You are on page 1of 5

‫الفقرة الثانية‪ :‬طرق اكتساب األمالك العامة للدولة‬

‫تحتاج الدولة كغيرها من األشخاص إلى تكوين رصيد عقاري‪ ،‬قادر على استيعاب الطلبات المتزايدة لإلدارات العمومية‪،‬‬
‫من أجل إنجاز برامجها التنموية المتعددة‪ .‬ولتكوين هذا الرصيد العقاري فإن الدولة تلجأ إلى األفراد‪ ،‬فتبتاع منهم العقارات‬
‫إما برضاهم أو تقبلها منهم في شكل هبات ووصايا‪ ...‬وهذا ما يعرف بالطرق الرضائية (أوال)‪ ،‬أو أنها قد تلجأ إلى اعتماد‬
‫طرق قسرية (ثانيا) وذلك بنزع ملكية األفراد جبرا عنهم مؤقتا رغما عنهم‪ ،‬وقد تلجأ إلى طرق أخرى كمصادرة‬
‫الممتلكات الخاصة أو إلى تأميمها‪ ،‬كما تلجأ إلى الشفعة الضريبية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الطرق الرضائية الكتساب الملك العمومي‬
‫في هذا اإلطار تخضع اإلدارة إلى القانون الخاص‪ ،‬شأنها شأن األفراد‪ ،‬أي أن الدولة هنا تتنازل عن امتيازات الشخص‬
‫العام وتعتمد إجراءات المفاوضات المباشرة مع المالكين المحتملين‪ ،‬من أجل إبرام عقود االقتناء‪ ،‬حيث تلجأ إلى الخواص‬
‫من أجل االقتناء وفق قواعد القانون الخاص‪ ،‬والتي تعتمد أساسا على الرضائية في التعامل‪.‬‬
‫وتعتبر مديرية أمالك الدولة‪ ،‬الجهة التي يخولها القانون الحق في تكوين وتدبير ملك الدولة الخاص غير الملك الغابوي‪،‬‬
‫وكذا النظر في النزاعات المتعلقة به‪ ،‬واقتناء العقارات والحقوق العينية العقارية بالتراضي وتخصيصها للمنفعة العامة(‪)1‬‬
‫والوسيلة القانونية المعتمدة في مسطرة التفويت أو االقتناء بالتراضي‪ ،‬تتم إما بموجب مرسوم؛ إذا كان ثمن شراءها‬
‫يساوي أو يفوق ‪ 800‬ألف درهم ‪ ،‬أو بموجب قرار لوزير المالية‪ ،‬إذا كان ثمن شراءها يقل عن هذا المبلغ(‪)2‬‬
‫إال أنه بتاريخ ‪ 5‬مارس ‪ 2002‬صدر المرسوم رقم ‪ 0.02.185 2‬بتغيير وتتميم المرسوم الملكي‪ ،‬حيث تم نسخ بموجبه‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 82‬لتحل محله أحكام جديدة بشكل أصبح معه وزير المالية هو المختص بمفرده بالترخيص باقتناء‬
‫العقارات أو تفويتها(‪)3‬‬
‫ويمكن تلخيص أهم اإلجراءات التي جاء بها المنشور الصادر عن الوزير األول‪ -‬رئيس الحكومة‪ -‬تحت رقم ‪209‬‬
‫بتاريخ ‪ 26‬ماي ‪ 1976‬والتي تهم المسطرة التي يجب سلوكها من طرف السلطات العمومية التابعة للدولة‪ ،‬من أجل اقتناء‬
‫األراضي من الخواص في كونها؛ تبتدأ بتقدم الوزارات المعنية بطلب االقتناء بعد التوفر على االعتمادات المالية الالزمة‪،‬‬
‫والبحث عن األمالك المناسبة للمشروع المقترح وتحديدها بدقة‪ ،‬ثم االعتماد على الخبرة العقارية لتقييم األمالك المعنية‪،‬‬
‫والدخول في المفاوضة مع المالكين للحصول على اتفاق بخصوص سعر التفويت‪ ،‬ثم إجراء عملية التفويت بعد حصول‬
‫االتفاق بين الدولة والمالكين‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬الجبرية الكتساب الملك العمومي‬
‫تتمثل هذه الطرق أساسا في نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ومصادرة الممتلكات الخاصة أو تأميمها والشفعة‬
‫الضريبية‪.‬‬
‫فبالنسبة لنزع الملكية للمنفعة العامة‪ ،‬وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 23‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬فإنه‪ ":‬ال تنزع ملكية أحد إال‬
‫ألجل المنفعة العامة‪ ،‬ووفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون‪ ،‬ومقابل تعويض مناسب"‬
‫وعليه‪ ،‬فلنزع الملكية من أجل المنفعة العامة‪ ،‬البد من سلوك اإلجراءات المنصوص عليها في القانون‪ 81 .7‬المتعلق‬
‫بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة واالحتالل المؤقت والمرسوم التطبيقي له‪.‬‬
‫والبد من اإلشارة في هذه النقطة‪ ،‬إلى أنه إذا كان هذا القانون حدد شروط وإجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة‪ ،‬فإنه‬
‫تحاشى إعطاء تعريف للمنفعة العامة‪ ،‬حيث اكتفى بالنص في المادة األولى من هذا القانون(‪ ،)4‬على أن نزع ملكية‬
‫العقارات كال أو بعضا و ملكية الحقوق العينية العقارية‪ ،‬ال يجوز الحكم به ‪ ،‬إال إذا أعلنت المنفعة العامة‪.‬‬
‫وطبقا لمقتضيات الفصل الثالث من نفس القانون(‪ ،)5‬فإن نزع الملكية للمنفعة العامة‪ ،‬يخول إلى الدولة والجماعات‬
‫الترابية وكذا األشخاص الطبيعيين الذين تفرض إليهم السلطة العامة حقوقها للقيام بأشغال أو عمليات معلن أنها ذات منفعة‬
‫عامة‪.‬‬
‫كما قد تلجأ الدولة إلى مصادرة الممتلكات الخاصة؛ والمصادرة عرفها المشرع المغربي في الفصل ‪ 42‬من القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬بأنها تمليك الدولة جزءا من أمالك المحكوم عليه‪ ،‬أو بعض أمالك له معينة‪.‬‬
‫وهذا التعريف يساير ما أجمع عليه الفقه وبعض الدساتير من أن المصادرة العامة محظورة وغير مشروعة على‬
‫الصعيدين الداخلي والدولي‪)6(.‬‬
‫وقد تلجأ الدولة كذلك إلى التأميم والذي يعرف بأنه‪ ":‬عمل من أعمال السيادة أو من أعمال الحكومة العليا تنتقل بمقتضاه‬
‫وسائل اإلنتاج والتداول وممارسة أنشطة معينة كالتأمين واالستيراد والتصدير من األفراد والهيئات الخاصة إلى الدولة‬
‫باعتبارها التجسيد القانوني لمجموع األمة ‪ ،‬كما تتولى استغالل هذه الوسائل ومباشرة هذه األنشطة حاال أو مآال لخدمة‬
‫المصلحة الجماعية ال المصلحة الخاصة‪)7(.‬‬
‫أما بالنسبة للشفعة فإنها تلجأ إليها الدولة بصفتها هذه ولهدف ضريبي‪.‬‬
‫ويعتبر وزير المالية أو المفوض له الجهة التي لها حق ممارسة الشفعة لفائدة الدولة في العقارات والحقوق العينية‬
‫العقارية‪ ،‬التي تم بشأنها نقل ملكية اختياري بين األحياء بعوض‪ ،‬أو بالمجان باستثناء الهبات لألقارب المبشرين‪.‬‬
‫وتتمثل الغاية من تقرير حق الشفعة لفائدة الدولة في مكافحة النقصان في األثمنة المصرح بها بمناسبة كل تفويت عقاري‪،‬‬
‫على خالف الشفعة في الفقه اإلسالمي التي شرعت إلزالة الضرر عن كل الشركاء بإنهاء حالة الشيوع ‪ ،‬من غير أن‬
‫تترتب عنها األضرار التي تترتب على إنهاء الشيوع بالقسمة أو التصفية‪ ،‬وكذلك لتفادي إدخال شريك آخر‪ ،‬ال يدرون هل‬
‫يالئمهم أو يضر بهم‪)8(.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل حماية األمالك العامة للدولة‬
‫لما كانت األمالك العامة للدولة مخصصة للمنفعة العامة‪ ،‬فإن هذا التخصيص يقتضي من المشرع إخضاعها لقواعد‬
‫متميزة ال نظير لها في األمالك الخاصة‪ ،‬وذلك بهدف حمايتها من كل اعتداء محتمل ‪.‬‬
‫ويمكن رصد بعض مظاهر هذه الحماية التي ال يمكن أن تمارس إال في إطار النصوص القانونية والتنظيمية المعمول بها‬
‫في ما يلي‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الحماية المدنية والجنائية للملك العام للدولة‬
‫تخضع األمالك العامة للدولة إلى الحماية القانونية الرامية إلى حمايتها من التلف واالستيالء الباطل‪ ،‬وسنتعرض في متن‬
‫هذه الفقرة إلى الحماية المدنية (أوال)‪ ،‬ثم إلى الحماية الجنائية (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الحماية المدنية للملك العام للدولة‬
‫تعتمد الحماية المدنية للملك العام للدولة على قواعد متميزة ال مجال فيها للعقاب الجنائي‪ ،‬وترمي هذه الحماية إلى إخراج‬
‫الملك العام من نطاق التعامل المعروف في عالقات القانون الخاص‪.‬‬
‫وما يجب اإلشارة إليه ‪ ،‬هو أن ظهيري فاتح يوليوز ‪ 1914‬وكذا ظهير أكتوبر ‪ 1921‬المنظمين على التوالي لألمالك‬
‫العامة للدولة واألمالك العامة للبلديات‪ ،‬لم ينصا سوى على قاعدتين من قواعد الحماية المدنية‪ ،‬وهما ‪ :‬قاعدة عدم جواز‬
‫التصرف في الملك العام وقاعدة عدم اكتساب ملكيتها عن طريق التقادم‪ ،‬لينص في ما بعد ظهير ‪ 28‬يونيو ‪ 1954‬المنظم‬
‫لألمالك العامة القروية على القاعدة الثالثة وهي عدم جواز الحجز على األمالك العامة؛ إال أن هذا ال يعني أنها ال تسري‬
‫إال على األمالك القروية‪ ،‬بل هي تشمل جميع األمالك‪ ،‬باإلضافة إلى أنها كانت مطبقة قبل تقنينها‪)9(.‬‬
‫وبالتالي فإن مبدأ تخصيص األمالك العمومية للنفع العام يهدف إلخضاعها إلى الحماية من كل اعتداء محتمل ‪ ،‬بحيث ال‬
‫يجوز التصرف فيه وال الحجز عليه وال اكتسابه بالتقادم ( كما تمت اإلشارة إليه في المبحث األول‪ ،‬المطلب األول منه)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحماية الجنائية للملك العام للدولة‬
‫تتعدد أشكال الحماية الجنائية للملك العام ‪ ،‬وهذه الحماية نجدها مقررة‪ ،‬إما في القانون الجنائي (‪)10‬أو بمقتضى نصوص‬
‫خاصة‪.‬‬
‫فأما بالنسبة للحماية المقررة في القانون الجنائي فنجدها في عدة نصوص قانونية ‪ ،‬ترمي كلها إلى تجريم كل االعتداءات‬
‫الماسة باألمالك العامة؛ سواء كانت هذه االعتداءات عمدية‪ ،‬أو نتيجة اإلهمال أو عدم الحيطة والحذر‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬
‫•حماية األماكن المعدة للعبادات في الفصل ‪ 223‬من القانون الجنائي‪ ،‬والذي جاء فيه ‪ ":‬من تعمد إتالف بنايات أو آثار أو‬
‫أي شيء مما يستخدم في عبادة ما‪ ،‬أو خرب ذلك أو لوثه‪ ،‬يعاقب بالحبس من سته أشهر إلى ثالث سنوات‪ ،‬وغرامة مالية‬
‫من ‪ 100‬إلى ‪ 500‬درهم "‪.‬‬
‫•حماية المقابر وحرمة الموتى في الفصول من ‪ 268‬إلى ‪ ،272‬فمثال الفصل ‪ 269‬نص فيه المشرع على ما يلي‪ ":‬من‬
‫هدم أو امتهن أو لوث المقابر‪ ،‬بأي وسيلة كانت‪ ،‬يعاقب بالحبس من سته أشهر إلى سنتين وغرامة مالية من ‪ 200‬إلى‬
‫‪ 500‬درهم"‪.‬‬
‫• حماية تنفيذ األشغال العمومية؛ فحسب الفصل ‪ 308‬من القانون الجنائي والذي جاء فيه ‪ ":‬كل من قاوم تنفيذ أشغال‬
‫أمرت بها السلطة العامة‪ ،‬أو صرحت بها‪ ،‬يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر‪ ،‬وبغرامة ال تقل عن ‪ 200‬درهم ‪،‬‬
‫وال تتجاوز ربع مبلغ التعويضات "‪.‬‬
‫•حماية منقوالت الملك العام في الفصل ‪ 596‬من القانون الجنائي‪ ،‬والذي جاء فيه ‪ " :‬من عيب عمدا بضائع أو مواد أو‬
‫بضائع أو محركات آلية أو أدوات أيا كانت تستخدم في الصناعة‪ ،‬وذلك باستعمال مواد متلفة أو أي وسيلة أخرى‪ ،‬يعاقب‬
‫بالحبس من شهر إلى شهرين وغرامة من ‪ 200‬إلى ‪ 1000‬درهم "‪.‬‬
‫• الحماية المتعلقة بالطرق والمحافظة على الصحة العمومية؛ حيث نص المشرع في الفصل ‪ 69‬من نفس القانون على‬
‫أنه‪ ":‬يعاقب بغرامة من ‪ 10‬إلى ‪ 120‬درهما‪ ،‬من ارتكب إحدى المخالفات المنصوص عليها في نفس الفصل"‪.‬‬
‫إضافة إلى فصول جنائية أخرى من بينها‪ ،‬الفصول ‪ 586‬و ‪ 587‬و ‪ 590‬و ‪ 591‬و ‪ 595‬والتي كلها تضمنت عقوبات‬
‫في حق كل من قام بسوء نية بتخريب الملك العمومي أو التصرف فيه بغير وجه حق‪.‬‬
‫أما بخصوص الحماية الجنائية للملك العام للدولة والمقررة بمقتضى نصوص خاصة‪ ،‬والتي نعني بها أن هناك مجموعة‬
‫من النصوص الخاصة‪ ،‬التي أسندت بعض مهام الضابطة القضائية لموظفي اإلدارات العمومية في مجال الملك العمومي‬
‫ومن بينها‪:‬‬
‫• حماية الملك العام المائي؛ حيث تم تنظيم الملك العام المائي ألول مرة في المغرب بمقتضى ظهير فاتح يوليوز ‪1914‬‬
‫المتعلق باألمالك العامة‪ ،‬والمتمم بالظهيرين الصادرين سنة ‪ 1919‬و ‪ ،1925‬والذي يدمج جميع المياه مهما كان شكلها‬
‫في األمالك العامة المائية‪ ،‬ومن تم ال يمكن لموارد مائية أن تكون موضوع تملك خاص باستثناء المياه التي اكتتب عليها‬
‫حقوق مائية‪.‬‬
‫والبد من اإلشارة هنا‪ ،‬إلى أنه تمت مراجعة هذه النصوص بقانون الماء ‪ 10.95‬الذي استهدف حماية كمية ونوعية‬
‫األمالك العامة المائية في مجموعها والحفاظ عليها وترشيد استعمالها ‪)11(.‬‬
‫• حماية األمالك المرتبطة بالموانئ؛ وتتجلى هذه الحماية فيما تم التنصيص عليه في ظهير ‪ 18‬أبريل ‪ 1961‬المتعلق‬
‫بمراقبة الموانئ البحرية التجارية في الفصل ‪ 28‬منه على أن‪ ":‬كل من حطم أو هدم أو أتلف عن عمد ضوءا طافيا أو‬
‫عوامة إرشاد يعاقب بسجن تتراوح مدته بين سته أشهر إلى ثالث سنوات‪ ،‬وبدعيرة يتراوح قدرها بين ‪ 500‬إلى ‪2000‬‬
‫درهم‪ ،‬بصرف النظر عن تعويض الضرر الواقع "‪.‬‬
‫• حماية الملك العام السككي؛حيث عمل المشرع على حماية هذا النوع من األمالك العامة للدولة عن طريق وضع شروط‬
‫خاصة الستعمالها‪ ،‬ومن أمثلة هذه الحماية نجد ‪ :‬عدم البناء وعدم الحفر بجانب السكك الحديدية‪....‬‬
‫والجدير بالتنبيه كذلك‪ ،‬إلى أن المشرع عمل كذلك على حماية بعض األمالك األخرى التابعة للدولة‪ ،‬كالممتلكات الثقافية‬
‫والملك العمومي الغابوي‪...‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحماية اإلدارية والقضائية للملك العام للدولة‬
‫سنحاول في متن هذه الفقرة‪ ،‬بيان مظاهر الحماية اإلدارية للملك العام للدولة (أوال)‪ ،‬ثم بعد ذلك نتعرض للحماية‬
‫القضائية للملك العام للدولة (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الحماية اإلدارية للملك العام للدولة‬
‫تتجلى الحماية اإلدارية للملك العام للدولة في الجهود التي تبذلها اإلدارة من أجل الحفاظ على الممتلكات العامة وصيانتها‪،‬‬
‫وذلك استنادا إلى مختلف االمتيازات التي تتمتع بها هذه األخيرة ‪ ،‬من أجل تحقيق الصالح العام ( مثل‪ :‬التنفيذ المباشر‬
‫لقراراتها اإلدارية‪ ،‬إمكانية الحجز على أمالك الخواص أو نزعها ‪ ، )...‬وذلك وفق النصوص القانونية والتنظيمية‬
‫المعمول بها في هذا االطار‪ ،‬وتلعب الجماعات الترابية دورا هاما في مراقبة تنظيمها وتسهيلها‪.‬‬
‫وأهم مثال هو‪ :‬االرتفاقات(‪ ) 13‬اإلدارية التي يفرضها القانون أحيانا لحماية الملك العام للدولة‪.‬‬
‫ويمكن تصنيف هذه االرتفاقات المقررة للمنفعة العامة والمقيدة لحق الملكية إلى‪:‬‬
‫ارتفاقات مقررة بنصوص خاصة ؛ والتي تتمثل في‪:‬‬
‫• االرتفاقات المقررة لمصلحة مياه األمالك العامة؛ وهي االرتفاقات المقررة على الملكيات المجاورة لمجال المياه‪،‬‬
‫البحيرات ‪ ،‬القناطر المائية‪ ،‬أنابيب الماء وقنوات الري أو التطهير المخصصة الستعمال العموم ‪ ،‬العتبار أن المياه من‬
‫األمالك العامة للدولة‪)13(.‬‬
‫كما ألزم هذا القانون مالك العقارات على ضفاف األنهار وسيول المياه بترك مساحة أربعة أمتار‪ ،‬تحسب انطالقا من‬
‫الضفاف الحرة المحاذية لعقاراتهم‪ ،‬لتمكين أعوان وآليات اإلدارة ووكالة األحواض من حرية المرور‪ ،‬وكذا من وضع‬
‫مواد أو إنجاز منشآت وأشغال للمنفعة العامة‪.‬‬
‫كما يمكن لمالك العقارات بالمطالبة بالتعويض‪ ،‬مقابل نزع الملكية للمساحات المحملة باالرتفاق في حالة تضرر زراعتهم‬
‫من هذا االرتفاق‪.‬‬
‫وفي ختام هذه النقطة‪ ،‬البد من اإلشارة إلى أن القانون ‪ 10.95‬المتعلق بالماء‪ ،‬نص على إمكانية إحداث مدارات‬
‫المحافظة بالمناطق التي تصل بها درجة استغالل المياه الجوفية إلى حد يهدد بالخطر بالموارد المائية الموجودة‪ ،‬حيث ال‬
‫يمكن استغاللها إال بترخيص تحدد شروطه النصوص التنظيمية‪ ،‬وفقا لمقتضيات المادة ‪ 49‬من قانون الماء‪.‬‬
‫• االرتفاقات المقررة لمصلحة الخطوط البرقية والهاتفية؛ وهي المنصوص عليها في الفصل الثالث من ظهير فاتح يوليوز‬
‫‪ 1914‬المتعلق باألمالك العامة للدولة‪ ،‬والذي ينص على أنه‪ " :‬يتحمل بمقتضاها الخواص المجاورين للملك العمومي‬
‫ارتفاق وضع وتمرير اآلالت الالزمة إلحداث األسالك التلغرافية والتليفونية واألبنية المعدة للتليفون الالسلكي‪ ،‬ويكون هذا‬
‫االرتفاق مضمون قانونا‪ ،‬وال يملكون أصحاب األمالك الخاصة المجاورة للملك العمومي الحق في المطالبة بإزالته‪)14(.‬‬
‫• االرتفاقات المقررة لمصلحة الخطوط الكهربائية؛ وهي التي ينظمها ظهير ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1962‬وظهير ‪ 14‬شتنبر‬
‫‪ 1977‬المتمم بظهير ‪ ، 1963‬ويكون بمقتضاه للمكتب الوطني للكهرباء الحق في إقامة أعمدة وأجهزة فوق األراضي‬
‫التي ليس فيها بناء وغير محاطة بجدران لتثبيت الناقالت الجوية‪ ،‬ووضع قنوات أرضية وناقالت كهربائية جوية مع‬
‫دعائمها‪ ،‬كما يحق لمالكي هذه األراضي المطالبة بالتعويض‪.‬‬
‫• االرتفاقات المقررة لمصلحة المالحة الجوية؛ فطبقا لظهير ‪ 26‬شتنبر ‪ 1938‬بشأن هذه االرتفاقات يمنع على أصحاب‬
‫األراضي المجاورة للمطارات أو قواعد الطيران‪ ،‬بناء أية منشآت تعلوا على مساحة معينة حددتها قواعد الطيران‬
‫واألنظمة الدولية‪ ،‬أو بناية عقاراتهم أو رفعها حتى مساحه معينة‪ ،‬وذلك لتوفير الرؤيا ودرء المخاطر ورفع اإلشارات‬
‫للطائرات لضمان هبوطها بسالم‪.‬‬
‫• االرتفاقات المقررة لمصلحة المواقع الحربية والمنشآت العسكرية؛(‪ )15‬تأسيسا على مقتضيات الفصل الثاني من ظهير‬
‫‪ 7‬غشت ‪ 1934‬المتعلق باالرتفاقات العسكرية‪ ،‬فإنه يمنع على أصحاب العقارات المجاورة لهذه المواقع والمنشآت‬
‫ولمسافة ‪ 250‬مترا ‪ ،‬بناء أو غرس أي شيء على هذا الجزء من عقاراتهم‪)16( .‬‬
‫• االرتفاقات المقررة لحماية السير على الطرقات؛ ونعني بذلك كل ما يتعلق بالسير العمومي كارتفاقات عدم البناء بجوار‬
‫الطرق للمحافظة على األمن‪ ،‬وعدم حجب الرؤية على مستعملي الطرق‪ ،‬وارتفاقات الرؤيا المحدث بظهير ‪ 29‬أكتوبر‬
‫‪ 1937‬المتمثلة بإزالة الجدران وهدم المرتفعات واقتالع االشجار‪.‬‬
‫وقد أحدث المشرع ارتفاق منع البناء على منطقه يساوي عرضها ‪ 20‬مترا من جانب الطريق السيار في إطار الملكيات‬
‫المجاورة لطرق السيار‪)17(.‬‬
‫باإلضافة الى االرتفاقات المتعلقه بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر األثرية طبقا لظهير ‪ 25‬أكتوبر‪.1980‬‬
‫ارتفاقات التعمير؛ ويتعلق األمر بارتفاقين أساسيين هما‪:‬‬
‫• ارتفاق عدم البناء‪:‬‬
‫نص على هذا المقتضى الفصل ‪ 19‬من قانون‪ 12.90‬المتعلق بقانون التعمير‪ ،‬والذي حدد المناطق التي يحظر بها البناء‬
‫بجميع أنواعه‪ ،‬كحدود المساحات الخضراء وحدود الطرق وحدود المساحات المخصصة للنشاطات الرياضية الواجب‬
‫إحداثها ‪ ،‬المواقع المخصصة للتجهيزات العامة كتجهيزات السكك الحديدية والتجهيزات الصحية والثقافية والمباني‬
‫اإلدارية والمساجد والمقابر‪ ،‬األحياء واآلثار والمواقع التاريخية‪ ،‬ضوابط استعمال األرض‪ ،‬وتلك المطبقة على البناء‪(.‬‬
‫‪)18‬‬
‫• االرتفاقات الناتجة عن قرار تخطيط الطرق والمساحات؛ وهي االرتفاقات المقررة على الطرق العمومية‪ ،‬والتي تتمثل‬
‫أساسا في المخططات المتعلقة بتخطيط وتنظيم المجال العمراني كالمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية وتصميم التهيئة‬
‫وتصميم التنمية وتصميم التقطيع ‪)19(.‬‬
‫وفي ختام هذه النقطة‪ ،‬نشير إلى أن كل هذه المخططات سواء المنصوص عليها في القانون ‪ 12.90‬تهدف إلى تحقيق‬
‫المنفعة العامة‪ ،‬أو المنصوص عليها في القانون ‪ 25.90‬المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم‬
‫العقارات‪ ،‬تحت طائلة عدم تسليم شهادة التسليم المؤقت أو النهائية‪)20( .‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحماية القضائية للملك العام للدولة‬
‫يتعرض الملك العمومي لعدة تجاوزات من قبل األفراد عن طريق احتالله واستعماله بصورة سيئة‪ ،‬مما يستدعي التدخل‬
‫لحمايته قضائيا‪.‬‬
‫وإذا كان القضاء العادي يطلع بدور مهم في حماية األمالك العمومية‪ ،‬فإن كون هاته األخيرة مادة إدارية محضة ‪ ،‬يعطي‬
‫األولوية واألسبقية بحمايتها للقضاء اإلداري‪.‬‬
‫وتبعا لذلك فقد رسخ هذا األخير مجموعة من المبادئ تهم حماية الملك العمومي عبر العديد من االجتهادات القضائية‪.‬‬
‫فمن تلك المبادئ نجد قاعدة عدم جواز تملك الملك العام بالتقادم؛ حيث استقر القضاء اإلداري على أن األمالك العامة‬
‫للدولة ال يمكن اكتساب ملكيتها بالتقادم ولو طالت مدة حيازتها‪ ،‬ألن ذلك ال يزيل الحصانة التي يتمتع بها الملك العام‬
‫للدولة ولو كان غير محفظ‪.‬‬
‫وفي هذا السياق قضت الغرفة اإلدارية بأن األرض ذات الطابع الجماعي ال يمكن ملكيتها عن طريق التقادم ‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يمكن لحائز مثل هذه األرض أن يطالب بتحفيظها على اسمه مهما كانت مدة حيازته‪)21( .‬‬
‫كما كرست المحاكم اإلدارية عبر مجموعة من األحكام الصادرة عنها‪ ،‬مبدأ عدم جواز الحجز على األمالك العمومية‪ ،‬فقد‬
‫قضت المحكمة اإلدارية بالرباط ‪ ،‬بعدم إمكانية الحجز على األموال العمومية‪ ،‬ألنها مخصصة للمنفعة العامة‪)22(.‬‬
‫وإذا كانت المحاكم اإلدارية أقرت قاعدة عدم جواز الحجز على األمالك العمومية‪ ،‬فإنها في المقابل أجازت الحجز على‬
‫األموال الخاصة للدولة واألشخاص االعتبارية العامة األخرى‪ ،‬والمغزى من ذلك كون الحجز على األموال أو األمالك‬
‫العمومية سيؤدي إلى تعطيل وظيفة النفع العام الملقاة على عاتقها‪ ،‬وهو ما يستشف من األمر االستعجالي الصادر عن‬
‫رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط تحت عدد ‪ 10‬بتاريخ ‪ 5‬يوليوز‪ 2002‬والذي جاء فيه ‪ ":‬إن مبدأ العمل على تنفيذ‬
‫األحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به ضد اإلدارة بالسرعة الالزمة يقابله مبدأ آخر‪ ،‬ومضمونه حظر الحجز‬
‫على األموال العامة للدولة واألشخاص االعتبارية العامة‪ ،‬لضمان تنفيذ وظيفة النفع العام الملقاة على عاتقها‪ ،‬غير ذلك ال‬
‫يمنع من الحجز على األموال الخاصة للمرفق الذي ال يتعارض حجزها مع سيره بانتظام"‪)23(.‬‬
‫وإلى جانب ما ذكر؛ أقر القضاء اإلداري كذلك الطبيعة المؤقتة الستعمال الملك العمومي‪ ،‬حيث أوجب الحصول على‬
‫تراخيص‪ ،‬لذلك تمنح مسبقا من طرف الجهة المختصة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار أقرت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء في حكمها الصادر في ‪ 14‬أبريل ‪ 2011‬بأن‪ ":‬شغل الملك‬
‫العمومي الجماعي يكتسب طابعا شخصيا غير قابل للتفويت وال االنتقال إال بإرادة الجهة المانحة للترخيص‪)24("....‬‬
‫وتتمتع اإلدارة المانحة للترخيص بسلطة تقديرية واسعة في منح الترخيص أو عدم منحه‪ ،‬تبعا لما تقتضيه المصلحة‬
‫العامة‪ ،‬حيث قضى حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ،‬بتاريخ ‪ 26‬يونيو ‪ 2007‬تحت رقم ‪ 1481‬بأن اإلدارة‬
‫تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في منح الترخيص باستغالل الملك العمومي بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة‪ ،‬وال يمكن‬
‫الطعن في تقديرها إال من خالل مظاهر االنحراف في استعمال السلطة‪)25(.‬‬
‫وتعتبر عقود الشغل واحتالل الملك العمومي مؤقتا عقودا إدارية‪ ،‬تختص في النزاعات الناشئة عنها المحاكم اإلدارية‪.‬‬
‫والبد من اإلشارة إلى أن الترخيص باالحتالل المؤقت للملك العمومي‪ ،‬يمكن أن ينتهي في أي وقت ولو لم تنته مدته وفق‬
‫تقدير اإلدارة المانحة له لظروف المصلحة العامة ومتطلباتها ‪.‬‬
‫وفي هذا السياق قضت المحكمة اإلدارية بوجدة‪ ،‬في حك لها بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪ 2000‬بأن‪ ":‬قرار الترخيص باستغالل‬
‫الرصيف يعد من القرارات المؤقتة التي ال تخول حقوق مكتسبة أو مراكز قانونية محددة‪ ،‬ويجوز للسلطة اإلدارية التي‬
‫سلمته التراجع عنه كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك"‪)26(.‬‬

You might also like