You are on page 1of 128

‫المنبر النبوي الشريف‬

‫============================‬

‫‪1‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫المنبر النبوي الشريف‬

‫د‪ .‬نزار محمود قاسم الشيخ‬

‫دكتوراه فقه مقارن – باحث في السيرة‬


‫النبوية‬

‫‪2‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫تنبيه‬
‫هذه النسخة إلكترونية غير مدعمة بالصور‪ ،‬والنسخة‬
‫المدعمة بالصور طبعت ولله الحمد‪ ،‬وكانت بعنوان‬
‫"الدر الثمين في فضائل منبر النبي األمين صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم"‬

‫‪3‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫بِطَْي بَةَ َر ْس ٌم لِ َّ‬


‫لر ُس ِ‬
‫ول َوَم ْع َه ُد‬
‫وم َوتَ ْه ُم ُد‬ ‫ُمنِ ٌير َوقَ ْد تَ ْع ُفو َّ‬
‫الر ُس ُ‬
‫ات ِم ْن َدا ِر ُح ْرَم ٍة‬ ‫َوََل تَ ْمتَ ِحي ْاْليَ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫بِ َها م ْن بَ ُر ال َْهادي الَّذي َكا َن يَ ْ‬
‫ص َع ُد‬
‫حسان بن ثابت رضي الله عنه‬

‫‪4‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫مقدمة‬
‫الحمد لله الذي شرف العالمين ببعثة سيد المرسلين‪،‬‬
‫محمد األمين صلى الله عليه وعلى سائر األنبياء والمرسلين‪،‬‬
‫ين (‪})701‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫فقال تعالى‪{ :‬وما أَرسْلنَ َ ِ‬
‫اك إَّل َر ْح َمةً لْل َعالَم َ‬ ‫ََ ْ َ‬
‫تشرفت برسالته جميع العوالم‪ ،‬من مالئكة وإنس‬ ‫ْ‬ ‫[األنبياء]‪ ،‬لقد‬
‫وجن وحيوان وجماد‪ ،..‬وخص بالرحمة الربانية َم ْن آمن به‪،‬‬
‫واتبع هداه‪ ،‬وخدم شرعه‪.‬‬
‫فكان من عظيم قدره صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند‬
‫الله تعالى أنه ما ِم ْن مخلوق قدم خدمة لهذا النبي الكريم صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم إَّل خص بمزيد من اإلكرام‪ ،‬واَّلحترام‪.‬‬
‫فكانت الروضة الشريفة في المسجد النبوي من أعظم‬ ‫ِ‬
‫بقاع الدنيا وأجلِها في الدنيا واآلخرة‪ ،‬لِما حظيت به من كثرة‬
‫ممشاه صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكثرة صالته فيها‪ ،‬وصالة‬

‫‪5‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫صحابته رضوان الله عليهم أجمعين‪ ،‬ومنها انطلق العلم‬
‫واإليمان‪ ،‬ومنها انطلقت الجيوش والسرايا‪ ،‬وفيها تنزل القرآن‪.‬‬
‫وأعظم من هذه الروضة تلك البقعة التي تشرفت بجسد‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فهي أعظم المخلوقات‬
‫على اإلطالق‪ ،‬ذكر اإلمام البهوتي الحنبلي رحمه الله تعالى‪:‬‬
‫((أن الكعبةَ أفضل من مجرد الحجرة‪ ،‬فأما والنبي صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم فيها فال والله وَّل العرش وحملته والجنة؛‬
‫ألن بالحجرة جسداً لو وزن به لرجح))(‪.)7‬‬
‫ويقول السمهودي علي بن عبد الله الحسني الشافعي‬
‫(المتوفى‪177 :‬هـ)‪(( :‬قد انعقد اإلجماع على تفضيل ما ضم‬
‫األعضاء الشريفة‪ ،‬حتى على الكعبة المنيفة‪ ..،‬وحكاية‬
‫اإلجماع على تفضيل ما ضم األعضاء الشريفة نقله القاضي‬
‫عياض‪ ،‬وكذا القاضي أبو الوليد الباجي قبله‪ ..،‬بل نقل التاج‬

‫(‪ )1‬شرح منتهى اإلرادات (دقائق أولي النهى لشرح المنتهى) (‪.)865 /1‬‬

‫‪6‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫السبكي عن ابن عقيل الحنبلي أن تلك البقعة أفضل من‬
‫العرش‪.)7())..‬‬
‫ألجل ما سبق أحببت الكتابة في شيء يتعلق بجناب‬
‫المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم والذي حظي بعنايته‪،‬‬
‫أَّل وهو المنبر النبوي الشريف‪ ،‬فلعلي أحظى بأفضل مما حظي‬
‫به ذلك المنبر ِ‬
‫بمن الله تعالى وفضله وكرمه‪.‬‬
‫وأكبر غاية لهذا البحث بيان مساحة هذا المنبر؛ ألن‬
‫تقدير مقاسات المنبر النبوي لم تحظ بدراسة شافية كافية‬
‫حسب مقاييس اليوم‪ ،‬حتى يتم تجسيد فكرة المنبر النبوي في‬
‫أذهان الناس لبيان فضل هذا المنبر‪ ،‬سائالً المولى أن يجمعنا‬
‫به وبصاحبه صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم القيامة‪.‬‬
‫وأخيراً تكلل الفضل اإللهي علي بعمل منبر يحاكي منبر‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفق ما وصل إليه البحث‬
‫واَّلجتهاد‪ ،‬فإن وافق الحق فهو كرم من الله تعالى‪ ،‬وإن فاتني‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)11 /1‬‬

‫‪7‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫التوفيق في بعضه فهو مني وأستغفر الله تعالى أن أنسب لنبيه‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما ليس عنه‪.‬‬
‫وهذا المنبر الذي توصلت إلى صنعه هو أول منبر من‬
‫نوعه يحاكي منبر النبر النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فال أعرف‬
‫أحداً اهتم بصناعته على الشكل الذي وصلت إليه من تحويل‬
‫جميع مقاساته القديمة من ذراع وشبر وأصبع إلى وحدات‬
‫الطول الحديثة كالمتر والسنتيمتر‪ ،‬فحددت جميع مساحته‬
‫وأبعاده بهذه المقاييس‪ ،‬وقد صنعته أيضاً من خشب شجر‬
‫األثل‪ ،‬فلله الحمد والشكر‪.‬‬
‫فجاء البحث في عناوين وهي‪:‬‬
‫‪ .7‬فضل المنبر النبوي الشريف وتاريخ صنعه‪.‬‬
‫‪ .2‬رسالة منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫في الدعوة إلى الله تعالى‪.‬‬
‫‪ .3‬مجلس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل‬
‫المنبر‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ .4‬حنين الجذع لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم عند الفراق‪.‬‬
‫‪ .5‬اليوم الذي خار فيه جذع النخلة ومعنى الحنين‪.‬‬
‫‪ .6‬مكان الجذع الذي حن لرسول الله صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم ومصيره‪.‬‬
‫‪ .1‬نوع خشب منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪.‬‬
‫‪ .8‬معنى األثل‪.‬‬
‫‪ .1‬المكان الذي أخ َذ منه خشب المنبر‪.‬‬
‫‪ .70‬صانع المنبر النبوي الشريف‬
‫‪ .77‬عدد درجات المنبر النبوي‪.‬‬
‫‪ .72‬اهتمام مجتمع المدينة المنورة بصناعة المنبر‬
‫النبوي الشريف‪.‬‬
‫‪ .73‬التقانة في صناعة المنبر النبوي الشريف‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ .74‬المنبر النبوي الشريف بعد النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم عبر العصور‪.‬‬
‫‪ .75‬بعض األحكام والخصائص التي تعنى بالمنبر‬
‫النبوي الشريف‪.‬‬
‫‪ .76‬مساحة المنبر النبوي الشريف‪.‬‬
‫‪ ‬الخاتمة‪ :‬وفيها عرضت التطبيق العملي لعمل المنبر النبوي‪.‬‬

‫وكان اَّلنتهاء من تأليف هذا الكتاب في شهر رجب‬


‫الحرام من عام‪7447‬هــ‪.‬‬
‫د‪ .‬نزار محمود قاسم الشيخ‬
‫غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولبيت َح َماه ولجميع‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫كانت هناك شجرة أثلة شاردة في غابة المدينة المنورة‪،‬‬


‫لو مر بها إنسان لم يشت ِرها بدراهم معدودة‪ ،‬توجهت العناية‬
‫اإللهية لتلك األثلة‪ ،‬فحملها صحابي لعمل منبر يرتاح به جسد‬
‫نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬اعتزت تلك األثلة على‬
‫ك ِذ ْكَرَك‬
‫صويحباتها‪َّ ،‬لقترانها بقول من قال له تعالى‪َ { :‬وَرفَـ ْعنَا لَ َ‬
‫(‪[ })4‬الشرح]‪ ،‬فكبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫وكبر الصحابة بتكبيره فرحاً بقدوم تلك الخشبات‪ ،‬بعد تحويلها‬
‫إلى ثالث درجات يصعد عليهن النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬ويجلس على الثالثة‪ ،‬لم تتسع الدنيا لتلك الخشبات‬
‫فرحاً بما حصل لهن من الشرف‪ ،‬بل امتدت فرحتهن لآلخرة‬
‫في إكرام الله تعالى في مرافقة نبيها صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم على حوضه وفي الجنة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫روى البخاري ومسلم _واللفظ له_ عن أَبِي َحا ِزٍم بن‬
‫دينار رحمه الله تعالى أن نفراً جاؤوا إلى سهل بن سعد‬
‫أي عود‬ ‫المْنبر من ِ‬ ‫الساعدي رضي الله عنه‪ ،‬قد تماروا(‪ )7‬في ِ‬
‫ود ه َو‪َ ،‬وَم ْن َع ِملَه‪،‬‬ ‫َي ع ٍ‬ ‫الله إِنِي َأل َْع ِرف ِم ْن أ ِ‬
‫هو؟ فقال‪ :‬أَما و ِ‬
‫َ َ‬
‫س‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ج‬ ‫م‬‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أَو َل يـوٍ‬ ‫ول ِ‬ ‫َوَرأَيْت َرس َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ال‪ :‬أ َْر َس َل َرسول‬ ‫اس‪ ،‬فَ َح ِدثْـنَا‪ ،‬قَ َ‬
‫ال فَـق ْلت لَه‪ :‬يَا أَبَا َعب ٍ‬ ‫َعلَْي ِه‪ ،‬قَ َ‬
‫ال أَبو َحا ِزٍم‪:‬‬ ‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إِلَى ْامَرأَةٍ ‪ -‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ك النج َار‪ ،‬يـَ ْع َم ْل لِي أ َْع َو ًادا‬ ‫إِنه لَيس ِميـها يـومئِ ٍذ – ((انْظ ِري غ َالم ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َْ َ‬
‫ات‪ ،‬ثم أ ََمَر بِ َها‬ ‫ث درج ٍ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫أ َكلِ‬
‫اس َعلَْيـ َها)) فَـ َعم َل َهذه الث َال َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫الن‬ ‫م‬
‫ِ‬
‫ت َه َذا‬ ‫َرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فَـو ِض َع ْ‬
‫الله صلى‬ ‫ول ِ‬ ‫الْ َم ْو ِض َع‪ ،‬فَ ِه َي ِم ْن طَْرفَ ِاء الْغَابَِة‪َ ،‬ولَ َق ْد َرأَيْت َرس َ‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم قَ َام َعلَْي ِه فَ َكبـَر َوَكبـَر الناس َوَراءَه‪َ ،‬وه َو‬
‫َص ِل الْ ِمْنـبَ ِر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعلَى الْمْنـبَ ِر‪ ،‬ثم َرفَ َع فَـنَـَزَل الْ َق ْه َقَرى َحتى َس َج َد في أ ْ‬
‫ال‪:‬‬ ‫اس فَـ َق َ‬ ‫ص َالتِِه‪ ،‬ثم أَقْـبَل َعلَى الن ِ‬ ‫ثم عاد‪ ،‬حتى فَـر َ ِ ِ‬
‫غ م ْن آخ ِر َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫َ‬
‫(‪ )1‬تماروا في المنبر‪ :‬أي اختلفوا وتنازعوا‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫صنَـ ْعت َه َذا لِتَأْتَ ُّموا بِي‪َ ،‬ولِتَـ َعلموا‬ ‫ِ‬
‫((يَا أَيـُّ َها الناس إِني َ‬
‫ص َالتِي))(‪.)7‬‬ ‫َ‬
‫ومن تلك الساعة وهي في السنة الثامنة للهجرة(‪ ،)2‬وقيل‬
‫في السابعة كان المنبر النبوي الشريف منارة علم يجلس عليه‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للخطب والمواعظ‪.‬‬
‫وقد دل الحديث السابق على استحباب ارتفاع صالة‬
‫اإلمام على المأمومين للتعليم‪ ،‬وبدون تلك الحاجة ُّ‬
‫يعد‬
‫مكروهاً(‪.)3‬‬

‫كان منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منبر‬
‫الحضارات التي ارتقت إلى أعلى مراتب اإلنسانية‪ ،‬جمع فيه‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،445‬صحيح مسلم رقم‪.44‬‬


‫(‪ )2‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص‪.)272 :‬‬
‫(‪ )1‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري (‪.)104 /4‬‬

‫‪13‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫بين العملي والنظري؛ فكان أول ٍ‬
‫عمل بينه النبي صلى الله وسلم‬
‫الناس أمور دينهم‪ ،‬كما مر‬ ‫ِ‬
‫ومثله هو أعمال الصالة‪ ،‬حتى يعل َم َ‬
‫في الحديث السابق‪.‬‬
‫لم يقتصر عمل المنبر على خطب الجمع‪ ،‬بل كان منارة‬
‫لتعليم الناس كل ما يصلح من أمور دينهم ودنياهم‪ ،‬ولربما‬
‫ث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليه الناس طيلة‬‫حد َ‬
‫اليوم حرصاً منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم على نجاة أمته‬
‫من فتنة الدنيا وعذاب اآلخرة؛ كما روى مسلم عن عمرو بن‬
‫صلى بِنَا َرسول الل ِه صلى الله‬ ‫أخطب رضي الله عنه أنه قال‪َ :‬‬
‫ت‬‫عليه وعلى آله وسلم الْ َفجر وصعِ َد الْ ِمْنـبـر فَخطَبـنَا حتى حضر ِ‬
‫ََ َ َ َ َ ََ‬ ‫َْ َ َ‬
‫ت‬‫الظُّهر‪ ،‬فَـنَـزَل فَصلى‪ ،‬ثم صعِ َد الْ ِمْنـبـر فَخطَبـنَا حتى حضر ِ‬
‫ََ َ َ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ت‬‫الْعصر‪ ،‬ثم نـَزَل فَصلى‪ ،‬ثم صعِ َد الْ ِمْنـبـر فَخطَبـنَا حتى َغرب ِ‬
‫َ َ َ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬
‫َخبَـَرنَا بِ َما َكا َن َوبِ َما ه َو َكائ ٌن فَأ َْعلَمنَا أ ْ‬
‫َح َفظنَا(‪.)7‬‬ ‫الش ْمس‪ ،‬فَأ ْ‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم رقم‪.7442‬‬

‫‪14‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وعلى هذا المنبر كان استقبال النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم صحابته إذا قدموا من سفر‪ ،‬كما روى ابن ماجه رحمه‬
‫الحارث ب ِن حسا َن رضي الله عنه أنه قال‪ :‬قَ ِد ْمت‬ ‫ِ‬ ‫الله عن‬
‫صلى الله َعلَْي ِه َو َسل َم قَائِ ًما َعلَى الْ ِمْنـبَ ِر‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الْ َمدينَةَ فَـَرأَيْت النبِي َ‬
‫وأول خطبة خطبها صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول وصوله المدينة المنورة‬
‫كانت في بني سالم بن عوف في مسجد الجمعة قريباً من مسجد قباء‪،‬‬
‫وقد رواها ابن جرير وغيره‪ ،‬ولكن لم يكن المنبر قد صنع له‪.‬‬
‫عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي رحمه الله تعالى‪ ،‬أنه بلغه عن خطبة رسول‬
‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أول جمعة صالها بالمدينة في بني‬
‫ْح ْم ُد‬
‫سالم بن عوف‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال‪(( :‬ال َ‬
‫ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِلَّ ِه‪ ،‬أَحم ُدهُ وأَست ِعينُه‪ ،‬وأ ِ‬
‫ادي‬ ‫َستَ ْه ِد ِيه‪َ ،‬وأُؤم ُن بِ ِه َوَل أَ ْك ُف ُرهُ‪َ ،‬وأ َ‬
‫َستَ ْغف ُرهُ َوأ ْ‬
‫ْ َ َ َْ ُ َ ْ‬
‫َن ُم َح َّم ًدا َعْب ُد ُه‬ ‫َم ْن يَ ْك ُف ُرهُ‪َ ،‬وأَ ْش َه ُد أَ ْن َل إِلَ َه إَِل اللَّهُ َو ْح َدهُ َل َش ِر َ‬
‫يك لَهُ‪َ ،‬وأ َّ‬
‫الر ُس ِل‪َ ،‬وقِلَّ ٍة ِم َن‬
‫َوَر ُسولُهُ‪ ،‬أ َْر َسلَهُ بِال ُْه َدى َوالنُّوِر َوال َْم ْو ِعظَ ِة‪َ ،‬علَى فَ ْت َرةٍ ِم َن ُّ‬
‫ب‬ ‫اع ِة‪َ ،‬وقُ ْر ٍ‬ ‫ان‪َ ،‬و ُدنُ ٍو ِم َن َّ‬
‫الس َ‬ ‫الزم ِ‬ ‫ضاللَ ٍة ِمن الن ِ ِ ِ‬
‫َّاس‪َ ،‬وانْقطَ ٍاع م َن َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ال ِْعل ِْم‪َ ،‬و َ‬
‫َ‪،‬‬ ‫ص ِه َما فَ َق ْد غَ َوى َوفَ َّر َ‬ ‫ِمن األَج ِل‪ ،‬من ي ِط ِع اللَّهَ ورسولَهُ فَ َق ْد ر َش َد‪ ،‬ومن ي ْع ِ‬
‫َ ََ ْ َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ َ َْ ُ‬
‫صى بِ ِه ال ُْم ْسلِ ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضالَل بَعي ًدا‪َ ،‬وأُوصي ُك ْم بِتَ ْق َوى اللَّه‪ ،‬فَِإنَّهُ َخْي ُر َما أ َْو َ‬ ‫ض َّل َ‬ ‫َو َ‬
‫اْلخ َرةِ‪ ))..،‬تاريخ الطبري (‪ ،)124 /2‬السيرة‬ ‫الْمسلِم أَ ْن يحضَّه علَى ِ‬
‫ُ ْ َ َُ ُ َ‬
‫النبوية َلبن كثير (‪.)101 /2‬‬

‫‪15‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫َوبِ َال ٌل قَائٌِم بـَْي َن يَ َديِْه متَـ َقلِ ٌد َسْيـ ًفا‪َ ،‬وإِ َذا َرايَةٌ َس ْوَداء‪ ،‬فَـقلْت‪َ :‬م ْن‬
‫اص‪ ،‬قَ ِد َم ِم ْن َغَزاةٍ(‪.)7‬‬
‫َه َذا؟ قَالوا‪َ :‬ه َذا َع ْمرو بْن الْ َع ِ‬
‫وآخر وصية للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على‬
‫المنبر كانت باألنصار واإلحسان إليهم‪ ،‬قبيل وفاته صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬كما روى البخاري والبيهقي واللفظ له‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال‪َ :‬مر أَبو بَ ْك ٍر َوالْ َعباس‬
‫صا ِر َوه ْم يـَْبكو َن‬ ‫س األَنْ َ‬ ‫س ِم ْن َم َجالِ ِ‬ ‫َر ِضي الله َعْنـه َما بِ َم ْجلِ ٍ‬
‫ال‪َ :‬ما يـْبكِيك ْم قَالوا‪َ :‬م ْجلِسنَا ِم َن النبِي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫فَـ َق َ‬
‫فَ َد َخ َل أَبو بَ ْك ٍر َر ِض َى الله َعْنه َعلَى النبِي صلى الله عليه وسلم‬
‫صعِ َد الْ ِمْنـبَـَر‪،‬‬ ‫ِِ ٍ‬
‫ب َرأْ َسه بِ َحاشيَة ثـَ ْوب‪ ،‬فَ َ‬ ‫صَ‬ ‫َخبَـَره‪ ،‬فَ َخَر َج َوقَ ْد َع َ‬ ‫فَأ ْ‬
‫ال‪:‬‬‫ك‪ ،‬فَ َح ِم َد اللهَ َوأَثْـنَى َعلَْي ِه‪ ،‬ثمَ قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ص َع ْد بـَ ْع َد ذَل َ‬ ‫َولَ ْم يَ ْ‬
‫ضوا ال ِذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صا ِر فَِإنـه ْم َك ِرشي َو َعْيـبَتي‪َ ،‬وقَ ْد قَ َ‬ ‫((أوصيك ْم بِاألَنْ َ‬
‫ِ‬

‫(‪ )1‬سنن ابن ماجه رقم‪.2516‬‬

‫‪16‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫قي ال ِذي لَه ْم‪ ،‬فَاقْـبَـلوا ِم ْن م ْح ِسنِ ِه ْم َوتَ َج َاوزوا َع ْن‬ ‫ِ‬
‫َعلَْيه ْم‪َ ،‬وبَ َ‬
‫م ِسيئِ ِه ْم))(‪.)7‬‬
‫وتتوالى المنابر بعد منبر النبي صلى الله عليه وسلم ِ‬
‫تأسياً‬
‫به فخرج من بعده أكثر من أربعة ماليين منبر في العالم‬
‫اإلسالمي اليوم‪ ،‬فكانت تلك المنابر فوق جميع المنابر األخرى‬
‫حساً ومعنى‪ ،‬فهي آمرة َّل مأمورة‪ ،‬قائدة َّل مقودة‪ ،‬متبوعة َّل‬
‫تابعة‪ ،‬وكل من عبث برسالتها أذله الله تعالى‪ ،‬فهي عزيزة‬
‫متمكنة‪ ،‬فيها نور النبوة يسري بين القلوب‪ ،‬وفيها مغنطيس‬
‫اَّلنجذاب نحو المنابر‪ ،‬فبها تطيب قلوب المؤمنين وتزداد‬
‫علماً‪ ،‬ومنها انطلقت الكثير من الفتوحات واَّلنتصارات‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،2855‬السنن الكبرى رقم‪.11217‬‬


‫قوله ( كرشي وعيبتي) الكرش للحيوان المجتر بمنزلة المعدة لإلنسان والعيبة‬
‫مستودع الثياب‪ ،‬والمعنى إنهم بطانتي وخاصتي وموضع سري وأمانتي‪.‬‬
‫وقوله (قضوا الذي عليهم) أي أدوا ما عاهدوا عليه من النصرة وغيرها‪،‬‬
‫وقوله (بقي الذي لهم) وهو تكريمهم وتكريم ذريتهم ثم دخولهم الجنة يوم‬
‫القيامة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫فالمنبر الحي المحيي هو الذي يعلِم الناس الكتاب‬
‫والحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬ويحولهم من عبيد إلى سادة‪ ،‬ومن‬
‫رعاة إلى قادة‪..‬‬
‫فمهمة المنبر زرع روح اإلسالم الذي يجمع وَّل يفرق‪،‬‬
‫ويبني وَّل يهدم ويداوي وَّل يجرح‪ ،‬ويجعل تاريخ األمة حاضراً‪،‬‬
‫لذلك كانت قلوب األمة معلقة بأهل المنابر‪ ،‬حتى يتبعوهم‪،‬‬
‫واألمة فطرت بأن َّل تتبع إَّل رجال المنابر‪.‬‬
‫والقوة المخزنة بأهل المنابر مهما كانوا فقراء محرومين‪،‬‬
‫تهز أمة بكاملها‪ ،‬والمهم أن يكونوا عشاقاً للمنهج والدور الذي‬
‫أوكلهم الله تعالى به‪ ،‬وهذا العز بن عبد السالم رحمه الله تعالى‬
‫هاجر من دمشق للقاهرة هو وزوجته ومتاعهم على حمار واحد‪،‬‬
‫فهز دمشق‪ ،‬وليس في بيته ما يكفيه مؤونة شهر‪ ،‬وجاء يوم زلزل‬
‫القاهرة وباع أمراءَها‪ ،‬ألنه ما كان متربحاً وَّل مسترزقاً من المنبر‪،‬‬
‫ولكنه كان عاشقاً للتكليف‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫واألسرار المخزنة بأهل المنابر‪ ،‬تتغلغل في قلوب الناس حباً‬


‫ووداً وسمعاً وطاعة‪ ،‬ومن ربانيتهم يحولون الحداد والنجار إلى‬
‫داعية رباني‪ ،‬ولقد حولوا التجار إلى رسل عن الدين اإلسالمي‬
‫إلى جنوب شرق آسيا‪ ،‬وأواسط أفريقية‪ ،‬وإلى منغوليا عند‬
‫مطلع الشمس‪( .‬بتصرف من كلمة للدكتور إبراهيم محمد العنزاوي حول‬
‫المنابر)‪.‬‬

‫لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول‬
‫وصوله المدينة المنورة منبر يخطب عليه‪ ،‬فكان يقف للناس إذا‬
‫خطب الجمعة‪ ،‬فلما شق عليه القيام تساند إلى جذع نخلة‬
‫_أو جذع َد ْوم_ من طرف ظهره أو يده‪ ،‬وكان مكان هذا‬
‫الجذع في يسار األسطوانة المخلقة(‪ )7‬بين هذه األسطوانة وبين‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)6 /2‬‬

‫‪19‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫المنبر‪ ،‬واألسطوانة المخلقة كانت أمام مصلى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم كما سيأتي(‪ ،)7‬وقد يفهم من بعض‬
‫الروايات أن الجذع كان قصيراً‪ ،‬والراجح أنه كان سارية كبيرة‬
‫يقع بجانب السارية المخلقة‪ ،‬كما فهمه الباحث من الجمع‬
‫بين الروايات‪.‬‬

‫الم َخ َّلقة‪ :‬وتعرف باألسطوانة "المطيبة" و"المعطرة"‪ ،‬وتعرف أيضاً‬


‫واألسطوانة ُ‬
‫"بعلَم المصلى" أي أنها َعلَم على مصلى النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫َ‬
‫بالم َخلَّقة للعطر الذي كانت تدهن به‪ ،‬والخلوق يعني‬
‫وسميت ُ‬ ‫وسلم‪ُ ،‬‬
‫الطيب‪ ،‬وأسطوانة عائشة أيضاً تسمى بالمخلقة‪ ،‬لكن إذا أطلقت المخلقة‬
‫فال يراد بها إَل التي هي علم المصلى‪ ،‬وهي على يمين وفي خلف المحراب‬
‫النبوي اليوم للخارج من الروضة‪.‬‬
‫(‪ )1‬يراجع الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص‪ .)28 :‬وروى الدارمي عن بريدة‬
‫صلى الله عليه‬ ‫بن الحصيب األسلمي رضي الله عنه أنه قال‪َ :‬كا َن النَّبِ ُّي َ‬
‫ش ُّق َعلَْي ِه قِيَ ُامهُ‪ ،‬فَأُتِ َي بِ ِج ْذ ِع‬‫ام‪ ،‬فَ َكا َن يَ ُ‬ ‫وسلم إِ َذا َخطَب قَام فَأَطَ َ ِ‬
‫ال الْقيَ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فَ َكا َن‬ ‫يم إِلَى َجْنبِه قَائ ًما للنَّبِ ِي َ‬
‫نَ ْخلَة فَ ُحف َر لَهُ‪َ ،‬وأُق َ‬
‫استَ نَ َد إِلَْي ِه فَاتَّ َكأَ‬ ‫ِ‬
‫ام َعلَْيه‪ْ ،‬‬
‫النَّبِ ُّي صلى الله عليه وسلم إِذَا َخطَب فَطَ َ ِ‬
‫ال الْقيَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َعلَْي ِه‪ ..،‬سنن الدارمي رقم‪.18‬‬

‫‪21‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وأما إذا أراد صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحديث للناس‬
‫فكان يجلس على األرض تواضعاً‪ ،‬حتى أن الداخل الغريب إذا‬
‫دخل مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يعرفه‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لشدة قربهم منه صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬فبنوا لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫َي‪ِ :‬دكةً مسطحة من طين ومرتفعة عن األرض‪ ،‬يجلس‬ ‫دكانًا أ ْ‬
‫عليها إذا أراد الحديث للناس‪ ،‬فيعرفه الداخل‪ ،‬وكان يوضع‬
‫عليها البساط والصحابة رضوان الله تعالى عليهم يتحلقون من‬
‫حولها‪ ،‬وكانت تتسع لشخصين‪ ،‬وعلى هذه ِ‬
‫الدكة جالس‬
‫جبريل عليه السالم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلمه‬
‫أعظم حديث في شرائع الدين‪ ،‬كما في رواية أبي داود وغيره‬
‫رحمه الله تعالى(‪.)7‬‬
‫وقد ظن بعض أهل السيرة أن هذه الدكة كانت منبراً عمل‬
‫من طين وليس كما قيل‪ ،‬لِما مر من حديث سهل بن سعد‬

‫(‪ )1‬سنن أبي داود رقم‪.4625‬‬

‫‪21‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫الساعدي السابق فهو يفيد بأن المنبر الذي اتخذه صلى الله‬
‫ضعه في مسجده كان هو المنبر‬ ‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ثم َو َ‬
‫األول‪.‬‬
‫روى أبو داود والنسائي وغيرهما عن أبي هريرة‪ ،‬وأبي ذر‬
‫الله صلى الله عليه‬ ‫رضي الله عنهما‪ ،‬أنهما قاَّل‪َ :‬كا َن رسول ِ‬
‫َ‬
‫َص َحابِِه‪ ،‬فَـيَ ِجيء الْغَ ِريب‬ ‫ِ‬
‫وعلى آله وسلم يَ ْجلس بـَْي َن ظَ ْهَرانَ ْي أ ْ‬
‫ول الل ِه صلى الله‬ ‫فَ َال ي ْد ِري أَيـُّهم هو حتى يسأ ََل‪ ،‬فَطَلَبـنَا إِلَى رس ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َْ‬ ‫َ‬
‫عليه وعلى آله وسلم أَ ْن نَ ْج َع َل لَه َم ْجلِ ًسا‪ ،‬فَـيَـ ْع ِرفه الْغَ ِريب إِ َذا‬
‫أَتَاه‪ ،‬فَـبَـنَـْيـنَا لَه دكانًا ِم ْن ِطي ٍن‪ ،‬فَ َكا َن يَ ْجلِس َعلَْي ِه‪َ ،‬وكنا نَ ْجلِس‬
‫بِ َجانِبَـيْ ِه ِس َماطَْي ِن(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬سنن أبي داود رقم‪ ،4625‬سنن النسائي رقم‪.8541‬‬


‫قوله‪ِ :‬سماطَْين‪ ،‬أي صفين من الرجال‪ ،‬متحلقين حوله صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ولم أقف على تحديد موضع هذه الدكة وفي الغالب أنها‬
‫كانت على يمين موضع مصاله صلى الله عليه وسلم عند‬
‫السارية الم َخلقة‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫تنبيه‪َ :‬علَم ِ‬
‫العود الذي في مصلى النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫إن من أظهر عالمات مصلى النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم أمام األسطوانة المخلقة ذلك العود الذي كان مغروزاً‬
‫بجانبها‪ ،‬ونموذجه ما زال إلى اليوم موجوداً‪ ،‬فقد غرز في‬
‫الجدار الذي بجانب األسطوانة المخلقة‪ ،‬وكان العود من شجر‬
‫الطرفاء أو األثل‪.‬‬
‫وكان صلى الله عليه وعلى آله يضع يده اليمنى الشريفة‬
‫عليه حينما يقول للناس استووا للصالة‪ ،‬وهذا العود ما زال‬
‫نموذجه موجوداً أمام األسطوانة المخلقة ومسامتاً لها غير‬
‫مالصق لها‪ ،‬وهو اآلن مصنوع من معدن ومذهب‪.‬‬
‫روى السمهودي رحمه الله تعالى عن محمد بن مسلم بن‬
‫السائب أنه جلس إلى أنس بن مالك رضي الله عنه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫تدري لم صنِع هذا العود؟ وما أسأله عنه‪ ،‬فقلت‪َّ :‬ل و ِ‬
‫الله ما‬ ‫َ‬

‫‪24‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫نع‪ ،‬فقال أنس‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬ ‫أدري َلم ص َ‬
‫((استَـووا َو َع ِدلوا‬
‫وسلم يضع عليه يمينه‪ ،‬ثم يلتفت إلينا فيقول‪ْ :‬‬
‫صفوفَك ْم)) (‪.)7‬‬
‫وروى ابن زبالة عن عمرو بن مسلم قال‪ :‬كان النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم حين أسن قد جعل له العود الذي في المقام‪ ،‬وإذا‬
‫قام في الصالة توكأ عليه‪ ،‬قال‪ :‬ثم ألصق إليه عود معه (‪.)2‬‬

‫ومما يدل على حرص الصحابة رضوان الله عليهم على‬


‫آثار النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ما ذكر عن أنس بن‬
‫مالك رضي الله عنه أنه قال‪ :‬لما سرق العود الذي كان في‬
‫المحراب فلم يجده أبو بكر حتى وجده عمر رضي الله عنهما‬
‫عند رجل من األنصار بقباء‪ ،‬قد دفِن في األرض أكلته األرضة‪،‬‬
‫فأخ َذ له عوداً‪ ،‬فشقه فأدخله فيه‪ ،‬ثم شعبه [أي أصلحه]‪ ،‬فرده‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪ ،)252 /1‬وهذا الحديث رواه أبو‬
‫داوود في سننه رقم‪.662‬‬
‫(‪ )2‬أخبار المدينة (ص‪.)54 :‬‬

‫‪25‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫في الجدار‪ ،‬وهو العود الذي وضعه عمر بن عبد العزيز رحمه‬
‫الله في القبلة‪ ،‬وهو الذي في المحراب اليوم باق فيه(‪.)7‬‬
‫وقد ذكر ابن النجار رحمه الله تعالى أن العود كان في‬
‫يمين القبلة وأنه كان من طرفاء الغابة(‪.)2‬‬
‫وفي تقديري أن طول هذا العود كان نحو ‪160‬سم‪،‬‬
‫ومغروز في الجدار بزاوية ‪48‬درجة‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫حنين الجذع على ترك استناد النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم عليه وبسبب ترك مالمسته له‪ ،‬هو من أشهر‬
‫المعجزات التي شاهدها الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬والخبر‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪ ،)252 /1‬وهذا الحديث رواه أبو‬
‫داوود في سننه رقم‪.662‬‬
‫(‪ )2‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص‪ )104 :‬وانظر أخبار المدينة (ص‪:‬‬
‫‪.)54‬‬

‫‪26‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫فيه متواتر رواه أربعة عشر من الصحابة؛ منهم أبي بن كعب‬
‫وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر وعبد الله‬
‫بن عباس وسهل بن سعد وأبو سعيد الخدري وبريدة وأم‬
‫سلمة‪ ..‬رضوان الله عليهم(‪.)7‬‬
‫وقد قدمنا أن مكان هذا الجذع في يسار األسطوانة‬
‫ممر الخارج من الروضة من جهة يمين المحراب‪،‬‬ ‫المخلقة‪ ،‬عند ِ‬
‫تحت اللوحة التي فيها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫الحية إِلَى‬ ‫{إِن ا ِإليما َن لَيأْ ِرز إِلَى ِ ِ‬
‫المدينَة‪َ ،‬ك َما تَأْ ِرز َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ج ْح ِرَها}(‪ ،)2‬وعندها يلحظ الخارج األسطوانة الم َخلقة عن‬
‫يساره‪.‬‬
‫كان الحسن البصري رحمه الله تعالى إذا حدث بهذا‬
‫تحن إلى رسول‬‫الحديث بكى‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا عباد الله الخشبة ُّ‬

‫(‪ )1‬يراجع الشفا بتعريف حقوق المصطفى (‪.)101 /1‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخاري رقم‪ ،1576‬صحيح مسلم رقم‪ ،121‬والحديث من رواية‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫من الله‪،‬‬
‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم شوقاً إليه لمكانه َ‬
‫أحق أ ْن تشتاقوا إلى لقائه(‪.)7‬‬ ‫فأنتم ُّ‬
‫وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عند البخاري‪،‬‬
‫وع ِم ْن نَ ْخ ٍل‪ ،‬فَ َكا َن‬ ‫الم ْس ِجد َم ْسقوفًا َعلَى جذ ٍ‬ ‫وفيه قال‪َ :‬كا َن َ‬
‫ب يـَقوم إِلَى ِج ْذ ٍع‬ ‫ِ‬
‫النب ُّي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إ َذا َخطَ َ‬
‫ِ‬
‫المْنـبـر فَ َكا َن علَي ِه‪ ،‬فَس ِمعنا لِ َذلِك ِ‬
‫الج ْذ ِع‬ ‫ِمْنـها‪ ،‬فَـلَما صنِع لَه ِ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت العِ َشا ِر(‪َ ،)2‬حتى َجاءَ النبِ ُّي صلى الله عليه وعلى‬ ‫صوتًا َكصو ِ‬
‫َْ َْ‬
‫ت(‪.)3‬‬ ‫ض َع يَ َده َعلَْيـ َها فَ َس َكنَ ْ‬
‫آله وسلم‪ ،‬فَـ َو َ‬
‫وفي رواية عند الدارمي عن بريدة رضي الله عنه‪ :‬أن النبِي‬
‫ِ‬ ‫صلى الله علَي ِه وسلم ِحين س ِمع حنِ ِ‬
‫ض َع‬‫ين الْج ْذ ِع َر َج َع إِلَْيه فَـ َو َ‬
‫َْ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال‪(( :‬اختـر أَ ْن أَ ْغ ِرس ِ‬ ‫يَ َده َعلَْي ِه‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ك في الْ َم َكان الذي كْن َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َْ‬

‫(‪ )1‬صحيح ابن حبان رقم‪.6807‬‬


‫(‪ )2‬العشار‪ :‬الناقة الحامل التي مضت لها عشرة أشهر‪ ،‬وَل يزال ذلك اسمها‬
‫إلى أن تلد‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪.1858‬‬

‫‪28‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ب‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫ك فِي الْجن ِ‬
‫ة‬ ‫س‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫غ‬
‫ْ‬ ‫َ‬‫أ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫ت‬ ‫ئ‬
‫ْ‬ ‫فِ ِيه‪ ،‬فَـتكو َن َكما كْنت‪ ،‬وإ ْن ِ‬
‫ش‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ك‪َ ،‬وتـثْ ِمَر فَـيَأْك َل أ َْولِيَاء الل ِه ِم ْن‬ ‫ِم ْن أَنْـ َها ِرَها َوعيونِ َها فَـيَ ْحس َن نـَْبـت َ‬
‫صلى الله َعلَْي ِه‬ ‫ي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫الن‬ ‫ن‬ ‫ك فَـعلْت)) فَـزعم أَنه س ِمع ِ‬
‫م‬ ‫ثَمرتِك ونَخلِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ ْ‬
‫َوسل َم َوه َو يـَقول لَه‪(( :‬نـَ َع ْم قَ ْد فَـ َع ْلت َمرتَـْي ِن))‪ .‬فَ َسأ ََل النبِ ُّي‬
‫اختَ َار أَ ْن أَ ْغ ِر َسه فِي الْ َجن ِة))(‪.)7‬‬ ‫ال‪ْ (( :‬‬ ‫صلى الله َعلَْي ِه َوسل َم فَـ َق َ‬ ‫َ‬
‫وأما اإلمام الطحاوي رحمه الله فروى حديث سهل بن‬
‫سعد الساعدي رضي الله عنه وفيه قال‪َ :‬وفَـ َق َدتْه الْ َخ َشبَة‪،‬‬
‫ال‪ :‬فَ َج َع َل الْ َعباس يَم ُّد يَ َديِْه‬ ‫ين‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ت َك َما يَخور الثـ ْور لَه أَن ٌ‬ ‫فَ َخ َار ْ‬
‫ع الناس‪َ ،‬وَكثـَر الْب َكاء ِمما َرأ َْوا‬ ‫ِ‬ ‫لِيخ ِفي حنِ‬
‫ين الْ َخ َشبَة‪َ ،‬حتى تَـ َفز َ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫بِ َها(‪.)2‬‬

‫(‪)1‬سنن الدارمي رقم‪ ،12‬قال ابن حجر رحمه الله تعالى‪(( :‬هذا حديث غريب‬
‫وإسناده ضعيف‪ ))..‬موافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر‬
‫(‪.)215 /1‬‬
‫(‪ )2‬شرح مشكل اْلثار رقم‪.4126‬‬

‫‪29‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫فحديث جابر رضي الله عنه يدل على أن الجذع الذي‬
‫حن لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أحد أعمدة‬
‫المسجد‪ ،‬وقد جاء هذا في رواية أحمد عن جابر أيضاً‪ ،‬وفيه‪:‬‬
‫ب‪ ،‬يَ ْستَنِد‬ ‫ِ‬
‫َكا َن النب ُّي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إ َذا َخطَ َ‬
‫ِ‬
‫إِلَى ِج ْذ ِع نَ ْخلَ ٍة ِم ْن َس َوا ِري الْ َم ْس ِج ِد‪ ،‬فَـلَما صنِ َع لَه ِمْنـبَـره‪،‬‬
‫ك السا ِريَة َك َحنِي ِن الناقَِة‪َ ،‬حتى َس ِم َع َها‬ ‫ت تِْل َ‬ ‫استَـ َوى َعلَْي ِه‪ْ ،‬‬
‫اضطََربَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ِِ‬
‫ت(‪.)7‬‬ ‫أ َْهل الْ َم ْسجد‪َ ،‬حتى نـََزَل إِلَْيـ َها فَ ْ‬
‫اعتَـنَـ َق َها‪ ،‬فَ َس َكنَ ْ‬
‫وختاماً قال الشافعي رحمه الله تعالى‪ :‬ما أعطى الله نبياً‬
‫مثل ما أعطى محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬أعطى‬
‫عيسى عليه السالم إحياء الموتى‪ ،‬وأعطى محمداً صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم حنين الجذع حتى س ِمع صوته‪ ،‬فهذا أكبر‬
‫من ذلك(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬مسند اإلمام أحمد رقم‪.14142‬‬


‫(‪ )2‬فتح الباري َلبن حجر (‪.)601 /6‬‬

‫‪31‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وأخيراً كم حن لهذا النبي صلى الله عليه وسلم من‬
‫جمادات وحيوانات‪ ،‬وعوالم ولكن َّل تفقهون تسبيحهم‪.‬‬

‫وأما خوار الجذع وحنينه فكان يوم جمعة‪ ،‬لما ترك النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم اَّلستناد للجذع وقت الخطبة‬
‫فحن إلى لمساته صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬لِما رواه‬
‫البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما‪ :‬أَن النبِي صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم َكا َن يـَقوم يـَ ْوَم الْجم َع ِة إِلَى َش َجَرةٍ‪ ،‬أ َْو‬
‫ول ِ‬
‫الله أََّلَ‬ ‫صا ِر‪ ،‬أ َْو َرج ٌل ‪ -‬يَا َرس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫نَ ْخلَة فَـ َقالَت ْامَرأَةٌ م َن األَنْ َ‬
‫ال‪ :‬إِ ْن ِشْئـت ْم فَ َج َعلوا لَه ِمْنـبَراً‪ ،‬فَـلَما َكا َن يـَ ْوم‬
‫ك ِمْنـبَـًرا‪ ،‬قَ َ‬
‫نَ ْج َعل لَ َ‬
‫اح الصبِ ِي‪ ،‬ثم نـََزَل‬ ‫ِ‬ ‫الْجمع ِة دفِع إِلَى الْ ِمْنـب ِر‪ ،‬فَص ِ‬
‫احت الن ْخلَة صيَ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ين الصبِ ِي‬ ‫النبِي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فَ ِ ِ ِ ِ‬
‫ضمه إلَْيه‪ ،‬تَئ ُّن أَن َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬

‫‪31‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ال‪َ :‬كانَت تَـب ِكي علَى ما َكانَت تَسمع ِمن ِ‬
‫الذ ْك ِر‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬‫ك‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ال ِ‬
‫ذ‬
‫َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِعْن َد َها(‪.)7‬‬

‫ملحظ‪:‬‬
‫وليس المقصود في الحديث الشريف في قوله‪(( :‬تسمع‬
‫من الذكر)) مجرد سماع صوته صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫فهذا حاصل في القرب والبعد عنه صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم قليالً ما دام أنه في المسجد‪ ،‬وإنما المراد بالذكر بصيغته‬
‫العامة وهو كل شيء تتقرب به إلى الله من قول أو فعل‪ ،‬وذكر‬
‫الجذع كان مالمسته صلى الله عليه وعلى آله وسلم له‪،‬‬
‫وحصول الفائدة من الجذع للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫باَّلستناد إليه كما أسلفنا‪ ،‬فانقطاع تلك الفائدة وتلك المالمسة‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪.1854‬‬

‫‪32‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫جعلت الجذع في هذا الحال من الجزع على ما فقد من البركة‬
‫الحاصلة من جراء ذلك‪.‬‬
‫فما بالك بمسلم خدم كتاب الله تعالى وخدم سنة رسوله‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخدم أمته وكف شره عنهم‪،‬‬
‫فهو ألصق بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ذلك‬
‫الجذع‪ ،‬فيا رب بلغنا حبك وحب نبيك صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم وحب عمل صالح ترضاه عنا ويفرح به نبيك صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪:‬‬
‫ب إِلَْي ِه ِم ْن أَ ْن يَكو َن‬
‫َح ُّ‬ ‫ِ‬ ‫((ولَيأْتِين علَى أ ِ‬
‫َحدك ْم َزَما ٌن ألَ ْن يـََراني أ َ‬
‫ََ َ َ َ‬
‫لَه ِمثْل أ َْهلِ ِه َوَمالِِه))(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪.1852‬‬

‫‪33‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وموضع الجذع الذي حن لرسول الله صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم كان في يسار األسطوانة المخلقة َّلصقاً بالجدار‪،‬‬
‫وكلتاهما على يسار المحراب(‪.)7‬‬
‫قال المراغي رحمه الله‪(( :‬والمعروف أن الجذع إنما كان‬
‫عن يمين مصلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم َّلصقاً‬
‫بجدار المسجد القبلي))(‪.)2‬‬
‫والراجح أن مصلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫بالناس كان أمام األسطوانة الم َخلقة التي في يسار المحراب‬
‫اليوم(‪ ،)3‬وقيل إنه كان إلى يسارها‪ ،‬وقد علِم على مكانه بعبارة‬

‫(‪ )1‬تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (‪ ،)62 /2‬تحقيق النصرة بتلخيص‬
‫معالم دار الهجرة (ص‪.)27 :‬‬
‫(‪ )2‬تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة (ص‪ ،)27 :‬وقال ابن النجار‬
‫رحمه الله‪(( :‬وكان الجذع في موضع األسطوانة المخلقة التي عن يمين‬
‫محراب النبي صلى الله عليه وسلم عند الصدوق))‪ .‬الدرة الثمينة في أخبار‬
‫المدينة (ص‪.)28 :‬‬
‫(‪ )1‬يراجع وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)251 /1‬‬

‫‪34‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫((هذا مصلى النبي صلى الله عليه وسلم))‪ ،‬فإذا صلى اإلنسان‬
‫أمام هذه الرخامة كان سجوده مكان أقدام النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫والدليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم رحمهما الله‬
‫تعالى عن يزيد بن أبي عبيد‪ ،‬قال‪ :‬كنت آتي مع سلمة بن‬
‫األكوع فيصلي عند األسطوانة التي عند المصحف‪ ،‬فقلت‪ :‬يا‬
‫أبا مسلم‪ ،‬أراك تتحرى الصالة عند هذه األسطوانة‪ ،‬قال‪ :‬فإني‬
‫رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتحرى الصالة‬
‫عندها(‪.)7‬‬
‫وأما مصير الجذع بعد المنبر‪ ،‬فقد قال ابن أبي الزناد‪ :‬لم‬
‫يزل الجذع على حاله زمان رسول الله وأبي بكر وعمر رضي‬
‫الله عنهما‪ ،‬فلما هدم عثمان رضي الله عنه المسجد اختلف‬
‫بي بن كعب فكان عنده‬ ‫في الجذع؛ فمنهم من قال‪ :‬أخذه أ ُّ‬
‫حتى أكلته األرضة‪ ،‬ومنهم من قال‪ :‬دفن في موضعه‪ ،‬وكان‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،802‬صحيح مسلم رقم‪.164‬‬

‫‪35‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫الجذع في موضع األسطوانة المخلقة التي عن يمين محراب‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند الصندوق(‪.)7‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه جعل في سقف المسجد‪ ،‬كما سيأتي قريباً‪.‬‬
‫وهذه الروايات إذا وزعت على فترات زمنية فقد يسهل‬
‫الجمع بينها‪ ،‬فأول أمره أنه بقي مكانه ثم استخدم في السقف‪،‬‬
‫ثم لما بَلي جعل تحت المنبر‪ ،‬وهكذا كان شأن المنبر‪ ،‬فإنه‬
‫لما احترق المسجد وتحطم السقف لم يتلف كامل المنبر‪،‬‬
‫فأخذت من المنبر بعض األخشاب فجعلت أمشاطاً‪ ،‬وبقي‬
‫شيء منه فدفن تحت المنبر الذي حل محله‪.‬‬

‫مر معنا في أول مستهل البحث أن خشب المنبر هو من‬


‫شجر الطرفاء‪ ،‬وأنه أخذ من الغابة لما رواه البخاري ومسلم عن‬
‫(‪ )1‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص‪.)28 :‬‬

‫‪36‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫أَبِي َحا ِزٍم بن دينار رحمه الله تعالى عن سهل بن سعد‬
‫الساعدي رضي الله عنه‪ ،‬أنه قال في حديثه‪ :‬ثم أ ََمَر بِ َها َرسول‬
‫ت َه َذا الْ َم ْو ِض َع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فَـو ِض َع ْ‬
‫فَ ِه َي ِم ْن طَْرفَ ِاء الْغَابَة‪..‬‬
‫ِ (‪.)7‬‬

‫لكن جاء عند البخاري أيضاً في رواية سفيان عن أبي‬


‫حازم أنه من أثل الغابة‪ ،‬وفيه قال سهل رضي الله عنه‪َ :‬ما بَِق َي‬
‫اس أ َْعلَم ِمنِي‪ ،‬ه َو ِم ْن أَثْ ِل الغَابَِة‪َ ،‬ع ِملَه فالَ ٌن َم ْولَى فالَنَةَ‬ ‫بِالن ِ‬
‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ ،‬وقَ َام َعلَْي ِه َرسول‬ ‫ول ِ‬ ‫لِرس ِ‬
‫َ‬
‫استَـ ْقبَ َل‬ ‫ِ‬ ‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ِح ِ‬ ‫ِ‬
‫ين عم َل َووض َع‪ ،‬فَ ْ‬ ‫َ‬
‫القْبـلَةَ‪َ ،‬كبـَر‪َ ،‬وقَ َام الناس َخلْ َفه‪ ،‬فَـ َقَرأَ َوَرَك َع‪َ ،‬وَرَك َع الناس َخلْ َفه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ض‪ ،‬ثم َع َاد‬ ‫ثم َرفَ َع َرأْ َسه‪ ،‬ثم َر َج َع ال َق ْه َقَرى‪ ،‬فَ َس َج َد َعلَى األ َْر ِ‬
‫المْنـبَ ِر‪ ،‬ثم َرَك َع‪ ،‬ثم َرفَ َع َرأْ َسه‪ ،‬ثم َر َج َع ال َق ْه َقَرى‪َ ،‬حتى َس َج َد‬‫إِلَى ِ‬
‫ض‪ ،‬فَـ َه َذا َشأْنه(‪.)2‬‬ ‫بِاأل َْر ِ‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،445‬صحيح مسلم رقم‪.44‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخاري رقم‪.177‬‬

‫‪37‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫قال ابن حجر رحمه الله‪(( :‬وَّل مغايرة بينهما فإن األثل‬
‫هو الطرفاء وقيل يشبه الطرفاء وهو أعظم منه))(‪.)7‬‬

‫قال أهل اللغة(‪ :)2‬أَثْـلَة ك ِل َش ْي ٍء‪ :‬أَصله؛ وأَثَ َل يَأْثِل أثوًَّل‬


‫وتَأَث َل‪ :‬تأَصل‪ ،‬وتَأَث َل َم ًاَّل‪ :‬ا ْكتَ َسبَه َوات َخ َذه وثَمره‪ ،‬وأَث َل الله‬
‫مالَه‪َ :‬زكاه‪ ،‬وأَث َل ملْ َكه‪َ :‬عظمه‪َ ،‬ويـ َقال‪ :‬أَثل الله ملْكاً آثِالً‪ ،‬أَي‬
‫ثـَبته‪ ،‬والمتأثل‪ :‬الْ َج ِامع‪ ،‬وتَأْثيل الْمجد‪ :‬بناؤه‪.‬‬
‫واألثل شجر أحد أنواع الطرفاء‪ ،‬قال في "اإلفصاح في‬
‫فقه اللغة"‪(( :‬الطرفاء‪ :‬شجر‪ ،‬وهي أربعة أصناف منها األَثل‪،‬‬
‫الواحدة طَرفاءة وطََرفة))‪.‬‬

‫(‪ )1‬فتح الباري َلبن حجر (‪.)122 /2‬‬


‫(‪ )2‬لسان العرب‪ ،‬تهذيب اللغة مادة أثل‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫المجد وحصل‬‫َ‬ ‫وقيل في الحكمة‪ :‬خير األعمال ما أثل‬
‫وشر األعمال ما كان عناؤه طويالً وغناؤه قليالً(‪.)7‬‬
‫الحمد‪ُّ ،‬‬
‫َ‬
‫واألثل شجر يشبه الطرفاء ينبت في شبه الجزيرة العربية‬
‫وغيرها وخاصة في السبخات‪ ،‬وهو من فصيلة الطرفائيات‬
‫وأوراقه دقيقة‪ ،‬وأزهاره وردية عنقودية‪ ،‬وله فوائد طبية كثيرة‪،‬‬
‫لإلنسان والحيوان وهو من أفضل األخشاب قوة وصالبة‪،‬‬
‫ومسماه مأخوذ من معناه اللغوي‪ ،‬وكانت أخشابه تستخدم في‬
‫السقوف والمصنوعات الخشبية البيتية وغيرها‪ ،‬وتتخذ أشجاره‬
‫كمصدات للرياح حول المزارع‪.‬‬
‫وهذه الشجرة لم تعط حقها الطبيعي في المحافظة عليها‬
‫واَّلستفادة منها‪.‬‬
‫وقد ذكر شجر األثل مرة واحدة في القرآن الكريم في قصة‬
‫أهل سبأ الذي أعرضوا عن الله تعالى‪ ،‬قال تعالى‪{ :‬فَأ َْعَرضوا‬
‫فَأ َْر َسلْنَا َعلَْي ِه ْم َسْي َل الْ َع ِرِم َوبَدلْنَاه ْم بِ َجنـتَـيْ ِه ْم َجنـتَـْي ِن َذ َواتَ ْي أك ٍل‬

‫(‪ )1‬ربيع األبرار ونصوص األخيار (‪.)470 /1‬‬

‫‪39‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫َخ ْم ٍط َوأَثْ ٍل َو َش ْي ٍء ِم ْن ِس ْد ٍر قَلِ ٍيل (‪[ })76‬سبأ]‪ ،‬وقد يستشف‬
‫من هذه اآلية أن لشجر األثل من الفائدة كما لشجر السدر‬
‫من الفوائد‪ ،‬وهذا من عظيم رحمة الله تعالى إذ لم يجعل الله‬
‫تعالى أرضهم جرداء من األشجار بل أبقى لهم ما يستفيدون‬
‫منه في شدتهم وبالئهم‪.‬‬
‫ومما رآه الباحث من خالل جوَّلته مع تلك الشجرة أن‬
‫الملح يكسوها‪ ،‬فالظاهر أن األثل يمتص األمالح من باطن‬
‫األرض ثم يجعله في خارجها‪ ،‬وقد يكون لهذا دور في عملية‬
‫تنقية األرض من الملح‪ ،‬وهذا يحتاج إلى دراسة مستفيضة‪،‬‬
‫وأظن أن الملوحة الموجودة فيه إضافة للصالبة هي سبب لتأخر‬
‫تآكل هذا الخشب‪ ،‬فقد يتأخر مآت السنين حتى يتهالك‪،‬‬
‫فمنبر النبي صلى الله عليه وسلم بقي نحو سبعة قرون‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫دلت األحاديث السابقة على أن المكان الذي أخذت‬
‫منه شجرة األثل لصناعة المنبر هو الغابة وهو موضع كبير يقع‬
‫إلى الشمال الغربي من جبل أحد‪ ،‬وقد ورد في تخصيص‬
‫ِ ِ (‪)7‬‬
‫الموضع الذي أخذت منه خشبات األثل وهو "الْ َخان َقْين"‬
‫وهو من منطقة الغابة(‪ ،)2‬وقد روى هذا ابن سعد رحمه الله‬
‫وغيره عن سهل رضي الله عنه أيضاً أنه قال‪ :‬أَن النبِي صلى الله‬
‫ب إِلَى‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫عليه وعلى آله وسلم َكا َن يـقوم يـوَم الْجم َع ِة إِ‬
‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫ال‪ :‬أَراها ِمن دوٍم‪ ،‬وَكانَ ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫صاله‪،‬‬ ‫ت في م َ‬ ‫ضتَـْي ِن قَ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َخ َشبَة َذات فَـ ْر َ‬
‫اس‬ ‫الن‬ ‫ن‬ ‫ول الل ِه‪ ،‬إِ‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ا‬‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬ ‫اب‬ ‫ح‬ ‫َص‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ه‬‫َ‬‫ل‬ ‫ال‬
‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ـ‬
‫َ‬‫ف‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ـ‬‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬‫فَ َكا َن يـت ِكئ إِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ت يـََر َاك الناس‪،‬‬ ‫ت َشْيـئًا تَـقوم َعلَْيه إِ َذا َخطَْب َ‬ ‫قَ ْد َكثـروا فَـلَ ِو ات َخ ْذ َ‬

‫(‪ )1‬الخانَِقين مفرد خانق وهو مما ضاق من مجرى الوادي أو النهر‪ ،‬شمال‬
‫غرب جبل أحد بنحو ‪2‬كم‪ ،‬بعد مجمع األسيال‪.‬‬
‫على خط الطول والعرض‪"E4214'14°12N "0112'14°24 :‬‬
‫ملحظ‪ :‬ورد في الطبقات الكبرى َلبن سعد (‪ )281 /1‬أنهم ذهبوا إلى‬
‫الخافقين‪ ،‬بالفاء بدل النون‪ ،‬وأظن أن هذا تصحيف في الكلمة‪.‬‬
‫(‪ )2‬أفادني بهذا الموقع الدكتور عبد الله مصطفى الشنقيطي جزاه الله خيراً‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ال َس ْه ٌل‪َ :‬ولَ ْم يَك ْن بِالْ َم ِدينَ ِة إَِّل نَج ٌار‬ ‫ال‪َ (( :‬ما ِشْئـت ْم)) قَ َ‬ ‫فَـ َق َ‬
‫اح ٌد‪َ ،‬ذ َهْبت أَنَا َو َذ َاك النجار إِلَى الْ َخانَِقْي ِن(‪ )7‬فَـ َقطَ ْعنَا َه َذا‬ ‫وِ‬
‫َ‬
‫ال‪ :‬فَـ َق َام َعلَْي ِه النبِ ُّي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫الْ ِمْنـبَـَر ِم ْن أَثْـلَ ٍة‪ ،‬قَ َ‬
‫ال النبِ ُّي صلى الله عليه وعلى آله‬ ‫ت الْ َخ َشبَة فَـ َق َ‬ ‫وسلم فَحن ِ‬
‫َ‬
‫وسلم‪(( :‬أَََّل تَـ ْع َجبو َن لِ َحنِي ِن َه ِذهِ الْ َخ َشبَ ِة)) فَأَقْـبَ َل الناس َوفَ ِرقوا‬
‫ِم ْن َحنِينِ َها َحتى َكثـَر ب َكاؤه ْم‪ ،‬فَـنَـَزَل النبِ ُّي صلى الله عليه وعلى‬
‫ت‪ ،‬فَأََمَر النبِ ُّي‬ ‫ض َع يَ َده َعلَْيـ َها‪ ،‬فَ َس َكنَ ْ‬
‫اها فَـ َو َ‬
‫آله وسلم َحتى أَتَ َ‬
‫ت ِمْنـبَ ِرهِ أ َْو‬ ‫ِ‬
‫ت تَ ْح َ‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم بِ َها فَدفنَ ْ‬
‫ف(‪.)2‬‬ ‫ت فِي الس ْق ِ‬ ‫جعلَ ْ‬
‫ِ‬
‫ملحظ‪ :‬قوله‪(( :‬أ ََر َاها ِم ْن َد ْوٍم)) هذه الرواية تذكر بأن‬
‫الجذع كان من شجر الدوم‪ ،‬وهو شجر يشبه قليالً شجر‬
‫النخيل‪ ،‬لكن الراجح على أن الجذع كان من شجر النخيل‪،‬‬

‫ْخافِ َقْي ِن)) وهو تحريف والتصحيح من شرح مشكل اْلثار‬


‫(‪ )1‬في الطبقات ((ال َ‬
‫رقم ‪ ،4126‬عرف العنبر في وصف المنبر (ص‪.)172 :‬‬
‫(‪ )2‬الطبقات الكبرى (‪.)280 /1‬‬

‫‪42‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫لما راوه أحمد وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما وعن غيره‬
‫أيضاً أنه قال‪َ :‬كا َن ِج ْذع نَ ْخلَ ٍة فِي الْ َم ْس ِج ِد ي ْسنِد َرسول الل ِه‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم ظَ ْهَره إِلَْي ِه إِ َذا َكا َن يـَ ْوم جم َع ٍة‪،‬‬
‫ك يَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس‪ ،‬فَـ َقالوا‪ :‬أَََّل نَ ْج َعل لَ َ‬ ‫ث أ َْمٌر يريد أَ ْن ي َكل َم الن َ‬ ‫أ َْو َح َد َ‬
‫ِ‬
‫ال‪ََّ(( :‬ل َعلَْيك ْم أَ ْن تَـ ْف َعلوا))‬ ‫ك؟ قَ َ‬‫ول الل ِه َشْيـئًا َك َق ْد ِر قيَ ِام َ‬ ‫َرس َ‬
‫ال‪ :‬فَ َخ َار‬ ‫س َعلَْي ِه‪ ،‬قَ َ‬‫َ‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ث مر ٍ‬
‫اق‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫َ‬‫ث‬ ‫ا‬
‫ر‬‫ً‬ ‫ـ‬‫ب‬
‫َ‬ ‫ـ‬‫ن‬
‫ْ‬ ‫فَصنَـعوا لَه ِ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫ول الل ِه صلى الله عليه‬ ‫الْ ِج ْذع َكما تَخور الْبـ َقرة جز ًعا َعلَى رس ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ‬
‫وعلى آله وسلم‪ ،‬فَالْتَـَزَمه َوَم َس َحه َحتى َس َك َن(‪.)7‬‬

‫ولقد دل الحديث السابق على أن صانع المنبر هو‬


‫ميمون‪ ،‬والذي أخذ معه خشب األثل هو سهل بن سعد رضي‬

‫(‪ )1‬مسند اإلمام أحمد رقم‪.8551‬‬

‫‪43‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫الله عنه‪ ،‬وقد جاء به مصرحاً في رواية الطحاوي رحمه الله‬
‫تعالى‪ ،‬وفيها (( َوَكا َن فِي الْ َم ِدينَ ِة نَج ٌار يـ َقال لَه‪َ :‬ميْمو ٌن))(‪.)7‬‬
‫وقيل بأن صانعه هو باقوم الرومي‪ ،‬وقيل‪ :‬باقول‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫صباح‪ ،‬وقيل‪ :‬قبيصة المخزومي‪ ،‬وقيل‪ :‬كالب‪ ،‬وقيل‪ :‬ميناء‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إبراهيم‪ ،‬وقيل‪ :‬تميم الداري‪ ..‬وأصح األقوال بالصواب‬
‫وأقربها قول من قال‪ :‬هو ميمون‪ ،‬لكون اإلسناد من طريق سهل‬
‫بن سعد رضي الله عنه أيضاً‪ ،‬وأما األقوال األخرى فال اعتداد‬
‫بها لضعفها‪.‬‬
‫قال ابن حجر رحمه الله تعالى‪(( :‬وأشبه األقوال بالصواب‬
‫قول من قال هو ميمون؛ لكون اإلسناد من طريق سهل بن سعد‬
‫أيضاً‪ ،‬وأما األقوال األخرى فال اعتداد بها لوهائها‪ ،‬ويبعد جداً‬
‫أن يجمع بينها بأن النجار كانت له أسماء متعددة‪ ،‬وأما‬
‫احتمال كون الجميع اشتركوا في عمله فيمنع منه قوله‪ :‬في كثير‬
‫من الروايات السابقة‪ :‬لم يكن بالمدينة إَّل نجار واحد‪ ،‬إَّل إ ْن‬

‫(‪ )1‬شرح مشكل اْلثار رقم ‪.4126‬‬

‫‪44‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫كان يحمل على أن المراد بالواحد الماهر في صناعته والبقية‬
‫أعوانه فيمكن والله أعلم))(‪.)7‬‬
‫والراجح أن ميمون النجار رضي الله عنه هو مولى المرأة‬
‫األنصارية التي عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن تصنع‬
‫المنبر(‪ )2‬كما قدمنا حديثه وفيه ((‪..‬انْظ ِري غ َالم ِ‬
‫ك النج َار‪،‬‬ ‫َ‬
‫اس َعلَْيـ َها))(‪.)3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يـَ ْع َم ْل لي أ َْع َو ًادا أ َكلم الن َ‬

‫وعدد درجات المنبر النبوي ثالث درجات أو درجتين‬


‫ومجلس‪ ،‬وشذ من قال بأنه أربع‪ ،‬وهذا محل اتفاق بين أهل‬
‫الحديث والسيرة النبوية؛ لما تقدم من حديث البخاري ومسلم‬

‫(‪ )1‬مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح (‪ ،77 /4‬بترقيم الشاملة آليا)‪.‬‬
‫(‪ )2‬الروض األنف (‪.)257 /4‬‬
‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،445‬صحيح مسلم رقم‪.44‬‬

‫‪45‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه‪ ،‬وفيه‪ :‬فَـع ِمل ه ِذهِ‬
‫َ َ َ‬
‫ث درج ٍ‬
‫ات(‪.)7‬‬ ‫الث َال َ َ َ َ‬
‫درجات حتى زاده مروان‬‫ٍ‬ ‫ولم ِ‬
‫يزل المنبر على حاله ثالث‬
‫في خالفة معاوية رضي الله عنه ست درجات من أسفله‪ ،‬وكان‬
‫سبب ذلك ما حكاه الزبير بن بكار في "أخبار المدينة" بإسناده‬
‫إلى حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال‪ :‬بعث معاوية رضي‬
‫الله عنه إلى مروان وهو عامله على المدينة أن يحمل إليه المنبر‪،‬‬
‫فأظلمت المدينة‪ ،‬فخرج مروان فخطب؛ وقال‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫فأمر به فقلِع‪،‬‬
‫إنما أمرني أمير المؤمنين أن أرفعه‪ ،‬فدعا نجاراً وكان ثالث‬
‫ٍ‬
‫درجات فزاد فيه الزيادة التي هو عليها اليوم‪ ،‬ورواه أيضاً من وجه‬
‫النجوم‪ ،‬وقال‪ :‬فزاد‬ ‫ِ‬
‫فكسفت الشمس حتى رأينا‬ ‫آخر وقال فيه‪:‬‬
‫َ‬
‫فيه ست درجات‪ ،‬وقال إنما زدت فيه حين كثر الناس(‪.)2‬‬
‫تنبيه‪:‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،445‬صحيح مسلم رقم‪.44‬‬


‫(‪ )2‬فتح الباري َلبن حجر (‪.)122 /2‬‬

‫‪46‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ب بْ ِن ع ْجَرَة رضي الله عنه‬ ‫روى الحاكم وغيره عن َك ْع ِ‬
‫ال َرسول الل ِه صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪:‬‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫أنه‪ ،‬قَ َ‬
‫ِ‬
‫ين))‪،‬‬ ‫ال‪(( :‬آم َ‬ ‫ضروا الْ ِمْنـبَـَر)) فَ َح َ‬
‫ض ْرنَا فَـلَما ْارتَـ َقى َد َر َجةً قَ َ‬ ‫اح َ‬‫(( ْ‬
‫ين)) فَـلَما ْارتَـ َقى الد َر َجةَ‬ ‫ِ‬ ‫فَـلَما ْارتَـ َقى الد َر َجةَ الثانِيَةَ قَ َ‬
‫ال‪(( :‬آم َ‬
‫ول الل ِه! لَ َق ْد َس ِم ْعنَا‬ ‫ين))‪ ،‬فَـلَما نـََزَل قـلْنَا‪ :‬يَا َرس َ‬ ‫ال‪ِ (( :‬‬
‫آم‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ق‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ث‬ ‫الثالِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يل َعلَْي ِه الص َالة‬ ‫ك الْيَـ ْوَم َشْيـئًا َما كنا نَ ْس َمعه؟ قَ َ ِ ِ ِ‬ ‫ِمْن َ‬
‫ال‪(( :‬إن ج ْبر َ‬
‫ضا َن فَـلَ ْم يـَ ْغ َف ْر لَه‬ ‫ِ‬ ‫ض لِي فَـ َق َ‬
‫ال‪ :‬بـ ْع ًدا ل َم ْن أ َْد َرَك َرَم َ‬ ‫َوالس َالم َعَر َ‬
‫ت ِعْن َده فَـلَ ْم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ين‪ ،‬فَـلَما َرقِيت الثانِيَةَ قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ :‬بـ ْع ًدا ل َم ْن ذك ْر َ‬ ‫قـ ْلت‪ :‬آم َ‬
‫ال‪ :‬بـ ْع ًدا لِ َم ْن أ َْد َرَك‬
‫ين‪ ،‬فَـلَما َرقِيت الثالِثَةَ قَ َ‬ ‫َ‬
‫ك قـلْت‪ِ :‬‬
‫آم‬ ‫ص ِل َعلَْي َ‬ ‫يَ‬
‫َحده َما فَـلَ ْم ي ْد ِخ َاله الْ َجنةَ قـلْت‪:‬‬ ‫ِ ِ‬
‫أَبـَ َواه الْكبَـَر عْن َده أ َْو أ َ‬
‫ين))(‪.)7‬‬ ‫ِ‬
‫آم‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬المستدرك على الصحيحين للحاكم (‪ ،7286 )170 /4‬مجمع الزوائد‬


‫‪ -‬الفكر (‪ )282 /10‬رواه الطبراني ورجاله ثقات‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫قلت‪ :‬ظاهر هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم وقف على الدرجة الثالثة للحديث مع الناس(‪ ،)7‬وهو‬
‫شبيه بحديث البخاري ومسلم الذي ذكرناه في أول البحث‬
‫وفيه تعليم الناس الصالة‪ ،‬فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم وقف على الدرجة الثالثة ليراه جميع الناس‪ ،‬ثم لما‬
‫أراد السجود نزل فسجد عند درجة المنبر األولى‪.‬‬
‫ويحتمل في الحديث السابق أن النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم قال‪ :‬آمين عندما أراد أن يصعد للدرجة األولى‬
‫وهو على األرض‪ ،‬ثم قال آمين مرة ثانية لما كان على الدرجة‬
‫األولى ثم قال آمين ثالثة لما كان على الدرجة الثانية‪ ،‬وهذا‬
‫التأويل أولى؛ لما روي عن جابر رضي الله عنه وغيره بطريق‬
‫أخرى‪ ،‬وفيه‪ :‬صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال‪:‬‬
‫((آمين آمين آمين)) (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)11 /2‬‬


‫(‪ )2‬مجمع الزوائد (‪ )285 /10‬رقم‪.17118‬‬

‫‪48‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫لم تكن قضية صناعة منبر للنبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم قضية شخصية‪ ،‬بل كانت محل اهتمام من كثير من‬
‫الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم استشار فيه الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬وأبدوا رأيهم‪،‬‬
‫وأبدوا استعدادهم لصناعته كل بحسب خبرته ومعرفته‪ ،‬ومنهم‬
‫الصحابي تميم الداري رضي الله عنه وكان من فلسطين‪ ،‬واقترح‬
‫على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يعمل له منبراًكما‬
‫رآه في الشام‪.‬‬
‫ومن هذه الروايات ما رواه ابن سعد رحمه الله تعالى وغيره‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه وعن غيره أنهم قالوا‪ :‬كا َن َرسول‬
‫وم الجم َعة يَخطب إِلَى‬‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يَ َ‬
‫قال‬
‫القيام قَد َشق َعلَي‪ ،‬فَ َ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬ ‫‪:‬‬ ‫قال‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫ا‪،‬‬ ‫م‬ ‫ذع في الم ِ‬
‫سجد قائِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ج‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬

‫‪49‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ك ِمنبَـًرا َكما َرأَيت يصنَع بِالش ِام‪،‬‬ ‫َعمل لَ َ‬
‫اري‪ :‬أََّلَ أ َ‬
‫ميم الد ُّ‬‫لَه تَ ٌ‬
‫مين في‬ ‫ِ‬
‫شاوَر َرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المسل َ‬ ‫فَ َ‬
‫ب‪ :‬إِن لي‬ ‫العباس بن َعبد المطلِ ِ‬ ‫َ‬ ‫قال‬
‫َ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ذ‬
‫َ‬ ‫ك فَـرأَوا أَن يـت ِ‬
‫خ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َذلِ‬
‫َ‬
‫قال َرسول الله صلى الله‬ ‫اس‪ ،‬فَ َ‬‫َعمل الن ِ‬ ‫ِ‬
‫بأ َ‬ ‫غالًَما يقال لَه‪ :‬كالَ ٌ‬
‫َرسلَه إِلَى أَثلَ ٍة بِالغابَة‬
‫عملَه‪ ،‬فَأ َ‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ :‬مره أَن يَ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ض َعه في‬ ‫قع ًدا‪ ،‬ثم جاءَ بِه فَـ َو َ‬
‫وم َ‬‫فَـ َقطَ َعها‪ ،‬ثم َعم َل منها َد َر َجتَين َ‬
‫وم‪ ،‬فَجاءَه َرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬ ‫ِِ‬
‫َموضعه اليَ َ‬
‫قام َعلَيه‪.‬‬‫فَ َ‬
‫الجنة وقَوائِم ِمنبَري‬ ‫وقال‪ِ :‬منبري هذا علَى ت ٍ ِ‬
‫رعة من تـَرع َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫الجن ِة‪.‬‬
‫َرواتب في َ‬
‫ِ‬
‫وقال‪ِ :‬منبَري َعلَى َحوضي‪.‬‬
‫َ‬
‫وسن‬ ‫وقال‪ :‬ما بين ِمنبري وبيتي روضةٌ ِمن رياض ِ‬
‫الجنة‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫َرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم األَيما َن َعلَى الحقوق‬
‫ند ِمنبَ ِره‪.‬‬
‫ِع َ‬

‫‪51‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وقال‪ :‬من حلَف علَى ِمنبري ِ‬
‫كاذبًا ولَو َعلَى ِسواك أَر ٍاك‪،‬‬ ‫َ َْ َ َ َ َ‬
‫قع َده ِم َن النا ِر‪ ،‬وكا َن َرسول الله صلى الله عليه وعلى‬ ‫فَليَـتَـبَـوأ َم َ‬
‫س أَذ َن الم َؤِذن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صع َد َعلَى المنبَر َسل َم‪ ،‬فَإذا َجلَ َ‬
‫آله وسلم إِذا ِ‬
‫َ‬
‫لستَي ِن‪ ،‬وكا َن يشير بِِإصبَعِه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وكا َن يَخطب خطبَـتَي ِن‪ ،‬ويَجلس َج َ‬
‫وم الجم َع ِة‪،‬‬
‫صا يَخطب َعلَيها يَ َ‬
‫ِ‬
‫ويـ َؤمن الناس‪ ،‬وكا َن يـَتَـ َوكأ َعلَى َع ً‬
‫ب استَقبَـلَه الناس بِوجوههم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ (‪)7‬‬ ‫ِ‬
‫وحط ‪ ،‬وكا َن إذا َخطَ َ‬ ‫وكانَت من َش َ‬
‫وأَصغَوا بِأ ِ‬
‫صلي الجم َعةَ حي َن‬ ‫ورَمقوه بِأَبصا ِرهم‪ ،‬وكا َن ي َ‬
‫َ‬ ‫هم‪،‬‬ ‫َسماع‬
‫ت أَذرٍع في ثَالَث‬ ‫تَميل الشمس‪ ،‬وكا َن لَه بـرٌد ي ْمنَة ‪ ،‬طوله ِس ُّ‬
‫)‬‫‪2‬‬ ‫(‬

‫وشب ٍر في‬‫وشب ٍر‪ ،‬وإِزار ِمن نَسج عما َن‪ ،‬طوله أَربع أَذرٍع ِ‬ ‫أَذرٍع ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬

‫الق ِس ُّي‪ ،‬والشوح ُ‬


‫ط والن َّْب ُع واح ٌد‪،‬‬ ‫ط‪ :‬نوعٌ من شجر الجبال تُتَّخذ منه ِ‬ ‫(‪َّ )1‬‬
‫الش ْو َح ُ‬
‫وقيل‪ :‬إن كان في جبل فهو نبع‪ ،‬وإن كان في سهل فهو شوحط‪ ،‬والواحدة‪:‬‬
‫ط من رأس الجبل إلى أسفلِ ِه؛ يعني‪:‬‬
‫شوحطة‪ .‬وقيل‪ُ :‬س ِمي بذلك ألنه َش َح َ‬
‫بَ ُع َد‪ .‬المعجم الكبير للطبراني هامش (‪.)252 :14‬‬
‫(‪ )2‬أثواب من اليمن مخططة‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وم العيد ثم‬ ‫اعين وشب ٍر‪ ،‬فَكا َن يَلبَ َسهما في الجم َعة ويَ َ‬ ‫ذر َ‬
‫يان(‪.)7‬‬ ‫يطو ِ‬
‫َ‬
‫كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتكئ على عصاً‬
‫إذا خرج لخطبة الجمعة واألعياد‪ ،‬وكان له أكثر من عصاً أو‬
‫قضيب‪ ،‬فمنها ما كان من الشوحط‪_ ،‬كما مر في الحديث‬
‫السابق _‪ ،‬ومن األحاديث الشاهدة لذلك ما رواه أبو داود عن‬
‫ول‬‫الْح َك ِم ب ِن ح ْزٍن الْكلَ ِف ِي أنه قال‪َ :‬ش ِه ْدنَا‪ ..‬الْجمعةَ مع رس ِ‬
‫َ ََ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫صا‪ ،‬أ َْو قَـ ْو ٍس‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لم‪ ،‬فَـ َق َام متَـ َوكئًا َعلَى َع ً‬ ‫صلى الله َعلَيه َو َس َ‬ ‫الله َ‬
‫ات‪ ،‬ثم‬ ‫ات مبارَك ٍ‬ ‫ات طَيِب ٍ‬ ‫ات خ ِفي َف ٍ‬ ‫فَح ِم َد الله وأَثْـنَى علَي ِه‪َ ،‬كلِم ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫ال‪(( :‬أَيـُّ َها الناس‪ ،‬إِنك ْم لَ ْن ت ِطيقوا‪ ،‬أ َْو لَ ْن تَـ ْف َعلوا‪ ،‬كل َما أ ِم ْرت ْم‬
‫قَ َ‬
‫بِِه‪َ ،‬ولَ ِك ْن َس ِددوا‪َ ،‬وأَبْ ِشروا))(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬الطبقات الكبرى (‪ )218 /1‬رقم ‪ ،862‬عرف العنبر في وصف المنبر‬


‫(ص‪.)154 :‬‬
‫(‪ )2‬سنن أبي داود رقم‪.1026‬‬

‫‪52‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وطول هذه العصا حسب تقديري كان ما بين ‪60‬سم إلى‬
‫‪80‬سم تقريباً‪.‬‬

‫هذا وكان المنبر النبوي على درجة من التقانة والمهارة في‬


‫الصنع من ميمون النجار؛ لِما ورد من بعض طرق الحديث‬
‫السابق عند البيهقي وغيره في قول سهل‪َ :‬ولَ ْم يَك ْن بِالْ َم ِدينَ ِة إَِّل‬
‫اح ٌد(‪ ،)7‬أي في مثل مهارته‪ ،‬ولعل التعدد في أسماء‬ ‫نَجار و ِ‬
‫ٌ َ‬
‫صانعي المنبر يوحي بأن الكل قد شارك في صناعته‪.‬‬
‫وقضية صناعة المنبر لم تتوقف عند النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم وبعض صحابته‪ ،‬بل انتشر في مجتمع الصحابة‬
‫حاجة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لمثله كي يخفف‬
‫عنه ويظهر للناس‪ ،‬لذا كان يوم مجيء المنبر يوماً حافالً وكأنه‬

‫(‪ )1‬دَلئل النبوة للبيهقي (‪.)882 /2‬‬

‫‪53‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫يوم عيد اجتمع عليه الكثير من الصحابة‪ ،‬وكبروا لله تعالى عندما‬
‫وضع‪ ،‬ولم يكن الوقت وقت جمعة وَّل صالة مكتوبة‪ ،‬فكأنهم‬
‫عملوا احتفاَّلً لمجيء هذا المنبر‪ ،‬كما يشير لذلك حديث‬
‫الله صلى الله عليه وعلى‬ ‫ول ِ‬ ‫سهل السابق وفيه (( َولََق ْد َرأَيْت َرس َ‬
‫آله وسلم قَ َام َعلَْي ِه فَ َكبـَر َوَكبـَر الناس َوَراءَه‪َ ،‬وه َو َعلَى الْ ِمْنـبَ ِر‪ ،‬ثم‬
‫َص ِل الْ ِمْنـبَ ِر‪ ،‬ثم َع َاد‪َ ،‬حتى‬ ‫ِ‬
‫َرفَ َع فَـنَـَزَل الْ َق ْه َقَرى َحتى َس َج َد في أ ْ‬
‫ال‪(( :‬يَا أَيـُّ َها الناس‬ ‫ص َالتِِه‪ ،‬ثم أَقْـبَل َعلَى الن ِ‬
‫اس فَـ َق َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬‫غ ِم ْن آ ِخ ِ‬
‫فَـَر َ‬
‫َ‬
‫ص َالتِي))(‪.)7‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صنَـ ْعت َه َذا لتَأْتَ ُّموا بي‪َ ،‬ولتَـ َعلموا َ‬ ‫إِني َ‬
‫ومما يدل على تقانة عمل المنبر حديث ابن سعد رحمه‬
‫ب قال‪ :‬إِن لِي غ َال ًما‬ ‫الله السابق وفيه أن الْ َعباس بْ ِن َعْب ِد الْمطلِ ِ‬
‫اس‪.)2(..‬‬ ‫ب أ َْع َمل الن ِ‬ ‫ِ‬
‫يـ َقال لَه‪ :‬ك َال ٌ‬
‫أي من أفضل الناس في صناعة النجارة‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،445‬صحيح مسلم رقم‪.44‬‬


‫(‪ )2‬الطبقات الكبرى (‪ ،)218 /1‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص‪،)26 :‬‬
‫عرف العنبر في وصف المنبر (ص‪.)154 :‬‬

‫‪54‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫مما يدل على اهتمام كثير من الصحابة في تصنيع المنبر‬
‫كي ينالوا شرف خدمة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬

‫صنِ َع المنبر على عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم من ثالث درجات سنة ثمان من الهجرة‪ ،‬وبقي على حاله‬
‫زمن الخلفاء الراشدين رضي الله عنه‪.‬‬
‫واألزمنة التي تبدل فيه حال المنبر كان على الشكل‬
‫التالي(‪:)1‬‬
‫‪ -7‬في زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه زاد في‬
‫درجات المنبر من األسفل ست درجات‪ ،‬فصار المنبر تسع‬
‫درجات بما فيه المجلس‪ ،‬كما أسلفنا‪.‬‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪ ،)16 /2‬حاشية السيوطي على سنن‬
‫النسائي (‪ ،)82 /2‬نزهة الناظرين في تاريخ مسجد سيد األولين للبرزنجي‬
‫ص‪ ،182‬المسجد النبوي عبر التاريخ (ص‪.)168 :‬‬

‫‪55‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ -2‬في عام ‪654‬هـ احترق المسجد النبوي الشريف‬
‫وتحطم المنبر أيضاً‪ ،‬فأرسل الملك المظفر سنة ‪656‬هـ‬
‫صاحب اليمن منبراً جديداً له رمانتان فنصب في موضع المنبر‬
‫النبوي الشريف وبقي عشر سنوات‪.‬‬
‫‪ -3‬في سنة ‪666‬هـ أرسل الظاهر بيبرس سلطان مصر‬
‫والشام منبراً جديداً‪ ،‬ونصب منبره محل منبر الملك المظفر‪.‬‬
‫‪ -4‬في عام ‪111‬هـ أرسل الظاهر برقوق منبراً جديداً‪،‬‬
‫وحل محل منبر الظاهر بيبرس‪.‬‬
‫‪ -5‬في عام ‪ 820‬هـ أرسل الملك المؤيد شيخ منبراً جديداً‪،‬‬
‫حل محل منبر الظاهر برقوق‪.‬‬
‫‪ -6‬في عام ‪ 861‬هـ أرسل الظاهر خشقدم منبراً وجعل في‬
‫مكان منبر المؤيد‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ -1‬في عام ‪886‬ه ـ احترق المسجد النبوي‪ ،‬واحترق‬
‫المنبر معه فبنى أهل المدينة منبراً في موضعه من ٍ‬
‫آجر‪ ،‬وطينوه‬
‫بالجص(‪.)1‬‬
‫‪ -8‬في عام ‪888‬هـ أرسل األشرف قايتباي منبراً من‬
‫الرخام‪ ،‬فأزيل المنبر الذي بناه أهل المدينة‪ ،‬ووضع مكانه‪.‬‬
‫‪ -1‬في عام ‪ 118‬هـ أرسل السلطان مراد خان الخليفة‬
‫العثماني منبراً مصنوعاً من الرخام جاء في غاية اإلبداع‪ ،‬والدقة‬
‫في الصناعة والزخرفة والنقوش‪ ،‬وطلي بماء الذهب‪ ،‬حتى صار‬
‫أعجوبة من عجائب الدنيا في وقته بحيث َّل يوجد مثله على‬
‫شكله‪ ،‬ونقل منبر قايتباي إلى مسجد قباء‪ ،‬ووضع منبر‬
‫السلطان مراد مكانه‪ ،‬وهو الموجود اآلن في المسجد النبوي‬
‫الشريف ‪ ،‬وهذا المنبر إلى اآلن ينافس منابر الدنيا في جماله‬

‫(‪ )1‬اْلجر‪ :‬هو الطين المشوي بالنار‪ ،‬ويستخدم في البناء‪ ،‬ويعرف باللَّبِن‬
‫عرب‪ ،‬ما تطلى به البيوت‬
‫المشوي‪ ،‬والجص بفتح الجيم وكسرها‪ ،‬لفظ ُم َّ‬
‫من الكلس‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وإحكام صنعته‪ ،‬وهو من اثني عشر درجة‪ ،‬منها تسع درجات‬
‫داخل باب المنبر‪ ،‬وثالثة خارجه‪.‬‬
‫وقد كتب في أعلى بابه هذه األبيات‪:‬‬
‫أرسل السلطان مراد بن سليم‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫للمعاد‬ ‫خير ز ِاد‬
‫يدا َ‬‫مستز ً‬
‫دام في ْأو ِج العال سلطانه‬
‫َ‬
‫ِآمنًا في ظلِه خير ِ‬
‫البالد‬
‫روض المصطفى صلى عليه‬ ‫نحو ِ‬
‫ربُّنا الهادي به كل ِ‬
‫العباد‬
‫منبراً قد أ ِسست أركانه‬
‫صدق الفؤ ِاد‬
‫بالهدى واليم ِن ِمن ِ‬
‫منبراً يعلي الهدى إعالؤه‬
‫ألعالم الر ِ‬
‫شاد‬ ‫ِ‬ ‫دام منصوباً‬
‫َ‬
‫قال سع ٌد ملهماً تاريخه‬
‫منبراً عمر سلطان مر ِاد‬

‫‪58‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫فانظر إلى محبة هذا النبي صلى الله عليه وسلم كيف‬
‫تفعل األعاجيب‪.‬‬
‫ومما يالحظ أن كل المنابر التي وضعت لسنوات طويلة‬
‫بعد منبر النبي صلى الله عليه وسلم كانت من جلب األمصار‪،‬‬
‫مما يدل على محبة الناس لهذا اإلرث العظيم الجليل‪،‬‬
‫وافتخارهم بالعناية به‪.‬‬

‫تميَّز المنبر النبوي بمميزات واختص بأحكام‪ ،‬ومن‬


‫أهمها‪:‬‬
‫‪_1‬انعقاد اإلجماع على موضع المنبر النبوي الشريف‪:‬‬
‫أجمع المسلمون على أن المكان الذي فيه منبر النبي صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم اليوم هو موضع منبر النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم حيث وضعه النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا‬

‫‪59‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫الموضع من أكثر المواضع المتفق عليها في الروضة الشريفة‪،‬‬
‫تناقله الناس من زمن الصحابة رضوان الله عليهم(‪.)7‬‬
‫وقد كان موضعه محل اهتمام من الصحابة رضوان الله‬
‫عليهم‪ ،‬فلم يغيِر مكانه أبو بكر رضي الله عنه‪ ،‬وَّل عمر رضي‬
‫الله عنه عندما وسع في المسجد من جهة القبلة فبقي المنبر‬
‫متقدماً عن جدار القبلة‪ ،‬ثم في زمن عثمان رضي الله عنه وسع‬
‫المسجد أكثر ولم يغير مكانه أيضاً‪.‬‬
‫ثم كان المنبر محل اهتمام من الخلفاء والملوك‪ ،‬ثم من‬
‫السلف ثم من المؤرخين‪ ،‬وقد مر معنا ما رواه البخاري ومسلم‬
‫عن أَبِي َحا ِزٍم بن دينار رحمه الله تعالى عن سهل بن سعد‬
‫الساعدي رضي الله عنه‪ ،‬أنه قال في حديثه‪ :‬ثم أ ََمَر بِ َها َرسول‬
‫ت َه َذا الْ َم ْو ِض َع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فَـو ِض َع ْ‬
‫فَ ِه َي ِم ْن طَْرفَ ِاء الْغَابَِة‪ ،)2( ..‬ففي هذا الحديث بيان منه رضي‬

‫(‪ )1‬يراجع وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)12 /2‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخاري رقم‪ ،445‬صحيح مسلم رقم‪.44‬‬

‫‪61‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫الله عنه إلى أن موضعه لم يتغير حيث وضعه النبي صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم وقد كان حديثه رضي الله عنه بعد وفاة‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بزمن غير قليل‪.‬‬
‫وقد اهتم المؤرخون وشراح الحديث بمعرفة المسافات‬
‫والمساحات في المسجد النبوي وفي الروضة خاصة‪ ،‬وقام‬
‫الكثير منهم بقياسها بنفسه كما بين المنبر والمصلى وبين‬
‫الحجرة الشريفة وبين السواري‪ ..‬وكل ذلك كان محل استفاضة‪.‬‬
‫وقد علم اإلجماع على مكان المنبر لعدم المخالف في‬
‫كتب السنة والسيرة والتاريخ‪ ،‬فإنكار تلك البقعة كإنكار موضع‬
‫الكعبة المشرفة أو الروضة الشريفة‪.‬‬
‫ومن الشواهد على تحديد موضع المنبر الشريف ما تقدم‬
‫معنا من حديث البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عن يزيد‬
‫بن أبي عبيد‪ ،‬عن سلمة بن األكوع كان يتحرى موضع مكان‬
‫المصحف‪ ،‬يسبح فيه‪ ،‬وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫كان يتحرى ذلك المكان‪ ،‬وكان بين المنبر والقبلة قدر ممر‬

‫‪61‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫(‪)7‬‬
‫الشاة ‪ ،‬وفي لفظ عند البخاري أنه قال‪ :‬كان جدار المسجد‬
‫عند المنبر ما كادت الشاة تجوزها(‪.)2‬‬
‫فهذا الحديث يحدد المسافة بين المنبر وجدار المسجد‬
‫وقتما كان‪ ،‬وهو نحو ‪57‬سم وهو ما زال موجوداً‪ ،‬وقد قسته‬
‫بنفسي ولله الحمد‪ ،‬بل يلحظه الناظر اليوم بالفارق بين المنبر‬
‫ومستوى األعمدة المعترضة اليوم‪ ،‬حيث وضع في مكان هذا‬
‫الفارق خزانة مصاحف‪.‬‬
‫وهذا العُِّز من فَ َخار هذه األمة المحمدية في المحافظة‬
‫على سنن نبيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومعرفة‬
‫أماكنها وأزمنتها‪.‬‬
‫ادعى السهيلي رحمه الله تعالى أنه لما احترق‬ ‫تنبيه‬
‫المسجد في زمانه وأرادوا وضع المنبر الجديد مكان المنبر‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،802‬صحيح مسلم رقم‪ ،1070‬مسند اإلمام أحمد‬
‫رقم‪.16842‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري رقم‪ ،478‬صحيح مسلم رقم‪.164‬‬

‫‪62‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫القديم زادوا باتجاه القبلة خلف أحجار الحوض األصلي له‪،‬‬
‫فقال‪(( :‬إ نه مقدم على محل المنبر األصلي لجهة القبلة بعشرين‬
‫قيراطا من ذراع الحديد‪ ،‬وهو نحو ذراع اليد))(‪.)7‬‬

‫قلت‪ :‬ومقدار ذراع اليد السابق نحو ‪20‬سم‪ ،‬وهذا‬


‫التحريف غير موجود اآلن لسببين‪:‬‬
‫األول‪ :‬لوجود الفاصل بين المنبر وبين مسامتة األعمدة‬
‫من جهة القبلة وهو مقدار ممر شاة‪ ،‬كما تقدم‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن المؤرخين ومنهم السمهودي رحمه الله تعالى‬
‫ذكروا أن المنبر النبوي الشريف متيامن عن جهة القبلة بشيء‬
‫قليل؛ ألن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وضعه بهذه‬
‫الكيفية(‪ ،)2‬وهذا التيامن موجود اآلن‪ ،‬فلو وقفت من الطرف‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)12 /2‬‬


‫ملحظ‪ :‬ذراع الحديد وتساوي‪8581‬سم‪ .‬المقادير الشرعية واألحكام الفقهية‬
‫المتعلقة بها ص‪.215‬‬
‫(‪ )2‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)12 /2‬‬

‫‪63‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫الغربي للمنبر بجانب األعمدة أو بجانب المصاحف لالحظت‬
‫انحراف المنبر عن مسامتة القبلة شيئاً قليالً بحيث َّل يلحظه‬
‫إَّل المدقق لهذا الموضع‪ ،‬فإذا ضبط مكان مثل هذا التيامن‬
‫فمن باب أولى أن يضبط مكانه‪.‬‬
‫ولعل ما ذكره السهيلي أن المنبر الموضوع قد عظمت‬
‫جدرانه فأخذ حيزاً أكبر من جيز منبر النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وهذا طبيعي ألن يحافظ على مقدار منبر النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم من الداخل‪ ،‬وأما من الخارج فال بد من الزيادة ألن عمارة‬
‫الحجارة تفرق عن وضع المنبر وهو من خشب‪ ،‬ومنبر النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم اليوم عرضه نحو ‪80‬سم‪ ،‬وهو أزيد حتماً‬
‫عما كان عليه منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتلك‬
‫الزيادة بنحو ‪75‬سم‪.‬‬
‫ومن يقف عند إحدى الساريتين المقدمتين فهو واقف‬
‫عند رمان المنبر النبوي الشريف‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ -2‬سمو مكانة المنبر في الدنيا واْلخرة‪.‬‬
‫دم خ ِد َم‪ ،‬وهذا المنبر خدم النبي صلى الله‬ ‫قالوا‪َ :‬م ْن َخ َ‬
‫وخفف عنه عناء القيام‪ ،‬فاستحق أن يكون‬ ‫عليه وعلى آله وسلم َ‬
‫معه في المحشر‪ ،‬وفي الجنة‪ِ ،‬لما رواه البخاري ومسلم رحمهما‬
‫الله تعالى‪ :‬عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫ِ ِ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ (( :‬ما بـَْي َن بـَْيتي َومْنـبَ ِري َرْو َ‬
‫ضةٌ‬
‫الجن ِة‪َ ،‬وِمْنـبَ ِري َعلَى َح ْو ِضي))(‪.)7‬‬
‫اض َ‬ ‫ِم ْن ِريَ ِ‬
‫قال البغوي رحمه الله تعالى‪ :‬معنى الحديث‪ :‬إن الصالة‬
‫في ذلك الموضع والذكر فيه يؤدي إلى روضة من رياض الجنة‪،‬‬
‫ومن لزم العبادة عند المنبر يسقى يوم القيامة من الحوض‪ ،‬كما‬
‫ِ (‪)2‬‬
‫السيوف))‬ ‫ت ِظالَِل ُّ‬ ‫الجنةَ تَ ْح َ‬‫جاء في الحديث (( َو ْاعلَموا أَن َ‬
‫يريد أن الجهاد يؤديه إلى الجنة(‪.)3‬‬
‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،7118‬صحيح مسلم رقم‪.802‬‬
‫(‪ )2‬صحيح البخاري رقم‪ ،2515‬صحيح مسلم رقم‪.4640‬‬
‫(‪ )1‬شرح السنة للبغوي (‪ ،)112 /2‬وانظر مثير العزم الساكن إلى أشرف‬
‫األماكن (‪.)266 /2‬‬

‫‪65‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ومن عظيم مقدار هذا المنبر اهتزازه هيبة من تجليات الله‬
‫تعالى‪ ،‬عند سماع هيبة الجالل‪ ،‬فقد روى مسلم رحمه الله تعالى‬
‫ف يَ ْح ِكي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫عن عبَـْيد الله بْ ِن م ْق َس ٍم‪ ،‬أَنه نَظََر إِلَى َعْبد الله بْ ِن ع َمَر َكْي َ‬
‫صلى الله َعلَْي ِه َو َسل َم قَ َال‪ :‬يَأْخذ الله َعز َو َجل َس َم َاواتِِه‬ ‫رس َ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َ‬
‫َصابِ َعه َويَـْبسط َها‪ ،‬أَنَا‬ ‫ِِ ِ‬
‫َوأ ََرضيه بِيَ َديْه‪ ،‬فَـيَـقول‪ :‬أَنَا الله‪َ ،‬ويَـ ْقبِض أ َ‬
‫َس َف ِل َش ْي ٍء ِمْنه‪َ ،‬حتى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الْ َملك‪َ ،‬حتى نَظَْرت إِلَى الْمْنـبَ ِر يَـتَ َحرك م ْن أ ْ‬
‫صلى الله َعلَْي ِه َو َسل َم؟(‪.)7‬‬ ‫ِ ِ‬
‫ط ه َو بَِرسول الله َ‬ ‫َساقِ ٌ‬
‫إني ألَقول‪ :‬أ َ‬
‫ِِ‬
‫وللمنابر شأن يوم القيامة‪ ،‬وعليها تعرف صفوة الله تعالى من‬
‫عباده‪ ،‬بَـْله تنصب لمن اختصهم الله تعالى بمزيد من اإلكرام‬
‫والتفضيل‪.‬‬
‫وأول هذه المنابر هو منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬ثم منابر األنبياء عليهم السالم‪ ،‬ثم منابر المتحابين في الله‬
‫حيث يغبطهم األنبياء على المنزلة التي أكرمهم الله تعالى بها‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم رقم‪.7181‬‬

‫‪66‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫ِِ ِ‬
‫عليه وسلم‪(( :‬إِن لله عبَ ًادا لَْيسوا بِأَنْبِيَاءَ َوََّل ش َه َداءَ يَـ ْغبِطهم الش َ‬
‫ُّه َداء‬
‫َوالنبِيُّو َن يَـ ْوَم الْ ِقيَ َام ِة لِق ْربِ ِه ْم ِم َن الل ِه تَـ َعالَى َوَم ْجلِ ِس ِه ْم ِمْنه)) فَ َجثَا‬
‫ول الل ِه‪ ،‬ليسوا بأنبياء وَّل شهداء‪،‬‬ ‫أ َْعَرابِي َعلَى رْكبَـتَـْي ِه‪ ،‬فَـ َق َال‪ :‬يَا َرس َ‬
‫يغبطهم األنبياء و الشهداء لقربهم من الله تعالى ومجلسهم منه‪،‬‬
‫وحلِ ِه ْم لَنَا‪.‬‬‫ص ْفه ْم لَنَا َ‬
‫ِ‬
‫ص َادقوا فِي الل ِه‬ ‫ِ‬ ‫قَ َال‪(( :‬قَـوم ِمن أَفْـنَ ِاء الن ِ ِ ِ‬
‫اس م ْن نَز ِاع الْ َقبَائ ِل تَ َ‬ ‫ٌْ ْ‬
‫ضع الله َعز َو َجل لَه ْم يَـ ْوَم الْ ِقيَ َام ِة َمنَابَِر ِم ْن نوٍر‬ ‫ِِ‬
‫َوتَ َحابـ ْوا فيه‪ ،‬يَ َ‬
‫ف‬‫ين ََّل َخ ْو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يَ َخاف الناس َوََّل يَ َخافو َن‪ ،‬ه ْم أ َْوليَاء الله َعز َو َجل الذ َ‬
‫َعلَْي ِه ْم َوََّل ه ْم يَ ْحَزنو َن))(‪.)7‬‬
‫‪ -3‬لقاء المؤمنين بالمنبر النبوي الشريف وهو مظهر من‬
‫مظاهر شفاعة النبي صلى الله عيه وسلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬الحاكم في المستدرك وصححه رقم‪ .7824‬ويراجع أيضاً مسند أحمد‬


‫رقم‪ ،22064‬والحاكم في المستدرك رقم‪7116‬‬

‫‪67‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫(‪)7‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫دل الحديث السابق (( َومْنـبَري َعلَى َح ْوضي)) ‪.‬على أن‬
‫منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيرافق النبي صلى‬
‫الله عليه والمؤمنين في أرض المحشر‪ ،‬عند الحوض حيث‬
‫يدعو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمته للشرب منه‪،‬‬
‫وإذا انتهى الحشر والحساب كان المنبر عند باب الجنة وفي‬
‫الجنة‪ ،‬لما رواه أحمد وغيره عن أبي حازم رحمه الله عن سهل‬
‫بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه‪ :‬سمع رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪ِ (( :‬مْنـبَ ِري َعلَى تـ ْر َع ٍة ِم ْن تـَرِع الْ َجن ِة))‬
‫ال‪ :‬الْبَاب(‪.)2‬‬ ‫فَـقلْت‪ :‬لَه َما التـ ُّْر َعة يَا أَبَا الْ َعب ِ‬
‫اس؟ قَ َ‬
‫قال السمهودي رحمه الله تعالى‪ :‬ذهب أكثر العلماء إلى‬
‫أن منبر صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي كان يقوم عليه‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،7118‬صحيح مسلم رقم‪.802‬‬


‫(‪ )2‬مسند اإلمام أحمد رقم‪ ،22541‬شرح مشكل اْلثار (‪،)122 /7‬‬
‫رقم‪.2554‬‬

‫‪68‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫سيعيده الله كما يعيد سائر الخالئق‪ ،‬ويكون على حوضه يوم‬
‫القيامة(‪.)7‬‬
‫وروى الحاكم عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه ‪-‬واسمه‬
‫الحارث بن عوف‪ -‬أنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم‪(( :‬إِن قَـ َوائِ َم ِمْنـبَ ِري َرَواتِب فِي الْ َجن ِة))(‪،)2‬‬
‫ومعنى رواتب‪ :‬دائمة ثابتة‪.‬‬
‫ومن مظاهر الشفاعة عند منبر النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم يوم القيامة ما رواه الحاكم وغيره عن عبد الله بن‬
‫عباس رضي الله عنهما أنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫ب‪ ..‬فَـيَ ْجلِسو َن َعلَْيـ َها َويـَْبـ َقى‬ ‫وسلم‪(( :‬لِ ْْلَنْبِيَ ِاء َمنَابِر ِم ْن َذ َه ٍ‬
‫ِمْنـبَ ِري ََّل أَ ْجلِس َعلَْي ِه ‪-‬أ َْو ََّل أَقْـعد َعلَْي ِه‪ -‬قَائِ ًما بـَْي َن يَ َد ْي َربِي‬
‫ث بِي إِلَى الْ َجن ِة َويـْب ِقي أمتِي ِم ْن بـَ ْع ِدي‪ ،‬فَأَقول‪:‬‬ ‫َم َخافَةَ أَ ْن يـَْبـ َع َ‬
‫ب أمتِي أمتِي‪ ،‬فَـيَـقول الله َعز َو َجل‪ :‬يَا م َحمد َما ت ِريد أَ ْن‬ ‫يا ر ِ‬
‫َ َ‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)11 /2‬‬


‫(‪ )2‬المستدرك للحاكم رقم‪.6265‬‬

‫‪69‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ب َع ِج ْل ِح َسابـَه ْم‪ ،‬فَـي ْد َعى بِ ِه ْم‬ ‫ك‪ ،‬فَأَقول‪ :‬يا ر ِ‬
‫َ َ‬ ‫َصنَ َع بِأمتِ َ‬
‫أْ‬
‫اسبو َن‪ ،‬فَ ِمْنـه ْم َم ْن يَ ْدخل الْ َجنةَ بَِر ْح َم ِة الل ِه‪َ ،‬وِمْنـه ْم َم ْن‬‫فَـي َح َ‬
‫اعتِي‪ ،‬فَ َما أ ََزال أ َشفع َحتى أ ْعطَى ِص َكا ًكا‬ ‫يَ ْدخل الْ َجنةَ بِ َش َف َ‬
‫ث بِ ِه ْم إِلَى النا ِر‪َ ،‬وآتِي َمالِ ًكا َخا ِز َن النا ِر‪ ،‬فَـيَـقول‪:‬‬ ‫بِ ِر َج ٍال قَ ْد بعِ َ‬
‫ك ِم ْن بَِقي ٍة))(‪.)7‬‬ ‫ك في أمتِ َ‬
‫ب ربِ ِ‬
‫ضِ َ َ‬
‫يا محمد‪ ،‬ما تَـرْك ِ ِ‬
‫ت للنا ِر لغَ َ‬
‫َ َ َ َ َ‬
‫‪ _4‬تعظيم الحلف بالله تعالى عند المنبر‪.‬‬
‫إن الحلف بالله أمر عظيم‪ ،‬لكن تغلظ تلك اليمين إذا‬
‫كانت عند المنبر النبوي الشريف‪ ،‬لما رواه اإلمام أحمد وغيره‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ََّ(( :‬ل يَ ْحلِف عِْن َد َه َذا الْ ِمْنـبَ ِر َعْب ٌد َوََّل أ ََمةٌ‬
‫ت لَه النار))(‪.)2‬‬ ‫ب‪ ،‬إَِّل َو َجبَ ْ‬ ‫َعلَى يَ ِمي ٍن آثِم ٍة‪ ،‬ولَ ْو َعلَى ِسو ٍاك رطْ ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫(‪ )1‬المستدرك للحاكم رقم‪ ،220‬والحديث مختلف في صحته‪ ،‬صححه‬
‫الحاكم‪ ،‬وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (‪(( :)621 /10‬رواه الطبراني‬
‫في الكبير واألوسط وفيه محمد بن ثابت البناني وهو ضعيف))‪ ،‬والصكاك‬
‫يعني الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )2‬مسند أحمد رقم‪.10711‬‬

‫‪71‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وقد مر معنا رواية ابن سعد رحمه الله تعالى وفيها‪ :‬و َسن‬
‫َرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم األَيما َن َعلَى الحقوق‬
‫وقال‪ :‬من حلَف علَى ِمنبري ِ‬
‫كاذبًا ولَو َعلَى ِسواك‬ ‫ِع َ ِ‬
‫ند منبَ ِره‪َ َ َ َ َ َ ،‬‬
‫أَر ٍاك‪ ،‬فَليَـتَـبَـوأ َمق َع َده ِم َن النا ِر‪.)7(..‬‬
‫والحكمة من تغليظ اليمين –حسب ما أرى_ أن المكان‬
‫الذي حلف عنده أصدق مكان على وجه األرض الذي تمثل‬
‫بحديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهو َّل‬
‫ينطق عن الهوى‪ ،‬فناسب أن من أدخل الكذب في هذا المكان‬
‫أن يكون أحد الكذابين الذين وجبت لهم النار بكذبهم والله‬
‫أعلم‪.‬‬
‫‪ _8‬استجابة الدعاء عنده‪.‬‬
‫والمنبر الشريف الذي كان في زمنه صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم من أعظم المصنوعات في األرض‪ ،‬رفع الله قدره؛‬
‫َّلتصاله بنسبة الخدمة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله‬

‫(‪ )1‬الطبقات الكبرى (‪ )218 /1‬رقم‪.862‬‬

‫‪71‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وسلم‪ ،‬وكم من دعاء دعاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫على هذا المنبر واستجاب الله تعالى له‪ ،‬فناسب أن يتعدى‬
‫هذا الكرم ألمته صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فيستجاب‬
‫دعاء المرء عنده(‪ ،)7‬ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم‪ ،‬ودليل هذا‬
‫ما سيأتي من فعل الصحابة رضوان الله عليهم في العنوان التالي‪.‬‬
‫‪ _6‬التماس البركة بالمنبر‪.‬‬
‫كما قالوا‪ :‬لله في خلقه خواص في األزمنة واألمكنة‬
‫واألشخاص‪ ،‬فمنبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمع‬
‫الله فيه هذه المميزات الثالثة‪ ،‬جعله مباركاً وذا قيمة في الدنيا‬
‫واآلخرة‪ ،‬وجعله في مكان من أشرف البقاع وهو الروضة‬
‫الشريفة‪ ،‬واختصه ببركة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪.‬‬
‫فَ َمثَـله في القداسة _بل ربما أعظم_ كمثل تابوت بني‬
‫إسرائيل وما فيه من آثار موسى وهارون عليهما السالم‪ ،‬حيث‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)65 /1‬‬

‫‪72‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫كان بنو إسرائيل يستنصرون به على عدوهم‪ ،‬ببركة تلك اآلثار‪،‬‬
‫ال لَه ْم نَبِيُّـه ْم إِن آيَةَ م ْل ِك ِه أَ ْن يَأْتِيَكم‬
‫قال الله تعالى‪َ { :‬وقَ َ‬
‫التابوت فِ ِيه َس ِكينَةٌ ِم ْن َربِك ْم َوبَِقيةٌ ِمما تَـَرَك آل مو َسى َوآل‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين‬ ‫ِ‬
‫ك َآليَةً لَك ْم إ ْن كْنـت ْم م ْؤمن َ‬‫َهارو َن تَ ْح ِمله الْ َم َالئِ َكة إِن في َذل َ‬
‫(‪[ })248‬البقرة]‪.‬‬
‫لذا يجوز للمؤمن التوسل بحرمة هذا المنبر إلى الله تعالى‬
‫بأن يغفر الله تعالى له الذنوب ويفرج الكروب وغير ذلك مما‬
‫يراه المؤمن في صالح الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫ومن شواهد التماس الصحابة البركة في منبر النبي صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم ما رواه ابن سعد رحمه الله تعالى في‬
‫"طبقاته" عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه نظر‬
‫إلى ابن عمر رضي الله عنهما وقد وضع يده على مقعد النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المنبر ثم وضعها على وجهه‪،‬‬
‫_ثم قال_‪ :‬أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي وخالد‬
‫بن مخلد البجلي قاَّل‪ :‬أخبرنا أبو مودود عبد العزيز _مولى‬

‫‪73‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫لهذيل_ عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال‪ :‬رأيت ناساً من‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا خال المسجد‬
‫أخذوا برمانة المنبر الصلعاء التي تلي القبر بميامنهم‪ ،‬ثم استقبلوا‬
‫القبلة يدعون(‪.)7‬‬
‫وكأن الصحابة بفعلهم هذا يجددون العهد مع الله في‬
‫متابعة السنة المحمدية واإلخالص لها(‪.)2‬‬
‫وقال السمهودي رحمه الله‪ :‬ومن آداب الزيارة أن يأتي‬
‫المنبر الشريف‪ ،‬ويقف عنده‪ ،‬ويدعو الله تعالى‪ ،‬ويحمده على‬
‫ما يسر له‪ ،‬ويصلي على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬

‫(‪ )1‬الطبقات الكبرى َ العلمية (‪.)128 /1‬‬


‫(‪ )2‬سأل عبد الله بن أحمد بن حنبل أباه‪(( :‬عن الرجل يمس منبر النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويُقبِله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا‬
‫يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز فقال‪َ :‬ل بأس بذلك))‪ .‬العلل ومعرفة‬
‫الرجال ألحمد رواية ابنه عبد الله (‪ )422 /2‬المسألة رقم‪.1241‬‬
‫ويرى مالك كراهة مس القبر الشريف‪ .‬التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب‬
‫(‪.)101 /2‬‬

‫‪74‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ويسأل الله سبحانه وتعالى من الخير أجمع‪ ،‬ويستعيذ به‪ ،‬كما‬
‫قاله ابن عساكر‪ ،‬وكما كانت الصحابة تفعل‪.)7(..‬‬
‫قال الشيخ المال القاري عند قوله‪( :‬ثم استقبلوا القبلة‬
‫يدعون) أي الله سبحانه بهذه الوسيلة المشتملة على‬
‫الفضيلة))(‪.)2‬‬

‫‪ _7‬استمرار بعض خصائص المنبر النبوي للمنابر التي أتت‬


‫بعده‪.‬‬
‫كان المنبر النبوي محل اهتمام الخلفاء والملوك في‬
‫المسجد النبوي‪ ،‬وسواء المنبر الذي اعتاله النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم أو المنابر التي أتت بعده‪ ،‬أما اهتمامهم بمنبر‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خاصة فظاهر ومشهور‬
‫وسيأتي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه هو أول من كسا‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)218 /4‬‬


‫(‪ )2‬شرح الشفا (‪.)184 /2‬‬

‫‪75‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫المنبر‪ ،‬وكان ي َخلق أي يعطر مع المسجد عامة‪ ،‬وأما اَّلهتمام‬
‫بالمنابر التالية فْلنها حظيت بشرف النسبة إلى النبي صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬ودليل هذا ما سيأتي من حديث‪َ (( :‬ما‬
‫اض الْ َجن ِة))(‪ ،)7‬فهي نسبة للمنبر‬
‫ضةٌ ِم ْن ِريَ ِ‬ ‫ِ‬
‫بـَْي َن قَـْب ِري َومْنـبَ ِري َرْو َ‬
‫له صلى عليه وسلم بعد موته‪.‬‬
‫فكل منب ٍر و ِضع في مكان منبر النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم نال ذاك الشرف العظيم‪ ،‬وله خصائص منبر النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جواز التماس البركة به‪،‬‬
‫واستحباب الدعاء عنده وتعظيم الحلف عنده‪ ،‬وجواز التوسل‬
‫به‪ ،‬وغير ذلك مما ورد عن السلف الصالح‪ ،‬ويستثنى من‬
‫الخصائص للمنابر التالية لمنبر النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم خاصية المالمسة والمجالسة والحشر يوم القيامة مع النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فهذه َّل يشاركه فيها أحد من‬

‫(‪ )1‬مسند أحمد مخرجا رقم‪.11610‬‬

‫‪76‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫المنابر‪ ،‬وهذه المسألة لم أقف فيها على نقل من أهل العلم‪،‬‬
‫والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫ضةٌ ِم ْن‬ ‫ِ ِ‬
‫‪ _5‬من إشارات رواية (( َما بـَْي َن بـَْيتي َومْنـبَ ِري َرْو َ‬
‫الجن ِة))(‪ ،)7‬لزوم الطاعة والتزام المحبة ْلل بيت الحبيب‬ ‫اض َ‬‫ِريَ ِ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬
‫في الحديث السابق إشارة وبشارة‪ ،‬أما اإلشارة إلى المنبر‬
‫فمعناه التمسك بالشرع الذي أتي به النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪ ،‬وهذا مستشف من الحديث الذي ذكرناه تحت فقرة‬
‫تعظيم الحلف عند المنبر ((ََّل يَ ْحلِف ِعْن َد َه َذا الْ ِمْنـبَ ِر َعْب ٌد َوََّل‬
‫ٍِ‬
‫ت لَه النار))‪ ،‬وأما إشارة‬ ‫أ ََمةٌ َعلَى يَ ِمي ٍن آث َمة‪ ،..‬إَِّل َو َجبَ ْ‬
‫((بيتي)) فيعني آل بيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫فمن تمسك بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبمحبة‬
‫آل بيته الكرام فقد كان في روضة من رياض الجنة‪ ،‬وب ِشر بها‪.‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪ ،7118‬صحيح مسلم رقم‪.802‬‬

‫‪77‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وهذه اإلشارة والبشارة جاءت من إطالق رياض الجنة‬
‫على معان أخرى غير الروضة الشريفة‪ ،‬ومنها ما رواه الترمذي‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنه‪ ،‬أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫اض الْ َجن ِة فَ ْارتَـعوا‪ ،‬قَالو‪:‬ا‬
‫وعلى آله وسلم قال‪(( :‬إِ َذا َمَرْرت ْم بِ ِريَ ِ‬
‫الذ ْك ِر))(‪ ،)7‬ومنها ما رواه مسلم‬ ‫ال‪ِ :‬حلَق ِ‬ ‫َوَما ِريَاض الْ َجن ِة؟ قَ َ‬
‫ول الل ِه ‪-‬صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪-‬‬ ‫َعن ثـَوبا َن مولَى رس ِ‬
‫ْ َْ َْ َ‬
‫ال َرسول الل ِه صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪َ (( :‬م ْن‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫أنه قَ َ‬
‫يضا لَ ْم يـََزْل فِي خ ْرفَِة الْ َجن ِة َحتى يـَْرِج َع))(‪.)2‬‬ ‫َع َاد َم ِر ً‬
‫فهذه المعاني تدل على أن موجبات الدخول في روض‬
‫الجنة له معان كثيرة‪ ،‬تتمثل باألعمال الصالحة‪ ،‬مما يدل على‬
‫أن للمنبر والبيت في الحديث السابق معنى اعتباري آخر‪ ،‬ومن‬
‫معناه الذي قدمناه‪ ،‬فكثير من الناس َّل يتهيأ له زيارة الروضة‬
‫الشريفة وَّل المنبر الشريف‪ ،‬وهو في مقام كبير من التمسك‬

‫(‪ )1‬سنن الترمذي رقم‪.1412‬‬


‫(‪ )2‬صحيح مسلم رقم‪ ،6717‬والخرفة‪ :‬الطريق‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫بهدي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ِ‬
‫وحب آل بيته‬
‫المْنـ َقبَة لن تفوته بإذن الله تعالى‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫الكرام‪ ،‬فهذه َ‬

‫بين قَب ِري ومنب ِري))‪.‬‬


‫‪ _2‬خصائص رواية ((ما َ‬
‫روى اإلمام أحمد وغيره الحديث الصحيح السابق عن‬
‫عدد من الصحابة ومنهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما‬
‫اض الْ َجن ِة))(‪.)7‬‬
‫ضةٌ ِم ْن ِريَ ِ‬ ‫ِ‬
‫بلفظ‪َ (( :‬ما بـَْي َن قَـْب ِري َومْنـبَ ِري َرْو َ‬
‫قال ابن بطال رحمه الله تعالى‪(( :‬قال الطبري‪ :‬إذا كان‬
‫قبره في بيت من بيوته‪ ،‬كان معلوماً بذلك أن الروايات وإن‬
‫اختلفت ألفاظها صحيحة‪ ،‬ألن معانيها متفقة‪ ،‬ألن بيته الذى‬
‫فيه قبره هو حجرة من حجره))(‪.)2‬‬
‫لذلك ترجم البخاري رحمه الله تعالى على لفظة ((بيتي))‬
‫بقوله‪(( :‬باب فضل ما بين القبر والمنبر)) وكذلك النووي رحمه‬

‫(‪ )1‬مسند أحمد مخرجا رقم‪.11610‬‬


‫(‪ )2‬شرح صحيح البخاري (‪.)122 /8‬‬

‫‪79‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫الله تعالى فقال‪(( :‬باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض‬
‫الجنة))(‪.)7‬‬
‫ففي هذه اللفظة بشارة على أن النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫ث النبي صلى الله‬ ‫آله وسلم سيدفن في بيته من يوم أن حد َ‬
‫عليه وعلى آله وسلم بذلك‪ ،‬وفيه بشارة على أن منبر النبي صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم باق بعد موته وإن تعددت أشكاله‪،‬‬
‫وأن منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو باق ما دام‬
‫قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم موجود‪ ،‬وأن زيارة القبر‬
‫وكذا المنبر وما بينهما هي زيارة لروضة من رياض الجنة‪ ،‬وهي‬
‫من ِ‬
‫أجل السنن التي يتقرب بها إلى الله تعالى(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري عند حديث رقم‪ ،1128‬صحيح مسلم عند رقم‪.800‬‬
‫(‪ )2‬قال الطحاوي رحمه الله تعالى‪ :‬إ ن الله عز وجل قد أخفى على كل نفس‬
‫سواه صلى الله عليه وسلم األرض التي يموت فيها‪ ،‬بقوله جل وعز في‬
‫تموت} [لقمان‪ ،]14 :‬فأعلمه عز وجل‬
‫أرض ُ‬ ‫بأي ٍ‬‫نفس ِ‬
‫كتابه {وما تدري ٌ‬
‫الموضع الذي فيه يموت‪ ،‬والموضع الذي فيه قبره حتى علم ذلك في‬

‫‪81‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫التوسل بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ُّ -10‬‬
‫والصالحين األحياء على منبر النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪.‬‬
‫إن التوسل بالصالحين األحياء وباألخص من الصحابة‬
‫وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم محل اتفاق في عمل األمة‬
‫على جوازه‪ ،‬وكون هذا التوسل على منبر رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فهو أرجى للقبول‪ ،‬وليس من خصوصياته‪ ،‬وقد عمله‬
‫عمر رضي الله عنه عام الرمادة عام ‪ 78‬للهجرة وكان عام قحط‬
‫عم النبي صلى الله عليه وعلى‬ ‫وشدة وبالء‪ ،‬إذ توسل بالعباس ِ‬
‫آله وسلم‪.‬‬
‫فقد روى البخاري رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك‬
‫اب‪َ ،‬ر ِض َي الله َعْنه‪َ ،‬كا َن‬
‫الخط ِ‬‫رضي الله تعالى عنه أَن ع َمَر بْ َن َ‬
‫ال‪ :‬اللهم إِنا‬ ‫اس بْ ِن َعْب ِد المطلِ ِ‬
‫ب‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫العب ِ‬‫ِ‬ ‫إِ َذا قَ َحطوا‪ْ ،‬‬
‫استَ ْس َقى ب َ‬

‫حياته وحتى أعلمه من أعلمه من أمته فهذه منزلة َل منزلة فوقها زاده الله‬
‫شرفا وخيراً‪ ،‬والله عز وجل نسأله التوفيق‪ .‬شرح مشكل اْلثار (‪.)121 /7‬‬

‫‪81‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ك بِ َع ِم نَبِيِنَا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ك بِنَبِيِنَا فَـتَ ْسقينَا‪َ ،‬وإِنا نـَتَـ َوسل إِلَْي َ‬
‫كنا نـَتَـ َوسل إِلَْي َ‬
‫ال‪ :‬فَـي ْس َق ْو َن(‪.)7‬‬ ‫اس ِقنَا‪ ،‬قَ َ‬
‫فَ ْ‬
‫وهذا الحديث أخرجه ابن عساكر رحمه الله وغيره في‬
‫أطول من هذا وبين خروج العباس مع عمر رضي الله عنهما إلى‬
‫المنبر لدعاء اَّلستسقاء‪ ،‬فعن أبي صالح رحمه الله أنه قال‪ :‬إن‬
‫األرض أجدبت على عهد عمر بن الخطاب‪ ،..‬فشكا عمر‬
‫فيه الناس‪ ،‬فصعد عمر المنبر‪ ،‬وصعد معه العباس‪،‬‬ ‫للعباس ما ِ‬‫ِ‬
‫فقال عمر‪ :‬اللهم إنا توجهنا إليك بعم نبيك وصنو أبيه‪ ،‬فاسقنا‬
‫الغيث وَّل تجعلنا من القانطين‪ ،‬ثم قال عمر‪ :‬قل يا أبا الفضل‪،‬‬
‫فقال العباس‪ :‬اللهم إنه لم ينزل بالء إَّل بذنب‪ ،‬ولم يكشف إَّل‬
‫بتوبة‪ ،‬وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك‪ ،‬وهذه أيدينا‬

‫(‪ )1‬صحيح البخاري رقم‪.1010‬‬

‫‪82‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫إليك بالذنوب‪ ،‬ونواصينا بالتوبة‪ ،‬فاسقنا الغيث‪ ،‬فأرخت‬
‫السماء(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬تاريخ مدينة دمشق ‪ ،160/26‬مع اَلختصار‪ ،‬السيرة الحلبية ‪ -‬إنسان‬


‫العيون في سيرة األمين المأمون (‪ ،)66 /2‬جامع األحاديث للسيوطي‬
‫(‪)126 /26‬‬
‫‪ ،22208‬قال في مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح (‪:)122 /8‬‬
‫(( وعند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان فلما‬
‫صعد عمر ومعه العباس المنبر‪.))..‬‬
‫قال الشنقيطي رحمه الله تعالى بعد أن ساق الحديث‪ :‬قال ابن عبد البَ ر‪ :‬وهذه‬
‫األلفاظ كلها لم تجيء في حديث واحد‪ ،‬ولكنها جاءت في أحاديث‬
‫جمعتُها واختصرتُها ولم أخالف شيئًا منها‪ ،‬وفي بعضها‪ :‬فُسقوا والحمد‬
‫لله‪ .‬وفي بعضها‪ :‬فأرخت السماء عزاليها‪( ..‬كوثر المعاني الدراري في‬
‫كشف خبايا صحيح البخاري) (‪.)61 /8‬‬

‫‪83‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫ستشف من الحديث السابق في قوله‪(( :‬فشكا عمر‬ ‫ُّ‬ ‫ي‬


‫فيه الناس‪ ،‬فصعد عمر المنبر‪ ،‬وصعد معه‬ ‫للعباس ما ِ‬
‫ِ‬
‫العباس‪ )7())..‬أن المنبر الذي صعده عمر مع العباس رضي الله‬
‫تي به‬
‫تعالى عنهما هو منبر النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقد أ َ‬
‫من المسجد النبوي لخطبة اَّلستسقاء تعظيماً للمقام الذي هم‬
‫فيه‪ ،‬فقد كانوا َّل يصلون اَّلستسقاء إَّل في المصلى‪ ،‬ولعل هذا‬
‫كان في زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فحسب‪ ،‬لذا قال‬
‫(‪)2‬‬
‫بعض الفقهاء بجواز إخراج المنبر للعيد‬
‫وأما أول من اتخذ المنبر وكان من طين ولَبِ ٍن في مصلى‬
‫العيد هو مروان بن الحكم‪ ،‬كما سيأتي‪.‬‬
‫ومما يدل على نقل المنبر أيام النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ألجل العيد أو لالستسقاء ما رواه ابن ِحبان رحمه الله عن‬

‫(‪ )1‬تاريخ مدينة دمشق ‪..160/26‬‬


‫(‪ )2‬فتح القدير للكمال ابن الهمام (‪.)24 /2‬‬

‫‪84‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ول الل ِه‬ ‫ت‪َ :‬ش َكا الناس إِلَى رس ِ‬
‫َ‬ ‫عائشةَ رضي الله عنها أنها قَالَ ْ‬
‫ط الْ َمطَ ِر‪ ،‬فَأ ََمَر بِالْ ِمْنـبَ ِر‪ ،‬فَـو ِض َع لَه فِي‬ ‫صلى الله َعلَْي ِه َو َسل َم قَ ْح َ‬ ‫َ‬
‫ت َعائِ َشة‪ :‬فَ َخَر َج‬ ‫ِِ‬
‫اس يـَ ْوًما يَ ْخرجو َن فيه‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫صلى‪َ ،‬وَو َع َد الن َ‬ ‫الْم َ‬
‫س‪،‬‬ ‫اجب الش ْم ِ‬ ‫رسول الل ِه صلى الله علَي ِه وسلم ِحين ب َدا ح ِ‬
‫َْ ََ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‪(( :‬إِنك ْم‬ ‫فَـ َق َع َد َعلَى الْ ِمْنـبَ ِر فَ َح ِم َد اللهَ َوأَثْـنَى َعلَْي ِه‪ ،‬ثم‪ ،‬قَ َ‬
‫ان َزَمانِِه َعْنك ْم‪،‬‬ ‫َش َكوتم ج ْدب ِجنَانِكم‪ ،‬واحتِباس الْمطَ ِر عن إِب ِ‬
‫ْ َ ْ َ َ َ َْ‬ ‫ْْ َ َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫يب لَك ْم))‪ ،‬ثم قَ َ‬ ‫ج‬ ‫وقَ ْد أَمركم الله أَ ْن تَ َدعوه‪ ،‬ووع َدكم أَ ْن يست ِ‬
‫ََ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َ ََ‬
‫ك يـوِم ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫الدي ِن‪،‬‬ ‫ين‪ ،‬الر ْح َم ِن الرحي ِم‪َ ،‬مال َ ْ‬ ‫((الْ َح ْمد لله َرب الْ َعالَم َ‬
‫ت‬ ‫ت الله ََّل إِلَهَ إَِّل أَنْ َ‬ ‫ت تَـ ْف َعل َما ت ِريد‪ ،‬اللهم أَنْ َ‬ ‫ََّل إِلَهَ إَِّل أَنْ َ‬
‫ت لَنَا قـوًة‬ ‫اج َع ْل َما أَنْـَزلْ َ‬ ‫ث‪َ ،‬و ْ‬ ‫الْغَنِ ُّي َونَ ْحن الْف َقَراء‪ ،‬أَنْ ِزْل َعلَْيـنَا الْغَْي َ‬
‫صلى الله َعلَْي ِه َو َسل َم َحتى َرأَيْـنَا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوبََال ًغا إِلَى حي ٍن)) ثم َرفَ َع يَ َديْه َ‬
‫ب أ َْو َحو َل ِرَداءَه‬ ‫اس ظَ ْهَره‪َ ،‬وقَـلَ َ‬ ‫اض إِبْطَيْ ِه‪ ،‬ثم َحو َل إِلَى الن ِ‬ ‫بـَيَ َ‬
‫صلى َرْك َعتَـْي ِن‪ ،‬فَأَنْ َشأَ‬ ‫اس َونـََزَل فَ َ‬ ‫َوه َو َرافِ ٌع يَ َديِْه‪ ،‬ثم أَقْـبَل َعلَى الن ِ‬
‫َ‬
‫ث فِي‬ ‫ت بِِإ ْذ ِن الل ِه‪ ،‬فَـلَ ْم يَـلْبَ ْ‬‫ت َوأ َْمطََر ْ‬ ‫ت َوأَبْـَرقَ ْ‬
‫الله َس َحابًا‪ ،‬فَـَر َع َد ْ‬

‫‪85‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ(‪)7‬‬
‫صلى الله‬ ‫السيول‪ ،‬فَـلَما َرأَى َرسول الله َ‬ ‫َم ْسجده َحتى َسالَت ُّ‬
‫ت نـَ َو ِاجذه‬‫ك َحتى بَ َد ْ‬ ‫ض ِح َ‬‫اس َ‬ ‫َعلَْي ِه وسلم لَثَ َق الثِي ِ‬
‫اب(‪َ )2‬علَى الن ِ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫ال‪(( :‬أَ ْش َهد أَن اللهَ َعلَى ك ِل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير‪َ ،‬وأَنِي َعْبد الل ِه‬ ‫َوقَ َ‬
‫َوَرسوله))(‪.)3‬‬
‫ولعل إخراج المنبر النبوي كان قليالً ألنه لم يشتهر بين‬
‫الصحابة رضوان الله تعالى عليهم‪ ،‬كما جاء في حديث عند‬
‫ب يـَ ْوَم‬ ‫ط‬
‫َ‬ ‫خ‬ ‫م‬ ‫ل‬‫س‬ ‫و‬ ‫ابن خزيمة وفيه‪((( :‬أَن النبِي صلى الله علَي ِ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫احلَتِ ِه))(‪.)4‬‬
‫يد علَى ر ِ‬ ‫ٍِ‬
‫ع َ َ‬
‫وأما أول من استخدام المنبر في المصلى وكان من طي ٍن‬
‫ولَبِ ٍن هو مروان بن الحكم –كما أسلفت‪ -‬لما كان أميراً على‬

‫ول)) كما في المستدرك على‬


‫السيُ ُ‬
‫ت ُّ‬ ‫ِ‬
‫ْت مس ِج َدهُ حتَّى سالَ ِ‬
‫َ َ‬ ‫(‪ )1‬أي ((فَلَ ْم يَأ َ ْ‬
‫الصحيحين رقم‪.1228‬‬
‫(‪ )2‬أي بللها بالمطر‪.‬‬
‫(‪ )1‬صحيح ابن حبان رقم ‪ ،221‬ورواه أبو داود وقال‪َ (( :‬و َه َذا َح ِد ٌ‬
‫يث غَ ِر ٌ‬
‫يب‪،‬‬
‫ادهُ َجيِ ٌد)) حديث رقم‪.1171‬‬
‫إِ ْسنَ ُ‬
‫(‪ )4‬صحيح ابن خزيمة رقم‪ ،1448‬راجع السنن الكبرى للبيهقي رقم‪.6617‬‬

‫‪86‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫المدينة المنورة كما جاء في صحيح مسلم عن أبي سعيد‬
‫صلى الله َعلَْي ِه وعلَى آلِِه‬ ‫الخدري رضي الله عنه أَن رس َ ِ‬
‫ول الله َ‬ ‫َ‬
‫َض َحى‪َ ،‬ويـَ ْوَم الْ ِفطْ ِر‪ ،‬فَـيَـْب َدأ بِالص َالةِ‪،‬‬ ‫وسل َم‪َ ،‬كا َن يَ ْخرج يـَ ْوَم ْاأل ْ‬ ‫َ‬
‫وس فِي‬ ‫اس‪َ ،‬وه ْم جل ٌ‬ ‫ص َالتَه َو َسل َم‪ ،‬قَ َام فَأَقْـبَل َعلَى الن ِ‬
‫َ‬ ‫صلى َ‬ ‫فَِإ َذا َ‬
‫ت لَه‬ ‫اس‪ ،‬أ َْو َكانَ ْ‬ ‫ث‪ ،‬ذَ َكَره لِلن ِ‬ ‫مصالهم‪ ،‬فَِإ ْن َكا َن لَه حاجةٌ بِبـع ٍ‬
‫َ َ َْ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬
‫صدقوا‪،‬‬ ‫صدقوا‪ ،‬تَ َ‬ ‫ك‪ ،‬أ ََمَره ْم بِ َها‪َ ،‬وَكا َن يـَقول‪(( :‬تَ َ‬ ‫اجةٌ بِغَْي ِر َذل َ‬‫َح َ‬
‫ص ِرف‪ ،‬فَـلَ ْم‬ ‫ِ‬
‫صدق الن َساء‪ ،‬ثم يـَنْ َ‬ ‫صدقوا))‪َ ،‬وَكا َن أَ ْكثَـَر َم ْن يـَتَ َ‬ ‫تَ َ‬
‫ِ (‪)7‬‬
‫ك َحتى َكا َن َم ْرَوان بْن الْ َح َك ِم‪ ،‬فَ َخَر ْجت م َخاصًرا‬ ‫ِ‬
‫يـََزْل َك َذل َ‬
‫ت قَ ْد بـَنَى ِمْنـبَـًرا‬ ‫مروا َن حتى أَتَـيـنَا الْمصلى‪ ،‬فَِإذَا َكثِير بن الصلْ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ ْ‬
‫ِم ْن ِطي ٍن َولَبِ ٍن‪ ،‬فَِإ َذا َم ْرَوان يـنَا ِزعنِي يَ َده‪َ ،‬كأَنه يَجُّرنِي نَ ْح َو الْ ِمْنـبَ ِر‪،‬‬
‫ك ِمْنه‪ ،‬قـلْت‪ :‬أَيْ َن اَِّلبْتِ َداء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوأَنَا أَجُّره نَ ْح َو الص َالة‪ ،‬فَـلَما َرأَيْت ذَل َ‬
‫يد قَ ْد ت ِرَك َما تَـ ْعلَم‪ ،‬قـلْت‪َ :‬كال‪،‬‬ ‫ال‪ََّ :‬ل‪ ،‬يا أَبا سعِ ٍ‬ ‫بِالص َالةِ؟ فَـ َق َ‬
‫َ َ َ‬

‫(‪ )1‬أي مماشيًا محاذيًا معه يده في يدي‪ ،‬يقال خاصره إذا أخذ بيده في المشي‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوالذي نـَ ْف ِسي بِيَدهِ ََّل تَأْتو َن بِ َخْي ٍر ِمما أ َْعلَم‪ ،‬ثََال َ‬
‫ث ِمَرا ٍر ثم‬
‫ف(‪.)7‬‬ ‫صَر َ‬
‫انْ َ‬

‫كان عدد درجات منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم ثالث درجات‪ ،‬والدرجة الثالثة هي مكان جلوس النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬كما ورد في صحيحي البخاري‬
‫ث درج ٍ‬
‫ات(‪.)2‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫ومسلم الذي قدمناه وفيه‪ :‬فَـ َعم َل َهذه الث َال َ َ َ َ‬
‫ولقد اختلفت تعابير المؤرخين في بيان مقاييس المنبر‬
‫النبوي الشريف‪ ،‬نظراً لتعدد وحدة المقاييس‪ ،‬وَّلختالفهم في‬
‫وحدة المقاييس من عصر إلى عصر وفي الزمن الواحد‪ ،‬حسب‬
‫ما أرى‪ ،‬وكان أكثر اعتمادي في تحديد مساحة المنبر النبوي‬
‫على ما قاله ابن َزبَالة رحمه الله‪( ،‬وهو محمد بن الحسن بن‬
‫زبالة‪ ،‬الذي توفي سنة ‪711‬هـ)‪ ،‬ألن أكثر من جاء بعده اعتمد‬

‫(‪ )1‬صحيح مسلم رقم‪.2005‬‬


‫(‪ )2‬صحيح البخاري رقم‪ ،2024‬صحيح مسلم واللفظ له رقم‪.44‬‬

‫‪88‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫على كالمه‪ ،‬وتكلموا بتقدير قريب من تقديره‪ ،‬والعبارة التي‬
‫استقيت منها أبعاد المنبر كانت من كتاب "أخبار المدينة"‬
‫ص‪ ،10‬وذلك باَّلعتماد على مقاس ِ‬
‫الشبر مع المقارنة مع‬
‫الذراع المتوسط الذي ذكره عند بيان مساحة المنبر‪ ،‬وهي قوله‪:‬‬
‫((وطول المجلس شبران وأربع أصابع في مثل ذلك مربع‬
‫_ثم قال_ وعرض درجه شبران‪ ،‬وطولها شبر‪ ،‬وطوله من‬
‫ورائه ‪ -‬يعنى محل اَلستناد ‪ -‬شبران وشيء‪ ،‬فيؤخذ من‬
‫ذلك أن امتداد المنبر النبوي من أوله ‪ -‬وهو ما يلي القبلة‬
‫‪ -‬إلى ما يلي آخره في الشام أربعة أشبار وشيء‪_ ،‬ثم قال_‬
‫وقد تقدم أن ارتفاع المنبر النبوي خاصة ذراعان‪ ،‬فيكون ارتفاع‬
‫الرمانة نحو نصف ذراع‪_ ،‬ثم قال_ وفي المنبر من أسفله إلى‬

‫‪89‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫أعاله سبع كوى مستطيرة من جوانبه الثالث _ثم قال_ وكان‬
‫فيه خمسة أعواد تدور ))(‪ )7‬انتهى كالم ابن َزبالة‪.‬‬

‫من خالل النظر في كالم ابن زبالة رأيت أن مقدار الشبر‬


‫في هذه الرواية نحو ‪30‬سم(‪.)2‬‬
‫وقد اعتمدت على هذا التقدير باعتبار أن الدرجة التي عد‬
‫عرضها شبراً َّل تكون أقل من ‪ 30‬سم عادة‪ ،‬إذ َّل يستقيم‬
‫الرجلين على أقل من ذلك عادة‪ ،‬ومن جهة أخرى َّل‬ ‫وقوف ِ‬
‫يستقيم جلوس الخلفاء الراشدين (أبي بكر وعمر وعثمان رضي‬
‫(‪ )1‬أخبار المدينة (ص‪.)20‬‬
‫(‪ )2‬تنبيه قدر بعض العلماء الشبر بنصف ذراع‪.‬‬
‫واختلف الفقهاء في تقديره فقال الحنفية الشبر إنه يساوي ‪11،8‬سم‪ ،‬وقال‬
‫المالكية الشبر يساوي ‪ 5،5‬سم‪ ،‬وقدره الشافعية والحنابلة ب ‪18،4‬سم‪.‬‬
‫المكاييل والموازين الشرعية لألستاذ الدكتور علي جمعة محمد ص‪.82‬‬

‫‪91‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫الله عنهم) عليها بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما‬
‫سيأتي‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫ومن األدلة على أن طول الشبر في هذا النص نحو ‪30‬سم‬
‫ما قاله ابن َزبالة في كالم له قبل النص السابق‪(( :‬وطول منبر‬
‫النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خاصة ذراعان في‬
‫السماء))(‪ ،)7‬أي أن ارتفاع المنبر من األرض إلى مستوى الدرجة‬
‫الثالثة وهي المجلس ذراعان‪.‬‬
‫فإذا أخذنا باعتبار أن كل ذراع يساوي ‪53‬سم(‪ ،)2‬كحد‬
‫وسطي لمقدار الذراع‪ ،‬وقمنا بتقسيم مجموع الذراعين وهو‬
‫‪706‬سم على ارتفاع ثالث درجات؛ ألنه قال إن ارتفاع الدرج‬
‫شبر‪ ،‬كانت كل درجة لها من اَّلرتفاع ‪35،3‬سم‪ ،‬فهذا يعني‬

‫(‪ )1‬أخبار المدينة (ص‪.)20‬‬


‫(‪ )2‬وهذا قول المالكية في تقدير الذراع‪ .‬المكاييل والموازين الشرعية لألستاذ‬
‫الدكتور علي جمعة محمد ص‪ ،80‬وأما إذا أخذنا بالحد األعلى على أن‬
‫الذراع تساوي ‪61‬سم تقريباً‪- ،‬كما سيأتي ذكره‪ -‬فستزيد المساحة‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫أن مقدار الشبر في كالمه السابق نحو ‪30‬سم تقريباً‪ ،‬وسيأتي‬
‫من تحليل كالمه أن الدرجة األولى ارتفاعها نحو ‪ 30‬سم‬
‫وكذلك الثانية وأما الثالثة وهي المجلس فهي أكبر وارتفاعها‬
‫نحو ‪45‬سم تقريباً‪.‬‬

‫الشبر في اللغة‪ :‬ما بين أعلى اإلبهام وأعلى الخنصر(‪،)7‬‬


‫مع التفريج المعتاد(‪.)2‬‬
‫وأما الشبر في اصطالح الفقهاء‪ ،‬فقد حدده الفقهاء‬
‫بنصف ذراع‪ ،‬وجعلوا الذراع يساوي شبرين تقريباً‪ ،‬قال ابن‬

‫(‪ )1‬تاج العروس من جواهر القاموس مادة شبر‪.‬‬


‫(‪ )2‬الموسوعة الفقهية الكويتية (‪.)115 /15‬‬

‫‪92‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫عابدين رحمه الله تعالى‪(( :‬فالمراد بالذراع ذراع الكرباس وهو‬
‫ذراع اليد شبران تقريباً))(‪.)7‬‬
‫وتقدير الذراع عند الفقهاء جاء من الحديث الذي رواه‬
‫ص‬
‫أبو داود وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال‪َ :‬رخ َ‬
‫ين فِي‬ ‫َ‬
‫ت الْم ْؤِمنِ‬ ‫رسول الل ِه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ِألمها ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫استَـَزْدنَه‪ ،‬فَـَز َادهن ِشْبـًرا‪ ،‬فَكن يـ ْرِس ْل َن إِلَْيـنَا فَـنَ ْذ َرع‬ ‫ِ‬
‫الذيْ ِل شْبـًرا‪ ،‬ثم ْ‬
‫اعا(‪.)2‬‬ ‫ِ‬
‫لَهن ذ َر ً‬
‫وهذا التقدير للشبر تبعاً لمقاس اليد المعتدلة المتوسطة‪،‬‬
‫حسب التعريف اللغوي للذراع والشبر‪.‬‬
‫المحدثِين من بحث في مقدار طول‬ ‫َ‬ ‫وقلة من الفقهاء‬
‫الشبر حسب مقاييس اليوم‪ ،‬ومن ذكره نقل اختالف الفقهاء‬

‫(‪ )1‬حاشية ابن عابدين (رد المحتار) (‪ ،)801 /1‬وانظر هذا التقدير أيضاً في‬
‫أسنى المطالب في شرح روض الطالب (‪ ،)14 /1‬كشاف القناع عن متن‬
‫اإلقناع (‪.)74 /1‬‬
‫(‪ )2‬سنن أبي داوود رقم‪ ،4112‬سنن ابن ماجه رقم‪.1851‬‬

‫‪93‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫في مقداره على عدة أقوال‪ ،‬وأقل مقاييسه ما قاله المالكية وهو‬
‫‪8،8‬سم‪ ،‬وأكبرها ‪75،4‬سم عند الشافعية والحنابلة‪ ،‬كما‬
‫نسب لهم هذا الشيخ علي جمعة‪ ،‬وقال بأن الشبر يقدر ب ـ‪6‬‬
‫أصابع(‪.)7‬‬
‫وأما مقدار الشبر حسب التعريف اللغوي للذراع والشبر‬
‫فهو ‪23،7‬سم‪ ،‬باعتبار أن الذراع هو‪46،2‬سم كما سيأتي‪،‬‬
‫وهذا قريب من تقدير المالكية حيث قالوا بأن الشبر هو ما‬
‫يساوي عظم الذراع عند بيان مسألة ارتفاع اإلمام عن المأموم‪،‬‬
‫وعظم الذراع من طي المرفق إلى مبدأ الكف(‪.)2‬‬
‫غير أن الفقهاء اختلفوا أيضاً في مقدار الذراع على ثالثة‬
‫أقوال(‪:)3‬‬

‫(‪ )1‬المكاييل والموازين الشرعية لعلي جمعة ص‪82‬و‪.27‬‬


‫(‪ )2‬شرح مختصر خليل للخرشي (‪.)17 /2‬‬
‫(‪ )1‬المقادير الشرعية واألحكام الفقهية المتعلقة بها للدكتور محمد نجم الدين‬
‫الكردي ص‪.217‬‬

‫‪94‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫القول األول‪ :‬ومقاس الذراع حسب مقاييس اليوم‬
‫‪46،2‬سم‪ ،‬وبهذا قال الحنفية(‪ ،)7‬وكأن هؤَّلء نظروا إلى المعنى‬
‫اللغوي للذراع وهو ذراع اليد لإلنسان المعتدل‪ ،‬وهو ((ما كان‬
‫من اإلنسان من طرف المرفق إلى طرف األصبع الوسطى))(‪.)2‬‬
‫القول الثاني‪ :‬قدر المالكية الذراع بـ ـ ـ ‪53‬سم‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬ومقاسها ‪67،8‬سم‪ ،‬وهذه تسمى الذراع‬
‫الهاشمية(‪ ،)3‬وبهذا قال الشافعية والحنابلة‪.‬‬

‫من خالل النظر في مقالة ابن زبالة في تقديره لمساحة‬


‫المنبر بالذراع والشبر‪ ،‬يتبين للباحث أن الذراع الذي اعتبره هو‬

‫(‪ )1‬المكاييل والموازين الشرعية لعلي جمعة ص‪ ،27‬معجم لغة الفقهاء لمحمد‬
‫رواس قلعجي ‪ -‬وحامد صادق قنيبي (ص‪.)211 :‬‬
‫(‪ )2‬تاج العروس من جواهر القاموس مادة ذرع‪.‬‬
‫(‪ )1‬يراجع معجم لغة الفقهاء لمحمد رواس قلعجي ‪ -‬وحامد صادق قنيبي‬
‫(ص‪.)211 :‬‬

‫‪95‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ما يساوي ‪60‬سم تقريباً‪ ،‬وأن الشبر المقدر لديه هو ‪30‬سم‬
‫تقريباً‪.‬‬
‫ومن مؤيدات اختيار الشبر بمقاس ‪30‬سم ما عده بعض‬
‫الفقهاء من أن القدم يساوي ‪30‬سم تقريباً(‪.)7‬‬
‫وقد ذكرنا أن ِرجل الرجل َّل يستقيم وقوفها على الدرجة‬
‫إَّل بنحو ‪30‬سم‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫من خالل النظر في كالم ابن زبالة‪ ،‬وما قدمناه من تقدير‬


‫الذراع‪ ،‬نأتي على تقدير مساحة المنبر النبوي في كل جزء منه‪،‬‬
‫وهذه التقديرات التي أذكرها متوافقة مع ما جاء في شرح‬

‫(‪ )1‬المكاييل والموازين الشرعية د‪ .‬علي جمعة ص‪ ،42‬معلمة الفقه المالكي‬


‫(ص‪.)254 :‬‬

‫‪96‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫السمهودي رحمه الله لكالم ابن زبالة في كتابه "وفاء الوفاء‬
‫بأخبار دار المصطفى"(‪.)7‬‬
‫‪ -1‬مساحة المجلس‪ :‬وهو مكان جلوس النبي صلى‬
‫الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وهو الدرجة الثالثة وهي نحو‪65‬سم‬
‫طوَّلً وعرضاً‪ ،‬وأخذ هذا التقدير من قوله‪(( :‬طول المجلس‬
‫شبران وأربع أصابع في مثل ذلك مربع))‪ ،‬وعرض المجلس هو‬
‫عرض المنبر كله‪.‬‬
‫وهذا التقدير يتوافق مع وصف ابن النجار رحمه الله تعالى‬
‫حيث قال‪(( :‬وعرضه ذراع راجح))(‪ ،)2‬على اعتبار أن الذراع‬
‫هو‪67،8‬سم‪.‬‬

‫‪ -2‬مساحة المستند‪ :‬ومكان استناد الظهر هو ارتفاع‬


‫األعواد من خلف ظهر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)12 /2‬‬


‫(‪ )2‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص‪.)25 :‬‬

‫‪97‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫وارتفاعه نحو ‪65‬سم‪ ،‬ومأخوذ من قوله‪(( :‬وطوله من ورائه ‪-‬‬
‫يعني محل اَّلستناد ‪ -‬شبران وشيء))‪ ،‬وعرض المستند بعرض‬
‫المنبر‪.‬‬
‫وهذا التقدير يتقارب مع وصف ابن النجار رحمه الله‬
‫تعالى حيث قال‪(( :‬وطول صدره وهو مستند النبي صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم ذراع))(‪ ،)7‬على اعتبار أن الذراع‬
‫هو‪67،8‬سم‪.‬‬
‫‪ -1‬عرض درجتي المنبر النبوي‪ :‬إن عرض كل واحدة‬
‫من الدرجة األولى والدرجة الثانية شبر أي ‪30‬سم‪ ،‬وتكون‬
‫الدرجة الثانية هي مكان وقوف النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪ ،‬وهذا مأخوذ من قوله‪(( :‬عرض درجه شبران))‪.‬‬
‫‪ -4‬ارتفاع درجتي المنبر النبوي‪ :‬إن ارتفاع الدرجة‬
‫األولى ‪30‬سم وكذلك الدرجة الثانية‪ ،‬وهو مأخوذ من قوله‪:‬‬
‫((وطولها شبر))‪.‬‬

‫(‪ )1‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص‪.)25 :‬‬

‫‪98‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ -8‬طول المنبر من أوله إلى آخره‪ :‬إن امتداد المنبر‬
‫على األرض ‪725‬سم تقريباً‪ ،‬ألن الدرجة األولى شبر وعرضها‬
‫‪30‬سم وكذلك الثانية ‪30‬سم‪ ،‬فيبقى شبران للدرجة الثالثة وهي‬
‫المجلس ومقاسها ‪ 65‬سم‪ ،‬وهذا ما صرح به عند بيان أبعاد‬
‫المجلس في قوله‪(( :‬فيؤخذ من ذلك أن امتداد المنبر النبوي‬
‫من أوله ‪ -‬وهو ما يلي القبلة ‪ -‬إلى ما يلي آخره في الشام‬
‫أربعة أشبار وشيء))‪.‬‬
‫‪ -6‬ارتفاع المنبر إلى حد المجلس‪ :‬إن ارتفاعه من‬
‫األرض إلى مستوى المجلس ذراعان‪ ،‬أي بمقدار ‪706‬سم‪،‬‬
‫لكل ذراع ‪53‬سم(‪ )7‬تقريباً‪ ،‬وقوله‪(( :‬وقد تقدم أن ارتفاع المنبر‬
‫النبوي خاصة ذراعان)) فنستنتج أن مقدار ارتفاع الدرجة الثالثة‬
‫نحو ‪46‬سم؛ وذلك أن ارتفاع المنبر من األرض إلى مستوى‬
‫المجلس هو ‪706‬سم ثم نطرح منها ‪60‬سم وهو مجموع‬
‫الدرجة األولى والثانية فيساوي ‪46‬سم‪.‬‬

‫(‪ )1‬المكاييل والموازين الشرعية ص‪،80‬‬

‫‪99‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫ملحظ‪ :‬وأما إذا اخذنا على أن الذراع يساوي ‪62‬سم‬
‫فنزيد على الدرجة الثالثة ‪1‬سم فيصير ارتفاع الدرجة الثالثة‬
‫(‪ )1+46‬وهي المجلس ‪55‬سم‪ ،‬وإن صنع المنبر على أن‬
‫تكون الدرجة الثالثة بهذا المقدار فال حرج؛ ألنه يتوافق أيضاً‬
‫مع نسبة المقاييس للمنبر بشكل عام‪ ،‬واألول أولى‪.‬‬
‫‪ -7‬ارتفاع المنبر إلى آخر مستند الظهر‪ :‬وارتفاعه هو‬
‫مجموع ارتفاع المنبر إلى المجلس ويضاف له ارتفاع المسند‪،‬‬
‫أي ‪717=65+706‬سم تقريباً‪.‬‬
‫وهذا قريب مما قاله ابن النجار رحمه الله في ارتفاع المنبر‬
‫الشريف‪(( :‬وطول منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫ذراعان وشبر وثالث أصابع))(‪ ،)7‬على اعتبار أن الذراع يساوي‬
‫نحو ‪62‬سم‪ ،‬والشبر‪30‬سم‪ ،‬واألصبع نحو ‪7.5‬سم‪.‬‬
‫‪ -5‬ارتفاع رمانتي المنبر‪ :‬إن ارتفاع كل رمانة من مستوى‬
‫المجلس إلى نهاية الرمانة نحو ‪25‬سم‪ ،‬وهذا مأخوذ من قوله‪:‬‬

‫(‪ )1‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص‪.)25 :‬‬

‫‪111‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫((فيكون ارتفاع الرمانة نحو نصف ذراع))‪ ،‬ولو زيد في ارتفاع‬
‫الرمانة ‪5‬سم أخرى عند التصنيع فال حرج وهو يتوافق مع النسب‬
‫العامة لصناعة المنبر‪.‬‬
‫وقال ابن النجار رحمه الله في ارتفاع الرمانتين قريباً من‬
‫الكالم السابق‪(( :‬وطول رمانتي المنبر اللتين يمسكهما رسول‬
‫الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا جلس يخطب شبر‬
‫واصبعان))(‪ ، )7‬وهذا التقدير يتوافق باعتبار الشبر العرفي ليد‬
‫اإلنسان العادية‪.‬‬
‫ومن صفة رمانتي المنبر أنهما كانتا ملساءتين مكان وضع‬
‫يده الكريمة صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لما مر عن يزيد‬
‫بن عبد الله بن قسيط رحمه الله أنه قال‪ :‬رأيت ناساً من‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا خال المسجد‬

‫(‪ )1‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة (ص‪.)25 :‬‬

‫‪111‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫أخذوا برمانة المنبر الصلعاء التي تلي القبر بميامنهم ثم استقبلوا‬
‫القبلة يدعون(‪.)7‬‬
‫‪ _2‬طاقات المنبر‪ :‬توجد سبع فتحات من جوانب المنبر‪،‬‬
‫موزعة من جهاته الثالثة من اليمين واليسار واألمام‪ ،‬واَّلجتهاد في‬
‫توزيعها أن تكون كل كوة تحت كل درجة‪ ،‬وهذا مأخوذ من قوله‪:‬‬
‫كوى مستطيرة من‬
‫((وفي المنبر من أسفله إلى أعاله سبع ً‬
‫جوانبه الثالث))‪.‬‬
‫‪ -10‬عدد خشبات مستند الظهر‪ :‬إن عدد أعواد المنبر‬
‫عند مستند الظهر ثالثة‪ ،‬ويضاف إليها عودان في كل جهة من‬
‫اليمين واليسار للمنبر‪ ،‬فيكون المجموع خمسة‪ ،‬وصفة هذه‬
‫األعواد أنها مدورة ولم يقطع شيء من تدويرها طوَّلً‪ ،‬وهذا مأخوذ‬
‫من قوله‪(( :‬وكان فيه خمسة أعواد تدور))‪ ،‬والظاهر أنها‬
‫الوحيدة التي كان عليها قشر الشجرة‪ ،‬وباقي الخشب كان معموَّلً‬
‫بالمنشار لتصنيعه بالشكل المناسب للمنبر‪.‬‬

‫(‪ )1‬الطبقات الكبرى َ العلمية (‪.)128 /1‬‬

‫‪112‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ _11‬مسامير منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‪:‬‬
‫ومن صفات منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه‬
‫كان مشدوداً بالمسامير‪ ،‬قال ابن َزبالة رحمه الله تعالى‪(( :‬إن‬
‫المهدي بن المنصور لما حج سنة إحدى وستين ومائة قال لإلمام‬
‫أعيد منبر رسول الله صلى الله‬
‫مالك بن أنس رحمه الله‪ :‬أريد أن َ‬
‫عليه وعلى آله وسلم على حاله األولى‪ ،‬فقال له مالك‪ :‬إنما هو‬
‫من طرفاء‪ ،‬وقد شد إلى هذه العيدان وس ِمر‪ ،‬فمتى نزعته خفت أن‬
‫يتهافت‪ ،‬فال أرى تغييره‪ ،‬فتركه المهدي على حاله))(‪.)7‬‬
‫‪ -12‬صفة طول رمانتي المنبر النبوي الشريف‪:‬‬
‫ومن صفات رمانتي المنبر أنهما متصلتان بما دونهن إلى‬
‫نهاية المجلس من األسفل‪ ،‬فتكون الرمانة الواحدة مع ما يليها‬
‫خشبة واحدة‪ ،‬وطولها نحو‪ 17‬سم‪ ،‬قال السمهودي رحمه الله‬
‫فيما نقل عن ابن جبير الذي شاهد ما بقي من المنبر بعد احتراق‬

‫(‪ )1‬أخبار المدينة (ص‪.)52‬‬

‫‪113‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫المسجد‪ ،‬حيث وضعها األقدمون في حفرة تحت المنبر ثم دفنت‪،‬‬
‫ولما كشف عنها شاهدها ابن جبير فقال‪(( :‬وشاهدت آثار قائمتي‬
‫المنبر الشريف اللتين كان بأعالهما رمانتاه قد نحت لهما في‬
‫الحجر المحيط بالحوض المذكور على نحو ذراع وثلث من طرف‬
‫باطن الحوض المذكور مما يلي القبلة))(‪ ،)7‬لذلك جعلتهم في‬
‫تصميم المنبر النبوي الذي صنعته كقطعة واحدة‪.‬‬
‫‪ -11‬تركيب درجات المنبر‪:‬‬
‫في حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه السابق‬
‫زاد فيه ابن زبالة قوله‪ :‬وقطعت خشب المنبر بيدي مع الذي بعثه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وحملت إحدى‬
‫الدرجات(‪.)2‬‬
‫فهذا يدل _إن صح الخبر_ على أن صناعة المنبر كانت‬
‫متفرقة إلى درجات‪ ،‬كل درجة لحالها‪ ،‬والمجلس لحاله‪ ،‬ولما‬
‫جيء به للمسجد النبوي ركِب المنبر على بعضه‪.‬‬

‫(‪ )1‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)16 /2‬‬


‫(‪ )2‬أخبار المدينة (ص‪ ،)57 :‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (‪.)8 /2‬‬

‫‪114‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ -14‬كسوة المنبر النبوي الشريف‪:‬‬
‫وأول من كسا المنبر النبوي الشريف هو عثمان بن عفان‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬تيمناً بكسوة الكعبة المشرفة‪ ،‬وقد كساه بقماش‬
‫قبطي‪ ،‬قال ابن النجار رحمه الله تعالى نقالً عن ابن أبي الزناد‪:‬‬
‫((كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجلس على المنبر ويضع‬
‫رجليه على الدرجة الثانية‪ ،‬فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه قام‬
‫على الدرجة الثانية ووضع رجليه على الدرجة الثالثة السفلى‪ ،‬فلما‬
‫ولي عمر رضي الله عنه قام على الدرجة السفلى ووضع رجليه على‬
‫األرض إذا قعد‪ ،‬فلما ولي عثمان رضي الله عنه فعل كذلك ست‬
‫سنين‪ ،‬ثم عال فجلس موضع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪،‬‬
‫وكسى المنبر قـْب ِطيةً‪_ ،‬ثم قال_ ولم يزل الخلفاء إلى يومنا هذا‬
‫يرسلون في كل سنة ثوباً من الحرير األسود وله َعلَم ذهب يكسى‬
‫به المنبر‪ ،‬ولما كثرت الكسوة عندهم أخذوها فجعلوها ستوراً على‬
‫أبواب الحرم(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة ص‪.25 :‬‬

‫‪115‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫قاق من َكت ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ان‬ ‫ياب بِ ٌ‬
‫يض ِر ٌ‬ ‫والقْبطية‪ :‬بضم القاف وكسرها ث ٌ‬
‫صَر(‪.)7‬‬ ‫ِ‬
‫تـت َخ ٌذ بم ْ‬
‫‪ -18‬لون خشب شجر األثل‪:‬‬
‫إذا قطعت شجرة األثل إلى ألواح فإن لون الخشب يختلف‬
‫أحياناً بين شجرة وأخرى‪ ،‬فمنها ما يكون باللون األبيض المائل‬
‫إلى الصفار‪ ،‬ومنها ما يكون باللون األبيض المائل إلى األحمر‪،‬‬
‫وقد يكون فيها شيء من السواد‪.‬‬
‫وتختلف قساوة خشب األثل بين شجرة وأخرى‪ ،‬نظراً لوفرة‬
‫الماء عندها أو َّل‪ ،‬وكذلك تختلف ألوان األغصان واألوراق تبعاً‬
‫لذلك‪ ،‬وكلما كثر عندها الماء كانت أكثر نضارة‪.‬‬
‫وقد يتصور بعض الناس وجود قشر الشجرة على جميع‬
‫خشب المنبر‪ ،‬وهذا التصور لو وجد في المصنوعات الخشبية‬
‫لكان عيباً فيها‪ ،‬ألن القشور ما تلبث أن تتهالك وتسقط‪ ،‬لذلك‬

‫(‪ )1‬تاج العروس من جواهر القاموس مادة قبط‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫أغلب الناس َّل يعرفون قشر الخشب في المصنوعات الخشبية‪،‬‬
‫وقد قدمنا أن المستند باق فيه القشر حسب ما ظهر للباحث‪.‬‬
‫والباحث قد عمل نماذج مصغرة للمنبر النبوي‪ ،‬وقد أبقى‬
‫على شكلها الخارجي بما يتوافق مع اللون الخارجي لخشب‬
‫الشجرة‪ .‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫إن منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أعظم الرموز‬
‫المشاهدة بعده‪ ،‬لذلك حرصت األمة على المحافظة على هذا‬
‫ك َوَم ْن يـ َع ِظ ْم‬ ‫ِ‬
‫الرمز من مظهريه المادي والمعنوي‪ ،‬لقوله تعالى‪{ :‬ذَل َ‬
‫وب (‪[ })32‬الحج]‪ ،‬وقد دلت‬ ‫َشعائِر الل ِه فَِإنـها ِمن تَـ ْقوى الْقل ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫على هذا األحاديث واألخبار‪.‬‬
‫يأتي هذا البحث بعد الجد واَّلجتهاد ‪-‬ولله الحمد‪ -‬في‬
‫دراسة صفة المنبر ومقاساته وما يتعلق به من أمور أخرى‪ ،‬وقد تم‬
‫تصنيع مجسم تقريبي للمنبر النبوي‪ ،‬من شجر األثل‪ ،‬وقد أخذته‬
‫الخانَِقين‪.‬‬ ‫من منطقة الغابة في المدينة المنورة‪ ،‬وباألخص من َ‬
‫وقد بذلت فيه أقصى جهدي لتقريبه بشكل مجسم تقريبي‬
‫كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬وقد عملته‬
‫من ثالث قطع من درجتين منفصلتين ومجلس‪ ،‬وجميع المقاسات‬
‫المقررة اجتهادية حسب ما فهمته من النصوص‪ ،‬وتقدير الزيادة‬

‫‪118‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫فيها والنقصان بنحو ‪5‬سم‪ ،‬فال بأس لو عمل بمثل هذه الزيادة أو‬
‫النقص لجميع مقاساته التي بينتها في مساحة المنبر‪.‬‬
‫وفي الصورة التالية أضع المنبر الذي صنعته وعليه المقاسات‬
‫التي توصلت إليها‪:‬‬

‫‪119‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫‪111‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫فإن كان تقدير مساحة المنبر قد وافقت حال منبر النبي‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم ‪-‬وهذا ما أرجوه من الله تعالى‪-‬‬
‫فيا هناي ويا فرحتي وذلك من توفيق الله تعالى‪ ،‬وإن كانت األخرى‬
‫فمن نفسي‪ ،‬وأتوب إلى الله تعالى أن أنسب لسيدنا رسول الله‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما ليس له‪.‬‬
‫فيا رب اقبل مني ما كان صالحاً‪ ،‬وأصلح ما كان غير ذلك‪،‬‬
‫وتجاوز عن زَّلتي في هذا المؤلف وفي غيره واقبلها إنك أنت‬
‫األعز األكرم الحبيب األعظم ذا الجالل واإلكرام‪ ،‬ويا رب اجعلني‬
‫محل قبول عندك وعند حبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم في اآلخرة يا حنان يا منان يا ذا الجود واإلحسان‪.‬‬
‫ِ‬
‫وصل اللهم على نبينا وحبيبنا العدنان محمد بن عبد الله‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫تم البحث‬
‫ولله الحمد‬
‫على جميع أفضاله وأنعامه ما علمنا منها وما‬
‫لم نعلم‬
‫نستغفرك اللهم ونتوب إليك‬

‫خير أردت به‬ ‫اللهم إني أستغفرك ِّ‬


‫لكل‬
‫ٍ‬
‫وجهك‬
‫فخالطني فيه ما ليس لك‬
‫ّ‬
‫اللهم ال تخزني فإنك بي عالم‬
‫ِّ‬
‫وال تعذبني فإنك علي قادر‬
‫اللهم أكرمني بما تعلمت وعلمت‬
‫ُّ‬
‫تحب العفو‬ ‫إنك ٌّ‬
‫عفو كريم‬
‫فاعف عني‬
‫يا رب‬

‫‪112‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫‪ ‬أخبار المدينة المؤلف‪ :‬محمد بن الحسن ابن زبالة‪ ،‬جمع‬


‫وتوثيق دراسة‪ :‬عبد العزيز زين سالمة‪ ،‬مركز بحوث ودراسات‬
‫المدينة المنورة‪.‬‬
‫‪ ‬أسنى المطالب في شرح روض الطالب‪ ،‬المؤلف‪ :‬زكريا بن‬
‫محمد بن أحمد بن زكريا األنصاري‪.‬‬
‫‪ ‬إعالم الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس‪ ،‬المؤلف محمد‬
‫دياب اإلتليدي‪.‬‬
‫‪ ‬بهجة المحافل وبغية األماثل‪ ،‬تأليف يحيى بن أبى بكر بن‬
‫محمد بن يحيى العامري الحرضي‪.‬‬
‫‪ ‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬المؤلف محمد بن محمد بن‬
‫عبد الرزاق الحسيني‪ ،‬الملقب بمرتضى الزبيدي‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ األمم والملوك‪ ،‬المؤلف‪ :‬محمد بن جرير بن يزيد بن كثير‬
‫بن غالب اآلملي‪ ،‬أبو جعفر الطبري‪.‬‬

‫(‪ )1‬ملحظ‪ :‬معلومات النشر تتوافق مع ما هو موجود في المكتبة الشاملة‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ ‬تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس‪ ،‬حسين بن محمد بن‬
‫الحسن ِ‬
‫الديار بَ ْكري‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ الطبري‪ ،‬محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب‬
‫اآلملي‪ ،‬أبو جعفر الطبري‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ المدينة‪ ،‬تأليف ابن شبة‪ ،‬عمر بن شبة (واسمه زيد) بن‬
‫عبيدة بن ريطة النميري البصري‪ ،‬أبو زيد‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ مدينة دمشق‪ ،‬تأليف ثقة الدين‪ ،‬أبو القاسم علي بن‬
‫الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر‪.‬‬
‫‪ ‬تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر‬
‫الشريف‪ ،‬تأليف محمد بن أحمد بن الضياء محمد القرشي‬
‫العمري المكي الحنفي‪ ،‬بهاء الدين أبو البقاء‪ ،‬المعروف بابن‬
‫الضياء‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة‪ ،‬تأليف‪ :‬زين الدين‬
‫أبو بكر بن الحسين بن عمر المراغي‪.‬‬
‫‪ ‬تهذيب اللغة‪ ،‬المؤلف‪ :‬محمد بن أحمد بن األزهري الهروي‪،‬‬
‫أبو منصور‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ ‬التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب‪ ،‬خليل بن إسحاق بن‬
‫موسى‪ ،‬ضياء الدين الجندي المالكي المصري‪.‬‬
‫‪ ‬جامع األحاديث للسيوطي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬جالل‬
‫الدين السيوطي‪.‬‬
‫‪ ‬حاشية ابن عابدين (رد المحتار)‪ ،‬تأليف محمد أمين بن عمر‬
‫بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي‪.‬‬
‫‪ ‬حاشية السيوطي على سنن النسائي‪ ،‬المؤلف عبد الرحمن بن‬
‫أبي بكر‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪.‬‬
‫‪ ‬الدرة الثمينة في أخبار المدينة‪ ،‬تأليف ابن النجار (أبو عبد الله‬
‫محمد بن محمود)‪.‬‬
‫‪ ‬دقائق أولي النهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى‬
‫اإلرادات‪ ،‬المؤلف‪ :‬منصور بن يونس بن صالح الدين ابن‬
‫حسن بن إدريس البهوتي الحنبلي‪.‬‬
‫‪ ‬دَّلئل النبوة‪ ،‬المؤلف‪ :‬أحمد بن الحسين بن علي بن موسى‬
‫الخ ْسَرْوِجردي الخراساني‪ ،‬أبو بكر البيهقي (المتوفى‪458 :‬هـ)‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ ‬ربيع األبرار ونصوص األخيار‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو القاسم محمود بن‬
‫عمرو بن أحمد‪ ،‬الزمخشري جار الله‪.‬‬
‫‪ ‬الروض األنف‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله‬
‫بن أحمد السهيلي‪.‬‬
‫‪ ‬الروضة الشريفة دراسة تاريخية توثيقية‪ ،‬المؤلف‪ :‬د‪ .‬أحمد‬
‫محمد شعبان ‪ -‬أ‪ .‬إبراهيم محمد الجهني‪.‬‬
‫‪ ‬سنن ابن ماجه‪ ،‬المؤلف‪ :‬ابن ماجه ‪ -‬وماجه اسم أبيه يزيد ‪-‬‬
‫أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني‪.‬‬
‫‪ ‬سنن أبي داود‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو داود سليمان بن األشعث بن‬
‫الس ِج ْستاني‪.‬‬
‫إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو األزدي ِ‬
‫‪ ‬سنن الترمذي‪ ،‬المؤلف‪ :‬محمد بن عيسى بن َس ْورة بن موسى‬
‫بن الضحاك‪ ،‬الترمذي‪ ،‬أبو عيسى‪.‬‬
‫‪ ‬سنن الدارمي‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن‬
‫الفضل بن بَهرام بن عبد الصمد الدارمي‪ ،‬التميمي السمرقندي‪.‬‬
‫‪ ‬السنن الكبرى‪ ،‬المؤلف‪ :‬أحمد بن الحسين بن علي بن موسى‬
‫الخ ْسَرْوِجردي الخراساني‪ ،‬أبو بكر البيهقي‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ ‬سنن النسائي‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن‬
‫علي الخراساني‪ ،‬النسائي‪.‬‬
‫‪ ‬السيرة الحلبية ‪ -‬إنسان العيون في سيرة األمين المأمون‪،‬‬
‫المؤلف‪ :‬علي بن إبراهيم بن أحمد الحلبي‪ ،‬أبو الفرج‪ ،‬نور‬
‫الدين ابن برهان الدين‪.‬‬
‫‪ ‬السيرة النبوية (من البداية والنهاية َّلبن كثير)‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو‬
‫الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي‪.‬‬
‫‪ ‬شرح السنة للبغوي‪ ،‬المؤلف‪ :‬محيي السنة‪ ،‬أبو محمد الحسين‬
‫بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي‪.‬‬
‫‪ ‬شرح الشفا‪ ،‬المؤلف‪ :‬علي بن (سلطان) محمد‪ ،‬أبو الحسن‬
‫نور الدين المال الهروي القاري‪.‬‬
‫‪ ‬شرح صحيح البخاري َّلبن بطال‪ ،‬المؤلف‪ :‬ابن بطال أبو‬
‫الحسن علي بن خلف بن عبد الملك‪.‬‬
‫‪ ‬شرح مختصر خليل للخرشي‪ ،‬المؤلف‪ :‬محمد بن عبد الله‬
‫الخرشي المالكي أبو عبد الله‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ ‬شرح مشكل اآلثار‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو جعفر أحمد بن محمد بن‬
‫سالمة بن عبد الملك بن سلمة األزدي الحجري المصري‬
‫المعروف بالطحاوي‪.‬‬
‫‪ ‬شرح منتهى اإلرادات (دقائق أولي النهى لشرح المنتهى)‪،‬‬
‫المؤلف‪ :‬منصور بن يونس بن صالح الدين ابن حسن بن‬
‫إدريس البهوتي الحنبلي‪.‬‬
‫‪ ‬الشفا بتعريف حقوق المصطفى‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو الفضل القاضي‬
‫عياض بن موسى اليحصبي‪.‬‬
‫‪ ‬شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام‪ ،‬تأليف محمد بن أحمد بن‬
‫علي‪ ،‬تقي الدين‪ ،‬أبو الطيب المكي الحسني الفاسي‪.‬‬
‫‪ ‬صحيح ابن حبان‪ ،‬المؤلف‪ :‬محمد بن حبان بن أحمد بن‬
‫بد‪ ،‬التميمي‪ ،‬أبو حاتم‪ ،‬الدارمي‪ ،‬البستي‪.‬‬
‫حبان بن معاذ بن َم ْع َ‬
‫‪ ‬صحيح ابن خزيمة‪ ،‬أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن‬
‫المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري‪.‬‬
‫‪ ‬صحيح البخاري‪ ،‬المؤلف‪ :‬محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن‬
‫المغيرة البخاري‪ ،‬أبو عبد الله‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ ‬صحيح مسلم‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو الحسين مسلم بن الحجاج‬
‫القشيري النيسابوري‪.‬‬
‫‪ ‬الطبقات الكبرى َّلبن سعد‪ ،‬المؤلف‪ :‬محمد بن سعد بن منيع‬
‫أبو عبدالله البصري الزهري‪.‬‬
‫‪َ ‬ع ْرف العنبر في وصف المنبر‪ ،‬تأليف‪ :‬محمد بن عبد الله (أبي‬
‫بكر) بن محمد ابن أحمد بن مجاهد القيسي الدمشقي‬
‫الشافعي‪ ،‬شمس الدين‪ ،‬الشهير بابن ناصر الدين‪.‬‬
‫‪ ‬العلل ومعرفة الرجال‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو عبد الله أحمد بن محمد‬
‫بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباني‪.‬‬
‫‪ ‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو محمد‬
‫محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابي‬
‫الحنفي بدر الدين العيني‪.‬‬
‫‪ ‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬المؤلف‪ :‬أحمد بن علي بن‬
‫حجر أبو الفضل العسقالني الشافعي‬
‫‪ ‬فتح القدير‪ ،‬كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي‬
‫المعروف بابن الهمام‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ ‬قالدة النحر في وفيات أعيان الدهر‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو محمد الطيب‬
‫بن عبد الله بن أحمد بن علي بامخرمة‪ ،‬ال ِهجراني الحضرمي‬
‫الشافعي‪.‬‬
‫‪ ‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ ،‬المؤلف‪ :‬منصور بن يونس بن‬
‫صالح الدين ابن حسن بن إدريس البهوتي الحنبلي‪.‬‬
‫‪ ‬كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري‪،‬‬
‫المؤلف‪ :‬محمد الخ ِ‬
‫ضر بن سيد عبد الله بن أحمد الجكني‬ ‫َ‬
‫الشنقيطي‪.‬‬
‫‪ ‬لسان العرب‪ ،‬المؤلف‪ :‬محمد بن مكرم بن علي‪ ،‬أبو الفضل‪،‬‬
‫جمال الدين ابن منظور األنصاري الرويفعي اإلفريقي‪.‬‬
‫‪ ‬مثير العزم الساكن إلى أشرف األماكن‪ ،‬المؤلف‪ :‬جمال الدين‬
‫أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي‪.‬‬
‫‪ ‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ ،‬المؤلف‪ :‬نور الدين علي بن أبي‬
‫بكر الهيثمي‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ ‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬أبو عبد الله الحاكم محمد بن‬
‫عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم الضبي‬
‫الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع‪.‬‬
‫‪ ‬المسجد النبوي عبر التاريخ‪ ،‬محمد السيد الوكيل‪.‬‬
‫‪ ‬مسند اإلمام أحمد‪ ،‬المؤلف‪ :‬أحمد بن حنبل‪.‬‬
‫‪ ‬مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح‪ ،‬الشيخ ولي الدين‬
‫أبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب العمري التبريزي‪ ،‬مع‬
‫شرحه مرعاة المفاتيح‪.‬‬
‫‪ ‬معجم لغة الفقهاء لمحمد رواس قلعجي ‪ -‬وحامد صادق‬
‫قنيبي‪.‬‬
‫‪ ‬معلمة الفقه المالكي‪ ،‬المؤلف‪ :‬عبد العزيز بن عبد الله‪.‬‬
‫‪ ‬المغانم المطابة في معالم طابة‪ ،‬تأليف‪ :‬مجد الدين أبي الطاهر‬
‫عي‪.‬‬
‫ازي الشاف ِ‬ ‫بادي ِ‬
‫الشير ِ‬ ‫محمد بن يعقوب بن محمد ِ‬
‫الفيروزا ِ‬
‫‪ ‬المقادير الشرعية واألحكام الفقهية المتعلقة بها للدكتور محمد‬
‫نجم الدين الكردي‬
‫‪ ‬المكاييل والموازين الشرعية لْلستاذ الدكتور علي جمعة محمد‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪ ‬موافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبو‬
‫الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر‬
‫العسقالني‪.‬‬
‫‪ ‬الموسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬أوقاف الكويت‪.‬‬
‫‪ ‬نزهة الناظرين في تاريخ مسجد سيد األولين واآلخرين‪ ،‬تأليف‬
‫جعفر بن السيد إسماعيل البرزنجي‪.‬‬
‫‪ ‬وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى‪ ،‬تأليف علي بن عبد الله بن‬
‫أحمد الحسني الشافعي‪ ،‬نور الدين أبو الحسن السمهودي‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫‪8‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪11‬‬ ‫فضل المنبر النبوي الشريف‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫رسالة منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫في الدعوة إلى الله تعالى‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫مجلس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫قبل المنبر‬
‫‪24‬‬ ‫تنبيه‪َ :‬علَم ِ‬
‫العود الذي في مصلى النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪26‬‬ ‫حنين الجذع لرسول الله صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم عند الفراق‬
‫‪11‬‬ ‫اليوم الذي خار فيه جذع النخلة ومعنى الحنين‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫حن لرسول الله صلى الله‬
‫مكان الجذع الذي َّ‬
‫عليه وعلى آله وسلم ومصيره‬

‫‪123‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪16‬‬ ‫نوع خشب منبر النبي صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وسلم‬
‫‪15‬‬ ‫معنى األثل‬
‫‪40‬‬ ‫المكان الذي أُخ َذ منه خشب المنبر‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫صانع المنبر النبوي الشريف‬
‫‪48‬‬ ‫عدد درجات المنبر النبوي‬
‫‪42‬‬ ‫اهتمام مجتمع المدينة المنورة بصناعة المنبر‬
‫النبوي الشريف‬
‫‪82‬‬ ‫التقانة في صناعة المنبر النبوي الشريف‬
‫‪84‬‬ ‫المنبر النبوي الشريف بعد النبي صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم عبر العصور‬
‫‪85‬‬ ‫بعض األحكام والخصائص التي تعنى بالمنبر‬
‫النبوي الشريف‪.‬‬
‫‪82‬‬ ‫‪_1‬انعقاد اإلجماع على موضع المنبر النبوي‬
‫الشريف‪.‬‬
‫‪64‬‬ ‫‪ -2‬سمو مكانة المنبر في الدنيا واْلخرة‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪67‬‬ ‫‪ -1‬لقاء المؤمنين بالمنبر النبوي الشريف وهو‬
‫مظهر من مظاهر شفاعة النبي صلى الله عيه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫‪70‬‬ ‫‪ _4‬تعظيم الحلف بالله تعالى عند المنبر‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪ _8‬استجابة الدعاء عنده‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫‪ _6‬التماس البركة بالمنبر‪.‬‬
‫‪78‬‬ ‫‪ _7‬استمرار بعض الخصائص المنبر النبوي‬
‫للمنابر التي أتت بعده‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫((ما بَ ْي َن بَ ْيتِي َوِم ْن بَ ِري‬
‫‪ _5‬من إشارات رواية َ‬
‫الجن َِّة))‪ ،‬لزوم الطاعة والتزام‬ ‫اض َ‬‫ضةٌ ِم ْن ِريَ ِ‬
‫َرْو َ‬
‫المحبة ْلل بيت الحبيب صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫بين قب ِري ومنب ِري))‪.‬‬
‫‪ _2‬خصائص رواية ((ما َ‬
‫‪51‬‬ ‫‪ -10‬التوسل بآل بيت النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم والصالحين على منبر النبي صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪54‬‬ ‫‪ _11‬المنبر النبوي في المصلى‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫مساحة المنبر النبوي الشريف‪.‬‬
‫‪20‬‬ ‫مقدار الشبر في كالم ابن زبالة رحمه الله تعالى‬
‫‪22‬‬ ‫معنى الشبر والذراع في اللغة وفي اَلصطالح‬
‫‪26‬‬ ‫مقادير مساحة المنبر النبوي من خالل نص ابن‬
‫َزبالة وابن النجار رحمهما الله تعالى‬
‫‪27‬‬ ‫‪ -1‬مساحة المجلس‬
‫‪27‬‬ ‫‪ -2‬مساحة المستند‬
‫‪25‬‬ ‫‪ -1‬عرض درجتي المنبر النبوي‬
‫‪25‬‬ ‫‪ -4‬ارتفاع درجتي المنبر النبوي‬
‫‪22‬‬ ‫‪ -8‬طول المنبر من أوله إلى آخره‬
‫‪22‬‬ ‫‪ -6‬ارتفاع المنبر إلى حد المجلس‬
‫‪100‬‬ ‫‪ -7‬ارتفاع المنبر إلى آخر مستند الظهر‬
‫‪100‬‬ ‫‪ -5‬ارتفاع رمانتي المنبر‬
‫‪102‬‬ ‫‪ _2‬طاقات المنبر‬
‫‪102‬‬ ‫‪ -10‬عدد خشبات مستند الظهر‬

‫‪126‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬
‫‪101‬‬ ‫‪ _11‬مسامير منبر النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم‬
‫‪101‬‬ ‫‪ -12‬صفة طول رمانتي المنبر النبوي الشريف‬
‫‪104‬‬ ‫‪ -11‬تركيب درجات المنبر‬
‫‪108‬‬ ‫‪ -14‬كسوة المنبر النبوي الشريف‬
‫‪106‬‬ ‫‪ -18‬لون خشب شجر األثل‪.‬‬
‫‪105‬‬ ‫الخاتمة‪( :‬التطبيق العملي لعمل المنبر النبوي)‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫المراجع والمصادر‬
‫‪121‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪127‬‬
‫المنبر النبوي الشريف‬
‫============================‬

‫‪128‬‬

You might also like