You are on page 1of 92

‫جامعة القاضي عياض‬

‫‪Université Cadi Ayyadà‬‬ ‫‪--------‬‬


‫‪--------‬‬ ‫كلية العلوم القانونية االقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‬
‫‪Faculté des sciences juridiques‬‬ ‫‪---------‬‬
‫‪économiques et sociales‬‬ ‫مراكش ‪ -‬المغرب‬
‫‪---------‬‬
‫‪Marrakech – Maroc‬‬

‫ماستر القانون العام الداخلي‬


‫وتنظيم الجماعات الترابية‬

‫خصوصية مسطرة نزع امللكيةلدى‬


‫الجماعات الترابية‬
‫رسالة لنيل املاسترفي القانون العام‬
‫إعدادالطالب‪:‬‬
‫إشراف‪:‬‬
‫‪-‬عماد قسيم‬
‫‪-‬الدكتور محمد الغالي؛‬
‫‪-‬الدكتور يونس ابالغ‪.‬‬

‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫‪-‬الدكتور محمد الغالي‪ ،‬أستاذ التعليم بكلية الحقوق مراكش‪ ........................................................‬مشرفا ورئيسا‬

‫‪-‬الدكتور يونس أبالغ‪ ،‬أستاذ التعليم العالي مساعد بكلية الحقوق مراكش‪ ....................................‬مشرفا وعضوا‬

‫‪-‬الدكتور ‪...........................................................................................................................................‬‬

‫الدكتور‪.......................................................................................................................................‬‬

‫السنة الجامعية‪2021 /2020 :‬‬


‫مقدمة‪:‬‬

‫تندرج امللكية الخاصة ضمن دائرة الحقوق األساسية لألفراد والجماعات‪ .‬وقد أكد الدستور‬
‫املغربي لسنة ‪ 2011‬على أن القانون يضمن حق امللكية‪ ،‬والتي ال يمكن الحد من نطاقها وممارستها إال‬
‫بموجب القانون‪ ،‬وإذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد ذلك‪ .1‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬ال يمكن نزع امللكية إال في حاالت محددة ووفق الجراءات التي ينص عليها القانون‪.2‬‬

‫وعليه يمكن القول‪ ،‬دون تحفظ‪ ،‬بأن الحق في امللكية ليس مطلقا‪ ،‬وإنما يبقى مقيدا بالقانون‪.‬‬
‫وقد أصبح ال ينظر إلى امللكية الخاصة على أنها ميزة للفرد فحسب‪ ،‬بل كذلك لها وظيفة اجتماعية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد أجاز القانون نزع ملكية الخواص من أجل املنفعة العامة على اعتبار السبق املنطقي‬
‫لألخيرة على مصالح الخواص‪.‬‬

‫غير أن القضاء الداري‪ ،‬سواء الفرنس ي أو املغربي‪ ،‬أصبح منذ مدة ال ينظر لقرارات نزع امللكية‬
‫من أجل املنفعة العامة نظرة مجردة‪.3‬فال يوافق القاض ي الداري على القرارات املتعلقة بها إال بعد‬
‫النظر فيما يعود به القرار من فائدة تحقق أكبر قدر من املصلحة العامة وذلك عن طريق املوازنة بين‬
‫الفوائد التي يحققها املشروع املزمع إنشاؤه واملصالح الخاصة التي سيمس بها‪ ،‬وبالتالي تقييم قرار نزع‬
‫امللكية على ضوء مزاياه وسلبياته واملقارنة بين املصالح املتعارضة لإلدارة والخواص املنزوع ملكيتهم‪،‬‬
‫كل ذلك في نطاق املشروعية املخولة لقاض ي اللغاء‪.4‬‬

‫تفيد هذه املقدمات بأن مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة التي تلجأ لها األشخاص‬
‫املعنوية العامة تنطوي لوحدها على مجموعة من الشكاالت‪ ،‬فباألحرى إن تم ربطها بخصوصية‬
‫املسطرة املذكورة لدى الجماعات الترابية‪ ،‬خاصة إذا علمنا بأن الهيئات الالمركزية يمكنها اللجوء‬

‫‪1‬الفصل ‪ 35‬من الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 30‬يوليوز ‪ ،2011‬ص‪.3621 ،‬‬
‫‪ 2‬القانون رقم ‪ 7.18‬املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 1.81.254‬بتاريخ في ‪ 6‬ماي‬
‫‪ ،1982‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،3685‬بتاريخ ‪ 15‬يونيو ‪ ،1983‬ص‪.980 ،‬‬
‫‪ 3‬يونس أبالغ‪ ،‬كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة‪ ،‬منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد‬
‫‪ ،149‬نونبر‪ -‬دجنبر ‪ ،2019‬ص‪.292 ،‬‬
‫‪4‬يونس أبالغ‪ ،‬الرأي االستشاري في ميدان التعمير‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫بالرباط‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسال‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2018 /2017‬ص‪.204 ،‬‬

‫‪2‬‬
‫للمسطرة املذكورة لحداث بعض املرافق العامة حتى ولو لم يتم تخصيصها بموجب وثائق التعمير ‪،5‬‬
‫وأن قرارات نزع امللكية التي تتخذها هذه الوحدات الترابية تختلف من حيث اآلجاالت عن القرارات‬
‫التي تتخذها باقي أشخاص القانون العام على اعتبار أن لجوء الوحدة الترابية للمسطرة املذكورة يبقى‬
‫مقرونا بمداولة مجلس الجماعة الترابية وكذا مسطرة التأشير على مقرر املجلس مع التريث بعد ذلك‬
‫حتى لدورة مجلس الجماعة الترابية األخيرة في السنة املالية (دورة امليزانية) حتى يمكن التداول بشأن‬
‫االعتماد املخصص لتعويض املنزوعة ملكيته على إثر إدراج قيمة التعويض الذي حددته اللجنة‬
‫الدارية للتقويم في ميزانية الجماعة الترابية للسنة املالية املقبلة‪.6‬‬

‫تاريخيا‪ ،‬نظم املشرع املغربي مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة بمجموعة من‬
‫القوانين كظهير ‪ 31‬غشت ‪ ،1914‬وظهير ‪ 3‬أبريل ‪ 1953‬وكان آخرها بموجب القانون رقم ‪ 7.81‬املذكور‬
‫الصادر بموجب الظهير الشريف ‪ 16‬أبريل ‪ .1982‬هذا األخير ينظم مسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة‬
‫العامة‪ ،‬تضمن قواعد جديدة لم تكون متضمنة في القوانين السابقة‪ ،‬وكذا بعض األحكام التي يجب‬
‫أن تتقيد بها الدولة والجهات األخرى التي لها امتياز ممارسة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة مع‬
‫ضمان حق التعويض للمنزوعة ملكيته‪.‬‬

‫وفي هذا الطار‪ ،‬سبق للفصل ل ‪ 3‬من قانون نزع امللكية املذكور أعاله بأن أكد على أنه "يخول‬
‫حق نزع امللكية إلى الدولة والجماعات املحلية (حاليا الترابية)وإلى األشخاص املعنويين اآلخرين الجارية‬
‫عليهم أحكام القانون العام أو الخاص أو األشخاص الطبيعيين الذين تفوض إليهم السلطة العامة‬
‫حقوقها للقيام بأشغال أو عمليات معلن أنها ذات منفعة عامة "‪.‬‬

‫من خالل الفصل أعاله يتبين بأن الجماعات املحلية (حاليا الترابية) هي أيضا من األشخاص‬
‫العامة التي منح لها املشرع امتياز نزع امللكية لتحقيق مشاريع ذات النفع العام على اعتبار أن‬
‫الجماعات الترابية هي شخص من أشخاص القانون العام وتمثل النظام الالمركزي الداري الذي يقوم‬
‫عليه املغرب في تنظيمه الداري‪ .‬وقد كان من الطبيعي أن يمنح املشرع تلك الوحدات الترابية امتياز‬

‫‪5‬يونس أبالغ‪ ،‬محاضرات في قانون التعمير‪ ،‬ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية‪ ،‬الفصل الثاني‪ ،‬السنة الجامعية ‪/2019‬‬
‫‪.2020‬‬
‫‪6‬يونس أبالغ‪ ،‬محاضرات في قانون التعمير‪ ،‬نفس املرجع‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫سلطة نزع امللكية من أجل تحقيق مشاريع تنموية على الصعيد الترابي لكل جماعة إذا تطلب ذلك‬
‫املشروع نزع ملكية الخواص‪.‬‬

‫ونظرا لطبيعة املوضوع‪ ،‬سيتم االقتصار على مسطرة نزع امللكية التي تباشرها الجماعات‬
‫الترابية وفق القوانين املذكورة سلفا‪ .‬وفي هذا الصدد تم اختيار هذه الجزئية اعتبارا ملا تحظى به تلك‬
‫الوحدات الترابية من خصوصية عن باقي أشخاص القانون العام بكونها خاضعة لسلطة الوصاية‬
‫(حاليا املراقبة الدارية) فإنها ملزمة بسلوك إجراءات خاصة إلى جانب تلك الواردة بتلك القوانين‪،‬‬
‫والتي ليست لها نفس الصيغة القانونية لهذا األخير بقدر ما لها من صيغ تنظيمية واردة بالدليل‬
‫العملي للجماعات الترابية الصادرة لدى السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية‪.‬‬

‫في جانب آخر يؤكد كل من الدستور املغربي في الفصل ‪ ،35‬وكذا الفصل األول من قانون نزع‬
‫امللكية أن هذه األخيرة ال يمكن اللجوء إليها إال إذا أعلنت املنفعة العامة‪ .‬كما أن املشرع املغربي لم‬
‫يحدد ويحصر املنفعة العامة‪ .‬وقد اعتبر املصادقة على التصاميم العمرانية املنصوص عليها في قانون‬
‫التعمير بمثابة إعالن عن املنفعة العامة‪ ،‬تستوجب نزع امللكية الخواص وربط التعويض عنها‬
‫بالقانون رقم ‪ 7.81‬الذي يعتبر القانون األساس ي لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة‪.‬‬

‫إن الجماعات الترابية تتدخل لعالن املنفعة العامة بموجب وثائق التعمير‪ .‬كما أنها تعمل على‬
‫نزع ملكية الخواص من أجل تنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬وفي بعض األحيان لحداث بعض التخصيصات‬
‫غير ورادة في تصميم التهيئة كاملتعلقة منها بقرارات تخطيط الطرق العامة‪ .‬لذلك يمكن القول إن‬
‫املسطرة التي تلجأ لها في هذا الشأن تتميز متميزة‪ ،‬مما نتج عنها في الواقع العملي مجموعة من‬
‫الكراهات املرتبطة بمسطرة نزع امللكية‪ ،‬والتمويل املالي‪ ،‬وأخرى مرتبطة بالعقار محل نزع امللكية‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬و ضمانا لعدم الضرار باملنزوعة ملكيتهم تحت ذريعة املنفعة العامة‪ ،‬فقد‬
‫أقر القضاء رقابة قضائية على املقررات املتعلقة بإعالن املنفعة العامة‪ ،‬خاصة و أن أغلب‬
‫الجماعات الترابية تخرق القانون املعمول به في نزع امللكية و تنحرف في استعمال سلطتها وتعتدي على‬
‫ملك الخواص‪ ،‬و كذا التعويض الذي تمنحه الجهات املختصة بتحديد التعويض حتى ال يتم إهدار‬
‫حقوق املالكين‪ ،‬ألن معظم الدعاوي أيضا ضد الجماعات الترابية تكون بسبب قيمة التعويض التي‬

‫‪4‬‬
‫تعكس الثمن الحقيقي للعقار مما يجعل املنزوعة ملكيتهم ال يقبلون بالتعويض األول و يطرقون باب‬
‫القضاء لينصفهم‪.‬‬

‫من هنا‪ ،‬يتبين بأن مسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة التي تباشرها الجماعات الترابية‬
‫تتميز بنوع من الخصوصية عن باقي أشخاص القانون العام‪ ،‬باعتبار أن الوحدات الترابية تخضع‬
‫ملراقبة السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية‪ ،‬وعند قيامها بمسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة‬
‫فهي ملزمة بالتقيد بأحكام قانون نزع امللكية رقم ‪ 7.81‬وكذا بقوانين أخرى لها صيغة تنظيمية الواردة‬
‫في الدليل العملي للجماعات الترابية التي تصدره السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية‪ ،‬فضال عن‬
‫مضامين القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لسنة ‪ ،2015‬رقم ‪ 111.14‬ورقم ‪ 112.14‬ورقم‬
‫‪ 113.14‬املتعلقين على التوالي بالجهات و بالعماالت واألقاليم وبالجماعات‪.7‬‬

‫وتتجلى خصوصية أخرى للمسطرة لدى الجماعات الترابية فيما تقوم به الهئيات الالمركزية‬
‫الترابية بخصوص عملها على تنفيذ وثائق التعمير‪.‬كما تظهر هذه الخصوصية بشأن تلك املوارد املالية‬
‫املخصصة للتعويض عند قيام الوحدات الترابية بمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة‪ ،‬بحيث‬
‫إن مسطرة نزع امللكية تستوجب معها تعويض املنزوعة ملكيتهم مما يحتم على الجهة نازعة امللكية‬
‫أن تضع مبلغا ماليا مهما للتعويض جراء عملية النزع الذي ستقوم بها‪ ،‬هذا ما نالحظه يغيب في الواقع‬
‫لدى الجماعات الترابية‪.‬‬

‫وبصرف النظر عن الصعوبة الناتجة عن دقة املوضوع املتجلية في خصوصية مسطرة نزع‬
‫امللكية لدى الجماعات الترابية‪ ،‬فإن هناك مجموعة من الصعوبات التي واجهتنا من أجل تسليط ما‬
‫يكفي من الضوء على كل جوانب إشكاليات املوضوع‪ ،‬خاصة ندرة املراجع املتخصصة‪ .‬وفضال عن‬
‫ذلك فإن الملام و الحاطة به بشكل كلي تحتاج في حقيقة األمر إلى دارسين وخبراء في هذا املجال‬
‫ملناقشته من جميع جوانبه‪.‬‬

‫‪ -7‬القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬املتعلق بالجهات‪ ،‬الص ااادر بتنفيذه الظهير الش ااريف رقم ‪ ،1.15.83‬الجريدة الرس اامية عدد ‪ ،6380‬بتاريخ ‪23‬‬
‫يوليوز ‪ ،2015‬ص‪6585 ،‬؛‬
‫‪ -‬القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬املتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬الص ااادر بتنفيذه الظهير الش ااريف رقم ‪ ،1.15.84‬الجريدة الرس اامية عدد ‪،6380‬‬
‫بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪ ،2015‬ص‪6625 ،‬؛‬
‫‪ -‬القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬املتعلق بالجماعات الص ا ا ااادر بتنفيذه ظهير ش ا ا ااريف رقم ‪ ،1.15.85‬الجريدة الرس ا ا اامية عدد ‪ ،6380‬بتاريخ ‪23‬‬
‫يوليوز ‪ ،2015‬ص‪.6660 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫إضافة لذلك‪ ،‬فحتى مع عدة زيارات قمت بها‪ ،‬رغم ظروف حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬لعدة‬
‫جماعات ترابية في قسم التعمير وقسم املمتلكات‪،‬فلم تتم إفاداتي بأي معلومات على اعتبار أن حتى‬
‫موظفو الجماعات الترابية ال يفهمون املسطرة بالشكل الجيد‪.‬‬

‫وقد كان االهتمام بالدراسات املتعلقة بتدبير الشأن الترابي وحكامته الجيدة دافعا أساسيا‬
‫لتسليط الضوء على هذا الجانب الذي ال زال غامضا في التدبير العمومي الترابي‪.‬فالوحدات الترابية‬
‫وقضاياها أصبحت يوما بعد تثير االهتمام لدى الدارسين‪ ،‬خاصة أن اململكة ما فتئت تريد ترفع بها‬
‫لتصبح جماعات ترابية رائدة في تدبيرها ألمورها واختصاصاتها‪ .‬مما جعلنا نفكر في موضوع نزع امللكية‬
‫التي تقوم به الجماعات الترابية‪ ،‬إشكاليته والخصوصية التي تميزه عن املواضيع العامة التي تقوم بها‬
‫الدولة بإدارتها املركزية وغير املمركزة ومؤسساتها املرفقية‪ .‬إن إشكالية خصوصية مسطرة نزع امللكية‬
‫من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية‪ ،‬وإن كانت تحتم دراسة الجراءات التي تقوم بها‬
‫الوحدات الترابية عند مباشرتها ملسطرة نزع امللكية‪ ،‬سواء في الحاالت العادية أو في حالة وجود وثائق‬
‫التعمير‪ ،‬فإنها مع ذلك تستوجب إبراز األسس املسطرية التي تميز لجوء الجماعات الترابية لنزع امللكية‬
‫من أجل املنفعة العامة عن باقي أشخاص القانون العام‪ ،‬ومن جهة ثانية كيفيات قيام الجماعات‬
‫الترابية بمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة سواء في ظل تطبيق املقتضيات الواردة في وثائق‬
‫التعمير‪ ،‬أو حتى خارج القيود الواردة فيها‪ ،‬وأساسا في تصميم التهيئة‪.‬‬

‫وطاملا أن هناك نصا قانونيا واحدا مع مرسومه التطبيقي‪ ،8‬وهو القانون رقم ‪ 7.81‬الخاص‬
‫بمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة لكل أشخاص القانون العام؛ فإن الجواب عن الشكالية‬
‫أعاله يحتم وجوبا اعتماد املنهج املقارن على اعتبار أنه وحده الكفيل بالسماح ملقارنة مسطرة نزع‬
‫امللكية من أجل املنفعة العامة التي تقوم بها الجماعات الترابية مع املسطرة التي تقوم بها الدولة‬
‫واملؤسسات العمومية‪ ،‬وبالتالي رصد الخصوصية لدى الجماعات الترابية وهيئاتها‪ .‬وفضال عن ذلك‬
‫سيتم استخدام املنهج التاريخي ألنه وحده الكفيل برصد أهم التطورات التاريخية للنصوص‬
‫القانونية املتعلقة بنزع امللكية والقوانين ذات الصلة باملوضوع‪ .‬فالجماعات الترابية عرفت تطورا‬

‫‪ - 8‬املرس ا ا ا ااوم رقم ‪ 2.82.382‬بتاااريخ ‪ 16‬أبرياال ‪ 1983‬بتطبيق الق اانون رقم ‪ 7.18‬املتعلق بنزع امللكيااة ألجاال املنفعااة العااامااة وباااالحتالل املؤقاات‪،‬‬
‫الرسمية عدد ‪ ،3685‬بتاريخ ‪ 15‬يونيو ‪ ،1983‬ص‪.988 ،‬‬

‫‪6‬‬
‫قانونيا تاريخيا ملحوظا‪ .‬في حين أن النص القانوني الخاص بمسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة‪،‬‬
‫ال زال يعود من الناحية التاريخية إلى بداية ثمانينات القرن املاض ي‪ ،‬لذلك وجب القول بأن املنهج‬
‫التاريخي واجب التطبيق للجواب عن إشكالية خصوصية مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة‬
‫لدى الجماعات الترابية‪.‬‬

‫يتحقق الجواب عن الشكالية عبر فصلين‪ .‬تدور مضامين األول حول األسس التي تميز‬
‫مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية محاولة منا الحاطة بأهم ما يتعلق‬
‫باألسس الجرائية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية وخصوصياتها في الحاالت العادية وفي‬
‫ظل وثائق التعمير أو خارج املقتضيات الواردة بها (فصل أول)‪ .‬وفي هذا الطار لن يتم الملام بمحاور‬
‫املوضوع إجابة عن الشكالية إلى من خالل تسليط الضوء على التطبيقات املسطرية لنزع امللكية من‬
‫أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ضوء حلول القضاء مع رصد أهم التطورات الرقابية‬
‫التي عرفها االجتهاد القضائي املغربي في مجال نزع امللكية على الجماعات الترابية (فصل ثان)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أسس تمييزمسطرة نزع‬
‫امللكية من أجل املنفعة العامة لدى‬
‫الجماعات الترابية‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أسس تمييزمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية‬

‫تعد مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة طريقا استثنائيا تلجأ إليه أشخاص القانون‬
‫العام الكتساب أراض ي وعقارات الخواص لتنفيذ املشاريع العامة وال يجوز القيام بها إال إذا أعلنت‬
‫املنفعة العامة وذلك احتراما للمبدأ الدستوري املنصوص عليه في الفصل ‪ 35‬من الدستور الذي‬
‫بموجبه يضمن وبقوة القانون حق امللكية‪ ،‬التي ال يمكن الحد من نطاقها وممارستها إال إذا اقتضت‬
‫ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد‪.‬‬

‫وقد حدد الفصل ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية واالحتالل املؤقت الكيانات‬
‫القانونية التي سمح لها القانون بهذا االمتياز من بينها الجماعات الترابية بحيث جاء في هذا الفصل "‬
‫يخول حق نزع امللكية إلى الدولة والجماعات املحلية (الترابية) وإلى األشخاص املعنويين اآلخرين‬
‫الجارية عليهم أحكام القانون العام ‪."...‬‬

‫كما جاء في الفصل األول من القانون املذكور أعاله " إن نزع ملكية العقارات كال أو بعضا أو‬
‫ملكية الحقوق العينية العقارية ال يجوز الحكم به إال إذا أعلنت املنفعة العامة‪ ،‬و ال يمكن إجراؤه‬
‫إال طبق الكيفيات املقررة في هذا القانون مع مراعاة االستثناءات املدخلة عليه كال أو بعضا بموجب‬
‫التشريعات الخاصة "‪.‬‬

‫و انطالقا من الفصل أعاله يتبين أن نزع امللكية ال يمكن مباشرتها إال انطالقا من إجراءات قانونية‬
‫يحددها القانون لذلك سنخصص هذا الفصل للتطرق إلى األسس الجرائية لقيام الجماعات الترابية‬
‫بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة ( املبحث األول )‪.‬‬

‫كما أن نزع امللكية و استنادا إلى الفصل األول من القانون املنظم لهذه األخيرة فنزع ملكية الخواص ال‬
‫يجوز الحكم به إذا أعلنت املنفعة العامة‪ ،‬و تعتبر وثائق التعمير بمثابة إعالن عن املنفعة العامة‪ ،‬و‬
‫تتدخل الجماعات الترابية في عملية إعداد و تنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬كما أنها عند إعداد برامجها و‬
‫ممارسة اختصاصاتها تعود إلى وثائق التعمير السارية املفعول مما يجعل تدخل الجماعات الترابية‬
‫لإلعالن عن املنفعة العامة في ظل وثائق التعمير تتميز بخصوصية‪ .‬األمر الذي جعلنا نتطرق لألسس‬

‫‪9‬‬
‫املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق‬
‫التعمير ( مبحث ثان)‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬األسس الجرائية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة‬

‫يمكن للجماعات املحلية (الجماعات الترابية حاليا ) أن تطبق مسطرة نزع امللكية القتناء‬
‫عقارات يستوجبها إنجاز مشاريع اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية ذات منفعة عامة يصعب أو‬
‫يستحيل اقتناؤها بالتراض ي‪.‬‬

‫وفي هذا الطار‪ ،‬يكمن هذا االمتياز في إجبار مالكي العقارات‪ ،‬و غيرهم ممن بيدهم حقوق في‬
‫العقارات الالزمة للمشاريع املزمع إنجازها‪ ،‬على التخلي عن ملكية عقاراتهم و حقوقهم لفائدتها‪،‬‬
‫برضاهم أو رغما عن إراداتهم في حالة وجود مانع قانوني أو واقعي يحول دون إبرام هذا التراض ي‪.9‬‬

‫لهذا‪ ،‬تسلك الجماعات الترابية أوال املرحلة الدارية لقيامها بنزع امللكية من أجل املنفعة‬
‫العامة (املطلب األول)‪ .‬و إذ لم ي تف االتفاق و التراض ي بين الخواص و الجماعة الترابية املعنية بنزع‬
‫امللكية تسلك املرحلة املوالية و هي املرحلة القضائية ( مطلب ثان)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬املرحلة الدارية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة‬

‫تعتبر املرحلة الدارية هي املرحلة األولى ملباشرة مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة‪،‬‬
‫و ترمي هذه الجراءات الدارية بالخصوص إلى وضع الضمانات القانونية التي تستهدف الحفاظ على‬
‫األموال العامة و الحفاظ على حقوق الخواص املعنيين بأمر نزع امللكية ألجل املنفعة العامة من جهة‬
‫أولى‪ ،‬و إلى التمهيد إلى املرحلة القضائية في أحسن الظروف و األحوال‪ ،‬من جهة ثانية ‪.10‬‬

‫‪ -9‬دليل أمالك الجماعات املحلية‪ ،‬اململكة املغربية‪ -‬وزارة الداخلية – املديرية العامة للجماعات املحلية‪ ،‬سلسلة دليل املنتخب‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ، 2009‬الصفحة ‪.18‬‬
‫‪ -10‬محمد الكشبور " نزع امللكية ألجل املنفعة العامة قراءة في النصوص وفي مواقف القضاء" طبعة ثانية محينة و مزيدة و منقحة ‪،2007‬‬
‫الصفحة ‪،.46‬‬

‫‪10‬‬
‫و يعد العالن عن قرار املنفعة العامة و التخلي من لدن الجماعات الترابية (الفقرة األولى) أول مرحلة‬
‫تقوم بها الجماعة الترابية املعنية‪ ،‬و بعدها تتم إحالة مشروع املرسوم على السلطة الحكومية املكلفة‬
‫بالداخلية للمصادقة عليه و بعدها تنفيذه من قبل رئيس مجلس الجماعة املعنية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬العالن عن قراراملنفعة العامة و التخلي من لدن الجماعات الترابية‬

‫إن أول إجراء تقوم به الجهة نازعة امللكية في املرحلة الدارية هو العالن عن املنفعة العامة ألن هذه‬
‫األخيرة هي التي تبيح نزع ملكية الخواص‪ ،‬ثم العالن عن مقرر التخلي‪ .‬لذلك خصصنا هذه الفقرة‬
‫لنبين كيف تعلن الجماعة الترابية املعنية عن قرار املنفعة العامة (فرع أول)‪ .‬ثم إجراءات إعالن عن‬
‫مقرر التخلي من قبل تلك الوحدة الترابية (فرع ثان)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إعالن الجماعة الترابية املعنية عن قراراملنفعة العامة‬

‫اعتبارا أن تحقيق املنفعة العامة هو الذي يبيح نزع امللكية للخواص‪ ،‬فإن أول إجراء إداري‬
‫تتخذه السلطة العامة لهذا الغرض يتمثل في إصدار املقرر القاض ي بإعالن املنفعة العامة‪ .‬وقد نص‬
‫الفصل السادس من القانون املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت رقم ‪" : 7.81‬‬
‫تعلن املنفعة العامة بقرار إداري يعين املنطقة التي يمكن نزع ملكيتها"‪ ،‬كما نص الفصل األول من‬
‫املرسوم امللكي التطبيقي لهذا القانون على أنه‪ " :‬تطبيقا للفصل ‪ 6‬من القانون رقم ‪ 7.81‬املشار إليه‬
‫تعلن املنفعة العامة بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير املعني باألمر "‪.‬‬

‫ال يثير حق طلب إعالن املنفعة العامة أية إشكالية تذكر ما دام املبدأ هو أن السلطة التي‬
‫ستقوم بعملية نزع امللكية هي التي تختص أصال بطلب إعالن املنفعة العامة ‪ ،‬واعتمادا على ما سبق‬
‫فإن الجهة املختصة بطلب إعالن املنفعة العامة تختلف بحسب األحوال من حالة إلى أخرى حسب‬
‫ما يتعلق األمر بنقل ملكية العقارات التي سوف تنزع إلى ملك الدولة العام أو إلى ملكيها الخاص أو إلى‬
‫ملكها الغابوي أو إلى إحدى املؤسسات العمومية أو إلى ملك إحدى الجماعات الترابية أو إلى ملك‬
‫شخص طبيعي أو معنوي يخضع ألحكام القانون العام‪.11‬‬

‫‪11‬حسن العفوي " مسطرة نزع امللكية في التشريع املغربي" الندوة الجهوية الثالثة لوزارة العدل‪ -‬مراكش أيام ‪ 22-21‬مارس‪ ،‬مطبعة األمنية‬
‫الرباط‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وبالنسبة للجماعات الترابية التي تقوم بنزع امللكية يجب أن تطلب املنفعة العامة بعد مناقشة‬
‫املشروع في اجتماع للمجلس وحصوله على إذن بذلك من الوزارة الوصية طبقا ألحكام املادة ‪ 31‬من‬
‫الظهير الخاص بالتنظيم الجماعي الصادر في ‪ 30‬شتنبر ‪.121976‬‬

‫لكن الشكالية املطروحة هو أن املشرع املغربي لم يتطرق إلى ماهية املنفعة العامة وهو بصدد‬
‫إعمال قانون نزع امللكية ألجل املنفعة العامة وترك ذلك لإلدارة نازعة امللكية إعالن املنفعة العامة‬
‫وفق ما تقتضيه املصلحة العامة‪ ،‬مما جعل من داللة هذه األخيرة داللة فضفاضة وغير واضحة قد‬
‫يكون ظاهرها يهدف إلى تحقيق املنفعة العامة لكن في حقيقة أمرها ما هي إال صورة لخلفيات‬
‫مدسوسة بسبب تصفيات حسابات ضيقة غايتها النتقام من األفراد املنزوعة ملكيتهم‪ .‬وبالفعل يقع‬
‫ذلك على مستوى تنفيذ قرارات نزع امللكية املتخذة من قبل الجماعات الترابية في حق املنزوعة‬
‫ملكيتهم بهدف ابتزازهم والتأثير فيهم بغيت إرغامهم على املفاوضات مقابل تحرير عقاراتهم من شبح‬
‫املنفعة العامة‪.‬‬

‫وقد جاء في الفصل ‪ 6‬من قانون نزع امللكية رقم ‪ " :7. 81‬تعلن املنفعة العامة بمقرر إداري‬
‫يعين املنطقة التي يمكن نزع ملكيتها"‬

‫فالجماعات الترابية قد تتخذ مقررين إداريين منفصلين كما يلي‪:‬‬

‫األول في املرحلة األولى‪ :‬يعلن بموجبه عن املنفعة العامة للمشروع الذي ترغب الجماعة في‬
‫إنجازه مع تحديد املنطقة التي يمكن أن تكون موضوع نزع امللكية ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬في مرحلة الحقة وجوبا خالل مدة صالحية املقرر األول تحدد فيه جميع العقارات‬
‫الواقعة في املنطقة املعينة في التصميم امللحق باملقرر األول‪.13‬‬

‫ولإلشارة فإن نزع امللكية يتم في الغالب عبر اتخاذ مقرر واحد لبساطته ويكون كما يلي‪:‬‬

‫‪ -12‬ذ حسن العفوي‪ ،‬نفس املرجع األخير ‪.‬‬


‫‪ -13‬دليل أمالك الجماعات املحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪19‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬اتخاذ مقرر إداري واحد‪ :‬يعلن بموجبه عن املنفعة العامة للمشروع‪ ،‬تعين فيه العقارات املراد‬
‫نزع ملكيتها مع تبيان مكوناتها ومساحتها ومراجعها العقارية وأسماء من يحتمل أن يكون ملكين‬
‫لها‪.14‬‬

‫ومن هنا نتساءل عن ماهية املقرر الداري املتعلق بإعالن عن املنفعة العامة وما أهدافه ؟!‬
‫فجاء في الفصل االول من املرسوم التطبيقي رقم ‪ 2 .82 .382‬بتاريخ ‪ 1983‬بأن‪ " :‬املقصود باملقرر‬
‫الداري في قانون نزع امللكية ألجل املنفعة العامة هو ذلك املرسوم الذي يتخذ باقتراح من الوزير‬
‫املعني باالمر" ‪ .‬والفصل ‪ 6‬من قانون نزع امللكية رقم ‪ 7.81‬حدد ماهية املنفعة العامة كما هو مذكور‬
‫أعاله ‪،‬ثم الفصل ‪ 28‬من القانون التعمير رقم ‪ 12. 90‬الذي جاء فيه‪ " :‬يعتبر النص القاض ي باملوافقة‬
‫على تصميم التهيئة بمثابة إعالن عن املنفعة العامة " ‪ .‬كما أن املادة ‪ 29‬من نفس القانون تعتبر بأن‬
‫تصميم التهيئة بمثابة قرار يعين فيه األرض مراد نزع ملكيتها ‪.‬هذا وفي إحالة إلى املادة ‪ 34‬من القانون‬
‫‪ 12. 90‬نجد أن قرارات تخطيط حدود الطرق العامة بمثابة إعالن بأن املنفعة العامة تقض ي انجاز‬
‫العمليات املنصوص عليها فيها ‪ .‬ومن خالل اضطالعنا على هذه النصوص القانونية يتبين لنا بأن‬
‫املشرع املغربي لم يتطرق لتحديد دقيق في تفسير ماهية املنفعة العامة في قرارات العالن عن املنفعة‬
‫العامة بمناسبة سلوك النزع املباشر‪ ،‬ال في قانون نزع امللكية و ال في قانون التعمير‪.‬‬

‫على هذا األساس نرى أنه ال يجب منح كامل الصالحيات لإلدارة نازعة امللكية في تقدير العالن‬
‫عن املنفعة العامة بمفهومها الواسع‪ ،‬و ال نخفي رغبتنا في أن يعمل املشرع املغربي على إعادة النظر‬
‫في تحديد و تعريف ماهية املنفعة العامة بتضمين القانون ما يفيد بيانها‪ ،‬و قبل ذلك تكوين لجنة من‬
‫أهل االختصاص تبث فيما يمكن أن يدخل فيما هو فعال منفعة عامة مما هو دون ذلك‪ ،‬و ليث عمل‬
‫املشرع إلى وضع الئحة تتضمن جميع املشاريع ذات النفع العام حتى ال يدع لإلدارة هامشا للعبث‬
‫بحقوق االغيار تحت ذريعة املنفعة العامة ‪ .15‬ألن واقع املمارسة تطوله مجموعة من الخروقات‬
‫السافرة تحت مضلة املنفعة العامة‪ ،‬فترك املشرع باب املنفعة العامة لسلطة الدارة تعتريه مجموعة‬
‫من الشكاليات املخلة بالتطبيق السليم للقانون‪ ،‬فالعالن عن املنفعة العامة يحتاج‬

‫‪-14‬نفس املرجع األخير‪.‬‬


‫‪ -15‬الزكراوي محمد‪ ،‬مقال " فصل الخطاب في موضوع نزع امللكية ألجل املنفعة العامة بين سندان مشروعية املسطرة و مطرقة فعل االعتداء‬
‫املادي " مجلة منازعات األعمال ‪ ،‬العدد ‪ 19‬دجنبر ‪2016‬‬

‫‪13‬‬
‫إلى دراسات مستفيضة لواقع العقار موضوع النزع املباشر إلى جانب معايير و شروط قانونية و‬
‫واقعية‪ ،‬في احترام تام للقوانين و املرجعيات التنظيمية املقررة في نصوص موازية‪ ،‬ذلك أن مناط‬
‫قانونية و مشروعية تدخل الدارة في مباشرة مسطرة نزع امللكية ال يمكن تصوره إال باسم املنفعة‬
‫العامة الذي يبرر تدخل الدارة في مباشرة املسطرة بل إ ن مقدار هذا التدخل يتحدد بمدى تحقيق‬
‫املنفعة العامة من وراء تصرفها‪ ،‬لذلك نرى أنه أصبح الزما على املشرع املغربي إعادة النظر في ترتيب‬
‫اآلثار املترتبة عن العالن عن املنفعة العامة و تحديدها تحديدا دقيقا للمشاريع ذات النفع العام بما‬
‫يفيد منحها تلك الصفة‪ .‬فقد تضيع من وراء خلفياتها حقوق األغيار عند مباشرة مسطرة نزع امللكية‬
‫في غياب تام لفكرة املنفعة العامة و التي يحتمل أن تكون ستارا و شماعة تعلق الدارة عليها تمرير‬
‫قرارتها املشوبة بعيب املشروعية أو تجاوزا للسلطة‪ .16‬فالكثير من الجماعات الترابية تسطو على‬
‫عقارات الخواص في خرق سافر ملقتضيات قانون نزع امللكية و دونما إيالء أي اهتمام بفحوى املساطر‬
‫املتبعة في هذا الشأن بدعوى إقامة مشاريع ذات نفع عام في حين أن خلفيات سياسية و تصفية‬
‫حسابات ضيقة تكون هي األصل في انتزاع عقارات الغير و االستيالء عليها بدون تحقق املنفعة العامة‬
‫من وراء ذلك‪ .‬كما أن شطط بعض رؤساء الجماعات الترابية يمتد إلى حد مساومة األفراد املفترض‬
‫نزع ملكيتهم بخصوص إعفاء عقاراتهم من واقع النزع ألجل املنفعة العامة مستغلين بذلك جهل و‬
‫بساطة و عدم قدراتهم على مواجهتهم بسبب ضيق إمكانياتهم املادية‪ ،‬إذ كيف نفسر أن معظم‬
‫األراض ي املشمولة بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة تشمل فقط فئة عريضة من بسطاء الناس فقط‬
‫لعدم قدرتهم في مواجهة الدارة نازعة امللكية‪.17‬‬

‫إن العديد من الجماعات الترابية أعلنت و في مرات عديدة قرارات املنفعة العامة و تم تعيين‬
‫األراض ي املراد نزع ملكيتها و مرت سنين طويلة عن تاريخ العالن عن املنفعة العامة دونما إنشاء تلك‬
‫املشاريع ذات النفع العام لتترك بذلك مصير عقارات األفراد معلقة ال هي مستغلة و ال هي متصرف‬
‫فيها‪ ،‬و هذا يتناقض مع األهداف التي سطرتها الدولة و املناظرة الوطنية حول إصالح السياسة‬
‫العقارية و دمج العقارات في الدورة االقتصادية من أجل تحقيق التنمية املنشودة‪.18‬‬

‫‪ -16‬نفس املرجع األخير‪.‬‬


‫‪ -17‬نفس املرجع األخير ‪.‬‬
‫‪-18‬نفس املرجع‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫واستثناء مما سلف تطبق مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية بشكل جزئي‪ ،‬باتخاذ‬
‫مقرر يقض ي بالتخلي مباشرة‪ ،‬و االستغناء عن قرار العالن عن املنفعة العامة في حالة تنصيص‬
‫تصميم التهيئة على املشروع املرغوب في إنجازه بدقة‪ ،‬و كون هذا املشروع يعتبر من قبيل املشاريع‬
‫ذات املنفعة العامة‪ ،‬شريطة أن يكون هذا التصميم مصادق عليه‪ ،‬و ما يزال ساري املفعول ‪.19‬‬

‫وفي هذا الصدد تجدر الشارة إلى أن الطريقة املعتمدة في تطبيق العملي تتجلى في إعالن‬
‫املنفعة العامة للمشروع املزمع إنجازه‪ ،‬مع تعيين العقارات املراد نزع ملكيتها في مقرر إداري واحد‪،‬‬
‫يتخذ شكل مرسوم يصدره الوزير األول( رئيس الحكومة حاليا) ‪.20‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إعالن الجماعة التر ابية املعنية عن مقرر التخلي‬

‫يعتبر إعالن مقرر التخلي ثاني إجراء يباشره نازع امللكية أو من فوض له ذلك‪ ،‬فالقرار املعلن‬
‫للمنفعة العامة يعين املنطقة التي سينجزها املشروع الذي ستنزع امللكية من أجله‪ ،‬أما قرار التخلي‬
‫فهو الذي يبين و يحدد بكل دقة األمالك العقارية الواجبة لهذا الغرض ‪.21‬‬

‫و يمكن من الناحية القانونية لنازع امللكية أو من يقوم مقامه أن يستغني عن مقرر التخلي متى تكفل‬
‫القرار الخاص بإعالن املنفعة العامة بصفة مباشرة بتعيين األمالك التي ستقع تحت وطأة إجراءات‬
‫نزع امللكية‪ ،‬و في هذه الحالة يعتبر املرسوم املعلن للمنفعة العامة بمثابة مقرر التخلي في نفس الوقت‬
‫كذلك‪ ،‬فقد نص الفصل السابع من قانون نزع امللكية الجديد على أنه‪ " :‬يمكن للمقرر املصرح‬
‫باملنفعة العامة أن يعين مباشرة األمالك التي يشملها نزع امللكية و إال فإن هذا التعيين يقع بموجب‬
‫مقرر إداري يدعى مقرر التخلي"‬

‫و تتلخص إجراءات مقرر التخلي لدى الجماعات الترابية فيما يلي‪:22‬‬

‫‪ -‬تحديد املشروع املراد إنجازه بدقة ؛‬

‫‪ -19‬دليل أمالك الجماعات املحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.19‬‬


‫‪ -20‬نفس املرجع‬
‫‪ -21‬حسن العفوي ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -22‬دليل أمالك الجماعات املحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.19‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -‬البحث عن العقارات املالئمة لنجاز املشروع و ذاك‪:‬‬

‫* بالرجوع إلى وثيقة التعمير السارية املفعول‪ ،‬للتحقق من مالءمتها للمشروع بالنظر لتوجهات‬
‫الوثيقة املعينة ؛‬

‫* بتشكيل لجنة تقنية يعهد إليها الوعاء العقاري املناسب لنجاز املشروع‪ ،‬بالنظر للنسيج العمراني‬
‫للمنطقة املختارة‪ ،‬و ذلك عند عدم توفر أية وثيقة التعمير ؛‬

‫‪-‬تكوين ملف تقني يتعلق باملشروع‪ ،‬و عرضه على املجلس للتداول بشأنه ؛‬

‫‪ -‬مداولة املجلس الجماعي في املوضوع‪ ،‬و اتخاذ مقرر يوافق بمقتضاه على تطبيق مسطرة إعالن‬
‫املنفعة العامة‪ ،‬و تعيين العقارات املراد نزع ملكيتها لنجاز املشروع املرغوب فيه‪ ،‬مع تحديد املشروع‬
‫الذي تقض ي املنفعة العامة إنجازه فوقها بالكامل الدقة و الوضوح‪ ،‬و بيان عدد العقارات الالزمة و‬
‫نوعيتها و مساحتها‪ ،‬و مراجعها العقارية ؛‬

‫‪ -‬تتولى السلطة املختصة تنفيذ مقرر املجلس املعني ‪ ( :‬الوالي أو العامل‪ ،‬أو رئيس املجلس أو الباشا)؛‬

‫‪ -‬قيام اآلمر بالصرف بإجراءات االشهار التالية‪:‬‬

‫* نشر مشروع املرسوم مسبوق بإعالن يحدد مدة البحث و تاريخ افتتاحه و اختتامه‪ ،‬و يشير إلى‬
‫ايداعه و التصميم امللحق به‪ ،‬مشفوعين بسجل املالحظات و التصريحات بمقر الجماعة‪ ،‬و يقع نشر‬
‫هذا املشروع في كل من الجريدة الرسمية و جريدة يومية من الجرائد املسموح لها بتلقي االعالنات‬
‫القانونية ؛‬

‫‪ -‬تعليق نفس املشروع بمقر الجماعة ؛‬

‫‪ -‬إمكانية اللجوء إلى كل وسيلة أخرى من وسائل العالن املالئمة ؛‬

‫‪ -‬تقييد مشروع املرسوم‪ ،‬حسب الحالة ؛‬

‫*باملحافظة على األمالك العقارية بالنسبة للعقارات املحفظة أو في طور التحفيظ ؛‬

‫*بكتابة الضبط املحكمة الدارية املختصة إذا كان العقار غير خاضع لنظام التحفيظ ؛‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬إجراء بحث علني عن املنافع واملضر ملدة شهرين كاملين ويستحسن زيادة أيام إضافية ‪،‬تالقيا ألي‬

‫نزاع محتمل ؛‬

‫و تتخذ املقررات الدارية الرامية إلى التخلي كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬والي الجهة‪ ،‬كلما تعلق األمر بمشروع يهم جهة‪ ،‬أو عمالة مقر الجهة ؛‬

‫‪ -‬العامل‪ ،‬كلما تعلق االمر بمشروع يهم عمالة أو إقليم ؛‬

‫‪ -‬رئيس املجلس الجماعي‪ ،‬كلما تعلق األمر بمشروع يهم جماعة حضرية أو قروية ؛‬

‫‪ -‬الباشا‪ ،‬كلما تعلق األمر بمشروع يهم جماعة املشور؛‬

‫يجدر التذكير على أنه يتعين إرسال ملف العملية املشار إليه أعاله‪ ،‬إلى وزارة الداخلية‬
‫(مديرية املمتلكات ) قصد دراسته وإعداد مشروع مرسوم نهائي و عرضه على وزير الداخلية ألجل‬
‫التوقيع عليه بالعطف‪ ،‬ثم توجيه امللف إلى األمانة العامة للحكومة للعمل على‪ ،23‬وهذا جانبا مهما‬
‫من خصوصية املسطرة لدى الجماعات الترابية ؛‬

‫‪-‬توقيع مشروع املرسوم من قبل الوزير األول( حاليا رئيس الحكومة) ؛‬

‫‪ -‬نشر النص الكامل للمرسوم في الجريدة الرسمية ؛‬

‫ما يعاب أيضا هذه املرحلة لدى الجماعات الترابية هو أن هذه األخيرة ال تزال خاضعة لوصاية‬
‫وزارة الداخلية بشكل كبير‪ ،‬و هذا مايجعلنا نعتبر بأنها تتنافى و الباب التاسع من الدستور الذي يعتبر‬
‫الجماعات الترابية شخص من أشخاص القانون العام‪ ،‬مستقلة‪ ،‬تدبر شؤونها بكيفية ديمقراطية‪.‬‬
‫إذ كيف لهذه الوحدات الترابية كل مشروع تتقدم به يخضع للدراسة واملصادقة من طرف وزارة‬
‫الداخلية‪ ،‬كما أن هذا يساهم في تعطيل الجراءات الدارية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات‬
‫الترابية باعتبار هناك مديرية املمتلكات لدى وزارة الداخلية واحدة فقط مقارنة مع عدد الجماعات‬

‫‪ -23‬دليل أمالك الجماعات املحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.20/21‬‬

‫‪17‬‬
‫الترابية بمستوياتها الثالث‪ .‬بحيث‪ ،‬يجب على األقل خلق مديريات للممتلكات التابعة لوزارة الداخلية‬
‫على مستوى املصالح الالممركزة في كل جهة من جهات اململكة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬املصادقة على مشروع املرسوم و تنفيذه‬

‫بعد العالن عن املنفعة العامة و مقرر التخلي من قبل الجماعة الترابية املعنية يتعين على‬
‫هذه األخيرة إحالة مشروع املرسوم على السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية باعتبارها الجهة الوصية‬
‫على الجماعات الترابية لكي تتم املصادقة على مشروع املرسوم (الفرع األول)‪ .‬و بعد املصادقة يتم‬
‫تنفيذ مشروع املرسوم من قبل اآلمر بالصرف أي رئيس مجلس الجماعة الترابية ( الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬املصادقة على مشروع املرسوم من قبل السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية‬

‫كما أشرنا في الفقرة السابقة على أن مشروع نزع امللكية لدى الجماعات الترابية يخضع‬
‫لسلطة الوصاية وزارة الداخلية من أجل دراسته و املصادقة عليه‪ ،‬و هذا ما سنبينه في هذه الفقرة‬
‫بتفصيل أكثر‪ .‬بحيث‪ ،‬يرسل امللف إلى مديرية املمتلكات بوزارة الداخلية باعتبارها الوزارة الوصية‬
‫على الجماعات الترابية قصد دراسة مشروع املرسوم النهائي‪ ،‬و توقيع مشروع املرسوم النهائي من‬
‫طرف وزارة الداخلية‪ ،‬ثم يوجه امللف إلى األمانة العامة للحكومة من أجل توقيع مشروع املرسوم‬
‫النهائي من طرف رئيس الحكومة لكي يتم نشر النص الكامل للمرسوم في الجريدة الرسمية‪.24‬‬

‫و يتكون ملف العملية من الوثائق في ثالث نظائر أصلية‪:‬‬

‫‪ -‬مذكرة تقديم في املوضوع ؛‬

‫‪ -‬محضر مداوالت مجلس الجماعة املحلية ؛‬

‫‪ -‬مشروع مرسوم نهائي يقض ي بإعالن املنفعة العامة و التخلي؛‬

‫‪ -‬تصميم يحدد مواقع العقارات الالزمة‪ ،‬لنجاز املشروع و يرسل حدودها‪ ،‬و يحمل توقيع اآلمر‬
‫بالصرف و املهندس الذي أعده ؛‬

‫‪ -24‬دليل أمالك الجماعات املحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.20‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬شهادة مسلمة من طرف إدارة املحافظة على األمالك العقارية بالنسبة للعقارات الخاضعة لنظام‬
‫التحفيظ‪ ،‬و عند االقتضاء سندات ملكية العقارات غير املحفظة ؛‬

‫‪ -‬مذكرة تبرز رأي الوكالة الحضرية حول مدى مالءمة العقارات للمشروع ؛‬

‫‪-‬نسخة من الدراسة الخاصة بالتأشير على البيئة‪ ،‬كلما تعلق األمر بمشروع ملوث للبيئة ؛‬

‫‪ -‬محضر اللجنة املكلفة بتقويم العقارات الذي حددت فيه قيمة التعويض املستحق للمالكين ؛‬

‫‪ -‬مذكرة تثبت توفر الجماعة الترابية على االعتماد املالي الالزم لتعويض املالكين ؛‬

‫‪ -‬تقرير مفصل يبرز رأي السلطة القليمية حول املشروع ؛‬

‫‪ -‬شهادة تثبت تقييد مشروع املرسوم في السجالت املخصصة لهذه الغاية ؛‬

‫‪ -‬إعالن عن إيداع و نشر مشروع املرسوم الذي تم تعليقه في األماكن املخصصة له ؛‬

‫‪ -‬شهادة بااليداع و النشر و التعليق ؛‬

‫‪ -‬نسخة من الصفحات التي نشر فيها نص املشروع من املرسوم من الجريدة الرسمية و من الجرائد‬
‫املأذون لها بنشر املعلومات القانونية ؛‬

‫‪ -‬سجل املالحظات و التصريحات ؛‬

‫‪ -‬شهادة افتتاح و اختتام البحث عن املنافع و املضر؛‬

‫‪ -‬تقرير حول نهاية البحث العلني عن املنافع و املضار؛‬

‫ومن خالل وثائق ملف العملية الذي تم التطرق إليه أعاله نجد بأنه من بين وثائقه وثيقتين‬
‫مهمتين يعرفان عدة إشكاالت وخروقات‪ .‬أوال كمحضر اللجنة املكلفة بتقويم العقارات‪ ،‬الذي حددت‬
‫فيه قيمة التعويض املستحق للمالكين‪ .‬فهذه اللجنة وقيمة التعويض التي تطرحها تعرف إشكاال‬
‫نظرا لكون اللجنة يكون غير حاضر فيها طرف يمثل املنزوع ملكيته‪ .‬بحيث‪ ،‬يوجد فقط األطراف‬
‫التابعين لنازع امللكية‪ ،‬كما أن قيمة التعويض تكون زهيدة جدا مقارنة قيمة العقار املنزوع مما يجعل‬
‫األطراف ال ينهون املسطرة بشكل اتفاق ودي وبالتراض ي فيلجؤون إلى القضاء‪ ،‬و هذا ما سنوضحه‬
‫‪19‬‬
‫أكثر في املطلب الثاني املخصص للمرحلة القضائية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية‪ .‬كما‬
‫أن ملف العملية من بين وثائقه األساسية مذكرة تثبت توفر الجماعة الترابية على االعتماد املالي الالزم‬
‫لتعويض املالكين‪ ،‬و هذا ما نالحظه يغيب عن أرض الواقع‪ .‬فمن غريب الصدف أن العديد من‬
‫الجماعات الترابية تعمل على مباشرة املساطر املتعلقة بعمليات النزع دونما توفرها على العتمادات‬
‫املالية املرصودة و املخصصة لتعويض و جبر األضرار الالحقة بأصحاب العقارات املنزوعة ملكيته‬
‫مما يجعل من أحكام التعويض بهذا الشأن تعرف إشكالية عدم تنفيذ الدارات النازعة للملكية‬
‫لألحكام و القرارات الصادرة في املوضوع بذريعة صعوبة تنفيذها‪ .‬بينما أن الواقع يفترض في مثل هذه‬
‫الحالة قيام املسؤولية املباشرة لإلدارة التي باشرت املسطرة بشكل معيب‪.25‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تنفيذ املرسوم من قبل اآلمربالصرف ( رئيس مجلس الجماعة )‬

‫لتنفيذ محتوى املرسوم املنشور في الجريدة الرسمية من قبل اآلمر بالصرف يتعين اتخاذ‬
‫التدابير اآلتية ‪:‬‬

‫تطبيق إجراءات الشهار اآلتية‪:‬‬

‫* نشر إعالن في جريدة رسمية او عدة جرائد مأذون لها بنشر العالنات القانونية يشعر للعموم‬
‫بنشر النص املرسوم القاض ي بإعالن املنفعة العامة و بالتخلي ؛‬

‫‪ -‬تعليق النص الكامل للمرسوم املنشور في الجريدة بمقر الجماعة ؛‬

‫‪ -‬اتخاذ كافة تدابير الشهار األخرى املالئمة عند االقتضاء ؛‬

‫‪ -‬العمل على تسوية الوضعية القانونية و املالية للقطع األرضية موضوع العمومية‪ ،‬داخل األجل‬
‫املحدد قانونا‪ ،‬و ذلك بالتراض ي في حالة قبول مالك العقارات للتعويضات املقترحة عليهم حسب‬
‫القيمة املحدد من طرف لجنة التقويم‪ .‬إذ يجب إبرام اتفاقات بالتراض ي معهم و تحرير محاضر لذلك‬
‫أمام السلطة املحلية أو عقود بيع رسمية أو عرفية مصححة المضاء تبعا ملكان إقامتهم‪ .‬و تخضع‬
‫محاضر االتفاق أو العقود ملصادقة وزير الداخلية و يتكون ملف العملية من الوثائق التالية‪:‬‬

‫‪ -25‬الزكراوي محمد‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫* مذكرة تقديم املوضوع ؛‬

‫* سند ملكية العقار موضوع العملية ؛‬

‫* تصميم تجزيئي‪ ،‬موقع عليه من قبل اآلمر بالصرف ومؤشر عليه من طرف املهندس املختص يبين‬
‫موقع القطعة األرضية موضوع العملية ويرسم حدودها بلون املغير؛‬

‫* محضر اللجنةالدارية للتقييم ؛‬

‫*مذكره تثبت توفر الجماعة على االعتمادات الالزمة لتعويض املالكين ؛‬

‫* تقرير يبرز رأي السلطة القليمية في املوضوع ؛‬

‫لكن على مستوى املمارسة الواقعية فإن أغلب الجماعات الترابية ال تسلك هذه املساطر‬
‫القانونية نظرا لجهل الفاعل املنتخب أو املوظف الجماعي لهذه الجراءات القانونية أو ألسباب أخرى‬
‫كأن املشروع مستعجل وال يمكن انتظار املسطرة نظرا لطول إجراءاتها‪ ،‬مما يجعل استيالء الجماعات‬
‫الترابية على أراض ي الخواص تتجه نحو االعتداء املادي وليس نزع امللكية‪ .‬وهذا ما سنبينه في املطلب‬
‫الثاني املخصص للمرحلة القضائية ‪.‬كما أن الجماعات الترابية ال ترصد اعتمادات مالية في ميزانيتها‬
‫السنوية مخصصة للتعويض عن النزع امللكية‪ ،‬مما يجعل قيمة التعويض التي تقدمها للمنزوع‬
‫ملكيتهم زهيدة جدا مقارنة مع قيمة العقار‪ ،‬أو ال تنفذ األحكام والقرارات القضائية الصادرة ضدها‬
‫نظرا لعدم توفرها للوسائل ‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬املرحلة القضائية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعةالعامة‬

‫تعد املرحلة القضائية املوالية بعد املرحلة الدارية ‪.‬بحيث‪ ،‬في حالة عدم حصول التراض ي يعرض‬
‫امللف على املحكمة الدارية املختصة الستصدار أمر بحيازة العقارات مقابل أداء التعويضات‬
‫املقترحة من قبل لجنة التقويم‪ .‬ثم حكم بنقل امللكية في اسم الجماعة وتحديد التعويضات النهائية‪.‬‬
‫اثر ذلك يجب تقييد محضر التراض ي أو العقد أو الحكم الصادر بنقل امللكية في السجالت املخصصة‬
‫لذلك مع العمل على تقديم مطالب لتحفيظ العقارات غير املحفظة‪ ،‬كما يتعين تسوية الوضعية‬
‫املالية للعقارات املعنية بأداء التعويضات املستحقة ملالكيها‪ ،‬أو إيداعها عند االقتضاء‪ ،‬وتحيين‬

‫‪21‬‬
‫سجالت محتويات أمالك الجماعات الترابية‪ .‬ولذلك سنخصص هذا املطلب للتطرق لدعوى نقل‬
‫امللكية وإشكالية االعتداء املادي لدى الجماعات الترابية في الفقرة األولى‪ ،‬ثم إشكالية التعويض‬
‫واللجنة الدارية للتقييم في الفقرة الثانية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دعوى نقل امللكية و االعتداء املادي لدى الجماعات الترابية‬

‫سنخصص هذه الفقرة لدعوى نقل امللكية التي تقوم بها الجماعات الترابية في املرحلة‬
‫القضائية لحيازة العقار املنزوع ملكيته ( فرع أول )‪ ،‬و كذا الترامي على أراض ي الخواص بدون سند‬
‫قانوني أو املسمى باالعتداء املادي وحيازة عقار الغير و االعتداء عليه ( فرع ثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬دعوى نقل امللكية لدى الجماعات الترابية في املرحلة القضائية‬

‫مما ال شك فيه أن القانون رقم ‪ 7.81‬هو الذي ينظم مسطره نزع امللكية للدولة والجماعات الترابية‬
‫وكل من خول له املشرع صفة أشخاص القانون العام‪ .‬فالجماعات الترابية تسلك املسطرة نفسها‬
‫املحددة في القانون املذكور أعاله‪ .‬بحيث‪ ،‬هذا القانون ينظم دعوه نزع امللكية في املرحلة القضائية في‬
‫نقطتين أساسيين ‪:‬‬

‫‪ )1‬طلب الذن بالحيازة ‪:‬‬

‫إذا كانت الجهة نازعة امللكية أو الجهة الوصية ترغب في حيازة العقار والبدء في إنجاز األشغال‬
‫دون انتظار صدور حكم بنقل امللكية الذي قد يستغرق بعض الوقت‪ ،‬يسوغ لها تقديم مقال يتعلق‬
‫بهذا املوضوع إلى قاض ي املستعجالت لدى املحكمة الدارية املختصة‪ ،‬ويجب تعزيزه بمرسوم العالن‬
‫عن املنفعة العامة ونزع امللكية‪ ،‬ومقرر التخلي‪ ،‬والتصميم التجزيئي‪ ،‬وملف البحث الداري‪ ،‬ومحضر‬
‫اللجنة الدارية للتقييم وذلك حتى يتسنى لقاض ي املستعجالت باملحكمة الدارية املختصة بسط‬
‫رقابته على سالمة إجراءات نزع امللكية ‪ .‬فإذا تأكد من سالمتها يصدر أمره بالذن بالحيازة مقابلة أداء‬
‫أو إيداع التعويض االحتياطي لفائدة املنزوعة ملكيته‪.26‬‬

‫‪ -26‬دليل عملي ملسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة وفق القانون ‪ 7.81‬خاص بالدارات العمومية ‪23 ،2018‬‬

‫‪22‬‬
‫وبعد صدور أمر الذن بالحيازة وتقييده لدى املحافظة العقارية إذا ما تعلق األمر بعقارات محفظة‬
‫وفي طور التحفيظ ( الفصل ‪ 25‬من قانون نزع امللكية) أو لدى املحكمة الدارية إذا كانت العقارات‬
‫غير محفظة ( الفصل ‪ 24‬من قانون نزع امللكية ) يتم أداء أو إيداع التعويض االحتياطي داخل أجل‬
‫شهرين من تاريخ التبليغ ويتم توجيه ملف األداء أو اليداع للخازن الوزاري يكون مرفقا بالوثائق‬
‫التالية‪:27‬‬

‫‪ -‬مرسوم نزع امللكية أو مقرر التخلي ؛‬

‫‪ -‬نسخه طبق األصل من األمر الذن بالحيازة ؛‬

‫‪ -‬نسخة طبق األصل من محضر اللجنة الدارية للتقييم ؛‬

‫‪ -‬الشواهد العقارية أو شواهد التقييد ؛‬

‫وتجدر الشارة إلى أنهإذا سبق للجهة نازعة امللكية أو الجهة الوصية إيداع املبلغ املقترح من طرف‬
‫اللجنةالدارية للتقييم بصندوق اليداع والتدبير فإنها تعمل على إعداد مقررات رفع اليد التي‬
‫تشمل‪:28‬‬

‫‪ -‬رقم الحساب املفتوح لدى صندوق اليداع والتدبير؛‬

‫‪ -‬رقم مقرر اليداع وتاريخيه ؛‬

‫‪ -‬رقم وصل اليداع ؛‬

‫‪ -‬رقم القطعة األرضية أو رقم امللف ؛‬

‫‪ -‬اسم املستفيد من التعويض املمنوح صفته عنوانه ورقم تعريف الوطنية ؛‬

‫‪ -‬مبلغ التعويض الواجب أداؤه كليا أو جزئيا باألرقام والحروف ؛‬

‫‪ )2‬دعوى نقل امللكية ‪:‬‬

‫‪ -27‬نفس املرجع األخير‪ ،‬الصفحة ‪24‬‬


‫‪ -28‬نفس املرجع األخير‪ ،‬الصفحة ‪24‬‬

‫‪23‬‬
‫تقوم الجهة نازعة امللكية( أو الجهة الوصية) بتقديم مقال للمحكمة الدارية املختصة يرمي بنقل‬
‫ملكية العقار‪ ،‬و يكون مرفقا بمرسوم العالن عن املنفعة العامة و نزع امللكية أو مقرر التخلي و ملف‬
‫البحث الداري و الشواهد العقارية و شواهد التقييد و مقررات اليداع إذا كانت املبالغ مودعة‬
‫بصندوق اليداع و التدبير‪ .‬و من املفيد التذكير هنا بأنه يتعين على الجهة نازعة امللكية( أو الجهة‬
‫الوصية ) سلوك دعوى نقل امللكية داخل أجل سنتين يحتسب من تاريخ نشر مقرر التخلي أو مرسوم‬
‫إعالن املنفعة العامة و نزع امللكية بالجريدة الرسمية‪ ،‬تحت طائلة عدم القبول الطلب من طرف‬
‫املحكمة الدارية املختصة‪ .‬و تخضع دعوى نزع امللكية من حيث املبدأ للقواعد الجرائية العامة‬
‫الواردة في قانون املسطرة املدنية باستثناء بعض الجراءات الخاصة التي ورد النص عليها صراحة في‬
‫قانون نزع امللكية نظرا للطبيعة الخاصة لدى نزع امللكية‪ ،‬و من ذلك على سبيل املثال ما ورد في‬
‫الفصل ‪ 18‬من القانون املذكور‪.29‬‬

‫وتقض ي املحكمة الدارية املختصة بنقل امللكية في اسم الجهة املعنية مقابل أداء أو إيداع‬
‫التعويضات املحددة من طرف اللجنة الدارية للتقييم‪ ،‬هذا فضال عن كون تحديد التعويض عن نزع‬
‫امللكية يبقى من صميم اختصاص السلطة التقديرية للمحكمة التي يسوغ لها استبعاد قيمة العقار‬
‫املحدد من طرف لجنة التقويم و اللجوء إلى الخبرة القضائية لتحديد التعويض وفقا للمعايير‬
‫املذكورة في الفصل ‪ 20‬من قانون نزع امللكية‪.30‬‬

‫و بعد توصل الجهة نازعة امللكية( أو الجهة الوصية ) باألحكام القضائية الصادرة و التي تكون نهائية‬
‫في الشق املتعلق بنقل امللكية‪ ،‬تقوم بإيداع طلب التقييد لدى املحافظة العقارية املختصة‪ ،‬و تختلف‬
‫طريقة تنفيذ األحكام بحسب اختالف النظام القانوني للعقار املنزوع ملكيته وفق ما يلي‪:31‬‬

‫*بالنسبة للعقارات املحفظة أو في طور التحفيظ‪:‬‬

‫تقوم الجهة نازعة امللكية( أو الجهة الوصية ) بتقديم طلب تقييد الحكم القضائي بالرسم‬
‫العقاري أو بالرسوم العقارية إذا تعلق األمر بعقارات محفظة‪ ،‬أما بالنسبة للعقارات في طور التحفيظ‬

‫‪ -29‬دليل عملي ملسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة وفق القانون ‪ ، 7.81‬مرجع سابق ‪ ،‬الصفحة ‪26‬‬
‫‪ -30‬نفس املرجع األخير‪ ،‬الصفحة ‪26‬‬
‫‪ -31‬نفس املرجع األخير ‪ ،‬الصفحة ‪.26/27‬‬

‫‪24‬‬
‫فيطلب إيداعه بمطلب أو بمطالب التحفيظ وفق مقتضيات الفصل ‪ 84‬من قانون التحفيظ‬
‫العقاري مع طلب الحصول على شهادة تفيد التقييد أو اليداع‪.‬‬

‫أما بالنسبة مللف التقييد مشفوعا باألحكام القضائية الصادرة و امللف التقني إذا تعلق األمر‬
‫بنزع جزئي فقط‪ ،‬و ذلك لتيسير فرز القطعة املنزوعة ملكيتها من املساحة الجمالية للعقار‪ ،‬أما‬
‫بالنسبة للنزع الكلي مللكية العقار‪ ،‬فيقتصر األمر على حلول الجهة نازعة امللكية( أو الجهة الوصية)‬
‫محل املنزوعة ملكيته‪.‬‬

‫* بالنسبة للعقارات غير املحفظة‪:‬‬

‫إذا كانت األحكام القضائية الصادرة تتعلق بعقارات غير محفظة يتم تقييدها بسجالت‬
‫املحكمة الدارية‪ ،‬كما يتعين على الجهة نازعة امللكية أن تبادر تقديم طلب التحفيظ للمحافظة‬
‫العقارية املختصة ترابيا مرفقا بالحكم القضائي و رسوم امللكية و امللف التقني و شهادة اليداع لدى‬
‫مصلحة املسح العقاري املختصة إذا تعلق األمر بنزع جزئي للملكية‪ ،‬و ذلك لالستفادة من مزايا‬
‫التحفيظ وفق مسطرة خاصة بدون إشهار‪ .‬بحيث‪ ،‬يتم إصدار رسوم عقارية نهائية في اسم الجهة‬
‫نازعة امللكية(أو الجهة الوصية ) بمجرد التحقق من الحدود و إعداد التصاميم العقارية ( الفصل ‪37‬‬
‫من قانون نزع امللكية )‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إشكالية االعتداء املادي وتنفيذ األحكام والقرارات الصادرة ضد الجماعات الترابية‬

‫أدى عدم االلتزام باملساطر القانونية املعمول بها في مادة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة‬
‫لتزايد دعوى االعتداء املادي و تضخم حجم األحكام و القرارات النهائية الصادرة قي مواجهة الجماعات‬
‫خصوصا‪ ،‬و باقي السلطات املتمتعة بامتياز نزع امللكية من أجل املنفعة العامة‪ .‬و هي األحكام و‬
‫القرارات القضائية التي خلفت بتزايدها قلقا كبيرا لدى السلطات العمومية ما لم يتم تنفيذها تجنبا‬
‫لتشكيك في مصداقية املؤسسات و في إطار تكريس مبدأ سيادة القانون و صيانة حرمة القضاء و‬
‫احتراما لحقوق املتقاضين مع تعزيز مصداقية الدارة العامة‪.32‬‬

‫‪ -32‬يونس أبالغ‪" ،‬كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.284 ،‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ :1‬إشكالية االعتداء املادي لدى الجماعات الترابية‬

‫إن احتالل العقار و مباشرة األشغال دون سلوك مسطرة نزع امللكية يشكل اعتداءا ماديا‬
‫على حق امللكية املضمون دستوريا و يسوغ ملالك العقار اللجوء إلى قاض ي املستعجالت للمطالبة‬
‫بإيقاف األشغال‪ .‬فالعديد من الجماعات الترابية تستولي على عقارات الخواص دون احترام مسطرة‬
‫نزع امللكية و تبرر ذلك باستعجال و تعقد و طول مسطرة االقتناء بالتراض ي‪ ،‬و أحيانا يكون السبب‬
‫جهل رئيس مجلس الجماعة و موظفيه بالقوانين مما يجعل من تصرفاتها أي الجماعات الترابية‬
‫خارج دائرة القانون و تجاوزا في استعمال السلطة‪ ،‬الشيئ الذي يعرض قراراتها تلك لقابلية البطالن‬
‫بسبب انعدام األساس القانوني و افتقادها املشروعية‪ .‬و أقر االجتهاد القضائي حماية حق امللكية‬
‫العقارية في العديد من املناسبات‪ ،‬نذكر منها على سبيل االستئناس ال الحصر قرار املجلس األعلى‬
‫العدد رقم ‪ 74‬الصادر بتاريخ ‪ 1993/03/12‬حيث اعتبر " أن االعتداء املادي غيرمرتبط بأي نص‬
‫تشريعي أو تنظيمي و أن كل تصرف الدارة خارج الطارالقانوني يعتبرمن قبيل االعتداء املادي "‪.‬‬

‫و هو ما يزكيه كذلك قرار صادر عن محكمة االستئناف الدارية بمراكش تحت عدد ‪209‬‬
‫بتاريخ ‪ 2013/02/14‬قض ى " بأن وضع الدارة يدها على العقار دون اتفاق باملراضاة أو سلوك‬
‫مسطرة نزع امللكية يعد غصبا و اعتداءا ماديا على ملك الغير"‬

‫‪ :2‬إشكالية عدم تنفيذ األحكام و القرارات القضائية املوجهة للجماعات الترابية‬

‫إن تضخم عدد هذه األحكام و القرارات القضائية و الذي هو في تزايد بعد تدييلها بالصيغة‬
‫النهائية تواجهه في الحالة الغائية صعوبات التنفيذ لعدم توفر االعتمادات املالية الكافية أو نتيجة‬
‫ا الصطدام أحيانا ببعض املواقف الرافضة لتنفيذ أحكام القضاء نظرا لسوسيولوجية املنتخبين وفي‬
‫مرات أخرى لسيكولوجيا رجال الدارات ‪ .33‬فإكراه تنفيذ األحكام و القرارات الصادرة في مواجهة‬
‫أشخاص القانون العام يعد اليوم حاجزا حقيقيا لبلورة سياسات عمومية متكاملة و منسجمة‪ ،‬كما‬
‫يظل مهدد لكينونة الالمركزية الترابية التي قطعت فيها الدولة مراحل مهمة و حاسمة‪ ،‬على اعتبار‬
‫القيمة املرتفعة للمبالغ املحكوم بها في مواجهة الجماعات الترابية في الدعاوي املتعلقة بالصفقات‬

‫‪33‬بونس أبالغ‪ ،‬كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 284 ،‬و‪.285‬‬

‫‪26‬‬
‫العمومية و االعتداء املادي الناتجة عن الخالالت الفنية أو املادية التي تمس بمسطرة نزع امللكية من‬
‫أجل املنفعة العامة ‪.34‬‬

‫إن األحكام و القرارات القضائية قد تبقى مجرد شرح نظري للقانون ما لم يتم تنفيذها‪ ،‬و إذا‬
‫كانت حصيلة الدعوى و نتيجتها هي الحكم القضائي النهائي‪ ،‬فإن هذا الحكم ال قيمة له إن لم يترجم‬
‫عن طريق تنفيذه كما نصت ذلك االتفاقيات املبرمة بين املحكمة الدارية بالرباط مع مجموعة من‬
‫الدارات التي تراكم عدد األحكام و القرارات املذيلة بالصيغة التنفيذية في مواجهتها‪ ،‬منها اتفاقية‬
‫مبرمة بين مع املديرية العامة الضرائب و مع بعض الجماعات الترابية‪.35‬‬

‫إن عدم تنفيذ األحكام و القرارات القضائية يضرب في الفصل ‪ 136‬من الدستور الذي ينص‬
‫على ما يلي‪ " :‬يجب على الجميع احترام األحكام النهائية الصادرة عن القضاء"‪ .‬فأغلب الجماعات‬
‫الترابية ال تعطي أهمية خاصة لتنفيذ األحكام و القرارات القضائية‪ ،‬مما جعل من الدولة تصدر‬
‫مناشير و دوريات في هذا الشأن نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬الدورية رقم ‪ 55‬م‪.‬م‪.‬م بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪ 1996‬حول تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة‬
‫الجماعات الترابية ؛‬

‫‪ -‬دورية وزير الداخلية رقم ‪ / 21‬ق‪.‬ت‪.‬م‪ 2/‬بتاريخ ‪ 07‬مارس ‪ 2006‬موجهة إلى سادة والة عمال‬
‫العماالت و األقاليم و عمال املقاطعات باململكة حول ضبط املنازعات القضائية للجماعات املحلية‬
‫و هيئاتها ؛‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية اللجنة الدارية للتقييم و تحديد التعويض لدى الجماعات الترابية‬

‫تعتبر اللجنة الدارية للتقييم و تحديد قيمة التعويض من أبرز االشكاالت في مسطرة نزع‬
‫امللكية لدى الجماعات الترابية‪ .‬بحيث‪ ،‬تعرف عدة خروقات ال على مستوى تأليف اللجنة املكلفة‬
‫بتقويم العقارات و ال على مستوى قيمة التعويض التي تقترحها ‪.‬‬

‫‪ -34‬يونس أبالغ‪ "،‬كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪284 ،‬‬
‫‪ -35‬نفس املرجع‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫الفرع االول‪ :‬إشكالية اللجنة الدارية للتقييم‬

‫لكي تتم املحافظة على األموال العامة من جهة‪ ،‬و حتى ال تهضم حقوق الخواص املنزوعة أمالكهم من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬أوجب املشرع و تطبيقا للفصل ‪ 42‬من القانون رقم ‪ 7.81‬و الفصل ‪ 7‬من املرسوم‬
‫التطبيقي الصادر بشأنه تحديد التعويض املذكور من طرف لجنة إدارية محايدة مكونة من عدة‬
‫أشخاص مختلفي االختصاصات تتوفر فيهم أو من املفروض أن تتوفر لهم منفردين و مجتمعين‬
‫الحنكة و التجربة في مجال نزع امللكية‪ ،‬و املعرفة الكافية بأوضاع سوق العقار‪ ،‬و بالخصوص ما‬
‫يتعلق بتقلبات األسعار فيه‪.36‬‬

‫تتألف هذه اللجنة حسب الفصل ‪ 7‬من املرسوم التطبيقي رقم ‪ 2.82.382‬الصادر في ‪ 2‬رجب‬
‫‪ 1403‬املوافق ل ‪ 16‬أبريل ‪ 1983‬بتطبيق القانون رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة‬
‫و االحتالل املؤقت من ‪:‬‬

‫االعضاء الدائمين‪:‬‬

‫‪ -‬السلطة املحلية او من يمثلها‪ ،‬رئيسا ؛‬

‫‪ -‬رئيس دائرة أمالك الدولة أو منتدبه ؛‬

‫‪ -‬قابض التسجيل و التنبر أو منتدبه ؛‬

‫‪ -‬ممثل طالب نزع امللكية أوالدارة التي يجري نزع امللكية لفائدتها ؛‬

‫األعضاء غير الدائمين و هم بحسب طبيعة العقار ؛‬

‫‪ -‬مفتش الضرائب الحضرية أو منتدبه اذا تعلق األمر بأراض ي حضرية مبنية أو غير مبنية ؛‬

‫‪ -‬مفتش التعمير أو منتدبه ؛‬

‫‪ -36‬محمد الكشبور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.136‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -‬املمثل القليمي لوزارة الفالحة و الصالح الزراعي او منتدبه إذا تعلق األمر بأراض ي قروية ؛‬

‫‪ -‬مفتش الضرائب القروية أو منتدبه ؛‬

‫و تجتمع اللجنة املشار إليها أعاله بطلب من نازع امللكية‪ ،‬و هذه اللجنة مهمتها األساسية في وضع تقويم‬
‫تقريبي للعقارات أو الحقوق العينية محل نزع امللكية من أجل املنفعة العامة‪ .‬و من الناحية العملية‬
‫يخرج أعضاء هذه اللجنة إلى عين املكان ملعاينة العقار املعني بأمر نزع امللكية و الوقوف على حقيقته‪،‬‬
‫مستعنين في ذلك بكل املعطيات التي يتم جمعها من مصادر مختلفة‪ ،‬و خاصة ما يتعلق منها‬
‫باألثمان‪.37‬‬

‫وما يثير النتباه في تشكيلة اللجنة الدارية من حيث الواقع العملي غياب أي تمثيلية ملموسة‬
‫للمالكين أو من ينوب عنهم لضمان حمايتهم‪ ،‬هذا بالضافة إلى غياب أي وجود لتمثيلية املستغلين أو‬
‫من لهم حقا من حقوق االرتفاق على العقارات موضوع عملية النزع ألجل املنفعة العامة‪ .‬مما نرى فيه‬
‫غبنا و ضربا لحقوق األفراد املفترض نزع ملكيتهم‪ .38‬فهذا يعد ضربا صارخا ملبدأ املساواة و العدل‬
‫املكفولة للمواطنين بنص الدستور ‪ .‬فهذه املسألة تعد من االشكاالت الكبرى التي تعتري اللجنة‬
‫الدارية للتقييم خاصة إذا كانت الجهة النازعة للملكية هي الجماعات الترابية‪ .‬بحيث هذه األخيرة تنزع‬
‫عقارات الخواص بدون رصدها العتمادات مالية لتعويض أصحاب العقار‪ ،‬فبالتالي اللجنة الدارية‬
‫للتقييم و في غياب طرف يدافع عن املنزوعة ملكيتهم قد تقدر أي تعويض مالي يكون في صالح الجماعة‬
‫الترابية و يهدر حقوق الخواص‪ .‬و لهذا على املشرع املغربي أن يسارع إلى إعادة النظر في تشكيلة‬
‫اللجنة بما يكفل به حقوق األفراد و حمايتهم من أي ضرر قد يلحق بهم إبان تنزيل إجراءات النزع‪ .‬و‬
‫نرى من جهة أخرى أن تتكلف بمهمة التقويم و تحديدا ثمن العقارات أو الحقوق العينية املنزوعة‬
‫ملكيتها و ذلك بعد معاينة ميدانية يفترض فيها إبداء الرأي حول ما إذا كان نزع العقار يصلح أو يالئم‬
‫املشروع املزمع إنجازه و تثمينه وفق عناصر املقارنة الواقعية املعمول بها في الكثير من بقاع العالم‪،‬‬
‫على أن يشترط أعضاء اللجنة أن يكونوا من املختصين ذوي الخبرة املعروفين باألمانة‪ .‬و ال يجوز أن‬
‫يكون عضوا في اللجنة من كان له أو لزوجته أو ألحد أصهاره و أقاربه حتى الدرجة الرابعة حق أو‬

‫‪ -37‬محمد الكشبور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.137‬‬


‫‪ -38‬الزكراوي محمد ‪ ،‬مرجع سابق‬

‫‪29‬‬
‫مصلحة في العقار املقرر نزع ملكيته أو املتضرر من املشروع أو كان وكيال ألحد أصحاب الحقوق على‬
‫العقار أو وصيا أو قيما على العقار‪.39‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إشكالية تحديد التعويض‬

‫بين املشرع وقت تحديد التعويض عن نزع امللكية بكل دقة من خالل فقرات الفصلين ‪ 20‬و‪21‬‬
‫من القانون رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت‪:‬‬

‫الفصل ‪ :20‬يحدد التعويض عن نزع امللكية طبق القواعد اآلتية‪:‬‬

‫يجب أال يشمل إال الضرر الحالي واملحقق الناش ئ مباشرة عن نزع امللكية وال يمكن أن يمتد‬
‫إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر؛‬
‫يحدد قدر التعويض حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع امللكية دون أن تراعي في تحديد‬
‫هذه القيمة البناءات واألغراض والتحسينات املنجزة دون موافقة نازع امللكية منذ نشر أو‬
‫تبليغ مقرر إعالن املنفعة العامة لألمالك املقرر نزع ملكيتها؛‬
‫يجب أال يتجاوز التعويض املقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي أو تبليغ‬
‫نقرر إعالن املنفعة العامة املعين لألمالك التي ستنزع ملكيتها و ال تراعي في تحديد هذه القيمة‬
‫عناصر الزيادات بسبب املضاربات التي تظهر منذ صدور مقرر التصريح باملنفعة العامة‪ ،‬غير‬
‫أنه في حالة ما إذا لو يودع نازع امللكية في ظرف أجل ستة أشهر ابتداء من نشر " مقرر التخلي‬
‫أو تبليغ مقرر إعالن املنفعة العامة املعين للعقارات التي ستنزع ملكيتها‪ ،‬املقال الرامي إلى‬
‫الحكم بنزع امللكية و تحديد التعويضات و كذا املقال الرامي إلى طلب األمر بالحيازة‪ ،‬فإن‬
‫القيمة التي يجب أال يتجاوزها تعويض نزع امللكية هي قيمة العقار يوم آخر إيداع ألحد‬
‫املقاالت بكتابة الضبط لدى املحكمة االبتدائية ؛‬
‫يغير التعويض‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬باعتبار ما يحدثه العالن عن األشغال أو العملية املزمع‬
‫إنجازها من فائض القيمة أو ناقصها بالنسبة لجزء العقارات الذي لم تنزع ملكيته ؛‬

‫وفي هذا الطار ينص الفصل ‪ 21‬من النص املذكور على أنه‪:‬‬

‫‪ -39‬الزكراوي محمد‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -‬يحدد قاض ي نزع امللكية في حالة وجود حقوق انتفاع أو استعمال أو سكنى او غيرها من‬
‫الحقوق املماثلة أو من نفس النوع‪ ،‬تعويضا واحدا بالنظر ملجموع قيمة العقار‪ ،‬ويمارس‬
‫مختلف املعنيين باألمر حقوقهم في مبلغ التعويض‪.‬‬

‫من هذا املنطلق‪ ،‬أصبح التعويض يحظى بأهمية كبيرة باعتباره يمس فئة عريضة من‬
‫املجتمع‪ ،‬كما أنه هو الوسيلة الوحيدة لجبر الضرر عن نزع امللكية‪ .‬لذلك اهتم املشرع املغربي وحدد‬
‫له مسطرة خاصة يسلكها نازع امللكية‪ ،‬إال أن مسطرة التعويض على مستوى الواقع تعتريها خروقات‬
‫جسيمة من قبل الدارة نازعة امللكية خاصة الجماعات الترابية سواء في قيمة التعويض املحددة من‬
‫قبل اللجنة الدارية للتقييم أو عدم تنفيذ األحكام و القرارات الصادرة من الجهة القضائية املختصة‪.‬‬
‫و هذا ما حث عليه الخطاب السامي الذي ألقاه جاللة امللك محمد السادس أعزه هللا أمام مجلس ي‬
‫البرملان يوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ 2016‬بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية األولى من الوالية‬
‫العاشرة‪ ،‬و الذي يعتبر بمثابة خطة عمل يجب أن تسير على هديها الدارة في تدبيرها ملسطرة نزع‬
‫امللكية و املحاكم في إيجادها حلوال للنزاعات القضائية التي تعرض عليها‪ .40‬حيث ورد في الخطاب‬
‫امللكي السامي‪ " :‬فالعديد من املواطنين يشتكون من قضايا نزع امللكية ألن الدولة لم تقم بتعويضهم‬
‫عن أمالكهم أو لتأخير عملية التعويض لسنوات طويلة تضر بمصالحهم أو ألن مبلغ التعويض أقل‬
‫من ثمن البيع املعمول به وغيرها من األسباب‪ .‬إن نزع امللكية يجب أن تتم لضرورة املصلحة العامة‬
‫القصوى‪ ،‬وأن يتم التعويض طبقا لألسعار املعمول بها في نفس تاريخ القيام بهذه العملية مع تبسيط‬
‫مساطر الحصول عليه‪ ،‬وال ينبغي أن يتم تغيير وضعية األرض التي تم نزعها وتحويلها ألغراض تجارية‬
‫أو تفويتها من أجل املضاربات العقارية‪ .‬كما أن املواطن يشتكي بكثرة طول وتعقيد املساطر القضائية‬
‫ومن عدم تنفيذ األحكام وخاصة في مواجهة الدارة‪".‬‬

‫إن الجدير باملالحظة هو أن مسطرة التعويض هي نفس املسطرة التي يسلكها التي يلجأها‬
‫أشخاص القانون العام الدولة و الجماعات الترابية أو كل شخص له صفة شخص عام كما هو‬
‫مذكور في القانون رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية‪ ،‬فهذا األخير حدد طبيعة الضرر املوجب للتعويض‬
‫عن نزع امللكية في الفقرة األولى من الفصل ‪ 20‬على أن التعويض يجب أن ال يشمل إال الضرر الحالي‬

‫‪ -40‬رضا التايدي‪ ،‬مسطرة نزع امللكية بين متطلبات املصلحة العامة وضمان التعويض العادل" مجلة املحاكم الدارية " القاض ي الداري يبن‬
‫حماية الحقوق والحريات وتحقيق املصلحة العامة " العدد الخامس – إصدار خاص‪ -‬يناير ‪ ،2017‬ص‪.61/62 ،‬‬

‫‪31‬‬
‫و املحقق و الناش ئ مباشرة عن نزع امللكية و ال يمكن أن يمتد إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير‬
‫مباشر‪ ،‬و هذا يعني املشرع اشترط في الضرر الذي يستحق التعويض عنه في إطار مسطرة نزع امللكية‬
‫أن يجتمع فيه عنصرين أساسين هما‪:‬‬

‫أن يكون الضرر حاال و محققا؛‬


‫أن يكون الضرر ناتجا مباشرة عن نزع امللكية‪.‬‬

‫غير أن ما يميز مسطرة التعويض لدى الجماعات الترابية عن باقي أشخاص القانون العام هو‬
‫أن واقع نزع امللكية لدى الجماعات الترابية يعتريه الكثير من االشكاالت والسيما منها التعويض‪.‬‬
‫بحيث‪ ،‬التعويض وانجاز مشاريع يتطلب اعتمادات مالية‪ ،‬لكن املوارد املالية للجماعات الترابية تعاني‬
‫من املحدودية‪ ،‬كما أنه ال يتم رصد اعتمادات مالية في امليزانية السنوية للتعويض عن نزع امللكية مما‬
‫يجعل الجماعات الترابية ترفع ضدها دعاوى قضائية لعدم جبرها الضرر للمنزوعة ملكيتهم‪ ،‬وعدم‬
‫تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها في هذا الباب أي التعويض‪ ،‬و ذلك لعدم توفرها على موارد‬
‫مالية‪ .‬إذ كيف يسمح القانون للجماعات الترابية بنزع امللكية و نحن نعي جيدا بأن نزع امللكية‬
‫تستوجب تعويضا ماليا كبيرا‪ ،‬و الجماعات الترابية ال تتوفر عليه و غير قادرة على تسديده‪.‬‬

‫إن أغلب األحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية في قضايا نزع امللكية تتعلق‬
‫بالتعويض‪ .‬بحيث‪ ،‬قيمة التعويض التي تمنح للمنزوعة ملكيتهم والتي تحددها اللجنة الدارية‬
‫للتقييم ال تتناسب و قيمة العقار‪ .‬فكيف لعقار يساوي أكثر من ‪ 200‬مليون تمنح له فقط ‪ 30‬أو ‪20‬‬
‫مليون‪ ،‬فهذا ما يجعل املنزوعة ملكيته ال يقبل بذلك التعويض ويلجأ إلى القضاء لنصافه‪ ،‬فهنا يجب‬
‫إعادة النظر في قيمة التعويض و هذا رهين بإعادة النظر في اللجنة الدارية للتقييم و إعادة تشكيل‬
‫اللجنة مع إضافتها لشخص يمثل املنزوع ملكيته و خبير يحدد قيمة العقار الحقيقية‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬األسس املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في‬
‫ظل وثائق التعمير‬

‫تشكل قوانين التعمير واملراسيم التطبيقية لها‪ ،‬التنظيم القانوني الذي يهيكل و ينظم القواعد‬
‫األساسية لتفعيل و تطبيق برنامج و مخططات الدولة في مجال التعمير و بلورتها على أرض الواقع‪ .‬و‬
‫مما ال شك فيه أن تنظيم عملية التعمير تحتاج في الكثير من األحيان إلى نزع ملكية األراض ي الالزمة‬
‫للمنفعة العامة من قبل الهيئات املعنية لتنفيذ محتوى و غايات تلك الوثائق‪ .41‬لهذا نص املشرع‬
‫املغربي في قوانين التعمير على الحالة في بعض األحيان على قانون نزع امللكية و االحتالل املؤقت‪ ،‬بل‬
‫و اعتبر الوثائق بمثابة العالن عن املنفعة العامة و بالتالي جعلها تقوم مقام مقرر إعالن املنفعة‬
‫العامة‪.42‬‬

‫تتدخل الجماعات الترابية في عملية إعداد و تنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬كما أنها كما أنها عند إعداد‬
‫برامجها و ممارسة اختصاصاتها تعود إلى وثائق التعمير السارية املفعول مما يجعل تدخل الجماعات‬
‫الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة في ظل وثائق التعمير تتميز بخصوصية‪ .‬بحيث‪ ،‬تعرف عدة‬
‫إشكاالت مما يجعلنا نبين أي تدخالت للجماعات الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق‬
‫التعمير(مطلب أول)‪ .‬كما أن مسطرة نزع امللكية كإجراء لتنفيذ وثائق التعمير تعتريها عدة إكراهات و‬
‫الواقع العملي أبان عن مجموعة من مظاهر املحدودية و السيما املرتبطة باملسطرة القانونية لنزع‬
‫امللكية في ظل وثائق التعمير‪ ،‬و التمويل املالي و أخرى مرتبطة بالعقارات لتنفيذ محتوى تلك الوثائق‪،‬‬
‫مما جعلنا نتطرق لكراهات مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق‬
‫التعمير(مطلب ثان)‪.‬‬

‫‪41‬غنبوري رشيد‪ " ،‬نزع امللكية كمسطرة خاصة في إطار وثائق التعمير" رسالة ماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق السويس ي‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2015/2016‬ص‪.12 ،‬‬
‫‪ 42‬أحمد أجعون‪ " ،‬اختصاص املحاكم الدارية في مجال نزع امللكية من أجل املنفعة العامة" أطروحة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس بالرباط‪ ،‬كلية الحقوق أكدال ‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،1999/2000 ،‬ص‪.322 ،‬‬

‫‪33‬‬
‫املطلب األول‪ :‬أي تدخالت للجماعات الترابية لعالن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير‬

‫إن مسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة تعتبر آلية مهمة لتنفيذ توجهات الدولة‬
‫والجماعات الترابية‪ ،‬إال أن هذه املسطرة ال يتم اللجوء إليها إال إذا أعلنت املنفعة العامة‪.‬وتعتبر وثائق‬
‫التعمير والعالن عن تصميم التهيئة على وجه الخصوص بمثابة إعالن عن املنفعة العامة يستوجب‬
‫نزع امللكية‪ .‬وتتدخل الجماعاتالترابية لإلعالن عن املصلحة العامة بمقتض ى وثائق التعمير‪ ،‬باعتبارها‬
‫تساهم في إعدادها وتنفذ برامجها على حيزها الترابي (فقرة أولى)‪ .‬إال أنها تتدخل أيضا لإلعالن عن‬
‫املنفعة العامة بموجب إعالنات أخرى خارج مقتضيات وثائق التعمير(فقرة ثانية) مما يخلق إشكاال‬
‫واسعا حول تدخالت الجماعات الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة بموجب وثائق التعمير‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تدخل الجماعات الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير‬

‫يعد التعمير من اختصاصات الجماعات الذاتية‪.‬وقد جاء في املادة ‪ 85‬من القانون التنظيمي‬
‫‪ 113.14‬املتعلق بالجماعات‪ " :‬مع مراعاة القوانين و األنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬تختص الجماعة في‬
‫ميدان التعمير فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬السهر على احترام االختيارات و الضوابط املقررة في مخططات توجيه التهيئة العمرانية و‬
‫تصاميم التهيئة و التنمية و كل الوثائق األخرى املتعلقة بإعداد التراب و التعمير؛‬
‫‪ -‬الدراسة و املصادقة على ضوابط البناء الجماعية طبقا للقوانين و األنظمة الجاري بها العمل؛‬
‫‪ -‬تنفيذ مقتضيات تصميم التهيئة و مخطط التنمية القروية لخصوص فتح مناطق جديدة‬
‫للتعمير وفقا لكيفيات و شروط تحدد بقانون‪.‬‬

‫ومن خالل املادة أعاله يتضح بأن الجماعات الترابية تتدخل في ميدان التعمير‪ ،‬و طبقا لقانون‬
‫التعمير رقم ‪ 12.90‬و األنظمة الجاري بها العمل في ميدان التعمير يتبين أن الجماعات الترابية لها دور‬
‫و تساهم في إعداد و تنفيذ وثائق التعمير خاصة تصميم التهيئة الذي تعتبر املوافقة عليه بمثابة‬
‫إعالن عن املنفعة العامة تستوجب نزع ملكية الخواص لتنفيذه‪ .‬و فلي هذه الفقرة سنبين دور‬
‫الجماعات الترابية في إعداد و تنفيذ وثائق التعمير تصميم التهيئة على وجه الخصوص (فرع أول)‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫والشكالية املثارة لدى الجماعات الترابية بخصوص العالن عن املنفعة العامة بموجب وثائق‬
‫التعمير‪ ،‬وكذا إشكالية إنهاء املنفعة العامة و آثار تصميم التهيئة (فرع ثان)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬دور الجماعات الترابية في إعداد و تنفيذ وثائق التعمير (تصميم التهيئة نموذجا)‬

‫يعتبر تصميم التهيئة أول وثيقة تعميرية يعرفها قانون التعمير املغربي لتهيئة و توسيع املدن و‬
‫أحيائها‪ .43‬و يصنف أهم وثيقة من وثائق التعمير التنظيمي‪ ،‬فإذا كان التعمير التقديري عبارة عن‬
‫تصورات استشرافية و استراتيجية و توجهات عامة ذات صبغة مستقبلية تنعطف في الزمن‬
‫املستقبل‪ ،‬فإن تصميم التهيئة باعتباره يتربع على قمة وثائق التعمير التنظيمي يشكل أداة لترجمة‬
‫توجهات و تصورات املخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية على أرض الواقع‪ ،‬كما أنه يحدد قواعد‬
‫استعمال ضوابط و تنظيم املجال‪ ،‬بل األكثر من ذلك يعد وثيقة مرجعية للتخطيط العمراني‪.44‬‬

‫وقد نظم القانون املتعلق بالتعمير رقم ‪ 12.90‬تصميم التهيئة من املادة ‪ 18‬إلى املادة ‪ ،31‬كما‬
‫جاء بتقنيات جديدة تحسن من مسطرة إعداد التصميم كتقنية " املساهمة" أي أن املجالس‬
‫الجماعية تساهم إلى جانب إدارة الدولة في إعداد مشروع تصميم التهيئة‪ . 45‬يتم وضع مشروع تصميم‬
‫التهيئة بمبادرة من الدارة و بمساهمة الجماعات املحلية و تتم املوافقة عليه طبق الجراءات و‬
‫الشروط التي تحدد بمرسوم تنظيمي‪.46‬‬

‫يحال مشروع تصميم التهيئة قبل املوافقة الدارة عليه إلى مجلس الجماعة أو مجالس‬
‫الجماعات املعنية بدراسته‪ ،‬و إلى مجلس املجموعة الحضرية إن اقتض ى األمر ذلك‪.47‬‬

‫و للمجالس املشارة إليها أعاله أن تبدي داخا أجل شهرين من تاريخ إحالة مشروع التصميم إليها ما‬
‫يعن لها في شأنه من اقتراحات تتولى الدارة دراستها بمشاركة الجماعات املحلية التي يعنيها األمر‪. 48‬‬

‫‪ -43‬عبد الرحمان البكريوي‪ ،‬أستاذ التعليم العالي جامعة محمد الخامس بالرباط‪ " ،‬التعمير بين املركزية والالمركزية" الطبعة األولى ‪،1993‬‬
‫الصفحة ‪.83‬‬
‫‪ 44‬محمد بهاء الدين الزباخ " اآلثار القانونية لتصميم التهيئة بين النص القانوني والعمل القضائي «مجلة املحاكم الدارية" مرجع سابق الصفحة‬
‫‪.89‬‬
‫‪ - 45‬عبد الرحمان البكريوي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪83‬‬
‫‪ - 46‬املادة ‪ 23‬من قانون التعمير رقم ‪ ،12.90‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -47‬املادة ‪ 24‬من قانون التعمير رقم ‪ ،12.90‬نفس املرجع‪.‬‬
‫‪ -48‬املادة ‪ 24‬من قانون التعمير رقم ‪ ،12.90‬نفس املرجع‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫و إذا لم تبدي املجلس اآلنفة الذكر رأي داخل األجل املنصوص عليه أعاله فإن سكوتها يحمل على أن‬
‫ليس لها أي اقتراح في موضوع التصميم املحال إليها ‪.49‬‬

‫وبذلك أصبحت املجالس الجماعية تتدخل في مرحلتين من مراحل وضع تصميم التهيئة‪:‬‬
‫املرحلة األولى عند إجراء الدراسات و تيهئ املشروع األولي عن طريق مساهمتها إلى جانب إدارة التعمير‬
‫في صياغته‪ ،‬أما املرحلة الثانية فتأتي بعد أن يتم التفاهم و التنسيق فيما بين إدارات الدولة حول‬
‫املشروع ما قبل النهائي و الذي يتم عرضه على أنظار املجلس الجماعي لدراسته و إبداء مالحظاته أو‬
‫اقتراحه بشأنه وذلك عن طريق االستشارة اللزامية للمجلس الجماعي أو املجالس الجماعية املعنية‬
‫و إن اقتض ى األمر ذلك مجلس املجموعة الحضرية وق ما تنص عليه املادة ‪ 24‬من قانون التعمير‬
‫الجديد ‪.50‬‬

‫إن الصالحيات التي تحظى بها الجماعات في إعداد وثائق التعمير و دراستها وتنفيذها يتجلى‬
‫بأن هذا الدور يبقى في أبعاده ذو طبيعة استشارية و هكذا ففي مخطط توجيه التهيئة العمرانية‬
‫يعود للمجالس الجماعية الحق في دراسة محتواه و في إبداء رأيها حول أحكامه‪ .51‬أما تصميم التهيئة‬
‫فإنه يعود لرئيس املجلس الجماعي غما بمبادرة شخصية منه أو بطلب من الدارة حق اتخاذ القرار‬
‫من أجل القيام بدراسته بعد أن يتداول املجلس الجماعي فقي هذا األمر و يوضع مشروع هذا‬
‫التصميم بمبادرة من الدارة و بمساهمة الجماعات الترابية التي تقوم بدراسته قبل أن تتم املوافقة‬
‫عليه بشكل نهائي و هي نفس املسطرة املتبعة في إطار تصميم تنمية الجماعات القروية‪.52‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الشكالية املثارة لدى الجماعات الترابية بخصوص إعالن املنفعة العامة بموجب‬
‫وثائق التعمير‬

‫إن أهم مرحلة ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية هي مرحلة العالن عن املنفعة‬
‫العامة وهي مرحلة حاسمة إذ من خاللها يتقرر إضفاء صبغة املنفعة العامة على امللكية الخاصة‪.‬‬
‫بحيث‪ ،‬يصبح صاحب امللك مذعنا بما أصبحت ملكيته مقيدة من حيث تخصيصها لنجاز املشروع‬

‫‪ -49‬املادة ‪ 24‬من قانون التعمير رقم ‪ ،12.90‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -50‬املادة ‪ 29‬من قانون التعمير رقم ‪ ،12.90‬نفس املرجع‪.‬‬
‫‪ -51‬املصطفى املعمر و أحمد أجعون‪" ،‬إعداد التراب الوطني و التعمير "‪ ،‬الطبعة األولى ‪ .2005/2006‬ص‪.256 ،‬‬
‫‪ -52‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.256/257 :،‬‬

‫‪36‬‬
‫بغية تحقيق املنفعة العامة و إضفاء هاته الصبغة األخيرة يعود للسلطة التقديرية للجهة نازعة‬
‫امللكية‪ .53‬و تش كل قوانين التعمير و املراسيم التطبيقية لها التنظيم القانوني الذي يهيكل و ينظم‬
‫القواعد األساسية لتفعيل و تطبيق برنامج و مخططات الدولة في مجال التعمير و بلورتها على أرض‬
‫الواقع‪ ،‬و مما ال شك فيه أن تنظيم عملية تحتاج في الكثير من األحيان إلى نزع ملكية األراض ي الالزمة‬
‫للمنفعة من قبل الهيئات املعنية لتنفيذ مقتضيات وثائق التعمير‪ ،‬باعتبار نزع امللكية آلية خاصة‬
‫لتنفيذ محتوى و غايات تلك الوثائق‪.54‬‬

‫و ينص الفصل األول من قانون نزع امللكية رقم ‪ " : 7.81‬أن نزع ملكية العقارات كال أو بعضا‬
‫أو ملكية الحقوق العقارية ال يجوز الحكم به إال أعلنت املنفعة العامة "‪ .‬و يعتبر النص القاض ي‬
‫باملوافقة على تصميم التهيئة بمثابة إعالن عن املنفعة العامة‪ ،‬تستوجب القيام بالعمليات الالزمة‬
‫لنجاز التجهيزات املنصوص عليها‪ .55‬و املصادقة على التصاميم العمرانية بمثابة العالن عن املنفعة‬
‫العامة‪.56‬‬

‫كما يعتبر إعالن املنفعة العامة في ظل وثائق التعمير بصفة عامة و تصميم التهيئة بشكل‬
‫خاص من أهم الضمانات التي خولها املشرع للمنزوع ملكيته‪ ،‬و تتجلى هذه املنفعة في الغرض‬
‫األساس ي لتصميم التهيئة‪ .57‬و في هذا الطار يتجلى الغرض األساس ي لتصميم التهيئة في كونه يحدد‬
‫كافة الضوابط و الجراءات التنظيمية التي تقيد تصرف املالكين في أراضيهم‪. 58‬‬

‫لكن هل يمكن اعتبا ر أن كل أهداف تصميم التهيئة يدخل في إطار املنفعة العامة و يستوجب‬
‫نزع ملكية الخواص لتنفيذ األهداف‪ .‬بحيث‪ ،‬بالرجوع إلى املادة ‪ 28‬من القانون املتعلق بالتعمير رقم‬
‫‪ 12.90‬تنص على أنه تعتبر املوافقة على تصميم التهيئة بمثابة إعالن عن املنفعة العامة يستوجب‬

‫‪-53‬هناء بنطامة‪ " ،‬نزع امللكية كإجراء لتنفيذ وثائق التعمير" رسالة لنيل دبلوم ماستر في قانون العقود و العقار‪ ،‬كلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2012/2013‬ص ‪.9‬‬
‫‪54‬غنبوري رشيد ‪ ،‬ص‪ ،12 ،‬مرجع سابق‬
‫‪55‬أحمد املالكي‪ " ،‬وثائق التعمير باملغرب" املحاضرة الثالثة في مادة التعمير ملاستر القانون العام الداخلي و تنظيم الجماعات الترابية كلية‬
‫الحقوق مراكش السنة الجامعية ‪.2019/2020‬‬
‫‪-56‬هناء بنطامة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.9 ،‬‬
‫‪57‬غنبوري رشيد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.18‬‬
‫‪58‬الحاج شكرة " الوجيز في قانون التعمير املغربي " مطبعة دار القلم و النشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ، 2011 ،‬ص‪.88 ،‬‬

‫‪37‬‬
‫القيام بالعمليات الالزمة عليها في البنود ‪ .3.4.5.6‬و ‪ 13‬من املادة ‪ ،19‬األمر الذي يجعل باقي العمليات‬
‫املنصوص عليها في املادة ‪ 19‬خارج نطاق املنفعة العامة ‪.59‬‬

‫وتتجلى الشكالية املثارة لدى الجماعات الترابية بخصوص العالن عن املنفعة العامة‬
‫بموجب وثائق التعمير بعد املوافقة على وثائق التعمير والعالن عن املنفعة بموجبها و وجب تنفيذها‪.‬‬
‫إال أن أغلب الجماعات الترابية ال تنفذ املشاريع التي تتضمنها وثائق التعمير خاصة تصميم التهيئة‪.‬‬
‫وهكذا تبقى األراض ي املنزوعة ملكيتها بموجب إعالن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير ال هي‬
‫مستغلة للمشاريع و ال مالكيها مستفيدين منها مما يطرح إشكاال هل الجماعات الترابية قادرة على‬
‫تحقيق املشاريع املخطط إنجازها بموجب وثائق التعمير؟‬

‫إن إعالن املنفعة العامة على أراض ي الخواص بموجب وثائق التعمير وعدم تنفيذ املشاريع من‬
‫قبل الجماعات لعدة إكراهات سنوضحها في املطلب الثاني‪ .‬فمع انتهاء آجال أعمار وثائق لتعمير‬
‫وجب معه إنهاء إعالن املنفعة العامة و استرجاع املالكين أراضيهم‪ .‬و اآلجال ال يسري فقط على‬
‫العقارات املخصصة للمصالح الدارية و املرافق العمومية‪ ،‬و منشآت الحياة االجتماعية‪ ،‬بل يسري‬
‫أيضا على العقارات املخصصة لحداث التجهيزات و األغراض األخرى كإحداث الطرقات و الساحات‬
‫العمومية أو فتح املناطق الخضراء أو بناء الرياضية أو ما إلى ذلك ‪ .60‬وذلك استنادا إلى املادة ‪ 28‬من‬
‫قانون التعمير رقم ‪.12.90‬‬

‫كما أن إعالن املنفعة العامة بموجب وثائق التعمير و عدم مباشرة الجماعات الترابية بتنفيذ‬
‫املشاريع و انصرام أجل مدة وثيقة التعمير و إنهاء آثارها و استرجاع املالكين أراضيهم يساهم في إهدار‬
‫املال العام عبثا خاصة و أن أصحاب األمالك يطالبون بالتعويض و هنا تطرح إشكاال عن مدى أحقية‬
‫أصحاب األمالك التي من املزمع أن تحتضن تلك املرافق أو التجهيزات‪ ،‬في املطالبة بالتعويض عن‬
‫الرقبة بغض النظر عن انصرام أجل عشر ‪ ،‬أم أن حقهم في ذلك مرهون بتفعيل تصميم التهيئة و‬
‫تنفيذ املشاريع املبرمجة فوق أمالكهم‪ .61‬وماذا عن التعويض عن الحرمان من االستغالل سواء تم‬

‫‪ -59‬غنبوري رشيد ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19 ،‬‬


‫‪60‬عبد الحق الذهبي " إشكالية إنهاء آثار تصاميم التهيئة من خالل مواقف القضاء الداري املغربي " مجلة محاكمة العدد املمتاز ‪ ، 8-7‬ص‪،‬‬
‫‪.140‬‬
‫‪61‬محمد بهاء الدين الزباخ ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.101 ،‬‬

‫‪38‬‬
‫تنفيذ املشاريع داخل األمد القانوني أم تقاعست الدارة عن ذلك؟ و هل استرداد املالك ألراضيهم بعد‬
‫انتهاء املدة يغني عن املطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل ‪.62‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تدخل الجماعات الترابية لعالن املنفعة العامة بمقتض ى إعالنات خارج‬
‫مقتضيات وثائق التعمير‬

‫منح املشرع املغربي للجماعات الترابية و ذلك في إطار مبدأ التفريع و بموجب الدستور و‬
‫القوانين التنظيمية الثالث اختصاصات ذاتية‪ ،‬مشتركة‪ ،‬و أخرى منقولة‪ .‬وتعمل هذه الوحدات‬
‫الترابية من خالل اختصاصاتها على التنمية الترابية و ذلك بالعالن عن إعداد و تنفيذ مشاريع تنموية‬
‫تعلنها وفق برامجها‪ ،‬و لتنفيذها تعلن بموجبها عن املنفعة العامة تستوجب نزع ملكية الخواص‪ .‬و هنا‬
‫نكون أمام صورة أخرى من صور العالن عن املنفعة العامة و ذلك بمقتض ى إعالنات خارج مقتضيات‬
‫وثائق التعمير و تتجلى في برامج الجماعات الترابية (الفرع األول) و التصميم الجهوي لعداد التراب‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العالن عن املنفعة العامة بموجببرامج الجماعات الترابية‬

‫تضع الجماعات الترابية برامج تعمل على تنفيذها وذلك طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها‬
‫العمل‪.‬وحسب املرسوم رقم ‪ 2.16.301‬الصادر في ‪ 23‬من رمضان ‪ 29 ( 1437‬يوليو ‪ )2016‬إذ يعتبر‬
‫برنامج عمل الجماعة الوثيقة املرجعية للجماعة لبرمجة املشاريع و األنشطة ذات األولوية املقرر أو‬
‫املزمع إنجازها في تراب الجماعة بهدف تقديم خدمات القرب للمواطنين و املواطنات ‪.63‬‬

‫كما يعتبر برنامج التنمية الجهوية وثيقة مرجعية لبرمجة املشاريع و األنشطة ذات األولوية‬
‫املقرر أو املزمع إنجازها بتراب الجهة يهدف لتحقيق التنمية مندمجة ومستدامة تهم على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬تحسين جاذبية املجال الترابي للجهة و تقوية التنافسية االقتصادية‪.64‬كما تعمل العمالة‬
‫والقليم على وضع برنامج تنمية هذه األخيرة‪.‬‬

‫‪ - 62‬نفس املرجع األخير‪ ،‬ص‪.101 ،‬‬


‫‪ -63‬حسب املرسوم رقم ‪ 2.16.301‬الصادر في ‪ 23‬من رمضان ‪ 29 ( 1437‬يوليو ‪.)2016‬‬
‫‪ -64‬دورة تكوينية لوزارة الداخلية‪ ،‬املديرية العامة للجماعات املحلية مديرية التخطيط و التجهيز " البرامج التنموية الترابية‪ ،‬القنيطرة ‪ 15‬يناير‬
‫‪."2018‬‬

‫‪39‬‬
‫بحيث تتضمن البرامج املذكورة أعاله مشاريع و أهداف تستوجب تنفيذها من قبل األجهزة املنتخبة‬
‫قصد تحقيق التنمية الترابية‪ ،‬باعتبارها تتضمن مشاريع تنموية كبرى على الصعيد الترابي و قصد‬
‫تنفيذها يفترض من الجماعات الترابية اللجوء إلى مسطرة نزع امللكية و العالن عن املنفعة العامة‪.‬‬

‫غير أن الشكالية هو أن أهداف هذه البرامج قد تتعارض مع مضامين وثائق التعمير وهنا‬
‫يجب إعطاء األولوية لوثائق التعمير مما يفرض على الجماعات الترابية قبل وضع برامجها أن تعود إلى‬
‫وثيقة التعمير سارية املفعول‪ .‬بحيث‪ ،‬وهي بصدد إعمال برنامجها يجب ال تعلن املنفعة العامة لنفس‬
‫األهداف التي تتضمنها وثائق التعمير و إنما تضع أهداف أخرى أو تضيف برامج أو تخصيصات أخرى‬
‫لم تخصها وثائق التعمير‪.‬‬

‫كما أن الشكالية في هذا الشأن هو أن وثائق التعمير مدة آجالها عشر سنوات عكس برامج‬
‫الجماعات الترابية ست سنوات و هذا يشكل عائقا أمام األجهزة املنتخبة بحيث تكون مقيدة بوثائق‬
‫التعمير التي مدتها أطول من مدتهم االنتدابية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العالن عن املنفعة العامة بموجب التصميم الجهوي لعداد التراب‬

‫‪ -‬يضع مجلس الجهة تحت إشراف رئيس مجلسها التصميم الجهوي لعداد التراب‪ ،‬وفق‬
‫القوانين و األنظمة الجاري بها العمل في إطار توجهات السياسة العامة لعداد التراب املعتمدة‬
‫على املستوى الوطني و بتشاور مع الجماعات الترابية األخرى و الدارات و املؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬و ممثلي القطاع الخاص املعنيين بتراب الجهة‪.65‬‬

‫يعتبر التصميم الجهوي لعداد التراب وثيقة مرجعية للتهيئة املجالية ملجموع التراب‬
‫الجهوي ‪.66‬‬

‫‪ -65‬املادة ‪ 88‬من القانون التنظيمي املتعلق بالجهات رقم ‪ ،111.14‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -66‬نفس املادة األخيرة من القانون التنظيمي املتعلق بالجهات رقم ‪.111.14‬‬

‫‪40‬‬
‫يهدف التصميم الجهوي لعداد التراب على وجه الخصوص إلى تحقيق التوافق بين الدولة و الجهة‬
‫حول تدابير املجال و تأهيله وفق رؤيا استراتيجية و استشارية‪ ،‬بما يسمح بتجديد توجهات و‬
‫اختيارات التنمية الجهوية‪ ،‬و لهذه الغاية ‪:67‬‬

‫‪ -‬يضع إطارا عاما للتنمية الجهوية و املستدامة باملجاالت الحضرية و القروية؛‬


‫‪ -‬يحدد االختيارات املتعلقة بالتجهيزات و املرافق العمومية الكبرى على مستوى الجهة؛‬
‫‪ -‬يحدد مجاالت املشاريع الجهوية و برمجة إجراءات تثمينها وكذا مشاريعها املهيكلة‪.‬‬

‫تحدد بنص تنظيمي مسطرة إعداد التصميم الجهوي لعداد التراب وتحيينه و تقييمه‪ .‬إن‬
‫التصميم الجهوي لعداد التراب لتنفيذ مضامينه و مشاريعه التنموية يستوجب نزع ملكية الخواص‬
‫من قبل الجماعات الترابية باعتبار املشاريع التي يتضمنها تهدف إلى تحقيق املصلحة العامة‪.‬‬
‫والتصميم الجهوي لعداد التراب شأنه شأن وثائق التعمير بحيث‪ ،‬يتضمن برامج و مشاريع تنموية‬
‫يتم تنفيذها على الصعيد الترابي‪ ،‬و يجب على الجماعات الترابية في إطار أعداد برامجها أن تأخذه‬
‫بعين االعتبار و ذلك استنادا للمادة ‪ 90‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬املتعلق بالجهات‪ ،‬إذ يتعين على‬
‫الدارة و الجماعات الترابية و املؤسسات العمومية و املقاوالت العمومية األخذ بعين االعتبار مضامين‬
‫التصميم الجهوي لعداد التراب في إطار برامجها القطاعية أو تلك التي تم التعاقد في شأنها‪.‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬إكراهات مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق‬
‫التعمير‬

‫مما ال شك فيه أن مسطرة نزع امللكية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق التعمير تعرف عدة‬
‫إكراهات مما جعلها تتميز بنوع من الخصوصية عن باقي أشخاص القانون العام‪ .‬و تتجلى أبرز هذه‬
‫الكراهات التي تعتري هذه املسطرة في الكراهات القانونية ( الفقرة األولى)‪ ،‬و الكراهات املادية‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ -67‬املادة ‪ 89‬من القانون التنظيمي املتعلق بالجهات رقم ‪ ،111.14‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الكراهات القانونية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد‬
‫وتنفيذ وثائق التعمير‬

‫ملا كان التعمير أكثر امليادين حيوية وحساسية‪ ،‬و كان مجاله يتعلق بطبيعة مزدوجة‪ .‬فإن‬
‫التعميربذلك يرتبط بالتنمية املحلية‪ ،‬و كان بالتالي من الطبيعي أن يتم إعداد وثائقه بالتعاون بين‬
‫الدولة و الجماعات الحضرية و القروية (علما أن هذا التنصيف تم تجاوزه )‪ ،‬في املقابل يقود استقراء‬
‫نص القانون ‪ 12.90‬املتعلق بالتعمير و باقي نصوص الالمركزية‪ ،‬إلى جعل إعداد وثائق التعمير من‬
‫واجبات الدولة و من صميم وظائفها نظرا للتدخالت الثانوية للجماعات التي لم يتم االرتقاء بها على‬
‫مستوى االشتراك الفعلي‪.68‬‬

‫وعلى املستوى الواقعي فالجماعات الترابية لم تعطى لها الصالحيات الكاملة في إعداد و تنفيذ‬
‫وثائق التعمير‪ .‬فال تزال تتسم بالطابع املركزي‪ ،‬عكس فرنسا التي جعلت من وضع وثائق التعمير من‬
‫اختصاصات الجماعات الترابية‪ .69‬مما جعل ذلك يعرف عدة اختالالت كتفاوت أعمار وثائق التعمير‬
‫مع برامج الجماعات الترابية (فرع أول) و بطء الجراءات املسطرية ( فرع ثان)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إشكالية تفاوت مدة الزمن بين وثائق التعميرو برامج الجماعات الترابية‬

‫إن من أبرز االكراهات القانونية التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل‬
‫إعداد و تنفيذ وثائق التعمير هو تفاوت أعمار وثائق التعمير مع برامج الجماعات الترابية و مدة‬
‫انتداب رؤساء تلك الوحدات الترابية‪ ،‬بحيث‪ ،‬يتعين بخصوص أي إصالح للنظام القانوني لنزع امللكية‬
‫من أجل املنفعة العامة مستقبال أن يتضمن كيفيات إعمال محدد الزمن باعتباره نقطة تحول مهمة‬
‫في الص الح‪ ،‬كما يتعين إعمال محدد الزمن بالنظر للتفاوت املتباين بين أعمار وثائق التعمير ( تصميم‬
‫لتهيئة ‪ 10‬سنوات) و برامج الجماعات الترابية ( ‪ 6‬سنوات)‪ .70‬و هذا يعتبر من االكراهات القانونية و‬
‫الشكاالت الكبرى التي تواجهها الجماعات الترابية لتنفيذ برامجها التنموية أو وثائق التعمير‪.‬‬

‫‪ -68‬يونس أبالغ " الرأي االستشاري في ميدان التعمير‪ ،‬ص‪ ،21 ،‬مرجع سابق‪,‬‬
‫‪ -69‬أحمد املالكي " ص‪ ،30 ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -70‬يونس أبالغ " كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة‪ ،‬ص‪.286 ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫و قد ركز البعض عند تحليله لالمركزية التعمير على قصر مدة النتداب دون إشارته للنتائج‬
‫الوخيمة للخروقات املسطرية‪ ،‬معتبرا أن سوسيولوجية املنتخبين تجعلهم يسعون لتطبيق‬
‫املخططات القصيرة املدى بالنظر لقصر مدة انتدابهم في تدبير الشأن الترابي‪ ،‬دون تطبيقهم‬
‫للمخططات الطويلة األمد كوثائق التعمير‪ ،‬و هو ما يعد كابحا لفعالية التعمير ‪.71‬‬

‫فإذا كانت التدخالت في تدبير الشأن الترابي ترتبط بعض جوانبها بمهام االنتداب‪ ،‬اكتفى "‬
‫بريي " عند تحليله ألسباب صعوبة أجرأة السلطات املنتخبة لوثائق التعمير دون خرق مسطرة نزع‬
‫امللكية من أجل املنفعة العامة بسبب قصر مدة االنتداب‪.72‬‬

‫لهذا على املشرع أن يعمل على جعل إعداد و تنفيذ وثائق التعمير من اختصاصات الجماعات‬
‫الترابية مثل ما عمل املشرع الفرنس ي و الدول التي نجحت في نهجها لنظام الالمركزية الدارية التي‬
‫وضعت وثائق التعمير من اختصاص الجماعات الترابية‪ .‬بحيث‪ ،‬ستمكن املجالس املنتخبة من تدبير‬
‫مشاريع برامجها و مخططاتها تتماش ى و محتوى وثائق التعمير التي ستضعها حتى ال يكون أي تعارض‬
‫بين أهداف و مخططات تلك الوثائق و برامج عمل الجماعات الترابية‪ .‬كما أنه ستحد من تفاوت مدة‬
‫الزمن بين وثائق التعمير ( ‪ 10‬سنوات) و و مدة انتداب رؤساء املجالس ( ‪ 6‬سنوات) و هذا سينعكس‬
‫إيجابا على السياسة العمرانية للدولة و تخطيطها الحضري‪ ،‬مما يساهم أيضا في بناء تكتل عمراني‬
‫جيد ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬بطء و تعقيد مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية قصد تفعيل وثائق‬
‫التعمير‬

‫إن مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية ال يزال يسيطر عليها البطء و التعقيد‪ ،‬و واقع‬
‫املمارسة أثبت ذلك فهي مسطرة بطيئة تعتريها العديد من العراقيل ‪.‬‬

‫تفسيرا لذلك نجد أن املشرع املغربي حافظ على الهيكل العام للمسطرة أي أنه ترك الجراءات‬
‫القضائية تلي املرحلة الدارية على عكس تشريعات أخرى‪ .‬وفي هذا الباب‪ ،‬يمكن انطالق الجراءات‬

‫‪ -71‬يونس أبالغ‪ ،‬نفس املرجع األخير‪.‬‬


‫‪-72‬يونس أبالغ‪ ،‬نفس املرجع األخير‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫سواء الدارية أو القضائية بطريقة متزامنة حتى يحقق ذلك سرعة النجاز‪ ،‬و من ناحية أخرى نجد‬
‫كال املرحلتين تتسمان بالبطء و التعقيد‪.73‬‬

‫كما ال يقتصر مشكل التأخر و البطء من مسلسل إعداد وثيقة التعمير فقط على مرحلتي‬
‫الدراسة و البحث العلني بل يشمل كذلك مرحلة املصادقة على مشاريع وثائق التعمير‪ ،‬فالكثير منها‬
‫لم يصدر بشأنها النص القاض ي باملصادقة التي يمنحها القوة التنفيذية الالزمة‪.74‬‬

‫ويساهم قانون التعمير هو اآلخر في هذا البطء و التأخر الذي يعرفه مسلسل إنتاج وثائق‬
‫التعمير‪ ،‬بفعل عدم تحديد املشرع لتاريخ بدئ و انتهاء كل مرحلة من املراحل التي تقطعها عملية‬
‫العداد‪ .‬حيث‪ ،‬يبقى ذلك خارج أي ضبط زمني الستالم موقف و آراء مختلف املصالح و الهيئات‬
‫الدارية املعنية باملشروع‪ ،‬األمر الذي يجعل الكثير منها يحتفظ باملشروع مدة طويلة ترهن معها‬
‫مستقبل العقارات املنزوعة من مالكيها ‪ ،‬من ذلك مثال غياب نص قانوني يجبر الوالي أو العامل‬
‫بالدعوة إلى عقد اجتماع للجنة التقنية املحلية داخل آجال معينة‪ ،‬و كذا عدم وجود أي إجراء قانوني‬
‫يلزم الجماعات الترابية بتاريخ بدئ البحث العلني مما يزيد وثائق التعمير بطءا وبعدا عن الواقع املعني‬
‫بالدراسة‪.75‬‬

‫إن مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة خاصة لدى الجماعات الترابية تتميز‬
‫بخصوصيات أخرى هي بدورها تزيد من بطئها و تعقيدها‪ ،‬فإعالن املنفعة العامة لدى الجماعات‬
‫الترابية يستوجب مداولة املجلس الجماعي في املوضوع و اتخاذ مقرر يوافق بمقتضاه على تطبيق‬
‫مسطرة إعالن املنفعة العامة‪ ،‬ثم تأشيرة سلطة املراقبة بحيث‪ ،‬يتعين إرسال ملف العملية إلى وزارة‬
‫الداخلية ( مديرية املمتلكات ) قصد دراسته و إعداد مشروع مرسوم نهائي و عرضه على وزير‬
‫الداخلية ألجل التوقيع عليه بالعطف‪ ،‬ثم توجيه امللف إلى األمانة العامة للحكومة للعمل على ‪:‬‬

‫‪ -‬توقيع املرسوم من قبل رئيس الحكومة؛‬


‫‪ -‬نشر النص الكامل للمرسوم في الجريدة الرسمية‪.‬‬

‫‪ -73‬هناء بنطامة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪86‬‬


‫‪ -74‬نفس املرجع األخير‪ ،‬الصفحة ‪87‬‬
‫‪ -75‬نفس املرجع األخير‪ ،‬الصفحة ‪88‬‬

‫‪44‬‬
‫هذا يساهم في تعطيل الجراءات التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية‪،‬‬
‫باعتبار هناك مديرية املمتلكات لدى وزارة الداخلية واحدة فقط مقارنة مع عدد الجماعات الترابية‬
‫بمستوياتها الثالث‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الكراهات املادية التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل‬
‫إعداد و تنفيذ وثائق التعمير‬

‫قصد تنفيذ محتويات وثائق التعمير خاصة و أن هذه األخيرة تستوجب إنجاز البنيات التحتية‬
‫و الفوقية و التجهيزات األساسية و كذا املرافق العمومية‪ ،‬يجب التوفر على اعتمادات مالية مهمة‪،‬‬
‫و كذا توفرها على أمالك عقارية تابعة للملك الجماعي لنجاز املشاريع املقررة بمقتض ى وثائق التعمير‪.‬‬

‫غير أن واقع املمارسة يبين أن الجماعات الترابية تعاني من ضعف املوارد املالية ‪ ،‬و اختالالت‬
‫في تدبير أمالكها الجماعية العقارية‪ .‬مما يجعل الجماعات الترابية أمام عجز تمويل برامج التصاميم‬
‫العمرانية و ال تنفذ محتويات وثائق التعمير‪ ،‬فتنتهي مدة آجال هذه األخيرة و يسترجع مالك األراض ي‬
‫التي أعلنت فيها املنفعة العامة بموجب وثائق التعمير مما ينعكس سلبا على سياسة التخطيط‬
‫الحضري‪.‬‬

‫لهذا سنخصص هذه الفقرة للتطرق إلى ضعف املوارد املالية ( فرع أول)‪ .‬و محدودية تدبير‬
‫األمالك العقارية ( فرع ثان) لدى الجماعات الترابية و مدى انعكاسهما سلبا على تنفيذ وثائق التعمير‬
‫من قبل هذه األخيرة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ضعف املوارد املالية للجماعات الترابية قصد إعداد و تنفيذ وثائق التعمير‬

‫على الرغم من املجهود الذي تسعى الجماعات الترابية من بذله في إطار القيام بمهامها و‬
‫النهوض باملسؤوليات امللقاة على عاتقها‪ ،‬و اتساع حجم تحمالتها ‪ ،‬و اختصاصاتها‪ ،‬و االرتفاع الذي‬
‫تعرفه تكلفة املشاريع التي يجب أن تستثمر فيها ( املاء‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬الطرق الجماعية‪ ،‬التجهيزات‪)...‬‬
‫يؤدي إلى عجزها في بعض األحيان عن الوفاء بما هو منوط بها ‪ .76‬خاصة و أنه في ظل القوانين‬
‫التنظيمية الثالث املتعلقة بالجماعات الترابية أصبحت هذه األخيرة تعرف اختصاصات واسعة في‬

‫‪ -76‬هناء بنطامة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.97‬‬

‫‪45‬‬
‫ميدان التعمير و إعداد التراب مما زاد من تكاليف الجماعات الترابية و عجز ميزانياتها‪ ،‬وهذا يجعل‬
‫من ميزانية الجماعات الترابية ميزانية تسييرية و ليست استثمارية‪ .‬بحيث‪ ،‬يتم توجيه معظم النفقات‬
‫إلى تسديد النفقات الجبارية و املتمثلة في نفقات املوظفين و نفقات التسيير‪ ،‬في حين تبقى نفقات‬
‫التهيئة و التجهيز بعيدة عن تحقيق األهداف و املشاريع الواجب إحداثها‪ ،‬و ال تكفي ملواجهة املتطلبات‬
‫والحاجيات املتزايدة ‪.77‬‬

‫بذلك فإن األمر يقتض ي أن تكون الجماعة ذات ميزانية محلية قادرة على سد وتلبية تلك‬
‫املشاريع الطموحة‪ ،‬و ذلك حتى تلعب دورها الفعال في سياسة التعمير‪.‬‬

‫إن املوارد املالية تلعب دورا فعاال في تحقيق مضامين وثائق التعمير و ذلك بتنزيل التجهيزات‬
‫و املرافق العمومية على أرض الواقع‪ ،‬بدل تجميد عقارات الخواص لغاية عشر سنوات تصبح من‬
‫خاللها األراض ي املعنية بنزع امللكية خارج التداول القتصادي‪ ،‬و ذلك بحرمان مالكيها من استغاللها‬
‫في صيغة ترد عليهم أرباح من جهة‪ ،‬مما يؤدي إلى استرجاعها من قبل أصحابها لسريان هذا األجل من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬و هذا يؤثر سلبا على مجهودات الدارة و على سياسة التخطيط الحضري بشكل عام‪ ،‬و‬
‫على العقارات بشكل خاص‪ .‬كما ينتج عن ذلك صعوبة في تمويل التصاميم العمرانية‪.78‬‬

‫من خالل ما سبق يالحظ أن هناك ضعفا في إنجاز التجهيزات واملرافق العمومية على عكس‬
‫ما كان يرتقب إنجازه‪ ،‬و هذا ما ينعكس بشكل سلبي على النسيج العمراني‪ ،‬و بالتالي فإن استمرار‬
‫الصيغة الحالية لكيفية إعداد وثائق التعمير و بقاء مالية الجماعات الترابية على هذا الحال سيؤدي‬
‫حتما إلى إهدار املال العام و تبذيره‪ .‬حيث‪ ،‬تعجز الجماعات الترابية عن تنفيذ وثائق التعمير و تجبر‬
‫على إعطاء تعويضات لألفراد أصحاب األمالك ‪.79‬‬

‫‪ -77‬حيمود املختار " دور سياسة التعمير في تنمية و تنظيم املجال‪ ،‬مساهمة في دراسة املجال الحضري املغربي نموذج عمالة ابن مسيك سيدي‬
‫عثمان" أطروحة لنيل الدكتوراه وحدة الدارة‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2000/2001‬ص‪.46،‬‬
‫‪ -78‬محمد أيوب "وثائق التعمير و مسألة نزع امللكية" رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام‪ ،‬وحدة القانون العام الداخلي و تنظيم‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬جامعة القاض ي عياض كلية الحقوق مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2013/2014‬ص‪.95 ،‬‬
‫‪ -79‬غنبوري رشيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89 ،‬‬

‫‪46‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬محدودية تدبيراألمالك العقارية للجماعات الترابية لتنفيذ أهداف وثائق التعمير‬

‫ال شك أن األمالك العقارية بالخصوص تشكل إحدى األدوات الرئيسية في رسم السياسات‬
‫العمومية‪ ،‬ومن هنا تتجلى أهمية العقار في حل أزمة السكن التي تعرفها السياسة السكنية في املغرب‪.‬‬
‫و من ثم فالجماعات الترابية في حاجة ماسة إلى احتياطات عقارية ملواجهة الخصاص في هذا املجال‪،‬‬
‫ومواجهة استفحال ظاهرة املضاربة العقارية و الغالء الفاحش الذي أصبحت تعرفه العقارات ‪.80‬‬

‫إن األمالك الجماعية تعتبر ثروة مادية هامة توظفها الجماعات الترابية في مواجهة ظروف‬
‫املستقبل و مخططاتها الجماعية على اعتبار أن العقار أساس التنمية‪ ،‬ذلك أن قوة الجماعة تقاس‬
‫بحجم رصيدها العقاري لكون املجال يحتل مكانة ذات أهمية قصوى في أي تخطيط تنموي‪ ،‬و من‬
‫هنا تبرز مدى أهمية امتالك الجماعات الترابية لألموال باعتبارها وسيلة من وسائل خدمة املصلحة‬
‫العامة‪ .81‬فهي تلعب دورا هاما على مستوى التنموي و االقتصادي و االجتماعي‪ ،‬كما توفر الجماعات‬
‫الترابية على أمالك عقارية تساهم في تنفيذ وثائق التعمير و ما تتضمنه من مشاريع دون اللجوء إلى‬
‫مسطرة نزع املكية من أجل املنفعة العامة التي غالبا ما تعرقل و تعطل املشاريع و ال تتم و ال تنجز في‬
‫األخير‪.‬‬

‫في حقيقة األمر أن الجماعات الترابية تعاني من قصور ومحدودية تدبير األمالك الجماعية‬
‫مما يساهم في تأخير و عدم تنفيذ أهداف و وثائق التعمير‪ ،‬ناهيك عن مشاريع أخرى كاملتعلقة ببرامج‬
‫الجماعات الترابية و التصميم الجهوي لعداد التراب‪ ،‬ثم ينتج عن ذلك القصور ضعف في مداخيل‬
‫ميزانية الجماعات الترابية‪.‬‬

‫وتتعدد الختالالت التي تعاني منها تدبير أمالك الجماعات الترابية نذكر منها‪: 82‬‬

‫‪ -‬عدم مواكبة الطار القانوني املنظم لألمالك الجماعية املحلية و مجموعاتها لواقع هذه‬
‫الوحدات الالمركزية ؛‬

‫‪ -80‬محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية على ضوء اجتهاد القضاء الداري املغربي " تقديم‪ :‬ثريا العيوني‪ ،‬منشورات مجلة العلوم‬
‫القانونية‪ ،‬سلسلة البحث األكاديمي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2014‬االصدار الثالث ‪ ،2014‬مطبعة األمنية الرباط‪ ،‬توزيع مكتبة الرشاد سطات‪،‬‬
‫الصفحة ‪22‬‬
‫‪ -81‬نفس املرجع األخير‪ ،‬الصفحة ‪.22‬‬
‫‪82‬محمد حيمود " مالية الجماعات الترابية" توزيع صومادي‪ ،‬الصفحة ‪.54-55‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -‬عدم شمولية النصوص القانونية و التنظيمية لكافة الوحدات الترابية و هيئاتها ؛‬
‫‪ -‬عدم وجود معيار دقيق و واضح للتمييز بين األمالك العامة عن الخاصة ؛‬
‫‪ -‬يتميز تسيير ممتلكات الجماعات الترابية بضعفه و هشاشته و يتمثل ذلك‪ ،‬على سبيل املثال‪،‬‬
‫في سوء استغالل األمالك و التفريط فيها بتفويتها للغير بأثمنة بخسة‪ ،‬و عدم بذل الجهد‬
‫لحصائها و الوقوف على حجمها الحقيقي و العمل على تسوية وضعيتها القانونية ؛‬
‫‪ -‬تكريس سوء التسيير و التفريط في املمتلكات بالنظر لقلة الدراية و ضعف تجربة املنتخبين‬
‫و األطر الدارية و تقنية العاملة في حقل املمتلكات و التعمير و الجبايات و غيرها من امليادين‬
‫املرتبطة بذلك؛‬
‫‪ -‬ضعف مراقبة سلطة الوصاية لكيفية تدبير املمتلكات الجماعية باعتماد الوسائل الوصائية‬
‫التقليدية؛‬

‫إن استمرار هذه االختالالت سيجعل الجماعات أمام عجز كبير لتنفيذ املشاريع التنموية‬
‫الكبرى والسيما تلك املضمنة في وثائق التعمير وباقي املشاريع األخرى مما يجعل تلك الوحدات الترابية‬
‫تصطدم بمسطرة نزع امللكية التي بدورها تعرف عدة إكراهات مما يجعل هذه املسطرة اللجوء إليها‬
‫من قبل الجماعات الترابية تتميز بعدة إشكاالت وخصوصية عن باقي أشخاص القانون العام‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬التطبيقات املسطرية لنزع‬
‫امللكية من أجل املنفعة العامة لدى‬
‫الجماعات الترابية في ضوء حلول القضاء‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬التطبيقات املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية‬
‫في ضوء حلول القضاء‬

‫سمح املشرع املغربي ألشخاص القانون العام نزع ملكية الخواص من أجل تحقيق املنفعة‬
‫العامة‪ ،‬و جاء في الفصل ‪ 3‬من قانون ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية و االحتالل املؤقت " يخول حق نزع‬
‫امللكية إلى الدولة و الجماعات املحلية و إلى األشخاص املعنويين اآلخرين الجارية عليهم أحكام القانون‬
‫العام‪."...‬‬

‫في هذا الباب تتدخل الجماعات الترابية باعتبارها شخص من أشخاص القانون العام لتعلن‬
‫عن املنفعة العامة و نزع ملكية الخواص‪ .‬إال أنها في غالب األحيان تغيب املصلحة العامة ‪ ،‬و كذا إذا‬
‫باشرت تلك الوحدات الترابية مسطرة نزع امللكية فالتعويض الذي تمنحه للخواص لجبر ضررهم‬
‫يكون تعويضا غير عادال‪ ،‬فيلجأ املنزوعة ملكيتهم إلى القضاء من أجل إنصافهم‪ .‬فيتدخل القضاء‬
‫لبسط رقابته لضبط املنازعات املتعلقة بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية‬
‫عن طريق قضاء املالءمة من أجل املوازنة بين املصلحة العامة و املصلحة الخاصة التي سيحققها‬
‫املشروع‪ ،‬و كذا قضاء الشرعية الذي يتدخل من أجل رقابة التعويض الذي تطرحه اللجنة الدارية‬
‫للتقييم و الخبير املحلف حتى يضمن للمنزوعة ملكيتهم تعويضا عادال يليق بقيمة عقارهم املنزوع‬
‫(مبحث أول )‪ .‬ومن جهة ثانية فالجماعات الترابية تستولي على عقارات الخواص بمبررات واهية أو‬
‫لجهلها للقوانين‪ ،‬فتخرق مسطرة نزع امللكية و تعتدي على امللكية العقارية للغير‪ ،‬مما يجعل هذا‬
‫األخير يرفع دعوى االعتداء املادي ضد الجماعة الترابية التي ترامت على ملكيته أمام القضاء‪ ،‬ويتدخل‬
‫هذا األخير أيضا للنظر في منازعات االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية (مبحث ثان)‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬املنازعات املتعلقة بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية‬
‫بين قضاء املالءمة و قضاء الشرعية‬

‫إن حق امللكية مضمون بموجب التشريعات الدولية والدستور‪ ،‬وال يجوز نزعها إال إذا‬
‫اقتضت ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد‪ ،‬وال يمكن نزع امللكية إال في الحاالت‬
‫و وفق الجراءات التي ينص عليها القانون‪.83‬‬

‫وقد أجاز قانون نزع امللكية من أجل املنفعة العامة إال في حالة تحقيق املنفعة العامة التي‬
‫سيحققها املشروع‪ ،‬كما أن املشرع املغربي لم يحدد مفهوم املنفعة العامة و إنما نص فقط في الفصل‬
‫األول من القانون رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية و االحتالل املؤقت ‪ " :‬إن نزع ملكية العقارات كال أو‬
‫بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية ال يجوز الحكم به إال إذا تم العالن عن املنفعة العامة‪ ،‬وال‬
‫يمكن إجراؤه إال طبقا للكيفيات املقررة في قانون نزع امللكية مع مراعاة االستثناءات املدخلة عليه كال‬
‫أو بعضا بموجب تشريعات خاصة "‪.‬‬

‫وإذا كان نزع امللكية إجراء إداري تقوم به الدارة نازعة امللكية بمقتض ى الصالحيات املخولة‬
‫لها كشخص عام تم تفويضه هذه السلطة‪ ،‬فإن هذا الجراء يجب أن يأخذ بعين االعتبار ما سوف‬
‫يحققه املشروع من فوائد و مزايا ‪ ،‬و ما سيخلفه من مساوئ و أضرار بالنسبة لحرية الفرد و حقوقه‪،‬‬
‫و هو األسلوب الذي يمارسه القضاء من خالل نظرية املالءمة ( املطلب األول )‪ ،‬و حتى ال يضيع حق‬
‫املنزوعة ملكيتهم في الحصول على تعويض عادل‪ ،‬يتدخل القضاء كذلك لبسط رقابته على شرعية‬
‫الجراءات املسطرية املتبعة بما فيها إجراءات تحديد التعويض ( املطلب الثاني )‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬رقابة قضاء املالءمة في مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية‬

‫عرف القضاء الداري في رقابته لشرط املنفعة العامة في نزع امللكية تطورا هاما بحيث‪ ،‬تجاوز‬
‫حدود الرقابة من مجرد رقابة التأكد من توافر املنفعة العامة من وراء القرار الداري بنزع امللكية إلى‬
‫حد املوازنة بين املصالح التي يحققها القرار و تلك التي يمس بها ‪ .84‬بحيث اتسعت سلطة القاض ي‪ ،‬فلم‬

‫‪83‬يونس أبالغ‪ ،‬كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة‪ ،‬ص‪ ،281 ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -84‬أحمد البكوش و سمير أحيدار‪ " ،‬الرقابة القضائية على قرارات نزع امللكية " ‪ ،‬رسالة لنيل ديبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون العام‪،‬‬
‫وحدة البحث و التكوين في الدارة العامة‪ ،‬جامعة محمد األول وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2000/2001‬ص‪.70 ،‬‬

‫‪51‬‬
‫تعد قاصرة على التأكد من صحة الوقائع التي دفعت بالدارة إلى إصدار قرار نزع امللكية‪ ،‬بل تجاوز‬
‫هذا الحد ليصبح من حق القاض ي " املوازنة و الترجيح بين املنفعة العامة التي يرمي القرار إلى تحقيقها‬
‫و املصالح الخاصة التي يمسها القرار"‪.85‬‬

‫من خالل هذا املطلب سنبين مفهوم قضاء املالءمة و أهم االجتهادات املحدثة لها (فقرة أولى)‪،‬‬
‫و كذا التطبيقات املسطرة الخاصة بقضاء املالءمة في مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية‬
‫(فقرة ثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم و تطور قضاء املالءمة في نزع امللكية من أجل املنفعة العامة‬

‫انتقل القاض ي من نطاق بحث مدى " مشروعية القرار " أي فحص القرار وللتأكد من سالمته‬
‫من الناحية القانونية إلى فحص مدى " مالءمة القرار"‪.‬‬

‫تروم املالءمة تقدير شرعية مشروع أو عملية ما و اعتبارها من املنفعة العامة‪ ،‬يتعين معرفة‬
‫ما تحققه من مزابا و فوائد‪ ،‬و الوقوف على ما ترتبه من أضرار و اعتداءات على امللكية الخاصة‪ ،‬و‬
‫ما تستلزمه من نفقات و تكاليف مالية مع األخذ بعين االعتبار األضرار االقتصادية و االجتماعية‬
‫للمشروع و إقامة موازنة بين هذه العناصر‪ ،‬بحيث ال يمكن إقرار املشروع إذا جاءت األضرار و األعباء‬
‫املترتبة عنه مفرطة بالنسبة للمزايا و املصلحة املزمع تحقيقها من وراءها‪.86‬‬

‫إ ن نظرية املالءمة تستلزم قيام تناسب كامل بين الجراء و سببه‪ ،‬ال يسمح القاض ي بأي تفاوت‬
‫بين مزايا الجراء و أضراره‪ ،‬فهامش الدارة مراقب إلى حدود السقف‪ ،‬حيث يقيم التقدير الداري من‬
‫طرف القاض ي الذي يصدر حكمه على أساس نظرته و اقتناعه بمجريات األمور مثلما أنه ال يسمح‬
‫بأي اعتداء على حرية املواطن إال بالقدر الالزم و الضروري لحماية النظام العام‪.87‬‬

‫‪85 - G- Pesseir , Droit administratif , Dalloz, 1ere édition, 1993, page : 53‬‬

‫‪ -86‬محمد املجدوبي ‪ ،‬منازعات أمالك الجماعات الترابية على ضوء االجهتاد القضائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪31‬‬
‫‪ -87‬نفس املرجع األخير‬

‫‪52‬‬
‫و تعد نظرية املالءمة من ابتداع مجلس الدولة الفرنس ي و له يعود الفضل في إبراز معاملها و ترسيخ‬
‫قواعدها‪ ،‬و يشكل حكم مجلس الدولة الفرنس ي في قضية " املدينة الشرقية الجديدة"‪ 88‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 28‬ماي ‪ 1971‬انطالقة االتجاه الجديد للرقابة املستحدثة‪ ،‬و تتلخص وقائع هذه القضية‪،‬‬
‫"أنه في محاولة لعادة تخطيط مدينة " ليل" و بقصد نقل " الجامعة " من وسط املدينة‪ ،‬نظرا ملا‬
‫يسببه وجودها من مشاكل في املواصالت و املرورو تواجد عدد كبيرمن طالب الجامعة ( حوالي ‪30‬‬
‫ألف طالب ) و أساتذتها العاملين بها‪ .‬لذلك ارتأت السلطات املحلية نقل الجامعة بكافة كلياتها و‬
‫معاهدها و مبانيها و خدماتها إلى شرق املدينة‪ ،‬مع إقامة حي جديد متكامل و يتسع لعدد من‬
‫السكان يتراوح بين ‪ 20‬و ‪ 25‬ألف نسمة‪ .‬و بهذا التخطيط ينبغي نزع ملكية ما يقرب ‪ 500‬هكتارمن‬
‫األراض ي‪ .‬بتكلفة مليارفرنك فرنس ي غيرأن تنفيذ هذا املشروع كان يقتض ي نزع ملكيته وإزالة ‪250‬‬
‫منزال‪ ،‬كان بعضها حديث البناء‪ ،‬بل أن بعضها كان مقاما وفق لترخيص بناء لم يمض عليه أكثر‬
‫من عام‪.‬‬

‫وأمام االحتجاج الصارخ من طرف أصحاب املنازل‪ ،‬لجأت الدارة للتخفيف من حدة اآلثار‬
‫إلى إجراء تعديل في التخطيط الذي وضعته ابتداء‪ ،‬بحيث سمح هذا التعديل بخفض عدد املنازل‬
‫املطلوب إزالتها إلى ‪ 88‬منزال فقط‪ .‬ولكن الدارة في نفس الوقت رفضت تعديال تقدمت به " جمعية‬
‫الدفاع عن منازل السكان املراد نزع ملكيتهم" و يرمي هذا التعديل إلى تجنب هدم أي منزل من‬
‫املنازل الو اقعة باملنطقة و رغم ذلك أصدرت الدارة قرارها‪ ،‬بإقامة املشروع و نزع ملكية ‪88‬‬
‫شخصا و إزالة منازلهم التي تعوق تنفيذ املشروع وفق التخطيط املعد لذلك‪ ،‬و أصدر وزير‬
‫التخطيط و السكان بتاريخ ‪ 03‬أبريل ‪ 1963‬قرارا في املوضوع طعنت ضده جمعية " الدفاع عن‬
‫السكان " التي أقيمت خصيصا لهذا الغرض ‪ ،‬فأصدرمجلس الدولة القراراملذكور سابقا‪.‬‬

‫و في قرار آخر ملجلس الدولة الفرنس ي و قد جاء فيه أن إعالن املنفعة العامة ال يكون مشروعا‬
‫متى كانت األضرار التي ستلحق بامللكيات الخاصة و كذا التكلفة املالية للمشروع جد مبالغ فيها‪ ،‬أي‬
‫تفوق عملية النفع الذي سيجنى من تحقيق املشروع املستهدف من وراء نزع امللكية ‪.89‬‬

‫‪88- C.E 28 Mai 1971, Ministre de l équipement et du logement‬‬ ‫‪/ C / Fédération de défense des personnes concernées par le‬‬
‫‪projet dénommé « ville Nouvelle Est « Rec 409 conclusion Braibant.‬‬
‫‪ -89‬محمد الكشبور‪" ،‬نزع امللكية ألجل املنفعة العامة "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.92‬‬

‫‪53‬‬
‫ومن خالل التمعن في القرارين الصادرين عن مجلس الدولة و التعليقات الفقهية بشأنه‬
‫يتضح أن مجلس الدولة الفرنس ي سار في اتجاه جديد يوسع من سلطات القاض ي في الرقابة على‬
‫قرارات نزع امللكية‪ ،‬بحيث ال يكتفي القاض ي بالنظر إلى املنفعة العامة التي يحققها قرار نزع امللكية‬
‫نظرة مجردة‪ ،‬بل يجب عليه أن يتجاوز هذا الحد و أن ينظر إلى مدى ما يحققه القرار الصادر بنزع‬
‫امللكية من فائدة تحقق أكبر قدر من املصلحة العامة عن طريق املوازنة بين الفائدة التي يحققها‬
‫املشروع و املصالح التي يمسها‪ ،‬أي أن ينظر إلى فكرة املنفعة العامة بشكل أعم و أوسع‪ ،‬نظرة‬
‫ي بنزع امللكية‪90.‬‬ ‫موضوعية تسمح بتقييم كافة املصالح املوضوعة في امليزان و التي يمسها القرار القاض‬
‫و تطبيقا لهذه النظرة سار مجلس الدولة في هذا املنحى الجديد و هو تقييم قرار نزع امللكية في ضوء‬
‫مزاياه و عيوبه آخذا بعين االعتبار ما أبداه مفوض الحكومة السيد ‪ Braibant‬من مالحظات في تقريره‬
‫الخاص في قضية " املدينة الشرقية الجديدة " ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تطبيقات رقابة قضاء املالءمة على شرط املنفعة العامة في مسطرة نزع امللكية‬
‫لدى الجماعات الترابية‬

‫إن تطور مفهوم املنفعة العامة واتساع نطاقهوازدياد تدخل الدولة والجماعات الترابية في‬
‫العالن عن املنفعة العامة لنزع ملكية الخواص جعل القاض ي الداري املغربي يعيد النظر في الرقابة‬
‫التقليدية على قرارات املنفعة العامة وذلك األخذ بنظرية املالءمة التي ابتدعها مجلس الدولة‬
‫الفرنس ي و السير على هذا االتجاه‪ .‬و كان ذلك ابتداء من قرار " شركة ميموزا " الشهير‪ ،‬و هو القرار‬
‫الصادر عن الغرفة الدارية باملجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا ) بتاريخ ‪ 10‬فبراير ‪ ،1992‬و الذي‬
‫يعتبر خطوة جريئة في اتجاه تدعيم حماية حقوق و حريات املواطنين‪ ،‬تتجلى في تنبيه قضاء املالءمة‬
‫بين املنافع و األضرار ألول مرة في قضية " شركة ميموزا " حيث انصبت رقابته على مضمون املنفعة‬
‫العامة‪.91‬‬

‫تتلخص وقائع هذه القضية في أن شركة ميموزا و هي شركة عقارية قامت بتهيئة قطعة أرضية‬
‫في ملكيتها و حصلت على إذن بإنجاز تجزئة سكنية‪ ،‬أنجزت منها الشطر األول‪ ،‬ثم شرعت في إنجاز‬

‫‪ -90‬أحمد البكوش و سمير أحيدار " الرقابة القضائية على قرارات نزع امللكية" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73 ،‬‬
‫‪91 - A. Delaubadaire, le contrôle juridictionnel du pouvoir discrètionaire de l utilité publique justifiant l expropriation, T II ,‬‬

‫‪LGDJ, Paris 1974, page : 531.‬‬

‫‪54‬‬
‫الشطر الثاني‪ ،‬غير أنها سرعان ما فوجئت بصدور مرسوم املنفعة العامة‪ ،‬يقض ي بإنجاز مشروع‬
‫التنمية الحضرية ملدينة القنيطرة‪ ،‬املشتمل على تغيير مدن الصفيح ووضع التجهيزات الضرورية و‬
‫األساسية‪.‬‬

‫وقد طعنت الشركة في هذا املرسوم بناء على ما يلي ‪:92‬‬

‫لقد تم الترخيص لها للقيام بنفس املشروع الذي تريد الدارة إنجازه في نفس املكان وعلى‬
‫عقار تملكه؛‬
‫لقد قامت بإنجاز الشطر األول من املشروع بحيث أنفقت عليه أمواال ضخمة دون أن تحرك‬
‫الدارة أي ساكن؛‬
‫قامت الدارة بتفويت البقع التي جهزتها الشركة للخواص بمبلغ ‪ 1.200.00‬درهم للمتر املربع‬
‫و قد شرع هؤالء في البناء‪.‬‬
‫حصلت على قرار من محكمة االستئناف يقض ي بإيقاف عملية التفويت‪.‬‬

‫تبعا لذلك‪ ،‬قض ى املجلس األغلى ( محكمة النقض حاليا ) بإلغاء املرسوم املعلن للمنفعة‬
‫العامة‪ ،‬بناءا على ما يلي‪ :‬إذا كانت الدارة تتوفر على السلطة التقديرية في خصوص املنفعة العامة‪،‬‬
‫التي تسعى إلى تحقيقها من وراء نزع امللكية‪ ،‬فإن ذلك ال يمنع القضاء الداري من مراقبة مضمون و‬
‫أغراض املنفعة العامة املذكورة و ما إذا كان املنزوع ملكيته كما هو في النازلة يسعى إلى تحقيق نفس‬
‫األغراض و األهداف بموافقة الدارة املسبقة لنجاز هذا املشروع‪ ،‬مما يعني أن الدارة رخصت‬
‫للطاعنة بتحقيق هذا املشروع‪ ،‬و تركتها تحقق جزءا منه و تنفق مبالغ مالية هامة ال يمكنها أن تسعى‬
‫إلى نزع هذه امللكية للمنفعة العامة لتحقيق نفس األغراض و إال فإنها تكون مشتطة في استعمال‬
‫سلطتها‪.‬‬

‫إن املنفعة العامة التي تتذرع بها الدارة لصدار املرسوم املطعون فيه قد تحقق بالفعل‪ ،‬ذلك‬
‫أن املشروع أنجزت الطاعنة طرفا مهما منه باعتراف الدارة وبموافقتها الواضحةوالصريحة مما يجب‬
‫معه إلغاء القرار املطعون فيه"‪.‬‬

‫‪ -92‬محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية " مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.35‬‬

‫‪55‬‬
‫ولقد استطاع القاض ي الداري املغربي أن يخرج عن القاعدة العامة التي كانت تستكنف من‬
‫خاللها اجتهاداته عن التدخل ملراقبة عناصر االختصاص التقديري في القرارات الدارية الصادرة بنزع‬
‫امللكية ليدشن ملرحلة جديدة باتجاه تعميق هذه الرقابة‪ .‬و هو إذ لم يفعل ذلك إال في قرار فريدة (‬
‫قرار شركة ميموزا ) ما فتئ بعده يرجع إلى نهجه القديم‪ .93‬و ذلك بعد صدور املجلس األعلى ( محكمة‬
‫النقض حاليا ) لقرارها‪ 94‬رقم ‪ 515‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 1995‬في امللف الداري عدد ‪ 95/9‬في قضية رشيد‬
‫بن محمد بوحجرة و الذي جاء فيه‪:‬‬

‫أن السيد (ر‪.‬م‪.‬ب) يطلب بسبب الشطط في استعمال السلطة إلغاء املرسوم رقم ‪2-94-277‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 24‬مايو ‪ 1994‬املنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 4262‬املتعلق بالعالن عن نزع امللكية‬
‫للمنفعة العامة من أجل إحداث تجزئة سكنية بسيدي العابد بعمالة الصخيرات تمارة وتعيين القطع‬
‫األرضية الالزمة لهذا الغرض ومن بينها القطعة ذات الرسم العقاري عدد (‪ )03-64-151‬وأسس طعنه‬
‫على األسباب الخمسة املذكورة في مقاله طالبا إلغاء املرسوم املذكور‪.‬‬

‫في حين أجاب الوكيل القضائي للمملكة بمذكرة بين فيها أنه ينوب عن الوزير األول ووزير‬
‫السكان املطلوبين في الطعن والتمس رفض الطعن‪ .‬أما فيما يتعلق بالسبب الثاني ألسبقيته فحيث‬
‫ينتقد الطاعن املرسوم الفردي املطلوب إلغاؤه بخرق الفصل األول من املرسوم التنظيمي رقم ‪-382‬‬
‫‪ 82-2‬الصادر بتاريخ ‪ 1983/4/16‬بتطبيق القانون رقم ‪ 7/81‬املتعلق بنزع امللكية للمنفعة العامة ذلك‬
‫أن املرسوم املطعون فيه ال يشير إلى أنه اتخذ باقتراح من الوزير املعني باألمر‪ .‬غير أنه تبين من وثائق‬
‫امللف أن املرسوم املطعون فيه ينص في ديباجته على أنه اتخذ باقتراح من وزير السكان فكان السبب‬
‫مخالفا للواقع‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالسبب األول فقد عاب الطاعن املرسوم املطلوب إلغاؤه بعدم االرتكاز على‬
‫أساس ذلك أن املرسوم يستند إلى مشروع مرسوم سبق أن ألغاه املجلس األعلى بقراره في امللف‬
‫الداري عدد ‪ 91-10132‬بتاريخ ‪ 1992/6/4‬بناء على عدم اتخاذ ذلك املشروع باقتراح الوزير املعني‬
‫باألمر فيكون املرسوم املطعون فيه على غير أساس الرتكازه على مشروع مرسوم ملغى‪.‬‬

‫‪ -93‬حسن عفوي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -94‬قرار املجلس األعلى (حاليا محكمة النقض) رقم ‪ 515‬الصادر بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 1995‬في امللف الداري عدد ‪( 95 /9‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫غير أنه فضال على أن قرار املجلس األعلى املحتج به إنما يتعلق بطعن في نزع ملكية أرض أخرى‬
‫يملكها شخص آخر غير الطاعن فإنه الش يء في القانون يمنع الدارة من أن تتدارك العيب الشكلي‬
‫الذي كان في مشروع املرسوم من عدم اتخاذه بناءا على استشارة الجهة املعنية وأن تصحح الدارة‬
‫الوضع في املرسوم النهائي كما هو الشأن في النازلة إذ أن املرسوم املطعون فيه ينص على البيان‬
‫املذكور كما سبقت الشارة عند الجواب عن السبب السابق وما دام الطاعن ال ينازع في صحة أي من‬
‫الجراءات الشكلية األخرى التي بني عليها املرسوم املطعون فيه فإن ما يتمسك به ال تأثير له ويكون‬
‫السبب بدون أساس‪.95‬‬

‫أما فيما يتعلق بالسبب الرابع فقد عاب الطاعن على املرسوم املطلوب إلغاؤه بعدم وجود‬
‫املنفعة املؤسس عليها ذلك أن املرسوم يشير إلى أن الغرض من نزع امللكية هو إقامة تجزئة حيث أن‬
‫الطاعن يمكنه أن ينجز نفس املشروع بدل الدارة خاصة وأنه هيأ مشروعا سياحيا على القطعة‬
‫املنزوعة ملكيتها وربما كان مشروعه سيحقق منفعة أفضل‪.‬‬

‫غير أنهاتضح من مراجعة املرسوم املطعون فيه أن املنفعة العامة التي على أساسها تقرر نزع‬
‫ملكية القطعة األرضية التي يملكها الطاعن تتجلى في إنجاز تجزئة سكنية بسيدي العابد عمالة‬
‫الصخيرات‪ .‬لكنه حيث حتى على فرض أن الطاعن كان ينوي إحداث مشروع سياحي على القطعة‬
‫املنزوع ملكيتها فإن املنفعة العامة املتوخاة تبقى فوق كل االعتبارات الشخصية ما دامت الدارة قد‬
‫احترمت أسس هذه املنفعة ولم تحد عنها ولم تنحرف في استعمال سلطتها التقديرية في هذا املجال‪.‬‬
‫ولم يكن هدفها هو حرمان الطاعن من أرضه ألغراض أخرى غير غرض املنفعة العامة التي من أجلها‬
‫تقرر نزع امللكية مما يكون معه السبب املستدل به غير مؤسس‪.96‬‬

‫أما فيما تعلق بالسبب الثالث فقد عاب الطاعن على املرسوم املطلوب إلغاؤه عدم مراعاة‬
‫مبدأ املساواة ذلك أنه وقع الترخيص ملالكي قطعتين أرضيتين تجاوران أرض الطاعن بإقامة‬
‫مشروعين سياحيين وأن أحدهما أشرف على إنهاء أعمال البناء وأن استثناء أرض ي جاريه املذكورين‬
‫من نزع امللكية يخل بمبدأ املساواة بين املواطنين‪.‬‬

‫‪95‬قرار املجلس األعلى (حاليا محكمة النقض) رقم ‪ 515‬الصادر بتاريخ ‪ 30‬نونبر‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪96‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫غير أن استغناء الدارة عن أجزاء من األرض التي تقرر نزع ملكيتها لفائدة بعض املنزوع‬
‫ملكيتهم واحتفاظها بأراض ي مالك آخرين ال يعني أنها قد خرقت مبدأ املساواة بين املواطنين بل إنها‬
‫مارست سلطتها التقديرية في تحديد حاجياتها الحقيقية من األراض ي الضرورية لتنفيذ أغراض‬
‫املنفعة العامة التي تسعى إلى تحقيقها إال إذا ثبت أن الدارة قد استغنت عن قطع أرضية ضرورية‬
‫والزمة لتحقيق املشروع املزمع إنجازه وأن هدفها الحقيقي كان هو حرمان بعض املالك من أراضيهم‬
‫رغم عدم احتياجها إليها لتحقيق مرامي املنفعة العامة وأنها كانت تقصد املضاربة على الفرق بين ثمن‬
‫االقتناء وثمن البيع على حساب مصالح املالكين املذكورين الش يء الذي لم يثبت في النازلة مما يكون‬
‫معه السبب املستدل به غير منتج‪".‬‬

‫من جهة ثانية‪ ،‬فإن الغرفة الدارية باملجلس األعلى ‪ ( 97‬حاليا محكمة النقض) في قرارها عدد‬
‫‪ 500‬بتاريخ ‪ 07‬مارس ‪ 1997‬قد أقر ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬مراقبة مشروعية املنفعة العامة املتوخاة من نزع امللكية؛‬


‫‪ -‬االتجاه الحديث في القضاء الداري ال يكفي بالنظر إلى املنفعة العامة املتوخاة من نزع امللكية‬
‫نظرة مجردة‪ ،‬بل تجاوز ذلك النظرة فيما يعود به القرار من فائدة تحقق أكبر قدر من‬
‫املصلحة العامة؛‬
‫‪ -‬يمكن للقاض ي الداري أن يوازن بين الفوائد التي سيحققها املشروع املزمع إنشاؤه واملصالح‬
‫الخاصة التي سيمس بها؛‬
‫‪ -‬يمكن تقييم قرار نزع امللكية على ضوء مزاياه وسلبياته واملقارنة بين املصالح املتعارضة لإلدارة‬
‫والخواص في نطاق املشروعية املخولة لقاض ي اللغاء عن طريق إجراءات التحقيق‪ ،‬الخبرة مثال‬

‫يبدو بذلك بأن القضاء الداري املغربي خطى أشواطا كبيرة في اتجاه الرقابة على قرارات‬
‫املنفعة العامة و ذلك بإقراره للعمل بنظرية املوازنة و لم يقف فقط على الرقابة التقليدية للمنفعة‬
‫العامة‪ ،‬خاصة و أن مجموعة من الجماعات الترابية تعلن عن قرار نزع امللكية للمنفعة العامة دون‬
‫درايتها الجيدة بالنفع الذي سيعود به املشروع‪ ،‬هذا و ال ننس ى الرقابة على املنفعة العامة التي تعلن‬

‫‪ -97‬قرار الغرفة الدارية باملجلس األعلى (حاليا محكمة النقض) عدد ‪ 500‬بتاريخ ‪ 07‬مارس ‪ 1997‬ملف إداري عدد ‪( 95/63‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫عنها الجماعات الترابية التي تكون مشوبة بعين االنحراف في استعمال السلطة و التي تكون بغرض‬
‫حسابات سياسية أو تحقيق مشاريع شخصية على مستوى تلك الوحدات الترابية‪.98‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬رقابة قضاء الشرعية على قيمة التعويض لنزع امللكية لدى الجماعات الترابية‬

‫إن موضوع نزع امللكية من أجل املنفعة العامة و ال سيما في الجانب املتعلق بالتعويض أصبح‬
‫يحض ى في اآلونة األخيرة بمكانة كبيرة من العناية و االهتمام ملساسه املباشر بفئات عريضة من‬
‫املجتمع و من شرائح مختلفة و أيضا بمفهوم الحكامة في تدبير املال العام و التوظيف األمثل له‪ ،‬وقد‬
‫جاء في الخطاب امللكي أمام مجلس ي البرملان يوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ 2016‬بمناسبة افتتاح الدورة األولى‬
‫التشريعية من الوالية العاشرة‪ ،‬و الذي يعتبر بحق بمثابة خطة عمل يجب أن تسير على هديها الدارة‬
‫في تدبيرها ملسطرة نزع امللكية و املحاكم في أيجاد حلوال للنزاعات القضائية التي تعرض عليها‪ ،‬حيث‬
‫ورد في الخطاب امللكي السامي‪ " :99‬فالعديد من املواطنين يشتكون من قضايا نزع امللكية ألن الدولة‬
‫لم تقم بتعويضهم عن أمالكهم أو لتأخيرعملية التعويض لسنوات طويلة تضربمصالحهم أو ألن‬
‫مبلغ التعويض أقل من ثمن البيع املعمول به و غيرها من األسباب‪ .‬إن نزع امللكية يجب أن تتم‬
‫لضرورة املصلحة العامة القصوى‪ ،‬و أن يتم التعويض طبقا للسعار املعمول بها في نفس تاريخ‬
‫القيام بهذه العملية مع تبسيط املساطر املعمول بها‪."...‬‬

‫وتحتل دعوى التعويض في مجال نزع امللكية لدى الجماعات الترابية مكانة مميزة داخل‬
‫القضاء الداري خاصة و أن الجماعات الترابية تباشر مسطرة نزع امللكية دون رصدها لعتمادات‬
‫مالية للتعويض‪ ،‬مما جعلنا نتساءل عن الدور القضائي للنظر في مدى شرعية التعويض املحدد من‬
‫طرف اللجنة الدارية للتقييم (فقرة أولى )‪ ،‬ثم التعويض املحدد من طرف الخبير ( فقرة ثانية)‪.‬‬

‫‪98‬قرار الغرفة الدارية باملجلس األعلى (حاليا محكمة النقض) عدد ‪ 500‬بتاريخ ‪ 07‬مارس ‪ ،1997‬نفس املرجع‪.‬‬
‫‪-99‬مقتطف من الخطاب امللكي أمام مجلس ي البرملان يوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ 2016‬بمناسبة افتتاح الذورة التشريعية األولى من الوالية العاشرة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مدى شرعية التعويض املحدد من طرف اللجنة الدارية للتقييم لدى الجماعات‬
‫الترابية‬

‫ألقى املغفور له الراحل امللك الحسن الثاني في خطاب ‪ 8‬ماي ‪ " 1001990‬إذن على الدولة أن‬
‫تضع حدا لتصرفاتها‪...‬إنه ال يمكن للشخص أن يتوصل بماله‪ ،‬تكون قد مرت ‪ 20‬عاما أو ‪ 15‬عاما‬
‫ولم يأخذ إال ‪ 10‬في املئة أو ‪ 2‬في املئة نظرا النخفاض القدرة الشرائية للمال‪ ."...‬لذلك ال يتم تحديد‬
‫التعويضات من طرف الجهة نازعة امللكية و املمثلة في اللجنة الدارية للتقييم‪ ،‬و املنصوص على‬
‫أعضاءها في الفصل ‪ 7‬من املرسوم التطبيقي لنزع امللكية و االحتالل املؤقت‪.‬‬

‫لذلك يمكن القول‪ ،‬وجب ضرورة تعديل الفصل ‪ 7‬من املرسوم التطبيقي لقانون نزع امللكية‬
‫السالف الذكر بإضافة أعضاء دائمين كممثل املجلس الجماعي املعني ‪ ،101‬و كذا ممثل املنزوعة‬
‫ملكيته حتى يسود مبدأ املساواة و أن ال يتم أي اختالل في تحديد التعويض‪.‬‬

‫وبذلك تعد أهم النزاعات التي تحدث في ميدان نزع امللكية هو منازعة املعني في مبلغ التعويض‬
‫املحدد من طرف لجنة التقييم‪ ،‬إذ سمح املشرع ملن ينازع في مشروعية و عدالة التعويض‪ ،‬رفع دعوة‬
‫الزيادة في هذا األخير‪ ،‬إذ يتولى القاض ي الداري النظر في شرعية التعويض املحدد من طرف‬
‫الدارة ‪ ،102‬و من ثم يحق للطرف املنزوعة ملكيته الحصول على تعويض عادل‪ ،‬إذا اعتبر أن الثمن‬
‫املحدد من طرف اللجنة الدارية للتقييم ال يعكس التعويض الحقيقي للعقار موضوع نزع‬
‫امللكية‪.103‬مما يجعل املنزوعة ملكيتهم ال يقبلون التعويض املحدد من طرف اللجنة الدارية للتقييم‬
‫و التماس إجراء الخبرة للوقوف على القيمة الحقيقية للعقار‪.‬‬

‫من هنا يستفاد من حكم املحكمة الدارية بالرباط‪ ،‬حكم رقم ‪ 68‬بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪ ،2009‬ملف‬
‫رقم‪ 07/1804 :‬ش‪ 104‬بين ‪ :‬الوكالة الخاصة طنجة البحر األبيض املتوسط في شخص رئيس مجلس‬
‫الدارة الجماعي‪ ،‬الكائن مقرها االجتماعي برقم ‪ 23‬زنقة كارنو كنجة و السيد املختار املغاري و الذي‬

‫‪ -100‬مقتطف من الخطاب امللكي بمناسبة إنشاء املجلس االستشاري لحقوق النسان في ‪13‬شوال ‪ 1410‬هجرية املوافق ل ‪ 8‬ماي ‪.1990‬‬
‫‪ -101‬العربي محمد مياد‪ " ،‬الحق في التعويض العادل عن نزع امللكية ألجل املنفعة العامة" مطبعة األمنية الرباط‪ ،2009 ،‬الصفحة ‪.36‬‬
‫‪ -102‬محمد املجدوبي‪ " ،‬منازعات أمالك الجماعات الترابية" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41 ،‬‬
‫‪ -103‬نفس املرجع األخير‪.‬‬
‫‪ -104‬حكم املحكمة الدارية بالرباط‪ ،‬حكم رقم ‪ 68‬بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪ ،2009‬في امللف رقم ‪ 1804/07 :‬ش (غير منشور)‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫جاء فيه‪ " :‬فيما يتعلق بالتعويض‪ :‬حيث التمس نازع امللكية نقل ملكية العقار أعاله مقابل التعويض‬
‫املقترح من طرف اللجنة الدارية للتقييم و املحدد غفي مبلغ ‪ 649.200.00‬درهم ‪ .‬وحيث نازع الطرف‬
‫املدعي عليه بواسطة نائبه في مبلغ التعويض املقترح من طرف اللجنة الدارية للتقييم والتمس إجراء‬
‫خبرة لتحديد القيمة الحقيقية للعقار موضوع نزع امللكية‪ .‬وحيث أمرت املحكمة تمهيديا بإجراء خبرة‬
‫لتحديد التعويض طبقا ملقتضيات الفصل ‪ 20‬من قانون نزع امللكية انتدبت لها الخبير املحلف السيد‬
‫العربي املصمودي الذي انتهى في تقريره إلى أن القيمة الحقيقية للعقار ‪ 1.298.400.00‬درهم على‬
‫أساس ‪ 60.00‬درهم للمتر املربع الواحد وذلك لكون القطعة األرضية املنزوع ملكيتها توجد على حافة‬
‫الطريق املؤدية من طنجة وتطوان إلى مركز ملوسة والقصر الصغيروكذا اعتبارا ملوقعها واملسافة‬
‫التي تفصلها عن حدود الطريق وأهمية مساحتهاوشكلها‪.105‬‬

‫وحيث نازع الطرفان في مبلغ التعويض املقترح إذ اعتبره املدعي عليه غير مناسب في حين‬
‫اعتبرته نازعة امللكية بأنه غير موضوعي ويتعين الحكم بالتعويض املقترح من لدن اللجنة الدارية‬
‫للتقييم‪.‬‬

‫وحيث إن التعويض عن نقل امللكية تحدده املحكمة أساسا وفق مقتضيات‪:‬‬


‫‪ -1‬ال يشمل الضرر الحالي واملحقق والناش ئ مباشرة عن نزع امللكية؛‬
‫‪ -2‬أن يأخذ بعين االعتبار قيمة العقار بالنظر إلى حالته وموقعه واستعماله و كذا األثمنة التي‬
‫بيعت بها العقارات املجاورة استنادا إلى االختالفات املتواجدة مع عناصر املقارنة‪.106‬‬

‫و حيث إن املحكمة استنادا إلى وثائق امللف و مستنداته و بعد إطالعها على ما تضمنه محضر‬
‫اللجنة الدارية للتقييم و رعيا منها للمصلحة العامة و أخذا بعين االعتبار موقع و طبيعة و مساحة‬
‫العقار موضوع نزع امللكية فإنها ترى و في إطار سلطتها التقديرية بأن التعويض املناسب عن نقل‬
‫ملكية القطعة األرضية املذكورة ينبغي أن يكون محددا في مبلغ ‪ 1.298.400.00‬درهم على أساس‬
‫‪ 60.00‬درهم للمتر املربع الواحد‪.‬‬

‫‪105‬حكم املحكمة الدارية بالرباط‪ ،‬حكم رقم ‪ 68‬بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪ ،2009‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 106‬نفس المرجع‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫وحيث إنه تبعا لذلك يتعين على املدعية أداء أو إيداع التعويض املذكور لفائدة الطرف املدعى‬
‫عليه من تاريخ تبليغها بهذا الحكم تحت طائلة ترتيب الفوائد القانونية ‪."...‬‬

‫كما أن هناك قرارا صادرا عن محكمة االستئناف الدارية بالرباط املؤرخ في ‪ 17‬أبريل ‪،2012‬‬
‫ملف عدد‪ 10711/11/191 :‬بين الجماعة الحضرية بطنجة ضد السيد الحاج محمد بالعياش ي و الذي‬
‫جاء فيه بأن االستئناف املقدم بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪ 2011‬من طرف الجماعة الحضرية لطنجة بواسطة‬
‫نائبها و كذا االستئناف الفرعي املقدم بتاريخ ‪ 5‬غشت ‪ 2011‬من طرف محمد بن العياش ي اسكيرج‬
‫بواسطة نائبه ضد الحكم الصادر عن املحكمة الدارية بالرباط بتاريخ ‪ 11‬ماي ‪ 2010‬في امللف رقم‬
‫‪ 2009/11/147‬قد جاءا وفق الشكل املتطلب قانونا لقبولهما شكال‪.‬‬

‫أما موضوعا فيستفاد من أوراق امللف و محتوى الحكم املستأنف أنه بتاريخ ‪ 16‬يناير ‪2009‬‬
‫تقدمت املدعية ( املستأنفة ) أصليا أمام املحكمة الدارية بالرباط بمقال تعرض فيه أنه بتاريخ ‪11‬‬
‫يونيو ‪ 2007‬صدر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5533‬املرسوم رقم ‪ 2.07.821‬املؤرخ في ‪ 2007/5/22‬الذي‬
‫تقرر بموجبه أن املنفعة العامة تقض ي ببناء محطة لضخ املياه املستعملة بحي بن كيران باملقاطعة‬
‫الحضرية لطنجة و أنه من بين القطع األرضية التي تقرر نزع ملكيتها لهذا الغرض القطعة األرضية‬
‫البشير الرشيد ‪ 2‬ذات الرسم العقاري عدد ‪ 2/10.002‬البالغ مساحتها ‪ 701‬متر مربع ملتمسة الحكم‬
‫بنقل ملكيتها مقابل التعويض املقترح من طرف اللجنة الدارية للتقييم و املحدد في مبلغ ‪140.200‬‬
‫درهم‪ ،‬و بعد املناقشة و إجراء خبرة بواسطة الخبير رشيد البلغيتي الذي وضع تقريره في امللف و بعد‬
‫تمام الجراءات و استنفاذ أوجه الدفاع صدر الحكم بنقل ملكية القطعة األرضية املنزوعة ملكيتها‬
‫مقابل أداء أو إيداع نازعة امللكية لفائدة املنزوعة ملكيتهم تعويضا نهائيا قدره ‪ 560.800‬درهما على‬
‫أساس ‪ 800‬درهم للمتر املربع مع الصائر و هو الحكم املستأنف أصليا من طرف الجماعة الحضرية‬
‫لطنجة و فرعيا من طرف محمد بن العياش ي اسكيرج‪.‬‬

‫كما صدر حكم للمحكمة الدارية بالرباط‪ .108‬جاء فيه أن من نازع الطرف املدعى عليه‪،‬‬
‫املنزوعة ملكيته‪ ،‬في مبلغ التعويض املقترح و التمس الحكم بإجراء خبرة‪.‬‬

‫‪ -107‬قرار محكمة الستئناف الدارية بالرباط املؤرخ في ‪ 17‬أبريل ‪ ،2012‬ملف عدد‪( 11/11/191 :‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -108‬حكم املحكمة الدارية بالرباط عدد ‪ ،1387‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬ماي ‪.2010‬‬

‫‪62‬‬
‫لذلك قضت املحكمة تمهيديا بإجراء خبرة عقارية أسندت مهمة القيام بها للخبير املحلف‪،‬‬
‫السيد رشيد البلغيتي الذي خلص في تقريره إلى تحديد قيمة القطعة األرضية املنزوعة ملكيتها في مبلغ‬
‫‪ 701.000.00‬درهما على أساس ‪ 1000.00‬للمتر املربع الواحد‪ .‬إن الخبرة مستوفية للشروط الشكلية‬
‫واملوضوعية املتطلبة قانونيا‪ ،‬ومستجيبة ملقتضيات الحكم التمهيدي‪ ،‬مما ارتأت معه املحكمة على‬
‫إعمال سلطتها التقديرية في تحديد التعويض عن نقل امللكية في مبلغ ‪ 560.800.00‬درهما على أساس‬
‫‪ 800.00‬درهم للمتر املربع‪"...‬‬

‫غالبا تتشبت الجهة نازعة امللكية بالتعويض الذي تحدده اللجنة الدارية للتقييم‪ ،‬لكن‬
‫املنزوعة ملكيتهم يرفضون ذلك التعويض املقترح و يلجؤون إلى املحكمة الدارية للطعن في مبلغ‬
‫التعويضات ثم يتم إجراء الخبرة على قيمة العقار مما يتعين على الخبير الوقوف بعين املكان و تقييم‬
‫األرض موضوع النزع ومعاينتها و تحديد موقعها الجغرافي و مساحتها و كل ما يتعلق بها حتى يتم‬
‫الوقوف على القيمة الحقيقية للعقار و ال يتم إهدار حقوق الخواص‪.‬‬

‫و هذا ما يستفاد من حكم صادر عن املحكمة الدارية بمكناس‪ 109‬الصادر بتاريخ ‪ 30‬جمادى‬
‫األولى ‪ 1432‬املوافق ل ‪ 4‬ماي ‪ 2011‬تحت عدد ‪ 10/2001/201‬الصادر ضد الجماعة الحضرية‬
‫مكناس ملوالي إدريس زرهون و الذي يستفاد منه ما يلي‪:‬‬

‫"بناء على األمر التمهيدي الصادر بتاريخ ‪ 21‬أكتوبر ‪ 2011‬و القاض ي بانتداب السيد محمد‬
‫الرحموني‪ ،‬و بناء على وضع الخبير‪...‬لتقريره املؤرخ في ‪ 24‬فبراير ‪ 2011‬و الذي انتهى فيه‪ ،‬بعد الوقوف‬
‫على محل موضوع نزع امللكية و وصفه و مساحته‪ ،‬أوضح أنه بعد املعاينة امليدانية ملحل النزاع الذي‬
‫يمتاز بموقع جيد على واجهة الشارع الرئيس ي و كذلك موقع تجاري‪ ،‬و بعد بحثه الشخص ي مع الجهات‬
‫املختصة‪ ،‬من أجل أخذ نقط املقارنة و معرفة الثمن‪ ،‬حدد ثمن املتر املربع في ‪ 5000‬درهم‪"..‬‬

‫إن اللجنة الدارية للتقييم هي املختصة في تحديد التعويض عن نزع امللكية إال أن هذه اللجنة‬
‫في تركيبة أعضاءها يغيب فيها عضو يمثل الجهة املنزوعة ملكيتها مما يجعل تلك اللجنة تنفرد بقرار‬
‫تحديد التعويض خاصة و إذا كانت الجهة نازعة امللكية هي جماعة ترابية و نحن نعي أن هذه األخيرة‬

‫‪ -109‬حكم املحكمة الدارية بمكناس الصادر بتاريخ ‪ 30‬جمادى األولى ‪ 1432‬املوافق ل ‪ 4‬ماي ‪ 2011‬تحت عدد ‪ 10/2001/201‬الصادر ضد‬
‫الجماعة الحضرية موالي إدريس زرهون مكناس‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫تعاني من محدودية املوارد املالية و ال تؤدي قيمة التعويض مما يجعل الخواص املتضررون يطرقون‬
‫باب القضاء ليبسط رقابته و يتم تحديد التعويض الحقيقي عن طريق االستعانة بخبير‪ ،‬إال أن هذا‬
‫األخير هو بدوره تمارس عليه رقابة القاض ي الداري للنظر في مدى شرعية التعويض التي يحددها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مدى شرعية التعويض املحدد من طرف الخبيرلدى الجماعات الترابية‬

‫الخبرة عمل قانوني يهدف إلى االستعانة بشخص يتمتع بكفاءة علمية متخصصة أو " بخبرة‬
‫متتابعة مع الزمن " لوضع تقرير شامل دقيق بمسألة فنية وفقا للمهمة املحددة من قبل القاض ي‬
‫الذي يختار الخبير املختص ‪.110‬‬

‫تهدف الخبرة باألساس إلى التحقق من مدى مشروعية التعويض املحدد من طرف اللجنة‬
‫الدارية لتقييم أو تفندها‪ .‬وللقيام بهذه املهمة يجب أن يتحلى عمل الخبير بالحياد و أن ال ينحاز ألحد‬
‫األطراف على حساب الطرف األخر آخذا بعين االعتبار مواصفات العقار و طوله مساحته و موقعه‪،‬‬
‫لتقديم املساعدة إلى السلطة القضائية في تحديد تعويض عادل للمنزوعة ملكيته‪ .‬إال أنه قد يتنكر‬
‫للمهمة التي تم انتدابه ألجلها‪ .111‬ه ذا و إذا تبين للمحكمة أن التعويض املقترح من طرف الخبير غير‬
‫منطقي أو غير مبني على معطيات واقعية صحيحة لقيمة العقار‪ ،‬يجوز للمحكمة أن تعدل التعويض‬
‫املقترح من طرف الخبير لعدم شرعيته‪ ،‬و هذا ما ذهبت إليه املحكمة الدارية ‪ 112‬بمراكش في حكمها‬
‫عدد ‪ 134‬بتاريخ ‪ 19‬يونيو ‪ 2002‬و جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫" للمحكمة تعديل التعويض املقترح من طرف الخبير كلما تبين لها عدم انسجام النتيجة‬
‫التي انتهى إليها هذا األخيرمع املعطيات الو اقعية و املادية املستقاة من تقريره‪."...‬‬

‫أما إذا كانت الخبرة التي أنجزها الخبير مبنية على معطيات صحيحة و وقف على قيمة العقار‬
‫املنزوع الحقيقي و لم ينازع األطراف في تقرير الخبير ‪ ،‬فهنا ال يبقى للمحكمة سوى املصادقة و الحكم‬
‫على ما جاء في تقرير الخبير‪ .‬و هذا ما ذهبت إليه الدارية بالرباط في حكمها‪ 113‬رقم ‪ 206‬بتاريخ ‪18‬‬

‫‪ -110‬القاض ي نهاد الحيان‪ " ،‬الخبرة التقنية و إجراءاتها و أسس تقدير التعويض" املعهد القضائي األردني‪ ،‬طبعة ‪ ،2020‬ص‪4 ،‬‬
‫‪ -111‬محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية " مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44 ،‬‬
‫‪ -112‬حكم املحكمة الدارية بمراكش عدد ‪ 134‬الصادر بتاريخ ‪ 19‬يونيو ‪.2002‬‬
‫‪ -113‬حكم املحكمة الدارية بالرباط رقم ‪ 206‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬يناير ‪ 2012‬في امللف رقم ‪ 07 /2252‬ش ع ( غير منشور)‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫يناير ‪ 2012‬في امللف رقم ‪ 07/2252‬ش ع و هو قرار غير منشور بقولها ‪ " :‬الخبرة املبنية على معطيات‬
‫موضوعية و منسجمة مع مقتضيات الحكم التمهيدي و عدم منازعة األطراف فيها فال يسع‬
‫املحكمة سوى املصادقة عليها وفق ما انتهى إليه الخبير‪...‬نعم "‬

‫كما أنه يمكن للقاض ي‪ ،‬إذا لم يجد في التقرير الخبير البيانات التي قد تساعده للوصول إلى‬
‫الثمن الحقيقي لألرض أن يأمر بخبرة إضافية‪ ،‬أو أنه يستدعي خبير الذي قام بالخبرة األولى لكي يقدم‬
‫له جميع التوضيحات التي يطالبها منه و هو ما يستفاد من املادة ‪ 64‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬و إذا‬
‫كان للقاض ي أن يعتمد للتعليل الذي أبداه الخبير‪ ،‬بل و الحالة على تقريره في هذا الصدد فمن األفيد‬
‫له أن ويورد تعليال يبين من خالله مدى اقتناعه هو بقيمة التعويض الذي حكم به و من أحسن ما‬
‫وقفنا عليه هو التعليل الذي أوردته املحكمة الدارية بمكناس و قي جاء فيه ‪:114‬‬

‫" و حيث إن املشرع قد نص في الفصل ‪ 20‬من القانون رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع امللكية على‬
‫أداء التعويض مقابل نزع امللكية على أن يكون الضرر حاال محققا ونشأ عن نتيجة نزع امللكية‪ ،‬و‬
‫حدد معايير كرسها االجتهاد القضائي تحدد على ضوئها قيمة العقارات املجاورة مع األخذ بعين‬
‫االعتباراالختالفات املوجودة مع عناصر املقارنة‪.‬‬

‫و حيث‪ ،‬إنه تطبيقا لتلك املعايير على عقار النازلة و بعد الطالع على وثائق امللف و‬
‫خصوصا التصميم املرفق ملقرر التخلي و املنجزمن طرف املصالح التقنية للوكالة املدعية بتاريخ‬
‫‪ 16‬أكتوبر ‪ 1990‬يتضح بأنه عبارة عن أرض عارية منبسطة توجد برمتها بداخل املدار الحضري‬
‫ملدينة أزرو و تقترب من الطريق الرئيسية الرابطة بين مكناس و أزرو و يحتوي حسب التصميم‬
‫الحضري ملدينة أزرو منطقتين‪ :‬منطقة للسكن املتصل بطابقين بمساحة ‪ 17.720‬متر مربع‪ ،‬و‬
‫منطقة إدارية بمساحة ‪ 5920‬متر مربع‪ ،‬و ذلك بعد التجهيز و خصم مساحة ما ذكر من املساحة‬
‫العامة‪ ،‬كما أنه قريب من شبكة التطهير و شبكة املاء و الكهرباء باعتبار أن هذه التجهيزات قد‬
‫زودت بها التجزئة العقارية املجاورة لها املسماة بتجزئة حي السالم‪.‬‬

‫و حيث‪ ،‬إنه و حسب تقريرالخبرتين‪ ،‬فإنه العقارات املماثلة قد بيعت ما بين ‪ 650‬إلى ‪1000‬‬
‫درهم للمتر املربع الواحد‪.‬و حيث إن ما لحق املدعى عليها من ضرر نتيجة فقدانها الجبري مللكها‬

‫‪ -114‬محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية" مرجع سابق‪ ،‬ص‪.47 ،‬‬

‫‪65‬‬
‫كان السبب الوحيد فيه هونزع امللكية‪ ...‬وحيث باالستناد إلى كل تلك العناصروبعد تنسيق نتيجة‬
‫الخبرتين مع وثائق امللف األخرى قررت املحكمة في نطاق سلطتها التقديرية تحديد التعويض‬
‫املستحق لعقارالنازلة يوم ‪ 20‬شتنبر‪ 1994‬في مبلغ ‪ 400‬درهم للمتراملربع الواحد‪"....‬‬

‫إن الخبرة تلعب دورا هاما في تحديد قيمة العقار الحقيقية حتى ال تضيع حقوق الخواص‪ ،‬إال‬
‫أن القاض ي الداري ال يأخذ بتقرير الخبرة إذا كان تقرير هذه األخيرة غير مطابقة مع الواقع بحيث قد‬
‫ينحاز الخبير إال الجهة نازعة امللكية مما سمح املشرع للقاض ي أن يبسط رقابته على تقرير الخبرة وأن‬
‫ال يأخذ به إذا كان فيه لبس أو غموض‪ ،‬و إمكانية إجراء خبرتين‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬املنازعات املتعلقة باالعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية‬

‫تتدخل الجماعات الترابية بامتيازات السلطة العامة التي منحها املشرع كامتياز سلطة نزع‬
‫امللكية من أجل املصلحة العامة‪ ،‬و من ثم فتلجأ الجماعات الترابية إلى هذه املسطرة الخاصة بنزع‬
‫امللكية من أجل املنفعة العامة للحصول على أراض ي عقارية تحولها إلى مشاريع تنموية تلك املتضمنة‬
‫في برامج الجماعات الترابية أو في وثائق التعمير‪ .‬إال أنه معظم الجماعات الترابية و ذلك نظرا لعقلية‬
‫الكثير من رؤساء الجماعات الترابية تلجأ هذه األخيرة إلى االحتالل و االستيالء على أراض ي الخواص‬
‫دون سلوك املسطرة القانونية الخاصة بنزع امللكية مما يجعلها تسقط في االعتداء املادي‪ .‬و هنا‬
‫يتدخل القضاء لبسط رقابته لحماية امللكية العقارية من االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات‬
‫الترابية ( مطلب أول )‪ ،‬ثم لحماية حقوق الخواص جراء االعتداء املادي يتم تحديد التعويض لجبر‬
‫ضررهم و تعويضهم عن فقدانهم ألراضيهم ( مطلب ثان)‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬رقابة القضاء الداري في حماية امللكية العقارية من االعتداء املادي الصادرة عن‬
‫الجماعات الترابية‬

‫تلجأ الجماعات الترابية ملسطرة نزع امللكية من أجل الحصول على أراض ي تترجم فيها مشاريعها‬
‫التنموية للمصلحة العامة‪ .‬بيد أنه في معظم‪،‬وذلك بسبب جهل األجهزة املنتخبة بالقوانين أو بأعذار‬
‫واهية كتعقد املسطرة القانونية لنزع امللكية تقوم تلك الوحدات الترابية إلى الترامي على أراض ي‬
‫الخواص دون سلوك مسطرة نزع امللكية مما يجعلها تسقط فيما يسمى باالعتداء املادي‪ .‬و ارتأينا في‬
‫هذا املطلب أن نبين دور القضاء في تحديد االعتداء املادي الناتج عن أعمال الجماعات الترابية في‬
‫إطار حصولها على أراض ي (فقرة أولى )‪ ،‬ثم صالحيات القاض ي الداري بالبث في قضايا االعتداء املادي‬
‫الصادرة عن الجماعات الترابية (فقرة ثانية )‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬دور القضاء الداري في تحديد االعتداء املادي الصادرعن الجماعات الترابية‬

‫يمكن أن نتحدث عن وجود اعتداء مادي حينما ترتكب الدارة أثناء قيامها بنشاط مادي‬
‫تنفيذي عدم مشروعية جسيم ظاهر من شأنه أن يتضمن اعتداء على حق امللكية أو مساسا بحرية‬
‫من الحريات العامة ‪.115‬‬

‫وقد عرفه االجتهاد القضائي املغربي بأنه‪ " :‬تصرف إداري متسم بعدم مشروعية جسيم ماس‬
‫بحق ملكية أوبحرية أساسية "‪ ،‬أوأنه " ارتكاب الدارة لعدم مشروعية جسيم وظاهرأثناء قيامها‬
‫بنشاط مادي تنفيذي تضمن اعتداء على حق امللكية‪ ،‬أو مساسا بحرية من الحريات العامة‪ ،‬و‬
‫يكون في حد ذاته منعدم االتصال بتطبيق أي نص قانوني تنظيمي أو حتى بإحدى السلطات‬
‫املخولة لإلدارة "‪ .116‬في حين عرفه األستاذ مصطفى التراب االعتداء املادي‪ ،‬بأنه ارتكاب جهة من‬
‫جهات الدارة خطأ جسيم أثناء قيامها بعمل مادي يتضمن اعتداءا ماديا على حرية فردية أو ملكية‬
‫خاصة‪.‬‬

‫إناالعتداء املادي يعتبر مخالفة جسيمة و صارخة للدستور و مبدأ املشروعية‪ ،‬فالقضاء هنا‬
‫يلعب دوره في تحديد اعتداء املادي الذي يكون ناتجا عن تصرفات و أعمال أشخاص القانون‬
‫العام‪.‬فمنذ صدور القانون املنظم للقضاء الداري ‪ 41/90‬لسنة ‪ .1993‬عمل املشرع على بدل الجهود‬
‫ملأسسة رعاية الحق في امللكية و عدم املساس بها إال وفق متطلبات املنفعة العامة طبقا ملا تقتضيه‬
‫القوانين املعمول فيها بهذا املجال‪ ،‬مما شكل طفرة نوعية في مواجهة كل أفعال االعتداء املادي‬
‫بمناسبة مباشرة الدارة لعمليات نزع امللكية‪ ،‬نورد من ذلك بعض القرارات الجريئة التي صدرت عن‬
‫بعض املحاكم الدارية في هذا الشأن حيث‪117 :‬‬

‫وقد أقر االجتهاد القضائي حماية‪ 118‬حق امللكية العقارية في العديد من املناسبات ‪ .‬نذكر منها‬
‫على سبيل االستئناس ال الحصر ‪ ،‬كقرار املجلس األعلى عدد ‪ 74‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ 1993‬حيث‬

‫‪115 - De Laubadère ( A ), droit administratif, LGDJ, Paris 8 édition 1980, page : 485.‬‬

‫‪ -116‬حسن صحيب " القضاء الداري املغربي" الطبعة الثانية ماي ‪ ،2019‬ص‪.591،‬‬
‫‪ -117‬محمد الزكراوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11 ،‬‬
‫‪ -118‬مجموع القرارات و األحكام أوردها محمد الزكراوي‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫اعتبر ‪ " :‬أن االعتداء املادي غير مرتبط بأي نص تشريعي أو تنظيمي و أن كل تصرف الدارة خارج‬
‫الطارالقانوني يعتبرمن قبيل االعتداء املادي "‪.‬‬

‫ذلك ما يزكيه قرار صادر عن محكمة االستئناف الدارية بالرباط تحت عدد ‪ 268‬بتاريخ ‪22‬‬
‫يناير ‪ " 2013‬اعتبر أن إقدام الدارة على إحداث منشأة عامة دون سلوك املسطرة الالزمة عمل‬
‫يتصف باالعتداء املادي"‪.‬‬

‫و في نفس السياق صدر قرار أيضا عن محكمة االستئناف الدارية بمراكش تحت عدد ‪209‬‬
‫بتاريخ ‪ 14‬فبراير ‪ 2013‬قض ى بأن ‪ ":‬وضع الدارة يدها على العقار دون اتفاق باملراضاة أو سلوك‬
‫مسطرة نزع امللكية يعد غصبا و اعتداءا ماديا على ملك الغير‪"...‬‬

‫كما تستشف حماية القضاء الداري للعقارات اململوكة للخواص من عدة أحكام إدارية ؛‬

‫وقد صدر حكما عن املحكمة الدارية بالرباط تحت عدد ‪ 1399‬بتاريخ ‪ 06‬أكتوبر ‪ 2008‬جاء‬
‫فيه " أن استيالء الدارة على ملك الغير من أجل إحداث منشأة عامة قبل سلوك مسطرة نزع‬
‫امللكية و استنفادها على نهايتها يضفي على تصرفها صفة االعتداء املادي ملساءلتها"‪.‬وفي حكم آخر‬
‫صادر عن املحكمة الدارية بأكادير تحت عدد ‪ 2011/578‬بتاريخ ‪ 04‬أكتوبر ‪ 2011‬جاء فيه " أن‬
‫احتالل الشخص العام ألرض الغيردون سند قانوني و إنشاء مرفق عام فوقها يعتبرغصبا للملك‬
‫و يستوجب تعويضا كامال للضرر"‪.‬‬

‫كما يعد اعتداء ماديا قيام الدارة بشق طريق دون احترام ضوابط التعمير‪ ،‬و في هذا الطار‬
‫أصدرت املحكمة الدارية بمكناس‪ ،‬حكمها عدد ‪ 482‬بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪ 2005‬في امللف رقم ‪2/05‬‬
‫اعتبرت فيه قيام املجلس البلدي بشق طريق على عقار املدعي دون سلوك الجراءات القانونية‬
‫يشكل اعتداءا ماديا على ملكه‪ ،‬مضيفة أن احترام تطبيق املادة ‪ 37‬من قانون التعمير‪ ،‬رهين‬
‫باحترام الدارة للقانون قبل وضع يدها على العقار‪ ،‬ألنه من غيراملعقول أن تعطل الدارة تطبيقه‬
‫في جانب االمتيازاملمنوح لها فيما يتعلق باملساهمة املجانية‪.119‬‬

‫‪ -119‬محمد املجدوبي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.52‬‬

‫‪69‬‬
‫إن العديد من الجماعات الترابية تستولي على عقارات الخواص دونما سلوك مسطرة نزع‬
‫امللكية‪ ،‬مما يجعل تصرفاتها خارج القانون و تجاوزا في استعمال السلطة‪ ،‬الش يء الذي يجعل الجهة‬
‫املعتدية على ملكها تطرق باب القضاء ليبث في النازلة و ينصفها‪ ،‬و يمنح لها تعويضا لجبر ضررها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬صالحيات القاض ي الداري بالبث في قضايا االعتداء املادي الصادرة عن‬
‫الجماعات الترابية‬

‫مع دخول القوانين التنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬و نظرا ألهمية التصرفات التي يمكن أن‬
‫تصدر عنها عهد النصوص التنظيمية الثالث للجهات املركزية رقابة ممارسة السلطات الالمركزية‬
‫لالختصاصات املقررة لها‪ ،‬و تكمن حساسية و دقة هذه الوظيفة في أن مراقبة كيفية ممارسة عمل‬
‫ما أصعب من مباشرته ألن جهة الرقابة‪ ،‬قد ال يتوفر تحت تصرفها جميع املستلزمات و المكانيات‬
‫التي تسمح لها بمعرفة معطيات قضية ما‪ ،‬و تكمن الشكالية في صعوبة تحديد الخط الفاصل بين‬
‫أداء هذه الجهة لوظيفتها و ضرورة الحفاظ على تمتع الجهات الخاضعة لإلشراف بقدر من االستقالل‬
‫و الحرية في تصرفاتها‪ ،‬ووعيا من املشرع بضرورة إحاطة أعمال و تصرفات الدارة الترابية للرقابة‬
‫الجادة‪ ،‬عمد إلى منح الوالية بالنظر و البث في قضايا دعاوي االعتداء املادي لفائدة القضاء الداري‬
‫خصوصا بعد مرحلة دخول املحاكم الدارية في منظومة التنظيم القضائي للمملكة‪ ،‬حيث كان النظر‬
‫موكوال لجهات القضاء العادي ‪.120‬‬

‫وقبل إحداث املحاكم الدارية‪ ،‬لم تكن مسألة انعقاد االختصاص النوعي بخصوص قضايا‬
‫االعتداء املادي تطرح أية إشكالية بالنسبة للمحاكم‪ ،‬إذ أن القضاء املغربي سواء على مستوى الغرفة‬
‫الدارية باملجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا ) أو املحاكم االبتدائية أو املحاكم الستئنافية‪ ،‬ظل‬
‫يطبق قواعد القضاء املدني على هذه الدعاوى‪ ،121‬فقد اعتبرت الغرفة الدارية باملجلس األعلى من‬
‫خالل قرارها‪ 122‬عدد ‪ 27‬الصادر بتاريخ ‪ 04‬دجنبر ‪ 1958‬في امللف الداري عدد ‪ 667‬في قضية " كنسور‬

‫‪ -120‬محمد الزكراوي‪ ،‬منازعات قضايا االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية بين إشكالية وجوبية إدخال الوكيل القضائي للجماعات‬
‫الترابية و جوازية إعمال قاعدة التظلم الداري"‪ ،‬املوقع اللكتروني " مجلة املغرب و القانون" منشور بتاريخ ‪ 8‬ماي ‪ 2018‬على الساعة ‪.6:25‬‬
‫‪ -121‬أنور شقروني‪ " ،‬الحماية القضائية لحق امللكية من خالل دعاوى االعتداء املادي‪ :‬محكمة االستئناف الدارية بالرباط"‪ ،‬مقال منشور بمجلة‬
‫املحاكم الدارية " مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.21‬‬
‫‪ -122‬قرار املجلس األعلى عدد ‪ 27‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬دجنبر ‪ 1958‬في امللف الداري عدد ‪ 665‬في قضية " كنسور فيليكس" أورده أنور شقروني في‬
‫مقاله املذكور‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫فيليكس " ضد الدولة املغربية بأن ‪ " :‬محكمة االستئناف بالرباط قد خرقت طبيعة سلطتها عندما‬
‫فصلت في دعوى كرفوعة ضد الدولة املغربية تتعلق باستيالء هذه األخيرة على أرض الطاعنين‬
‫بدون سند قانوني‪ ،‬وهي ثبت في املادة الدارية‪ ،‬في حين كان عليها أن ثبت فيها طبقا لقواعد القانون‬
‫املدني‪ ،‬و في إطارسلكتها القضائية العادية‪ ،‬لكون الدارة قامت بعمل مادي ال عالقة له بأي شكل‬
‫من األشكال بممارسة السلطات التي تختص بها"‪.‬‬

‫أما بعد إنشاء املحاكم الدارية و استقرار االختصاص في مادة االعتداء املادي لإلدارة لها‪ ،‬فأن‬
‫القضاء الداري للمحاكم الدارية سرعان ما استقر على اعتبارها مختصة للبث في طلبات رفع‬
‫االعتداء املادي و إيقاف أشغاله منذ أن أقرت الغرفة الو بعد إنشاء املحاكم الدارية و استقرار‬
‫االختصاص في مادة االعتداء املادي لإلدارة لها‪ ،‬فأن القضاء الداري للمحاكم الدارية سرعان ما‬
‫استقر على اعتبارها مختصة للبث في طلبات رفع االعتداء املادي و إيقاف أشغاله منذ أن أقرت‬
‫الغرفة الدارية هذا الصدد بمقتض ى قراراها الصادر بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 1996‬في امللف الداري رقم‬
‫‪ 96/150‬الذي أقر اختصاص املحاكم الدارية املذكور‪ ،‬ثم كرس االتجاه بعد ذلك في قراره رقم ‪658‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 19‬شتنبر ‪ 1996‬الذي جاء فيه‪ " :‬وحيث أنه إذا كان االجتهاد القضائي السابق للغرفة‬
‫الدارية باملجلس األعلى قد سارعلى أن املحاكم الدارية تقتصرعلى االختصاص بالنظرفي دعاوي‬
‫التعويض عن األضرار الناتجة عن نشاطات أشخاص القانون العام و منها دعاوي التعويض عن‬
‫احتالل الدارة غير املشروع ألراض ي الخواص كما يفهم من املادة ‪ 8‬من قانون ‪ 41.90‬املنش ئ‬
‫للمحاكم الدارية دون النظر في رفع االعتداء املادي على أساس أنه من اختصاص املحاكم‬
‫العادية‪ ،‬فإن االتجاه الجديد للغرفة الدارية كما ترجمه القرار الصادر بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 1996‬في‬
‫امللف الداري ‪ 150/96‬هو اختصاص املحكمة الدارية و هي بصدد البث في طلبات التعويض عن‬
‫األضرار الناتجة عن نشاطات أشخاص القانون العام في مجال االعتداء املادي تكون ملزمة ال‬
‫محالة بالبت و التأكد من قيام عناصر االعتداء املادي و املبررات التي تتذرع الدارة بها من جهة‪،‬‬
‫و من جهة ثانية فإنها في هذه الحالة ستنظر في شقين متالزمين لدعوى واحدة تجمعهما رابطة‬
‫واحدة و ال يمكن فصل أحدهما عن اآلخر‪ ،‬و إال فما هي املحكمة املتوخاة من إسناد االختصاص‬

‫‪71‬‬
‫بالبت في طلبات التعويض عن االعتداء املادي لإلدارة إلى املحاكم العادية في الوقت الذي كان من‬
‫املفروض قانونا أن يكون االختصاص في املجالين معا موكوال لجهة قضائية واحدة‪.123‬‬

‫وفيما يخص الوالية الشاملة لقضاء املوضوع‪ ،‬أما فيما يخص أحقية البت في حاالت و وقائع‬
‫االعتداء املادي ضد الجهات الدارية في قضاء االستعجال‪ ،‬فقد أصبح رئيس املحكمة الدارية بصفته‬
‫قاضيا للمستعجالت هو املختص بالنظر في طلبات إيقاف االعتداء املادي‪ ،‬و هو ما كرسه املجلس‬
‫األعلى آنذاك في قراره عدد ‪ 87‬بتاريخ ‪ 09‬ماي ‪ ،1996‬و الذي تم تأييده من طرف الغرفة الدارية و‬
‫اعترفت ضمنيا باختصاص القاض ي الداري في وضع حد لالعتداء املادي‪ ،‬و ذلك بناء على عنصر‬
‫االستعجال و ليس بناء على نظرية االعتداء املادي ‪ ،124‬و جاء في قرار آخر للغرفة الدارية ‪ 125‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪ 1996‬تحت عدد ‪ " ،474‬إن النص التشريعي العام الذي يستند االختصاص إلى‬
‫جهة قضائية معينة بالنظر في نوع من املنازعات‪ ،‬ال يمكن تفسيره و ال القياس عليه للقول بأنه‬
‫األولى بالتطبيق إذا تعارض مع نص تشريعي خاص يسند االختصاص إلى جهة قضائية أخرى‬
‫بالنظر في منازعة مماثلة‪ ،‬و إال اعتبر ذلك تجاوزا لرادة املشرع‪ ،‬ما دام النص الخاص يقدم على‬
‫النص العام‪".‬‬

‫املطلب الثاني ‪ :‬دعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادر عن الجماعات الترابية و النتائج‬
‫املترتبة عنه‬

‫أجاز القضاء الداري إمكانية التعويض عن واقعة االعتداء املادي في إطار نظريات متعددة‬
‫كنظرية النقل الجبري للملكية و نظرية ضمان حماية املال العام و إن تبث أن املنشأة العامة قد‬
‫أنجزت دون احترام املساطر ‪ .126‬كما اعتبر القضاء الداري أن التعويض عن الضرر يجب أن يكون‬
‫شامال لكافة األضرار في إطار مقتض ى الفصل ‪ 98‬من قانون االلتزامات و العقود بحيث يشمل‬

‫‪ -123‬محمد الزكراوي" منازعات قضايا االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية" مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -124‬نفس املرجع األخير‪.‬‬
‫‪ -125‬قرار الغرفة الدارية باملجلس األعلى الصادر بتاريخ ‪ 20‬شتنبر ‪ 1996‬عدد ‪ ،474‬أورده محمد الزكراوي في مقاله املتعلق بمنازعات قضايا‬
‫االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ -126‬سعيد العقاوي‪ " ،‬الشكاالت التي يطرحها االعتداء املادي على امللكية العقارية" منشور في مجلة املحاكم الدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49 ،‬‬

‫‪72‬‬
‫التعويض عن فقدان رقبة العقار إذا تبث استحالة رفع االعتداء املادي و كذا التعويض عن الحرمان‬
‫من االستغالل‪.127‬‬

‫سيتم السير في اتجاه هذا التحليل لدعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرة عن‬
‫الجماعات الترابية ( فقرة أولى )‪ ،‬و كذا النتائج املترتبة عنه ( فقرة ثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬دعاوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية‬

‫تختص املحاكم الدارية بالبث في دعاوي التعويض عن االعتداء املادي‪ ،‬على اعتبار أن املادة‬
‫‪ 8‬من القانون رقم ‪ 41.90‬املحدث للمحاكم الدارية‪ ،‬نصت على اختصاص هذه األخيرة بالنظر في‬
‫دعاوى التعويض التي تسببها أعمال و نشاطات أشخاص القانون العام‪ ،‬و من ضمنها بالطبع طلبات‬
‫التعويض عن األضرار التي تنتج للخواص بسبب أعمال التعدي التي تمارسها الدارة على أراضيهم دون‬
‫أن يكون لها سند يبرر هذا النشاط‪.128‬‬

‫إن القاض ي الداري‪ ،‬و هو ينظر في طلبات التعويض عن األضرار الناتجة عن االعتداء املادي‪،‬‬
‫يوازن بين املصلحة العامة و الخاصة‪ ،‬و يراعي الحفاظ على املال العام إذا ما اكتمل بناء املنشأة‬
‫العمومية على العقار موضوع الغصب و أصبحت مرفقا عاما‪ ،‬يستفيد منه العموم حسب الغرض‬
‫الذي أعد له‪ ،‬إذ ال يبقى للجهة املعتدية عليها في هذه الحالة سوى الحق في املطالبة بالتعويض لجبر‬
‫الضرر الذي لحقها جراء تصرف الجماعة‪ ،‬علما أن دعوى التعويض تدخل في إطار القضاء الشامل‬
‫التي يتمتع فيها القضاء الداري بسلطات واسعة‪ ،‬تمكنه من فحص العمل غير املشروع املنسوب‬
‫لإلدارة و الحكم عليها بأداء تعويضات للمتضرر من عمل الدارة التي وضعت يدها على األرض بدون‬
‫موجب حق‪ ،‬فإن التعويض يمكن أن يشمل التعويض عن الحرمان من االستغالل و التعويض عن‬
‫الرقبة أو هما معا‪.129‬‬

‫‪ -127‬نفس املرجع األخير‪.‬‬


‫‪ -128‬محمد املجدوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 ،‬‬
‫‪-129‬نفس الصفحة من نفس املرجع‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫و هذا ما يستفاد من قرار محكمة االستئناف الدارية بالرباط‪ ،130‬تحت عدد ‪ 2112‬بتاريخ ‪ 20‬يونيو‬
‫‪ ،2011‬و الذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫"حيث تمسك املستأنفون بأحقيتهم في االحتفاظ بعقارهم الذي استولت عليه الجماعة‬
‫املستأنف عليها بدون سند شرعي‪ ،‬و ذلك نظرا للمواصفات التي تميزه كأرض فالحية و اقعة‬
‫بمنطقة سقوية خاضعة لنظام الري‪ ،‬و ذات مردود فالحي جد عالي‪ ،‬إلى جانب موقعها‬
‫االستراتيجي الكائن بقلب جماعة سانية بركيك و إطاللتها على الطريق الوطنية الرابطة بين الدار‬
‫البيضاء و أسفي‪ ،‬مما يتعذر معه الحصول على عقار باملنطقة بنفس املواصفات و االمتيازات‪،‬‬
‫كما يجعل التعويض على أساس ‪ 200.00‬درهم للمتر املربع جد مجحف و ال يغطي حجم الضرر‬
‫الالحق بهم‪ ،‬و التمسوا ألجله الحكم أساسا بإلغاء الحكم املستأنف فيها قض ى به و تصديا الحكم‬
‫من جديد بإفراغ املستأنف عليها نم الرسم العقاري عدد ‪/31809‬ج هي أو من يقوم مقامها تحت‬
‫طائلة غرامة تهديدية قدرها ‪ 200.00‬درهم عن كل يوم تأخيرمن التنفيذ‪ ،‬احتياطيا بتأييد الحكم‬
‫املستأنف فيما قض ى به مبدئيا مع تعديله باحتساب التعويض عن الفقد الجبري للعقار على‬
‫أساس ‪ 3000.00‬درهم للمتر املربع‪ ،‬و احتياطيا جدا الحكم بالتعويضات املسطرة باملذكرة‬
‫التعقيبية بعد الخبرة‪.‬‬

‫لكن حيث من جهة‪ ،‬فالثابت من أوراق امللف أن العقار املعتدى عليه تم استغالله من طرف‬
‫الجماعة املستأنف عليها في بناء مقر لها منذ ‪ ،1969‬مما يتعذر معه إفراغها منه و إرجاع الحالة إلى‬
‫ما كانت عليه ملا في ذلك من خرق ملبدأ عدم جواز الضرار باملال العام و ترجيح املصلحة العامة التي‬
‫يمثلها وجود مرفق عمومي فوق العقار على املصلحة الخاصة التي ستعود على املستأنفين من حكم‬
‫الفراغ‪ ،‬و أن قاعدة وجوب طرد املحتل بدون سند املعمول به في القانون الخاص ال يمكن سريانها‬
‫على االعتداءات املادية املمارسة من طرف أشخاص القانون العام إال إذا كانت املرافق العمومية التي‬
‫وقع االعتداء املادي من أجلها لم تحدث بعد‪ ،‬األمر الذي يكون معه الحكم املستأنف قد صادف‬
‫الصواب عندما قض ى برفض طلب الفراغ‪.‬‬

‫‪ -130‬قرار محكمة االستئناف بالرباط عدد ‪ 2112‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 2011‬في امللف عدد ‪( 6/09/417‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫و حيث‪ ،‬من جهة ثانية فيما يخص التعويض عن قيمة العقار‪ ،‬فإنه بمراجعة أوراق امللف‬
‫يتضح أن التعويض املحكوم به املحدد في مبلغ ‪ 200.00‬درهم للمتر املربع الواحد عن مجموع املساحة‬
‫املفقودة البالغة ‪ 2395‬متر مربع‪ ،‬يبقى مناسبا بالنظر إلى املواصفات املميزة للعقار املرتبطة بموقعه‬
‫و نوعية استغالله الفالحي و حجم مساحته‪ ،‬سيما و أن قيمة املتر املربع املقترحة من طرف الخبير‬
‫املنتدب السيد حميد بلكوش و املحددة في مبلغ ‪ 252.40‬درهم بالنسبة للجزء املحدث فوقه البنايات‬
‫الجماعية و مبلغ ‪ 126.20‬درهم بالنسبة للجزء الباقي غير الصالح ألي استغالل‪ ،‬لم تكن محل أي‬
‫منازعة من طرف املستأنفين في مذكرتهم التعقيبية بعد الخبرة خالل املرحلة االبتدائية‪ ،‬و بالتالي يبقى‬
‫طلبهم خالل هذه املرحلة االستئنافية برفع التعويض املذكور إلى ‪ 3000.00‬درهم للمتر املربع غير‬
‫مؤسس و يتعين رده‪.‬‬

‫و حيث من جهة ثالثة‪ ،‬إذا كان املالك الذي يعتدي على ملكه له الحق في الحصول على تعويض حرمانه‬
‫من استغالل عقاره‪ ،‬فإن العمل القضائي تواتر على أن هذا التعويض يكون عن الفترة املمتدة من‬
‫تاريح االستيالء غير املشروع إلى حين إنشاء املرفق‪ ،‬حيث يتوقف آنذاك حق امللك في التعويض ملن‬
‫استغالل عقاره‪ ،‬فإن العمل القضائي تواترا على أن هذا التعويض يكون عن الفترة املمتدة من تاريخ‬
‫االستيالء غير املشروع إلى حين إنشاء املرفق‪ ،‬حيث يتوقف آنذاك حق امللك في التعويض لستحالة‬
‫إرجاع الحال إلى ما كان عليه و إمكانية استغالل العقار"‪.‬‬

‫في نفس االتجاه ذهبت املحكمة الدارية بأكادير في حكمها‪ 131‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬يونيو ‪:2011‬‬
‫" يعتبر احتالل الشخص العام ألرض الغير بدون سند قانوني و إنشاء مرفق عام فوقها بنية الدوام و‬
‫االستمرار‪ ،‬غضبا للملك يترتب عنه التعويض املالك تعويضا كامال جابرا للضرر دون إخالء الشخص‬
‫العام من امللك"‪ .‬كما أن طلبات التعويض ال تخضع ألجل التقادم‪ ،‬عل اعتبار أن االحتالل غير‬
‫املشروع واقعة مستمرة ال يلحقها التقادم‪.132‬‬

‫ففي حكم املحكمة الدارية بمراكش ‪ 133‬تحت عدد ‪ 763‬بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪ 2011‬أكدت املحكمة ما‬
‫يلي‪ " :‬حيث يهدف الطلب إلى تحميل الجماعة الحضرية لجمعة اسحيم مسؤولية االعتداء املادي‬

‫‪ -131‬حكم املحكمة الدارية بأكادير عدد ‪ 2011/453‬الصادر بتاريخ ‪ 28‬يونيو ‪ 2011‬في امللف رقم ‪ 2010/180‬ش‪( ،‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -132‬محمد املجدوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63 ،‬‬
‫‪ -133‬حكم املحكمة الدارية بمراكش عدد ‪ ،763‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪ ،2011‬في امللف عدد ‪ ،2011/12 /1380‬غير منشور‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫الواقع على عقار املدعي الكائن بحي الزراقة بجمعة اسحيم إقليم أسفي‪ ،‬و الحكم عليها بأدائها له‬
‫تعويضا قدره ‪ 452.000.00‬درهم عن مساحة العقار املعتدى عليه‪ ،‬و تعويضا قدره ‪46.800.00‬‬
‫درهم عن حرمانه من االستغالل مع النفاذ املعجل‪.‬‬

‫وحيث دفعت الجماعة املدعى عليها بتقادم الدعوى طبقا للفصل ‪ 106‬من قانون االلتزامات‬
‫و العقود الذي ينص على أن دعوى التعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمض ي خمس‬
‫سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق املتضرر و هو املسؤول عنه‪ ،‬و تتقادم في جميع‬
‫األحوال بمض ي ‪ 20‬سنة تبتدئ وقت حدوث الضرر‪.‬‬

‫لكن حيث استقر العمل القضائي في املادة الدارية على اعتبار واقعة االعتداء املادي املنسوبة لإلدارة‬
‫واقعة مستمرة و متجددة في الزمن ال تخضع للتقادم املنصوص عليه في الفصل ‪ 106‬املذكور‪ ،‬مما‬
‫يتعين رد الدفع املثار في هذا الصدد"‪.‬‬

‫إن التعويض عن الحرمان من االستغالل يخضع للتقادم الخمس ي‪ ،‬إذا كان املتضرر عاملا‬
‫بالضرر و باملسؤول عن هذا الضرر‪ ،‬بحيث يسقط حق املتضرر في استصدار حكم له بالتعويض‪،‬‬
‫غير أنه ملا كان االعتداء املادي عمل غير مشروع قائم باستمرار بسبب تواجد الدارة الدائم على‬
‫العقار و ضع يدها عليه‪ ،‬فإن دعوى التعويض تقوم على أساس الحرمان الدائم من العقار املحتل و‬
‫ليس على أساس الحرمان من االستغالل ‪.134‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬النتائج املترتبة عن دعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات‬
‫الترابية‬

‫إن استيالء الجماعات الترابية على عقارات الغير دون موجب أو سند و تماديها في ذلك‪،‬‬
‫يضطر معه املغصوبة ملكيته و يدفع به إلى مقاضاتها‪ ،‬بحيث يتسنى للقاض ي أن يعاين وجود االعتداء‬
‫املادي‪ ،‬و من ثم قد يوجه أوامر إلى الدارة بوقف االعتداء املادي‪ ،‬أو توجيه أوامر إليها بقصد إفراغ‬
‫األماكن املحتلة من طرفها أو إصدار تهديدات ضدها‪ ،‬فضال عن الحكم بالتعويض عن مجموع‬
‫األضرار الناتجة عن االعتداء املادي‪ ،‬أضف إلى ذلك االنعكاسات السلبية الناجمة عن االعتداء املادي‬

‫‪ -134‬محمد املجدوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64 ،‬‬

‫‪76‬‬
‫واملتمثلة في املبالغ املالية الباهظة املحكوم بها عليها‪ ،‬فضال عن الغرامات التهديدية التي أضحى القضاء‬
‫يطبقها إلى جانب الفوائد القانونية نتيجة تماطل الجماعات في تنفيذ األحكام الصادرة في مواجهتها‪.135‬‬

‫إن معظم الجماعات الترابية املحكوم عليها بالتعويض لفائدة املنزوع ملكياتهم أو جراء‬
‫االعتداء املادي على عقاراتهم ال تولي أهمية خاصة لتنفيذ األحكام متذرعة بعدة مبررات ال سند لها‬
‫في أغلب األحيان‪ ،‬و هذا ما يشكل احتقارا لألحكام القضائية و خرقا ملبدأ قدسية القضاء و دولة‬
‫الحق و القانون‪ ،‬و قد تفاقمت هذه الشكالية إلى حد أن أصبحت مثارة عدة تساؤالت و شكايات ترد‬
‫على الوزارات املعنية‪ ،‬كما شكلت موضوع عدة اجتماعات من عدد من الدارات الحكومية خاصة مع‬
‫وزارة العدل من أجل تجاوز هذه املشكلة و إيجاد حل لها‪.136‬‬

‫وقد تم إصدار العديد من املناشير و الدوريات في هذا الخصوص منها‪:137‬‬

‫‪ -‬الدورية رقم ‪ 55‬م م م بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪ 1996‬حول تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في‬
‫مواجهة الجماعات املحلية‪ ،‬و الذي جاء فيها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم إعداد دراسة مادية و قانونية للوقائع و الظروف املحيطة بالعمل الذي أقدمت عليه‬
‫الجماعة و كذا عدم تقدير األسباب التي تم االستناد إليها؛‬
‫‪ -‬عدم احترام النصوص القانونية و التنظيمية املعمول بها في كل موضوع تطلب تدخل أو عمل‬
‫الدارة مثل القدام على احتالل ملك الغير دون إتباع مسطرة نزع امللكية ؛‬
‫‪ -‬االمتناع ألسباب و حجج واهيةعن التعويض عن نزع امللكية من أجل املنفعة العامة؛‬
‫‪ -‬االعتداء على ملك الغير من أجل القيام بمشروعات جماعية دون إتباع مسطرة نزع امللكية و‬
‫بدون تعويض ؛ ‪"...‬؛‬

‫‪ -135‬نفس املرجع األخير‪ ،‬ص‪.66،‬‬


‫‪ -136‬الدورية ‪ 55‬م م م بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪ 1996‬حول تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة الجماعات املحلية‪.‬‬
‫‪ -137‬نفس املرجع‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ثم دورية وزير الداخلية رقم ‪ 21‬ق ت م ‪ 2 /‬بتاريخ ‪ 7‬مارس ‪ 2006‬موجهة إلى السادة والة و عمال‬
‫العماالت و األقاليم و عمال املقاطعات حول ضبط املنازعات القضائية للجماعات املحلية و‬
‫هيئاتها‪.138‬‬

‫إن التأكيد فيها على مجموعة من التدابير الواجب اتخاذها‪ ،‬لتفادي نزاعات الجماعات الترابية‪،‬‬
‫و تفادي إشكالية تنفيذ األحكام عن طريق حل املنازعات بطريقة حبية‪ ،‬لكون املنازعات تكلف‬
‫الجماعات املحلية أعباء مالية هي في أمس الحاجة إليها و اقتناء عقارات بالتراض ي‪ ،‬ألن أغلب النزاعات‬
‫تتعلق بمنازعات عقارية ناتجة عن إقدام الدارة املحلية إما على نزع امللكية وفق املسطرة املعمول بها‬
‫أو عن طريق الترامي غير املشروع مما يجعلها أمام دعوى االعتداء املادي ‪.‬‬

‫كما صدرت دورية وزير الداخلية رقم ‪ 120‬م م م بتاريخ ‪ 9‬غشت ‪ 2000‬موجهة إلى والة‬
‫الجهاتوعمال العماالت و أقاليم اململكة حول التذكير بضرورة تنفيذ األحكام و القرارات القضائية‪.139‬‬
‫وهي الدورية التي تم التأكيد فيها على أن سلطة الوصاية املركزية ستتعامل مع املبالغ املالية التي تحكم‬
‫بها املحاكم برسم تعويضات لفائدة املتقاضين ضد الجماعات املحلية بمثابة نفقات إجبارية وإدراجها‬
‫إن اقتض ى الحال بميزانيات الجماعات املعنية في حالة رفضها أداء املبالغ املذكورة ألصحابها‪.‬‬

‫‪ -138‬دورية وزير الداخلية رقم ‪ 21 /‬ق ت م ‪ 2 /‬بتاريخ ‪ 7‬مارس ‪ ،2006‬موجهة إلى السادة والة وعمال العماالت و األقاليم و عمال املقاطعات‬
‫باململكة‪ ،‬حول ضبط املنازعات القضائية للجماعات املحلية و هيئاتها‪.‬‬
‫‪ -139‬دورية وزير الداخلية رقم ‪ 120 /‬م م م بتاريخ ‪ 9‬غشت ‪ 2000‬موجهة إلى السادة والة و عمال العماالت و أقاليم اململكة حول التذكير‬
‫بضرورة تنفيذ األحكام و القرارات القضائية‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫إن الجماعات الترابية ال تزال تعتريها الكثير من التحديات عند اللجوء ملسطرة نزع امللكية من‬
‫أجل املنفعة العامة‪.‬وعلى واقع املمارسة نجد أن معظم الجماعات الترابية ال تزال لم تستوعب‬
‫املساطر القانونية املعمول بها في نزع امللكية األمر الذي يجعلها تخرق املبدأ الدستوري الحق في امللكية‬
‫و تعتدي على الخواص و ذلك راجع لعدة أسباب‪.‬‬

‫يمكن الخلوص إلىأن محدودية الجماعات الترابية في مجال نزع امللكية من أجل املنفعة‬
‫العامةتتجلى في ‪:‬‬

‫‪ -‬وجود أجهزة منتخبة و إدارية غير مؤهلة على رأس الجماعة الترابية و غير قادرة على تدبير‬
‫املسطرة القانونية املعمول بها في نزع امللكية؛‬
‫‪ -‬تعقد مسطرة املرحلة الدارية و القضائية مما يجعل املسطرة تطول أكثر و تضيع معها حقوق‬
‫املنزوعة ملكيتهم؛‬
‫‪ -‬إحالة مشروع املرسوم على السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية باعتبارها الجهة الوصية على‬
‫الجماعات الترابية لكي تتم املصادقة على مشروع املرسوم مما يزيد من تأخير املسطرة و‬
‫تعطيلها؛‬
‫‪ -‬انحراف الجماعات الترابية في استعمال السلطة و استيالئها على عقارات الخواص مما يجعلها‬
‫تسقط في االعتداء املادي و ذلك بمبررات واهية؛‬
‫‪ -‬التعويض الذي تمنحه اللجنة الدارية للتقييم ال يكون الثمن الحقيقي للعقار مما يجعل‬
‫أغلب دعاوي نزع امللكية ضد الجماعات الترابية سببها طلب تعويض عادل؛‬
‫‪ -‬الجماعات الترابية ال تنفذ األحكام القضائية الصادرة ضدها بخصوص نزاعات نزع امللكية‬
‫أو االعتداء املادي مما يضرب في الفصل ‪ 126‬من الدستور الذي يحث على احترام األحكام‬
‫النهائية الصادرة عن القضاء‬
‫‪ -‬تفاوت وثائق التعمير ( ‪ 10‬سنوات ) مع برامج الجماعات الترابية و مدة انتداب الفاعل‬
‫املنتخب ( ‪ 6‬سنوات ) يجعل تلك الجماعات الترابية ال تنفذ أهداف وثائق التعمير و ترك‬
‫مصير األراض ي املنزوعة ملكيتها بموجب وثائق التعمير بدون نتيجة مما يجعل من تلك‬

‫‪79‬‬
‫األراض ي ال هي مستغلة من طرف مالكيها و ال هي مستغلة لتنفيذ مشاريع وثائق التعمير و‬
‫إهدار للمال العام؛‬
‫‪ -‬محدودية تدبير أمالك الجماعات الترابية و إهدارها يجعل من تلك الوحدات الترابية تبحث‬
‫عن عقارات الخواص دون االنتفاع بأمالكها؛‬
‫‪ -‬عدم رصد اعتمادات مالية للتعويض عن نزع امللكية أو االعتداء املادي األمر الذي يجعلها ال‬
‫تنفذ األحكام الصادرة ضدها و ضرب في مصداقية القضاء و انتهاك لحقوق األشخاص؛‬
‫‪ -‬كما أنه بعض رؤساء الجماعات الترابية يستغلون امتياز نزع امللكية لحسابات سياسية‬
‫وأغراض شخصية الش يء الذي يجعل القضاء يتدخل لبسط رقابته من خالل العمل بنظرية‬
‫املوازنة‪.‬‬

‫تعتبر هذه أبرز االكراهات التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية والخصوصية التي‬
‫تتميز بها عن باقي أشخاص القانون العام‪ ،‬و نقترح ما يلي للحد من هذه الكراهات‪:‬‬

‫‪ -‬انعقاد دورات تكوينية مكثفة لفائدة الجماعات الترابية بخصوص املساطر والقوانين‬
‫املعمول بها في نزع امللكية وحثهم على احترامها؛‬
‫‪ -‬دمج املسطرة الدارية و القضائية في نفس الوقت من أجل التسريع في املسطرة و عدم‬
‫تأخيرها؛‬
‫‪ -‬تبسيط الجراءات الدارية املتعلقة بالدراسة واملصادقة على مشروع املرسوم من قبل وزارة‬
‫الداخلية؛‬
‫‪ -‬وجب وضع اعتمادات مالية في امليزانية السنوية للجماعة الترابية بهدف التعويض عن نزع‬
‫امللكية؛‬
‫‪ -‬تحسين تدبير األمالك العقارية للجماعات الترابية واستغاللها في تنفيذ املشاريع التنموية و ال‬
‫سيما تلك املضمنة في وثائق التعمير و محاولة استبعاد نزع ملكية الخواص؛‬
‫‪ -‬حث الجماعات الترابية على تنفيذ األحكام الصادرة ضدها؛‬
‫‪ -‬وجب إدخال عضو في اللجنة الدارية للتقييم يمثل الجهة املنزوعة ملكيتها حتى ال يتم إهدار‬
‫حقوقهم و اللجوء إلى القضاء و املطالبة بتعويض عادل و تعطيل التعويض؛‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬يجب إعادة النظر في أعمار وثائق التعمير و مدة انتداب رؤساء الجماعات الترابية و برامجهم‬
‫حتى ال يكون هناك أي تفاوت و يتم تحقيق أهداف وثائق التعمير و ال يتم إهدار املال العام‬
‫عبثا‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫الكتب‪:‬‬ ‫➢‬
‫‪ -‬الحاج شكرة‪ " ،‬الوجيز في قانون التعمير املغربي " مطبعة دار القلم و النشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطابعة السادسة ‪.2011‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمان البكريوي‪ " ،‬التعمير بين املركزية و الالمركزية " الطبعة األولى ‪.1993‬‬
‫‪ -‬املصطفى املعمروأحمد أجعون " إعداد التراب الوطني و التعمير " الطبعة األولى‬
‫‪.2005/2006‬‬
‫‪ -‬العربي محمد مياد " الحق في التعويض العادل عن نزع امللكية ألجل املنفعة العامة " مطبعة‬
‫األمنية الرباط ‪.2009‬‬
‫‪ -‬حسن صحيب " القضاء الداري املغربي " الطبعة الثانية ماي ‪.2019‬‬
‫‪ -‬محمد الكشبور " نزع امللكية ألجل املنفعة العامة قراءة في النصوص و في مواقف القضاء "‬
‫طبعة ثانية محينة و مزيدة و منقحة ‪.2007‬‬
‫‪ -‬محمد حيمود " مالية الجماعات الترابية " توزيع صومادي‪.‬‬
‫➢ األطروحات و الرسائل ‪:‬‬
‫✓ األطروحات ‪:‬‬
‫‪ -‬يونس أبالغ " الرأي االستشاري في ميدان التعمير " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬كلية الحقوق سال‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2018/2017‬‬
‫‪ -‬أحمد أجعون " اختصاص املحاكم الدارية في مجال نزع امللكية من أجل املنفعة العامة "‬
‫أطروحة الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة محمد الخامس بالرباط‪ ،‬كلية الحقوق أكدال‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2000/1999‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ -‬أحمد املالكي " التدخل العمومي في ميدان التعمير " أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‬
‫وحدة التكوين و البحث الدارة العامة‪ ،‬جامعة محمد األول بوجدة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2008/2007‬‬
‫‪ -‬حيمود املختار " دور سياسة التعمير في تنمية و تنظيم املجال ‪ :‬مساهمة في دراسة املجال‬
‫الحضري املغربي نموذج عمالة ابن مسيك سيدي عثمان " أطروحة لنيل الدكتوراه وحدة‬
‫الدارة‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2001/2000‬‬
‫✓ الرسائل ‪:‬‬
‫‪ -‬أحمد البكوش و سمير أحيدار " الرقابة القضائية على قرارات نزع امللكية " رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا املعمقة في القانون العام‪ ،‬وحدة البحث و التكوين في الدارة العامة‪ ،‬جامعة‬
‫محمد األول وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2001/2000‬‬
‫‪ -‬خديجة إد إبراهيم " دعوى التعويض في مجال نزع امللكية ألجل املنفعة العامة للجماعات‬
‫الترابية " بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ‪ ،‬ماستر تدبير الشأن العام املحلي‪ ،‬جامعة‬
‫عبد املالك السعدي‪ ،‬كلية الحقوق طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2013/2012‬‬
‫‪ -‬غنبوري رشيد " نزع امللكية كمسطرة خاصة في إطار وثائق التعمير " رسالة لنيل دبلوم ماستر‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية الحقوق السويس ي‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2016/2015‬‬
‫‪ -‬محمد أيوب " وثائق التعمير و مسألة نزع امللكية " رسالة لنيل ديبلوم املاستر في القانون‬
‫العام‪ ،‬وحدة القانون العام الداخلي و تنظيم الجماعات الترابية" جامعة القاض ي عياض‪،‬‬
‫كلية الحقوق مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014/2013‬‬
‫‪ -‬هناء بنطامة " نزع امللكية كإجراء لتنفيذ وثائق التعمير" رسالو لنيل دبلوم املاستر في قانون‬
‫العقود و العقار‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية الحقوق وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2013/2012‬‬
‫➢ املجالت واملقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬يونس أبالغ‪ " ،‬كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة " املجلة‬
‫املغربية لإلدارة املحلية و التنمية‪ ،‬العدد ‪ ،129‬نونبر‪-‬دجنبر ‪.2019‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -‬رضا التايدي " مسطرة نزع امللكية بين متطلبات املصلحة العامة و ضمان التعويض العادل "‬
‫مجلة املحاكم الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق املصلحة‬
‫العامة " أشغال ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية هيئات‬
‫املحامين باملغرب يومي ‪ 6‬و ‪ 7‬يناير ‪ 2017‬بالرباط‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬إصدار خاص‪ ،‬يناير‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ -‬نهاد الحيان " الخبرة التقنية و إجراءاتها و أسس تقدير التعويض " املعهد القضائي األردني‪،‬‬
‫طبعة ‪.2020‬‬
‫‪ -‬مجلة املحاكم الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق املصلحة‬
‫العامة " أشغال ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية هيئات‬
‫املحامين باملغرب يومي ‪ 6‬و ‪ 7‬يناير ‪ 2017‬بالرباط‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬إصدار خاص‪ ،‬يناير‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ -‬محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية على ضوء اجتهادات القضاء الداري‬
‫املغربي" تقديم ثريا العيوني‪ ،‬منشورات مجلة العلوم القانونية‪ ،‬سلسلة البحث األكاديمي‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ ،2014‬الصدار الثالث ‪ ،2014‬مكبعة األمنية بالرباط‪ ،‬توزيع مكتبة الرشاد‬
‫سطات‪.‬‬
‫‪ -‬نزع امللكية‪ ،‬دفاتر املجلس األعلى للحسابات‪ ،‬العدد ‪.2000-01‬‬
‫‪ -‬الزكراوي محمد " فصل الخطاب في موضوع نزع امللكية ألجل املنفعة العامة بين سندان‬
‫مشروعية املسطرة و مطرقة االعتداء املادي " مجلة منازعات األعمال‪ ،‬العدد ‪ 19‬دجنبر‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ -‬الزكراوي محمد‪ " ،‬منازعات قضايا االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية و جوازية‬
‫إعمال قاعدة التظلم الداري " املجلة اللكترونية املغرب و القانون‪ ،‬منشور بتاريخ ‪ 8‬ماي‬
‫‪ 2018‬على الساعة ‪.6:25‬‬
‫‪ -‬أنور شقروني‪ " ،‬الحماية القضائية لحق امللكية من خالل دعاوى االعتداء املادي " مجلة‬
‫املحاكم الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق املصلحة العامة "‬

‫‪84‬‬
‫أشغال ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية هيئات املحامين‬
‫باملغرب يومي ‪ 6‬و ‪ 7‬يناير ‪ 2017‬بالرباط‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬إصدار خاص‪ ،‬يناير ‪.2017‬‬
‫‪ -‬حسن العفوي‪ " ،‬مسطرة نزع امللكية في التشريع املغربي " الندوة الجهوية الثالثة لوزارة العدل‬
‫مراكش أيام ‪ 22-21‬مارس‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط‪.‬‬
‫‪ -‬محمد بهاء الدين الزباخ " اآلثار القانونية لتصميم التهيئة بين النص القانوني و العمل‬
‫القضائي " مجلة املحاكم الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق‬
‫املصلحة العامة " أشغال ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية‬
‫هيئات املحامين باملغرب يومي ‪ 6‬و ‪ 7‬يناير ‪ 2017‬بالرباط‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬إصدار خاص‪،‬‬
‫يناير ‪.2017‬‬
‫‪ -‬سعيد العقاوي‪ " ،‬الشكاالت التي يطرحها االعتداء املادي على امللكية العقارية " مجلة املحاكم‬
‫الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق املصلحة العامة " أشغال‬
‫ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية هيئات املحامين باملغرب‬
‫يومي ‪ 6‬و ‪ 7‬يناير ‪ 2017‬بالرباط‪ ،‬العدد الخامس‪ ،‬إصدار خاص‪ ،‬يناير ‪.2017‬‬
‫‪ -‬عبد الحق الذهبي " إشكالية إنهاء آثار تصاميم التهيئة من خالل مواقف القضاء الداري‬
‫املغربي " مجلة محاكمة‪ ،‬العدد املمتاز ‪.8-7‬‬
‫➢ النصوص القانونية والتنظيمية‪:‬‬
‫‪ -‬الدستور املغربي لسنة ‪ 2011‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 91.11.1‬بتاريخ ‪ 29‬يوليو‬
‫‪ ،2011‬مع قرار املجلس الدستوري رقم ‪ 2011.815‬بتاريخ ‪ 14‬يوليو ‪ ،2011‬املعلن لنتائج‬
‫االستفتاء فاتح يوليو ‪.2011‬‬
‫‪ - -‬القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬املتعلق بالجهات‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ ،1.15.83‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪ ،2015‬ص‪6585 ،‬؛‬
‫‪ - -‬القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬املتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ ،1.15.84‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪ ،2015‬ص‪6625 ،‬؛‬
‫‪ - -‬القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬املتعلق بالجماعات الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم‬
‫‪ ،1.15.85‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليوز ‪ ،2015‬ص‪.6660 ،‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.02.297‬صادر في ‪ 25‬من رجب ‪ 3 ( 1423‬أكتوبر ‪ )2002‬بتنفيذه القانون‬
‫رقم ‪ 78.00‬املتعلق بامليثاق الجماعي‪.‬‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 7.18‬املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت الصادر بتنفيذه‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.81.254‬بتاريخ في ‪ 6‬ماي ‪ ،1982‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،3685‬بتاريخ ‪15‬‬
‫يونيو ‪ ،1983‬ص‪.980 ،‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.92.31‬صادر في ‪ 15‬من ذي الحجة ‪ 17 ( 1412‬يونيو ‪ )1992‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 12.90‬املتعلق بالتعمير‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.91.225‬صادر في ‪ 22‬من ربيع األول ‪ 10 ( 1414‬دجنبر ‪ )1993‬بتنفيذه‬
‫قانون رقم ‪ 41.90‬املحدث بموجبه محاكم إدارية‪.‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 2.82.382‬الصادر في ‪ 16‬أبريل ‪ 1983‬بتطبيق القانون رقم ‪ 7.81‬املتعلق بنزع‬
‫امللكية ألجل املنفعة العامة و االحتالل املؤقت الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 1.81.254‬في‬
‫‪ 6‬ماي ‪.1982‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 2.16.301‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪ 2016‬بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل‬
‫الجماعة و تتبعه و تحيينه و تقييمه و آليات الحوار و التشاور لعداده‪.‬‬
‫➢ الدوريات ‪:‬‬
‫‪ -‬الدورية ‪ 55‬م م م بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪ 1996‬حول تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة‬
‫الجماعات الترابية ‪.‬‬
‫‪ -‬دورية وزير الداخلية رقم ‪ 21‬ق ت م ‪ 2/‬بتاريخ ‪ 7‬مارس ‪ ،2006‬موجهة إلى السادة والة وعمال‬
‫العماالت و األقاليم و عمال املقاطعات باململكة حول ضبط املنازعات القضائية للجماعات‬
‫املحلية و هيئاتها‪.‬‬
‫‪ -‬دورية وزير الداخلية رقم ‪ 120/‬م م م بتاريخ ‪ 9‬غشت ‪ 2000‬موجهة إلى السادة والة و عمال‬
‫العماالت و األقاليم اململكة حول التذكير بضرورة تنفيذ األحكام و القرارات القضائية‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫➢ األحكام و القرارات القضائية ‪:‬‬
‫✓ األحكام القضائية ‪:‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة الدارية بالرباط رقم ‪ 68‬بتاريخ ‪ 12‬يناير ‪ ،2009‬ملف رقم ‪ 1804/07‬ش‪ ،‬بين‬
‫الوكالة الخاصة طنجة البحر األبيض املتوسط في شخص رئيس املجلس الجماعي و السيد‬
‫املختار املغاري‪.‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة الدارية بالرباط عدد ‪ ،1387‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬ماي ‪2011‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة الدارية بمكناس الصادر بتاريخ ‪ 30‬جمادى األولى ‪ 1432‬املوافق ل ‪ 4‬ماي ‪2011‬‬
‫تحت عدد ‪ 10/2001/201‬الصادر ضد الجماعة الحضرية موالي ادريس زرهون مكناس‪.‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة الدارية بمراكش عدد ‪ 134‬الصادر بتاريخ ‪ 19‬يونيو ‪.2002‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة الدارية بالرباط رقم ‪ 206‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬يناير ‪ 2012‬في امللف رقم‬
‫‪ 07/2252‬ش‪.‬ع ( غير منشور )‬
‫‪ -‬حكم املحكمة الدارية بمكناس عدد ‪ 482‬بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪ ،2009‬في امللف رقم ‪2/05‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة الدارية بأكادير عدد ‪ 2011/453‬الصادر بتاريخ ‪ 28‬يونيو ‪ 2011‬في امللف رقم‬
‫‪ 2010/180‬ش ( غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -‬حكم املحكمة الدارية بمراكش عدد ‪ 763‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪ 2011‬في امللف عدد‬
‫‪ ( 2011/12/1380‬غير منشور)‪.‬‬
‫✓ القرارات القضائية ‪:‬‬
‫‪ -‬قرار املجلس األعلى رقم ‪ 515‬الصادر بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 1995‬في امللف الداري عدد ‪ 95/9‬في‬
‫قضية رشيد بن محمد بوحجرة‪.‬‬
‫‪ -‬قرار الغرفة الدارية باملجلس األعلى عدد ‪ 500‬بتاريخ ‪ 07‬مارس ‪ 1997‬ملف إداري عدد‬
‫‪.95/63‬‬
‫‪ -‬قرار املجلس األعلى عدد ‪ 27‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬دجنبر ‪ 1958‬في امللف الداري عدد ‪ 665‬في‬
‫قضية " كنسور فيليكس"‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة االستئناف الدارية بالرباط املؤرخ في ‪ 17‬أبريل ‪ 2012‬ملف عدد ‪11/11/191‬‬
‫بين الجماعة الحضرية طنجة و السيد محمد بالعياش ي اسكيرج‪.‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة االستئناف الدارية بالرباط عدد ‪ 2012‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 2011‬في امللف‬
‫عدد ‪ ( 6/09/417‬غير منشور)‪.‬‬
‫➢ محاضرات جامعية‪:‬‬
‫‪ -‬يونس أبالغ‪ ،‬محاضرات في قانون التعمير‪ ،‬ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬الفصل الثاني‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2020 /2019‬‬
‫➢ الخطب امللكية ‪:‬‬
‫‪ -‬الخطاب امللكي بمناسبة إنشاء املجلس االستشاري لحقوق النسان في ‪ 13‬شوال ‪1410‬‬
‫هجرية املوافق ل ‪ 08‬ماي ‪.1990‬‬
‫‪ -‬الخطاب امللكي أمام مجلس ي البرملان يوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ 2016‬بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية‬
‫األولى من الوالية العاشرة‪.‬‬
‫➢ دالئل‪:‬‬
‫✓ دليل أمالك الجماعات املحلية‪ ،‬اململكة املغربية‪-‬وزارة الداخلية‪ -‬املديرية العامة للجماعات‬
‫املحلية‪ ،‬سلسلة دليل املنتخب‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2009‬‬
‫✓ دليل عملي ملسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة وفق القانون ‪ 7.81‬خاص بالدارات‬
‫العمومية ‪.2018‬‬
‫➢ دورات تكوينية ‪:‬‬
‫✓ دورة تكوينية لوزارة الداخلية املديرية العامة للجماعات الترابية املحلية مديرية التخطيط و‬
‫التجهيز " البرامج التنموية الترابية " القنيطرة ‪ 15‬نياير ‪.2018‬‬

‫‪88‬‬
: ‫ مراجع باللغة الفرنسية‬:‫ثانيا‬

➢ Ouvrages :
✓ A. De laubadère ( A ) , Droit administratif, LGDJ, Paris 8 édition 1980.
✓ A. De laubadère, le contrôle juridictionnel du pouvoir discrétionnaire de l’utilité
publique justifiant l’expropriation T. II.LGDJ. Paris 1974.
✓ G- Pesseir, droit administratif, Dalloz, 1ème édition , 1993.
✓ Guide pratique de la phase administrative de l’expropriation au profit des
collectivités territoriales ou de leurs groupements, MINISTRE DE L INTERIEUR ,
DIRECTION GENERALE DES COLLECTIVITES LOCALES, REPUBLIQUE
FRANCAISE, aout 2015.
✓ C-E 20 mai 1971, Ministre de l’équipement et du logement / C/ fédération de
défense des personnes concernées par le projet dénommé ‘ VILLE NOUVELLE EST
‘ Rec 409 conclusion braibant.

89
‫فهرس املوضوعات‪:‬‬

‫مقدمة‪2..........................................................................................................................................:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أسس تمييزمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية‪9..................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬األسس الجرائية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة‪10.............‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املرحلة الدارية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة ‪10............‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬العالن عن قراراملنفعة العامة و التخلي من لدن الجماعات الترابية‪11.....................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬املصادقة على مشروع املرسوم و تنفيذه ‪18..........................................................‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املرحلة القضائية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة ‪21........‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دعوى نقل امللكية و االعتداء املادي لدى الجماعات الترابية ‪22................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية اللجنة الدارية للتقييم و تحديد التعويض لدى الجماعات الترابية ‪27.........‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬األسس املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ظل وثائق‬
‫التعمير ‪33....................................................................................................................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬أي تدخالت للجماعات الترابية لعالن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير ‪34...........‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تدخل الجماعات الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير ‪34........‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تدخل الجماعات الترابية لعالن املنفعة العامة بمقتض ى إعالنات خارج مقتضيات‬
‫وثائق التعمير ‪39....................................................................................................................‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬إكراهات مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق التعمير‬
‫‪41...........................................................................................................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الكراهات القانونية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد وتنفيذ‬
‫وثائق التعمير ‪42....................................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الكراهات املادية التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد‬
‫و تنفيذ وثائق التعمير ‪45.........................................................................................................‬‬

‫‪90‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬التطبيقات املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ضوء‬
‫حلول القضاء ‪49...............................................................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬التطبيقات املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ضوء‬
‫حلول القضاء ‪50...............................................................................................................................‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬املنازعات املتعلقة بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية بين قضاء‬
‫املالءمة و قضاء الشرعية ‪51...........................................................................................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬رقابة قضاء املالءمة في مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية ‪51..........................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم و تطور قضاء املالءمة في نزع امللكية من أجل املنفعة العامة ‪52......................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬تطبيقات رقابة قضاء املالءمة على شرط املنفعة العامة في مسطرة نزع امللكية لدى‬
‫الجماعات الترابية ‪54.............................................................................................................‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬رقابة قضاء الشرعية على قيمة التعويض لنزع امللكية لدى الجماعات الترابية ‪59........‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مدى شرعية التعويض املحدد من طرف اللجنة الدارية للتقييم لدى الجماعات‬
‫الترابية ‪60............................................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مدى شرعية التعويض املحدد من طرف الخبيرلدى الجماعات الترابية ‪64...............‬‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬املنازعات املتعلقة باالعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية ‪67...........................‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬رقابة القضاء الداري في حماية امللكية العقارية من االعتداء املادي الصادرة عن‬
‫الجماعات الترابية ‪67................................................................................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬دور القضاء الداري في تحديد االعتداء املادي الصادرعن الجماعات الترابية ‪68........‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬صالحيات القاض ي الداري بالبث في قضايا االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات‬
‫الترابية ‪70............................................................................................................................‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬دعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرعن الجماعات الترابية والنتائج املترتبة عنه‬
‫‪72...........................................................................................................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬دعاوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية ‪73..................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬النتائج املترتبة عن دعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات‬
‫الترابية ‪76............................................................................................................................‬‬

‫‪91‬‬
‫خاتمة‪79........................................................................................................................................ :‬‬
‫قائمة املراجع‪82.............................................................................................................................. :‬‬

‫‪92‬‬

You might also like