Professional Documents
Culture Documents
خصوصية مسطرة نزع الملكية لدى الجماعات الترابية
خصوصية مسطرة نزع الملكية لدى الجماعات الترابية
لجنة المناقشة:
-الدكتور محمد الغالي ،أستاذ التعليم بكلية الحقوق مراكش ........................................................مشرفا ورئيسا
-الدكتور يونس أبالغ ،أستاذ التعليم العالي مساعد بكلية الحقوق مراكش ....................................مشرفا وعضوا
-الدكتور ...........................................................................................................................................
الدكتور.......................................................................................................................................
تندرج امللكية الخاصة ضمن دائرة الحقوق األساسية لألفراد والجماعات .وقد أكد الدستور
املغربي لسنة 2011على أن القانون يضمن حق امللكية ،والتي ال يمكن الحد من نطاقها وممارستها إال
بموجب القانون ،وإذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد ذلك .1وفي هذا
الصدد ،ال يمكن نزع امللكية إال في حاالت محددة ووفق الجراءات التي ينص عليها القانون.2
وعليه يمكن القول ،دون تحفظ ،بأن الحق في امللكية ليس مطلقا ،وإنما يبقى مقيدا بالقانون.
وقد أصبح ال ينظر إلى امللكية الخاصة على أنها ميزة للفرد فحسب ،بل كذلك لها وظيفة اجتماعية.
وفي هذا الصدد أجاز القانون نزع ملكية الخواص من أجل املنفعة العامة على اعتبار السبق املنطقي
لألخيرة على مصالح الخواص.
غير أن القضاء الداري ،سواء الفرنس ي أو املغربي ،أصبح منذ مدة ال ينظر لقرارات نزع امللكية
من أجل املنفعة العامة نظرة مجردة.3فال يوافق القاض ي الداري على القرارات املتعلقة بها إال بعد
النظر فيما يعود به القرار من فائدة تحقق أكبر قدر من املصلحة العامة وذلك عن طريق املوازنة بين
الفوائد التي يحققها املشروع املزمع إنشاؤه واملصالح الخاصة التي سيمس بها ،وبالتالي تقييم قرار نزع
امللكية على ضوء مزاياه وسلبياته واملقارنة بين املصالح املتعارضة لإلدارة والخواص املنزوع ملكيتهم،
كل ذلك في نطاق املشروعية املخولة لقاض ي اللغاء.4
تفيد هذه املقدمات بأن مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة التي تلجأ لها األشخاص
املعنوية العامة تنطوي لوحدها على مجموعة من الشكاالت ،فباألحرى إن تم ربطها بخصوصية
املسطرة املذكورة لدى الجماعات الترابية ،خاصة إذا علمنا بأن الهيئات الالمركزية يمكنها اللجوء
1الفصل 35من الدستور الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011الجريدة الرسمية عدد 5964مكرر ،بتاريخ
30يوليوز ،2011ص.3621 ،
2القانون رقم 7.18املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.81.254بتاريخ في 6ماي
،1982الجريدة الرسمية عدد ،3685بتاريخ 15يونيو ،1983ص.980 ،
3يونس أبالغ ،كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة ،منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية ،عدد
،149نونبر -دجنبر ،2019ص.292 ،
4يونس أبالغ ،الرأي االستشاري في ميدان التعمير ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية ،جامعة محمد الخامس
بالرباط ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بسال ،السنة الجامعية ،2018 /2017ص.204 ،
2
للمسطرة املذكورة لحداث بعض املرافق العامة حتى ولو لم يتم تخصيصها بموجب وثائق التعمير ،5
وأن قرارات نزع امللكية التي تتخذها هذه الوحدات الترابية تختلف من حيث اآلجاالت عن القرارات
التي تتخذها باقي أشخاص القانون العام على اعتبار أن لجوء الوحدة الترابية للمسطرة املذكورة يبقى
مقرونا بمداولة مجلس الجماعة الترابية وكذا مسطرة التأشير على مقرر املجلس مع التريث بعد ذلك
حتى لدورة مجلس الجماعة الترابية األخيرة في السنة املالية (دورة امليزانية) حتى يمكن التداول بشأن
االعتماد املخصص لتعويض املنزوعة ملكيته على إثر إدراج قيمة التعويض الذي حددته اللجنة
الدارية للتقويم في ميزانية الجماعة الترابية للسنة املالية املقبلة.6
تاريخيا ،نظم املشرع املغربي مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة بمجموعة من
القوانين كظهير 31غشت ،1914وظهير 3أبريل 1953وكان آخرها بموجب القانون رقم 7.81املذكور
الصادر بموجب الظهير الشريف 16أبريل .1982هذا األخير ينظم مسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة
العامة ،تضمن قواعد جديدة لم تكون متضمنة في القوانين السابقة ،وكذا بعض األحكام التي يجب
أن تتقيد بها الدولة والجهات األخرى التي لها امتياز ممارسة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة مع
ضمان حق التعويض للمنزوعة ملكيته.
وفي هذا الطار ،سبق للفصل ل 3من قانون نزع امللكية املذكور أعاله بأن أكد على أنه "يخول
حق نزع امللكية إلى الدولة والجماعات املحلية (حاليا الترابية)وإلى األشخاص املعنويين اآلخرين الجارية
عليهم أحكام القانون العام أو الخاص أو األشخاص الطبيعيين الذين تفوض إليهم السلطة العامة
حقوقها للقيام بأشغال أو عمليات معلن أنها ذات منفعة عامة ".
من خالل الفصل أعاله يتبين بأن الجماعات املحلية (حاليا الترابية) هي أيضا من األشخاص
العامة التي منح لها املشرع امتياز نزع امللكية لتحقيق مشاريع ذات النفع العام على اعتبار أن
الجماعات الترابية هي شخص من أشخاص القانون العام وتمثل النظام الالمركزي الداري الذي يقوم
عليه املغرب في تنظيمه الداري .وقد كان من الطبيعي أن يمنح املشرع تلك الوحدات الترابية امتياز
5يونس أبالغ ،محاضرات في قانون التعمير ،ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية ،الفصل الثاني ،السنة الجامعية /2019
.2020
6يونس أبالغ ،محاضرات في قانون التعمير ،نفس املرجع.
3
سلطة نزع امللكية من أجل تحقيق مشاريع تنموية على الصعيد الترابي لكل جماعة إذا تطلب ذلك
املشروع نزع ملكية الخواص.
ونظرا لطبيعة املوضوع ،سيتم االقتصار على مسطرة نزع امللكية التي تباشرها الجماعات
الترابية وفق القوانين املذكورة سلفا .وفي هذا الصدد تم اختيار هذه الجزئية اعتبارا ملا تحظى به تلك
الوحدات الترابية من خصوصية عن باقي أشخاص القانون العام بكونها خاضعة لسلطة الوصاية
(حاليا املراقبة الدارية) فإنها ملزمة بسلوك إجراءات خاصة إلى جانب تلك الواردة بتلك القوانين،
والتي ليست لها نفس الصيغة القانونية لهذا األخير بقدر ما لها من صيغ تنظيمية واردة بالدليل
العملي للجماعات الترابية الصادرة لدى السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية.
في جانب آخر يؤكد كل من الدستور املغربي في الفصل ،35وكذا الفصل األول من قانون نزع
امللكية أن هذه األخيرة ال يمكن اللجوء إليها إال إذا أعلنت املنفعة العامة .كما أن املشرع املغربي لم
يحدد ويحصر املنفعة العامة .وقد اعتبر املصادقة على التصاميم العمرانية املنصوص عليها في قانون
التعمير بمثابة إعالن عن املنفعة العامة ،تستوجب نزع امللكية الخواص وربط التعويض عنها
بالقانون رقم 7.81الذي يعتبر القانون األساس ي لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة.
إن الجماعات الترابية تتدخل لعالن املنفعة العامة بموجب وثائق التعمير .كما أنها تعمل على
نزع ملكية الخواص من أجل تنفيذ وثائق التعمير ،وفي بعض األحيان لحداث بعض التخصيصات
غير ورادة في تصميم التهيئة كاملتعلقة منها بقرارات تخطيط الطرق العامة .لذلك يمكن القول إن
املسطرة التي تلجأ لها في هذا الشأن تتميز متميزة ،مما نتج عنها في الواقع العملي مجموعة من
الكراهات املرتبطة بمسطرة نزع امللكية ،والتمويل املالي ،وأخرى مرتبطة بالعقار محل نزع امللكية.
إضافة إلى ذلك ،و ضمانا لعدم الضرار باملنزوعة ملكيتهم تحت ذريعة املنفعة العامة ،فقد
أقر القضاء رقابة قضائية على املقررات املتعلقة بإعالن املنفعة العامة ،خاصة و أن أغلب
الجماعات الترابية تخرق القانون املعمول به في نزع امللكية و تنحرف في استعمال سلطتها وتعتدي على
ملك الخواص ،و كذا التعويض الذي تمنحه الجهات املختصة بتحديد التعويض حتى ال يتم إهدار
حقوق املالكين ،ألن معظم الدعاوي أيضا ضد الجماعات الترابية تكون بسبب قيمة التعويض التي
4
تعكس الثمن الحقيقي للعقار مما يجعل املنزوعة ملكيتهم ال يقبلون بالتعويض األول و يطرقون باب
القضاء لينصفهم.
من هنا ،يتبين بأن مسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة التي تباشرها الجماعات الترابية
تتميز بنوع من الخصوصية عن باقي أشخاص القانون العام ،باعتبار أن الوحدات الترابية تخضع
ملراقبة السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية ،وعند قيامها بمسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة
فهي ملزمة بالتقيد بأحكام قانون نزع امللكية رقم 7.81وكذا بقوانين أخرى لها صيغة تنظيمية الواردة
في الدليل العملي للجماعات الترابية التي تصدره السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية ،فضال عن
مضامين القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لسنة ،2015رقم 111.14ورقم 112.14ورقم
113.14املتعلقين على التوالي بالجهات و بالعماالت واألقاليم وبالجماعات.7
وتتجلى خصوصية أخرى للمسطرة لدى الجماعات الترابية فيما تقوم به الهئيات الالمركزية
الترابية بخصوص عملها على تنفيذ وثائق التعمير.كما تظهر هذه الخصوصية بشأن تلك املوارد املالية
املخصصة للتعويض عند قيام الوحدات الترابية بمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة ،بحيث
إن مسطرة نزع امللكية تستوجب معها تعويض املنزوعة ملكيتهم مما يحتم على الجهة نازعة امللكية
أن تضع مبلغا ماليا مهما للتعويض جراء عملية النزع الذي ستقوم بها ،هذا ما نالحظه يغيب في الواقع
لدى الجماعات الترابية.
وبصرف النظر عن الصعوبة الناتجة عن دقة املوضوع املتجلية في خصوصية مسطرة نزع
امللكية لدى الجماعات الترابية ،فإن هناك مجموعة من الصعوبات التي واجهتنا من أجل تسليط ما
يكفي من الضوء على كل جوانب إشكاليات املوضوع ،خاصة ندرة املراجع املتخصصة .وفضال عن
ذلك فإن الملام و الحاطة به بشكل كلي تحتاج في حقيقة األمر إلى دارسين وخبراء في هذا املجال
ملناقشته من جميع جوانبه.
-7القانون التنظيمي رقم 111.14املتعلق بالجهات ،الص ااادر بتنفيذه الظهير الش ااريف رقم ،1.15.83الجريدة الرس اامية عدد ،6380بتاريخ 23
يوليوز ،2015ص6585 ،؛
-القانون التنظيمي رقم 112.14املتعلق بالعماالت واألقاليم ،الص ااادر بتنفيذه الظهير الش ااريف رقم ،1.15.84الجريدة الرس اامية عدد ،6380
بتاريخ 23يوليوز ،2015ص6625 ،؛
-القانون التنظيمي رقم 113.14املتعلق بالجماعات الص ا ا ااادر بتنفيذه ظهير ش ا ا ااريف رقم ،1.15.85الجريدة الرس ا ا اامية عدد ،6380بتاريخ 23
يوليوز ،2015ص.6660 ،
5
إضافة لذلك ،فحتى مع عدة زيارات قمت بها ،رغم ظروف حالة الطوارئ الصحية ،لعدة
جماعات ترابية في قسم التعمير وقسم املمتلكات،فلم تتم إفاداتي بأي معلومات على اعتبار أن حتى
موظفو الجماعات الترابية ال يفهمون املسطرة بالشكل الجيد.
وقد كان االهتمام بالدراسات املتعلقة بتدبير الشأن الترابي وحكامته الجيدة دافعا أساسيا
لتسليط الضوء على هذا الجانب الذي ال زال غامضا في التدبير العمومي الترابي.فالوحدات الترابية
وقضاياها أصبحت يوما بعد تثير االهتمام لدى الدارسين ،خاصة أن اململكة ما فتئت تريد ترفع بها
لتصبح جماعات ترابية رائدة في تدبيرها ألمورها واختصاصاتها .مما جعلنا نفكر في موضوع نزع امللكية
التي تقوم به الجماعات الترابية ،إشكاليته والخصوصية التي تميزه عن املواضيع العامة التي تقوم بها
الدولة بإدارتها املركزية وغير املمركزة ومؤسساتها املرفقية .إن إشكالية خصوصية مسطرة نزع امللكية
من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية ،وإن كانت تحتم دراسة الجراءات التي تقوم بها
الوحدات الترابية عند مباشرتها ملسطرة نزع امللكية ،سواء في الحاالت العادية أو في حالة وجود وثائق
التعمير ،فإنها مع ذلك تستوجب إبراز األسس املسطرية التي تميز لجوء الجماعات الترابية لنزع امللكية
من أجل املنفعة العامة عن باقي أشخاص القانون العام ،ومن جهة ثانية كيفيات قيام الجماعات
الترابية بمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة سواء في ظل تطبيق املقتضيات الواردة في وثائق
التعمير ،أو حتى خارج القيود الواردة فيها ،وأساسا في تصميم التهيئة.
وطاملا أن هناك نصا قانونيا واحدا مع مرسومه التطبيقي ،8وهو القانون رقم 7.81الخاص
بمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة لكل أشخاص القانون العام؛ فإن الجواب عن الشكالية
أعاله يحتم وجوبا اعتماد املنهج املقارن على اعتبار أنه وحده الكفيل بالسماح ملقارنة مسطرة نزع
امللكية من أجل املنفعة العامة التي تقوم بها الجماعات الترابية مع املسطرة التي تقوم بها الدولة
واملؤسسات العمومية ،وبالتالي رصد الخصوصية لدى الجماعات الترابية وهيئاتها .وفضال عن ذلك
سيتم استخدام املنهج التاريخي ألنه وحده الكفيل برصد أهم التطورات التاريخية للنصوص
القانونية املتعلقة بنزع امللكية والقوانين ذات الصلة باملوضوع .فالجماعات الترابية عرفت تطورا
- 8املرس ا ا ا ااوم رقم 2.82.382بتاااريخ 16أبرياال 1983بتطبيق الق اانون رقم 7.18املتعلق بنزع امللكيااة ألجاال املنفعااة العااامااة وباااالحتالل املؤقاات،
الرسمية عدد ،3685بتاريخ 15يونيو ،1983ص.988 ،
6
قانونيا تاريخيا ملحوظا .في حين أن النص القانوني الخاص بمسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة،
ال زال يعود من الناحية التاريخية إلى بداية ثمانينات القرن املاض ي ،لذلك وجب القول بأن املنهج
التاريخي واجب التطبيق للجواب عن إشكالية خصوصية مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة
لدى الجماعات الترابية.
يتحقق الجواب عن الشكالية عبر فصلين .تدور مضامين األول حول األسس التي تميز
مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية محاولة منا الحاطة بأهم ما يتعلق
باألسس الجرائية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية وخصوصياتها في الحاالت العادية وفي
ظل وثائق التعمير أو خارج املقتضيات الواردة بها (فصل أول) .وفي هذا الطار لن يتم الملام بمحاور
املوضوع إجابة عن الشكالية إلى من خالل تسليط الضوء على التطبيقات املسطرية لنزع امللكية من
أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ضوء حلول القضاء مع رصد أهم التطورات الرقابية
التي عرفها االجتهاد القضائي املغربي في مجال نزع امللكية على الجماعات الترابية (فصل ثان).
7
الفصل األول :أسس تمييزمسطرة نزع
امللكية من أجل املنفعة العامة لدى
الجماعات الترابية
8
الفصل األول :أسس تمييزمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية
تعد مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة طريقا استثنائيا تلجأ إليه أشخاص القانون
العام الكتساب أراض ي وعقارات الخواص لتنفيذ املشاريع العامة وال يجوز القيام بها إال إذا أعلنت
املنفعة العامة وذلك احتراما للمبدأ الدستوري املنصوص عليه في الفصل 35من الدستور الذي
بموجبه يضمن وبقوة القانون حق امللكية ،التي ال يمكن الحد من نطاقها وممارستها إال إذا اقتضت
ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد.
وقد حدد الفصل 3من القانون رقم 7.81املتعلق بنزع امللكية واالحتالل املؤقت الكيانات
القانونية التي سمح لها القانون بهذا االمتياز من بينها الجماعات الترابية بحيث جاء في هذا الفصل "
يخول حق نزع امللكية إلى الدولة والجماعات املحلية (الترابية) وإلى األشخاص املعنويين اآلخرين
الجارية عليهم أحكام القانون العام ."...
كما جاء في الفصل األول من القانون املذكور أعاله " إن نزع ملكية العقارات كال أو بعضا أو
ملكية الحقوق العينية العقارية ال يجوز الحكم به إال إذا أعلنت املنفعة العامة ،و ال يمكن إجراؤه
إال طبق الكيفيات املقررة في هذا القانون مع مراعاة االستثناءات املدخلة عليه كال أو بعضا بموجب
التشريعات الخاصة ".
و انطالقا من الفصل أعاله يتبين أن نزع امللكية ال يمكن مباشرتها إال انطالقا من إجراءات قانونية
يحددها القانون لذلك سنخصص هذا الفصل للتطرق إلى األسس الجرائية لقيام الجماعات الترابية
بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة ( املبحث األول ).
كما أن نزع امللكية و استنادا إلى الفصل األول من القانون املنظم لهذه األخيرة فنزع ملكية الخواص ال
يجوز الحكم به إذا أعلنت املنفعة العامة ،و تعتبر وثائق التعمير بمثابة إعالن عن املنفعة العامة ،و
تتدخل الجماعات الترابية في عملية إعداد و تنفيذ وثائق التعمير ،كما أنها عند إعداد برامجها و
ممارسة اختصاصاتها تعود إلى وثائق التعمير السارية املفعول مما يجعل تدخل الجماعات الترابية
لإلعالن عن املنفعة العامة في ظل وثائق التعمير تتميز بخصوصية .األمر الذي جعلنا نتطرق لألسس
9
املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق
التعمير ( مبحث ثان).
املبحث األول :األسس الجرائية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة
يمكن للجماعات املحلية (الجماعات الترابية حاليا ) أن تطبق مسطرة نزع امللكية القتناء
عقارات يستوجبها إنجاز مشاريع اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية ذات منفعة عامة يصعب أو
يستحيل اقتناؤها بالتراض ي.
وفي هذا الطار ،يكمن هذا االمتياز في إجبار مالكي العقارات ،و غيرهم ممن بيدهم حقوق في
العقارات الالزمة للمشاريع املزمع إنجازها ،على التخلي عن ملكية عقاراتهم و حقوقهم لفائدتها،
برضاهم أو رغما عن إراداتهم في حالة وجود مانع قانوني أو واقعي يحول دون إبرام هذا التراض ي.9
لهذا ،تسلك الجماعات الترابية أوال املرحلة الدارية لقيامها بنزع امللكية من أجل املنفعة
العامة (املطلب األول) .و إذ لم ي تف االتفاق و التراض ي بين الخواص و الجماعة الترابية املعنية بنزع
امللكية تسلك املرحلة املوالية و هي املرحلة القضائية ( مطلب ثان).
املطلب األول :املرحلة الدارية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة
تعتبر املرحلة الدارية هي املرحلة األولى ملباشرة مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة،
و ترمي هذه الجراءات الدارية بالخصوص إلى وضع الضمانات القانونية التي تستهدف الحفاظ على
األموال العامة و الحفاظ على حقوق الخواص املعنيين بأمر نزع امللكية ألجل املنفعة العامة من جهة
أولى ،و إلى التمهيد إلى املرحلة القضائية في أحسن الظروف و األحوال ،من جهة ثانية .10
-9دليل أمالك الجماعات املحلية ،اململكة املغربية -وزارة الداخلية – املديرية العامة للجماعات املحلية ،سلسلة دليل املنتخب ،الطبعة األولى
، 2009الصفحة .18
-10محمد الكشبور " نزع امللكية ألجل املنفعة العامة قراءة في النصوص وفي مواقف القضاء" طبعة ثانية محينة و مزيدة و منقحة ،2007
الصفحة ،.46
10
و يعد العالن عن قرار املنفعة العامة و التخلي من لدن الجماعات الترابية (الفقرة األولى) أول مرحلة
تقوم بها الجماعة الترابية املعنية ،و بعدها تتم إحالة مشروع املرسوم على السلطة الحكومية املكلفة
بالداخلية للمصادقة عليه و بعدها تنفيذه من قبل رئيس مجلس الجماعة املعنية (الفقرة الثانية).
إن أول إجراء تقوم به الجهة نازعة امللكية في املرحلة الدارية هو العالن عن املنفعة العامة ألن هذه
األخيرة هي التي تبيح نزع ملكية الخواص ،ثم العالن عن مقرر التخلي .لذلك خصصنا هذه الفقرة
لنبين كيف تعلن الجماعة الترابية املعنية عن قرار املنفعة العامة (فرع أول) .ثم إجراءات إعالن عن
مقرر التخلي من قبل تلك الوحدة الترابية (فرع ثان).
اعتبارا أن تحقيق املنفعة العامة هو الذي يبيح نزع امللكية للخواص ،فإن أول إجراء إداري
تتخذه السلطة العامة لهذا الغرض يتمثل في إصدار املقرر القاض ي بإعالن املنفعة العامة .وقد نص
الفصل السادس من القانون املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت رقم " : 7.81
تعلن املنفعة العامة بقرار إداري يعين املنطقة التي يمكن نزع ملكيتها" ،كما نص الفصل األول من
املرسوم امللكي التطبيقي لهذا القانون على أنه " :تطبيقا للفصل 6من القانون رقم 7.81املشار إليه
تعلن املنفعة العامة بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير املعني باألمر ".
ال يثير حق طلب إعالن املنفعة العامة أية إشكالية تذكر ما دام املبدأ هو أن السلطة التي
ستقوم بعملية نزع امللكية هي التي تختص أصال بطلب إعالن املنفعة العامة ،واعتمادا على ما سبق
فإن الجهة املختصة بطلب إعالن املنفعة العامة تختلف بحسب األحوال من حالة إلى أخرى حسب
ما يتعلق األمر بنقل ملكية العقارات التي سوف تنزع إلى ملك الدولة العام أو إلى ملكيها الخاص أو إلى
ملكها الغابوي أو إلى إحدى املؤسسات العمومية أو إلى ملك إحدى الجماعات الترابية أو إلى ملك
شخص طبيعي أو معنوي يخضع ألحكام القانون العام.11
11حسن العفوي " مسطرة نزع امللكية في التشريع املغربي" الندوة الجهوية الثالثة لوزارة العدل -مراكش أيام 22-21مارس ،مطبعة األمنية
الرباط.
11
وبالنسبة للجماعات الترابية التي تقوم بنزع امللكية يجب أن تطلب املنفعة العامة بعد مناقشة
املشروع في اجتماع للمجلس وحصوله على إذن بذلك من الوزارة الوصية طبقا ألحكام املادة 31من
الظهير الخاص بالتنظيم الجماعي الصادر في 30شتنبر .121976
لكن الشكالية املطروحة هو أن املشرع املغربي لم يتطرق إلى ماهية املنفعة العامة وهو بصدد
إعمال قانون نزع امللكية ألجل املنفعة العامة وترك ذلك لإلدارة نازعة امللكية إعالن املنفعة العامة
وفق ما تقتضيه املصلحة العامة ،مما جعل من داللة هذه األخيرة داللة فضفاضة وغير واضحة قد
يكون ظاهرها يهدف إلى تحقيق املنفعة العامة لكن في حقيقة أمرها ما هي إال صورة لخلفيات
مدسوسة بسبب تصفيات حسابات ضيقة غايتها النتقام من األفراد املنزوعة ملكيتهم .وبالفعل يقع
ذلك على مستوى تنفيذ قرارات نزع امللكية املتخذة من قبل الجماعات الترابية في حق املنزوعة
ملكيتهم بهدف ابتزازهم والتأثير فيهم بغيت إرغامهم على املفاوضات مقابل تحرير عقاراتهم من شبح
املنفعة العامة.
وقد جاء في الفصل 6من قانون نزع امللكية رقم " :7. 81تعلن املنفعة العامة بمقرر إداري
يعين املنطقة التي يمكن نزع ملكيتها"
األول في املرحلة األولى :يعلن بموجبه عن املنفعة العامة للمشروع الذي ترغب الجماعة في
إنجازه مع تحديد املنطقة التي يمكن أن تكون موضوع نزع امللكية .
الثاني :في مرحلة الحقة وجوبا خالل مدة صالحية املقرر األول تحدد فيه جميع العقارات
الواقعة في املنطقة املعينة في التصميم امللحق باملقرر األول.13
ولإلشارة فإن نزع امللكية يتم في الغالب عبر اتخاذ مقرر واحد لبساطته ويكون كما يلي:
12
-اتخاذ مقرر إداري واحد :يعلن بموجبه عن املنفعة العامة للمشروع ،تعين فيه العقارات املراد
نزع ملكيتها مع تبيان مكوناتها ومساحتها ومراجعها العقارية وأسماء من يحتمل أن يكون ملكين
لها.14
ومن هنا نتساءل عن ماهية املقرر الداري املتعلق بإعالن عن املنفعة العامة وما أهدافه ؟!
فجاء في الفصل االول من املرسوم التطبيقي رقم 2 .82 .382بتاريخ 1983بأن " :املقصود باملقرر
الداري في قانون نزع امللكية ألجل املنفعة العامة هو ذلك املرسوم الذي يتخذ باقتراح من الوزير
املعني باالمر" .والفصل 6من قانون نزع امللكية رقم 7.81حدد ماهية املنفعة العامة كما هو مذكور
أعاله ،ثم الفصل 28من القانون التعمير رقم 12. 90الذي جاء فيه " :يعتبر النص القاض ي باملوافقة
على تصميم التهيئة بمثابة إعالن عن املنفعة العامة " .كما أن املادة 29من نفس القانون تعتبر بأن
تصميم التهيئة بمثابة قرار يعين فيه األرض مراد نزع ملكيتها .هذا وفي إحالة إلى املادة 34من القانون
12. 90نجد أن قرارات تخطيط حدود الطرق العامة بمثابة إعالن بأن املنفعة العامة تقض ي انجاز
العمليات املنصوص عليها فيها .ومن خالل اضطالعنا على هذه النصوص القانونية يتبين لنا بأن
املشرع املغربي لم يتطرق لتحديد دقيق في تفسير ماهية املنفعة العامة في قرارات العالن عن املنفعة
العامة بمناسبة سلوك النزع املباشر ،ال في قانون نزع امللكية و ال في قانون التعمير.
على هذا األساس نرى أنه ال يجب منح كامل الصالحيات لإلدارة نازعة امللكية في تقدير العالن
عن املنفعة العامة بمفهومها الواسع ،و ال نخفي رغبتنا في أن يعمل املشرع املغربي على إعادة النظر
في تحديد و تعريف ماهية املنفعة العامة بتضمين القانون ما يفيد بيانها ،و قبل ذلك تكوين لجنة من
أهل االختصاص تبث فيما يمكن أن يدخل فيما هو فعال منفعة عامة مما هو دون ذلك ،و ليث عمل
املشرع إلى وضع الئحة تتضمن جميع املشاريع ذات النفع العام حتى ال يدع لإلدارة هامشا للعبث
بحقوق االغيار تحت ذريعة املنفعة العامة .15ألن واقع املمارسة تطوله مجموعة من الخروقات
السافرة تحت مضلة املنفعة العامة ،فترك املشرع باب املنفعة العامة لسلطة الدارة تعتريه مجموعة
من الشكاليات املخلة بالتطبيق السليم للقانون ،فالعالن عن املنفعة العامة يحتاج
13
إلى دراسات مستفيضة لواقع العقار موضوع النزع املباشر إلى جانب معايير و شروط قانونية و
واقعية ،في احترام تام للقوانين و املرجعيات التنظيمية املقررة في نصوص موازية ،ذلك أن مناط
قانونية و مشروعية تدخل الدارة في مباشرة مسطرة نزع امللكية ال يمكن تصوره إال باسم املنفعة
العامة الذي يبرر تدخل الدارة في مباشرة املسطرة بل إ ن مقدار هذا التدخل يتحدد بمدى تحقيق
املنفعة العامة من وراء تصرفها ،لذلك نرى أنه أصبح الزما على املشرع املغربي إعادة النظر في ترتيب
اآلثار املترتبة عن العالن عن املنفعة العامة و تحديدها تحديدا دقيقا للمشاريع ذات النفع العام بما
يفيد منحها تلك الصفة .فقد تضيع من وراء خلفياتها حقوق األغيار عند مباشرة مسطرة نزع امللكية
في غياب تام لفكرة املنفعة العامة و التي يحتمل أن تكون ستارا و شماعة تعلق الدارة عليها تمرير
قرارتها املشوبة بعيب املشروعية أو تجاوزا للسلطة .16فالكثير من الجماعات الترابية تسطو على
عقارات الخواص في خرق سافر ملقتضيات قانون نزع امللكية و دونما إيالء أي اهتمام بفحوى املساطر
املتبعة في هذا الشأن بدعوى إقامة مشاريع ذات نفع عام في حين أن خلفيات سياسية و تصفية
حسابات ضيقة تكون هي األصل في انتزاع عقارات الغير و االستيالء عليها بدون تحقق املنفعة العامة
من وراء ذلك .كما أن شطط بعض رؤساء الجماعات الترابية يمتد إلى حد مساومة األفراد املفترض
نزع ملكيتهم بخصوص إعفاء عقاراتهم من واقع النزع ألجل املنفعة العامة مستغلين بذلك جهل و
بساطة و عدم قدراتهم على مواجهتهم بسبب ضيق إمكانياتهم املادية ،إذ كيف نفسر أن معظم
األراض ي املشمولة بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة تشمل فقط فئة عريضة من بسطاء الناس فقط
لعدم قدرتهم في مواجهة الدارة نازعة امللكية.17
إن العديد من الجماعات الترابية أعلنت و في مرات عديدة قرارات املنفعة العامة و تم تعيين
األراض ي املراد نزع ملكيتها و مرت سنين طويلة عن تاريخ العالن عن املنفعة العامة دونما إنشاء تلك
املشاريع ذات النفع العام لتترك بذلك مصير عقارات األفراد معلقة ال هي مستغلة و ال هي متصرف
فيها ،و هذا يتناقض مع األهداف التي سطرتها الدولة و املناظرة الوطنية حول إصالح السياسة
العقارية و دمج العقارات في الدورة االقتصادية من أجل تحقيق التنمية املنشودة.18
14
واستثناء مما سلف تطبق مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية بشكل جزئي ،باتخاذ
مقرر يقض ي بالتخلي مباشرة ،و االستغناء عن قرار العالن عن املنفعة العامة في حالة تنصيص
تصميم التهيئة على املشروع املرغوب في إنجازه بدقة ،و كون هذا املشروع يعتبر من قبيل املشاريع
ذات املنفعة العامة ،شريطة أن يكون هذا التصميم مصادق عليه ،و ما يزال ساري املفعول .19
وفي هذا الصدد تجدر الشارة إلى أن الطريقة املعتمدة في تطبيق العملي تتجلى في إعالن
املنفعة العامة للمشروع املزمع إنجازه ،مع تعيين العقارات املراد نزع ملكيتها في مقرر إداري واحد،
يتخذ شكل مرسوم يصدره الوزير األول( رئيس الحكومة حاليا) .20
يعتبر إعالن مقرر التخلي ثاني إجراء يباشره نازع امللكية أو من فوض له ذلك ،فالقرار املعلن
للمنفعة العامة يعين املنطقة التي سينجزها املشروع الذي ستنزع امللكية من أجله ،أما قرار التخلي
فهو الذي يبين و يحدد بكل دقة األمالك العقارية الواجبة لهذا الغرض .21
و يمكن من الناحية القانونية لنازع امللكية أو من يقوم مقامه أن يستغني عن مقرر التخلي متى تكفل
القرار الخاص بإعالن املنفعة العامة بصفة مباشرة بتعيين األمالك التي ستقع تحت وطأة إجراءات
نزع امللكية ،و في هذه الحالة يعتبر املرسوم املعلن للمنفعة العامة بمثابة مقرر التخلي في نفس الوقت
كذلك ،فقد نص الفصل السابع من قانون نزع امللكية الجديد على أنه " :يمكن للمقرر املصرح
باملنفعة العامة أن يعين مباشرة األمالك التي يشملها نزع امللكية و إال فإن هذا التعيين يقع بموجب
مقرر إداري يدعى مقرر التخلي"
15
-البحث عن العقارات املالئمة لنجاز املشروع و ذاك:
* بالرجوع إلى وثيقة التعمير السارية املفعول ،للتحقق من مالءمتها للمشروع بالنظر لتوجهات
الوثيقة املعينة ؛
* بتشكيل لجنة تقنية يعهد إليها الوعاء العقاري املناسب لنجاز املشروع ،بالنظر للنسيج العمراني
للمنطقة املختارة ،و ذلك عند عدم توفر أية وثيقة التعمير ؛
-تكوين ملف تقني يتعلق باملشروع ،و عرضه على املجلس للتداول بشأنه ؛
-مداولة املجلس الجماعي في املوضوع ،و اتخاذ مقرر يوافق بمقتضاه على تطبيق مسطرة إعالن
املنفعة العامة ،و تعيين العقارات املراد نزع ملكيتها لنجاز املشروع املرغوب فيه ،مع تحديد املشروع
الذي تقض ي املنفعة العامة إنجازه فوقها بالكامل الدقة و الوضوح ،و بيان عدد العقارات الالزمة و
نوعيتها و مساحتها ،و مراجعها العقارية ؛
-تتولى السلطة املختصة تنفيذ مقرر املجلس املعني ( :الوالي أو العامل ،أو رئيس املجلس أو الباشا)؛
* نشر مشروع املرسوم مسبوق بإعالن يحدد مدة البحث و تاريخ افتتاحه و اختتامه ،و يشير إلى
ايداعه و التصميم امللحق به ،مشفوعين بسجل املالحظات و التصريحات بمقر الجماعة ،و يقع نشر
هذا املشروع في كل من الجريدة الرسمية و جريدة يومية من الجرائد املسموح لها بتلقي االعالنات
القانونية ؛
*بكتابة الضبط املحكمة الدارية املختصة إذا كان العقار غير خاضع لنظام التحفيظ ؛
16
-إجراء بحث علني عن املنافع واملضر ملدة شهرين كاملين ويستحسن زيادة أيام إضافية ،تالقيا ألي
نزاع محتمل ؛
-والي الجهة ،كلما تعلق األمر بمشروع يهم جهة ،أو عمالة مقر الجهة ؛
-رئيس املجلس الجماعي ،كلما تعلق األمر بمشروع يهم جماعة حضرية أو قروية ؛
يجدر التذكير على أنه يتعين إرسال ملف العملية املشار إليه أعاله ،إلى وزارة الداخلية
(مديرية املمتلكات ) قصد دراسته وإعداد مشروع مرسوم نهائي و عرضه على وزير الداخلية ألجل
التوقيع عليه بالعطف ،ثم توجيه امللف إلى األمانة العامة للحكومة للعمل على ،23وهذا جانبا مهما
من خصوصية املسطرة لدى الجماعات الترابية ؛
ما يعاب أيضا هذه املرحلة لدى الجماعات الترابية هو أن هذه األخيرة ال تزال خاضعة لوصاية
وزارة الداخلية بشكل كبير ،و هذا مايجعلنا نعتبر بأنها تتنافى و الباب التاسع من الدستور الذي يعتبر
الجماعات الترابية شخص من أشخاص القانون العام ،مستقلة ،تدبر شؤونها بكيفية ديمقراطية.
إذ كيف لهذه الوحدات الترابية كل مشروع تتقدم به يخضع للدراسة واملصادقة من طرف وزارة
الداخلية ،كما أن هذا يساهم في تعطيل الجراءات الدارية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات
الترابية باعتبار هناك مديرية املمتلكات لدى وزارة الداخلية واحدة فقط مقارنة مع عدد الجماعات
17
الترابية بمستوياتها الثالث .بحيث ،يجب على األقل خلق مديريات للممتلكات التابعة لوزارة الداخلية
على مستوى املصالح الالممركزة في كل جهة من جهات اململكة.
بعد العالن عن املنفعة العامة و مقرر التخلي من قبل الجماعة الترابية املعنية يتعين على
هذه األخيرة إحالة مشروع املرسوم على السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية باعتبارها الجهة الوصية
على الجماعات الترابية لكي تتم املصادقة على مشروع املرسوم (الفرع األول) .و بعد املصادقة يتم
تنفيذ مشروع املرسوم من قبل اآلمر بالصرف أي رئيس مجلس الجماعة الترابية ( الفرع الثاني).
الفرع األول :املصادقة على مشروع املرسوم من قبل السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية
كما أشرنا في الفقرة السابقة على أن مشروع نزع امللكية لدى الجماعات الترابية يخضع
لسلطة الوصاية وزارة الداخلية من أجل دراسته و املصادقة عليه ،و هذا ما سنبينه في هذه الفقرة
بتفصيل أكثر .بحيث ،يرسل امللف إلى مديرية املمتلكات بوزارة الداخلية باعتبارها الوزارة الوصية
على الجماعات الترابية قصد دراسة مشروع املرسوم النهائي ،و توقيع مشروع املرسوم النهائي من
طرف وزارة الداخلية ،ثم يوجه امللف إلى األمانة العامة للحكومة من أجل توقيع مشروع املرسوم
النهائي من طرف رئيس الحكومة لكي يتم نشر النص الكامل للمرسوم في الجريدة الرسمية.24
-تصميم يحدد مواقع العقارات الالزمة ،لنجاز املشروع و يرسل حدودها ،و يحمل توقيع اآلمر
بالصرف و املهندس الذي أعده ؛
18
-شهادة مسلمة من طرف إدارة املحافظة على األمالك العقارية بالنسبة للعقارات الخاضعة لنظام
التحفيظ ،و عند االقتضاء سندات ملكية العقارات غير املحفظة ؛
-مذكرة تبرز رأي الوكالة الحضرية حول مدى مالءمة العقارات للمشروع ؛
-نسخة من الدراسة الخاصة بالتأشير على البيئة ،كلما تعلق األمر بمشروع ملوث للبيئة ؛
-محضر اللجنة املكلفة بتقويم العقارات الذي حددت فيه قيمة التعويض املستحق للمالكين ؛
-مذكرة تثبت توفر الجماعة الترابية على االعتماد املالي الالزم لتعويض املالكين ؛
-نسخة من الصفحات التي نشر فيها نص املشروع من املرسوم من الجريدة الرسمية و من الجرائد
املأذون لها بنشر املعلومات القانونية ؛
ومن خالل وثائق ملف العملية الذي تم التطرق إليه أعاله نجد بأنه من بين وثائقه وثيقتين
مهمتين يعرفان عدة إشكاالت وخروقات .أوال كمحضر اللجنة املكلفة بتقويم العقارات ،الذي حددت
فيه قيمة التعويض املستحق للمالكين .فهذه اللجنة وقيمة التعويض التي تطرحها تعرف إشكاال
نظرا لكون اللجنة يكون غير حاضر فيها طرف يمثل املنزوع ملكيته .بحيث ،يوجد فقط األطراف
التابعين لنازع امللكية ،كما أن قيمة التعويض تكون زهيدة جدا مقارنة قيمة العقار املنزوع مما يجعل
األطراف ال ينهون املسطرة بشكل اتفاق ودي وبالتراض ي فيلجؤون إلى القضاء ،و هذا ما سنوضحه
19
أكثر في املطلب الثاني املخصص للمرحلة القضائية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية .كما
أن ملف العملية من بين وثائقه األساسية مذكرة تثبت توفر الجماعة الترابية على االعتماد املالي الالزم
لتعويض املالكين ،و هذا ما نالحظه يغيب عن أرض الواقع .فمن غريب الصدف أن العديد من
الجماعات الترابية تعمل على مباشرة املساطر املتعلقة بعمليات النزع دونما توفرها على العتمادات
املالية املرصودة و املخصصة لتعويض و جبر األضرار الالحقة بأصحاب العقارات املنزوعة ملكيته
مما يجعل من أحكام التعويض بهذا الشأن تعرف إشكالية عدم تنفيذ الدارات النازعة للملكية
لألحكام و القرارات الصادرة في املوضوع بذريعة صعوبة تنفيذها .بينما أن الواقع يفترض في مثل هذه
الحالة قيام املسؤولية املباشرة لإلدارة التي باشرت املسطرة بشكل معيب.25
لتنفيذ محتوى املرسوم املنشور في الجريدة الرسمية من قبل اآلمر بالصرف يتعين اتخاذ
التدابير اآلتية :
* نشر إعالن في جريدة رسمية او عدة جرائد مأذون لها بنشر العالنات القانونية يشعر للعموم
بنشر النص املرسوم القاض ي بإعالن املنفعة العامة و بالتخلي ؛
-العمل على تسوية الوضعية القانونية و املالية للقطع األرضية موضوع العمومية ،داخل األجل
املحدد قانونا ،و ذلك بالتراض ي في حالة قبول مالك العقارات للتعويضات املقترحة عليهم حسب
القيمة املحدد من طرف لجنة التقويم .إذ يجب إبرام اتفاقات بالتراض ي معهم و تحرير محاضر لذلك
أمام السلطة املحلية أو عقود بيع رسمية أو عرفية مصححة المضاء تبعا ملكان إقامتهم .و تخضع
محاضر االتفاق أو العقود ملصادقة وزير الداخلية و يتكون ملف العملية من الوثائق التالية:
20
* مذكرة تقديم املوضوع ؛
* تصميم تجزيئي ،موقع عليه من قبل اآلمر بالصرف ومؤشر عليه من طرف املهندس املختص يبين
موقع القطعة األرضية موضوع العملية ويرسم حدودها بلون املغير؛
لكن على مستوى املمارسة الواقعية فإن أغلب الجماعات الترابية ال تسلك هذه املساطر
القانونية نظرا لجهل الفاعل املنتخب أو املوظف الجماعي لهذه الجراءات القانونية أو ألسباب أخرى
كأن املشروع مستعجل وال يمكن انتظار املسطرة نظرا لطول إجراءاتها ،مما يجعل استيالء الجماعات
الترابية على أراض ي الخواص تتجه نحو االعتداء املادي وليس نزع امللكية .وهذا ما سنبينه في املطلب
الثاني املخصص للمرحلة القضائية .كما أن الجماعات الترابية ال ترصد اعتمادات مالية في ميزانيتها
السنوية مخصصة للتعويض عن النزع امللكية ،مما يجعل قيمة التعويض التي تقدمها للمنزوع
ملكيتهم زهيدة جدا مقارنة مع قيمة العقار ،أو ال تنفذ األحكام والقرارات القضائية الصادرة ضدها
نظرا لعدم توفرها للوسائل .
املطلب الثاني :املرحلة القضائية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعةالعامة
تعد املرحلة القضائية املوالية بعد املرحلة الدارية .بحيث ،في حالة عدم حصول التراض ي يعرض
امللف على املحكمة الدارية املختصة الستصدار أمر بحيازة العقارات مقابل أداء التعويضات
املقترحة من قبل لجنة التقويم .ثم حكم بنقل امللكية في اسم الجماعة وتحديد التعويضات النهائية.
اثر ذلك يجب تقييد محضر التراض ي أو العقد أو الحكم الصادر بنقل امللكية في السجالت املخصصة
لذلك مع العمل على تقديم مطالب لتحفيظ العقارات غير املحفظة ،كما يتعين تسوية الوضعية
املالية للعقارات املعنية بأداء التعويضات املستحقة ملالكيها ،أو إيداعها عند االقتضاء ،وتحيين
21
سجالت محتويات أمالك الجماعات الترابية .ولذلك سنخصص هذا املطلب للتطرق لدعوى نقل
امللكية وإشكالية االعتداء املادي لدى الجماعات الترابية في الفقرة األولى ،ثم إشكالية التعويض
واللجنة الدارية للتقييم في الفقرة الثانية .
الفقرة األولى :دعوى نقل امللكية و االعتداء املادي لدى الجماعات الترابية
سنخصص هذه الفقرة لدعوى نقل امللكية التي تقوم بها الجماعات الترابية في املرحلة
القضائية لحيازة العقار املنزوع ملكيته ( فرع أول ) ،و كذا الترامي على أراض ي الخواص بدون سند
قانوني أو املسمى باالعتداء املادي وحيازة عقار الغير و االعتداء عليه ( فرع ثاني).
الفرع األول :دعوى نقل امللكية لدى الجماعات الترابية في املرحلة القضائية
مما ال شك فيه أن القانون رقم 7.81هو الذي ينظم مسطره نزع امللكية للدولة والجماعات الترابية
وكل من خول له املشرع صفة أشخاص القانون العام .فالجماعات الترابية تسلك املسطرة نفسها
املحددة في القانون املذكور أعاله .بحيث ،هذا القانون ينظم دعوه نزع امللكية في املرحلة القضائية في
نقطتين أساسيين :
إذا كانت الجهة نازعة امللكية أو الجهة الوصية ترغب في حيازة العقار والبدء في إنجاز األشغال
دون انتظار صدور حكم بنقل امللكية الذي قد يستغرق بعض الوقت ،يسوغ لها تقديم مقال يتعلق
بهذا املوضوع إلى قاض ي املستعجالت لدى املحكمة الدارية املختصة ،ويجب تعزيزه بمرسوم العالن
عن املنفعة العامة ونزع امللكية ،ومقرر التخلي ،والتصميم التجزيئي ،وملف البحث الداري ،ومحضر
اللجنة الدارية للتقييم وذلك حتى يتسنى لقاض ي املستعجالت باملحكمة الدارية املختصة بسط
رقابته على سالمة إجراءات نزع امللكية .فإذا تأكد من سالمتها يصدر أمره بالذن بالحيازة مقابلة أداء
أو إيداع التعويض االحتياطي لفائدة املنزوعة ملكيته.26
-26دليل عملي ملسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة وفق القانون 7.81خاص بالدارات العمومية 23 ،2018
22
وبعد صدور أمر الذن بالحيازة وتقييده لدى املحافظة العقارية إذا ما تعلق األمر بعقارات محفظة
وفي طور التحفيظ ( الفصل 25من قانون نزع امللكية) أو لدى املحكمة الدارية إذا كانت العقارات
غير محفظة ( الفصل 24من قانون نزع امللكية ) يتم أداء أو إيداع التعويض االحتياطي داخل أجل
شهرين من تاريخ التبليغ ويتم توجيه ملف األداء أو اليداع للخازن الوزاري يكون مرفقا بالوثائق
التالية:27
وتجدر الشارة إلى أنهإذا سبق للجهة نازعة امللكية أو الجهة الوصية إيداع املبلغ املقترح من طرف
اللجنةالدارية للتقييم بصندوق اليداع والتدبير فإنها تعمل على إعداد مقررات رفع اليد التي
تشمل:28
23
تقوم الجهة نازعة امللكية( أو الجهة الوصية) بتقديم مقال للمحكمة الدارية املختصة يرمي بنقل
ملكية العقار ،و يكون مرفقا بمرسوم العالن عن املنفعة العامة و نزع امللكية أو مقرر التخلي و ملف
البحث الداري و الشواهد العقارية و شواهد التقييد و مقررات اليداع إذا كانت املبالغ مودعة
بصندوق اليداع و التدبير .و من املفيد التذكير هنا بأنه يتعين على الجهة نازعة امللكية( أو الجهة
الوصية ) سلوك دعوى نقل امللكية داخل أجل سنتين يحتسب من تاريخ نشر مقرر التخلي أو مرسوم
إعالن املنفعة العامة و نزع امللكية بالجريدة الرسمية ،تحت طائلة عدم القبول الطلب من طرف
املحكمة الدارية املختصة .و تخضع دعوى نزع امللكية من حيث املبدأ للقواعد الجرائية العامة
الواردة في قانون املسطرة املدنية باستثناء بعض الجراءات الخاصة التي ورد النص عليها صراحة في
قانون نزع امللكية نظرا للطبيعة الخاصة لدى نزع امللكية ،و من ذلك على سبيل املثال ما ورد في
الفصل 18من القانون املذكور.29
وتقض ي املحكمة الدارية املختصة بنقل امللكية في اسم الجهة املعنية مقابل أداء أو إيداع
التعويضات املحددة من طرف اللجنة الدارية للتقييم ،هذا فضال عن كون تحديد التعويض عن نزع
امللكية يبقى من صميم اختصاص السلطة التقديرية للمحكمة التي يسوغ لها استبعاد قيمة العقار
املحدد من طرف لجنة التقويم و اللجوء إلى الخبرة القضائية لتحديد التعويض وفقا للمعايير
املذكورة في الفصل 20من قانون نزع امللكية.30
و بعد توصل الجهة نازعة امللكية( أو الجهة الوصية ) باألحكام القضائية الصادرة و التي تكون نهائية
في الشق املتعلق بنقل امللكية ،تقوم بإيداع طلب التقييد لدى املحافظة العقارية املختصة ،و تختلف
طريقة تنفيذ األحكام بحسب اختالف النظام القانوني للعقار املنزوع ملكيته وفق ما يلي:31
تقوم الجهة نازعة امللكية( أو الجهة الوصية ) بتقديم طلب تقييد الحكم القضائي بالرسم
العقاري أو بالرسوم العقارية إذا تعلق األمر بعقارات محفظة ،أما بالنسبة للعقارات في طور التحفيظ
-29دليل عملي ملسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة وفق القانون ، 7.81مرجع سابق ،الصفحة 26
-30نفس املرجع األخير ،الصفحة 26
-31نفس املرجع األخير ،الصفحة .26/27
24
فيطلب إيداعه بمطلب أو بمطالب التحفيظ وفق مقتضيات الفصل 84من قانون التحفيظ
العقاري مع طلب الحصول على شهادة تفيد التقييد أو اليداع.
أما بالنسبة مللف التقييد مشفوعا باألحكام القضائية الصادرة و امللف التقني إذا تعلق األمر
بنزع جزئي فقط ،و ذلك لتيسير فرز القطعة املنزوعة ملكيتها من املساحة الجمالية للعقار ،أما
بالنسبة للنزع الكلي مللكية العقار ،فيقتصر األمر على حلول الجهة نازعة امللكية( أو الجهة الوصية)
محل املنزوعة ملكيته.
إذا كانت األحكام القضائية الصادرة تتعلق بعقارات غير محفظة يتم تقييدها بسجالت
املحكمة الدارية ،كما يتعين على الجهة نازعة امللكية أن تبادر تقديم طلب التحفيظ للمحافظة
العقارية املختصة ترابيا مرفقا بالحكم القضائي و رسوم امللكية و امللف التقني و شهادة اليداع لدى
مصلحة املسح العقاري املختصة إذا تعلق األمر بنزع جزئي للملكية ،و ذلك لالستفادة من مزايا
التحفيظ وفق مسطرة خاصة بدون إشهار .بحيث ،يتم إصدار رسوم عقارية نهائية في اسم الجهة
نازعة امللكية(أو الجهة الوصية ) بمجرد التحقق من الحدود و إعداد التصاميم العقارية ( الفصل 37
من قانون نزع امللكية ).
الفرع الثاني :إشكالية االعتداء املادي وتنفيذ األحكام والقرارات الصادرة ضد الجماعات الترابية
أدى عدم االلتزام باملساطر القانونية املعمول بها في مادة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة
لتزايد دعوى االعتداء املادي و تضخم حجم األحكام و القرارات النهائية الصادرة قي مواجهة الجماعات
خصوصا ،و باقي السلطات املتمتعة بامتياز نزع امللكية من أجل املنفعة العامة .و هي األحكام و
القرارات القضائية التي خلفت بتزايدها قلقا كبيرا لدى السلطات العمومية ما لم يتم تنفيذها تجنبا
لتشكيك في مصداقية املؤسسات و في إطار تكريس مبدأ سيادة القانون و صيانة حرمة القضاء و
احتراما لحقوق املتقاضين مع تعزيز مصداقية الدارة العامة.32
-32يونس أبالغ" ،كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة" ،مرجع سابق ،ص.284 ،
25
:1إشكالية االعتداء املادي لدى الجماعات الترابية
إن احتالل العقار و مباشرة األشغال دون سلوك مسطرة نزع امللكية يشكل اعتداءا ماديا
على حق امللكية املضمون دستوريا و يسوغ ملالك العقار اللجوء إلى قاض ي املستعجالت للمطالبة
بإيقاف األشغال .فالعديد من الجماعات الترابية تستولي على عقارات الخواص دون احترام مسطرة
نزع امللكية و تبرر ذلك باستعجال و تعقد و طول مسطرة االقتناء بالتراض ي ،و أحيانا يكون السبب
جهل رئيس مجلس الجماعة و موظفيه بالقوانين مما يجعل من تصرفاتها أي الجماعات الترابية
خارج دائرة القانون و تجاوزا في استعمال السلطة ،الشيئ الذي يعرض قراراتها تلك لقابلية البطالن
بسبب انعدام األساس القانوني و افتقادها املشروعية .و أقر االجتهاد القضائي حماية حق امللكية
العقارية في العديد من املناسبات ،نذكر منها على سبيل االستئناس ال الحصر قرار املجلس األعلى
العدد رقم 74الصادر بتاريخ 1993/03/12حيث اعتبر " أن االعتداء املادي غيرمرتبط بأي نص
تشريعي أو تنظيمي و أن كل تصرف الدارة خارج الطارالقانوني يعتبرمن قبيل االعتداء املادي ".
و هو ما يزكيه كذلك قرار صادر عن محكمة االستئناف الدارية بمراكش تحت عدد 209
بتاريخ 2013/02/14قض ى " بأن وضع الدارة يدها على العقار دون اتفاق باملراضاة أو سلوك
مسطرة نزع امللكية يعد غصبا و اعتداءا ماديا على ملك الغير"
إن تضخم عدد هذه األحكام و القرارات القضائية و الذي هو في تزايد بعد تدييلها بالصيغة
النهائية تواجهه في الحالة الغائية صعوبات التنفيذ لعدم توفر االعتمادات املالية الكافية أو نتيجة
ا الصطدام أحيانا ببعض املواقف الرافضة لتنفيذ أحكام القضاء نظرا لسوسيولوجية املنتخبين وفي
مرات أخرى لسيكولوجيا رجال الدارات .33فإكراه تنفيذ األحكام و القرارات الصادرة في مواجهة
أشخاص القانون العام يعد اليوم حاجزا حقيقيا لبلورة سياسات عمومية متكاملة و منسجمة ،كما
يظل مهدد لكينونة الالمركزية الترابية التي قطعت فيها الدولة مراحل مهمة و حاسمة ،على اعتبار
القيمة املرتفعة للمبالغ املحكوم بها في مواجهة الجماعات الترابية في الدعاوي املتعلقة بالصفقات
33بونس أبالغ ،كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة" ،مرجع سابق ،ص 284 ،و.285
26
العمومية و االعتداء املادي الناتجة عن الخالالت الفنية أو املادية التي تمس بمسطرة نزع امللكية من
أجل املنفعة العامة .34
إن األحكام و القرارات القضائية قد تبقى مجرد شرح نظري للقانون ما لم يتم تنفيذها ،و إذا
كانت حصيلة الدعوى و نتيجتها هي الحكم القضائي النهائي ،فإن هذا الحكم ال قيمة له إن لم يترجم
عن طريق تنفيذه كما نصت ذلك االتفاقيات املبرمة بين املحكمة الدارية بالرباط مع مجموعة من
الدارات التي تراكم عدد األحكام و القرارات املذيلة بالصيغة التنفيذية في مواجهتها ،منها اتفاقية
مبرمة بين مع املديرية العامة الضرائب و مع بعض الجماعات الترابية.35
إن عدم تنفيذ األحكام و القرارات القضائية يضرب في الفصل 136من الدستور الذي ينص
على ما يلي " :يجب على الجميع احترام األحكام النهائية الصادرة عن القضاء" .فأغلب الجماعات
الترابية ال تعطي أهمية خاصة لتنفيذ األحكام و القرارات القضائية ،مما جعل من الدولة تصدر
مناشير و دوريات في هذا الشأن نذكر منها:
-الدورية رقم 55م.م.م بتاريخ 23أبريل 1996حول تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة
الجماعات الترابية ؛
-دورية وزير الداخلية رقم / 21ق.ت.م 2/بتاريخ 07مارس 2006موجهة إلى سادة والة عمال
العماالت و األقاليم و عمال املقاطعات باململكة حول ضبط املنازعات القضائية للجماعات املحلية
و هيئاتها ؛
الفقرة الثانية :إشكالية اللجنة الدارية للتقييم و تحديد التعويض لدى الجماعات الترابية
تعتبر اللجنة الدارية للتقييم و تحديد قيمة التعويض من أبرز االشكاالت في مسطرة نزع
امللكية لدى الجماعات الترابية .بحيث ،تعرف عدة خروقات ال على مستوى تأليف اللجنة املكلفة
بتقويم العقارات و ال على مستوى قيمة التعويض التي تقترحها .
-34يونس أبالغ "،كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة" ،مرجع سابق ،ص284 ،
-35نفس املرجع.
27
الفرع االول :إشكالية اللجنة الدارية للتقييم
لكي تتم املحافظة على األموال العامة من جهة ،و حتى ال تهضم حقوق الخواص املنزوعة أمالكهم من
جهة أخرى ،أوجب املشرع و تطبيقا للفصل 42من القانون رقم 7.81و الفصل 7من املرسوم
التطبيقي الصادر بشأنه تحديد التعويض املذكور من طرف لجنة إدارية محايدة مكونة من عدة
أشخاص مختلفي االختصاصات تتوفر فيهم أو من املفروض أن تتوفر لهم منفردين و مجتمعين
الحنكة و التجربة في مجال نزع امللكية ،و املعرفة الكافية بأوضاع سوق العقار ،و بالخصوص ما
يتعلق بتقلبات األسعار فيه.36
تتألف هذه اللجنة حسب الفصل 7من املرسوم التطبيقي رقم 2.82.382الصادر في 2رجب
1403املوافق ل 16أبريل 1983بتطبيق القانون رقم 7.81املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة
و االحتالل املؤقت من :
االعضاء الدائمين:
-ممثل طالب نزع امللكية أوالدارة التي يجري نزع امللكية لفائدتها ؛
-مفتش الضرائب الحضرية أو منتدبه اذا تعلق األمر بأراض ي حضرية مبنية أو غير مبنية ؛
28
-املمثل القليمي لوزارة الفالحة و الصالح الزراعي او منتدبه إذا تعلق األمر بأراض ي قروية ؛
و تجتمع اللجنة املشار إليها أعاله بطلب من نازع امللكية ،و هذه اللجنة مهمتها األساسية في وضع تقويم
تقريبي للعقارات أو الحقوق العينية محل نزع امللكية من أجل املنفعة العامة .و من الناحية العملية
يخرج أعضاء هذه اللجنة إلى عين املكان ملعاينة العقار املعني بأمر نزع امللكية و الوقوف على حقيقته،
مستعنين في ذلك بكل املعطيات التي يتم جمعها من مصادر مختلفة ،و خاصة ما يتعلق منها
باألثمان.37
وما يثير النتباه في تشكيلة اللجنة الدارية من حيث الواقع العملي غياب أي تمثيلية ملموسة
للمالكين أو من ينوب عنهم لضمان حمايتهم ،هذا بالضافة إلى غياب أي وجود لتمثيلية املستغلين أو
من لهم حقا من حقوق االرتفاق على العقارات موضوع عملية النزع ألجل املنفعة العامة .مما نرى فيه
غبنا و ضربا لحقوق األفراد املفترض نزع ملكيتهم .38فهذا يعد ضربا صارخا ملبدأ املساواة و العدل
املكفولة للمواطنين بنص الدستور .فهذه املسألة تعد من االشكاالت الكبرى التي تعتري اللجنة
الدارية للتقييم خاصة إذا كانت الجهة النازعة للملكية هي الجماعات الترابية .بحيث هذه األخيرة تنزع
عقارات الخواص بدون رصدها العتمادات مالية لتعويض أصحاب العقار ،فبالتالي اللجنة الدارية
للتقييم و في غياب طرف يدافع عن املنزوعة ملكيتهم قد تقدر أي تعويض مالي يكون في صالح الجماعة
الترابية و يهدر حقوق الخواص .و لهذا على املشرع املغربي أن يسارع إلى إعادة النظر في تشكيلة
اللجنة بما يكفل به حقوق األفراد و حمايتهم من أي ضرر قد يلحق بهم إبان تنزيل إجراءات النزع .و
نرى من جهة أخرى أن تتكلف بمهمة التقويم و تحديدا ثمن العقارات أو الحقوق العينية املنزوعة
ملكيتها و ذلك بعد معاينة ميدانية يفترض فيها إبداء الرأي حول ما إذا كان نزع العقار يصلح أو يالئم
املشروع املزمع إنجازه و تثمينه وفق عناصر املقارنة الواقعية املعمول بها في الكثير من بقاع العالم،
على أن يشترط أعضاء اللجنة أن يكونوا من املختصين ذوي الخبرة املعروفين باألمانة .و ال يجوز أن
يكون عضوا في اللجنة من كان له أو لزوجته أو ألحد أصهاره و أقاربه حتى الدرجة الرابعة حق أو
29
مصلحة في العقار املقرر نزع ملكيته أو املتضرر من املشروع أو كان وكيال ألحد أصحاب الحقوق على
العقار أو وصيا أو قيما على العقار.39
بين املشرع وقت تحديد التعويض عن نزع امللكية بكل دقة من خالل فقرات الفصلين 20و21
من القانون رقم 7.81املتعلق بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة واالحتالل املؤقت:
يجب أال يشمل إال الضرر الحالي واملحقق الناش ئ مباشرة عن نزع امللكية وال يمكن أن يمتد
إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر؛
يحدد قدر التعويض حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع امللكية دون أن تراعي في تحديد
هذه القيمة البناءات واألغراض والتحسينات املنجزة دون موافقة نازع امللكية منذ نشر أو
تبليغ مقرر إعالن املنفعة العامة لألمالك املقرر نزع ملكيتها؛
يجب أال يتجاوز التعويض املقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي أو تبليغ
نقرر إعالن املنفعة العامة املعين لألمالك التي ستنزع ملكيتها و ال تراعي في تحديد هذه القيمة
عناصر الزيادات بسبب املضاربات التي تظهر منذ صدور مقرر التصريح باملنفعة العامة ،غير
أنه في حالة ما إذا لو يودع نازع امللكية في ظرف أجل ستة أشهر ابتداء من نشر " مقرر التخلي
أو تبليغ مقرر إعالن املنفعة العامة املعين للعقارات التي ستنزع ملكيتها ،املقال الرامي إلى
الحكم بنزع امللكية و تحديد التعويضات و كذا املقال الرامي إلى طلب األمر بالحيازة ،فإن
القيمة التي يجب أال يتجاوزها تعويض نزع امللكية هي قيمة العقار يوم آخر إيداع ألحد
املقاالت بكتابة الضبط لدى املحكمة االبتدائية ؛
يغير التعويض ،عند االقتضاء ،باعتبار ما يحدثه العالن عن األشغال أو العملية املزمع
إنجازها من فائض القيمة أو ناقصها بالنسبة لجزء العقارات الذي لم تنزع ملكيته ؛
وفي هذا الطار ينص الفصل 21من النص املذكور على أنه:
30
-يحدد قاض ي نزع امللكية في حالة وجود حقوق انتفاع أو استعمال أو سكنى او غيرها من
الحقوق املماثلة أو من نفس النوع ،تعويضا واحدا بالنظر ملجموع قيمة العقار ،ويمارس
مختلف املعنيين باألمر حقوقهم في مبلغ التعويض.
من هذا املنطلق ،أصبح التعويض يحظى بأهمية كبيرة باعتباره يمس فئة عريضة من
املجتمع ،كما أنه هو الوسيلة الوحيدة لجبر الضرر عن نزع امللكية .لذلك اهتم املشرع املغربي وحدد
له مسطرة خاصة يسلكها نازع امللكية ،إال أن مسطرة التعويض على مستوى الواقع تعتريها خروقات
جسيمة من قبل الدارة نازعة امللكية خاصة الجماعات الترابية سواء في قيمة التعويض املحددة من
قبل اللجنة الدارية للتقييم أو عدم تنفيذ األحكام و القرارات الصادرة من الجهة القضائية املختصة.
و هذا ما حث عليه الخطاب السامي الذي ألقاه جاللة امللك محمد السادس أعزه هللا أمام مجلس ي
البرملان يوم 14أكتوبر 2016بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة التشريعية األولى من الوالية
العاشرة ،و الذي يعتبر بمثابة خطة عمل يجب أن تسير على هديها الدارة في تدبيرها ملسطرة نزع
امللكية و املحاكم في إيجادها حلوال للنزاعات القضائية التي تعرض عليها .40حيث ورد في الخطاب
امللكي السامي " :فالعديد من املواطنين يشتكون من قضايا نزع امللكية ألن الدولة لم تقم بتعويضهم
عن أمالكهم أو لتأخير عملية التعويض لسنوات طويلة تضر بمصالحهم أو ألن مبلغ التعويض أقل
من ثمن البيع املعمول به وغيرها من األسباب .إن نزع امللكية يجب أن تتم لضرورة املصلحة العامة
القصوى ،وأن يتم التعويض طبقا لألسعار املعمول بها في نفس تاريخ القيام بهذه العملية مع تبسيط
مساطر الحصول عليه ،وال ينبغي أن يتم تغيير وضعية األرض التي تم نزعها وتحويلها ألغراض تجارية
أو تفويتها من أجل املضاربات العقارية .كما أن املواطن يشتكي بكثرة طول وتعقيد املساطر القضائية
ومن عدم تنفيذ األحكام وخاصة في مواجهة الدارة".
إن الجدير باملالحظة هو أن مسطرة التعويض هي نفس املسطرة التي يسلكها التي يلجأها
أشخاص القانون العام الدولة و الجماعات الترابية أو كل شخص له صفة شخص عام كما هو
مذكور في القانون رقم 7.81املتعلق بنزع امللكية ،فهذا األخير حدد طبيعة الضرر املوجب للتعويض
عن نزع امللكية في الفقرة األولى من الفصل 20على أن التعويض يجب أن ال يشمل إال الضرر الحالي
-40رضا التايدي ،مسطرة نزع امللكية بين متطلبات املصلحة العامة وضمان التعويض العادل" مجلة املحاكم الدارية " القاض ي الداري يبن
حماية الحقوق والحريات وتحقيق املصلحة العامة " العدد الخامس – إصدار خاص -يناير ،2017ص.61/62 ،
31
و املحقق و الناش ئ مباشرة عن نزع امللكية و ال يمكن أن يمتد إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير
مباشر ،و هذا يعني املشرع اشترط في الضرر الذي يستحق التعويض عنه في إطار مسطرة نزع امللكية
أن يجتمع فيه عنصرين أساسين هما:
غير أن ما يميز مسطرة التعويض لدى الجماعات الترابية عن باقي أشخاص القانون العام هو
أن واقع نزع امللكية لدى الجماعات الترابية يعتريه الكثير من االشكاالت والسيما منها التعويض.
بحيث ،التعويض وانجاز مشاريع يتطلب اعتمادات مالية ،لكن املوارد املالية للجماعات الترابية تعاني
من املحدودية ،كما أنه ال يتم رصد اعتمادات مالية في امليزانية السنوية للتعويض عن نزع امللكية مما
يجعل الجماعات الترابية ترفع ضدها دعاوى قضائية لعدم جبرها الضرر للمنزوعة ملكيتهم ،وعدم
تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها في هذا الباب أي التعويض ،و ذلك لعدم توفرها على موارد
مالية .إذ كيف يسمح القانون للجماعات الترابية بنزع امللكية و نحن نعي جيدا بأن نزع امللكية
تستوجب تعويضا ماليا كبيرا ،و الجماعات الترابية ال تتوفر عليه و غير قادرة على تسديده.
إن أغلب األحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية في قضايا نزع امللكية تتعلق
بالتعويض .بحيث ،قيمة التعويض التي تمنح للمنزوعة ملكيتهم والتي تحددها اللجنة الدارية
للتقييم ال تتناسب و قيمة العقار .فكيف لعقار يساوي أكثر من 200مليون تمنح له فقط 30أو 20
مليون ،فهذا ما يجعل املنزوعة ملكيته ال يقبل بذلك التعويض ويلجأ إلى القضاء لنصافه ،فهنا يجب
إعادة النظر في قيمة التعويض و هذا رهين بإعادة النظر في اللجنة الدارية للتقييم و إعادة تشكيل
اللجنة مع إضافتها لشخص يمثل املنزوع ملكيته و خبير يحدد قيمة العقار الحقيقية.
32
املبحث الثاني :األسس املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في
ظل وثائق التعمير
تشكل قوانين التعمير واملراسيم التطبيقية لها ،التنظيم القانوني الذي يهيكل و ينظم القواعد
األساسية لتفعيل و تطبيق برنامج و مخططات الدولة في مجال التعمير و بلورتها على أرض الواقع .و
مما ال شك فيه أن تنظيم عملية التعمير تحتاج في الكثير من األحيان إلى نزع ملكية األراض ي الالزمة
للمنفعة العامة من قبل الهيئات املعنية لتنفيذ محتوى و غايات تلك الوثائق .41لهذا نص املشرع
املغربي في قوانين التعمير على الحالة في بعض األحيان على قانون نزع امللكية و االحتالل املؤقت ،بل
و اعتبر الوثائق بمثابة العالن عن املنفعة العامة و بالتالي جعلها تقوم مقام مقرر إعالن املنفعة
العامة.42
تتدخل الجماعات الترابية في عملية إعداد و تنفيذ وثائق التعمير ،كما أنها كما أنها عند إعداد
برامجها و ممارسة اختصاصاتها تعود إلى وثائق التعمير السارية املفعول مما يجعل تدخل الجماعات
الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة في ظل وثائق التعمير تتميز بخصوصية .بحيث ،تعرف عدة
إشكاالت مما يجعلنا نبين أي تدخالت للجماعات الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق
التعمير(مطلب أول) .كما أن مسطرة نزع امللكية كإجراء لتنفيذ وثائق التعمير تعتريها عدة إكراهات و
الواقع العملي أبان عن مجموعة من مظاهر املحدودية و السيما املرتبطة باملسطرة القانونية لنزع
امللكية في ظل وثائق التعمير ،و التمويل املالي و أخرى مرتبطة بالعقارات لتنفيذ محتوى تلك الوثائق،
مما جعلنا نتطرق لكراهات مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق
التعمير(مطلب ثان).
41غنبوري رشيد " ،نزع امللكية كمسطرة خاصة في إطار وثائق التعمير" رسالة ماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،كلية
الحقوق السويس ي ،السنة الجامعية ،2015/2016ص.12 ،
42أحمد أجعون " ،اختصاص املحاكم الدارية في مجال نزع امللكية من أجل املنفعة العامة" أطروحة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد
الخامس بالرباط ،كلية الحقوق أكدال ،السنة الجامعية ،1999/2000 ،ص.322 ،
33
املطلب األول :أي تدخالت للجماعات الترابية لعالن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير
إن مسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة تعتبر آلية مهمة لتنفيذ توجهات الدولة
والجماعات الترابية ،إال أن هذه املسطرة ال يتم اللجوء إليها إال إذا أعلنت املنفعة العامة.وتعتبر وثائق
التعمير والعالن عن تصميم التهيئة على وجه الخصوص بمثابة إعالن عن املنفعة العامة يستوجب
نزع امللكية .وتتدخل الجماعاتالترابية لإلعالن عن املصلحة العامة بمقتض ى وثائق التعمير ،باعتبارها
تساهم في إعدادها وتنفذ برامجها على حيزها الترابي (فقرة أولى) .إال أنها تتدخل أيضا لإلعالن عن
املنفعة العامة بموجب إعالنات أخرى خارج مقتضيات وثائق التعمير(فقرة ثانية) مما يخلق إشكاال
واسعا حول تدخالت الجماعات الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة بموجب وثائق التعمير.
الفقرة األولى :تدخل الجماعات الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير
يعد التعمير من اختصاصات الجماعات الذاتية.وقد جاء في املادة 85من القانون التنظيمي
113.14املتعلق بالجماعات " :مع مراعاة القوانين و األنظمة الجاري بها العمل ،تختص الجماعة في
ميدان التعمير فيما يلي:
-السهر على احترام االختيارات و الضوابط املقررة في مخططات توجيه التهيئة العمرانية و
تصاميم التهيئة و التنمية و كل الوثائق األخرى املتعلقة بإعداد التراب و التعمير؛
-الدراسة و املصادقة على ضوابط البناء الجماعية طبقا للقوانين و األنظمة الجاري بها العمل؛
-تنفيذ مقتضيات تصميم التهيئة و مخطط التنمية القروية لخصوص فتح مناطق جديدة
للتعمير وفقا لكيفيات و شروط تحدد بقانون.
ومن خالل املادة أعاله يتضح بأن الجماعات الترابية تتدخل في ميدان التعمير ،و طبقا لقانون
التعمير رقم 12.90و األنظمة الجاري بها العمل في ميدان التعمير يتبين أن الجماعات الترابية لها دور
و تساهم في إعداد و تنفيذ وثائق التعمير خاصة تصميم التهيئة الذي تعتبر املوافقة عليه بمثابة
إعالن عن املنفعة العامة تستوجب نزع ملكية الخواص لتنفيذه .و فلي هذه الفقرة سنبين دور
الجماعات الترابية في إعداد و تنفيذ وثائق التعمير تصميم التهيئة على وجه الخصوص (فرع أول).
34
والشكالية املثارة لدى الجماعات الترابية بخصوص العالن عن املنفعة العامة بموجب وثائق
التعمير ،وكذا إشكالية إنهاء املنفعة العامة و آثار تصميم التهيئة (فرع ثان).
الفرع األول :دور الجماعات الترابية في إعداد و تنفيذ وثائق التعمير (تصميم التهيئة نموذجا)
يعتبر تصميم التهيئة أول وثيقة تعميرية يعرفها قانون التعمير املغربي لتهيئة و توسيع املدن و
أحيائها .43و يصنف أهم وثيقة من وثائق التعمير التنظيمي ،فإذا كان التعمير التقديري عبارة عن
تصورات استشرافية و استراتيجية و توجهات عامة ذات صبغة مستقبلية تنعطف في الزمن
املستقبل ،فإن تصميم التهيئة باعتباره يتربع على قمة وثائق التعمير التنظيمي يشكل أداة لترجمة
توجهات و تصورات املخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية على أرض الواقع ،كما أنه يحدد قواعد
استعمال ضوابط و تنظيم املجال ،بل األكثر من ذلك يعد وثيقة مرجعية للتخطيط العمراني.44
وقد نظم القانون املتعلق بالتعمير رقم 12.90تصميم التهيئة من املادة 18إلى املادة ،31كما
جاء بتقنيات جديدة تحسن من مسطرة إعداد التصميم كتقنية " املساهمة" أي أن املجالس
الجماعية تساهم إلى جانب إدارة الدولة في إعداد مشروع تصميم التهيئة . 45يتم وضع مشروع تصميم
التهيئة بمبادرة من الدارة و بمساهمة الجماعات املحلية و تتم املوافقة عليه طبق الجراءات و
الشروط التي تحدد بمرسوم تنظيمي.46
يحال مشروع تصميم التهيئة قبل املوافقة الدارة عليه إلى مجلس الجماعة أو مجالس
الجماعات املعنية بدراسته ،و إلى مجلس املجموعة الحضرية إن اقتض ى األمر ذلك.47
و للمجالس املشارة إليها أعاله أن تبدي داخا أجل شهرين من تاريخ إحالة مشروع التصميم إليها ما
يعن لها في شأنه من اقتراحات تتولى الدارة دراستها بمشاركة الجماعات املحلية التي يعنيها األمر. 48
-43عبد الرحمان البكريوي ،أستاذ التعليم العالي جامعة محمد الخامس بالرباط " ،التعمير بين املركزية والالمركزية" الطبعة األولى ،1993
الصفحة .83
44محمد بهاء الدين الزباخ " اآلثار القانونية لتصميم التهيئة بين النص القانوني والعمل القضائي «مجلة املحاكم الدارية" مرجع سابق الصفحة
.89
- 45عبد الرحمان البكريوي ،مرجع سابق ،الصفحة 83
- 46املادة 23من قانون التعمير رقم ،12.90مرجع سابق.
-47املادة 24من قانون التعمير رقم ،12.90نفس املرجع.
-48املادة 24من قانون التعمير رقم ،12.90نفس املرجع.
35
و إذا لم تبدي املجلس اآلنفة الذكر رأي داخل األجل املنصوص عليه أعاله فإن سكوتها يحمل على أن
ليس لها أي اقتراح في موضوع التصميم املحال إليها .49
وبذلك أصبحت املجالس الجماعية تتدخل في مرحلتين من مراحل وضع تصميم التهيئة:
املرحلة األولى عند إجراء الدراسات و تيهئ املشروع األولي عن طريق مساهمتها إلى جانب إدارة التعمير
في صياغته ،أما املرحلة الثانية فتأتي بعد أن يتم التفاهم و التنسيق فيما بين إدارات الدولة حول
املشروع ما قبل النهائي و الذي يتم عرضه على أنظار املجلس الجماعي لدراسته و إبداء مالحظاته أو
اقتراحه بشأنه وذلك عن طريق االستشارة اللزامية للمجلس الجماعي أو املجالس الجماعية املعنية
و إن اقتض ى األمر ذلك مجلس املجموعة الحضرية وق ما تنص عليه املادة 24من قانون التعمير
الجديد .50
إن الصالحيات التي تحظى بها الجماعات في إعداد وثائق التعمير و دراستها وتنفيذها يتجلى
بأن هذا الدور يبقى في أبعاده ذو طبيعة استشارية و هكذا ففي مخطط توجيه التهيئة العمرانية
يعود للمجالس الجماعية الحق في دراسة محتواه و في إبداء رأيها حول أحكامه .51أما تصميم التهيئة
فإنه يعود لرئيس املجلس الجماعي غما بمبادرة شخصية منه أو بطلب من الدارة حق اتخاذ القرار
من أجل القيام بدراسته بعد أن يتداول املجلس الجماعي فقي هذا األمر و يوضع مشروع هذا
التصميم بمبادرة من الدارة و بمساهمة الجماعات الترابية التي تقوم بدراسته قبل أن تتم املوافقة
عليه بشكل نهائي و هي نفس املسطرة املتبعة في إطار تصميم تنمية الجماعات القروية.52
الفرع الثاني :الشكالية املثارة لدى الجماعات الترابية بخصوص إعالن املنفعة العامة بموجب
وثائق التعمير
إن أهم مرحلة ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية هي مرحلة العالن عن املنفعة
العامة وهي مرحلة حاسمة إذ من خاللها يتقرر إضفاء صبغة املنفعة العامة على امللكية الخاصة.
بحيث ،يصبح صاحب امللك مذعنا بما أصبحت ملكيته مقيدة من حيث تخصيصها لنجاز املشروع
36
بغية تحقيق املنفعة العامة و إضفاء هاته الصبغة األخيرة يعود للسلطة التقديرية للجهة نازعة
امللكية .53و تش كل قوانين التعمير و املراسيم التطبيقية لها التنظيم القانوني الذي يهيكل و ينظم
القواعد األساسية لتفعيل و تطبيق برنامج و مخططات الدولة في مجال التعمير و بلورتها على أرض
الواقع ،و مما ال شك فيه أن تنظيم عملية تحتاج في الكثير من األحيان إلى نزع ملكية األراض ي الالزمة
للمنفعة من قبل الهيئات املعنية لتنفيذ مقتضيات وثائق التعمير ،باعتبار نزع امللكية آلية خاصة
لتنفيذ محتوى و غايات تلك الوثائق.54
و ينص الفصل األول من قانون نزع امللكية رقم " : 7.81أن نزع ملكية العقارات كال أو بعضا
أو ملكية الحقوق العقارية ال يجوز الحكم به إال أعلنت املنفعة العامة " .و يعتبر النص القاض ي
باملوافقة على تصميم التهيئة بمثابة إعالن عن املنفعة العامة ،تستوجب القيام بالعمليات الالزمة
لنجاز التجهيزات املنصوص عليها .55و املصادقة على التصاميم العمرانية بمثابة العالن عن املنفعة
العامة.56
كما يعتبر إعالن املنفعة العامة في ظل وثائق التعمير بصفة عامة و تصميم التهيئة بشكل
خاص من أهم الضمانات التي خولها املشرع للمنزوع ملكيته ،و تتجلى هذه املنفعة في الغرض
األساس ي لتصميم التهيئة .57و في هذا الطار يتجلى الغرض األساس ي لتصميم التهيئة في كونه يحدد
كافة الضوابط و الجراءات التنظيمية التي تقيد تصرف املالكين في أراضيهم. 58
لكن هل يمكن اعتبا ر أن كل أهداف تصميم التهيئة يدخل في إطار املنفعة العامة و يستوجب
نزع ملكية الخواص لتنفيذ األهداف .بحيث ،بالرجوع إلى املادة 28من القانون املتعلق بالتعمير رقم
12.90تنص على أنه تعتبر املوافقة على تصميم التهيئة بمثابة إعالن عن املنفعة العامة يستوجب
-53هناء بنطامة " ،نزع امللكية كإجراء لتنفيذ وثائق التعمير" رسالة لنيل دبلوم ماستر في قانون العقود و العقار ،كلية العلوم القانونية و
االقتصادية و االجتماعية وجدة ،السنة الجامعية ، 2012/2013ص .9
54غنبوري رشيد ،ص ،12 ،مرجع سابق
55أحمد املالكي " ،وثائق التعمير باملغرب" املحاضرة الثالثة في مادة التعمير ملاستر القانون العام الداخلي و تنظيم الجماعات الترابية كلية
الحقوق مراكش السنة الجامعية .2019/2020
-56هناء بنطامة ،مرجع سابق ،ص.9 ،
57غنبوري رشيد ،مرجع سابق ،الصفحة .18
58الحاج شكرة " الوجيز في قانون التعمير املغربي " مطبعة دار القلم و النشر و التوزيع ،الطبعة السادسة ، 2011 ،ص.88 ،
37
القيام بالعمليات الالزمة عليها في البنود .3.4.5.6و 13من املادة ،19األمر الذي يجعل باقي العمليات
املنصوص عليها في املادة 19خارج نطاق املنفعة العامة .59
وتتجلى الشكالية املثارة لدى الجماعات الترابية بخصوص العالن عن املنفعة العامة
بموجب وثائق التعمير بعد املوافقة على وثائق التعمير والعالن عن املنفعة بموجبها و وجب تنفيذها.
إال أن أغلب الجماعات الترابية ال تنفذ املشاريع التي تتضمنها وثائق التعمير خاصة تصميم التهيئة.
وهكذا تبقى األراض ي املنزوعة ملكيتها بموجب إعالن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير ال هي
مستغلة للمشاريع و ال مالكيها مستفيدين منها مما يطرح إشكاال هل الجماعات الترابية قادرة على
تحقيق املشاريع املخطط إنجازها بموجب وثائق التعمير؟
إن إعالن املنفعة العامة على أراض ي الخواص بموجب وثائق التعمير وعدم تنفيذ املشاريع من
قبل الجماعات لعدة إكراهات سنوضحها في املطلب الثاني .فمع انتهاء آجال أعمار وثائق لتعمير
وجب معه إنهاء إعالن املنفعة العامة و استرجاع املالكين أراضيهم .و اآلجال ال يسري فقط على
العقارات املخصصة للمصالح الدارية و املرافق العمومية ،و منشآت الحياة االجتماعية ،بل يسري
أيضا على العقارات املخصصة لحداث التجهيزات و األغراض األخرى كإحداث الطرقات و الساحات
العمومية أو فتح املناطق الخضراء أو بناء الرياضية أو ما إلى ذلك .60وذلك استنادا إلى املادة 28من
قانون التعمير رقم .12.90
كما أن إعالن املنفعة العامة بموجب وثائق التعمير و عدم مباشرة الجماعات الترابية بتنفيذ
املشاريع و انصرام أجل مدة وثيقة التعمير و إنهاء آثارها و استرجاع املالكين أراضيهم يساهم في إهدار
املال العام عبثا خاصة و أن أصحاب األمالك يطالبون بالتعويض و هنا تطرح إشكاال عن مدى أحقية
أصحاب األمالك التي من املزمع أن تحتضن تلك املرافق أو التجهيزات ،في املطالبة بالتعويض عن
الرقبة بغض النظر عن انصرام أجل عشر ،أم أن حقهم في ذلك مرهون بتفعيل تصميم التهيئة و
تنفيذ املشاريع املبرمجة فوق أمالكهم .61وماذا عن التعويض عن الحرمان من االستغالل سواء تم
38
تنفيذ املشاريع داخل األمد القانوني أم تقاعست الدارة عن ذلك؟ و هل استرداد املالك ألراضيهم بعد
انتهاء املدة يغني عن املطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل .62
الفقرة الثانية :تدخل الجماعات الترابية لعالن املنفعة العامة بمقتض ى إعالنات خارج
مقتضيات وثائق التعمير
منح املشرع املغربي للجماعات الترابية و ذلك في إطار مبدأ التفريع و بموجب الدستور و
القوانين التنظيمية الثالث اختصاصات ذاتية ،مشتركة ،و أخرى منقولة .وتعمل هذه الوحدات
الترابية من خالل اختصاصاتها على التنمية الترابية و ذلك بالعالن عن إعداد و تنفيذ مشاريع تنموية
تعلنها وفق برامجها ،و لتنفيذها تعلن بموجبها عن املنفعة العامة تستوجب نزع ملكية الخواص .و هنا
نكون أمام صورة أخرى من صور العالن عن املنفعة العامة و ذلك بمقتض ى إعالنات خارج مقتضيات
وثائق التعمير و تتجلى في برامج الجماعات الترابية (الفرع األول) و التصميم الجهوي لعداد التراب
(الفرع الثاني).
تضع الجماعات الترابية برامج تعمل على تنفيذها وذلك طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها
العمل.وحسب املرسوم رقم 2.16.301الصادر في 23من رمضان 29 ( 1437يوليو )2016إذ يعتبر
برنامج عمل الجماعة الوثيقة املرجعية للجماعة لبرمجة املشاريع و األنشطة ذات األولوية املقرر أو
املزمع إنجازها في تراب الجماعة بهدف تقديم خدمات القرب للمواطنين و املواطنات .63
كما يعتبر برنامج التنمية الجهوية وثيقة مرجعية لبرمجة املشاريع و األنشطة ذات األولوية
املقرر أو املزمع إنجازها بتراب الجهة يهدف لتحقيق التنمية مندمجة ومستدامة تهم على وجه
الخصوص ،تحسين جاذبية املجال الترابي للجهة و تقوية التنافسية االقتصادية.64كما تعمل العمالة
والقليم على وضع برنامج تنمية هذه األخيرة.
39
بحيث تتضمن البرامج املذكورة أعاله مشاريع و أهداف تستوجب تنفيذها من قبل األجهزة املنتخبة
قصد تحقيق التنمية الترابية ،باعتبارها تتضمن مشاريع تنموية كبرى على الصعيد الترابي و قصد
تنفيذها يفترض من الجماعات الترابية اللجوء إلى مسطرة نزع امللكية و العالن عن املنفعة العامة.
غير أن الشكالية هو أن أهداف هذه البرامج قد تتعارض مع مضامين وثائق التعمير وهنا
يجب إعطاء األولوية لوثائق التعمير مما يفرض على الجماعات الترابية قبل وضع برامجها أن تعود إلى
وثيقة التعمير سارية املفعول .بحيث ،وهي بصدد إعمال برنامجها يجب ال تعلن املنفعة العامة لنفس
األهداف التي تتضمنها وثائق التعمير و إنما تضع أهداف أخرى أو تضيف برامج أو تخصيصات أخرى
لم تخصها وثائق التعمير.
كما أن الشكالية في هذا الشأن هو أن وثائق التعمير مدة آجالها عشر سنوات عكس برامج
الجماعات الترابية ست سنوات و هذا يشكل عائقا أمام األجهزة املنتخبة بحيث تكون مقيدة بوثائق
التعمير التي مدتها أطول من مدتهم االنتدابية.
الفرع الثاني :العالن عن املنفعة العامة بموجب التصميم الجهوي لعداد التراب
-يضع مجلس الجهة تحت إشراف رئيس مجلسها التصميم الجهوي لعداد التراب ،وفق
القوانين و األنظمة الجاري بها العمل في إطار توجهات السياسة العامة لعداد التراب املعتمدة
على املستوى الوطني و بتشاور مع الجماعات الترابية األخرى و الدارات و املؤسسات
العمومية ،و ممثلي القطاع الخاص املعنيين بتراب الجهة.65
يعتبر التصميم الجهوي لعداد التراب وثيقة مرجعية للتهيئة املجالية ملجموع التراب
الجهوي .66
40
يهدف التصميم الجهوي لعداد التراب على وجه الخصوص إلى تحقيق التوافق بين الدولة و الجهة
حول تدابير املجال و تأهيله وفق رؤيا استراتيجية و استشارية ،بما يسمح بتجديد توجهات و
اختيارات التنمية الجهوية ،و لهذه الغاية :67
تحدد بنص تنظيمي مسطرة إعداد التصميم الجهوي لعداد التراب وتحيينه و تقييمه .إن
التصميم الجهوي لعداد التراب لتنفيذ مضامينه و مشاريعه التنموية يستوجب نزع ملكية الخواص
من قبل الجماعات الترابية باعتبار املشاريع التي يتضمنها تهدف إلى تحقيق املصلحة العامة.
والتصميم الجهوي لعداد التراب شأنه شأن وثائق التعمير بحيث ،يتضمن برامج و مشاريع تنموية
يتم تنفيذها على الصعيد الترابي ،و يجب على الجماعات الترابية في إطار أعداد برامجها أن تأخذه
بعين االعتبار و ذلك استنادا للمادة 90من القانون التنظيمي 111.14املتعلق بالجهات ،إذ يتعين على
الدارة و الجماعات الترابية و املؤسسات العمومية و املقاوالت العمومية األخذ بعين االعتبار مضامين
التصميم الجهوي لعداد التراب في إطار برامجها القطاعية أو تلك التي تم التعاقد في شأنها.
املطلب الثاني :إكراهات مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق
التعمير
مما ال شك فيه أن مسطرة نزع امللكية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق التعمير تعرف عدة
إكراهات مما جعلها تتميز بنوع من الخصوصية عن باقي أشخاص القانون العام .و تتجلى أبرز هذه
الكراهات التي تعتري هذه املسطرة في الكراهات القانونية ( الفقرة األولى) ،و الكراهات املادية
(الفقرة الثانية).
41
الفقرة األولى :الكراهات القانونية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد
وتنفيذ وثائق التعمير
ملا كان التعمير أكثر امليادين حيوية وحساسية ،و كان مجاله يتعلق بطبيعة مزدوجة .فإن
التعميربذلك يرتبط بالتنمية املحلية ،و كان بالتالي من الطبيعي أن يتم إعداد وثائقه بالتعاون بين
الدولة و الجماعات الحضرية و القروية (علما أن هذا التنصيف تم تجاوزه ) ،في املقابل يقود استقراء
نص القانون 12.90املتعلق بالتعمير و باقي نصوص الالمركزية ،إلى جعل إعداد وثائق التعمير من
واجبات الدولة و من صميم وظائفها نظرا للتدخالت الثانوية للجماعات التي لم يتم االرتقاء بها على
مستوى االشتراك الفعلي.68
وعلى املستوى الواقعي فالجماعات الترابية لم تعطى لها الصالحيات الكاملة في إعداد و تنفيذ
وثائق التعمير .فال تزال تتسم بالطابع املركزي ،عكس فرنسا التي جعلت من وضع وثائق التعمير من
اختصاصات الجماعات الترابية .69مما جعل ذلك يعرف عدة اختالالت كتفاوت أعمار وثائق التعمير
مع برامج الجماعات الترابية (فرع أول) و بطء الجراءات املسطرية ( فرع ثان).
الفرع األول :إشكالية تفاوت مدة الزمن بين وثائق التعميرو برامج الجماعات الترابية
إن من أبرز االكراهات القانونية التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل
إعداد و تنفيذ وثائق التعمير هو تفاوت أعمار وثائق التعمير مع برامج الجماعات الترابية و مدة
انتداب رؤساء تلك الوحدات الترابية ،بحيث ،يتعين بخصوص أي إصالح للنظام القانوني لنزع امللكية
من أجل املنفعة العامة مستقبال أن يتضمن كيفيات إعمال محدد الزمن باعتباره نقطة تحول مهمة
في الص الح ،كما يتعين إعمال محدد الزمن بالنظر للتفاوت املتباين بين أعمار وثائق التعمير ( تصميم
لتهيئة 10سنوات) و برامج الجماعات الترابية ( 6سنوات) .70و هذا يعتبر من االكراهات القانونية و
الشكاالت الكبرى التي تواجهها الجماعات الترابية لتنفيذ برامجها التنموية أو وثائق التعمير.
-68يونس أبالغ " الرأي االستشاري في ميدان التعمير ،ص ،21 ،مرجع سابق,
-69أحمد املالكي " ص ،30 ،مرجع سابق.
-70يونس أبالغ " كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة ،ص.286 ،مرجع سابق.
42
و قد ركز البعض عند تحليله لالمركزية التعمير على قصر مدة النتداب دون إشارته للنتائج
الوخيمة للخروقات املسطرية ،معتبرا أن سوسيولوجية املنتخبين تجعلهم يسعون لتطبيق
املخططات القصيرة املدى بالنظر لقصر مدة انتدابهم في تدبير الشأن الترابي ،دون تطبيقهم
للمخططات الطويلة األمد كوثائق التعمير ،و هو ما يعد كابحا لفعالية التعمير .71
فإذا كانت التدخالت في تدبير الشأن الترابي ترتبط بعض جوانبها بمهام االنتداب ،اكتفى "
بريي " عند تحليله ألسباب صعوبة أجرأة السلطات املنتخبة لوثائق التعمير دون خرق مسطرة نزع
امللكية من أجل املنفعة العامة بسبب قصر مدة االنتداب.72
لهذا على املشرع أن يعمل على جعل إعداد و تنفيذ وثائق التعمير من اختصاصات الجماعات
الترابية مثل ما عمل املشرع الفرنس ي و الدول التي نجحت في نهجها لنظام الالمركزية الدارية التي
وضعت وثائق التعمير من اختصاص الجماعات الترابية .بحيث ،ستمكن املجالس املنتخبة من تدبير
مشاريع برامجها و مخططاتها تتماش ى و محتوى وثائق التعمير التي ستضعها حتى ال يكون أي تعارض
بين أهداف و مخططات تلك الوثائق و برامج عمل الجماعات الترابية .كما أنه ستحد من تفاوت مدة
الزمن بين وثائق التعمير ( 10سنوات) و و مدة انتداب رؤساء املجالس ( 6سنوات) و هذا سينعكس
إيجابا على السياسة العمرانية للدولة و تخطيطها الحضري ،مما يساهم أيضا في بناء تكتل عمراني
جيد .
الفرع الثاني :بطء و تعقيد مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية قصد تفعيل وثائق
التعمير
إن مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية ال يزال يسيطر عليها البطء و التعقيد ،و واقع
املمارسة أثبت ذلك فهي مسطرة بطيئة تعتريها العديد من العراقيل .
تفسيرا لذلك نجد أن املشرع املغربي حافظ على الهيكل العام للمسطرة أي أنه ترك الجراءات
القضائية تلي املرحلة الدارية على عكس تشريعات أخرى .وفي هذا الباب ،يمكن انطالق الجراءات
43
سواء الدارية أو القضائية بطريقة متزامنة حتى يحقق ذلك سرعة النجاز ،و من ناحية أخرى نجد
كال املرحلتين تتسمان بالبطء و التعقيد.73
كما ال يقتصر مشكل التأخر و البطء من مسلسل إعداد وثيقة التعمير فقط على مرحلتي
الدراسة و البحث العلني بل يشمل كذلك مرحلة املصادقة على مشاريع وثائق التعمير ،فالكثير منها
لم يصدر بشأنها النص القاض ي باملصادقة التي يمنحها القوة التنفيذية الالزمة.74
ويساهم قانون التعمير هو اآلخر في هذا البطء و التأخر الذي يعرفه مسلسل إنتاج وثائق
التعمير ،بفعل عدم تحديد املشرع لتاريخ بدئ و انتهاء كل مرحلة من املراحل التي تقطعها عملية
العداد .حيث ،يبقى ذلك خارج أي ضبط زمني الستالم موقف و آراء مختلف املصالح و الهيئات
الدارية املعنية باملشروع ،األمر الذي يجعل الكثير منها يحتفظ باملشروع مدة طويلة ترهن معها
مستقبل العقارات املنزوعة من مالكيها ،من ذلك مثال غياب نص قانوني يجبر الوالي أو العامل
بالدعوة إلى عقد اجتماع للجنة التقنية املحلية داخل آجال معينة ،و كذا عدم وجود أي إجراء قانوني
يلزم الجماعات الترابية بتاريخ بدئ البحث العلني مما يزيد وثائق التعمير بطءا وبعدا عن الواقع املعني
بالدراسة.75
إن مسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة خاصة لدى الجماعات الترابية تتميز
بخصوصيات أخرى هي بدورها تزيد من بطئها و تعقيدها ،فإعالن املنفعة العامة لدى الجماعات
الترابية يستوجب مداولة املجلس الجماعي في املوضوع و اتخاذ مقرر يوافق بمقتضاه على تطبيق
مسطرة إعالن املنفعة العامة ،ثم تأشيرة سلطة املراقبة بحيث ،يتعين إرسال ملف العملية إلى وزارة
الداخلية ( مديرية املمتلكات ) قصد دراسته و إعداد مشروع مرسوم نهائي و عرضه على وزير
الداخلية ألجل التوقيع عليه بالعطف ،ثم توجيه امللف إلى األمانة العامة للحكومة للعمل على :
44
هذا يساهم في تعطيل الجراءات التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية،
باعتبار هناك مديرية املمتلكات لدى وزارة الداخلية واحدة فقط مقارنة مع عدد الجماعات الترابية
بمستوياتها الثالث.
الفقرة الثانية :الكراهات املادية التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل
إعداد و تنفيذ وثائق التعمير
قصد تنفيذ محتويات وثائق التعمير خاصة و أن هذه األخيرة تستوجب إنجاز البنيات التحتية
و الفوقية و التجهيزات األساسية و كذا املرافق العمومية ،يجب التوفر على اعتمادات مالية مهمة،
و كذا توفرها على أمالك عقارية تابعة للملك الجماعي لنجاز املشاريع املقررة بمقتض ى وثائق التعمير.
غير أن واقع املمارسة يبين أن الجماعات الترابية تعاني من ضعف املوارد املالية ،و اختالالت
في تدبير أمالكها الجماعية العقارية .مما يجعل الجماعات الترابية أمام عجز تمويل برامج التصاميم
العمرانية و ال تنفذ محتويات وثائق التعمير ،فتنتهي مدة آجال هذه األخيرة و يسترجع مالك األراض ي
التي أعلنت فيها املنفعة العامة بموجب وثائق التعمير مما ينعكس سلبا على سياسة التخطيط
الحضري.
لهذا سنخصص هذه الفقرة للتطرق إلى ضعف املوارد املالية ( فرع أول) .و محدودية تدبير
األمالك العقارية ( فرع ثان) لدى الجماعات الترابية و مدى انعكاسهما سلبا على تنفيذ وثائق التعمير
من قبل هذه األخيرة.
الفرع األول :ضعف املوارد املالية للجماعات الترابية قصد إعداد و تنفيذ وثائق التعمير
على الرغم من املجهود الذي تسعى الجماعات الترابية من بذله في إطار القيام بمهامها و
النهوض باملسؤوليات امللقاة على عاتقها ،و اتساع حجم تحمالتها ،و اختصاصاتها ،و االرتفاع الذي
تعرفه تكلفة املشاريع التي يجب أن تستثمر فيها ( املاء ،الكهرباء ،الطرق الجماعية ،التجهيزات)...
يؤدي إلى عجزها في بعض األحيان عن الوفاء بما هو منوط بها .76خاصة و أنه في ظل القوانين
التنظيمية الثالث املتعلقة بالجماعات الترابية أصبحت هذه األخيرة تعرف اختصاصات واسعة في
45
ميدان التعمير و إعداد التراب مما زاد من تكاليف الجماعات الترابية و عجز ميزانياتها ،وهذا يجعل
من ميزانية الجماعات الترابية ميزانية تسييرية و ليست استثمارية .بحيث ،يتم توجيه معظم النفقات
إلى تسديد النفقات الجبارية و املتمثلة في نفقات املوظفين و نفقات التسيير ،في حين تبقى نفقات
التهيئة و التجهيز بعيدة عن تحقيق األهداف و املشاريع الواجب إحداثها ،و ال تكفي ملواجهة املتطلبات
والحاجيات املتزايدة .77
بذلك فإن األمر يقتض ي أن تكون الجماعة ذات ميزانية محلية قادرة على سد وتلبية تلك
املشاريع الطموحة ،و ذلك حتى تلعب دورها الفعال في سياسة التعمير.
إن املوارد املالية تلعب دورا فعاال في تحقيق مضامين وثائق التعمير و ذلك بتنزيل التجهيزات
و املرافق العمومية على أرض الواقع ،بدل تجميد عقارات الخواص لغاية عشر سنوات تصبح من
خاللها األراض ي املعنية بنزع امللكية خارج التداول القتصادي ،و ذلك بحرمان مالكيها من استغاللها
في صيغة ترد عليهم أرباح من جهة ،مما يؤدي إلى استرجاعها من قبل أصحابها لسريان هذا األجل من
جهة أخرى ،و هذا يؤثر سلبا على مجهودات الدارة و على سياسة التخطيط الحضري بشكل عام ،و
على العقارات بشكل خاص .كما ينتج عن ذلك صعوبة في تمويل التصاميم العمرانية.78
من خالل ما سبق يالحظ أن هناك ضعفا في إنجاز التجهيزات واملرافق العمومية على عكس
ما كان يرتقب إنجازه ،و هذا ما ينعكس بشكل سلبي على النسيج العمراني ،و بالتالي فإن استمرار
الصيغة الحالية لكيفية إعداد وثائق التعمير و بقاء مالية الجماعات الترابية على هذا الحال سيؤدي
حتما إلى إهدار املال العام و تبذيره .حيث ،تعجز الجماعات الترابية عن تنفيذ وثائق التعمير و تجبر
على إعطاء تعويضات لألفراد أصحاب األمالك .79
-77حيمود املختار " دور سياسة التعمير في تنمية و تنظيم املجال ،مساهمة في دراسة املجال الحضري املغربي نموذج عمالة ابن مسيك سيدي
عثمان" أطروحة لنيل الدكتوراه وحدة الدارة ،كلية الحقوق جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،2000/2001ص.46،
-78محمد أيوب "وثائق التعمير و مسألة نزع امللكية" رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،وحدة القانون العام الداخلي و تنظيم
الجماعات الترابية ،جامعة القاض ي عياض كلية الحقوق مراكش ،السنة الجامعية ،2013/2014ص.95 ،
-79غنبوري رشيد ،مرجع سابق ،ص.89 ،
46
الفرع الثاني :محدودية تدبيراألمالك العقارية للجماعات الترابية لتنفيذ أهداف وثائق التعمير
ال شك أن األمالك العقارية بالخصوص تشكل إحدى األدوات الرئيسية في رسم السياسات
العمومية ،ومن هنا تتجلى أهمية العقار في حل أزمة السكن التي تعرفها السياسة السكنية في املغرب.
و من ثم فالجماعات الترابية في حاجة ماسة إلى احتياطات عقارية ملواجهة الخصاص في هذا املجال،
ومواجهة استفحال ظاهرة املضاربة العقارية و الغالء الفاحش الذي أصبحت تعرفه العقارات .80
إن األمالك الجماعية تعتبر ثروة مادية هامة توظفها الجماعات الترابية في مواجهة ظروف
املستقبل و مخططاتها الجماعية على اعتبار أن العقار أساس التنمية ،ذلك أن قوة الجماعة تقاس
بحجم رصيدها العقاري لكون املجال يحتل مكانة ذات أهمية قصوى في أي تخطيط تنموي ،و من
هنا تبرز مدى أهمية امتالك الجماعات الترابية لألموال باعتبارها وسيلة من وسائل خدمة املصلحة
العامة .81فهي تلعب دورا هاما على مستوى التنموي و االقتصادي و االجتماعي ،كما توفر الجماعات
الترابية على أمالك عقارية تساهم في تنفيذ وثائق التعمير و ما تتضمنه من مشاريع دون اللجوء إلى
مسطرة نزع املكية من أجل املنفعة العامة التي غالبا ما تعرقل و تعطل املشاريع و ال تتم و ال تنجز في
األخير.
في حقيقة األمر أن الجماعات الترابية تعاني من قصور ومحدودية تدبير األمالك الجماعية
مما يساهم في تأخير و عدم تنفيذ أهداف و وثائق التعمير ،ناهيك عن مشاريع أخرى كاملتعلقة ببرامج
الجماعات الترابية و التصميم الجهوي لعداد التراب ،ثم ينتج عن ذلك القصور ضعف في مداخيل
ميزانية الجماعات الترابية.
وتتعدد الختالالت التي تعاني منها تدبير أمالك الجماعات الترابية نذكر منها: 82
-عدم مواكبة الطار القانوني املنظم لألمالك الجماعية املحلية و مجموعاتها لواقع هذه
الوحدات الالمركزية ؛
-80محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية على ضوء اجتهاد القضاء الداري املغربي " تقديم :ثريا العيوني ،منشورات مجلة العلوم
القانونية ،سلسلة البحث األكاديمي ،الطبعة األولى ،2014االصدار الثالث ،2014مطبعة األمنية الرباط ،توزيع مكتبة الرشاد سطات،
الصفحة 22
-81نفس املرجع األخير ،الصفحة .22
82محمد حيمود " مالية الجماعات الترابية" توزيع صومادي ،الصفحة .54-55
47
-عدم شمولية النصوص القانونية و التنظيمية لكافة الوحدات الترابية و هيئاتها ؛
-عدم وجود معيار دقيق و واضح للتمييز بين األمالك العامة عن الخاصة ؛
-يتميز تسيير ممتلكات الجماعات الترابية بضعفه و هشاشته و يتمثل ذلك ،على سبيل املثال،
في سوء استغالل األمالك و التفريط فيها بتفويتها للغير بأثمنة بخسة ،و عدم بذل الجهد
لحصائها و الوقوف على حجمها الحقيقي و العمل على تسوية وضعيتها القانونية ؛
-تكريس سوء التسيير و التفريط في املمتلكات بالنظر لقلة الدراية و ضعف تجربة املنتخبين
و األطر الدارية و تقنية العاملة في حقل املمتلكات و التعمير و الجبايات و غيرها من امليادين
املرتبطة بذلك؛
-ضعف مراقبة سلطة الوصاية لكيفية تدبير املمتلكات الجماعية باعتماد الوسائل الوصائية
التقليدية؛
إن استمرار هذه االختالالت سيجعل الجماعات أمام عجز كبير لتنفيذ املشاريع التنموية
الكبرى والسيما تلك املضمنة في وثائق التعمير وباقي املشاريع األخرى مما يجعل تلك الوحدات الترابية
تصطدم بمسطرة نزع امللكية التي بدورها تعرف عدة إكراهات مما يجعل هذه املسطرة اللجوء إليها
من قبل الجماعات الترابية تتميز بعدة إشكاالت وخصوصية عن باقي أشخاص القانون العام.
48
الفصل الثاني :التطبيقات املسطرية لنزع
امللكية من أجل املنفعة العامة لدى
الجماعات الترابية في ضوء حلول القضاء
49
الفصل الثاني :التطبيقات املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية
في ضوء حلول القضاء
سمح املشرع املغربي ألشخاص القانون العام نزع ملكية الخواص من أجل تحقيق املنفعة
العامة ،و جاء في الفصل 3من قانون 7.81املتعلق بنزع امللكية و االحتالل املؤقت " يخول حق نزع
امللكية إلى الدولة و الجماعات املحلية و إلى األشخاص املعنويين اآلخرين الجارية عليهم أحكام القانون
العام."...
في هذا الباب تتدخل الجماعات الترابية باعتبارها شخص من أشخاص القانون العام لتعلن
عن املنفعة العامة و نزع ملكية الخواص .إال أنها في غالب األحيان تغيب املصلحة العامة ،و كذا إذا
باشرت تلك الوحدات الترابية مسطرة نزع امللكية فالتعويض الذي تمنحه للخواص لجبر ضررهم
يكون تعويضا غير عادال ،فيلجأ املنزوعة ملكيتهم إلى القضاء من أجل إنصافهم .فيتدخل القضاء
لبسط رقابته لضبط املنازعات املتعلقة بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية
عن طريق قضاء املالءمة من أجل املوازنة بين املصلحة العامة و املصلحة الخاصة التي سيحققها
املشروع ،و كذا قضاء الشرعية الذي يتدخل من أجل رقابة التعويض الذي تطرحه اللجنة الدارية
للتقييم و الخبير املحلف حتى يضمن للمنزوعة ملكيتهم تعويضا عادال يليق بقيمة عقارهم املنزوع
(مبحث أول ) .ومن جهة ثانية فالجماعات الترابية تستولي على عقارات الخواص بمبررات واهية أو
لجهلها للقوانين ،فتخرق مسطرة نزع امللكية و تعتدي على امللكية العقارية للغير ،مما يجعل هذا
األخير يرفع دعوى االعتداء املادي ضد الجماعة الترابية التي ترامت على ملكيته أمام القضاء ،ويتدخل
هذا األخير أيضا للنظر في منازعات االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية (مبحث ثان).
50
املبحث األول :املنازعات املتعلقة بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية
بين قضاء املالءمة و قضاء الشرعية
إن حق امللكية مضمون بموجب التشريعات الدولية والدستور ،وال يجوز نزعها إال إذا
اقتضت ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد ،وال يمكن نزع امللكية إال في الحاالت
و وفق الجراءات التي ينص عليها القانون.83
وقد أجاز قانون نزع امللكية من أجل املنفعة العامة إال في حالة تحقيق املنفعة العامة التي
سيحققها املشروع ،كما أن املشرع املغربي لم يحدد مفهوم املنفعة العامة و إنما نص فقط في الفصل
األول من القانون رقم 7.81املتعلق بنزع امللكية و االحتالل املؤقت " :إن نزع ملكية العقارات كال أو
بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية ال يجوز الحكم به إال إذا تم العالن عن املنفعة العامة ،وال
يمكن إجراؤه إال طبقا للكيفيات املقررة في قانون نزع امللكية مع مراعاة االستثناءات املدخلة عليه كال
أو بعضا بموجب تشريعات خاصة ".
وإذا كان نزع امللكية إجراء إداري تقوم به الدارة نازعة امللكية بمقتض ى الصالحيات املخولة
لها كشخص عام تم تفويضه هذه السلطة ،فإن هذا الجراء يجب أن يأخذ بعين االعتبار ما سوف
يحققه املشروع من فوائد و مزايا ،و ما سيخلفه من مساوئ و أضرار بالنسبة لحرية الفرد و حقوقه،
و هو األسلوب الذي يمارسه القضاء من خالل نظرية املالءمة ( املطلب األول ) ،و حتى ال يضيع حق
املنزوعة ملكيتهم في الحصول على تعويض عادل ،يتدخل القضاء كذلك لبسط رقابته على شرعية
الجراءات املسطرية املتبعة بما فيها إجراءات تحديد التعويض ( املطلب الثاني ).
املطلب األول :رقابة قضاء املالءمة في مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية
عرف القضاء الداري في رقابته لشرط املنفعة العامة في نزع امللكية تطورا هاما بحيث ،تجاوز
حدود الرقابة من مجرد رقابة التأكد من توافر املنفعة العامة من وراء القرار الداري بنزع امللكية إلى
حد املوازنة بين املصالح التي يحققها القرار و تلك التي يمس بها .84بحيث اتسعت سلطة القاض ي ،فلم
83يونس أبالغ ،كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة ،ص ،281 ،مرجع سابق.
-84أحمد البكوش و سمير أحيدار " ،الرقابة القضائية على قرارات نزع امللكية " ،رسالة لنيل ديبلوم الدراسات العليا املعمقة في القانون العام،
وحدة البحث و التكوين في الدارة العامة ،جامعة محمد األول وجدة ،السنة الجامعية ،2000/2001ص.70 ،
51
تعد قاصرة على التأكد من صحة الوقائع التي دفعت بالدارة إلى إصدار قرار نزع امللكية ،بل تجاوز
هذا الحد ليصبح من حق القاض ي " املوازنة و الترجيح بين املنفعة العامة التي يرمي القرار إلى تحقيقها
و املصالح الخاصة التي يمسها القرار".85
من خالل هذا املطلب سنبين مفهوم قضاء املالءمة و أهم االجتهادات املحدثة لها (فقرة أولى)،
و كذا التطبيقات املسطرة الخاصة بقضاء املالءمة في مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية
(فقرة ثانية ).
الفقرة األولى :مفهوم و تطور قضاء املالءمة في نزع امللكية من أجل املنفعة العامة
انتقل القاض ي من نطاق بحث مدى " مشروعية القرار " أي فحص القرار وللتأكد من سالمته
من الناحية القانونية إلى فحص مدى " مالءمة القرار".
تروم املالءمة تقدير شرعية مشروع أو عملية ما و اعتبارها من املنفعة العامة ،يتعين معرفة
ما تحققه من مزابا و فوائد ،و الوقوف على ما ترتبه من أضرار و اعتداءات على امللكية الخاصة ،و
ما تستلزمه من نفقات و تكاليف مالية مع األخذ بعين االعتبار األضرار االقتصادية و االجتماعية
للمشروع و إقامة موازنة بين هذه العناصر ،بحيث ال يمكن إقرار املشروع إذا جاءت األضرار و األعباء
املترتبة عنه مفرطة بالنسبة للمزايا و املصلحة املزمع تحقيقها من وراءها.86
إ ن نظرية املالءمة تستلزم قيام تناسب كامل بين الجراء و سببه ،ال يسمح القاض ي بأي تفاوت
بين مزايا الجراء و أضراره ،فهامش الدارة مراقب إلى حدود السقف ،حيث يقيم التقدير الداري من
طرف القاض ي الذي يصدر حكمه على أساس نظرته و اقتناعه بمجريات األمور مثلما أنه ال يسمح
بأي اعتداء على حرية املواطن إال بالقدر الالزم و الضروري لحماية النظام العام.87
85 - G- Pesseir , Droit administratif , Dalloz, 1ere édition, 1993, page : 53
-86محمد املجدوبي ،منازعات أمالك الجماعات الترابية على ضوء االجهتاد القضائي ،مرجع سابق ،الصفحة 31
-87نفس املرجع األخير
52
و تعد نظرية املالءمة من ابتداع مجلس الدولة الفرنس ي و له يعود الفضل في إبراز معاملها و ترسيخ
قواعدها ،و يشكل حكم مجلس الدولة الفرنس ي في قضية " املدينة الشرقية الجديدة" 88الصادر
بتاريخ 28ماي 1971انطالقة االتجاه الجديد للرقابة املستحدثة ،و تتلخص وقائع هذه القضية،
"أنه في محاولة لعادة تخطيط مدينة " ليل" و بقصد نقل " الجامعة " من وسط املدينة ،نظرا ملا
يسببه وجودها من مشاكل في املواصالت و املرورو تواجد عدد كبيرمن طالب الجامعة ( حوالي 30
ألف طالب ) و أساتذتها العاملين بها .لذلك ارتأت السلطات املحلية نقل الجامعة بكافة كلياتها و
معاهدها و مبانيها و خدماتها إلى شرق املدينة ،مع إقامة حي جديد متكامل و يتسع لعدد من
السكان يتراوح بين 20و 25ألف نسمة .و بهذا التخطيط ينبغي نزع ملكية ما يقرب 500هكتارمن
األراض ي .بتكلفة مليارفرنك فرنس ي غيرأن تنفيذ هذا املشروع كان يقتض ي نزع ملكيته وإزالة 250
منزال ،كان بعضها حديث البناء ،بل أن بعضها كان مقاما وفق لترخيص بناء لم يمض عليه أكثر
من عام.
وأمام االحتجاج الصارخ من طرف أصحاب املنازل ،لجأت الدارة للتخفيف من حدة اآلثار
إلى إجراء تعديل في التخطيط الذي وضعته ابتداء ،بحيث سمح هذا التعديل بخفض عدد املنازل
املطلوب إزالتها إلى 88منزال فقط .ولكن الدارة في نفس الوقت رفضت تعديال تقدمت به " جمعية
الدفاع عن منازل السكان املراد نزع ملكيتهم" و يرمي هذا التعديل إلى تجنب هدم أي منزل من
املنازل الو اقعة باملنطقة و رغم ذلك أصدرت الدارة قرارها ،بإقامة املشروع و نزع ملكية 88
شخصا و إزالة منازلهم التي تعوق تنفيذ املشروع وفق التخطيط املعد لذلك ،و أصدر وزير
التخطيط و السكان بتاريخ 03أبريل 1963قرارا في املوضوع طعنت ضده جمعية " الدفاع عن
السكان " التي أقيمت خصيصا لهذا الغرض ،فأصدرمجلس الدولة القراراملذكور سابقا.
و في قرار آخر ملجلس الدولة الفرنس ي و قد جاء فيه أن إعالن املنفعة العامة ال يكون مشروعا
متى كانت األضرار التي ستلحق بامللكيات الخاصة و كذا التكلفة املالية للمشروع جد مبالغ فيها ،أي
تفوق عملية النفع الذي سيجنى من تحقيق املشروع املستهدف من وراء نزع امللكية .89
88- C.E 28 Mai 1971, Ministre de l équipement et du logement / C / Fédération de défense des personnes concernées par le
projet dénommé « ville Nouvelle Est « Rec 409 conclusion Braibant.
-89محمد الكشبور" ،نزع امللكية ألجل املنفعة العامة " ،مرجع سابق ،الصفحة .92
53
ومن خالل التمعن في القرارين الصادرين عن مجلس الدولة و التعليقات الفقهية بشأنه
يتضح أن مجلس الدولة الفرنس ي سار في اتجاه جديد يوسع من سلطات القاض ي في الرقابة على
قرارات نزع امللكية ،بحيث ال يكتفي القاض ي بالنظر إلى املنفعة العامة التي يحققها قرار نزع امللكية
نظرة مجردة ،بل يجب عليه أن يتجاوز هذا الحد و أن ينظر إلى مدى ما يحققه القرار الصادر بنزع
امللكية من فائدة تحقق أكبر قدر من املصلحة العامة عن طريق املوازنة بين الفائدة التي يحققها
املشروع و املصالح التي يمسها ،أي أن ينظر إلى فكرة املنفعة العامة بشكل أعم و أوسع ،نظرة
ي بنزع امللكية90. موضوعية تسمح بتقييم كافة املصالح املوضوعة في امليزان و التي يمسها القرار القاض
و تطبيقا لهذه النظرة سار مجلس الدولة في هذا املنحى الجديد و هو تقييم قرار نزع امللكية في ضوء
مزاياه و عيوبه آخذا بعين االعتبار ما أبداه مفوض الحكومة السيد Braibantمن مالحظات في تقريره
الخاص في قضية " املدينة الشرقية الجديدة " .
الفقرة الثانية :تطبيقات رقابة قضاء املالءمة على شرط املنفعة العامة في مسطرة نزع امللكية
لدى الجماعات الترابية
إن تطور مفهوم املنفعة العامة واتساع نطاقهوازدياد تدخل الدولة والجماعات الترابية في
العالن عن املنفعة العامة لنزع ملكية الخواص جعل القاض ي الداري املغربي يعيد النظر في الرقابة
التقليدية على قرارات املنفعة العامة وذلك األخذ بنظرية املالءمة التي ابتدعها مجلس الدولة
الفرنس ي و السير على هذا االتجاه .و كان ذلك ابتداء من قرار " شركة ميموزا " الشهير ،و هو القرار
الصادر عن الغرفة الدارية باملجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا ) بتاريخ 10فبراير ،1992و الذي
يعتبر خطوة جريئة في اتجاه تدعيم حماية حقوق و حريات املواطنين ،تتجلى في تنبيه قضاء املالءمة
بين املنافع و األضرار ألول مرة في قضية " شركة ميموزا " حيث انصبت رقابته على مضمون املنفعة
العامة.91
تتلخص وقائع هذه القضية في أن شركة ميموزا و هي شركة عقارية قامت بتهيئة قطعة أرضية
في ملكيتها و حصلت على إذن بإنجاز تجزئة سكنية ،أنجزت منها الشطر األول ،ثم شرعت في إنجاز
-90أحمد البكوش و سمير أحيدار " الرقابة القضائية على قرارات نزع امللكية" مرجع سابق ،ص.73 ،
91 - A. Delaubadaire, le contrôle juridictionnel du pouvoir discrètionaire de l utilité publique justifiant l expropriation, T II ,
54
الشطر الثاني ،غير أنها سرعان ما فوجئت بصدور مرسوم املنفعة العامة ،يقض ي بإنجاز مشروع
التنمية الحضرية ملدينة القنيطرة ،املشتمل على تغيير مدن الصفيح ووضع التجهيزات الضرورية و
األساسية.
لقد تم الترخيص لها للقيام بنفس املشروع الذي تريد الدارة إنجازه في نفس املكان وعلى
عقار تملكه؛
لقد قامت بإنجاز الشطر األول من املشروع بحيث أنفقت عليه أمواال ضخمة دون أن تحرك
الدارة أي ساكن؛
قامت الدارة بتفويت البقع التي جهزتها الشركة للخواص بمبلغ 1.200.00درهم للمتر املربع
و قد شرع هؤالء في البناء.
حصلت على قرار من محكمة االستئناف يقض ي بإيقاف عملية التفويت.
تبعا لذلك ،قض ى املجلس األغلى ( محكمة النقض حاليا ) بإلغاء املرسوم املعلن للمنفعة
العامة ،بناءا على ما يلي :إذا كانت الدارة تتوفر على السلطة التقديرية في خصوص املنفعة العامة،
التي تسعى إلى تحقيقها من وراء نزع امللكية ،فإن ذلك ال يمنع القضاء الداري من مراقبة مضمون و
أغراض املنفعة العامة املذكورة و ما إذا كان املنزوع ملكيته كما هو في النازلة يسعى إلى تحقيق نفس
األغراض و األهداف بموافقة الدارة املسبقة لنجاز هذا املشروع ،مما يعني أن الدارة رخصت
للطاعنة بتحقيق هذا املشروع ،و تركتها تحقق جزءا منه و تنفق مبالغ مالية هامة ال يمكنها أن تسعى
إلى نزع هذه امللكية للمنفعة العامة لتحقيق نفس األغراض و إال فإنها تكون مشتطة في استعمال
سلطتها.
إن املنفعة العامة التي تتذرع بها الدارة لصدار املرسوم املطعون فيه قد تحقق بالفعل ،ذلك
أن املشروع أنجزت الطاعنة طرفا مهما منه باعتراف الدارة وبموافقتها الواضحةوالصريحة مما يجب
معه إلغاء القرار املطعون فيه".
-92محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية " مرجع سابق ،الصفحة .35
55
ولقد استطاع القاض ي الداري املغربي أن يخرج عن القاعدة العامة التي كانت تستكنف من
خاللها اجتهاداته عن التدخل ملراقبة عناصر االختصاص التقديري في القرارات الدارية الصادرة بنزع
امللكية ليدشن ملرحلة جديدة باتجاه تعميق هذه الرقابة .و هو إذ لم يفعل ذلك إال في قرار فريدة (
قرار شركة ميموزا ) ما فتئ بعده يرجع إلى نهجه القديم .93و ذلك بعد صدور املجلس األعلى ( محكمة
النقض حاليا ) لقرارها 94رقم 515بتاريخ 30نونبر 1995في امللف الداري عدد 95/9في قضية رشيد
بن محمد بوحجرة و الذي جاء فيه:
أن السيد (ر.م.ب) يطلب بسبب الشطط في استعمال السلطة إلغاء املرسوم رقم 2-94-277
الصادر بتاريخ 24مايو 1994املنشور في الجريدة الرسمية عدد 4262املتعلق بالعالن عن نزع امللكية
للمنفعة العامة من أجل إحداث تجزئة سكنية بسيدي العابد بعمالة الصخيرات تمارة وتعيين القطع
األرضية الالزمة لهذا الغرض ومن بينها القطعة ذات الرسم العقاري عدد ( )03-64-151وأسس طعنه
على األسباب الخمسة املذكورة في مقاله طالبا إلغاء املرسوم املذكور.
في حين أجاب الوكيل القضائي للمملكة بمذكرة بين فيها أنه ينوب عن الوزير األول ووزير
السكان املطلوبين في الطعن والتمس رفض الطعن .أما فيما يتعلق بالسبب الثاني ألسبقيته فحيث
ينتقد الطاعن املرسوم الفردي املطلوب إلغاؤه بخرق الفصل األول من املرسوم التنظيمي رقم -382
82-2الصادر بتاريخ 1983/4/16بتطبيق القانون رقم 7/81املتعلق بنزع امللكية للمنفعة العامة ذلك
أن املرسوم املطعون فيه ال يشير إلى أنه اتخذ باقتراح من الوزير املعني باألمر .غير أنه تبين من وثائق
امللف أن املرسوم املطعون فيه ينص في ديباجته على أنه اتخذ باقتراح من وزير السكان فكان السبب
مخالفا للواقع.
أما فيما يتعلق بالسبب األول فقد عاب الطاعن املرسوم املطلوب إلغاؤه بعدم االرتكاز على
أساس ذلك أن املرسوم يستند إلى مشروع مرسوم سبق أن ألغاه املجلس األعلى بقراره في امللف
الداري عدد 91-10132بتاريخ 1992/6/4بناء على عدم اتخاذ ذلك املشروع باقتراح الوزير املعني
باألمر فيكون املرسوم املطعون فيه على غير أساس الرتكازه على مشروع مرسوم ملغى.
56
غير أنه فضال على أن قرار املجلس األعلى املحتج به إنما يتعلق بطعن في نزع ملكية أرض أخرى
يملكها شخص آخر غير الطاعن فإنه الش يء في القانون يمنع الدارة من أن تتدارك العيب الشكلي
الذي كان في مشروع املرسوم من عدم اتخاذه بناءا على استشارة الجهة املعنية وأن تصحح الدارة
الوضع في املرسوم النهائي كما هو الشأن في النازلة إذ أن املرسوم املطعون فيه ينص على البيان
املذكور كما سبقت الشارة عند الجواب عن السبب السابق وما دام الطاعن ال ينازع في صحة أي من
الجراءات الشكلية األخرى التي بني عليها املرسوم املطعون فيه فإن ما يتمسك به ال تأثير له ويكون
السبب بدون أساس.95
أما فيما يتعلق بالسبب الرابع فقد عاب الطاعن على املرسوم املطلوب إلغاؤه بعدم وجود
املنفعة املؤسس عليها ذلك أن املرسوم يشير إلى أن الغرض من نزع امللكية هو إقامة تجزئة حيث أن
الطاعن يمكنه أن ينجز نفس املشروع بدل الدارة خاصة وأنه هيأ مشروعا سياحيا على القطعة
املنزوعة ملكيتها وربما كان مشروعه سيحقق منفعة أفضل.
غير أنهاتضح من مراجعة املرسوم املطعون فيه أن املنفعة العامة التي على أساسها تقرر نزع
ملكية القطعة األرضية التي يملكها الطاعن تتجلى في إنجاز تجزئة سكنية بسيدي العابد عمالة
الصخيرات .لكنه حيث حتى على فرض أن الطاعن كان ينوي إحداث مشروع سياحي على القطعة
املنزوع ملكيتها فإن املنفعة العامة املتوخاة تبقى فوق كل االعتبارات الشخصية ما دامت الدارة قد
احترمت أسس هذه املنفعة ولم تحد عنها ولم تنحرف في استعمال سلطتها التقديرية في هذا املجال.
ولم يكن هدفها هو حرمان الطاعن من أرضه ألغراض أخرى غير غرض املنفعة العامة التي من أجلها
تقرر نزع امللكية مما يكون معه السبب املستدل به غير مؤسس.96
أما فيما تعلق بالسبب الثالث فقد عاب الطاعن على املرسوم املطلوب إلغاؤه عدم مراعاة
مبدأ املساواة ذلك أنه وقع الترخيص ملالكي قطعتين أرضيتين تجاوران أرض الطاعن بإقامة
مشروعين سياحيين وأن أحدهما أشرف على إنهاء أعمال البناء وأن استثناء أرض ي جاريه املذكورين
من نزع امللكية يخل بمبدأ املساواة بين املواطنين.
95قرار املجلس األعلى (حاليا محكمة النقض) رقم 515الصادر بتاريخ 30نونبر ،مرجع سابق.
96نفس المرجع.
57
غير أن استغناء الدارة عن أجزاء من األرض التي تقرر نزع ملكيتها لفائدة بعض املنزوع
ملكيتهم واحتفاظها بأراض ي مالك آخرين ال يعني أنها قد خرقت مبدأ املساواة بين املواطنين بل إنها
مارست سلطتها التقديرية في تحديد حاجياتها الحقيقية من األراض ي الضرورية لتنفيذ أغراض
املنفعة العامة التي تسعى إلى تحقيقها إال إذا ثبت أن الدارة قد استغنت عن قطع أرضية ضرورية
والزمة لتحقيق املشروع املزمع إنجازه وأن هدفها الحقيقي كان هو حرمان بعض املالك من أراضيهم
رغم عدم احتياجها إليها لتحقيق مرامي املنفعة العامة وأنها كانت تقصد املضاربة على الفرق بين ثمن
االقتناء وثمن البيع على حساب مصالح املالكين املذكورين الش يء الذي لم يثبت في النازلة مما يكون
معه السبب املستدل به غير منتج".
من جهة ثانية ،فإن الغرفة الدارية باملجلس األعلى ( 97حاليا محكمة النقض) في قرارها عدد
500بتاريخ 07مارس 1997قد أقر ما يلي:
يبدو بذلك بأن القضاء الداري املغربي خطى أشواطا كبيرة في اتجاه الرقابة على قرارات
املنفعة العامة و ذلك بإقراره للعمل بنظرية املوازنة و لم يقف فقط على الرقابة التقليدية للمنفعة
العامة ،خاصة و أن مجموعة من الجماعات الترابية تعلن عن قرار نزع امللكية للمنفعة العامة دون
درايتها الجيدة بالنفع الذي سيعود به املشروع ،هذا و ال ننس ى الرقابة على املنفعة العامة التي تعلن
-97قرار الغرفة الدارية باملجلس األعلى (حاليا محكمة النقض) عدد 500بتاريخ 07مارس 1997ملف إداري عدد ( 95/63غير منشور).
58
عنها الجماعات الترابية التي تكون مشوبة بعين االنحراف في استعمال السلطة و التي تكون بغرض
حسابات سياسية أو تحقيق مشاريع شخصية على مستوى تلك الوحدات الترابية.98
املطلب الثاني :رقابة قضاء الشرعية على قيمة التعويض لنزع امللكية لدى الجماعات الترابية
إن موضوع نزع امللكية من أجل املنفعة العامة و ال سيما في الجانب املتعلق بالتعويض أصبح
يحض ى في اآلونة األخيرة بمكانة كبيرة من العناية و االهتمام ملساسه املباشر بفئات عريضة من
املجتمع و من شرائح مختلفة و أيضا بمفهوم الحكامة في تدبير املال العام و التوظيف األمثل له ،وقد
جاء في الخطاب امللكي أمام مجلس ي البرملان يوم 14أكتوبر 2016بمناسبة افتتاح الدورة األولى
التشريعية من الوالية العاشرة ،و الذي يعتبر بحق بمثابة خطة عمل يجب أن تسير على هديها الدارة
في تدبيرها ملسطرة نزع امللكية و املحاكم في أيجاد حلوال للنزاعات القضائية التي تعرض عليها ،حيث
ورد في الخطاب امللكي السامي " :99فالعديد من املواطنين يشتكون من قضايا نزع امللكية ألن الدولة
لم تقم بتعويضهم عن أمالكهم أو لتأخيرعملية التعويض لسنوات طويلة تضربمصالحهم أو ألن
مبلغ التعويض أقل من ثمن البيع املعمول به و غيرها من األسباب .إن نزع امللكية يجب أن تتم
لضرورة املصلحة العامة القصوى ،و أن يتم التعويض طبقا للسعار املعمول بها في نفس تاريخ
القيام بهذه العملية مع تبسيط املساطر املعمول بها."...
وتحتل دعوى التعويض في مجال نزع امللكية لدى الجماعات الترابية مكانة مميزة داخل
القضاء الداري خاصة و أن الجماعات الترابية تباشر مسطرة نزع امللكية دون رصدها لعتمادات
مالية للتعويض ،مما جعلنا نتساءل عن الدور القضائي للنظر في مدى شرعية التعويض املحدد من
طرف اللجنة الدارية للتقييم (فقرة أولى ) ،ثم التعويض املحدد من طرف الخبير ( فقرة ثانية).
98قرار الغرفة الدارية باملجلس األعلى (حاليا محكمة النقض) عدد 500بتاريخ 07مارس ،1997نفس املرجع.
-99مقتطف من الخطاب امللكي أمام مجلس ي البرملان يوم 14أكتوبر 2016بمناسبة افتتاح الذورة التشريعية األولى من الوالية العاشرة.
59
الفقرة األولى :مدى شرعية التعويض املحدد من طرف اللجنة الدارية للتقييم لدى الجماعات
الترابية
ألقى املغفور له الراحل امللك الحسن الثاني في خطاب 8ماي " 1001990إذن على الدولة أن
تضع حدا لتصرفاتها...إنه ال يمكن للشخص أن يتوصل بماله ،تكون قد مرت 20عاما أو 15عاما
ولم يأخذ إال 10في املئة أو 2في املئة نظرا النخفاض القدرة الشرائية للمال ."...لذلك ال يتم تحديد
التعويضات من طرف الجهة نازعة امللكية و املمثلة في اللجنة الدارية للتقييم ،و املنصوص على
أعضاءها في الفصل 7من املرسوم التطبيقي لنزع امللكية و االحتالل املؤقت.
لذلك يمكن القول ،وجب ضرورة تعديل الفصل 7من املرسوم التطبيقي لقانون نزع امللكية
السالف الذكر بإضافة أعضاء دائمين كممثل املجلس الجماعي املعني ،101و كذا ممثل املنزوعة
ملكيته حتى يسود مبدأ املساواة و أن ال يتم أي اختالل في تحديد التعويض.
وبذلك تعد أهم النزاعات التي تحدث في ميدان نزع امللكية هو منازعة املعني في مبلغ التعويض
املحدد من طرف لجنة التقييم ،إذ سمح املشرع ملن ينازع في مشروعية و عدالة التعويض ،رفع دعوة
الزيادة في هذا األخير ،إذ يتولى القاض ي الداري النظر في شرعية التعويض املحدد من طرف
الدارة ،102و من ثم يحق للطرف املنزوعة ملكيته الحصول على تعويض عادل ،إذا اعتبر أن الثمن
املحدد من طرف اللجنة الدارية للتقييم ال يعكس التعويض الحقيقي للعقار موضوع نزع
امللكية.103مما يجعل املنزوعة ملكيتهم ال يقبلون التعويض املحدد من طرف اللجنة الدارية للتقييم
و التماس إجراء الخبرة للوقوف على القيمة الحقيقية للعقار.
من هنا يستفاد من حكم املحكمة الدارية بالرباط ،حكم رقم 68بتاريخ 12يناير ،2009ملف
رقم 07/1804 :ش 104بين :الوكالة الخاصة طنجة البحر األبيض املتوسط في شخص رئيس مجلس
الدارة الجماعي ،الكائن مقرها االجتماعي برقم 23زنقة كارنو كنجة و السيد املختار املغاري و الذي
-100مقتطف من الخطاب امللكي بمناسبة إنشاء املجلس االستشاري لحقوق النسان في 13شوال 1410هجرية املوافق ل 8ماي .1990
-101العربي محمد مياد " ،الحق في التعويض العادل عن نزع امللكية ألجل املنفعة العامة" مطبعة األمنية الرباط ،2009 ،الصفحة .36
-102محمد املجدوبي " ،منازعات أمالك الجماعات الترابية" مرجع سابق ،ص.41 ،
-103نفس املرجع األخير.
-104حكم املحكمة الدارية بالرباط ،حكم رقم 68بتاريخ 12يناير ،2009في امللف رقم 1804/07 :ش (غير منشور).
60
جاء فيه " :فيما يتعلق بالتعويض :حيث التمس نازع امللكية نقل ملكية العقار أعاله مقابل التعويض
املقترح من طرف اللجنة الدارية للتقييم و املحدد غفي مبلغ 649.200.00درهم .وحيث نازع الطرف
املدعي عليه بواسطة نائبه في مبلغ التعويض املقترح من طرف اللجنة الدارية للتقييم والتمس إجراء
خبرة لتحديد القيمة الحقيقية للعقار موضوع نزع امللكية .وحيث أمرت املحكمة تمهيديا بإجراء خبرة
لتحديد التعويض طبقا ملقتضيات الفصل 20من قانون نزع امللكية انتدبت لها الخبير املحلف السيد
العربي املصمودي الذي انتهى في تقريره إلى أن القيمة الحقيقية للعقار 1.298.400.00درهم على
أساس 60.00درهم للمتر املربع الواحد وذلك لكون القطعة األرضية املنزوع ملكيتها توجد على حافة
الطريق املؤدية من طنجة وتطوان إلى مركز ملوسة والقصر الصغيروكذا اعتبارا ملوقعها واملسافة
التي تفصلها عن حدود الطريق وأهمية مساحتهاوشكلها.105
وحيث نازع الطرفان في مبلغ التعويض املقترح إذ اعتبره املدعي عليه غير مناسب في حين
اعتبرته نازعة امللكية بأنه غير موضوعي ويتعين الحكم بالتعويض املقترح من لدن اللجنة الدارية
للتقييم.
و حيث إن املحكمة استنادا إلى وثائق امللف و مستنداته و بعد إطالعها على ما تضمنه محضر
اللجنة الدارية للتقييم و رعيا منها للمصلحة العامة و أخذا بعين االعتبار موقع و طبيعة و مساحة
العقار موضوع نزع امللكية فإنها ترى و في إطار سلطتها التقديرية بأن التعويض املناسب عن نقل
ملكية القطعة األرضية املذكورة ينبغي أن يكون محددا في مبلغ 1.298.400.00درهم على أساس
60.00درهم للمتر املربع الواحد.
105حكم املحكمة الدارية بالرباط ،حكم رقم 68بتاريخ 12يناير ،2009مرجع سابق.
106نفس المرجع.
61
وحيث إنه تبعا لذلك يتعين على املدعية أداء أو إيداع التعويض املذكور لفائدة الطرف املدعى
عليه من تاريخ تبليغها بهذا الحكم تحت طائلة ترتيب الفوائد القانونية ."...
كما أن هناك قرارا صادرا عن محكمة االستئناف الدارية بالرباط املؤرخ في 17أبريل ،2012
ملف عدد 10711/11/191 :بين الجماعة الحضرية بطنجة ضد السيد الحاج محمد بالعياش ي و الذي
جاء فيه بأن االستئناف املقدم بتاريخ 2فبراير 2011من طرف الجماعة الحضرية لطنجة بواسطة
نائبها و كذا االستئناف الفرعي املقدم بتاريخ 5غشت 2011من طرف محمد بن العياش ي اسكيرج
بواسطة نائبه ضد الحكم الصادر عن املحكمة الدارية بالرباط بتاريخ 11ماي 2010في امللف رقم
2009/11/147قد جاءا وفق الشكل املتطلب قانونا لقبولهما شكال.
أما موضوعا فيستفاد من أوراق امللف و محتوى الحكم املستأنف أنه بتاريخ 16يناير 2009
تقدمت املدعية ( املستأنفة ) أصليا أمام املحكمة الدارية بالرباط بمقال تعرض فيه أنه بتاريخ 11
يونيو 2007صدر بالجريدة الرسمية عدد 5533املرسوم رقم 2.07.821املؤرخ في 2007/5/22الذي
تقرر بموجبه أن املنفعة العامة تقض ي ببناء محطة لضخ املياه املستعملة بحي بن كيران باملقاطعة
الحضرية لطنجة و أنه من بين القطع األرضية التي تقرر نزع ملكيتها لهذا الغرض القطعة األرضية
البشير الرشيد 2ذات الرسم العقاري عدد 2/10.002البالغ مساحتها 701متر مربع ملتمسة الحكم
بنقل ملكيتها مقابل التعويض املقترح من طرف اللجنة الدارية للتقييم و املحدد في مبلغ 140.200
درهم ،و بعد املناقشة و إجراء خبرة بواسطة الخبير رشيد البلغيتي الذي وضع تقريره في امللف و بعد
تمام الجراءات و استنفاذ أوجه الدفاع صدر الحكم بنقل ملكية القطعة األرضية املنزوعة ملكيتها
مقابل أداء أو إيداع نازعة امللكية لفائدة املنزوعة ملكيتهم تعويضا نهائيا قدره 560.800درهما على
أساس 800درهم للمتر املربع مع الصائر و هو الحكم املستأنف أصليا من طرف الجماعة الحضرية
لطنجة و فرعيا من طرف محمد بن العياش ي اسكيرج.
كما صدر حكم للمحكمة الدارية بالرباط .108جاء فيه أن من نازع الطرف املدعى عليه،
املنزوعة ملكيته ،في مبلغ التعويض املقترح و التمس الحكم بإجراء خبرة.
-107قرار محكمة الستئناف الدارية بالرباط املؤرخ في 17أبريل ،2012ملف عدد( 11/11/191 :غير منشور).
-108حكم املحكمة الدارية بالرباط عدد ،1387الصادر بتاريخ 11ماي .2010
62
لذلك قضت املحكمة تمهيديا بإجراء خبرة عقارية أسندت مهمة القيام بها للخبير املحلف،
السيد رشيد البلغيتي الذي خلص في تقريره إلى تحديد قيمة القطعة األرضية املنزوعة ملكيتها في مبلغ
701.000.00درهما على أساس 1000.00للمتر املربع الواحد .إن الخبرة مستوفية للشروط الشكلية
واملوضوعية املتطلبة قانونيا ،ومستجيبة ملقتضيات الحكم التمهيدي ،مما ارتأت معه املحكمة على
إعمال سلطتها التقديرية في تحديد التعويض عن نقل امللكية في مبلغ 560.800.00درهما على أساس
800.00درهم للمتر املربع"...
غالبا تتشبت الجهة نازعة امللكية بالتعويض الذي تحدده اللجنة الدارية للتقييم ،لكن
املنزوعة ملكيتهم يرفضون ذلك التعويض املقترح و يلجؤون إلى املحكمة الدارية للطعن في مبلغ
التعويضات ثم يتم إجراء الخبرة على قيمة العقار مما يتعين على الخبير الوقوف بعين املكان و تقييم
األرض موضوع النزع ومعاينتها و تحديد موقعها الجغرافي و مساحتها و كل ما يتعلق بها حتى يتم
الوقوف على القيمة الحقيقية للعقار و ال يتم إهدار حقوق الخواص.
و هذا ما يستفاد من حكم صادر عن املحكمة الدارية بمكناس 109الصادر بتاريخ 30جمادى
األولى 1432املوافق ل 4ماي 2011تحت عدد 10/2001/201الصادر ضد الجماعة الحضرية
مكناس ملوالي إدريس زرهون و الذي يستفاد منه ما يلي:
"بناء على األمر التمهيدي الصادر بتاريخ 21أكتوبر 2011و القاض ي بانتداب السيد محمد
الرحموني ،و بناء على وضع الخبير...لتقريره املؤرخ في 24فبراير 2011و الذي انتهى فيه ،بعد الوقوف
على محل موضوع نزع امللكية و وصفه و مساحته ،أوضح أنه بعد املعاينة امليدانية ملحل النزاع الذي
يمتاز بموقع جيد على واجهة الشارع الرئيس ي و كذلك موقع تجاري ،و بعد بحثه الشخص ي مع الجهات
املختصة ،من أجل أخذ نقط املقارنة و معرفة الثمن ،حدد ثمن املتر املربع في 5000درهم"..
إن اللجنة الدارية للتقييم هي املختصة في تحديد التعويض عن نزع امللكية إال أن هذه اللجنة
في تركيبة أعضاءها يغيب فيها عضو يمثل الجهة املنزوعة ملكيتها مما يجعل تلك اللجنة تنفرد بقرار
تحديد التعويض خاصة و إذا كانت الجهة نازعة امللكية هي جماعة ترابية و نحن نعي أن هذه األخيرة
-109حكم املحكمة الدارية بمكناس الصادر بتاريخ 30جمادى األولى 1432املوافق ل 4ماي 2011تحت عدد 10/2001/201الصادر ضد
الجماعة الحضرية موالي إدريس زرهون مكناس.
63
تعاني من محدودية املوارد املالية و ال تؤدي قيمة التعويض مما يجعل الخواص املتضررون يطرقون
باب القضاء ليبسط رقابته و يتم تحديد التعويض الحقيقي عن طريق االستعانة بخبير ،إال أن هذا
األخير هو بدوره تمارس عليه رقابة القاض ي الداري للنظر في مدى شرعية التعويض التي يحددها.
الفقرة الثانية :مدى شرعية التعويض املحدد من طرف الخبيرلدى الجماعات الترابية
الخبرة عمل قانوني يهدف إلى االستعانة بشخص يتمتع بكفاءة علمية متخصصة أو " بخبرة
متتابعة مع الزمن " لوضع تقرير شامل دقيق بمسألة فنية وفقا للمهمة املحددة من قبل القاض ي
الذي يختار الخبير املختص .110
تهدف الخبرة باألساس إلى التحقق من مدى مشروعية التعويض املحدد من طرف اللجنة
الدارية لتقييم أو تفندها .وللقيام بهذه املهمة يجب أن يتحلى عمل الخبير بالحياد و أن ال ينحاز ألحد
األطراف على حساب الطرف األخر آخذا بعين االعتبار مواصفات العقار و طوله مساحته و موقعه،
لتقديم املساعدة إلى السلطة القضائية في تحديد تعويض عادل للمنزوعة ملكيته .إال أنه قد يتنكر
للمهمة التي تم انتدابه ألجلها .111ه ذا و إذا تبين للمحكمة أن التعويض املقترح من طرف الخبير غير
منطقي أو غير مبني على معطيات واقعية صحيحة لقيمة العقار ،يجوز للمحكمة أن تعدل التعويض
املقترح من طرف الخبير لعدم شرعيته ،و هذا ما ذهبت إليه املحكمة الدارية 112بمراكش في حكمها
عدد 134بتاريخ 19يونيو 2002و جاء فيه ما يلي:
" للمحكمة تعديل التعويض املقترح من طرف الخبير كلما تبين لها عدم انسجام النتيجة
التي انتهى إليها هذا األخيرمع املعطيات الو اقعية و املادية املستقاة من تقريره."...
أما إذا كانت الخبرة التي أنجزها الخبير مبنية على معطيات صحيحة و وقف على قيمة العقار
املنزوع الحقيقي و لم ينازع األطراف في تقرير الخبير ،فهنا ال يبقى للمحكمة سوى املصادقة و الحكم
على ما جاء في تقرير الخبير .و هذا ما ذهبت إليه الدارية بالرباط في حكمها 113رقم 206بتاريخ 18
-110القاض ي نهاد الحيان " ،الخبرة التقنية و إجراءاتها و أسس تقدير التعويض" املعهد القضائي األردني ،طبعة ،2020ص4 ،
-111محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية " مرجع سابق ،ص.44 ،
-112حكم املحكمة الدارية بمراكش عدد 134الصادر بتاريخ 19يونيو .2002
-113حكم املحكمة الدارية بالرباط رقم 206الصادر بتاريخ 18يناير 2012في امللف رقم 07 /2252ش ع ( غير منشور).
64
يناير 2012في امللف رقم 07/2252ش ع و هو قرار غير منشور بقولها " :الخبرة املبنية على معطيات
موضوعية و منسجمة مع مقتضيات الحكم التمهيدي و عدم منازعة األطراف فيها فال يسع
املحكمة سوى املصادقة عليها وفق ما انتهى إليه الخبير...نعم "
كما أنه يمكن للقاض ي ،إذا لم يجد في التقرير الخبير البيانات التي قد تساعده للوصول إلى
الثمن الحقيقي لألرض أن يأمر بخبرة إضافية ،أو أنه يستدعي خبير الذي قام بالخبرة األولى لكي يقدم
له جميع التوضيحات التي يطالبها منه و هو ما يستفاد من املادة 64من قانون املسطرة املدنية ،و إذا
كان للقاض ي أن يعتمد للتعليل الذي أبداه الخبير ،بل و الحالة على تقريره في هذا الصدد فمن األفيد
له أن ويورد تعليال يبين من خالله مدى اقتناعه هو بقيمة التعويض الذي حكم به و من أحسن ما
وقفنا عليه هو التعليل الذي أوردته املحكمة الدارية بمكناس و قي جاء فيه :114
" و حيث إن املشرع قد نص في الفصل 20من القانون رقم 7.81املتعلق بنزع امللكية على
أداء التعويض مقابل نزع امللكية على أن يكون الضرر حاال محققا ونشأ عن نتيجة نزع امللكية ،و
حدد معايير كرسها االجتهاد القضائي تحدد على ضوئها قيمة العقارات املجاورة مع األخذ بعين
االعتباراالختالفات املوجودة مع عناصر املقارنة.
و حيث ،إنه تطبيقا لتلك املعايير على عقار النازلة و بعد الطالع على وثائق امللف و
خصوصا التصميم املرفق ملقرر التخلي و املنجزمن طرف املصالح التقنية للوكالة املدعية بتاريخ
16أكتوبر 1990يتضح بأنه عبارة عن أرض عارية منبسطة توجد برمتها بداخل املدار الحضري
ملدينة أزرو و تقترب من الطريق الرئيسية الرابطة بين مكناس و أزرو و يحتوي حسب التصميم
الحضري ملدينة أزرو منطقتين :منطقة للسكن املتصل بطابقين بمساحة 17.720متر مربع ،و
منطقة إدارية بمساحة 5920متر مربع ،و ذلك بعد التجهيز و خصم مساحة ما ذكر من املساحة
العامة ،كما أنه قريب من شبكة التطهير و شبكة املاء و الكهرباء باعتبار أن هذه التجهيزات قد
زودت بها التجزئة العقارية املجاورة لها املسماة بتجزئة حي السالم.
و حيث ،إنه و حسب تقريرالخبرتين ،فإنه العقارات املماثلة قد بيعت ما بين 650إلى 1000
درهم للمتر املربع الواحد.و حيث إن ما لحق املدعى عليها من ضرر نتيجة فقدانها الجبري مللكها
-114محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية" مرجع سابق ،ص.47 ،
65
كان السبب الوحيد فيه هونزع امللكية ...وحيث باالستناد إلى كل تلك العناصروبعد تنسيق نتيجة
الخبرتين مع وثائق امللف األخرى قررت املحكمة في نطاق سلطتها التقديرية تحديد التعويض
املستحق لعقارالنازلة يوم 20شتنبر 1994في مبلغ 400درهم للمتراملربع الواحد"....
إن الخبرة تلعب دورا هاما في تحديد قيمة العقار الحقيقية حتى ال تضيع حقوق الخواص ،إال
أن القاض ي الداري ال يأخذ بتقرير الخبرة إذا كان تقرير هذه األخيرة غير مطابقة مع الواقع بحيث قد
ينحاز الخبير إال الجهة نازعة امللكية مما سمح املشرع للقاض ي أن يبسط رقابته على تقرير الخبرة وأن
ال يأخذ به إذا كان فيه لبس أو غموض ،و إمكانية إجراء خبرتين.
66
املبحث الثاني :املنازعات املتعلقة باالعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية
تتدخل الجماعات الترابية بامتيازات السلطة العامة التي منحها املشرع كامتياز سلطة نزع
امللكية من أجل املصلحة العامة ،و من ثم فتلجأ الجماعات الترابية إلى هذه املسطرة الخاصة بنزع
امللكية من أجل املنفعة العامة للحصول على أراض ي عقارية تحولها إلى مشاريع تنموية تلك املتضمنة
في برامج الجماعات الترابية أو في وثائق التعمير .إال أنه معظم الجماعات الترابية و ذلك نظرا لعقلية
الكثير من رؤساء الجماعات الترابية تلجأ هذه األخيرة إلى االحتالل و االستيالء على أراض ي الخواص
دون سلوك املسطرة القانونية الخاصة بنزع امللكية مما يجعلها تسقط في االعتداء املادي .و هنا
يتدخل القضاء لبسط رقابته لحماية امللكية العقارية من االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات
الترابية ( مطلب أول ) ،ثم لحماية حقوق الخواص جراء االعتداء املادي يتم تحديد التعويض لجبر
ضررهم و تعويضهم عن فقدانهم ألراضيهم ( مطلب ثان).
املطلب األول :رقابة القضاء الداري في حماية امللكية العقارية من االعتداء املادي الصادرة عن
الجماعات الترابية
تلجأ الجماعات الترابية ملسطرة نزع امللكية من أجل الحصول على أراض ي تترجم فيها مشاريعها
التنموية للمصلحة العامة .بيد أنه في معظم،وذلك بسبب جهل األجهزة املنتخبة بالقوانين أو بأعذار
واهية كتعقد املسطرة القانونية لنزع امللكية تقوم تلك الوحدات الترابية إلى الترامي على أراض ي
الخواص دون سلوك مسطرة نزع امللكية مما يجعلها تسقط فيما يسمى باالعتداء املادي .و ارتأينا في
هذا املطلب أن نبين دور القضاء في تحديد االعتداء املادي الناتج عن أعمال الجماعات الترابية في
إطار حصولها على أراض ي (فقرة أولى ) ،ثم صالحيات القاض ي الداري بالبث في قضايا االعتداء املادي
الصادرة عن الجماعات الترابية (فقرة ثانية ).
67
الفقرة األولى :دور القضاء الداري في تحديد االعتداء املادي الصادرعن الجماعات الترابية
يمكن أن نتحدث عن وجود اعتداء مادي حينما ترتكب الدارة أثناء قيامها بنشاط مادي
تنفيذي عدم مشروعية جسيم ظاهر من شأنه أن يتضمن اعتداء على حق امللكية أو مساسا بحرية
من الحريات العامة .115
وقد عرفه االجتهاد القضائي املغربي بأنه " :تصرف إداري متسم بعدم مشروعية جسيم ماس
بحق ملكية أوبحرية أساسية " ،أوأنه " ارتكاب الدارة لعدم مشروعية جسيم وظاهرأثناء قيامها
بنشاط مادي تنفيذي تضمن اعتداء على حق امللكية ،أو مساسا بحرية من الحريات العامة ،و
يكون في حد ذاته منعدم االتصال بتطبيق أي نص قانوني تنظيمي أو حتى بإحدى السلطات
املخولة لإلدارة " .116في حين عرفه األستاذ مصطفى التراب االعتداء املادي ،بأنه ارتكاب جهة من
جهات الدارة خطأ جسيم أثناء قيامها بعمل مادي يتضمن اعتداءا ماديا على حرية فردية أو ملكية
خاصة.
إناالعتداء املادي يعتبر مخالفة جسيمة و صارخة للدستور و مبدأ املشروعية ،فالقضاء هنا
يلعب دوره في تحديد اعتداء املادي الذي يكون ناتجا عن تصرفات و أعمال أشخاص القانون
العام.فمنذ صدور القانون املنظم للقضاء الداري 41/90لسنة .1993عمل املشرع على بدل الجهود
ملأسسة رعاية الحق في امللكية و عدم املساس بها إال وفق متطلبات املنفعة العامة طبقا ملا تقتضيه
القوانين املعمول فيها بهذا املجال ،مما شكل طفرة نوعية في مواجهة كل أفعال االعتداء املادي
بمناسبة مباشرة الدارة لعمليات نزع امللكية ،نورد من ذلك بعض القرارات الجريئة التي صدرت عن
بعض املحاكم الدارية في هذا الشأن حيث117 :
وقد أقر االجتهاد القضائي حماية 118حق امللكية العقارية في العديد من املناسبات .نذكر منها
على سبيل االستئناس ال الحصر ،كقرار املجلس األعلى عدد 74الصادر بتاريخ 12مارس 1993حيث
115 - De Laubadère ( A ), droit administratif, LGDJ, Paris 8 édition 1980, page : 485.
-116حسن صحيب " القضاء الداري املغربي" الطبعة الثانية ماي ،2019ص.591،
-117محمد الزكراوي ،مرجع سابق ،ص.11 ،
-118مجموع القرارات و األحكام أوردها محمد الزكراوي ،مرجع سابق.
68
اعتبر " :أن االعتداء املادي غير مرتبط بأي نص تشريعي أو تنظيمي و أن كل تصرف الدارة خارج
الطارالقانوني يعتبرمن قبيل االعتداء املادي ".
ذلك ما يزكيه قرار صادر عن محكمة االستئناف الدارية بالرباط تحت عدد 268بتاريخ 22
يناير " 2013اعتبر أن إقدام الدارة على إحداث منشأة عامة دون سلوك املسطرة الالزمة عمل
يتصف باالعتداء املادي".
و في نفس السياق صدر قرار أيضا عن محكمة االستئناف الدارية بمراكش تحت عدد 209
بتاريخ 14فبراير 2013قض ى بأن ":وضع الدارة يدها على العقار دون اتفاق باملراضاة أو سلوك
مسطرة نزع امللكية يعد غصبا و اعتداءا ماديا على ملك الغير"...
كما تستشف حماية القضاء الداري للعقارات اململوكة للخواص من عدة أحكام إدارية ؛
وقد صدر حكما عن املحكمة الدارية بالرباط تحت عدد 1399بتاريخ 06أكتوبر 2008جاء
فيه " أن استيالء الدارة على ملك الغير من أجل إحداث منشأة عامة قبل سلوك مسطرة نزع
امللكية و استنفادها على نهايتها يضفي على تصرفها صفة االعتداء املادي ملساءلتها".وفي حكم آخر
صادر عن املحكمة الدارية بأكادير تحت عدد 2011/578بتاريخ 04أكتوبر 2011جاء فيه " أن
احتالل الشخص العام ألرض الغيردون سند قانوني و إنشاء مرفق عام فوقها يعتبرغصبا للملك
و يستوجب تعويضا كامال للضرر".
كما يعد اعتداء ماديا قيام الدارة بشق طريق دون احترام ضوابط التعمير ،و في هذا الطار
أصدرت املحكمة الدارية بمكناس ،حكمها عدد 482بتاريخ 15دجنبر 2005في امللف رقم 2/05
اعتبرت فيه قيام املجلس البلدي بشق طريق على عقار املدعي دون سلوك الجراءات القانونية
يشكل اعتداءا ماديا على ملكه ،مضيفة أن احترام تطبيق املادة 37من قانون التعمير ،رهين
باحترام الدارة للقانون قبل وضع يدها على العقار ،ألنه من غيراملعقول أن تعطل الدارة تطبيقه
في جانب االمتيازاملمنوح لها فيما يتعلق باملساهمة املجانية.119
69
إن العديد من الجماعات الترابية تستولي على عقارات الخواص دونما سلوك مسطرة نزع
امللكية ،مما يجعل تصرفاتها خارج القانون و تجاوزا في استعمال السلطة ،الش يء الذي يجعل الجهة
املعتدية على ملكها تطرق باب القضاء ليبث في النازلة و ينصفها ،و يمنح لها تعويضا لجبر ضررها.
الفقرة الثانية :صالحيات القاض ي الداري بالبث في قضايا االعتداء املادي الصادرة عن
الجماعات الترابية
مع دخول القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ،و نظرا ألهمية التصرفات التي يمكن أن
تصدر عنها عهد النصوص التنظيمية الثالث للجهات املركزية رقابة ممارسة السلطات الالمركزية
لالختصاصات املقررة لها ،و تكمن حساسية و دقة هذه الوظيفة في أن مراقبة كيفية ممارسة عمل
ما أصعب من مباشرته ألن جهة الرقابة ،قد ال يتوفر تحت تصرفها جميع املستلزمات و المكانيات
التي تسمح لها بمعرفة معطيات قضية ما ،و تكمن الشكالية في صعوبة تحديد الخط الفاصل بين
أداء هذه الجهة لوظيفتها و ضرورة الحفاظ على تمتع الجهات الخاضعة لإلشراف بقدر من االستقالل
و الحرية في تصرفاتها ،ووعيا من املشرع بضرورة إحاطة أعمال و تصرفات الدارة الترابية للرقابة
الجادة ،عمد إلى منح الوالية بالنظر و البث في قضايا دعاوي االعتداء املادي لفائدة القضاء الداري
خصوصا بعد مرحلة دخول املحاكم الدارية في منظومة التنظيم القضائي للمملكة ،حيث كان النظر
موكوال لجهات القضاء العادي .120
وقبل إحداث املحاكم الدارية ،لم تكن مسألة انعقاد االختصاص النوعي بخصوص قضايا
االعتداء املادي تطرح أية إشكالية بالنسبة للمحاكم ،إذ أن القضاء املغربي سواء على مستوى الغرفة
الدارية باملجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا ) أو املحاكم االبتدائية أو املحاكم الستئنافية ،ظل
يطبق قواعد القضاء املدني على هذه الدعاوى ،121فقد اعتبرت الغرفة الدارية باملجلس األعلى من
خالل قرارها 122عدد 27الصادر بتاريخ 04دجنبر 1958في امللف الداري عدد 667في قضية " كنسور
-120محمد الزكراوي ،منازعات قضايا االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية بين إشكالية وجوبية إدخال الوكيل القضائي للجماعات
الترابية و جوازية إعمال قاعدة التظلم الداري" ،املوقع اللكتروني " مجلة املغرب و القانون" منشور بتاريخ 8ماي 2018على الساعة .6:25
-121أنور شقروني " ،الحماية القضائية لحق امللكية من خالل دعاوى االعتداء املادي :محكمة االستئناف الدارية بالرباط" ،مقال منشور بمجلة
املحاكم الدارية " مرجع سابق ،الصفحة .21
-122قرار املجلس األعلى عدد 27الصادر بتاريخ 4دجنبر 1958في امللف الداري عدد 665في قضية " كنسور فيليكس" أورده أنور شقروني في
مقاله املذكور.
70
فيليكس " ضد الدولة املغربية بأن " :محكمة االستئناف بالرباط قد خرقت طبيعة سلطتها عندما
فصلت في دعوى كرفوعة ضد الدولة املغربية تتعلق باستيالء هذه األخيرة على أرض الطاعنين
بدون سند قانوني ،وهي ثبت في املادة الدارية ،في حين كان عليها أن ثبت فيها طبقا لقواعد القانون
املدني ،و في إطارسلكتها القضائية العادية ،لكون الدارة قامت بعمل مادي ال عالقة له بأي شكل
من األشكال بممارسة السلطات التي تختص بها".
أما بعد إنشاء املحاكم الدارية و استقرار االختصاص في مادة االعتداء املادي لإلدارة لها ،فأن
القضاء الداري للمحاكم الدارية سرعان ما استقر على اعتبارها مختصة للبث في طلبات رفع
االعتداء املادي و إيقاف أشغاله منذ أن أقرت الغرفة الو بعد إنشاء املحاكم الدارية و استقرار
االختصاص في مادة االعتداء املادي لإلدارة لها ،فأن القضاء الداري للمحاكم الدارية سرعان ما
استقر على اعتبارها مختصة للبث في طلبات رفع االعتداء املادي و إيقاف أشغاله منذ أن أقرت
الغرفة الدارية هذا الصدد بمقتض ى قراراها الصادر بتاريخ 20يونيو 1996في امللف الداري رقم
96/150الذي أقر اختصاص املحاكم الدارية املذكور ،ثم كرس االتجاه بعد ذلك في قراره رقم 658
الصادر بتاريخ 19شتنبر 1996الذي جاء فيه " :وحيث أنه إذا كان االجتهاد القضائي السابق للغرفة
الدارية باملجلس األعلى قد سارعلى أن املحاكم الدارية تقتصرعلى االختصاص بالنظرفي دعاوي
التعويض عن األضرار الناتجة عن نشاطات أشخاص القانون العام و منها دعاوي التعويض عن
احتالل الدارة غير املشروع ألراض ي الخواص كما يفهم من املادة 8من قانون 41.90املنش ئ
للمحاكم الدارية دون النظر في رفع االعتداء املادي على أساس أنه من اختصاص املحاكم
العادية ،فإن االتجاه الجديد للغرفة الدارية كما ترجمه القرار الصادر بتاريخ 20يونيو 1996في
امللف الداري 150/96هو اختصاص املحكمة الدارية و هي بصدد البث في طلبات التعويض عن
األضرار الناتجة عن نشاطات أشخاص القانون العام في مجال االعتداء املادي تكون ملزمة ال
محالة بالبت و التأكد من قيام عناصر االعتداء املادي و املبررات التي تتذرع الدارة بها من جهة،
و من جهة ثانية فإنها في هذه الحالة ستنظر في شقين متالزمين لدعوى واحدة تجمعهما رابطة
واحدة و ال يمكن فصل أحدهما عن اآلخر ،و إال فما هي املحكمة املتوخاة من إسناد االختصاص
71
بالبت في طلبات التعويض عن االعتداء املادي لإلدارة إلى املحاكم العادية في الوقت الذي كان من
املفروض قانونا أن يكون االختصاص في املجالين معا موكوال لجهة قضائية واحدة.123
وفيما يخص الوالية الشاملة لقضاء املوضوع ،أما فيما يخص أحقية البت في حاالت و وقائع
االعتداء املادي ضد الجهات الدارية في قضاء االستعجال ،فقد أصبح رئيس املحكمة الدارية بصفته
قاضيا للمستعجالت هو املختص بالنظر في طلبات إيقاف االعتداء املادي ،و هو ما كرسه املجلس
األعلى آنذاك في قراره عدد 87بتاريخ 09ماي ،1996و الذي تم تأييده من طرف الغرفة الدارية و
اعترفت ضمنيا باختصاص القاض ي الداري في وضع حد لالعتداء املادي ،و ذلك بناء على عنصر
االستعجال و ليس بناء على نظرية االعتداء املادي ،124و جاء في قرار آخر للغرفة الدارية 125الصادر
بتاريخ 20شتنبر 1996تحت عدد " ،474إن النص التشريعي العام الذي يستند االختصاص إلى
جهة قضائية معينة بالنظر في نوع من املنازعات ،ال يمكن تفسيره و ال القياس عليه للقول بأنه
األولى بالتطبيق إذا تعارض مع نص تشريعي خاص يسند االختصاص إلى جهة قضائية أخرى
بالنظر في منازعة مماثلة ،و إال اعتبر ذلك تجاوزا لرادة املشرع ،ما دام النص الخاص يقدم على
النص العام".
املطلب الثاني :دعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادر عن الجماعات الترابية و النتائج
املترتبة عنه
أجاز القضاء الداري إمكانية التعويض عن واقعة االعتداء املادي في إطار نظريات متعددة
كنظرية النقل الجبري للملكية و نظرية ضمان حماية املال العام و إن تبث أن املنشأة العامة قد
أنجزت دون احترام املساطر .126كما اعتبر القضاء الداري أن التعويض عن الضرر يجب أن يكون
شامال لكافة األضرار في إطار مقتض ى الفصل 98من قانون االلتزامات و العقود بحيث يشمل
-123محمد الزكراوي" منازعات قضايا االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية" مرجع سابق.
-124نفس املرجع األخير.
-125قرار الغرفة الدارية باملجلس األعلى الصادر بتاريخ 20شتنبر 1996عدد ،474أورده محمد الزكراوي في مقاله املتعلق بمنازعات قضايا
االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية.
-126سعيد العقاوي " ،الشكاالت التي يطرحها االعتداء املادي على امللكية العقارية" منشور في مجلة املحاكم الدارية ،مرجع سابق ،ص.49 ،
72
التعويض عن فقدان رقبة العقار إذا تبث استحالة رفع االعتداء املادي و كذا التعويض عن الحرمان
من االستغالل.127
سيتم السير في اتجاه هذا التحليل لدعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرة عن
الجماعات الترابية ( فقرة أولى ) ،و كذا النتائج املترتبة عنه ( فقرة ثانية ).
تختص املحاكم الدارية بالبث في دعاوي التعويض عن االعتداء املادي ،على اعتبار أن املادة
8من القانون رقم 41.90املحدث للمحاكم الدارية ،نصت على اختصاص هذه األخيرة بالنظر في
دعاوى التعويض التي تسببها أعمال و نشاطات أشخاص القانون العام ،و من ضمنها بالطبع طلبات
التعويض عن األضرار التي تنتج للخواص بسبب أعمال التعدي التي تمارسها الدارة على أراضيهم دون
أن يكون لها سند يبرر هذا النشاط.128
إن القاض ي الداري ،و هو ينظر في طلبات التعويض عن األضرار الناتجة عن االعتداء املادي،
يوازن بين املصلحة العامة و الخاصة ،و يراعي الحفاظ على املال العام إذا ما اكتمل بناء املنشأة
العمومية على العقار موضوع الغصب و أصبحت مرفقا عاما ،يستفيد منه العموم حسب الغرض
الذي أعد له ،إذ ال يبقى للجهة املعتدية عليها في هذه الحالة سوى الحق في املطالبة بالتعويض لجبر
الضرر الذي لحقها جراء تصرف الجماعة ،علما أن دعوى التعويض تدخل في إطار القضاء الشامل
التي يتمتع فيها القضاء الداري بسلطات واسعة ،تمكنه من فحص العمل غير املشروع املنسوب
لإلدارة و الحكم عليها بأداء تعويضات للمتضرر من عمل الدارة التي وضعت يدها على األرض بدون
موجب حق ،فإن التعويض يمكن أن يشمل التعويض عن الحرمان من االستغالل و التعويض عن
الرقبة أو هما معا.129
73
و هذا ما يستفاد من قرار محكمة االستئناف الدارية بالرباط ،130تحت عدد 2112بتاريخ 20يونيو
،2011و الذي جاء فيه ما يلي:
"حيث تمسك املستأنفون بأحقيتهم في االحتفاظ بعقارهم الذي استولت عليه الجماعة
املستأنف عليها بدون سند شرعي ،و ذلك نظرا للمواصفات التي تميزه كأرض فالحية و اقعة
بمنطقة سقوية خاضعة لنظام الري ،و ذات مردود فالحي جد عالي ،إلى جانب موقعها
االستراتيجي الكائن بقلب جماعة سانية بركيك و إطاللتها على الطريق الوطنية الرابطة بين الدار
البيضاء و أسفي ،مما يتعذر معه الحصول على عقار باملنطقة بنفس املواصفات و االمتيازات،
كما يجعل التعويض على أساس 200.00درهم للمتر املربع جد مجحف و ال يغطي حجم الضرر
الالحق بهم ،و التمسوا ألجله الحكم أساسا بإلغاء الحكم املستأنف فيها قض ى به و تصديا الحكم
من جديد بإفراغ املستأنف عليها نم الرسم العقاري عدد /31809ج هي أو من يقوم مقامها تحت
طائلة غرامة تهديدية قدرها 200.00درهم عن كل يوم تأخيرمن التنفيذ ،احتياطيا بتأييد الحكم
املستأنف فيما قض ى به مبدئيا مع تعديله باحتساب التعويض عن الفقد الجبري للعقار على
أساس 3000.00درهم للمتر املربع ،و احتياطيا جدا الحكم بالتعويضات املسطرة باملذكرة
التعقيبية بعد الخبرة.
لكن حيث من جهة ،فالثابت من أوراق امللف أن العقار املعتدى عليه تم استغالله من طرف
الجماعة املستأنف عليها في بناء مقر لها منذ ،1969مما يتعذر معه إفراغها منه و إرجاع الحالة إلى
ما كانت عليه ملا في ذلك من خرق ملبدأ عدم جواز الضرار باملال العام و ترجيح املصلحة العامة التي
يمثلها وجود مرفق عمومي فوق العقار على املصلحة الخاصة التي ستعود على املستأنفين من حكم
الفراغ ،و أن قاعدة وجوب طرد املحتل بدون سند املعمول به في القانون الخاص ال يمكن سريانها
على االعتداءات املادية املمارسة من طرف أشخاص القانون العام إال إذا كانت املرافق العمومية التي
وقع االعتداء املادي من أجلها لم تحدث بعد ،األمر الذي يكون معه الحكم املستأنف قد صادف
الصواب عندما قض ى برفض طلب الفراغ.
-130قرار محكمة االستئناف بالرباط عدد 2112الصادر بتاريخ 20يونيو 2011في امللف عدد ( 6/09/417غير منشور).
74
و حيث ،من جهة ثانية فيما يخص التعويض عن قيمة العقار ،فإنه بمراجعة أوراق امللف
يتضح أن التعويض املحكوم به املحدد في مبلغ 200.00درهم للمتر املربع الواحد عن مجموع املساحة
املفقودة البالغة 2395متر مربع ،يبقى مناسبا بالنظر إلى املواصفات املميزة للعقار املرتبطة بموقعه
و نوعية استغالله الفالحي و حجم مساحته ،سيما و أن قيمة املتر املربع املقترحة من طرف الخبير
املنتدب السيد حميد بلكوش و املحددة في مبلغ 252.40درهم بالنسبة للجزء املحدث فوقه البنايات
الجماعية و مبلغ 126.20درهم بالنسبة للجزء الباقي غير الصالح ألي استغالل ،لم تكن محل أي
منازعة من طرف املستأنفين في مذكرتهم التعقيبية بعد الخبرة خالل املرحلة االبتدائية ،و بالتالي يبقى
طلبهم خالل هذه املرحلة االستئنافية برفع التعويض املذكور إلى 3000.00درهم للمتر املربع غير
مؤسس و يتعين رده.
و حيث من جهة ثالثة ،إذا كان املالك الذي يعتدي على ملكه له الحق في الحصول على تعويض حرمانه
من استغالل عقاره ،فإن العمل القضائي تواتر على أن هذا التعويض يكون عن الفترة املمتدة من
تاريح االستيالء غير املشروع إلى حين إنشاء املرفق ،حيث يتوقف آنذاك حق امللك في التعويض ملن
استغالل عقاره ،فإن العمل القضائي تواترا على أن هذا التعويض يكون عن الفترة املمتدة من تاريخ
االستيالء غير املشروع إلى حين إنشاء املرفق ،حيث يتوقف آنذاك حق امللك في التعويض لستحالة
إرجاع الحال إلى ما كان عليه و إمكانية استغالل العقار".
في نفس االتجاه ذهبت املحكمة الدارية بأكادير في حكمها 131الصادر بتاريخ 25يونيو :2011
" يعتبر احتالل الشخص العام ألرض الغير بدون سند قانوني و إنشاء مرفق عام فوقها بنية الدوام و
االستمرار ،غضبا للملك يترتب عنه التعويض املالك تعويضا كامال جابرا للضرر دون إخالء الشخص
العام من امللك" .كما أن طلبات التعويض ال تخضع ألجل التقادم ،عل اعتبار أن االحتالل غير
املشروع واقعة مستمرة ال يلحقها التقادم.132
ففي حكم املحكمة الدارية بمراكش 133تحت عدد 763بتاريخ 18أكتوبر 2011أكدت املحكمة ما
يلي " :حيث يهدف الطلب إلى تحميل الجماعة الحضرية لجمعة اسحيم مسؤولية االعتداء املادي
-131حكم املحكمة الدارية بأكادير عدد 2011/453الصادر بتاريخ 28يونيو 2011في امللف رقم 2010/180ش( ،غير منشور).
-132محمد املجدوبي ،مرجع سابق ،ص.63 ،
-133حكم املحكمة الدارية بمراكش عدد ،763الصادر بتاريخ 18أكتوبر ،2011في امللف عدد ،2011/12 /1380غير منشور.
75
الواقع على عقار املدعي الكائن بحي الزراقة بجمعة اسحيم إقليم أسفي ،و الحكم عليها بأدائها له
تعويضا قدره 452.000.00درهم عن مساحة العقار املعتدى عليه ،و تعويضا قدره 46.800.00
درهم عن حرمانه من االستغالل مع النفاذ املعجل.
وحيث دفعت الجماعة املدعى عليها بتقادم الدعوى طبقا للفصل 106من قانون االلتزامات
و العقود الذي ينص على أن دعوى التعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمض ي خمس
سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق املتضرر و هو املسؤول عنه ،و تتقادم في جميع
األحوال بمض ي 20سنة تبتدئ وقت حدوث الضرر.
لكن حيث استقر العمل القضائي في املادة الدارية على اعتبار واقعة االعتداء املادي املنسوبة لإلدارة
واقعة مستمرة و متجددة في الزمن ال تخضع للتقادم املنصوص عليه في الفصل 106املذكور ،مما
يتعين رد الدفع املثار في هذا الصدد".
إن التعويض عن الحرمان من االستغالل يخضع للتقادم الخمس ي ،إذا كان املتضرر عاملا
بالضرر و باملسؤول عن هذا الضرر ،بحيث يسقط حق املتضرر في استصدار حكم له بالتعويض،
غير أنه ملا كان االعتداء املادي عمل غير مشروع قائم باستمرار بسبب تواجد الدارة الدائم على
العقار و ضع يدها عليه ،فإن دعوى التعويض تقوم على أساس الحرمان الدائم من العقار املحتل و
ليس على أساس الحرمان من االستغالل .134
الفقرة الثانية :النتائج املترتبة عن دعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات
الترابية
إن استيالء الجماعات الترابية على عقارات الغير دون موجب أو سند و تماديها في ذلك،
يضطر معه املغصوبة ملكيته و يدفع به إلى مقاضاتها ،بحيث يتسنى للقاض ي أن يعاين وجود االعتداء
املادي ،و من ثم قد يوجه أوامر إلى الدارة بوقف االعتداء املادي ،أو توجيه أوامر إليها بقصد إفراغ
األماكن املحتلة من طرفها أو إصدار تهديدات ضدها ،فضال عن الحكم بالتعويض عن مجموع
األضرار الناتجة عن االعتداء املادي ،أضف إلى ذلك االنعكاسات السلبية الناجمة عن االعتداء املادي
76
واملتمثلة في املبالغ املالية الباهظة املحكوم بها عليها ،فضال عن الغرامات التهديدية التي أضحى القضاء
يطبقها إلى جانب الفوائد القانونية نتيجة تماطل الجماعات في تنفيذ األحكام الصادرة في مواجهتها.135
إن معظم الجماعات الترابية املحكوم عليها بالتعويض لفائدة املنزوع ملكياتهم أو جراء
االعتداء املادي على عقاراتهم ال تولي أهمية خاصة لتنفيذ األحكام متذرعة بعدة مبررات ال سند لها
في أغلب األحيان ،و هذا ما يشكل احتقارا لألحكام القضائية و خرقا ملبدأ قدسية القضاء و دولة
الحق و القانون ،و قد تفاقمت هذه الشكالية إلى حد أن أصبحت مثارة عدة تساؤالت و شكايات ترد
على الوزارات املعنية ،كما شكلت موضوع عدة اجتماعات من عدد من الدارات الحكومية خاصة مع
وزارة العدل من أجل تجاوز هذه املشكلة و إيجاد حل لها.136
-الدورية رقم 55م م م بتاريخ 23أبريل 1996حول تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في
مواجهة الجماعات املحلية ،و الذي جاء فيها ما يلي:
-عدم إعداد دراسة مادية و قانونية للوقائع و الظروف املحيطة بالعمل الذي أقدمت عليه
الجماعة و كذا عدم تقدير األسباب التي تم االستناد إليها؛
-عدم احترام النصوص القانونية و التنظيمية املعمول بها في كل موضوع تطلب تدخل أو عمل
الدارة مثل القدام على احتالل ملك الغير دون إتباع مسطرة نزع امللكية ؛
-االمتناع ألسباب و حجج واهيةعن التعويض عن نزع امللكية من أجل املنفعة العامة؛
-االعتداء على ملك الغير من أجل القيام بمشروعات جماعية دون إتباع مسطرة نزع امللكية و
بدون تعويض ؛ "...؛
77
ثم دورية وزير الداخلية رقم 21ق ت م 2 /بتاريخ 7مارس 2006موجهة إلى السادة والة و عمال
العماالت و األقاليم و عمال املقاطعات حول ضبط املنازعات القضائية للجماعات املحلية و
هيئاتها.138
إن التأكيد فيها على مجموعة من التدابير الواجب اتخاذها ،لتفادي نزاعات الجماعات الترابية،
و تفادي إشكالية تنفيذ األحكام عن طريق حل املنازعات بطريقة حبية ،لكون املنازعات تكلف
الجماعات املحلية أعباء مالية هي في أمس الحاجة إليها و اقتناء عقارات بالتراض ي ،ألن أغلب النزاعات
تتعلق بمنازعات عقارية ناتجة عن إقدام الدارة املحلية إما على نزع امللكية وفق املسطرة املعمول بها
أو عن طريق الترامي غير املشروع مما يجعلها أمام دعوى االعتداء املادي .
كما صدرت دورية وزير الداخلية رقم 120م م م بتاريخ 9غشت 2000موجهة إلى والة
الجهاتوعمال العماالت و أقاليم اململكة حول التذكير بضرورة تنفيذ األحكام و القرارات القضائية.139
وهي الدورية التي تم التأكيد فيها على أن سلطة الوصاية املركزية ستتعامل مع املبالغ املالية التي تحكم
بها املحاكم برسم تعويضات لفائدة املتقاضين ضد الجماعات املحلية بمثابة نفقات إجبارية وإدراجها
إن اقتض ى الحال بميزانيات الجماعات املعنية في حالة رفضها أداء املبالغ املذكورة ألصحابها.
-138دورية وزير الداخلية رقم 21 /ق ت م 2 /بتاريخ 7مارس ،2006موجهة إلى السادة والة وعمال العماالت و األقاليم و عمال املقاطعات
باململكة ،حول ضبط املنازعات القضائية للجماعات املحلية و هيئاتها.
-139دورية وزير الداخلية رقم 120 /م م م بتاريخ 9غشت 2000موجهة إلى السادة والة و عمال العماالت و أقاليم اململكة حول التذكير
بضرورة تنفيذ األحكام و القرارات القضائية.
78
خاتمة:
إن الجماعات الترابية ال تزال تعتريها الكثير من التحديات عند اللجوء ملسطرة نزع امللكية من
أجل املنفعة العامة.وعلى واقع املمارسة نجد أن معظم الجماعات الترابية ال تزال لم تستوعب
املساطر القانونية املعمول بها في نزع امللكية األمر الذي يجعلها تخرق املبدأ الدستوري الحق في امللكية
و تعتدي على الخواص و ذلك راجع لعدة أسباب.
يمكن الخلوص إلىأن محدودية الجماعات الترابية في مجال نزع امللكية من أجل املنفعة
العامةتتجلى في :
-وجود أجهزة منتخبة و إدارية غير مؤهلة على رأس الجماعة الترابية و غير قادرة على تدبير
املسطرة القانونية املعمول بها في نزع امللكية؛
-تعقد مسطرة املرحلة الدارية و القضائية مما يجعل املسطرة تطول أكثر و تضيع معها حقوق
املنزوعة ملكيتهم؛
-إحالة مشروع املرسوم على السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية باعتبارها الجهة الوصية على
الجماعات الترابية لكي تتم املصادقة على مشروع املرسوم مما يزيد من تأخير املسطرة و
تعطيلها؛
-انحراف الجماعات الترابية في استعمال السلطة و استيالئها على عقارات الخواص مما يجعلها
تسقط في االعتداء املادي و ذلك بمبررات واهية؛
-التعويض الذي تمنحه اللجنة الدارية للتقييم ال يكون الثمن الحقيقي للعقار مما يجعل
أغلب دعاوي نزع امللكية ضد الجماعات الترابية سببها طلب تعويض عادل؛
-الجماعات الترابية ال تنفذ األحكام القضائية الصادرة ضدها بخصوص نزاعات نزع امللكية
أو االعتداء املادي مما يضرب في الفصل 126من الدستور الذي يحث على احترام األحكام
النهائية الصادرة عن القضاء
-تفاوت وثائق التعمير ( 10سنوات ) مع برامج الجماعات الترابية و مدة انتداب الفاعل
املنتخب ( 6سنوات ) يجعل تلك الجماعات الترابية ال تنفذ أهداف وثائق التعمير و ترك
مصير األراض ي املنزوعة ملكيتها بموجب وثائق التعمير بدون نتيجة مما يجعل من تلك
79
األراض ي ال هي مستغلة من طرف مالكيها و ال هي مستغلة لتنفيذ مشاريع وثائق التعمير و
إهدار للمال العام؛
-محدودية تدبير أمالك الجماعات الترابية و إهدارها يجعل من تلك الوحدات الترابية تبحث
عن عقارات الخواص دون االنتفاع بأمالكها؛
-عدم رصد اعتمادات مالية للتعويض عن نزع امللكية أو االعتداء املادي األمر الذي يجعلها ال
تنفذ األحكام الصادرة ضدها و ضرب في مصداقية القضاء و انتهاك لحقوق األشخاص؛
-كما أنه بعض رؤساء الجماعات الترابية يستغلون امتياز نزع امللكية لحسابات سياسية
وأغراض شخصية الش يء الذي يجعل القضاء يتدخل لبسط رقابته من خالل العمل بنظرية
املوازنة.
تعتبر هذه أبرز االكراهات التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية والخصوصية التي
تتميز بها عن باقي أشخاص القانون العام ،و نقترح ما يلي للحد من هذه الكراهات:
-انعقاد دورات تكوينية مكثفة لفائدة الجماعات الترابية بخصوص املساطر والقوانين
املعمول بها في نزع امللكية وحثهم على احترامها؛
-دمج املسطرة الدارية و القضائية في نفس الوقت من أجل التسريع في املسطرة و عدم
تأخيرها؛
-تبسيط الجراءات الدارية املتعلقة بالدراسة واملصادقة على مشروع املرسوم من قبل وزارة
الداخلية؛
-وجب وضع اعتمادات مالية في امليزانية السنوية للجماعة الترابية بهدف التعويض عن نزع
امللكية؛
-تحسين تدبير األمالك العقارية للجماعات الترابية واستغاللها في تنفيذ املشاريع التنموية و ال
سيما تلك املضمنة في وثائق التعمير و محاولة استبعاد نزع ملكية الخواص؛
-حث الجماعات الترابية على تنفيذ األحكام الصادرة ضدها؛
-وجب إدخال عضو في اللجنة الدارية للتقييم يمثل الجهة املنزوعة ملكيتها حتى ال يتم إهدار
حقوقهم و اللجوء إلى القضاء و املطالبة بتعويض عادل و تعطيل التعويض؛
80
-يجب إعادة النظر في أعمار وثائق التعمير و مدة انتداب رؤساء الجماعات الترابية و برامجهم
حتى ال يكون هناك أي تفاوت و يتم تحقيق أهداف وثائق التعمير و ال يتم إهدار املال العام
عبثا.
81
قائمة املراجع:
أوال :مراجع باللغة العربية:
الكتب: ➢
-الحاج شكرة " ،الوجيز في قانون التعمير املغربي " مطبعة دار القلم و النشر والتوزيع،
الطابعة السادسة .2011
-عبد الرحمان البكريوي " ،التعمير بين املركزية و الالمركزية " الطبعة األولى .1993
-املصطفى املعمروأحمد أجعون " إعداد التراب الوطني و التعمير " الطبعة األولى
.2005/2006
-العربي محمد مياد " الحق في التعويض العادل عن نزع امللكية ألجل املنفعة العامة " مطبعة
األمنية الرباط .2009
-حسن صحيب " القضاء الداري املغربي " الطبعة الثانية ماي .2019
-محمد الكشبور " نزع امللكية ألجل املنفعة العامة قراءة في النصوص و في مواقف القضاء "
طبعة ثانية محينة و مزيدة و منقحة .2007
-محمد حيمود " مالية الجماعات الترابية " توزيع صومادي.
➢ األطروحات و الرسائل :
✓ األطروحات :
-يونس أبالغ " الرأي االستشاري في ميدان التعمير " أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،
جامعة محمد الخامس بالرباط ،كلية الحقوق سال ،السنة الجامعية .2018/2017
-أحمد أجعون " اختصاص املحاكم الدارية في مجال نزع امللكية من أجل املنفعة العامة "
أطروحة الدكتوراه في القانون العام ،جامعة محمد الخامس بالرباط ،كلية الحقوق أكدال،
السنة الجامعية .2000/1999
82
-أحمد املالكي " التدخل العمومي في ميدان التعمير " أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق
وحدة التكوين و البحث الدارة العامة ،جامعة محمد األول بوجدة ،كلية الحقوق ،السنة
الجامعية .2008/2007
-حيمود املختار " دور سياسة التعمير في تنمية و تنظيم املجال :مساهمة في دراسة املجال
الحضري املغربي نموذج عمالة ابن مسيك سيدي عثمان " أطروحة لنيل الدكتوراه وحدة
الدارة ،كلية الحقوق جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء ،السنة الجامعية .2001/2000
✓ الرسائل :
-أحمد البكوش و سمير أحيدار " الرقابة القضائية على قرارات نزع امللكية " رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا املعمقة في القانون العام ،وحدة البحث و التكوين في الدارة العامة ،جامعة
محمد األول وجدة ،السنة الجامعية .2001/2000
-خديجة إد إبراهيم " دعوى التعويض في مجال نزع امللكية ألجل املنفعة العامة للجماعات
الترابية " بحث لنيل دبلوم املاستر في القانون العام ،ماستر تدبير الشأن العام املحلي ،جامعة
عبد املالك السعدي ،كلية الحقوق طنجة ،السنة الجامعية .2013/2012
-غنبوري رشيد " نزع امللكية كمسطرة خاصة في إطار وثائق التعمير " رسالة لنيل دبلوم ماستر
في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية الحقوق السويس ي ،السنة الجامعية
.2016/2015
-محمد أيوب " وثائق التعمير و مسألة نزع امللكية " رسالة لنيل ديبلوم املاستر في القانون
العام ،وحدة القانون العام الداخلي و تنظيم الجماعات الترابية" جامعة القاض ي عياض،
كلية الحقوق مراكش ،السنة الجامعية .2014/2013
-هناء بنطامة " نزع امللكية كإجراء لتنفيذ وثائق التعمير" رسالو لنيل دبلوم املاستر في قانون
العقود و العقار ،جامعة محمد األول ،كلية الحقوق وجدة ،السنة الجامعية .2013/2012
➢ املجالت واملقاالت:
-يونس أبالغ " ،كيفيات تطوير النظام القانوني لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة " املجلة
املغربية لإلدارة املحلية و التنمية ،العدد ،129نونبر-دجنبر .2019
83
-رضا التايدي " مسطرة نزع امللكية بين متطلبات املصلحة العامة و ضمان التعويض العادل "
مجلة املحاكم الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق املصلحة
العامة " أشغال ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية هيئات
املحامين باملغرب يومي 6و 7يناير 2017بالرباط ،العدد الخامس ،إصدار خاص ،يناير
.2017
-نهاد الحيان " الخبرة التقنية و إجراءاتها و أسس تقدير التعويض " املعهد القضائي األردني،
طبعة .2020
-مجلة املحاكم الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق املصلحة
العامة " أشغال ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية هيئات
املحامين باملغرب يومي 6و 7يناير 2017بالرباط ،العدد الخامس ،إصدار خاص ،يناير
.2017
-محمد املجدوبي " منازعات أمالك الجماعات الترابية على ضوء اجتهادات القضاء الداري
املغربي" تقديم ثريا العيوني ،منشورات مجلة العلوم القانونية ،سلسلة البحث األكاديمي،
الطبعة األولى ،2014الصدار الثالث ،2014مكبعة األمنية بالرباط ،توزيع مكتبة الرشاد
سطات.
-نزع امللكية ،دفاتر املجلس األعلى للحسابات ،العدد .2000-01
-الزكراوي محمد " فصل الخطاب في موضوع نزع امللكية ألجل املنفعة العامة بين سندان
مشروعية املسطرة و مطرقة االعتداء املادي " مجلة منازعات األعمال ،العدد 19دجنبر
.2016
-الزكراوي محمد " ،منازعات قضايا االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية و جوازية
إعمال قاعدة التظلم الداري " املجلة اللكترونية املغرب و القانون ،منشور بتاريخ 8ماي
2018على الساعة .6:25
-أنور شقروني " ،الحماية القضائية لحق امللكية من خالل دعاوى االعتداء املادي " مجلة
املحاكم الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق املصلحة العامة "
84
أشغال ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية هيئات املحامين
باملغرب يومي 6و 7يناير 2017بالرباط ،العدد الخامس ،إصدار خاص ،يناير .2017
-حسن العفوي " ،مسطرة نزع امللكية في التشريع املغربي " الندوة الجهوية الثالثة لوزارة العدل
مراكش أيام 22-21مارس ،مطبعة األمنية الرباط.
-محمد بهاء الدين الزباخ " اآلثار القانونية لتصميم التهيئة بين النص القانوني و العمل
القضائي " مجلة املحاكم الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق
املصلحة العامة " أشغال ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية
هيئات املحامين باملغرب يومي 6و 7يناير 2017بالرباط ،العدد الخامس ،إصدار خاص،
يناير .2017
-سعيد العقاوي " ،الشكاالت التي يطرحها االعتداء املادي على امللكية العقارية " مجلة املحاكم
الدارية" القاض ي الداري بين حماية الحقوق و الحريات و تحقيق املصلحة العامة " أشغال
ندوة علمية منظمة بالشراكة بين وزارة العدل و الحريات و جمعية هيئات املحامين باملغرب
يومي 6و 7يناير 2017بالرباط ،العدد الخامس ،إصدار خاص ،يناير .2017
-عبد الحق الذهبي " إشكالية إنهاء آثار تصاميم التهيئة من خالل مواقف القضاء الداري
املغربي " مجلة محاكمة ،العدد املمتاز .8-7
➢ النصوص القانونية والتنظيمية:
-الدستور املغربي لسنة 2011الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 91.11.1بتاريخ 29يوليو
،2011مع قرار املجلس الدستوري رقم 2011.815بتاريخ 14يوليو ،2011املعلن لنتائج
االستفتاء فاتح يوليو .2011
- -القانون التنظيمي رقم 111.14املتعلق بالجهات ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
،1.15.83الجريدة الرسمية عدد ،6380بتاريخ 23يوليوز ،2015ص6585 ،؛
- -القانون التنظيمي رقم 112.14املتعلق بالعماالت واألقاليم ،الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم ،1.15.84الجريدة الرسمية عدد ،6380بتاريخ 23يوليوز ،2015ص6625 ،؛
- -القانون التنظيمي رقم 113.14املتعلق بالجماعات الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم
،1.15.85الجريدة الرسمية عدد ،6380بتاريخ 23يوليوز ،2015ص.6660 ،
85
-ظهير شريف رقم 1.02.297صادر في 25من رجب 3 ( 1423أكتوبر )2002بتنفيذه القانون
رقم 78.00املتعلق بامليثاق الجماعي.
-القانون رقم 7.18املتعلق بنزع امللكية ألجل املنفعة العامة وباالحتالل املؤقت الصادر بتنفيذه
ظهير شريف رقم 1.81.254بتاريخ في 6ماي ،1982الجريدة الرسمية عدد ،3685بتاريخ 15
يونيو ،1983ص.980 ،
-ظهير شريف رقم 1.92.31صادر في 15من ذي الحجة 17 ( 1412يونيو )1992بتنفيذ
القانون رقم 12.90املتعلق بالتعمير.
-ظهير شريف رقم 1.91.225صادر في 22من ربيع األول 10 ( 1414دجنبر )1993بتنفيذه
قانون رقم 41.90املحدث بموجبه محاكم إدارية.
-مرسوم رقم 2.82.382الصادر في 16أبريل 1983بتطبيق القانون رقم 7.81املتعلق بنزع
امللكية ألجل املنفعة العامة و االحتالل املؤقت الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.81.254في
6ماي .1982
-مرسوم رقم 2.16.301الصادر بتاريخ 29يونيو 2016بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل
الجماعة و تتبعه و تحيينه و تقييمه و آليات الحوار و التشاور لعداده.
➢ الدوريات :
-الدورية 55م م م بتاريخ 23أبريل 1996حول تنفيذ األحكام القضائية الصادرة في مواجهة
الجماعات الترابية .
-دورية وزير الداخلية رقم 21ق ت م 2/بتاريخ 7مارس ،2006موجهة إلى السادة والة وعمال
العماالت و األقاليم و عمال املقاطعات باململكة حول ضبط املنازعات القضائية للجماعات
املحلية و هيئاتها.
-دورية وزير الداخلية رقم 120/م م م بتاريخ 9غشت 2000موجهة إلى السادة والة و عمال
العماالت و األقاليم اململكة حول التذكير بضرورة تنفيذ األحكام و القرارات القضائية.
86
➢ األحكام و القرارات القضائية :
✓ األحكام القضائية :
-حكم املحكمة الدارية بالرباط رقم 68بتاريخ 12يناير ،2009ملف رقم 1804/07ش ،بين
الوكالة الخاصة طنجة البحر األبيض املتوسط في شخص رئيس املجلس الجماعي و السيد
املختار املغاري.
-حكم املحكمة الدارية بالرباط عدد ،1387الصادر بتاريخ 11ماي 2011
-حكم املحكمة الدارية بمكناس الصادر بتاريخ 30جمادى األولى 1432املوافق ل 4ماي 2011
تحت عدد 10/2001/201الصادر ضد الجماعة الحضرية موالي ادريس زرهون مكناس.
-حكم املحكمة الدارية بمراكش عدد 134الصادر بتاريخ 19يونيو .2002
-حكم املحكمة الدارية بالرباط رقم 206الصادر بتاريخ 18يناير 2012في امللف رقم
07/2252ش.ع ( غير منشور )
-حكم املحكمة الدارية بمكناس عدد 482بتاريخ 15دجنبر ،2009في امللف رقم 2/05
-حكم املحكمة الدارية بأكادير عدد 2011/453الصادر بتاريخ 28يونيو 2011في امللف رقم
2010/180ش ( غير منشور).
-حكم املحكمة الدارية بمراكش عدد 763الصادر بتاريخ 18أكتوبر 2011في امللف عدد
( 2011/12/1380غير منشور).
✓ القرارات القضائية :
-قرار املجلس األعلى رقم 515الصادر بتاريخ 30نونبر 1995في امللف الداري عدد 95/9في
قضية رشيد بن محمد بوحجرة.
-قرار الغرفة الدارية باملجلس األعلى عدد 500بتاريخ 07مارس 1997ملف إداري عدد
.95/63
-قرار املجلس األعلى عدد 27الصادر بتاريخ 4دجنبر 1958في امللف الداري عدد 665في
قضية " كنسور فيليكس".
87
-قرار محكمة االستئناف الدارية بالرباط املؤرخ في 17أبريل 2012ملف عدد 11/11/191
بين الجماعة الحضرية طنجة و السيد محمد بالعياش ي اسكيرج.
-قرار محكمة االستئناف الدارية بالرباط عدد 2012الصادر بتاريخ 20يونيو 2011في امللف
عدد ( 6/09/417غير منشور).
➢ محاضرات جامعية:
-يونس أبالغ ،محاضرات في قانون التعمير ،ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات
الترابية ،الفصل الثاني ،السنة الجامعية .2020 /2019
➢ الخطب امللكية :
-الخطاب امللكي بمناسبة إنشاء املجلس االستشاري لحقوق النسان في 13شوال 1410
هجرية املوافق ل 08ماي .1990
-الخطاب امللكي أمام مجلس ي البرملان يوم 14أكتوبر 2016بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية
األولى من الوالية العاشرة.
➢ دالئل:
✓ دليل أمالك الجماعات املحلية ،اململكة املغربية-وزارة الداخلية -املديرية العامة للجماعات
املحلية ،سلسلة دليل املنتخب ،الطبعة األولى .2009
✓ دليل عملي ملسطرة نزع امللكية ألجل املنفعة العامة وفق القانون 7.81خاص بالدارات
العمومية .2018
➢ دورات تكوينية :
✓ دورة تكوينية لوزارة الداخلية املديرية العامة للجماعات الترابية املحلية مديرية التخطيط و
التجهيز " البرامج التنموية الترابية " القنيطرة 15نياير .2018
88
: مراجع باللغة الفرنسية:ثانيا
➢ Ouvrages :
✓ A. De laubadère ( A ) , Droit administratif, LGDJ, Paris 8 édition 1980.
✓ A. De laubadère, le contrôle juridictionnel du pouvoir discrétionnaire de l’utilité
publique justifiant l’expropriation T. II.LGDJ. Paris 1974.
✓ G- Pesseir, droit administratif, Dalloz, 1ème édition , 1993.
✓ Guide pratique de la phase administrative de l’expropriation au profit des
collectivités territoriales ou de leurs groupements, MINISTRE DE L INTERIEUR ,
DIRECTION GENERALE DES COLLECTIVITES LOCALES, REPUBLIQUE
FRANCAISE, aout 2015.
✓ C-E 20 mai 1971, Ministre de l’équipement et du logement / C/ fédération de
défense des personnes concernées par le projet dénommé ‘ VILLE NOUVELLE EST
‘ Rec 409 conclusion braibant.
89
فهرس املوضوعات:
مقدمة2..........................................................................................................................................:
الفصل األول :أسس تمييزمسطرة نزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية9..................
املبحث األول :األسس الجرائية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة10.............
املطلب األول :املرحلة الدارية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة 10............
الفقرة األولى :العالن عن قراراملنفعة العامة و التخلي من لدن الجماعات الترابية11.....................
الفقرة الثانية :املصادقة على مشروع املرسوم و تنفيذه 18..........................................................
املطلب الثاني :املرحلة القضائية لقيام الجماعات الترابية بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة 21........
الفقرة األولى :دعوى نقل امللكية و االعتداء املادي لدى الجماعات الترابية 22................................
الفقرة الثانية :إشكالية اللجنة الدارية للتقييم و تحديد التعويض لدى الجماعات الترابية 27.........
املبحث الثاني :األسس املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ظل وثائق
التعمير 33....................................................................................................................................
املطلب األول :أي تدخالت للجماعات الترابية لعالن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير 34...........
الفقرة األولى :تدخل الجماعات الترابية لإلعالن عن املنفعة العامة بمقتض ى وثائق التعمير 34........
الفقرة الثانية :تدخل الجماعات الترابية لعالن املنفعة العامة بمقتض ى إعالنات خارج مقتضيات
وثائق التعمير 39....................................................................................................................
املطلب الثاني :إكراهات مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد و تنفيذ وثائق التعمير
41...........................................................................................................................................
الفقرة األولى :الكراهات القانونية ملسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد وتنفيذ
وثائق التعمير 42....................................................................................................................
الفقرة الثانية :الكراهات املادية التي تعتري مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية في ظل إعداد
و تنفيذ وثائق التعمير 45.........................................................................................................
90
الفصل الثاني :التطبيقات املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ضوء
حلول القضاء 49...............................................................................................................................
الفصل الثاني :التطبيقات املسطرية لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية في ضوء
حلول القضاء 50...............................................................................................................................
املبحث األول :املنازعات املتعلقة بنزع امللكية من أجل املنفعة العامة لدى الجماعات الترابية بين قضاء
املالءمة و قضاء الشرعية 51...........................................................................................................
املطلب األول :رقابة قضاء املالءمة في مسطرة نزع امللكية لدى الجماعات الترابية 51..........................
الفقرة األولى :مفهوم و تطور قضاء املالءمة في نزع امللكية من أجل املنفعة العامة 52......................
الفقرة الثانية :تطبيقات رقابة قضاء املالءمة على شرط املنفعة العامة في مسطرة نزع امللكية لدى
الجماعات الترابية 54.............................................................................................................
املطلب الثاني :رقابة قضاء الشرعية على قيمة التعويض لنزع امللكية لدى الجماعات الترابية 59........
الفقرة األولى :مدى شرعية التعويض املحدد من طرف اللجنة الدارية للتقييم لدى الجماعات
الترابية 60............................................................................................................................
الفقرة الثانية :مدى شرعية التعويض املحدد من طرف الخبيرلدى الجماعات الترابية 64...............
املبحث الثاني :املنازعات املتعلقة باالعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية 67...........................
املطلب األول :رقابة القضاء الداري في حماية امللكية العقارية من االعتداء املادي الصادرة عن
الجماعات الترابية 67................................................................................................................
الفقرة األولى :دور القضاء الداري في تحديد االعتداء املادي الصادرعن الجماعات الترابية 68........
الفقرة الثانية :صالحيات القاض ي الداري بالبث في قضايا االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات
الترابية 70............................................................................................................................
املطلب الثاني :دعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرعن الجماعات الترابية والنتائج املترتبة عنه
72...........................................................................................................................................
الفقرة األولى :دعاوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات الترابية 73..................
الفقرة الثانية :النتائج املترتبة عن دعوى التعويض عن االعتداء املادي الصادرة عن الجماعات
الترابية 76............................................................................................................................
91
خاتمة79........................................................................................................................................ :
قائمة املراجع82.............................................................................................................................. :
92