Professional Documents
Culture Documents
المستند
المستند
تحتاج الدولة كغيرها من األشخاص إلى تكوين رصيد عقاري ،قادر على استيعاب الطلبات المتزايدة لإلدارات العمومية،
من أجل إنجاز برامجها التنموية المتعددة .ولتكوين هذا الرصيد العقاري فإن الدولة تلجأ إلى األفراد ،فتبتاع منهم العقارات
إما برضاهم أو تقبلها منهم في شكل هبات ووصايا ...وهذا ما يعرف بالطرق الرضائية (أوال) ،أو أنها قد تلجأ إلى اعتماد
طرق قسرية (ثانيا) وذلك بنزع ملكية األفراد جبرا عنهم مؤقتا رغما عنهم ،وقد تلجأ إلى طرق أخرى كمصادرة
الممتلكات الخاصة أو إلى تأميمها ،كما تلجأ إلى الشفعة الضريبية.
أوال :الطرق الرضائية الكتساب الملك العمومي
في هذا اإلطار تخضع اإلدارة إلى القانون الخاص ،شأنها شأن األفراد ،أي أن الدولة هنا تتنازل عن امتيازات الشخص
العام وتعتمد إجراءات المفاوضات المباشرة مع المالكين المحتملين ،من أجل إبرام عقود االقتناء ،حيث تلجأ إلى الخواص
من أجل االقتناء وفق قواعد القانون الخاص ،والتي تعتمد أساسا على الرضائية في التعامل.
وتعتبر مديرية أمالك الدولة ،الجهة التي يخولها القانون الحق في تكوين وتدبير ملك الدولة الخاص غير الملك الغابوي،
وكذا النظر في النزاعات المتعلقة به ،واقتناء العقارات والحقوق العينية العقارية بالتراضي وتخصيصها للمنفعة العامة()1
والوسيلة القانونية المعتمدة في مسطرة التفويت أو االقتناء بالتراضي ،تتم إما بموجب مرسوم؛ إذا كان ثمن شراءها
يساوي أو يفوق 800ألف درهم ،أو بموجب قرار لوزير المالية ،إذا كان ثمن شراءها يقل عن هذا المبلغ()2
إال أنه بتاريخ 5مارس 2002صدر المرسوم رقم 0.02.185 2بتغيير وتتميم المرسوم الملكي ،حيث تم نسخ بموجبه
مقتضيات الفصل 82لتحل محله أحكام جديدة بشكل أصبح معه وزير المالية هو المختص بمفرده بالترخيص باقتناء
العقارات أو تفويتها()3
ويمكن تلخيص أهم اإلجراءات التي جاء بها المنشور الصادر عن الوزير األول -رئيس الحكومة -تحت رقم 209
بتاريخ 26ماي 1976والتي تهم المسطرة التي يجب سلوكها من طرف السلطات العمومية التابعة للدولة ،من أجل اقتناء
األراضي من الخواص في كونها؛ تبتدأ بتقدم الوزارات المعنية بطلب االقتناء بعد التوفر على االعتمادات المالية الالزمة،
والبحث عن األمالك المناسبة للمشروع المقترح وتحديدها بدقة ،ثم االعتماد على الخبرة العقارية لتقييم األمالك المعنية،
والدخول في المفاوضة مع المالكين للحصول على اتفاق بخصوص سعر التفويت ،ثم إجراء عملية التفويت بعد حصول
االتفاق بين الدولة والمالكين.
ثانيا:الجبرية الكتساب الملك العمومي
تتمثل هذه الطرق أساسا في نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ومصادرة الممتلكات الخاصة أو تأميمها والشفعة
الضريبية.
فبالنسبة لنزع الملكية للمنفعة العامة ،وطبقا لمقتضيات المادة 23من مدونة الحقوق العينية ،فإنه ":ال تنزع ملكية أحد إال
ألجل المنفعة العامة ،ووفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون ،ومقابل تعويض مناسب"
وعليه ،فلنزع الملكية من أجل المنفعة العامة ،البد من سلوك اإلجراءات المنصوص عليها في القانون 81 .7المتعلق
بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة واالحتالل المؤقت والمرسوم التطبيقي له.
والبد من اإلشارة في هذه النقطة ،إلى أنه إذا كان هذا القانون حدد شروط وإجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة ،فإنه
تحاشى إعطاء تعريف للمنفعة العامة ،حيث اكتفى بالنص في المادة األولى من هذا القانون( ،)4على أن نزع ملكية
العقارات كال أو بعضا و ملكية الحقوق العينية العقارية ،ال يجوز الحكم به ،إال إذا أعلنت المنفعة العامة.
وطبقا لمقتضيات الفصل الثالث من نفس القانون( ،)5فإن نزع الملكية للمنفعة العامة ،يخول إلى الدولة والجماعات
الترابية وكذا األشخاص الطبيعيين الذين تفرض إليهم السلطة العامة حقوقها للقيام بأشغال أو عمليات معلن أنها ذات منفعة
عامة.
كما قد تلجأ الدولة إلى مصادرة الممتلكات الخاصة؛ والمصادرة عرفها المشرع المغربي في الفصل 42من القانون
الجنائي ،بأنها تمليك الدولة جزءا من أمالك المحكوم عليه ،أو بعض أمالك له معينة.
وهذا التعريف يساير ما أجمع عليه الفقه وبعض الدساتير من أن المصادرة العامة محظورة وغير مشروعة على
الصعيدين الداخلي والدولي)6(.
وقد تلجأ الدولة كذلك إلى التأميم والذي يعرف بأنه ":عمل من أعمال السيادة أو من أعمال الحكومة العليا تنتقل بمقتضاه
وسائل اإلنتاج والتداول وممارسة أنشطة معينة كالتأمين واالستيراد والتصدير من األفراد والهيئات الخاصة إلى الدولة
باعتبارها التجسيد القانوني لمجموع األمة ،كما تتولى استغالل هذه الوسائل ومباشرة هذه األنشطة حاال أو مآال لخدمة
المصلحة الجماعية ال المصلحة الخاصة)7(.
أما بالنسبة للشفعة فإنها تلجأ إليها الدولة بصفتها هذه ولهدف ضريبي.
ويعتبر وزير المالية أو المفوض له الجهة التي لها حق ممارسة الشفعة لفائدة الدولة في العقارات والحقوق العينية
العقارية ،التي تم بشأنها نقل ملكية اختياري بين األحياء بعوض ،أو بالمجان باستثناء الهبات لألقارب المبشرين.
وتتمثل الغاية من تقرير حق الشفعة لفائدة الدولة في مكافحة النقصان في األثمنة المصرح بها بمناسبة كل تفويت عقاري،
على خالف الشفعة في الفقه اإلسالمي التي شرعت إلزالة الضرر عن كل الشركاء بإنهاء حالة الشيوع ،من غير أن
تترتب عنها األضرار التي تترتب على إنهاء الشيوع بالقسمة أو التصفية ،وكذلك لتفادي إدخال شريك آخر ،ال يدرون هل
يالئمهم أو يضر بهم)8(.
المطلب الثاني :وسائل حماية األمالك العامة للدولة
لما كانت األمالك العامة للدولة مخصصة للمنفعة العامة ،فإن هذا التخصيص يقتضي من المشرع إخضاعها لقواعد
متميزة ال نظير لها في األمالك الخاصة ،وذلك بهدف حمايتها من كل اعتداء محتمل .
ويمكن رصد بعض مظاهر هذه الحماية التي ال يمكن أن تمارس إال في إطار النصوص القانونية والتنظيمية المعمول بها
في ما يلي:
الفقرة األولى :الحماية المدنية والجنائية للملك العام للدولة
تخضع األمالك العامة للدولة إلى الحماية القانونية الرامية إلى حمايتها من التلف واالستيالء الباطل ،وسنتعرض في متن
هذه الفقرة إلى الحماية المدنية (أوال) ،ثم إلى الحماية الجنائية (ثانيا).
أوال :الحماية المدنية للملك العام للدولة
تعتمد الحماية المدنية للملك العام للدولة على قواعد متميزة ال مجال فيها للعقاب الجنائي ،وترمي هذه الحماية إلى إخراج
الملك العام من نطاق التعامل المعروف في عالقات القانون الخاص.
وما يجب اإلشارة إليه ،هو أن ظهيري فاتح يوليوز 1914وكذا ظهير أكتوبر 1921المنظمين على التوالي لألمالك
العامة للدولة واألمالك العامة للبلديات ،لم ينصا سوى على قاعدتين من قواعد الحماية المدنية ،وهما :قاعدة عدم جواز
التصرف في الملك العام وقاعدة عدم اكتساب ملكيتها عن طريق التقادم ،لينص في ما بعد ظهير 28يونيو 1954المنظم
لألمالك العامة القروية على القاعدة الثالثة وهي عدم جواز الحجز على األمالك العامة؛ إال أن هذا ال يعني أنها ال تسري
إال على األمالك القروية ،بل هي تشمل جميع األمالك ،باإلضافة إلى أنها كانت مطبقة قبل تقنينها)9(.
وبالتالي فإن مبدأ تخصيص األمالك العمومية للنفع العام يهدف إلخضاعها إلى الحماية من كل اعتداء محتمل ،بحيث ال
يجوز التصرف فيه وال الحجز عليه وال اكتسابه بالتقادم ( كما تمت اإلشارة إليه في المبحث األول ،المطلب األول منه).
ثانيا :الحماية الجنائية للملك العام للدولة
تتعدد أشكال الحماية الجنائية للملك العام ،وهذه الحماية نجدها مقررة ،إما في القانون الجنائي ()10أو بمقتضى نصوص
خاصة.
فأما بالنسبة للحماية المقررة في القانون الجنائي فنجدها في عدة نصوص قانونية ،ترمي كلها إلى تجريم كل االعتداءات
الماسة باألمالك العامة؛ سواء كانت هذه االعتداءات عمدية ،أو نتيجة اإلهمال أو عدم الحيطة والحذر ،ومن أهمها:
•حماية األماكن المعدة للعبادات في الفصل 223من القانون الجنائي ،والذي جاء فيه ":من تعمد إتالف بنايات أو آثار أو
أي شيء مما يستخدم في عبادة ما ،أو خرب ذلك أو لوثه ،يعاقب بالحبس من سته أشهر إلى ثالث سنوات ،وغرامة مالية
من 100إلى 500درهم ".
•حماية المقابر وحرمة الموتى في الفصول من 268إلى ،272فمثال الفصل 269نص فيه المشرع على ما يلي ":من
هدم أو امتهن أو لوث المقابر ،بأي وسيلة كانت ،يعاقب بالحبس من سته أشهر إلى سنتين وغرامة مالية من 200إلى
500درهم".
• حماية تنفيذ األشغال العمومية؛ فحسب الفصل 308من القانون الجنائي والذي جاء فيه ":كل من قاوم تنفيذ أشغال
أمرت بها السلطة العامة ،أو صرحت بها ،يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر ،وبغرامة ال تقل عن 200درهم ،
وال تتجاوز ربع مبلغ التعويضات ".
•حماية منقوالت الملك العام في الفصل 596من القانون الجنائي ،والذي جاء فيه " :من عيب عمدا بضائع أو مواد أو
بضائع أو محركات آلية أو أدوات أيا كانت تستخدم في الصناعة ،وذلك باستعمال مواد متلفة أو أي وسيلة أخرى ،يعاقب
بالحبس من شهر إلى شهرين وغرامة من 200إلى 1000درهم ".
• الحماية المتعلقة بالطرق والمحافظة على الصحة العمومية؛ حيث نص المشرع في الفصل 69من نفس القانون على
أنه ":يعاقب بغرامة من 10إلى 120درهما ،من ارتكب إحدى المخالفات المنصوص عليها في نفس الفصل".
إضافة إلى فصول جنائية أخرى من بينها ،الفصول 586و 587و 590و 591و 595والتي كلها تضمنت عقوبات
في حق كل من قام بسوء نية بتخريب الملك العمومي أو التصرف فيه بغير وجه حق.
أما بخصوص الحماية الجنائية للملك العام للدولة والمقررة بمقتضى نصوص خاصة ،والتي نعني بها أن هناك مجموعة
من النصوص الخاصة ،التي أسندت بعض مهام الضابطة القضائية لموظفي اإلدارات العمومية في مجال الملك العمومي
ومن بينها:
• حماية الملك العام المائي؛ حيث تم تنظيم الملك العام المائي ألول مرة في المغرب بمقتضى ظهير فاتح يوليوز 1914
المتعلق باألمالك العامة ،والمتمم بالظهيرين الصادرين سنة 1919و ،1925والذي يدمج جميع المياه مهما كان شكلها
في األمالك العامة المائية ،ومن تم ال يمكن لموارد مائية أن تكون موضوع تملك خاص باستثناء المياه التي اكتتب عليها
حقوق مائية.
والبد من اإلشارة هنا ،إلى أنه تمت مراجعة هذه النصوص بقانون الماء 10.95الذي استهدف حماية كمية ونوعية
األمالك العامة المائية في مجموعها والحفاظ عليها وترشيد استعمالها )11(.
• حماية األمالك المرتبطة بالموانئ؛ وتتجلى هذه الحماية فيما تم التنصيص عليه في ظهير 18أبريل 1961المتعلق
بمراقبة الموانئ البحرية التجارية في الفصل 28منه على أن ":كل من حطم أو هدم أو أتلف عن عمد ضوءا طافيا أو
عوامة إرشاد يعاقب بسجن تتراوح مدته بين سته أشهر إلى ثالث سنوات ،وبدعيرة يتراوح قدرها بين 500إلى 2000
درهم ،بصرف النظر عن تعويض الضرر الواقع ".
• حماية الملك العام السككي؛حيث عمل المشرع على حماية هذا النوع من األمالك العامة للدولة عن طريق وضع شروط
خاصة الستعمالها ،ومن أمثلة هذه الحماية نجد :عدم البناء وعدم الحفر بجانب السكك الحديدية....
والجدير بالتنبيه كذلك ،إلى أن المشرع عمل كذلك على حماية بعض األمالك األخرى التابعة للدولة ،كالممتلكات الثقافية
والملك العمومي الغابوي...
الفقرة الثانية :الحماية اإلدارية والقضائية للملك العام للدولة
سنحاول في متن هذه الفقرة ،بيان مظاهر الحماية اإلدارية للملك العام للدولة (أوال) ،ثم بعد ذلك نتعرض للحماية
القضائية للملك العام للدولة (ثانيا).
أوال :الحماية اإلدارية للملك العام للدولة
تتجلى الحماية اإلدارية للملك العام للدولة في الجهود التي تبذلها اإلدارة من أجل الحفاظ على الممتلكات العامة وصيانتها،
وذلك استنادا إلى مختلف االمتيازات التي تتمتع بها هذه األخيرة ،من أجل تحقيق الصالح العام ( مثل :التنفيذ المباشر
لقراراتها اإلدارية ،إمكانية الحجز على أمالك الخواص أو نزعها ، )...وذلك وفق النصوص القانونية والتنظيمية
المعمول بها في هذا االطار ،وتلعب الجماعات الترابية دورا هاما في مراقبة تنظيمها وتسهيلها.
وأهم مثال هو :االرتفاقات( ) 13اإلدارية التي يفرضها القانون أحيانا لحماية الملك العام للدولة.
ويمكن تصنيف هذه االرتفاقات المقررة للمنفعة العامة والمقيدة لحق الملكية إلى:
ارتفاقات مقررة بنصوص خاصة ؛ والتي تتمثل في:
• االرتفاقات المقررة لمصلحة مياه األمالك العامة؛ وهي االرتفاقات المقررة على الملكيات المجاورة لمجال المياه،
البحيرات ،القناطر المائية ،أنابيب الماء وقنوات الري أو التطهير المخصصة الستعمال العموم ،العتبار أن المياه من
األمالك العامة للدولة)13(.
كما ألزم هذا القانون مالك العقارات على ضفاف األنهار وسيول المياه بترك مساحة أربعة أمتار ،تحسب انطالقا من
الضفاف الحرة المحاذية لعقاراتهم ،لتمكين أعوان وآليات اإلدارة ووكالة األحواض من حرية المرور ،وكذا من وضع
مواد أو إنجاز منشآت وأشغال للمنفعة العامة.
كما يمكن لمالك العقارات بالمطالبة بالتعويض ،مقابل نزع الملكية للمساحات المحملة باالرتفاق في حالة تضرر زراعتهم
من هذا االرتفاق.
وفي ختام هذه النقطة ،البد من اإلشارة إلى أن القانون 10.95المتعلق بالماء ،نص على إمكانية إحداث مدارات
المحافظة بالمناطق التي تصل بها درجة استغالل المياه الجوفية إلى حد يهدد بالخطر بالموارد المائية الموجودة ،حيث ال
يمكن استغاللها إال بترخيص تحدد شروطه النصوص التنظيمية ،وفقا لمقتضيات المادة 49من قانون الماء.
• االرتفاقات المقررة لمصلحة الخطوط البرقية والهاتفية؛ وهي المنصوص عليها في الفصل الثالث من ظهير فاتح يوليوز
1914المتعلق باألمالك العامة للدولة ،والذي ينص على أنه " :يتحمل بمقتضاها الخواص المجاورين للملك العمومي
ارتفاق وضع وتمرير اآلالت الالزمة إلحداث األسالك التلغرافية والتليفونية واألبنية المعدة للتليفون الالسلكي ،ويكون هذا
االرتفاق مضمون قانونا ،وال يملكون أصحاب األمالك الخاصة المجاورة للملك العمومي الحق في المطالبة بإزالته)14(.
• االرتفاقات المقررة لمصلحة الخطوط الكهربائية؛ وهي التي ينظمها ظهير 24أكتوبر 1962وظهير 14شتنبر
1977المتمم بظهير ، 1963ويكون بمقتضاه للمكتب الوطني للكهرباء الحق في إقامة أعمدة وأجهزة فوق األراضي
التي ليس فيها بناء وغير محاطة بجدران لتثبيت الناقالت الجوية ،ووضع قنوات أرضية وناقالت كهربائية جوية مع
دعائمها ،كما يحق لمالكي هذه األراضي المطالبة بالتعويض.
• االرتفاقات المقررة لمصلحة المالحة الجوية؛ فطبقا لظهير 26شتنبر 1938بشأن هذه االرتفاقات يمنع على أصحاب
األراضي المجاورة للمطارات أو قواعد الطيران ،بناء أية منشآت تعلوا على مساحة معينة حددتها قواعد الطيران
واألنظمة الدولية ،أو بناية عقاراتهم أو رفعها حتى مساحه معينة ،وذلك لتوفير الرؤيا ودرء المخاطر ورفع اإلشارات
للطائرات لضمان هبوطها بسالم.
• االرتفاقات المقررة لمصلحة المواقع الحربية والمنشآت العسكرية؛( )15تأسيسا على مقتضيات الفصل الثاني من ظهير
7غشت 1934المتعلق باالرتفاقات العسكرية ،فإنه يمنع على أصحاب العقارات المجاورة لهذه المواقع والمنشآت
ولمسافة 250مترا ،بناء أو غرس أي شيء على هذا الجزء من عقاراتهم)16( .
• االرتفاقات المقررة لحماية السير على الطرقات؛ ونعني بذلك كل ما يتعلق بالسير العمومي كارتفاقات عدم البناء بجوار
الطرق للمحافظة على األمن ،وعدم حجب الرؤية على مستعملي الطرق ،وارتفاقات الرؤيا المحدث بظهير 29أكتوبر
1937المتمثلة بإزالة الجدران وهدم المرتفعات واقتالع االشجار.
وقد أحدث المشرع ارتفاق منع البناء على منطقه يساوي عرضها 20مترا من جانب الطريق السيار في إطار الملكيات
المجاورة لطرق السيار)17(.
باإلضافة الى االرتفاقات المتعلقه بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر األثرية طبقا لظهير 25أكتوبر.1980
ارتفاقات التعمير؛ ويتعلق األمر بارتفاقين أساسيين هما:
• ارتفاق عدم البناء:
نص على هذا المقتضى الفصل 19من قانون 12.90المتعلق بقانون التعمير ،والذي حدد المناطق التي يحظر بها البناء
بجميع أنواعه ،كحدود المساحات الخضراء وحدود الطرق وحدود المساحات المخصصة للنشاطات الرياضية الواجب
إحداثها ،المواقع المخصصة للتجهيزات العامة كتجهيزات السكك الحديدية والتجهيزات الصحية والثقافية والمباني
اإلدارية والمساجد والمقابر ،األحياء واآلثار والمواقع التاريخية ،ضوابط استعمال األرض ،وتلك المطبقة على البناء(.
)18
• االرتفاقات الناتجة عن قرار تخطيط الطرق والمساحات؛ وهي االرتفاقات المقررة على الطرق العمومية ،والتي تتمثل
أساسا في المخططات المتعلقة بتخطيط وتنظيم المجال العمراني كالمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية وتصميم التهيئة
وتصميم التنمية وتصميم التقطيع )19(.
وفي ختام هذه النقطة ،نشير إلى أن كل هذه المخططات سواء المنصوص عليها في القانون 12.90تهدف إلى تحقيق
المنفعة العامة ،أو المنصوص عليها في القانون 25.90المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم
العقارات ،تحت طائلة عدم تسليم شهادة التسليم المؤقت أو النهائية)20( .
ثانيا :الحماية القضائية للملك العام للدولة
يتعرض الملك العمومي لعدة تجاوزات من قبل األفراد عن طريق احتالله واستعماله بصورة سيئة ،مما يستدعي التدخل
لحمايته قضائيا.
وإذا كان القضاء العادي يطلع بدور مهم في حماية األمالك العمومية ،فإن كون هاته األخيرة مادة إدارية محضة ،يعطي
األولوية واألسبقية بحمايتها للقضاء اإلداري.
وتبعا لذلك فقد رسخ هذا األخير مجموعة من المبادئ تهم حماية الملك العمومي عبر العديد من االجتهادات القضائية.
فمن تلك المبادئ نجد قاعدة عدم جواز تملك الملك العام بالتقادم؛ حيث استقر القضاء اإلداري على أن األمالك العامة
للدولة ال يمكن اكتساب ملكيتها بالتقادم ولو طالت مدة حيازتها ،ألن ذلك ال يزيل الحصانة التي يتمتع بها الملك العام
للدولة ولو كان غير محفظ.
وفي هذا السياق قضت الغرفة اإلدارية بأن األرض ذات الطابع الجماعي ال يمكن ملكيتها عن طريق التقادم ،وبالتالي ال
يمكن لحائز مثل هذه األرض أن يطالب بتحفيظها على اسمه مهما كانت مدة حيازته)21( .
كما كرست المحاكم اإلدارية عبر مجموعة من األحكام الصادرة عنها ،مبدأ عدم جواز الحجز على األمالك العمومية ،فقد
قضت المحكمة اإلدارية بالرباط ،بعدم إمكانية الحجز على األموال العمومية ،ألنها مخصصة للمنفعة العامة)22(.
وإذا كانت المحاكم اإلدارية أقرت قاعدة عدم جواز الحجز على األمالك العمومية ،فإنها في المقابل أجازت الحجز على
األموال الخاصة للدولة واألشخاص االعتبارية العامة األخرى ،والمغزى من ذلك كون الحجز على األموال أو األمالك
العمومية سيؤدي إلى تعطيل وظيفة النفع العام الملقاة على عاتقها ،وهو ما يستشف من األمر االستعجالي الصادر عن
رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط تحت عدد 10بتاريخ 5يوليوز 2002والذي جاء فيه ":إن مبدأ العمل على تنفيذ
األحكام القضائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به ضد اإلدارة بالسرعة الالزمة يقابله مبدأ آخر ،ومضمونه حظر الحجز
على األموال العامة للدولة واألشخاص االعتبارية العامة ،لضمان تنفيذ وظيفة النفع العام الملقاة على عاتقها ،غير ذلك ال
يمنع من الحجز على األموال الخاصة للمرفق الذي ال يتعارض حجزها مع سيره بانتظام")23(.
وإلى جانب ما ذكر؛ أقر القضاء اإلداري كذلك الطبيعة المؤقتة الستعمال الملك العمومي ،حيث أوجب الحصول على
تراخيص ،لذلك تمنح مسبقا من طرف الجهة المختصة.
وفي هذا اإلطار أقرت المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء في حكمها الصادر في 14أبريل 2011بأن ":شغل الملك
العمومي الجماعي يكتسب طابعا شخصيا غير قابل للتفويت وال االنتقال إال بإرادة الجهة المانحة للترخيص)24("....
وتتمتع اإلدارة المانحة للترخيص بسلطة تقديرية واسعة في منح الترخيص أو عدم منحه ،تبعا لما تقتضيه المصلحة
العامة ،حيث قضى حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط ،بتاريخ 26يونيو 2007تحت رقم 1481بأن اإلدارة
تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في منح الترخيص باستغالل الملك العمومي بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة ،وال يمكن
الطعن في تقديرها إال من خالل مظاهر االنحراف في استعمال السلطة)25(.
وتعتبر عقود الشغل واحتالل الملك العمومي مؤقتا عقودا إدارية ،تختص في النزاعات الناشئة عنها المحاكم اإلدارية.
والبد من اإلشارة إلى أن الترخيص باالحتالل المؤقت للملك العمومي ،يمكن أن ينتهي في أي وقت ولو لم تنته مدته وفق
تقدير اإلدارة المانحة له لظروف المصلحة العامة ومتطلباتها .
وفي هذا السياق قضت المحكمة اإلدارية بوجدة ،في حك لها بتاريخ 15نونبر 2000بأن ":قرار الترخيص باستغالل
الرصيف يعد من القرارات المؤقتة التي ال تخول حقوق مكتسبة أو مراكز قانونية محددة ،ويجوز للسلطة اإلدارية التي
سلمته التراجع عنه كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك")26(.