Professional Documents
Culture Documents
البحث جاهز 2
البحث جاهز 2
الفوج السادس
السنة الجامعية
2023/2022
مقدمة
إن البرامج العمرانية تجعل الدولة ملزمة بتنفيذها ،وذلك من أجل الحفاظ على نسق
السياسة العمرانية والمجالية لمختلف الميادين سواء كانت مرتبطة بالمجال االقتصادي
و االجتماعي ،وسعيا من أجل تحقيق ذلك ،فإن األمر يستلزم بنية عقارية مهمة ،
مما جعل المشرع على غرار باقي التشريعات المقارنة األخرى ،وضع مبادىء
وقواعد قانونية ترمي إلى نزع ملكية األراضي من أجل تنفيذ المخططات العمرانية .
فتنفيذ هذه البرامج ال يكون بشكل اعتباطي وإنما من الواجب توفر ترسانة تشريعية
قانونية منظمة لهذه المسطرة.
كما أن فكرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ليس مفهوما جديدا على المجتمع
بصفة عامة وعلى الفقه االسالمي بوجه خاص ،ذلك أن المذهب المالكي السائد في
المغرب إلى جانب المذاهب الفقهية األخرى ،قد عرفها وطبقها في مجال الفقه و
القضاء ،وقد أشارت كتب الفقه االسالمي إلى حالتين اثنتين لنزع الملكية قسرا على
صاحبها ،ورعاية لمصلحة عامة كحالة نزع الملكية من أجل بناء مسجد أو توسعته ،
و حالة نزع الملكية من أجل تشييد طريق وتوسيعه .
وتستمد هذه األحكام في الحقيقة من واقعة حدثت في عهد الرسول صلى هللا عليه و
سلم وفي عهد الخلفاء الراشدين رضي هللا عنهم ،فعلى سبيل المثال فقد استملك
الرسول الكريم المكان الذي بنى به أول مسجد في االسالم بالمدينة المنورة بعد
الهجرة إليها ،وسعى عمر بن الخطاب رضي هللا عنه إلى توسيع أحد المساجد لضيق
المصلين به. 1
وإذا كان حق الملكية 2قد ظل حقا مطلقا لردح من الزمن ألنه لم يكن قد تبلور بالشكل
الذي هو عليه اليوم إال بعد مروره بمجموعة من المراحل التي واكب من خاللها
تطور المجتمعات ،فإن ذلك أكسبه طابعا اجتماعيا أدى إلى تعرضه لعدة قيود منعت
المالك من أن يستأثر بهذا الحق لخدمة مصالحه الخاصة والضيقة بل تم تجاوز ذلك
1محمد الكشبور ،نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ،مطبعة المعارف الجديدة – الدار البيضاء 1989ص
. 15
2حق الملكية هو حق عيني أصلي على شيء معين ،يخول صاحبه دون غيره بصورة مطلقة استعمال هذا
الشيء واستغالله والتصرف فيه وذلك في حدود القانون والنظام ودون تعسف ،مأمون الكزبري ،التحفيظ
العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى 1978الصفحة . 279
2
إلى أن يمارس هذا الحق بالشكل الذي ال يعيق تحقيقه للوظيفة االجتماعية و
االقتصادية للدولة .
ومادام القانون هو الذي يقر حق الملكية ويحميه فمن المنطقي أن يتمكن من جعل
قيود عليه على اعتبار أنه تعبير عن إرادة األمة 3وهكذا فإن ممارسة هذا الحق يجب
أن ال تتعارض مع المصلحة العامة ،أو أن يكون عائقا أمام تطور المجتمع ،وينتج
عن هذا المبدأ أنه إذا تعارضت المصلحة العامة مع المصلحة الخاصة تعين التضحية
بهذه األخيرة وهذا األمر من مستلزمات الحفاظ على متطلبات السلطة ،لذلك ال يمكن
االعتراف بالحق في التملك بشكل مطلق وبدون قيود 4والهدف من ذلك هو خلق
توازن بين المصلحة العامة والخاصة. 5
وتعتبر عملية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أهم وسيلة قانونية تلجأ إليها
الدولة لتوفير العقارات الالزمة لتنفيذ برامجها وسياساتها والتي تمثل مجاال خصبا
لهذا األمر ،وهو ما فرض تناولها في مختلف النصوص التشريعية و التنظيمية ،بل
واالرتقاء بها إلى التنصيص الدستوري لجل دساتير العالم من بينها الدستور المغربي
الذي نص في الفصل " : 35يضمن القانون حق الملكية" ،ويمكن الحد من نطاقها
وممارستها بموجب القانون إذا دعت ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية
للبالد ،وال يمكن نزع الملكية إال في األحوال وحسب اإلجراءات المنصوص عليها
في القانون ،6كما نصت المادة 15من الدستور الموريتاني لسنة 1991في الفقرة
الرابعة على أنه ( ال تنزع الملكية إال إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة وبعد تعويض
عادل مسبق ،يحدد القانون نظام نزع الملكية )، 7كما نصت المادة 34من الدستور
3تنص الفقرة األولى من الفصل 6من دستور 2011على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة األمة
والجميع أشخاصا ذاتيين واعتباريين بما فيهم السلطات العمومية ومتساوون أمامه وملزمون باالمتثال له .
4نصت المادة 14من مدونة الحقوق العينية يخول حق الملكية مالك العقار دون غيره سلطة استعماله
واستغالله والتصرف فيه و ال يقيده في ذلك إال القانون أو االتفاق .
5محمادي المعكشاوي ،المختصر في مدونة الحقوق العينية الجديدة على ضوء التشريع والفقه و القضاء،
القانون رقم .39.08الطبعة األولى 2013مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص . 95
إن البحث في هذا الموضوع ،وتأسيسا على ما سبق نطرح اإلشكالية التالية :
إشكالية البحث
إلى أي حد ساهمت القوانين التي سنها المشرع المغربي من تنظيم نظام نزع الملكية
من أجل المنفعة العامة وتمييزها عن باقي األنظمة المشابهة لها ؟
هذه االشكالية تتفرع عنها مجموعة من االشكاليات الفرعية أهمها :
-ما هو مفهوم نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ؟
-ما هو االطار القانوني لنظام نزع الملكية و شروطه ؟
-ماهي طبيعة هذا النزع ؟ وماهي األنظمة األخرى التي قد تلتبس به ؟
المنهج المعتمد
ارتأينا من خالل بحثنا هذا ،االعتماد على المنهج التاريخي من خالل تجميع
المعطيات الماضية و األساسية عن موضوع نزع الملكية وتطوراتها ،ثم المنهج
8مبادئ القانون اإلداري-أموال اإلدارة وامتيازاتها -الدكتور سليمان الطماوي ،دار الفكر العربي ،1979ص
. 271
4
المقارن عن طريق إجراء مقارنات بين نظام نزع الملكية و األنظمة األخرى التي قد
تلتبس بها .
خطة البحث
حيث اعتمدنا التصميم اآلتي :
المطلب األول :األحكام العامة لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة
المطلب الثاني :طبيعة نظام نزع الملكية وتمييزه عن باقي األنظمة المشابهة له
5
المطلب األول :مفهوم نزع الملكية وشروطها
تعمل اإلدارة على تسيير شؤون المرافق العامة بشكل جيد وعلى أكمل وجه،
وكثيرا ما تحتاج لذلك إلى عقارات أو منقوالت ،وللحصول على تلك العقارات
والمنقوالت تلجأ لعدة طرق من بينها نزع ملكية تلك العقارات جبرا إذا كانت في
حاجة إليها وتعذر على اإلدارة الحصول عليها بطريقة ودية وهذا ما تسمية نزع
الملكية من أجل المنفعة العامة استثناء لحق الملكية المقدس لذلك يجب تحديد مفهوم
نزع الملكية من أجل المنفعة العامة (فقرة األولى ) ،والشروط التي يجب توافرها
لتلجأ اإلدارة إلى هذا االستثناء (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :مفهوم نزع الملكية من أجل المنفعة العامة واإلطار القانوني لها
يعتبر نظام نزع الملكية ألجل المنفعة العامة نظاما تلجأ إليه اإلدارة في حالة
تعذر عليها الحصول على العقارات و المنقوالت بطريقة ودية وهو نظام يمس حق
الملكية المقدس ،ولمعرفة هذا النظام القانوني سنقوم بدراسته من خالل أوال ( تعريف
نزع الملكية من أجل المنفعة العامة) ،وثانيا (اإلطار القانوني لنزع الملكية).
أوال :تعريف نزع الملكية
لم يعرف المشرع المغربي نزع الملكية ألجل المنفعة العامة 9مكتفيا بالنص من
خالل الفصل األول من القانون رقم 7.81على ما يلي " :إن نزع ملكية العقارات
كال أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية ال يجوز الحكم به إال إذا
أعلنت المنفعة ،وال يمكن إجراؤه إال طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع
مراعاة االستثناءات المدخلة عليه كال أو بعضا بموجب تشريعات خاصة ".
ورغم ذلك ،تظهر أهمية هذا النص في أنه يحدد موضوع نزع الملكية ألجل
المنفعة العامة ( الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية) وسببه (إعالن المنفعة
العامة) واتصال أحكامه بالنظام العام (ال يمكن إجراؤه إال طبق الكيفيات المقررة في
هذا القانون).
9محمد الكشبور " ،نزع الملكية ألجل المنفعة العامة " قراءة في النصوص وفي مواقف القضاء ،
ص. 34
6
وقد عرفه بعض الفقه كما يلي " :إجراء إداري يقصد به نزع مال قهرا عن مالكه
بواسطة اإلدارة لتخصيصه للنفع العام مقابل تعويض عادل". 10
ويؤخذ على هذا التعريف أنه أقام نزع الملكية على القهر وحده والحال أنه يمكن
أن يتم عن طريق المراضاة ،وأنه اعتبر نزع الملكية إجراء إداريا و الحال أنه في
التشريع المغربي ذو طابع قضائي كذلك.
وعرفه فقه آخر بأنه " :عملية يتم بمقتضاها نقل ملكية عقار مملوك ألحد األفراد إلى
شخص عام ،بقصد المنفعة العامة ونظير تعويض عادل". 11
والظاهر أن هذا التعريف ،وإن جاء أكثر ضبطا من سابقه ،لم يحدد إجراءات
نزع الملكية بشكل دقيق.
وقد عرفه أحد الفقهاء الفرنسيين كما يلي " :يمكن تعريف نزع الملكية بأنه امتياز
من امتيازات السلطة العامة يسمح لها ،بغية تحقيق منفعة عامة وبعد اتباع مجموعة
من اإلجراءات الشكلية والموضوعية اآلمرة ،نزع ملكية عقارية أو حق عيني عقاري
يعود لشخص خاص أو عام". 12
ثانيا :اإلطار القانوني لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة
إذا كان ظهير 31غشت 1914أول إطار تشريعي متكامل ينظم عملية نزع
الملكية بالمغرب ،فإن هذا ال يعني أنه لم تكن هناك بعض النصوص القانونية السابقة
له ،فخالل مرحلة ما بين توقيع اتفاقية الجزيرة الخضراء سنة 1906إلى سنة 1914
تاريخ صدور هذا القانون ،قامت سلطات الحماية بتأطير عملية نزع الملكية عن
طريق نصوص عديدة.
10فؤاد العطار "،القانون اإلداري" ،الكتاب الثالث ،دار النهضة بالقاهرة ،ص . 599
11محمد عبد اللطيف "نزع الملكية للمنفعة العامة "دار النهضة العربية بالقاهرة ،ص . 5
12
"on peut définir l’expropriation comme la prérogative de l’Etat lui permettant, à
l’initiative d’une personne publique ou privée, dans un but d’utilité publique et
moyennant le respect d’un certain nombre de garanties de procédure et de fond, de
contraindre une personne publique ou privée à céder la propriété d’un immeuble
"ou d’un droit réel immobilier à une personne publique ou privée
_ jean mary Auby et pierre bon , "Droit administratif des biens", Dalloz,
Paris,1991,p.310
7
وقد كانت اتفاقية الجزيرة الخضراء 13لسنة 1906أول نص قانوني سيؤكد
عملية نزع الملكية بالمفهوم الحديث ،حيث تم تنظيم هذه العلمية في إطار مقتضيات
تحدد مجموعة من اإلجراءات و التدابير للقيام بالعملية ،ولتطبيق مسطرة نزع
الملكية_ حسب اتفاقية الجزيرة الخضراء_ يشترط إثبات ضرورة المنفعة العامة و
أداء تعويض عادل (الفصل ،)113وال يمكن إجراء العملية إال من أجل المنفعة
العامة (الفصل.)114
وبعدها صدر القانون الديبلوماسي الصادر بتاريخ 10يونيو ،1908وقد
تضمنت مقتضيات هذا القانون الذي جاء كتجديد للمقتضيات الواردة في اتفاقية
الجزيرة الخضراء ،مبادئ أساسية تتعلق بالمسطرة المتبعة ،وهي مقتبسة من القانون
الفرنسي لسنة ،1908وبموجب الفصل األول من القانون الديبلوماسي لسنة ،1908
يمكن أن تعلن المنفعة العامة في شأن جميع األشغال الكبرى ،مثل الطرق و السكك
الحديدية و الموانئ ،حيث كانت هذه األشغال ضرورية في تلك المرحلة.
أما نقل الملكية فكان يتم لفائدة المخزن طبقا ألحكام الشريعة اإلسالمية من طرف
القاضي في جميع األحوال ،ويتم ذلك إما عن طريق االتفاق بالتراضي (الفصل )6أو
يتم تحديد التعويض بعد إجراء خبرة (الفصل )11وفي حالة رفض التعويض تتدخل
المحاكم القنصلية.
وبعدها صدرت دورية الصدر األعظم في فاتح نونبر ،1912تهدف إلى تسهيل
إنجاز سريع لألشغال العمومية ،ويتعلق األمر بأن المخزن اشترط للمصادقة على
عقود الشراء أن يلتزم أي مشتري لعقار في تصريح موثق بأن يفوت للدولة المغربية
األجزاء الضرورية لتنفيذ األشغال العمومية ،ويتم التفويت مقابل تعويض يتفق عليه
وإال تم اللجوء إلى مسطرة التحكيم ،يتولى مباشرتها حكمان أحدهما يمثل اإلدارة
واآلخر يمثل المالك ،وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تم تعيين خبير للتوفيق بينهما،
وبهذه المقتضيات تكون الدورية قد فرضت بطريقة غير مباشرة نزع الملكية.
13محمد الكشبور " ،نزع الملكية من أجل المنفعة العامة " ،األسس القانونية و الجوانب اإلدارية و القضائية
،مرجع سابق ،ص . 17
8
وبعد ذلك صدر ظهير 26مارس 141914في شأن اإلعالن عن المنفعة العامة
بمقتضاه اعتبرت كل المنطقة التي سيباشر بها تشييد إنشاء خط السكك الحديدية بين
طنجة وفاس خاضعة الرتفاق عام مفاده أنه يحرم اجراء أي معاملة عقارية في
المنطقة المذكورة ،ولم يستند هذا الظهير ال على اتفاقية الجزيرة الخضراء وال على
القانون الدبلوماسي لسنة ...1908
ونص على أنه انطالقا من يوم نشره ،يمنع الترخيص لتفويت العقارات التي تقع
في المنطقة التي حددها ،وكذا القيام بأي بناء أو غرس أو تحسين ،إال بإذن من
مديرية األشغال العمومية ،ويلتزم المالك بتفويت عقاراتهم حسب قيمتها يوم نشر
الظهير.
لقد تم تغيير ظهير 31غشت 1914المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة
العامة واالحتالل المؤقت بموجب ظهيري 3أبريل 1951وظهير 6ماي .1982
ويمثل ظهير 31غشت 1914أول نص عام يقوم بتنظيم مسألة نزع الملكية من
أجل المنفعة العامة واالحتالل المؤقت بمنطقة الحماية الفرنسية بالمغرب.
وقد ورد في ديباجة ظهير 31غشت 1914بأن ":من أساس الشريعة اإلسالمية
تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في جميع األحوال."...
ونشير إلى الجزء الخاص من الظهير و المتعلق بنزع الملكية حيث يشتمل على
28فصال ،وقد قسم هذا الجزء إلى خمسة أبواب ،خصص األول منها لحاالت نزع
الملكية وإلعالن المنفعة العامة ،وخصص الثاني لإلجراءات اإلدارية التي تسبق نزع
الملكية وللتملك عن طريق المراضاة ،وخصص الثالث للحكم القضائي الصادر بشأن
نزع الملكية ولتحديد التعويضات الواجب دفعها للمنزوعة ملكيتهم ،وخصص الرابع
ألداء التعويضات ونقل حيازة العقار إلى نازع الملكية ،أما الباب الخامس فيتعلق
باإلجراءات االستثنائية التي يجب أن يلجأ إليها نازع الملكية في حالة االستعجال
القصوى.
14محمد الكشبور " ،نزع الملكية من أجل المنفعة العامة " ،األسس القانونية و الجوانب اإلدارية و القضائية ،
مرجع سابق ،ص . 20
9
كما تم إسناد مهمة النطق بأحكام نزع الملكية إلى المحاكم ،كما أنها تتولى تحديد
التعويضات حسب قيمة العقار يوم إعالن المنفعة العامة ،وتشكل هذه القيمة حدا
أقصى ولو ارتفعت قيمة ذلك العقار بعد اإلعالن.
وكانت مسطرة االتفاق بالمراضاة إجبارية في ظل القانون ،أو كقناة البد من
المرور منها ،وفي حالة الفشل يتم اللجوء آنذاك إلى تطبيق مسطرة نزع الملكية.
وهكذا وبعد مرور 37سنة على إصدار هذا الظهير ،تدخل المشرع المغربي
وأصدر ظهير 3أبريل 1951المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة ،حيث حاول
هذا القانون استدراك النقص الذي تميز به القانون السابق سيما فيما يتعلق باالمتيازات
المخولة لنازع الملكية على حساب الخواص المنزوعة ملكيتهم.
ومن أبرز النقط التي عرف فيها ظهير 31غشت 1914تغييرا جدريا إبان
إصدار ظهير 3أبريل 1951هي:
15
: -إصدار مقرر التخلي
ففي ظهير 31غشت ،1914تظل العقارات التي كانت موضوعا لقرار يقضي
تخصيصها لمنفعة العامة ،محل ارتفاقات عديدة لمدة سنتين قابلتين للتجديد في كل
مرة ،وهكذا فإن العقارات تبقى مهددة باالستمالك لسنوات طويلة دون أن يكون هناك
ما يلزم السلطة النازعة للملكية بممارسة هذا اإلجراء من الناحية القانونية.
أما بالنسبة لظهير 3أبريل ،1951فإن الفترة السالفة قد حددت في سنتين غير
قابلة ألي تجديد ،حيث يجب على السلطة النازعة للملكية أن تستصدر قرار التخلي،
وأن تطلب من القضاء الحكم بنزع الملكية خالل هذه الفترة ،وإال سقط قرار المنفعة
العامة بقوة القانون. 16
15محمد الكشبور " ،نزع الملكية من أجل المنفعة العامة " ،األسس القانونية والجوانب اإلدارية والقضائية،
مرجع سابق ،ص .23
16محمد الكشبور " ،نزع الملكية من أجل المنفعة العامة " ،األسس القانونية والجوانب اإلدارية والقضائية،
مرجع سابق ،ص .24
10
-تحديد التعويضات:
في ظل ظهير 31غشت 1914كان القاضي قبل الحكم بالتعويض المقابل لنزع
الملكية ،ملزما بأن يحدد القيمة التي كانت للعقار قبل إعالن المنفعة العامة ،ثم قيمته
قبل النطق بالحكم القاضي بنزع الملكية ثم يحكم بأصغر القيمتين. 17
أما بالنسبة لظهير 3أبريل ،1951فإن القيمة التي أصبحت تأخذ بعين االعتبار
من أجل تحديد مقدار التعويض ،هي تلك التي كانت للعقار وقت نشر مقرر التخلي
دون الوقوف عند أي تاريخ آخر ،وفي الحالة التي يقوم فيها نازع الملكية خالل ثالثة
أشهر والتي تبتدئ من تاريخ نشر المقرر المذكور ،بمحاولة تملك العقار عن طريق
المراضاة يجب أن يقوم نازع الملكية بتقديم طلب إلى القضاء من أجل الحكم بنقل
الحيازة إليه ،خالل ثالثة أشهر التالية ،تبتدئ من تاريخ المحاولة األولى ،وإذا لم
يلتزم نازع الملكية بالقواعد المسطرية السالفة الذكر ،فإن تقدير التعويض يتم انطالقا
من القيمة التي كانت للعقار وقت تقديم الطلب القضائي الخاص بنزع الملكية إلى
كتابة ضبط المحكمة المختصة.18
وباإلضافة إلى التغييرات السابقة ،فقد جاء ظهير 3أبريل 1951بأحكام جديدة،
لم تكن معروفة بالمرة في ظل مقتضيات ظهير 31غشت 1914السابق ،وهكذا مثال
فعندما يفشل نازع الملكية في تملك العقار عن الطريق الودي ،أصبح باستطاعته أن
يقدم طلبا استعجاليا إلى القضاء المختص في هذا الصدد ،يرمي إلى الحكم بنقل حيازة
العقار إليه مقابل تعويض مؤقت ،يساوي على األقل العروض العينية التي سبق له أن
قدمها أثناء محاولة االقتناء عن طريق المراضاة.
وتجدر اإلشارة إلى أنه صدرت مجموعة من القوانين تشكل استثناء لمقتضيات
ظهير 3أبريل 1951وهي:
-مرسوم ملكي رقم 1-092-66بمثابة قانون المؤرخ في 26يونيو 1967الصادر
باإلعالن أن في تهيئة خليج طنجة واستثمارها منفعة عمومية ،وبوضع مسطرة
خاصة لنزع ملكية األراضي الالزمة لهذا الغرض. 19
بدأ منذ أواسط الستينات من القرن الماضي التفكير في بلورة قانون جديد ،حيث
قدم بعد عدة سنوات من الدراسة والتشاور – في صيغة مشروع قانون -من طرف
الحكومة إلى مجلس النواب ،الذي صادق عليه في دورة أكتوبر لسنة 1980تحت
رقم 7_81وصدر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 7-81-254بتاريخ 11رجب 1402
ه الموافق ل 6ماي ،1982كما أنه صدر تطبيقا له المرسوم رقم 7-83-383بتاريخ
2رجب .1403
حيث كان النصان السابقان لهذا القانون ،ينصان على وجوب اتباع مسطرة
االتفاق بالمراضاة للقيام بنقل الملكية بكيفية ودية ،وتتم هذه المسطرة اإللزامية
باستدعاء جميع المعنيين باألمر ،ويتم تحرير محضر رسمي بشأن كل اتفاق شامل أو
جزئي يتم بين األطراف المعنيين باألمر ،وقد جعل القانون الجديد هذه المسطرة
اختيارية يمكن لنازع الملكية أن يسلكها أو يستغني عنها حسب ما تمليه ظروف
ومالبسات كل حالة على حدى .
لقد كانت مسطرة نزع الملكية شخصية ،فأصبحت في القانون الجديد عينية ،أي
تتعلق بالعقارات والحقوق العينية العقارية ال بذوي الحقوق كما كان ذلك في ظل
القوانين السابقة.
الخاصة22 الفقرة الثانية :شروط نزع الملكية العامة من أجل المنفعة
يجب أن يتم نزع الملكية من أجل المنفعة العامة بشروط تتجلى في :
وقد تفادت التشريعات تحديد مفهوم المنفعة العامة معتبرة ذلك من اختصاص الفقه
والقضاء ،على أن اإلدارة في مختلف األنشطة التي تمارسها في الحقيقة ،من
المفروض أن تسعى إلى تحقيق هدفين أساسيين :هما المحافظة على النظام وتحقيق
المصلحة العامة .
وإذا كان مما ال جدال فيه أن قصد المشرع من إيجاد مسطرة نزع الملكية هو تسهيل
إنجاز المشاريع التي تتسم بطابع المنفعة العامة ،فإن هذا المفهوم قد عرف تطورا
مستمرا نتيجة تزايد تدخل الدولة إلنشاء مرافق متعددة لم يكن لها شأن بها من قبل،
وال شك أن واضعي ظهير 31غشت 1914حول نزع الملكية ألجل المنفعة العامة
قد تأثروا إلى حد بعيد بالخطوط العريضة لالجتهاد القضائي الفرنسي في نهاية القرن
التاسع عشر بخصوص مفهوم المنفعة العامة ،ولذلك تفادى المشرع تعريف هذا
المفهوم واقتصر على اإلشارة إلى بعض العمليات أو األشغال التي تكتسي صبغة
المنفعة العامة. 23
ثانيا :نزع الملكية ال يوجه إال إلى العقارات24
إن أمالك األفراد العقارية هي المقصودة بنزع الملكية ،كما يجوز نزع ملكية
أمالك الدولة الخاصة ،وال يمكن نزع ملكية المنقوالت إال إذا أصبحت تكتسي صبغة
عقارية عن طريق الضم واإلدماج.
ويشمل مفهوم العقار -موضوع نزع الملكية -أرضا فضاء ال بناء عليها ،أو
أرضا مبنية أيا كان ما عليها من بناء ،ويجب أن يتناول نزع الملكية األرض بكل ما
عليها من مبان ،فال يقتصر على األرض وحدها دون ما تحمله من بناء أو على
بعض أدوار هذا البناء دون البعض اآلخر.
23نزع الملكية من أجل المنفعة العامة في القانون المغربي ،الموقع االلكتروني :
، https://www.elkanounia.com/2020/03/Exposes.html?m=1اطلع عليه بتاريخ 2023/06/06على الساعة . 12:00 :
24مليكة الصروخ ،مرجع نفسه ،ص.480 ،
13
غير أن هناك بعض العقارات قد استثناها المشرع صراحة من موضوع نزع
الملكية وذلك بصريح عبارات الفصل الرابع من ظهير 1982مثل المعابد المعدة
لمختلف الديانات وليس فقط المساجد واألضرحة والمقابر واألمالك العمومية
والمنشآت العسكرية -كما كان عليه الظهير السابق لسنة 1951في الفصل . 6
26مليكة الصروخ " القانون اإلداري :دراسة مقارنة " مرجع سابق ،ص.481 ،
- 27محمد الكشبور ،نزع الملكية ألجل المنفعة العامة قراءة في النصوص وفي مواقف القضاء ،الطبعة الثانية ،دون ذكر دار
النشر ،سنة ،2007الصفحة.36 :
15
قرار انفرادي عن سلطة إدارية مختصة قانونا بذلك ،إضافة إلى كونه يقبل الطعن
اإلداري أمام الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى سابقا محكمة النقض حاليا.28
الفقرة الثانية :تمييز نزع الملكية عن بعض األنظمة المشابهة له
إن نظام نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ،باعتباره قرارا إداريا قد يلتبس
بمؤسسات أو أنظمة قانونية أخرى ،ومن هذه المؤسسات نذكر مثال :نظام التأميم
والمصادرة ،والشفعة الضريبية واالحتالل المؤقت ،وكلها مؤسسات تتصل بالقانون
العام كقانون نزع الملكية .
وبالتالي ،فإن مقارنة نظام نزع الملكية بمؤسسات أخرى من شأنه أن يساعد على
تحديد هذا النظام تحديدا نافيا للجهالة.
أوال :نزع الملكية واالحتالل المؤقت
نزع الملكية من أجل المنفعة العامة يرمي إلى إحالل الدولة بوجه عام أو أي
شخص معنوي أو طبيعي آخر يخول له القانون بوجه خاص محل المالك األصلي
مقابل تعويض ،فيظهر ذلك النزع كنوع من البيوع الجبرية ،أما االحتالل المؤقت
فيرمي إلى احتالل ملك معين من طرف السلطة العامة أو من يحل محلها خالل فترة
زمنية محددة قد تطول وقد تقصر ،مقابل تعويض عادل يدفع للمالك بطبيعة الحال،
فيظهر االحتالل المؤقت كنوع من األكرية الجبرية التي يفرضها القانون من أجل
تحقيق أغراض ما ،ال يمكن القيام بها إال عن طريق ذلك االحتالل.
ومن ناحية أخرى ،فمقرر إعالن المنفعة العامة يتم بمرسوم يصدر عن
الوزير األول –رئيس الحكومة حاليا -بينما يصدر القرار القاضي باحتالل ملك الغير
لمدة مؤقتة من الوزير المعني باألمر.29
ثانيا :تمييز شفعة الدولة أو الشفعة الضريبية عن نزع الملكية
تتشابه شفعة الدولة ونزع الملكية كونهما يصدران في شكل قرار للدولة إلنهاء
الملكية الخاصة التي يتمتع بها الفرد عن طريق اإلجبار ،وانتقال الملكية إلى الدولة.
خــــــــــــاتمة
إن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة من المواضيع التي حصنها المشرع
المغربي بضمانات قانونية لما فيها من حماية لحق ملكية األشخاص ،والمشرع
سعيا منه لتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ،وحماية المصلحة
الخاصة من التعسف االداري حاول تأطير موضوع نزع الملكية من خالل
تنظيمه بترسانة قانونية عبر مراحل زمنية متعددة ،و التنصيص عليه كاستثناء
للمبدأ العام من خالل الفصل 35من الدستور.
ومهما يكن من أمر ،فإن حق الملكية حق مقدس دستوريا ،ونزعه ألجل المنفعة
العامة هو إجراء تستلزمه متطلبات التنمية بالبالد ،وبالتالي فإنه إلى جانب نقل
الملكية لفائدة الجهة المخول لها قانونا ذلك ،فإنه من المناسب التوفيق بين مصالح
المنزوعة ملكيته في الحصول على تعويض عادل من جانب ،ومصالح نازع
الملكية في اكتساب ملكية عقار واستخدامه للمنفعة العامة أخذا بعين االعتبار
أيضا ما يستلزمه مبدأ حماية المال العام من جانب آخر ( عدم أداء تعويضات
مبالغ فيها) ،وتحقيق الهدف المذكور موكول لكافة األطراف المعنية بالموضوع
إداريا وقضائيا .
- 32تمييز نزع الملكية ألجل المصلحة العامة عما يشابهها من األساليب القانونية ،الموقع اإللكتروني: http://kanouni-
( maroc.blogspot.com/2021/04/blog-post_13.htmlاطلع عليه بتاريخ 05/06/ 2023على الساعة.)08:30
19
المراجع المعتمدة
الكتب :
20
: املواع الكورننية
https://www.elkanounia.com/2020/03/Exposes.html?m=1
https://contadmin.yoo7.com/t136-topic
https://www.mohamah.net/law
http://kanouni-maroc.blogspot.com/2021/04/blog-post_13.html
21
الفهرس
مقدمة2 ..........................................................................................
المطلب األول :مفهوم نزع الملكية وشروطها 6 .........................................
الفقرة األولى :مفهوم نزع الملكية من أجل المنفعة العامة واإلطار القانوني
لها 6 ..........................................................................................
أوال :تعريف نزع الملكية 6 ............................................................
ثانيا :اإلطار القانوني لنزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة 7 ...........
الفقرة الثانية :شروط نزع الملكية العامة من أجل المنفعة الخاصة 12 ..........
أوال :نزع الملكية منوط بتحقيق المنفعة العامة 13 ...................................
ثانيا :نزع الملكية ال يوجه إال إلى العقارات 13 ......................................
ثالثا :السلطة المختصة بنزع الملكية 14 ...............................................
المطلب الثاني :طبيعية نظام نزع الملكية من أجل المنفعة العامة واألنظمة
المشابهة لها 15 ...............................................................................
الفقرة األولى :طبيعية نظام نزع الملكية من أجل المنفعة العامة 15 ...............
الفقرة الثانية :تمييز نزع الملكية عن بعض األنظمة المشابهة له 16 .............
أوال :نزع الملكية واالحتالل المؤقت 16 ..............................................
ثانيا :تمييز شفعة الدولة أو الشفعة الضريبية عن نزع الملكية 16 .................
ثالثا :تمييز نزع الملكية عن نظام التأميم 17 ..........................................
رابعا :نزع الملكية والمصادرة 18 .....................................................
خــــــــــاتمة19.................................................................. ...............
المراجع المعتمدة 20 ........................................................................
الفهرس 22.....................................................................................
22