You are on page 1of 4

‫تمهيد‬

‫إستقر الفكر العقابي مند بداية القرن العشرين على ضرورة إشراف القضاء على تطبيق العقوبات وقد شكلت الدعوة الى‬
‫التدخل القضائي في مرحلة ما بعد الحكم موضع اهتمام عدة مؤتمرات دولية منها املؤتمر الدولي الجنائي والعقابي الحادي عشر‬
‫املنعق د في ب رلين س نة ‪ )1(1930‬وتبع ا ل ذلك س ارعت ع دة تش ريعات الى اش راك القض اء في تنفي د العقوب ات إال أنه ا إختلفت في‬
‫أس لوب تنظيم ه‪ ،‬ومن بين ه ذه التش ريعات ال تي تبنت ه ذا النظ ام ‪،‬نج د التش ريع اإليط الي ال ذي أخ د بنظ ام ت دخل القض اء في‬
‫التنفيذ العقابي سنة ‪ )2(1930‬والتشريع الفرنسي الذي إستحدث نظام قاضي تنفيذ العقوبات سنة ‪.)3( 1940‬‬

‫أم ا على مس توى التش ريع املغ ربي ف إن ق انون املس طرة الجنائي ة لس نة ‪ 1959‬لم يكن يتض من أي مقتض يات تهم قاض ي تط بيق‬
‫العقوبة ولتدارك هذا النقص أحدثت مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات بمقتضى قانون املسطرة الجنائية الحالي‪ ،‬قانون رقم‬
‫‪ 22.01‬الصادر بتاريخ ‪ 03‬اكتوبر‪ 2002‬والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ ‪ 02/10/2003‬كآلية للسهر على تنفيذ العقوبات و تتبعها في‬
‫إطار يضمن حقوق السجناء و يساهم بشكل فعال في تسهيل عملية إعادة إدماجهم في املجتمع بعد اإلفراج عنهم‪.‬‬

‫وعليه فالهدف من إحداث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات هو تدعيم ضمانات حقوق الدفاع وصيانة كرامة املعتقل باإلضافة‬
‫إلى اس تمرار الحماية القض ائية للمحك وم عليه بع د صدور الحكم فكي ف يتم تعيين قاض ي تط بيق العقوب ات ب املغرب؟ )الفقرة‬
‫األولى(وما هي صالحياته (الفقرة الثانية) ؟‬

‫‪1‬أك د املؤتمر ال دولي الجن ائي والعق ابي الح ادي عش ر املنعق د في ب رلين س نة ‪ 1930‬على أن ه من املناس ب أن تعه د بغ ير تحف ظ الى القض اة أو‬
‫أعضاء النيابة العامة أو لجان يرأسها قاض منفرد إتخاذ القرارات الهامة التي يحددها القانون واملتعلقة بتنفيذ العقوبات السالبة للحرية"‬

‫‪2‬ظهرت مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات مع مدرسة الدفاع االجتماعي و يعتبر الفقيه االيطالي جراماتيكا من أبرز روادها ‪،‬و قد دعت هذه‬
‫املدرسة إلى أن قانون العقوبات يجب أن يكون هدفه حماية املجتمع من مخاطر السلوكيات املجرمة و أال تكون وظيفته مجرد القصاص‬
‫من الجاني وتخويفه لذا يجب إقرار تدابير الدفاع االجتماعي‪.‬‬

‫‪3‬بقي التش ريع الفرنس ي متحفظ ا عن تك ريس ت دخل القض اء في مرحل ة التنفي ذ الى غاي ة أن ق امت اإلدارة العقابي ة ذاته ا بن اء على برنامجه ا‬
‫اإلص الحي لس نة ‪ 1954‬داعي ة في ه قاض يا تعه د الي ه مهم ة تس يير العقوب ات في بعض الس جون املركزي ة وعلى إث ر طل ك إس تحدث املش رع‬
‫الفرنسي سنة ‪ 1958‬نظام قاضي تطبيق العقوبات‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪:‬تعيين قاضي تطبيق العقوبات‬
‫أوال‪ :‬تعريف قاضي العقوبة‬
‫لم يتناول املشرع املغربي تعريف قاضي تطبيق العقوبات وإنما اقتصر على تحديد دوره (‪ )1‬حيث اكتفى بذكر طريقة‬
‫تعين قاضي تطبيق العقوبات ومجمل الصالحيات املخولة له‪،‬وترك مسألة إعطاء التعاريف الى الفقه والقضاء فنجد‬
‫من بين التع اريف الفقهي ة ال تي ع رفت قاض ي مؤسس ة تط بيق العقوب ات بإنه ا مؤسس ة قض ائية تس هر على تتب ع ك ل‬
‫مراحل وإجراءات تطبيق العقوبات منذ النطق بها الى نهايتها وذلك ضمانا لحسن وسالمة إجراءات تنفيذها وضمانا‬
‫أيضا لحقوق السجناء املخاطبين بها(‪.)2‬‬
‫كما يمكن تعريفه كاألتي ‪ :‬هو قاضي متخصص باملحكمة االبتدائية‪ ،‬مهمته األساسية تتبع حياة املحكوم عليهم داخل‬
‫وخارج السجن مطبقا ضدهم القرارات القضائية السالبة للحرية‪ ،‬حيث تبتدئ مهمته بعد النطق بالحكم ويحدد أهم‬
‫األساليب لتطبيق العقوبة الناجعة الخاصة بكل متهم (‪.)3‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعيين قاضي العقوبة‬
‫استنادا إلى املادة ‪ 596‬من ق‪.‬م ج‪ .‬رقم ‪ 01-22‬في فقرتها األولى والثانية يتم تعيين قاضي أو أكثر يقومون بمهام قاضي‬
‫تطبيق العقوبات بقرار صادر عن وزير العدل ملدة ثالثة سنوات قابلة لتجديد من ضمن قضاة املحكمة االبتدائية ويتم‬
‫إعف اءهم من مه امهم بنفس الكيفي ة ال تي يتم تع يينهم به ا وفي حال ة حص ول م انع لقاض ي تط بيق العقوب ات ح ال دون‬
‫قيامه بمهامه يعين رئيس املحكمة االبتدائية قاضيا ينوب عنه بصفة مؤقتة‪.‬‬
‫ويستخلص من هذا الفصل أن قاضي تطبيق العقوبات يعين من أحد قضاة الحكم باملحاكم االبتدائية وهذا يعني أنه ال‬
‫يمكن ب أي وج ه إس ناد ه ذا املنص ب لقض اة مح اكم االس تئناف أو أح د قض اة النياب ة العام ة ح تي ول و على س بيل‬
‫االحتياط بصفة مؤقتة أما إذا حصل مانع مؤقت لقاضي تطبيق العقوبات فإنه يعوض من طرف أحد قضاة الحكم‬
‫املعين من طرف رئيس املحكمة‪.‬‬
‫واملالحظ أن مصدر التعيين يشكل إشكالية اإلستقاللية حيت يعين قاضي تطبيق العقوية من قبل وزير العدل والذي‬
‫يعتبر سلطة تنفيذية على خالف مسطرة التعيين الواردة في مشروع قانون املسطرة الجنائية فإسناد هذا املنصب ترك‬
‫للجمعية العمومية للمحكمة بدال من وزير العدل وملدة سنتين قابلة للتجديد‪.‬‬
‫كم ا يط رح التزاي د املت واتر في ع دد ن زالء املؤسس ات الس جنية ص عوية املس ايرة والتتب ع من ط رف قاض ي تط بيق‬
‫العقوبات صعوبة ميدانية بالنظر الى كم امللفات املعروضة على أنظار محكمة االستئناف والى بعد املسافة بين املحاكم‬
‫االبتدائية ومحاكم االستئناف‪ ،‬هذا باالضافة الى أن دائرة محكمة اإلستئناف تتضمن في غالب االحيان أكثر من ثالث‬
‫أو أربع محاكم إبتدائية‪.‬‬

‫‪1‬املادة ‪ 596‬من قانون املسطرة الجنائية الحالي‬


‫‪2‬نور الدين وحداني صالحيات قاضي تطبيق العقوبات في قانون املسطرة الجنائية مجلة امللف العدد الخامس يناير ‪2005‬‬
‫‪3‬عادل العابد‪ ،‬مؤسسة قاضي تنفيد العقوبات في التشريع املغربي موقع ‪ marocdroit.com 16‬أكتوبر ‪2011‬‬
‫الفقرة الثانية اختصاصات قاضي تطبيق العقوبات في القانون املغربي‬
‫تكمن أهم ص الحيات القاض ي الجن ائي في مراقب ة س المة تط بيق الق انون املتعل ق باملؤسس ات الس جنية وتس ييرها و‬
‫مراقبة سالمة إجراءات اإلكراه البدني وحق اقتراح العفو واإلفراج املقيد بشروط‬
‫أوال‪ :‬مراقبة سالمة تطبيق القانون املتعلق باملؤسسات السجنية وتسييرها‬
‫*أوكلت املادة ‪ 596‬إلى قاضي تطبيق العقوبات ‪:‬‬
‫– زيارة املؤسسات السجنية التابعة لنفوذ املحكمة التي يعين بدائرتها مرة في الشهر‬
‫– تتب ع م دى تطبيق القانون املنظم للسجون في شأن قانونية االعتق ال و حقوق الس جناء و مراقبة سالمة إج راءات‬
‫التأديب‬
‫– االطالع على سجالت االعتقال و إعداد تقرير عن كل زيارة‬
‫و يتضح كذلك أن نطاق الرقابة املخولة لقاضي تطبيق العقوبات على املؤسسات السجنية ينص على مراقبة قانونية‬
‫االعتقال ومدى مراعاة حقوق اإلنسان وأيضا مراقبة سالمة إجراءات التأديب داخل املؤسسة السجنية‬
‫ثانيا ‪ :‬مراقبة سالمة إجراءات اإلكراه البدني‬
‫يع رف اإلكراه البدني ع ادة بكونه وسيلة الجبار املدين املتعنت عن اداء مبل غ مالي محكوم بع في مواجهته وذل ك عن‬
‫طريق الزج به في السجن وبذلك فهو وسيلة للضغط على املدين القادر على الوفاء‬
‫من بين املهام األساسية التي أسندها قانون املسطرة الجنائية الجديد لقاضي تطبيق العقوبات املوافقة املسبقة على‬
‫تطبيق مسطرة اإلكراه البدني قبل الشروع في إجراءاتها ‪,‬ألنه في ظل القانون القديم كانت النيابة العامة هي التي تقوم‬
‫بهده اإلجراءات وهدا ما نصت عليه املادة ‪ 640‬من ق‪.‬م‪.‬ج ‪. 1‬‬
‫ومن أهم الصالحيات املنوطة بقاضي تطبيق العقوبات في إطار مراقبة سالمة إجراءات اإلكراه البدني وتحديد مدته في‬
‫حق املدين املتضامن وذلك بمقتضى املادة ‪ 644‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬وما يالحظ على التعديالت األخيرة لنظام اإلكراه البدني في‬
‫إطار قانون املسطرة الجنائية دلك الطابع االستثنائي ملسطرة اإلكراه البدني والتي تبرز من خالل ‪:‬‬
‫أ– تقيي د مفع ول مس طرة اإلك راه الب دني باألحك ام البات ة الغ ير قابل ة ألي طري ق من ط رق الطعن عادي ا ك ان أو غ ير‬
‫عادي‪2 .‬‬
‫ب – ربط مسطرة اإلكراه البدني بمآل إجراءات التنفيذ على أموال املدين بمعنى ضرورة إدالء طالب اإلكراه بما يثبت‬
‫عدم إمكانية التنفيذ على أموال املدين تحت طائلة عدم املوافقة على طلب تطبيق اإلكراه البدني ‪.‬‬
‫ج – جعل إثبات العسر مانعا من تطبيق اإلكراه البدني بنص املادم ‪ 635‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫د – تخويل املدين فرصا اكبر لتفادي الخضوع ملسطرة اإلكراه البدني ‪ ,‬ودلك من خالل اشتراط مدة أطول في االندار‬
‫املوجه للمدين بالوفاء‪,‬بحيث أصبحت أكثر من شهر واحد‪,‬بعدما كانت في القانون القديم ال تتجاوز عشرة أيام (املادة‬
‫‪ 640‬من ق‪.‬م‪.‬ج )‬
‫‪ – /2‬تمتيع املدين بإمكانية إيقاف مفعول اإلكراه البدني باألداء الجزئي للدين ‪ ،‬مع االلتزام بأداء الباقي في تاريخ محدد‬
‫(املادة‪ 645‬منق‪.‬م‪.‬ج)‬
‫‪ /3‬تأجي ل تنفي ذ اإلك راه الب دني في ح ق املرأة الحام ل أو املرض عة‪,‬في ح دود س نتين من ت اريخ ال والدة (املادة ‪ 637‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج واملادة ‪ 77‬من مدونة تحصيل الديون العمومية[‪) ]18‬وهو ما يمثل بعدا إنسانيا مهما في إجراءات التنفيذ‪.‬‬
‫‪ / 4‬عدم جواز إكراه املدين من اجل نفس الدين(املادة ‪ 647‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‬
‫‪ / 5‬التخفيض من مدة اإلكراه بحيث أصبحت ال تتجاوز ‪ 15‬شهرا‪.3‬‬
‫‪ / 6‬تخفيض سن اإلعفاء من اإلكراه البدني إلى ‪ 60‬سنة بدل ‪ 65‬في القانون امللغى(املادة ‪ 636‬من ق‪.‬م‪.‬ج)ويمكن تحديد‬
‫مدة اإلكراه املعمول بها حاليا ‪،‬تطبيقا للمادة ‪638‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫‪ 1‬ال ي أمر وكي ل املل ك أع وان الق وة العمومي ة بإلق اء القبض على الش خص املطل وب تط بيق اإلك راه الب دني في حق ه إال بع د ص دور ق رار‬
‫باملوافقة على ذلك عن قاضي تطبيق العقوبات مع مراعاة مقتضيات املادة ‪ 641‬بعده‪.‬‬
‫‪ 2‬فقد نصت املادة ‪ 598‬فق ‪ 2‬من قانون املسطرة الجنائية على انه ’’ ال يجوز تطبيق اإلكراه البدني إال اذا اكتسب املقرر املذكور قوة الشيء‬
‫املقضي به’’ وهو ما أكدته أيضا الفقرة األخيرة من املادة ‪ 415‬من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬
‫)‬
‫‪(3‬املادة ‪ 638‬من ق‪.‬م‪.‬ج )في حين كانت في القانون القديم تصل إلى حدود سنتين (املادة ‪ 678‬من ق‪.‬م‪.‬ج امللغى‬

‫ثالتا ‪ :‬حق إقتراح العفو واإلفراج املقيد بشروط‬


‫يقوم قاضي تنفيذ العقوبات في إطار اختصاصاته امليدانية‪ ،‬بتقديم اقتراحاته بخصوص اإلفراج الشرطي وفقا للشروط املحددة‬
‫في املادة ‪ 622‬من قانون املسطرة الجنائية‪،‬حيث ينظر على ضوء امللف املتعل ق بالسجين في مدى توفرشروط السراح‪ ،‬بما فيها‬
‫ً‬
‫التحق ق من أن الس جين ب رهن من خالل س يرته‪ ،‬داخ ل الس جن عن ارتداع ه أو إذا ظه ر س راحه مفي دا للمجتم ع‪ ،‬غ ير أن ه ذا‬
‫االق تراح ينبغي أن ينس جم م ع املقتض يات القانوني ة املنظم ة للموض وع إذ فض ال عن تحس ن س لوك املحك وم علي ه وبرهنته على‬
‫ذلك من خالل سيرته داخل املؤسسة التي ينفذ بها العقوبة‪ ،‬ينبغي أن تحترم باقي الشروط املنصوص عليها في الفصل ‪ 622‬من‬
‫قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬وان سلطة اقتراح تمتيع املحكوم عليه باإلفراج الشرطي هي سلطة تقديرية‪ ،‬وهو ما يفرض بالضرورة‬
‫عدم تجاوزها للنص القانوني من خالل ما يفرضه من شروط ‪ ،‬كما يقدم قاضي تطبيق العقوبات إقتراحه بخصوص العفو‪،‬‬
‫كوسيلة من وسائل انقضاء العقوبة فهناك العفو الشامل تستقل باتخاذه السلطة التشريعية ‪،‬من أجل تعطيل النفاد القانوني‬
‫لبعض النص وص الزجري ة ‪،‬بخص وص يعض الج رائم ال تي ارتكبت في ظ روف معين ة أو ف ترة زمني ة مح ددة ‪ ،‬وبالت الي وض ع ح د‬
‫لسلطة املتابعة والحكم والتنفيذ في الجانب املرتبط بالحق العام‪ ،‬ودون املساس بحقوق الغير(الفصل ‪ 59‬من ق‪.‬ج ‪،‬واملادة ‪596‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬ج)‪،‬اما العفو الخاص فيصدر عن امللك‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫يتضح من املهام التي أوكلها املشرع املغربي لقاضي تطبيق العقوبات في قانون املسطرة أنها اختصاصات إدارية بحتة تنعدم فيها‬
‫سلطة القاضي في اتحاد القرار والتدخل لتعديل العقوبة و تفرديها‪.‬وبالتالي فان مهمته تبقى مقيدة ومحصورة بشكل عام في‬
‫اإلشراف على تنفيذ العقوبة واملراقبة واالقتراح واإلكتفاء بتطبيق عقوبة اإلكراه البدني دون غيرها من العقوبات األخرى‪.‬‬

You might also like