''مات كنس ''يّة مت ''أخرة ،أو حماول ''ة إع ''ادة املس ''يحية ألص ''لها
اليهودي.
2
املؤرخ الاله''ويت اإليط''ايل "ه''نري أون" 1764م ،يف كتاب''ه "مالحظ''ات ح''ول األناجي''ل األربعة
أثاره''ا ّ -
،" Observation on the four Gospelsوأق' ّ'ره على ذل''ك John Griesbachع''ام
املؤرخني بنظريّة "ثنائية املصدر" أو فرضيّة "الوثيقة املزدوجة".
1783م ،وصارت تعرف عند ّ
-حل مشكلةـ التماثل:
الق''ول بوح''دة املرج''ع املش''رتك' لألناجي''ل الثالث''ة Common sourceأو م''ا مُسِّي بـ Ur- -1
.Gospel
القول باعتمادر حمرروها على بعضهم البعض. -2
إال أ ّن كال الق''ولني عورض''ا وانتق''دا ،وق''د ك''انت الغلب''ة للق''ول األول مث انتق''د ح''ىت تُ''رك لص''احل
القول الثاين.
األول أو
وقد أفرز اعتماد القول الثاين إشكالية تدرس أساليب اإلجنيل ومضامينه لتثبت' اإلجنيل ّ
املص ''در للبقيّ ''ة ،فنتج منهج النق ''د املس ' ّ'مى بـ Form gechichteأي :ت ''اريخ أس ''اليب اخلط ''اب يف
دون ك''ل ك''اتب
األناجيل .وأما تفسري االختالف بني األناجيل فقد أرجع''وه إىل اجلماع''ة املس''يحية ال''يت ّ
فيه إجنيله.
2
الفصل الرابع
هن ''اك من يقيم التواص ''ل بينهم ''ا باعتبارمها نوع ''ان ل ''دين واح ''د بعين ''ه ،وكم ''ا ق ''ال الق ''ديس أم ''ربوز -1
"حلق''ة داخ''ل حلق''ة"؛ ومن ه''ذا املنظ''ور حت ّدث "لينس''ك" عن احللق''ات الثالث ال''يت متثّ''ل :اليهودي''ة
واملسيحية واإلسالم ،من جهة التماثل املظهري ،وأن األصالة لليهوديّة.
هن' ''اك من يقيم القطيع' ''ة بني اليهودي' ''ة واملس' ''يحية ال' ''يت ص' ''اغها ب' ''ولص ،وأ ّن املس' ''يحية احنراف عن -2
السرية والفلسفة اهللينستية الوثنيّة'.
التوحيد اليهودي ،تأثراً بالعقائد ّ
المسيحية في أعين المسيحيين :املسيحية ناسخة لليهودية ،وذلك يف عدة نشاطات:
2
نشاط دعوي أو معـرفيـ :بع''د امت''داد الص''راع بني اليهوديّ''ة واملس''يحية فق''د تبل''ورت املس''يحية على -1
مب ''ادئ جتع ''ل بينه ''ا وبني اليهودي ''ة ح ' ّداً ،جاعل ''ة عه ''د املس ''يح ه ''و عه ''د رب ''اين جدي ''د ناس ''خ للعه ''د
الرب''اين ملوس 'ى' علي''ه الس''الم ،من''ذ الق''رن الث''اين امليالدي ،وق''د ك''انت أول مب''ادرة لقط''ع الص''لة بني
ال ''ديانتني من قِب ''ل "مرقي ''ون" ع ''ام 160م تقريب 'اً؛ وذل ''ك بإقدام ''ه حتري ''ر إجني ''ل ع ''رف بامسه ،أس ''قط
إص'حاحات العه''د الق''دمي من''ه...ح''ىت تط' ّ'ورت ه''ذه ال''دعوى م''ع الالهوت''يني املتح''ررين مث''ل "ش''الير
م ' ''اخر" ت1933م ،وأدول ' ''ف ف ' ''ون هارن ' ''اك ،باإلص ' ''رار على ح ' ''ذف العه ' ''د الق ' ''دمي من طبع' ''ات
األناجيل املعتربة.
نشاط رمـزي :جتس''دت دع''وى الفص''ل أيض'اً يف منحوت''ات زيّنت الكات''درائيّات' الك''ربى يف الغ''رب -2
األوريب تظهر إلقاء العهد القدمي ورفع العهد اجلديد.
الصــورة التنميطيــة عن اليهــود :تص ''ويرهم اجتماعي 'اً ب ''أهنم رم ''ز للش ''ر الش ''يطاين ،وأه ''ل العب ''ادات -3
الظاهرية والرىب واخلبث ،والدعوة لطردهم من العامل املسيحي اجلغرايف.
المحرقة النازيّة:ـ بع''د دخ''ول ج''زء من اليه''ود يف احملرق''ة النازي''ة ال''يت أب''اد فيه''ا هتل''ر من اليه''ود وغ''ريهم أع''داداً
هائل''ة ،وبع''د احلرب العامليّ''ة الثاني''ة ،اس''تثمر اليه''ود أح''داث احملرق''ة لتعزي''ز حض''ورهم يف الغ''رب ،وخصوص'اً م''ع
ضعف املسيحية يف تلك الفرتة ،فانتشرت األحباث وتكاثرت حول إعادة اعتبار اليهود ،وتأكي'د يهودي'ة عيس'ى'
عليه السالم وحوارييه ،والوصل بني املسيحية واليهوديّة ،بل وبنفي' العيوب ال''يت أحلقت بب''ولص' من قِب''ل اليه''ود
ليص''بح ه''و الواص''ل بني اليهودي 'ة' والنص''رانية ،مجع بني ش''ريعة موس''ى وأن عيس''ى ه''و املس''يح املنتظ''ر –عليهم''ا
السالم.-
األوليـ لهذه النظريّة:ـ ما أ ّكده أبراهام كاجير ت1874م ،يف كتابه "اليهودي''ة وتارخيه''ا" ب''أن اإلحاط''ة
الشرط ّ
بت''اريخ اليه''ود زمن عيس''ى علي''ه الس''الم ش''رط ّأويل لفهم املس''يحيّة[ .أي أن املس''يحية لن تفهم مبج''رد م''ا بع''د
املسيح أو ما كتب يف األناجيل بعزهلا عن اليهوديّة] .وهو شرط أ ّكده مناصروا النظريّة ودعاة حوار األديان.
من أمث ' ''اهلم "Young, Brad H" :وكتاب ' ' ''ه "عيس ' ' ''ى الاله ' ' ''ويت اليه ' ' ''ودي Jesus the Jewish
،"theologianو" "Falk. Hوكتابه "عيسى الفريسي ."Jesus the Farisse
3
الفصل الخامس
واس''تمرت ه''ذه احلقب''ة ح''ىت ع''ام 313ت''اريخ مرس''وم ميالن' ال''ذي أص''دره قس''طنطني األك''رب
ال' ''ذي حكم بإهناء كاف' ''ة أش' ''كال االض' ''طهاد واملالحق' ''ة '،ومنح النص' ''ارى وغ' ''ريهم حري ''ة االنتم ''اء
الديين. 3
تحول النصرانية إلى دين رسمي لإلمبراطوريّة:
ُّ ()3
وذل'ك ب'االعرتاف' أوالً باملس'يحية دين'اً مش'روعاً ع'ام 303م ،مث اعتن'اق اإلم'رباطور ل'ه ،مث جع'ل
القدس عاصمة للمسيحية ،مث جعل املسيحية ديناً رمسيّاً لإلمرباطوريّة '.وتقليص عدد اليهود باتس''اع
مهم'ة يف الدول''ة،
التبش''ري ،وتكث''ري ع''دد الكن''ائس وم' ّدها باملعون''ات املاليّ''ة ،وش''غل النص''ارى مناص''باً ّ'
ووك''ل إليهم تربي''ة أبن''اءه '،وإص''دار أحك''ام تع''رتف بالوراث 'ة' واحملاكم األس''قفية ،وجع''ل ي''وم األح''د
عطل ''ة رمسيّة إلزاميّ ''ة ،ونقش الرم ''وز املس ''يحية على النق ''ود ،وتنظيم اإلدارة الكنس ''ية' تنظيم 'اً إداري 'اً
مدنيّاً بتقسيم املقاطعات' إىل إدارات عرفت باسم "األبرشيات" أو"األسقفيات"'.
وألن اإلمرباطور أعلى سلطة يف الدولة فقد صرّي حاكماً أعلى للسلطة الديني'ة' والكنس'ية' الرمسية
لإلمرباطوريّة '،ومسؤوالً عن رعايتها حىت ظهر ما يعرف بـ "الالهوت' املسيحي".
وعليه ،مت إغالق مجيع املعابد الوثنيّة ،مث منع كافة املناشط الوثنيّة '،حىت حكم اإلم''رباطور املرت''د
جولي''ان ،ال''ذي انقلب على املس''يحية لص''احل الوثنيّ''ة .ومنى اض''طهاد اليه''ود والتش''نيع عليهم وم' ّ'رت
العقيدة املسيحية بتبلورات مستندة على قوة سلطة اإلمرباطوريّة'.
أبرز معالم اإلمبراطورية المسيحية :ظهور الشخص''ية املهم''ة "الق'ديس أوغس'طينوس '،ت430م"،
وكتاب ''ه "مدين ''ة اهلل" ال ''ذي ح ''اول في ''ه التوفي ''ق بني املس ''يحية وأق ''وال احلكم ''اء لل ''رد على الوثن ''يني
الداعني إىل عودة جمد روما بنبذ املسيحية.
بل ــورة العالق ــة بين شخص ــيات التثليت :األب ،االبن ،روح الق ''دس .وذل ''ك ّ
لتعم''ق االنش ''قاقات
واالختالفات داخل اإلمرباطوريّة حول عقيدة التثليث بني التوحيد والوثنيّة.
المسيح بين البشريةـ واإللوهيّة:
االجتاه العام يف القرنني الثاين والثالث ':تأكيد إنسانيّته' -1
االجتاه الع' ' ' ''ام يف الق' ' ' ''رن الراب' ' ' ''ع :تأكي' ' ' ''د ألوهيّت' ' ' ''ه '،وال' ' ' ''رد على املنك' ' ' ''رين مث' ' ''ل أري' ' ''وس -2
ونسطوريوس.
3
ص' ' 'رة '،وع' ''رب اجملامع
االجتاه يف الق ' ''رن اخلامس والس ' ''ادس حتت ت ' ''أثري الس ' ''لطة الروماني ' ''ة املتن ّ -3
الثالثة :اجلمع بني ألوهيّته وإنسانيّته '،حتت عقيدة التثليث'.
الشكل الهرمي المركزي لكنيسة رومــا "الكاثوليكيـةـ الغربيّـةـ الالتينيــة"" :م''ع م''رور ال''زمن تر ّس'خت
أمهيّ''ة روم''ا باعتباره''ا حاض''رة رس ''وليّة...مث أخ''ذت اهليئ 'ة' الكهنوتيّ ''ة ص ''ورة نظ''ام إدراة هرميّ''ة وس''لطة
كليّ' ''ة على رأس' ''ها روم' ''ا ،واس' ''تمر األم' ''ر هك' ''ذا طيل' ''ة العص' ''ور الوس' ''طى ح' ''ىت حرك' ''ات االحتج' ''اج
واملنشقني".
الش ــراكة الس ــلطوية للكنيس ــة اإلغريقي ـةـ الش ــرقيّة "األرثوذكس ــيّة" :حيث ك ''انت ش ''راكة بني كب ''ار
األساقفة يف هيئة جممع األقران.
بعد أن أص'بحت املس''يحية ال'دين الرمسي لإلمرباطوري'ة' اليوناني''ة ،وجبم'ع اإلم''رباطور' قس'طنطني وخلف'اؤه
بني الشرعية الوراثية' لإلمرباطوريّة '،والوراثة الروحية للسلطة املسيحية باعتبارهم مسيحني ،فقد مسّوا أنفس''هم بـ
املؤرخ''ون على األب''اطرة املتنص''رين مص''طلح "القيص''ر الباب''ا-
"رس''ل عيس''ى"' وأخض''عوا أورب''ا هلم .وق''د أطل''ق ّ
."Caesaropapismوهو ما ش ّكل ظاهرة "الالهوت السياسي"'.
ويف املقاب ''ل ك ''انت املعارض ''ة من قِب ''ل الكنيس ''ة الش ''رقيّة ألش ''كال التس 'لّط اإلم ''رباطوري على الكنيس ''ة'،
املؤرخ'ون' على تس'مية م'ا ك''ان
وتقرير األحكام حبسب س'لطة اإلم''رباطور عن''د اخلالف ،فعارض''وهم ،واص''طلح ّ
يف ت''اريخ الكنيس'ة' الش''رقية بـ "االس''تقالل اإلداري"؛ وال''ذي ع' ّده نص''ارى الش''رق س''المة لعقي''دهتم لبع''دهم عن
التسلط واإللزام باسم الدين.
3
وم''ع ال''زمن جت ّذرت االختالف''ات بني الكنيس''تني ،وألن القبائ''ل اجلرماني''ة مل تت''وىّل الكنيس''ة الغربيّ''ة فق''د
مهّش''ت ،بينم''ا القبائ''ل اإلفرجني''ة ق''د والته''ا فهي''أت لنفس''ها الفرص''ة للتحكم يف مس''رية األح''داث يف الغ''رب يف
العص''ور الوس''طى ،وال''يت أف''رزت تنص''يب ش''ارملان ملك 'اً بابويّ''ا ف''رض املس''يحية أو القت''ل بالس''يف ع''ام 800م؛
املؤرخون األكثر فصالً بني الكنيستني فال إلتقاء بينهما بعدئذ.
وهو احلدث الذي ع ّده ّ
3
الفصل السادس
اعت''اد الق''ادة الروح''انيّون (قساوس''ة ،أس''اقفة ،بطارق''ة ،كرادل''ة) االجتم''اع من حني حلني لتقري''ر قواع''د
اإلميان ،والفصل يف االختالفات التأويلية' حول العقائد القدمية أو املس''تحدثة ،يف اجتماع''ات ديني''ة عُ''رفت باس''م
"الس' ''ينودس" املش' ''تقة من اليوناني' ''ة " "Sunodoمبع' ''ىن االجتم' ''اع من أج' ''ل مناقش' ''ة قض' ''ايا الاله' ''وت .وق' ''د
استعملت كلم''ة " "Syndoللدالل'ة على ملتقي''ات ض'يّقة لطائف''ة معيّن'ة أو كنيس'ة واح'دة ،لكنه'ا و ّس'عت' فيم''ا
بعد.
وأما مصطلح "اجملمع " Council؛ فقد صار اس''تعماله لالجتماع'ات املس''كونيّة الكب''رية ذات الص''بغة
العاملي ''ة ال ''يت يش ''ارك فيه ''ا ممثل ''ون ملختل ''ف الطوائ ''ف والكن ''ائس '،وال تس ''تمد ص ''فتها العاملي 'ة' إال إذا أق ''رت ك ''ل
الطوائ''ف املش''اركة فيه''ا واملص''ادقة على قراراهتا؛ وأحص''ي يف ت''اريخ الكنيس''ة س''بعة جمامع مس''كونية عق''دت يف
مدن آسيا الصغرى بني القرن الرابع والثامن ،باعتبارها جمامع عامة ""Ecumenical؛ مشتقة من اليوناني''ة "
"Oikoumenأي العامل املعمور.
4
أث ــر ق ــرار المجم ــع :انش' ''قاق جدي' ''د عن الكنيس' ''ة من الق' ''ائلني بإحتاد الطبيع' ''ة اإلهلي ''ة باإلنس ''انية'،
وع ''رف دعاهتا بـ "املونوفيس ''ايت "Monophsite؛ وعنهم نش ''أت الكن ''ائس القبطيّ ''ة واحلبش ''ية
وكنيسة اليعاقبة يف سوريا.
مجمع خلقدونيَّة-ـ Chalcedony Council 451م: ()3
وهو امتداد إلشكالية ثنائية الطبيعية' اإلهلية واإلنس'ية للس'يد املس'يح ،لكن من جه'ة أيهم'ا أك'ثر غلب'ة
الطبيعة اإلهلية أم الطبيعة' اإلنسيّة؟
القرار :للسيد املسيح طبيعتني كاملتني.
مجلس الفاتيكانـ الثاني ()4
مل تكن إش'كاليّته عقديّ'ة بق'در م'ا هي إش'كالية عالق'ات مس'يحية بني الكن'ائس حملاول'ة الت'أليف بينه'ا
بع ''د االنش ''قاقات والص ''راعات' بينه ''ا ،وق ''د عق ''دت جلس ''اته يف الق ''رن الث ''امن عش ''ر من -1962
1965م ،بدعوة من الكنيسة الكاثولكية' بزعامة البابا يوحنَّا الثالث والعشرين.
أهم قضاياه:
التقارب بني الكنائس '،والعمل املشرتك اإلغاثي.
املوجه ''ة إليهم،
مناهض ''ة الالس ''اميّة' مما يع ''ين التص ' ّدي ملع ''اداة اليه ''ود وت ''ربئتهم من التهم ّ
والدعوة لألصل اإلبراهيمي' املشرتك بينهم وبني املسيحية.
الدعوة لالعرتاف باألديان اإلبراهيمية ،ومنه''ا اإلس''الم والتخلّص من ذاك''رة الص''راعات
التارخيية بينهم!
4
الفصل السابع
الرهبانيَّة – Monasticism
نُظُ ُم َّ
المصطلح :ورد " "Monachosيف إجنيل توم'ا ب'دالالت عام'ة غ'ري حمددة تع'ين االع'تزال ،واإلنس'ان املتف ّ'رد،
والع ''ازب .مث قيّ ''د فيم ''ا بع ''د للدالل ''ة على املنتظم يف مجاع ''ة زهديّ ''ة وذل ''ك يف مص ''ر ع ''ام 320م تقريب' 'اً ،مث يف
النص ''ف الث' ''اين من الق' ''رن الراب' ''ع حتدد بش' ''كل أدق للدالل' ''ة على حي' ''اة الزه' ''د م' ''ع زعيم مدرس ''ة اإلس ''كندرية
الزهاد.
أثناسيوس ت373م ،تأثراً حبياته لنفيه ،ولكتابته' عن الرهبان ّ
البدايات :ك''انت ب''دايات الرهبن''ة نزاع''ات فردي''ة لع''دد من املس''يحيني ،وق''د ب''دأت من داخ''ل املس''يحية باملغ''االة'
يف األخ ''ذ بالنص ''وص' الداعي ''ة للزه ''د إن من األناجي ''ل أو تع ''اليم ب ''ولص ،ب ''الرغم من أ ّن البعض' أرجعه ''ا جلذور
يهودي ''ة أو هيلنس' ''تية ،وم' ''ع تق ' ' ّدم ال' ''زمن تط' ' ّ'ورت لتص' ''بح تنظيم' ''ات مث نظم اختلفت بني الكنيس ''تني الش ''رقيّة
والغربيّة بعدة تعاليم.
[وتضيف امللخصة إشارة إىل ما جاء عن حياة ك''ل من :م'رمي عليه''ا الس''الم ،وعيس''ى علي''ه الس'الم ،وحيىي علي''ه
ُ
'تزوجوا ...فرمبا ك''انت إش'ارة لش'يوع التبتّ'ل' يف ذل'ك ال''زمن واالنقط''اع للعب'ادة عن ال'زواج
الس'الم ،فكلهم مل ي ّ
باعتباره اختيارا شخصيا ال إلزامي ،واهلل أعلم]
مل يتم بدقة حتديد حلظة االنتقال ،ولكن كانت يف الفرتة اليت س''بقت' عص''ر أوغس''طينس ،وتق' ّدر حبرك''ة
زهدي ''ة عُ ''رفت باس ''م " "Remnouthيف القبطي ''ة ،و" "Ihadayaيف الس ''ريانية ،و" "Apotaktitaiيف
اليونانية '،و" "Sarabitaiيف الالتينية.
4
وانتش''رت اجلماع''ات الزهدي''ة يف األوس''اط الغنوص''ية ،ممن مل يعتق''د مبعتق''د واح''د اعتق''اداً ص''ارماً ح''ىت
اختلطت املس ' ''يحية بغريه ' ''ا من املوروث ' ''ات العقدي ' ''ة كاألفالطوني ' ''ة احملدث ' ''ة ،وأش ' ''هر اجلامعني بينهم ' ''ا أورجيون
اإلس ''كندري ت254م؛ ال ''ذي ك ''ان ل ''ه دور تأسيس ''ي حاس ''م يف قواع ''د الس ''لوك حلي ''اة الرهب ''ان ،ح ''ىت ل ّقب بـ
"األب الالهويت للرهبنة".
النمــط الرهبــانيـ المصــري المؤســس :وق ''د أص ''بحت ه ''ذه اجلماع ''ات يف عالقته ''ا ب ''اجملتمع بني مجاع ''ة تع ''تزل
اجملتمع ''ات وختتلي ومسّوا بـ "االختالئ ''يني ،"Auchoritesومجاع ''ة ناش ''طة ت ''دعو للزه ''د يف احلواض ''ر املدنيّ ''ة،
ومسّوا بـ ""Cenobites؛ وذل''ك يف الرب''ع األول من الق''رن الراب''ع امليالدي .ولكن ه''ذه الثنائي''ة ك''انت ابت''داءً
اختالئيّ''ة مث دع''وة مدنيّ''ة؛ ذل''ك أ ّن أش''هر الن ّس'اك االختالئ''يني :الناس''ك املص''ري أنط''وين ت 356م ال''ذي اختلى
تكشف األسرار اإلهليّة له ،وق'د ت'أثر بطريقت'ه من س'لك
ملدة عشرين سنة مث عاد بعدها لدعوة الناس للزهد بعد ّ
مس''لكه ح''ىت انتش''رت على ختوم الني''ل ،وظه''رت حرك''ة رهب''ان املدن واحلواض''ر ،على رأس''ها "ب''اخوميوس" ت
346م ،وب' ''ىن رهباني' ''ة ملن التح' ''ق ب' ''ه ،وأنش' ''أت ش' ''قيقته' م' ''اري رهباني' 'ة' للنس' ''اء ،وق' ''د وض' ''ع بنفس' ''ه "آداب
املسرتشدين" املؤسسة على مبدأ "احلب املسيحي".
النمــط الرهبــانيـ األناضــولي:ـ ش''ابه النم''ط املص''ري لكن بش''كل تنظيمي أوس''ع ،وأدبي''ات أك''ثر أص''بحت فيم''ا
بعد بعد تنقيحها العمدة واألساس للرهبانيّات' الشرقية عامة ،وهي ذات طابع حضري يدعو ملساعدة احملت''اجني
باعتبارها قاعدة ملزمة .وارتب'ط ه''ذا النم''ط باس''م واض'عه "ب'ازل القيص'ري" ،وأص''بح ش'قيقه' األص''غر جرجيوري
دوهنا.
رواد الرهبانية الالهوتية الشرقية لسلسلة الرسائل اليت ّ
النيسي ت395م ،من أكرب ّ
وق'د نف''ذت ه'ذه التع'اليم الرهباني''ة إىل األق'اليم الالتيني''ة والروماني''ة خصوص'اً ،وق''د لعب الق''ديس ج''ريوم ت
420م ،دوراً ب ''ارزاً يف تأس ''يس' مجاع ''ات تن ّس 'ك من طبق ''ة النبالء واالرس ''تقراطيني يف روم ''ا يف مثانين ''ات الق ''رن
4
الراب ''ع امليالدي ،وه ''و ال ''ذي ق ''ام برتمجة العه ''د الق ''دمي والعه ''د اجلدي ''د إىل الالتيني 'ة' بلغ ''ة العام ''ة ومجه ''ور الن ''اس.
وبذلك انتشرت الرهبانيات' وشاعات يف أوربا ومشال أفريقيا ،ومتيّزت الرهبانيات الغربية عن الشرقية بأمور:
واس''تمرت حرك''ة الرهبن''ة ح''ىت فش''ى الفس''اد يف رؤوس''ها وتف''اقمت االحنراف''ات ح''ىت ش' ّ'ن م''ارتن ل''وثر على
الرهب''ان والراهب ''ات محلت''ه ،وتبع ''ه زعم''اء حرك ''ة اإلص''الح ،ح''ىت آل األم''ر لتص ' ّدر دع''اة العلماني''ة فاض''طهدوا
الرهب''ان وص''ادروا ممتلك''اهتم ،ح''ىت ع ' ّدت الرهباني''ات' 40رهباني''ة بع''د أن ك''انت 1000رهباني''ة قب''ل الث''ورة
الفرنس ''ية .وق ''د ع ''ادت الرهباني 'ة' يف الق ''رن التاس ''ع عش ''ر وانتش ''رت انتش ''اراً واس ''عاً ،ودعى الفاتيك ''ان' يف الق ''رن
العشرين إلعادة إصالح نظام الرهبنة'.
4
الفصل الثامن
مصطلح ()Sacraments
"ق''د يطل''ق املص''طلح على األش''ياء املق ّدس''ة ،وق''د يطل''ق على األم''اكن املق ّدس''ة ،وق''د يطل''ق على األزمن''ة
مكرس''ة خلدم'ة اإلل'ه أو اآلهلة ،كرم''وز
املق ّدسة ،ويرجع إىل الكلمة الالتينية " "Sacrareال ّدال''ة على أفع'ال ّ
على الطاع''ة .ويف ال'رتاث اليون''اين وبص''يغة " "Sacramentumك''انت عنوان'اً' ل َق َس'م الطَّاع'ة "،"Oath
'ؤدى ع''ادة يف
والتعبري عن الوالء " "Pledgeالذي يبديه اجلندي آلمريه عند الشروع يف احلرب ،وال''ذي ي' ّ
الرومانية ترجع إىل ما ت' ّدل علي'ه الكلم'ة اليونانيّ'ة ٍ
مكان له قدسيّته وبألفاظ مبعان دينية ،والكلمة يف صيغتها ّ
" "Mesterionال ''يت حتم ''ل مع ''ىن :معرف ''ة خفيّ ''ة ومق ّدس ''ة تتكش ''ف لبعض الص ''فوة عن طري ''ق الكش ''ف
التصوف " "Mysticismيف األديان عامة هبذا املعىن".
واإلهلام اإلهلي ،ومن هنا ربط مصطلح ّ
الداللةـ المسيحية:
4
ه ''و عالم ''ة ال ''دخول يف املس ''يحية اس ''تبداالً' لس ''نة االختت ''ان' اليهوديّ ''ة '،وك ''ذلك الغطس يف املاء؛
وهي عادة موروثة عن اليهود والصابئة '.واخلالف بني الطوائف املسيحية كان:
حول تعميد الطفل بعد والدته أم حىت ي''درك مع'ىن التعمي''د وداللت''ه؟ وق'د أنك'ر ترتولي'ان' وعام''ة o
الكن''ائس اإلص''الحية الربوتس''تانتية' يف العص''ور احلديث''ة تعمي''د األطف''ال؛ إذ ال نص من الكت''اب
عليه.
وحول التغطيس' ألكامل اجلسد كما عند األرثوذكس أم بضع قطرات كما عند الكاثوليك؟ o
الرب – :Eucharist
عشاء ّ -2
"اسم هذا السر مشتق من الكلمة اليونانية' " " Eucharistواليت تفيد القيام بأدر ،ويعرف هذا السر
عند الكنائس' بأمساء ،منها :الق ّداس ،الصالة اجلامعة".
املؤرخني يهوديّ' ''ة قدمية ،فيم' ''ا يقيمون' ''ه من "مائ' ''دة النعم ''ة" يف عي ''د
ج' ''ذور ه' ''ذا الس' ''ر عن' ''د بعض ّ
الفص''ح :فكال املائ''دتني جتمع''ان طاع''ة لل'رب ،وتنفي''ذا للوص''ايا ،وختلي''داً ل''ذكرى ماض''ية ،وم''ا يراف''ق
ذلك من أدعية وصلوات.
يبدو مما جاء يف أعمال الرسل أن العشاء الرباين كان يقام يف ج'و من اجلش'ع والنهم والعرب'دة ت'أثراً
بعادات آهلة اإلغريق.
ومل حيدث تغرّي على ه ''ذا الس ''ر إال يف ب ''دايات العص ''ور الوس ''طى عن ''د إث ''ارة حض ''ور املس ''يح يف العش ''اء
الرباين ،أهو حقيقي أم معنوي ،وكذلك صفتا املاء واخلبز ،أمها دم املس'يح وجس'ده على احلقيق'ة' أم رمزيّ'ة؟
وقد انتهى هذا اخلالف يف الكن''ائس الغربيّ''ة ب'القول ب'التجوهر وحقيق''ة ه''ذا احلض''ور وه''ذه الرمزيّ''ات ،ت'أثراً
بلفسفة األكوينية األرسطيّة.
4
تكريس التعميد (تثبيت المعموديّة)-ـ Confirmation –Chrismation -3
يتم ه ''ذا الس ''ر بوض ''ع األي ''دي على املس ''يحي لين ''الوا روح ال ُق' ُ'دس .وق ''د ك ''ان ه ''ذا الس ''ر بع ''د
التعميد ،لكن فيما بع''د أص''بح يف الق''رن الس''ادس عش'ر منفص'الً' يف الكن''ائس الكاثولكي'ة' وذل'ك بع''د
بل ''وغ املس ''يحي س ''ن الرش ''د ،حيث يوض ''ع ال ''دهن املق ' ّدس "م ''ريون" على جبه ''ة من جيرى ل ''ه س ''ر
التثبيت.
التوبة وطلب الغفران-ـ Repentance -4
'ورث من ل ''دن املس ''يح علي ''ه الس ''الم إىل تالمذت ''ه إىل
يف اعتق ''اد املس ''يحني أن الس ''لطة الروحيّ ''ة ت ' ّ
القديس ''ني يف ك ''ل زم ''ان ،وأهّن م أه ''ل قب ''ول الغف ''ران بع ''د االع ''رتاف' فيم ''ا بع ''د .ومل يكن االع ''رتاف'
باخلطاي ''ا بش ''كل شخص ''ي داخلي ،ب ''ل ك ''ان يف العلن ويعقب ''ه بعض الطق ''وس ك ''النوم على الرم ''اد،
ولبس اخلش ''ن من الثي ''اب ،مث آل األم ''ر إىل أن يب ''وح املخطئ للق ''ديس بذنب ''ه ،فيعلن ل ''ه تكف ''ري ذنب ''ه
مقاب ''ل غرام ''ات ماليّ ''ة .وق ''د اختذ ص ''ورة إلزاميّ ''ة م ''رة يف احلي ''اة على األق ''ل أو ب ''احلج إىل األراض ''ي
املق ّدس''ة تزامن''ا م''ع احلمالت الص''ليبية '.وق''د أص''بح بي''ع ص''كوك الغف''ران' جتارة الكنيس 'ة' الكاثولكي 'ة'
ومنح الفضائل كذلك ،والذي ّأدى لثورة مارتن لوثر.
رسامة الكهنوت المق ّدس-ـHoly Orders -5
وذل''ك بوض'ع الي''د على املؤه'ل للتبش'ري باإلجني''ل والقي''ام بطق''وس األس''رار الس'بعة' باس'م الكنيس''ة
(ال''يت هي جس''د املس''يح!) ،ويتم ذل''ك بوض''ع كب''ار األس''اقفة' ألي''ديهم على روح املؤه'ل' لني''ل روح
القدس للتأهيل ملهمة روحية خُم لِّصة.
نظام الزواج المق ّدسHoly Marriage - -6
يعترب الطالق يف املسيحية من أضيق األمور أو من املمنوعات ،ذلك أن ال''زواج رب''اط مق' ّدس ال
حيل فس ''خه إال ب' ''اقرتاف أح' ''د ال' ''زوجني الزن' ''ا ،أو وثنيّ ' 'ة' أح' ''د ال' ''زوجني مما ال ميكن مع ''ه اس ''تمرار
الزوجيّة.
4
المسح بـدهنـ الـزيت المقـ ّدسـ على المــريض المشـرف على المـوتAnointing the - -7
Sick
أصل هذه العادة يهوديّة ،وهي عند املسيحية عادة تُرجع للمسيح ومس'حه على املرض'ى ،فك'ان
املسح طلباً لالء ،وتارة يتخذه النصارى حلصول القدسية للممسوح عليه.
طقوس السر:
ويف الكنائس' الغربية يقوم باملسح أساقفة األبرشيَّات ،ويف الشرقية البطارقة حصراً.
جيري املسح ي'وم اخلميس املع'روف خبميس الغس'ل أو مخيس العه'د ،أو يف أح'د ال َّس'عف ،مث
بع ''د مرمتر تولي ''دو 400م أج ''يز إج ''راءه يف أي وقت .ول ''ه أن ''واع '،منه ''ا" :ال ''دهن املق ' ّدس"
ميسح به الطفل الوثين على صدره وما بني كتفيه إعالناً لدخوله املسيحية'.
التعميد -1
العشاء الربّاين -2
4
الفصل التاسع
Reformatio Movements
لق' ''د ك' ''ان حلرك' ''ة االس' ''تعمار بقي' ''ادة إس' ''بانيا والربتغ' ''ال أث' ''ر يف توس' ''يع جمال املس' ''يحية ح' ''ىت وص' ''لت
لألمريكيتني وجلنوب وشرق آسيا ،كما أن حلركة اإلصالحات الدينية يف أوربا أثر بالغ يف تقسيم الطوائف يف
أوربا بني كاثوليك وبروتستانت.
الحركة اإلصالحيّة
علمها :م''ارتن ل''وثر ت1546م .ب''دأ حيات''ه بس''يطاً ابن 'اً لعام''ل منجم ،ودرس الق''انون '،ح''ىت حص''لت عاص''فة
بالرتهب' وتطهري نفس'ه ،ح'ىت ر ّس'م كاهن'اً ع'ام 1507م ،مث عنّي حماض'راً جبامع'ة
أرعبته ليقطع على نفسه عهداً ّ
ويتنربغ بعد حصوله على الدكتوراه ،ورحل إىل روما متطلّعاً للروحاني''ة اخلالص''ة؛ إال أن خيب''ة أمل''ه من حي'اهتم
املاديّ ''ة املرذول ''ة ،فع ''اد ف ''ألقى حماض ''رة ش ''ديدة اللهج ''ة ض ''د أرس ''طو وفلس ''فته ،واص ''فاً إي ''اه بـ "الوث ''ين املك ''ابر
واملخادع امللعون" .وشن محلته ضد البابويّة والرهبانية '،وقد اقتنتع بقناعتني بعد عودته من روما:
4
ترجم اإلجنيل إىل األملانية' لتس'هيله على الن'اس ب'دالً من الالتيني'ة املستعص'ية' على األفه'ام .وق'د ك'ان هلذه )1
الدعوة نصرة هلا من قِبل األمراء وحكام السلطة الزمنية إذ فيها حترر من السلطة البابويّة'.
كانت دعوته لإلصالح ال لالنشقاق عن الكنيسة' لوال الفعل البابويّة جتاه حركته. )2
قد سبقت' دعوة لوثر بانتقادات يف أملاني''ا للكنيس'ة واحلاج''ة للع''ودة إىل نق'اء املس'يحية األول وبس'اطتها،
والبعد عن تعقيد القضايا' الالهوتي'ة '،وك'ان أص'حاب النزع'ة اإلنس'انية من أش'د الناق'دين لاله'وت املدرس'ي،
ولت''داخل املص''احل السياس''ية م''ع حرك''ة اإلص''الح العقدي''ة اللوثري''ة فق''د ك''ان حل ّك''ام األق''اليم مص''لحتهم يف
االنشقاق عن الكنيسة' وإدراة شؤوهنم وتطلّعاهتم املتنامية ،على ال'رغم من أن الكنيس'ة' ك'انت مرن'ة وحيوي'ة
يف تلك احلقبة ال كما يقال عنها بسلبية غامرة وأن دعوة لوثر إصالحية ال انشقاقيّة '.لذا فما يق''ال عن''ه من
أن حركة اإلصالح هي إنفجار ليس بدقيق ،م'ع اإلق''رار بوج''ود ت''وترات لكنه''ا ال تص'ل حلد االحتق''ان ح'د
اإلنفجار.
وق ''د ك ''ان الختف ''اء ل ''وثر ع ''ام 1521م أث ''ر كب ''ري من قب ''ل العام ''ة ومناص ''ريه ملناقش ''ة قض ''ايا عدي ''دة من
أمهها ،بدعة العزوبيّة على الرهبان والراهبات ،وإبطال اإللتزام' املظه''ري باملس''يحية ،وال''دعوة العتم''اد النص
وزع
اإلجنيلي مرجعاً هنائيّا .ومع انتشار اإلجني'ل باللغ''ة القوميّ'ة' األملاني''ة ،والرس'ائل اإلص'الحية ،ح'ىت بل'غ م'ا ّ
يف العق ''د األول من كتيب ''ات يف أملاني ''ا ملي ''ون نس ''خة ل 10ماليني أملاين! وق ''د مشلت املناقش ''ات والقض ''ايا'
االجتماعية أيضاً .لذا ،فقد انتشرت الدعوة ،ومبناصرة حكام األقاليم ،إىل أوربا الشماليّة ،وبلغ العداء ضد
ومستقره".
ّ الدجال
البابويّة أن قيل يف حقها "عش املسيح ّ
5
وق ''د أنتجت ه ''ذه النقاش ''ات الرب ''ط بني ال ''دين والش ''أن' االجتم ''اعي ،بإص ''الح اجملتم ''ع مبقاص ''د ال ''دين،
وك'ذلك الس''عي للمص''احلة بني الطوائ'ف ان اخلالف بينه''ا خالف ف'روع؛ إال أن تعنت الكنيس''ة الكاثولكي'ة'
وحماول ''ة إمخاد اإلص ''الح ب ''القوة العس ''كرية ق ''اد لالنفص ''ال ال ''ذي أعلن االع ''رتاف' بالربوتس ''تانتية' ديان ''ة رمسيّة
اختيارية حل ّكام األقاليم وذلك يف معاهدة "سلم أوكسبورغ" عام 1530م ،بعد وفاة لوثر بتسع سنوات.
مل 'ا ك''ان اجلامع بينهم ه''و "معارض''ة الكنيس''ة" ال مب''ادئ حمررة متف''ق عليه''ا ،فإهنا بع''د االع''رتاف مثّلت
ّ
طوائ'ف' توال''د انش''قاقها بس''بب' اختالف االجتاه''ات بينه''ا ،فص''ارت اإلص''الحية تض''م أربع''ة طوائ''ف ك''ربى
متم' ''ايزة ،هي :اللوثري' ''ة ،اإلنكليكانيّ' ''ة وعنه' ''ا تف' ' ّ'رعت املنهجيّ' ''ة '،واملش' ''يخانية ال' ''يت تف' ''رعت عن الكنيس' ''ة
اإلنكليكانيّة.
وق''د ّأدت النزاع''ات واالنش''قاقات يف اإلص''الحية اللوثري''ة النقس''امات ع ' ّدة ومناقش''ات ملس''ائل بعينه''ا
تؤدي لتش ّكل طائفة حوهلا! ،ولعل من أمهها ظهور طائف'ة' تنك''ر التثليث' وتق'ول بالتوحيّ'د ،وال'يت ك''انت رد
واملؤرخ' ''ون
فع' ''ل على الكالفني' 'ة' وعلى عقي' ''دة التثليث؛ وق' ''د ت' ''أثر هبا وانتص' ''ر هلا رج' ''ال حرك' ''ة التن' ''ويرّ ،
احملدثون يف القرن الرابع عشر ،ومن أشهرهم "شالير ماخر".
الكالفنيّة:
ك ''الفن احملامي' الفرنس ''ي املت ''أثر بالنزع ''ة اإلنس ''انية ت1564م ،واملناص ''ر ل ''دعوة س ''رفيتوس ت،1553
القائل''ة ب''رفض التثليث '،وه''و املؤل''ف لكت''اب في''ه القواع''د العام''ة لإلص''الح املنش''ود ،فك''ان بغي''ة املتمنهج يف
ظل النزاعات واخلصومات ،وقد انتشرت دعوته حىت فرنسا واسكتلندا'.
5
الفصل العاشر
على مســتوى االعتقــاد والمعرفــة :أدت احلرك ''ة اإلص ''الحية الربوتس ''تانتية لفتح ب ''اب انتق ''اد الاله ''وت
املس''يحي ،وال''ذي تر ّس'خ في''ه م''ع ال''زمن التنظ''ري األرس''طي املر ّس'خ م''ع توم''ا األكوي''ين ،فلم''ا ش' ّ'ن ل''وثر محلت''ه
ُ
على أرس''طو ظه''رت احلرك''ات املناهض''ة ألرس''طو ،ومن مث حماول''ة إس''قاط س''لطته املعرفي''ة ،وال''يت س''قطت
بالفع ''ل من جه ''ة التنظ ''ري املع ''ريف املص ''احب لالكتش ''افات العلمي ''ة واالخرتاع ''ات التجريبي ''ة ،فم ''ع ديك ''ارت
ونظريت''ه يف األفك''ار املس''بقة ،واملقاب''ل هلا األفك''ار البعديّ''ة املكتس''بة' م''ع التجريب''يني ك وهي''وم باخلص''وص ،مث
مهمش ''ة ،وك ''ذلك م ''ع
اجلم ''ع بني القبلي ''ة والبعدي' 'ة' يف فلس ''فة نقدي ''ة م ''ع كان ''ط ،أص ''بحت أفك ''ار أرس ''طو ّ
اكتش'افات املدارات الفلكي'ة' والث'ورة الكوبرنكيّ'ة '،س'قطت رؤي'ة أرس'طو للع'امل مما يس''قط نظري'ة املباين'ة' بني
اجلوهر الس''ماوي واجلوهر األرض''ي ،واالحنص''ار يف العق''ل التجري''يب املض''يّق ،وب''ذا س''قطت س''لطة أرس''طو،
وهتيأ اجلو لإلحلاد.
وزاد األم ''ر ح' ' ّدة بإزال ''ة التق ''ديس عن اإلنس ''ان م ''ع نظري ''ة تش ''ارلز داروين ال ''يت تق ''ول بنظري ''ة النش ''وء
واالرتق''اء ،واملعارض ''ة خلل''ق اهلل لإلنس''ان '،وال ''روح ال''يت ش' ّ'رف هبا .وال''يت دخلت يف جمال العل ''وم اإلنس''انية'
والتارخيية لتصف ال'دين باعتب'اره مظ'اهر ثقافي'ة مرتاكب'ة مرتاكم'ة .وال'يت تأسس'ت عليه'ا مدرس'ة املقارن'ة بني
5
األديان يف أصوهلا التارخيية املقارنة ،لتص''بح الكتب' املق ّدس''ة جمرد وث''ائق دال''ة على التح''والت البش''رية ال أهنا
من مصدر مق ّدس ٍ
متعال.
ويف الق''رن التاس'ع عش'ر ظه'رت فك'رة هيج''ل وجدليت''ه التارخيي''ة ال'يت ميث'ل ال''دين فيه'ا مظه'راً من مظ''اهر
جتلي ال'روح املطل'ق ،وأن ال''دين جمرد انطباع'ات مرحلي''ة للن'اس يف أح'د أط'وار' تل''ك التجلّي'ات ،وق''د وص'ف
التاريخ املسيحي باعتباره' تطبيقا هلذه اجللدلية التارخيي'ة ،يف ص'راع بني "القض'ية'-عيس'ى"' ونقيض'ها' "ب''ولص"
وال''يت آلت إىل املر ّكب منهم''ا "الكاثولكي''ة" '،وب''ذا ذهب أنص''ار اليس''ار من أتباع 'ه' إلنك''ار شخص''ية عيس''ى
التارخيية!
أما على مستوى المجتمع ،فقد ّأدى التنازع السياسي' والتسلط البابوي إىل نشوء حرك''ات اجتماعيّ''ة
تن ''ادي حبريّ ''ة اإلنس ''ان' وحريّ ''ة إرادت ''ه ،وجتلت يف أك ''ثر أش ''كاهلا ظه ''ورا يف حرك ''ات التن ''وير ال ''يت س ''عت
توج'ه
باالستقطابات وبالتنظري احلركي للتحرر من سلطة الكنيسة ومنحها للشعب مبختلف التوجهات اليت ّ'
املتفقني حول فكرة احلريّة ،مما أدى لتهيئة' جو العلمانيّة.
وبذا اختذ الدين موضع الظاهرة التارخيية ،واليت هي مرحلة مت ختطيها مع ثالثية' أوغست كونت ،ال''ذي
وض''ع ال''دين بني املرحل''ة البدائي'ة' الوثني''ة امليتافيزيقي'ة' مث ال''دين التوحي''دي مث املرحل''ة الوض''عيّة ،وك''ذلك بت''أثري
من اجلدلي ''ة التارخيي ''ة يف احلق ''ل االجتم ''اعي ظه ''رت نظري ''ة م ''اركس ال ''يت انتش ''رت بش ''كل كب ''ري وجنّ ''دت
الشعوب وعبأهتا وأس''قطت س'لطة الكنيس''ة ،ب''ل وجعلت ال'دين جمرد مظه'ر من مظ''اهر ختدير الش''عوب عن
املنطق التارخيي!
ومع التقدم الصناعي' وإنشاء املدن الضخمة فقد انشغل الناس باملع''اش وب'التطورات املتس'ارعة' املتالحق'ة'
فضعف اإلميان ،وضعفت األسئلة الوجودية ،وصار الشغل الشاغل هو احلياة االجتماعية الوظيفية' وما تولّد
عنها من املشكالت' النفسية للمجتمعات احلضرية.
5
واملتفج'رة ق''د أف''رزت طائف 'ة' استس''لمت هلا وح''اولت معه''ا تك''ييف م''ا
ّ' ك''ل ه''ذه األح''داث املتس''ارعة'
ميكن تكييفه من الدين ،وهم ما يطلق عليهم بـ "أنص'ار الاله'وت احلر" ،مث''ل ش'الير م'اخر ،وإرج''اع ال'دين
للحاجة واحملدودية للعناية اإلهليّة ،بتذبذب بني الفتوحات العلمية وبني البشارة املسيحية ونفعها للحي''اة! مما
أنتج حماوالت للتوفي ''ق بني النص ''وص املقدس ''ة والكش ''وفات العلميّ ''ة إلع ''ادة املص ''داقية هلا .وطائف ''ة رفض ''ت
نت''ائج نق''د النص''وص' وتش''بثت' ب''الكتب' املقدس''ة ،وغ''الت يف ذل''ك ،وعرف''وا بـ "اإليفاجنيلي''ة" ،ومنهم مرش''ح
الرئاس''ة األمريكي 'ة' "ب''ات ريبورتس''ن" .وطائف''ة بقت على م''ا ك''انت علي''ه البابوي''ة م''ع حماول''ة اإلص''الح ومل
مشل الطوائ' ' ''ف واملواجه' ' ''ة باإلميان لك' ' ''ل موج' ' ''ات اإلحلاد ،وتأس' ' ''يس' ح' ' ''وارات بني األدي' ' ''ان الس ' ''ماوية و
املش''كالت' االجتماعي''ة لإلنس''انية يف ال''وقت احلاض''ر ،كم''ا دع''ا ل''ذلك م''ؤمتر الفاتيك''ان يف س''بعينيات' الق''رن
العشرين.
أ.هـ بحمد اهلل الملخص ألبرز المحاور ،وال غنى عن الكتاب بالملخص.
5