You are on page 1of 298

‫جامعػػة الجػػزائر ‪ – 01‬بف يكسؼ بف خدة ‪-‬‬

‫كميػة الحقػكؽ‬

‫مكافػحة الجريمػػػػة المعمكماتيػػػػػػػػػػػة‬

‫في القانكف الدكلي كالداخمي‬


‫أطركحة لنيؿ شيادة دكتكراه عمكـ تخصص ‪-‬قانكف عاـ–‬

‫إشراؼ‪:‬‬ ‫مف إعداد الطالب‪:‬‬

‫أ‪.‬د البقيرات عبد القادر‬ ‫بدرم فيصؿ‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‪:‬‬


‫رئيسا‬ ‫‪..................................‬‬ ‫األستاذ الدكتكر خكرم عمر‬
‫مشرفا كمقر ار‬ ‫األستاذ الدكتكر البقيرات عبد القادر ‪..................................‬‬
‫عضكا‬ ‫‪.................................‬‬ ‫األستاذ الدكتكر بعجي نكرالديف‬
‫‪ ...................................‬عضكا‬ ‫األستاذ الدكتكر بكساحية التكنسي‬
‫‪ ...................................‬عضكا‬ ‫األستاذ الدكتكر لجمط فكاز‬
‫‪ ...................................‬عضكا‬ ‫األستاذ الدكتكر كالي عبد المطيؼ‬

‫السنة الجامعية‪2018/2017 :‬‬

‫‪0‬‬
‫إهذاء‬
‫اهدي ثمرة هذا العمل إلى‪:‬‬

‫‪ -‬أبي وأمي‬

‫‪ -‬إخوتي وأخواتي‬

‫‪ -‬زوجتي‬

‫‪ -‬أصدق ائي‬

‫تقديرا وعرف انا‬

‫‌أ‬
‫شكش وعشفـبٌ‬

‫أتقدـ بالشكر كاالمتناف كالتقدير لكؿ مف ساعدني في إعداد كاتماـ‬


‫ّ‬
‫ىذا البحث‪ ،‬كأذكر عمى كجو الخصكص األستاذ المشرؼ الدكتكر‪:‬‬
‫البقيرات عبد القادر عمى جيكده المبذكلة كتكجيياتو النيرة طكاؿ‬
‫فترة إعداد ىذا البحث‪.‬‬

‫كما ال يفكتني أف أكجو تحية تقدير كاكبار لمسادة األساتذة‬


‫المناقشيف‪.‬‬
‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌‬

‫‌ب‬
‫قبئًت انًختصشاث‬
‫‌‬

‫باللغة العربية‬
‫جزء‬ ‫‪:‬‬ ‫ج‬

‫الجريدة الرسمية‬ ‫‪:‬‬ ‫جر‬

‫صفحة‬ ‫‪:‬‬ ‫ص‬

‫القانون المدني الجزائري‬ ‫‪:‬‬ ‫ق‪.‬م‪.‬ج‬

‫قانون اإلجراءات المدنية‬ ‫‪:‬‬ ‫ق‪.‬إ‪.‬م‬

‫القانون التجاري‬ ‫‪:‬‬ ‫قت‬

‫قانون حماية حق المؤلف‬ ‫‪:‬‬ ‫ق‪.‬ح‪.‬ح‪.‬م‬

‫قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‬ ‫‪:‬‬ ‫ق إج ج‬

‫عدد‬ ‫‪:‬‬ ‫ع‬

‫سنة‬ ‫‪:‬‬ ‫س‬

‫طبعة‬ ‫‪:‬‬ ‫ط‬

‫مجلد‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬

‫قانون العقوبات الفرنسي‬ ‫‪:‬‬ ‫قعف‬

‫المجلة القضائية‬ ‫‪:‬‬ ‫مق‬

‫باللغة الفرنسية‬
‫‪ART‬‬ ‫‪: Article‬‬

‫‪Edit‬‬ ‫‪: Edition‬‬

‫‪N°‬‬ ‫‪: Numéro‬‬

‫‪Op.cit‬‬ ‫‪: Opuce Citatum‬‬

‫‪P‬‬ ‫‪: Page‬‬

‫‌ج‬
‫___________________________ م ـقـ ـدم ـ ـ ـة ____________________________‬

‫مقدمػػػػػػػػػػػة‬
‫لقد أنعـ اهلل عمى اإلنساف بنعمة العقؿ كالعمـ‪ ،‬فعف طريقيما بدأ يطكر أسمكب‬
‫معيشتو‪ ،‬فبعد أف كاف يعيش عصر الصيد كيعتمد عمى الرعي كالترحاؿ‪ ،‬بدأ يعرؼ‬
‫الزراعة كحياة االستقرار‪ ،‬ثـ دخؿ عصر الثكرة الصناعية التي بدأت باختراع اآللة‬
‫كظيكر الصناعات المخ تمفة التي ترتبت عمييا آثار ضخمة غيرت خريطة البشرية‪ ،‬كاف‬
‫أبرزىا تقسيـ دكؿ العالـ بيف دكؿ متقدمة تزداد تقدما‪ ،‬كدكؿ نامية تحاكؿ التقدـ كاخرل‬
‫متخمفة الازلت قابعة في التخمؼ‪ ،‬كلـ تقؼ رحمة اإلنساف في تطكره عند العيش في ظؿ‬
‫الثكرة الصناعية‪ ،‬فما إف أكشؾ القرف الماضي عمى النياية حتى بدأ اإلنساف يعيش‬
‫إرىاصات ثكرة جديدة قمبت مناحي الحياة المختمفة رأسا عمى عقب‪ ،‬كىي ثكرة تكنكلكجيا‬
‫المعمكمات كظيكر ما يسمى بالمعمكماتية ‪ ،L’informatique‬كالتي حكلت العالـ كمو‬
‫إلى كحدة سكنية كاحدة‪ ،‬فبل شؾ أف تطكر كسائؿ االتصاؿ المرئية كالمعمكماتية‪ ،‬قد‬
‫ترتب عميو اكتشاؼ انظمة تكنكلكجية جديدة أدت إلى ظيكر استخدامات جديدة لكسائؿ‬
‫االتصاؿ عف بعد‪.‬‬
‫إف العمميات اإللكتركنية تعد إحدل التجميات الرئيسية لتكنكلكجيا المعمكمات عف‬
‫بعد‪ ،‬فيذه االعماؿ قد اثرت تأثي ار كبي ار عمى البنياف اإلدارم كعمى البنياف االقتصادم‬
‫مف خبلؿ استخداـ تقنيات العمؿ باإلنترنت كالشبكات لتطكير انشطة األعماؿ الحالية‬
‫كخمؽ انشطة أعماؿ افتراضية جديدة‪ ،‬كلقد أفرزت ىذه الثكرة التكنكلكجية الجديدة الحاجة‬
‫الماسة إلى تطكير نظـ المعمكمات في جميع قطاعات الحياة بما يساير التطكرات‬
‫التكنكلكجية كاالجتماعية كاالقتصادية التي تتزايد يكما بعد يكـ‪ ،‬كذلؾ ألجؿ االستفادة مف‬
‫اآلثار اإليجابية ليذه الثكرة‪ ،‬خاصة كأف المستقبؿ سكؼ يشيد المزيد مف التطكر في‬
‫نظـ المعمكمات بعد أف اتصمت ىذه النظـ باألقمار الصناعية كبدأ العالـ يدخؿ عص ار‬
‫جديدا كىك عصر المعمكماتية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫___________________________ م ـقـ ـدم ـ ـ ـة ____________________________‬

‫إذا كاف اإلنساف بما حباه اهلل مف عمـ ىك المفجر ليذه الثكرة التكنكلكجية‬
‫الحالية‪ ،‬كىك الذم بداخمو نفس بشرية قد تجبؿ عمى الخير‪ ،‬كقد تجنح إلى الشر‪ ،‬فإنو‬
‫لـ يقؼ عند جني الثمار اإليجابية ليذه الثكرة كانعكاساتيا المختمفة في مناحي‬
‫الحياة‪ ،‬كانما قد استغميا بمكره السيء في اكتشاؼ العديد مف االساليب اإلجرامية‬
‫الجديدة التي سيمت لو ارتكاب العديد مف الجرائـ‪ ،‬كلقد تمكف اإلنساف عف طريؽ‬
‫الكسائؿ اإللكتركنية المستحدثة مف ارتكاب العديد مف الجرائـ ضد األشخاص‬
‫كاألمكاؿ‪ ،‬كضد االسرار االقتصادية كالسياسية كالعسكرية لمدكؿ‪ ،‬فبل مرية أنو كمما أزداد‬
‫االعتماد عمى الحاسبات في المجاالت االقتصادية كاإلدارية زادت مخاطر الغش‬
‫كالتجسس كالسرقة كاإلتبلؼ العمدم‪ ،‬كغير ذلؾ مف الجرائـ التي ترتكب سكاء اكاف ذلؾ‬
‫عند إدخاؿ البيانات إلى الحاسب‪ ،‬عند تبميغ البيانات إلى مستخدمييا‪ ،‬أك عند تخزيف‬
‫البيانات لحيف استخداميا‪ ،‬أك عف طريؽ الدخكؿ غير المشركع ليذه الحاسبات عف‬
‫طريؽ اختراؽ البرامج الخاصة بيا‪ ،‬كالتبلعب في البيانات المخزنة فييا‪ ،‬حتى أف جرائـ‬
‫القتؿ العمد قد ترتكب باستخداـ شبكات االتصاؿ عف بعد‪ ،‬كمما يزيد مف خطكرة ىذا‬
‫النكع الجديد مف الجرائـ أنيا قد تتعدل حدكد المكاف كيصعب بالنسبة ليا حساب‬
‫الزماف‪ ،‬كما كأف محميا قد يتعدل القيـ المادية ليككف قيما معنكية ال تممسيا األيدم كال‬
‫تبصرىا األعيف كالبرامج الخاصة بالحاسب كالبيانات المخزنة‪.‬‬
‫مما سبؽ يتضح أف السمة الرئيسة التي تتميز بيا التكنكلكجيا الحديثة‬
‫لممعمكمات انيا تعتمد عمى تحكيؿ البيانات أك المعطيات كىي غير مممكسة مف شكؿ‬
‫إلى آ خر كذلؾ إما عف طريؽ معالجتيا بكاسطة الكسائؿ اإللكتركنية‪ ،‬أك بنقميا مف‬
‫مكاف أك مف شخص إلى آخر‪ ،‬كذلؾ فإنو ال يغيب عف الذىف أف الكسائؿ اإللكتركنية‬
‫المستحدثة قد يضيؽ بيا اإلنساف ذرعا ليس – فقط – ألنيا ستصيبو بأذل كضرر‬
‫الجرائـ الجديدة التي تتمخض عنيا‪ ،‬كانما أيضا ألنيا سكؼ تسيؿ كتكسع مف مجاالت‬

‫‪2‬‬
‫___________________________ م ـقـ ـدم ـ ـ ـة ____________________________‬

‫انتياؾ مكنكف حياتو الخاصة لمحصكؿ عمى أس ارره الشخصية كأس ارره المالية‪ ،‬بؿ إف‬
‫ىذه الكسائؿ قد تنتيؾ كذلؾ األسرار المينية كاالقتصادية لممؤسسات كالشركات كالبنكؾ‬
‫فبل يكجد شؾ في أف التطكر اليائؿ الذم لحؽ شبكة اإلنترنت كانتشار أجيزة الحاسب‬
‫اآللي الصغيرة‪ ،‬قد تسبب في تيديد الحريات الفردية بخطر االعتداء عمييا‪ ،‬كىك ما‬
‫يتطمب إيجاد الكسيمة المناسبة لمرقابة عمييا لتجنب ىذا الخطر في الكقت المناسب‪.‬‬
‫إف إنساف ىذا العصر ليس بمستغرب عميو أف يستفيد مف التكنكلكجيا الحديثة‬
‫في االتصاالت بالمزيد مف التنصت كالتمصص عمى الحياة الخاصة لبني جنسو‬
‫باستخداـ الكسائؿ اإللكتركنية الدقيقة‪ ،‬كالتي عف طريقيا قد تككف حياتيـ الخاصة‬
‫كأسرارىـ المالية بدكف حجاب كمما يزيد مف خطكرة ىذا االمر أف النصكص العقابية‬
‫المطبقة ال تكفي لحماية حرمة الحياة الخاصة مف االعتداء عمييا باستخداـ الكسائؿ‬
‫اإللكتركنية المستحدثة‪ ،‬كىكذا نرل أف ثكرة االتصاالت قد أفرزت كسائؿ إلكتركنية‬
‫عديدة قد تسببت في ظيكر أنكاع جديدة مف الجرائـ التي تختمؼ مف حيث محميا كمف‬
‫حيث أسمكب ارتكابيا عف الجرائـ التقميدية‪ ،‬حتى عرفيا البعض بأنيا الجريمة التي ال‬
‫تعرؼ الحدكد‪ ،‬منبيا إلى أف شبكة االنترنت التي ألغت الحدكد الجغرافية بيف الدكؿ‬
‫ذات فاعمية تفكؽ قدرة األجيزة الدكلية المختصة بمكافحة الجريمة‪.‬‬
‫فما ىي أكجو القصكر في عمؿ اآلليات القائمة سكاء عمى المستكل الدكلي أك‬
‫الداخمي؟ كما ىي الحمكؿ المقترحة لتفعيميا‪ ،‬كالحد مف القيكد التقميدية التي تعيؽ عمميا؟‬
‫كما ىي لكازـ مكاجية تحديات الجريمة المعمكماتية؟ كبماذا يفسر عجز قكانيف‬
‫العقكبات الحالية التي كضعت نصكصيا في ظركؼ تختمؼ عف الظركؼ التي خمقتيا‬
‫ثكرة المعمكمات عف مكاجية ىذه االنكاع الجديدة مف الجرائـ‪ ،‬كىك ما انعكس عمى‬
‫القكانيف اإلجرائية خاصة فيما يتعمؽ بصعكبة إثبات ىذا النكع الجديد مف الجرائـ التي‬
‫أكجدتيا ثكرة االتصا الت عف بعد‪ ،‬فإذا كانت القكانيف العقابية المطبقة قد ضاقت‬

‫‪3‬‬
‫___________________________ م ـقـ ـدم ـ ـ ـة ____________________________‬

‫نصكصيا بما رحبت عف استيعاب االنكاع الجديدة مف الجرائـ التي جاءت بيا ثكرة‬
‫المعمكمات عف بعد‪ ،‬كاف القكانيف االجرائية ليست بأكفر حظ منيا ألنيا ستككف أماـ‬
‫جرائـ ترتكب كقد يفر مرتكبيا مف العقاب مما يمحؽ أشد الضرر بالمجتمع‬
‫كباألفراد‪ ،‬كما اف ىذه القكانيف االخيرة ستكاجييا مشكبلت عديدة تتطمب حمكال قانكنية قد‬
‫تككف في منتيى الصعكبة خاصة فيما يتعمؽ بمسألة الدليؿ‪.‬‬
‫كعمى ضكء ما سبؽ تبرز اىمية ىذا البحث حيث يعد مكضكع الجرائـ‬
‫المعمكماتية مع حداثتو سمة العصر‪ ،‬فحداثتو تنبع مف تعمقو باألنشطة االجرامية‬
‫المرتكبة بكاسطتو‪ ،‬أك ضد أدكات التقنية المعمكماتية‪ ،‬كألف ىذه األخيرة لـ تتغمغؿ في‬
‫مناحي الحياة إال حديثا‪ ،‬كبالتالي فإف الجرائـ المرتبطة بيا تعد حديثة كذلؾ‪ ،‬كتتجمى‬
‫معاصرتو كأىميتو مف ككف األنشطة اإلجرامية المتعمقة بالمعمكماتية تتعدد‪ ،‬كتتجدد‬
‫باستمرار‪ ،‬كفي أشكاؿ خطيرة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى دراسة المشكبلت التي يثيرىا مكضكع الجرائـ التي فجرتيا ثكرة‬
‫االتصاالت عف بعد‪ ،‬كالتي تتعمؽ بصعكبة إثبات ىذه الجرائـ عف طريؽ األدلة‬
‫المتحصمة مف الكسائؿ اإللكتركنية في اطار نظرية اإلثبات الجنائي‪ ،‬فبل يكجد شؾ في‬
‫أنو يجب تحقيؽ تناغـ تشريعي داخؿ المجتمع‪ ،‬بحيث أف القانكف اإلجرائي يساعد في‬
‫تطبيؽ القانكف العقابي المكضكعي عمى الجرائـ المستحدثة التي يفرزىا التقدـ‬
‫التكنكلكجي‪ ،‬فبل يفر الجناة مف العقاب‪ ،‬كفي ذات الكقت ال يحدث اعتداء عمى الحريات‬
‫الفردية لؤلفراد كتنتيؾ حرمات حياتيـ الخاصة كلذلؾ فإف ىذا البحث سيحاكؿ تحديد‬
‫الكسائؿ التي عف طريقيا يتحقؽ ىذا التناغـ بيف التكأميف التشريع الجنائي المكضكعي‬
‫كالتشريع اإلجرائي كذلؾ فيما يتعمؽ باإلثبات باألدلة المتحصمة مف الكسائؿ‬
‫اإللكتركنية‪ ،‬كىك بذلؾ قد يميط المثاـ عف بعض الصعكبات التي تكتنؼ مكضكع اثبات‬

‫‪4‬‬
‫___________________________ م ـقـ ـدم ـ ـ ـة ____________________________‬

‫الجرائـ التي اكجدتيا ثكرة االتصاالت عف بعد كالتي ما زالت في جانبيا اإلجرائي تحتاج‬
‫إلى المزيد مف التحميؿ كالتأصيؿ‪.‬‬
‫إف اليدؼ مف ىذه الدراسة ىك الرغبة في تسميط الضكء عمى ظاىرة إجرامية‬
‫يزداد انتشارىا بمعدالت قياسية مع االنتشار اليائؿ الستعماؿ جياز الكمبيكتر‬
‫كاالستعماؿ المتزايد لشبكة اإلنترنت كالذم تنبو لو المشرع الجزائرم مف خبلؿ إصدار‬
‫القانكف ‪ 15/04‬تأكيدا لمساعيو لمسايرة التشريعات العالمية لمتصدم ليذه الظاىرة‬
‫باعتبارىا شكبل مف أشكاؿ الجريمة المنظمة كالتي صادؽ عمى اتفاقية األمـ المتحدة‬
‫لمكافحتيا سنة ‪ 2002‬مف خبلؿ إرساء نصكص قانكنية يجب فيميا خاصة مع إحداث‬
‫أقطاب قضائية متخصصة مف الناحية البشرية كالمادية لبلختصاص بيذا النكع مف‬
‫الجرائـ‪.‬‬
‫إف البحػ ػػث كالتعمػ ػػؽ فػ ػػي ىػ ػػذا المكضػ ػػكع كػ ػػاف بػ ػػالرغـ مػ ػػف الصػ ػػعكبات العديػ ػػدة‬
‫الت ػ ػ ػػي كاجيتي ػ ػ ػػا كػ ػ ػ ػنقص الم ارج ػ ػ ػػع م ػ ػ ػػف د ارس ػ ػ ػػات كبح ػ ػ ػػكث‪ ،‬الس ػ ػ ػػيما بالنس ػ ػ ػػبة لمتشػ ػ ػ ػريع‬
‫الج ازئ ػ ػػرم فيمػ ػ ػػا يخػ ػ ػػص ىػ ػ ػػذا النػ ػ ػػكع مػ ػ ػػف الج ػ ػ ػرائـ باإلضػ ػ ػػافة لنػ ػ ػػدرة األحكػ ػ ػػاـ كالس ػ ػ ػكابؽ‬
‫القض ػ ػػائية ف ػ ػػي ى ػ ػػذا المي ػ ػػداف‪ ،‬كلع ػ ػػؿ أى ػ ػػـ األس ػ ػػباب الت ػ ػػي دفعتن ػ ػػي لمخ ػ ػػكض في ػ ػػو ى ػ ػػك‬
‫محاكل ػ ػػة جم ػ ػػع ش ػ ػػتات المكض ػ ػػكع عب ػ ػػر التقص ػ ػػي ف ػ ػػي التشػ ػ ػريع ال ػ ػػداخمي كال ػ ػػدكلي ع ػ ػػف‬
‫العناص ػ ػ ػػر ذات الص ػ ػ ػػمة‪ ،‬إض ػ ػ ػػافة إل ػ ػ ػػى حاج ػ ػ ػػة المكتب ػ ػ ػػة القانكني ػ ػ ػػة لمث ػ ػ ػػؿ ى ػ ػ ػػذا البح ػ ػ ػػث‬
‫كالمسػ ػػاىمة فػ ػػي إثرائيػ ػػا مػ ػػع الجيػ ػػكد التػ ػػي تبػ ػػذؿ مػ ػػف طػ ػػرؼ رجػ ػػاؿ الفقػ ػػو كىػ ػػك السػ ػػبيؿ‬
‫إل ػ ػ ػػى تن ػ ػ ػػكير طري ػ ػ ػػؽ المش ػ ػ ػػرع عن ػ ػ ػػد إص ػ ػ ػػداره لمقػ ػ ػ ػكانيف ف ػ ػ ػػي ى ػ ػ ػػذا المج ػ ػ ػػاؿ أك إدخ ػ ػ ػػاؿ‬
‫التعػ ػ ػ ػػديبلت عمييػ ػ ػ ػػا‪ ،‬كمػ ػ ػ ػػا أف رغبتػ ػ ػ ػػي الخاصػ ػ ػ ػػة فػ ػ ػ ػػي البحػ ػ ػ ػػث عػ ػ ػ ػػف تفاصػ ػ ػ ػػيؿ ىػ ػ ػ ػػذا‬
‫المكضػ ػ ػػكع خصكصػ ػ ػػا لمػ ػ ػػا لمسػ ػ ػػتو مػ ػ ػػف مس ػ ػ ػتجدات كثي ػ ػ ػرة كاشػ ػ ػػكاالت أفرزىػ ػ ػػا الكاقػ ػ ػػع‬
‫العممي كانت أحد الدكافع األساسية لمخكض في ىذا المكضكع‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫___________________________ م ـقـ ـدم ـ ـ ـة ____________________________‬

‫كما أف ىاتو الدراسة تتصؿ بمكضكع ذم درجة عالية مف األىمية نتج مف‬
‫التكسع الكبير في استخداـ الشبكة العنكبكتية التي ازداد مستخدمكىا حيث كصؿ‬
‫تعدادىـ ما يقارب المميار كستمائة مميكف مستخدـ‪ ،‬كأصبحت ىذه الكسيمة كسطا مبلئما‬
‫الرتكاب أنكاع الجرائـ المعمكماتية التي لـ تكف معركفة لمبشرية قبؿ اختراع ىذه‬
‫التقنية‪ ،‬لقد تنكعت جرائميا كأثرت عمى جؿ جكانب الحياة‪ ،‬حيث بمغ الضرر درجة ال‬
‫يمكف تجاىميا كأصبحت ظاىره معركفة دعت عمى إثرىا العديد مف دكؿ العالـ إلى سف‬
‫قكانيف كأنظمة كتشريعات لمكافحة الجريمة المعمكماتية‪.‬‬
‫كما تتجمى أىمية المكضكع في الضركرة الممحة إليجاد سبؿ كفيمة كفعالة لحماية‬
‫المعمكماتية‪ ،‬خصكصا لما يمثمو ىذا المكضكع مف تعقيد في جانبو التقني أك الفني‬
‫كالذم يجعؿ مف ضركرة التصدم ألم جريمة مستجدة مف األكلكيات التي يجب أف‬
‫يسير المشرع الجنائي عمييا‪.‬‬
‫فمكافحة الجريمة المعمكماتية يعتبر في كقتنا الحالي مف كاجبات الدكؿ‬
‫كالمشرعيف القانكنييف فييا عبر إنشاء منظكمة قانكنية متكاممة ميمتيا رصد أم خركقات‬
‫في ىذا الجانب كجعؿ القكانيف مبلئمة لما يستجد مف جرائـ كجعميا بذلؾ تحت مظمة‬
‫القانكف الجنائي‪.‬‬

‫كما أنني لـ أقؼ في الجزائر عمى بحث أك دراسة متكاممة عف مكافحة الجرائـ‬
‫المعمكماتية‪ ،‬كلكف الدراسات حكلو كانت عبارة عف عناكيف مقتضبة تتحدث أساسا عف‬
‫الفراغ التشريعي في مجاؿ الجريمة المعمكماتية عمى العمكـ‪ ،‬أما في التشريعات المقارنة‬
‫فقد كجدت بعض األبحاث حكؿ المكضكع‪ ،‬كىذا طبيعي في ظؿ التطكر الحاصؿ في‬
‫تمؾ الببلد كسبقيا في ىذا المجاؿ‪ ،‬كىك الشيء الذم سيساعدنا ربما في فيـ المكضكع‬
‫بصفة أكبر كاالستفادة مف التجارب السابقة في ىذا المجاؿ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫___________________________ م ـقـ ـدم ـ ـ ـة ____________________________‬

‫كيمكف تحديد منيجية البحث في تصكرم مف خبلؿ استقراء جميع األجزاء‬


‫المتعمقة بمكافحة الجريمة المعمكماتية سكاء عمى الصعيد الداخمي أك الدكلي‪ ،‬كاالعتماد‬
‫عمى المنيج التحميمي خاصة الستنباط األحكاـ المختمفة التي تحكـ ىذه الحماية‪ ،‬كذلؾ‬
‫دكف االستغناء عف المذىب الكصفي إذا اقتضت الضركرة ذلؾ‪ ،‬باإلضافة إلى االعتماد‬
‫عمى المقارنة القانكنية خصكصا مع التشريعات التي ليا أصؿ مشترؾ‪ ،‬كلكف ليس عمى‬
‫سبيؿ اإللزاـ في كؿ مسألة بؿ مع تمؾ التي تستكجب ذلؾ‪.‬‬

‫لقد حاكلت مف خبلؿ ىذا البحث االعتماد عمى أصكؿ المصادر كالم ارجع‬
‫القانكنية قدر اإلمكاف‪ ،‬مع االستئناس بما تكصؿ إليو الفقو المعاصر بعد مناقشتيا‬
‫كبخاصة في المستجدات‪ ،‬كالتركيز عمى ما تكصؿ إليو االجتياد القضائي كالفقو عمى‬
‫الصعيد الدكلي‪ ،‬كمحاكلة االستفادة مف ذلؾ بعد المناقشة كالنقد‪.‬‬

‫كمف خبلؿ ما سبؽ تتبمكر االشكالية في السؤاؿ الرئيس التالي‪:‬‬

‫‪ -‬ما مدل فعالية التشريعات الداخمية كالدكلية لردع الجريمة المعمكماتية‬


‫كالحد منيا؟‬

‫كلتكضيح ىذه اإلشكالية قمت بطرح األسئمة التالية‪:‬‬

‫فيما تتمثؿ اآلليات الدكلية لمكافحة الجريمة المعمكماتية؟‬

‫ما ىي صكر التعاكف المفترضة لمحد مف آثارىا؟‬

‫كما أنو كمف خبلؿ دراستي لئلطار القانكني لممنظكمة الكطنية كاالجتياد الفقيي‬
‫برزت بعض اإلشكاليات الجزئية كتتمحكر حكؿ إبراز المشاكؿ القانكنية الجديدة التي‬
‫أفرزىا ظيكر المعمكماتية كتطبيقاتيا المتعددة خاصة في نطاؽ القانكف الجنائي‪.‬‬

‫منيا مدل مبلئمة تطبيؽ المفاىيـ التقميدية عمى المجاؿ المعمكماتي؟‬

‫‪7‬‬
‫___________________________ م ـقـ ـدم ـ ـ ـة ____________________________‬

‫كاف تعذر تطبيقيا‪ ،‬فما ىك البديؿ‪:‬‬

‫ىؿ ىك البحث عف الحماية الجنائية مف خبلؿ نصكص الممكية الفكرية؟‬

‫أـ ىؿ نحف بحاجة إلى نصكص خاصة كما فعؿ المشرع الجزائرم في تعديمو‬
‫نصكص قانكف العقكبات؟‬

‫كبناء عمى ما سبؽ فإف ىذا المكضكع يطرح العديد مف اإلشكاليات إف عمى‬
‫الصعيد الدكلي أك الداخمي‪ ،‬كىذا ما حاكلت اإلجابة عميو مف خبلؿ تبسيط النصكص‬
‫القانكنية المعالجة لمجريمة المعمكماتية مف الناحية المكضكعية كاإلجرائية‪ ،‬كاالستناد إلى‬
‫تجارب الدكؿ خاصة المتطكرة منيا باالطبلع عمى التشريعات المقارنة في ىذا‬
‫المجاؿ‪ ،‬كمقارنتيا مع التشريع الجزائرم كاستخبلص األسس القانكنية التي تحكـ الجريمة‬
‫في جميع مراحميا‪ ،‬كفؽ التقسيـ التالي‪:‬‬
‫الباب األكؿ‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية عمى المستكل الدكلي‬

‫إف االنتشار الكاسع لمحكاسيب اآللية كشبكات اإلتصاؿ الخاصة بيا‪ ،‬كسع كثي ار‬
‫مف المجاؿ الذم يمكف لمجرائـ المعمكماتية أف تحدث أثرىا فيو‪ ،‬فأصبح ىذا النكع‬
‫المستحدث مف الجرائـ يعبر الحدكد ليمحؽ الضرر بعدة دكؿ كمجتمعات‪ ،‬كلـ يعد‬
‫يتمركز في دكلة معينة كال يكجو لمجتمع بعينو نتيجة التطكر الكبير لمكسائؿ التقنية‬
‫الحديثة في اإلتصاالت كدخكؿ جميع فئات المجتمع إلى قائمة مستخدمييا فمـ يتردد‬
‫المنحرفكف منيـ في استغبلليا ألغراض دنيئة‪ ،‬كازاء ذلؾ كاف مف الضركرم أف تمـ‬
‫الدكؿ شمميا كتكحد جيكدىا في مكاجية ىذا اإلجراـ‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ السعي إلى تككيف‬
‫أرضية قانكنية تعمؿ عمى دعـ الكفاح الدكلي المشترؾ ضد الجريمة المعمكماتية كطرح‬
‫المشاكؿ كالحمكؿ كاعداد مشركعات القكانيف تسير عمى ىدييا الدكؿ المشتركة‪ ،‬كىك دكر‬
‫المنظمات الدكلية كاإلقميمية إلبراـ اإلتفاقيات بيذا الخصكص‪ ،‬كعميو قسمت ىذا الباب‬

‫‪8‬‬
‫___________________________ م ـقـ ـدم ـ ـ ـة ____________________________‬

‫إلى فصميف تناكلت في األكؿ المكافحة المكضكعية كاإلجرائية لمجريمة المعمكماتية‪ ،‬أما‬
‫في الثاني فتناكلت اآلليات الدكلية لمكافحة ىذه الجريمة‪.‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية عمى المستكل الداخمي‬

‫تناكلت فيو مكافحة الجريمة المعمكماتية عمى الصعيد الداخمي سكاء مف خبلؿ‬
‫نصكص الممكية الفكرية أك مف خبلؿ النصكص الخاصة التي تبناىا المشرع في التعديؿ‬
‫األخير بمكجب القانكف رقـ ‪ 15-04‬المتضمف قانكف العقكبات‪ ،‬بحيث جاءت لتشمؿ‬
‫أغمب الجرائـ التي قد تمس نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات بصفة عامة‪ ،‬ككذا تضمنت‬
‫أغمب الجرائـ التي قد تمس البيانات كالمعطيات المككنة ليذا النظاـ‪ ،‬غير أنيا تحتاج‬
‫إلى نصكص إجرائية تبلزميا نظ ار لما تمتاز بو الجريمة المعمكماتية مف خصكصية‬
‫تختمؼ عف باقي الجرائـ‪.‬‬

‫فالعبلقة بيف الجريمة المعمكماتية كمبادئ اإلجراءات الجنائية تعتبر عبلقة‬


‫كطيدة باعتبارىا الكسيمة الفعالة لمكافحتيا‪ ،‬لذلؾ البد مف الحديث عمى الصعكبات التي‬
‫تكاجو عممية مباشرة الدعكل الجنائية كاإلثبات بالدليؿ الجنائي كسمطات االستدالؿ‬
‫كالتحقيؽ في مثؿ ىاتو الجرائـ‪ ،‬كبناء عمى ما سبؽ قسمت الباب الثاني إلى فصميف‬
‫تناكلت في األكؿ المكاجية التشريعية لمجريمة المعمكماتية‪ ،‬ثـ تناكلت المكافحة اإلجرائية‬
‫لمجريمة المعمكماتية الفصؿ الثاني‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الباب األكؿ‬

‫مكافحة الجريمة المعمكماتية عمى المستكل الدكلي‬


‫مع التزايد الكبير في نسبة الجريمة كاستغبلؿ المنظمات اإلجرامية لممناخ الدكلي‬
‫المتسـ بالمركنة لتكسيع مجاؿ عممياتيا اإلجرامية عبر الحدكد‪ ،‬إما بطريؽ مباشر مف‬
‫خبلؿ مد نشاطيا الدكلي‪ ،‬أك بطريؽ غير مباشر عف طريؽ انتشار شبكات دكلية‬
‫لممنظمات اإلجرامية تتعاكف فيما بينيا‪ ،‬كاف مف الضركرم التفكير في تقييـ أداء أجيزة‬
‫العدالة الجنائية الدكلية‪ ،‬كخمؽ أجيزة نكعية متخصصة‪ ،‬كرفع كفاءة األجيزة المختصة‬
‫بمبلحقة الجريمة‪.‬‬
‫إف الجريمة عبر الكطنية تعد مف المكضكعات المطركحة لمنقاش في المحافؿ‬
‫ليذه‬ ‫مشترؾ‬ ‫فيـ‬ ‫إلى‬ ‫التكصؿ‬ ‫لغرض‬ ‫كاإلقميمية‬ ‫كالدكلية‬ ‫العممية‬
‫الظاىرة‪ ،‬كخصائصيا‪ ،‬بكصفيا غالبا جريمة فاعميف متعدديف‪ ،‬يرتكبيا أفراد منتمكف إلى‬
‫مجمكعة إجرامية تتجاكز حدكد الدكلة الكاحدة‪ ،‬األمر الذم دفع بالمجتمع الدكلي إلى‬
‫البحث عف آليات جديدة تتبلءـ كطبيعتيا‪ ،‬كتطكير الكسائؿ التقميدية بما يكفؿ تضامف‬
‫جيكد الدكؿ‪ ،‬كأجيزتيا القائمة بميمة مكافحة الجرائـ عمكمان كالجريمة المنظمة عمى‬
‫كجو الخصكص كذلؾ لتحقيؽ خمؽ مؤسسات أكثر ديناميكية‪ ،‬استجابة لسرعة ظيكرىا‬
‫كتطكرىا‪ ،‬ذلؾ أف المكافحة المثمى لمجريمة قد تتجاكز الكسائؿ التقميدية إلى كسائؿ أكثر‬
‫جرأة تدعـ التعاكف الرسمي المتخصص‪ ،‬سكاء أكاف ثنائيا أـ متعدد األطراؼ‪ ،‬بحيث‬
‫يسمك عمى الخبلفات السياسية كالييكمية التي تكاجييا الحككمات‪ ،‬حيث ال يزاؿ مبدأ‬
‫السيادة مف المبادئ الجكىرية التي تحد مف فعالية التعاكف الدكلي‪ ،‬كيعيؽ األسس‬
‫العممية لمتعاكف الدكلي البلزـ كالمبلئـ لمكافحة ىذه الجريمة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كلعؿ مفيكـ الجريمة المعمكماتية ال يزاؿ مف المفاىيـ الحديثة الرتباطيا بإحدل‬


‫أىـ مبتك ار التكنكلكجيا المعاصرة (الشبكة العنكبكتية‪-‬االنترنت‪ ،)-‬فيي جريمة كحيدة‬
‫األداة‪ ،‬حيث يتـ ارتكابيا عف طريؽ الحاسب اآللي‪ ،‬كمف قبؿ أشخاص لدييـ الدراية‬
‫الفائقة باستعماالت ىذه الشبكة‪ ،‬التي تككف في ىذه الحالة حمقة كصؿ بيف المجرـ‬
‫ككافة أىدافو كميكالتو اإلجرامية‪ ،‬دكف أف تقتصر آثارىا بالضركرة عمى إقميـ الدكلة التي‬
‫ارتكبت عميو‪ ،‬فالجريمة المعمكماتية جريمة حديثة النمط‪ ،‬كغير معركفة بيف صكر‬
‫اإلجراـ البشرم التقميدم‪ ،‬األمر الذم ميزىا بيذه الخصائص‪ ،‬حتى عرفيا البعض بأنيا‪:‬‬
‫الجريمة التي ال تعرؼ الحدكد‪ ،‬منبيا إلى أف شبكة االنترنت التي ألغت الحدكد‬
‫الجغرافية بيف الدكؿ ذات فاعمية تفكؽ قدرة األجيزة الدكلية المختصة بمكافحة الجريمة‪.‬‬
‫كعميو يمكف تقسيـ مكضكع ىذه الباب إلى فصميف‪ ،‬حيث أستعرض في أكليما‬
‫المكافحة المكضكعية كاإلجرائية لمجريمة المعمكماتية (الفصؿ األكؿ)‪ ،‬كما أتطرؽ إلى‬
‫اآلليات الدكلية لمكافحة ىذه الجريمة (الفصؿ الثاني)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفصؿ األكؿ‬

‫المكافحة المكضكعية كاإلجرائية لمجريمة المعمكماتية‬


‫فرض اإلجراـ المعمكماتي نفسو كظاىرة سمبية عمى المجتمعات بعد التطكر‬
‫المعمكماتي الذم كصمت إليو ىذه األخيرة‪ ،‬فبدأ التأثير السمبي ليذا اإلجراـ كاضحا‬
‫كميددا لؤلفراد كالجماعات كاألمكاؿ كالحككمات عمى حد سكاء‪ ،‬كلتدارؾ ىذا الخطر‬
‫بدت عممية المكافحة لمجريمة المعمكماتية ضركرة حتمية يجب التصدم ليا خاصة كأف‬
‫الدكؿ كجدت نفسيا عاجزة عف أداء كاجبيا الدستكرم كالقانكني لحماية األفراد كتحقيؽ‬
‫األمف كاالستقرار االجتماعي‪ ،‬كبالتالي فإف مكافحة الجريمة المعمكماتية يستكجب تكافر‬
‫حماية جزائية لؤلنظمة المعمكماتية إضافة لمحماية الفنية كذلؾ بكجكد تشريعات جزائية‬
‫قكية كمكاكبة لمتطكر الذم يشيده ىذا العالـ االفتراضي سكاء ما تعمؽ منيا بقانكف‬
‫العقكبات أك قانكف اإلجراءات الجزائية أك بعض القكانيف الخاصة المكممة ذات الصمة‬
‫بالجريمة المعمكماتية‪ ،‬إضافة إلى االتفاقيات الدكلية‪.‬‬

‫كعميو سيتـ تقسيـ ىذا الفصؿ إلى مبحثيف كالتالي‪:‬‬

‫المبحث األكؿ‪ :‬الجيكد الدكلية كاإلقميمية لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المكافحة اإلجرائية في االتفاقيات الدكلية‬

‫المبحث األكؿ‬

‫الجيكد الدكلية كاإلقميمية لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬


‫مع ظيكر االنترنت ازدادت االعتداءات كاصبحت أكثر خطكرة كاتساعا عمى ما‬
‫كانت عميو في السابؽ‪ ،‬كىذا ما استدعى تدخؿ المشرع لكضع حد ليذا التنامي الخطير‬

‫‪12‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫في ميداف اإلجراـ المعمكماتي‪ ،‬كذلؾ عف طريؽ كضع نصكص قانكنية مكضكعية تجرـ‬
‫كتعاقب عمى األفعاؿ التي تشكؿ اعتداء أك تيديدا لؤلمف المعمكماتي‪.1‬‬

‫فمكافحة الجريمة المعمكماتية مكضكعيا تعني في بحثنا ىذا دراسة القكانيف التي‬
‫صيغت لسد الفراغ القانكني في مجاؿ اإلجراـ المعمكماتي حتى ال تخرج الدكؿ عف أىـ‬
‫مبدأ في قكانيف العقكبات الذم ىك مبدأ الشرعية كمفاده أال جريمة كال عقكبة إال بنص‬
‫قانكني‪.2‬‬

‫كتظير مكافحة الجريمة المعمكماتية مف الناحية المكضكعية في مختمؼ‬


‫االتفاقيات الدكلية التي تـ إبراميا في ىذا المجاؿ كعميو سكؼ يتـ تقسيـ ىذا المبحث‬
‫إلى مطمبيف‪:‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬الجيكد الدكلية لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الجيكد اإلقميمية لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬

‫المطمب األكؿ‬

‫الجيكد الدكلية لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬


‫إف األمـ المتحدة كأغمب المنظمات الدكلية تكلي ىذا مكضكع الجريمة المعمكماتية‬
‫اىتماما خاصا‪ ،‬كىك األمر الذم افرز مجمكعة مف االتفاقيات الدكلية في ىذا‬
‫المجاؿ‪ ،‬كفي ىذا السياؽ نشير إلى أىـ االتفاقيات التي تتناكؿ ىذا النكع مف الجرائـ‬
‫كذلؾ حسب التقسيـ التالي‪:‬‬

‫‪ ‌ 1‬الحاج ‌الطاهر‌زهٌر‪‌،‬آلٌات ‌الوقاٌة ‌من ‌الجرٌمة ‌المعلوماتٌة‌ومكافحتها‪‌،‬مذكرة ‌الحصول ‌على‌شهادة ‌الماجستٌر ‌فً‌‬
‫فرع‌القانون‌الجنائً‌والعلوم‌الجنائٌة‪‌،‬كلٌة‌الحقوق‪‌،‬جامعة‌الجزائر‌‪‌،2013‌/2012‌،01‬ص‪‌ .96‬‬

‫‪‌2‬ط رشً‌نورة‪‌،‬مكافحة‌الجرٌمة‌المعلوماتٌة‪‌،‬مذكرة‌الحصول‌على‌شهادة‌الماجستٌر‌فً‌القانون‌الجنائً‪‌،‬كلٌة‌الحقوق‪‌،‬‬
‫جامعة‌الجزائر‪‌،2012/2011‌،01‬ص‪‌ .11‬‬

‫‪13‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬اتفاقية برف‬


‫الفرع الثاني‪ :‬معاىدة الكيبك‬
‫الفرع الثالث‪ :‬اتفاقية تريبس‬

‫الفرع األكؿ‬

‫‪1‬‬
‫اتفاقية برف‬

‫تعتبر اتفاقية برف التي تـ التكقيع عمييا في عاـ ‪ 1971‬في سكيس ار ىي حجر‬
‫األساس في مجاؿ الحماية الدكلية لحؽ المؤلؼ كقد كقعت عمى ىذه االتفاقية ‪ 120‬دكلة‬
‫مف بينيا جميكرية مصر العربية كتعد المادة التاسعة مف تمؾ االتفاقية ىي األساس‬
‫ألنيا تنص عمى منح أصحاب حقكؽ المؤلؼ حؽ استئثارم في التصريح بعمؿ نسخ‬
‫مف ىذه المصنفات بأم طريقة كبأم شكؿ كاف كتـ تعديؿ ىذه االتفاقية في سنة ‪1979‬‬
‫كازداد عدد الدكؿ فييا إلى ‪ 140‬دكلة في ‪.21999‬‬

‫كفضبل عف ذلؾ تمنح اتفاقية برف صاحب حؽ المؤلؼ الحؽ في أف يرخص أك‬
‫يمنح أم ترجمة أك اقتباس أك بث إذاعي أك تكصيؿ إلى الجميكر لمصنفو ككذلؾ تمزـ‬
‫االتفاقية بتكقيع جزاءات سكاء كاف المؤلؼ المعتدل عميو كطنيا أك أجنبيا‪.3‬‬

‫كبمكجب اتفاقية برف الدكلية تتمتع برامج الحاسب اآللي "الكمبيكتر" سكاء كانت‬
‫بمغة المصدر‪ ،‬أك بمغة اآللة بالحماية باعتبارىا أعماال أدبية كفقا لما جاء فييا‪.‬‬

‫‪‌1‬المرسوم‌الرئاسً‌رقم‌‪‌341/79‬المؤرخ‌فً‌‪‌1997/09/13‬المتضمن‌انضمام‌الجزائر‌مع‌التحفظ‌الى‌اتفاقٌة‌برن‌‬
‫المؤرخة ‌فً ‌‪‌ 1869/09/09‬والمتممة ‌فً ‌بارٌس ‌‪‌ 1909/05/04‬والمعدلة ‌فً ‌‪‌ ،1997/09/28‬ج‪.‬ر ‌رقم ‌‪‌01‬‬
‫المؤرخة‌فً‌‪‌ .1997/09/14‬‬
‫‪ ‌ 2‬بن ‌األخضر ‌محمد‪‌ ،‬جرائم ‌الكمبٌوتر ‌واالنترنت‪‌ ،‬مذكرة ‌لنٌل ‌رتبة ‌ضابط‪‌ ،‬المدرسة ‌العلٌا ‌للشرطة‪‌ ،‬بن ‌عكنون‪‌،‬‬
‫‪‌،2008‌،2007‬ص‌‪‌ .49‬‬
‫‪‌ 3‬منٌر ‌محمد ‌الجنبٌهً ‌وممدوح ‌محمد ‌الجنبٌهً‪‌ ،‬جرائم ‌االنترنت ‌والحساب ‌اآللً ‌ووسائل ‌مكافحتها‪‌ ،‬دار ‌الفكر‌‬
‫الجامعً‪‌،‬اإلسكندرٌة‪‌،2005‌،‬ص‪‌ 201‬‬

‫‪14‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫لقد تميزت اتفاقية برف بأنيا منحت بعض الحقكؽ لدكؿ العالـ الثالث مف بينيا حؽ‬
‫الترجمة المجانية لمجامعات كاالستفادة العممية منيا كاليدؼ األساسي مف إبراـ ىذه‬
‫االتفاقية ىك حماية حقكؽ المؤلفيف عمى مصنفاتيـ األدبية كالفنية‪.1‬‬

‫كما تضمنت ىذه االتفاقية أحكاما خاصة بتحديد المصنفات األدبية كالفنية‬
‫المشمكلة بالحماية كالشركط الكاجب تكافرىا لبلستفادة مف الحماية كمبدأ المعاممة‬
‫بالمثؿ‪.2‬‬

‫إف اتفاقية برف كأم اتفاقية دكلية تقكـ عمى مجمكعة مف المبادئ األساسية التي‬
‫تحدد نطاؽ الحماية الكاجبة كأسمكب تطبيقيا‪ ،‬ىذه المبادئ ال تتغير مع التعديبلت أك‬
‫البركتكككالت التي قد تدخؿ عمى االتفاقية بعد ذلؾ‪ ،‬بؿ العكس ال بد كأف تككف ىذه‬
‫التعديبلت متفقة مع ىذه المبادئ كاألسس‪.‬‬

‫يتضح مما سبؽ أف اتفاقية برف تقكـ عمى مجمكعة مف المبادئ يمكف حصرىا‬
‫فيما يمي‪:‬‬

‫أكال‪ :‬مبدأ المعاممة الكطنية‬


‫يقصد بيذا المبدأ أف تتمتع كافة المصنفات الخاضعة لحماية االتفاقية في إقميـ‬
‫دكلية عضك بنفس الحماية التي تتمتع بيا المصنفات الكطنية ليذه األخيرة لدل الدكلة‬
‫األخرل الطرؼ في ىذه االتفاقية‪ ،‬فيذا المبدأ يجعؿ مف كؿ الدكؿ األعضاء في‬
‫االتفاقية إقميميا كاحدا يتمتع كؿ مصنؼ يتـ أكؿ نشر لو في جزء مف ىذا اإلقميـ بنفس‬
‫القدر مف الحماية الذم يتمتع بو أم مصنؼ آخر في جزء منو‪ ،‬فالتسكية تقكـ بيف‬
‫المصنؼ الذم ينشر في دكلة متعاقدة‪ ،‬كذلؾ الذم ينشر في دكلة متعاقدة أخرل‪ ،‬كقد‬

‫‪‌‌1‬شرابشة‌لٌندة‪ ‌،‬السٌاسة‌الدولٌة‌واإلقلٌمٌة‌فً‌مجال‌مكافحة‌الجرٌمة‌اإللكترونٌة‪‌،‬ألقً‌فً‌الملتقى‌الدولً‌حول‌‬
‫التنظٌم‌القانون‌لألنترنت‌والجرٌمة‌اإللكترونٌة‪‌،‬جامعة‌زٌان‌عاشور‪‌،‬الجلفة‪‌28/27‌،‬أفرٌل‌‪‌،2009‬ص‌‪‌ .7‬‬
‫‌‌‪ ‌2‬عبد‌هللا‌عبد‌الكرٌم‌عبد‌هللا‪‌،‬جرائم‌المعلوماتٌة‌واالنترنٌت‪‌،‬منشورات‌الحلبً‌الحقوقٌة‪‌،‬بٌروت‪‌،2007‌،‬ص‌‪‌ .49‬‬

‫‪15‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫يحدث تفاكت كبير في الغالب بيف معايير الحماية كمستكياتيا كذلؾ مف دكلة إلى أخرل‬
‫كمف نظاـ قانكني إلى آخر‪ ،‬ليذا حاكلت اتفاقية برف كضع حد أدنى لمحماية لضماف أال‬
‫يقؿ مستكل حماية المصنفات كفقا لبلتفاقية عف حد معيف حددتو أحكاميا‪.1‬‬

‫‪2‬‬
‫ثانيا‪ :‬الحد األدنى لمحماية‬

‫يعد ىذا المبدأ محاكلة مف كاضعي قكاعد االتفاقية لمكاجية التفاكت التشريعي‬
‫بيف مستكيات الحماية في األنظمة القانكنية المختمفة‪.‬‬

‫كجاءت أحكاـ االتفاقية لتقرر تمتع المؤلفيف بالحقكؽ المقدرة في ىذه‬


‫االتفاقية‪ ،‬كلقد تضمنت ىذه االتفاقية عدة قكاعد مكضكعية خاصة بحماية المصنفات‬
‫األدبية كمف بينيا البرمجيات إعماال التفاقية تريبس التي أخضعت البرمجيات ألحكاـ‬
‫إ تفاقية برف بكصفيا مصنفات أدبية‪ ،‬كىكذا يتضح أف مؤلؼ كمصمـ البرنامج يتمتع‬
‫بنفس الحقكؽ التي يتمتع بيا مؤلفك المصنفات التي تدخؿ في نطاؽ االتفاقية‬
‫كبمقتضاىا يتمتع المؤلفكف بحقكؽ مادية كأدبية‪ ،‬كلقد اختمفت النظـ القانكنية ككذلؾ الفقو‬
‫القانكني في تحديد أسمكب تطبيؽ ىذا الحؽ بالنسبة لمبرمجيات‪ ،‬فمف المعركؼ أف‬
‫البرمجيات منيا أنكاع يستحيؿ فيميا أك إدراكيا بحكاس اإلنساف كاألذف كالعيف كيمزـ‬
‫لفيميا االستعانة بكسائؿ أخرل مبلئمة ليا كما ىك الحاؿ في برمجيات اليدؼ التي ال‬
‫يتكقؼ األمر فييا فقط عمى عدـ إمكانية إدراكيا مف قبؿ الحكاس بؿ ال بد مف معالجتيا‬
‫بمغة الكمبيكتر كتحكيرىا في صكرة غير صكرة األصؿ كفؾ شفرتيا‪ ،‬ىذه المشكمة في‬

‫‌‪‌1‬رشا‌علً‌الدٌن‪‌،‬النظام‌القانونً‌لحماٌة‌البرمجٌات‪‌،‬دار‌الجامعة‌الجدٌدة‪‌،‬اإلسكندرٌة‪‌،2007‌،‬ص‌‪‌ ‌‌.241‬‬
‫‪ ‌2‬لقد‌نظمت‌إتفاقٌة‌برن‌الحد‌األدنى‌من‌الحماٌة‌وألزمت‌الدول‌المنظمة‌إلٌها‌بأن‌ال‌تنقص‌الحماٌة‌المقررة‌لدٌها‌‬
‫عن‌هذا‌الحد‪‌،‬ؼٌر‌أنها‌ٌمكنها‌الزٌادة‌فوقه‪‌،‬راجع‌طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .50‬‬

‫‪16‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الكاقع دفعت البعض إلى القكؿ بأف فؾ الشفرة لبرنامج الكمبيكتر يعد بمثابة تحكيؿ‬
‫كتغيير فييا مما يستمزـ الحصكؿ عمى إذف مف مؤلفيا‪.1‬‬

‫كلقد ثار جداؿ حكؿ حماية ىذه البرمجيات في ظؿ اتفاقية برف الذم حسمت فيو‬
‫اتفاقية تريبس ىذا الخبلؼ مقررة اعتبار البرمجيات مصنفات أدبية تخضع لمحماية كفقا‬
‫لقكاعد اتفاقية برف لممصنفات األدبية كالفنية كىذه الحماية تككف عمى أساس معياريف‪:‬‬

‫‪ .1‬المعيار الشخصي‪ :‬يستند إلى شخصية مؤلؼ البرنامج مف حيث جنسيتو أك‬
‫مكطنو فاتفاقية برف تقرر اشتماؿ الحماية لممصنفات التي يعد مؤلفكىا مف رعايا إحدل‬
‫دكؿ اتحاد برف سكاء كانت ىذه المصنفات منشكرة أك غير منشكرة‪.‬‬
‫‪ .2‬المعيار اإلقميمي‪ :‬يقكـ عمى أساس مكاف أكؿ نشر لممصنؼ‪ ،‬كفقا ليذا المعيار‬
‫تتمتع البرمجيات بالحماية إذا ما نشرت في إحدل دكؿ األعضاء كال عبرة ىنا بجنسية‬
‫المؤلؼ أك محؿ إقامتو المعتاد‪.‬‬

‫كما قامت اتفاقية برف عمى دعامة ىامة مؤداىا المساكاة بيف الكطني كاألجنبي‬
‫باإلضافة إلى كضع حد أدنى يتعيف أف ال تقؿ عنو الحماية التي تمقاىا أم مف‬
‫المصنفات المتمتعة بحمايتيا كينطبؽ ىذاف المبدآف في أقاليـ كافة الدكؿ األعضاء في‬
‫معاىدة برف‪ ،‬كذلؾ باستثناء دكلة أصؿ المصنؼ‪ ،‬فاالتفاقية تستبعد أحكاميا الخاصة‬
‫بالحماية في دكلة األصؿ‪.‬‬

‫كمف الغني عف البياف أف إتفاقية برف لـ تعالج النشر اإللكتركني عبر شبكة‬
‫األنترنت‪ ،‬ألف آخر تعديؿ ليا سنة ‪ 1971‬كاف قبؿ حدكث ثكرة اإلتصاالت كالمعمكمات‬
‫كظيكر األنترنت‪ ،‬لذلؾ فيي قاصرة عمى تقديـ حمكؿ لممشكبلت القانكنية الناتجة عف‬
‫المصنفات المنشكرة عمى شبكة االنترنت‪ ،‬غير أنو يمكننا القكؿ بأنو ما كاف لحديثنا أف‬

‫‪‌1‬رشا‌علً‌الدٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .244‬‬

‫‪17‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫يكتمؿ دكف أف نتعرض التفاقية برف بمزيد مف التفصيؿ حتى نككف أماـ صكرة كاضحة‬
‫لحماية البرمجيات في ظؿ أحكاـ القانكف الدكلي االتفاقي‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫معاىدة الكيبك‬
‫باعتبار أف حقكؽ الممكية الفكرية مف أكثر الحقكؽ التي يتـ انتياكيا بصفة‬
‫مستمرة بكافة شبكات االتصاؿ كالمعمكمات كخصكصا عمى شبكة األنترنت كاف مف‬
‫الضركرم إيجاد منظمات تسعى لتكفير الحماية لمممكية الفكرية‪ ،‬كانت أكؿ خطكة‬
‫تجسدت عمى أرض الكاقع تشكيؿ المنظمة العالمية لمممكية الفكرية "كيبك" حيث تعتبر‬
‫ىذه المنظمة منظمة دكلية غير حككمية كاحدل الككاالت المتخصصة التابعة لمنظمة‬
‫األمـ المتحدة مقرىا جنيؼ كقد تأسست بمكجب اتفاقية ستككيكلـ التي أبرمت عاـ‬
‫‪ 1967‬كدخمت حيز التنفيذ عاـ ‪ ،1970‬بمغ عدد الدكؿ األعضاء في ىذه المنظمة عاـ‬
‫‪ 177 ،1999‬دكلة‪ ،2‬كترتكز نشاطات كاختصاصات ىذه المنظمة في دعـ حماية‬
‫لمممكية الفكرية بفرعييا الممكية الصناعية كالممكية األدبية في جميع أنحاء العالـ بفضؿ‬
‫تعاكف الدكؿ مع بعضيا البعض في ىذا المجاؿ كتنقسـ معاىدة الكيبك إلى ثبلث‬
‫معاىدات‪:‬‬

‫أكال‪ :‬معاىدة الكيبك بشأف حؽ المؤلؼ‬


‫تـ التكقيع عمييا في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 1996‬كتتككف مف ثمانية عشر مادة كتقكـ‬
‫عمى عدة أسس كمبادئ‪.3‬‬

‫‪‌1‬رشا‌علً‌الدٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص ‪‌ .253‬‬
‫‪‌2‬محمود‌أحمد‌عبابنة‪‌،‬جرائم‌الحاسوب‌وأبعادها‌الدولٌة‪‌،‬دار‌الثقافة‌للنشر‌والتوزٌع‪‌،‬األردن‪‌،2009‌،‬ص ‪‌ .160‬‬
‫‪‌ 3‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .202‬‬

‫‪18‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫حيث تبدأ بديباجة ثـ تتناكؿ عبلقة تمؾ المعاىدة بمعاىدة برف ثـ تتعرض لنطاؽ‬
‫تطبيؽ حماية حؽ المؤلؼ كحؽ التكزيع كالتأجير كنقؿ المصنؼ إلى الجميكر‬
‫كااللتزامات المتعمقة بالتدابير التكنكلكجية كالتقييدات عمى تمؾ الحقكؽ ككذلؾ الحقكؽ‬
‫كااللتزامات المترتبة عمى المعاىدة كدخكؿ المعاىدة حيز التنفيذ الفعمي كأخي ار تعرضت‬
‫المعاىدة لمتحفظ عمييا كنقضيا سكاء مف أحد أفرادىا المكقعيف عمييا أك مف إحدل‬
‫الدكؿ غير المكقعة عمييا‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬معاىدة الكيبك بشأف األداء كالتسجيؿ الصكتي‬


‫تـ التكقيع عمييا في ‪ 20‬ديسمبر ‪ 1996‬كتقع في أربع فصكؿ يتناكؿ الفصؿ‬
‫األكؿ منيا األحكاـ العامة كعبلقة المعاىدة باالتفاقيات الدكلية األخرل كالتعريؼ‬
‫كالمستفيدكف مف الحماية بناء عمى تمؾ المعاىدة‪.‬‬

‫أما الفصؿ الثاني فيتناكؿ حقكؽ فناني األداء معنكيا كماليا كحقكؽ االستنساخ‬
‫كالتكزيع كالتأجير كحؽ إتاحة األداء المثبت‪.‬‬

‫أما الفصؿ الثالث يتناكؿ حقكؽ المنتجيف كحؽ االستنساخ كالتأخير كالتكزيع‬
‫كحؽ إتاحة التسجيبلت الصكتية‪.‬‬

‫كيتناكؿ الفصؿ الرابع األحكاـ المشتركة كالحؽ في مكافأة مقابؿ اإلذاعة أك النقؿ‬
‫إلى الجميكر كاالستثناءات عمى ىذا الحؽ كمدة الحماية كااللتزامات المتعمقة بالتدابير‬
‫التكنكلكجية كأخي ار تـ التعرض لئلجراءات الشكمية‪.2‬‬

‫‪ ‌ 1‬أمجد ‌عبد ‌الفتاح ‌أحمد ‌حسان‪‌ ،‬مدى ‌الحماٌة ‌القانونٌة ‌لحق ‌المؤلؾ ‌(دراسة ‌مقارنة)‪‌ ،‬رسالة ‌دكتوراه‪‌ ،‬جامعة‌‬
‫تلمسان‪‌،2008‌،‬ص‌‪‌ .416‬‬
‫‪‌‌2‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .204‬‬

‫‪19‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫ثالثا‪ :‬معاىدة الكيبك بشأف الحماية الدكلية لحؽ المؤلؼ كالحقكؽ المجاكرة‬
‫تبدأ تمؾ االتفاقية بمقدمة تتناكؿ الطابع القانكني لممعاىدتيف الجديدتيف كعبلقتيما‬
‫بالمعاىدات الدكلية األخرل‪ ،‬ثـ تتناكؿ االتفاقية جدكؿ األعماؿ الرقمي كالمعاىدات‬
‫الجديدة ثـ تتعرض االتفاقية إلى أحكاـ أخرل عامة عف المعاىدتيف الجديدتيف كأخي ار‬
‫أعماؿ المتابعة بعد المؤتمر الديبمكماسي‪ ،1‬كتيدؼ المنظمة العالمية لمممكية الفكرية‬
‫"الكيبك" إلى‪:‬‬

‫‪ -1‬تدعيـ اتخاذ اإلجراءات التي تيدؼ إلى تسيير الحماية الفاعمة لمممكية‬
‫الفكرية في جميع أنحاء العالـ‪.‬‬
‫‪ -2‬تنسيؽ التشريعات الكطنية لمدكؿ األعضاء في إطار الحماية الفاعمة لمممكية‬
‫الفكرية عمى الصعيد العالمي‪.‬‬
‫‪ -3‬تقديـ الخدمات الفنية كالقانكنية كالتدريبية في مجاؿ العمؿ عمى الحماية‬
‫الدكلية لمممكية الفكرية‪.‬‬
‫‪ -4‬النيكض بأعباء التسجيؿ في مجاؿ الحماية الدكلية لمممكية الفكرية‪ ،‬كأف‬
‫تنشر البيانات الخاصة بالتسجيبلت حيثما كاف ذلؾ مبلئما‪.2‬‬

‫ليذا نجد المنظمة منذ نشأتيا قد كرست جيكدىا لتنفيذ رسالتيا‪ ،‬كتحقيؽ أىداؼ‬
‫نشأتيا مف خبلؿ النيكض بحماية الممكية الفكرية في جميع أنحاء العالـ في ضكء‬
‫التعاكف الدكلي كالسير عمى حماية حقكؽ المبتكريف كأصحاب حقكؽ الممكية الفكرية‪.3‬‬

‫إف معاى دة الكيبك الخاصة بحماية حقكؽ المؤلؼ ليا دكر ىاـ في حماية‬
‫البرمجيات حيث نصت المادة ‪ 4‬منيا بتمتع برامج الكمبيكتر بالحماية باعتبارىا‬

‫‪‌1‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .205‬‬
‫‪‌2‬رشا‌علً‌الدٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .262‬‬
‫‪‌3‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .264‬‬

‫‪20‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫مصنفات أدبية بالمعنى الكارد في المادة ‪ 2‬مف اتفاقية برف‪ ،‬فمنظمة الكيبك في إطار‬
‫معاىداتيا تحمي الممكية الفكرية كتعمؿ عمى إقامة التكازف بيف مصالح الدكؿ النامية‬
‫كالمتقدمة‪ ،1‬باإلضافة إلى ذلؾ لـ تقؼ االتفاقية عند حد إبراـ المعاىدات كالعمؿ عمى‬
‫تطبيقيا‪ ،‬بؿ أيضا امتد األمر إلى عقد الدكرات التدريبية مف أجؿ تككيف الككادر البشرية‬
‫القادرة عمى تنفيذ متطمبات االتفاقيات كالمعاىدات المكقع عمييا‪ ،‬كالمصادؽ عمييا مف‬
‫الدكؿ‪ ،‬كيتضح مما سبؽ أف لممنظمة العالمية لمممكية الفكرية لعبت دك ار ىاما في حماية‬
‫حقكؽ الممكية الفكرية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫اتفاقية تريبس‬
‫اتفاقية تريبس ىي األخرل مف المعاىدات التي تـ إنجازىا في مجاؿ حماية‬
‫الممكية الفكرية مف السطك عمييا خصكصا مع انتشار عمميات السطك اإللكتركني عمى‬
‫األعماؿ الفنية‪ ،‬دكف إعطاء مالكييا أم مف حقكقيـ المادية أك المعنكية‪.‬‬

‫كتمؾ االتفاقية تـ التكقيع عمييا مف قبؿ الدكؿ األعضاء بيا عاـ ‪ 1994‬كقد‬
‫عالج مكقعك االتفاقية العامة لمتعريفات كالتجارة حقكؽ الممكية الفكرية بتكقيع اتفاؽ‬
‫الجكانب المتصمة بالتجارة مف حقكؽ الممكية الفكرية فربطكا بذلؾ بيف المعايير الدكلية‬
‫كالمعايير المحمية‪.2‬‬

‫لقد تناكلت اتفاقية تحرير التجارة العالمية مختمؼ مناحي النشاط التجارم عمى‬
‫الصعيد الدكلي كنظ ار ألىمية حماية الممكية الفكرية في ظؿ نظاـ تجارم عالمي‬

‫‪‌ 1‬كوثر ‌مازونً‪‌ ،‬قانون ‌الملكٌة ‌الفكرٌة ‌فً ‌مواجهة ‌التكنولوجٌا‪‌ ،‬رسالة ‌دكتوراه‪‌ ،‬جامعة ‌الجزائر ‌‪‌‌‌،2015‌ ،01‬‬
‫ص‌‪‌ .22‬‬
‫‪‌2‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .201‬‬

‫‪21‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫جديد‪ ،‬فقد جاءت اتفاقية تريبس كنتاج لمفاكضات استمرت عدة سنكات لتككف كاحدة مف‬
‫أىـ أدكات تحرير التجارة العالمية كالتي أثارت جدال كنقاشا طكيبل أثناء المفاكضات بيف‬
‫الدكؿ النامية كالدكؿ الصناعية المتقدمة‪.1‬‬

‫شممت مكاد اتفاقية تريبس الخاصة بأكجو التجارة المتصمة بحقكؽ الممكية الفكرية‬
‫عمى مكافحة الجريمة المعمكماتية بالنص في المادة ‪ 1/10‬عمى أنو تتمتع برامج‬
‫الحاسب اآللي أك الكمبيكتر سكاء كانت بمغة المصدر أك بمغة اآللة بالحماية باعتبارىا‬
‫أعماال أدبية بمكجب معاىدة برف ‪ 1971‬كما نصت في فقرتيا الثانية عمى حماية‬
‫البيانات المجمعة أك المكاد األخرل بشركط معينة‪.‬‬

‫لفعالية ىذه المكافحة اشترطت االتفاقية عمى الدكؿ األعضاء لحماية حقكؽ‬
‫الممكية المنصكص عمييا في ىذه االتفاقية كبيدؼ تسييؿ اتخاذ تدابير فعالة ضد أم‬
‫تعدم عمى حقكؽ الممكية الفكرية التي تناكلتيا االتفاقية‪ ،‬يجب اتخاذ إجراءات سريعة‬
‫لمنع التعديات كاالنتياكات الحالة في المادة ‪ 41‬مف االتفاقية‪ ،‬كضركرة تكافر إجراءات‬
‫قضائية كمدنية إلى جانب إجراءات إدارية أخرل في المادة ‪ 42‬منيا‪ ،‬ىذا كنصت المادة‬
‫التاسعة مف االتفاقية عمى أنو عمى الدكؿ األعضاء فييا االلتزاـ بأحكاـ المكاد‬
‫مف ‪ 1‬إلى ‪ 21‬مف معاىدة برف ‪ ،1971‬مع مراعاة أف الحماية تسرم عمى المنتكج‬
‫كليس عمى مجرد األفكار أك اإلجراءات أك أساليب العمؿ نصت عمى الحماية الزمنية‬
‫ليذه المصنفات كحددتيا بطكؿ حياة المؤلؼ باإلضافة إلى مدة خمسيف عاما بعد‬
‫كفاتو‪.2‬‬

‫‪‌1‬رشا‌علً‌الدٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .173‬‬
‫‪‌2‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .74‬‬

‫‪22‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫بالتالي اتفاقية تريبس تتضمف العديد مف اإلجراءات اليامة كالفعالة لردع‬


‫االعتداءات عمى حقكؽ الممكية الفكرية‪ ،1‬كما أنيا كمف جية أخرل تفرض عمى الدكؿ‬
‫اتخاذ العديد مف التدابير اليامة لمعالجة الكضع كمف تمؾ التدابير عمى سبيؿ المثاؿ‬
‫إعطاء الحؽ لمسمطات في إصدار األكامر بشف حمبلت مفاجئة لضبط أدلة ارتكاب‬
‫ا لجريمة كالتي عادة ما تككف سيمة التخمص منيا لك لـ تكف ىناؾ سرعة في محاكلة‬
‫ضبطيا ككذلؾ التحفظ عمى أدكات ارتكاب الجرائـ كذلؾ فضبل عف فرض عقكبات‬
‫جنائية رادعة‪.2‬‬

‫ترخي الدكلة العضك عمى اتخاذ مثؿ تمؾ اإلجراءات أك أف تمتنع عف‬
‫في حالة ا‬
‫تطبيؽ قكانينيا الكطنية فإف المنظمة العالمية تعمف أف تمؾ الدكلة ال تقكـ بما عمييا مف‬
‫كاجبات في تطبيؽ الشركط كاإلجراءات المنصكص عمييا في المعاىدة كبالتالي تككف‬
‫عرضة ألف تتخذ ضدىا العديد مف اإلجراءات العقابية مف باقي الدكؿ األعضاء‪.3‬‬

‫تتكحد جميع أحكاـ اتفاقية تريبس في ىدؼ كاحد كىك تحرير التجارة العالمية مع‬
‫األخذ في االعتبار أمريف ىاميف‪:4‬‬

‫األمر األكؿ‪ :‬ضركرة تكفير إجراءات كتدابير إلنفاذ حقكؽ الممكية الفكرية دكف أف‬
‫تقؼ عائقا أماـ التجارة الدكلية المشركعة‪.‬‬

‫األمر الثاني‪ :‬العمؿ عمى تشجيع الحماية الفاعمة في مجاؿ حقكؽ الممكية الفكرية‬
‫بجميع فركعيا‪.‬‬

‫‪ ‌ 1‬حواس‌فتٌحة‪‌،‬حماٌة‌المصنفات‌الرقمٌة‌وأسماء‌النطاقات‌على‌شبكة‌االنترنت‪‌،‬رسالة‌دكتوراه‪‌،‬جامعة‌الجزائر‌‬
‫‪‌،2016‌،01‬ص‌‪‌ .127‬‬
‫‪‌2‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 202‬‬
‫‪‌3‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‪‌ .202‬‬
‫‪‌4‬نواؾ‌كنعان‪‌،‬النماذج‌المعاصرة‌لحق‌المؤلؾ‌ووسائل‌حماٌتها‪‌،‬عمان‪‌،‬الجامعة‌األردنٌة‪‌،2000‌،‬ص‌‪‌ .240‬‬

‫‪23‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كأم اتفاقية تقكـ اتفاقية تريبس عمى عدة مبادئ ىي‪:‬‬

‫أكال‪ :‬مبدأ المعاممة الكطنية‬


‫أخذت اتفاقية تريبس بقاعدة عامة مفادىا المساكاة في الدكلة العضك بيف‬
‫األجانب المنتميف إلى إحدل الدكؿ األعضاء كالكطنييف المنتميف إليو‪ ،1‬فقد ألزمت‬
‫المادة الثالثة مف االتفاقية كؿ دكؿ عضك بأف تمنح األجانب المنتميف إلى دكلة أخرل‬
‫مف الدكؿ األعضاء معاممة ال تقؿ عف تمؾ التي تمنحيا لمكاطنييا في شأف حماية‬
‫الممكية الفكرية كتشمؿ المساكاة في الحماية ىنا تحديد المستفيديف مف الحماية‪ ،‬سبؿ‬
‫اكتسابيا‪ ،‬نطاقيا‪ ،‬استمرارىا‪ ،‬انفاذىا‪ ،‬مدتيا‪ ،‬كغيرىا مف األمكر التي تؤثر في استخداـ‬
‫حقكؽ الممكية الفكرية لممنصكص عمييا في ىذه االتفاقية‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬مبدأ الدكلة األكلى بالرعاية‬


‫أكجبت المادة الرابعة مف اتفاقية تريبس عمى الدكؿ األعضاء أف تمنح المنتميف‬
‫إلى كافة الدكؿ فكرا‪ ،‬كبدكف أية شركط‪ ،‬أية مزايا‪ ،‬أك حصانات أك معاممة تفضيمية‬
‫تمنحيا لممنتميف إلى أم دكلة أخرل متعمقة بحماية حقكؽ الممكية الفكرية‪.3‬‬

‫مفاد ىذا أف كؿ دكلة عضك في منظمة التجارة العالمية قامت بمنح دكلة أخرل‬
‫عضك ميزة تفضيمية معينة يتعيف عمييا منح جميع الدكؿ األعضاء األخرل نفس‬
‫الميزة‪ ،‬كلكف يبلحظ أف ىذا المبدأ ال يمنع الدكؿ األعضاء مف القياـ بفرض قيكد لتنظيـ‬

‫‪ ‌ 1‬قد ‌تكون ‌الحماٌة ‌القانونٌة ‌المفروضة ‌فً ‌الدولة ‌األصلٌة ‌أفضل ‌وأكبر ‌من ‌الحماٌة ‌الممنوحة ‌فً ‌الدولة‌‌‌‌‌‬
‫األخرى‪‌،‬مثل‌أن‌تكون‌الحماٌة‌فً‌القانون‌البلجٌكً‌أفضل‌من‌الحماٌة‌فً‌القانون‌الفرنسً‪‌،‬فهنا‌ال‌ٌمكن‌ان‌نطالب‌‬
‫فرنسا‌بأن‌تمنحهم‌حماٌة‌أكثر‌من‌التً‌تمنحها‌لمواطنٌها‪‌،‬راجع‌نواؾ‌كنعان‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.362‬‬
‫‪‌2‬رشا‌علً‌الدٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .178‬‬
‫‪‌3‬أمجد‌عبد‌الفتاح‌أحمد‌حسان‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .286‬‬

‫‪24‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫التجارة الدكلية‪ ،‬كبشرط أف تككف ىذه القيكد عامة كمكضكعية كمجردة دكف أف تحمؿ‬
‫مزايا لمبعض دكف اآلخر‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬كضع حد أدنى مف الحماية القانكنية‬


‫حاكلت اتفاقية تريبس عند إبراميا كضع حد أدنى مف الحماية القانكنية في كؿ‬
‫مجاؿ مف مجاالت حماية الممكية الفكرية‪ ،‬حيث نجد أف الدكلة العضك في استطاعتيا‬
‫تقديـ حماية قانكنية تفكؽ الحماية المقدرة في اتفاقية تريبس كلكف ال يجكز ليا أف تقدر‬
‫حماية أدنى مما قررتو االتفاقية‪ ،‬فميس ىناؾ ما يمنع مف تقديـ حماية أكثر سعة مما‬
‫قدمتو االتفاقية كمنح الدكؿ األعضاء ميزات كامتيازات تفكؽ ما قررتو أحكاميا‪ ،‬كانطبلقا‬
‫مف ىذا يتعيف أف تتفؽ التشريعات الكطنية لمدكؿ األعضاء مع أحكاـ االتفاقية‪.2‬‬

‫رابعا‪ :‬كقت إنفاذ اتفاقية تريبس‬


‫كاف مف مصمحة الدكؿ الصناعية المتقدمة‪ ،‬كعمى رأسيا الكاليات المتحدة‬
‫األمريكية إعماؿ قكاعد اتفاقية تريبس مف لحظة إبراميا‪ ،‬كيكفي أف نسكؽ ىنا دليبل عمى‬
‫قكلنا كىك إحصائية االتحاد الدكلي لمممكية الفكرية )‪ (IIPA‬حيث قدرت خسائر الممكية‬
‫الفكرية في الدكؿ الصناعية المتقدمة بحكالي ‪ 12.5‬مميار دكالر أمريكي عاـ ‪1998‬‬
‫مما دعا الدكؿ الصناعية الكبرل لمعمؿ عمى دفع عجمة القانكف الدكلي االتفاقي نحك‬
‫كضع قكاعد دكلية لحماية الممكية الفكرية كحقكقيا‪.3‬‬

‫تعد الدكؿ الصناعية المتقدمة ىي المتضررة األكلى مف قرصنة الممكية‬


‫الفكرية‪ ،‬كليذا حاكلت جاىدة إجبار الكثير مف الدكؿ النامية لبلنصياع لبلتفاقيات كالحد‬
‫مف القرصنة كالتزكير كالتقميد كلكف ىذه الدكؿ الصناعية لـ تتكصؿ إلى عقد اتفاقية‬

‫‪ ‌ 1‬ملٌكة ‌عطوي‪‌ ،‬الحماٌة ‌القانونٌة ‌لحقوق ‌الملكٌة ‌الفكرٌة ‌على ‌شبكة ‌االنترنت‪‌ ،‬رسالة ‌دكتوراه‪‌ ،‬جامعة ‌الجزائر‌‬
‫‪‌،2010‌،03‬ص‪‌ .270‬‬
‫‪‌2‬رشا‌علً‌الدٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .181‬‬
‫‪‌3‬أمجد‌عبد‌الفتاح‌أحمد‌حسان‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .284‬‬

‫‪25‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫تريبس ما لـ يكف لدييا قدر مف المركنة التي مف مظاىرىا الرضا بالفترات االنتقالية‬
‫التي تـ إقرارىا كىي فترات سماح ال تمزـ خبلليا الدكؿ بااللتزامات التي فرضتيا‬
‫االتفاقية‪.1‬‬

‫خامسا‪ :‬المعاممة التفضيمية لمدكؿ النامية‬


‫مف أىـ مقاصد اتفاقية تريبس مراعاة االحتياجات الخاصة ألقؿ البمداف األعضاء‬
‫نمكا‪ ،‬فيي تراعي المركنة في تنفيذ أحكاميا خاصة عمى الصعيد الداخمي ليذه الدكؿ‬
‫األعضاء‪ ،‬فاتفاقية تريبس أرادت مف المعاممة التفضيمية لمدكؿ النامية تمكيف ىذه الدكؿ‬
‫مف انشاء قاعدة تكنكلكجية متطكرة تخدـ مصالحيا االقتصادية كتساعدىا عمى المحاؽ‬
‫بعجمة التجارة الدكلية‪.2‬‬

‫إف االتفاقيات الدكلية لعبت دك ار بار از في مكافحة الجريمة المعمكماتية عمى‬


‫المستكل الدكلي‪ ،‬باإلضافة إلى ذلؾ يجب التنكيو أيضا لدكر المنظمات العالمية في‬
‫مكافحة الجريمة المعمكماتية كمنظمة األمـ المتحدة في جيكدىا المبذكلة لئلحاطة‬
‫باإلجراـ المعمكماتي‪ ،‬حيث أنيا في تقرير ليا تحت عنكاف "اقتراحات المكاجية الدكلية‬
‫تجاه صكر تطكر الجريمة" عاـ ‪ ،1987‬كفي اجتماع آخر ليا عاـ ‪ 1990‬تـ مناقشة‬
‫مشركع لحمكؿ مشكمة الجريمة المرتبطة بالحاسب اآللي‪ ،‬فركزت عمى أىمية جيكد الدكؿ‬
‫األعضاء لضبط جرائـ المعمكماتية نظ ار آلثارىا السمبية كالكخيمة عمى األفراد كالمجتمع‪.‬‬

‫كما أنو في إطار االىتماـ الدكلي بمكافحة الجريمة المعمكماتية أرسى مؤتمر‬
‫"ريك دم جانيرك" الدكلي الخامس عشر لمجمعية الدكلية لقانكف العقكبات في‬

‫‪ ‌ 1‬محمد‌حسام‌محمود‌لطفً‪‌،‬تأثٌر‌اتفاقٌة‌ترٌبس‌على‌نظام‌حماٌة‌حق‌المؤلؾ‪‌،‬حقوق‌المؤلؾ‌فً‌الوطن‌العربً‌‬
‫فً‌إطار‌التشرٌعات‌العربٌة‌والدولٌة‪‌،‬المنظمة‌العربٌة‌للتربٌة‌والثقافة‌والعلوم‪‌،‬تونس‪‌،1999‌،‬ص‌‪‌ .42‬‬
‫‪‌2‬رشا‌علً‌الدٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .182‬‬

‫‪26‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫‪4‬سبتمبر‪ 1994‬جانبا ىاما مف المبادئ العامة المتعمقة بالقانكف اإلجرائي الخاص‬


‫بالجرائـ المعمكماتية‪.1‬‬

‫بالتالي فإف المعاىدات كاالتفاقيات الدكلية باإلضافة إلى المنظمات الدكلية تعد‬
‫األساس الذم يرتكز عميو التعاكف الدكلي في مجاؿ مكافحة الجرائـ اإللكتركنية‪.2‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫الجيكد اإلقميمية لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬


‫تبرز الجيكد اإلقميمية في مكاجية الجريمة االلكتركنية في المساعي التي قاـ بيا‬
‫المجمس األكركبي‪ 3‬الذم برز دكره كعنصر فعاؿ في مكافحة ىذه الظاىرة خصكصا في‬
‫الحفاظ عمى المعطيات الفردية ككؿ ما يتعمؽ بالحياة الخاصة كلعؿ السبب في ذلؾ أف‬
‫الدكؿ المنتمية ليذا المجمس مف الدكؿ المتقدمة عمميا ك تقنيا األمر الذم دفعيا لكضع‬
‫التكصيات كعمؿ االتفاقيات التي تحتاج لتشريعات داخمية تعالج كؿ ما ىك مستحدث‬
‫في مجاؿ التقدـ العممي‪ ،4‬باإلضافة إلى الجيكد التي تبذليا جامعة الدكؿ العربية مف‬
‫خبلؿ اعتمادىا عبر أمانة مجمس كزراء العدؿ العرب لما سمي بقانكف االمارات العربي‬
‫االسترشادم لمكافحة جرائـ تقنية المعمكمات كما في حكميا‪ ،‬نسبة إلى مقدـ ىذا المقترح‬
‫كىك دكلة االمارات العربية المتحدة كىك ما سأتعرض لو بالتفصيؿ حسب التقسيـ التالي‪:‬‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 74‬‬
‫‪‌2‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 185‬‬
‫‪‌ 3‬مجلس أوروبا ٌتكون من ‪ 41‬دولة‪ ،‬لقد تأسس فً عام ‪ 1949‬كاتحاد مضاد لألفكار الدٌكتاتورٌة سادت أوروبا‬
‫فً النصؾ األول من القرن (العشرٌن ولتقوٌة حركة الدفاع عن حقوق اإلنسان وتطوٌر الحركة الدٌمقراطٌة ودور‬
‫القانون فً إطار‪ ،‬وموقع مجلس أوروبا على األنترنت هو‪‌ .http://www.coe.int‌:‬‬
‫‪ ‌ 4‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬ألٌات‌البحث‌والتحري‌عن‌الجرٌمة‌المعلوماتٌة‌فً‌القانون‌الجزائري‪‌،‬مذكرة‌ماجٌستٌر‪‌،‬جامعة‌‬
‫باتنة‪‌،2013‌،‬ص‌‪‌ .44‬‬

‫‪27‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬معاىدة بكدابست‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القانكف العربي النمكذجي‬

‫الفرع األكؿ‬

‫معاىدة بكدابست‬
‫شيدت العاصمة المجرية بكدابست في أكاخر عاـ ‪ 2001‬أكلى المعاىدات‬
‫الدكلية التي تكافح جرائـ األنترنت كتبمكر التعاكف كالتضامف الدكلي في محاربتيا‬
‫كمحاكلة الحد منيا خاصة بعد أف كصمت تمؾ الجرائـ إلى حد خطير أصبح ييدد‬
‫األشخاص كالممتمكات‪.1‬‬

‫ل قد تـ صياغة ىذه المعاىدة مف جانب عدد كبير مف الخبراء القانكنييف في‬


‫مجمس أكركبا كبمساعدة دكؿ أخرل ال سيما الكاليات المتحدة األمريكية كبعد مشاكرات‬
‫عديدة بيف الحككمات كأجيزة الشرطة كقطاع الكمبيكتر عمى مستكل العالـ كىك األمر‬
‫الذم أدل في النياية إلى التكقيع عمييا مف قبؿ ثبلثيف دكلة بتاريخ ‪ 23‬نكفمبر ‪2001‬‬
‫في العاصمة المجرية بكدابست كذلؾ لمكاجية االستخداـ غير المشركع لمحسابات‬
‫كشبكات المعمكمات فيما يعرؼ باإلجراـ الككني أك اإلجراـ المعمكماتي أك الجرائـ‬
‫المعمكماتية‪.2‬‬

‫لقد كقعت عمييا العديد مف الدكؿ مف غير أعضاء مجمس اركبا مثؿ كندا‬
‫كالياباف كجنكب إفريقيا‪ ،‬كما صادقت عمييا الكاليات المتحدة األمريكية‪ ،‬فيي في األصؿ‬
‫أكركبية الميبلد‪ ،‬إال أنيا دكلية الطابع ألنيا مفتكحة أم تسمح بانضماـ دكؿ أخرل مف‬

‫‪‌1‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .180‬‬
‫‪‌2‬محمد‌علً‌العرٌان‪‌،‬الجرائم‌المعلوماتٌة‪‌،‬دار‌الجامعة‌الجدٌدة‪‌،‬كلٌة‌الحقوق‪‌،‬جامعة‌اإلسكندرٌة‪‌،2011‌،‬ص‌‪‌ .25‬‬

‫‪28‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫غير المجمكعة األكركبية (المادة ‪ )48‬إال أف ىذه الدعكة لبلنضماـ ال تسمخ عنيا أنيا‬
‫اتفاقية تـ اعدادىا في إطار المجمكعة األكركبية‪.1‬‬

‫تككنت ىذه االتفاقية مف ثمانية كأربعكف مادة كأكدت االتفاقية عمى الحاجة إلى‬
‫اتخاذ تدابير تشريعية لمكافحة جرائـ الكمبيكتر كمخاطرىا عمى الدكؿ‪ ،‬كما تضمنت عدة‬
‫تكصيات لمدكؿ األعضاء لمكافحة الجريمة المعمكماتية كاعتبرت مرجعا ال يستياف بو‬
‫في ميداف محاربة اإلجراـ السيبيرم سكاء بالنسبة لبعض االتفاقيات البلحقة ذات الصمة‬
‫أك بالنسبة لمتشريعات الداخمية لبعض الدكؿ‪.2‬‬

‫لقد ركزت اتفاقية بكدابست عمى ثبلثة عناصر أساسية‪:‬‬

‫العنصر األكؿ‪ :‬يتمثؿ في أىمية التدابير التشريعية المكضكعية أم نصكص‬


‫التجريـ المكضكعية‪.‬‬

‫العنصر الثاني‪ :‬يتمثؿ في أىمية التدابير التشريعية اإلجرائية المتبلئمة مع طبيعة‬


‫الجرائـ االلكتركنية أم النصكص اإلجرائية‪.‬‬

‫العنصر الثالث‪ :‬يتمثؿ في أىمية تدابير التعاكف الدكلي كاإلقميمي في مجاؿ‬


‫مكافحة الجرائـ‪ ،‬كاالنطبلؽ مما أنجز مف جيكد دكلية كاقميمية في ىذا المجاؿ‪.3‬‬

‫ككاف ذلؾ مجسدا في مكاد االتفاقية المكزعة عمى أربعة فصكؿ‪:‬‬

‫الفصؿ األكؿ‪ :‬تضمنت تعريفا لممصطمحات األساسية (المادة ‪)1‬‬

‫‪‌1‬بتارٌخ‌‪‌2001/11/23‬قامت‌‪‌26‬دولة‌أوروبٌة‌بالتوقٌع‌على‌أول‌إتفاقٌة‌تكافح‌الجرٌمة‌المعوماتٌة‪‌،‬كما‌شاركت‌‪‌04‬‬
‫دول‌من‌ؼٌر‌األعضاء‌فً‌المجلس‌األوروبً‌فً‌إعداد‌هذه ‌الإلتفاقٌة‌والتوقٌع‌علٌها‌أٌضا‌وهً‪‌ :‬كندا‪‌،‬الٌابان‪‌،‬جنوب‌‬
‫إفرٌقٌا‪‌،‬والوالٌات‌المتحدة‌األمرٌكٌة‪‌،‬وقد‌إستؽرقت ‌المفاوضات‌بٌن‌الدول‌أربعة‌أعوام‌حتى‌تم‌التوصل‌إلى‌الصٌؽة‌‬
‫النهائٌة‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬الحاج‌الطاهر‌زهٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .102‬‬
‫‪‌3‬بن‌األخضر‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .56‬‬

‫‪29‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفصؿ الثاني‪ :‬كجاء تحت عنكاف الخطكات الكاجب اتخاذىا عمى الصعيد‬
‫الكطني‪ ،‬كىك مؤلؼ مف ثبلثة أقساـ‪:‬‬

‫األكؿ‪ :‬يضـ المكاد مف ‪ 2‬إلى ‪ 13‬التي تعالج النصكص المكضكعية لجرائـ‬


‫الحاسكب كالثاني‪ :‬يضـ المكاد مف ‪ 14‬إلى ‪ 21‬كتتعمؽ بالقكاعد اإلجرائية كالثالث‪ :‬يضـ‬
‫المادة ‪ 22‬كيتعمؽ باالختصاص‪.‬‬

‫الفصؿ الثالث ‪ :‬كجاءت تحت عنكاف التعاكف الدكلي‪ ،‬كىك مف المادة ‪23‬‬
‫حتى‪.35‬‬

‫الفصؿ الرابع‪ :‬كيتضمف األحكاـ الختامية مف المادة ‪ 36‬حتى ‪.148‬‬

‫كما حددت اتفاقية بكدابست الجرائـ المعمكماتية كصنفتيا في خمسة عناكيف في‬
‫القسـ األكؿ مف االتفاقية ىي كالتالي‪:2‬‬

‫العنكاف األكؿ‪ :‬كيضـ جكىر جرائـ الحاسب أك الجرائـ المعمكماتية كىي تمؾ‬
‫الجرائـ التي تعرؼ بالجرائـ ضد سرية البيانات كسبلمتيا كسبلمة النظـ كاتاحة البيانات‬
‫كالنظـ‪.‬‬

‫العنكاف الثاني‪ :‬كيضـ االنتياكات الممارسة بكاسطة الحاسب اآللي‪ :‬التي تمس‬
‫بعض المصالح القانكنية التي تحمييا قكانيف العقكبات‪ ،‬كتضـ أيضا جرائـ الغش‬
‫المعمكماتي كالتزكير المعمكماتي‪.‬‬

‫‪‌1‬بن‌األخضر‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص ‪‌ .59‬‬
‫‪‌2‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌.86‬‬

‫‪30‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫العنكاف الثالث‪ :‬كيشمؿ االنتياكات كالجرائـ المرتبطة بالمحتكل كىي التي تخص‬
‫اإلنتاج كالنشر غير المشركع لممكاد اإلباحية الطفكلية عبر النظـ المعمكماتية‪ ،‬في المادة‬
‫التاسعة مف االتفاقية‪.‬‬

‫العنكاف الرابع‪ :‬كيشمؿ الجرائـ المتعمقة باالعتداء عمى الممكية الفكرية كالحقكؽ‬
‫المرتبطة بيا في نص المادة العاشرة مف االتفاقية‪.‬‬

‫العنكاف الخامس‪ :‬كىك يشتمؿ عمى أحكاـ إضافية بخصكص المشركع كاالشتراؾ‬
‫كأيضا الجزاءات كالتدابير طبقا لممعايير الدكلية الحديثة بالنسبة لمسؤكلية األشخاص‬
‫المعنكية‪.1‬‬

‫لقد قاـ كاضعك االتفاقية بتحديد اإلطار العاـ ليذه الجرائـ كالمتمثؿ في الدخكؿ‬
‫غير المشركع أك االعتراض غير المشركع أك االعتداء عمى سبلمة البيانات أك النظاـ‬
‫المعمكماتي ككذلؾ إساءة استخداـ أجيزة الحسابات أك التزكير المعمكماتي أك الغش‬
‫المعمكماتي‪ ،2‬كقد أكجبت اتفاقية بكدابست بعض الشركط حتى تأخذ األفعاؿ السابقة‬
‫كصؼ الجريمة‪.3‬‬

‫تتمثؿ ىذه الشركط فيما يمي‪:‬‬

‫‪ ‬أف ترتكب الجرائـ المذككرة في االتفاقية دكف كجو حؽ‪.‬‬


‫‪ ‬أف ترتكب الجرائـ المذككرة بطريقة عمدية مف أجؿ إقرار المسؤكلية الجنائية‪.‬‬

‫كما ألزمت اتفاقية بكدابست الدكؿ األطراؼ عند سف تشريعاتيا الداخمية المتعمقة‬
‫بالجرائـ اإللكتركنية أف تراعي االتفاقيات الدكلية لحقكؽ اإلنساف مثؿ‪ :‬االتفاقية األكربية‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .65‬‬
‫‪‌2‬محمد‌علً‌العرٌان‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .26‬‬
‫‪‌3‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .65‬‬

‫‪31‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫لحماية حقكؽ اإلنساف كالحريات األساسية لعاـ ‪ ،1950‬كالميثاؽ الدكلي حكؿ الحقكؽ‬
‫المدنية كالسياسية لعاـ ‪ ،1966‬كيجب أيضا عمى الدكؿ لؤلطراؼ االعتماد عمى معايير‬
‫لتقرير االختصاص القضائي حكؿ الجرائـ المقررة في ىذه االتفاقية المتمثمة في مبدأ‬
‫اإلقميمية كمبدأ نسبية االختصاص المكاني كمبدأ الجنسية‪.1‬‬

‫أخي ار كمف خبلؿ استعراض مبلمح االتفاقية يمكف تمخيص أىدافيا في‪:2‬‬

‫أ‪ ‌.‬السعي لتحقيؽ كحدة التدابير التشريعية بيف الدكؿ األكربية كالدكؿ المنظمة‬
‫لبلتفاقية مف غير الدكؿ األكربية‪.‬‬
‫ب‪ ‌.‬التأكيد عمى أىمية التعاكف اإلقميمي كالدكلي في ميداف مكافحة الجرائـ‬
‫اإللكتركنية كايجاد مرجعية كدليؿ إرشادم لمتدابير التشريعية الكطنية في ميداف مكافحة‬
‫اإلجراـ اإللكتركني‪.‬‬
‫ج‪ ‌.‬ضركرة فعالية خطط العمؿ لمكافحة األنشطة التي تستيدؼ سرية كسبلمة‬
‫كتكفر المعمكمات كأنظمة الكمبيكتر كشبكاتو كأنشطة إساءة استخداميا بما في ذلؾ‬
‫تحديد اإلطار المكضكعي ليذه األنشطة كاإلطار اإلجرائي ليا‪.3‬‬
‫د‪ ‌.‬تحقيؽ التكازف بيف حماية حقكؽ اإلنساف األساسية المعترؼ بيا بمكجب اتفاقية‬
‫مجمس أكركبا لحماية حقكؽ اإلنساف كحرياتو األساسية لعاـ ‪ 1950‬كالعيد الدكلي‬
‫لمحقكؽ المدنية كالسياسية لعاـ ‪ 1966‬كاالتفاقيات العالمية األخرل في ميداف حقكؽ‬
‫اإلنساف‪ ،‬كتحديدا الحقكؽ المتصمة بالرأم كحرية الكصكؿ إلى المعمكمات كحرية البحث‬
‫كالتمقي كالنقؿ لممعمكمات كاألفكار‪ ،‬كبيف الحؽ في الخصكصية كفي حيازة المعمكمات‬

‫‪‌1‬بن‌األخضر‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .58‬‬
‫‪‌2‬حواس‌فتٌحة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌.124‬‬
‫‪‌3‬عبد‌هللا‌عبد‌الكرٌم‌عبد‌هللا‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .127‬‬

‫‪32‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كاإلفادة مف عناصر الممكية الفكرية ليا‪ ،‬كلعؿ ىذا المنطمؽ يمثؿ النظرة الفمسفية‬
‫الحكيمة لظاىرة الجرائـ اإللكتركنية ككجكب الحماية منيا‪.1‬‬

‫مف خبلؿ ىذه األىداؼ يمكف القكؿ إف اتفاقية بكدابست تحترـ حقكؽ اإلنساف‬
‫كتحد مف تعرضو لمكـ اليائؿ مف الجرائـ التي ترتكب عبر شبكة األنترنت كبالتالي ىي‬
‫ال تتعارض مع اإلعبلف العالمي لحقكؽ اإلنساف الذم يعد األساس في تقرير حريات‬
‫األشخاص‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫‪3‬‬
‫القانكف العربي النمكذجي اإلسترشادم لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬

‫يعد القانكف العربي النمكذجي لمكافحة جرائـ الكمبيكتر خطكة فعالة في مجاؿ‬
‫مكافحة الجريمة المعمكماتية‪ ،‬كمسمؾ منطقي كضركرم ال بد مف اتخاذه‪ ،‬ألف‬
‫المجتمعات العربية ليست بمنأل عف ىذه الجرائـ الجديدة‪ ،‬كما أف ارتباط الدكؿ ببعضيا‬
‫البعض في شتى مجاالت الحياة بفضؿ التطكر المعمكماتي الذم كصؿ إليو العالـ اليكـ‬
‫يفرض ضركرة التعامؿ المثمي في مكاجية الجريمة بصفة عامة كالجريمة المعمكماتية‬
‫بصفة خاصة‪ ،‬نظ ار لخصكصيتيا كميزاتيا التي مف أىميا ككنيا جريمة متعدية‬
‫الحدكد‪.4‬‬

‫لقد صدر القانكف العربي النمكذجي االسترشادم بخصكص مكافحة جرائـ‬


‫الكمبيكتر كاالنترنت كثمرة عمؿ مشترؾ بيف مجمس كزراء الداخمية العرب كمجمس كزراء‬

‫‪‌1‬بن‌األخضر‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .59‬‬
‫‪‌2‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .185‬‬
‫‪ ‌ 3‬تم‌إعداد‌هنا‌القانون‌من‌قبل‌لجنة‌مشتركة‌بٌن‌المكتب‌التنفٌذي‌لمؤتمر‌وزراء‌العدل‌العرب‌والمكتب‌التنفٌذي‌‬
‫لوزراء ‌الداخلٌة ‌العرب‪‌ ،‬حٌث ‌جرى ‌إقراره ‌بوصفه ‌منهجا ‌إسترشادٌا ‌للمشرع ‌الوطنً ‌عند ‌إعداد ‌تشرٌع ‌ٌتعلق‌‬
‫بالجرائم‌المعلوماتٌة‪‌ .‬‬
‫‪‌4‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .76‬‬

‫‪33‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫العدؿ العرب في نطاؽ األمانة العامة لجامعة الدكؿ العربية بعد أف قدـ كبل المجمسيف‬
‫مشركعا بخصكص مكافحة الجريمة المعمكماتية‪.1‬‬

‫لقد اعتمدت جامعة الدكؿ العربية ما سمي بقانكف اإلمارات العربي االسترشادم‬
‫لمكافحة جرائـ تقنية المعمكمات كما في حكميا نسبة إلى مقدـ ىذا المقترح كىك دكلة‬
‫اإلمارات العربية المتحدة‪ ،2‬كتـ اعتماد ىذا القانكف النمكذجي مف قبؿ مجمس كزراء‬
‫العدؿ العرب في دكرتو التاسعة عشرة بالقرار رقـ ‪– 495‬د–‪2003 / 10 / 8 –19‬‬
‫كمجمس كزراء الداخمية العرب في دكرتو الحادية كالعشريف‪.3‬‬

‫يمنع قانكف دكلة اإلمارات العربية المتحدة نسخ برامج الكمبيكتر بدكف إذف ككؿ‬
‫مف يقبض عميو متمبسا بقرصنة البرامج سيخضع ىك كشركتو لممحاكمة بمكجب القانكف‬
‫المدني أك الجنائي كتشمؿ العقكبات حسب القانكف غرامة مالية‪ ،‬باإلضافة إلى مصادرة‬
‫المنتجات كالحبس لمدة تصؿ إلى ثبلث سنكات‪.4‬‬

‫كما نصت المادة السابعة مف القانكف العربي النمكذجي المكحد في شأف مكافحة‬
‫جرائـ إساءة استخداـ تقنية المعمكمات عمى معاقبة كؿ مف زكر المستندات المعالجة آليا‬
‫أك البيانات المخزنة في ذاكرة الحاسب اآللي أك عمى شريط أك أسطكانة ممغنطة أك‬
‫غيرىا مف الكسائؿ‪.5‬‬

‫‪‌1‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .86‬‬
‫‪ ‌ 2‬أمٌر ‌فرج ‌ٌوسؾ‪‌ ،‬الجرٌمة ‌اإللكترونٌة ‌والمعلوماتٌة ‌والجهود ‌الدولٌة ‌والمحلٌة ‌لمكافحة ‌جرائم ‌الكمبٌوتر‌‬
‫واالنترنت‪‌،‬مكتبة‌الوفاء‌القانونٌة‌لإلسكندرٌة‪‌،2011‌،‬ص‪‌ .354‬‬
‫‪‌3‬الحاج‌الطاهر‌الزهٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .103‬‬
‫‪‌4‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .206‬‬
‫‪ ‌ 5‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مكافحة‌جرائم‌الكمبٌوتر‌واالنترنت‌فً‌القانون‌العربً‌النموذجً‪‌،‬دراسة‌متعمقة‌فً‌‬
‫القانون‌المعلوماتً‪‌،‬دار‌الكتب‌القانونٌة‪‌،‬مصر‌‪‌،2007‬ص‌‪‌ .175‬‬

‫‪34‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫مف الجرائـ المعمكماتية المدرجة ضمف القانكف العربي النمكذجي نجد جريمة‬
‫غسؿ األمكاؿ عبر الكسائط اإللكتركنية‪ ،‬جريمة التزكير اإللكتركني‪ ،‬جريمة اخت ارؽ‬
‫النظـ المعمكماتية كالسرقة المعمكماتية‪ ،‬حيث سنتطرؽ لكؿ جريمة عمى حدة‪.1‬‬

‫أكال‪ :‬جريمة غسؿ األمكاؿ عبر الكسائط اإللكتركنية‬


‫تنص المادة التاسعة عشرة مف القانكف العربي النمكذجي لمكافحة الجريمة‬
‫المعمكماتية عمى أنو "كؿ مف قاـ بتحكيؿ األمكاؿ غير المشركعة أك نقميا أك تمكيو‬
‫لممصدر غير المشركع ليا أك إخفائو أك قاـ باستخداـ أك اكتساب أك حيازة لؤلمكاؿ‪ ،‬مع‬
‫العمـ بأنيا مستمدة مف مصدر غير مشركع أك بتحكيؿ المكارد أك الممتمكات مع العمـ‬
‫بمصدرىا غير المشركع كذلؾ عف طريؽ استخداـ الحاسب اإللكتركني أك شبكة‬
‫المعمكمات الدكلية بقصد إضفاء الصفة المشركعة عمى تمؾ األمكاؿ يعاقب‪ ،‬كتترؾ‬
‫العقكبة كفقا لتقدير كؿ دكلة‪.2‬‬

‫جريمة غسؿ األمكاؿ ىي جريمة تنطكم عمى سمكؾ يتجو الكتساب أمكاؿ أك‬
‫حيازتيا أك التصرؼ فييا أك إدارتيا أك حفظيا أك استبداليا أك إيداعيا أك ضمانيا أك‬
‫استثمارىا أك نقميا أك تحكيميا أك التبلعب في قيمتيا إذا كانت متحصمة مف جريمة مف‬
‫الجرائـ مع العمـ بذلؾ كمتى كاف القصد مف ىذا السمكؾ ىك إخفاء الماؿ أك تمكيو‬
‫طبيعتو‪ ،‬أك مصدره أك مكانو أك صاحب الحؽ فيو أك تغيير حقيقتو أك الحيمكلة دكف‬
‫اكتشاؼ ذلؾ أك عرقمة التكصؿ إلى شخص مف ارتكب الجريمة المتحصؿ منيا عمى‬
‫الماؿ‪.3‬‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .77‬‬
‫‪‌2‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .103‬‬
‫‪‌3‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .78‬‬

‫‪35‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫لتجريـ سمكؾ غسؿ األمكاؿ بمفيكميا السابؽ ال بد مف تكافر الركف المادم‬


‫لمجريمة كالمتمثؿ في صكر السمكؾ اإلجرامي حتى تقكـ ىذه الجريمة كىي‪:1‬‬

‫‪ .1‬تحكيؿ األمكاؿ أك نقميا‪.‬‬


‫‪ .2‬اخفاء أك تمكيو حقيقة األمكاؿ‪.‬‬
‫‪ .3‬اكتساب أك حيازة أك استخداـ األمكاؿ المتحصمة مف الجريمة‪.‬‬
‫‪ .4‬محؿ السمكؾ اإلجرامي‬
‫‪ .5‬النتيجة اإلجرامية‬

‫أما الركف المعنكم فحسب نص المادة التاسعة عشر مف القانكف النمكذجي‬


‫العربي بشأف مكافحة الجريمة المعمكماتية تعتبر جريمة غسؿ األمكاؿ في صكرتيا‬
‫اإللكتركنية مف الجرائـ العمدية التي تقكـ عمى القصد الجنائي العاـ‪ ،‬بعنصريو العمـ‬
‫كاإلرادة‪ ،‬باإلضافة إلى القصد الجنائي الخاص‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة التزكير المعمكماتي‬


‫نصت المادة الرابعة مف القانكف العربي النمكذجي المكحد بشأف مكافحة الجريمة‬
‫المعمكماتية عمى أنو‪" :‬كؿ مف زكر المستندات المعالجة آليا أك البيانات المخزنة في‬
‫ذاكرة الحاسكب أك عمى شريط أك أسطكانة ممغنطة أك غيرىا مف الكسائط‬
‫يعاقب‪ ،‬كتترؾ العقكبة كفقا لتقدير الدكلة‪ ،2‬كما نصت الفقرة الثانية مف المادة الرابعة مف‬
‫نفس القانكف عمى أنو كؿ مف استخدـ المستندات المعالجة آليا مع عممو بتزكيرىا يعاقب‬
‫بنفس عقكبة فعؿ التزكير‪.‬‬

‫‪‌1‬محمد‌أرزقً‌عبالوي‪‌،‬تسلٌم‌المجرمٌن‌فً‌نطاق‌المعاهدات‌الدولٌة‌والتشرٌع‌الجزائري‪‌،‬رسالة‌دكتوراه‪‌،‬جامعة‌‬
‫الجزائر‌‪‌،2010‌،01‬ص‌‪‌ .99-98‬‬
‫‪‌2‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .175‬‬

‫‪36‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫أما التزكير المعمكماتي فيك تغيير الحقيقة في المستندات المعالجة آليا‬


‫كالمستندات المعمكماتية كذلؾ بنية استعماليا‪ ،‬فتغيير الحقيقة في النظاـ اآللي لممعالجة‬
‫المعمكماتية يتـ بتغيير البيانات أك المعمكمات أك حذفيا أك إضافتيا أك التبلعب فييا‬
‫بأم صكرة سكاء كانت ىذه البيانات مخزنة في ذاكرة الحاسب أك كانت تمثؿ جزءا مف‬
‫برنامج التشغيؿ أك برامج التطبيؽ شرط أف تطبؽ ىذه البيانات عمى دعامة مكتكبة أك‬
‫مسجمة بحيث يككف ليا كياف مادم يمكف إدراكو‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬جريمة اختراؽ النظـ المعمكماتية‬


‫تنص المادة الثالثة مف القانكف سابؽ الذكر عمى أنو‪" :‬كؿ مف تكصؿ بطريقة‬
‫التحايؿ الختراؽ نظـ المعالجة اآللية لمبيانات يعاقب بالحبس كالغرامة (تترؾ العقكبة‬
‫لتقدير كؿ دكلة)‪ ،‬كاذا نتج عف ىذا الفعؿ محك أك تعديؿ لمبيانات المخزنة بالحبس أك‬
‫تعطيؿ تشغيؿ النظاـ بسبب تسريب لمفيركسات أك غيرىا مف األساليب‬
‫المعمكماتية‪ ،‬تككف العقكبة الحبس كالغرامة المالية"‪.2‬‬

‫تتحقؽ جريمة اختراؽ النظـ المعمكماتية بارتكاب‪:‬‬

‫أ‪‌ -‬كؿ مف جريمة الدخكؿ أك البقاء غير المشركع في النظاـ المعمكماتي بأم‬
‫كسيمة تقنية كانتياؾ كممة السر الحقيقية أك عف طريؽ استخداـ برنامج أك شفرة خاصة‪.‬‬
‫ب‪‌-‬فعؿ إعاقة تشغيؿ نظـ معالجة البيانات بفعؿ التعطيؿ بأم كسيمة كانت‬
‫كتسريب الفيركسات‪.3‬‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .83‬‬
‫‪‌2‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ 325‬‬
‫‪‌3‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ 84‬‬

‫‪37‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫ت‪‌-‬المحك المذككر في المادة الثالثة مف القانكف السالؼ الذكر كيقصد بو ذلؾ‬


‫السمكؾ اإلجرامي بإزالة جزء مف المعطيات المسجمة عمى الدعامة المكجكدة داخؿ النظاـ‬
‫أك تحطيـ تمؾ الدعامة أك نقؿ أك تخزيف المعطيات إلى المنطقة الخاصة بالذاكرة‪.‬‬
‫ث‪‌-‬التعديؿ كيقصد بو تغيير المعطيات المكجكدة داخؿ النظاـ كاستبداليا‬
‫بمعطيات أخرل‪ ،‬كيتـ التبلعب في المعطيات عف طريؽ استبداليا أك التبلعب في‬
‫البرنامج أك إمداده بمعطيات مغايرة تؤدم إلى نتائج غير التي صمـ ليا البرنامج‪.‬‬

‫إف جريمة اختراؽ النظـ المعمكماتية‪ ،1‬ىي جريمة عمدية في كؿ صكر السمكؾ‬
‫اإلجرامي التي رأيناىا سابقا‪ ،‬كقد عاقب المشرع العربي في القانكف النمكذجي عمى‬
‫الشركع في الجرائـ السابؽ اإلشارة ليا بنصؼ العقكبة المقررة ليا في حالة الجريمة‬
‫التامة في المادة ‪ 24‬منو‪.2‬‬

‫رابعا‪ :‬السرقة المعمكماتية‬


‫نص المشرع العربي في المادة الرابعة عشرة عمى سرقة المعمكمات بتجريـ كؿ‬
‫مف عمميات نسخ كنشر المصنفات الفكرية أك األدبية‪ ،‬أك األبحاث العممية أك ما في‬
‫حكميا إذا ما ارتكبت دكف كجو حؽ‪ ،‬بعقكبة الحبس التي يترؾ تقديرىا كفقا لقانكف كؿ‬
‫دكلة كدكف اإلخبلؿ بالنصكص الخاصة بالممكية الفكرية لكؿ بمد‪.3‬‬

‫‪‌1‬طبقا‌لمؤتمر‌سام‌لإلختراق‌فإن‌لإلختراق‌‪‌6‬مستوٌات‌بحسب‌درجة‌الخطورة‪‌ :‬‬
‫المستوى‌األول‪ٌ‌:‬عرؾ‌بهجوم‌قنبلة‌صندوق‌البرٌد‌وٌؤدي‌إلى‌إعاقة‌النظام‌عن‌تقدٌم‌الخدمة‪‌ .‬‬
‫المستوى‌الثانً‪‌:‬الدخول‌ؼٌر‌المرخص‌به‌لنظام‌المعلومات‌والحسابات‌بما‌ٌتٌح‌قراءة‌الملفات‌أو‌نسخها‌للمخترق‪‌ .‬‬
‫المستوى‌الثالث‪ٌ‌:‬تمكن‌المخترق‌فٌه‌من‌الدخول‌إلى‌مواقع‌ؼٌر‌مرخص‌له‌بالدخول‌إلٌها‪‌ .‬‬
‫المستوى‌الرابع‪ٌ‌:‬تمكن‌المخترق‌فٌه‌من‌قراءة‌ملفات‌سرٌة‪‌ .‬‬
‫المستوى‌الخامس‪ٌ‌:‬تمكن‌المخترق‌فٌه‌من‌نقل‌ونسخ‌ملفات‌سرٌة‪‌ .‬‬
‫المستوى‌السادس‪ٌ‌:‬تمكن‌فٌه‌المخترق‌فٌه‌من‌اٌجاد‌قناة‌مفتوحة‌للدخول‌إلى‌سائر‌أرجاء‌النظام‌والعبث‌بمحتوٌاته‪‌ ‌‌‌.‬‬
‫‪ ‌ 2‬عمر ‌ابو ‌الفتوح ‌عبد ‌العظٌم ‌الحمامً‪‌ ،‬الحماٌة ‌الجنائٌة ‌للمعلومات ‌المسجلة ‌إلكترونٌا‪‌ ،‬دار ‌النهضة ‌العربٌة‌‬
‫القاهرة‪‌،‬ص‌‪‌ .220‬‬
‫‪‌3‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .678‬‬

‫‪38‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كأخي ار فالقانكف النمكذجي حدد اإلطار التجريمي كالعقابي لؤلفعاؿ التي مف شأنيا‬
‫أف تشكؿ خط ار عمى المنظكمة المعمكماتية أك سبلمة نقؿ البيانات عبر شبكة األنترنت‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫المكافحة اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية في االتفاقيات الدكلية‬


‫ال غنى لمقكاعد القانكنية المكضكعية عف القكاعد القانكنية اإلجرائية‪ ،‬ذلؾ أنيا‬
‫تفقد قكتيا النافذة بدكنيا‪ ،‬كالقاعدة اإلجرائية ليست غاية في حد ذاتيا كانما ىي كسيمة‬
‫لغاية تتمثؿ في إحكاـ كحسف تطبيؽ القانكف الجنائي المكضكعي‪.1‬‬

‫إف مكافحة الجريمة المعمكماتية مف الناحية اإلجرائية يظير مف خبلؿ كضع‬


‫كاستحداث إجراءات لمبحث كالتحرم عف الجريمة المعمكماتية كاجراءات أخرل لمكشؼ‬
‫عنيا كاإليقاؼ كالقبض عمى مرتكبييا‪.‬‬

‫فمف ىذه اإلجراءات ما جاء النص عمييا في القكانيف الداخمية لمدكؿ كمنيا ما‬
‫جاء النص عمييا في االتفاقيات الدكلية كاإلقميمية‪.2‬‬

‫كعميو سيتـ تقسيـ ىذا المبحث إلى ثبلثة مطالب‪:‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ المكافحة اإلجرائية كأىميتيا في االتفاقيات الدكلية‬

‫المطمب الثاني‪ :‬اإلجراءات الجديدة في بعض االتفاقيات الدكلية‬

‫المطمب الثالث‪ :‬نطاؽ المكافحة اإلجرائية في االتفاقيات الدكلية‬

‫‪ ‌ 1‬علً ‌عدنان ‌الفٌل‪‌ ،‬إجراءات ‌التحري ‌وجمع ‌األدلة ‌والتحقٌق ‌االبتدائً ‌فً ‌الجرٌمة ‌المعلوماتٌة‪‌ ،‬دار ‌المكتب‌‬
‫الجامعً‌للحدٌث‪‌،‬الموصل‪‌،2012‌،‬ص‌‪‌ .11‬‬
‫‪‌2‬الحاج‌الطاهر‌زهٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .150‬‬

‫‪39‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫المطمب األكؿ‬

‫مفيكـ المكافحة اإلجرائية كأىميتيا في االتفاقيات الدكلية‬


‫مف المسمـ بو أننا أصبحنا في مجتمع جديد معاصر ىك مجتمع المعمكماتية الذم‬
‫يعتمد في تسيير شؤكنو في كافة مجاالت الحياة عمى تقنية الحكاسيب اآللية التي عماد‬
‫كشرياف حياتيا ىك تدفؽ المعمكمات‪ ،‬كمف المسمـ بو أيضا أف الجريمة المعمكماتية‬
‫أصبحت كاقعا مفركضا أفرزه الجانب المظمـ لمتطكر المعمكماتي‪ ،‬حتى كاف كنا قد‬
‫تطرقنا إلى جيكد بعض الدكؿ في العالـ كخاصة تمؾ المتطكرة في المجاؿ المعمكماتي‬
‫لمكاجية الجريمة المعمكماتية في المكافحة المكضكعية‪.1‬‬

‫انفشع األول‬
‫يفهىو انًكبفحت اإلجشائيت‬
‫عرؼ قانكف اإلجراءات الجزائية بأنو "القانكف الذم ينظـ كسائؿ التحقؽ مف كقكع‬
‫الجريمة كمحاكمة مرتكبييا كتكقيع الجزاء عمييـ كينظـ المحاكمة الجنائية كيحدد درجاتيا‬
‫كاختصاصاتيا كيبيف اإلجراءات التي تتبع في تحقيؽ الجرائـ كمحاكمة مرتكبييا كتكقيع‬
‫العقكبات عمييـ‪ ،‬كينظـ سير الدعكل الجنائية التي ترفع أماـ القاضي الجنائي كما أنو‬
‫يضع القكاعد الخاصة بالطعف في األحكاـ الجنائية كيكفؿ دقة كسبلمة ىذه األحكاـ‪.2‬‬

‫كما عرؼ قانكف اإلجراءات الجزائية أيضا عمى أنو "مجمكعة القكاعد كاألحكاـ‬
‫التي تنظـ تشكيؿ كاختصاص الييئات المختمفة‪ ،‬التي تتكلى ضبط الجرائـ كتحقيقيا‬

‫‪‌‌1‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .85‬‬
‫‪‌ 2‬أوهاٌبٌة ‌عبد ‌هللا‪‌ ،‬شرح ‌قانون ‌اإلجراءات ‌الجزائٌة ‌الجزائري ‌‪-‬التحري ‌والتحقٌق‪‌ -‬دار ‌هومة ‌للطباعة ‌والنشر‌‬
‫والتوزٌع‪‌،2008‌،‬ص‌‪‌ .22‬‬

‫‪40‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كرفع الدعكل بشأنيا كمباشرتيا كالفصؿ فييا كقكة األحكاـ الجنائية كآثارىا كطرؽ الطعف‬
‫فييا"‪.1‬‬

‫عرؼ أيضا عمى أنو "مجمكعة قكاعد قانكنية تحدد لمسبؿ كالقكاعد المقررة‬
‫لممطالبة بتطبيؽ القانكف عمى كؿ مف أخؿ بنظاـ الجماعة بارتكابو لمجريمة جناية أك‬
‫جنحة أك مخالفة‪ ،‬كيحدد األجيزة القضائية كشبو القضائية كاختصاصاتيا كاإلجراءات‬
‫المتبعة في المراحؿ اإلجرائية المختمفة التي تيدؼ جميعيا إلى الكصكؿ لمحقيقة‬
‫المنشكدة المتمثمة في تطبيؽ القانكف عمى مف خرقو‪ ،‬عف طريؽ اإلجراءات األكلية أك‬
‫االستداللية التي يقكـ بيا جياز الضبطية القضائية كعف طريؽ الدعكل العمكمية التي‬
‫تحركيا كتباشرىا النيابة العامة‪."2‬‬

‫فمدلكؿ ىذه التعاريؼ ىك أف الدعكل العمكمية ىي نسبة السمكؾ اإلجرامي إلى‬


‫شخص معيف‪ ،‬كقبؿ نسبتيا إليو‪ ،‬ال بد مف تجميع القرائف كاألدلة التي تثبت إتيانو ذلؾ‬
‫السمكؾ المجرـ إلسناد التيمة إليو‪ ،‬مع التأكد مف تكافر عناصر المسؤكلية الجنائية حتى‬
‫يمكف تقديمو لمقضاء ليحكـ عميو بالعقكبة المقررة في قانكف العقكبات‪ ،‬فاألفعاؿ المذككرة‬
‫مف نسبة السمكؾ اإلجرامي إلى شخص كتجميع القرائف كاألدلة ضده كاسناد التيمة لو‬
‫ككافة األفعاؿ المرتكبة مخالفة لمقانكف يجب عمى المشرع في مجاؿ اإلجراـ المعمكماتي‬
‫النص عمى قكاعد كأسس العقاب عمييا كتنظيـ اإلجراءات الجنائية المتبعة كقت‬
‫االستدالالت كالتحقيؽ الجنائي كالمحاكمة‪.3‬‬

‫فالجريمة المعمكماتية تختمؼ عف الجريمة التقميدية رغـ أف طرؽ تحريؾ الدعكل‬


‫فييا ىي نفسيا المتبعة في الجرائـ التقميدية إال أف خصكصيات أك مميزات الجريمة‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .90‬‬
‫‪‌2‬أوهاٌبٌة‌عبد‌هللا‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .22‬‬
‫‪‌3‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .90‬‬

‫‪41‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫المعمكماتية المستحدثة تفرض كجكد إجراءات جديدة تتبع لمكشؼ عنيا باإلضافة إلى‬
‫اإلجراءات التقميدية المطبقة بأشكاؿ مستحدثة تبعا لنكع اإلجراـ‪.1‬‬

‫في األخير يمكف أف ندرج أيضا ضمف مفيكـ المكافحة اإلجرائية أساليب ىذه‬
‫المكافحة التقنية‪ ،‬حيث بدأ عدد مف خبراء المعمكماتية يتخصصكف في محاربة فيركسات‬
‫الكمبيكتر عف طريؽ إعداد برامج خاصة بذلؾ إما لتطيير الجياز نفسو أك بتمقيح‬
‫الجياز مف الفيركس‪.‬‬

‫ىناؾ طرؽ مكافحة تقنية بإمكاف أم شخص القياـ بيا كيمكف تمخيصيا فيما‬
‫يمي‪:2‬‬

‫الطريقة األكلى‪ :‬إتخاذ ما يعرؼ باإلسعافات األكلية عند اكتشاؼ جريمة‬


‫معمكماتية مف خبلؿ إعداد نسخ احتياطية مف أسطكانات البيانات كأيضا إعداد‬
‫نسخ احتياطية كمف أسطكانات البرامج‪.‬‬

‫الطريقة الثانية‪ :‬ىناؾ إجراءات فنية كعدـ استخداـ البرامج المسركقة لمتقميؿ مف‬
‫احتماالت العدكل مف الفيركس‪ ،‬كحماية البرامج األصمية كعدـ استعماؿ البرامج‬
‫المجانية‪.‬‬

‫انفشع انثبَي‬
‫أهًيت انًكبفحت اإلجشائيت‬
‫إذا كانت الجريمة المعمكماتية مثميا مثؿ غيرىا مف الجرائـ مف ناحية أركاف‬
‫الجريمة كعناصرىا‪ ،3‬كتسير الدعكل الجنائية بالنسبة ليا بذات المراحؿ التي تسير فييا‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .91‬‬
‫‪‌2‬شرابشة‌لٌندة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .10‬‬
‫‪‌ 3‬خالد ‌عٌاد ‌الحلبً‪‌ ،‬إجراءات ‌التحري ‌والتحقٌق ‌فً ‌جرائم ‌الحاسوب ‌واالنترنٌت‪‌ ،‬دار ‌الثقافة ‌للنشر ‌والتوزٌع‪‌،‬‬
‫عمان‪‌،2011‌،‬ص‌‪‌ .76‬‬

‫‪42‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الدعكل الجنائية في الجرائـ التقميدية‪ ،‬فإف اإلجراءات المتبعة في سير ىذه الدعكل‬
‫سكؼ تختمؼ عف تمؾ المتبعة في الجرائـ التقميدية كنتيجة منطقية الختبلؼ الجريمة‬
‫المعمكماتية عف الجرائـ التقميدية لككنيا جريمة مف نكع خاص كما رأينا سابقا‪ ،‬كلذلؾ‬
‫كجدت معظـ التشريعات العقابية نفسيا إزاء مشكمة أخرل لمكافحة الجريمة المعمكماتية‪.1‬‬

‫ذلؾ أنو حتى كاف المكافحة مف الناحية العقابية المكضكعية بسف تشريعات‬
‫جديدة أك تعديؿ التشريعات القائمة احتراما لمبدأ الشرعية الذم مفاده "ال جريمة كال‬
‫عقكبة إال بنص"‪ ،‬فإف القصكر التشريعي اإلجرائي كاف حجر عثرة ثانية في خطكات‬
‫المكافحة التي بذلتيا الدكؿ منذ ظيكر الجريمة المعمكماتية كذلؾ لؤلسباب التالية‪:2‬‬

‫أوال‪ :‬انبيئت انشقًيت نهجشيًت انًعهىيبتيت‬


‫كجكد الجريمة المعمكماتية في بيئة ال تعتمد التعامبلت فييا عمى الكثائؽ‬
‫كالمستندات المكتكبة بؿ تعتمد عمى نبضات إلكتركنية غير مرئية ال يمكف قراءتيا إال‬
‫بكاسطة الحاسبات اآللية‪.‬‬

‫ثبَيب‪ :‬آثبس انجشيًت انًعهىيبتيت‬


‫البيانات التي يمكف استخداميا كأدلة ضد الفاعؿ‪ ،‬يمكف في كقت قصير جدا‬
‫العبث بيا أك محكىا بالكامؿ كبالتالي ال أثر لمجريمة بعد ارتكابيا‪.‬‬

‫ثبنثب‪ :‬هىيت انًجشو انًعهىيبتي‪:‬‬


‫آثار الجرائـ المعمكماتية تعتمد عمى الخداع في ارتكابيا‪ ،‬كالتضميؿ في التعرؼ‬
‫عمى مرتكبييا‪ ،‬فالمعتدكف أك الجانحكف في المجاؿ المعمكماتي ليـ القدرات الفائقة عمى‬
‫إخفاء ىكيتيـ عند ارتكابيـ جرائميـ ككنيـ في غالب األحياف ذكم دراية كمعرفة عالية‬
‫بتقنيات المعمكماتية المتطكرة‪.‬‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ 88‬‬
‫‪‌2‬إسحاق‌إبراهٌم‌منصور‪‌،‬المبادئ‌األساسٌة‌فً‌قانون‌اإلجراءات‌الجزائٌة‪‌،‬دٌوان‌المطبوعات‌الجامعٌة‪‌،‬الجزائر‪‌،‬‬
‫‪‌،1979‬ص‌‪‌ .09‬‬

‫‪43‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫سابعب‪ :‬جًىد انتششيعبث يقبسَت بتطىس أشكبل انجشيًت انًعهىيبتيت‬


‫سرعة التطكر العممي في المجاؿ المعمكماتي‪ ،‬قد يؤدم إلى تغيير أنكاع الجريمة‬
‫المعمكماتية كظيكر جرائـ جديدة مرتبطة بيذا التطكر‪ ،‬كبالتالي صعكبة تحديد اإلجراءات‬
‫لضبط ىذه الجرائـ سمفا‪.1‬‬

‫ليذه األسباب سارعت الدكؿ كخاصة السباقة في مجاؿ التطكر المعمكماتي كدكؿ‬
‫أكركبا كالكاليات المتحدة األمريكية إلى تعديؿ تشريعاتيا اإلجرائية لتكفير فعالية أكبر‬
‫لمسمطات القائمة عمى التحرم كالضبط كالتحقيؽ كالمحاكمة في نشاطاتيا ذات الصمة‬
‫بالنشاط اإلجرامي المعمكماتي‪ ،‬كقبؿ تناكؿ ىذه اإلجراءات الجديدة ال بد أكال التذكير‬
‫بمفيكـ قانكف اإلجراءات الجزائية ألنو حجر األساس الذم قامت عميو التعديبلت‬
‫الخاصة بالجريمة المعمكماتية في مجاؿ المكافحة اإلجرائية‪.2‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫اإلجراءات الجديدة في بعض االتفاقيات الدكلية‬


‫في مجاؿ المكافحة اإلجرائية بدا التعاكف الدكلي ضركريا لمتعامؿ مع ىذا اإلجراـ‬
‫الجديد‪ ،‬الذم قد يمس في آف كاحد عدة دكؿ‪ ،‬كفي ىذا اإلطار سنتناكؿ الجيكد الدكلية‬
‫المبذكلة لمكافحة الجريمة المعمكماتية كاإلجراءات الجديدة المتخذة الحتكائيا في كؿ مف‬
‫اتفاقية بكدابست كاتفاقية المجمس األكربي لسنة ‪.2004‬‬

‫‪‌ 1‬طارق ‌ابراهٌم ‌الدسوقً ‌عطٌة‪‌ ،‬األمن ‌المعلوماتً ‌(النظام ‌القانونً ‌للحماٌة ‌المعلوماتٌة)‪‌ ،‬دار ‌الجامعة ‌الجدٌدة‪‌،‬‬
‫ط‪‌،1‬مصر‪‌،2009‌،‬ص‌‪‌ .343‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪.343‬‬

‫‪44‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع األكؿ‬

‫‪1‬‬
‫اإلجراءات الجديدة في اتفاقية بكدابست‬

‫كضعت اتفاقية بكدابست إجراءات جديدة لمكافحة الجريمة المعمكماتية كىذه‬


‫اإلجراءات تقكـ عمى مبادئ أساسية ىامة ىي التزاـ الدكؿ األطراؼ في االتفاقية بإقرار‬
‫اإلجراءات التشريعية كاجراءات أخرل إذا استمزـ األمر بما يتناسب مع القانكف الداخمي‬
‫الخاص بيا كاطارىا القضائي‪ ،‬كذلؾ لكضع الصبلحيات كاإلجراءات المنصكص عمييا‬
‫لخدمة التحريات كاإلجراءات الجنائية الخاصة‪.‬‬

‫كلقد نصت ىذه االتفاقية عمى بعض اإلجراءات الجنائية الجديدة لمكافحة‬
‫الجريمة المعمكماتية كىي‪:‬‬

‫أكال‪ :‬الحفظ السريع لممعطيات المخزنة‪:‬‬


‫نصت عمى ىذا اإلجراء كؿ مف المادتيف ‪ 16‬ك‪ 17‬مف االتفاقية كيقصد بو االحتفاظ‬
‫بالمعمكمات السابقة كتخزينيا مع حمايتيا مف كؿ ما يمكف أف يفسدىا أك يتمؼ نكعيتيا‪.‬‬

‫كاإلجراءات المقررة في ىاتيف المادتيف ال تطبؽ إال إذا كانت البيانات المعمكماتية‬
‫أك بيانات الحاسب المكجكدة مف قبؿ كفي طكر التخزيف‪ ،‬لكف ألسباب عديدة قد ال‬
‫تككف ىذه البيانات المراد التنقيب عنيا جنائيا قد ال تككف مكجكدة‪ ،‬أك لـ تعد مخزنة كأف‬
‫تجمع ثـ ال يحتفظ بيا أك تدمر بعد استعماليا لذلؾ إجراء التحفظ عمى البيانات في‬
‫المادتيف ‪ 16‬ك‪ 17‬يمتد لمبيانات المعمكماتية المكجكدة مف قبؿ كتـ تجميعيا‬
‫كتخزينيا‪ ،‬كىك إجراء قانكني جديد لمتنقيب عف الجريمة المعمكماتية كباألخص ضد‬
‫الجرائـ المرتكبة بكاسطة شبكة االنترنت‪ ،‬كسبب استحداث ىذا اإلجراء الجديد ىك سرعة‬

‫‪‌1‬عمر‌ابو‌الفتوح‌عبد‌العظٌم‌الحمامً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .314‬‬

‫‪45‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫تغير البيانات المعمكماتية كقابميتيا لمتبلشي كالتبلعب بيا بمحكىا أك تدميرىا‪ ،‬فيسيؿ‬
‫بالتالي فقداف أدلة ارتكاب الجريمة كالمادة ‪ 16‬مف اتفاقية بكدابست تمكف السمطات‬
‫الكطنية المختصة مف إصدار أمر بالحفظ أك حفظ البيانات عف طريؽ األمر القضائي‬
‫أك أمر إدارم أك أم طريؽ مماثؿ لمتفتيش أك إصدار أمر باإلطبلع‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬تجميع المعمكمات الخاصة بالمشتركيف‬


‫نصت اتفاقية بكدابست كذلؾ في إطار التحقيؽ الجنائي عمى أىمية المعمكمات‬
‫الخاصة بالمشتركيف لتحديد ىكية الفاعؿ في الجريمة المعمكماتية‪ ،‬كىذه المعمكمات‬
‫تشمؿ تمؾ المرتبطة باالستعانة بالخدمة كالمدة التي يشترؾ فييا الشخص في الخدمة‬
‫كأف تتضمف مثبل حفظ رقـ الياتؼ أك العنكاف اإللكتركني أك عنكاف المكقع‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬التفتيش المعمكماتي‬


‫كما نصت االتفاقية عمى إجراء التفتيش‪ ،‬أم تفتيش البيانات في المادة‬
‫‪ 19‬منيا‪ ،‬كقد بينت أنو يجب تكفر شرط الحصكؿ عمى إذف رسمي لمتفتيش بعد‬
‫االعتقاد بتكفر بيانات في مكاف محدد يساعد عمى إثبات كقكع جريمة معمكماتية محددة‬
‫بمقتضى القكانيف الداخمية‪ ،‬كتفتيش البيانات المعمكماتية كالمعطيات يتـ تجميعيا في‬
‫الكقت المتاح لمتفتيش مع كجكب تكفر شرط الحصكؿ عمى إذف رسمي لمتفتيش‪.3‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 31‬فيما يتعمؽ بالبحث عف البيانات المعمكماتية عمى كجكب‬
‫كجكد أحكاـ إجرائية إضافية لضماف الحصكؿ عمى البيانات المراد استعماليا‬
‫كدليؿ‪ ،‬كىذه اإلجراءات اإلضافية يجب أف تككف ليا نفس فعالية التفتيش كمصادرة‬
‫الدعائـ المادية لممعمكمات‪.‬‬

‫‪‌1‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬اتفاقٌة‌بودابست‌لمكافحة‌جرائم‌المعلوماتٌة‪‌،‬دار‌النهضة‌العربٌة‪‌،‬القاهرة‪‌،2011‌،‬‬
‫ص‪‌ .192‬‬
‫‪ ‌2‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .195‬‬
‫‪ ‌3‬خالد‌عٌاد‌الحلبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .149‬‬

‫‪46‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كما تمزـ ىذه المادة الدكؿ األطراؼ تحكيؿ سمطاتيا المختصة بمكافحة الجريمة‬
‫الحؽ في فحص كالدخكؿ عمى المعطيات المعمكماتية المكجكدة في نظـ المعمكمات‪ ،‬أك‬
‫أم جزء منيا‪ ،‬كيقصد بنظـ المعمكمات ىنا كؿ جياز منفصؿ أك مجمكعة مف األجيزة‬
‫المتصمة أك المدمجة كالحاسب المحمكؿ أك الطابعة‪ ...‬الخ‪ ،‬كاالعتراض في الكقت‬
‫الفعمي ليا مف أجؿ إمكاف جمع األدلة اإللكتركنية‪.1‬‬

‫رابعا‪ :‬إجراء التنصت‪:‬‬


‫كما نصت اتفاقية بكدابست عمى إجراء التنصت‪ ،‬كىك إجراء جديد في إطار‬
‫المكافحة اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية كما أنو إجراء خاص قد يمس بحقكؽ األفراد‬
‫الخاصة‪ ،‬لذلؾ ال يجكز اعتباره إجراء قانكني إال إذا اتخذ بمكافقة السمطات‬
‫القضائية‪ ،‬كمفاد ىذا اإلجراء ىك اعتراض المراسبلت التي تتـ عف طريؽ كسائؿ‬
‫االتصاؿ السمكية كالبلسمكية كالخطكط الياتفية مثبل‪ ،2‬ككضع الترتيبات التقنية بدكف‬
‫مكافقة المعنييف مف أجؿ التقاط كتثبيت كبث كتسجيؿ الكبلـ المتفكه بو مف طرؼ‬
‫شخص أك أشخاص كفي أماكف خاصة أك عمكمية أك التقاط صكر لشخص أك عدة‬
‫أشخاص يتكاجدكف في أمكنة خاصة‪ ،‬كذلؾ مف أجؿ التحرم كالكصكؿ إلى أدلة تثبت‬
‫قياـ جريمة معمكماتية‪.‬‬

‫‪ ‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .96‬‬
‫‪‌ 2‬نصت ‌المادة ‌‪‌ 19‬و‪‌ 20‬من ‌االتفاقٌة ‌األوروبٌة ‌لمكافحة ‌الجرٌمة ‌المعلوماتٌة ‌تحت ‌عنوان ‌إعتراض ‌معطٌات‌‬
‫المحتوى‌على‌أنه‌ٌجب‌على‌كل‌طرؾ‌ان‌ٌتبنى‌اإلجراءات‌التشرٌعٌة‌وأٌة‌إجراءات‌أخرى‌ٌرى‌أنها‌ضرورٌة‌من‌‬
‫أجل‌تخوٌل‌السلطات‌المختصة‌فٌما‌ٌتعلق‌بالجرائم‌الخطٌرة‌التً‌ٌحددها‌القانون‌الداخلً‌المكانات‌التالٌة‪‌ :‬‬
‫‪ -‬جمع‌وتسجٌل‌المعلومات‌عن‌طرٌق‌الوسائل‌الفنٌة‌المتوفرة‌فً‌النطاق‌المحلً‪.‬‬
‫‪ -‬إلزام‌مقدم‌الخدمة‌فً‌إطار‌إمكانٌاته‌المتوفرة‌بجمع‌وتسجٌل‌البٌانات‌فً‌والمعلومات‌بإستخدام‌الوسائل‌‬
‫الفنٌة‪‌ .‬‬

‫‪47‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫خامسا‪ :‬التعاكف الدكلي‬


‫كلتفعيؿ اإلجراءات السابقة نصت االتفاقية في المادة ‪ 23‬عمى ضركرة تعاكف‬
‫الدكؿ فيما بينيا‪ ،‬في أكسع نطاؽ ممكف‪ ،‬مع تقميؿ الصعكبات التي قد تكاجو تبادؿ‬
‫المعمكمات كاألدلة حتى تتـ بصكرة سريعة عمى المستكل الدكلي‪ ،‬كما كضحت المفيكـ‬
‫العاـ اللتزاـ التعاكف الدكلي في مجاؿ الجرائـ االلكتركنية المتعمقة بنظـ المعمكماتية‪ ،‬كما‬
‫تناكلت األحكاـ الخاصة بتسميـ المجرميف كشركط التسميـ الذم يطبؽ في حالة الجرائـ‬
‫المنصكص عمييا في المكاد مف ‪ 2‬إلى ‪ 11‬منيا كالتي يعاقب عمييا قانكف الدكلتيف‬
‫المعنيتيف بالتسميـ بالسجف لمدة قصكل ال تقؿ عف سنة أك بعقكبة أكثر صرامة في‬
‫المادة ‪ 24‬منيا‪.1‬‬

‫كما أشارت ىذه االتفاقية بعد دخكليا حيز التصديؽ إلى أنيا اتفاقية ذات طابع‬
‫تكجييي ممزـ في مادتيا الثانية‪ ،‬التي تقرر أنو يمتزـ كؿ عضك فييا بإصدار تشريع‬
‫كاتخاذ اإلجراءات الضركرية األخرل لتقنيف الجريمة‪ ،‬كفقا لما ىك مقرر في نظاميا‬
‫القانكني حاؿ ارتكابيا بشكؿ عمدم‪ ،‬كأقرت بصكرة كاحدة فقط لمقصد الجنائي إلقامة‬
‫المسؤكلية الجنائية كىذه الصكرة ىي العمد بترديدىا لمصطمح ‪Intentionnellement‬‬
‫أم بصكرة عمدية‪.‬‬

‫كما ناقشت مشكمة تحديد المصطمحات القانكنية التي تستعمؿ في مجاؿ‬


‫المكافحة اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية‪ ،‬ىؿ نبقي عمى المصطمحات التقميدية المستعممة‬
‫في الجرائـ التقميدية كمصطمح التفتيش كالضبط أـ نستخدـ مصطمحات معمكماتية جديدة‬
‫أقرب إلى مجاؿ التكنكلكجيا مع مناقشة مسألة تطكر المفاىيـ في المجاؿ‬

‫‪‌1‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .298‬‬

‫‪48‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫اإللكتركني‪ ،‬ىؿ نحتفظ بالمفاىيـ التقميدية كالتفتيش كالضبط أك المفاىيـ الجديدة‬


‫كالنسخ‪ ،‬البقاء غير مشركع‪.‬‬

‫كطبقا لما سبؽ يمكف استخبلص أف ما جاءت بو اتفاقية بكدابست ‪ 2001‬في‬


‫مجاؿ المكافحة اإلجرائية يعد إرساء التفاؽ دكلي يمثؿ رؤية مكحدة لئلجراـ التقني أك‬
‫المعمكماتي كمحاكلة إحاطتو بسياج قانكني‪ ،‬يسمح بالتعامؿ معو كمكاجيتو‪ ،‬ألنو ليس‬
‫مف المعقكؿ أف يكاجو ىذا النكع الجديد أك إجراـ القرف الكاحد كالعشريف بنصكص تقميدية‬
‫في أغمب األحياف ال يمكف تكييفيا معو‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫اإلجراءات الجديدة في اتفاقية المجمس األكربي لسنة ‪2004‬‬


‫تعد اتفاقية الجرائـ المعمكماتية لممجمس األكربي مف أحدث االتفاقيات لمكافحة‬
‫الجريمة المع مكماتية عمى المستكل الدكلي‪ ،‬كقد صدرت عف المجمس األكربي بعد أف‬
‫كقعت عمييا اثناف كثبلثكف دكلة كدخمت حيز التطبيؽ في أكؿ جكيمية ‪.2004‬‬

‫لقد نصت ىذه االتفاقية عمى مجمكعة مف الجرائـ التي تمس النظاـ‬
‫المعمكماتي‪ ،‬كبينت األساليب التحقيقية فييا‪ ،‬كىذه الجرائـ ىي الجرائـ المرتكبة ضد‬
‫سرية‪ ،‬كتكامؿ كتكافر البيانات أك نظـ الحاسبات كجرائـ التدخؿ كاالختراؽ عمى أجيزة‬
‫الحاسبات اآللية‪ ،‬ثـ الجرائـ المتصمة بالمحتكل كالتي يقصد بيا الجرائـ الخاصة باإلنتاج‬
‫أك النشر غير المشركع لممكاد اإلباحية الطفكلية عبر النظـ المعمكماتية‪ ،‬ثـ الجرائـ التي‬
‫تتضمف انتياكا لحقكؽ الممكية الفكرية كما يتصؿ منيا مف حقكؽ كأساليب إجرائية كالتي‬
‫نصت عمييا ىذه االتفاقية لدينا‪:‬‬

‫‪ .1‬إرساء كؿ مف إجراء التفتيش كضبط أنظمة الحاسبات اآللية‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫‪ .2‬إجراء الحفظ السريع لبيانات الحاسب المخزكنة التي تـ جمعيا كحفظيا‬


‫فعميا بمعرفة حائز البيانات كىذا اإلجراء ىك إجراء تحقيقي جديد كىاـ خاصة فيما‬
‫يتعمؽ بالجرائـ التي ترتكب عمى شبكة األنترنت‪.1‬‬
‫‪ .3‬إجراء األمر بإصدار نسخة مف البيانات كىذا اإلجراء يمكف السمطات‬
‫المختصة مف إجبار الشخص عمى تقديـ بيانات الحاسب المخزنة أك المحددة أك أحد‬
‫عناكيف ‪ )Internet Service Provider( ISP‬المعنية كالتي تساىـ في التكصؿ إلى‬
‫معمكمات حكؿ المشترؾ‪ ،‬كقد أعطت االتفاقية (اتفاقية المجمس األكربي) اىتماما خاصا‬
‫إلجراء التفتيش كالضبط في البيئة المعمكماتية نظ ار لككف البيانات فييا تككف في صكرة‬
‫مممكسة لذلؾ اعتمدت أيضا عمى إجراء الجمع الفكرم لبيانات لمحاسب كالذم يعتمد‬
‫عمى الجمع الفكرم لبيانات النقؿ كالذم يخص أحد البيانات المتعمقة بأحد االتصاالت‬
‫التي تتـ بكاسطة نظاـ الحاسب اآللي‪.2‬‬
‫‪ .4‬كما نصت ىذه االتفاقية عمى إجراء اعتراض بيانات المحتكل كالتي تعني‬
‫اعتراض محتكل االتصاؿ سكاء كاف رسالة أك معمكمة منقكلة‪ ،‬كلزيادة فاعميتيا عمى‬
‫المستكل الدكلي تبنت ىذه االتفاقية الخطكات المتبعة لمكافحة الجريمة المعمكماتية في‬
‫كؿ مف اجتماع أيبؾ في بنكؾ سنة ‪ 2002‬لمكافحة الجريمة المعمكماتية كتكصيات‬
‫اجتماع منظمة الدكؿ األمريكية بنيكيكرؾ سنة ‪ 2004‬كمؤتمر الجريمة المعمكماتية في‬
‫ستراسبكرغ في سبتمبر ‪ ،2004‬كقمة رؤساء الدكؿ كالحككمات المنعقد بكارسك في مام‬
‫‪.32005‬‬

‫دائما كفي إطار المكافحة اإلجرائية في اتفاقية المجمس األكربي‪ ،‬يجب التنكيو‬
‫إلى دكر ىذه االتفاقية في إنشائيا لكحدة ‪ EUROJUT‬التي ميمتيا التعاكف بيف دكؿ‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ 98‬‬
‫‪‌2‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌‌.238‬‬
‫‪‌3‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .99‬‬

‫‪50‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫اإلتحاد األكربي في مجاؿ مكافحة الجريمة المعمكماتية‪ ،‬بتعاكف السمطات القضائية‬


‫لمدكؿ األعضاء في ىذا االتحاد بمكافحة الجريمة المعمكماتية‪ ،‬كذلؾ بإصدار إجراء‬
‫جديد جماعي ىك أمر القبض األكربي ‪ Mandat d’arrêt Européen‬الذم يسمح‬
‫بتسميـ مجرـ معمكماتي بسرعة في أم دكلة مف دكؿ االتحاد األكربي‪.1‬‬

‫المطمب الثالث‬

‫نطاؽ المحاكمة اإلجرائية في االتفاقيات الدكلية‬


‫تتسـ الجرائـ المعمكماتية بخصكصية بشكؿ يستدعي أف يتـ تطكير أساليب‬
‫التحقيؽ الجنائي كاجراءاتو بصكرة تتبلءـ مع ىذه الخصكصية‪ ،‬كتمكف رجؿ الشرطة‬
‫المحقؽ مف كشؼ الجريمة‪ ،‬كالتعرؼ عمى مرتكبييا بالسرعة كالدقة البلزميف‪ ،‬كلتحقيؽ‬
‫ذلؾ يجب تدريب اإلطارات التي تباشر التحريات كالتحقيقات‪ ،‬فضبل عف تطكير‬
‫اإلجراءات الجنائية‪ ،‬لتحقيؽ الغرض المطمكب‪.2‬‬

‫في ىذا الصدد سأكضح في ىذا المطمب نطاؽ المكافحة اإلجرائية لمجريمة‬
‫المعمكماتية بدراسة كؿ ىذه اإلجراءات التالية‪ :‬المعاينة كالتفتيش كالضبط بما يتفؽ‬
‫كطبيعة البيئة المعمكماتية‪.‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫معاينة مسرح جرائـ المعمكماتية‬


‫في مجاؿ المكافحة اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية‪ ،‬يتعيف اإلشارة إلى الدكر الذم‬
‫تمعبو الشرطة القضائية كأداة رئيسية لصكف أمف المجتمع كحمايتو مف الجرائـ بصفة‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .99‬‬
‫‪ ‌ 2‬إحسان‌طبال‪‌،‬النظام‌القانون‌للتحقٌق‌الدولً‌فً‌جرائم‌الكمبٌوتر‪‌،‬رسالة‌دكتوراه‪‌،‬جامعة‌الجزائر‌‪‌،2014‌،01‬‬
‫ص‌‪‌ .191‬‬

‫‪51‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫عامة كالجرائـ المعمكماتية بصفة خاصة‪ ،‬حيث نظ ار لطبيعة ىذه األخيرة الخاصة ككياف‬
‫بيئتيا غير المحسكس تظير صعكبة دكر الشرطة في الكشؼ عنيا كمتابعة‬
‫مرتكبييا‪ ،1‬األمر الذم أدل بالدكؿ السباقة لمكافحة اإلجراـ المعمكماتي إلى إيجاد‬
‫كحدات مف الشرطة متخصصة بالعمؿ في ىذا المجاؿ‪ ،‬تككف مزكدة بالخبراء المدربيف‬
‫كتنظيـ دكرات ليـ لمتخصص في مجاؿ مكافحة الجريمة المعمكماتية‪ ،‬كذلؾ بتمقينيـ‬
‫المعمكمات الخاصة بتقنية الحاسبات كالجكانب الفنية ليا‪ ،‬حتى تسيؿ عمييـ عممية‬
‫الكشؼ عف الجرائـ كمنع كقكعيا بإحكاـ الرقابة عمى المحبلت العامة كنكادم‬
‫األنترنت‪ ،‬كالتي تعد المجاؿ الخصب القتراؼ جرائـ المعمكماتية‪.2‬‬

‫كمثاؿ عف ىذه الكحدات المتخصصة نذكر الكحدة المركزية لمكافحة الجريمة‬


‫المرتبطة بتكنكلكجيا المعمكمات كاالتصاالت )‪ (OCLCTIC‬المنشأة بمكجب مرسكـ‬
‫صادر عف ك ازرة الداخمية الفرنسية في مام ‪ 2000‬كالتي تـ ضميا لمديرية الشرطة‬
‫القضائية‪ ،‬ميمتيا العمؿ بالتعاكف مع كحدات التحقيؽ في جرائـ الغش في تكنكلكجيا‬
‫المعمكمات‪.‬‬

‫إف معاينة مسرح الجريمة المعمكماتية يقصد بو "رؤية العيف لمكاف أك شخص أك‬
‫شيء إلثبات حالتو كضبط كؿ ما يمزـ لكشؼ الحقيقة‪ ،‬أك "ىي إثبات لحالة األماكف‬
‫كاألشخاص ككؿ ما يفيد في كشؼ الحقيقة كىي تتطمب أف ينتقؿ مأمكر الضبط‬
‫القضائي إلى مكاف ما لمباشرتيا إلثبات حالتو كحالة ما قد يكجد فيو مف أشخاص أك‬
‫أشياء تفيد في إظيار الحقيقة"‪.3‬‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 103‬‬
‫‪‌2‬طارق‌ابراهٌم‌الدسوقً‌عطٌة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .422‬‬
‫‪‌3‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .104‬‬

‫‪52‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫فيي إجراء جائز في كافة الجرائـ‪ ،‬إال أف غالبية التشريعات كالتشريع الجزائرم‬
‫في المادة ‪ 42‬مف ؽ إ ج ج كالمادة ‪ 91‬مف ؽ إ ج المصرم‪ ،1‬تقصرىا عمى الجنايات‬
‫اء كجكبيا في الجنايات كجكازيا في الجنح‪ ،‬كىي قد تتـ في‬
‫كالجنح اليامة بحيث تعد إجر ن‬
‫مكاف عاـ كقد تتـ في مكاف خاص‪ ،‬فإذا كانت في مكاف عاـ فمأمكر الضبط القضائي‬
‫ال يحتاج إلى إذف أك ندب سمطة تحقيؽ بإجرائيا‪ ،‬أما إذا كانت بمكاف خاص كال بد‬
‫لصحتيا إما رضا حائز المكاف أك كجكد إذف مسبؽ مف سمطة التحقيؽ‬
‫بإجرائيا‪ ،2‬كاليدؼ مف إجراء المعاينة ىك ضبط ما استعمؿ في ارتكاب الجريمة أك نتج‬
‫عنيا ككضع األختاـ في األماكف التي أجريت فييا المعاينة‪ ،‬إذا كجدت آثار أك أشياء‬
‫تفيد في الكشؼ عف الجريمة كما يجكز لمأمكر الضبط القضائي أف يعيف حراسا عمى‬
‫ىذه األماكف مع ضركرة إخطار النيابة العامة بيذه اإلجراءات‪.3‬‬

‫لمعاينة مسرح الجرائـ المعمكماتية يجب التفرقة بيف حالتيف‪:‬‬

‫الحالة األكلى‪ :‬معاينة الجرائـ الكاقعة عمى المككنات المادية لمحاسب‪ ،‬كشاشة العرض‬
‫كمفاتيح التشغيؿ كاألقراص كغيرىا مف مككنات الحاسب ذات الطابع المادم‬
‫المحسكس‪ ،‬فيي ال تثير أية مشكمة بحيث يمكف لمأمكر الضبط القضائي معاينتيا‬
‫كالتحفظ عمى األشياء التي تعد أدلة مادية لمكشؼ عف الجريمة‪.4‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬معاينة الجرائـ الكاقعة عمى المككنات غير المادية أك بكاسطتيا كذلؾ‬
‫الكاقعة عمى برامج الحاسب كبياناتو‪ ،‬ىذه المككنات تثير صعكبات عديدة تحكؿ دكف‬
‫فاعمية المعاينة أك فائدتيا كىذه الصعكبات تتمخص فيما يمي‪:5‬‬

‫‪‌1‬عمر‌ابو‌الفتوح‌عبد‌العظٌم‌الحمامً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .386‬‬
‫‪‌2‬سامً‌جالل‌فقً‌حسٌن‪‌،‬التفتٌش‌فً‌الجرائم‌المعلوماتٌة‪‌،‬دار‌الكتب‌القانونٌة‪‌،‬مصر‪‌،2011،‬ص‌‪‌ .141‬‬
‫‪‌‌3‬محمد‌زكً‌ابو‌عامر‪‌،‬اإلجراءات‌الجنائٌة‪‌،‬الجامعة‌الجدٌدة‪‌،‬الطبعة‌الثامنة‪‌،‬القاهرة‪‌،2008‌،‬ص‌‪‌ .123‬‬
‫‪‌‌4‬سامً‌جالل‌فقً‌حسٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .265‬‬
‫‪‌‌5‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .296‬‬

‫‪53‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫‪ .1‬قمة اآلثار المادية المترتبة عف الجرائـ التي تقع عمى المككنات غير المادية‬
‫لمحاسب‬
‫‪ .2‬األعداد الكبيرة مف األشخاص الذيف يترددكف عمى مسرح الجريمة خبلؿ المدة‬
‫الزمنية التي غالبا ما تككف طكيمة كذلؾ بيف اقتراؼ الجريمة كالكشؼ عنيا‪ ،‬األمر الذم‬
‫يمنح فرصة إلحداث تغييرات أك العبث باآلثار المادية أك زكاؿ بعضيا مما يؤدم إلى‬
‫غمكض الدليؿ المستقى مف المعاينة كلنجاح المعاينة في الجرائـ المعمكماتية يكصى‬
‫الخبراء بما يمي‪:‬‬
‫أ‪‌ .‬القياـ بتصكير الحاسب كما قد يتصؿ بو مف أجيزة طرفيو‬
‫كمحتكياتو‪ ،‬كأكضاع المكاف الذم يكجد بو بصفة عامة‪ ،‬كتصكير أجزائو الخمفية‬
‫كممحقاتو‪ ،‬مع مراعاة تسجيؿ زماف كتاريخ كمكاف الذم التقطت فيو كؿ صكرة‪.‬‬
‫ب‪‌.‬يجب مبلحظة كاثبات الحالة التي تككف عميو تكصيبلت الكاببلت كالتي‬
‫تككف متصمة بمككنات النظاـ‪ ،‬حتى يسيؿ القياـ بعممية مقارنة كتحميؿ ليا عند عرض‬
‫المكضكع عمى المحكمة‪.‬‬
‫ج‪‌ .‬االحتفاظ بما تحتكيو سمة الميمبلت مف األكراؽ الممقاة أك الممزقة‪ ،‬كأكراؽ‬
‫الكربكف المستعممة كاألشرطة كاألقراص الممغنطة غير السميمة أك المحطمة‪ ،‬كفحصيا‬
‫كرفع البصمات التي قد تككف ليا صمة بمرتكبي الجريمة‪.‬‬
‫د‪‌.‬يجب أف تقتصر عممية المعاينة عمى مأمكرم الضبط سكاء كانكا مف‬
‫الباحثيف أك المحققيف ممف تتكافر فييـ الكفاءة العممية كالخبرة الفنية في مجاؿ الحاسبات‬
‫كاسترجاع المعمكمات كممف تمقكا التدريب الكافي لمكاجية ىذه النكعية مف‬
‫الجرائـ‪ ،‬كالتعامؿ مع أدلتيا كما تخمفو مف آثار عمى مسرح الجريمة‪.1‬‬

‫‪‌ 1‬هشام‌محمد‌فرٌد‪‌،‬الجوانب‌اإلجرائٌة‌للجرائم‌المعلوماتٌة ‌(دراسة‌مقارنة)‪‌،‬مكتبة‌األالت‌الحدٌثة‪‌،‬أسٌوط‪‌،‬ط‌‪‌،4‬‬


‫‪‌،1994‬ص‌‪‌ .72‬‬

‫‪54‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع الثاني‬

‫إجراء تفتيش نظـ المعمكمات كضبطيا‬


‫يمكف تعريؼ تفتيش نظـ الحاسكب كاألنترنت عمى أنو البحث في مشركع سر‬
‫المتيـ عف أشياء مادية أك معنكية تفيد كشؼ الحقيقة كنسبتيا إليو أك ىك االطبلع عمى‬
‫محؿ منحو القانكف حماية خاصة باعتباره مستكل سر صاحبو يستكم في ذلؾ أف يككف‬
‫ىذا المحؿ جياز حاسكب أك نظمو أك األنترنت‪.1‬‬

‫إف اليدؼ مف التفتيش ىك ضبط األدلة المادية لمكشؼ عف الجريمة‪ ،‬فكؿ ما‬
‫يضبطو مأمكر الضبط القضائي بعد عممية التفتيش مف أشياء متعمقة بالجريمة ىك‬
‫لؤلثر المباشر لمتفتيش‪ ،‬فالضبط إذف يعد إجراء مف إجراءات التحقيؽ بكضع اليد عمى‬
‫الشيء كحبسو كالمحاف ظة عميو لمحصكؿ عمى دليؿ لمصمحة التحقيؽ عف طريؽ إثبات‬
‫كاقعة معينة‪.2‬‬

‫في مجاؿ الجريمة المعمكماتية لمتفتيش كالضبط أحكاـ خاصة أكؿ ما يجب‬
‫االىتماـ بدراستو ىك تفتيش النظـ المعمكماتية‪ ،‬بحيث يمثؿ الحاسب اآللي المحؿ‬
‫الرئيسي لمتفتيش في نظـ المعمكماتية‪ ،‬فيك عبارة عف جياز إلكتركني يتككف مف‬
‫مجمكعة مف األجيزة أك الكحدات التي تعمؿ بصكرة متكاممة مع بعضيا البعض بيدؼ‬
‫تشغيؿ مجمكعة البيانات الداخمة طبقا لبرنامج محدد تـ كضعو مسبقا لمحصكؿ عمى‬
‫نتائج معينة‪ ،3‬كلمحاسكب مككنات مادية كمككنات معنكية إضافة إلى شبكات الحاسب‬
‫اآللي كيككف التفتيش فييا كاآلتي‪:‬‬

‫‪‌1‬الحاج‌الطاهر‌زهٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .164‬‬
‫‪ ‌ 2‬علً‌حسن‌الطوالبة‪‌،‬التعاون‌القضائً‌الدولً‌فً‌مكافحة‌الجرٌمة‌اإللكترونٌة‪‌،‬جامعة‌العلوم‌التطبٌقٌة‪‌،‬األردن‪‌،‬‬
‫بدون‌سنة‌نشر‪‌،‬ص‌‪‌ .11‬‬
‫‪‌‌3‬سامً‌جالل‌فقً‌حسٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .127‬‬

‫‪55‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫أكال‪ :‬تفتيش مككنات الحاسب المادية‪:‬‬


‫إف المجكء إلى مككنات الحاسب المادية بأكعيتيا المختمفة بحثنا عف شيء يتصؿ‬
‫بجريمة معمكماتية قد كقعت كيفيد في كشؼ الحقيقة عنيا كعف مرتكبيا كال يثير أم‬
‫خبلؼ طالما تـ كفقا لئلجراءات القانكنية المقررة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مككنات الحاسب المعنكية‬


‫أثارت ىذه الصكرة خبلفا كبي ار في الفقو المقارف بيف مؤيد كمعارض‪ ،‬حيث ذىب‬
‫رأم إلى أنو إذا كانت الغاية مف التفتيش ضبط األدلة المادية التي تفيد في كشؼ‬
‫الحقيقة‪ ،‬فإف ىذه المفيكـ يمتد ليشمؿ البيانات اإللكتركنية أك قاعدة البيانات‬
‫بمشتمبلتيا‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬تفتيش شبكات الحاسب اآللي‬


‫قد يككف حاسب المتيـ متصبل بغيره مف الحكاسيب عبر شبكة االتصاالت كىنا‬
‫ينبغي التمييز بيف ما إذا كاف حاسكب المتيـ متصبل بحاسكب آخر داخؿ إقميـ الدكلة‬
‫أك كاف متصبل بحاسكب يقع في نطاؽ إقميـ دكلة أخرل‪.2‬‬

‫إف تفتيش نظـ المعمكماتية يقكـ عمى قكاعد شكمية كأخرل مكضكعية‪ ،‬فبالنسبة‬
‫لمقكاعد الشكمية تتمخص فيما يمي‪:3‬‬

‫‪ .1‬إجراء التفتيش بحضكر أشخاص معينيف بالقانكف‬


‫‪ .2‬إعداد محضر خاص بالتفتيش‬
‫‪ .3‬إجراءات تفتيش نظـ الحاسب اآللي كميعاده‪ ،‬حيث أف ليذه اإلجراءات‬
‫خصكصية تتميز بيا‪ ،‬كنجد أف معظـ التشريعات اإلجرائية لـ تحدد مدة معينة لتنفيذ‬

‫‪‌1‬الحاج‌الطاهر‌زهٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .166‬‬
‫‪‌2‬هدى‌حامد‌قشقوش‪‌،‬جرائم‌الحاسب‌اإللكترونٌة‌فً‌التشرٌع‌المقارن‪‌،‬النهضة‌العربٌة‪‌،‬القاهرة‪‌،1992‌،‬ص‌‪‌ .93‬‬
‫‪‌3‬سامً‌جالل‌فقً‌حسٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .115‬‬

‫‪56‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫إجراء التفتيش ما عدا البعض منيا‪ ،‬مف التشريع اإلنجميزم الذم حددىا بشير كاحد مف‬
‫تاريخ إصدار اإلذف‪.1‬‬

‫أما القكاعد المكضكعية تتمخص في‪:‬‬

‫أ‪‌ .‬كقكع جريمة معمكماتية مصنفة عمى أنيا جناية أك جنحة‪.‬‬


‫ب‪‌.‬اتياـ شخص أك أشخاص معينيف بارتكاب الجريمة المعمكماتية أك المشاركة فييا‪.‬‬
‫ج‪‌.‬تكفر قرائف تفيد في كشؼ الحقيقة في مجاؿ اإلجراـ المعمكماتي‪.‬‬
‫د‪‌ .‬تفتيش نظـ المعمكماتية بناء عمى مكافقة المتيـ‪.2‬‬

‫في األخير يمكف اإلشارة أيضا إلى اإلجراءات الخاصة في التفتيش في القانكف‬
‫رقـ ‪ 04–09‬المؤرخ في ‪ 5‬غشت سنة ‪ 2009‬المتضمف القكاعد الخاصة لمكقاية مف‬
‫الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات اإلعبلـ كاالتصاؿ كمكافحتيا‪.‬‬

‫حيث نصت المادة ‪ 5‬منو عمى أنو‪" :‬يجكز لمسمطات القضائية المختصة ككذا‬
‫ضباط الشرطة القضائية في إطار قانكف اإلجراءات الجزائية كفي الحاالت المنصكص‬
‫عمييا في المادة ‪ 4‬أعبله الدخكؿ بغرض التفتيش كلك عف بعد إلى‪:‬‬

‫‪ -‬منظكمة معمكماتية أك جزء منيا ككذا المعطيات المعمكماتية المخزنة فييا‪.‬‬


‫‪ -‬منظكمة تخزيف معمكماتية‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كانت المعطيات المبحكث عنيا مخزنة في منظكمة معمكماتية أخرل كأف‬
‫ىذه المعطيات يمكف الدخكؿ إلييا انطبلقا مف المنظكمة األكلى يجكز في ىذه الحالة‬
‫تمديد التفتيش مع إعبلـ السمطة المختصة‪.‬‬

‫‪‌1‬الحاج‌الطاهر‌زهٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 167‬‬
‫‪‌2‬سامً‌جالل‌فقً‌حسٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .117‬‬

‫‪57‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫‪ -‬إذا كانت المعطيات المبحكث عنيا كالتي يمكف الدخكؿ إلييا انطبلقا مف‬
‫المنظكمة األكلى مخزنة في منظكمة معمكماتية تقع خارج إقميـ كطني‪ ،‬فإف الحصكؿ‬
‫عمى ىذه المعطيات يككف بمساعدة السمطات األجنبية المختصة طبقا لبلتفاقيات الدكلية‬
‫ذات الصمة ككفقا لمبدأ المعاممة بالمثؿ‪.1‬‬

‫مما سبؽ يمكف القكؿ أف الغاية مف التفتيش ىك ضبط األدلة المادية التي تفيد‬
‫الكشؼ عف الحقيقة‪ ،‬كعمى ذلؾ فإف ضبط األشياء المتعمقة بالجريمة ىك األثر المباشر‬
‫لمتفتيش‪ ،‬كعميو يتعيف عند إجراء الضبط أف تتكفر فيو نفس القكاعد التي تنطبؽ بشأف‬
‫التفتيش كيؤدم بطبلف التفتيش إلى بطبلف الضبط‪.‬‬

‫مف خبلؿ ىذا الفصؿ تـ التكصؿ إلى أف المكافحة المكضكعية كاإلجرائية‬


‫لمجريمة المعمكماتية عمى المستكل الدكلي تمعب دك ار ميما ال يستياف بو مف خبلؿ‬
‫تكفير فضاء معمكماتي آمف‪ ،‬كتعزيز الثقة فيما بيف المتصميف بشبكة األنترنت كبيف‬
‫المتصميف كالشبكة العنكبكتية ذاتيا‪ ،‬كمف ىنا يعكد ليذه التقنيات الحديثة صيتيا الحسف‬
‫كأنيا كجدت لخدمة اإلنساف كتسييؿ مشاؽ الحياة اليكمية عمييا بعدما حادت عف الدكر‬
‫النبيؿ الذم اخترعت مف أجمو‪.‬‬

‫غير أنو إذا كاف ليذه المكافحة المكضكعية كاإلجرائية دكر في الحد مف اإلجراـ‬
‫ٍ‬
‫كاؼ خاصة مع التطكر المستمر الذم تعرفو الجرائـ‬ ‫المعمكماتي‪ ،‬إال أنو دكر غير‬
‫المعمكماتية بابتكار كسائؿ إجرامية تفكؽ كسائؿ الحماية في بعض األحياف‪ ،‬األمر‬
‫الذم يستدعي مف القائميف بمكافحة الجريمة المعمكماتية عدـ االكتفاء بيذا القدر مف‬
‫الحماية كالعمؿ عمى تطكير آليات الكقاية كالمكافحة كجعميا أكثر فعالية كمسايرة لمتطكر‬
‫الذم تشيده أساليب التعدم كاالختراؽ ألنظمة المعمكمات‪ ،‬دكف إىماؿ الجانب التشريعي‬

‫‪‌1‬الحاج‌الطاهر‌زهٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 171‬‬

‫‪58‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الذم ىك أيضا معني بيذه الحماية مف خبلؿ كضع تشريعات تتبلءـ كالكاقع الذم تعرفو‬
‫الجريمة المعمكماتية‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفصؿ الثاني‬

‫اآلليات الدكلية لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬


‫إف الجريمة المعمكماتية تتخطى كؿ الحكاجز الجغرافية كالمكانية لمدكؿ‪ ،‬سكاء تمؾ‬
‫الحكاجز الجغرافية ذات الطابع االقتصادم أك الحكاجز الجغرافية ذات الطابع‬
‫السياسي‪ ،‬كذلؾ عف طريؽ الكـ اليائؿ مف المعمكمات التي تمر عبر الحدكد عمى شكؿ‬
‫إشارات إلكتركنية ال يقؼ في كجييا شيء‪ ،‬كلعؿ تنامي الحاجة إلى مكاجية اإلجراـ‬
‫الدكلي المنظـ كما يرتبط بو مف نشاط اإلجراـ المعمكماتي يؤكد ضركرة كجكد آليات‬
‫ككسائؿ دكلية لمكافحة الجريمة المعمكماتية كتحقيؽ التعاكف الدكلي الذم يعتبر مف أىـ‬
‫سبؿ مكافحة جرائـ األنترنت كمبلحقة مرتكبييا‪ ،‬غير أف ىناؾ عكائؽ تجعؿ مف ىذا‬
‫التعاكف صعبا‪.‬‬

‫كعميو سيتـ تقسيـ ىذا الفصؿ إلى مبحثيف‪:‬‬

‫المبحث األكؿ‪ :‬التعاكف الدكلي في مكاجية الجريمة المعمكماتية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي ككيفية القضاء عمييا‬

‫المبحث األكؿ‬

‫التعاكف الدكلي في مكاجية الجريمة المعمكماتية‬


‫إف جرائـ الحاسكب كاإلنترنت جرائـ عابرة لمحدكد‪ ،‬كقد يساىـ أكثر مف شخص‬
‫في دكؿ مختمفة في ارتكاب جريمة كاحدة يقع ضحيتيا عدد مف األفراد يقيمكف في‬
‫بمداف متعددة‪ ،‬فتظير مشكمة التعارض كاالختبلؼ بيف التشريعات اإلجرائية في دكؿ‬
‫العالـ‪ ،‬كمكافحة جرائـ المعمكمات تقتضي إذا تكحيد التشريعات اإلجرائية مف ناحية‪ ،‬كأف‬
‫يككف نظاـ اإلثبات بالدليؿ اإللكتركني كاحدا بيف الدكؿ التي تقع فييا ىذه الجرائـ‪ ،‬كىذا‬

‫‪60‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫أمر مستحيؿ تحقيقو‪ ،‬لذلؾ يجب أف يككف ىناؾ تعاكف دكلي يتفؽ مع طبيعة ىذه‬
‫الجرائـ التي تتميز بطابع خاص يقتضي أف تككف ىناؾ إجراءات تحقيقية سريعة‪.1‬‬

‫فالتعاكف الدكلي ىك مف أىـ سبؿ مكافحة جرائـ اإلنترنت كمبلحقة مرتكبييا‬


‫فبغير التعاكف الدكلي يزداد معدؿ ارتكاب تمؾ الجرائـ كيطمئف مرتكبكىا مف عدـ إمكانية‬
‫مبلحقتيـ إذ يككف مف السيؿ عمييـ التنقؿ مف دكلة إلى أخرل تبيح القكانيف السارية بيا‬
‫ما ارتكبكه مف جرائـ‪.2‬‬

‫كعميو الكضع يفرض كضع آليات ضبط تتناسب مع خصكصية الجريمة‬


‫اإللكتركنية في إطار التعاكف الدكلي‪.3‬‬

‫كعميو سيتـ تقسيـ ىذا المبحث إلى أربعة مطالب‪:‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬التعاكف القضائي‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تسميـ المجرميف‬

‫المطمب الثالث‪ :‬التعاكف الدكلي في مجاؿ التدريب‬

‫المطمب الرابع‪ :‬الجيكد التقنية في مكاجية الجريمة المعمكماتية‬

‫‪‌1‬علً‌حسن‌الطوالبة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .1‬‬
‫‪‌2‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .194‬‬
‫‪‌3‬قارون‌سهام‪‌،‬السٌاسات‌ الدولٌة‌واإلقلٌمٌة‌والوطنٌة‌فً‌مجال‌مكافحة‌الجرٌمة‌اإللكترونٌة‪‌،‬بحث‌ألقً‌فً‌الملتقى‌‬
‫الدولً‌األول‌حول‌التنظٌم‌القانونً‌لإلنترنت‌ومكافحة‌الجرٌمة‌اإللكترونٌة‪‌،‬جامعة‌زٌان‌عاشور‪‌،‬الجلفة‪‌28/27‌،‬‬
‫أفرٌل‌‪‌،2009‬ص‌‪‌ .2‬‬

‫‪61‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫المطمب األكؿ‬

‫التعاكف القضائي‬
‫إف إجراءات التحقيؽ كالمبلحقة القضائية في جرائـ اإلنترنت تقتضي تتبع النشاط‬
‫اإلجرامي األمر الذم يستكجب تقصي آثار الجريمة مف مصدرىا إلى غاية تنفيذىا‬
‫كتحديد مكاقع األضرار التي مستيا‪ ،1‬كذلؾ مف خبلؿ مجمكعة متنكعة مف مقدمي‬
‫خدمات لئلنترنت أك الشركات المقدمة لتمؾ الخدمات مع تكصيؿ أجيزة الحاسب اآللي‬
‫باإلنترنت‪ ،‬كحتى ينجح المحققكف في ذلؾ فعمييـ أف يتتبعكا أثر قناة االتصاالت بأجيزة‬
‫الحاسب اآللي المصدرية كالجياز الخاص بالضحية أك بأجيزة أخرل تعمؿ مع مقدمي‬
‫خدمات كسطاء في بمداف مختمفة‪ ،2‬كلتحديد مصدر الجريمة غالبا ما يتعيف عمى أجيزة‬
‫إنفاذ القانكف االعتماد عمى السجبلت التاريخية التي تبيف متى أجريت تمؾ التكصيبلت‬
‫كمف أيف كمف الذم أجراىا‪ ،‬كفي أحياف أخرل قد يتطمب إنفاذ القانكف تتبع أثر التكصيؿ‬
‫ككقت أجرائو‪ ،‬كعندما يككف مقدمك الخدمات خارج نطاؽ الكالية القضائية لممحقؽ كىك‬
‫ما يحدث غالبا فإف أجيزة إنفاذ القانكف تككف بحاجة إلى مساعدة مف نظرائيا في كاليات‬
‫قضائية أخرل‪ ،‬بمعنى الحاجة إلى ما يسمى بالتعاكف القضائي‪.3‬‬

‫مف أىـ صكر التعاكف القضائي‪ :‬التعاكف األمني كالمساعدة القضائية الدكلية‪.‬‬

‫‪‌ 1‬قزران ‌مصطفى‪‌ ،‬اآللٌات ‌الدولٌة ‌لمكافحة ‌الجرٌمة ‌اإللكترونٌة‪‌ ،‬ألقى ‌فً ‌الملتقى ‌الدولً‌حول ‌التنظٌم ‌القانونً‌‬
‫لألنترنت‌والجرٌمة‌االلكترونٌة‪‌،‬جامعة‌زٌان‌عاشور‪‌،‬الجلفة‪‌28/27‌،‬أفرٌل‌‪‌،2009‬ص‌‪‌ .6‬‬
‫‪ٌ‌ 2‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬الجرائم‌الدولٌة‌لألنترنت‪‌،‬الطبعة‌األولى‪‌،‬المركز‌القومً‌لإلصدارات‌القانونٌة‪‌،2011‌،‬‬
‫ص‌‪‌ ‌.143‬‬
‫‪‌ 3‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬الجهود‌الدولٌة‌فً‌مواجهة‌جرائم‌االنترنت‪‌،‬ورقة‌عمل‌مقدمة‌لألمانة‌العامة‌لمجلس‌‬
‫التعاون ‌الخلٌجً ‌خالل ‌اجتماع ‌اللجنة ‌الفنٌة ‌المتخصصة ‌بدراسة ‌سبل ‌مكافحة ‌الجرائم ‌اإللكترونٌة ‌األول‪‌ ،‬والذي‌‬
‫انعقد‌بمقر‌األمانة‌العامة‌بالرٌاض‌خالل‌الفترة‌‪‌5/4‬أفرٌل‌‪‌،2004‬ص‌‪‌ .3‬‬

‫‪62‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع األكؿ‬

‫التعاكف األمني‬
‫إنو مف البدييي أف تقؼ الحدكد الجغ ارفية كمشكمة االختصاص اإلقميمي حجر‬
‫عث رة أماـ اإلجراءات الجنائية لمبلحقة مرتكبي الجرائـ ال سيما في جريمة االنترنت التي‬
‫تتميز بككنيا جريمة عابرة لمحدكد فقد يككف مرتكب اليجكـ يحمؿ جنسية دكلة ما كينفذ‬
‫جريمتو مف أجيزة دكلة أخرل كتقع آثار ىذه الجريمة في دكلة ثالثة كليذا تبرز الحاجة‬
‫الممحة لتكحيد الجيكد فيما يتعمؽ بتبادؿ المعطيات المتعمقة بالجريمة كالمعمكمات التي‬
‫تسمح بكشؼ ىكية المجرميف ما داـ أنو يستحيؿ عمى الدكلة بمفردىا القضاء عمى ىذه‬
‫الجريمة فأجيزة الشرطة ال يمكنيا تعقب مرتكبي الجرائـ كمبلحقتيـ إال مف نطاؽ‬
‫حدكدىا أم أنو متى فر المجرـ خارج حدكد الدكلة فإنو يبقى في مأمف مف المتابعة‬
‫كنجد في ىذا اإلطار أف ىناؾ عدة أكجو إلقامة ىذا التعاكف‪:1‬‬

‫أكال‪ :‬ضركرة التعاكف األمني الدكلي‬


‫حتى يسيؿ لكؿ دكلة االستمرار كالعيش مع غيرىا مف الدكؿ فإنيا تحتاج إلى‬
‫قدر مف النظاـ كاألمف‪ ،‬كتشكؿ الجريمة إحدل القضايا الرئيسية في الكثير مف دكؿ‬
‫العالـ‪ ،‬كتشغؿ باؿ الحككمات كالمختصيف كاألفراد عمى حد سكاء‪ ،‬كلقد أثبت الكاقع‬
‫العممي أف الدكلة‪ ،‬أم دكلة ال تستطيع بجيكدىا المنفردة القضاء عمى الجريمة مع ىذا‬
‫التطكر المممكس كالمذىؿ في كافة مياديف الحياة‪ 2.‬فنتيجة لمتطكر المممكس كالمذىؿ في‬
‫االتصاالت كتكنكلكجيا المعمكمات كظيكر االنترنت كاالنتشار الكاسع كالسريع ليا أدل‬
‫إلى ظيكر أشكاؿ كأنماط جديدة مف الجرائـ منيا الجرائـ المتعمقة بشبكة االنترنت كىي‬

‫‪‌1‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .6‬‬
‫‪ٌ‌2‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.144‬‬

‫‪63‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫نكع مف الجرائـ المعمكماتية‪ 1‬التي باتت تشكؿ خط ار ال عمى سرية النظـ الحاسكبية أك‬
‫سبلمتيا أك تكافرىا فحسب‪ ،‬بؿ تعدت إلى أمف البنى األساسية الحرجة كمع تميزىا‬
‫بالعالمية فإف مكافحتيا ال تتحقؽ إال بكجكد تعاكف دكلي عمى المستكل اإلجرامي‬
‫الجنائي‪ ،‬بحيث يسمح باالتصاؿ المباشر بيف أجيزة الشرطة في الدكؿ المختمفة‪ ،‬كذلؾ‬
‫بإنشاء مكاتب متخصصة لجمع المعمكمات عف مرتكبي الجرائـ المتعمقة باألنترنت‬
‫كتعميميا‪ ،2‬كيشف اليجكـ الفيركسي مف حكاسيب مكجكدة في دكلة أخرل‪ ،‬كتقع اآلثار‬
‫المدمرة ليذا اليجكـ في دكلة ثالثة‪.‬‬

‫لذلؾ أصبحت الحاجة ماسة إلى كجكد كياف دكلي يأخذ عمى عاتقو القياـ بيذه‬
‫الميمة كتتعاكف مف خبلؿ أجيزة الشرطة في الدكؿ المختمفة خاصة فيما يتعمؽ بتبادؿ‬
‫المعمكمات المتعمقة بالجريمة كالمجرميف بأقصى سرعة ممكنة باإلضافة إلى تعقب‬
‫المجرميف الفاريف مف كجو العدالة‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬جيكد المنظمة الدكلية لمشرطة الجنائية لل نتربكؿ‬

‫إف البدايات األكلية لمتعاكف الدكلي الشرطي ترجع إلى عاـ ‪ 1904‬عندما تـ إبراـ‬
‫االتفاقية الدكلية الخاصة بمكافحة الرقيؽ األبيض بتاريخ ‪ 1904/5/18‬كالتي نصت في‬
‫مادتيا األكلى عمى "تتعيد كؿ الحككمات المتعاقدة بإنشاء أك تعييف سمطة لجمع‬
‫المعمكمات الخاصة باستخداـ النساء كالفتيات لغرض الدعارة في الخارج‪ ،‬كليذه السمطة‬
‫الحؽ في تخاطب مباشرة اإلدارة المماثمة ليا في كؿ الدكؿ األطراؼ المتعاقدة"‪.4‬‬

‫‪‌1‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪.3‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .3‬‬
‫‪ٌ‌3‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .145‬‬
‫‪‌4‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .6‬‬

‫‪64‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫لـ تمر سنة عمى إبراـ ىذه االتفاقية إال ككانت سبع دكؿ مف الدكؿ المتعاقدة‬
‫تنشئ مثؿ تمؾ األجيزة كتتبادؿ مف خبلليا المعمكمات كالبيانات الخاصة باستخداـ‬
‫النساء لغرض الدعارة في الخارج مف أجؿ القضاء عمى ىذه الجريمة في أقاليميا‪ ،‬بعد‬
‫ذلؾ أخذ التعاكف الشرطي الدكلي يأخذ صكر المؤتمرات الدكلية‪ ،‬أكليا كأسبقيا تاريخيا‬
‫كاف مؤتمر مكناكك (‪1914/4/18–14‬ـ) كالذم كضع رجاؿ الشرطة كالقضاء كالقانكف‬
‫مف ‪ 14‬دكلة كذلؾ لمناقشة ككضع أسس التعاكف الدكلي في بعض المسائؿ الشرطية‬
‫خاصة ما يتعمؽ بمدل إمكانية إنشاء مكتب دكلي لمتسجيؿ الجنائي كتنسيؽ إجراءات‬
‫تسميـ المجرميف إال أنو كنتيجة لقياـ الحرب العالمية األكلى لـ يحقؽ المؤتمر أم نتائج‬
‫عممية‪.1‬‬

‫كبعد انتياء الحرب العالمية األكلى كتحديدا عاـ ‪ 1919‬حاكؿ الككلكنيؿ "فاف‬
‫ىكتيف" أحد ضباط الشرطة اليكلندية إحياء فكرة التعاكف الدكلي الشرطي كذلؾ بالدعكة‬
‫لعقد مؤتمر دكلي لمناقشة ىذا المكضكع غير أنو لـ يكفؽ في مسعاه‪.2‬‬

‫كبنياية عاـ ‪ 1923‬تـ عقد مؤتمر دكلي يعد الثاني عمى المستكل الدكلي‬
‫لمشرطة الجنائية كذلؾ في الفترة ‪ 1923/9/7‬بحضكر مندكبي تسعة عشر دكلة‬
‫(‪)ICPO‬‬ ‫الجنائية‬ ‫لمشرطة‬ ‫الدكلية‬ ‫المجنة‬ ‫كالدة‬ ‫عنو‬ ‫كتمخض‬
‫"‪ "INTERNATIONALCRIMINAL POLICE COMMISSION‬يككف مقدما‬
‫فينا‪ ،‬كتعمؿ عمى التنسيؽ بيف أجيزة الشرطة مف أجؿ التعاكف في مكافحة الجريمة‪.3‬‬

‫إال أنو كباندالع الحرب العالمية الثانية تكقفت المجنة عف أعماليا‪ ،‬حتى كضعت‬
‫الحرب أكزارىا عاـ ‪ 1946‬ـ‪ ،‬حيث عقد في برككسؿ ببمجيكا في ‪1946 / 6 / 9‬‬

‫‪‌1‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .7‬‬
‫‪ٌ‌2‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .146‬‬
‫‪‌3‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .8‬‬

‫‪65‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫مؤتمر دكلي بيدؼ إحياء مبادئ التعاكف األمني ككضعيا مكضع التنفيذ بدعكة مف‬
‫المفتش العاـ لمشرطة البمجيكية‪ ،‬كانتيى االجتماع إلى إحياء المجنة الدكلية لمشرطة‬
‫الجنائية (‪ )ICPO‬كنقؿ مقرىا إلى باريس بفرنسا‪ ،‬كغير اسميا ليصبح المنظمة الدكلية‬
‫‪INTERNATIONAL‬‬ ‫‪CRIMINAL‬‬ ‫‪POLICE‬‬ ‫"‬ ‫الجنائية‬ ‫لمشرطة‬
‫)‪."ORRANISATION(INTERPOL‬‬

‫كحتى كتابة ىذه األسطر تصنع في عضكيتيا ‪ 182‬عضك‪ ،1‬كتيدؼ المنظمة‬


‫الدكلية لمشرطة الجنائية طبقا لممادة ‪ 2‬مف القانكف األساسي إلى‪:‬‬

‫‪ .1‬تأميف كتنمية لمتعاكف المتبادؿ عمى أكسع نطاؽ بيف كافة سمطات الشرطة‬
‫الجنائية في إطار القكانيف القائمة في مختمؼ البمداف كبركح لئلعبلف العالمي لحقكؽ‬
‫اإلنساف‪.‬‬
‫‪ .2‬إنشاء كتنمية كافة المؤسسات القادرة عمى المساىمة الفعالة في الكقاية مف‬
‫جرائـ القانكف العاـ كمكافحتيا‪.2‬‬

‫بالتالي تيدؼ ىذه المنظمة إلى تأكيد كتشجيع التعاكف بيف أجيزة الشرطة في‬
‫الدكؿ األطراؼ كعمى نحك فعاؿ في مكافحة الجريمة‪.3‬‬

‫كما يحظر عمى المنظمة أف تنشط أك تتدخؿ في مسائؿ ذات طابع سياسي أك‬
‫عسكرم أك ديني أك عنصرم كىذا طبقا لممادة ‪ 3‬مف القانكف األساسي لممنظمة‪.‬‬

‫‪‌ 1‬كانت ‌تسمى ‌هذه ‌المنظمة ‌اللجنة ‌الدولٌة ‌للشرطة ‌الجنائٌة ‌والتً ‌تم ‌إنشاؤها ‌سنة ‌‪‌ 1923‬بالتنسٌق ‌بٌن ‌أجهزة‌‬
‫الشرطة‌فً‌الدول‌األوروبٌة‌فً‌مجال‌مكافحة‌الجرٌمة‪‌،‬ؼٌر‌أنه‌بسبب‌نشوب‌الحرب‌العالمٌة‌الثانٌة‌كان‌قد‌توقؾ‌‬
‫نشاط ‌هذه ‌اللجنة ‌حتى ‌أعاد ‌مؤتمر ‌فٌٌنا ‌تحت ‌إسم ‌منظمة ‌الشرطة ‌الجنائٌة ‌الدولٌة ‌سنة ‌‪‌ ،1956‬ولقد ‌اشتق ‌لفظ‌‬
‫األنتربول ‌من ‌اسم ‌المنظمة‪‌ ،‬وقد ‌كان ‌ٌمثل ‌العنوان ‌البرقً ‌للمنظمة ‌فً ‌بارٌس ‌ثم ‌أصبح ‌بإستمرار ‌اإلستخدام ‌هو‌‬
‫االسم ‌الرمزي ‌للمنظمة‪‌ ،‬وتظم ‌‪‌ 177‬دولة ‌عضوا‪‌ ،‬وتتكون ‌وفقا ‌لنص ‌المادة ‌‪‌ 05‬من ‌دستورها ‌من ‌خمسة‌‌‌‌‌‌‌‬
‫أجهزة‪‌ ،‬وهً ‌الجمعٌة ‌العامة‪‌ ،‬اللجنة ‌التنفٌذٌة‪‌ ،‬األمانة ‌العامة‪‌ ،‬جهاز ‌المستشارٌن‪‌ ،‬والمكاتب ‌المركزٌة ‌الوطنٌة‪‌.‬‬
‫راجع‪‌ :‬نبٌلة ‌هبة ‌هروال‪‌ ،‬الجوانب ‌اإلجرائٌة ‌لجرائم ‌االنترنت ‌فً ‌مرحلة ‌جمع ‌اإلستدالالت ‌(دراسة ‌مقارنة)‪‌،‬دار‌‬
‫الفكر‌الجامعً‪‌،‬اإلسكندرٌة‪‌،2007‌،‬ص‌‪‌ .149‬‬
‫‪‌2‬الحاج‌الطاهر‌زهٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .185‬‬
‫‪‌3‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .9‬‬

‫‪66‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫مف بيف األمثمة عمى دكر األنتربكؿ فيما يتعمؽ بالجرائـ المعمكماتية ما حصؿ في‬
‫الجميكرية المبنانية عندما تـ تكقيؼ أحد الطمبة الجامعييف مف قبؿ القضاء المبناني‬
‫بتيمة إرساؿ صكر إباحية لقاصرة دكف العشرة أعكاـ مف مكقعو عمى شبكة االنترنت‬
‫كذلؾ أثر تمقي النيابة المبنانية برقية مف األنتربكؿ في ألمانيا بيذا الخصكص‪.‬‬

‫لقد مرت جيكد المنظمة في ىذا المجاؿ بمراحؿ عديدة إلى أف تـ إنشاء عدة‬
‫مراكز اتصاالت إقميمية في كؿ مف طككيك‪ ،‬نيكزيمندا‪ ،‬نيركبي كيضاؼ إلى ذلؾ مركز‬
‫إقميمي فرعي في بانككؾ‪.1‬‬

‫عمى غرار ىذه المنظمة أنشأ المجمس األكركبي في لكسمبكرج عاـ ‪1991‬‬
‫شرطة أكركبية لتككف ىمزة كصؿ بيف أجيزة الشرطة الكطنية في الدكؿ المنظمة‬
‫كلمبلحقة الجناة في الجرائـ العابرة لمحدكد كمنيا بطبيعة الحاؿ الجرائـ المتعمقة‬
‫باألنترنت‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬تبادؿ المعاكنة لمكاجية الككارث كاألزمات كالمكاقؼ الحرجة‬


‫تتعرض كافة دكؿ العالـ الحتماالت كقكع ككارث ضخمة مفاجئة بشكؿ ال يمكف‬
‫تكقعو أك يستحيؿ التنبؤ بتكقيت حدكثو أك يصعب مكاجيتو باإلمكانيات القكمية لمدكلة‬
‫المنككبة بمفردىا األمر الذم يحتاج إلى تكثيؼ خاص لمجيكد كالخبرات كاإلمكانيات‬
‫بشكؿ يصعب حقيقة إال بتضافر الجيكد الدكلية‪ ،‬كىذه الصكرة مف صكر التعاكف‬
‫األمني تعد مف أىـ الصكر في مجاؿ مكافحة جرائـ االنترنت سيما أف أجيزة العدالة‬
‫الجزائية ليست بنفس المستكل كالجاىزية في جميع الدكؿ كانما ىناؾ تفاكت فيما بينيا‬

‫‪‌1‬محمد‌طارق‌عبد‌الرؤوؾ‌الحن‪‌،‬جرٌمة‌االحتٌال‌عبر‌األنترنت‪‌،‬منشورات‌الحلبً‪‌،‬بٌروت‪‌،2011‌،‬ص‌‪‌ .39‬‬
‫‪ٌ‌2‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .148‬‬

‫‪67‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫فبعض الدكؿ متقدمة تكنكلكجيا كليا صيت كبير في مكاجية الجرائـ المعمكماتية‬
‫كالبعض اآلخر تفتقد ذلؾ‪.1‬‬

‫رابعا‪ :‬القياـ بعمميات أمنية مشركة‬


‫حيث يتـ تعقب جريمة االنترنت كتتبع األدلة الرقمية كضبطيا كالقياـ بعمميات‬
‫التفتيش العابر لمحدكد لمككنات أجيزة اإلعبلـ األلى كاألنظمة المعمكماتية كشبكات‬
‫االتصاؿ بحثا عف ما قد تتضمنو مف أدلة كبراىيف كىذه اإلجراءات تستدعي كميا‬
‫تعاكنيا دكليا مكثفا ال سيما العمميات الفنية كاألمنية كما مف شأنيا صقؿ ميارات‬
‫كخبرات القائميف عمى مكافحة تمؾ الجرائـ‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫المساعدة القضائية‬
‫تعرؼ المساعدة القضائية دكليا بأنيا "كؿ إجراء قضائي تقكـ بو دكلة مف شأنو‬
‫تسييؿ ميمة المحاكمة في دكلة أخرل بصدد جريمة مف الجرائـ"‪ 3‬كتتخذ المساعدة‬
‫القضائية في المجاؿ الجنائي عدة صكر منيا‪:‬‬

‫أكال‪ :‬تبادؿ المعمكمات‬


‫كيتـ بكاسطة تبادؿ البيانات كالكثائؽ كالمكاد االستداللية التي تطمبيا سمطة‬
‫قضائية أجنبية بصدد النظر في جريمة ما‪ ،‬حركت الدعكل فيما ضد أحد رعاياىا أك‬
‫رعايا دكلة أخرل مما يتضمف تبادؿ السكابؽ القضائية لممتابعيف لمثؿ ىذه الجرائـ كنجد‬
‫ليذه الصكرة تطبيقات عدة منيا ما كرد في الفقرتيف ‪ 6‬ك‪ 7‬مف المادة األكلى مف معاىدة‬

‫‪‌1‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .10‬‬
‫‪‌2‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .147‬‬
‫‪‌3‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.8‬‬

‫‪68‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫األمـ المتحدة النمكذجية لتبادؿ المساعدة في المسائؿ الجنائية‪ ،1‬ككذلؾ الفقرات ‪ 3‬ك‪4‬‬
‫مف المادة الثامنة مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة‪.2‬‬

‫كيصدؽ األمر أيضا عمى ما قضت بو المادة األكلى مف إتفاقية الرياض‬


‫لمتعاكف القضائي العربي بشأف ضركرة تبادؿ المعمكمات بيف الدكؿ األطراؼ كالتنسيؽ‬
‫بيف األنظمة القضائية‪ ،‬كفي ىذا اإلطار صاغ إتفاؽ شنجف لئلتحاد األكركبي نظاما‬
‫متكامبل لتبادؿ المعمكمات‪.3‬‬

‫‪4‬‬
‫ثانيا‪ :‬نقؿ اإلجراءات‬

‫يقصد بو قياـ دكلة ما بناء عمى اتفاقية أك معاىدة باتخاذ إجراءات جنائية كىي‬
‫بصدد جريمة ارتكبت في إقميـ دكلة أخرل كلمصمحة ىذه الدكلة متى ما تكافرت شركط‬
‫معينة مف أىميا التجريـ المزدكج كيقصد بو أف يككف الفعؿ المنسكب إلى الشخص‬
‫يشكؿ جريمة في الدكلة الطالبة كالدكلة المطمكب إلييا نقؿ اإلجراءات‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫شرعية اإلجراءات المطمكب اتخاذىا بمعنى أف تككف اإلجراءات المطمكب اتخاذىا مقررة‬
‫في قانكف الدكلة المطمكب إلييا عف ذات الجريمة‪ ،‬كأيضا مف الشركط الكاجب تكافرىا‬
‫أف تككف اإلجراءات المطمكب اتخاذىا مف األىمية بمكاف بحيث تؤدم دك ار ميما في‬
‫الكصكؿ إلى الحقيقة‪ .‬كلقد أقرت العديد مف االتفاقيات الدكلية كاإلقميمية ىذه الصكرة‬
‫كإحدل صكر المساعدة القضائية الدكلية كمعاىدة األمـ المتحدة النمكذجية بشأف نقؿ‬

‫‪‌ 1‬صدرت ‌هذه ‌المعاهدة ‌فً ‌‪‌ 1990/03/14‬فً ‌الجلسة ‌العامة ‌‪‌ 68‬للجمعٌة ‌العامة ‌لألمم ‌المتحدة ‌وتقضً ‌بإتفاق‌‬
‫أطرافها‌على‌أن‌ٌقدم‌كل‌منهم‌لألخر‌أكبر‌قدر‌من‌المساعدة‌المتبادلة‌فً‌التحقٌقات‌وإجراءات‌المحاكمة‌المتعلقة‌‬
‫بجرائم‌ٌكون‌العقاب‌علٌها‌وقت‌طلب‌المساعدة‌داخال‌فً‌إختصاص‌السلطة‌القضائٌة‌طالبة‌المساعدة ‌‬
‫‪‌‌2‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .7‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Michel quellie : stratigies en France par la police criminaliteorganisee, 1996,‬‬
‫‪p199.‬‬
‫‪‌‌4‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .90‬‬

‫‪69‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫اإلجراءات في المسائؿ الجنائية‪ ،1‬كالمؤتمر اإلسبلمي لمكافحة اإلرىاب الدكلي‬


‫‪1999‬ـ‪ ،‬كأيضا المادة ‪ 16‬مف النمكذج االسترشادم التفاقية التعاكف القضائي كالقانكني‬
‫الصادر عف مجمس التعاكف الخميجي ‪ 2003‬ـ‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلنابة القضائية الدكلية‬


‫كيقصد بيا اتخاذ إجراء قضائي مف إجراءات الدعكل الجنائية ألثره المباشر مف‬
‫أجؿ الفصؿ في مسألة معركضة عمى السمطة القضائية تعذر عمى الدكلة التي تقدمت‬
‫بطم ب مف اإلنابة القياـ بو بنفسيا كتيدؼ اإلنابة القضائية إلى تسييؿ اإلجراءات‬
‫الجنائية بيف الدكؿ بما يضمف إجراء التحقيقات البلزمة لتقديـ المتيميف لممحاكمة‪.3‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف طمب اإلنابة‪ ،‬عادة ما يتـ عبر القنكات الدبمكماسية إال أنو‬
‫تفاديا لتعقيد اإلجراءات كبطئيا كبغية التعجيؿ كالتبسيط منيا درجت الدكؿ عمى تعييف‬
‫سمطة مركزية عادة ما تككف ك ازرة العدؿ تكجو الطمبات إلييا مباشرة‪.4‬‬

‫أما فيما يتعمؽ بالتعاكف القضائي يمكف أف نخمص إلى نتيجة مفادىا أف التعاكف‬
‫القضائي كاف كاف ي شكؿ أىـ آليات مكافحة جرائـ االنترنت إال أف المبلحظ أف غالبية‬
‫االتفاقيات في مجاؿ التعاكف القضائي قد تناكلت جريمة االنترنت بدكف تعمؽ كبشكؿ‬
‫سطحي كمنو باتت الحاجة ممحة لعدة اتفاقيات تكاكب التطكر السريع لتكنكلكجيا‬
‫المعمكمات كاالتصاالت‪.‬‬

‫‪‌1‬إعتمدت‌هذه‌المعاهدة‌بموجب‌قرار‌الجمعٌة‌العامة‌لألمم‌المتحدة‌‪‌45/118‬بتارٌخ‌‪‌ .1990/12/14‬‬
‫‪ٌ‌2‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .151‬‬
‫‪‌3‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .8‬‬
‫‪‌4‬جمٌل‌عبد‌الباقً‌الصؽٌر‪‌،‬الجوانب‌اإلجرائٌة‌للجرائم‌المتعلقة‌باألنترنت‪‌،‬دار‌النهضة‌العربٌة‪‌،‬القاهرة‪‌،2001‌،‬‬
‫ص‪‌ .83‬‬

‫‪70‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫المطمب الثاني‬

‫تسميـ المجرميف‬
‫استقر فقو القانكف الدكلي عمى اعتبار تسميـ المجرميف شكبل مف أشكاؿ التعاكف‬
‫الدكلي في مكافحة الجريمة كالمجرميف كحماية المجتمعات مف المخميف بأمنيا كاستقرارىا‬
‫كحتى ال يبقى أكلئؾ العابثيف بمنأل عف العقاب يعيثكف في األرض فسادان‪.1‬‬

‫كىذا النكع مف التعاكف الدكلي ىك نتيجة طبيعية لمتطكرات التي حدثت في كافة‬
‫المجاالت كمنيا مجاؿ االتصاالت كتقنية المعمكمات‪ ،‬حيث لـ تعد الحدكد القائمة بيف‬
‫الدكؿ تشكؿ حاج از أماـ مرتكبي الجرائـ كما أف نشاطيـ اإلجرامي لـ يعد مقتص ار عمى‬
‫إقميـ معيف بؿ امتد إلى أكثر مف إقميـ‪.2‬‬

‫بحيث بات المجرـ منيـ يشرع التحضير الرتكاب جريمتو في بمد معيف كيقبؿ‬
‫عمى التنفيذ في بمد آخر كيرتكب الفرار إلى بمد ثالث لبلبتعاد عف أيدم أجيزة العدالة‪.‬‬

‫الجريمة إذا أصبح ليا طابع دكلي كالمجرـ ذاتو أصبح مجرما دكليا‪ ،‬كىذا بالفعؿ‬
‫ما ينطبؽ عمى الجرائـ المتعمقة باألنترنت‪.‬‬

‫حيث أف أجيزة إنفاذ القانكف ال تستطيع تجاكز حدكدىا اإلقميمية لممارسة‬


‫األعماؿ القضائية عمى المجرميف الفاريف‪ ،‬كاف ال بد مف إيجاد آلية معينة لمتعاكف مع‬
‫الدكلة التي ينبغي اتخاذ اإلجراءات القضائية فكؽ إقميميا‪ ،‬كلكي يتـ ذلؾ كيككف ىناؾ‬
‫تعاكف دكلي ناجح في مجاؿ تحقيؽ العدالة كاف إلزاما تنظيـ ىذا النكع مف التعاكف‬
‫الدكلي تشريعيا كقضائيا كتنفيذيا‪ ،‬فالدكلة ما دامت عضكا في المجتمع الدكلي ال بد ليا‬

‫‪ٌ‌1‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .154‬‬
‫‪ ‌ 2‬شرٌؾ‌سٌد‌كامل‪‌،‬الجرٌمة‌المنظمة‌فً‌القانون‌المقارن‪‌،‬دار‌النهضة‌العربٌة‪‌،‬القاهرة‪‌،‬الطبعة‌األولى‪‌،2001‌،‬‬
‫ص‌‪‌ .262‬‬

‫‪71‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫مف اإليفاء بااللتزامات المترتبة عمى ىذه العضكية كمف ضمنيا االرتباط بعبلقات دكلية‬
‫كثنائية تتعمؽ باستبلـ المجرميف‪.1‬‬

‫كاذا أمعنا النظر في نظاـ تسميـ المجرميف‪ ،‬لكجدناه يقكـ عمى أساس أف الدكلة‬
‫التي يتكاجد عمى إقميميا المتيـ بارتكاب أحد الجرائـ العابرة لمحدكد كمنيا الجرائـ‬
‫المتعمقة باأل نترنت عمييا أف تقكـ بمحاكمتو بمعرفة دكلة أخرل مختصة‪ ،2‬كىك إذا يحقؽ‬
‫مصالح الدكلتيف األطراؼ في عممية التسميـ‪ ،‬فيك يحقؽ مصمحة الدكلة األكلى في ككنو‬
‫يضمف معاقبة الفرد الذم أخؿ بقكانينيا كتشريعاتيا‪ ،‬كيحقؽ في ذات الكقت مصمحة‬
‫لمدكلة الثانية المطمكب إلييا التسميـ ككنو يساعدىا عمى تطيير إقميميا مف فرد خارج‬
‫عف القانكف كمف شأف بقائو فييا تيديد أمنيا كاستقرارىا‪.3‬‬

‫عميو سنتناكؿ في ىذا المطمب تعريؼ كصكر تسميـ المجرميف‪ ،‬شركط كاجراءات‬
‫تسميـ المجرميف كمظاىر التعاكف الدكلي في مجاؿ تسميـ المجرميف‪.‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫تعريؼ كصكر تسميـ المجرميف‬

‫أكال‪ :‬تعريؼ إجراءات تسميـ المجرميف‬


‫يعرؼ إجراء تسميـ المجرميف بأنو عمؿ بمقتضاه الدكلة التي لجأ إلى أرضيا‬
‫شخص متيـ أك محككـ عميو في الجريمة تسممو إلى الدكلة المختصة لمحاكمتو أك تنفيذ‬
‫العقكبة عميو‪.4‬‬

‫‪‌‌1‬شرٌؾ‌سٌد‌كامل‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .263‬‬
‫‪‌‌2‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .92‬‬
‫‪‌‌3‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .9‬‬
‫‪‌‌4‬محمد‌أرزقً‌عبالوي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .22‬‬

‫‪72‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫لقد تـ تعريؼ تسميـ المجرميف في النظاـ األساسي لممحكمة الجنائية الدكلية‬


‫لركما في المادة ‪ 102‬منو بقكليا‪" :‬يعني التسميـ نقؿ دكلة ما شخصا إلى دكلة أخرل‬
‫بمكجب معاىدة أك اتفاقية أك تشريع كطني"‪.1‬‬

‫لقد نص المشرع الجزائرم عمى إجراء تسميـ المجرميف في قانكف اإلجراءات‬


‫الجزائية الجزائرم في الباب األكؿ مف الكتاب السابع تحت عنكاف في "تسميـ المجرميف"‬

‫كىذا مف المادة ‪ 694‬إلى المادة ‪.2719‬‬

‫ثانيا‪ :‬صكر تسميـ المجرميف‬


‫لقد درجت الممارسة الدكلية عمى كجكد ثبلثة أنظمة مف األنظمة المتبعة في‬
‫تسميـ المجرميف‪.‬‬

‫‪ .1‬التسميـ القضائي‪:‬‬

‫يقصد بو ذلؾ النكع مف التسميـ الذم تككف فيو المحاكـ الجية المختصة الكحيدة‬
‫كالمخكؿ ليا إصدار قرار التسميـ لمدكلة التي تطمبو كبالرغـ مف اإليجابيات التي يكفرىا‬
‫ىذا النيج حيث أف يمكف الشخص المطمكب تسميمو بأكجو دفاعاتو كاممة أماـ السمطات‬
‫القضائية‪.‬‬

‫إال أنو يعاب عميو بطء اإلجراءات كىك ما ينعكس سمبا عمى ما تستكجبو سرعة‬
‫مبلحقة مرتكبي جرائـ االنترنت لسيكلة اندثار أدلة اإلثبات عمييا‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Jean Dumont : extradition, répertoire de droit international,‌dalloz, 1998, p2‬‬
‫‪‌2‬الحاج‌الطاهر‌زهٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌205‬‬
‫‪‌3‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ ‌9‬‬

‫‪73‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫‪ .2‬التسميـ اإلدارم‪:‬‬

‫تسميـ المجرميف يعد كفقا ليذا النظاـ عمبل مف أعماؿ السيادة أك تدبي ار مف‬
‫تدابير السمطة التنفيذية التي تممؾ الصبلحية المطمقة لتقرر التسميـ مف عدمو كفقا‬
‫لبلعتبارات سياسية أك إدارية أك غير ذلؾ مف االعتبارات‪ ،‬كيتطمب ىذا النكع مف التسميـ‬
‫أف تكجو أجيزة األنتربكؿ بالدكلة طالبة التسميـ طمبيا بشأف القبض عمى المتيـ المطمكب‬
‫إلى أنتربكؿ الدكلة المطمكب منيا التسميـ‪ ،‬كالتي تحيؿ الطمب إلى السمطة اإلدارية‬
‫المختصة لمدراسة كالبحث كمف ثـ إصدار القرار‪.1‬‬

‫‪ .3‬التسميـ المختمط‪:‬‬

‫النكع الثالث مف التسميـ يجمع بيف الجانبيف القضائي كاإلدارم‪ ،‬كىك األكثر‬
‫ركاجا كانتشا ار حيث يكازم بيف المصمحتيف المتعارضتيف‪ ،‬مصمحة الدكلة طالبة التسميـ‬
‫كمصمحة الشخص المطمكب تسميمو‪ ،‬فيككف لمسمطة القضائية حؽ فحص‬
‫الطمب‪ ،‬كيمنح الشخص المطمكب تسميمو كؿ الضمانات القانكنية لمدفاع‪ ،‬بشرط أف ال‬
‫تقحـ الدكلة المطمكب منيا التسميـ نفسيا في فحص كقائع الدعكل كتكتفي بما يرد إلييا‬
‫مف مستندات ككثائؽ مف الدكلة الطالبة‪ .‬كالتسميـ المختمط ىك األسمكب األكثر انتشا ار‬
‫حيث يمزج بيف مزايا النظاميف السابقيف‪.2‬‬

‫‪‌‌1‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ 11‬‬
‫‪‌‌2‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .9‬‬

‫‪74‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع الثاني‬

‫شركط كاجراءات تسميـ المجرميف‬

‫أكال‪ :‬شركط تسميـ المجرميف‬


‫أىمية شركط التسميـ تمكف في ككنيا تفصؿ حدكد العبلقة بيف الدكؿ األطراؼ‬
‫في عممية التسميـ‪ ،‬كتضع األحكاـ العامة التي عمى أساسيا سيتـ التسميـ مف‬
‫عدمو‪ ،‬كذلؾ متى تكافرت ىذه الشركط حاؿ البت في قرار التسميـ‪ ،‬كتكاد تتفؽ ىذه‬
‫الشركط في جميع حاالت التسميـ مف حيث العناصر‪ ،1‬أما مف حيث المكضكع فيي‬
‫محؿ خبلؼ بيف الدكؿ كذلؾ بحسب حاجتيا لمتسميـ‪ ،‬كاعتبارات المصالح الدكلية التي‬
‫تراعييا كؿ دكلة‪ ،‬كىي كالتالي‪:2‬‬

‫‪ .1‬الشركط المتعمقة بالجريمة‪:‬‬


‫أ‪ -‬التجريـ المزدكج‪:‬‬

‫يقصد بو أف يككف الفعؿ مجرما في كمتا الدكلتيف كال عبرة بالتكييؼ القانكني ليذه‬
‫الجريمة كشرط التسميـ المزدكج يحد أساسو في أف الدكلة طالبة التسميـ تيدؼ مف خبلؿ‬
‫طمبيا إلى محاكمة مف نسب إليو ارتكاب السمكؾ اإلجرامي أك تنفيذ العقكبة المحككـ بيا‬
‫عميو كىذا يفترض بداية أف السمكؾ لممجرـ في تشريعاتيا كاال كاف ال كجو لكجكد متابعة‬
‫جنائية أك تحريؾ دعكل عمكمية كمف ناحية أخرل ال يتصكر مطالبة دكلة ما تسميـ‬
‫شخص لتكقيع عقكبتو عمى سمكؾ غير مجرـ أساسا في قكانينيا العقابية كعمى ىذا‬

‫‪‌1‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.308‬‬
‫‪‌2‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .12‬‬

‫‪75‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫األساس تتبع الدكؿ في تحديد الجرائـ نظاـ الحصر كذلؾ بإعداد قائمة تدرج فييا عمى‬
‫سبيؿ الحصر الجرائـ المعنية بالتسميـ‪.1‬‬

‫ب‪ -‬درجة جسامة الجريمة‪:‬‬

‫حيث نجد أف بعض الدكؿ تشترط درجة معينة مف جسامة الجريمة أك اشتراط حد‬
‫أدنى مف العقكبة المكافقة ليذه الجريمة كفؽ تشريعاتيا الداخمية‪ ،‬حتى يقع التسميـ كىذا‬
‫الشرط بالذات كرد في بعض االتفاقيات الدكلية كما ىك عميو الحاؿ في المادة ‪ 2‬مف‬
‫المعاىدة النمكذجية بشأف تسميـ المجرميف كالمادة ‪ 24‬مف االتفاقية األكركبية لئلجراـ‬
‫المعمكماتي‪.2‬‬

‫‪ .2‬الشركط المتعمقة باألشخاص المطمكب تسميميـ‪:‬‬


‫أ‪ -‬عدـ جكاز تسميـ الرعايا‪:‬‬

‫لقد استقر الفقو الدكلي كمعظـ التشريعات الكطنية عمى مبدأ عدـ جكاز تسميـ‬
‫الرعايا الكطنييف إلى دكؿ أجنبية أيا كاف نكع الجريمة المتابعيف بيا كتككف الدكلة التي‬
‫ينتمي إلييا المتيـ أكلى بمحاكمتو كتكقيع العقكبة المناسبة كفقا لمبدأ شخصية القكانيف‪.3‬‬

‫ب‪ -‬عدـ جكاز تسميـ الالجئيف السياسييف‪:‬‬

‫مف المبادئ السائدة في أغمب التشريعات كاالتفاقيات الدكلية كاإلقميمية كالثنائية‬


‫المتعمقة بتسميـ المجرميف عدـ جكاز تسميـ ممنكحي حؽ المجكء السياسي‪.4‬‬

‫‪‌1‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .10‬‬
‫‪‌2‬محمد‌أرزقً‌عبالوي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .184‬‬
‫‪‌3‬نفس‌المرجع‌ص‌‪‌ .211‬‬
‫‪ٌ‌4‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ 165‬‬

‫‪76‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫ت‪ -‬عدـ جكاز تسميـ المحاكميف عمى ذات الجريمة‪:‬‬

‫كذلؾ إقرار المبدأ عدـ تكرار العقكبة عمى ذات المجرـ الذم أقرتو القكانيف‬
‫الكطن ية كأكدتو االتفاقيات فمتى كاف الشخص المطمكب تسميمو قد حككـ مف قبؿ عف‬
‫الجريمة المطمكب بتسميمو ألجميا تقتضي أنو إذا كاف ب أر أك قضى عقكبتو فإنو ال يجكز‬
‫تسميمو حتى ال يتعرض ىذا الشخص لعقكبة مزدكجة‪.1‬‬

‫ثبَيب‪ :‬إجشاءاث تسهيى انًجشييٍ‬


‫يقصد بإجراءات التسميـ تمؾ القكاعد ذات الطبيعة اإلجرائية التي اتخذتيا الدكؿ‬
‫األطراؼ في عممية التسميـ كفقا لقكانينيا الكطنية كتعيداتيا ألجؿ إتماـ عممية التسميـ‪.2‬‬

‫تختمؼ الدكؿ التي تأخذ بنظاـ التسميـ في القكاعد المتبعة في طمب التسميـ‬
‫كالنظر فيو‪ ،‬إال أف ىناؾ قكاعد ثابتة تجمع الدكؿ عمى األخذ بيا كتسعى إلى تحقيؽ‬
‫التكافؽ بيف المصالح العميا لمدكؿ األطراؼ في عممية التسميـ كما تعمؿ لتحقيؽ كافة‬
‫الضمانات اإلجرائية لمشخص المطمكب تسميمو‪ ،‬إذ لـ يعد محبل لمتسميـ كانما أصبح‬
‫طرفا لو مكانتو في معادلة التسميـ كقد اختمفت الدكؿ في كضع ىذه اإلجراءات منيا ما‬
‫ىك معقد كمنيا ما ىك بسيط كترتبط ىذ اإلجراءات ببعضيا البعض مف بداية عممية‬
‫التسميـ إلى نيايتيا‪ ،‬كيقكـ أساسيا عمى نصكص القانكف الداخمي كبنكد اإلتفاقات الدكلية‬
‫كيؤدم القانكف الداخمي الدكر األساسي في تنظيـ التسميـ‪.3‬‬

‫‪‌1‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .10‬‬
‫‪‌2‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .16‬‬
‫‪ ‌3‬ترؼب‌كل‌الدول‌فً‌وضع‌قانون‌داخلً‌ٌنظم‌تسلٌم‌المجرمٌن‌وتنص‌فٌها‌على‌القواعد‌األساسٌة‌العامة‌التً‌تنظم‌‬
‫التسلٌم‪‌،‬وهناك‌من‌الدول‌من‌وضعتها‌فً‌فانون‌مستقل‌ونالك‌من‌أدرجته‌فً‌القوانٌن‌الجنائٌة‌كما‌تنص‌كل‌إتفاقٌة‌‬
‫دولٌة‌على‌إخضاع‌اإلجراءات‌المتعلقة‌بالتسلٌم‌للتشرٌعات‌الداخلٌة‌الخاصة‌بالدولتٌن‌الطالبة‌والمطلوب‌منها‌التسلٌم‌‬
‫وهو‌ما‌نصت‌علٌه‌المادة‌‪‌24‬من‌إتفاقٌة‌بودابست‪‌ .‬‬

‫‪77‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫‪ .1‬إجراءات الدكلة طالبة التسميـ‪:‬‬

‫يعتبر طمب التسميـ األداة التي مف خبلليا تعبر الدكلة الطالبة صراحة عف‬
‫رغبتيا في استبلـ الشخص المطمكب فبدكنو ال يمكف أف ينشأ الحؽ في التسميـ كاألصؿ‬
‫أف يككف كتابة‪ ،1‬حيث أنو ال يجكز أف يقدـ ىذا الطمب شفاىة غير مكتكب كأف يرسؿ‬
‫برقيا أك تمغرافيا أك عف أية طريؽ االتصاؿ اإللكتركني‪ ،‬إال في حاالت معينة تتميز‬
‫بصفة االستعجالي كعمى سبيؿ االستثناء‪ ،2‬كيرفؽ عادة بطمب التسميـ مجمكعة مف‬
‫المستندات الدالة عمى ارتكاب الشخص المطمكب بتسميمو لمجرـ محؿ التسميـ كيشترط‬
‫أف تككف كؿ الكثائؽ المكقعة مف الجيات الرسمية مف طرؼ بعض الدكؿ‪ ،‬بينما تكتفي‬
‫بيا الدكؿ األخرل لكركدىا عف الطريؽ الدبمكماسي بينما لـ تشترط ذلؾ المعاىدة‬
‫النمكذجية لتسميـ الجرميف في المادة السادسة منيا‪ ،3‬كما يتـ تقديـ مكاصفات الشخص‬
‫المطمكب تسميمو كالتي مف شأنيا إعانة أجيزة الدكلة المطالبة بالتسميـ عمى تعقب‬
‫الشخص المطمكب كالقبض عميو‪.4‬‬

‫‪ .2‬إجراءات الدكلة المطمكب منيا التسميـ‪:‬‬

‫تخضع أساليب الفحص في طمبات التسميـ إلى األنظمة القانكنية لدل الدكؿ‬
‫المطمكب منيا التسميـ‪ ،‬مع األخذ بعيف اإلعتبار اإللتزامات الدكلية لكؿ منيا كمراعاة‬
‫مصالحيا السياسية في ظؿ تشريعاتيا الكطنية‪.‬‬

‫‪‌ 1‬تنص ‌المادة ‌‪‌ 702‬من ‌قانون ‌اإلجراءات ‌الجزائٌة ‌الجزائري‪ٌ"‌ :‬وجه ‌طلب ‌التسلٌم ‌بالطرٌق ‌الدبلوماسً‌‬
‫وٌرفق‪‌ "......‬‬
‫‪‌ 2‬راجع ‌نص ‌المادة ‌‪‌ 6‬والمادة ‌‪‌ 7‬من ‌اتفاقٌة ‌تسلٌم ‌المجرمٌن ‌الموقعة ‌بٌن ‌الجزائر ‌وإٌران ‌فً ‌طهران ‌بتارٌخ‌‬
‫‪‌ 2003/10/19‬والمصادق‌علٌها‌بالمرسوم‌الرئاسً‌رقم‌‪‌ 113/06‬الصادر‌فً‌‪‌ 2006/03/11‬الجرٌدة‌الرسمٌة‌‬
‫رقم‌‪‌16‬سنة‌‪‌ .2006‬‬
‫‪‌3‬محمد‌أرزقً‌عبالوي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .255‬‬
‫‪‌4‬جمٌل‌عبد‌الباقً‌الصؽٌر‪‌،‬الجوانب‌اإلجرائٌة‌للجرائم‌المتعلقة‌باألنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .88‬‬

‫‪78‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫تحدد قكاعد الفصؿ في طمبات التسميـ في النظاـ القانكني اإلجرائي المتبع في‬
‫كؿ دكلة‪ ،‬بناء عمى األنظمة الثبلثة المعركفة في تحديد السمطات التي تككف مختصة‬
‫في المكضكع‪.‬‬

‫مف الدكؿ مف تأخذ مف النظاـ اإلدارم كمنيا مف تأخذ بالنظاـ القضائي‪ ،‬كتكجد‬
‫مف تأخذ بالنظاـ المختمط كما يمي‪:‬‬

‫أ‪‌ -‬النظاـ اإلدارم‪ :‬يعيد فصؿ طمب التسميـ كالفصؿ فيو إلى السمطة التنفيذية‬
‫إستنادا إلى اإلتفاؽ الدبمكماسي السابؽ‪ ،‬فيك في نطاؽ أعماؿ السمطة التنفيذية‪ ،‬فقد‬
‫يرسؿ إلى كزير الداخمية أك كزير العدؿ كقد تكمؼ بو لجنة خاصة عمى مستكل‬
‫الك ازرة‪ ،‬أك يسند األمر إلى النائب العاـ‪.1‬‬

‫ىناؾ مف فقياء القانكف الجنائي مف يؤيد إتباع ىذا النظاـ منيـ ‪Donnadieu‬‬
‫‪ ،de Vabres‬كيرل أف إسناد مكضكع تسميـ المجرميف إلى السمطة التنفيذية لككنو‬
‫عمبل مف أعماؿ السيادة‪.2‬‬

‫ب‪‌-‬النظاـ القضائي‪ :‬تعيد ميمة الفحص كالبت في طمب التسميـ في طمب ىذا‬
‫النظاـ إلى الييئات القضائية في الدكلة المطمكب منيا التسميـ بعد تمقييا الطمب سكءا‬
‫عف الطريؽ الدبمكماسي أك مباشرةن عف طريؽ السمطات القضائية التي تقكـ ‪-‬بعد‬
‫اتصاليا بالطمب مرفقا المستندات كالكثائؽ البلزمة‪ -‬بإصدار أمر إيداع بعد تكقيؼ‬
‫الشخص المبحكث عنو كالمطمكب في التسميـ‪ ،‬ثـ تنظر بعد ذلؾ في األدلة المقدمة كنكع‬
‫الجريمة المنسكبة إلى المتيـ كتككف ميمة الفحص عف طريؽ ىيئة قضائية في ظؿ‬
‫جمسات يحضرىا كؿ األطراؼ‪ ،‬تصدر ق ار ار إما بقبكؿ طمب التسميـ إذا تكفرت الشركط‬

‫‪‌1‬محمد‌أرزقً‌عبالوي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .274‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Donnadieu de Vabres, les principes modernes du droit international, 1928,‬‬
‫‪cours 01 de doctorat, 1942-1943, p 250.‬‬

‫‪79‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫القانكنية أك ق ار ار بالرفض إذا تخمؼ شرط مف الشركط المطمكبة طبقا لتشريع كؿ دكلة‬
‫تأخذ بيذا النظاـ‪.1‬‬
‫ج‪‌ -‬النظاـ المزدكج‪ :‬بعد اإلنتقادات المكجية لكؿ مف النظاميف السابقيف إتجو‬
‫الفقو كالتشريع إلى الجمع بيف مزايا النظاميف كتكحيدىما في نظاـ كسط‪ ،‬يحقؽ التكازف‬
‫بيف مصمحتي الدكلة طالبة التسميـ‪ ،‬كالشخص المطمكب تسميمو إذا يبدأ إداريا كينتيي‬
‫باستشارة الييئات القضائية ال بحكـ قضائي كىناؾ مف أطمؽ عميو اسـ نظاـ التدخؿ‬
‫اإلستشارم لمسمطة القضائية حيث يبدأ بتسميـ الطمب كالكثائؽ المرفقة مف طرؼ السمطة‬
‫التنفيذية ممثمة في ك ازرة الخارجية التي تدرسو كتحكلو إلى ك ازرة العدؿ ألف القانكف يخكؿ‬
‫ليا حؽ التدخؿ كسمطة قضائية تفحص طمبات التسميـ عف طريؽ ىيئة قضائية مختصة‬
‫كتختمؼ الدكؿ في تعييف الييئة القضائية المختصة في دراسة الممؼ‪.‬‬

‫مف الدكؿ التي تأخذ بيذا النظاـ إيطاليا كالمغرب كتكنس كالجزائر‪ ،‬بينما تتجو‬
‫غالبية الدكؿ العربية إلى األخذ بالنظاـ اإلدارم‪.‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫مظاىر التعاكف الدكلي في مجاؿ تسميـ المجرميف‬


‫ظيرت العديد مف المعاىدات كاالتفاقيات بشأف تسميـ المجرميف فيناؾ اتفاقية‬
‫البمداف األمريكية لتسميـ المجرميف ‪ 1981‬في إطار منظمة الدكؿ األمريكية‪ ،‬ككذلؾ‬
‫اتفاقية جامعة الدكؿ العربية لتسميـ المجرميف ‪ ،1952‬كىناؾ االتفاقية األكركبية المتعمقة‬
‫بتسميـ المجرميف ‪ ،21957‬كبركتكككالتيا اإلضافية (‪ ،)1978-1975‬كذلؾ اتفاقية‬

‫‪‌1‬من‌الدول‌التً‌تطبق‌هذا‌النظام‌فرنسا‌بعد‌صدور‌هذا‌القانون‌‪‌1927/03/11‬وبرٌطانٌا‪‌،‬الهند‪‌،‬الوالٌات‌المتحدة‌‬
‫األمرٌكٌة‌ودول‌أمرٌكا‌الالتٌنٌة‪‌ .‬‬
‫‪‌ 2‬كانت ‌تضم ‌كل ‌من ‌المملكة ‌األردنٌة ‌الهاشمٌة‪‌ ،‬المملكة ‌العراقٌة‪‌ ،‬المملكة ‌العربٌة ‌السعودٌة‪‌ ،‬المملكة ‌المصرٌة‪‌،‬‬
‫الجمهورٌة‌السورٌة‪‌،‬والجمهورٌة‌اللبنانٌة‪‌،‬وتضمنت‌اإلتفاقٌة‌‪‌22‬مادة‌وضعت‌القواعد‌العامة‌لتسلٌم‪‌،‬كما‌تم‌التوقٌع‌‬

‫‪80‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫المنظمة المشتركة إلفريقيا كمدغشقر ‪ ،11961‬كمعاىدة تسميـ المجرميف كالمساعدات‬


‫المتبادلة في المسائؿ الجنائية ‪ 1961‬الخاصة ببمداف البينكلكس‪ ،‬كما يكجد نكع آخر مف‬
‫مظاىر التعاكف الدكلي في مجاؿ تسميـ المجرميف يتمثؿ في االعتراؼ المتبادؿ بأكامر‬
‫القبض أك الحبس أك التكقيؼ بيف الدكؿ‪.‬‬

‫تجدر المبلحظة إلى أف بعض اإلتفاقيات اتسمت بالتكتؿ كتكاد تنحصر في‬
‫مجمكعات مف الدكؿ المتقاربة في المغة كالثقافة كالحدكد الجغرافية كتجمعيا كحدة‬
‫المصالح اإلجتماعية كاإلقتصادية كقد أدت ىذه العكامؿ إلى تسييؿ اإلتفاؽ في شركطو‬
‫المكضكعية كاإلجرائية بما يناسب ظركفيا كمصالحيا السياسية‪ ،‬كمف ىذه المجمكعات‬
‫مجمكعة الدكؿ األكركبية كجامعة الدكؿ العربية كاإلتحاد المغاربي‪.‬‬

‫كما ال ننسى دكر منظمة األمـ المتحدة في إطار التعاكف الدكلي في محاربة‬
‫الجريمة كمعاممة المجرميف كالتصدم لظاىرة اإلجراـ المنظـ كدفع اإلىتماـ الدكلي منذ‬
‫المؤتمر المنعقد بجنيؼ سنة ‪ ،1955‬كالذم بدأ يدرس أشكاؿ كأبعاد اإلجراـ عمى‬
‫الصعيديف الكطني كغير الكطني كأض ارره كخطكرتو المؤثرة عمى المؤسسات االقتصادية‬
‫كاإلجتماعية كالسياسية‪ ،‬حيث صدرت تكصيات مف طرؼ الجمعية العامة مف جممتيا‬
‫البلئحة رقـ ‪ ،116/45‬كالتي تبنت فيو المعاىدة النمكذجية لسميـ المجرميف كأدركت‬
‫بذلؾ أىمية تطكير المعاىدات الثنائية كاإلتفاقيات المتعددة األطراؼ في نطاؽ التسميـ‬
‫في ظؿ القانكف الجنائي الدكلي‪ ،‬كلتجسيد فعالية التعاكف الدكلي لمحاربة اإلجراـ‪.‬‬

‫كما كانت ترمي ىذه الق اررات كالمكائح إلى مساعدة الدكؿ في التفاكض بشأف‬
‫االتفاقيات الثنائية التي تيدؼ إلى تحسيف التعاكف في األمكر المتعمقة بمنع الجريمة‬

‫على ‌االتفاقٌتٌن ‌ الخاصتٌن ‌باإلنابة ‌القضائٌة ‌وتنفٌذ ‌األحكام ‌فً ‌المجال ‌المدنً ‌والتجاري ‌وشق ‌الدعوة ‌المدنٌة ‌فً‌‬
‫المجال‌الجزائً‪‌ .‬‬
‫‪‌ 1‬تحولت ‌منظمة ‌الوحدة ‌اإلفرٌقٌة ‌التً ‌أنشأت ‌بتارٌخ ‌‪‌ 1963/3/25‬إلى ‌اإلتحاد ‌اإلفرٌقً ‌الذي ‌أقرته ‌الدول ‌‪‌35‬‬
‫الموقعة‌على‌الوثٌقة‌التأسٌسٌة‌لإلتحاد‌اإلفرٌقً‌فً‌لومً‌بالطوؼو‌بتارٌخ‌‪‌ ‌.2000/07/11‬‬

‫‪81‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كالعدالة الجنائية‪ ،‬كما أصدرت الجمعية العامة لؤلمـ المتحدة الئحة رقـ ‪ 88/52‬سنة‬
‫‪ 1997‬تتعمؽ بالمساعدة المتبادلة في تسميـ الجرميف كأحكاـ تكميمية لممعاىدة النمكذجية‬
‫بشأف تسميـ المجرميف‪ ،‬ككاف ذلؾ كمو في مجاؿ تطكير نظاـ التسميـ‪.1‬‬

‫المطمب الثالث‬

‫التعاكف الدكلي في مجاؿ التدريب‬


‫لقد أثبت الكاقع العممي أف النصكص القانكنية الحالية تقؼ عاجزة أماـ التقدـ‬
‫اليائؿ كالتطكر المستمر لتكنكلكجيا المعمكمات كاالتصاالت كبالتالي فإف النصكص‬
‫القانكنية العقابية تكشؼ عف تصكر في مكافحة جريمة االنترنت لذا تكجب عمى الدكؿ‬
‫أف تسف تدريبات كتتخذ إجراءات تكاكب ىذا التسارع نظ ار لما تتسـ بو جرائـ المعمكماتية‬
‫مف تنكع كتجدد في األساليب اإلجرامية ككذا سرعة تنفيذىا كامتداد آثارىا كحتى القدرة‬
‫عمى إخفائيا كمحك آثارىا‪.‬‬

‫بالتالي فإف ىذا النمط مف الجرائـ أصبح يشكؿ عبئا ثقيبل عمى عاتؽ جميع‬
‫األجيزة األمنية الحككمية ككذا مختمؼ مستكيات أجيزة العدالة‪.‬‬

‫كليذه األسباب كاف لزاما عمى تمؾ األجيزة أف تككف عمى قدر كبير مف‬
‫المسؤكلية كالكفاءة لمكشؼ عف ىاتو الجرائـ كمبلحقة مرتكبييا فكفاءة رجاؿ العدالة تعد‬
‫عامبل حاسما في مكاجية ىذه الظكاىر المستحدثة كالتصدم ليا كىذا األمر ال يتحقؽ‬
‫دكف المركر عمى عمميات تدريب كتككيف ترفع مف قدرات العامميف بياتو األجيزة‬
‫كتؤىميـ لتحقيؽ أىدافيـ بفعالية‪.2‬‬

‫‪‌ 1‬الئحة‌الجمعٌة‌العامة‌رقم‌‪‌88/52‬الصادرة‌فً‌‪‌،1997/12/12‬الدورة‌‪‌،52‬الفقرة‌‪‌ 6‬المجلد‌األول‌الملحق‌رقم‌‬


‫‪‌،49‬وثائق‌األمم‌المتحدة‌‪‌،1998‬ص‌‪‌279‬وما‌بعدها‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌11‬‬

‫‪82‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫عميو سكؼ نتطرؽ في ىذا المطمب إلى التدريب كأىميتو في مكافحة الجرائـ‬
‫المتعمقة بشبكة االنترنت كمظاىر التعاكف الدكلي في مجاؿ تدريب رجاؿ العدالة‬
‫الجزائية‪.‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫التدريب كأىميتو في مكافحة الجرائـ المتعمقة بشبكة االنترنت‬


‫التدريب يعد جزءا مف عممية التنمية اإلدارية كىك ييتـ بالدرجة األكلى بالكفاءة‬
‫كالفعالية في انجاز العمؿ‪ ،1‬مف ىنا فقد حرصت العديد مف المنظمات العامة كالخاصة‬
‫عمى العناية بو‪ ،‬باعتباره أحد األدكات األساسية لرفع مستكل األداء كزيادة الكفاءة‬
‫اإلنتاجية كاعداد العامميف عمى اختبلؼ مستكياتيـ لمقياـ بكاجبات أعماليـ كالمياـ‬
‫المككمة إلييـ عمى خير كجو‪.2‬‬

‫كعميو أصبح ينظر لمتدريب عمى أنو كسيمة لبلستثمار الذم تمجأ إليو المنظمات‬
‫اإلدارية لتحقيؽ أىدافيا باعتباره عنص ار حيكيا ال بد منو لبناء الخبرات كالميارات‬
‫المتجددة‪.3‬‬

‫كالكاقع أف التدريب أصبح يمعب دك ار ىاما في حياة اإلنساف في عصرنا‬


‫الحاضر حيث تبدكا أىميتو كضركرتو في أنو مف ناحية يعد الكسيمة الفعمية كالتطبيقية‬
‫الناجحة كالمؤثرة التي تكفؿ االستفادة مف ميارات كتجارب اآلخريف مف خبلؿ أشخاص‬
‫أكفاء مؤىميف كقادريف عمى نقؿ ىذه التجارب كتمؾ الميارات بكسائؿ سيمة ميسرة‪ ،‬كما‬
‫أنو يعد مف ناحية أخرل الكسيمة المبلئمة كالفعالة لكضع المعارؼ العممية مكضع‬

‫‪‌1‬أنظر‌المادة‌‪‌29‬من‌إتفاقٌة‌األمم‌المتحدة‌لمكافحة‌الجرٌمة‌المنظمة‌عبر‌الوطنٌة‪‌،‬والمادة‌‪‌09‬من‌مشروع‌اإلتفاقٌة‌‬
‫العربٌة‌لمكافحة‌الجرٌمة‌المنظمة‌عبر‌الحدود‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌20‬‬
‫‪ٌ‌3‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌176‬‬

‫‪83‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫التطبيؽ الفعمي كالتعرؼ عمى األخطاء كالسمبيات التي يمكف أف يكشؼ التطبيؽ العممي‬
‫لمقكانيف كاألنظمة كالمكائح‪ ،‬ككضع الحمكؿ الكفيمة بتجنبيا‪.1‬‬

‫كتزد اد أىمية التدريب في الكقت الحاضر نظ ار لمتطكر التكنكلكجي الكبير الذم‬


‫يشيده العالـ اليكـ‪ ،‬كالتدريب المقصكد ىنا ليس التدريب التقميدم فحسب فبل يكفي أف‬
‫تتكافر لدل رجاؿ العدالة الجزائية الخمفية القانكنية أك أركاف العمؿ الشرطي كانما ال بد‬
‫مف إكسابيـ خبرة فنية في مجاؿ الجريمة المعمكماتية‪ ،2‬كىذه الخبرة الفنية ال تأتي دكف‬
‫تدريب تخصصي يراعي فيو العناصر الشخصية لممتدرب مف حيث تكافر الصبلحية‬
‫العممية كالقدرات الذىنية كالنفسية لتمقي التدريب‪ ،‬كيبلحظ ىنا أنو مف األسيؿ تدريب‬
‫متخصص في تكنكلكجيا المعمكمات كشبكات االتصاؿ بدال مف تدريب القائميف عمى‬
‫تنفيذ القانكف كرجاؿ الشرطة أك ممثمي اإلدعاء العاـ‪.3‬‬

‫كيذىب بعض الخبراء إلى أنو يجب أف تتكافر لدل المتدرب خبرة ال تقؿ عف‬
‫خمس سنكات في المجاالت ذات العبلقة بتكنكلكجيا المعمكمات كالبرمجة كتصميـ النظـ‬
‫كتحميميا كادارة الشبكات كعمميات الحاسب اآللي‪.4‬‬

‫كبالنسبة لممنيج التدريبي فيجب أف يشتمؿ عمى بياف بالمخاطر كالتيديدات كنقاط‬
‫الضعؼ كأماكف االختراقات لشبكة المعمكمات كأجيزة الحاسب اآللي مع ذكر لمفاىيـ‬
‫معالجة البيانات كتحديد نكعية كأنماط الجرائـ المعمكماتية‪ ،‬كبياف ألىـ الصفات التي‬
‫يتميز بيا المجرـ المعمكماتي‪ ،‬كالدكافع كراء ارتكاب الجرائـ المعمكماتية‪.‬‬

‫‪‌1‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .20‬‬
‫‪‌2‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.93‬‬
‫‪‌3‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .20‬‬
‫‪ٌ‌‌4‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌‌.177‬‬

‫‪84‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كفيما يتعمؽ بمنيج التحقيؽ فإنو ال بد كأف يشتمؿ عمى‪:1‬‬

‫‪ .1‬إجراءات التحقيؽ‬
‫‪ .2‬التخطيط لمتحقيؽ‬
‫‪ .3‬تجميع المعمكمات كتحميميا‬
‫‪ .4‬أساليب المكاجية كاالستجكاب‬
‫‪ .5‬مراجعة النظـ الفنية لمبيانات‬
‫‪ .6‬أساليب المعمؿ الجنائي‬

‫باإلضافة إلى ذلؾ ال بد كأف يشتمؿ عمى ما يتعمؽ بالتفتيش كالضبط ككيفية‬
‫استخداـ الحاسب اآللي كأداة المراجعة كالحصكؿ عمى أدلة االتياـ كما يخص المبلحقة‬
‫الدكلية كالتعاكف المشترؾ‪.‬‬

‫كفيما يخص التدريب فإنو ال بد كأف يراعي في البرنامج التدريبي نكعو كصفتو‬
‫كما إذا كاف رسميا مف خبلؿ حمقات دراسية أك حمقات نقاش حكؿ ىذا النكع المستحدث‬
‫مف الجرائـ كحمقات النقاش التي يمكف أف تثمر أفضؿ تدريب رسمي ىي تمؾ التي تكفؿ‬
‫تفاعؿ المشاركيف كتتضمف تحميبل لحاالت دراسية كاكتساب خبرة عممية في كيفية‬
‫التعامؿ مع الحاسب اآللي‪.2‬‬

‫كخبلصة القكؿ إف غرس كتطكير الثقافة الحاسكبية كسط رجاؿ القانكف‬


‫كالشرطة‪ ،‬كربطيا بالثقافة القانكنية كالشرطية التقميدية يكفؿ لؤلجيزة األمنية كلسمطات‬
‫التحقيؽ النجاح الباىر في مكاجية الجرائـ المعمكماتية‪.3‬‬

‫‪‌1‬خالد‌عٌاد‌الحلبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .191‬‬
‫‪‌2‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .21‬‬
‫‪ٌ‌3‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .179‬‬

‫‪85‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع الثاني‬

‫مظاىر التعاكف الدكلي في مجاؿ تدريب رجاؿ العدالة الجزائية‬


‫أجيزة العدالة في الكثير مف الدكؿ سيما الدكؿ النامية ليست لدييا تمؾ الجاىزية‬
‫لمكاجية الجرائـ المتعمقة بشبكة االنترنت كمثيبلتيا مف الجرائـ المستحدثة ذات التطكر‬
‫المستمر لعدة أسباب منيا االفتقار إلى المكارد الكافية مادية كانت أك بشرية‪ ،‬أك ألف‬
‫سمطات التحقيؽ لدييا محدكدة أك ألنو لدييا قكانيف كنظـ سبقيا الزمف أك قد تفتقر ألم‬
‫قكانيف لتتصدل بيا ليذه النكعية مف الجرائـ‪.‬‬

‫مف ىنا كألننا نعمـ أنو ما مف دكلة يمكنيا النجاح في مكاجية ىذه األنماط‬
‫المستحدثة بمفردىا دكف تعاكف كتنسيؽ مع غيرىا مف الدكؿ كانت الدعكة إلى ضركرة‬
‫كجكد تعاكف دكلي ليس فقط في مجاؿ المساعدات القضائية المتبادلة أك في مجاؿ‬
‫العدالة‪ ،‬فتدريب الككادر‬ ‫تسميـ المجرميف فحسب‪ ،‬كانما أيضا في مجاؿ تدريب رجاؿ‬
‫البشرية القائمة عمى إنفاذ القانكف ليس بذات المستكل في جميع الدكؿ كانما يختمؼ مف‬
‫دكلة ألخرل بحسب تقدـ الدكلة كرقييا‪ ،‬كلك أمعنا النظر في بعض الصككؾ الدكلية‬
‫كاإلقميمية لكجدنا أنيا دعت إلى ضركرة كجكد تعاكف بيف الدكؿ في مجاؿ التدريب كنقؿ‬
‫الخبرات فيما بينيا‪.1‬‬

‫كما ىك الحاؿ في المادة ‪ 29‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة‬


‫المنظمة عبر الحدكد الكطنية ‪ 2000‬ـ‪ ،‬كالمادة ‪ 9‬مف مشركع االتفاقية العربية لمكافحة‬
‫الجريمة المنظمة عبر الحدكد‪.‬‬

‫كالتعاكف الدكلي في مجاؿ تدريب رجاؿ العدالة عمى مكاجية الجرائـ المتعمقة‬
‫بشبكة االنترنت قد يككف بيف الدكؿ كأجيزة العدالة الجزائية لدييا‪ ،‬فعمى الصعيد العربي‬

‫‪‌1‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .22‬‬

‫‪86‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫نجد مثبل أنو ىناؾ اجتماعات تـ عقدىا في إطار التنسيؽ بيف المعاىد القضائية العربية‬
‫لتكفير التدريب كالتأىيؿ المناسبيف ألعضاء الييئات القضائية العربية‪.1‬‬

‫لقد تمخضت االجتماعات عف االتفاؽ عمى إعداد مشركع اتفاقية التعاكف بيف‬
‫المعاىد القضائية العربية تسمى اتفاقية عماف لمتعاكف العممي بيف المعاىد القضائية‬
‫العربية كالتي كقعت في ‪ 9‬إبريؿ ‪ 1997‬ـ‪ .‬كفي جميكرية مصر العربية نجد أف النيابة‬
‫العامة تعقد الكثير مف الندكات كالمؤتمرات كحمقات النقاش كتشارؾ فييا سكاء عقدت‬
‫داخؿ مصر أك خارجيا‪ ،‬باإلضافة إلى أنو يتـ إرساؿ أعضاء النيابة في مختمؼ‬
‫الدرجات في برامج خارجية كذلؾ بالتعاكف مع أجيزة النيابة العامة في الدكؿ األخرل‬
‫كالييئات الدكلية بيدؼ اإلطبلع عمى أحدث النظـ المقارنة‪.2‬‬

‫كقد يتـ أيضا‪ ،‬مف خبلؿ عقد ندكات كمؤتمرات أك كرش العمؿ الجماعي‬
‫متخصصة في مكاجية تمؾ الجرائـ تعقد عمى المستكل الدكلي أك عمى المستكل‬
‫اإلقميمي‪ ،‬حيث تقدـ ىذه الفعاليات العممية مف أبحاثيا كدراستيا كمكضكعات محاكرىا‬
‫الضكء عمى المستجدات المتعمقة بالجرائـ المستحدثة مف خبلؿ تحميؿ كمناقشة أبعادىا‬
‫بعقمية ناجحة مما يمكف المعنييف بالكقاية كمكافحة ىذه الجرائـ مف التعرؼ عمى أساليب‬
‫ارتكابيا كأخطارىا ككسائؿ الكقاية كالمكافحة بأساليب تتناسب كتفكؽ أساليب ككسائؿ‬
‫مرتكبييا‪ ،‬كعمى ىامش ىذه المؤتمرات أك الندكات أك كرش العمؿ الجماعي تعقد‬
‫المقاءات كتبادؿ اآلراء كالخبرات‪ ،‬كتمثؿ كافة ىذه المقاءات كحمقات المناقشة كسيمة‬

‫‪ٌ‌1‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌181‬‬
‫‪‌2‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌22‬‬

‫‪87‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫طيبة لمحكار كالمناقشة كالتشاكر لمتعارؼ كتبادؿ الرأم كالخبرة كطرح األفكار كالتصكرات‬
‫كتدارس سبؿ تنمية كتشجيع التعاكف فيما بيف األطراؼ‪.1‬‬

‫خبلصة القكؿ أنو ما مف دكلة يمكنيا مجابية ىذا التحدم‪ ،‬كمكاجية ىذه‬
‫األنماط المستحدثة مف الجرائـ كمنيا الجرائـ الناشئة عف استخداـ شبكة االنترنت‬
‫بمفردىا‪ ،‬كال مفر مف عمؿ أجيزة تطبيؽ القانكف في أنحاء العالـ عمى تطكير التعاكف‬
‫الدكلي في المجاؿ التدريبي‪ ،‬كال مفر لمدكؿ المتقدمة مف مساعدة الدكؿ النامية لتعزيز‬
‫مؤسساتيا المتخصصة بالتحرم كالتحقيؽ كالمحاكمة‪ ،‬مف خبلؿ تكفير التدريب كسائر‬
‫أنكاع المعكنة التقنية‪.‬‬

‫المطمب الرابع‬

‫الجيكد األمنية كالتقنية لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬


‫لقد أصبحت الجرائـ المعمكماتية كاحدا مف التحديات التي تحرص األجيزة األمنية‬
‫في مختمؼ الدكؿ عمى مكاجيتيا كالتصدم ليا بكؿ حزـ بعد أف تزايدت بصكرة كاضحة‬
‫في اآلكنة األخيرة‪ ،‬نتيجة تزايد إستخداـ التكنكلكجيا الحديثة في مختمؼ المجاالت‪ ،‬كىك‬
‫ما يحتـ عمى ىاتو األجيزة العمؿ بشكؿ متكاصؿ عمى مكاكبة مختمؼ التطكرات التقنية‬
‫في مجاؿ مكافحة الجرائـ المعمكماتية بحيث تككف قادرة عمى مكاجية مختمؼ ىاتو‬
‫الجرائـ‪ ،‬كرصد مرتكبييا كتتبعيـ عمى كجو السرعة‪.‬‬

‫‪ٌ‌1‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .181‬‬

‫‪88‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع األكؿ‬

‫الجيكد األمنية‬
‫كما سبؽ كذكرنا تتصؼ الجريمة اإللكتركنية بأنيا عابرة لمحدكد كيمكف أف‬
‫يتعدل أثرىا لعدة دكؿ‪ ،‬لذلؾ البد مف كجكد تعاكف دكلي كاقميمي أمني مف أجؿ مكافحة‬
‫ىذا النكع مف اإلجراـ كاستحداث المنظمة الدكلية لمشرطة الجنائية "االنتربكؿ كالتي‬
‫تطرقنا ليا سابقا حيث تعد البدايات األكلية لمتعاكف الدكلي الشرطي كأىـ صكره‪ ،‬كما أف‬
‫ىناؾ العديد مف األساليب األخرل التي تجسد ىذا التعاكف نذكر منيا‪:1‬‬

‫أكال‪ :‬مركز الشرطة األكركبية "األكركبكؿ"‬


‫كىك جياز عمى مستكل اإلتحاد األكركبي‪ ،‬مقره في مدينة "الىام" بيكلندا‪ ،‬كقد‬
‫تـ إنشاء األكركبكؿ مف قبؿ المجمس األكركبي في لكسمبكرغ عاـ ‪ 1991‬ليككف بمثابة‬
‫حمقة كصؿ بيف الشرطة الكطنية في مختمؼ الدكؿ األعضاء بيدؼ تسييؿ عممية‬
‫المبلحقة لمجرائـ العابرة لمحدكد‪ .‬كلؤلكركبكؿ دكر فعاؿ في مكافحة الجرائـ اإللكتركنية‬
‫حيث يقكـ مثبل بالتحقيقات المتعمقة بامتبلؾ المكاقع اإلباحية كنشرىا عبر االنترنت في‬
‫الدكؿ األكركبية‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬األكرجست‬
‫ىك جياز يعمؿ عمى المستكل األكركبي إلى جانب األكركبكؿ في مجاؿ مكافحة‬
‫جميع أنكاع الجرائـ‪ ،‬كينعقد اختصاصو عندما تمس الجريمة دكلتيف عمى األقؿ مف‬
‫الدكؿ األعضاء في اإلتحاد األكركبي‪ ،‬أك دكلة عضك مع دكلة مف دكؿ العالـ الثالث‪،‬‬
‫أك دكلة عضك مع الرابطة األكركبية‪ ،‬كيشمؿ ىذا االختصاص األفراد كالمؤسسات عمى‬

‫‪‌1‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .148‬‬
‫‪‌2‬محمد‌طارق‌عبد‌الرؤوؾ‌الحن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .240‌،239‬‬

‫‪89‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫حد سكاء‪ ،‬كيعد األكرجست بمثابة الدعامة الفعالة في مجاؿ التحقيقات كالمطاردات التي‬
‫تقكـ بيا السمطات القضائية الكطنية كخصكصا فيما يتعمؽ باإلجراـ اإللكتركني‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬شنجف‬
‫إلى جانب األكركبكؿ كاألكرجست‪ ،‬تـ إنشاء فضاء جماعي ال حدكد لو‪ ،‬أطمؽ‬
‫عميو اسـ شنجف ‪ Schengen‬ىك اسـ مأخكذ مف االتفاقية المكقعة في عاـ‬
‫‪ ،21985‬كقد استحدثت ىذه االتفاقية كسيمتيف جديدتيف لتعزيز التعاكف الشرطي‬
‫األكركبي في مكاجية التحديات الجديدة كمنيا الجريمة اإللكتركنية ىما‪ :‬مراقبة المشتبو‬
‫بيـ عبر الحدكد‪ ،3‬كمبلحقة المجرميف‪.4‬‬

‫رابعا‪ :‬مجمس كزراء الداخمية العرب‬


‫حيث أنشأ ىذا األخير المكتب العربي لمشرطة الجنائية بيدؼ تأميف كتنمية‬
‫التعاكف بيف أجيزة الشرطة في الدكؿ األعضاء في مجاؿ مكافحة الجريمة كمبلحقة‬
‫المجرميف في حدكد القكانيف كاألنظمة المعمكؿ بيا في كؿ دكلة باإلضافة إلى تقديـ‬
‫المعكنة في مجاؿ دعـ كتطكير أجيزة الشرطة في الدكؿ األعضاء‪ ،‬حيث أكصى ىذا‬
‫المجمس عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر بكجكب كحتمية محاربة الجريمة العابرة لمحدكد‬

‫‪‌1‬محمد‌طارق‌عبد‌الرؤوؾ‌الحن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .240‬‬
‫‪‌ 2‬من‌الدول‌التً‌وقعت‌معاهدة‌شنجن‌سنة‌‪‌:1985‬بلجٌكا‪‌،‬فرنسا‪‌،‬لوكسمبورغ‪‌،‬هولندا‪‌،‬ألمانٌا‌ودخلت‌حٌز‌التنفٌذ‌‬
‫فً‌‪‌ .1995/03/26‬‬
‫‪‌ 3‬لقد ‌حددت ‌المادة ‌‪‌ 7‬من ‌معاهدة ‌شنجن ‌الجرائم ‌التً ‌ٌجوز ‌لمأمور ‌الضبط ‌القضائً ‌ان ‌ٌتجاوز ‌فً ‌بحثه ‌عنها‌‬
‫ومراقبة‌المشتبه‌فً‌ارتكابها‌حدود‌دولته‪‌،‬وتتمثل‌فً‌القتل‌العمد‪‌،‬االؼتصاب‪‌،‬الحرٌق‌العمد‪‌،‬تزوٌر‌العملة‪‌،‬السرقة‌‬
‫المشددة‪‌،‬اإلخفاء‌القسري‪‌،‬جرائم‌الخطؾ‌وأخذ‌الرهائن‪‌،‬اإلتجار‌فً‌األشخاص‪‌،‬اإلتجار‌فً‌المخدرات‪‌،‬والمؤثرات‌‬
‫العقلٌة‪‌،‬الجرائم‌المتعلقة‌باألسلحة‌والمتفجرات‌ونقل‌النفاٌات‌السامة‌أو‌الضارة‌بطرق‌ؼٌر‌مجروعة‪‌ .‬‬
‫‪‌ 4‬قصرت ‌المادة‌‪‌ 41‬من‌معاهدة‌شنجن‌مجال‌تطبٌقها‌على‌حالتٌن‌فقط‪‌،‬نظرا‌لما‌تمثله‌من‌قٌد‌واضح‌على‌مبدأ‌‬
‫السٌادة‌الوطن ٌة‪‌،‬تتمثل‌هاتان‌الحالتان‌فً‪‌:‬حالة‌التلبس‌بإحدى‌الجرائم‌الجسٌمة‌المحددة‌فً‌هذه‌المادة‌على‌سبٌل‌‬
‫الحصر‪‌،‬وفً‌حالة‌هرب‌شخص‌محبوس‪‌،‬حٌث‌تجٌز‌اإلتفاقٌة‌فً‌الحالتٌن‌لرجل‌الشرطة‌أن‌ٌتجاوز‌حدود‌دولته‌‬
‫لمالحقة‌المجرم‌على‌إقلٌم‌دولة‌أخرى‌طرؾ‌فً‌اإلتفاقٌة‌دون‌تصرٌح‌مسبق‌منها‪‌،‬راجع‌نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌‬
‫سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .63‬‬

‫‪90‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كالجريمة السيبرانية كذلؾ بإلزامية تظافر المجيكدات العربية في ىذا المجاؿ في اختتاـ‬
‫أشغاؿ المؤتمر ‪ 36‬المنعقد في الجزائر بتاريخ ‪ 10‬ديسمبر ‪.12012‬‬

‫خامسا‪ :‬المنظمة العربية لمكافحة جرائـ المعمكماتية كاالنترنت‬


‫المنظمة العربية لمكافحة جرائـ المعمكماتية كاالنترنت ىي منظمة عممية كمينية‬
‫غير حككمية ذات طابع عربي كاىتمامات قانكنية كاقتصادية معنية بتنظيـ األطر‬
‫القانكنية كاإلجرائية كالمؤسسية لمكافحة الجرائـ التي تتـ عبر االنترنت ككافة الجرائـ‬
‫المع مكماتية كتـ اإلتفاؽ عمى إنشاء منظمة عربية تحمؿ اسـ المنظمة العربية لمكافحة‬
‫جرائـ المعمكماتية كاالنترنت كأىـ أىداؼ ىذه المنظمة يتمثؿ في مكافحة كافة أشكاؿ‬
‫الجرائـ التي تقع ضد المعمكماتية في كافة أشكاليا(األجيزة كالبرامج كالشبكات‬
‫كالمعمكمات كالبيانات كاألمكاؿ ككسائؿ االتصاؿ كالجرائـ ضد السمعة كالجرائـ ضد‬
‫الشخصية) كالجرائـ ضد اإلنسانية كالجرائـ المكجية لؤلمف القكمي في كافة أشكاليا‬
‫كصكرىا كبالعمكـ مكافحة كافة الجرائـ التي يككف الحاسب أك االنترنت أداة مف أدكاتيا‬
‫أك ىدفا مف أىدافيا‪ ،‬كما تحرص عمى إعداد الدراسات كالبحكث حكؿ سبؿ مكافحة‬
‫جرائـ المعمكماتية ككافة الجرائـ التي تتـ عبر أك باستخداـ شبكة االنترنت أك الحاسكب‬
‫كالعمؿ عمى تشجيع البحث العممي في مجاؿ دراسة الجرائـ الناشئة عف استخداـ‬
‫االنترنت‪.‬‬

‫أما عمى المستكل المحمي فقد ظيرت العديد مف األجيزة لمكافحة اإلجراـ‬
‫اإللكتركني سكاء عمى صعيد الدكؿ األجنبية أـ عمى صعيد الدكؿ العربية مف بينيا‬
‫نذكر‪:‬‬

‫‪‌1‬محمد‌أرزقً‌عبالوي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .140‬‬

‫‪91‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫‪ .1‬الكاليات المتحدة األمريكية‪ :‬قامت الكاليات المتحدة األمريكية بإنشاء عدة‬


‫أجيزة لمكافحة اإلجراـ اإللكتركني منيا‪:1‬‬
‫أ‪ -‬شرطة الكاب ‪ :web police‬كىي نقطة مراقبة عمى االنترنت‪ ،‬إضافة إلى‬
‫أنيا تقكـ بتمقي الشكاكم مف مستخدمي الشبكة‪ ،‬كمبلحقة الجناة كالقراصنة كالبحث عف‬
‫األدلة ضدىـ كتقديميـ إلى المحاكمة مركز تمقي شكاكل جرائـ االنترنت ‪ IC 3‬كىك‬
‫اختصار لػ ‪ internet crime complaint center‬يخدـ ىذا المركز كعبر استمارة‬
‫لمشكاكل مرسمة عمى االنترنت كبكاسطة فريؽ مف المكظفيف كالمحمميف الجميكر كككاالت‬
‫فرض تطبيؽ القكانيف األمريكية كالدكلية التي تحقؽ في جرائـ االنترنت‪.‬‬

‫ىناؾ مجمكعة متنامية مف الككاالت الدكلية المنخرطة في محاربة جرائـ‬


‫االنترنت كيعمؿ مركز الشكاكل الخاصة بجرائـ االنترنت مع المسؤكليف عف تطبيؽ‬
‫القانكف في بمداف عديدة‪ ،‬بينيا استراليا كالمممكة المتحدة‪ ،‬كما يحضر ممثمك مركز‬
‫الشكاكل أيضا اجتماعات دكرية لممجمكعة الفرعية حكؿ جرائـ التكنكلكجيا المتقدمة‬
‫التابعة لمجمكعة الثماني (كندا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬ألمانيا‪ ،‬إيطاليا كالياباف كركسيا كالمممكة المتحدة‬
‫كالكاليات المتحدة) كيعمؿ قسـ مف ىذه المجمكعة الفرعية عمى محاربة جرائـ االنترنت‬
‫كتعزيز التحقيقات بشأنيا‪ .‬كمشركعا مركز الشكاكل الخاصة بجرائـ االنترنت ‪IC3‬‬
‫ككحدة مبادرات جرائـ االنترنت كدمج مكاردىا ‪ CIRFU‬ىما بمثابة عمؿ متطكر كمتقدـ‬
‫باستمرار‪ ،‬كأثناء ىذا التقدـ يراجع مكظفك كمحممك مركز الشكاكل ما أثبت نجاحو كما‬
‫ثبت فشمو مف إجراءات‪ ،‬كيسعكف باستمرار لتأميف مساعدة الخبراء كالمصادر التي‬
‫تزكدىـ بمعمكمات استخباراتية ليصبحكا أكثر فطنة بخصكص جرائـ االنترنت‪ ،‬كلكي‬

‫‪‌1‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .110‬‬

‫‪92‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫يتعممكا كيؼ يمكنيـ محاربتيا بصكرة فع الية فيذه ىي ميمة مركز الشكاكل الدائمة التي‬
‫ال تتغير‪.1‬‬

‫ب‪ -‬نيابة جرائـ الحاسكب كاالتصاالت ‪ :CTC2‬كتتألؼ مف مجمكعة مف قضاة‬


‫النيابة العامة الذيف تمقكا تدريبات مكثفة عمى نظـ المعالجة اآللية لمبيانات‪ ،‬كتـ منحيـ‬
‫صبلحيات كاسعة في مجاؿ االستعانة بغيرىـ مف خبراء ك ازرة العدؿ‪ ،‬السيما قسـ جرائـ‬
‫الحاسكب كالعدكاف عمى حقكؽ الممكية الفكرية كىـ مرتبطكف بنظاـ تأىيمي كتدريبي‬
‫مستمر‪.‬‬
‫ت‪ -‬المركز الكطني لحماية البنية التحتية‪ :‬التابع لممباحث الفيدرالية األمريكية‬
‫كقد حدد ىذا المركز البنى التحتية التي تعتبر ىدفا لميجكمات كاالعتداءات عبر‬
‫االنترنت‪ ،‬كعمى رأسيا شبكات االتصاالت كالمصارؼ كغيرىا‪ .‬كاضافة إلى ىذه األجيزة‬
‫يكجد أيضا في الكاليات المتحدة كحدة متخصصة بمكافحة اإلجراـ المعمكماتي تابعة‬
‫لقسـ العدالة األمريكي‪ ،‬تتككف مف خبراء في نظـ الحكسبة كاالنترنت كمف مستشاريف‬
‫قانكنييف‪.3‬‬
‫‪ .2‬فرنسا‪ :‬قامت الحككمة الفرنسية بتخصيص أجيزة أمنية فعالة في مجاؿ‬
‫مكافحة اإلجراـ اإللكتركني فعمى المستكل المركزم ىناؾ مديرية الشرطة القضائية‬
‫كالمقسمة إلى عدة فركع منيا‪:4‬‬
‫اإلرىاب‬ ‫باألشخاص‪،‬‬ ‫«الماسة‬ ‫اإلجرامية‬ ‫بالقضايا‬ ‫خاص‬ ‫أ‪‌ .‬فرع‬
‫كالمصكصية‪ ،‬الجريمة المنظمة‪ ،‬المخدرات‪.»...‬‬

‫‪‌1‬جمٌل‌عبد‌الباقً‌الصؽٌر‪‌،‬الجوانب‌اإلجرائٌة‌للجرائم‌المتعلقة‌باألنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .77‬‬
‫‪‌-2‬وهو‌إختصار‌لـ‌ ‪computer and telecommunication coordinator‬‬
‫‌‬
‫‪‌3‬عبد‌هللا‌عبد‌الكرٌم‌عبد‌هللا‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.120‌،119‬‬
‫‪‌4‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .111‬‬

‫‪93‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫ب‪‌.‬فرع خاص بالقضايا االقتصادية كالمالية «قانكف األعماؿ‪ ،‬النصب‪ ،‬خيانة‬


‫األمانة‪ ،‬الغش المعمكماتي‪ ،‬التقميد‪ ،‬تزكير النقكد كغيرىا»‪.‬‬

‫كفي سنة ‪ 2006‬تـ إنشاء مديرتيف ىما‪:‬‬

‫ج‪ .‬المديرية الفرعية الخاصة بمكافحة الجريمة المنظمة كاإلجراـ المالي‪.‬‬


‫د‪‌.‬المديرية الفرعية الخاصة بمكافحة اإلرىاب‪.‬‬

‫في المديرية الفرعية األكلى الخاصة بمكافحة اإلجراـ المنظـ كاإلجراـ المالي‬
‫نجد بيا ثبلثة أقطاب متخصصة متكاممة فيما بينيا إذ نجد‪:‬‬

‫ق‪ ‌.‬قطب خاص بمكافحة الجريمة المنظمة كالعنؼ ضد األشخاص‪:‬‬


‫المصكصية‪ ،‬المتاجرة في األسمحة‪ ،‬المتاجرة في السيارات المسركقة‪ ،‬المخدرات‪ ،‬الفعؿ‬
‫المخؿ بالحياء ضد القصر‪.‬‬
‫ك‪‌.‬قطب خاص بمكافحة اإلجراـ المالي كحماية الممكية‪ :‬تزكير العممة‪ ،‬االتجار‬
‫الغير شرعي في التراث الثقافي‪ ،‬اإلجراـ المعمكماتي‪.‬‬
‫ز‪‌.‬قطب خاص بالتعاكف كالتنسيؽ كالتحميؿ العممياتي‪.‬‬

‫كبالقطب الثاني الخاص بمكافحة اإلجراـ المالي كحماية الممكية نجد الديكاف‬
‫الكطني لمكافحة اإلجراـ المرتبط بتكنكلكجيات اإلعبلـ كاالتصاؿ ‪C.L.C.T.I.C.O‬‬
‫أنشئ سنة ‪.2000‬‬

‫ح‪.‬الديكاف المركزم لمكافحة اإلجراـ المرتبط بتكنكلكجيات اإلعبلـ كاالتصاؿ‬


‫‪ :O.C.L.C.T.I.C‬تـ إنشاء ىذا الديكاف لتطبيؽ قانكف ‪ 5‬جانفي ‪ 1988‬المتعمؽ‬
‫باالعتداءات‪ ،‬أنظمة المعالجة اآللية لممعطيات‪ ،‬ليتـ مف خبلليا إنشاء شرطة قضائية‬
‫متخصصة في مجاؿ اإلعبلـ اآللي إذ نجد‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫ط‪‌.‬ا لفرقة المركزية لمكافحة اإلجراـ المعمكماتي‪ :‬تـ إنشائيا في سبتمبر سنة‬
‫‪.)BCRCI( 1994‬‬
‫م‪‌.‬فرقة مركزية لمكافحة التقميد الصناعي كالفني (‪.)BCRCIA‬‬

‫أنشئت سنة ‪ 1996‬كفرقة متخصصة لمعالجة القضايا اليامة في مجاؿ‬


‫التقميد الصناعي كالتجارم‪ ،‬الممكية الفكرية كالفنية‪ .‬إضافة إلى ذلؾ ىناؾ مصالح إقميمية‬
‫في مجاؿ مكافحة اإلجراـ اإللكتركني أىميا‪:‬‬

‫ؾ‪‌.‬فرقة األبحاث لمجرائـ تكنكلكجية اإلعبلـ (‪(BEFTI‬‬


‫ؿ‪‌.‬فرقة األحداث تختص في محاربة اإلجراـ ضد األحداث في مجاؿ اآلداب ضد‬
‫القصر عمى االنترنت‪ ،‬باإلضافة إلى تكاجد فرؽ متخصصة عمى مستكل الدرؾ الكطني‬
‫في مجاؿ مكافحة اإلجراـ اإللكتركني كتجدر اإلشارة إلى كجكد مصالح إدارية مكمفة‬
‫بمكافحة الجريمة اإللكتركنية كىذا عمى مستكل ك ازرة المالية حيث تكجد المديرية العامة‬
‫لممنافسة كاالستيبلؾ كمحاربة الغش ‪ DJCCRRF‬ككذا المديرية المركزية لتأميف‬
‫األنظمة المعمكماتية‪ ،‬إضافة إلى جمعيات تحسيسية لمكقاية مف ىذا النكع مف اإلجراـ‪.‬‬
‫‪ .3‬بريطانيا‪ :‬قامت السمطات البريطانية بتخصيص كحدة تضـ نخبة مف رجاؿ‬
‫الشرطة المتخصصيف في البحث كالتنقيب عف جرائـ االنترنت كالجرائـ الجنسية الكاقعة‬
‫عمى األحداث كالقرصنة كنشر الفيركسات كغيرىا‪ .‬كتضـ ىذه الكحدة نحك ‪ 80‬عنصر‬
‫عمى درجة عالية مف الكفاءة في المجاؿ التقني كقد بدأت ىذه الكحدة نشاطيا عاـ‬
‫‪ 2001‬كمركزىا لندف‪.1‬‬

‫‪ ‌ 1‬عبد ‌الفتاح ‌بٌومً ‌حجازي‪‌ ،‬مبادئ ‌اإلجراءات ‌الجزائٌة ‌فً ‌جرائم ‌الكومبٌوتر ‌واألنترنت‪‌ ،‬دار ‌الفكر‌‌‌‌‌‌‌‌‬
‫الجامعً‪‌،‬اإلسكندرٌة‪‌،2006‌،‬ص‌‪‌ .201‬‬

‫‪95‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫‪ .4‬اسبانيا‪ :‬قامت الحككمة اإلسبانية بتأسيس كحدة التحريات المركزية المعنية‬


‫باإلجراـ اإللكتركني كىي تعمؿ مع اإلدارة المركزية في ك ازرة الداخمية عمى مراقبة‬
‫مرتكبي ىذه الجرائـ كمبلحقتيـ‪.‬‬
‫‪ .5‬ىكنككنغ‪ :‬قامت بتأسيس ما يعرؼ بػ "قكة مكافحة قرصنة االنترنت كذلؾ في‬
‫كانكف األكؿ عاـ ‪ 1999‬كتمكنت ىذه القكة مف إلقاء القبض عمى ‪ 12‬شخص في ‪5‬‬
‫قضايا خبلؿ مدة ‪ 6‬أشير مف إنشائيا‪.1‬‬
‫‪ .6‬الصيف‪ :‬قامت بتأسيس ما يعرؼ بػ "القكة المضادة لمياكرز" كىي تختص برقابة‬
‫المعمكمات التي يسمح لمكاطنييا الدخكؿ إلييا عبر االنترنت‪.2‬‬
‫‪ .7‬اإلمارات العربية المتحدة‪ :‬لـ تقـ اإلمارات بإنشاء جياز خاص متخصص‬
‫بمكافحة الجرائـ اإللكتركنية كانما قامت بإحكاـ الرقابة عمى شبكة االنترنت عف طريؽ ما‬
‫يعرؼ بنظاـ الرقيب ‪ PROXY3‬الذم يقكـ بمراجعة الخدمات المقدمة عمى‬
‫الشبكة‪ ،‬فعندما يطمب المشترؾ الدخكؿ إلى مكقع ما‪ ،‬تصؿ اإلشارة إلى الرقيب الذم‬
‫يقكـ بدكره بمراجعة المكاقع الممنكعة أك المحظكرة‪ ،‬فإذا تبيف بأف المكقع المطمكب مف‬
‫ىذه المكاقع المحظكرة ال يستطيع المشترؾ الكلكج إليو‪.4‬‬
‫‪ .8‬األردف‪ :‬في عاـ ‪ 1988‬أنشأت األردف قسما خاصا بجرائـ الحاسكب تابعا‬
‫لمديرية األمف كيتعامؿ ىذا القسـ مع مختمؼ الجرائـ اإللكتركنية مف ذلؾ العاـ‪ ،‬كفي‬

‫‪‌1‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .107‬‬
‫‌‬
‫‪‌2‬منٌر‌محمد‌الجنبٌهً‌وممدوح‌محمد‌الجنبٌهً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.112‬‬
‫‪ ‌ 3‬نظام ‌البروكسً‪ٌ‌ :‬عمل ‌هذا ‌النظام ‌كوسٌط ‌بٌن ‌الشبكة ‌ومستخدمٌها ‌بحٌث ‌ٌضمن ‌مقدم ‌الخدمة ‌توفٌر ‌خدمات‌‬
‫الذاكرة ‌الجاهزة‌وتقوم ‌فكرته ‌على‌تلقً‌مزود ‌البروكسً‌طلبا ‌من ‌المستخدم ‌للبحث ‌عن ‌صفحة ‌ما ‌ضمن ‌الذاكرة‌‬
‫الجاهزة‪‌ ،‬فٌتحقق ‌البروكسً ‌فٌما ‌إذا ‌كانت ‌هذه ‌الصفحة ‌قد ‌تم ‌تنزٌلها ‌من ‌قبل ‌فٌقوم ‌بإرسالها ‌إلى ‌المستخدم ‌دون‌‬
‫الحاجة ‌إلى ‌إرسال ‌الطلب ‌إلى ‌الشبكة ‌العالمٌة‪‌ ،‬أما ‌إذا ‌لم ‌ٌتم ‌تنزٌلها ‌من ‌قبل ‌فٌتم ‌إرسال ‌الطلب ‌إلى ‌الشبكة‌‌‌‌‬
‫العالمٌة‪‌،‬وهنا‌ٌستخدم‌البروكسً‌أحد‌عناوٌن ‪‌،)internet protocol( IP‬ومن‌أهم‌مزاٌا‌هذا‌النظام‌أن‌الذاكرة‌‬
‫المتوفرة‌لدٌه‌ٌمكن‌أن‌تحتفظ‌بتلك‌العملٌات‌التً‌تمت‌علٌها‌مما‌ٌجعل‌دوره‌قوي‌فً‌اإلثبات‌عن‌طرٌق‌فحص‌تلك‌‬
‫العملٌات‌محفوظة‪‌ ‌.‬‬
‫‪‌4‬سعبدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .114‬‬

‫‪96‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫عاـ ‪ 2006‬تـ تأسيس جمعية خاصة باسـ «الجمعية األردنية لمحد مف جرائـ‬
‫المعمكماتية كاالنترنت» مركزىا عماف تيدؼ إلى تقديـ الدعـ العممي لممؤسسات كاألفراد‬
‫كتنمية الككادر البشرية في مجاؿ مكافحة اإلجراـ اإللكتركني‪ ،‬حيث أكدت التزاميا بالقيـ‬
‫التي أرساىا المؤتمر التأسيسي لجمعيات قانكف االنترنت الذم عقد بالقاىرة في‬
‫‪ 27‬سبتمبر ‪ 2004‬كالمؤتمر التأسيسي الثاني الذم عقد بالقاىرة في ‪ 31‬جكيمية ‪2006‬‬
‫إضافة إلى االلتزاـ بمقررات المؤتمر الدكلي األكؿ لقانكف االنترنت الذم انعقد في مدينة‬
‫الغردقة بجميكرية مصر العربية في شير أكت ‪ ،2005‬أما عف القضايا التي تعالجيا‬
‫برامج الجمعية فتتمحكر حكؿ نشر فكر ككعي قانكف االنترنت كالسعي لدل المشرعيف‬
‫عمى كافة المستكيات لقياـ فرع قانكف االنترنت ككذا الحد مف كافة أشكاؿ الجرائـ التي‬
‫تقع ضد المعمكماتية في كافة أشكاليا (األجيزة كالبرامج كالشبكات كالمعمكمات كالبيانات‬
‫كاألمكاؿ ككسائؿ االتصاؿ كالجرائـ ضد السمعة كالجرائـ ضد الشخصية كاإلرىاب عبر‬
‫االنترنت كالجرائـ ضد اإلنسانية كالجرائـ المكجية لؤلمف القكمي في كافة أشكاليا‬
‫كصكرىا‪ ،‬كبالعمكـ المساىمة في الحد مف كافة الجرائـ التي يككف الحاسب أداة مف‬
‫أدكاتيا أك ىدفا مف أىدافيا أك كسيمة ليا‪.1‬‬
‫‪ .9‬مصر‪ :‬قامت جميكرية مصر العربية بتكميؼ بعض الجيات بمكافحة الجرائـ‬
‫اإللكتركنية منيا‪:‬‬
‫أ‪‌ .‬اإلدارة العامة لمباحث األمكاؿ‪ :‬كتختص ىذه اإلدارة بمكافحة الجرائـ‬
‫االقتصادية سكاء كانت تقميدية أك مستحدثة كالجرائـ اإللكتركنية‪.‬‬
‫ب‪‌.‬اإلدارة العامة لمتكثيؽ كالمعمكمات‪ :‬تعتبر ىذه اإلدارة مف أكبر اإلدارات‬
‫بك ازرة الداخمية تعامبل مع اإلجراـ اإللكتركني‪.‬‬

‫‪‌1‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .188‬‬

‫‪97‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫ج‪‌.‬اإلدارة العامة لممصنفات الفنية‪ :‬تيتـ ىذه اإلدارة بجرائـ النسخ كالتقميد‬
‫التي تشكؿ أكثر الجرائـ شيكعا في مجاؿ المعمكمات‪.1‬‬

‫في عاـ ‪ 2002‬تـ إنشاء اإلدارة العامة لمكافحة جرائـ الحاسبات كالشبكات‬
‫المعمكمات كىي تابعة لئلدارة العامة لمتكثيؽ كالمعمكمات‪ ،‬كتتككف ىذه اإلدارة مف ضباط‬
‫عمى مستكل عاؿ مف التخصص في مجاؿ تكنكلكجيا الحاسبات كالشبكات كتختص‬
‫بمكافحة الجرائـ اإللكتركنية بمختمؼ أنكاعيا‪.2‬‬

‫إلى جانب ىذه األجيزة الحككمية تـ تأسيس "الجمعية المصرية لمكافحة‬


‫جرائـ المعمكماتية كاالنترنت" كىي منظمة غير حككمية خاضعة لمقانكف المصرم كقد‬
‫اعتبر المؤتمر األكؿ لجمعيات قانكف االنترنت الذم عقد بالقاىرة في ‪ 27‬سبتمبر‬
‫‪ 2004‬المبنة األكلى إلنشاء جمعيات كمنظمات أىمية لمعمؿ التطكعي في مجاؿ قانكف‬
‫االنترنت‪ ،‬حيث جاء تأسيس ىذه الجمعية تمبية سريعة لدعكة المؤتمر التأسيسي‬
‫لجمعيات كمنظمات قانكف االنترنت مف جانب نخبة مف القضاة كككبلء النائب العاـ‬
‫كالمحامكف كالمحاسبكف كالمصرفيكف كاإلعبلميكف كميندسي تكنكلكجيا المعمكمات‬
‫كاالتصاالت‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫الجيكد التقنية‬
‫يقصد بالمكاجية التقنية لمجريمة المعمكماتية رسـ سياسة كقائية ترتكز عمى التقنية‬
‫الرقمية تحد مف كقكع الجرائـ اإللكتركنية مف ناحية ك في تقديـ معالجة ناجعة آلثارىا إذا‬

‫‪‌1‬عمر‌ابو‌الفتوح‌عبد‌العظٌم‌الحمامً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .345‬‬
‫‪‌2‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .141‬‬
‫‪‌3‬هدى‌حامد‌قشقوش‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.107‬‬

‫‪98‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كانت في طكر الشركع أك أنيا قد كقعت بالفعؿ مف ناحية أخرل‪ ،‬حيث تعد المرحمة‬
‫الكقائية مف مخاطر اإلجراـ اإللكتركني أىـ مراحؿ المكاجية التي ينبغي أف تكرس ليا‬
‫كؿ الجيكد عمبل بالحكمة القائمة "الكقاية خير مف العبلج" كأدكات الحماية كاألمف في‬
‫ىذه المرحمة عبارة عف مجمكعة مف البرامج يتـ تثبيتيا أك تحميميا عمى الحاسبات حتى‬
‫تككف النظـ المعمكماتية بمأمف مف مخاطر كاختراقات ىذه النكعية مف األنشطة‬
‫اإلجرامية‪ ،‬كتنقسـ برامج الحماية كاألمف إلى المجمكعات التالية‪:1‬‬

‫‪Antivirus‬‬ ‫برامج الحماية مف الفيركسات أك برامج مضادات الفيركسات‬


‫‪. programs‬‬

‫برامج جدراف النار أك برامج الجدراف النارية ‪.Fire wall programe‬‬

‫كىذه البرامج يمكف تقسيميا مف حيث القدرة كاإلمكانات إلى‪:‬‬

‫أ‪‌ -‬برامج أمنية عادية تستيدؼ المستخدـ العادم كالشركات الصغيرة كىي‬
‫محدكدة القدرة كاإلمكانات كبالتالي رخيصة الثمف‪.‬‬
‫ب‪‌-‬برامج أمنية فائقة القدرة كاإلمكانات كىي برامج أمف الشبكات كتستيدؼ‬
‫الشركات كالبنكؾ كقطاعات األعماؿ كالحككمة كمقاىي االنترنت كىذه البرامج ذات‬
‫قدرات عالية كامكانات كفيرة‪ ،‬كىي بالطبع مرتفعة الثمف‪.‬‬
‫ج‪‌ -‬كمف بيف الطرؽ كالكسائؿ التقنية لمكاجية الجريمة اإللكتركنية كالتصدم ليا‬
‫ما يسمى بكسائؿ االستقصاء كجمع األدلة كىي‪ :‬كسيمة اإلرشاد الجنائي‪ ،‬ككسيمة المراقبة‬
‫اإللكتركنية التي سنتناكليا عمى النحك التالي‪:‬‬

‫‪‌1‬ملٌكة‌عطوي‪‌،‬الحماٌة‌القانونٌة‌لحقوق‌الملكٌة‌الفكرٌة‌على‌شبكة‌االنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .306‬‬

‫‪99‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫أكال‪ :‬اإلرشاد الجنائي عبر االنترنت‬


‫يعد اإلرشاد الجنائي مف أىـ الكسائؿ التي يمكف أف يعتمد عمييا رجاؿ الضبطية‬
‫القضائية في عممية تحرم كاستقصاء جرائـ االنترنت‪ ،‬كيقصد باإلرشاد الجنائي قياـ‬
‫عنصر الضابطة العدلية أك الغير بالكلكج إلى االنترنت‪ ،‬كالدخكؿ في حمقات النقاش‬
‫كالدردشة مستخدما اسما أك صفة مستعارة أك كىمية كذلؾ بقصد البحث عف الجرائـ‬
‫كمرتكبييا كالقاء القبض عمييـ كاحالتيـ إلى القضاء‪ .1‬كالفارؽ بيف نظاـ اإلرشاد الجنائي‬
‫في الجرائـ التقميدية كنظاـ اإلرشاد في جرائـ االنترنت ىك أف المرشد أك المخبر في‬
‫الجرائـ التقميدية غالبا ما يككف مف الغير‪ ،‬أم ليس مف رجاؿ الضابطة العدلية أما‬
‫المرشد في جرائـ االنترنت فمف الممكف أف يككف أحد رجاؿ الضابطة العدلية‪ ،‬إذ أف‬
‫األمر ال يتطمب منو سكل الحصكؿ عمى إذف رسمي مف رؤسائو لمقياـ بيذه الميمة‪ ،‬ثـ‬
‫يمج بكاسطة حاسكبو إلى شبكة االنترنت حيث يدخؿ إلى حمقات الدردشة كالنقاش مثبل‬
‫مستخدما اسما مستعا ار أك صفة كىمية فيتناكؿ األحاديث العادية مع الغير‪ ،‬دكف أف‬
‫يدفعو إلى ارتكاب الجريمة فيظير ككأنو يسعى إلضاعة الكقت كاليركب مف الممؿ‪ ،‬إلى‬
‫أف يبرز الشخص المستيدؼ مشركعو اإلجرامي‪ ،‬كأف يدكر الحديث حكؿ طريقة‬
‫الحصكؿ عمى أرقاـ بطاقات االئتماف بصكرة احتيالية‪ ،‬أك كيفية إعداد المكاقع‬
‫اإلباحية‪ ،‬أك المكاقع المعدة لبيع المسركقات‪ ،‬أك كيفية اختراؽ المكاقع أك زرع‬
‫الفيركسات‪...‬الخ كيمكف لممرشد أيضا أف يقكـ بطرح األسئمة عمى الغير‪ ،‬حتى يتمكف‬
‫مف الحصكؿ عمى أكبر قدر ممكف مف المعمكمات كعندما تتضح الصكرة كاممة يقكـ‬
‫المرشد إذا كاف مف الغير بإيصاؿ ىذه المعمكمات إلى الجيات المختصة التي تباشر‬
‫عمميا في تعقب ىذا المجرـ كالقبض عميو‪ ،‬مستخدمة في ذلؾ برمجيات معينة تقكدىا‬
‫إلى مزكد خدمة االنترنت الذم يتحرؾ فيو ىذا المجرـ‪ ،‬أما إذا كاف المرشد أحد رجاؿ‬

‫‪‌1‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .177‬‬

‫‪100‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الضابطة العدلية فيقكـ باستدراج المجرـ حتى يتـ القبض عميو‪ ،‬كمف أمثمة اإلرشاد‬
‫الجنائي قياـ مكتب التحقيقات الفيدرالي ‪ FBI‬بضبط أفراد عصابة فاستبلف ‪fastlan‬‬
‫المنتشريف حكؿ العالـ الذيف امتينكا قرصنة البرمجيات كتحميميا عمى مكاقع‬
‫لميكرة‪ ،‬كجنكا أرباحا كصمت إلى مميكف دكالر في فترة زمنية قصيرة حيث تـ إلقاء‬
‫القبض عمى تسعة منيـ في الكاليات المتحدة األمريكية كتـ إدانتيـ أماـ ىيئة المحمفيف‬
‫العميا في شيكاغك كقد استعممت المباحث الفيدرالية في ىذه القضية أسمكب اإلرشاد‬
‫الجنائي‪ ،‬عندما دست أحد عناصرىا في ىذه العصابة إلى أف تـ إلقاء القبض‬
‫عمييـ‪ ،1‬كفي مثاؿ آخر فقد قاـ المدعك ‪ roots‬أثناء كجكده في إحدل حمقات الدردشة‬
‫عبر االنترنت بالتحدث م ع فتاة لـ تتجاكز الرابعة عشرة مف عمرىا في مكضكعات‬
‫جنسية كتناكؿ الحديث عرضو ليا ممارسة األفعاؿ الجنسية معيا‪ ،‬كتـ تحديد مكعد‬
‫المقاء بينيما في أحد المتاجر كعندما كصؿ تـ القبض عميو‪ ،‬إذ تبيف أف الفتاة الصغيرة‬
‫لـ تكف سكل أحد أعضاء فريؽ مكافحة الجريمة عبر االنترنت‪ ،‬في حالة تنكر بييئة‬
‫فتاة صغيرة بتكميؼ مف اإلدارة التي تعمؿ فييا‪ ،‬كالحقيقة أف نظاـ اإلرشاد الجنائي عبر‬
‫االنترنت ىك مف أىـ كسائؿ تحرم كاستقصاء جرائـ االنترنت كىك نظاـ البد مف األخذ‬
‫بو في جميع الدكؿ التي تسعى لمحد مف ىذه الجرائـ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراقبة اإللكتركنية‬


‫يقصد بالمراقبة اإللكتركنية ذلؾ العمؿ الذم يقكـ بو المراقب باستخداـ التقنية‬
‫اإللكتركنية لجمع المعمكمات عف المشتبو بو‪ ،‬سكاء أكاف شخصا أـ مكانا أـ شيئا‪ ،‬كذلؾ‬
‫لتحقيؽ غرض أمني‪ .‬فالمشتبو بو اإللكتركني يمكف أف يككف شخصا‪ ،‬أك مكقعا أك بريدا‬
‫إلكتركنيا مخالفا لمقانكف كتشمؿ المراقبة اإللكتركنية جميع تحركات المشتبو بو عبر‬
‫االنترنت بما في ذلؾ بريده اإللكتركني‪.‬‬

‫‪‌1‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .197‬‬

‫‪101‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫يشترط في المراقبة اإللكتركنية أف تككف مشركعة كالغرض مف ىذه المشركعية‬


‫ىك تحقيؽ نكع مف التكازف بيف حؽ األفراد في الخصكصية كحؽ المجتمع في مكافحة‬
‫الجريمة بكسائؿ فعالة‪ ،‬حفاظا عمى أمنو كعمى ذلؾ فيمكف لرجؿ الضابطة العدلية أف‬
‫يقكـ طبقا لمقانكف بمراقبة أحد اليكر أثناء اختراقو لحاسكب المجني عميو‪ ،‬أك أف يراقب‬
‫أحد المكاقع التي أعدت لبلحتياؿ عمى الناس ‪ ....‬الخ‪.‬‬

‫مف المبلحظ أف معظـ الدكؿ أخذت بنظاـ المراقبة اإللكتركنية ضمف شركط‬
‫معينة‪ ،‬بيدؼ رصد الجرائـ المستحدثة في الكاليات المتحدة األمريكية نظـ قانكف‬
‫خصكصية االتصاالت اإللكتركنية ‪ ECPA‬كيفية حصكؿ أجيزة العدالة عمى المعمكمات‬
‫المخزنة في خدمات مزكدم خدمة االنترنت فأعطى الحؽ لرجؿ الضبط القضائي في‬
‫الحصكؿ عمى المعمكمات األساسية لممشترؾ كاالسـ كالعنكاف كغيرىا أك المعمكمات‬
‫المتعمقة ببريده اإللكتركني أك بريده الصكتي بمجرد تكجيو أمر مف المحكمة إلى مزكد‬
‫خدمة االنترنت تأمره فيو بالكشؼ عف محتكيات الحساب‪ ،‬كبعد أحداث ‪ 11‬سبتمبر‬
‫‪ 2001‬منحت حككمة الرئيس جكرج بكش‪ ،‬مكتب التحقيقات الفيدرالي ‪ FBI‬سمطات‬
‫كصبلحيات إضافية لمراقبة األشخاص كالمنظمات السياسية كالدينية كأماكف العبادة‬
‫كمكاقعيا عمى االنترنت دكف أف يككف ىناؾ دليؿ عمى أف جريمة ما ارتكبت أك‬
‫سترتكب‪ ،‬كؿ ذلؾ بيدؼ تسييؿ ميمة مكتب التحقيقات الفيدرالي في مكافحة كمنع‬
‫اإلرىاب‪ ،1‬كما نظـ قانكف المراقبة المعرؼ بػ ‪ The Wiretap Statue‬كيفية المراقبة‬
‫اإللكتركنية لمحتكيات االتصاالت في الزمف الذم يتـ فيو بث ىذه االتصاالت‪ ،‬حيث‬
‫يمكف بمكجب ىذا القانكف مراقبة اتصاالت االنترنت بما في ذلؾ مراسبلت البريد‬

‫‪‌ 1‬قامت‌إدارة‌تكنولوجٌا‌المعلومات‌التابعة‌لمكتب‌التحقٌقات‌الفدرالً‌‪‌ FBI‬بتطوٌر‌برنامج‌كارنٌفور‌وذلك‌من‌أجل‌‬


‫تعقب ‌وفحص ‌رسائل ‌البرٌد ‌اإللكترونً ‌المرسلة ‌الواردة ‌عبر ‌أي ‌حاسب ‌تستخدمه ‌أي ‌شركة ‌تقوم ‌بتوفٌر ‌خدمة‌‬
‫األنترنت ‌وٌشتبه ‌فً ‌أن ‌تٌار ‌الرسائل ‌المار ‌عبر ‌خدماتها ‌ٌحمل ‌معلومات ‌عن ‌جرائم ‌وٌتم ‌تنفٌذ ‌عملٌات ‌التعقب‌‬
‫والفحص ‌بوضع ‌أجهزة ‌الشركة ‌الموفرة ‌للخدمة ‌تحت ‌المراقبة ‌ولقد ‌أصبح ‌ٌطلق ‌على ‌هذه ‌التقنٌة ‌بعد ‌أحداث‌‬
‫‪‌2001/09/11‬تقنٌة‌‪.C/CS1000‬‬

‫‪102‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫اإللكتركني خبلؿ فترة بثيا بيف أطراؼ االتصاؿ‪ ،‬كال يشمؿ ذلؾ الحصكؿ عمى‬
‫ال معمكمات اإللكتركنية المخزنة أك المسجمة فتعبير المراقبة كفؽ ىذا القانكف ينصرؼ‬
‫فقط إلى االتصاالت التي يتـ التقاطيا أثناء عممية البث‪ ،1‬كيحظر ىذا القانكف المراقبة‬
‫اإللكتركنية إال إذا تكفرت إحدل الحاالت التالية‪:‬‬

‫أ‪‌ .‬الحصكؿ عمى أمر مف المحكمة‪.‬‬


‫ب‪‌.‬مكافقة أحد أطراؼ االتصاؿ‪.‬‬
‫ج‪‌.‬االستثناء المقرر لمزكدم الخدمة كذلؾ بغية مراقبة االتصاالت بيدؼ‬
‫حماية حقكؽ مزكدم الخدمة‪.‬‬
‫د‪‌ .‬استثناء منتيؾ الحاسكب‪ ،‬إذ يسمح ىذا القانكف لضحايا اليجكـ عمى‬
‫الحاسكب بمراقبة االتصاالت اإللكتركنية لممعتدم‪.‬‬
‫ق‪‌.‬استثناء الياتؼ االمتدادم كىك استثناء مقرر لرب العمؿ لمراقبة اتصاالت‬
‫المكظفيف لديو‪ ،‬ألجؿ ىدؼ مشركع مرتبط بالعمؿ‪.‬‬
‫ك‪‌ .‬استثناء الحصكؿ عمى دليؿ جنائي‪.‬‬
‫ز‪‌ .‬استثناء المألكؼ لمجميكر كيقصد بو مراقبة غرؼ المحادثة المعدة‬
‫لمجميكر أك المجمكعات اإلخبارية‪.‬‬
‫أما االتفاقية األكركبية لمجميكر حكؿ الجريمة االفتراضية لعاـ ‪ 2001‬فقد‬
‫سمحت المادتاف ‪ 20‬ك‪ 21‬منيا بمراقبة حركة البيانات كمحتكاىا أثناء عممية‬
‫التراسؿ‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Emile Incyan et Andrie Kahn, le site internet de polytechnique à été fermé à la‬‬
‫‪suite d’intrusion, le monde,4 juin 1996,p 13.‬‬
‫‪2‬خالد‌عٌاد‌الحلبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .262‬‬

‫‪103‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كفي فرنسا أصدر المشرع الفرنسي القانكف المؤرخ في ‪ 1‬اكت ‪ 2000‬الذم عدؿ‬
‫قانكف حرية االتصاالت المؤرخ في ‪ 30‬سبتمبر ‪ 1986‬حيث سمح بمقتضى ىذا‬
‫التعديؿ لمزكدم الخدمات بمراقبة حركة أعضاء االنترنت‪ ،‬كفي ىكلندا يجكز لقاضي‬
‫التحقيؽ أف يأمر بالتنصت عمى شبكات االتصاالت الحاسكبية‪ ،‬إذا كانت ىناؾ جرائـ‬
‫خطيرة ارتكبيا المتيـ‪ ،‬كتتعدد التقنيات المستخدمة في مجاؿ المراقبة اإللكتركنية فيناؾ‬
‫برامج مخصصة لفحص الرسائؿ اإللكتركنية الصادرة كالكاردة كبرامج تقكـ باستعادة‬
‫الرسائؿ التي تـ إلغائيا أك محكىا كأخرل تقكـ بتعقب المكاقع اإلباحية كغير ذلؾ مف‬
‫ىذه البرمجيات كمف أىـ أنكاع ىذه البرمجيات‪:‬‬

‫‪ .1‬تقنية برنامج «كارنيفكر» لمتنصت عمى البريد اإللكتركني‪ :‬طكرت إدارة‬


‫تكنكلكجيا المعمكمات التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي ‪ FBI‬برنامج أطمؽ عميو اسـ‬
‫"كارنيفكر" حيث يقكـ ىذا البرنامج بتعقب كفحص رسائؿ البريد اإللكتركني الصادرة‬
‫كالكاردة عبر الخدمات المستخدمة مف قبؿ مزكدم خدمة االنترنت إذا كاف ىناؾ اشتباه‬
‫بأف ىذه الرسائؿ تحمؿ معمكمات عف جرائـ أك حكادث جرمية‪ ،‬فيذا البرنامج يقكـ‬
‫بفحص كتسجي ؿ الرسائؿ التي تحتكم كممات أك معمكمات يشتبو في أف ليا عبلقة‬
‫بالجرائـ كيتجاىؿ األخرل‪.1‬‬
‫‪ .2‬برامج استعادة الكثائؽ اإللكتركنية الممحاة‪ :‬في عاـ ‪ 1988‬أسس األمريكي‬
‫"جكف جيسيف" شركة تدعى «اكتشاؼ األدلة أك القرائف اإللكتركنية» كقد اتجيت ىذه‬
‫الشركة لتسييؿ عمميا في البحث كالتحرم نحك الكثائؽ اإللكتركنية باعتبار أف ىذه‬
‫الكثائؽ تترؾ كراءىا أث ار ال يمحى كيمكف استعادتيا ميما اجتيد الفاعؿ في‬
‫محكىا‪ ،‬كذلؾ عمى عكس الكثائؽ الرقمية التي تتحكؿ إلى مادة يصعب استرجاع‬

‫‪‌ 1‬مصطفى ‌محمد ‌موسى‪‌ ،‬المراقبة ‌اإللكترونٌة ‌عبر ‌شبكة ‌األنترنت‪‌ ،‬دراسة ‌مقارنة ‌بٌن ‌المراقبة ‌األمنٌة‌‬
‫واإللكترونٌة‪‌،‬ط‪‌،1‬دار‌الكتب‌والوثائق‌القومٌة‪‌،‬القاهرة‪‌،2003‌،‬ص‌‪‌ .205‬‬

‫‪104‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫المعمكمات بعد حرقيا أك تمزيقيا‪ ،‬كقد طكرت ىذه الشركة العديد مف برامج البحث في‬
‫ذاكرة الحاسكب عف الرسائؿ الممحاة كالمعمكمات المصاحبة ليا كالتي ال يراىا متمقك‬
‫الرسائؿ في معظـ األحياف كىذه المعمكمات تشمؿ الطريؽ الذم سمكتو الرسالة كالمرفقات‬
‫التي أرسمت معيا‪ ،‬كأجيزة الحاسكب التي مرت بيا‪ .‬كمف أشير القضايا التي اعتمدت‬
‫عمى ىذا األسمكب القضية التي رفعتيا ك ازرة العدؿ األمريكية كتسع عشرة كالية ضد‬
‫شركة مايكركسكفت لمحاكلتيا احتكار أنظمة تصفح االنترنت‪ ،‬فبعد البحث في نظاـ‬
‫البريد اإللكتركني العائ د ليذه الشركة تـ اكتشاؼ رسائؿ إلكتركنية تتعمؽ بمحاكلة‬
‫اإلضرار بالمنافسيف التجارييف التي اعتقد أصحابيا أنيـ قامكا بمحكىا كمف أشير‬
‫الرسائؿ الممحاة التي استخدمت في ىذه القضية‪ ،‬الرسالة التي سأؿ فييا رئيس‬
‫مايكركسكفت عددا مف كبار المكظفيف مف شركتو عما اذا كاف لدييـ خطة تتعمؽ بما‬
‫يمكف فعمو مف أجؿ إلحاؽ الضرر بالخصكـ التجارييف‪.1‬‬
‫‪ .3‬برنامج مراقبة البريد االلكتركني‪ :‬كىك برنامج صممو المبرمج األمريكي‬
‫«ريتشارد إتكني»‪ ،‬حيث يقكـ ىذا البرنامج بالدخكؿ إلى محتكل البريد اإللكتركني‬
‫مكضكع المراقبة‪ ،‬كقراءة الرسائؿ التي قاـ صاحبيا بإتبلفيا‪ ،‬أك تمؾ التي لـ يقـ بتخزينيا‬
‫أصبل كيمكف تحميؿ ىذا البرنامج عمى أم جياز حاسكب بيدؼ مراقبة بريده‬
‫االلكتركني‪ ،‬كقد استخدمت المخابرات األمريكية ىذا البرنامج لكشؼ مشتبو بو مف‬
‫الجنسية الركسية حاكؿ اختراؽ بعض المكاقع عمى شبكة االنترنت‪.2‬‬
‫‪ .4‬برنامج تعقب المكاقع اإلباحية‪ :‬كيعرؼ ىذا البرنامج باسـ «نكبد شرطة‬
‫االنترنت»‪ ،‬كىك يقكـ بالبحث عف صكر الجنسية المخمة باألخبلؽ في أنظمة الحكاسيب‬

‫‪‌1‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .203‬‬
‫‪‌2‬مصطفى‌محمد‌موسى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 210‬‬

‫‪105‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫التي تعمؿ كفؽ برنامج تشغيؿ كيندكز بإصداراتو الحديثة‪ ،‬ثـ يقكـ بتبميغ الييئات‬
‫الحككمية عنيا‪ ،‬بيدؼ تطيير شبكة اإلنترنت مف ىذه المكاقع كالصكر‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬المعاينة‬
‫ىي الكشؼ الحسي المباشر إلثبات حالة شيء أك شخص‪ ،‬كتتـ المعاينة إما‬
‫بانتقاؿ مكظؼ الضابطة العدلية إلى مكاف الجريمة أك بجمب مكضكعيا لمعاينتو في‬
‫مقره‪ ،‬كما ىك الحاؿ في معاينة العمبلت المزكرة أك األسمحة كغير ذلؾ‪.2‬‬

‫تكمف أىمية المعاينة في الجرائـ التقميدية بأنيا تتيح جمع األدلة قبؿ أف تمتد إلييا‬
‫يد العبث كالتشكيو‪ ،‬كما تتيح اتخاذ إجراءات فكرية‪ ،‬لـ تكف تتاح ما لـ يتـ التنقؿ إلى‬
‫مكاف الجريمة فكرا‪ ،‬كسماع الشيكد الحاضريف كمكاجية بعضيـ ببعض كغير ذلؾ مف‬
‫اإلجراءات‪.3‬‬

‫كالمعاينة ال تصمح لضبط أدلة جميع الجرائـ‪ ،‬فيناؾ جرائـ ال تصمح بطبيعتيا‬
‫ألف تككف محبل لممعاينة‪ ،‬مثؿ جريمة الذـ كالقدح‪ ،‬كالرشكة كترؾ العمؿ‪ ،‬كغير ذلؾ مف‬
‫الجرائـ‪ ،‬باعتبار أف المعاينة غير مجدية في ىذه الجرائـ‪ .‬كتختمؼ الكسائؿ المستعممة‬
‫في معاينة جرائـ االنترنت كمنيا تصكير شاشة الحاسكب بكاسطة آلة تصكير تقميدية أك‬
‫استخداـ برمجية خاصة تقكـ بحفظ ما يظير عمى شاشة الحاسكب‪ ،‬كىك ما يعرؼ‬
‫بمصطمح تجميد الشاشة ‪ frozen‬أك عف طريؽ حفظ مكقع االنترنت باستخداـ تعميمة‬
‫الحفظ ‪ save as‬المتكفرة في نظاـ التشغيؿ‪ ،‬كتماشيا مع متطمبات السرعة في معاينة‬
‫مسرح الجريمة االفتراضية أجاز القانكف األمريكي ‪ 2703‬لعضك النيابة المعمكماتية أف‬

‫‪1‬‬
‫‪‌ Aximilien dosté Amégée, La Cybersuveillance et le secret professionnel,‬‬
‫‪paradoxes ou contradictions?, mémoire DEA, université Paris, Nanterre, 2002,‬‬
‫‪p50.‬‬
‫‪‌2‬أحمد‌فتحً‌سرور‪‌،‬الوسٌط‌فً‌قانون‌اإلجراءات‌الجزائٌة‪‌،‬ط‪‌،7‬دار‌النهضة‌العربٌة‪‌،‬القاهرة‪‌،1996‌،‬ص‪‌ .541‬‬
‫‪‌3‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مبادئ‌اإلجراءات‌الجزائٌة‌فً‌جرائم‌الكومبٌوتر‌واألنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .179‬‬

‫‪106‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫يرسؿ رسالة إلى مزكد خدمة االنترنت يمزمو فييا بالتحفظ عمى السجبلت المطمكبة إلى‬
‫حيف صدكر أمر مف المحكمة باتخاذ ىذا اإلجراء أك غيره‪.1‬‬

‫رغـ كؿ الجيكد التشريعية الدكلية كاإلقميمية كالمساعي التقنية لمكاجية ىذه‬


‫الظاىرة إال أنيا باتت احدل القضايا الرئيسية التي شغمت باؿ الحككمات كالمختصيف‬
‫كاألفراد عمى حد سكاء حيث أثبت الكاقع العممي أف الدكؿ ال تستطيع بجيكدىا المنفردة‬
‫القضاء عمى ظاىرة اإلجراـ في ظؿ التطكر المممكس كالمذىؿ في كافة مياديف الحياة‬
‫خاصة عمى مستكل االتصاالت كتكنكلكجيات المعمكمات كظيكر االنترنت كاالنتشار‬
‫الكاسع كالسريع ليا أك ما عرؼ بالثكرة المعمكماتية‪ ،‬ىذه الثكرة التي تمخض عنيا نكع‬
‫جديد مف اإلجراـ استيدؼ المعمكمة بالدرجة األكلى حسب ما سبؽ اإلشارة لو كبمختمؼ‬
‫مستكياتيا كأشكاليا كالمتميز بعدـ تقيده بالحدكد أم أنو عابر ليا األمر الذم يستدعي‬
‫تظافر الجيكد الدكلية لمتصدم ليذه الظاىرة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫الصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي ككيفية القضاء عمييا‬


‫في عالـ مزدحـ بشبكات اتصالية دقيقة كمتطكرة تنقؿ كتشغؿ المعمكمات‬
‫كالبيانات مف مناطؽ متباعدة باستخداـ تقنيات ال تكفؿ ليا أمنا كامبل‪ ،‬كيتاح في ظميا‬
‫التبلعب عبر الحدكد بتمؾ المعطيات المنقكلة أك المخزنة مما قد يسبب لبعض الدكؿ أك‬
‫األفراد أك الشركات أض ار ار فادحة‪ ،‬يغدك عندىا التعاكف الدكلي كاسع المدل في مكافحة‬
‫الجرائـ المعمكماتية كمف بينيا جرائـ االنترنت أم ار محتما‪.‬‬

‫‪‌1‬رشاد‌خالد‌عمر‪‌،‬المشاكل‌القانونٌة‌والفنٌة‌للتحقٌق‌فً‌الجرائم‌المعلوماتٌة‪‌،‬المكتب‌الجامعً‌الحدٌث‪‌،‬مصر‪‌2013‌،‬‬
‫ص‪‌ .180‬‬

‫‪107‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كمع ضركرة ىذا التعاكف كالمناداة بو‪ ،‬إال أنو ثمة صعكبات كمعكقات تقؼ دكف‬
‫تحققو كتجعمو صعب المناؿ كمف خبلؿ ىذا المبحث سكؼ نحاكؿ جاىديف إبراز أىـ‬
‫تمؾ الصعكبات أك المعمكمات ككيفية مكاجيتيا كفؽ التقسيـ اآلتي‪:‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬الصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬كيفية القضاء عمى الصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي‬

‫المطمب األكؿ‬

‫الصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي‬


‫التعاكف الدكلي بكافة صكره في مجاؿ مكافحة كمكاجية الجرائـ المتعمقة بشبكة‬
‫االنترنت كاف كاف يعد مطمبا تسعى إلى تحقيقو أغمب الدكؿ إف لـ يكف كميا‪ ،‬إال أنو ثمة‬
‫صعكبات كمعكقات تقؼ دكف تحقيقو أىميا‪:‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫عدـ كجكد نمكذج مكحد لمنشاط اإلجرامي كتنكع كاختالؼ النظـ القانكنية‬
‫اإلجرائية‬

‫أكال‪ :‬عدـ كجكد نمكذج مكحد لمنشاط اإلجرامي‬


‫بنظرة متأنية لؤلنظمة القانكنية القائمة في الكثير مف الدكؿ لمكاجية الجرائـ‬
‫المعمكماتية كمنيا الجرائـ المتعمقة بشبكة االنترنت يتضح لنا مف خبلليا عدـ كجكد‬
‫اتفاؽ عاـ مشترؾ بيف ا لدكؿ حكؿ نماذج إساءة استعماؿ نظـ المعمكمات كشبكة‬
‫االنترنت الكاجب تجريميا‪ ،‬فما يككف مباحا في أحد األنظمة قد يككف مجرما كغير‬
‫مباحا في نظاـ آخر‪ ،‬كيمكف إرجاع ذلؾ إلى عدة أسباب كعكامؿ كاختبلؼ البيئات‬

‫‪108‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كالعادات كالتقاليد كالديانات كالثقافات مف مجتمع آلخر‪ ،‬كبالتالي اختبلؼ السياسة‬


‫التشريعية مف مجتمع آلخر‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬تنكع كاختالؼ النظـ القانكنية اإلجرائية‬


‫بسبب تنكع كاختبلؼ النظـ القانكنية اإلجرائية‪ ،‬نجد أف طرؽ التحرم كالتحقيؽ‬
‫كالمحاكمة التي تثبت فائدتيا كفاعميتيا في دكلة ما قد تككف عديمة الفائدة في دكلة‬
‫أخرل أك قد ال يسمح بإجرائيا‪.2‬‬

‫كما ىك الحاؿ بالنسبة لممراقبة اإللكتركنية‪ ،‬كالتسميـ المراقب‪ ،‬كالعمميات‬


‫المنتشرة‪ ،‬كغيرىا مف اإلجراءات الشبيية‪ ،‬فإذا ما اعتبرت طريقة ما مف طرؽ جمع‬
‫االستدالالت أك التحقيؽ أنيا قانكنية في دكلة معينة‪ ،‬قد تككف ذات الطريقة غير‬
‫المشركعة في دكلة أخرل‪ ،‬كبالتالي فإف الدكلة األكلى سكؼ تشعر بخيبة أمؿ لعدـ قدرة‬
‫سمطات إنقاذ القانكف في الدكلة األخرل عمى استخداـ ما تعتبره ىي أنو أداة‬
‫فعالة‪ ،‬باإلضافة إلى أف السمطات القضائية لدل الدكلة الثانية قد ال تسمح باستخداـ أم‬
‫دليؿ إثبات جرل جمعو بطرؽ ترل ىذه الدكلة أنيا طرؽ غير مشركعة‪ ،‬حتى كاف كاف‬
‫ىذا الدليؿ تـ الحصكؿ عميو في اختصاص قضائي كبشكؿ مشركع‪.3‬‬

‫‪ٌ‌1‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌.186‬‬
‫‪‌2‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .25‬‬
‫‪‌3‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .94‬‬

‫‪109‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع الثاني‬

‫التجريـ المزدكج كعدـ كجكد قنكات اتصاؿ‬

‫أكال‪ :‬التجريـ المزدكج‬


‫التجريـ المزدكج مف أىـ الشركط الخاصة بنظاـ تسميـ المجرميف‪ ،‬فيك منصكص‬
‫عميو في أغمب التشريعات الكطنية كالصككؾ الدكلة المعنية بتسميـ المجرميف‪ ،‬كبالرغـ‬
‫مف أىمية ذلؾ‪ ،‬نجده عقبة أماـ التعاكف الدكلي في مجاؿ تسميـ المجرميف بالنسبة‬
‫لمجرائـ المعمكماتية سيما كأف معظـ الدكؿ ال تجرـ ىذه الجرائـ‪ ،‬باإلضافة إلى أنو مف‬
‫الصعكبة أف نجد فيما إذا كانت النصكص التقميدية لدل الدكلة المطمكب منيا التسميـ‬
‫يمكف أف تنطبؽ عمى الجرائـ المتعمقة بشبكة االنترنت أكال األمر الذم يعكؽ تطبيؽ‬
‫االتفاقيات الدكلية في مجاؿ تسميـ المجرميف‪ ،‬كيحكؿ بالتالي دكف جمع األدلة كمحاكمة‬
‫مرتكبي الجرائـ المعمكماتية‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬عدـ كجكد قنكات اتصاؿ‬


‫إف أىـ غايات التعاكف الدكلي في مكافحة جرائـ المعمكماتية ىك الحصكؿ عمى‬
‫المعمكمات كالبيانات المتعمقة بالجريمة كالمجرميف كلتحقيؽ ىذا اليدؼ كاف إلزاما أف‬
‫يككف ىناؾ نظاـ اتصاؿ يسمح لمجيات القائمة عمى التحقيؽ باالتصاؿ بجيات أجنبية‬
‫لجمع األدلة كالمعمكمات فعدـ كجكد مثؿ ىذا النظاـ يعني عدـ القدرة عمى التصدم ليذه‬
‫الجرائـ كبالتالي تنعدـ الفائدة مف ىذا التعاكف‪.2‬‬

‫كما أف إنشاء شبكة طكارئ لتفعيؿ المساعدة المتبادلة عمى غرار ما نصت‬
‫عميو المادة ‪ 25‬مف اتفاقية بكدابست لئلجراـ المعمكماتي كالتي يطمؽ عمييا الشبكة‬

‫‪‌1‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .26‬‬
‫‪‌2‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .15‬‬

‫‪110‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫‪ 7/24‬أم تمؾ الشبكة التي تعمؿ عمى تكفير المساعدة الفكرية‪ ،‬عمى مدل ‪ 24‬ساعة‬
‫كبمعدؿ ‪ 7‬أياـ‪ ،‬ذلؾ أف الشبكة تيدؼ لتسييؿ الممارسة السريعة كتعد كسيمة فعالة في‬
‫مكاجية مشكبلت اإلجراـ المعمكماتي كأداة ناجحة لمتغمب عمى التحديات الكبيرة التي‬
‫يفرضيا عصر المعمكماتية‪.1‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫الصعكبات الخاصة بالمساعدات القضائية الدكلية كالتعاكف الدكلي في مجاؿ‬


‫التدريب‬

‫أكال‪ :‬الصعكبات الخاصة بالمساعدات القضائية الدكلية‬


‫إف األصؿ بالنسبة لطمبات اإلنابة القضائية الدكلية كالتي تعد مف أىـ صكر‬
‫المساعدات القضائية الدكلية في المجاؿ الجنائي‪ ،‬أف التسميـ يككف بالطرؽ الديبمكماسية‬
‫كىذا بالطبع يجعميا تتسـ بالبطء كالتعقيد‪ ،‬كالذم يتعارض مع طبيعة االنترنت كما تتميز‬
‫بو مف سرعة‪ ،‬كىك األمر الذم انعكس عمى الجرائـ المتعمقة باألنترنت‪.2‬‬

‫كذلؾ مف الصعكبات الكبيرة في مجاؿ المساعدات القضائية الدكلية المتبادلة‬


‫التباطؤ في الرد‪ ،‬حيث أف الدكلة متمقية الطمب غالبا ما تككف متباطئة في الرد عمى‬
‫الطمب سكاء بسبب نقص المكظفيف المدربيف أك نتيجة الصعكبات المغكية أك الفكارؽ في‬
‫اإلجراءات التي تعقد االستجابة كغيرىا مف األسباب‪ ،‬فكـ ىك محبط شطب قضية لعدـ‬
‫تمبية طمب بسيط في الكقت المناسب‪.‬‬

‫‪‌1‬خالد‌عٌاد‌الحلبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .263‬‬
‫‪ٌ‌2‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .188‬‬

‫‪111‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫ثانيا‪ :‬التعاكف الدكلي في مجاؿ التدريب‬


‫تتمثؿ في عدـ رغبة بعض القيادات اإلدارية في بعض الدكؿ في التدريب‬
‫العتقادىـ بدكره السمبي في تطكير العمؿ مف خبلؿ تطبيؽ ما تعممو المتدربكف في‬
‫الدكرات التدريبية كما اكتسبكه مف خبرات‪.‬‬

‫كمف الصعكبات أيضا كالتي قد تيدد التعاكف في مجاؿ التدريب ما يتعمؽ‬


‫بالفكارؽ الفردية بيف المتدربيف كتأثيرىا عمى عممية االكتساب لمميارات المستيدفة بقكة‬
‫تامة كمتكافئة لدل مختمؼ األفراد المتدربيف‪ ،‬سيما في مجاؿ تكنكلكجيا المعمكمات‬
‫كشبكات االتصاؿ حيث أنو يكجد بعض األشخاص ممف ال يعي في ىذا المجاؿ‬
‫شيء‪ ،‬كعمى النقيض يكجد أناس عمى درجة كبيرة مف المعرفة كالثقافة في ىذا المجاؿ‪.1‬‬

‫باإلضافة إلى أف نظرة المتدرب إلى الدكرة التدريبية عمى أنيا مرحمة تدريبية‬
‫أك عبء ال طائؿ منو تيدد العممية التدريبية برمتيا كبالطبع نسؼ التعاكف الدكلي في‬
‫ىذا المجاؿ‪.‬‬

‫أيضا مف الصعكبات التي قد تؤثر عمى العممية التدريبية كعمى التعاكف‬


‫الدكلي فييا ما يتعمؽ بالمبلمح العامة المميزة لمبيئة التدريبية كعدـ قدرتيا عمى تمثيؿ‬
‫الكاقع العممي لبيئة العمؿ الطبيعية تمثيبل تاما كمتقنا‪ ،‬مف حيث ما يدكر بيا مف كقائع‬
‫كمبلبسات كاجراءات‪ ،‬كما يتـ فييا مف نشاطات ال تبمغ حد التطابؽ مع طبيعة المياـ‬
‫التي سيؤدييا المتدربكف في بيئة العمؿ الطبيعية‪.2‬‬

‫‪‌1‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .27‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .28‬‬

‫‪112‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫الفرع الرابع‬

‫مشكمة االختصاص في الجرائـ المتعمقة باالنترنت‬


‫الجرائـ المتعمقة باألنترنت مف أكبر الجرائـ التي تثير مسألة االختصاص‬
‫عمى المستكل الدكلي كال تكجد أم مشكمة بالنسبة لبلختصاص عمى المستكل الكطني أك‬
‫المحمي حيث يتـ الرجكع إلى المعايير المحددة قانكنا لذلؾ‪.1‬‬

‫كلكف المشكمة تثار بالنسبة لبلختصاص عمى المستكل الدكلي حيث اختبلؼ‬
‫التشريعات كالنظـ القانكنية كالتي قد ينجـ عنيا تنازع في االختصاص بيف الدكؿ بالنسبة‬
‫لمحدكد فقد يحدث أف ترتكب‬ ‫لمجرائـ المتعمقة باأل نترنت التي تتميز بككنيا عابرة‬
‫الجريمة في إقميـ دكلة معينة مف قبؿ أجنبي‪ ،‬فينا تككف الجريمة خاضعة لبلختصاص‬
‫الجنائي لمدكلة األكلى استنادا إلى مبدأ اإلقميمية‪ ،2‬كتخضع كذلؾ الختصاص الدكلة‬
‫الثانية عمى أساس مبدأ االختصاص الشخصي في جانبيو‪ ،‬كقد تككف ىذه الجريمة مف‬
‫الجرائـ التي تيدد أمف كسبلمة دكلة أخرل فتدخؿ عندئذ في اختصاصيا استنادا إلى‬
‫مبدأ العينية‪.‬‬

‫كما تثار فكرة تنازع االختصاص القضائي في حالة تأسيس االختصاص‬


‫عمى مبدأ اإلقميمية‪ ،‬كما لك قاـ الجاني ببث الصكر الخميعة ذات الطابع اإلباحي مف‬
‫إقميـ دكلة معينة كتـ اإلطبلع عمييا في دكلة أخرل‪ ،‬ففي ىذه الحالة يثبت االختصاص‬
‫كفقا لمبدأ اإلقميمية لكؿ دكلة مف الدكؿ التي مستيا الجريمة‪.3‬‬

‫‪ٌ‌1‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .187‬‬
‫‪‌2‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .26‬‬
‫‪‌3‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مبادئ‌اإلجراءات‌الجزائٌة‌فً‌جرائم‌الكومبٌوتر‌واألنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .52‬‬

‫‪113‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫المطمب الثاني‬

‫القضاء عمى الصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي‬


‫لقد أثبت الكاقع العممي أف أم دكلة ال تستطيع بجيكدىا المنفردة القضاء‬
‫عمى الجريمة المعمكماتية‪ ،‬خاصة مع التطكر المممكس كالمذىؿ في االتصاالت‬
‫كتكنكلكجيات المعمكمات‪.‬‬

‫فإف كاف مف الضركرم أف تمتمؾ الدكؿ اإلمكانات التشريعية كالقضائية‬


‫كالفنية لمكافحة الجريمة المعمكماتية‪ ،‬فاف األىـ مف ذلؾ أف تككف تمؾ القكانيف متكائمة‬
‫كمتجانسة بيف مختمؼ الدكؿ‪.‬‬

‫انفشع األول‬
‫انقضبء عهى يشكهت عذو وجىد ًَىرج يىحذ نهُشبط اإلجشايي واختالف‬
‫انُظى انقبَىَيت‬
‫أوال‪ :‬عذو وجىد ًَىرج يىحذ نهُشبط اإلجشايي‬

‫فيما يتعمؽ بالعقبة األكلى المتمثمة في عدـ كجكد نمكذج مكحد لمنشاط‬
‫اإلجرامي فإف األمر يقتضي تكحيد ىذه النظـ القانكنية‪ ،‬كاالستحالة ىذا األمر فإنو ال‬
‫مناص مف البحث عف كسيمة أخرل تساعد عمى إيجاد تعاكف دكلي يتفؽ مع طبيعة ىذا‬
‫النكع المستحدث مف الجرائـ كيخفؼ مف غمك الفكارؽ بيف األنظمة العقابية‬
‫الداخمية‪ ،‬كتتمثؿ ىذه الكسيمة في تحديث التشريعات المحمية المعنية بالجرائـ المعمكماتية‬
‫كابراـ اتفاقيات خاصة يراعي فييا ىذا النكع مف الجرائـ‪.1‬‬

‫‪ٌ‌1‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 190‬‬

‫‪114‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫ثبَيب‪ :‬تُىع واختالف انُظى انقبَىَيت‬

‫بالنسبة لممعكقة الثانية كالخاصة بتنكع كاختبلؼ النظـ القانكنية اإلجرامية‬


‫نجد أف الصككؾ الدكلية الصادرة عف األمـ المتحدة غالبا ما تشجع األطراؼ فييا عمى‬
‫السماح باستخداـ بعض تقنيات التحقيؽ الخاصة‪ ،‬الشيء الذم يخفؼ مف غمك كاختبلؼ‬
‫النظـ القانكنية كاإلجرائية كيفتح المجاؿ أماـ تعاكف دكلي فعاؿ‪.1‬‬

‫فمثبل المادة ‪ 20‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر‬
‫الحدكد الكطنية تشير في ىذا الصدد إلى التسميـ المراقب كالمراقبة اإللكتركنية كغيرىا‬
‫مف أشكاؿ المراقبة كالعمميات المستترة‪ ،‬كالتي تعتبر مف أىـ التقنيات المستخدمة في‬
‫التصدم لمجماعات اإلجرامية المنظمة المحنكة بسبب األخطار كالصعكبات الكامنة كراء‬
‫محاكلة الكصكؿ إلى عممياتيا كتجميع المعمكمات كأدلة اإلثبات الستخداميا فيما بعد في‬
‫المبلحقات القضائية المحمية منيا أك الدكلية في دكؿ أطراؼ في سياؽ نظـ المساعدة‬
‫القانكنية المتبادلة‪.2‬‬

‫كىذا ما أكدت عميو االتفاقية األكركبية لئلجراـ المعمكماتي‪ ،‬حيث نصت‬


‫المادة ‪ 29‬عمى سرية حفظ البيانات المعمكماتية المخزنة كأجازت لكؿ طرؼ أف يطمب‬
‫مف الطرؼ اآلخر الحفظ السريع لممعمكمات المخزنة عف طريؽ إحدل الكسائؿ‬
‫اإللكتركنية المكجكدة داخؿ النطاؽ المكاني لذلؾ الطرؼ اآلخر كالتي ينكم الطرؼ‬
‫طا لب المساعدة أف يقدـ طمبا لممساعدة بشأنيا بغرض القياـ بالتفتيش أك الدخكؿ بأم‬
‫طريقة مماثمة‪ ،‬كضبط أك الحصكؿ أك الكشؼ عف البيانات المشار إلييا‪.3‬‬

‫‪‌1‬الؽافري‌حسٌن‌بن‌سعٌد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .27‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .27‬‬
‫‪ٌ‌3‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .191‬‬

‫‪115‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كما أكدت المادة ‪ 30‬مف ذات االتفاقية عمى الكشؼ السريع عف البيانات‬
‫المحفكظة حيث نصت عمى‪ :‬أنو عند تنفيذ طمب حفظ البيانات المتعمقة بالتجارة غير‬
‫المشركعة كالمتعمقة باتصاؿ خاص تطبيقا لما ىك كارد في المادة ‪ 29‬فإف الطرؼ‬
‫المساند إذا اكتشؼ كجكد مؤدم خدمة في بمد آخر قد شارؾ في نقؿ ىذا االتصاؿ فإف‬
‫عميو أف يكشؼ عمى كجو السرعة إلى الطرؼ طالب المساعدة كمية كافية مف البيانات‬
‫المتعمقة بالتجارة غير المشركعة حتى يمكف تحديد ىكية مؤدم الخدمة ىذا كالطريؽ‬
‫الذم تـ االتصاؿ مف خبللو‪.‬‬

‫كما أشارت المادة ‪ 31‬مف ىذه االتفاقية إلى المساعدة المتعمقة بالدخكؿ إلى‬
‫البيانات المحفكظة‪ ،‬حيث أجازت ألم طرؼ أف يطمب مف أم طرؼ آخر أف يقكـ‬
‫بالتفتيش أك أف يدخؿ بأم طريقة مشابية كأف يضبط أك يحصؿ بطريقة مماثمة‪ ،‬كأف‬
‫يكشؼ عف البيانات المحفكظة بكاسطة شبكة المعمكمات داخؿ النطاؽ المكاني لذلؾ‬
‫الطرؼ كالتي يدخؿ فييا أيضا البيانات المحفكظة كفقا لممادة ‪.29‬‬

‫كيجب االستجابة لمثؿ ىذا الطمب بأسرع ما يمكف في الحاالت اآلتية‪:1‬‬

‫الحالة األكلى‪ :‬إذا كانت ىناؾ أسباب تدعك لبلعتقاد أف البيانات المعنية عرضة عمى‬
‫كجو الخصكص لمخاطر الفقد أك التعديؿ‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬أف الكسائؿ كاالتفاقيات كالتشريعات الكاردة في الفقرة الثانية تستمزـ تعاكنا‬
‫سريعا‪.‬‬

‫‪‌1‬خالد‌عٌاد‌الحلبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .264‬‬

‫‪116‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫في حيف نجد أف المادة ‪ 32‬مف ذات االتفاقية سمحت بالدخكؿ لمبيانات‬
‫المخزنة خارج نطاؽ الحدكد بشرط أف يككف ذلؾ بمكجب اتفاؽ أك أف تككف ىذه‬
‫البيانات متاحة لمجميكر‪.‬‬

‫أيضا نصت المادة ‪ 33‬عمى تعاكف الدكؿ األطراؼ فيما بينيا لجمع‬
‫البيانات في الكقت الحقيقي عف التجارة غير المشركعة‪ ،‬كالمرتبطة باتصاالت خاصة‬
‫عمى أرضيا تتـ بكاسطة شبكة معمكمات كفي إطار ما ىك منصكص عميو في الفقرة‬
‫الثانية‪.1‬‬

‫ينظـ ىذا التعاكف الشركط كاإلجراءات المنصكص عمييا في القانكف‬


‫الداخمي‪ ،‬كيمنح كؿ طرؼ تمؾ المساعدة عمى األقؿ بالنسبة لمجرائـ التي يككف جمع‬
‫المعمكمات بشأنيا في الكقت الحقيقي متكافر في األمكر المشابية عمى المستكل‬
‫المحمي‪.‬‬

‫ىناؾ أيضا المادة ‪ 34‬مف ذات االتفاقية كالتي نصت عمى التعاكف في‬
‫مجاؿ التقاط البيانات المتعمقة بمضمكف االتصاالت النكعية التي تتـ عف طريؽ إحدل‬
‫شبكات المعمكمات‪.‬‬

‫نبلحظ مما سبؽ أف االتفاقية األكركبية لئلجراـ المعمكماتي أكجدت بعض‬


‫الح مكؿ التي مف شأنيا التغمب عمى مشكمة اختبلؼ النظـ اإلجرائية أماـ التعاكف الدكلي‬
‫لمكاجية الجرائـ المتعمقة بشبكة اإلنترنت‪.‬‬

‫‪‌1‬خالد‌عٌاد‌الحلبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ . 265‬‬

‫‪117‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫انفشع انثبَي‬
‫انحذ يٍ ظبهشة عذو وجىد قُىاث اتصبل وحم يشكهت اإلختصبص‬
‫أوال‪ :‬انحذ يٍ ظبهشة عذو وجىد قُىاث اتصبل‬
‫كلمحد مف ظاىرة عدـ كجكد قنكات اتصاؿ بيف جيات إنفاذ القانكف فنبلحظ‬
‫أنو غالبا ما تشجع الصككؾ الدكلية الدكؿ إلى التعاكف فيما بينيا كتدعكىا إلى إنشاء‬
‫قنكات اتصاؿ بيف سمطاتيا المختصة كككاالتيا كدكائرىا المتخصصة بغية التيسير في‬
‫الحصكؿ عمى ىذه المعمكمات كتبادليا‪ ،‬كمف األمثمة عمى ىذه الصككؾ الدكلية اتفاقية‬
‫األمـ المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدكد الكطنية في المادة ‪27‬‬
‫منيا‪ ،‬كالمادة ‪ 9‬مف اتفاقية ‪ ،1988‬كالمادة ‪ 48‬مف اتفاقية األمـ المتحدة لمكافحة‬
‫الفساد‪.‬‬

‫كالبند الثاني مف المادة ‪ 27‬مف االتفاقية األكركبية مف اإلجراـ المعمكماتي‬


‫كالمادة ‪ 35‬مف ذات االتفاقية األكركبية كالتي أكجبت عمى الدكؿ األطراؼ فييا ضركرة‬
‫تحديد نقطة اتصاؿ تعمؿ لمدة ‪ 24‬ساعة يكميا طكاؿ أياـ األسبكع لكي تؤمف المساعدة‬
‫المباشرة لمتحقيقات المتعمقة بجرائـ البيانات كالشبكات أك استقباؿ األدلة ذات الشكؿ‬
‫اإللكتركني‪.‬‬

‫كىذه المساعدة تشمؿ تسييؿ أك إذا سمحت الممارسات كالقكانيف الداخمية‬


‫بذلؾ‪ ،‬تطبيؽ اإلجراءات التالية بصفة مباشرة‪:‬‬

‫‪ .1‬إسداء النصيحة الفنية‬


‫‪ .2‬حفظ البيانات كفؽ لممكاد ‪30 ،29‬‬
‫‪ .3‬جمع األدلة كاعطاء المعمكمات ذات الطابع القضائي كتحديد أماكف المشتبو‬
‫فييـ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كما أكجبت ذات المادة عمى الدكؿ األطراؼ ضركرة أف تتمكف نقطة‬
‫االتصاؿ مف االتصاؿ السريع بنقطة اتصاؿ الطرؼ اآلخر‪ ،‬كأف يعمؿ كؿ طرؼ عمى‬
‫أف يتكافر لديو األفراد المدربيف القادريف عمى تسييؿ عمؿ الشبكة‪.‬‬

‫ثبَيب‪ :‬حم يشكهت االختصبص‬


‫أما بالنسبة لمشكمة االختصاص في الجرائـ االمعمكماتية فثمة حاجة ممحة‬
‫إلى إبراـ اتفاقيات دكلية ثنائية كانت أك جماعية يتـ فييا تكحيد كجيات النظر فيما‬
‫يتعمؽ بقكاعد االختصاص القضائي خاصة بالنسبة لمجرائـ المتعمقة باالنترنت‪.‬‬

‫باإلضافة إلى تحديث القكانيف الجنائية المكضكعية منيا كاإلجرائية بما‬


‫يتناسب كالتطكر الكبير التي تشيده تكنكلكجيا المعمكمات كاالتصاالت‪.1‬‬

‫انفشع انثبنث‬
‫انقضبء عهى انصعىببث انخبصت ببنًسبعذاث انقضبئيت انذونيت وانتعبوٌ‬
‫انذوني في يجبل انتذسيب‬
‫أوال‪ :‬انقضبء عهى انصعىببث انخبصت ببنًسبعذاث انقضبئيت انذونيت‬

‫فيما يتعمؽ بالصعكبات الخاصة بالمساعدات القضائية الدكلية كالتباطؤ في‬


‫الرد فإننا نجد الحاجة ممحة إلى إيجاد كسيمة أك طريقة تتسـ بالسرعة تسمـ مف خبلليا‬
‫طمبات اإلنابة كتعييف سمطة مركزية مثبل أك السماح باالتصاؿ المباشر بيف الجيات‬
‫المختصة في النظر مثؿ ىذه الطمبات لنقضي عمى مشكمة البطء كالتعقيد في تسميـ‬
‫طمبات اإلنابة‪.‬‬

‫ىذا بالفعؿ ما أكصى بو مؤتمر األمـ المتحدة الحادم عشر لمنع الجريمة‬
‫كالعدالة الجنائية كالذم انعقد في بانككؾ في الفترة مف ‪2005/4/25–18‬ـ حيث أكد‬

‫‪ٌ‌1‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .193‬‬

‫‪119‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫عمى ضركرة تعزيز فعالية السمطات المركزية المعنية الضالعة في أعماؿ المساعدة‬
‫القانكنية المتبادلة كاقامة قنكات مباشرة لبلتصاؿ فيما بينيا بغية ضماف تنفيذ الطمبات‬
‫في الكقت المناسب‪.‬‬

‫نفس الشيء نجده في البند الثاني مف المادة ‪ 27‬مف االتفاقية األكركبية‬


‫بشأف اإلجراـ المعمكماتي كالمادة ‪ 35‬مف ذات االتفاقية األكركبية كالتي أكجبت عمى‬
‫الدكؿ األطراؼ فييا ضركرة تحديد نقطة اتصاؿ تعمؿ لمدة ‪ 24‬ساعة يكميا طكاؿ أياـ‬
‫األسبكع لكي تؤمف المساعدة المباشرة لمتحقيقات المتعمقة بجرائـ البيانات كالشبكات أك‬
‫استقباؿ األدلة في الشكؿ اإللكتركني عف الجرائـ‪.1‬‬

‫كما أكجبت ذات المادة عمى الدكؿ األطراؼ ضركرة أف تتمكف نقطة‬
‫االتصاؿ مف االتصاؿ السريع بنقطة اتصاؿ الطرؼ اآلخر كأف يعمؿ كؿ طرؼ عمى‬
‫أف يتكافر لديو أفراد المدربيف القادريف عمى تسييؿ عمؿ الشبكة‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمرد عمى طمبات التماس المساعدة فإنو مف الضركرة بمكاف‬
‫االستجابة الفكرية كالسريعة عمى ىذه الطمبات‪ ،‬ألجؿ ذلؾ تنص غالبية المعاىدات‬
‫كاالتفاقيات الخا صة بالمساعدات القضائية المتبادلة عمى ضركرة االستجابة الفكرية‬
‫كالسريعة عمى طمبات التماس المساعدة‪.2‬‬

‫ىذا ما أكدت عميو الفقرة الثالثة مف المادة ‪ 25‬مف االتفاقية األكركبية‬


‫لئلجراـ المعمكماتي حيث نصت عمى أنو‪ :‬يمكف لكؿ طرؼ‪ ،‬في الحاالت الطارئة أف‬
‫يكجو طمبا لممعاكن ة أك االتصاالت المتعمقة بيا عف طريؽ كسائؿ االتصاؿ السريعة مثؿ‬
‫الفاكس أك البريد اإللكتركني عمى أف تستكفي ىذه الكسائؿ الشركط الكافية المتعمقة‬

‫‪ٌ‌1‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .194‬‬
‫‪‌2‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .325‬‬

‫‪120‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫باألمف كصحتيا (كيدخؿ ضمف ذلؾ الكتابة السرية إذا ألزـ األمر) مع تأكيد رسمي‬
‫الحؽ إذا اقتضت الدكلة المطمكب منيا المساعدة في ذلؾ‪ ،‬كتقكـ الدكلة بالمكافقة عمى‬
‫ىذا الطمب كالرد عميو عف طريؽ إحدل كسائؿ االتصاؿ السريعة‪.1‬‬

‫أما فيما يخص القضاء عمى مشكمة التجريـ المزدكج كالذم يعد مف أىـ‬
‫الشركط الخاصة بنظاـ تسميـ المجرميف ركزت االتجاىات كالتطكرات التشريعية الخاصة‬
‫بتسميـ المجرميف عمى تخفيؼ التطبيؽ الصارـ ليذا الشرط‪ ،‬كذلؾ بإدراج أحكاـ عامة‬
‫في المعاىدات كاالتفاقيات المعنية بتسميـ المجرميف كذلؾ إما بسرد األفعاؿ كالتي تتطمب‬
‫أف تجرـ كجرائـ أك أفعاؿ مخمة بمقتضى قكانيف الدكلتيف معا أك بمجرد السماح بالتسميـ‬
‫ألم سمكؾ يتـ تجريمو‪.‬‬

‫ثبَيب‪ :‬تعزيز انتعبوٌ انذوني في يجبل انتذسيب‬


‫أما فيما يتعمؽ بالصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي في مجاؿ التدريب‬
‫فإنو يمكف التغمب عمييا بإجراء المزيد مف الحمبلت التكعكية لمتنبيو بمخاطر الجرائـ‬
‫المعمكماتية كاألضرار التي تسببيا كبأىمية تدريب رجاؿ العدالة الجزائرية عمى‬
‫مكاجيتيا‪ ،‬كما أنو كبمزيد مف التنسيؽ بيف األجيزة المعنية بتدريب رجاؿ تنفيذ القانكف‬
‫إيجاد برامج تدريبية مشتركة تناسب جميع الفئات‪.‬‬

‫ىذا باإلضافة إلى القياـ ببعض العمميات المشتركة كالتي مف شأنيا صقؿ‬
‫ميارات القائميف عمى مكافحة تمؾ الجرائـ كتقريب كجيات النظر بشأنيا‪.2‬‬

‫ختاما ليذا الباب يمكف القكؿ أف الجرائـ المعمكماتية تعد ظاىرة إجرامية‬
‫مشددة‪ ،‬كلقد تنبيت حككمات الدكؿ إلى حجـ المخاطر كالخسائر الناتجة عنيا باعتبارىا‬
‫تستيدؼ االعتداء عمى المعطيات بدالالتيا التقنية الكاسعة يرتكبيا األشخاص عمى قدر‬

‫‪‌1‬خالد‌عٌاد‌الحلبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .263‬‬
‫‪ٌ‌2‬وسؾ‌حسن‌ٌوسؾ‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .195‬‬

‫‪121‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الدويل‬ ‫الباب االول‬

‫كبير مف الذكاء‪ ،‬يمتمككف أدكات المعرفة التقنية التي يستخدمكنيا في االعتداء عمى‬
‫الحؽ في خصكصية المعمكمات كعمى المعطيات المخزنة أك المنقكلة عبر نظـ كشبكات‬
‫االنترنت‪.‬‬

‫كما أف خطكرة مثؿ ىذه الجرائـ تكمف في أنيا تطاؿ الحياة الخاصة لؤلفراد‬
‫كتيدد األمف القكمي كالسيادة الكطنية‪ ،‬كاف إدراؾ الدكؿ لآلثار السمبية ليذه الجرائـ‬
‫يفرض عمى الدكؿ إعطاء أىمية استثنائية لمتعامؿ مع ىذه الظاىرة كالحد مف نطاؽ‬
‫مخاطرىا االقتصادية‪ ،‬كاألمنية كاالجتماعية كالثقافية كال يأتي ىذا إال بتعاكف دكلي فعاؿ‬
‫لككنو يمثؿ األسمكب األمثؿ لمكاجية ىذا النكع مف الجرائـ نظ ار ألنيا غالبا ما تتـ مف‬
‫أماكف مختمفة مف العالـ إف ىذا التعاكف ال يمثؿ خيا ار فقط بؿ أضحى حتمية حيث أنو‬
‫يشكؿ اآللية األكثر فعالية لمكقاية مف خطكرة تمؾ الجرائـ كلمنع مرتكبي ىذه الجرائـ مف‬
‫اإلفبلت مف العقاب كلذلؾ يتكجب التكصؿ إلى قدر مف االتفاؽ بشأف معايير ىذا‬
‫التعاكف كآليات تفعيؿ ككيفية مكاجية ىذه الجرائـ‪.1‬‬

‫لكف بالرغـ مف ضركرة كجكد تعاكف دكلي في مكافحة الجريمة المعمكماتية‬


‫إال أف ىناؾ عكائؽ كصعكبات تحكؿ دكف ذلؾ بؿ كتجعؿ مف ىذا التعاكف صعبا‪.‬‬

‫‪‌1‬قزران‌مصطفى‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .18‬‬

‫‪122‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الباب الثاني‬

‫مكافحة الجريمة المعمكماتية عمى المستكل الداخمي‬

‫لقد أدل ظيكر المعمكماتية كتطبيقاتيا المتعددة إلى بركز مشاكؿ قانكنية جديدة‬
‫في نطاؽ القانكف الجنائي كفي غيره مف فركع القانكف األخرل‪ ،‬فرض حميا البحث في‬
‫األكضاع القانكنية القائمة كمدل مبلءمتيا لمكاجية ىذه المشاكؿ‪ ،‬كلما كاف القاضي‬
‫الجنائي مقيدا عند نظره في الدعكل الجنائية بمبدأ شرعية الجرائـ كالعقكبات فإنو ال‬
‫يستطيع أف يجرـ أفعاال لـ ينص عمييا المشرع حتى كلك كانت ىذه األفعاؿ مستيجنة‬
‫كعمى مستكل عاؿ مف الخطكرة االجتماعية كاالقتصادية‪ ،‬مما أدل إلى ظيكر فكرة‬
‫تطكيع النصكص التقميدية المتعمقة بجرائـ األمكاؿ كتعديميا بحث تتبلءـ كطبيعة الماؿ‬
‫المعمكماتي غير أنيا لـ تحقؽ الحماية الكافية ليذا الماؿ نظ ار لطبيعتو المتطكرة التي‬
‫تختمؼ عف الماؿ التقميدم‪ ،‬كىك ما استقر بالفقو إلى إخضاع المعمكماتية لقكانيف الممكية‬
‫الفكرية كالتي تعد طريقة فعالة في ظاىرىا لما تكفره مف حماية جنائية ىامة ضد أم‬
‫تقميد لبرامج الحاسب اآللي باعتبارىا نتاجا ذىنيا كفكريا يخكؿ لصاحبو حقكقا ال يجكز‬
‫لمغير المساس بيا‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمكافحة الجريمة المعمكماتية مف خبلؿ نصكص خاصة كالتي‬


‫تبناىا المشرع في التعديؿ األخير بمكجب القانكف رقـ ‪ 15-04‬المتضمف قانكف‬
‫العقكبات كالذم أدمج في الفصؿ الثالث مف الباب الثاني مف الكتاب الثالث قسما سابعا‬
‫مكرر عنكانو "المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات" كيشمؿ المكاد مف ‪ 394‬إلى‬
‫‪ 394‬مكرر ‪ ،7‬فتعتبر مكافحة فعالة نظ ار لما تمتاز بو مف شمكلية‪ ،‬بحيث جاءت‬

‫‪123‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫لتشمؿ أغمب الجرائـ التي قد تمس نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات بصفة عامة‪ ،‬ككذا‬
‫تضمنت أغمب الجرائـ التي قد تمس البيانات كالمعطيات المككنة ليذا النظاـ‪ ،‬غير أنيا‬
‫تحتاج إلى نصكص إجرائية تبلزميا نظ ار لما تمتاز بو الجريمة المعمكماتية مف‬
‫خصكصية تختمؼ عف باقي الجرائـ‪.‬‬

‫فالعبلقة بيف الجريمة المعمكماتية كمبادئ اإلجراءات الجنائية تعتبر عبلقة‬


‫كطيدة باعتبارىا الكسيمة الفعالة لمكافحتيا‪ ،‬لذلؾ البد مف الحديث عمى الصعكبات التي‬
‫تكاجو عممية مباشرة الدعكل الجنائية كاإلثبات بالدليؿ الجنائي كسمطات االستدالؿ‬
‫كالتحقيؽ في مثؿ ىاتو الجرائـ‪ ،‬كبناء عمى ما سبؽ قسمت الباب الثاني كالتالي‪:‬‬

‫الفصؿ األكؿ‪ :‬المكاجية التشريعية لمجريمة المعمكماتية‬

‫الفصؿ الثاني‪ :‬المكافحة اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية‬

‫‪124‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفصؿ األكؿ‬

‫المكاجية التشريعية لمجريمة المعمكماتية‬


‫مف المعمكـ أف اإلجراـ المعمكماتي في ببلدنا لـ يتخذ نفس األبعاد المحققة في‬
‫الدكؿ المتقدمة‪ ،‬لكف ىذا ال ينفي ضركرة التصدم لبكادره التي بدأت تتجمى لمعياف‪ ،‬كىذا‬
‫حتى ال تستفحؿ ىذه الكضعية مع كتيرة النمك المتسارع في استخداـ النظـ‬
‫المعمكماتية‪ ،‬فضبل عف العكلمة كالتطكر التكنكلكجي اليائؿ‪ ،‬ما يكفر مناخا مبلئما‬
‫النتياؾ حرمة البيانات الشخصية كالمساس باألمف الكطني‪.‬‬

‫كبالفعؿ فإف المشرع سارع لتدارؾ ىذا األمر مؤخرا‪ ،‬فاستحدث أحكاما قانكنية‬
‫لحماية البرامج كىذا ضمف األمر رقـ ‪ 10-97‬المؤرخ في ‪ 1997/03/06‬المتعمؽ‬
‫بحؽ المؤلؼ كالحقكؽ المجاكرة‪ ،1‬كتـ تعديمو بمكجب األمر ‪ 05-03‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2003/07/19‬المتعمؽ بحؽ المؤلؼ كالحقكؽ المجاكرة المعدؿ كالمتمـ لؤلمر‬
‫‪ ،214-73‬ككذا التعديؿ األخير لقانكف العقكبات ‪ 15-04‬المؤرخ في ‪2004/11/10‬‬
‫المعدؿ كالمتمـ لؤلمر ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضمف قانكف‬
‫العقكبات‪ ،3‬الذم عالج فيو المساس بأنظمة المعالجة اآللية لمبيانات‪.‬‬

‫كعميو تـ تقسيـ ىذا الفصؿ إلى مبحثيف‪:‬‬

‫المبحث األكؿ‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار نصكص الممكية الفكرية‬

‫‪‌ 1‬األمر ‌رقم ‌‪‌ 10-97‬المؤرخ ‌فً ‌‪‌ 1997/03/06‬المتعلق ‌بحق ‌المؤلؾ ‌والحقوق ‌المجاورة ‌(ج‪.‬ر ‌‪‌ 13‬فً‌‬
‫‪‌ .)1997/03/12‬‬
‫‪‌ 2‬األمر ‌رقم ‌‪‌ 05/03‬المؤرخ ‌فً ‌‪‌ 2003/07/19‬المتعلق ‌بحق ‌المؤلؾ ‌والحقوق ‌المجاورة ‌(ج‪.‬ر ‌‪‌ 44‬فً‌‬
‫‪‌ .)2003/07/23‬‬
‫‪‌ 3‬القانون‌‪‌ 15/04‬المؤرخ‌فً‌‪‌ 2004/11/10‬المعدل‌والمتمم‌لألمر‌رقم‌‪‌ 156/66‬المؤرخ‌فً‌‪‌1966/06/08‬‬
‫المتضمن‌قانون‌العقوبات‌(ج‪.‬ر‌‪‌71‬فً‌‪‌ .)2004/11/10‬‬

‫‪125‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار قانكف العقكبات‬

‫المبحث األكؿ‬

‫مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار نصكص الممكية الفكرية‬


‫أف المشرع يستيدؼ مف تقرير نصكص خاصة بالممكية الفكرية‬
‫مف المعركؼ ّ‬
‫إلى حماية حؽ اإلنساف في الفكر كاإلبداع كاالبتكار الذم يعتبر العامؿ الرئيسي لتقدـ‬
‫فإف‬
‫المجتمع في كافة المجاالت‪ ،‬كطالما كاف ىذا ىك اليدؼ مف تقرير ىذه النصكص‪ّ ،‬‬
‫المادية لمحاسب‪ ،‬أم كيانو المنطقي عمى‬
‫ّ‬ ‫ذلؾ يدعك لمتساؤؿ‪ :‬أليست المككنات غير‬
‫رأسيا برامجو كبياناتو تعتبر نتاج فكر كجيد ذىني كبدني لئلنساف؟‬

‫يقررىا‬
‫كعميو فما المانع مف خضكع برامج كبيانات الحاسب اآللي لمحماية التي ّ‬
‫أف ىذه النصكص تكفؿ نكعاف مف‬
‫المشرع بمقتضى ىذه النصكص؟ كخاصة إذا عممنا ّ‬
‫األكؿ يدكر في إطار نصكص برامج االختراع كالثاني يدكر في إطار نصكص‬
‫الحماية‪ّ ،‬‬
‫حؽ المؤلّؼ‪ .‬كقد اختمؼ الفقو كالقضاء اختبلفا ّبينا في مدل حماية برامج الكمبيكتر أك‬
‫إدراج ىذه البرامج ضمف نطاؽ الممكية الفكرية بشقييا‪ ،‬كمعرفة أم النظاميف أكثر‬
‫عدة إلى إدراجيا ضمف نطاؽ‬
‫مبلئمة لحماية ىذا اإلنتاج الذىني‪ ،‬فذىبت تشريعات ّ‬
‫تردد‪.‬‬
‫قانكف حؽ المؤلّؼ دكف أم ّ‬

‫أف التطكر الحاصؿ في العالـ الغربي كاف لو أثر عمى الرؤية التشريعية‬
‫غير ّ‬
‫المبلئمة لمحماي ة التي انقمبت في ىذا الجزء مف العالـ إلى نظاـ براءة االختراع نتيجة‬
‫لمبررات كعكامؿ خاصة بيا‪ ،‬كىك ما دفع بعض الدكؿ خاصة األكركبية إلى مراجعة‬
‫ّ‬
‫تشريعاتيا كالنظر في مدل مبلئمتيا لنظاـ براءة االختراع‪ ،‬كىذا ىك الجدؿ حديث‬
‫الساعة في العالـ الغربي‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كبناء عمى ذلؾ‪ ،‬سكؼ أدرس ضمف ىذا المبحث‪:‬‬

‫الحماية الجنائية في إطار نصكص براءة اإلختراع (المطمب األكؿ) كالحماية‬


‫الجنائية في إطار نصكص حؽ المؤلؼ (المطمب الثاني)‪.‬‬

‫المطمب األكؿ‬

‫مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار نصكص براءة االختراع‬


‫أكلت معظـ التشريعات اىتماما بالمبتكرات كاالختراعات الجديدة بشتّى‬
‫أنكاعيا‪ ،‬بينيا المشرع الجزائرم حيث بسط بدكره حمايتو عمييا‪ ،‬كالتي تككف نتيجتيا‬
‫منتكج جديد كطريقة جديدة ذات تطبيؽ صناعي‪ ،‬كذلؾ بكاسطة قانكف براءة االختراع‬
‫كالمتمثّؿ في المرسكـ التشريعي رقـ ‪ 17 – 93‬المؤرخ في ‪ 07 :‬ديسمبر ‪ ،1993‬ككذا‬
‫األمر ‪ 07–03‬المؤرخ في ‪ 19 :‬جكيمية ‪ ،2003‬فيما يخص براءة االختراع‪.1‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫مفيكـ براءة االختراع‬


‫المادة ‪ 2‬مف األمر ‪ 07–03‬السالؼ الذكر االختراع عمى ّأنو‪" :‬فكرة‬
‫ّ‬ ‫عرفت‬
‫يعرفو بعض الفقو‬
‫محدد في مجاؿ التقنية"‪ .‬كما ّ‬
‫لمخترع تسمح عمميا بإيجاد ح ّؿ لمشكؿ ّ‬
‫كلكنو كاف‬
‫بأنو‪" :‬إيجاد لشيء لـ يكف مكجكدا مف قبؿ أك اكتشاؼ شيء كاف مكجكدا ّ‬
‫ّ‬

‫‪ ‌ 1‬عكاشة ‌محً ‌الدٌن‪‌ ،‬محاضرات ‌فً ‌الملكٌة ‌األدبٌة ‌والفنٌة‪‌ ،‬دٌوان ‌المطبوعات ‌الجامعٌة‪‌ ،‬الجزائر‪‌،2001‌ ،‬‬
‫ص‪‌ ‌.37‬‬

‫‪127‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أىميتو‬
‫مجيكال كغير ممحكظ ثـ إب ارزه في المجاؿ الصناعي بصرؼ النظر عف ّ‬
‫الصناعية"‪.1‬‬

‫"أف قابمية االختراع لمحصكؿ عمى براءة عنو تدكر كجكدا‬


‫كيرل البعض اآلخر‪ّ :‬‬
‫تقدـ مممكس في الفف‬
‫يؤدم إلى ّ‬
‫أىميتو الصناعية‪ .‬فاالختراع الذم ال ّ‬
‫أك عدما مع ّ‬
‫الصناعي ال يستحؽ براءة عنو‪ .‬فأساس االختراع كفقا ليذا الرأم ىك كجكد عمؿ أصيؿ‬
‫يتعدل ما يمكف أف يصؿ إليو الخبير العادم إذا أحسػف استغبلؿ مياراتو (خب ارتػو‬
‫ّ‬
‫الفنية)"‪.2‬‬

‫الضيؽ بمصطمح "النظاـ"‪ ،‬أم‬


‫ّ‬ ‫المقصكد بنظاـ براءات االختراع في المعنى‬
‫ظمة لبراءة االختراع كشركط منحيا‪ ،‬كاجراءات‬
‫المطبقة كالمن ّ‬
‫ّ‬ ‫مجمكعة القكاعد القانكنية‬
‫أما براءة االختراع فيي كثيقة تمنحيا الدكلة لممخترع‬
‫ذلؾ ككؿ ما يتعمّؽ بيذه األحكاـ‪ّ .‬‬
‫لمدة‬
‫المقررة ليذا الغرض كذلؾ ّ‬
‫فتخكؿ لو حؽ استغبللو ماليا‪ ،‬كالتمتّع بالحماية القانكنية ّ‬
‫ّ‬
‫محدكدة كبشركط معينة‪ .‬كبشأف الشركط التي يجب تكافرىا في االختراع فقد نصت‬
‫المادة ‪ 03‬مف األمر ‪ 07 – 03‬السابؽ ذكره عمى ما يمي‪" :‬يمكف أف تقع تحت حماية‬
‫براءة االختراع‪ ،‬االختراعات الجديدة الناتجة عف نشاط اختراعي كالقابمة لمتطبيؽ‬
‫صناعيا"‪ .‬كمنو يمكف القكؿ‪ّ ،‬أنو حتى يحظى اختراع ما بالحماية ضمف نطاؽ براءة‬
‫الجدة كالقابمية لمتطبيؽ الصناعي‪.‬‬
‫االختراع‪ ،‬كجب تكافر شرطي االبتكار ك ّ‬

‫التعريؼ‬ ‫إلى‬ ‫السبؽ‬ ‫بيما‬ ‫فيقصد‬ ‫كاالبتكار‪،‬‬ ‫الجدة‬


‫ّ‬ ‫شرطي‬ ‫أما‬
‫ّ‬
‫الجدة فقد تككف نسبية –أخذ بيا المشرع المصرم– حيث ّأنو ال يعتبر‬
‫باالختراع‪ ،‬ك ّ‬

‫‪‌1‬محمد‌سامً‌الشوا‪‌،‬ثورة‌المعلومات‌وانعكاساتها‌على‌قانون‌العقوبات‪‌،‬دار‌النهضة‌العربٌة‪‌،‬القاهرة‪‌،1994‌،‬ص‌‬
‫‪‌ .28‬‬
‫‪ ‌ 2‬عمر ‌الفاروق ‌الحسٌنً‪‌ ،‬المشكالت ‌الهامة ‌فً ‌الجرائم ‌المتصلة ‌بالحاسب ‌اآللً ‌وأبعادها ‌الدولٌة‪‌ ،‬دراسة ‌نقدٌة‌‬
‫وتحلٌلٌة ‌لنصوص ‌التشرٌع ‌المصري ‌مقارنة ‌بالتشرٌع ‌الفرنسً‪‌ ،‬الطبعة ‌الثانٌة‪‌ ،‬دار ‌النهضة ‌العربٌة‪‌ ،‬القاهرة‪‌،‬‬
‫‪‌،1995‬ص‌‪‌ ‌27-‌26‬‬

‫‪128‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫االختراع جديدا إذا كاف قد سبؽ استعمالو في خبلؿ الخمسيف سنة السابقة عمى تقديـ‬
‫الجدة المطمقة إلى أبعد حدكد‬
‫البراءة كذلؾ عمى خبلؼ المشرع الفرنسي الذم يأخذ بمبدأ ّ‬
‫أف مخترعو قد‬
‫اإلطبلؽ بشأف براءة االختراع‪ ،‬فيكفي إلسقاط حماية المخترع أف يثبت ّ‬
‫كسيمة‪ ،‬كنفس المنيج‬ ‫أم مكاف في العالـ‪ ،‬كفي أم كقت‪ ،‬كبأم‬
‫سبؽ اختراعو في ّ‬
‫الجدة إالّ ّأنو يتغاضى بصفة استثنائية عف ىذه الشرط‪.1‬‬
‫انتيجو المشرع الجزائرم بصدد ّ‬

‫يؤدم استعماؿ االبتكار إلى نتيجة‬


‫أما القابمية لمتطبيؽ الصناعي‪ ،‬فيي أف ّ‬
‫ّ‬
‫صناعية تصمح لبلستخداـ في مجاؿ الصناعة‪.2‬‬

‫أف المقصكد بيذا الشرط ىك‪" :‬أف يترتّب عمى االختراع‬


‫بينما يرل بعض الفقو ّ‬
‫الفف سكاء الصناعي أك الزراعي‪."3‬‬
‫نتيجة مممكسة في كافة مجاالت ّ‬

‫بالفعؿ‪ ،‬إذ‬ ‫كبمعنى أدؽ‪ ،‬فيي قابمية االختراع لبلستخداـ دكف أف يتحقؽ ذلؾ‬
‫يتكقؼ ذلؾ عمى الفرص السانحة‪ ،‬فقابمية االختراع لبلستخداـ الصناعي كالتطبيؽ‬
‫العممي فييا ىي التي تسـ االختراع بالصفة الصناعية سكاء سنحت الفرصة أـ ال‪.4‬‬

‫فإف الفقو التجارم كاف كاف قد اختمؼ عمى ترتيب شركط‬


‫كبناء عمى ما سبؽ‪ّ ،‬‬
‫فإنو متّفؽ عمى الطابع المادم ليذا االختراع‬
‫تؤىمو لمحصكؿ عمى البراءة‪ّ ،‬‬
‫االختراع التي ّ‬
‫أك االبتكار الجديد القابؿ لبلستغبلؿ الصناعي‪.‬‬

‫فإنو يمكف القكؿ بامتداد نطاؽ حماية قانكف براءة االختراع‬


‫كمف ىذا المنطمؽ‪ّ ،‬‬
‫إلى المككنات المادية لمحاسب اآللي إذا تكافرت الشركط السالفة الذكر‪ ،‬كلكف ىؿ مف‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬الحماٌة‌الجنائٌة‌لبرامج‌الكومبٌوتر‌فً‌التشرٌع‌الجزائري‪‌،‬دار‌الهدى‪‌،‬الجزائر‪‌،2010‌،‬ص‌‪‌ .69‬‬
‫‪‌2‬عمر‌الفاروق‌الحسٌنً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .27‬‬
‫‪‌3‬محمد‌سامً‌الشوا‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .31‬‬
‫‪‌4‬محمد‌حسن‪‌،‬الوجٌز‌فً‌الملكٌة‌الفكرٌة‪‌،‬المؤسسة‌الوطنٌة‌للكتاب‌الجزائري‪‌،1985‌،‬ص‌‪‌ .127‬‬

‫‪129‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المادية أك الكياف المنطقي‬


‫ّ‬ ‫تصكر تكافر ىذه الشركط كامتدادىا إلى المككنات غير‬
‫الم ّ‬
‫لمحاسب اآللي؟‬

‫الفرع الثاني‬

‫مدل انطباؽ الشركط الخاصة باإلختراع عمى المعمكماتية؟‬


‫ألنيا تستعمؿ‬
‫أف برامج الحاسكب ك ّ‬
‫يرل القائمكف بالحماية بقكانيف براءة االختراع ّ‬
‫كلما كانت البرامج‬
‫لمتّعامؿ مع آالت الحاسكب كادارتيا‪ ،‬فيي بذلؾ تصبح جزء منيا‪ّ ،‬‬
‫تتضمف استخدامات جديدة ألفكار كمبادئ عممية لتشغيؿ الحاسب فيي مف ىذه الزاكية‬
‫ّ‬
‫تصبح قابمة لبراءة االختراع‪.1‬‬

‫عدة أسباب تحكؿ دكف امتداد نصكص براءة االختراع إلى‬


‫كالكاقع ّأنو يكجد ّ‬
‫المككنات غير المادية لمحاسب أك ما يعرؼ بكيانو المنطقي يمكف بمكرتيا فيما يمي‪:‬‬

‫تجرد الكياف المنطقي لمحاسب مف الطابع الصناعي حيث ال تتكافر فيو‬


‫‪ّ .1‬‬
‫الشركط الكاجب تكافرىا لممنتج الجديد‪ ،‬النتفاء الصفة المادية عنو‪.2‬‬
‫جدة االختراع بالنسبة لمكياف المنطقي‬
‫‪ .2‬صعكبة التقرير بتكافر شرط ّ‬
‫لمحاسب‪ ،‬ككفقا لممادة ‪ 09‬مف األمر ‪ 07–03‬السالؼ الذكر‪" :‬يعتبر االختراع ناتجا عف‬
‫نشاط اختراعي إذا لـ يكف ناجما بداىة عف الحالة التقنية"‪.‬‬

‫كعميو يجب لمتقرير بتكافر ىذا الشرط أف يككف لمجية التي تقكـ بفحص طمبات‬
‫قرر ما إذا كاف قد سبؽ تقديـ اختراعات مشابية‬
‫البراءة قد ار معقكال مف الدراسة لكي ت ّ‬

‫‪1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .71‬‬
‫‪ ‌ 2‬عفٌفً‌كامل‌عفٌفً‪‌،‬جرائم‌الكومبٌوتر‌وحقوق‌المؤلؾ‌والمصنفات‌الفنٌة‪‌،‬دار‌الثقافة‌للطباعة‌والنشر‪‌،‬القاهرة‪‌،‬‬
‫‪‌،1999‬ص‪‌ .55‬‬

‫‪130‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫لبلختراع المقدـ الطمب بشأنو أـ ال‪ ،‬األمر الذم يتطمّب أف تككف ىذه الجية عمى درجة‬
‫التميز في المجاؿ الذم تتكلى البحث عنو‪.1‬‬
‫عالية مف الكفاءة ك ّ‬

‫تتميز بو مف‬
‫جدة االختراع في معظـ األحياف يككف أم ار جزافيا لما ّ‬
‫كتقرير ّ‬
‫إف ىذا التقرير قد يككف صعبا عمى المبرمجيف ذاتيـ‪ ،‬كاف كاف‬
‫طابع ذىني بحت‪ ،‬بؿ ّ‬
‫فإننا نتساءؿ مع البعض كيؼ يككف مكقؼ القاضي مف ىذه المسالة‬
‫ذلؾ ىك الحاؿ‪ّ ،‬‬
‫الجدة لمبيانات‬
‫أف صعكبة تقييـ طابع ّ‬
‫فإنو يسكغ أف نقكؿ ّ‬
‫عند عرضيا عميو؟ كبالتالي ّ‬
‫مرده العتبارات قانكنية‪ ،‬بؿ مرجع ذلؾ عدـ تكافر الكفاءات البلزمة‬
‫المادية ليس ّ‬
‫ّ‬ ‫غير‬
‫الجدة بالنسبة لو مف‬
‫التي يمكنيا بحث كفحص الكياف المنطقي كالنظر في تكافر شرط ّ‬
‫عدمو‪.2‬‬

‫‪ .3‬صعكبة قابمية الكياف المنطقي لبلستغبلؿ‪ :‬لقد ذكرنا سالفا ّأنو يجب أف يككف‬
‫لبلختراع قابمية لمتطبيؽ الصناعي لكي يتمتّع بنصكص الحماية القانكنية الخاص ببراءة‬
‫مادية كيجب‬
‫أف ىذا الشرط يفترض بداية أف يككف االختراع ذم صفة ّ‬
‫االختراع‪ ،‬كقمنا ّ‬
‫يؤدم استغبللو إلى منتج صناعي أك يم ّكف مف الكصكؿ إلى نتيجة صناعية‪ ،‬كك ّؿ‬
‫أف ّ‬
‫ىذه األمكر تتناقض مع الكياف المنطقي ذم الطابع الذىني أك المعنكم‪.3‬‬

‫غير ّأنو يمكف أف ينطبؽ عمييا كصؼ كسائؿ صناعية مستحدثة كبالتالي‬
‫تصكر ذلؾ في‬
‫ّ‬ ‫المقررة في قانكف براءة االختراع‪ .‬كيمكف‬
‫يمكف أف يسبغ عمييا الحماية ّ‬
‫المتطكرة دائما التي تعتبر مف أحدث الكسائؿ التي تستخدـ في‬
‫ّ‬ ‫البرامج المعمكماتية‬
‫الصناعة كفي تطكيرىا‪ ،‬كفي اختزاؿ العمميات الصناعية كتكفير األيدم العاممة كالكقت‬
‫يعد تفسي ار فقييا يتّفؽ‬
‫كالجيد كالخبرة الصناعية عمييا لعدـ طبيعتيا المادية‪ .‬كلكف ذلؾ ّ‬

‫‪‌1‬محمد‌سامً‌الشوا‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.33‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .34‬‬
‫‪ ‌3‬أمال‌قارة‪‌،‬الحماٌة‌الجنائٌة‌للمعلوماتٌة‌فً‌التشرٌع‌الجزائري‪‌،‬دار‌هومة‪‌،‬الجزائر‪‌،‬ص‌‪‌ .67‬‬

‫‪131‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫معيف‪ ،‬اكتسب‬
‫تـ استخداميا في غرض صناعي ّ‬
‫كطبيعتو العممية كىي مج ّرد أفكار إذا ّ‬
‫تـ استثمارىا يصاحبيا نشاط‬
‫براءة االختراع‪ ،‬كذلؾ فالبرامج أك الكياف المنطقي إذا ما ّ‬
‫مممكس عمى العمميات التي تجرييا كليس عمى ذاتيتيا غير المادية‪.1‬‬

‫كحكصمة لما تـ شرحو يبلحظ ّأنو كعمى الرغـ مف مناداة جانب كبير مف الفقو‬
‫ممف يركف أف أحكاـ قانكف براءة االختراع تتضمف حماية البرامج كالبيانات‪ ،‬كىك نفس‬
‫أف الرأم الغالب يرل العكس باستبعادىا مف‬
‫المكقؼ لبعض التشريعات المقارنة‪ ،‬إالّ ّ‬
‫المشرع الفرنسي بمكجب القانكف‬
‫ّ‬ ‫نطاؽ ىذه الحماية ألسباب أك ألخرل‪ ،‬كىك ما أخذ بو‬
‫الصادر في ‪ 01‬يكليك ‪ 1982‬في شأف براءات االختراع حيث نص عمى ذلؾ صراحة‬
‫في المادة ‪ 10‬فقرة ‪ 2‬بند ‪ 3‬منو بعدـ اعتبار برامج الكمبيكتر مف االختراعات‬
‫‪2‬‬
‫الصناعية‪.‬‬

‫المشرع الجزائرم بحيث استبعد برامج الكمبيكتر‬


‫ّ‬ ‫كنفس االتجاه سار عميو‬
‫صراحة مف نطاؽ الحماية بكاسطة قانكف براءة االختراع‪ ،‬كما كرد في المادة ‪ 07‬مف‬
‫المرسكـ التشريعي رقـ ‪ 17 – 93‬المؤرخ في ‪ 07‬ديسمبر ‪ ،1993‬ككذا األمر‬
‫تعد‬
‫‪ 07–03‬المؤرخ في ‪ 19‬جكيمية ‪ ،2003‬المتضمف براءة االختراع حيث نص‪" :‬ال ّ‬
‫مف قبيؿ االختراعات في مفيكـ ىذا األمر برامج الحاسكب"‪.‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار نصكص حؽ المؤلؼ‬


‫لقد ترتب عمى عدـ حماية البرامج ضمف نطاؽ براءة االختراع أف اتّجو الفقو‬
‫أف البرامج كالمعمكمات اإللكتركنية مف قبيؿ‬
‫إلى قانكف حماية حؽ المؤلّؼ‪ ،‬عمى اعتبار ّ‬

‫‪‌1‬عفٌفً‌كامل‌عفٌفً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌57-‌56‬‬
‫‪‌2‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌76‬‬

‫‪132‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المصنفات المشمكلة بالحماية مف قبؿ القانكف‪ ،‬بحيث يش ّكؿ أم اعتداء عمى برامج‬
‫ّ‬
‫الكمبيكتر مخالفة ألحكاـ قانكف حؽ المؤلّؼ‪ .‬كرغـ ذلؾ فقد اختمؼ الفقو كالقضاء‬
‫مؤيد إلسباغ ىذه الحماية مف خبلؿ‬
‫كتباينت التشريعات بيذا الصدد أيضا بيف معارض ك ّ‬
‫قانكف حؽ المؤلّؼ عمى برامج الكمبيكتر‪ .‬كسكؼ أعالج ىذه االختبلؼ عبر‬
‫حؽ‬
‫فرعيف‪ ،‬أدرس في الفرع األكؿ منو مدل اعتبار المعمكماتية مكضكع مف مكضكعات ّ‬
‫المؤلّؼ‪ ،‬أما الفرع الثاني سأدرس ضمنو الجرائـ الكاقعة عمى البرامج كالبيانات في نطاؽ‬
‫حؽ المؤلّؼ‪.‬‬
‫ّ‬

‫الفرع األكؿ‬

‫مدل اعتبار المعمكماتية مكضكع مف مكضكعات حؽ المؤلّؼ‬


‫لقد حسمت التشريعات ك ّؿ خبلؼ حكؿ ىذه المسألة‪ ،‬فظيرت ّأكؿ دراسة‬
‫حؽ المؤلّؼ في الكاليات المتحدة األمريكية كنشرت عاـ‬
‫لحماية البرامج ضمف نطاؽ ّ‬
‫‪ ،1964‬كبعد عاميف كافؽ مكتب حقكؽ المؤلؼ )‪ (copyright office‬عمى إيداع‬
‫كمصنفات كىك ما يعني ّأنو قد قبؿ بصكرة غير مباشرة حماية البرنامج‬
‫ّ‬ ‫البرامج لديو‬
‫حؽ المؤلّؼ‪.1‬‬
‫مصنؼ‪ ،‬كيخضع بالتالي ألحكاـ ّ‬
‫ّ‬ ‫عمى أساس ّأنو‬

‫أما في فرنسا فقد صدر القانكف رقـ ‪ 66 – 86‬بتاريخ ‪ 03‬جكيمية ‪ 1985‬في‬


‫ّ‬
‫شأف بعض األحكاـ الخاصة بحؽ المؤلّؼ‪ ،‬كبمقتضى المادة ‪ 1‬منو أضيفت برامج‬
‫الكمبيكتر دكف تخصيص إلى التعداد الكارد في المادة ‪ 3‬مف قانكف حماية المؤلؼ‬
‫المصنفات المحمية بمكجب ىذا القانكف‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫الصادر في ‪ 11‬مارس ‪ 1957‬ضمف‬

‫‪ ‌ 1‬خالد ‌مصطفى ‌فهمً‪‌ ،‬الحماٌة ‌القانونٌة ‌لبرامج ‌الكمبٌوتر‪‌ ،‬دار ‌الجامعة ‌الجدٌدة ‌للنشر‪‌ ،‬اإلسكندرٌة‪‌،2005‌ ،‬‬
‫ص‪‌ .29‬‬
‫‪‌‌2‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.77‬‬

‫‪133‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫عدؿ المشرع الفرنسي قانكف حماية الممكية الفكرية كذلؾ بمكجب القانكف‬
‫كقد ّ‬
‫تـ تعديؿ ثبلث مكاد كالغاء كاحدة كاإلبقاء عمى‬
‫الصادر بتاريخ ‪ ،1994/05/10‬حيث ّ‬
‫كتـ اإلبقاء عمى المادة‬
‫المخصصة لحماية برامج الكمبيكتر‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ثبلث مكاد مف السبعة‬
‫(‪ 123‬ؼ ‪ )5‬لكي يتّفؽ القانكف الفرنسي مع التكجو األكركبي كالتشريعات األكركبية‪.1‬‬

‫لممشرع عندنا كاف كاف لـ يدرج برامج الكمبيكتر صراحة ضمف‬


‫ّ‬ ‫أما بالنسبة‬
‫ّ‬
‫فإف ىذا التعداد كرد عمى سبيؿ المثاؿ ال‬
‫حؽ المؤلّؼ‪ّ ،‬‬
‫المصنفات الخاضعة لحماية ّ‬
‫ّ‬
‫الحصر في األمر ‪ 14 –73‬المتعمّؽ بحقكؽ المؤلّؼ‪ ،‬كبعد تعديمو بمكجب األمر‬
‫بحؽ المؤلّؼ كالحقكؽ‬
‫ّ‬ ‫تمـ لؤلمر ‪ 05–03‬المتعمّؽ‬
‫عدؿ كالم ّ‬
‫‪ 10–97‬الم ّ‬
‫كسع قائمة المؤلّفات المحمية‪ ،‬حيث أدمج تطبيؽ‬
‫المشرع قد ّ‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫المجاكرة‪ ،‬كيبلحظ ّ‬
‫فتنص المادة ‪ 4‬منو بصريح العبارة عمى ما‬
‫ّ‬ ‫المصنفات األصمية‬
‫ّ‬ ‫اإلعبلـ اآللي ضمف‬
‫المصنفات األدبية‬
‫ّ‬ ‫كمصنفات أدبية أك محمية ما يأتي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يمي‪" :‬تعتبر عمى الخصكص‬
‫المكتكبة مثؿ‪ ... :‬كبرامج الحاسكب"‪ ،‬كىذا الرأم أخذت بو عديد التشريعات العربية‬
‫كالتشريع المصرم كالككيتي‪.‬‬

‫أف أغمب التشريعات قد أدرجت برامج الكمبيكتر تحت نطاؽ‬


‫كيبلحظ ّ‬
‫المصنفات ‪-‬برامج الكمبيكتر‪-‬‬
‫ّ‬ ‫أف ىذه‬
‫بحؽ المؤلّؼ‪ ،‬كمعنى ذلؾ ّ‬
‫ّ‬ ‫المصنفات المحمية‬
‫ّ‬
‫المصنفات األدبية كبالتالي كجب أف يتكافر فييا‬
‫ّ‬ ‫تخضع لنفس الشركط التي تخضع ليا‬
‫شرط مكضكعي جكىرم كىك شرط االبتكار (أكال) كشرط شكمي كىك الكجكد أك التعبير‬
‫عف البرنامج عف طريؽ تثبيتو بالدعامة (ثانيا)‪.‬‬

‫‪‌1‬خالد‌مصطفى‌فهمً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.34‬‬

‫‪134‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أكال‪ :‬االبتكار في برنامج الكمبيكتر‬


‫إما في اإلنشاء أك في‬
‫المصنؼ بطابع أصيؿ ّ‬
‫ّ‬ ‫يتميز‬
‫يقصد باالبتكار أف ّ‬
‫معيف يبرز شخصية صاحبو سكاء في‬
‫التعبير‪ ،‬أم أف يتّسـ اإلنتاج الذىني بطابع ّ‬
‫فحؽ المؤلّؼ‬
‫مجرد الطريقة التي تبعيا لعرض ىذه الفكرة‪ّ ،‬‬
‫مضمكف كجكىر الفكرة أك في ّ‬
‫ّإنما ىك ثمرة مف ثمار فكرة اإلنساف كابتكاراتو‪.1‬‬

‫أم قدر مف االبتكار ّأيا كانت‬


‫ال يراد باالبتكار أف يككف إبداعا رائعا بؿ يكفي ّ‬
‫قيمتو‪ ،‬كالميـ أف يككف شيئا لـ يعيد مف قبؿ كقد ابتدعو فكر اإلنساف‪.‬‬

‫ألنو‬
‫ميما مف شركط حماية البرمجيات‪ ،‬كذلؾ ّ‬
‫يعد االبتكار شرطا مكضكعيا ّ‬
‫ّ‬
‫الفنية كمدل استحقاقيا لحماية حؽ‬
‫يرد عمى طبيعة ىذه البرمجية الفكرية كقيمتيا ّ‬
‫المؤلؼ‪ ،‬كيستند ىذا االستحقاؽ عمى درجة التقدير الذم تتمقاه ىذه البرمجية أك ذاؾ‬
‫المصنؼ بناء عمى أصالتو‪.2‬‬
‫ّ‬

‫إف تطبيؽ مفيكـ االبتكار عمى البرمجيات كاستخبلص أصالتيا منو‪ ،‬تكتنفو‬
‫بعض الصعكبات‪ ،‬كذلؾ لما تمتاز بو ىذه األخيرة مف طبيعة فكرية مختمفة بيف‬
‫أدت إلى اختبلؼ‬
‫جمة ّ‬
‫المصنفات األدبية كاالختراعات‪ ،‬كىك ما تكلّدت عنو مشاكؿ ّ‬
‫ّ‬
‫الفقو بصددىا اختبلفا ّبينا‪ ،‬حيث انقسـ في ذلؾ بيف مؤيد كمعارض‪.‬‬

‫المؤيد العتبار برنامج الكمبيكتر مص ّنؼ ُمبتكر‬


‫ّ‬ ‫‪ .1‬الرأم‬

‫يعترؼ أصحاب ىذا الفقو بالطابع االبتكارم لبرنامج الكمبيكتر‪ ،‬كذلؾ إذا سمّمنا‬
‫يتـ تعريفيا بطريقة تقميدية‪ ،‬حيث ّأنو ال يمكف تطابؽ‬
‫بأف صفة االبتكار يجب أالّ ّ‬
‫أف لك ّؿ منيما طابعو‬
‫برنامجيف لمحاسب اآللي مع بعضيما البعض‪ ،‬كىك ما يعني ّ‬

‫‪‌1‬حسن‌منصور‌قاسم‪‌،‬المدخل‌إلى‌القانون‪‌،‬دار‌الجامعة‌الجدٌدة‌للنشر‪‌،‬اإلسكندرٌة‪‌،1996‌،‬ص‌‪‌ ‌.125‬‬
‫‪‌2‬بن‌زٌطة‌عبد‌الهادي‪‌،‬حماٌة‌برامج‌الحاسوب‌فً‌التشرٌع‌الجزائري‪‌،‬دار‌الخلدونٌة‪‌،‬الجزائر‪‌،2007‌،‬ص‌‪‌ ‌.43‬‬

‫‪135‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الخاص بو الذم يعكس فكر صاحبو‪ ،‬إضافة إلى أف تعدد المبرمجيف تجاه مشكمة كاحدة‬
‫ال يعني الكصكؿ إلى حؿ كاحد سكاء مف حيث الخطكات أك النتيجة‪ ،‬فكؿ مبرمج لو‬
‫أسمكب متميز في معالجة المشكمة‪.1‬‬

‫كقد أ ّكدت أغمب االتفاقيات كالتشريعات عمى ضركرة كجكب تكافر شرط‬
‫إف الدكؿ األعضاء تحمي برامج الكمبيكتر ككنيا‬
‫االبتكار في برامج الكمبيكتر بالقكؿ‪ّ " :‬‬
‫أعماال أدبية بالمعنى المعطى ليا في معاىدة برف الخاصة بحماية األعماؿ األدبية‬
‫ينص عمى كجكب تكافر شرط‬
‫المشرع‪ ،‬كاف كاف لـ ّ‬
‫ّ‬ ‫كالفنية‪ .‬كىك االتجاه الذم أخذ بو‬
‫االبتكار صراحة غير ّأنو أشار إلى كممة "األصمية" أك "األصالة" في أكثر مف مكضكع‬
‫في قانكف حماية حؽ المؤلؼ كالحقكؽ المجاكرة‪ .‬حيث نصت المادة ‪ 5‬فقرة ‪" :2‬تكفؿ‬
‫المصنفات‬
‫ّ‬ ‫حماية لمؤلّؼ المصنفات المشتقّة دكف المساس بحقكؽ مؤلّفي‬
‫مصنفات األصمية جاءت صريحة‪ ،‬كىي قرينة مباشرة عمى‬
‫األصمية"‪ ،‬فعبارة مؤلّفي ال ّ‬
‫كجكب بركز كاشتماؿ برنامج الكمبيكتر عمى نكع مف األصالة بحيث تبرز مف خبلليا‬
‫شخصية المؤلّؼ‪.2‬‬

‫‪ .2‬الرأم المعارض العتبار برنامج الكمبيكتر مصنؼ ُمبتكر‬

‫يرل أصحاب ىذا االتجاه عدـ كجكد شرط االبتكار في برنامج الكمبيكتر‪ ،‬ذلؾ‬
‫ّأنو يصعب البحث عف الطابع الشخصي لممؤلّؼ مف خبلؿ البرنامج كذلؾ عمى عكس‬
‫معد البرنامج مارس نشاطو الذىني مف خبلؿ تقنيات‬
‫أف ّ‬‫المصنفات األخرل‪ ،‬كالسبب ّ‬
‫ّ‬
‫مما ال يدع مجاال لظيكر لمسة شخصيتو‪.‬‬
‫حددة ّ‬
‫قائمة كطرؽ م ّ‬

‫‪‌ 1‬برادعً ‌قوسم‪‌ ،‬النظام ‌القانونً ‌لحماٌة ‌برامج ‌اإلعالم ‌اآللً‪‌ ،‬مذكرة ‌ماجستٌر‪‌ ،‬جامعة ‌الجزائر‪‌ ،‬كلٌة ‌الحقوق‪‌،‬‬
‫‪‌،2002‬ص‪‌ .80‬‬
‫‪‌2‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .83-82‬‬

‫‪136‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ؤيد بعض االجتياد القضائي ىذا االتجاه‪ ،‬حيث ذىبت محكمة (‪ )Evry‬في‬
‫كي ّ‬
‫مصنؼ لغكم‬
‫ّ‬ ‫أف برنامج الكمبيكتر ىك‬
‫حكميا الصادر في‪ ،1985/07/11 :‬إلى ّ‬

‫أف لغة الجبر المستخدمة في برنامج الكمبيكتر ال‬


‫(‪ ،)Un ouvre de langage‬ك ّ‬
‫تعد مجاال لبلبتكار‪ ،‬كال يمكف أف تحمؿ الطابع الشخصي لممؤلؼ‪.1‬‬
‫ّ‬

‫أف ىذا االتجاه يتعارض مع أغمب التشريعات التي أدرجت‬


‫كمما ال شؾ فيو‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫أف انتفاء شرط االبتكار يعني انتفاء‬
‫حؽ المؤلّؼ‪ ،‬ذلؾ ّ‬
‫ىذه البرامج تحت نطاؽ حماية ّ‬
‫أىـ شرط لمحماية‪.‬‬
‫ّ‬

‫حؽ المؤلّؼ مف عدميا تتكقؼ‬


‫أف العبرة مف استحقاؽ حماية ّ‬
‫مما سبؽ يتّضح ّ‬
‫ّ‬
‫المصنؼ المحمي في برنامج الحاسب اآللي كبصفة خاصة‬
‫ّ‬ ‫عمى مدل تكافر شركط‬
‫أف البرنامج ال‬
‫شرط االبتكار‪ ،‬كىك ما يدخؿ في اختصاص محكمة المكضكع‪ ،‬كذلؾ ّ‬
‫عد‬
‫يستفيد مف الحماية إالّ إذا كاف يعكس شخصية مف ينسب إليو‪ .‬فالطابع الشخصي لم ّ‬
‫البرنامج أك بصمتو الشخصية يجب أف يككف بار از حتى تتمتع ىذه البرامج‬
‫بالحماية‪ ،‬بأف يككف المؤلّؼ قد أضاؼ مف عبقريتو إلى فكرة سابقة‪ ،‬ما يجعؿ ليا طابعا‬
‫عما كاف عميو مف قبؿ‪ ،‬سكاء تعمّؽ ذلؾ بجكىر الفكرة أك‬
‫المصنؼ ّ‬
‫ّ‬ ‫جديدا يسمح بتمييز‬
‫بطريقة عرضيا أك بالتعبير عنيا ّأيا كانت كسيمة التعبير‪.2‬‬

‫تسحب حماية برامج الحاسب اآللي عمى ك ّؿ مراحؿ إعداد البرنامج ال عمى‬
‫مرحمة بعينيا متى تكافر شرط االبتكار بإحدل ىذه المراحؿ اآلتية‪:‬‬

‫‪ ‌ 1‬رشا‌مصطفى‪‌،‬محمد‌أبو‌الؽٌط‪‌،‬الحماٌة‌القانونٌة‌للكٌانات‌المنطقٌة‪‌،‬ملتقى‌الفكر‪‌،‬اإلسكندرٌة‪‌،‬بدون‌سنة‌طبع‪‌،‬‬
‫ص‌‪.35‬‬
‫‪‌2‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌74‬‬

‫‪137‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫بحؿ‬
‫الخاصة ّ‬
‫ّ‬ ‫المرحمة األكلى‪ :‬مرحمة تحميؿ المشكمة عف طريؽ جمع ك ّؿ البيانات‬
‫سمى ىذه الخطكات بالخكارزميات ثـ إعداد خطكات التسمسؿ‬
‫المشكمة المعركضة كت ّ‬
‫سمى بالخرائط‪.‬‬
‫المنطقي لمح ّؿ في صكرة أشكاؿ رمزية متعارؼ عمييا دكليا‪ ،‬كىي ما ي ّ‬

‫المرحمة الثانية‪ :‬مرحمة كتابة البرنامج بناء عمى ىذه الخرائط في صكرة يطمؽ عمييا‬
‫تسمية برنامج المصدر كيستخدـ في ىذه الكتابة نكعيف مف المغات‪.‬‬

‫المرحمة الثالثة‪ :‬مرحمة ترجمة برنامج المصدر إلى برنامج اليدؼ‪ ،‬أم ترجمتو إلى لغة‬
‫كتتـ ىذه الترجمة بكاسطة برامج الترجمة‪.‬‬
‫يعمؿ بيا الحاسب ّ‬

‫ثانيا‪ :‬التعبير عف البرنامج (الكجكد)‬


‫تنص الفقرة األكلى مف المادة ‪ 92‬مف القانكف المدني‪" :‬يجكز أف يككف محؿ‬
‫ّ‬
‫االلتزاـ شيئا مستقببل كمحقّقا"‪ .‬فالمادة تشير إلى كجكب ككف محؿ االلتزاـ مكجكدا أك‬
‫يتـ إفراغ إرادة المتعاقديف‬
‫قاببل لمكجكد في المستقبؿ حتّى يتحقّؽ التعاقد أك حتى ّ‬
‫المنصبة عمى ىذا المحؿ‪.‬‬
‫ّ‬

‫تنصب ىذه الحماية عمى شيء‬


‫ّ‬ ‫المصنفات ال يمكف أف‬
‫ّ‬ ‫كفي مجاؿ حماية‬
‫مادية يبرز فييا‬
‫المصنؼ في صكرة ّ‬
‫ّ‬ ‫بد أف يفرغ‬
‫مجرد أفكار‪ ،‬بؿ ال ّ‬
‫مستقبمي أك عمى ّ‬
‫مجرد‬
‫المصنؼ المكتكبة مثبل ليست ّ‬
‫ّ‬ ‫معدا لمنشر‪ ،‬فتككف أصكؿ‬
‫إلى الكجكد كيككف ّ‬
‫مشركع ال يزاؿ قيد التنقيح كالتبديؿ‪ ،‬بؿ يجب أف تككف ىذه األصكؿ قد أخذت كضعيا‬
‫المصنؼ كال طريقة التعبير‬
‫ّ‬ ‫ييـ بعد ذلؾ نكع‬
‫معدة لمطبع كالنشر‪ ،‬كال ّ‬
‫النيائي‪ ،‬كأصبحت ّ‬
‫تتعدد بحسب نكعيا‪ ،1‬كىك ما أشارت إليو المادة‬
‫المصنفات ّ‬
‫ّ‬ ‫ألف طرؽ التعبير عف‬
‫عنو‪ّ ،‬‬
‫المصنؼ‬
‫ّ‬ ‫‪ 3‬فقرة ‪ 2‬مف األمر رقـ ‪ 05–03‬السابؽ ذكره‪" :‬تمنح الحماية ميما يكف نكع‬

‫‪ ‌ 1‬عبد‌الرزاق‌السنهوري‪‌،‬الوسٌط‌فً‌شرح‌القانون‌المدنً‪‌،‬حق‌الملكٌة‪‌،‬الجزء‌الثامن‪‌،‬دار‌إحٌاء‌التراث‌العربً‪‌،‬‬
‫بٌروت‪‌،1952‌،‬ص‌‪‌ .291‬‬

‫‪138‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المصنؼ مثبتا‬
‫ّ‬ ‫المصنؼ سكاء كاف‬
‫ّ‬ ‫بمجرد إيداع‬
‫ّ‬ ‫كنمط تعبيره كدرجة استحقاقو ككجيتو‪،‬‬
‫المشرع قد فرض‬
‫ّ‬ ‫فإف‬
‫بأية دعامة تسمح بإببلغو إلى الجميكر"‪ ،‬كمف ىذا المنطمؽ‪ّ ،‬‬
‫أـ ال ّ‬
‫معينة‪.‬‬
‫الفنية التي تفرغ في قالب أك في صكرة ّ‬
‫لممصنفات األدبية ك ّ‬
‫ّ‬ ‫حماية‬

‫المصنؼ عندما يقكـ‬


‫ّ‬ ‫فإف برامج كبيانات الحاسب اآللي تكتسي طابع‬
‫كعميو ّ‬
‫كاضع ىذه البرمجيات بصياغتيا كبمكرتيا ككضعيا في قالبيا النيائي‪ ،‬بحيث تصبح‬
‫قابمة لبلستعماؿ كاالستغبلؿ كفؽ ما كضعت لو ىذه البرمجيات‪.1‬‬

‫تتككف مف مجمكعة مف المعمكمات كاألكامر يقكـ بكضعيا‬


‫مما ال شؾ فيو ّأنيا ّ‬
‫ّ‬
‫أف ىذه‬
‫المبرمج كتستخدـ في تشغيؿ أجيزة الحاسكب كأدائيا لكظائؼ معينة‪ ،‬إالّ ّ‬
‫مجرد فكرة مكجكدة في األذىاف أك‬
‫البرمجيات ال يمكف االستفادة منيا طالما كانت ّ‬
‫مكتكبة عمى كرؽ‪ ،‬كتبدأ االستفادة منيا حيف تكضع في شكؿ مادم كأسطكانة معدنية أك‬
‫أف البرمجيات في‬
‫ؾ فيو كذلؾ ّ‬
‫كمما ال ش ّ‬
‫ببلستيكية يتم ّكف الجياز مف التعامؿ معيا‪ّ .‬‬
‫األكؿ باعتبارىا مجمكعة معمكمات كأكامر مكضكعة بشكؿ منطقي أك باعتبارىا‬
‫كضعيا ّ‬
‫مادية‬
‫مجمكعة خكارزميات ال يمكف االستفادة منيا إالّ إذا كضعت في دعامة ّ‬
‫(‪ )support‬يمكف التعامؿ معو بكاسطة الجياز‪.2‬‬

‫المشرع الحماية القانكنية لؤلفكار‬


‫ّ‬ ‫أف ىذا الرأم ال يعد مطمقا إذ أسبغ‬
‫غير ّ‬
‫كالمفاىيـ كالمبادئ كالمناىج كاألساليب كاجراءات العمؿ كأنماطو المرتبطة بإيداع‬
‫المصنؼ المحمي‪.3‬‬
‫ّ‬ ‫المصنؼ إذا جاءت بالكيفية التي تدرج بيا أك تييكؿ أك ترتب في‬
‫ّ‬

‫‪‌1‬بن‌زٌطة‌عبد‌الهادي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .39‬‬
‫‪‌ 2‬أحمد ‌السمدان‪‌ ،‬مقال ‌بعنوان‪ ‌ :‬النظام ‌القانونً ‌لحماٌة ‌برامج ‌الكمبٌوتر‪‌ ،‬مجلة ‌الحقوق‪‌ ،‬العدد ‌الرابع‪‌،1985‌ ،‬‬
‫ص‪‌ .136‬‬
‫‪‌3‬بن‌زٌطة‌عبد‌الهادي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .40‬‬

‫‪139‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أف المشرع بسط حمايتو عمى برامج‬


‫مما سبؽ شرحو أستخمص ّ‬
‫ّ‬
‫الكمبيكتر‪ ،‬مدرجا إياىا ضمف نطاؽ حقكؽ المؤلّؼ تماشيا مع اتفاقية برف الدكلية‪ ،‬حيث‬
‫مدة حماية قدرىا ‪ 50‬سنة ابتداء مف السنة الميبلدية تاريخ نشر‬
‫أضفى عمى ىذه البرامج ّ‬
‫المصنؼ (المادة ‪ 01/58‬األمر ‪ 05–03‬الصادر بتاريخ ‪ ،2003/07/19‬المتعمّؽ‬
‫المتمـ لؤلمر ‪ ،)14/73‬كلػ‪ 50 :‬سنة ابتداء‬
‫المعدؿ ك ّ‬
‫ّ‬ ‫بحقكؽ المؤلّؼ كالحقكؽ المجاكرة‬
‫مف مطمع السنة المدنية التي تمي تاريخ كفاة المؤلؼ‪."1‬‬

‫كسع قائمة المؤلّفات المحمية حيث أدمج تطبيقات اإلعبلـ‬


‫المشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫كما ّ‬
‫بمصنفات‬
‫ّ‬ ‫عبر عنيا‬
‫المصنفات األصمية (ـ ‪ 4‬مف األمر ‪ ،)10/97‬حيث ّ‬
‫ّ‬ ‫اآللي ضمف‬
‫قكاعد البيانات كبرامج اإلعبلـ اآللي‪ ،‬كالتي تم ّكف مف القياـ بنشاط عممي أك أم نشاط‬
‫مف نكع آخر أك الحصكؿ عمى نتيجة خاصة مف المعمكمات التي تق أر بآلة كتترجـ‬
‫باندفاعات إلكتركنية بالحاسكب‪.‬‬

‫أما قكاعد البيانات فيي عبارة عف مجمكعة المصّنفات كاألساليب كالقكاعد كما‬
‫ّ‬
‫يمكف أف تشمؿ الكثائؽ المتعمّقة بسير كمعالجة المعطيات‪.‬‬

‫مصنفات‬
‫ّ‬ ‫المادة ‪ 5‬منو إلى قكاعد البيانات بقكليا‪" :‬تعتبر أيضا‬
‫ّ‬ ‫لقد أشارت‬
‫محمية األعماؿ اآلتية‪ :‬مجمكعة المعمكمات البسيطة التي تتأتّى أصالتيا مف انتقاء‬
‫مكاردىا أك تنسيقيا أك ترتيبيا"‪.‬‬

‫المشرع أيضا عمى العقكبات الناجمة عف المساس بحقكؽ المؤلّفيف ال‬


‫ّ‬ ‫شدد‬
‫ّ‬
‫المصنفات المعمكماتية (المادة ‪ 153‬األمر ‪ 05–03‬تقابؿ المادة ‪151‬‬
‫ّ‬ ‫سيما مؤلّفي‬
‫األمر ‪ ،)10/97‬إذ في السابؽ تجريـ االعتداءات عمى الممكية الفكرية تناكلتيا المكاد‬
‫كلكنيا أخرجت بمكجب األمر (‪ )10/97‬مف مظمّة‬
‫(‪ )394–390‬مف قانكف العقكبات‪ّ ،‬‬

‫‪‌1‬المادة‌‪‌07‬من‌إتفاقٌة‌برن‪‌:‬مدّة‌الحماٌة‌التً‌تمنحها‌ٌشمل‌حٌاة‌المؤلؾ‌زائد‌‪‌50‬سنة‌بعد‌وفاته‪‌ ‌.‬‬

‫‪140‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يقرر بمكجب‬
‫أف قانكف العقكبات كاف ّ‬
‫قانكف العقكبات كأصبح ليا تجريـ خاص‪ ،‬إذ ّ‬
‫حؽ المؤلّؼ‪ ،‬بينما األمر (‪ )10/97‬ككذا‬
‫المادة ‪ 390‬الغرامة كعقكبة لبلعتداء عمى ّ‬
‫يقرراف عقكبتي الحبس كالغرامة‪.‬‬
‫األمر ‪ّ 05-03‬‬

‫المستجدات التي اعتمدىا المشرع مف خبلؿ األمريف‬


‫ّ‬ ‫أف ىذه‬
‫تجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫أف مف شركط االنضماـ إلى المنظمة‬
‫أىميا ّ‬
‫(‪ )10/97‬ك(‪ )05/03‬تعكد ألسباب ّ‬
‫العالمية لمتجارة ىك المصادقة عمى اتفاقية برف كىك ما قامت بو ببلدنا بمكجب المرسكـ‬
‫‪1‬‬
‫تبني أحكاـ اتفاؽ جكانب الممكية الفكرية المتعمؽ‬
‫الرئاسي (‪ ، )341/97‬إضافة إلى ّ‬
‫بالتجارة‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫الجرائـ الكاقعة عمى البرامج في نطاؽ حؽ المؤلؼ‬


‫المشرع حسـ كؿ خبلؼ قد ينشأ مف جراء‬
‫ّ‬ ‫تقدـ دراستو فإف‬
‫مف خبلؿ ما ّ‬
‫حؽ‬
‫االعتداء عمى برامج كبيانات الحاسب اآللي‪ ،‬كذلؾ بإدخاليا ضمف نطاؽ ّ‬
‫المشرع مجمكعة‬
‫ّ‬ ‫عدد‬
‫فعالة في ىذا المجاؿ‪ّ ،‬‬
‫المؤلؼ‪ ،‬كفي سبيؿ تقرير حماية جنائية ّ‬
‫ّ‬
‫كجرميا‪ ،‬كجعؿ مرتكبييا يش ّكمكف خرقا‬
‫بالمصنفات كبحقكؽ مؤلّفييا ّ‬
‫ّ‬ ‫الماسة‬
‫ّ‬ ‫مف األفعاؿ‬
‫المككنة لجريمة‬
‫ّ‬ ‫لحقكؽ المؤلّؼ تجب معاقبة مف اقترفيا‪ .‬كلع ّؿ ىذه األفعاؿ ىي تمؾ‬
‫التقميد كالجرائـ الممحقة بيا‪ ،‬كسكؼ أعالج في ىذا الفرع جريمة تقميد برامج الكمبيكتر‬
‫المقررة ليذه الجريمة (ثانيا)‪.‬‬
‫كالجرائـ الممحقة بيا (أكال)‪ ،‬كالعقكبات ّ‬

‫‪‌ 1‬المرسوم‌الرئاسً‌رقم‌‪‌ 341‌ –‌ 97‬المؤرخ‌فً‪‌،1997/09‌/13‌ :‬المتضمن‌انضمام‌الجزائر‌مع‌التحفظ‌إلى‌‬


‫اتفاقٌة ‌برن ‌لحماٌة ‌المصنفات ‌األدبٌة ‌والفنٌة ‌المؤرخة‪‌ ،1896/09/09‌ :‬والمتممة ‌فً ‌بارٌس ‌‪‌،1909/05/04‬‬
‫والمعدّلة‌فً‪(‌،1979/09/28‌:‬ج‪‌.‬ر‌‪‌01‬المؤرخة‌فً‌‪‌ ‌.)1997/09/14‬‬
‫‪‌2‬اتفاق‌جوانب‌الملكٌة‌الفكرٌة‌المتعلقة‌بالتجارة‪‌،‬اتفاق‌بٌن‌المنظمة‌الدولٌة‌للملكٌة‌الفكرٌة‌والمنظمة‌العالمٌة‌للتجارة‌‬
‫أبرم‌فً‪‌،1994/04/15‌:‬وساري‌المفعول‌منذ‪‌ ‌.1995/01/01‌:‬‬

‫‪141‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أكال‪ :‬جريمة تقميد المصنفات المعمكماتية كالجرائـ الممحؽ بيا‬


‫مصنؼ لـ يسقط في الممؾ العاـ مف غير إذف‬
‫ّ‬ ‫بأنيا‪" :‬نقؿ‬
‫ع ّرفت جريمة التقميد ّ‬
‫تتعرض لتعريؼ جريمة التقميد‪ ،‬كاّنما اكتفت بتعداد‬
‫حؽ المؤلّؼ فمـ ّ‬
‫أما قكانيف ّ‬
‫مؤلّفو"‪ّ ،‬‬
‫األفعاؿ المش ّكمة لمجرائـ المكصكفة بالتقميد‪ ،‬كاختمفت ىذه األفعاؿ باختبلؼ النظرة كمدل‬
‫نص المشرع في األمر ‪ 05-03‬عمى جريمة التقميد كالجرائـ‬
‫تطكر حقكؽ المؤلّؼ‪ ،‬كقد ّ‬
‫المشابية ليا‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 151‬منو عمى كجكد جنحة التقميد في الحاالت التالية‪:‬‬

‫فني‪.‬‬
‫مصنؼ أك أداء ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الكشؼ غير المشركع عف‬
‫فني‪.‬‬
‫مصنؼ أك أداء ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬المساس بسبلمة‬
‫بأم أسمكب مف األساليب في شكؿ نسخ مقمّدة‬
‫فني ّ‬
‫مصنؼ أك أداء ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬استنساخ‬
‫مزكرة‪.‬‬
‫أك ّ‬
‫‪ -‬استيراد نسخ مقمّدة أك تصديرىا‪.‬‬
‫فني‪.‬‬
‫مصنؼ أك أداء ّ‬
‫ّ‬ ‫مزكرة مف‬
‫‪ -‬بيع نسخ ّ‬
‫فني أك عرضو لمتداكؿ‪.‬‬
‫مصنؼ أك أداء ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬تأجير‬

‫‪ .1‬تصنيفات جريمة التقميد‪ :‬نستنتج مف المادة ‪ 151‬مف األمر (‪ )05–03‬كجكد‬


‫جرائـ تعتبر مف جنح التقميد كيمكف تصنيفيا إلى ثبلث أصناؼ‪:‬‬

‫بالحؽ المعنكم لممؤلّؼ‬


‫ّ‬ ‫تمس‬
‫األكؿ‪ :‬يشمؿ الجنح التي ّ‬
‫الصنؼ ّ‬

‫فني (المادة ‪ 22‬األمر‬


‫مصنؼ أدبي أك أداء ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الكشؼ غير المشركع عف‬
‫‪.)05-03‬‬
‫الفني (المادة ‪ 25‬األمر ‪.)05-03‬‬
‫المصنؼ أك األداء ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬المساس بسبلمة‬

‫‪142‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫بالحؽ المالي لممؤلّؼ‬


‫ّ‬ ‫الصنؼ الثاني‪ :‬يشمؿ الجنح المتعمقة‬

‫بأم أسمكب مف األساليب في شكؿ نسخ مقمّدة‪ ،‬كىذا الصنؼ‬


‫مصنؼ ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬استنساخ‬
‫مف جرائـ التقميد ىك األكثر شيكعا في المجاؿ المعمكماتي‪ ،‬أم عممية استنساخ البرامج‬
‫(النسخ غير الشرعي)‪.1‬‬
‫الفني لمجميكر عف طريؽ التمثيؿ أك األداء العمني‬
‫المصنؼ أك األداء ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬إببلغ‬
‫لبث‬
‫أك البث السمعي أك السمعي البصرم أك بكاسطة التكزيع أك ّأية كسيمة أخرل ّ‬
‫اإلشارات الحاممة لؤلصكات أك أم نظاـ لممعالجة اآللية‪.‬‬

‫الصنؼ الثالث‪ :‬يشمؿ الجنح المشابية لجنحة التقميد‬

‫استيراد النسخ المقمّدة كتصديرىا ال يقتصر عمى كاقعة النقؿ المادم‬


‫لمبرنامج‪ ،‬كاّنما صبلحية النقؿ المعنكم ليا سكاء باالستيراد أك التصدير عف طريؽ شبكة‬
‫الحاسكب التي تربط العديد مف الدكؿ التي يطمؽ عمييا شبكة األنترنت‪.2‬‬

‫‪ .2‬أركاف جريمة التقميد‬


‫أ‪‌-‬الركف المادم‪ :‬محؿ النشاط اإلجرامي في جريمة التقميد بصفة عامة ىك‬
‫أف المشرع قد اعترؼ ببرنامج الحاسكب بصفتو‬
‫المصنؼ المحمي كقد سبؽ أف ّبينا ّ‬
‫ّ‬
‫المصنؼ المحمي طبقا لممادة ‪ 4‬مف األمر‪ ،05-03‬كالنشاط اإلجرامي يتمثّؿ في‬
‫ّ‬
‫حؽ مف حقكؽ المؤلّؼ التالية دكف مكافقتو عمى النحك التالي‪:3‬‬
‫االعتداء عمى ّ‬
‫الحؽ كحده في‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الكشؼ غير المشركع عف البرمجة‪ :‬لمؤلّؼ برنامج الحاسكب‬
‫الحؽ إلى الغير‪ ،‬كما‬
‫ّ‬ ‫الكشؼ عنو باسمو‪ ،‬أك باسـ مستعار‪ ،‬كيمكنو تحكيؿ ىذا‬

‫‪‌1‬عكاشة‌محً‌الدٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .93‬‬
‫‪ ‌ 2‬علً ‌عبد ‌القادر ‌القهوجً‪‌ ،‬الحماٌة ‌الجنائٌة ‌لبرامج ‌الحاسب ‌اآللً‪‌ ،‬الدار ‌الجامعٌة ‌للطباعة ‌والنشر‪‌ ،‬بٌروت‪‌،‬‬
‫ص‪‌ .93‬‬
‫‪‌3‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌85-‌84‬‬

‫‪143‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الحؽ في الكشؼ عف‬


‫ّ‬ ‫الحؽ إلى كرثتو بعد كفاتو‪ ،‬فميـ كحدىـ‬
‫ّ‬ ‫يعكد ىذا‬
‫أم عممية لمكشؼ عف البرنامج‬
‫المصنؼ (ـ ‪ 22‬األمر ‪ ،)05-03‬كبالتالي فإف ّ‬
‫ّ‬
‫يعد اعتداء غير‬
‫كاظياره لمعمف مف قبؿ الغير الذم لـ يحاؿ لو ىذا الحؽ‪ّ ،‬‬
‫مشركع كيدخؿ تحت نطاؽ التجريـ‪.‬‬

‫يتـ بيا إذاعة‬


‫الحؽ في اختيار الكقت كالطريقة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫فإف لممؤلّؼ كحده‬
‫كعميو ّ‬
‫أم نشر ليذا البرنامج في غير الكقت أك يغير الطريقة‬
‫فإف ّ‬
‫أك نشر برنامجو‪ ،‬كبالتالي ّ‬
‫يعد اعتداء‪.1‬‬
‫التي أرادىا المؤلؼ ّ‬

‫‪ -‬المساس بسالمة البرمجية‪ :‬لممؤلّؼ كحده الحؽ في تعديؿ أك تغيير أك تحكيؿ‬


‫أك حذؼ أك إضافة في برنامجو‪ ،‬كال يمكف اعتراض الغير عمى ذلؾ ما لـ يكف‬
‫حؽ التعديؿ دكف‬
‫في ذلؾ إخبلؿ أك مساس بمصالحيـ‪ .‬فمؤلّؼ البرنامج لو ّ‬
‫المصنؼ كادخاؿ ما يراه مبلئما أثناء عممية‬
‫ّ‬ ‫التغيير – في ىذه الحالة – في نكع‬
‫صنع الدعامة كفقا لممادة ‪ 89‬األمر ‪ ،05-03‬كذلؾ مف يشترم برنامجا‬
‫فيصكره الستغبللو في نشاط آخر بدكف إذف‬
‫ّ‬ ‫الستغبللو في نشاط معيف‪،‬‬
‫أف التحكيرات الطفيفة البلزمة لبلستعماؿ العادم كالمشركع‬
‫المؤلّؼ‪ ،‬غير ّ‬
‫لمبرنامج مع تصحيح األخطاء الكاردة بو ال تش ّكؿ جنحة التقميد‪.2‬‬
‫عد ىذا‬
‫بأم أسمكب مف األساليب في شكؿ نسخ مقمّدة‪ :‬كي ّ‬
‫‪ -‬استنساخ البرنامج ّ‬
‫السمكؾ اإلجرامي مف أشير البرامج كأخطر عمميات التقميد كالقرصنة المعمكماتية‬
‫يتـ في‬
‫لسيكلة القياـ بيا كقمّة تكاليفيا كارتفاع مداخيميا‪ ،‬كاستنساخ البرمجيات قد ّ‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.90‬‬
‫‪‌2‬خالد‌مصطفى‌فهمً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .119‬‬

‫‪144‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫عدة أشكاؿ كصكر باختبلؼ الدعامة كالمصدر الذم تتكاجد فيو ىذه‬
‫ّ‬
‫البرمجيات‪.1‬‬

‫كيستكم أف يككف النسخ قد كقع كمّيا –النسخ الحرفي الكامؿ–‬


‫(‪ )copie servile‬أك جزئيا – النسخ الحرفي الجزئي– (‪ )copie partielle‬أك بطريقة‬
‫االقتباس (‪ )plagiat‬أك التسكية (‪ )dénaturation‬عف طريؽ حذؼ أجزاء مف‬
‫البرنامج‪.2‬‬

‫تـ نسخ البرنامج باسـ مؤلّفو الحقيقي أك شخص‬


‫تتكافر الجريمة أيضا سكاء ّ‬
‫آخر يخمؽ في الذىف لبسا حكؿ ما إف كاف مؤلّفو الحقيقي أـ باسـ خيالي‪ ،‬كالعبرة في‬
‫التقدير كجكد التقميد بأكجو الشبو ال بأكجو االختبلؼ‪ ،‬أم بنقاط التشابو بيف البرنامج‬
‫األصمي كالبرنامج المقمّد كليس نقاط االختبلؼ بينيما‪ ،‬كيدخؿ تقدير ذلؾ في نطاؽ‬
‫فإنو يمكف قياـ‬
‫السمطة التقديرية لمحكمة المكضكع‪ .‬ككفقا لممادة ‪ 53‬مف األمر ‪ّ 05-03‬‬
‫المالؾ الشرعي لبرنامج الحاسكب باستنساخ نسخة منو إذا كاف النسخ ضركريا الستعماؿ‬
‫البرنامج لمغرض الذم اكتسب مف أجمو ككفقا لشركط استعمالو‪.‬‬

‫المشرع بمكجب المادة ‪ 27‬فقرة ‪ 2‬مف األمر ‪ 10/97‬المؤرخ في‬


‫ّ‬ ‫لقد اعتبر‬
‫أف المؤلّؼ أك مالؾ الحقكؽ‬
‫‪ ،1997/03/06‬المتعمؽ بحؽ المؤلؼ كالحقكؽ المجاكرة‪ّ ،‬‬
‫خكؿ دكف غيره بإجراء نسخ‬
‫المصنؼ ىك الشخص الكحيد الم ّ‬
‫ّ‬ ‫المادية عمى‬
‫أف ىذه التخكيؿ القانكني ليس مطمقا‪ ،‬فقد أكرد‬
‫المصنؼ‪ ،‬كبأم كسيمة كانت‪ ،‬غير ّ‬
‫ّ‬ ‫مف‬
‫المصنفات دكف‬
‫ّ‬ ‫عدة في أكثر مف مكضكع تم ّكف مف استنساخ‬
‫األمر السابؽ استثناءات ّ‬
‫إذف صاحبيا أك مؤلّفيا‪.3‬‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .92‬‬
‫‪‌2‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .85‬‬
‫‪‌3‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .94-93‬‬

‫‪145‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫تتعمّؽ ج ّؿ ىذه االستثناءات بأغراض تعميمية أك إعبلمية غير ىادفة لتحقيؽ‬


‫الربح (المادة ‪ 52‬ؽ‪.‬ح‪.‬ـ)‪ ،‬كما ّأنو يمكف استنساخ نسخة لغرض التكثيؽ أك الحفظ‬
‫يحد مف نسخ البرامج‬
‫(نسخة احتياطية كإجراء أمني خشية الضياع أك التمؼ)‪ ،‬كالقانكف ّ‬
‫كال يسمح بأكثر مف نسخة (المادة ‪ 54‬ؽ‪.‬ح‪.‬ـ)‪ ،‬كما ّأنو ينبغي تدمير كؿ نسخة‬
‫مستنسخة مف برنامج عند انقضاء مشركعية حيازتيا‪ ،‬كما يمكف لك ّؿ مكتبة أك مركز‬
‫مصنؼ في شكؿ مقالة أك مصنؼ آخر‪ ،‬باستثناء برامج‬
‫ّ‬ ‫لحفظ الكثائؽ استنساخ‬
‫الحاسب اآللي إذا كانت عممية االستنساخ استجابة لطمب شخص طبيعي كفؽ شركط‬
‫جيدا حدكد‬
‫المشرع الجزائرم قد فصؿ ّ‬
‫ّ‬ ‫فإف‬
‫معينة‪( .‬المادة ‪ 46‬األمر ‪ .)05–03‬كبيذا ّ‬
‫كحددىا في حاالت استثنائية معينة‪ ،‬إضافة إلى ضركرة‬
‫االستنساخ بالنسبة لمبرمجيات ّ‬
‫بد كذلؾ أف يصحب ىذا السمكؾ عدـ‬
‫تكافر سمكؾ مف السمككات السابقة الذكر‪ ،‬كال ّ‬
‫مكافقة المؤلّؼ‪.‬‬

‫تنص‬
‫حؽ المؤلّؼ في إبالغ المصنؼ أك األداء إلى الجميكر‪ّ :‬‬
‫‪ -‬االعتداء عمى ّ‬
‫"يعد مرتكبا لجنحة التقميد كؿ مف يقكـ بإببلغ‬
‫المادة ‪ 150‬مف األمر‪ 05-03‬كما يمي‪ّ :‬‬
‫الفني لمجميكر عف طريؽ التمثيؿ أك األداء العمني أك البث السمعي‬
‫المصنؼ أك األداء ّ‬
‫ّ‬
‫أم كسيمة أخرل لبث اإلشارات الحاممة‬
‫أك السمعي البصرم أك بكاسطة التكزيع أك ّ‬
‫بأم نظاـ مف نظـ المعالجة المعمكماتية"‪ ،‬حيث‬
‫لؤلصكات أك الصكرة كاألصكات معا أك ّ‬
‫حؽ مف حقكؽ المؤلّؼ حتى ال تفمت‬
‫أم ّ‬
‫كاف مف األكلى تجريـ كؿ اعتداء كاقع عمى ّ‬
‫حؽ في تحكيؿ‬
‫األبكة كاالعتداء عمى ّ‬
‫حؽ ّ‬ ‫بعض األفعاؿ مف العقاب‪ ،‬كاالعتداء عمى ّ‬
‫المصنؼ بالترجمة‪ ،‬أم نقؿ البرامج إلى لغة أخرل دكف الترخيص‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬عدـ مكافقة المؤلّؼ‪ :‬أم عدـ كجكد إذف مف المؤلّؼ أك خمفائو‪ ،‬كيجب أف‬
‫يعد‬
‫يككف ىذا اإلذف سابقا عمى أفعاؿ االعتداء أك عمى األق ّؿ معاص ار ليا‪ ،‬كالرضا ال ّ‬
‫مجرد ظرؼ مكضكعي يعاصر أفعاؿ‬
‫ّ‬ ‫سببا مف أسباب اإلباحة‪ ،‬فالرضا ىنا ليس‬

‫‪146‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يتككف منيا الركف المادم لمجريمة‪ ،‬كانما ىك أحد عناصر ىذا الركف الذم‬
‫االعتداء التي ّ‬
‫يتخمؼ بتخمفو‪.‬‬

‫في حالة ما إذا كاف البرنامج مشتركا‪ ،‬يصدر اإلذف مف جميع الشركاء‪ ،‬كاذا‬
‫كاف جماعيا فالمكافقة تصدر عف ممثؿ الشخص المعنكم‪.1‬‬

‫المادية‬
‫ّ‬ ‫المشرع كجكد إذف كتابي مف المؤلّؼ يتنازؿ بو عف حقكقو‬
‫ّ‬ ‫كقد اشترط‬
‫(المادة ‪ 62‬األمر ‪.)05 – 03‬‬

‫ب‪ -‬الركف المعنكم‪:‬‬

‫بد مف تكافر الركف‬


‫ال يكفي لقياـ جريمة التقميد تحقؽ الركف المادم فقط‪ ،‬بؿ ال ّ‬
‫المعنكم كىك القصد الجنائي الذم يرتكز عمى عنصريف أساسيف ىما العمـ‬
‫كاإلرادة‪ ،‬العمـ بأركاف الجريمة‪ ،‬كارادة النشاط اإلجرامي كالنتيجة غير المشركعة أك‬
‫‪2‬‬
‫ينص عمى ذلؾ صراحة‪ ،‬كالقصد المطمكب في ىذه الحالة‬
‫قبكليما ‪ ،‬كاف كاف المشرع لـ ّ‬
‫ىك القصد العاـ كليس القصد الخاص‪ ،‬فميس بالضركرة أف يقصد المعتدم إلحاؽ‬
‫الضرر بمؤلّؼ البرنامج‪ ،‬كبالتالي فيكفي أف يعمـ الجاني ّأنو يعتدم عمى برنامج شخص‬
‫آخر كأف تتّجو إرادتو إلى ذلؾ الفعؿ لقياـ ىذه الجريمة‪.‬‬

‫فالركف المعنكم في ىذه الجريمة مفترض بمجرد إثبات ام مف األفعاؿ المشار‬


‫إلييا كالمككنة لمركف المادم كيقع عمى المتيـ إثبات العكس‪.3‬‬

‫‪‌1‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .87‬‬
‫‪‌2‬بن‌زٌطة‌عبد‌الهادي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌85‬‬
‫‪‌3‬بوعمرة‌آسٌا‪‌،‬النظام‌القانونً‌لقواعد‌البٌانات‪‌،‬مذكرة‌ماجستٌر‪‌،‬جامعة‌الجزائر‪‌،‬كلٌة‌الحقوق‪‌،2005‌،‬ص‪‌ .106‬‬

‫‪147‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ثانيا‪ :‬الجرائـ الممحقة بجريمة التقميد‪:‬‬

‫نصت عمى ىذه الجرائـ الفقرات الثالثة كالرابعة كالخامسة مف المادة ‪ 151‬مف‬
‫ّ‬
‫األمر ‪ 05-03‬كىي كالتالي‪:‬‬

‫جرمة في البرامج المقمّدة سكاء قمّدت داخؿ‬


‫‪ .1‬الركف المادم‪ :‬صكر التعامؿ الم ّ‬
‫أرض الكطف أك خارجيا كىي‪:‬‬

‫فني‪.‬‬
‫صنؼ أك أداء ّ‬
‫‪ -‬استيراد أك تصدير نسخ مقمّدة مف م ّ‬
‫فني‪.‬‬
‫‪ -‬بيع نسخ مقمّدة أك أداء ّ‬
‫‪ -‬رفض عمدا دفع المكافأة المستحقة لممؤلّؼ‪.‬‬

‫‪ .2‬الركف المعنكم‪ :‬القصد الجنائي بالنسبة ليذه الجرائـ مفترض‪ ،‬بحيث يقكـ‬
‫بمجرد اتجاه إرادة الجاني إلى القياـ بسمكؾ مف السمككات السابقة‪ ،‬فيك‬
‫ّ‬ ‫الركف المعنكم‬
‫مرتبط بتكافر الركف المادم‪ ،‬كالشركع متصكر في أغمب الجرائـ‪ ،‬كبالتالي فالقصد‬
‫المطمكب في ىذه الحالة ىك القصد العاـ فقط‪ ،‬عدا جريمة التصدير كاالستيراد لمبرامج‬
‫بد مف أف تتّجو‬
‫المقمّدة التي تتطمّب إلى جانب القصد العاـ تكافر القصد الخاص‪ ،‬إذ ال ّ‬
‫إرادة الجاني إلى فعؿ مف ىاذيف الفعميف المذككريف "اإلستيراد كالتصدير"‪.1‬‬

‫قررة لجريمة التقميد‬


‫الم ّ‬
‫ثالثا‪ :‬العقكبات ُ‬
‫نصت مختمؼ األنظمة القانكنية كاالتفاقات الدكلية الخاصة بالمكتبة الفكرية‬
‫ّ‬
‫المصنفات المنشكرة رقميا‪ .‬كقد نصت‬
‫ّ‬ ‫المصنفات المتعمّقة بالحاسكب ك‬
‫ّ‬ ‫عمى حماية‬
‫صراحة أحكاـ األمر ‪ 05/03‬المتعمؽ بحقكؽ المؤلّؼ كالحقكؽ المجاكرة عمى حماية كؿ‬
‫المصنفات المتعمّقة بالحاسكب‪ ،‬سكاء كانت برامج إعبلـ آلي أك قكاعد بيانات باعتبارىما‬
‫ّ‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .99-98‬‬

‫‪148‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫مصنفا‬
‫ّ‬ ‫مصنفات ذىنية محمية بمكجب ىذا القانكف مع اعتبار برامج الحاسب اآللي‬
‫ّ‬
‫أدبيا‪.1‬‬

‫المشرع الحماية بتاريخ االنتياء مف االبتكار أك تاريخ النشر أك التكزيع‬


‫ّ‬ ‫ربط‬
‫يتـ اإليداع‪.‬‬
‫مرة بحيث أصبحت الدعكل الجزائية أك المدنية مقبكلة حتّى كلك لـ ّ‬
‫ألكؿ ّ‬
‫ّ‬

‫فإف‬
‫تجدر اإلشارة ّأنو باإلضافة إلى الطرؽ التقميدية لتحريؾ الدعكل العمكمية‪ّ ،‬‬
‫حؽ مالؾ الحقكؽ المحمية كمف يمثمو بتقديـ‬
‫تنص عمى ّ‬
‫المادة ‪ 160‬مف األمر ‪ّ 05-03‬‬
‫المختصة محمّيا في حالة ما إذا كاف ضحية األفعاؿ المنصكص‬
‫ّ‬ ‫شككل لمجية القضائية‬
‫كالمعاقب عمييا في ىذا األمر‪.‬‬

‫المصنؼ المعتدل عميو إجراء تحفّظيا يتمثّؿ‬


‫ّ‬ ‫خكؿ لصاحب‬
‫المشرع ّ‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫يبلحظ ّ‬
‫في عممية حجز التقميد كىك إجراء يسيّؿ إثبات عممية التقميد‪.‬‬

‫تضمنتيا المكاد‪:‬‬
‫ّ‬ ‫المقررة عمى مختمؼ ىذه االعتداءات فقد‬
‫ّ‬ ‫بالنسبة لمعقكبات‬
‫قسمت بدكرىا العقكبات إلى قسميف‪:‬‬
‫‪ 159 ،158 ،157 ،156 ،153‬كالتّي ّ‬

‫عقكبات أصمية (‪ ،)1‬كعقكبات تكميمية (‪ ،)2‬كذلؾ عمى النحك التالي‪:‬‬

‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫تقدـ كبالتحميؿ لممكاد السابقة نجد ّ‬
‫‪ .1‬العقكبات األصمية‪ :‬بناء عمى ما ّ‬
‫قسـ العقكبات األصمية إلى‪:‬‬
‫الجزائرم قد ّ‬
‫لمصنؼ أك أداء‬
‫ّ‬ ‫أ‪‌ -‬العقكبة البسيطة‪ :‬تتمثّؿ العقكبة لمرتكب جنحة التقميد‬
‫المادتيف ‪ 152 –151‬مف األمر (‪ ،)05 – 03‬بالحبس مف ستّة‬
‫فني‪ ،‬كما ىك كارد في ّ‬
‫ّ‬
‫أشير إلى ثبلثة سنكات‪ ،‬كبغرامة مف خمسة مئة ألؼ إلى مميكف دينار جزائرم‪ ،‬سكاء‬
‫لممادة ‪ 153‬مف نفس األمر‪ .‬كبالتالي‬
‫كاف النشر قد حصؿ في الجزائر أك خارجيا طبقا ّ‬

‫‪‌1‬كوثر‌مازونً‪‌،‬الشبكة‌الرقمٌة‌وعالقتها‌بالملكٌة‌الفكرٌة‪‌،‬دار‌هومة‪‌،‬الجزائر‪‌،2008‌،‬ص‌‪‌ .84‬‬

‫‪149‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫فالقاضي ال يممؾ السمطة التقديرية في فرض الغرامة مع الحبس أك الحبس كحده‬


‫أف ىذا ال يمنع مف القكؿ بكجكد سمطة تقديرية‬
‫بد مف الجمع بينيما‪ .‬إالّ ّ‬
‫فقط‪ ،‬بؿ ال ّ‬
‫مدة العقكبة المتناسبة مع الفعؿ اإلجرامي‪ ،‬كىذه السمطة ليست مطمقة‬
‫لمقاضي في تحديد ّ‬
‫ألنيا بدكرىا تخضع لرقابة المحكمة العميا‪.1‬‬
‫ّ‬

‫المادة ‪ 154‬ؽ‪.‬ح‪.‬ح‪.‬ـ المشار إليو سابقا‪ ،‬عمى معاقبة الشريؾ في‬


‫نص في ّ‬
‫كما ّ‬
‫ارتكاب جريمة التقميد سكاء بأعمالو أـ بالكسائؿ التي يحكزىا لممساس بحقكؽ المؤلّؼ‬
‫المادة ‪ 153‬ؽ‪.‬ح‪.‬ح‪.‬ـ‪.‬‬
‫بنفس العقكبات المقررة في ّ‬

‫المادة ‪153‬‬
‫ّ‬ ‫المقررة في‬
‫المادة ‪ 156‬ؽ‪.‬ح‪.‬ح‪.‬ـ التي تعاقب بنفس العقكبة ّ‬
‫ّ‬ ‫كذا‬
‫ؽ‪.‬ح‪.‬ح‪.‬ـ‪ ،‬كؿ مف يمتنع عف دفع المكافأة المستحقّة لممؤلّؼ‪.‬‬

‫المشرع العقكبة في حالة العكد إلى ضعؼ العقكبة‬


‫ّ‬ ‫شدد‬
‫ب‪‌-‬العقكبة المشددة‪ّ :‬‬
‫المقدرة في المادة ‪ 153‬مف األمر (‪.)05-03‬‬
‫ّ‬
‫كتتمخص ىذه العقكبات في الغمؽ المؤقّت (أ)‪ ،‬المصادرة‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬العقكبات التكميمية‪:‬‬
‫(ب)‪ ،‬نشر ممخص الحكـ (ج)‪.‬‬
‫لمدة ال تتعدل ستة أشير لمؤسسة يستغمّيا المقمّد أك‬
‫أ‪‌ -‬الغمؽ المؤقّت‪ :‬كذلؾ ّ‬
‫شريكو‪ ،‬كأف يككف الغمؽ النيائي عند االنقضاء كذلؾ بالمكا ازة مع حجـ الخسائر أك نكع‬
‫الجريمة القائمة‪ ،‬كيرجع الفصؿ لمحكمة المكضكع (ـ‪.)2/126‬‬
‫ب‪‌-‬المصادرة‪ :‬سكاء مصادرة المبالغ التي تمثّؿ اإليرادات الناتجة عف االستغبلؿ‬
‫لمصنؼ أك أداء محمي‪ ،‬كاتبلؼ العتاد الذم أنشئ لمباشرة النشاط غير‬
‫ّ‬ ‫غير الشرعي‬
‫أف‬
‫المشركع ككؿ النسخ المقمّدة (المادة ‪ 157‬ؽ‪.‬ح‪.‬ح‪.‬ـ) كىي مصادرة كجكبية‪ ،‬كما ّ‬
‫حددت الجية التي يمكف أف تؤكؿ إلييا ىذه األمكاؿ كالكسائؿ‬
‫المادة (‪ 159‬ؽ‪.‬ح‪.‬ح‪.‬ـ) ّ‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .100‬‬

‫‪150‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫قرر تسميميا لممؤلّؼ أك مالؾ الحقكؽ أك ذكم حقكقيما‪ ،‬كىي‬


‫مح ّؿ المصادرة‪ ،‬بحيث ّ‬
‫بذلؾ تعتبر بمثابة تعكيض عف الضرر البلحؽ بيـ‪.‬‬
‫ج‪‌ -‬نشر ممخص الحكـ‪ :‬يقصد بيا التشيير بالمحككـ عميو كالتأثير عمى‬
‫ماسة بالشرؼ كاالعتبار‪ ،‬كتككف ىذه العقكبة بطمب مف‬
‫شخصيتو األدبية كالمالية‪ ،‬فيي ّ‬
‫الطرؼ المدني (ـ ‪ 158‬ؽ‪.‬ح‪.‬ح‪.‬ـ)‪ ،‬كيتحمؿ نفقات ذلؾ المحككـ عميو‪ ،‬عمى أال تتعدل‬
‫المصاريؼ قيمة الغرامة المحككـ بيا‪.‬‬

‫يخص النسخ المقمّدة أك اإليرادات أك أقساط اإليرادات مكضكع‬


‫ّ‬ ‫كفيما‬
‫المختصة تأمر بتسميميا إلى المؤلّؼ أك ألم مالؾ‬
‫ّ‬ ‫فإف الجية القضائية‬
‫المصادرة‪ّ ،‬‬
‫لحقكؽ أك ذكم الحقكؽ‪ ،‬كىي بمثابة تعكيض عف الضرر البلحؽ بيـ (ـ ‪159‬‬
‫المختصة مف طرؼ مالؾ الحقكؽ‬
‫ّ‬ ‫ؽ‪.‬ح‪.‬ح‪.‬ـ)‪ ،‬كيككف ذلؾ بمكجب شككل لدل الجية‬
‫أك مف يمثّمو قانكنيا طبقا لممادة ‪ 160‬مف األمر (‪.1)05–03‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار قانكف العقكبات‬


‫إزاء الصعكبات السابؽ التعرض ليا في المبحث األكؿ كالمتعمّقة بعدـ كجكد‬
‫حماية جنائية كاممة لبرامج الحاسب اآللي مف خبلؿ جرائـ األمكاؿ التقميدية‪ ،‬ككذا عدـ‬
‫تنصب بصفة أساسية عمى شكؿ‬
‫ّ‬ ‫كفاية الحماية مف خبلؿ قكانيف الممكية الفكرية التي‬
‫البرنامج أك مضمكنو االبتكارم فقط دكف أف تغطّي تمؾ الحماية كؿ البرنامج‪ ،‬كاف لزاما‬
‫المشرع مراعاة ىذا النقص مف خبلؿ استحداث نصكص خاصة بالمعمكماتية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عمى‬

‫‪‌ 1‬محمود ‌إبراهٌم ‌الوالً‪‌ ،‬حقوق ‌الملكٌة ‌فً ‌التشرٌع ‌الجزائري‪‌ ،‬دٌوان ‌المطبوعات ‌الجامعٌة‪‌ ،‬الجزائر‪‌،1983‌ ،‬‬
‫ص‪‌164‬وما‌بعدها‪‌ .‬‬

‫‪151‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫خاصة لحماية‬
‫ّ‬ ‫كىذا ما استجابت لو العديد مف الدكؿ مف خبلؿ كضع نصكص‬
‫المعمكماتية منيا القانكف الفيدرالي لمكاليات المتحدة األمريكية‪ ،‬كانجمت ار التي أصدرت‬
‫قانكنا خاصا بإساءة استخداـ الكمبيكتر سنة ‪ ،1990‬ككذا كندا كألمانيا كالسكيد كالنركيج‬
‫كالدنمارؾ كفرنسا‪.1‬‬

‫مؤخ ار كلك نسبيا ىذا الفراغ‬


‫ّ‬ ‫أما بالنسبة لمتشريع الكطني فقد تدارؾ‬
‫التطكر الحاصؿ في مجاؿ اإلجراـ المعمكماتي‬
‫ّ‬ ‫القانكني‪ ،‬حيث حاكؿ أف يساير‬
‫ضد األنظمة‬
‫ّ‬ ‫لمحد مف االعتداءات الصادرة‬
‫ّ‬ ‫مؤخ ار نصكصا تجريمية‬
‫ّ‬ ‫باستحداثو‬
‫المتضمف تعديؿ قانكف العقكبات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المعمكماتية‪ ،‬كذلؾ بمكجب القانكف ‪15-04‬‬

‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫المشرع مف خبلؿ ىذا التعديؿ نفس المنيج الذم اتّبعو‬
‫ّ‬ ‫حيث اعتمد‬
‫الفرنسي في تعديمو لقانكف العقكبات الفرنسي ككضعو قانكنا لحماية نظـ المعالجة اآللية‬
‫عدؿ بتاريخ ‪ .1994/03/01‬كالذم منع بذلؾ‬
‫لممعطيات الصادر سنة ‪ ،1988‬الم ّ‬
‫صرح بو إلى نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات‪ ،‬كعاقب عمى كؿ تخريب‬
‫الدخكؿ غير الم ّ‬
‫أف ما يمكف‬
‫لمحتكيات النظاـ‪ ،‬أك إعاقة تشغيمو‪ ،‬أك تزكير الكثائؽ المعمكماتية‪ ،‬غير ّ‬
‫الماسة باألنظمة المعمكماتية كأغفؿ‬
‫ّ‬ ‫المشرع قد رّكز عمى االعتداءات‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫مبلحظتو ّ‬
‫الماسة بمنتكجات اإلعبلـ اآللي كالمتمثّمة خصكصا في التزكير‬
‫ّ‬ ‫االعتداءات‬
‫المعمكماتي‪.‬‬

‫أتعرض لبلعتداءات الكاردة عمى المعمكماتية‬


‫تأسيسا عمى ما سبؽ‪ ،‬ارتأيت أف ّ‬
‫مف خبلؿ أربعة مطالب‪ ،‬حيث سأعالج مفيكـ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات في‬
‫المطمب األكؿ‪ ،‬كأشكاؿ المساس بو في المطمب الثاني‪ ،‬أما المطمب الثالث فسكؼ‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .107‬‬

‫‪152‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫خصصو لمعقكبات المقررة‪ ،‬بينما أتعرض في الرابع إلى نصكص قانكنية أخرل تأتي‬
‫أ ّ‬
‫تكممة لما سبؽ ذكره‪.‬‬

‫المطمب األكؿ‬

‫مفيكـ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات كأشكاؿ المساس بو‬


‫مف المؤكد أف جرائـ االعتداء عمى نظـ المعالجة اآللية لممعطيات ذات طبيعة‬
‫متميزة كخاصة تتعمؽ غالبا بما يسمى بالقانكف الجنائي المعمكماتي‪ ،‬كبمقارنتيا بالجرائـ‬
‫التقميدية يتضح مدل االختبلؼ الكاقع بينيما سكاء مف حيث مرتكبييا أك مف حيث‬
‫الضحايا‪.1‬‬

‫خاصة مع ضعؼ الحماية‬


‫ّ‬ ‫كما أف تفاقـ االعتداءات عمى األنظمة المعمكماتية‬
‫الفنية‪ ،‬أصبح يشكؿ خطكرة بالغة‪ ،‬فقد تعدت آثاره كمداه الحدكد الكطنية كمما يزيد في‬
‫ّ‬
‫خطكرتو صعكبة إثباتو‪ ،‬كما أنو أصبح مصدر ازعاج لكثير مف الدكؿ كىذا ما استدعى‬
‫تدخبل تشريعيا صريحا سكاء عمى المستكل الدكلي أك المحمي‪ ،2‬فدكليا كضعت ّأكؿ‬
‫ّ‬
‫تضمنت مختمؼ أشكاؿ اإلجراـ‬
‫ّ‬ ‫اتّفاقية حكؿ اإلجراـ المعمكماتي بتاريخ ‪،2001/11/08‬‬
‫المعمكماتي‪.3‬‬

‫أما عمى مستكل المنظكمة القانكنية الكطنية فقد سعى المشرع في تعديمو‬
‫ّ‬
‫األخير لقانكف العقكبات لمفصؿ الثالث مف الباب الثاني مف الكتاب الثالث مف األمر‬
‫‪ 156-66‬إلى إضافة قسـ سابع مكرر عنكانو‪" :‬المساس بأنظمة المعالجة اآللية‬

‫‪‌ 1‬مناصرة ‌ٌوسؾ‪‌ ،‬جرائم ‌المساس ‌بأنظمة ‌المعالجة ‌اآللٌة ‌للمعطٌات‪‌ ،‬مذكرة ‌ماجستٌر‪‌ ،‬جامعة ‌الجزائر‪‌ ،‬كلٌة‌‬
‫الحقوق‪‌،2009‌،‬ص‌‪‌ .16‬‬
‫‪‌ 2‬ملٌكة ‌عطوي‪‌ ،‬األنترنت ‌والملكٌة ‌الفكرٌة‪‌ ،‬مذكرة ‌لنٌل ‌شهادة ‌الماجستٌر‪‌ ،‬فرع ‌علوم ‌اإلعالم ‌واالتصال‪‌ ،‬كلٌة‌‬
‫العلوم‌السٌاسٌة‌واإلعالم‪‌،‬جامعة‌الجزائر‪‌،2004‌،‬ص‌‪‌ .90‬‬
‫‪‌ 3‬االتفاقٌة ‌الدولٌة ‌حول ‌اإلجرام ‌المعلوماتً‪‌ ،‬أبرمت ‌بتارٌخ‪‌ ،2001/11/18‌ :‬من ‌طرؾ ‌المجلس ‌األوروبً ‌وت ّم‌‬
‫وضعها‌والتوقٌع‌علٌها‌منذ‌تارٌخ‌‪‌ .2001/11/23‬‬

‫‪153‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫لممعطيات"‪ ،‬كيشمؿ المكاد مف ‪ 394‬مكرر إلى ‪ 394‬مكرر ‪ .7‬حيث أرسى ىذا القسـ‬
‫ينص عمى‬
‫ّ‬ ‫فعالة ألنظمة المعالجة اآللية لممعطيات‪ ،‬كىك ما جعمو‬
‫كضع حماية ّ‬
‫لمحد مف اقترافيا‪.‬‬
‫مجمكعة مف الجرائـ باإلضافة إلى ما يناسبيا مف عقكبات ّ‬

‫عد كجكد نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات بمثابة الشرط األكؿ الذم يمزـ‬
‫حيث ي ّ‬
‫يتـ بحث ما إذا كاف ىناؾ اعتداء عمى تمؾ النظـ مف عدمو‪ .‬كعمى سبيؿ‬
‫تحقّقو حتّى ّ‬
‫كنا بصدد التأكد مف كجكد اعتداء عمى قكاعد بيانات التجارة اإللكتركنية في‬
‫المثاؿ‪ ،‬إذا ّ‬
‫بد أف يككف ىناؾ بالطبع قاعدة معالجة آلية لمبيانات أك‬
‫دكلة ما أك مشركع ما‪ ،‬ال ّ‬
‫المعمكمات التي تتعمّؽ بيذه التجارة اإللكتركنية‪.1‬‬

‫األكلية التي يمزـ تحقّقيا حتى يمكف البحث في تكافر أك عدـ‬


‫فيك يمثّؿ المسألة ّ‬
‫تكافر أركاف أية جريمة مف جرائـ االعتداء عمى ىذا النظاـ‪ ،‬فإف ثبت تخمؼ ىذا الشرط‬
‫األكلي ال يككف ىناؾ مجاؿ ليذا البحث‪ ،‬كيؤدم تكافر ىذا الشرط إلى االنتقاؿ إلى‬
‫المرحمة التالية كىي بحث تكافر أركاف أم جريمة مف الجرائـ السابقة‪ .‬فذلؾ الشرط يعتبر‬
‫الزما لك ّؿ منيا‪ ،‬كلذلؾ يككف مف الكاجب تحديد مفيكـ شرط نظاـ المعالجة اآللية‬
‫لممعطيات‪.2‬‬

‫بأنو‪" :‬ك ّؿ مرّكب يتككف مف‬


‫لقد اقترح مجمس الشيكخ الفرنسي تعريفا ليذا النظاـ ّ‬
‫تتككف ك ّؿ منيا الذاكرة كالبرامج كالمعطيات‬
‫كحدة أك مجمكعة كحدات معالجة‪ ،‬كالتي ّ‬
‫كأجيزة اإلدخاؿ كاإلخراج كأجيزة الربط‪ ،‬كالتّي تربط بينيا مجمكعة مف العبلقات التّي‬
‫معينة كىي معالجة المعطيات‪ ،‬أك التّي تتضافر فيما بينيا‬
‫عف طريقيا تتحقّؽ نتيجة ّ‬

‫‪‌1‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌347‬‬
‫‪‌2‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 101-100‬‬

‫‪154‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫معينة تتمثّؿ في معالجة المعطيات‪ ،‬عمى أف يككف ىذا المرّكب‬


‫نحك تحقيؽ نتيجة ّ‬
‫الفنية‪."1‬‬
‫خاضع لنظاـ الحماية ّ‬

‫انطبلقا مف ىذا التعريؼ المقترح لمجمس الشيكخ الفرنسي‪ ،‬نجد ّأنو قد رّكز في‬
‫مفيكـ ىذا النظاـ عمى عنصريف أساسيف ىما‪ :‬تعريؼ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات‬
‫فنية (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫(الفرع األكؿ)‪ ،‬كضركرة خضكع ىذا النظاـ لحماية ّ‬

‫الفرع األكؿ‬

‫تعريؼ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات‬


‫لقد قدمت االتفاقية الدكلية لئلجراـ المعمكماتي تعريفا لمنظاـ المعمكماتي في‬
‫مادتيا األكلى عمى النحك التالي‪" :‬يقصد بمنظكمة الكمبيكتر أم جياز أك مجمكعة مف‬
‫األجيزة المتصمة ببعضيا البعض أك التي ذات صمة بذلؾ‪ ،‬كيقكـ أحدىا أك أكثر مف‬
‫كاحد منيا‪ ،‬تبعا لمبرنامج بعمؿ معالجة آلية لمبيانات ‪"2‬كيعرؼ األستاذ ‪J-P Buffelan‬‬
‫نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات بأنو مجمكع العمميات المنجزة بكاسطة كسائؿ اإلعبلـ‬
‫اآللي المرتبطة بتجميع‪ ،‬تسجيؿ‪ ،‬إعداد‪ ،‬حفظ كتخريب معمكمات اسمية كأيضا كؿ‬
‫العمميات مف طبيعة كاحدة مرتبطة باستغبلؿ الممفات أك قاعدة المعطيات كخاصة ربط‬
‫أك تقريب أك فحص أك نشر معمكمات اسمية‪.3‬‬

‫‪‌1‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌.120‬‬
‫‪‌2‬أنظر‌التعرٌؾ‌الذي‌نصت‌علٌه‌اتفاقٌة‌بودابست‌حول‌اإلجرام‌المعلوماتً‪‌ ‌:‬‬
‫‌" ‪Système informatique désigne tout dispositif isolé ou ensemble de dispositif‬‬
‫‪qui assure ou dont un ou plusieurs éléments ،interconnectes ou apparentes‬‬
‫‪‌ " un traitement automatise de données. ، en exécution d’un programme،assurent‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Nidal EL Chaer, université de Poitiers, La Criminalité Informatique Devant La‬‬
‫‪Justice Pénale, edition juridiques SADER, p 93‬‬

‫‪155‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫تتضمف عنصريف ّأكليما‬


‫ّ‬ ‫فإنيا‬
‫بالرجكع إلى التعريفات السابقة لنظاـ المعالجة ّ‬
‫ينص عمى العبلقات‬
‫يتككف منيا المرّكب كالثاني ّ‬
‫ينص عمى العناصر المختمفة التي ّ‬
‫ّ‬
‫محدد‪ ،‬أال كىك المعالجة‬
‫كتكحدىا نحك تحقيؽ ىدؼ كاحد ّ‬
‫ّ‬ ‫التي تربط بيف ىذه العناصر‬
‫اآللية لممعطيات‪.‬‬

‫يتككف منيا‬
‫المادية كالمعنكية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫أف ىذه العناصر‬
‫مف ىنا يمكف القكؿ ّ‬
‫المرّكب جاءت عمى سبيؿ المثاؿ ال الحصر‪ ،‬لفتح المجاؿ أماـ إضافة عناصر‬
‫جديدة‪ ،‬أك حذؼ بعضيا حسب ما يفرزه التطكر التقني في ىذا المجاؿ‪.1‬‬

‫أم‬
‫بناءا عمى ذلؾ‪ ،‬ال يتكافر نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات كال تقع بالتالي ّ‬
‫جريمة مف جرائـ االعتداء عميو المنصكص عمييا‪ ،‬إذا كقع االعتداء عمى عنصر بمفرده‬
‫ال يش ّكؿ جزء في ىذا النظاـ‪ ،‬كما إذ كقع االعتداء عمى برامج معركضة لمبيع أك عمى‬
‫جياز حاسب لـ يدخؿ الخدمة بعد أك عمى عنصر مكدع بالمخازف أك عمى قطع الغيار‬
‫أك عمى األجيزة التي مازالت في مرحمة التجربة أك حتى األنظمة التي خرجت مف‬
‫الخدمة تماما ككذلؾ تمؾ التي في سبيميا إلى التحطيـ‪.2‬‬

‫تتحقؽ الجريمة إذا كقع االعتداء عمى النظاـ خارج ساعات تشغيمو العادية‪ ،‬أك‬
‫إذا كانت أحد عناصره في عطؿ‪ ،‬كما تتحقؽ الجريمة أيضا إذا كقع االعتداء عمى‬
‫عدة أنظمة تربط فيما بينيا بأجيزة‬
‫تصكرنا ّ‬
‫ّ‬ ‫متعددة‪ .‬فإذا‬
‫عنصر يش ّكؿ جزء مف أنظمة ّ‬
‫تـ االعتداء عمى جياز حاسب آلي في نظاـ مف تمؾ األنظمة المرتبطة‪،‬‬
‫اتصاؿ كقد ّ‬
‫فإف الجريمة تقع في ىذه الحالة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Gassin : droit pénal de l’informatique les systèmes traitement des données‬‬
‫‪commentaire de la loi n° 88/18 du 03/01/88 relative à la fraude informatique‬‬
‫‪DALLOZ 1988 – p 05.‬‬
‫‪‌2‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .110-109‬‬

‫‪156‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫فإف البحث في تكافر الجريمة يتكقّؼ‬


‫إذا كاف الدخكؿ إلى ىذا الجياز مشركعا‪ّ ،‬‬
‫عمى ما إذا كانت تكجد عبلقة سببية بيف ىذا الدخكؿ المشركع كاالعتداء المفركض عمى‬
‫المتدخؿ‪ ،‬كما تقع الجريمة إذا كقع االعتداء‬
‫ّ‬ ‫األنظمة كك ّؿ‪ ،‬كمدل حسف أك سكء نية‬
‫ألف تمؾ الشبكة تعتبر عنص ار في‬
‫عمى شبكة االتصاؿ التي تربط بيف أكثر مف نظاـ‪ّ ،‬‬
‫ك ّؿ نظاـ مف األنظمة التي تربط بينيا‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫أىمية إخضاع نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات لحماية ف ّنية‬


‫الفنية‪ ،‬ذلؾ اإلجراء الكقائي الذم يسعى مف خبللو‬
‫يقصد بمصطمح الحماية ّ‬
‫المتخصصكف بأمف المعمكمات إلى الحفاظ عمى خصكصية البيانات المتناقمة عبر‬
‫ّ‬
‫سرية الرسائؿ‬
‫الشبكات‪ ،‬كباألخص شبكة االنترنت‪ ،‬فيـ يسعكف بذلؾ إلى تأميف ّ‬
‫كسرية البيانات المتناقمة‪ .‬كيمثّؿ التشفير أفضؿ كسيمة لمحفاظ عمى تمؾ‬
‫اإللكتركنية ّ‬
‫السرية‪ ،‬فالشفرة متّفؽ عمييا بيف الطرفيف‪ ،‬كما يعرؼ كبلىما مفتاح ىذه الشفرة لضماف‬
‫ّ‬
‫صرح لو بذلؾ‪.‬‬
‫عدـ قراءة الرسالة إالّ لمف ىك م ّ‬

‫مما سبؽ ذكره يبلحظ ّأنو بالرغـ مف تحديد مجمس الشيكخ الفرنسي في تعريفو‬
‫ّ‬
‫أف النص الفرنسي جاء خاليا‬
‫الفنية‪ ،‬إالّ ّ‬
‫السابؽ لمفيكـ النظاـ‪ ،‬كذكره لعنصر الحماية ّ‬
‫أم إشارة إلى ىذا الشرط‪ ،‬كىك ما يدفعنا إلى التساؤؿ حكؿ ضركرة كجكد أك عدـ‬
‫مف ّ‬
‫الفنية لمنظاـ كشرط لمتمتّع بالحماية الجنائية‪2‬؟‬
‫كجكد الحماية ّ‬

‫تنقسـ أنظمة المعالجة اآللية لممعطيات مف ىذه الزاكية إلى‪:‬‬

‫‪ -‬أنظمة مفتكحة لمجميكر‪.‬‬

‫‪‌1‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .121‬‬
‫‪‌2‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .111‬‬

‫‪157‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫فنية‪.‬‬
‫الحؽ فييا كلكف بدكف حماية ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬أنظمة قاصرة عمى أصحاب‬
‫الحؽ فييا كتتمتّع بالحماية الفنية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬أنظمة قاصرة عمى أصحاب‬

‫الفنية فإف النكع الثالث منيا ىك الذم يتمتّع‬


‫بمقتضى تطبيؽ عنصر الحماية ّ‬
‫فقط بالحماية الجنائية دكف النكع األكؿ كالثاني‪.1‬‬

‫إف الحماية الجنائية في نظر البعض يجب أف تقتصر عمى األنظمة المحمية‬
‫ّ‬
‫أف مف يقكـ باستغبلؿ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات كيحقؽ‬
‫فنيا‪ ،‬ألنو مف الطبيعي ّ‬
‫ّ‬
‫أف القانكف الجنائي‬
‫الفنية البلزمة لمنع الغش‪ ،‬ك ّ‬
‫ربحا مف ىذا االستغبلؿ‪ ،‬يضع الكسائؿ ّ‬
‫ال يحمي إالّ األشخاص الذيف لدييـ حرص عمى أمكاليـ كليس مف ييمؿ منيـ في تكفير‬
‫الحد األدنى لمحماية‪.2‬‬

‫يرل الرأم الفقيي الغالب في فرنسا إلى عدـ ضركرة كجكد شرط الحماية‬
‫نص القانكف كاألعماؿ التحضيرية يستفاد منيا عكس ذلؾ‪ .‬فقد اعتبركا‬
‫ألف ّ‬
‫الفنية‪ ،‬كذلؾ ّ‬
‫ّ‬
‫أف نظاـ األمف ال يككف لو سكل دكر كاحد يتمثّؿ في إثبات سكء نية مف قاـ بانتياؾ‬
‫ّ‬
‫النظاـ كالدخكؿ إليو بطريقة غير مشركعة‪ ،‬كيدخؿ ذلؾ في عداد إثبات القصد‬
‫الجنائي‪.3‬‬

‫جرـ االعتداء‬
‫ألف القانكف ي ّ‬
‫بينما يرل رأم آخر إلى ضركرة كجكد نظاـ أمني‪ّ ،‬‬
‫المتضمنة في النظاـ المعمكماتي كمف أنصار ىذا الرأم‬
‫ّ‬ ‫عمى نظـ األمف‬
‫أف االعتداء عمى‬
‫(‪ ،)M.altermen et blach‬كيستند ىؤالء إلى عدد مف الحجج منيا ّ‬
‫النظاـ األمني شرط مفترض لقياـ الجرائـ التي تتعمّؽ بالمعمكماتية‪ ،‬كالعدالة تقتضي عدـ‬
‫حؽ لـ يتحكط لو صاحبو‪ ،‬فضبل عمى أف التسميـ‬
‫عد اعتداء عمى ّ‬
‫العقاب عمى فعؿ ي ّ‬

‫‪‌1‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 122‬‬
‫‪‌‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ ‌123‬‬
‫‪‌3‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌112‬‬

‫‪158‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يعد ك ّؿ دخكؿ غير شرعي‬


‫تكسعا في مجاؿ التجريـ‪ ،‬حيث ّ‬
‫ب أرم غالبية الفقو يعني ّ‬
‫جريمة كذلؾ أمر غير منطقي‪.1‬‬

‫األكؿ فإف المسألة كاضحة كال تحتاج إلى‬


‫إالّ ّأنو ككما يرل الرأم الفقيي ّ‬
‫أف النصكص المتعمّقة بجرائـ االعتداء عمى أنظمة المعالجة اآللية‬
‫تفسير‪ ،‬ذلؾ ّ‬
‫الفنية‪ ،‬كالمبادئ المستقرة في القانكف‬
‫تتضمف شرط الحماية ّ‬
‫ّ‬ ‫لممعطيات صدرت دكف أف‬
‫ينص‬
‫النص العاـ طالما لـ ّ‬
‫ّ‬ ‫النص المطمؽ أك تخصيص‬
‫ّ‬ ‫الجنائي ّأنو ال يجكز تقييد‬
‫أف المشرع قد أراد‬
‫الفنية‪ ،‬يعني ّ‬
‫أف عدـ ذكر شرط الحماية ّ‬
‫المشرع عمى ذلؾ‪ ،‬سيما ّ‬
‫ّ‬
‫استبعاد ىذا الشرط صراحة‪.2‬‬

‫بالرجكع إلى النصكص المتعمّقة بجرائـ االعتداء عمى أنظمة المعالجة اآللية‬
‫الفنية‪ ،‬كجاءت تمؾ النصكص خالية منو‬
‫تتضمف شرط الحماية ّ‬
‫ّ‬ ‫لممعطيات‪ ،‬نجدىا ال‬
‫تماما‪.‬‬

‫العامة في تفسير القانكف الجنائي ّأنو ال يجكز تقييد النص المطمؽ‬


‫مف المبادئ ّ‬
‫أك تخصيص النص العاـ إالّ إذا كجد نص يجيز ذلؾ‪ ،‬كال يكجد في الحالة مكضكع‬
‫فإف عدـ ذكر‬
‫خصص عمكمو‪ ،‬كلذلؾ ّ‬
‫النص أك ي ّ‬
‫ّ‬ ‫يقيد إطبلؽ‬
‫نص خاص ّ‬
‫الدراسة ّ‬
‫أف الحماية‬
‫الفنية يعني ّأنو أراد استبعاده‪ ،‬ىذا باإلضافة إلى ّ‬
‫المشرع لشرط الحماية ّ‬
‫ّ‬
‫الجنائية يجب أف تمتد لتغطّي ك ّؿ أنظمة المعالجة اآللية لممعطيات سكاء كانت تتمتّع‬
‫فنية أـ ال‪.3‬‬
‫بحماية ّ‬

‫‪ ‌ 1‬عبد ‌الفتاح ‌بٌومً ‌حجازي‪‌ ،‬النظام ‌القانون ‌لحماٌة ‌التجارة ‌اإللكترونٌة‪‌ ،‬الكتاب ‌الثانً‪‌ ،‬الحماٌة ‌الجنائٌة ‌لنظام‌‬
‫التجارة‌اإللكترونٌة‪‌،‬دار‌الفكر‌الجامعً‪‌،‬اإلسكندرٌة‪‌،2002‌،‬ص‌‪‌ .24‬‬
‫‪‌2‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .113-112‬‬
‫‪‌3‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.105‬‬

‫‪159‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ضد اشتراط ىذه‬


‫أف المناقشات البرلمانية في فرنسا تؤ ّكد ّأنيا كانت ّ‬
‫كما ّ‬
‫النص عمى ىذه الحماية كشرط ضمف األعماؿ التحضيرية‬
‫ّ‬ ‫الحماية‪ ،‬كحتّى كلك كرد ذكر‬
‫أىمية لعدـ إلزامية ىذه األعماؿ التحضيرية‪ ،‬كاّنما يستعاف بيا‬
‫فإنو ال يكتسب ّ‬
‫لمقانكف‪ّ ،‬‬
‫في تفسير ما غمض مف النصكص أك ما تعارض مع بعضو البعض‪.1‬‬

‫مقيدا‬
‫فإنو ال يشترط لكجكد الجريمة أف يككف الدخكؿ إلى النظاـ ّ‬
‫تطبيقا لذلؾ‪ّ ،‬‬
‫أف غالبية أنظمة المعالجة اآللية‬
‫فنية‪ ،‬كلكف إذا نظرنا لمكاقع‪ ،‬يبلحظ ّ‬
‫بكجكد حماية ّ‬
‫فإف كجكد مثؿ تمؾ الحماية‬
‫فنية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلؾ ّ‬
‫لممعطيات تتمتّع بنظاـ حماية ّ‬
‫يساعد عمى إثبات أركاف الجريمة كبصفة خاصة الركف المعنكم‪.‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫أشكاؿ االعتداء عمى نظـ المعالجة اآللية لممعطيات‬


‫جرمة مف خبلؿ المكاد ‪394‬‬
‫المشرع عمى مجمكعة مف األفعاؿ الم ّ‬
‫ّ‬ ‫نص‬
‫لقد ّ‬
‫مكرر‪ 394 ،‬مكرر ‪ 7‬مف قانكف العقكبات كالتي يمكف تمخيصيا فيما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬الدخكؿ كالبقاء غير المشركع في نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات‪( ،‬الفرع األكؿ)‪.‬‬
‫‪ -‬االعتداءات العمدية عمى نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات‪( ،‬الفرع الثاني)‪.‬‬
‫‪ -‬االعتداءات العمدية عمى سبلمة المعطيات المكجكدة داخؿ النظاـ‪( ،‬الفرع الثالث)‪.‬‬

‫‪‌1‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.124‬‬

‫‪160‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع األكؿ‬

‫جريمة الدخكؿ كالبقاء غير المشركع في نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات‬


‫نصت المادة ‪ 394‬مكرر مف قانكف العقكبات عمى ىذه الجريمة كما يمي‪:‬‬
‫ّ‬
‫"يعاقب بالحبس مف ثبلثة أشير إلى سنة كبغرامة مف ‪ 50000‬دج إلى ‪ 100000‬دج‬
‫ك ّؿ مف يدخؿ أك يبقى عف طريؽ الغش في كؿ أك جزء مف منظكمة المعالجة اآللية‬
‫لممعطيات أك يحاكؿ ذلؾ‪.‬‬

‫تضاعؼ العقكبة إذ ترتّب عف ذلؾ حذؼ أك تغيير لمعطيات المنظكمة‪ ،‬كاذ‬


‫ترتّب عف األفعاؿ المذككرة أعبله تخريب نظاـ اشتغاؿ المنظكمة تككف العقكبة الحبس‬
‫مف ستة أشير إلى سنتيف كالغرامة ‪ 50000‬دج إلى ‪ 150000‬دج"‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 2‬مف االتفاقية الدكلية لئلجراـ المعمكماتي‪" :‬الصكرة البسيطة‬
‫المشددة تتحقّؽ‬
‫ّ‬ ‫مجرد الدخكؿ أك البقاء غير المشركع بينما الصكرة‬
‫لمجريمة تتمثّؿ في ّ‬
‫المشدد ليا‪ ،‬كيككف في الحالة التي ينتج فييا عف الدخكؿ أك البقاء غير‬
‫ّ‬ ‫بتكافر الظرؼ‬
‫إما محك أك تغيير في المعطيات المكجكدة في النظاـ أك تخريب نظاـ أشغاؿ‬
‫المشركع ّ‬
‫المنظكمة"‪.‬‬

‫كفقا لممادة ‪ 394‬مكرر السابؽ ذكرىا في فقرتيا األكلى أنيا نصت عمى أركاف‬
‫تنص الفقرة الثانية منيا عمى الصكرة‬
‫ّ‬ ‫الجريمة في صكرتيا البسيطة كعقكبتيا‪ ،‬بينما‬
‫شدد عقكبتيا إلى الضعؼ مف الجريمة البسيطة‪.‬‬
‫المشددة منيا كالتّي ّ‬
‫ّ‬

‫مجرد الدخكؿ أك البقاء غير‬


‫ّ‬ ‫كتتمثّؿ الصكرة البسيطة لمجريمة في‬
‫المشدد ليا كالمتمثؿ في الدخكؿ‬
‫ّ‬ ‫المشددة تتحقّؽ بتكافر الظرؼ‬
‫ّ‬ ‫المشركع‪ ،‬بينما الصكرة‬

‫‪161‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أك البقاء غير المشركع‪ ،‬إما حذؼ أك تغيير في المعطيات المكجكدة في النظاـ كا ّما‬
‫تخريب كظيفة تشغيؿ النظاـ‪.‬‬

‫كعميو سكؼ أدرس فيما سيأتي معالجة جريمة الدخكؿ أك البقاء‬


‫المشدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫البسيطة‪ ،‬كجريمة الدخكؿ أك البقاء‬

‫أكال‪ :‬جريمة الدخكؿ أك البقاء البسيطة‬


‫نصت عمى أركاف ىذه الجريمة المادة ‪ 394‬مكرر في فقرتيا‬
‫ّ‬ ‫لقد‬
‫تتككف مف ركنيف‪ ،‬ركف مادم‪ ،‬كركف معنكم‪.‬‬
‫األكلى‪ ،‬كىي مثؿ كؿ جريمة ّ‬

‫‪ .1‬الركف المادم‪:‬‬

‫إما في فعؿ‬
‫يتككف الركف المادم في ىذه الجريمة مف نشاط إجرامي يتمثّؿ ّ‬
‫الدخكؿ إلى نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات أك في جزء منو‪ ،‬كا ّما في فعؿ البقاء في‬
‫ىذا النظاـ أك في جزء منو كذلؾ‪.‬‬

‫أ‪ -‬فعؿ الدخكؿ إلى النظاـ‬

‫ال يقصد بالدخكؿ ىنا بمعناه المادم أم الدخكؿ إلى مكاف ما كالمحؿ أك‬
‫المنزؿ‪ ،‬كفي نفس االتجاه الدخكؿ إلى جياز الحاسب اآللي‪ ،‬كاّنما يجب أف ينظر إليو‬
‫كظاىرة معنكية تشابو تمؾ التي نعرفيا عندما نقكؿ الدخكؿ إلى فكر أك إلى ممكة التفكير‬
‫لدل إنساف‪ ،‬أم الدخكؿ إلى العمميات الذىنية التي يقكـ بيا نظاـ المعالجة اآللية‬
‫يتـ بيا الدخكؿ إلى النظاـ‪ ،‬كلذلؾ تقع‬
‫المشرع الكسيمة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫يحدد‬
‫لممعطيات‪ .‬كلـ ّ‬
‫المادية‬
‫ّ‬ ‫بأم كسيمة أك طريقة‪ ،‬فقد يمجأ الجاني إلى التبلعب بعناصر النظاـ‬
‫الجريمة ّ‬
‫تنصت يستطيع مف خبللو اختراؽ‬
‫لكي يصؿ إلى ىدفو كىك الدخكؿ أك يربط بجياز ّ‬
‫النظاـ أك استقباؿ المعمكمات‪ ،‬كما قد يككف عف طريؽ فيركس مثؿ (فيػركس حصاف‬

‫‪162‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫طركادة)‪ ،1‬أك عف طريؽ استخداـ الرقـ السرم لشخص آخر أك الدخكؿ مف خبلؿ‬
‫شخص آخر مسمكح لو الدخكؿ أك عف طريؽ الكصكؿ إلى الرقـ السرم لمدخكؿ أك عف‬
‫خاصة إذا كاف ضعيفا في حالة كجكد مثؿ ىذا‬
‫ّ‬ ‫طريؽ تجاكز نظاـ الحماية‬
‫يتـ الدخكؿ مباشرة أك بطريقة غير مباشرة‪ ،‬كما ىك الحاؿ في‬
‫النظاـ‪ ،‬كيستكم أف ّ‬
‫الدخكؿ عف بعد مف خبلؿ شبكات االتصاؿ الياتفية‪.2‬‬

‫أم إنساف ّأيا كانت صفتو‪ ،‬سكاء كاف يعمؿ في‬


‫كقد تقع ىذه الجريمة مف ّ‬
‫مجاؿ األنظمة‪ ،‬أك ال عبلقة لو بنظـ الكمبيكتر‪ ،‬كسكاء كاف يستطيع االستفادة مف‬
‫حؽ الدخكؿ إلى ىذا النظاـ‪.‬‬
‫النظاـ أـ ال‪ ،‬فيشترط فقط أال يككف مف أكلئؾ الذيف ليـ ّ‬

‫حؽ السيطرة عمى النظاـ قد كضع‬


‫يككف الدخكؿ غير مشركع إذا كاف مف لو ّ‬
‫قيكدا لمدخكؿ إليو كلـ يحترـ الجاني تمؾ القيكد‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ األنظمة المتعمّقة بأسرار‬
‫الخاصة‪ ،‬كما‬ ‫تتضمف بيانات شخصية تتعمّؽ بحرمة الحياة‬
‫ّ‬ ‫الدكلة أك دفاعاتيا أك‬
‫كتـ‬
‫يككف الدخكؿ أيضا غير مشركع إذ كاف يتطمّب ضركرة دفع مبمغ مف النقكد‪ّ ،‬‬
‫الدخكؿ دكف دفع ذلؾ المبمغ‪ ،‬ككذلؾ يتحقّؽ إذا كاف مسمكحا لمجاني بالدخكؿ لجزء‬
‫كلكنو تجاكزه إلى جزء آخر غير مسمكح لو الدخكؿ فيو‪.3‬‬
‫معيف في البرنامج‪ّ ،‬‬
‫ّ‬

‫كلذلؾ يخرج مف نطاؽ الدخكؿ غير المشركع‪ ،‬الدخكؿ إلى برنامج منعزؿ عف‬
‫نظاـ المعمكمات الذم حظر عميو الدخكؿ فيو‪ ،‬كما ال تتكافر الجريمة إف اقتصر دكر‬

‫‪‌‌ 1‬فٌروس‌حصان‌طروادة‪‌:‬وهو‌برنامج‌فٌروس‌لدٌه‌قدرة‌على‌االختفاء ‌فً‌البرنامج‌األصلً‌للمستخدم‪‌،‬وعندما‌‬


‫ٌتم ‌تشؽٌل ‌البرنامج ‌األصلً ‌ٌنشط ‌هذا ‌الفٌروس ‌وٌنتشر ‌لٌبدأ ‌فً ‌نشاطه ‌التدمٌري‪‌ ،‬وهو ‌ما ‌ٌؤدي ‌إلى ‌تعطٌل‌‬
‫البرنامج‌وتزوٌر‌المعلومات‌ومحو‌بعضها‌وقد‌ٌصل‌إلى‌تدمٌر‌النظام‌بأكمله‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.121‬‬
‫‪‌3‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .109‬‬

‫‪163‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫مجرد قراءة الشاشة دكف الدخكؿ إلى داخؿ النظاـ‪ ،‬إذ بيذه األفعاؿ ال تقكـ‬
‫الجاني عمى ّ‬
‫جريمة الدخكؿ غير المشركع لمنظاـ المعمكماتي‪.1‬‬

‫ب‪ -‬فعؿ البقاء داخؿ النظاـ‬

‫يتككف منو الركف المادم في الجريمة مح ّؿ‬


‫قد يتّخذ النشاط اإلجرامي الذم ّ‬
‫الدراسة صكرة البقاء داخؿ النظاـ‪ ،‬كيقصد بفعؿ البقاء التكاجد داخؿ نظاـ المعالجة‬
‫ضد إرادة مف لو الحؽ في السيطرة عمى ىذا النظاـ‪.‬‬
‫اآللية لممعطيات ّ‬

‫كقد يتحقّؽ البقاء المعاقب عميو داخؿ النظاـ مستقبلّ عف الدخكؿ إلى‬
‫النظاـ‪ ،‬كما قد يجتمعا‪ ،‬كيككف البقاء معاقبا عميو استقبلال حيف يككف الدخكؿ إلى‬
‫النظاـ مشركعا‪ .‬كمف أمثمة ذلؾ‪ ،‬إذا تحقّؽ الدخكؿ إلى النظاـ بالصدفة أك عف طريؽ‬
‫الخطأ أك السيك‪.‬‬

‫المتدخؿ أف يقطع كجكده كينسحب فكرا‪ ،‬فإذا‬


‫ّ‬ ‫إذ كاف يجب في ىذه الحالة عمى‬
‫فإنو يعاقب عمى جريمة البقاء غير المشركع إذ تكافر ليا الركف‬
‫بقي رغـ ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫يستمر فييا الجاني باقيا داخؿ‬
‫ّ‬ ‫المعنكم‪ ،‬كيككف البقاء أيضا جريمة في الحالة التي‬
‫المحددة لو لمبقاء داخمو‪ ،‬أك في الحالة التي يطبع فييا نسخة مف‬
‫ّ‬ ‫المدة‬
‫النظاـ بعد ّ‬
‫المعمكمات في الكقت الذم كاف مسمكح لو فييا الرؤية كاالطبلع فقط‪.2‬‬

‫مصرح‬
‫ّ‬ ‫فالنتيجة اإلجرامية في الحالتيف كاحدة كىي الكصكؿ إلى نظاـ غير‬
‫لمدخكؿ إليو‪ ،‬فالمصمحة التي يحمييا القانكف ىي حماية نظاـ الكمبيكتر في الحالتيف‪.3‬‬

‫‪‌1‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬النظام‌القانون‌لحماٌة‌التجارة‌اإللكترونٌة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .30‬‬
‫‪‌2‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌133‬‬
‫‪‌ 3‬نائلة‌عادل‌محمد‌فرٌد‌قورة‪‌،‬جرائم‌الكمبٌوتر‌االقتصادٌة‪‌،‬منشورات‌الحلبً‪‌ ،‬الطبعة‌األولى‪‌،‬بٌروت‪‌،2005‌،‬‬
‫ص‌‪‌ ‌.346‬‬

‫‪164‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كقد يجتمع الدخكؿ غير المشركع كالبقاء غير المشركع معا‪ ،‬كذلؾ في الفرض‬
‫ضد‬
‫الذم ال يككف فيو الجاني لو الحؽ في الدخكؿ إلى النظاـ‪ ،‬كمع ذلؾ يدخؿ إليو ّ‬
‫حؽ السيطرة عميو‪ ،‬ثـ يبقى داخؿ النظاـ بعد ذلؾ‪ .‬كيتحقّؽ في ىذا الفرض‬
‫إرادة مف لو ّ‬
‫االجتماع المادم لجريمتي الدخكؿ كالبقاء غير المشركع في النظاـ‪.‬‬

‫إذا كانت تمؾ الجريمة عمى ىذه الصكرة تيدؼ أساسا إلى حماية نظاـ‬
‫المعالجة اآللية لممعطيات بصكرة مباشرة إال أنيا تحقؽ كبصكرة غير مباشرة حماية‬
‫ضد إرادة‬
‫المعطيات أك المعمكمات ذاتيا بؿ يمكف مف خبلليا تجريـ سرقة كقت اآللة ّ‬
‫حؽ السيطرة عمى النظاـ‪ ،‬كيقكـ بطبع أك نسخ بعض المعمكمات أك المعطيات أك‬
‫مف لو ّ‬
‫البرامج‪.1‬‬

‫غير أف اإلشكاؿ المطركح في ىذا الصدد ىك‪ :‬متى تنتيي جريمة الدخكؿ‬
‫كمتى تبدأ جريمة البقاء؟‬

‫يتـ الدخكؿ‬
‫أف جريمة الدخكؿ تتحقّؽ منذ المحظة التي ّ‬
‫يرل رأم في الفقو إلى ّ‬
‫فييا فعبل إلى البرنامج‪ ،‬كاف كاف الدخكؿ في نظر ىذا الرأم يفترض بالضركرة البقاء‬
‫فترة قصيرة مف الزمف تنتيي عندىا جريمة الدخكؿ كتكتمؿ‪ ،‬كبعد تمؾ المحظة تبدأ‬
‫جريمة البقاء داخؿ النظاـ كتنتيي بانتياء حالة البقاء‪.‬‬

‫يحدد لحظة بداية جريمة البقاء بطريقة‬


‫ّ‬ ‫كيؤخذ عمى ىذا الرأم ّأنو ال‬
‫أف‬
‫أدل برأم آخر إلى تحديد تمؾ المحظة مف الكقت الذم يعمـ فيو ّ‬
‫حاسمة‪ ،‬كىك ما ّ‬
‫بقاءه داخؿ النظاـ غير مشركع‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Chamoux : la loi sur la fraude informatique, de nouvelles incriminations. J.C.P‬‬
‫‪1988,doc, 3321‬‬
‫‪‌2‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.112‬‬

‫‪165‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أف البقاء داخؿ النظاـ يككف مف المّحظة التي‬


‫بينما الرأم الراجح مف الفقو يرل ّ‬
‫التجكؿ داخمو بعد انتياء الكقت‬
‫ّ‬ ‫يستمر في‬
‫ّ‬ ‫بالتجكؿ داخؿ النظاـ‪ ،‬أك‬
‫ّ‬ ‫يبدأ الجاني فييا‬
‫المحدد‪ ،‬أم منذ عمـ الجاني ّأنو ليس لو الحؽ في الدخكؿ‪ .‬فإذا دخؿ كبقي ساكنا تظ ّؿ‬
‫ّ‬
‫فإف جريمة البقاء داخؿ النظاـ‬
‫بالتجكؿ ّ‬
‫ّ‬ ‫أما إذا بدأ‬
‫الجريمة جريمة دخكؿ إلى النظاـ‪ّ ،‬‬
‫أف مبدأ دخكلو كاستم ارره فيو غير‬
‫يتجكؿ في نظاـ يعمـ مسبقا ّ‬
‫ألنو ّ‬
‫تبدأ مف تمؾ المحظة‪ّ ،‬‬
‫مشركع‪.1‬‬

‫الجريمة‪،‬‬ ‫يكفي البقاء داخؿ النظاـ بالمعنى السابؽ لتكافر الركف المادم لتمؾ‬
‫فبل يشترط أف يضاؼ إليو ضركرة التقاط معمكمات أك أم شكؿ مف أشكاؿ الضرر‪.‬‬

‫تعتبر ىذه الجريمة جريمة سمكؾ أم أنيا تقع كتكتمؿ بمجرد االنتياء مف‬
‫السمكؾ المككف ليا كىك الدخكؿ أك البقاء دكف أف يتطمب المشرع في نمكذجيا القانكني‬
‫حسب نصكص التجريـ أية نتيجة إجرامية‪.‬‬

‫كاذا كاف االتجاه الغالب في الفقو يعتبر جريمة الدخكؿ أك جريمة البقاء ذات‬
‫سمكؾ مجرد إال أنو لـ يتفؽ عمى ككف ىذه الجريمة كقتية أـ مستمرة أـ متتابعة األفعاؿ‪.‬‬

‫إف أىمية التفريؽ بيف أنكاع الجرائـ السابقة تتعمؽ بالتقادـ كاالختصاص‬
‫المكاني كالعفك‪ ،‬إال أف تمؾ األىمية تبدك ضئيمة ألف الفقو يتفؽ في مجمكعو عمى أف‬
‫جريمة البقاء جريمة مستمرة‪ ،‬كألف الفترة الزمنية التي تستمر فييا جريمة الدخكؿ قصيرة‬
‫نسبيا‪ ،‬بحيث يككف اعتبارىا مستمرة أك كقتية ذات أثر ممتد أك بدكف أثر‪.2‬‬

‫‪‌1‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 134‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .135‬‬

‫‪166‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪ .2‬الركف المعنكم‬

‫فإف الركف المعنكم ال يتكافر متى كاف‬


‫كفقا لمتحديد السابؽ لمقصد الجنائي‪ّ ،‬‬
‫دخكؿ ا لجاني أك بقاءه داخؿ النظاـ مسمكح بو‪ ،‬أم مشركعا‪ .‬كذلؾ ال يقكـ القصد‬
‫الجنائي إف كقع الجاني في خطا يتعمّؽ بحقّو في الدخكؿ أك حقّو في البقاء أك في مدل‬
‫الحؽ‪ ،‬كأف يجيؿ كجكد حظر لمدخكؿ أك البقاء‪ ،‬أك كأف يعتقد خطأ ّأنو‬
‫ّ‬ ‫نطاؽ ىذا‬
‫مسمكح لو بالدخكؿ‪.‬‬

‫فإنو ال مح ّؿ لبلعتداد‬
‫فمتى تكافر القصد الجنائي بعنصريو العمـ كاإلرادة‪ّ ،‬‬
‫أف الباعث عمييا ال أثر لو في قياـ ىذه الجريمة‬
‫بالباعث عمى ارتكاب الجريمة بكصؼ ّ‬
‫عمى الدخكؿ إلى النظاـ أك البقاء فيو‪ ،‬محاكلة الفضكؿ أك النزىة أك إثبات القدرة عمى‬
‫االنتصار عمى النظاـ المعمكماتي‪.1‬‬

‫المشددة‬
‫ّ‬ ‫ثانيا‪ :‬جريمة الدخكؿ أك البقاء‬
‫المشددة متى ترتّب عمى الدخكؿ أك البقاء‬
‫ّ‬ ‫تتحقّؽ ىذه الجريمة في صكرتيا‬
‫غير المشركع محك أك تعديؿ البيانات التي يحتكييا النظاـ أك عدـ قدرة النظاـ ذاتو ألف‬
‫يؤدم كظيفتو‪.2‬‬
‫ّ‬

‫أف ىناؾ عبلقة سببية ما بيف الدخكؿ أك‬


‫المشدد ّ‬
‫ّ‬ ‫كيكفي لتكافر ىذا الشرط‬
‫البقاء غير المشركع‪ ،‬كبيف النتيجة التي تحقّقت‪ ،‬كىي محك أك عدـ قدرتو عمى أداء‬
‫مشددا في‬
‫كظيفتو أك تعديؿ البيانات‪ .‬كىذه النتيجة ذاتيا ىي التي اعتبرىا المشرع ظرفا ّ‬
‫أف عدـ صبلحية النظاـ لمقياـ بكظائفو تعني عدـ قدرتو عمى‬
‫ىذه الجريمة‪ ،‬مع مبلحظة ّ‬
‫‪3‬‬
‫نص المشرع في المادة ‪ 394‬مكرر الفقرة‬
‫أداء كظيفة المعالجة اآللية لممعطيات ‪ ،‬كلقد ّ‬
‫‪‌1‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مكافحة‌جرائم‌الكمبٌوتر‌واالنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .366-‌365‬‬
‫‪‌2‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .137‬‬
‫‪‌3‬جمٌل‌عبد‌الباقً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .20‬‬

‫‪167‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪ 2،3‬عمى ما يمي‪" :‬تضاعؼ العقكبة إذ ترتّب عمى ذلؾ حذؼ أك تغيير لمعطيات‬
‫المنظكمة‪ ،‬كاذا ترتّب عمى األفعاؿ المذككرة أعبله تخريب نظاـ اشتغاؿ المنظكمة‪ ،‬تككف‬
‫العقكبة الحبس مف ستة أشير إلى سنتيف كالغرامة مف ‪ 50000‬دج إلى ‪150000‬دج"‪.‬‬

‫شدد بيما عقكبة الدخكؿ أك‬


‫نصت عمى ظرفيف ت ّ‬
‫يبلحظ أف المادة المذككرة قد ّ‬
‫البقاء داخؿ النظاـ‪ .‬كيتمثؿ ىذاف الظرفاف في حالة ما إذا نتج عف الدخكؿ أك البقاء‬
‫غير المشركع محك أك تعديؿ البيانات التي يحتكييا النظاـ كا ّما عدـ صبلحية النظاـ‬
‫ألداء كظائفو‪ .‬كيكفي لتكافر ىذا الظرؼ المشدد أف تككف ىناؾ عبلقة سببية بيف‬
‫الدخكؿ غير المشركع أك البقاء غير المشركع كتمؾ النتيجة الضارة‪.1‬‬

‫يتعيف لقياميا تكافر القصد الجنائي العاـ لدل‬


‫كطبيعة ىذه الجريمة عمدية ّ‬
‫الجاني بعنصريو العمـ كاإلرادة‪ ،‬فإذا أثبت الجاني انتفاء عبلقة السببية بيف السمكؾ‬
‫اإلجرامي المتمثّؿ في الدخكؿ أك البقاء غير المشركع‪ ،‬كالنتيجة اإلجرامية التي ىي ذات‬
‫أف عدـ‬
‫أف تعديؿ أك محك المعطيات أك ّ‬
‫المشدد في الجريمة‪ ،‬كأف يثبت ّ‬
‫ّ‬ ‫الظرؼ‬
‫صبلحية النظاـ لمقياـ بكظائفو يرجع إلى القكة القاىرة أك الحادث المفاجئ‪ ،‬إنتفى السمكؾ‬
‫اإلجرامي ككذلؾ القصد الجنائي لدل الجاني‪.2‬‬

‫فإذا تكافرت أركاف جريمة الدخكؿ أك البقاء غير المشركع في صكرتيا‬


‫المشددة‪ ،‬فإف عقكبة الجاني تككف بالعقكبة المقررة لو‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .119‬‬
‫‪ ‌ 2‬ومن‌األمثلة‌على‌جرائم‌الدخول‌أو‌البقاء‌فً‌النظام‌المعلوماتً‪‌،‬ممّا‌ٌؤدي‌إلى‌محو‌النظام‌أو‌تدمٌره‌أذكر‌ما‌‬
‫ٌلً‪‌ :‬‬
‫‪ -‬قٌام ‌مجموعة ‌إرهابٌة ‌ٌطلق ‌علٌها ‌‪‌ action direct‬بإتالؾ ‌برامج ‌وملفات ‌تخص ‌شركة ‌كبرس‌‬
‫متخصصة‌فً‌بٌع‌الحاسبات‌اآللٌة‌وتوثٌق‌المعلومات‌الحسابٌة‌وكان‌ذلك‌لحساب‌مجموعة‌من‌الشركات‌المنافسة‪.‬‬
‫‪ -‬استطاع‌مهندس‌متخصص‌فً‌أنظمة‌التشؽٌل‌من‌تؽٌٌر‌شفرة‌الدخول‌لبرنامج‪‌ ،‬مستؽال‌من‌ذلك‌العٌوب‌‬
‫الموجودة‌فً‌هذا‌البرنامج‪‌،‬وبالتالً‌تمكن‌من‌الدخول‌إلى‌البرنامج‌وسرقة‌خمسة‌مالٌٌن‌فرنك‌من‌أحد‌البنوك‪‌ ‌.‬‬
‫‌‬

‫‪168‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع الثاني‬

‫جريمة االعتداء العمدم عمى النظاـ‬


‫بالنص عمى جريمة االعتداء عمى‬
‫ّ‬ ‫المشرع ليذه الجريمة‪ ،‬بؿ اكتفى‬
‫ّ‬ ‫يتعرض‬
‫لـ ّ‬
‫المادة ‪ 2/323‬ؽ‪.‬ع‪.‬ؼ‪:‬‬
‫نص عمييا في ّ‬
‫المعطيات فقط‪ ،‬بخبلؼ المشرع الفرنسي الذم ّ‬
‫طؿ أك أفسد نشاط أك كظائؼ المعالجة اآللية لممعطيات بالحبس حتى‬
‫"يعاقب ك ّؿ مف ع ّ‬
‫ثبلث سنكات كبالغرامة حتى ثبلثمائة ألؼ فرنؾ"‪.‬‬

‫يؤدم إلى تكقيؼ تشغيؿ نظاـ‬


‫تتعمّؽ ىذه الجريمة بتجريـ كؿ فعؿ مف شأنو أف ّ‬
‫ينص‬
‫المعالجة اآللية لممعطيات أك عدـ أدائو لكظائفو المعتادة‪ .‬كاف كاف المشرع لـ ّ‬
‫صراحة عمى ضركرة تكافر الركف المعنكم في ىذه الجريمة‪ ،‬إالّ ّأنو يستفاد مف األعماؿ‬
‫التحضيرية ضركرة تكافر ىذا الركف‪ ،‬كما ّأنو أصبح مف المتّفؽ عميو قضاء كفقيا‬
‫ضركرة تكافر ىذا الركف ك ّأنو يتّخذ صكرة القصد الجرمي‪ ،1‬كسكؼ أدرس الركف المادم‬
‫لجريمة االعتداء العمدم عمى النظاـ (أكال)‪ ،‬ككذا في ركنيا المعنكم (ثانيا)‪.‬‬

‫أكال‪ :‬الركف المادم‬


‫يتمثّؿ السمكؾ المادم في فعؿ تكقيؼ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات عف أداء‬
‫نشاطو العادم‪ ،‬كالمنتظر منو القياـ بو‪ ،‬كا ّما في فعؿ إفساد نشاط أك كظائؼ ىذا‬
‫النظاـ‪ .‬كال يشترط أف يقع فعؿ التعطيؿ أك فعؿ اإلفساد عمى كؿ عناصر النظاـ جممة‬
‫كاحدة‪ ،‬بؿ يكفي أك يؤثّر عمى أحد العناصر فقط سكاء المادية أك المعنكية‪.2‬‬

‫كتتمثؿ صكر االعتداء العمدم عمى نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات فيما يمي‪:‬‬

‫‪‌1‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .139‬‬
‫‪‌2‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .115‬‬

‫‪169‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫إف التعطيؿ أك التكقيؼ كالذم يندرج ضمف إعاقة‬


‫‪ .1‬التعطيؿ أك التكقيؼ‪ّ :‬‬
‫معينة لحصكؿ‬
‫ّ‬ ‫فالمشرع لـ يشترط طريقة‬
‫ّ‬ ‫بأم كسيمة‪،‬‬
‫النظاـ المعمكماتي‪ ،‬يقع ّ‬
‫مادية أك معنكية‪ .‬كمف أمثمة إعاقة النظاـ بطريؽ‬
‫اإلعاقة‪ ،‬فقد تككف بطريقة ّ‬
‫مادم‪ ،‬أعماؿ العنؼ المادية عمى أجيزة الحاسب كشبكة االتصاالت‪ ،‬كذلؾ عف طريؽ‬
‫مادة أخرل أك حتّى منع العامميف مف‬
‫تخريبيا بكسرىا أك سكب سائؿ عمييا أك أم ّ‬
‫أما اإلعاقة أك التعطيؿ بكسيمة معنكية فقد يتمثّؿ في إدخاؿ فيركس‬
‫الكصكؿ إلى النظاـ‪ّ ،‬‬
‫تؤدم عمى‬
‫عمى البرنامج أك تعديؿ كممة السر أك كيفية أداء النظاـ لكظيفتو بكسيمة ّ‬
‫سبيؿ المثاؿ‪ ،‬ألف يتباطأ النظاـ عف أداء كظيفتو المعمكماتية داخؿ النظاـ المعمكماتي‪.1‬‬

‫أف إعاقة سير عمؿ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات ىك فعؿ‬


‫يمكف القكؿ كذلؾ ّ‬
‫مما ينتج عنو تغيير في حالة عمؿ‬
‫يتسبب في تباطؤ أك إرباؾ عمؿ نظاـ المعالجة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫النظاـ‪.2‬‬

‫إف االرتباؾ الناجـ عف اإلعاقة تتأثّر بو أجيزة الحاسب اآللي كالبرامج عمى‬
‫السكاء‪ ،‬فيك يؤثّر في نظاـ معالجة البيانات كك ّؿ بما فييا أدكات تشغيؿ ذلؾ النظاـ‪.‬‬

‫يشترط في التكقيؼ أك التعطيؿ أف يككف إيجابيا‪ ،‬أم أف يصدر عف الجاني‬


‫مجرد فبل يتكافر‬
‫يؤدم إلى تكقيؼ النظاـ‪ ،‬فإذا كاف ما صدر عنو امتناع ّ‬
‫نشاط إيجابي ّ‬
‫أما إذا كاف يقع عمى عاتؽ الجاني كاجب قانكني أك‬
‫الركف المادم كال تقكـ الجريمة‪ّ .‬‬
‫التدخؿ بقصد تعطيؿ‬
‫ّ‬ ‫تدخمو‪ ،‬كامتنع عف‬
‫اتفاقي يككف تشغيؿ النظاـ بمكجب يتكقّؼ عمى ّ‬
‫نما‬
‫مجردا كا ّ‬
‫النظاـ‪ ،‬يتكافر الركف المادم كتقع بذلؾ الجريمة‪ ،‬كاالمتناع ىنا ليس امتناعا ّ‬

‫‪‌1‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .139‬‬
‫‪‌2‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .119‬‬

‫‪170‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫تعسؼ الجاني كرفضو القياـ بما يفرضو‬


‫ىك امتناع مختمط بنشاط إيجابي يتمثّؿ في ّ‬
‫عميو القانكف أك االتفاؽ مف كاجب تشغيؿ النظاـ‪.‬‬

‫يؤدم‬
‫‪ .2‬اإلفساد أك التعييب‪ :‬يقصد باإلفساد آك التعييب ك ّؿ فعؿ كاف كاف ال ّ‬
‫يؤدم إلى جعؿ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات غير صالح‬
‫لكنو ّ‬
‫إلى التعطيؿ ّ‬
‫لبلستعماؿ السميـ‪ ،‬كذلؾ بأف يعطي نتائج غير تمؾ التي كاف مف الكاجب الحصكؿ‬
‫عمييا‪.‬‬

‫أف اإلفساد مف ىذه الزاكية يقترب مف التعييب الذم‬


‫يرل جانب مف الفقو ّ‬
‫المشدد لجريمة الدخكؿ أك البقاء غير المشركع‪ ،‬كلع ّؿ‬
‫ّ‬ ‫تعرضت لو عند دراسة الظرؼ‬
‫المشدد ال يشترط فيو أف يككف‬
‫ّ‬ ‫أف اإلفساد في حاؿ الظرؼ‬
‫الفارؽ بينيما يكمف فقط في ّ‬
‫قصديا‪ ،‬بينما يتطمّب فيو ىذا الشرط بالنسبة لجريمة االعتداء القصدم عمى نظاـ‬
‫المعالجة اآللية لممعطيات‪.1‬‬

‫كمف كسائؿ التعييب أك اإلفساد استخداـ القنبمة المعمكماتية‪ ،2‬أك استخداـ‬


‫البرنامج الذم يحمؿ فيركسا يطمؽ عميو "حصاف طركادة"‪ ،3‬كغير ذلؾ مف الفيركسات‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌122‬‬
‫‪‌2‬القنبلة‌المعلوماتٌة‪‌:‬تنقسم‌إلى‌قنبلة‌منطقٌة‌وأخرى‌زمنٌة‪‌،‬والقنبلة‌المنطقٌة‌عبارة‌عن‌برنامج‌أو‌جزء‌من‌برنامج‌‬
‫ٌنفذ‌فً‌لحظة‌محدّدة‌أو‌كل‌فترة‌زمنٌة‌منتظمة‪‌،‬وٌت ّم‌وضعه‌فً‌شبكة‌معلوماتٌة‌بهدؾ‌تحدٌد‌ظروؾ‌أو‌حالة‌محو‌‬
‫النظام‌بؽرض‌تسهٌل‌تنفٌذ‌عمل‌ؼٌر‌مشروع‪‌،‬ومثال‌ذلك‌أن‌تسعى‌القنبلة‌المنطقٌة‌إلى‌البحث‌عن‌حرؾ‌معٌن‌‬
‫ولٌكن ‌حرؾ ‌(أ) ‌فً ‌أي ‌سجل ‌ٌتضمّن ‌ أمرا ‌بالدفع ‌وعندما ‌تكتشفه ‌تتحرك ‌متتالٌة ‌منطقٌة ‌تعمل ‌على ‌إزالة ‌هذا‌‬
‫الحرؾ‌من‌السجل‪‌،‬األمر‌الذي‌ٌؤدّي‌إلى‌تعٌٌب‌ذلك‌النظام‪‌ .‬‬
‫أمّا‌القنبلة‌الزمنٌة‌فهً‌تثٌر‌حدثا‌فً‌لحظة‌محدّدة‌بالساعة‌والٌوم‌والثانٌة‪‌،‬وٌت ّم‌إدخالها‌فً‌برنامج‌تنفذ‌من‌‬
‫خالل‌جزء‌من‌الثانٌة‌أو‌عدة‌ثوان‌أو‌دقائق‌حسب‌التقدٌر‌الالزم‪‌.‬أكثر‌تفصٌال‌راجع‪‌ :‬محمد‌سامً‌الشوا‪‌،‬مرجع‌‬
‫سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌195‬‬
‫‪‌ 3‬برنامج‌حصان‌طروادة‪‌ :‬وهو‌برنامج‌ٌقوم‌بتؽٌٌر‌محسوس‌فً‌البرامج‌أو‌المعطٌات‪‌،‬وهو‌برنامج‌خادع‌ٌخفً‌‬
‫ظاهره‌ؼرضا‌ؼٌر‌مشروع‌ٌضمره‪‌،‬إذ‌ٌظهر‌كبرنامج‌عادي‌ٌؤدّي‌بعض‌المهام‌المفٌدة ‌والمألوفة‌لمستخدمه‌بٌنما‌‬
‫ٌكون ‌موجودا ‌بطرٌقة ‌خفٌة ‌داخله ‌بعض ‌األوامر ‌أو ‌المعلومات ‌التً ‌تؤدّي ‌عند ‌تشؽٌله ‌مهامّا ‌ضارّة ‌ؼٌر ‌متو ّقعه‌‬
‫تمثل‌أؼراضه‌الحقٌقٌة‌المضرّة‪‌.‬أكثر‌تفصٌال‌راجع‪‌:‬جمٌل‌عبد‌الباقً‌الصؽٌر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌‌23‬‬ ‫ّ‬

‫‪171‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫إف اإلفساد‬
‫التي تجعؿ مخرجات النظاـ غير تمؾ التي كاف يجب عميو أف يخرجيا‪ ،‬بؿ ّ‬
‫يمكف أف يتحقّؽ عف طريؽ إتبلؼ أك تخريب العناصر المادية في النظاـ‪.1‬‬

‫مما سبؽ‪ ،‬فإف السمكؾ اإلجرامي في ىذه الجريمة ينصرؼ إلى ك ّؿ فعؿ مف‬
‫شأنو إرباؾ عمؿ نظاـ معالجة البيانات‪ ،‬كيستكم أف يككف مف شأف نشاط الجاني إعاقة‬
‫يؤدم نشاط الجاني إلى تكقؼ النظاـ عف العمؿ‬
‫أك إفساد نظاـ التشغيؿ‪ ،‬كيستكم أف ّ‬
‫بصكرة دائمة أك مؤقتة‪ ،‬أك أف يستخدـ الجاني في ارتكاب الجريمة ّأية كسيمة مف شأنيا‬
‫أف تعيؽ حسف سير النظاـ‪ ،‬كاالعتداء المادم عمى النظاـ أك نشر فيركس فيو‪ ،‬حيث‬
‫المشرع الكسيمة المستخدمة‪ ،‬كال يشترط أف تككف اإلعاقة أك اإلفساد بصكرة‬
‫ّ‬ ‫يستكم لدل‬
‫يؤدم النشاط إلى إعاقة أك إفساد جزئي لمنظاـ‪.2‬‬
‫كمية‪ ،‬بؿ يمكف أف ّ‬

‫ثانيا‪ :‬الركف المعنكم‬


‫جريمة االعتداء القصدم عمى نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات جريمة‬
‫قصدية‪ ،‬يتّخذ الركف المعنكم فييا صكرة القصد الجنائي بعنصريو العمـ كاإلرادة‪.‬‬

‫‪‌ 1‬ومن‌األمثلة‌العدٌدة‌والمتنوّ عة‌لوضع ‌قنابل‌زمنٌة‌ومنطقٌة‌ممّا‌أدى‌إلى‌التأثٌر‌على‌أنظمة‌الحاسب‌اآللً‌ونظم‌‬


‫البٌانات‌نذكر‌ما‌ٌلً‪‌ ‌:‬‬
‫‌أ‪‌ .‬فً ‌فرنسا ‌قام ‌محاسب ‌خبٌر ‌فً ‌نظم ‌المعلومات ‌وبدافع ‌االنتقام ‌وعلى ‌إثر ‌فصله ‌من ‌المنشأة ‌التً ‌ٌعمل‌‬
‫فٌها‪‌،‬بوضع‌قنبلة‌زمنٌة‌فً‌شبكات‌المعلومات‌الخاصة‌بالمنشأة‪‌،‬بحٌث‌تنفجر‌بعد‌مضًّ ‌ستة‌أشهر‌من‌‬
‫رحٌله‌من‌المنشأة‌وقد‌تر ّتب‌على‌ذلك‌إتالؾ‌كل‌البٌانات‌المتعلّقة‌بها‪‌.‬‬
‫‌ب‪‌ .‬فً ‌الدانمارك‌تم ّكن‌خبٌر‌فً‌نظم‌المعلومات‌من‌وضع‌قنبلة‌منطقٌة‌فً‌نظام‌إحدى‌الحاسبات‌أدّت‌إلى‌‬
‫محو ‌أكثر ‌من ‌مائة ‌برنامج‪‌ ،‬وقد ‌ت ّم ‌كذلك ‌محو ‌النسخ ‌االحتٌاطٌة ‌عند ‌تشؽٌلها ‌نظرا ‌النتقال ‌آثار ‌القنبلة‌‌‬
‫إلٌها‪‌،‬وت ّم‌ضبط‌الجانً‌حٌث‌حُكم‌علٌه‌بالحبس‌لمدّة‌سبعة‌أشهر‪.‬‬
‫‌ج‪‌ .‬فً‌والٌة‌لوس‌أنجلس‌األمرٌكٌة‌تم ّكن‌أحد‌العاملٌن‌بإدارة‌المٌاه‌والطاقة‌من‌وضع‌قنبلة‌منطقٌة‌فً‌نظام‌‬
‫الحاسب‌اآللً‌الخاص‌بها‌ممّا‌أدّى‌إلى‌تخرٌب‌ذلك‌النظام‌عدّة‌مرات‪‌.‬راجع‪‌:‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬‬
‫مكافحة‌جرائم‌الكمبٌوتر‌واالنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌373‬وما‌بعدها‌ ‌‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .375‬‬

‫‪172‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يرل جانب مف الفقو الجنائي ّأنو إذا قاـ الشخص الذم يتعامؿ مع النظاـ‬
‫بصكرة مشركعة بإعاقة أك إفساد النظاـ نتيجة لخطأ في التشغيؿ أك التعامؿ مع‬
‫البيانات‪ ،‬ينتفي القصد الجنائي لديو‪ ،‬كال يسأؿ عف ىذه الجريمة‪.1‬‬

‫فإذا تكافر الركف المعنكم بعنصريو السابقيف إلى جانب الركف المادم قامت‬
‫الجريمة كاستحؽ مرتكبيا العقكبة المنصكص عمييا في المادة ‪ 2/323‬السالفة الذكر‪.‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫جريمة االعتداء العمدم عمى سالمة المعطيات المكجكدة داخؿ النظاـ‬


‫المادية‬
‫ّ‬ ‫المشرع ال يحمي نظاـ البيانات مف الناحية‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫جميا مما سبؽ‪ّ ،‬‬
‫يتّضح ّ‬
‫أم‬
‫ضد ّ‬
‫لكنو يكفّر الحماية المكجكدة داخؿ النظاـ ذاتو‪ ،‬كذلؾ ّ‬
‫أك البرامج أك التطبيقات‪ّ ،‬‬
‫بأف ىدؼ الجاني مف‬
‫نشاط إجرامي‪ ،‬كىك ما يطمؽ عميو بالقرصنة المعمكماتية‪ ،‬عمما ّ‬
‫ىذه الجريمة ىي أف يحقّؽ النظاـ المعمكماتي نتائج أك معطيات غير تمؾ التي كاف‬
‫يجب أف يحقّقيا‪ ،‬كذلؾ ىك قصد الجاني‪.‬‬

‫كلذلؾ‪ ،‬فيذه الجريمة تختمؼ عف الجريمة السابقة كىي الخاصة بإعاقة أك‬
‫أما الجريمة التي‬
‫تحريؼ تشغيؿ نظاـ معالجة البيانات‪ ،‬فيذه األخيرة تتعمّؽ بالنظاـ ذاتو‪ّ ،‬‬
‫نصت‬
‫خاصة بالمعطيات أك البيانات التي ىي داخؿ النظاـ‪ .‬كلقد ّ‬
‫ّ‬ ‫نحف بصددىا فيي‬
‫المشرع‬
‫ّ‬ ‫نص عمييا‬
‫عمييا المكاد ‪ 8 ،4 ،3‬مف االتفاقية الدكلية لئلجراـ المعمكماتي‪ ،‬كما ّ‬
‫في المادة ‪ 394‬مكرر ‪ 2‬مف قانكف العقكبات‪ " :‬يعاقب بالحبس مف ستّة أشير إلى‬
‫ثبلث سنكات كبغرامة مف ‪ 500000‬دج إلى ‪ 2000000‬دج‪ ،‬ك ّؿ مف أدخؿ بطريقة‬

‫‪‌1‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬النظام‌القانونً‌لحماٌة‌التجارة‌اإللكترونٌة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .43‬‬

‫‪173‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الغش المعطيػات التي‬


‫عدؿ بطريؽ ّ‬
‫الغش معطيات في نظاـ المعالجة اآللية أك أزاؿ أك ّ‬
‫ّ‬
‫يتضمنيا"‪.1‬‬
‫ّ‬

‫بد مف تكافر ركنييا‬


‫النص أعبله‪ّ ،‬أنو حتى تقكـ الجريمة ال ّ‬
‫ّ‬ ‫يتّضح مف خبلؿ‬
‫المادم كالمعنكم‪.‬‬

‫أكال‪ :‬الركف المادم‬

‫يتمثّؿ النشاط اإلجرامي في ىذه الجريمة في أفعاؿ اإلدخاؿ كالمحك‬


‫كالتعديؿ‪ ،‬كيكفي تكافر أحدىما لقياـ الجريمة‪ .‬فبل يشترط اجتماعيما معا حتى يتكافر‬
‫ثـ يقكـ الركف المادم في ىذه الجريمة‪.‬‬
‫النشاط اإلجرامي فييا‪ ،‬كمف ّ‬

‫لكف القاسـ المشترؾ في ىذه األفعاؿ جميعا ىك انطكائيا عمى تبلعب في‬
‫يتضمنيا نظاـ المعالجة اآللية لمبيانات‪ ،‬كذلؾ بإدخاؿ معطيات جديدة‬
‫ّ‬ ‫المعطيات التي‬
‫غير صحيحة أك محك أك تعديؿ أخرل قائمة‪.2‬‬

‫محدد‪ ،‬كىك‬
‫ّ‬ ‫فإف مكضكع السمكؾ اإلجرامي في ىذه الجريمة‬
‫كعمى ذلؾ‪ّ ،‬‬
‫كتحكلت‬
‫ّ‬ ‫االعتداء عمى معطيات في نظـ المعالجة‪ ،‬أم البيانات التي أدخمت لمعالجتيا‬
‫تمت‬
‫إلى معطيات عبارة عف رمكز أك إشارات تمثّؿ تمؾ المعمكمات‪ ،‬أم بيانات ّ‬
‫معالجتيا‪.‬‬

‫فالجريمة في ىذه الحالة تقع عمى المعطيات أم البيانات المعالجة‪ ،‬دكف‬


‫المعمكمة ذاتيا‪ .‬كلذلؾ يخرج مف نطاؽ ىذه الجريمة المعمكمات التي لـ تعالج بعد كلـ‬
‫تدخؿ إلى نظاـ معالجة البيانات‪ ،‬ككذلؾ البيانات التي أدخمت إلى النظاـ كلكف لـ تبدأ‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .123‬‬
‫‪‌2‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .143‬‬

‫‪174‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫بعد أم خطكة في معالجتيا‪ ،‬ككذلؾ المعمكمات التي انفصمت عف النظاـ كس ّجمت عمى‬
‫شريط ممغنط أك قرص مدمج‪ ،‬كذلؾ ألنيا أصحبت خارج النظاـ‪ .‬فالنص يحمي‬
‫المعمكمات المعالجة داخؿ النظاـ أك تمؾ التي في طريقيا لممعالجة بأف اتخذت خطكة أك‬
‫أكثر في مراحؿ معالجتيا‪.1‬‬

‫بأف الحماية الجنائية في ىذه الجريمة مستمرة‬


‫في ىذا الصدد‪ ،‬يمكف القكؿ ّ‬
‫أف المعمكمات المعالجة داخؿ النظاـ أك في طريقيا لممعالجة حسب‬
‫كقائمة طالما ّ‬
‫التحديد السابؽ‪ ،‬أك المعمكمات المعالجة التي انفصمت عف النظاـ ثـ أعيد إدخاليا‬
‫أما المعمكمات غير المعالجة التي لـ تدخؿ إلى النظاـ أك دخمت كلـ تبدأ مراحؿ‬
‫فيو‪ّ ،‬‬
‫معالجتيا فقط‪ ،‬أك عكلجت كانفصمت عف النظاـ فيي خارج نطاؽ الحماية المشمكلة‬
‫بيذا النص‪ ،‬كاف كاف يجكز حمايتيا بنصكص جنائية أخرل‪.2‬‬

‫المككنة ليذه الجريمة كالتي تتّخذ‬


‫ّ‬ ‫أبيف فيما يمي المقصكد باألفعاؿ‬
‫كسكؼ ّ‬
‫إحدل األشكاؿ التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬فعؿ اإلدخاؿ‪ :‬يقصد بفعؿ اإلدخاؿ إضافة معطيات جديدة عمى الدعامة‬
‫الخاصة بيا سكاء كانت خالية أـ كاف يكجد عمييا معطيات مف قبؿ‪ ،‬كيتحقّؽ ىذا الفعؿ‬
‫في الفرض الذم يستخدـ فيو العامؿ الشرعي لبطاقات السحب الممغنطة التي يسحب‬
‫بمقتضاىا مبمغا مف النقكد مف أجيزة السحب اآللي‪ ،‬كذلؾ حيف يستخدـ رقمو الخاص‬
‫لمدخكؿ كسحب تمؾ النقكد التي تفكؽ المبمغ المكجكد في حسابو‪ ،‬ككذلؾ الحامؿ‬
‫كالسرم ّ‬
‫سدد عف طريقيا مبمغا (لمتاجر أك شخص يتعامؿ معو)‬
‫الشرعي لبطاقة االئتماف كالتي ي ّ‬
‫يتـ فييا‬
‫حدد لو‪ ،‬كبصفة عامة‪ ،‬يتحقّؽ فعؿ اإلدخاؿ في كؿ حالة ّ‬
‫أكثر مف المبمغ الم ّ‬

‫‪‌1‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .121‬‬
‫‪‌2‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مكافحة‌جرائم‌الكمبٌوتر‌واألنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .377‬‬

‫‪175‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫االستخداـ التعسفي لبطاقات السحب أك االئتماف‪ ،‬سكاء مف صاحبيا الشرعي أك مف‬


‫يتـ‬
‫غيره في حاالت السرقة أك الفقد أك التزكير‪ ،‬كما يتحقّؽ فعؿ اإلدخاؿ في ك ّؿ حالة ّ‬
‫فييا إدخاؿ برنامج غريب يضيؼ معطيات جديدة (فيركس‪ ،‬حصاف طركادة‪ ،‬قنبمة‬
‫معمكماتية زمنية)‪.1‬‬
‫المسجمة عمى دعامة‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬فعؿ المحك‪ :‬يقصد بفعؿ المحك إزالة جزء مف المعطيات‬
‫كالمكجكدة داخؿ النظاـ أك تحطيـ تمؾ الدعامة‪ ،‬أك نقؿ كتخزيف جزء مف المعطيات إلى‬
‫المنطقة الخاصة بالذاكرة‪.2‬‬
‫‪ .3‬فعؿ التعديؿ‪ :‬يقصد بفعؿ التعديؿ تغيير المعطيات المكجكدة داخؿ النظاـ‬
‫كاستبداليا بمعطيات أخرل‪ ،‬كيتحقّؽ فعؿ المحك كالتعديؿ عف طريؽ برامج غريبة‬
‫تتبلعب بالمعطيات سكاء بمحكىا كمّيا أك جزئيا أك بتعديميا‪ ،‬كذلؾ باستخداـ القنبمة‬
‫الخاصة بالمعطيات كبرنامج الممحاة (‪ )gomme d’effacement‬أك‬
‫ّ‬ ‫المعمكماتية‬
‫برنامج الفيركسات بصفة عامة‪.3‬‬

‫أف ىاتو األفعاؿ (اإلدخاؿ– المحك–التعديؿ) جاءت عمى سبيؿ‬


‫مما سبؽ‪ ،‬نجد ّ‬
‫ّ‬
‫أم فعؿ آخر غيرىا‪ ،‬كنسخ المعطيات أك‬
‫الحصر‪ ،‬كبالتالي فبل يقع تحت طائمة التجريـ ّ‬
‫حؽ المؤلّؼ‪.‬‬
‫نما يمكف حمايتيا ضمف نطاؽ ّ‬
‫نقميا‪ ،‬كا ّ‬

‫ثانيا‪ :‬الركف المعنكم‬


‫جريمة االعتداء القصدم عمى المعطيات جريمة قصدية يتّخذ الركف المعنكم‬
‫فييا صكرة القصد الجنائي بعنصرية العمـ كاإلرادة‪ .‬فيجب أف تتجو إرادة الجاني إلى فعؿ‬

‫‪‌1‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مكافحة‌جرائم‌الكمبٌوتر‌واألنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .381‬‬
‫‪‌‌ 2‬قٌام‌بعض‌المسؤولٌن‌باالستٌالء‌على‌مبلػ‌قدره‌‪‌ 61‬ألؾ‌دوالر‌كانت‌قد‌أرسلته‌إحدى‌شركات‌التأمٌن‌لصالح‌‬
‫إحدى‌المراكز‌الطبٌة‪‌،‬وقاموا‌بفتح‌حسابات‌وهمٌة‌ووضعوا‌المبلػ‌بها‪‌،‬وح ّتى‌تت ّم ‌هذه‌العملٌة‌بنجاح‌قاموا‌بمحو‌‬
‫حسابات‌من‌سجالت‌الحاسب‌اآللً‌للمركز‌الطبًّ‪‌،‬وهً‌حسابات‌المتوفٌن‪‌،‬وذلك‌ما‌ٌجعلها‌ؼٌر‌قابلة‌للتحصٌل‌‬
‫وإمّا‌بحذفها‌من‌الملفات‪‌ ‌.‬‬
‫‪‌3‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .122‬‬

‫‪176‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫بأف نشاطو الجرمي يترتّب‬


‫اإلدخاؿ أك المحك أك التعديؿ‪ ،‬كما يجب أف يعمـ الجاني ّ‬
‫الحؽ في القياـ بذلؾ‪ ،‬ك ّأنو يعتدم‬
‫ّ‬ ‫عميو التبلعب بالمعطيات‪ ،‬كيعمـ أيضا ّأنو ليس لو‬
‫الحؽ كالسيطرة عمى تمؾ المعطيات أك بدكف مكافقتو‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عمى صاحب‬

‫لكف ال يشترط لتكافر الركف المعنكم باإلضافة إلى القصد العاـ‪ ،‬نية خاصة‬
‫تتمثّؿ في نية اإلضرار أك قصد اإلضرار بالغير‪ ،‬بؿ تتكافر الجريمة كيتحقّؽ ركنييا‬
‫بمجرد فعؿ اإلدخاؿ أك المحك أك التعديؿ مع العمـ بذلؾ كاتجاه اإلرادة إليو‪ ،‬كاف كاف‬
‫ّ‬
‫الضرر قد يتحقّؽ في الكاقع نتيجة لمنشاط اإلجرامي إالّ ّأنو ليس عنص ار في الجريمة‪.1‬‬

‫إذا كانت جريمة االعتداء القصدم عمى المعطيات مثميا مثؿ جريمة االعتداء‬
‫القصدم عمى نظـ المعالجة اآللية لممعطيات‪ ،‬تيدؼ إلى محاربة أفعاؿ التخريب‬
‫أف التمييز بيف تمؾ الجريمتيف ليس أم ار سيبل‪.‬‬
‫كالقرصنة إالّ ّ‬

‫ذلؾ أف جريمة االعتداء القصدم عمى نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات‪ ،‬كاف‬
‫كانت تقع بصفة أساسية عمى البرامج كشبكات االتصاؿ كالنقؿ‪ ،‬إالّ ّأنيا قد تصيب‬
‫فإف‬
‫المعطيات أيضا نتيجة ألفعاؿ االعتداء التي تقكـ بيا تمؾ الجريمة‪ ،‬كبالمقابؿ ّ‬
‫االعتداء عمى المعطيات الذم تقكـ بو جريمة االعتداء القصدم عمى المعطيات قد يؤثّر‬
‫عمى صبلحية نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات لمقياـ بكظائفو سكاء عمى البرامج أك عمى‬
‫شبكات االتصاؿ كالنقؿ‪.2‬‬

‫‪‌1‬علً‌عبد‌القادر‌القهوجً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .150‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .149‬‬

‫‪177‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المطمب الثالث‬

‫عقكبات جرائـ االعتداء عمى نظـ المعالجة اآللية لممعطيات‬


‫الماسة بالنظاـ كالمتمثّمة‬
‫ّ‬ ‫المشرع عمى مجمكعة مف العقكبات لياتو الجرائـ‬
‫ّ‬ ‫نص‬
‫ّ‬
‫نص عمى عقكبة األشخاص المعنكية إلى‬
‫في عقكبات أصمية كأخرل تكميمية‪ ،‬كما ّ‬
‫جانب األشخاص الطبيعية‪ ،‬كأيضا عقكبة المساىـ كالشريؾ في الجريمة‪ ،‬ككذا اعتبر‬
‫التامة كفقا لمقكاعد العامة‪ .‬كىك ما سنكضحو‬
‫الشركع في ىاتو الجرائـ يأخذ حكـ الجريمة ّ‬
‫المقررة لمشخص‬
‫ّ‬ ‫فيما يمي‪ ،‬حيث سنعالج العقكبات األصمية في فرع أكؿ‪ ،‬كالعقكبات‬
‫أما الفرع الثالث ندرس فيو عقكبة االشتراؾ كالشركع في‬
‫المعنكم في فرع ثاني‪ّ ،‬‬
‫الجريمة‪ ،‬كالفرع الرابع سكؼ يككف لمعقكبات التكميمية‪.‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫العقكبات األصمية‬
‫تبيف‬
‫الماسة باألنظمة المعمكماتية ّ‬
‫ّ‬ ‫مف خبلؿ استقراء النصكص المتعمّقة بالجرائـ‬
‫حدد الخطكرة اإلجرامية‬
‫تدرج داخؿ النظاـ العقابي‪ ،‬ىذا التدرج في العقكبات ي ّ‬
‫لنا كجكد ّ‬
‫فنص عمى‬
‫المشرع ليذه التصرفات‪ ،‬إذ نجد سمـ الخطكرة يتبع مبدأ اليرمية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫قدرىا‬
‫التي ّ‬
‫نص عمى جريمة‬
‫ثـ ّ‬
‫المشددة (أكال)‪ّ ،‬‬
‫جريمة الدخكؿ أك البقاء في صكرتيا البسيطة ك ّ‬
‫أشد خطكرة مف سابقتيا‪ ،‬ذلؾ ّأنيا‬
‫االعتداء العمدم عمى المعطيات (ثانيا)‪ ،‬باعتبارىا ّ‬
‫تستيدؼ المعطيات المكجكدة داخؿ النظاـ بما فييا البيانات كالبرامج‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أكال‪ :‬عقكبة الدخكؿ أك البقاء داخؿ النظاـ‬


‫المشرع عقكبة ىذه الجريمة بالحبس مف‬
‫ّ‬ ‫حدد‬
‫‪ .1‬الصكرة البسيطة لمجريمة‪ّ :‬‬
‫ثبلثة أشير إلى سنة كالغرامة مف ‪ 50000‬دج إلى ‪ 100000‬دج (المادة ‪394‬‬
‫مكرر)‪.‬‬
‫المشرع في المادة (‪ 394‬مكرر فقرة ‪2‬ك‪)3‬‬
‫ّ‬ ‫نص‬
‫المشددة لمجريمة‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬الصكرة‬
‫عمى مضاعفة العقكبة إذ ترتّب عمى ىذا الدخكؿ أك البقاء حذؼ أك تغيير معطيات‬
‫فإف‬
‫أنجر عمى ىذا الدخكؿ أك البقاء تخريب لنظاـ عمؿ المنظكمة‪ّ ،‬‬
‫أما إذا ّ‬
‫النظاـ‪ّ ،‬‬
‫العقكبة تككف الحبس مف ستة أشير إلى سنتيف كالغرامة مف ‪ 50000‬دج إلى‬
‫‪ 150000‬دج‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقكبة االعتداء العمدم عمى المعطيات‬


‫المشرع عقكبة االعتداء العمدم عمى المعطيات المكجكدة داخؿ النظاـ في‬
‫ّ‬ ‫حدد‬
‫ّ‬
‫المادة ‪ 394‬مكرر ‪ 1‬بالحبس مف ستة أشير إلى ثبلث سنكات كبغرامة مف ‪500000‬‬
‫دج إلى ‪ 2000000‬دج‪ ،‬كما عاقب عمى استخداـ ىذه المعطيات في ارتكاب الجرائـ‬
‫الماسة باألنظمة المعمكماتية‪ ،‬ككذا حيازة أك إنشاء أك نشر أك استعماؿ المعطيات‬
‫ّ‬
‫المادة (‪394‬‬
‫ّ‬ ‫بنص‬
‫ّ‬ ‫الماسة باألنظمة المعمكماتية‬
‫ّ‬ ‫تحصؿ عمييا مف إحدل الجرائـ‬
‫الم ّ‬
‫مكرر ‪ )2‬بالحبس مف شيريف إلى ثبلث سنكات كبغرامة مف ‪ 1000000‬دج إلى‬
‫‪ 5000000‬دج‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع الثاني‬

‫قررة لمشخص المعنكم‬


‫الم ّ‬
‫العقكبات ُ‬
‫المشرع مبدأ مساءلة الشخص المعنكم في القانكف ‪ 15-04‬المؤرخ في‬
‫ّ‬ ‫أقر‬
‫ّ‬
‫حدد ثبلثة شركط‬
‫المادة ‪ 51‬مكرر منو‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬ ‫نص‬
‫‪ 2004/11/10‬كذلؾ بمكجب ّ‬
‫إلمكاف مساءلة الشخص المعنكم جنائيا كىي كالتالي‪:‬‬

‫‪ .1‬أف ترتكب إحدل الجرائـ المنصكص عمييا قانكنا‪.‬‬


‫‪ .2‬أف تككف بكاسطة أحد أعضاء أك ممثّمي الشخص المعنكم‪.‬‬
‫‪ .3‬أف ترتكب الجريمة لحساب الشخص المعنكم‪.‬‬

‫طبقة عمى‬
‫المادة ‪ 18‬مكرر مف نفس القانكف‪ ،‬العقكبات الم ّ‬
‫ّ‬ ‫حدد في‬
‫كما ّ‬
‫طبؽ عمى الشخص‬
‫األشخاص المعنكية‪ ،‬حيث جاء فييا ما يمي‪" :‬العقكبات التي ت ّ‬
‫المعنكم في مكاد الجناية كالجنح ىي‪:‬‬

‫المقررة لمشخص‬
‫الحد األقصى لمغرامة ّ‬
‫مرة إلى خمس مرات ّ‬
‫‪ -‬الغرامة التي تساكم مف ّ‬
‫الطبيعي في القانكف الذم يعاقب عمى الجريمة‪.‬‬

‫‪ -‬كاحدة أك أكثر مف العقكبات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬حؿ الشخص المعنكم‪.‬‬


‫لمدة ال تتجاكز خمس سنكات‪.‬‬
‫‪ -‬غمؽ المؤسسة أك فرع مف فركعيا ّ‬
‫لمدة ال تتجاكز خمس سنكات‪.‬‬
‫‪ -‬اإلقصاء مف الصفقات العمكمية ّ‬
‫عدة أنشطة مينية أك اجتماعية بشكؿ مباشر‪ ،‬نيائيا‬
‫‪ -‬المنع مف مزاكلة نشاط أك ّ‬
‫لمدة ال تتجاكز خمس سنكات‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬مصادرة الشيء الذم استعمؿ في ارتكاب الجريمة أك نتج عنيا‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪ -‬نشر كتعميؽ حكـ اإلدانة‪.‬‬


‫كتنصب الحراسة‬
‫ّ‬ ‫لمدة ال تتجاكز خمس سنكات‪،‬‬
‫‪ -‬الكضع تحت الحراسة القضائية ّ‬
‫أدل إلى الجريمة أك الذم ارتكبت الجريمة بمناسبتو‪.‬‬
‫عمى ممارسة النشاط الذم ّ‬

‫المادة ‪ 394‬مكرر ‪ 4‬الشخص‬


‫ّ‬ ‫المشرع في‬
‫ّ‬ ‫مف ىذا المنطمؽ‪ ،‬فقد عاقب‬
‫المعنكم في حالة ارتكابو إلحدل جرائـ االعتداء عمى نظاـ المعالجة اآللية لمبيانات‬
‫المقررة لمشخص الطبيعي‪.‬‬
‫الحد األقصى لمغرامة ّ‬
‫مرات ّ‬
‫بغرامة تعادؿ خمس ّ‬

‫أف المسؤكلية الجزائية لمشخص المعنكم ال تغني عف مساءلة األشخاص‬


‫إالّ ّ‬
‫الطبيعية بصفتيـ فاعميف أك شركاء في الجريمة‪.1‬‬

‫الفرع الثالث‬

‫عقكبة االشتراؾ كالشركع في الجريمة‬


‫سكؼ أعالج في ىذا الفرع عقكبة االشتراؾ (أكال)‪ ،‬كعقكبة الشركع (ثانيا)‪.‬‬

‫ّأكال‪ :‬عقكبة االشتراؾ‬


‫تـ‬
‫المشرع عمى االشتراؾ في االتفاؽ الجنائي بعقكبة الجريمة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫يعاقب‬
‫يتـ التحضير ليا تككف العقكبة ىي عقكبة‬
‫تعددت الجرائـ التي ّ‬
‫التحضير ليا‪ ،‬فإذا ّ‬
‫األشد‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫الجريمة‬

‫المادة ‪394‬‬
‫كشركط المعاقبة عمى االتفاؽ الجنائي يمكف استخبلصيا مف نفس ّ‬
‫مكرر ‪ 5‬مف قانكف العقكبات‪ ،‬كىي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬مجمكعة أك اتفاؽ‪.‬‬

‫‪‌1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .129‬‬
‫‪‌2‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .131‬‬

‫‪181‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الماسة باألنظمة المعمكماتية‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬بيدؼ تحضير جريمة مف الجرائـ‬
‫‪ -‬تجسيد ىذا التحضير بفعؿ مادم‪.‬‬
‫‪ -‬فعؿ المشاركة في ىذا االتفاؽ‪.‬‬
‫‪ -‬القصد الجنائي‪.‬‬

‫المشرع لـ يخرج عف القكاعد العامة‬


‫ّ‬ ‫فإف‬
‫المادة السابقة ّ‬
‫ّ‬ ‫فمف خبلؿ استقراء‬
‫أف جرائـ االعتداء‬
‫لعقكبة الشريؾ‪ ،‬حيث رصد ليا نفس عقكبة الفاعؿ األصمي‪ ،‬ذلؾ ّ‬
‫تتـ في شكؿ جماعات‪ ،‬كاف كاف لـ يسبؽ‬
‫عمى نظـ المعالجة اآللية لممعطيات أغمبيا ّ‬
‫اتفاؽ بينيا عمى ارتكاب ىذه الجريمة‪ .‬كلكف النتيجة الجرمية ت ّبيف اتفاؽ ضمني بيف‬
‫أف ىذه الجرائـ ال تتطمّب اجتماع حقيقي فيما بيف شخصيف أك‬
‫أفراد المجمكعة‪ ،‬إذ ّ‬
‫السر مف شخص إلى آخر كاف‬
‫بمجرد انتقاؿ كممة ّ‬
‫ّ‬ ‫تصكر االتفاؽ الجنائي‬
‫أكثر‪ ،‬كاّنما ي ّ‬
‫لـ يكف ىناؾ بينيما معرفة سابقة‪ .‬كما يستكم أف يككف أفراد االتفاؽ مجمكعة أشخاص‬
‫طبيعية أك معنكية‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقكبة الشركع‬


‫المادة ‪ 11‬مف االتفاقية الدكلية لئلجراـ المعمكماتي عمى عقكبة الشركع‬
‫ّ‬ ‫نصت‬
‫ّ‬
‫الماسة باألنظمة‬
‫ّ‬ ‫المادة ‪ 394‬مكرر ‪ 7‬مف قانكف العقكبات‪ .‬فالجرائـ‬
‫المشرع في ّ‬
‫ّ‬ ‫كتبناىا‬
‫ّ‬
‫بنص‪.‬‬
‫المعمكماتية ليا كصؼ جنحي كال عقاب عمى الشركع في الجنح إال ّ‬

‫المادة ‪ 394‬مكرر ‪ 7‬مف قانكف العقكبات عمى‪" :‬يعاقب عمى الشركع‬


‫ّ‬ ‫كتنص‬
‫ّ‬
‫المقررة لمجنحة ذاتيا"‪.‬‬
‫في ارتكاب الجنح المنصكص عمييا في ىذا القسـ بالعقكبات ّ‬

‫‪‌-1‬خثٌر‌مسعود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .129‬‬

‫‪182‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المشرع في تكسيع نطاؽ العقكبة بحيث تشمؿ‬


‫ّ‬ ‫النص رغبة‬
‫ّ‬ ‫يبدكا مف خبلؿ ىذا‬
‫الماسة باألنظمة المعمكماتية‪ ،‬إذ جعؿ الشركع في إحداىا معاقب‬
‫ّ‬ ‫أكبر قدر مف األفعاؿ‬
‫عميو بنفس عقكبة الجريمة التامة‪.‬‬

‫أف الجنحة الكاردة في المادة ‪ 394‬مكرر ‪5‬‬


‫مف خبلؿ استقراء المادة نستنتج ّ‬
‫تبنى فكرة الشركع في‬
‫المشرع يككف قد ّ‬
‫ّ‬ ‫أف‬
‫النص‪ ،‬أم ّ‬
‫ّ‬ ‫مف قانكف العقكبات مشمكلة بيذا‬
‫االتفاؽ الجنائي‪.‬‬

‫بعض التشريعات المقارنة بما فييا التشريع الفرنسي أخرجت جنحة االتفاؽ‬
‫ألنيا تعتبر أف‬
‫ماسة باألنظمة المعمكماتية مف نطاؽ الشركع‪ّ ،‬‬
‫الجنائي لتحضير جرائـ ّ‬
‫يتـ في‬
‫ألف التحضير لمجرائـ الذم ّ‬
‫في ذلؾ مساس بالنظرية العامة في القانكف الجنائي‪ّ ،‬‬
‫يؤدم إلى‬
‫مما ّ‬
‫حد ذاتيا محاكلة أك عمؿ تحضيرم ّ‬
‫إطار اتفاؽ أك مجمكعة‪ ،‬تش ّكؿ في ّ‬
‫تبني فكرة الشركع في الشركع‪.1‬‬
‫ّ‬

‫الفرع الرابع‬

‫العقكبات التكميمية‬
‫المادة ‪ 394‬مكرر ‪ 3‬مف قانكف العقكبات عمى العقكبات التكميمية التي‬
‫نصت ّ‬ ‫ّ‬
‫يحكـ بيا إلى جانب العقكبات األصمية كالمتمثّمة في المصادرة (أكال)‪ ،‬إغبلؽ المكاقع‬
‫(ثانيا)‪ ،‬إغبلؽ المحؿ أك مكاف االستغبلؿ (ثالثا)‪:‬‬

‫أكال‪ :‬المصادرة‪:‬‬
‫ىي عقكبة تكميمية تشمؿ األجيزة كالبرامج كالكسائؿ المستخدمة في ارتكاب‬
‫الماسة باألنظمة المعمكماتية‪ ،‬مع مراعاة حقكؽ الغير حسف النية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جريمة مف الجرائـ‬

‫‪‌1‬أمال‌قارة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.133‬‬

‫‪183‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ثانيا‪ :‬إغالؽ المكاقع‪:‬‬


‫الماسة‬
‫ّ‬ ‫األمر يتعمّؽ بالمكاقع (‪ )les sites‬التي تككف محبلّ لجريمة مف الجرائـ‬
‫باألنظمة المعمكماتية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إغالؽ المح ّؿ أك مكاف االستغالؿ‬


‫إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعمـ مالكيا‪ ،‬كمثاؿ ذلؾ إغبلؽ مقيى األنترنت‬
‫الذم ترتكب فيو مثؿ ىذه الجرائـ بشرط تكفّر عنصر العمـ لدل مالكيا‪.‬‬

‫بناء عمى ما سبؽ ذكره في ىذا الفصؿ نستنتج أف إخضاع المعمكماتية لقكانيف‬
‫الممكية الفكرية‪ ،‬تعد طريقة فعالة في ظاىرىا لما تكفره مف حماية جنائية ىامة ضد أم‬
‫تقميد لبرامج الحاسب اآللي باعتبارىا نتاجا ذىنيا كفكريا يخكؿ لصاحبو حقكقا ال يجكز‬
‫لمغير المساس بيا‪ ،‬إال أني ا في حقيقتيا قد ال تحيط بكؿ الجرائـ التي قد تقع كتمس بيذه‬
‫البرامج نظ ار لتطكر التكنكلكجيا‪ ،‬كظيكر أساليب حديثة كمتطكرة كما أف ىذه الحماية‬
‫تنصب بصفة أساسية عمى شكؿ البرنامج أك مضمكنو االبتكارم فقط دكف أف تغطي‬
‫تمؾ الحماية مضمكف البرنامج‪ ،‬كعميو تبقى الحماية التي يكفرىا قانكف حؽ المؤلؼ ىي‬
‫األخرل حماية نسبية‪.‬‬

‫أما بالنسبة لمحماية الجنائية لممعمكماتية مف خبلؿ نصكص خاصة كالتي تبناىا‬
‫المشرع في التعديؿ األخير بمكجب القانكف رقـ ‪ 15-04‬المتضمف قانكف العقكبات‬
‫كالذم أدمج في الفصؿ الثالث مف الباب الثاني مف الكتاب الثالث قسما سابعا مكرر‬
‫عنكانو‪" :‬المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات " كيشمؿ المكاد مف ‪ 394‬إلى ‪394‬‬
‫مكرر ‪ ،7‬تعتبر حماية فعالة نظ ار لما تمتاز بو مف شمكلية‪ ،‬بحيث جاءت لتشمؿ أغمب‬
‫الجرائـ التي قد تمس نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات بصفة عامة‪ ،‬ككذا تضمنت أغمب‬
‫الجرائـ التي قد تمس البيانات كالمعطيات المككنة ليذا النظاـ‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المطمب الرابع‬

‫نصكص أخرل لمكافحة الجريمة المعمكماتية‬


‫بالرغـ مف أف المشرع قد ساير الركب المعمكماتي في ىذا المجاؿ بأف تبنى‬
‫نصكصا تشريعية حديثة جسد مف خبلليا أغمب األحكاـ الكاردة في االتفاقية الدكلية‬
‫لئلجراـ المعمكماتي‪ ،‬ييدؼ مف كراء ذلؾ إلى حماية المككنات المعنكية ليذا النظاـ‪ ،‬إال‬
‫أنو لـ يكفؽ في اإلحاطة الشاممة في كؿ الجرائـ المعمكماتية التي نصت عمييا‬
‫التشريعات المقارنة‪ ،‬كعمى رأسيا التشريع الفرنسي كلعؿ أىـ ىذه الجرائـ جريمة التزكير‬
‫المعمكماتي كالتي تكتسي أىمية قصكل خاصة مع انتشار ثقافة استخداـ الكمبيكتر فيما‬
‫بيف األفراد‪ ،‬باإلضافة إلى أف ما يعاب عمى المشرع أنو بالرغـ مف كضعو لنصكص‬
‫عقابية رادعة إال أنيا تبقى دائما كمادة خاـ غير قابمة لمتطبيؽ‪ ،‬ذلؾ أنيا تحتاج إلى‬
‫نصكص إجرائية تبلزميا نظ ار لما تمتاز بو الجريمة المعمكماتية مف خصكصية تختمؼ‬
‫عف باقي الجرائـ‪ ،‬كىك ما دفع بالمشرع الجزائرم إلى إصدار سمسمة مف التشريعات‬
‫لمكاجي ة الجريمة المعمكماتية عمى اختبلفيا منيا المباشرة كمنيا غير المباشرة‪ ،‬نذكر‬
‫منيا‪:‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫القكاعد الخاصة لمكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات اإلعالـ كاالتصاؿ‬


‫كمكافحتيا‬
‫تضمنيا القانكف رقـ ‪ 04-09‬المؤرخ في ‪ 14‬شعباف عاـ ‪ 1430‬ھـ المكافؽ‬
‫‪ 05‬غشت سنة ‪2009‬ـ‪ ،‬حيث تدارؾ المشرع الجزائرم الفراغ التشريعي في مجاؿ‬
‫مكافحة الجريمة المعمكماتية مف خبلؿ قانكف القكاعد الخاصة لمكقاية مف الجرائـ‬

‫‪185‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المتصمة بتكنكلكجيات اإلعبلـ كاالتصاؿ كمكافحتيا لعاـ ‪ 2009‬في الكقت الذم‬


‫استحدثت فيو معظـ الدكؿ العربية أنظمة خاصة بيذه الظاىرة‪.1‬‬

‫كرد القانكف في ستة فصكؿ‪ ،‬تضمف الفصؿ األكؿ أحكاـ عامة تحدد مفيكـ‬
‫المصطمحات المستعممة فيو كمجاؿ تطبيقو مف خبلؿ كضع ترتيبات تقنية لمراقبة‬
‫االتصاالت االلكتركنية كتجميع كتسجيؿ محتكاه في حينيا كالقياـ بإجراءات التفتيش‬
‫كالحجز داخؿ منظكمة معمكماتية‪ ،2‬كفصمت باقي الفصكؿ ىذه اإلجراءات مبينة كيفية‬
‫تطبيقيا لمحاربة الجريمة االلكتركنية كالكقاية منيا كعميو يمكف تقسيـ إجراءات التحرم‬
‫في ىذا المجاؿ حسب ما نص عميو القانكف إلى ما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬مراقبة االتصاالت االلكتركنية‪.‬‬


‫‪ -‬تفتيش المنظكمة المعمكماتية‪.‬‬
‫‪ -‬حجز المعطيات المعمكماتية‪.‬‬
‫‪ -‬حفظ المعطيات المتعمقة بحركة السير‪.‬‬
‫أكال‪ :‬مراقبة االتصاالت االلكتركنية‬
‫نصت المادة ‪ 04‬مف ىذا القانكف عمى الحاالت التي تسمح بالمجكء إلى‬
‫المراقبة االلكتركنية كىي عمى النحك التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬الكقاية مف األفعاؿ المكصكفة بجرائـ اإلرىاب أك التخريب كالجرائـ الماسة‬


‫بأمف الدكلة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Dahmane M et bouder H:‌l’équipe de recherche en droit des TIC genése,par‬‬
‫‪cours et ambitions, séminaire national sur le cadre juridique des TIC en Algérie‬‬
‫‪entre opportunités et contraintes ,cerist ,Alger ,Algérie,2012 .‬‬
‫‪‌ 2‬الجرٌدة ‌الرسمٌة ‌للجمهورٌة ‌الدٌمقراطٌة ‌الشعبٌة‪‌ :‬قانون ‌رقم ‌‪‌ 04-‌ 09‬مؤرخ ‌فً ‌‪‌ 14‬شعبان ‌عام ‌‪‌ 1430‬ه‌‬
‫الموافق‌‪‌ 05‬أوت‌‪‌ 2009‬م‪ٌ‌ ،‬تضمن‌القواعد‌الخاصة‌للوقاٌة‌من‌الجرائم‌المتصلة‌بتكنولوجٌات‌اإلعالم‌واالتصال‌‌‌‬
‫ومكافحتها‪‌،‬العدد‌‪ٌ‌،‌47‬وم‌‪‌16‬أوت‌‪‌2009‬م‌‪‌،‬ص‌‪‌05‬وما‌ٌلٌها ‌‬

‫‪186‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪ -2‬حالة تكفر معمكمات عف احتماؿ اعتداء عمى منظكمة معمكماتية عمى نحك‬
‫ييدد النظاـ العاـ‪.‬‬
‫‪ -3‬أك الدفاع الكطني أك مؤسسات الدكلة أك االقتصاد الكطني‪.‬‬
‫‪ -4‬مقتضيات التحريات كالتحقيقات القضائية عندما يككف مف الصعب الكصكؿ‬
‫إلى نتيجة تيـ األبحاث الجارية دكف المجكء إلى المراقبة االلكتركنية‪.‬‬
‫‪ -5‬في إطار تنفيذ طمبات المساعدة القضائية الدكلية المتبادلة‪.‬‬
‫يتـ ىذا اإلجراء بإذف مكتكب مف السمطة القضائية المختصة‪ ،‬إال أف النائب‬
‫العاـ لدل مجمس قضاء الجزائر يمنح ىذا اإلذف لمدة ‪ 6‬أشير قابمة لمتجديد لضباط‬
‫الشرطة القضائية التابعيف لمييئة الكطنية لمكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات‬
‫اإلعبلـ كاالتصاؿ كذلؾ عمى أساس تقرير يبيف طبيعة الترتيبات التقنية المستعممة‬
‫كاألغراض المكجية ليا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تفتيش المنظكمة المعمكماتية‬


‫حسب ىذا القانكف يجكز لمسمطات القضائية المختصة ككذا ضباط الشرطة‬
‫القضائية في الحاالت الضركرية المجكء إلى المراقبة االلكتركنية كالدخكؿ إلى منظكمة‬
‫معمكماتية أك جزء منيا‪ ،‬ككذا المعطيات المعمكماتية المخزنة فييا كلك عف بعد لغرض‬
‫التفتيش‪.‬‬

‫كما أف القانكف أشار إلى أنو في حالة ما إذا كانت المعطيات المبحكث عنيا‬
‫يمكف الدخكؿ إلييا انطبلقا مف منظكمة معمكماتية تقع خارج اإلقميـ الكطني يككف‬
‫الحصكؿ عمييا بمساعدة السمطات األجنبية المختصة طبقا لبلتفاقيات الدكلية ذات‬
‫الصمة ككفقا لمبدأ المعاممة بالمثؿ‪ ،‬كما أنو أجاز تسخير كؿ شخص لو دراية بعمؿ‬

‫‪187‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المنظكمة المعمكماتية محؿ البحث أك بالتدابير المتخذة لحماية المعطيات المعمكماتية‬


‫التي تتضمنيا كىذا لمسمطات المكمفة بالتفتيش‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حجز المعطيات المعمكماتية‬


‫حسب ىذا القانكف يتـ نسخ المعطيات محؿ البحث ككذا المعطيات البلزمة‬
‫لفيميا عمى داعمة تخزيف الكتركنية تككف قابمة لمحجز كالكضع في أحراز كفقا لمقكاعد‬
‫المقررة في قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كيجكز استعماؿ الكسائؿ التقنية الضركرية لتشكيؿ‬
‫أك إعادة تشكيؿ ىذه المعطيات قصد جعميا قابمة لبلستغبلؿ ألغراض التحقيؽ شرط أف‬
‫ال يؤدم ذلؾ إلى المساس بمحتكل المعطيات‪ ،‬كما أنو نص عمى إمكانية الحجز عف‬
‫طريؽ منع الكصكؿ إلى المعطيات كذلؾ بأمر مف السمطة التي تباشر التفتيش عف‬
‫طريؽ تكميؼ أم شخص مؤىؿ مع استعماؿ كسائؿ تقنية مناسبة لذلؾ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬حفظ المعطيات المتعمقة بحركة السير‬


‫يمزـ القانكف ‪ 04/09‬مقدمي الخدمات تقديـ المساعدة لمسمطات المكمفة‬
‫بالتحريات القضائية لجمع كتسجيؿ المعطيات المتعمقة بمحتكل االتصاالت في حينيا‪.‬‬

‫بكضع المعطيات التي يتعيف عمييـ حفظيا تحت تصرؼ السمطات المذككرة‬
‫مع كتماف سرية ىذه العمميات إذ يقكـ مقدمك الخدمات بحفظ ما يمي‪:‬‬

‫‪ -1‬المعطيات التي تسمح بالتعرؼ عمى مستعممي الخدمة‪.‬‬


‫‪ -2‬المعطيات المتعمقة بالتجييزات الطرفية المستعممة لبلتصاؿ‪.‬‬
‫‪ -3‬الخصائص التقنية ككذا تاريخ كمدة كؿ اتصاؿ‪.‬‬
‫‪ -4‬المعطيات المتعمقة بالخدمات التكميمية المطمكبة أك المستعممة أك مقدمييا‪.‬‬
‫‪ -5‬المعطيات التي تسمح بالتعرؼ عمى المرسؿ إليو االتصاؿ ككذا عنكاف‬
‫المكاقع المطمع عمييا‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫تحدد مدة ىذه المعطيات بسنة كاحدة ابتداء مف تاريخ التسجيؿ مع اإلشارة إلى‬
‫قياـ المسؤكلية الجزائية عمى األشخاص الطبيعييف كالمعنكييف‪ ،‬إذ يعاقب الشخص‬
‫الطبيعي بالحبس مف ستة أشير إلى خمس سنكات كبغرامة مف ‪ 50‬ألؼ إلى ‪ 500‬ألؼ‬
‫دينار جزائرم أما الشخص المعنكم فيعاقب بالغرامة كفقا لمقكاعد المقررة في قانكف‬
‫العقكبات‪.‬‬

‫كما يتعيف عمى مقدمي خدمات االنترنيت التدخؿ الفكرم كسحب المحتكيات‬
‫التي يسمح االطبلع عمييا بمجرد العمـ بطريقة مباشرة أك غير مباشرة بمخالفة ىذه‬
‫القكانيف كتخزينيا أك جعؿ الدخكؿ إلييا غير ممكف‪ ،‬كقد ألزميـ ىذا القانكف بكضع‬
‫ترتيبات تقنية تسمح بحصر إمكانيات الدخكؿ إلى المكزعات التي تحكم معمكمات‬
‫مخالفة لمنظاـ العاـ أك اآلداب العامة كاخبار المشتركيف لدييـ بكجكدىا‪.‬‬

‫أكد ذات النظاـ عمى إجراءات التفتيش كالمعاينة كالحجز طبقا لنص المادة ‪47‬‬
‫مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬إذ يمكف لعناصر الضبطية القضائية أثناء عممية البحث‬
‫كالتحرم عف ىذه الجرائـ العمؿ بيذه اإلجراءات بناء عمى إذف مسبؽ مف ككيؿ‬
‫الجميكرية في كؿ ساعة مف ساعة الميؿ أك النيار ‪ ،‬كيمكف ذلؾ لقاضي التحقيؽ في‬
‫أم مكاف عمى مستكل اإلقميـ الكطني طبقا ألحكاـ المادة ‪ 65‬مكرر كما يمييا مف قانكف‬
‫اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كما تضمف اإلجراءات المتبعة العتراض المراسبلت كتسجيؿ‬
‫األصكات كالتقاط الصكر ككذا إجراءات التسريب في ىذا النكع مف الجرائـ بناء عمى‬
‫إذف مف ككيؿ الجميكرية أثناء مرحمة التحقيؽ االبتدائي كبناء عمى إذف مف قاضي‬
‫التحقيؽ في مرحمة التحقيؽ القضائي‪.‬‬

‫إضافة لذلؾ‪ ،‬كرس القانكف مبدأ التعاكف كالمساعدة القضائية الدكلية مف خبلؿ‬
‫المادة ‪ 15‬في حالة ما إذا كاف مرتكبيا أجنبيا كتستيدؼ مؤسسات الدكلة الجزائرية أك‬

‫‪189‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الدفاع الكطني أك المصالح االستراتيجية لبلقتصاد الكطني كأسند مياـ الرقابة عمى ىذه‬
‫الجرائـ لييئة كطنية لمكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات اإلعبلـ كاالتصاؿ‬
‫كمكافحتو بمقتضى المادة ‪ 13‬التي حددت مسؤكليتيا في׃‬

‫‪ -‬تنشيط كتنسيؽ عمميات الكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات اإلعبلـ‬


‫كاالتصاؿ كمكافحتيا‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة السمطات القضائية كمصالح الشرطة القضائية في التحريات التي‬
‫تجرييا بشأف الجرائـ ذات الصمة بتكنكلكجيات اإلعبلـ كاالتصاؿ بما في ذلؾ تجميع‬
‫المعمكمات كانجاز الخبرات القضائية ∙‬
‫‪ -‬تبادؿ المعمكمات مع نظيراتيا في الخارج قصد جمع كؿ المعطيات المفيدة في‬
‫التعرؼ عمى مرتكبي الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات اإلعبلـ كاالتصاؿ كتحديد مكاف‬
‫تكاجدىـ‪.‬‬
‫كجيت ليذا القانكف العديد مف االنتقادات مف أىؿ االختصاص كاف أىميا أف‬
‫مصطمحاتو التقنية غير كاضحة ماعدا البعض منيا أيف أعطى المشرع بعض المفاىيـ‬
‫مف خبلؿ المادة الثانية منو‪ .‬إال أف تكضيح ىذه المفاىيـ يستدعي كضع نص قانكني‬
‫يحدد بدقة جميع المصطمحات المستعممة في مجاؿ الجريمة االلكتركنية ككذا إبراز‬
‫الحقكؽ كالكاجبات المرتبطة بالمتعامميف بأجيزة اإلعبلـ اآللي أك شبكة االنترنت أك‬
‫شبكات االنترانت كحتى باقي األجيزة االلكتركنية عمى غرار اليكاتؼ الذكية‪.‬‬

‫كضع قانكف مستقؿ لتحديد المفاىيـ مف شأنو أف يجنب جميع محاكالت‬


‫التممص مف المسؤكلية الجزائية كالمدنية كمف شأنو مساعدة رجاؿ القضاء كرجاؿ القانكف‬
‫كحتى الباحثيف في ىذا الميداف في عمميـ مف خبلؿ تحديد المسؤكليات كتبياف الحقكؽ‬
‫كالكاجبات الخاصة بمستعممي أجيزة اإلعبلـ اآللي أك شبكات االنترنت‪ .‬األمر الذم‬

‫‪190‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يجعؿ مف غياب مثؿ ىذه القكاعد القانكنية في نظاـ مستقؿ يشكؿ أحد أبرز إشكاالت‬
‫الجريمة االلكتركنية في التشريع الجزائرم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫القكاعد العامة المتعمقة بالبريد كبالمكاصالت السمكية كالالسمكية‬


‫حددىا القانكف رقـ ‪ 03 -2000‬المؤرخ في ‪ 05‬جمادل األكلى عاـ ‪1421‬ھ‬
‫المكافؽ ‪ 05‬غشت سنة ‪2000‬ـ‪ ،‬كالذم ييدؼ إلى تطكير كتقديـ خدمات البريد‬
‫كالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية عف طريؽ فتح مجاؿ االستغبلؿ في المياديف المتعمقة‬
‫بالبريد كالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية‪ ،‬كقكاعد ضبط النشاطات ذات الصمة حيث أكد‬
‫القانكف عمى خضكع ىذه النشاطات لرقابة الدكلة التي تضمف استم اررية خدمات البريد‬
‫كالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية كاحتراـ األحكاـ المقررة في مجاؿ الدفاع الكطني كاألمف‬
‫القكمي كمبادئ اآلداب العامة‪ ،‬كفي الفصؿ الثاني مف القانكف كضح المشرع الجزائرم‬
‫تعريفات تتعمؽ بالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية منيا األمكاج البلسمكية كشبكة‬
‫المكاصبلت السمكية كالبلسمكية الشبكة الخاصة كالشبكة العامة كخدمة الياتؼ كخدمة‬
‫التمكس كالخدمات البريدية كأطرافيا مف مرسؿ كمرسؿ إليو كغيرىا مف المصطمحات‬
‫التي تـ استخداميا في القانكف‪ ،‬كذلؾ لمنع أم لبس حكؿ مفيكميا كفي الفصؿ الثالث‬
‫مف القانكف‪ ،‬تـ إنشاء سمطة ضبط مستقمة تتمتع باالستقبلؿ المالي أيضا يككف مقرىا‬
‫بالعاصمة‪ ،‬تتكلى ىذه السمطة السير عمى كجكد مناقشة فعمية كمشركعة في سكؽ البريد‬
‫كالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية كتقكـ بالتخطيط كتسيير كتخصيص كمراقبة استعماؿ‬
‫الذبذبات إعداد مخطط لمترقيـ كمنح تراخيص االستغبلؿ كالفصؿ في المنازعات المتعمقة‬
‫بالتكصيؿ البيني كالتحكيـ في النزاعات القائمة بيف المتعامميف كالحصكؿ عمى‬
‫المعمكمات الضركرية لمقياـ بميامو مف المتعامميف‪ ،‬كذلؾ أنشأ ىذا القانكف شرطة البريد‬

‫‪191‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية التي تختص بالبحث كضبط المخالفات ألحكاـ ىذا‬
‫القانكف كفيما يتعمؽ بالجرائـ كالعقكبات‪ ،‬فقد جاءت في الفصؿ الثاني مف القانكف كيمكف‬
‫حصرىا فيما يمي‪:1‬‬

‫‪ -‬مكظؼ البريد كالمكاصبلت الذم يقكـ بتخريب البريد كانتياؾ سرية المكاصبلت‬
‫السمكية كالبلسمكية أك ساعد في ذلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ مف يقطع عمدا كاببل بحريا أك يسبب لو تمفا قد يكقؼ أك يعطؿ‬
‫المكاصبلت السمكية كالبلسمكية‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ مف استغؿ شبكة اتصاالت دكف ترخيص∙‬
‫‪ -‬كؿ مف تعامؿ مع أجيزة كمعدات االتصاالت دكف الحصكؿ عمى اعتماد‬
‫مسبؽ‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ مف قاـ بأم عمؿ مادم ضار بخدمة المكاصبلت السمكية كالبلسمكية أك‬
‫يتمؼ أجيزتيا‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ مف قاـ بقطع كابؿ بحرم أك أتمفو مما عطؿ المكاصبلت السمكية‬
‫كالبلسمكية كميا أك جزئيا‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ مف قاـ عف الطريؽ البلسمكي بإصدار إشارات أك نداءات نجدة كاذبة أك‬
‫خادعة‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ مف قاـ بتحكيؿ خطكط االتصاالت السمكية كالبلسمكية‪.‬‬
‫‪ -‬كؿ شخص يفشي أك ينشر أك يستعمؿ دكف ترخيص مف المرسؿ أك المرسؿ‬
‫إليو مضمكف المراسبلت المرسمة عف طريؽ البلسمكي الكيربائي أك يخبر بكجكدىا‪.‬‬

‫‪‌ 1‬الجرٌدة ‌الرسمٌة ‌للجمهورٌة ‌الجزائرٌة ‌الدٌمقراطٌة ‌الشعبٌة‪‌ :‬قانون ‌رقم ‌‪‌ 03-‌ 2000‬مؤرخ ‌فً ‌‪‌ 05‬جمادى‌‬
‫األولى ‌عام ‌‪1421‬ه ‌الموافق ‌‪‌ 05‬أوت ‌‪‌ 2000‬م ‌‪ٌ‌ ،‬حدد ‌القواعد ‌العامة ‌المتعلقة ‌بالبرٌد ‌وبالمواصالت ‌السلكٌة‌‬
‫والالسلكٌة‌‪‌،‬العدد‌‪ٌ‌،‌48‬وم‌‪‌06‬أوت‌‪‌2000‬م‌‪‌،‬ص‌‪‌.25‌،‌24‌،‌23‌،‌04‬‬

‫‪192‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كما ال يفكتني أف أشير إلى القانكف رقـ ‪ 09- 01‬المؤرخ في ‪ 04‬ربيع الثاني‬
‫عاـ ‪ 1422‬ھ المكافؽ ‪ 26‬يكنيك سنة ‪2001‬ـ المعدؿ كالمتمـ لؤلمر رقـ ‪156 – 66‬‬
‫المؤرخ في ‪ 18‬صفر عاـ ‪ 1386‬ھ المكافؽ ‪ 08‬يكنيك سنة ‪1966‬ـ كالمتضمف قانكف‬
‫العقكبات‪ ،‬حيث عدؿ المشرع الجزائرم قانكف العقكبات كبمقتضاه‪ 1‬نصت المادة‬
‫‪144‬مكرر‪ 1‬عمى الحبس مف ‪ 3‬أشير إلى ‪ 12‬شي ار كبغرامة مف ‪ 50.000‬دج إلى‬
‫‪ 250.000‬دج أك بإحدل ىاتيف العقكبتيف فقط كؿ مف أساء إلى رئيس الجميكرية‬
‫بعبارات تتضمف إىانة أك سبا أك قذفا سكاء كاف ذلؾ عف طريؽ الكتابة أك الرسـ أك‬
‫التصريح أك بأم آلية لبث الصكت أك الصكرة أك بأم كسيمة الكتركنية أك معمكماتية‬
‫أخرل كتباشر النيابة العامة إجراءات المتابعة الجزائية تمقائيا كمع تكرار النشر يتـ‬
‫مضاعفة العقكبة‪ ،‬كتسرم ىذه النصكص بجزاءاتيا عمى أم إىانة بالنشر لمبرلماف أك‬
‫القكات المسمحة أك أم ىيئة عامة‪.2‬‬

‫عدلت ىذه المادة بمكجب القانكف رقـ ‪ 14 – 11‬المؤرخ في ‪ 02‬أكت ‪2011‬‬


‫بحيث ألغيت عقكبة الحبس كتضاعفت قيمة الغرامة‪ ،‬كعمى ىذا أصبح كؿ مف يسيء‬
‫لشخص رئيس الجميكرية أك البرلماف أك إحدل غرفتيو أك الجيات القضائية أك الجيش‬
‫الكطني الشعبي أك أية ىيئة نظامية أك عمكمية أخرل بعبارات تتضمف إىانة أك سبا أك‬

‫‪1‬‬
‫‪Hadjira Boudre: quel cadre juridique pour la lutte contre la criminalité aux TIC‬‬
‫‪en Algérie ,séminaire national sur le cadre juridique des TIC entre opportunités‬‬
‫‪et contraintes ,cerist ,Alger ,Algérie ,du 16au 17 mai 2012 .‬‬
‫‪‌ 2‬الجرٌدة‌الرسمٌة‌للجمهورٌة‌الجزائرٌة‌الدٌمقراطٌة‌الشعبٌة‪‌ :‬قانون‌رقم‌‪‌ 09-‌ 01‬مؤرخ‌فً‌‪‌ 04‬ربٌع‌الثانً‌عام‌‬
‫‪‌ 1422‬ه ‌الموافق ‌‪ٌ‌ 26‬ونٌو ‌‪ٌ‌ 2001‬عدل‌وٌتمم ‌األمر ‌رقم ‌‪‌ 156‌ –‌ 66‬المؤرخ ‌فً‌‪‌ 18‬صفر ‌عام ‌‪‌ 1386‬ه‌‬
‫الموافق‌‪ٌ‌ 08‬ونٌو‌سنة‌‪‌ 1966‬م‌والمتضمن‌قانون‌العقوبات‌‪‌ ،‬العدد‌‪ٌ‌ ،‌ 34‬وم‌‪ٌ‌ 27‬ونٌو‌‪‌ 2001‬م ‌‪‌ ،‬ص‪‌،‌ 17‬‬
‫‪.18‬‬

‫‪193‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫قذفا بأية كسيمة الكتركنية أك معمكماتية أك إعبلمية أخرل يغرـ بمبمغ مف ‪100.000‬‬
‫دج إلى ‪ 500.000‬دج‪.1‬‬

‫‌‬

‫‪‌ 1‬الجرٌدة‌الرسمٌة‌للجمهورٌة‌الدٌمقراطٌة‌الشعبٌة‪‌ :‬قانون‌رقم‌‪‌ 14‌ –‌ 11‬مؤرخ‌فً‌‪‌ 02‬رمضان‌عام‌‪‌ 1432‬ه‌‬


‫الموافق‌‪‌ 02‬ؼشت‌‪‌ 2011‬م‌‪ٌ‌ ،‬عدل‌األمر‌رقم‌‪‌ 156‌ –‌ 66‬المؤرخ‌فً‌‪‌ 18‬صفر‌عام‌‪‌ 1386‬ه‌الموافق‌‪‌08‬‬
‫ٌونٌو‌سنة‌‪‌1966‬م‌والمتضمن‌قانون‌العقوبات‌‪‌،‬العدد‌‪ٌ‌،‌44‬وم‌‪‌10‬ؼشت‌‪‌2011‬م‌ص‌‪.04‬‬

‫‪194‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفصؿ الثاني‬

‫المكافحة اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية عمى المستكل الداخمي‬


‫بالرغـ مف المزايا اليائمة التي تحققت كتتحقؽ كؿ يكـ بفضؿ تقنية المعمكمات‬
‫عمى جميع األصعدة كفي شتّى مياديف الحياة المعاصرة‪ ،‬فإف ىذه الثكرة التكنكلكجية‬
‫المتنامية صاحبتيا في المقابؿ جممة مف االنعكاسات السمبية الخطيرة جراء سكء استخداـ‬
‫ىذه التقنية المتطكرة كاالنحراؼ عف األغراض المتكخاة منيا‪ ،‬تجمت في تفشي طائفة مف‬
‫الظكاىر اإلجرامية المستحدثة‪ ،‬أال كىي ظاىرة الجرائـ المعمكماتية‪ ،‬ليس ىذا فحسب‪ ،‬بؿ‬
‫سيّمت ىذه التقنية ارتكاب بعض الجرائـ التقميدية‪ ،‬كقد ازدادت ىذه المخاطر تفاقمان في‬
‫ظؿ البيئة االفتراضية التي تمثميا شبكة المعمكمات الدكلية (اإلنترنت) كاسعة االنتشار‪ ،‬ما‬
‫أفرز نكعان جديدان مف الجرائـ لـ يكف معيكدان مف قبؿ ممثبلن في الجرائـ عبر الكطنية‪ ،‬التي‬
‫يتخطى مداىا حدكد الدكؿ بؿ كالقارات‪ ،‬كلـ يعد خطرىا أك آثارىا محصكرة في النطاؽ‬
‫اإلقميمي لدكلة بعينيا‪ ،‬األمر الذم بات يثير بعض التحديات القانكنية كالعممية أماـ‬
‫األجيزة المعنية بمكافحة الجريمة‪ ،‬كبالذات فيما يخص إثبات ىذه الجرائـ‪ ،‬كآلية مباشرة‬
‫إجراءات االستدالؿ كالتحقيؽ عبر البيئة االفتراضية لتعقّب المجرميف كتقديميـ‬
‫لمعدالة‪ ،‬ذلؾ أف مبلحقة الجناة ككشؼ جرائميـ عبر الحدكد يقتضي مف الناحية العممية‬

‫أف يتـ في نطاؽ إقميـ دكلة أخرل‪ ،‬كىك ما يصطدـ بمبدأ السيادة اإلقميمية لمدكؿ عمبلن‬
‫بمبدأ إقميمية القانكف الجنائي‪ ،‬الذم يفضي إلى تنازع االختصاص القضائي بسبب‬
‫صعكبة تحديد مكاف كقكع الجريمة المعمكماتية عبر الكطنية‪.‬‬

‫البد مف البحث عف حمكؿ مناسبة ليذه اإلشكاليات تتكافؽ مع‬


‫كمف ثـ كاف ّ‬
‫طبيعة ىذه الجرائـ المستحدثة فيما يخص قبكؿ الدليؿ الرقمي كمباشرة بعض إجراءات‬
‫التحقيؽ عبر الفضاء المعمكماتي ككذلؾ تحديد معايير االختصاص‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫عمى ضكء ما تقدـ‪ ،‬سيتـ تقسيـ ىذا الفصؿ إلى مبحثيف‪ ،‬يخصَّص األكؿ لمسألة‬
‫االختصاص كالقانكف الكاجب التطبيؽ باإلضافة إلى اإلشكاليات الناجمة عف مباشرة‬
‫التحقيؽ كاالستدالؿ (المبحث األكؿ)‪ ،‬في حيف يخصَّص المحكر الثاني لبحث إشكالية‬
‫اإلثبات في الجريمة المعمكماتية (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األكؿ‬

‫القكاعد اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية‬


‫تتميز الجريمة المعمكماتية بككنيا عالمية أم أف ىذا النكع مف الجرائـ ال تحكمو‬
‫حدكد جغرافية معينة‪ ،‬حيث أنو يمكف ارتكاب الفعؿ اإلجرامي في مكاف معيف كتتحقؽ‬
‫النتيجة في مكاف آخر كقد يككف الضحية في مكاف ثالث‪ ،‬بؿ كقد تككف ىذه األماكف في‬
‫دكؿ مختمفة‪ ،‬كىذا ما يضعنا أماـ اشكاليتيف اثنتيف‪ ،‬األكلى تتعمؽ بالمحكمة المختصة‬
‫إقميميا بالنظر في الدعكل‪ ،‬كالثانية تتعمؽ بالقانكف الكاجب التطبيؽ باإلضافة إلى بعض‬
‫المشاكؿ التي تتجمى خبلؿ مرحمتي االستدالؿ كالتحقيؽ‪ ،‬خاصة الناجمة منيا عف مباشرة‬
‫التفتيش كما في حكمو في البيئة االفتراضية‪.‬‬

‫المطمب األكؿ‬

‫االختصاص القضائي‬
‫إف المقصكد باالختصاص القضائي ىك السمطة السيادية لمدكلة التي تمكنيا مف‬
‫تطبيؽ قكانينيا الكطنية داخؿ إقميمو‪.‬‬

‫تعد الجرائـ المعمكماتية مف أكثر الجرائـ التي تطرح مسألة االختصاص القضائي‬
‫ذلؾ أف السمكؾ أك النشاط اإلجرامي فييا ال يعترؼ بالحدكد‪ ،‬العالـ كمو مرىكف بمجرد نقرة‬
‫بسيطة عمى لكحة مفاتيح جياز الحاسكب‪ ،‬إذ أف الطبيعة التقنية العالية لنظـ المعمكماتية‬
‫‪196‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المرتبطة بشبكات االتصاؿ العالمية يمكف أف تؤدم إلى أف يصبح إقميـ أكثر مف دكلة‬
‫مسرحا لمجريمة المعمكماتية األمر الذم قد ينجـ عنو تنازع في االختصاص بيف ىذه‬
‫الدكؿ‪ ،‬فقد يحدث أف ترتكب ىذه الجريمة في إقميـ دكلة معينة ك تتحقؽ النتيجة الجرمية‬
‫في دكلة أخرل كمف ثمة تتعدد القكانيف التي يمكف أف تحكـ ىذه الجرائـ بتعدد الدكؿ‬
‫المرتبطة بيا‪.‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫القانكف الكاجب التطبيؽ‬


‫حظيت الجريمة المعمكماتية بكثير مف االىتماـ كالتعاكف في المجتمع‬
‫الدكلي‪ ،‬كىذا ما تجسد مف خبلؿ اعتماد كؿ مف مجمس كزراء العدؿ لمدكؿ العربية في‬
‫دكرتو التاسعة عشر )‪ (19‬المنعقدة بتاريخ ‪ 08/10/2003‬بالقرار رقـ ‪ 495‬ككذا مجمس‬
‫كزراء الداخمية لمدكؿ العربية في دكرتو الكاحدة كالعشركف )‪ (21‬في أفريؿ ‪ 2004‬لمقانكف‬
‫العربي النمكذجي لمكافحة جرائـ الكمبيكتر كاألنترنت‪ ،‬ىذا القانكف نص في مادتو ‪" :22‬‬
‫تسرم أحكاـ التشريع الجنائي لمدكلة عمى الجريمة المعمكماتية إذا ارتكبت كميا أك جزء‬
‫منيا داخؿ حدكدىا كفقا لمبدأ اإلقميمية‪ ،‬كما تختص المحاكـ فييا بنظر الدعكل المترتبة‬
‫عمى تمؾ الجرائـ‪ ،‬كعمى الدكؿ العربية عقد اتفاقات لتبني المعيار األكؿ في حالة تنازع‬
‫االختصاص بيف الدكؿ"‪.1‬‬

‫كما يسرم التشريع الجنائي لمدكلة عمى الجريمة المعمكماتية التي تقع خارج‬
‫الحدكد إذا كانت مخمة بأمنيا كفقا لمقكاعد العامة المنصكص عمييا في قانكف العقكبات"‪.‬‬

‫‪‌1‬عبد‌الفتاح‌بٌومً‌حجازي‪‌،‬مبادئ‌اإلجراءات‌الجزائٌة‌فً‌جرائم‌الكومبٌوتر‌واألنترنت‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .49‬‬

‫‪197‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كما تنص المادة ‪ 03‬مف قانكف العقكبات الجزائرم" تسرم أحكاـ قانكف العقكبات‬
‫الجزائرم داخؿ إقميـ الجميكرية الجزائرية عمى كؿ شخص ارتكب جريمة في نظر القانكف‬
‫الجزائرم سكاء كاف مكاطنا جزائريا أك أجنبيا"‪.‬‬

‫مف خبلؿ نص المادتيف السابقتيف نميز بيف حالتيف لبياف القانكف الكاجب‬
‫التطبيؽ‪ ،‬الحالة األكلى ىي ارتكاب الجرائـ داخؿ اإلقميـ الكطني‪ ،‬كارتكابيا خارج اإلقميـ‬
‫الكطني في الحالة الثانية‪.‬‬

‫أكال‪ :‬الجرائـ المرتكبة داخؿ اإلقميـ الجزائرم‬


‫يشمؿ اإلقميـ الكطني حسب نص المادة ‪ 12‬مف دستكر ‪ 1996‬المساحة‬
‫األرضية التي تباشر الدكلة عمييا سيادتيا كتنظـ كتقكـ فييا بالخدمات العمكمية (اإلقميـ‬
‫البرم‪ ،‬ككذا المنطقة الكاقعة بيف شاطئ الدكلة كالبحر العاـ)‪ ،‬اإلقميـ البحرم‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى الفضاء الذم يعمكا اإلقميـ البرم كاإلقميـ البحرم كما تمتد سيادة الدكلة إلى السفف‬
‫كالطائرات التي تحمؿ عمميا‪ ،‬كالسفف كالطائرات األجنبية إذا ىبطت أك رست في‬
‫المطارات أك المكانئ الجزائرية‪.‬‬

‫كقد كرس المشرع الجزائرم عمى غرار أغمب التشريعات العالمية مبدأ إقميمية‬
‫النص الجنائي‪ ،‬كالذم مفاده تطبيؽ القانكف الكطني لمدكلة عمى كؿ جريمة ارتكبت داخؿ‬
‫إقميميا‪ ،‬ميما كانت جنسية مرتكبيا‪.1‬‬

‫تعتبر الجريمة مرتكبة في الجزائر كؿ جريمة يككف أحد األعماؿ المميزة ألركانيا‬
‫تـ في الجزائر طبقا لنص المادة ‪ 58‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم‪.‬‬

‫‪ ‌ 1‬علً‌عبد‌هللا‌سلٌمان‪‌،‬شرح‌قانون‌العقوبات‌الجزائري‪‌،‬القسم‌العام‪‌،‬الجزء‌األول‌(الجرٌمة)‪‌،‬دٌوان‌المطبوعات‌‬
‫الجامعٌة‪‌،‬الجزائر‪‌،‬ص‌‪‌ .115‬‬
‫‪198‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ثانيا‪ :‬الجرائـ المرتكبة خارج اإلقميـ الجزائرم‬


‫أخذ المشرع الجزائرم بمبدأ اإلقميمية كأصؿ عاـ‪ 1‬غير أف ىذا المبدأ يخضع‬
‫لعدة استثناءات‪ ،‬بمعنى أف القانكف الجزائرم يطبؽ عمى الجرائـ المرتكبة داخؿ اإلقميـ‬
‫الكطني‪ ،‬كيمتد تطبيؽ القانكف الجزائرم عمى الجرائـ المرتكبة خارج اإلقميـ الكطني في‬
‫حاالت استثنائية كىذا ما جاءت بو المادة ‪ 582‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية كالمادة‬
‫‪588‬مف نفس القانكف‪.‬‬

‫‪ .1‬الجرائـ المرتكبة مف طرؼ جزائرييف‪ :‬يطبؽ القانكف الجزائرم عمى الجرائـ بما‬
‫فييا المعمكماتية إذا كاف مرتكبيا جزائرم حتى لك تـ ارتكابيا خارج اإلقميـ الجزائرم‪ ،‬طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 582‬كالمادة ‪ 583‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬كيشترط لتطبيؽ القانكف‬
‫الجزائرم في ىذه الحالة ما يمي‪:‬‬
‫‪ -‬أف يككف الجاني جزائريا كقت ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫‪ -‬أف يككف الفعؿ مجرما في كبل التشريعيف‪ ،‬كيككف جناية أك جنحة‬
‫‪ -‬أال يككف قد صدر في حؽ الجاني حكـ نيائي مف طرؼ محكمة أجنبية كفي‬
‫نفس الكاقعة‪ ،‬فبل يجكز متابعة شخص مرتيف عمى نفس الفعؿ‪.‬‬
‫‪ -‬أف يعكد المتيـ إلى الجزائر‪.‬‬
‫‪ .2‬الجرائـ الماسة بالمصالح األساسية لمدكلة‪ :‬يطبؽ القانكف الجزائرم عمى‬
‫الجرائـ التي تمس بأمف كسبلمة الدكلة الجزائرية بغض النظر عف جنسية مرتكبيا كمكاف‬
‫ارتكابيا‪ ،2‬كىذا تكريسا لمبدأ الدفاع عف السيادة‪.3‬‬

‫‪‌ 1‬أحسن ‌بوسقٌعة‪‌ ،‬الوجٌز ‌فً ‌القانون ‌الجزائً ‌الخاص‪‌ ،‬الجزء ‌األول‪‌ ،‬الجرائم ‌ضد ‌األشخاص ‌والجرائم ‌ضد‌‌‌‌‬
‫األموال‪‌،‬الطبعة‌الخامسة‌منقحة‌ومتممة‌فً‌ضوء‌النصوص‌الجدٌدة‪‌،‬دار‌هومة‪‌،2006‌،‬ص‌‪‌ .91‬‬
‫‪‌2‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .98‬‬
‫‪ ‌ 3‬تنص المادة ‪‌ 588‬من قانون اإلجراءات الجزائٌة على" كل أجنبً ارتكب خارج اإلقلٌم الجزائري بصفة فاعل‬
‫أصلً أو شرٌك جناٌة أو جنحة ضد سالمة الدولة الجزائرٌة أو تزٌٌؾ النقود أو أوراق مصرفٌة وطنٌة متداولة قانونا‬
‫‪199‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع الثاني‬

‫االختصاص المحمي‬
‫كما يسمى أيضا االختصاص اإلقميمي باعتبار أف القضاء الكطني ىك المختص‬
‫بالنظر في الدعكل الجنائية دكف منازع كيقكـ ىذا االختصاص عمى تحديد دائرة‬
‫اختصاص مكاني كجغرافي بمنطقة معينة مف إقميـ الدكلة‪.‬‬

‫أكال‪ :‬القاعدة العامة في االختصاص‬


‫ينعقد االختصاص المحمي لممحاكـ بناءا عمى ثبلثة معايير طبقا لنص المادتيف‬
‫‪37‬ك‪ 40‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية إذ تنصاف عمى تحديد االختصاص المحمي لككيؿ‬
‫الجميكرية كقاضي التحقيؽ عمى التكالي بمكاف كقكع الجريمة‪ ،‬كبمحؿ إقامة أحد‬
‫األشخاص المشتبو في مساىمتيـ فييا أك بمحؿ القبض عمى أحد ىؤالء األشخاص حتى‬
‫لك تـ ىذا القبض لسبب آخر‪.1‬‬

‫‪ .1‬محكمة مكاف كقكع الجريمة‪ :‬كفقا ليذا المعيار تختص المحكمة التي ارتكبت‬
‫في دائرة اختصاصيا الجريمة المعمكماتية بالنظر في الدعكل الجنائية‪ ،‬كيتحدد مكاف كقكع‬
‫الجريمة حسب نكعيا‪ ،‬فالجريمة التي ترتكب دفعة كاحدة كفي زمف كاحد يعتبر مكاف‬
‫كقكعيا ىك نفسو مكاف تنفيذ الفعؿ اإلجرامي‪ ،‬أما الجريمة التي يمزـ الرتكابيا عدة أفعاؿ‬
‫كفي أماكف مختمفة فإف االختصاص المحمي ينعقد لكؿ محكمة كقع في دائرة اختصاصيا‬
‫فعؿ مف أفعاؿ التنفيذ كفقا ليذا المعيار‪.‬‬

‫بالجزائر تجوز متابعته ومحاكمته وفقا ألحكام القانون الجزائري إذا ألقً القبض علٌه فً الجزائر أو حصلت الحكومة‬
‫تسلٌمه لها"‪‌ .‬‬
‫‪‌ 1‬جٌاللً ‌بؽدادي‪‌ ،‬التحقٌق ‌(دراسة ‌مقارنة ‌نظرٌة ‌وتطبٌقٌة)‪‌ ،‬الدٌوان ‌الوطنً ‌لألشؽال ‌التربوٌة‪‌ ،‬ط‪‌،1999‌ ،1‬‬
‫ص‪‌ .108‬‬
‫‪200‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أما إذا تعمؽ األمر بجريمة مستمرة فإف كؿ مكاف تقكـ فيو حالة االستمرار يعتبر‬
‫مكاف كقكع الجريمة‪.‬‬

‫‪ .2‬محكمة محؿ إقامة المشتبو فيو‪ :‬فكؿ محكمة يقع في دائرة اختصاصيا محؿ‬
‫إقامة أحد المشبو فييـ مساىمتيـ في ارتكاب الجريمة تككف مختصة إقميميا بالنظر في‬
‫الدعكل الجنائية‪ ،‬كالعبرة بمحؿ اإلقامة ىك محؿ اإلقامة كقت ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫‪ .3‬محكمة مكاف القبض‪ :‬فالمحكمة التي تـ في دائرة اختصاصيا القبض عمى‬
‫أحد المشتبو فييـ تككف ليا كالية النظر في الجريمة المعمكماتية‪ ،‬حتى لك كاف القبص‬
‫لسبب آخر غير الجريمة محؿ المتابعة‪.1‬‬

‫أما بالنسبة لمجرائـ التي يرتكبيا األحداث فإف االختصاص المحمي بالنظر فييا‬
‫ينعقد –حسب نص المادة ‪ 451‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ -‬لممحكمة التي ارتكبت‬
‫الجريمة في دائرة اختصاصيا‪ ،‬أك التي بيا محؿ إقامة الحدث أك كالديو أك كصيو أك‬
‫محكمة المكاف الذم عثر فيو عمى الحدث أك المكاف الذم أكدع فيو الحدث سكاء بصفة‬
‫مؤقتة أك نيائية‪.‬‬

‫مف خبلؿ ما سبؽ يتضح أف االختصاص المحمي بالنظر في الجريمة كفؽ ىذه‬
‫المعايير قد ينعقد لعدة محاكـ في نفس الجريمة‪ ،‬فالمحكمة التي كاف ليا السبؽ في‬
‫إجراءات المتابعة ىي المختصة إقميميا‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬تمديد االختصاص‬


‫كما سبؽ الذكر فاالختصاص المحمي قد ينعقد لعدة محاكـ في نفس الجريمة‬
‫خاصة الجريمة المعمكماتية لكف النظر فييا يككف مف اختصاص محكمة كاحدة‪ ،‬كقد‬

‫‪‌1‬أوهاٌبٌة‌عبد‌هللا‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌.324‬‬
‫‪‌2‬أحسن‌بوسقٌعة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌.93‬‬
‫‪201‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫تستدعي ضركرات التحرم كاالستدالؿ كالتحقيؽ تخطي دائرة االختصاص كالقياـ بإجراءات‬
‫التفتيش كالتسرب كالمراقبة كغيرىا في دكائر اختصاص محاكـ أخرل‪ ،‬كىذا ما لـ يغفمو‬
‫المشرع الجزائرم مف خبلؿ إجازة ما يسمى بتمديد االختصاص المحمي‪ ،‬حيث نص قانكف‬
‫اإلجراءات الجزائية عمى ذلؾ صراحة في المادة ‪.1329‬‬

‫تنص أيضا المادة ‪ 80‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية عمى جكاز انتقاؿ قاصي‬
‫التحقيؽ إلى دكائر اختصاص المحاكـ المجاكرة لمدائرة التي يقكـ فييا بكظيفتو لمقياـ بكؿ‬
‫إجراءات التحقيؽ إذا استمزمت ضركرات التحقيؽ ذلؾ بشرط إخطار ككيؿ الجميكرية‬
‫المختص‪ ،‬كذكر األسباب التي دعت إلى انتقالو‪.‬‬

‫كما أجاز المشرع تمديد االختصاص المحمي لككيؿ الجميكرية كقاضي التحقيؽ‬
‫عف طريؽ التنظيـ إلى دائرة اختصاص محاكـ أخرل في عدد مف الجرائـ كمف بينيا‬
‫الجريمة المعمكماتية‪ 2‬طبقا لما تنص عميو المادتيف‪ 37‬ك‪ 40‬مف القانكف سالؼ الذكر‪ ،‬بؿ‬
‫ذىب المشرع الجزائرم إلى أبعد مف ذلؾ عندما خكؿ لقاضي التحقيؽ القياـ بإجراءات‬
‫الحجز كالتفتيش في أم ساعة مف الميؿ أك النيار كفي أم مكاف عمى امتداد التراب‬
‫الكطني إذا تعمؽ األمر بالجريمة الماسة بأنظمة المعالجة اإللكتركنية كستة)‪ (06‬جرائـ‬
‫أخرل بمكجب المادة ‪ 47‬مف القانكف سالؼ الذكر سكاء بنفسو أك بأمر مكجو لضباط‬
‫الشرطة القضائييف المختصيف إقميميا‪.3‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائرم قد أصاب لما سمح بتمديد االختصاص‬
‫كتخطى بذلؾ مشكمة عكيصة قد تتسبب في عرقمة إجراءات التحقيؽ كتؤدم إلى إثارة ما‬

‫‪‌1‬طرشً‌نورة‪‌،‬مرجع‌سابق‌ص‌‪‌ .134‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‌ص‌‪‌ .134‬‬
‫‪‌3‬جٌاللً‌بؽدادي‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪111‬‬
‫‪202‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يسمى بتجاكز االختصاص‪ ،‬خاصة كأف االختصاص المحمي مف النظاـ العاـ يمكف‬
‫إثارتو في أم مرحمة مف مراحؿ الدعكل كما يمكف لممحكمة أف تثيره مف تمقاء نفسيا‪.‬‬

‫المطمب الثاني‬

‫القكاعد المتعمقة باالستدالؿ كالتحقيؽ‬


‫غالبا ما تبدأ اإلجراءات الجزائية في الدعكل العمكمية بمرحمة البحث كالتحرم أك‬
‫مرحمة االستدالالت التي تتكالىا أصبل الضبطية القضائية حيث يبدأ دكرىا مباشرة بعد‬
‫كقكع الجريمة كينتيي عند فتح تحقيؽ قضائي أك إحالة المتيـ إلى جية الحكـ‪.‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫التحرم كاالستدالؿ‬
‫تنص المادة ‪ 32‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية" يتعيف عمى كؿ سمطة نظامية ككؿ‬
‫ضابط أك مكظؼ عمكمي يصؿ إلى عممو أثناء مباشرتو ميامو خبر جناية أك جنحة‬
‫إببلغ النيابة العامة بدكف تكاف‪ ،‬كأف يكافييا بكؿ المعمكمات‪ ،‬كيرسؿ إلييا المحاضر‬
‫كالمستندات المتعمقة بيا"‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 17‬مف نفس القانكف" يباشر ضباط الشرطة‬
‫القضائية السمطات المكضحة في المادتيف ‪ 12‬ك‪ 13‬كيتمقكف الشكاكل كالببلغات كيقكمكف‬
‫بجمع االستدالالت كاجراء التحقيقات اإلبتدائية"‪.‬‬

‫مف خبلؿ نص ىاتو المادتيف يتضح أنو عند كقكع أية جريمة تبدأ أكؿ مرحمة مف‬
‫مراحؿ الدعكل الجزائية‪ ،‬كىي مرحمة التحرم كجمع االستدالالت‪ ،‬يقكـ بيا ضباط الشرطة‬
‫القضائية تحت السمطة الرئاسية لككيؿ الجميكرية المختص إقميميا‪ ،‬غير أف طريقة‬
‫كاجراءات التحرم كاإلستدالؿ في الجريمة المعمكماتية تختمؼ عنيا في الجرائـ‬

‫‪203‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫العادية‪ ،‬كقد ارتأينا دراسة طرؽ التحرم كاإلستدالؿ في الجريمة المعمكماتية مف خبلؿ‬
‫تقسيميا إلى طرؽ تقميدية كأخرل حديثة نصت عمييا آخر التعديبلت‪.‬‬

‫أكال‪ :‬طرؽ التحرم كاإلستدالؿ التقميدية‬


‫‪ .1‬المعاينة‪ :‬كالمعاينة ىي االنتقاؿ إلى مكاف الجريمة أك إلى أم مكاف تكجد بو‬
‫أدلة أك آثار تتعمؽ بالجريمة‪ ،1‬مف أجؿ الكقكؼ عمى حقيقة الجريمة ككيفية ارتكابيا‬
‫كاآلثار المتعمقة بيا‪ ،‬كجميع األشياء األخرل التي تساعد القائميف بالتحقيؽ في الكصكؿ‬
‫إلى الحقيقة كاممة‪.2‬‬

‫المعاينة في الجريمة المعمكماتية أقؿ أىمية منيا في الجرائـ العادية نظ ار لقمة‬


‫اآلثار المادية المخمفة بعد ارتكابيا كسيكلة طمس معالميا كآثارىا إف كجدت باإلضافة‬
‫إلى كثرة األشخاص المتردديف عمى مسرح الجريمة في أغمب الحاالت‪.3‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف اإلنتقاؿ مف أجؿ المعاينة في الجرائـ المعمكماتية يختمؼ عف‬
‫اإلنتقاؿ في الجرائـ العادية‪ ،‬إذ يككف ىذا األخير انتقاال ماديا محضا أما االنتقاؿ في‬
‫الجريمة المعمكماتية فقد يككف ماديا مثمو مثؿ الجرائـ العادية‪ ،‬كيمكف تصكره في ىذا‬
‫المجاؿ خاصة في المعاينات الكاقعة عمى المككنات المادية لممنظكمة المعمكماتية مثؿ‬
‫األشرطة كشاشات العرض كمككنات الكمبيكتر المدية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪‌1‬تنص‌المادة‌‪‌42‬من‌قانون‌اإلجراءات‌الجزائٌة‌الجزائري‌وذلك‌كما‌ٌلً‪ٌ"‌:‬جب‌على‌ضابط‌الشرطة‌القضائٌة‌الذي‌‬
‫بلػ‌بجناٌة‌فً‌حالة‌تلبس‌أن‌ٌخطر‌بها‌وكٌل‌الجمهورٌة‌على‌الفور‌ثم‌ٌنتقل‌بدون‌تمهل‌الى‌مكان‌الجناٌة‌وٌتخذ‌جمٌع‌‬
‫التحرٌات‌الالزمة ‌وعلٌه‌أن‌ٌسهر‌على‌المحافظة‌على ‌األثار‌التً‌ٌخشى‌أن‌تختفً ‌وأن‌ٌضبط‌كل‌ما‌ٌمكن‌أن‌ٌؤدي‌‬
‫إلى‌إظهار‌الحقٌقة ‌وأن‌ٌعرض‌األشٌاء‌المضبوطة‌على‌األشخاص‌المشتبه‌فً‌مساهمتهم‌فً‌الجناٌة‌للتعرؾ‌علٌهم"‪‌.‬‬
‫راجع‌إحسان‌طبال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .197‬‬
‫‪‌2‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .212‬‬
‫‌‬
‫‪‌3‬عفٌفً‌كامل‌عفٌفً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.338‬‬
‫‪204‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كما قد يككف اإلنتقاؿ في الجريمة المعمكماتية معنكيا افتراضيا‪ ،‬كيمكف تصكره‬


‫غالبا في الجرائـ التي تستيدؼ البرامج اإللكتركنية‪ ،‬كيككف اإلنتقاؿ ىنا إلى مكاف‬
‫إفتراضي عبر العالـ اإلفتراضي‪.1‬‬

‫يتميز اإلنتقاؿ اإلفتراضي بعدة إيجابيات نذكر منيا ضماف سرعة اإلنتقاؿ‬
‫كالمعاينة التي ىي أساس نجاح التحقيؽ‪ ،‬باإلضافة إلى أنو يغني عف الكثير مف نفقات‬
‫التحقيؽ التي تستدعي اإلنتقاؿ المادم‪.2‬‬

‫كعمى غرار إيجابيات اإلنتقاؿ اإلفتراضي فإف لو أيضا سمبياتو كالتي نذكر منيا‬
‫اإلعتداء عمى حريات األشخاص بؿ كقد يشكؿ خرقا لمبدأ سيادة الدكؿ بحجة معاينة‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫لقد أجاز المشرع الجزائرم اإلنتقاؿ اإلفتراضي مف أجؿ المعاينة بمكجب القانكف‬
‫‪ 04/09‬المتضمف القكاعد الخاصة بالجرائـ المتصمة بتكنكلكجيا اإلعبلـ كاالتصاؿ‬
‫كمكافحتيا كذلؾ مف خبلؿ منح ضباط الشرطة القضائية صبلحية تفتيش النظـ‬
‫المعمكماتية كلك عف بعد كفؽ الشركط المحددة في قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪ .2‬التفتيش‪ :‬يكتسي التفتيش أىمية بالغة في البحث عف األدلة كالكشؼ عف‬


‫الحقيقة لكنو بالمقابؿ اجراء خطير نظ ار لمساسو بحريات األشخاص ككرامتيـ كممتمكاتيـ‬
‫لذلؾ فقد أحاطو المشرع بتنظيـ خاص كأخضعو لضكابط صارمة‪ ،‬كىك في األصؿ إجراء‬
‫مف إجراءات التحقيؽ كال يككف مف أعماؿ التحرم إال استثناء في الجريمة المتمبس بيا‪.3‬‬

‫‪‌1‬عفٌفً‌كامل‌عفٌفً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.339‬‬
‫‪‌2‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .218‬‬
‫‪‌3‬أحمد‌فتحً‌سرور‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪135‬‬
‫‪205‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫لقد نصت المادة ‪ 41‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية عف حاالت التمبس بقكليا‪:‬‬
‫""تكصؼ الجريمة أك الجنحة بأنيا في حالة تمبس إذا كانت مرتكبة في الحاؿ أك عقب‬
‫ارتكابيا"‪.‬‬

‫كما تعتبر الجريمة أك الجنحة متمبس بيا إذا كاف الشخص المشتبو في ارتكابو‬
‫إياىا في كقت قريب جدا مف كقت كقكع الجريمة قد تبعو العامة بالصياح أك كجدت في‬
‫حيازتو أشياء أك كجدت آثار أك دالئؿ تدعك إلى افتراض مساىمتو الجناية أك الجنحة‪.‬‬

‫كتتسـ بصفة التمبس كؿ جناية أك جنحة كقعت كلك في غير الظركؼ المنصكص‬
‫عمييا الفقرتيف السابقتيف‪ ،‬إذا كانت قد ارتكبت في منزؿ أك كشؼ صاحب المنزؿ عنيا‬
‫عقب كقكعيا كبادر في الحاؿ باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية إلثباتيا"‪ ،‬كبالتالي‬
‫فالتفتيش ال يككف في مرحمة التحرم كاالستدالؿ إال في إحدل حالت التمبس المذككرة في‬
‫المادة السابقة‪.‬‬

‫يختمؼ التفتيش في الجريمة المعمكماتية عف التفتيش المتعارؼ عميو في الجرائـ‬


‫العادية فيذا األخير ينصب عمى األشخاص كالممتمكات أما التفتيش في الجريمة‬
‫المعمكماتية فيتعدل األشخاص كالممتمكات إلى المنظكمة المعمكماتية في حد ذاتيا‪.‬‬

‫يمكف تصكر التفتيش المادم في الجريمة المعمكماتية عمى المككنات المادية‬


‫ألقراص‬ ‫مثبل‬ ‫مككناتو‬ ‫أحد‬ ‫أك‬ ‫اآللي‬ ‫كالحاسكب‬ ‫المعمكماتية‬ ‫لممنظكمة‬
‫المضغكطة‪ ،‬المرنة‪ ،‬أك الصمبة أك األشرطة أك غيرىا مف األشياء المادية كالمممكسة‪ ،‬كما‬
‫قد ينصب عمى المشتبو فيو أك مسكنو أك ممتمكاتو‪.1‬‬

‫‪‌1‬أحمد‌فتحً‌سرور‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌.136‬‬
‫‪206‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يخضع التفتيش المادم في الجريمة المعمكماتية لنفس أحكاـ كشركط التفتيش‬


‫المتعارؼ عميو في الجرائـ العادية عمى عكس بعض التشريعات األخرل‪ 1‬التي تخكؿ‬
‫لضباط الشرطة القضائية إجراء التفتيش في الجريمة المتمبس بيا بدكف استصدار إذف‬
‫قضائي‪ ،‬عمى غرار المشرع الفرنسي‪ ،‬حيث اشترط المشرع الجزائرم في التفتيش بمكجب‬
‫المكاد‪ 46 ،45‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية ما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬إذف صادر عف الجيات القضائية المختصة ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ‪.‬‬

‫‪ -‬يجب أف يتضمف اإلذف كصؼ الجريمة مكضكع التفتيش‪ ،‬كالعنكاف المقصكد بالتفتيش‪.‬‬

‫‪ -‬حضكر صاحب المنزؿ عممية التفتيش أك مف ينكب عنو أك شاىديف مف غير التابعيف‬
‫لسمطة الجية المكمفة بالتفتيش‪.‬‬

‫‪ -‬ضماف الحفاظ عمى السر الميني في حالة تفتيش أماكف يشغميا أشخاص ممزمكف‬
‫بكتماف السر الميني‪.‬‬

‫‪ -‬أما فيما يخص المكاعيد فقد استثنى المشرع الجزائرم إخضاع التفتيش في الجريمة‬
‫المعمكماتية كتقييده بحدكد كأكقات زمنية كخكؿ لممكمؼ بيذا اإلجراء القياـ بو في أم‬
‫كقت مف أكقات الميؿ أك النيار طبقا لممادة ‪ 47‬فقرة ‪ 2‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪ -‬استظيار اإلذف بالتفتيش قبؿ الدخكؿ إلى األماكف المراد تفتيشيا‪.‬‬

‫‪ -‬أف تككف الجريمة مكضكع التفتيش متمبس بيا‪ .‬كيككف ىذا الشرط في حالة التفتيش‬
‫اإلستداللي‪.‬‬

‫‪ ‌ 1‬تختلؾ‌التشرٌعات‌المقارنة‌فً‌تحدٌد‌أعضاء‌السلطة‌المختصة‌بالتحقٌق‌اإلبتدائً‪‌،‬فً‌الجزائر‌مثال ‌نجد‌أن‌قاضً‌‬
‫التحقٌق‌هو‌سلطة‌التحقٌق‌األصلٌة‌واستثناءا‌النٌابة‌العامة‌وذات‌الشأن‌فً‌فرنسا‪‌،‬على‌عكس‌المشرع‌المصري‌الذي‌‬
‫ٌخول ‌تلك ‌السلطة ‌للنٌابة ‌العامة ‌باعتبار ‌أنها ‌األصل ‌واألجدر ‌بذلك ‌واستثناءا ‌لقاضً ‌التحقٌق‪‌ ،‬أما ‌التشرٌعات‌‬
‫األنجلوساكسونٌة ‌ فنجد ‌أن ‌جهاز ‌السلطة ‌هو ‌وحده ‌من ‌ٌضطلع ‌بمهمة ‌التحقٌق ‌اإلبتدائً‪‌ ،‬كما ‌هو ‌الحال ‌فً ‌القانون‌‬
‫الكندي‌واإلنجلٌزي‪‌،‬راجع‌نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .221‬‬
‫‪207‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أما التفتيش المعنكم غير المباشر فينصب عمى المنظكمة المعمكماتية في حد ذاتيا‬
‫فيك يتعمؽ ببيانات كنبضات إلكتركنية كليس بأشياء مادية مممكسة‪.1‬‬

‫كقد أجاز القانكف رقـ ‪ 04/09‬سالؼ الذكر ىذا النكع مف التفتيش بمكجب المادة‬
‫‪ 05‬منو إذ تنص" يجكز لمسمطات القضائية المختصة ككذا ضباط الشرطة القضائية‬
‫الدخكؿ بغرض التفتيش كلك عف بعد إلى‪:‬‬

‫‪ -‬منظكمة معمكماتية أك جزء منيا ككذا المعطيات المعمكماتية المخزنة فييا‪.‬‬

‫‪-‬منظكمة تخزيف معمكماتي"‬

‫أ‪‌ -‬دكاعي التفتيش‪ :2‬يمكف أف يككف التفتيش في ‪ 03‬حاالت‪:‬‬

‫‪ -‬يككف كقائيا الغرض منو الحيمكلة دكف كقكع ىذا الجريمة المعمكماتية مف خبلؿ القياـ‬
‫بعممية المراقبة اإللكتركنية المسبقة لمحد مف ىذا النكع مف الجرائـ‪ ،‬كىذا ما أجازتو‬
‫المادة ‪ 03‬مف القانكف ‪ 04/09‬سالؼ الذكر‪.‬‬

‫‪ -‬يككف التفتيش في الجرائـ المعمكماتية لمستمزمات التحريات أك التحقيقات القضائية‬


‫كىذا في حالة كقكع الجريمة أك تكجيو اإلتياـ لشخص أك مجمكعة أشخاص طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 44‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪ -‬قد يككف التفتيش أيضا استجابة لطمبات المساعدة القضائية الدكلية طبقا لممادة ‪18‬‬
‫مف القانكف رقـ ‪ 04/09‬سالؼ الذكر‪ ،‬كىذا في إطار المعاممة بالمثؿ بشرط المحافظة‬
‫عمى سرية المعمكمات الممنكحة لتمؾ الدكلة كعدـ استعماليا إال في إطار الحاالت‬
‫المحددة حصريا في طمب المساعدة القضائية‪ ،‬باإلضافة إلى المساس بالسيادة الكطنية‬
‫كالنظاـ العاـ‪.‬‬

‫‪‌1‬محمود‌نجٌب‌حسنً‪‌،‬شرح‌قانون‌اإلجراءات‌الجنائٌة‪‌،‬دار‌النهضة‌العربٌة‪‌،‬القاهرة‪‌،1982‌،‬ص‌‪581‬‬
‫‪‌2‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .228‬‬
‫‪208‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ب‪‌-‬بتمديد التفتيش‪ :‬يحسب لممشرع الجزائرم أنو تفطف لمشكمة ترابط األنظمة‬
‫المعمكماتية ببعضيا البعض كالتي تؤثر في سرعة كنجاعة التفتيش في ظؿ أحكاـ‬
‫االختصاص اإلقميمي‪ ،‬حيث أجاز القانكف ‪ 04/09‬بمكجب المادة ‪05‬منو ما يسمى‬
‫بتمديد التفتيش مف منظكمة معمكماتية إلى أخرل إذ تنص ىذه المادة في فقرتيا الثانية‬
‫"في الحالة المنصكص عمييا في الفقرة أ مف ىذه المادة‪ ،‬إذا كانت ىناؾ أسباب تدعك‬
‫إلى االعتقاد بأف المعطيات المبحكث عنيا مخزنة في منظكمة معمكماتية أخرل كأف ىذه‬
‫المعطيات يمكف الدخكؿ إلييا انطبلقا مف المنظكمة األكلى‪ ،‬يجكز تمديد التفتيش بسرعة‬
‫إلى ىذه المنظكمة أك جزء منيا بعد إعبلـ السمطة المختصة مسبقا بذلؾ"‪.1‬‬

‫غير أف المشكؿ يبقى مطركحا إذا كانت المنظكمة المعمكماتية المراد تمديد التفتيش‬
‫إلييا خارج اإلقميـ الكطني‪ ،‬فبل يمكف تمديد التفتيش إال بتقديـ طمب المساعدة القضائية‬
‫الدكلية لمدكلة التي تقع بيا المنظكمة المعمكماتية‪ ،‬كقد تستجيب الدكؿ لمطمب كما قد‬
‫ترفضو حسب اإلتفاقيات الدكلية المبرمة في مجاؿ مكافحة ىذا النكع مف الجرائـ‪ ،‬ككفقا‬
‫لمبدأ المعاممة بالمثؿ‪.2‬‬

‫‪ .3‬التكقيؼ لمنظر‪ :‬كىك إجراء خطير كغير عادم مف إجراءات التحرم كاإلستدالؿ‬
‫ألنو يمس مباشرة بحرية الفرد المكفكلة مف طرؼ كؿ التشريعات الداخمية كاإلتفاقيات‬
‫الدكلية‪ ،‬لذلؾ فقد أجازه المشرع الجزائرم في حالتيف اثنتيف عمى سبيؿ الحصر كمنح‬
‫المكقكؼ لمنظر حقكقا يجب احتراميا أثناء مدة تكقيفو‪.‬‬

‫الحالة األكلى تككف في الجرائـ المتمبس بيا طبقا لنص المادة ‪ 51‬مف قانكف‬
‫اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫‪‌1‬خالد‌ممدوح‌ابراهٌم‪‌،‬الجرائم‌المعلوماتٌة‪‌،‬ط‪‌،1‬دار‌الفكر‌الجامعً‪‌،‬اإلسكندرٌة‪‌،2009‌،‬ص‌‪‌ .203‬‬
‫‪ ‌ 2‬تناولته المادة ‪ 16‬من القانون ‪ 04/09‬سالؾ الذكر والمادة ‪ 29‬من القانون ‪ 01/05‬الصادر فً‪‌ 06/02/2005‬‬
‫والمتعلق بتبٌٌض األموال وتموٌل اإلرهاب ومكافحته‪‌ .‬‬
‫‪209‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أما الحالة الثانية التي يجكز فييا تكقيؼ المشتبو فيو لمنظر فتككف إذا دعت لذلؾ‬
‫مقتضيات التحقيؽ اإلبتدائي طبقا لممادة ‪ 65‬مف نفس القانكف‪.‬‬

‫أ‪‌ -‬شركط التكقيؼ لمنظر‪ :‬يشترط في التكقيؼ لمنظر‬


‫‪ -‬أف يقكـ بو ضابط الشرطة القضائية تحت اشراؼ ككيؿ الجميكرية‪.‬‬
‫‪ -‬إخطار ككيؿ الجميكرية فك ار بالتكقيؼ لمنظر كأسبابو‪.‬‬
‫‪ -‬تحرير محضر سماع لممكقكؼ يتضمف مدة استجكابو كفترات الراحة التي تخممت‬
‫ذلؾ اليكـ كالساعة المذيف أطمؽ سراحو فييما أك تـ فييما تقديمو لممحاكمة كيجب أف‬
‫يتضمف المحضر إمضاء المكقكؼ لمنظر أك اإلشارة إلى امتناعو عف اإلمضاء‪.‬‬
‫‪ -‬يجب اف ال تتجاكز مدة التكقيؼ لمنظر مدة ‪ 48‬ساعة‪ ،‬كيمكف تمديدىا بإذف مف‬
‫ككيؿ الجميكرية حتى ‪ 05‬مرات حسب نكع الجريمة‪ ،‬أما في الجريمة الماسة بالمعالجة‬
‫اآللية لممعمكمات فيتـ تمديد مدة التكقيؼ لمنظر مرة كاحدة حسب نص المادة ‪ 51‬مف‬
‫قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬
‫ب‪‌-‬حقكؽ المكقكؼ لمنظر لممكقكؼ لمنظر الحؽ في السبلمة الجسدية‪ ،‬ىذا الحؽ‬
‫الذم نص عميو اإلعبلف العالمي لحقكؽ اإلنساف‪ ،‬فبل يجكز لضابط الشرطة القضائية‬
‫تعذيب المكقكؼ لمنظر أك المساس بسبلمتو الجسدية‪ ،‬كىذا ما كرسو المشرع الجزائرم مف‬
‫خبلؿ إلزاـ ضباط الشرطة القضائية بعرض المكقكؼ عمى طبيب لفحصو كضـ شيادة‬
‫الفحص الطبي لممؼ اإلجراءات بمكجب المادة ‪ 51‬مف نفس القانكف‪.‬‬

‫كما يحؽ لممكقكؼ لمنظر اإلتصاؿ بعائمتو كتمقي زيارتيـ طبقا لممادة ‪ 51‬مكرر‪. 01‬‬

‫ثانيا‪ :‬طرؽ التحرم كاإلستدالؿ الحديثة‬


‫نتناكؿ في ىذا الفرع الطرؽ الجديدة التي استحدثيا المشرع بمكجب آخر‬
‫التعديبلت لمكافحة الجرائـ كخاصة المعمكماتية منيا‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪ .1‬مراقبة االتصاالت اإللكتركنية كتجميعيا‪ :‬عرؼ المشرع الجزائرم االتصاالت‬


‫اإللكتركنية بمكجب المادة ‪ 02‬مف القانكف ‪ 04/09‬سالؼ الذكر بأنيا أم تراسؿ أك إرساؿ‬
‫أك استقباؿ عبلمات أك إشارات أك كتابات أك صكر أك أصكات أك معمكمات مختمفة‬
‫بكاسطة أم كسيمة إلكتركنية‪.‬‬

‫مف خبلؿ ىذا التعريؼ يتضح بأف االتصاالت اإللكتركنية ىي نكع مف أنكاع‬
‫المراسبلت شأنيا شأف المراسبلت العادية‪ ،‬كىي مف تعتبر مف خصكصيات األفراد‪ ،‬كىي‬
‫حؽ تكفمو كتنص عمى حمايتو كؿ القكانيف الداخمية ككذا المكاثيؽ كالمعاىدات‬
‫الدكلية‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 12‬مف اإلعبلف العالمي لحقكؽ اإلنساف الصادر عف الجمعية‬
‫العامة لؤلمـ المتحدة بتاريخ ‪ 20/12/1948‬عمى أنو ال يجكز أف يتعرض أم شخص‬
‫لتدخؿ تعسفي في حياتو الخاصة أك مراسبلتو كلكؿ شخص الحؽ في الحماية القانكنية‬
‫ضد ىذا التدخؿ‪.1‬‬

‫أما المشرع الجزائرم فقد نص عمى ضماف سرية المراسبلت كاإلتصاالت بكؿ‬
‫أنكاعيا في المادة ‪ 39‬مف دستكر ‪ 1996‬كالمادة ‪ 105‬مف القانكف‪ 2000/03‬الذم‬
‫يحدد القكاعد العامة المتعمقة بالبريد كالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية إذ تنص ىذه المادة‬
‫"ال يمكف بأم حاؿ مف األحكاؿ انتياؾ سرية المراسبلت"‪.‬‬

‫أكثر مف ذلؾ فقد رتب المشرع عقكبات في حالة المساس بيذا الحؽ حيث تنص‬
‫المادة ‪ 127‬مف القانكف سالؼ الذكر عمى تطبيؽ العقكبات المنصكص عمييا في المادة‬
‫‪ 137‬مف قانكف العقكبات عمى كؿ شخص مرخص لو بتقديـ خدمة البريد السريع الدكلي‬
‫أك كؿ عكف لديو كالذم في إطار ممارستو لميامو يفتح أك يحكؿ أك يخرب البريد أك‬
‫ينتيؾ سرية المراسبلت أك يساعد في ارتكاب ىذه األفعاؿ "‪.‬مع العمـ أف العقكبة‬
‫‪1‬‬
‫‪La‬‬ ‫‪Cybersurveillance :‬‬ ‫‪« est‬‬ ‫‪la‬‬ ‫‪surveillance‬‬ ‫‪des‬‬ ‫‪réseaux‬‬ ‫‪de‬‬
‫‪telecommunication… », Voir Maximilien dosté Amégée,‌op-cit, p 50.‬‬
‫‪211‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المنصكص عمييا في المادة ‪ 137‬مف قانكف العقكبات ىي الحبس مف شيريف إلى سنة‬
‫كغرامة مالية مف ‪ 50‬ألؼ دج إلى ‪ 100‬ألؼ دج باإلضافة لممنع مف ممارسة أم نشاط‬
‫أك مينة في قطاع البريد كالمكاصبلت مدة ‪ 05‬سنكات‪.‬‬

‫مف خبلؿ ما سبؽ كبالنظر لمحماية القانكنية الكطنية كالدكلية الممنكحة لسرية‬
‫المراسبلت كاإلتصاالت فإف عممية مراقبتيا كتجميعيا ال تككف عشكائية بؿ يجب أف تتـ‬
‫في إطار قانكني كفقا لمبدأ المشركعية‪.1‬‬

‫قد نظـ المشرع الجزائرم عممية مراقبة كتجميع كتسجيؿ االتصاالت اإللكتركنية‬
‫بمكجب القانكف رقـ ‪ 04/09‬المؤرخ في ‪ 05/08/2009‬كالمتعمؽ بالقكاعد الخاصة‬
‫لمكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنمكجيا اإلعبلـ كاإلتصاؿ كمكافحتيا بنص المادة الثالثة‬
‫)‪ (03‬منو‪ ،‬حيث أجاز كضع ترتيبات تقنية لمقياـ بيذه اإلجراءات في ‪ 04‬حاالت‬
‫إستثنائية حددىا المشرع عمى سبيؿ الحصر‪ ،2‬كىي‪:‬‬

‫‪ -‬لمكقاية مف جرائـ اإلرىاب أك التخريب أك الجرائـ المسة بأمف الدكلة‪.‬‬

‫‪ -‬في حالة تكفر معمكمات عف احتماؿ اعتداء عمى منظكمة معمكماتية فيو تيديد عمى‬
‫النظاـ العاـ أك الدفاع الكطني أك مؤسسات الدكلة أك االقتصاد الكطني‪.‬‬

‫‪ -‬لمقتضيات التحريات كالتحقيقات القضائية‪.‬‬

‫‪ -‬في إطار اإلستجابة لطمبات المساعدة القضائية الدكلية المتبادلة‪.‬‬

‫كيشترط في القياـ بيذه اإلجراءات الحصكؿ عمى إذف قضائي مكتكب صادر عف‬
‫السمطة المختصة يتـ فيو ذكر كتحديد االتصاالت محؿ المراقبة‪ ،‬طبيعة الجريمة التي برر‬

‫‪1‬‬
‫‌ حسام‌الدٌن‌محمد‪‌،‬الحماٌة‌الجنائٌة‌لتكنولوجٌا‌اإلتصاالت‪‌،‬دراسة‌مقارنة‪‌،‬دار‌النهضة‌العربٌة‪‌،2002،‬ص‪‌ .35‬‬
‫‪‌2‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬جرائم‌اإلعتداء‌على‌نظم‌المعالجة‌اآللٌة‌فً‌التشرٌع‌الجزائري‌المقارن‪‌،‬منشورات‌الحلبً‌الحقوقٌة‪‌،‬‬
‫‪‌،2012‬ص‌‪‌ .375‬‬
‫‪212‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ىذه اإلجراءات‪ ،‬كما يجب احتراـ المدة المحددة قانكنا في اإلذف بأربعة أشير قابمة‬
‫لمتجديد‪.1‬‬

‫يجب عمى السمطة المكمفة بالقياـ بمراقبة كتجميع كتسجيؿ االتصاالت اإللكتركنية‬
‫القياـ بيا في سرية تامة كدكف المساس بالسر الميني المنصكص عميو في المادة‪ 45‬مف‬
‫قانكف اإلجراءات الجزائية ‪.‬كما يمتزـ الشخص المكمؼ بالعممية بتحرير محضر‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أف المشرع الجزائرم قد خكؿ لمقائميف بعمميات المراقبة‬


‫اإللكتركنية تسخير ذكم اإلختصاص لمقياـ بيذه العمميات‪.‬‬

‫‪ .2‬إعتراض المراسالت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر‪ :‬كىي مف بيف‬


‫اإلجراءات الجديدة التي استحدثيا المشرع الجزائرم في قانكف اإلجراءات الجزائية لمكافحة‬
‫الجريمة كقد تـ النص عمييا ألكؿ مرة في القانكف رقـ ‪ 06-22‬المؤرخ في ‪20‬ديسمبر‬
‫‪2006‬المعدؿ كالمتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية كخصص لو المشرع الفصؿ الخامس‬
‫تحت عنكاف في اعتراض المراسبلت كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كتناكلو في‪06‬‬
‫مكاد مف المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 05‬إلى المادة ‪ 65‬مكرر ‪.210‬‬

‫حيث أجاز المشرع الجزائرم المختص أف يمنح اإلذف باعتراض المراسبلت التي‬
‫تتـ عف طريؽ كسائؿ اإلتصاؿ السمكية كالبلسمكية‪ ،‬ككذا كضع الترتيبات التقنية مف أجؿ‬
‫التقاط كتسجيؿ كبث الكبلـ المتفكه بو بصفة خاصة أك سرية مف طرؼ شخص أك عدة‬
‫أشخاص في األماكف الخاصة أك العمكمية‪ ،‬أك التقاط صكر لشخص أك عدة أشخاص في‬
‫األماكف الخاصة أك العمكمية‪ ،‬كىذا إذا تعمؽ األمر بجريمة متمبس بيا مف جرائـ‬
‫المخدرات أك الجريمة المنظمة العابرة لمحدكد الكطنية أك الجرائـ الماسة بأنظمة المعالجة‬

‫‪‌1‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .74‬‬
‫‪‌2‬أحسن‌بوسقٌعة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.89‬‬
‫‪213‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫اآللية لممعطيات أك جرائـ تبييض األمكاؿ أك اإلرىاب أك الجرائـ المتعمقة بالتشريع الخاص‬
‫بالصرؼ كىذا بمكجب المادة ‪ 65‬مكرر‪.15‬‬

‫مف خبلؿ ىذه المادة يتضح أف المشرع حاكؿ مكاكبة التطكرات الحاصمة في مجاؿ‬
‫المعمكماتية كالجرائـ المرتكبة في ىذا المجاؿ كالطرؽ المتطكرة في أساليب ارتكاب الجريمة‬
‫كالتيرب مف المسؤكلية الجزائية كىذا ما أدل بو لمسماح لممكمفيف بالتحقيؽ باتخاذ إجراءات‬
‫تمس بالحقكؽ كالحريات التي تكفميا جؿ التشريعات الداخمية كالدكلية‪ ،‬حيث أجاز مراقبة‬
‫كاعتراض كؿ أنكاع المراسبلت بما فييا اإللكتركنية كما أجاز التنصت كالتقاط المكالمات‬
‫الياتفية كنسخ الرسائؿ القصيرة ككذا التقاط الصكر كمف ثمة مكاجية المجرـ اإللكتركني‬
‫بيا كاستخداميا كدليؿ في مكاجيتو كادانتو عؿ أساسيا‪.‬‬

‫لقد خكؿ المشرع الجزائرم لضباط الشرطة القضائية صبلحيات كاسعة في ىذا‬
‫المجاؿ إذ أجاز ليـ الدخكؿ إلى األماكف العامة كالخاصة دكف الحاجة إلى إذف أك مكافقة‬
‫مف أصحابيا بؿ كدكف عمميـ لكضع الترتيبات التقنية المنصكص عمييا المادة ‪65‬‬
‫مكرر ‪5‬سالفة الذكر بمكجب نفس المادة ‪.‬‬

‫كما أف المشرع لـ يقيد عممية كضع الترتيبات التقنية بكقت زمني محدد بؿ أجازه‬
‫في أم ساعة أك كقت طبقا لنص المادة ‪ 47‬مف نفس القانكف‪.‬‬

‫نظ ار ألف ىذه اإلجراءات تحتاج إلى تأىيؿ عممي ككفاءة كخبرة عاليتيف في مجاؿ‬
‫المعمكماتية فقد أجاز المشرع لمسمطة المكمفة بالتحرم كالتحقيؽ اإلستعانة بأعكاف مؤىميف‬
‫لدل مؤسسات عمكمية أك خاصة ىذ المجاؿ كتسخيرىـ مف أجؿ التكفؿ بالجكانب التقنية‬
‫ليذه العمميات‪.2‬‬

‫‪‌1‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .376‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .442‬‬
‫‪214‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫رغـ أف المشرع الجزائرم أجاز كضع ترتيبات تقنية مف أجؿ اعتراض المراسبلت‬
‫كتسجيؿ األصكات كالتقاط الصكر كخكؿ لمقائميف بيا سمطات كاسعة بالرغـ مف أنيا‬
‫تنصب عمى حقكؽ كحريات األفراد التي يكفميا ىك نفسو كيصر عمى حمايتيا‪ ،‬اال أنو‬
‫أخضعيا لشركط مف أجؿ مشركعيتيا كىي‪:‬‬

‫أ‪‌ -‬أف تككف الجريمة محؿ كضع ىذه الترتيبات التقنية مكصكفة عؿ أنيا جناية أك‬
‫جنحة كأف تككف في حالة تمبس‪.‬‬

‫ب‪‌-‬أف تقتضي ضركرات التحرم كالتحقيؽ المجكء إلى ىذه اإلجراءات‪ ،‬مع أف‬
‫تحديد ىذه الضركرة يبقى مبيما إذ لـ ينص المشرع عمى حدكد ضركرة التحرم أك‬
‫التحقيؽ‪.‬‬

‫ج‪‌ -‬أف تككف الجريمة محؿ ىذه الترتيبات مف الجرائـ السبعة المنصكص عمييا في‬
‫المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية كمف بينيا الجريمة المعمكماتية‪.‬‬

‫د‪‌-‬يجب أف تككف بإذف مكتكب صادر عف السمطة القضائية المختصة يتضمف‬


‫تحديد االتصاالت المطمكب اعتراضيا كتسجيميا أك األماكف المقصكدة بالتصكير سكاء‬
‫كانت سكنية أك غير سكنية‪ ،‬كما يجب أف يتـ ذكر الجريمة التي تبرر المجكء إلى ىذه‬
‫اإلجراءات كمدتيا طبقا لممادة ‪ 65‬مكرر ‪7‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‪.‬‬

‫ق‪‌-‬كما نصت الفقرة الثانية مف نفس المادة عمى أف اإلذف بعممية كضع الترتيبات‬
‫التقنية يككف لمدة أقصاىا أربعة أشير قابمة لمتجديد حسب ما تمميو ضركرة التحرم‬
‫كالتحقيؽ ضمف نفس الشركط‪.‬‬

‫ك‪‌-‬يجب أف تتـ ىذه الترتيبات تحت إشراؼ السمطة التي منحت اإلذف بكضعيا‬
‫سكاء ككيؿ الجميكرية أك قاضي التحقيؽ‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ز‪‌-‬يجب عمى ضابط الشرطة القضائية المكمؼ بيذه الميمة أف يحرر محض ار عف‬
‫كؿ عممية اعتراض أك تنصت أك تصكير أك أم ترتيبات في ىذا الشأف يتضمف تاريخ‬
‫كساعة بداية كنيايتيا طبقا لممادة ‪ 65‬مكرر ‪9‬مف نفس القانكف‪ ،‬كما ألزمت المادة ‪65‬‬
‫مكرر ‪ 10‬أيضا بكصؼ كنسخ المراسبلت أك األصكات أك الصكر المسجمة في محضر‬
‫يكدع بالممؼ‪.‬‬

‫‪ .3‬التسرب‪ :‬كيسمى أيضا االختراؽ‪ ،‬كتـ استحداث ىذا اإلجراء الجديد بمكجب‬
‫القانكف ‪ ،22/06‬المعدؿ كالمتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية كقد عرفتو المادة ‪ 65‬مكرر‬
‫‪12‬منو بقكليا" يقصد بالتسرب قياـ ضابط أك عكف الشرطة القضائية تحت مسؤكلية‬
‫ضابط الشرطة القضائية المكمؼ بتنسيؽ العممية‪ ،‬بمراقبة األشخاص المشتبو في ارتكابيـ‬
‫جناية أك جنحة بإيياميـ أنو فاعؿ معيـ أك شريؾ ليـ أك خاؼ‪".‬‬

‫أم أنو عممية دس عكف أك ضابط الشرطة القضائية كسط شبكة إجرامية أك‬
‫أشخاص متيميف بارتكاب جريمة مف أجؿ جمع أكبر قدر ممكف مف األدلة كالمعطيات‬
‫حكؿ الجريمة مكضكع التحرم كالتحقيؽ‪ ،‬ككذا إفادة المصالح األمنية بحجـ اإلمكانات‬
‫المادية كالبشرية ككسائؿ اإلتصاؿ كالتنقؿ المستعممة في ارتكاب الجرائـ‪ ،‬كأساليب‬
‫ارتكابيا‪.1‬‬

‫مف خبلؿ ىذا التعريؼ يتضح بأف عممية التسرب تتطمب مف العكف أك الضابط‬
‫المتسرب المشاركة المباشرة في نشاط الخمية اإلجرامية التي اخترقيا‪ ،‬كمف ىنا تبرز‬
‫صعكبة كخطكرة ىذه العممية‪ ،‬لذلؾ أجاز المشرع الجزائرم لممتسرب القياـ ببعض األعماؿ‬
‫التي ىي في األصؿ أفعاؿ مجرمة كيعاقب عنيا القانكف غير أف المشرع أباح لو القياـ‬
‫بيا استثناء مف أجؿ تسييؿ اختراؽ العكف المكمؼ بالتسرب لمشبكة اإلجرامية كضماف‬

‫‪‌ 1‬الدوادي‌مجراب‪‌،‬أسالٌب‌البحث‌والتحري‌الخاصة‌على‌ضوء‌القانون‌‪‌،22/06‬مذكرة‌ماجٌستٌر‪‌،‬جامعة‌الجزائر‌‬
‫‪‌،2011‌،01‬ص‌‪‌ .74‬‬
‫‪216‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫النتائج المرجكة مف ىذا اإلجراء كمف ثمة كشؼ المجرميف كتقديميـ لممحاكمة‪ ،‬كقد نصت‬
‫المادة ‪ 65‬مكرر ‪14‬مف ؽ إج ج عمى ىذه األفعاؿ التي يمكف لممتسرب القياـ بيا كىي‪:‬‬

‫أ‪ -‬اقتناء أك حيازة أك نقؿ أك تسميـ أك إعطاء مكاد أك أمكاؿ أك منتكجات أك كثائؽ‬
‫أك معمكمات متحصؿ عمييا مف ارتكاب الجرائـ أك مستعممة في ارتكابيا‪.‬‬

‫ب‪ -‬استعماؿ أك كضع تحت تصرؼ مرتكبي ىذه الجرائـ الكسائؿ ذات الطابع‬
‫القانكني أك المالي ككذا كسائؿ النقؿ أك التخزيف أك اإليكاء أك الحفظ أك اإلتصاؿ‪.‬‬

‫ج‪ -‬كما أجاز المشرع لمشخص المتسرب استعماؿ ىكية مزكرة لغرض التسرب‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 65‬مكرر مف ؽ إ‪.‬ج‪.‬ج‪.‬‬

‫د‪ -‬كنظ ار لخطكرة عممية التسرب عمى حياة كسبلمة الشخص المتسرب كعائمتو‬
‫خاصة في حالة كشفو مف طرؼ المستيدفيف مف العممية فقد حاكؿ المشرع ضماف الحماية‬
‫البلزمة لممتسرب مف خبلؿ معاقبة كؿ مف يتسبب في كشؼ ىكيتو بمكجب المادة ‪65‬‬
‫مكرر‪ ،16‬إذ تنص عمى عقكبة الحبس مكف سنتيف إلى خمس ‪ 05‬سنكات كغرامة مالية‬
‫مف ‪ 50‬ألؼ دج إلى ‪ 200‬ألؼ دج‪ ،‬أما إذا تسبب كشؼ ىكية الشخص المتسرب في‬
‫أعماؿ عنؼ أك ضرب كجرح عمى أحد ىؤالء األشخاص فتضاعؼ العقكبة إلى الحبس‬
‫مف ‪ 05‬سنكات إلى ‪ 10‬سنكات كالغرامة المالية مف ‪ 200‬ألؼ دج إلى ‪ 500‬ألؼ دج‪.‬‬

‫ق‪ -‬كما أجازت المادة ‪ 65‬مكرر ‪17‬مف ؽ إج ج ج ‪.‬لمعكف أك الضابط المتسرب‬


‫مكاصمة األفعاؿ سابقة الذكر كالمنصكص عمييا في المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 14‬لمدة تكفي‬
‫لضماف أمنو عمى أف يخطر السمط التي أصدرت الرخصة عمى أف يتجاكز ذلؾ مدة أربعة‬
‫أشير‪ ،‬فإذا انقضت المدة كلـ تكؼ لضماف أمف المتسرب يجكز تمديدىا ألربعة أشير‬
‫أخرل عمى األكثر‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ك‪ -‬كيخضع القياـ بعممية التسرب لمشركط التالية‪:‬‬

‫ز‪ -‬أف تككف الجريمة محؿ عممية التسرب مكصكفة عمى أنيا جناية أك جنحة‪.‬‬

‫ح‪ -‬أف تقتضي ضركرات التحرم كالتحقيؽ المجكء إلى ىذه اإلجراءات‪.‬‬

‫ط‪ -‬أف تككف الجريمة محؿ التسرب مف الجرائـ السبعة المنصكص عمييا في‬
‫المادة ‪ 65‬مكرر ‪ 5‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية كمف بينيا الجرائـ الماسة بأنظمة‬
‫المعالجة اآللية لممعطيات‪.‬‬

‫م‪ -‬أف يككف بمكجب إذف مكتكب كمسبب تحت طائمة البطبلف صادر عف ككيؿ‬
‫الجميكرية أك قاضي التحقيؽ بعد إخطار ككيؿ الجميكرية يتضمف الجريمة التي تبرر‬
‫المجكء إلى ىذ اإلجراء كىكية ضابط الشرطة القضائية الذم تتـ عممية التسرب تحت‬
‫مسؤكليتو‪.‬‬

‫كما يجب أف يذكر في اإلذف مدة التسرب‪ ،‬كىذه المدة يجب أال تتجاكز أربعة‬
‫أشير قابمة لمتجديد ضمف نفس الشركط‪ ،‬غير أنو يجكز لمقاضي الذم أصدر اإلذف‬
‫بالتسرب أف يأمر بكقؼ العممية في أم كقت طبقا لممادة ‪ 65‬مكرر‪ 15‬مف ؽ‪.‬إج‪.‬ج‪.‬ج‪.‬‬

‫يجب أف يكدع اإلذف في ممؼ اإلجراءات بعد االنتياء مف عممية التسرب طبقا‬
‫لنفس المادة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫التحقيؽ‬
‫ىك مرحمة الحقة لمرحمة التحرم كاإلستدالؿ التي يقكـ بيا رجاؿ الضبطية‬
‫القضائية‪ ،‬كسابقة عف مرحمة المحاكمة كتختمؼ ىذه المرحمة عف سابقتيا فيي أشد‬

‫‪218‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫خطكرة عف األخرل نظ ار لمسمطات التي خكليا القانكف لقاضي التحقيؽ بمناسبة القياـ‬
‫بعممو كاإلجراءات التي تميز التحقيؽ‪.1‬‬

‫لقد كرس المشرع الجزائرم في التحقيؽ مبدأ التقاضي عمى درجتيف األكلى عمى‬
‫مستكل المحكمة ممثمة في قاضي التحقيؽ‪ ،‬كالدرجة الثانية في غرفة اإلتياـ عمى مستكل‬
‫المجمس القضائي‪.‬‬

‫تعد إجراءات التفتيش كالحجز كمراقبة االتصاالت اإللكتركنية كسماعيا كاإلطبلع‬


‫عمى الرسائؿ أىـ أعماؿ التحقيؽ في الجريمة المعمكماتية‪ ،‬كتجدر اإلشارة إلى أنو قد تـ‬
‫دراسة كؿ مف التفتيش كمراقبة اإلتصاالت اإللكتركنية كسماعيا في الفرع السابؽ ضمف‬
‫مرحمة التحرم كاإلستدالؿ‪ ،‬فتفاديا لمتكرار سنتناكؿ ىذا المطمب باختصار‪.‬‬

‫أكال‪ :‬التفتيش‬
‫ىك عمؿ مف أعماؿ التحقيؽ إذ ال يككف في مرحمة التحرم إال استثناء في الجريمة‬
‫المتمبس بيا‪ ،‬كييدؼ التفتيش أساسا إلى الحصكؿ عمى أدلة مادية لمجريمة ‪.‬‬

‫لقد سبؽ تناكؿ التفتيش ضمف مرحمة التحرم كاإلستدالؿ‪ ،‬لذلؾ كتفاديا لمتكرار‬
‫سنحاكؿ ىنا دراسة مدل قابمية مككنات المنظكمة المعمكماتية المادية كاإلفتراضية‬
‫لمتفتيش‪.‬‬

‫‪ .1‬مدل قابمية المنظكمة المعمكماتية لمتفتيش‪ :‬تككف الحاسب اآللي مف مككنات‬


‫مادية‪ ،‬كمككنات منطقية‪ ،‬كما أف لو شبكات اتصاالت بعدية سمكية كالسمكية سكاء عمى‬
‫المستكل المحمي أك عمى المستكل الدكلي‪.2‬‬

‫‪‌1‬علً‌حسن‌الطوالبة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪13‬‬
‫‪ ‌2‬عبد‌هللا‌حسٌن‌علً‌محمود‪‌،‬سرقة‌المعلومات‌المخزنة‌فً‌الحاسب‌اآللً‪‌،‬دار‌النهضة‪‌،‬القاهرة‪‌،2002‌،‬ص‌‪‌ .69‬‬
‫‪219‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أ‪‌ -‬تفتيش المككنات المادية لحاسب اآللي‪ :‬إذا كاف محؿ التفتيش المككنات‬
‫المادية لممنظكمة المعمكماتية فإنو يمكف القياـ بو بدكف أية صعكبة تذكر‪ ،‬كيتـ تطبيؽ‬
‫األحكاـ العامة لمتفتيش المنصكص عنيا في ؽ إج ج‪.‬‬

‫يككف التفتيش في ىذه الحالة حسب المكاف الذم تتكاجد فيو األشاء المراد‬
‫تفتيشيا‪ ،‬فإذا كانت أماكف خاصة مثؿ المساكف كلكاحقيا فإف التفتيش ىنا يخضع لؤلحكاـ‬
‫التي تطبؽ عمى تفتيش المساكف‪ ،‬كالتي تـ النص عمييا في المادة ‪ 64‬مف ؽ إج ج حيث‬
‫ال يجكز تفتيش ىذه المككنات المادية لمحاسب اآللي إال في الحاالت التي يجكز فييا‬
‫تفتيش المساكف كبنفس الضمانات غير أف المادة ‪ 47‬مف نفس القانكف كالتي جاء بيا‬
‫القانكف رقـ ‪ 06/22‬المعدؿ كالمتمـ لقانكف اإلجراءات الجزائية استثنت خضكع التفتيش‬
‫لمضمانات المنصكص عمييا في المادة ‪ 64‬سالفة الذكر‪ ،‬إذ خكلت لجية التحقيؽ أك مف‬
‫أنابتيـ القياـ بالتفتيش في أم ساعة مف ساعات الميؿ أك النيار كفي المحبلت السكنية‬
‫كغير السكنية بإذف مف ككيؿ الجميكرية المختص في بعض الجرائـ كمف بينيا الجريمة‬
‫المعمكماتية‪.1‬‬

‫أما إذا كاف محؿ التفتيش يتكاجد في أماكف عامة فإف تفتيشيا يخضع لنفس أحكاـ‬
‫تفتيش األشخاص‪ ،2‬كعميو يمكف القكؿ بصبلحية المككنات المادية لمتفتيش‪.‬‬

‫ب‪‌-‬تفتيش المككنات المعنكية لمحاسب اآللي لحاسب اآللي‪ :‬ىناؾ اختبلؼ في‬
‫جكاز تفتيش المككنات المعنكية لمتفتيش فيناؾ رأم يرل بجكاز تفتيشيا عمى غرار المشرع‬
‫الكندم حيف أجاز ضبط أم شيء بمعنى حتى لك كاف غير مادم‪ ،‬لكف يشترط تكفر‬

‫‪‌1‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .237‬‬
‫‪‌2‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 396‬‬
‫‪220‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الضكابط الشكمية كالمكضكعية التي سبؽ ذكرىا في المطمب السابؽ‪ ،‬كىناؾ رأم يرل بعدـ‬
‫جكاز تفتيش إال ما ىك مادم عمى اعتبار أف التفتيش ييدؼ لمحصكؿ عمى أدلة مادية‪.1‬‬

‫أما المشرع الجزائرم فقد أجاز ىذا النكع مف التفتيش كنظمو في القانكف رقـ‬
‫‪ 04/09‬المتعمؽ بالقكاعد الخاصة بالكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنمكجيا اإلعبلـ‬
‫كاإلتصاؿ ال سيما المادة الخامسة ‪ 05‬منو‪.‬‬

‫‪ .2‬تفتيش شبكات المنظكمة المعمكماتية‪:2‬‬

‫يككف التفتيش ىنا في أماكف مجيكلة كبعيدة عف المكقع الفعمي لمتفتيش‪ ،‬كنميز ىنا‬
‫بيف حالتيف‪:‬‬

‫إذا كاف حاسب المتيـ متصؿ بنياية طرفية داخؿ اإلقميـ الكطني‪ :‬فإذا كاف حاسب‬
‫المتيـ يتصؿ بحاسب أك نياية طرفية داخؿ اإلقميـ الداخمي فإف التفتيش ال يطرح أم‬
‫إشكاؿ إذ أجاز المشرع الجزائرم تمديد التفتيش بمكجب المادة ‪ 05‬مف القانكف ‪04/09‬‬
‫سالؼ الذكر التي تنص ‪"...‬في الحالة النصكص عمييا في الفقرة أ مف ىذه المادة‪ ،‬إذا‬
‫كانت ىناؾ أسباب تدعكا إلى اإلعتقاد بأف المعطيات المبحكث عنيا مخزنة في منظكمة‬
‫معمكماتية أخرل‪ ،‬كأف ىذه المعطيات يمكف الدخكؿ إلييا انطبلقا مف المنظكمة‬
‫األكلى‪ ،‬يجكز تمديد التفتيش بسرعة إلى ىذه المنظكمة أك جزء منيا بعد إعبلـ السمطة‬
‫القضائية المختصة مسبقا بذلؾ"‪.‬‬

‫غير أنو يطرح اإلشكاؿ في حالة اتصاؿ جياز المتيـ بجياز أك نياية طرفية‬
‫خارج الدكلة‪ ،‬حيث أف التفتيش ىنا تعترضو عدة صعكبات‪ ،‬ألف تمديد التفتيش ىنا يعتبر‬
‫مساس بسيادة الدكؿ‪ ،‬لذلؾ أجاز المشرع الجزائرم تمديد التفتيش خارج اإلقميـ الكطني‬

‫‪‌1‬على‌حسن‌الطوالبة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .31‬‬
‫‪‌2‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪239‬‬
‫‪221‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫لكف بمساعدة السمطات األجنبية المختصة كطبقا لممعاىدات الدكلية المبرمة في ىذا‬
‫الشأف‪ ،‬كىذا ما يجعؿ التفتيش ىنا يخضع لمبدأ المعاممة بالمثؿ‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬الخبرة التقنية‬


‫إف الجريمة المعمكماتية ترتكب في بيئة عممية كتكنمكجية بحتة لذلؾ فإف التحقيؽ‬
‫فييا يتطمب كفاءات كمؤىبلت عممية كتقنية عالية في مجاؿ الرقمية‪ ،‬مما يضع جيات‬
‫التحقيؽ في حالة عجز نظ ار لتككينيـ القانكني البحت مف جية كنقص خبرتيـ ككفاءتيـ‬
‫في ىذا المجاؿ مف جية أخرل‪ ،‬كىذا ما يحتـ عمى المسؤكليف عف التحقيؽ المجكء إلى‬
‫انتداب خبراء في ىذا الميداف التكنكلكجي‪.2‬‬

‫الخبرة ىي إجراء يستيدؼ استخداـ القدرات العممية ك‪/‬أك الفنية لشخص كالتي ال‬
‫تتكفر لدل رجاؿ القضاء أك المحقؽ‪ ،‬مف أجؿ الكشؼ عف دليؿ أك قرينة تفيد معرفة‬
‫الحقيقة بشأف كقكع الجريمة أك نسبتيا لممتيـ‪.3‬‬

‫يتـ اختيار الخبير مف طرؼ القاضي‪ ،‬كلو كامؿ السمطة كالحرية في الخبير الذم‬
‫يختاره طبقا لممادة ‪ 147‬مف ؽ إ‪.‬ج‪.‬ج لكف يشترط أف يككف مف بيف الخبراء المعتمديف‬
‫في الجدكؿ الذم يتـ اعداده مف طرؼ المجالس القضائية بعد استشارة النيابة العامة طبقا‬
‫لنص المادة ‪ 144‬مف نفس القانكف‪ ،‬كيمتزـ الخبير بعدة كاجبات أىميا‪:‬‬

‫‪ .1‬أداء اليميف‪ :‬كحمؼ اليميف مف أىـ الضمانات النفسية‪-‬إف صح القكؿ‪-‬لممتيـ‬


‫فيك يحمؿ الخبير عمى الحرص عمى أداء خبرتو بكؿ صدؽ كأمانة‪ ،‬كما أنو يمنح‬
‫الخصكـ نكعا مف الثقة كالطمأنينة في نتائج الخبرة‪.‬‬

‫‪‌1‬نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .240‬‬
‫‪‌2‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌.240‬‬
‫‪‌3‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.424‬‬
‫‪222‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كقد ألزـ المشرع الجزائرم الخبير بحمؼ اليميف بمكجب المادة ‪ 145‬مف ؽ إج ج‬
‫بالصيغة التالية‪ " :‬أقسـ باهلل العظيـ بأف أقكـ بأداء ميمتي كخبير عمى خير كجو‪ ،‬كبكؿ‬
‫إخبلص‪ ،‬كأف أبدم رأم بكؿ نزاىة كاستقبلؿ"‪.‬‬

‫‪ .2‬قياـ الخبير بأعماؿ الخبرة بنفسو‪.‬‬


‫‪ .3‬اإلستجابة لطمبات أطراؼ الخصكمة‪.‬‬
‫‪ .4‬استكماؿ الخبرة كايداعيا في كؿ أجميا كمدتيا المحددة‬
‫‪ .5‬كما أف الخبير يخضع في أداء خبرتو لرقابة القاضي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫االثبات في الجريمة المعمكماتية‬


‫تيدؼ إجراءات التحرم كالتحقيؽ أساسا لمحصكؿ عمى أدلة تثبت كقكع الجريمة‬
‫كتثبت إدانة اك براءة المتيميف بارتكابيا غير أف أدلة االثبات في الجرائـ العادية تختمؼ‬
‫عمييا في الجرائـ المعمكماتية‪ ،‬حيث أف ىذه األخيرة ذات طابع عممي رقمي كتقني مما‬
‫يصعب عممية اإلثبات‪.‬‬

‫المطمب األكؿ‬

‫الدليؿ التقني‬
‫كما أثرت الثكرة المعمكماتية عمى نكعية الجرائـ التي صاحبتيا كظيكر أنماط‬
‫مستحدثة مف الجرائـ عرفت بالجرائـ المعمكماتية‪ ،‬فإنيا في المقابؿ أيضا أثرت عمى إثباتيا‬
‫فأصبحت األدلة التقميدية التي جاءت بيا نصكص قانكف اإلجراءات الجزائية غير قادرة‬
‫عمى إثبات ىذا النكع مف الجرائـ الذم يحتاج إلى طرؽ تقنية تتناسب مع طبيعتو‪ ،‬بحيث‬

‫‪223‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يمكنيا فؾ رمكزه كترجمة نبضاتو كذبذباتو إلى كممات كبيانات محسكسة كمقركءة تصمح‬
‫ألف تككف أدلة إثبات ليذه الجرائـ ذات الطبيعة الفنية كالعممية الخاصة‪.‬‬

‫الفرع األكؿ‬

‫مفيكـ الدليؿ االلكتركني كخصائصو‬


‫أكال‪ :‬مفيكـ الدليؿ التقني‬
‫ىناؾ عدة مفاىيـ لمدليؿ التقني فيعرفو البعض بأنو "كؿ بيانات يمكف إعدادىا أك‬
‫تخزينيا في شكؿ رقمي بحيث تمكف الحاسكب مف انجاز ميمة ما"‪ 1‬كيرل جانب اخر بانو‬
‫معمكمة مخزنة في أجيزة الحاسكب كممحقاتو مف ديسكات كاقراص مرنة كغيرىا مف كسائؿ‬
‫تقنية المعمكمات كالطابعات كالفاكس اك متنقمة عبر شبكات االتصاؿ كالتي يتـ تجميعيا‬
‫كتحميميا باستخداـ برامج كتطبيقات كتكنكلكجيا خاصة بيدؼ اثبات كقكع الجريمة كنسبتيا‬
‫إلى مرتكبيا"‪.2‬‬
‫يعرفو البعض بأنو الدليؿ الذم نجد لو أساسا في العالـ االفتراضي كيقكد الي‬
‫الجريمة كقد عرفتو المنظمة الدكلية ألدلة الحاسكب بأنو المعمكمات المخزنة المتنقمة في‬
‫شكؿ ثنائي كيمكف اف يعتمد عميو في المحكمة‪.‬‬
‫‪ -‬كما عرفو البعض بأنو ذلؾ الدليؿ المشتؽ مف أك بكاسطة النظـ البرامجية‬
‫المعمكماتية الحاسكبية كأجيزة كمعدات كأدكات الحاسب اآللي أك شبكات االتصاؿ مف‬
‫خبلؿ إجراءات قانكنية كفنية لتقديميا لمقضاء بعد تحميميا عمميا أك تفسيرىا في شكؿ‬
‫نصكص مكتكبة أك رسكمات أك أشكاؿ أك أصكات إلثبات كقكع الجريمة لتقرير البراءة أك‬
‫اإلدانة فييا‪.‬‬

‫‪‌ 1‬حنان‌رٌحان‌مبارك‌المضحكً‪‌،‬الجرائم‌المعلوماتٌة‪‌،‬الطبعة‌األولى‪‌،‬منشورات‌الحلبً‌الحقوقٌة‪‌،‬بٌروت‪‌،2014‌،‬‬
‫ص‌‪.345‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‪.355‬‬
‫‪224‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يمكف تعريفو بأنو معمكمات مخزنة في نظـ المعالجة اآللية كممحقاتيا أك متنقمة‬
‫عبرىا تككف في شكؿ مجاالت أك نبضات مغناطيسية أك كيربائية يمكف تجميعيا كتحميميا‬
‫باستخداـ برامج كتطبيقات كتكنكلكجيا خاصة لتظير في شكؿ مخرجات كرقية أك إلكتركنية‬
‫أك معركضة عمى شاشة نظ اـ المعالجة اآللية أك غيرىا مف االشكاؿ إلثبات كقكع الجريمة‬
‫كلتقرير البراءة أك اإلدانة فييا‪.1‬‬
‫‪ -‬مف خبلؿ ىذه التعاريؼ نستنتج بأف لمدليؿ االلكتركني عدة خصائص تميزه عف‬
‫الدليؿ العادم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصائص الدليؿ التقني‬
‫نظ ار ألف البيئة كالعالـ الذم يستنبط منو الدليؿ العممي يمتاز بمركنتو كتطكره فقد‬
‫انعكس ذلؾ عمى الدليؿ التقني بحد ذاتو مما جعمو يمتاز بعدة خصائص تميزه عف الدليؿ‬
‫بمفيكمو العادم‪ ،‬كيمكف حصر ىذه الخصائص فيما يمي‪:‬‬
‫‪ .1‬الدليؿ التقني دليؿ عممي مستكحى مف البيئة الرقمية‪ :‬فيذا الدليؿ ال يأخذ‬
‫أشكاؿ مادية مممكسة كأدكات الجرائـ مثبل في الجرائـ العادية بؿ نجده في ىيئة إلكتركنية‬
‫غير مممكسة ال يمكف إدراكو بالحكاس‪ ،‬بؿ يجب إدراكو باستعماؿ أجيزة عممية‬
‫كتكنكلكجية‪ ،‬كالحاسب اآللي كمعداتو كاإلستعانة بنظـ برامجية معمكماتية‪ ،‬فالدليؿ التقني‬
‫يخضع لقاعدة لزكـ تطابقو مع الحقيقة كاممة كفقا لقاعدة "القانكف مسعاه العدالة اما العمـ‬
‫فمسعاه الحقيقة‪."2‬‬
‫إذف فالدليؿ التقني يجب اال يتعارض مع آخر ما تكصؿ اليو البحث العممي في‬
‫ىذا المجاؿ كاال فإنو يفقد قيمتو كقكتو االثباتية كالقانكنية‪.‬‬

‫‪‌1‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .385‬‬
‫‪‌2‬خالد‌ممدوح‌ابراهٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .181‬‬
‫‪225‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كما أف الدليؿ التقني بطبيعتو متطكر حسب تطكر البيئة الرقمية التي يستخمص‬
‫منيا‪.1‬‬
‫‪ .2‬الدليؿ التقني ذك طبيعة رقمية ثنائية‪ :‬حيث ال يأخذ ىذا الدليؿ ىيئة كاحدة‪ ،‬إذ‬
‫يتككف مف تعداد غير محدد مف األرقاـ الثنائية المكحدة مف الكاحد كالصفر(‪ ،)1-0‬ىذه‬
‫الكحدات التي ال تتناسب فيما بينيا رغـ كحدة الرقـ الثنائي الذم تتككف منو‪.‬‬
‫فأم شيء في العالـ الرقمي يتككف مف الصفر كالكاحد‪ ،‬الذيف ىما عبارة نبضات‬
‫الكتركنية متكاصمة تستمد قكتيا كتفاعميا مف الطاقة‪ ،‬كىذا ما يميز الدليؿ التقني كيجعمو‬
‫أفضؿ دليؿ اثبات في ىذا النكع مف الجرائـ بؿ إنو يصمح حتى إلثبات الجرائـ األخرل‬
‫غير المعمكماتية‪.2‬‬
‫‪ .3‬السعة التخزينية العالية‪ :‬فاألقراص المضغكطة كبطاقات الذاكرة يمكنيا تخزيف‬
‫كـ ىائؿ مف المعطيات كالمعمكمات‪ ،‬كآلة تصكير رقمية يمكنيا تخزيف االؼ الصكر‬
‫كالفيديكىات‪.‬‬
‫‪ .4‬سيكلة مسح الدليؿ كالتالعب بو‪ :‬حيث يمكف لمجاني أك الجناة التبلعب‬
‫بالدليؿ مف خبلؿ تعديمو أك نقمو إلى مستندات أخرل أك حتى محكىا‪ ،‬ككؿ ىذا يمكف‬
‫القياـ بو بسرعة ال متناىية كبسيكلة‪.3‬‬
‫‪ .5‬صعكبة التخمص مف الدليؿ التقني‪ :‬قمنا في الخاصية السابقة أنو يمكف‬
‫التبلعب بالدليؿ التقني أك التعديؿ كحتى مسحو بكؿ سيكلة كبسرعة فائقة‪ ،‬غير أنو ال‬
‫يمكف التخمص مف الدليؿ نيائيا‪ ،‬ألف أية عممية أجريت عمى الدليؿ سكاء كانت تعديبل أك‬
‫إتبلفا أك مسحا أك غير ذلؾ يمكف اثباتيا‪ ،‬كذلؾ مف خبلؿ تشغيؿ األجيزة كمعرفة ما تـ‬

‫‪‌1‬عمر محمد بن ٌونس‪ ،‬مذكرات فً اإلثبات الجنائً عبر األنترنت ندوة الدلٌل الرقمً‪ ،‬بمقر جامعة الدول العربٌة فً‬
‫الفترة من‪ 5‬إلى‌‪‌2005/03/8‬ص‌‪‌ .977‬‬
‫‪‌‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .791‬‬
‫‪‌‌3‬خالد‌ممدوح‌ابراهٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.182‬‬
‫‪226‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫تدميره أك تعديمو أك إدخاؿ بيانات جديدة‪ ،1‬كما انو يمكف استرجاع ما تـ تدميره كمحكه مف‬
‫بيانات كاصبلح الممفات التي تـ تدميرىا كاتبلفيا كما يمكف إظيار الممفات كالبيانات التي‬
‫تـ إتبلفيا كالتي تـ إخفائيا ككؿ ىذا باالستعانة ببرامج إلكتركنية متخصصة كخبراء‬
‫مختصكف مؤىمكف‪.2‬‬
‫‪ .6‬الدليؿ االلكتركني يرصد معمكمات عف الجاني‪ :‬حيث يمكف لمتسجيؿ أف يرصد‬
‫تحركات الشخص كأصكاتو كأفعالو مما يسيؿ عممية تحميميا كاستخبلص عادات‬
‫كسمككيات الشخص‪.3‬‬
‫‪ .7‬الدليؿ التقني قابؿ لمنسخ‪ :‬حيث يمكف نسخ الدليؿ المتحصؿ عميو في‬
‫أقراصِ كأشرطة أك ديسكات أك غيرىا مف التقنيات‪ ،‬كىذا ما يشكؿ ضمانات قكية لمحفاظ‬
‫عمى الدليؿ كحمايتو مف التمؼ كالتبلعب‪ ،‬كتككف ليذه النسخ كالتسجيبلت نفس الحجية‬
‫القانكنية كىذا عمى عكس أدلة االثبات التقميدية كالتي ال يمكف صنع نسخ أخرل عمييا‬
‫كيتكجب الحفاظ عمييا‪ ،‬فإذا تـ التبلعب بيا اك إتبلفيا تفقد حجيتيا كقكتيا في االثبات‪.4‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫الصعكبات التي تكاجو الدليؿ االلكتركني‬


‫تعترض الدليؿ اإللكتركني عدة صعكبات تتعمؽ بطريقة استخبلصو مف‬
‫جية‪ ،‬كبطبيعة الدليؿ في حد ذاتو مف جية أخرل أك بالعامؿ البشرم مف جية ثالثة‪.‬‬

‫‪‌1‬حنان‌رٌحان‌مبارك‌المضحكً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .356‬‬
‫‪‌2‬عمر محمد بن ٌونس‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .982‬‬
‫‪‌‌3‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .388‬‬
‫‪‌4‬عمر محمد بن ٌونس‪‌،‬مرجع‌سابق‪ ،‬ص‪‌،17‬وقد قام المشرع البلجٌكً بمقتضى القانون‌‪. 2000/11/28‬إلى تعدٌل‬
‫قانون التحقٌق الجنائً ‌(‪ )code instruction criminel‬بإضافة المادة ‪ 39‬مكرر التً سمحت بضبط األدلة‬
‫الرقمٌة بنسخ المواد المخزنة فً نظم المعالجة اآللٌة ‌‬
‫‌‬
‫‪227‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أكال‪ :‬الصعكبات المتعمقة بطريقة استخالص الدليؿ‬


‫حيث أف طرؽ استخبلص الدليؿ التقني ليست بالسيكلة التي يتخيميا‬
‫البعض‪ ،‬إذ كبغض النظر عف صعكبة تطبيؽ اإلجراءات التقميدية لجمع األدلة في مجاؿ‬
‫البحث عف األدلة في النظـ المعمكماتية كالمعاينة كالتفتيش ‪...‬إلخ‪ ،‬فإف اإلجراءات‬
‫المتخذة التي أتت بيا التشريعات العالمية كمف بينيا المشرع الجزائرم تبقى غير‬
‫كافية‪ ،‬بالنظر إلى التطكر العممي المذىؿ الذم يعرفو مجاؿ المعمكماتية مف‬
‫جية‪ ،‬كبالنظر لمتحديات تكاجييا في الكاقع مف جية أخرل‪.‬‬
‫ىذه التحديات التي تناكلتيا بعض المؤتمرات الدكلية كأىميا مؤتمر االنتربكؿ‬
‫السادس لجرائـ تقنية المعمكمات بالقاىرة بالفترة الممتدة مف ‪ 13‬إلى ‪ 15‬أفريؿ‬
‫‪ ، 2005‬حيث تـ طرح ىذه التحديات مف طرؼ الكفد المصرم كمدير إدارة مكافحة جرائـ‬
‫الحاسبات كشبكات المعمكمات‪.1‬‬
‫التحدم األكؿ‪ :‬كيتمثؿ في انتشار مقاىي األنترنيت التي يستطيع أم فرد مف‬
‫خبلليا أف يتعامؿ مع شبكة األنترنيت بما في ذلؾ المجرـ الذم يستخدميا إلرتكاب‬
‫الجرائـ‪ ،‬كىك ما يؤدم إلى صعكبة التكصؿ لمرتكبيا‪.‬‬
‫التحدم الثاني‪ :‬كيتمثؿ في تكنكلكجيا ‪ADSL‬أك ما يعرؼ بػ "األنترنيت فائؽ‬
‫السرعة" كالذم لـ يسمـ ىك اآلخر مف المجرميف‪ ،‬حيث استخدمكه لتنفيذ مخططاتيـ‬
‫اإلجرامية عف طريؽ اشتراكيـ إلى جانب أشخاص آخريف في جياز كاحد عف طريؽ مكزع‬
‫خطكط‪ ،‬مما يؤدم إلى صعكبة التكصؿ إلييـ‪.‬‬
‫التحدم الثالث‪ :‬الذم يرجع إلى ظيكر األنترنيت البلسمكي‪ ،‬كالذم سيؿ ليـ عممية‬
‫اإلنتقاؿ إلى عدة أمكنة في اليكـ الكاحد‪.‬‬

‫‪‌1‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .186‬‬
‫‪228‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫التحدم الرابع‪ :‬كيتمثؿ في عمميات التخفي ‪ PROXY‬أثناء التجكاؿ عبر الشبكة‬


‫كالتي تؤمنيا بعض المكاقع كالتي استغمت مف طرؼ بعض القراصنة"‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬الصعكبات المتعمقة بطبيعة الدليؿ التقني في حد ذاتو‬
‫نظ ار لمبيئة الرقمية التي يكجد فيو الدليؿ التقني‪ ،‬فيك دليؿ ديناميكي غير‬
‫مرئي‪ ،‬كما أف التبلعب بو أك تعديمو أك محكه أمر جد كارد في ظؿ التطكر المعركؼ في‬
‫ىذا المجاؿ‪.‬‬
‫‪ .1‬الطبيعة الغير مرئية لمدليؿ التقني‪ :‬فاألثار التي تخمفيا الجريمة المعمكماتية في‬
‫الغالب تككف غير مرئية إذ تككف في شكؿ ذبذبات كنبضات اإللكتركنية كمغناطيسية‬
‫مككنة مف سمسمة طكيمة مف األرقاـ الثنائية (‪ ،)1-0‬كالتي ال يمكف إدراكيا بالحكاس‬
‫الطبيعية كتككف غالبا مشفرة عمى كسائط تخزيف ال يمكف قراءتيا إال عف طريؽ أجيزة‬
‫الكتركنية ال تفصح عف ىكية مرتكب الجريمة كشخصيتو مما يقطع صمة المجرـ بالجريمة‬
‫كيحكؿ دكف الكشؼ عف ىكية الجاني‪.‬‬
‫ىذا مف أبرز الصعكبات التي تكاجو المكمفيف بالتحقيؽ أثناء قياميـ بميمتيـ‪ ،‬ككذا‬
‫أثناء عرض الدليؿ عؿ القاضي‪ ،‬حيث تشكؿ عممية تحميؿ تمؾ البيانات صعكبة بالغة في‬
‫ظؿ الثقافة المادية السائدة في التعامؿ مع األدلة‪.2‬‬
‫تتجمي مشكمة عدـ رؤية الدليؿ التقني بكثرة خاصة جرائـ األنترنيت كالجرائـ‬
‫المتعمقة بالمعالجة االلية لممعطيات كالسرقة‪ ،‬االتبلؼ‪ ،‬التزكير‪ ،‬كغيرىا ككذا الجرائـ التي‬
‫ترتكز عمى البريد االلكتركني حيث يككف تحديد ىكية المرسؿ أم ار صعبا لمغاية‪.3‬‬

‫‪‌1‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌،454،455‬راجع‌أٌضا‌نبٌلة‌هبة‌هروال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .206‬‬
‫‪‌2‬خالد‌عٌاد‌الحلبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .237‬‬
‫‪‌ 3‬فاٌز‌محمد‌راجح‌ؼالب‪‌،‬الجرائم المعلوماتٌة فً القانون الجزائري والٌمنً‪‌،‬رسالة‌دكتوراه‪‌،‬جامعة‌الجزائر‪‌،‬كلٌة‌‬
‫الحقوق‪‌،2010‌،‬ص‪‌ .394‬‬
‫‪229‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪ .2‬ديناميكية الدليؿ التقني‪ :‬فالدليؿ التقني بطبيعتو غير مرئي‪ ،‬كغير‬


‫مممكس‪ ،‬كىذا ما يجعؿ ميمة تعديمو أك التبلعب بو أك طمسو كمحكه أم ار سيبل‬
‫لمغاية‪ ،‬كيمكف القياـ بكؿ ذلؾ عف بعد كفي فترة زمنية كجيزة‪ ،‬كمف أية منطقة كانت في‬
‫العالـ‪ ،‬كيمكف تدمير الدليؿ أك تعديمو بأكامر االتبلؼ أك التعديؿ أك عف طريؽ برامج‬
‫إتبلؼ تستعمؿ في حالة تعرض الحاسكب لمتفتيش أك بأية برامج تقنية أخرل خاصة في‬
‫ظؿ ما يعرفو مجاؿ المعمكماتية مف تطكر‪.‬‬
‫كما أف الجاني في حالة مكاجيتو بالدليؿ التقني يمكف لو الدفع بالتبلعب‬
‫بالدليؿ‪ ،1‬كمثاؿ ذلؾ قياـ أحد ميربي األسمحة النمساكم بإدخاؿ برنامج إلكتركني في‬
‫حاسكبو الذم يستخدمو في تخزيف عناكيف عمبلئو كالمتعامميف معو يقكـ بتدمير كؿ‬
‫البيانات كالغائيا في حالة محاكلة نسخ أك طبع أك إرساؿ ىذه البيانات‪.2‬‬
‫‪ -‬صعكبة الحصكؿ عمى الدليؿ التقني‪ :‬فالحصكؿ عمى الدليؿ االلكتركني ليس‬
‫باألمر السيؿ كما يتخيمو البعض‪ ،‬بؿ ىك أمر في غاية الصعكبة كىذا لعدة‬
‫اعتبارات‪ ،‬أىميا ضخامة البيانات البلزمة لمحصكؿ عمى الدليؿ مف جية كالسرعة التي‬
‫تميز البيئة االلكتركنية مف جية أخرل كتقابميا نقص خبرة كتأىيؿ رجاؿ الضبطية‬
‫القضائية في ىذا المجاؿ‪.3‬‬
‫ثالثا‪ :‬الصعكبات المتعمقة بالعامؿ البشرم‬
‫باإلضافة إلى الصعكبات التي تعترض الحصكؿ عمى الدليؿ التقني كالمتعمقة‬
‫بالدليؿ في حد ذاتو‪ ،‬فإف لمعامؿ البشرم أيضا دكر في اعاقة الحصكؿ عمي الدليؿ التقني‬

‫‪ ‌ 1‬بن ‌فردٌة ‌محمد‪‌ ،‬اإلثبات ‌الجنائً ‌للجرائم ‌المعلوماتٌة ‌باألدلة ‌الرقمٌة‪‌ ،‬رسالة ‌دكتوراه‪‌ ،‬جامعة ‌الجزائر‪‌ ،‬كلٌة‌‬
‫الحقوق‪‌،2015،‬ص‌‪‌ .216‬‬
‫‪‌2‬فاٌز‌محمد‌راجح‌ؼالب‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .396‬‬
‫‪‌3‬خالد‌عٌاد‌الحلبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .227‬‬
‫‪230‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫سكاء تعمؽ االمر بالمكمفيف بالتحقيؽ كالبحث عف األدلة في ىذا النكع مف الجرائـ أك‬
‫بضحاياه مف خبلؿ عدـ التبميغ عف ىذه الجرائـ كمنيا‪:‬‬
‫‪ .1‬نقص خبرة كتأىيؿ السمطات المكمفة بالتحقيؽ كالمحاكمة‪ :‬كما سبؽ الذكر‬
‫فالجريمة المعمكماتية تختمؼ عف الجرائـ العادية أساسا مف حيث البيئة التي ترتكب فييا‬
‫كطريقة ارتكابيا‪ ،‬فالجريمة المعمكماتية ترتكب في كسط تكنكلكجي رقمي‪ ،‬كيمكف ارتكابيا‬
‫عف بع د‪ ،‬كمكمف الدليؿ في ىذا النكع مف الجرائـ ىك المنظكمة المعمكماتية كالحاسكب‬
‫تحديدا لذلؾ فاف الجيات المكمفة بالتحقيؽ كالتحرم يجدكف صعكبات كثيرة في التعامؿ مع‬
‫ىكذا جرائـ كمع أدلة ارتكابيا‪ ،‬كفي مبلحقتيـ‪ ،‬كما أف قضاة االدعاء كقضاة الحكـ أيضا‬
‫يجدكف صعكبات في التعامؿ مع ىذه االدلة سكاء في مناقشتيا اك االقناع بيا أك‬
‫عدمو‪ ،‬كىذا كمو راجع الي نقص خبرة كتأىيؿ ىؤالء االشخاص في مجاؿ التكنكلكجية‬
‫الرقمية‪ ،‬كىذا ما يؤدم في بعض األحياف الي تجاىؿ الدليؿ تماما أك إلي تدميره اثناء‬
‫محاكلة فحصو في أحياف أخرل‪ ،1‬سكاء كاف ذلؾ بخطأ أك نتيجة إىماؿ منيـ‪ ،‬فمثبل كثي ار‬
‫ما تسب ب رجاؿ الشرطة القضائية في الكاليات المتحدة األمريكية في تدمير الدليؿ الرقمي‬
‫نتيجة نقص خبرتيـ كتأىيميـ‪ 2،‬كمثاؿ ذلؾ قياـ رجاؿ الشرطة بكضع حقيبة تحتكم عمى‬
‫األسطكانات المصادرة في صندكؽ السيارة بالقرب مف جية االرساؿ كاالستقباؿ‬
‫البلسمكي‪ ،‬فكانت النتيجة تسبب اإلشارات الكيربائية القكية في تدميرىا‪.3‬‬
‫بناء عمى كؿ ىذا فاف إجراءات جمع الدلة كمناقشتيا يتطمب مف رجاؿ الضبطية‬
‫القضائية كالنيابة العامة كالقضاة تأىيؿ كخبرة عاليتيف في ىذا المجاؿ‪ ،‬كتشكيؿ جيات‬
‫متخصصة لمحاربة ىذا النكع مف االعتداءات عمى النظـ المعمكماتية‪.‬‬

‫‪‌1‬فاٌز‌محمد‌راجح‌ؼالب‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .396‬‬
‫‪‌2‬عبد‌هللا‌حسٌن‌علً‌محمود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .355‬‬
‫‪‌‌3‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .356‬‬
‫‪231‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كفي ىذا السياؽ أكصي المؤتمر الدكلي لمجمعية العامة لقانكف العقكبات في ريك‬
‫دم جانيرك في الفترة مف ‪ 04‬إلى ‪ 09‬سبتمبر ‪ 1994‬بضركرة تدريب الجيات القضائية‬
‫الخاصة بالتحقيؽ كالحكـ في تمؾ األنكاع مف الجرائـ كالتقنيات المستخدمة فييا‪.1‬‬
‫كما دعت كؿ مف االتفاقية االكربية لجرائـ تقنية المعمكمات كالمؤتمر المنعقد في‬
‫جامعة السكربكف في باريس‪ ،2005/01/19‬كالذم تناكؿ الشرطة كاألنترنت‪ ،‬ككذا‬
‫المؤتمر الدكلي السادس بشأف الجرائـ المعمكماتية المنعقد بالقاىرة في الفترة بيف‪13‬‬
‫إلي‪15‬أفريؿ ‪ 2005‬إلي إنشاء كتأسيس أجيزة خاصة‪ ،‬تتميز عناصرىا بكفاءات عممية‬
‫كتكنكلكجية في ىذا المجاؿ تتمقي الشكاكم كالببلغات كتقكـ بإجراءات التحرم كالتحقيؽ‪.2‬‬
‫قد تـ تفعيؿ ىذه التكصية فعبل‪ ،‬حيث بادرت الكثير مف الدكؿ كمنيا العربية‬
‫بإنشاء كحدات خاصة لمكافحة االجراـ التقني كالتي نذكر منيا‪:‬‬
‫‪ -‬اإلدارة المتخصصة لمتابعة جرائـ تقنية المعمكمات بمكتب التحقيؽ الفيدرالي‬
‫‪ FBI‬في الكاليات المتحدة االمريكية كالتي تعتبر النمكذج األمثؿ كاألشير كاألكثر نجاحا‬
‫في ىذا المجاؿ‪.‬‬
‫‪ -‬كحدة التحريات المركزية المعنية بمعمكمات جرائـ تقنية المعمكمات بصفة عامة‬
‫كجرائـ االعتداء بصفة خاصة في اسبانيا‪.‬‬
‫‪ -‬المكتب المركزم لمكافحة االجراـ المرتبط بتكنكلكجيا المعمكمات كاالتصاالت‬
‫الذم أنشأتو فرنسا إلى جانب كحدات كمراكز أخرل‪.‬‬
‫أما عمى الصعيد العربي فقد أنشأ كزير الداخمية المصرم بمكجب القرار رقـ‬
‫‪ 13507‬إدارة مكافحة جرائـ الحسابات كشبكات المعمكمات‪.‬‬

‫‪‌1‬طارق‌عبد‌الرؤوؾ‌الحن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .84‬‬
‫‪‌‌2‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .462،463‬‬
‫‪232‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كذلؾ الشأف في األردف حيث أنشئت مديرية األمف بيا قسـ خاص يعنى بجرائـ‬
‫المعمكمات عاـ ‪.1998‬‬
‫أما عمى الصعيد الكطني فقد قامت الدكلة الجزائرية بإنشاء ىيئة كطنية لمكقاية مف‬
‫القانكف‬ ‫بمكجب‬ ‫كمكافحتو‬ ‫كاالتصاؿ‬ ‫اإلعبلـ‬ ‫بتكنكلكجيا‬ ‫المتصؿ‬ ‫اإلجراـ‬
‫رقـ ‪ ،04/09‬تتكلي الكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيا االعبلـ كاالتصاؿ كمكافحتيا‬
‫كمصاحبة السمطات القضائية في التحريات التي تجرييا بشأف ىذه الجرائـ طبقا لنص‬
‫المادتيف ‪13‬ك ‪ 14‬مف القانكف ‪.04/09‬‬
‫كما كاف جياز الدرؾ الكطني صاحب السبؽ في ىذا البياف حيث قاـ بأنشاء مركز‬
‫لمكافحة جرائـ تقنية المعمكمات ببئر مراد رايس‪.‬‬
‫باإلضافة الي كؿ ىذا كفي إطار التككيف كالتأىيؿ‪ ،‬فقد قامت الجزائر بإرساؿ‬
‫إطارات مف الدرؾ الكطني لمتككيف في مجاؿ الجريمة المعمكماتية‪ ،‬كما قامت ك ازرة العدؿ‬
‫أيضا بتاريخ ‪ 2008/12/13‬بالتعاكف مع المدرسة الكطنية لمقضاة الفرنسية بمقر المدرسة‬
‫العميا لمقضاء بالعاصمة بتنظيـ دكرة تككينية لضباط الشرطة القضائية التابعيف لممديرية‬
‫العامة لؤلمف الكطني كاألمف العسكرم كقيادة الدرؾ الكطني‪.1‬‬
‫‪ .2‬احجاـ المجني عمييـ عف التبميغ‪:‬‬
‫ىذا ما يؤدم الي صعكبة اكتشاؼ ىذا النكع مف الجرائـ كفي بعض الحاالت‬
‫استحالة اكتشافيا كيككف اكتشافيا بمحض الصدفة‪.‬‬
‫فنظ ار لطبيعة الجريمة االلكتركنية كذاتيتيا‪ ،‬كخكفا مف اكتشاؼ العامة ألسمكب‬
‫ارتكاب الجريمة مما يؤدم إلى تك ارر كقكعيا عف طريؽ التقميد مف طرؼ اآلخريف‪ ،‬يذىب‬

‫‪‌1‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .468،469‬‬
‫‪233‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أغمب ضحاياىا الي عدـ التبميغ عنيا‪ ،‬بؿ كيرفضكف في بعض الحاالت التعاكف مع‬
‫األجيزة األمنية في ىذا المجاؿ حتى كلك كاف ذلؾ عمى حساب عقاب المجرميف‪.1‬‬
‫كنذكر عمى سبيؿ المثاؿ تعرض بنؾ ‪ MRCHWT BANK CITY‬بإنجمت ار بنقؿ‬
‫سبعة مميكف جنيو إسترليني مف أحد أرصدتو إلى رقـ حساب في سكيسرا‪ ،‬كقد تـ القبض‬
‫عمى الفاعؿ أثناء محاكلتو سحب المبمغ المذككر‪ ،‬كلكف بدال مف أف يقكـ البنؾ بتحريؾ‬
‫الدعكل الجنائي ة ضده‪ ،‬فقد قاـ بدفع مبمغ كاحد مميكف جنيو إسترليني لو شرط عدـ إعبلـ‬
‫اآلخريف بجريمتو كاخطار البنؾ باآللية التي نجح مف خبلليا بإختراؽ نظاـ االمف الخاص‬
‫بحاسكب البنؾ الرئيسي‪.2‬‬
‫ففي ىذه الشأف أجريت دراسة في فرنسا أسفرت عمى نتائج مخيبو تدؿ عمى‬
‫صعكبة اكتشاؼ الجرائـ المعمكماتية كمف ثمة صعكبة التصدم ليا‪ ،‬حيث اثبتت ىذه‬
‫الدراسة اف نسبة الجرائـ التي تـ التبميغ عمييا تمثؿ ‪.%15‬‬
‫أما الجرائـ التي يتـ اكتشافيا فقدرت بػ ‪ %01‬فيما قدرت نسبة الجرائـ التي تـ‬
‫الكصكؿ فييا الى أدلة تديف مرتكبييا فمـ تتعدل ‪ ،%03‬كما اكدت دراسة أمريكية أف‬
‫الرقـ األسكد لجرائـ الحاسب في ارتفاع مستمر‪.‬‬
‫كبالتالي باإلضافة الي صعكبة اكتشاؼ الجرائـ المعمكماتية مف طرؼ الضحايا‬
‫سكاء كانكا اشخاص طبيعييف اك شركات فإف المجني عمييـ أيضا يساىمكف في عدـ‬
‫الكشؼ عف الجرائـ رغـ اكتشافيـ ليا كيتستركف عمييا‪ ،‬حتى بيف مكظفييا‪ ،‬كمف أجؿ‬
‫تفعيؿ التبميغ عف الجرائـ المعمكماتية طالبت بعض الجيات في الك‪.‬ـ‪.‬أ بسف قكانيف تمزـ‬
‫مكظفي الجية المجني عمييا تحت طائمة العقكبة باإلببلغ عف الجرائـ المتعمقة بتقنية‬

‫‪‌ 1‬أشارت‌بعض‌التقدٌرات‌فً‌الوالٌات‌المتحدة‌األمرٌكٌة‌أن‌ما‌ٌتراوح‌بٌن‌‪‌ 20‬و‪‌ %25‬من‌جرائم‌الحاسبات‌ال‌ٌتم‌‬


‫اإلبالغ ‌عنها ‌خشٌة ‌اإلساءة ‌إلى ‌السمعة ‌وفً ‌دراسة ‌اجرٌت ‌على ‌‪‌ 1000‬شركة ‌من ‌الشركات ‌المنتجة ‌لجهاز‌‬
‫(‪‌)fortune 500‬أظهرت‌نتٌجتها‌أن‌‪‌%2‬فقط‌من‌كل‌جرائم‌المعلوماتٌة‌ٌتم‌التبلٌػ‌عنها‌للشرطة‌أو‌لمكتب‌التحقٌق‌‬
‫الفدرالً‪‌،‬راجع‌رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .472‬‬
‫‪‌2‬عبد‌هللا‌حسٌن‌علً‌محمود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .358،359‬‬
‫‪234‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المعمكمات التي تصؿ الى عمميـ غير انو قكبؿ بالرفض بحجة أف المجني عمييا سكؼ‬
‫تصبح متيمة‪.1‬‬
‫تتعمؽ مسألة اإلببلغ عف الجرائـ المعمكماتية بمدل ما ىك متاح في التشريعات‬
‫الجزائية‪ ،‬فيناؾ تشريعات تكجب اإلببلغ عف الجرائـ كترتب عقكبات جزائية في حالة‬
‫اإلخبلؿ بيذا االلتزاـ عمى غرار المشرع االماراتي‪ ،‬الذم جعؿ اإلببلغ عف الجريمة إلزامي‬
‫تحت طائمة الجزاء الجنائي كقاعدة عامة‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 37‬مف قانكف اإلجراءات‬
‫الجزائية اإلماراتي "عمى كؿ مف عمـ بكقكع جريمة مما يجكز لمنيابة العامة رفع الدعكل‬
‫عنيا مف غير شككل أك طمب أف يبمغ النيابة العامة أك مأمكرم الضبطية القضائية‬
‫عنيا"‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 38‬مف نفس القانكف "يجب عمى كؿ مف عمـ مف المكظفيف‬
‫العمكمييف أك المكمفيف بخدمة عامة أثناء تأدية عممو أك بسبب تأديتو بكقكع جريمة مف‬
‫الجرائـ التي يجكز لمنيابة العامة رفع دعكل فييا بغير شككل أك طمب‪.2"...‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 272‬مف قانكف العقكبات االتحادم عمى عقاب كؿ مف أخؿ‬
‫بكاجب التبميغ‪.‬‬
‫بالمقابؿ‪ ،‬ىناؾ تشريعات تنص عمى أف التبميغ عف الجرائـ فيما عدا الجرائـ‬
‫المرتبطة بشككل أك طمب ىك حؽ لكؿ شخص‪ ،‬عمى غرار المشرع المصرم طبقا لنص‬
‫المادة ‪ 25‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية المصرم‪ ،‬إذ تنص "لكؿ مف عمـ بكقكع جريمة‬
‫يجكز لمنيابة العامة رفع دعكل عنيا بغير شككل أك طمب أف تبميغ النيابة العامة أك أحد‬
‫مأمكرم الضبط القضائي"‪.‬‬
‫أما المشرع الجزائرم فإذا كانت الجريمة مما يمزـ تحريؾ الدعكم فييا الشككل أك‬
‫طمب مف المجني عميو فيعتبر التبميغ فييا حؽ لكؿ شخص‪.‬‬

‫‪‌‌1‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .224‬‬
‫‪‌2‬عبد‌هللا‌حسٌن‌علً‌محمود‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .356‬‬
‫‪235‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫لكف ىناؾ بعض الحاالت يككف فييا التبميغ عف الجريمة التزاما عمى عاتؽ كؿ مف‬
‫عمـ بكقكعيا كيترتب عمى االخبلؿ بو جزاء جزائيا كمثاؿ ذلؾ ما نصت عميو المادة ‪31‬‬
‫مف قانكف العقكبات "مع عدـ اإلخبلؿ بالكاجبات التي يفرضيا سر المينة يعاقب بالسجف‬
‫المؤقت لمدة ال تقؿ عف ‪ 10‬سنكات كال تتجاكز‪ 20‬سنة في كقت الحرب كبالحبس مف‬
‫سنة الى‪ 5‬سنكات كغرامة مالية مف ‪ 3‬االؼ الى ‪ 30‬الؼ دج في كقت السمـ لكؿ شخص‬
‫عمـ بكجكد خطط اك أفعاؿ الرتكاب جرائـ الخيانة أك التجسس أك غيرىا مف النشاطات‬
‫التي يككف مف طبيعتيا اإلضرار بالدفاع الكطني كلـ يبمغ عنيا السمطات العسكرية أك‬
‫اإلدارية اك القضائية فكر عممو بيا"‪ ،‬كما تنص المادة ‪ 32‬مف ؽ‪.‬إ‪.‬ج‪.‬ج "يتعيف عمى كؿ‬
‫سم طة نظامية أك كؿ ضابط أك مكظؼ عمكمي يصؿ الى عممو اثناء مباشرة مياـ‬
‫كظيفتو خبر جناية أك جنحة اببلغ النيابة العامة بغير تكاف كاف يكافييا بكؿ المعمكمات‬
‫كيرسؿ الييا المحاصر كالمستندات المتعمقة بيا"‪.‬‬
‫ما يعاب عمى المشرع أنو حصر كاجب التبميغ عمى كؿ سمطة عامة أك مكظؼ أك‬
‫ضابط عمكمي دكف العامميف في القطاع الخاص كشركاتو‪ ،‬مع العمـ اف الشركات‬
‫الخاصة كالعامميف في القطاع الخاص ىـ كثرة الذيف يستخدمكف نظـ المعالجة اآللية‬
‫لممعطيات‪.‬‬
‫كاف يجدر بالمشرع الجزائرم أف يمزـ كؿ مف يعمـ بكقكع ىذه الجريمة اإلببلغ عنيا‬
‫فك ار حتى لك كاف غير ذم مصمحة‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة في األخير الي أف أغمب الببلغات عف الجرائـ الماسة بأنظمة‬
‫المعالجة اآللية لممعطيات تككف ضد مجيكؿ‪ .‬ىذا األمر الذم يضعنا أماـ مشكمة تحديد‬
‫ىكية الجاني‪.1‬‬

‫‪‌1‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .474‬‬
‫‪236‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫المطمب الثاني‬

‫حجية الدليؿ التقني في االثبات‬


‫نعني بالحجية قيمتو كقكتو االستداللية في نسبة الفعؿ االجرامي إلى المتيـ مف‬
‫عدمو‪ ،‬كحجية الدليؿ الرقمي ىي قكة المخرجات الكمبيكترية سكاء كانت كرقية أك‬
‫الكتركنية أك مصغرات فيممية عمى صدؽ نسبة الفعؿ االجرامي إلى شخص معيف أك‬
‫كذبو‪.1‬‬
‫مع أف اآلثار المعمكماتية مف أجيزة الكمبيكتر مف الممكف أف تككف ثرية جدا فيما‬
‫تحتكيو مف معمكمات مثؿ صفحات المكاقع المختمفة ‪ page web‬كالبريد اإللكتركني‬
‫‪ e-mail‬كالفيديك الرقمي ‪ digital vidéo‬كالصكت الرقمي ‪ digital audio‬كغرؼ‬
‫‪ still image‬كالدخكؿ لمخدمة‬ ‫الدردشة كالمحادثة ‪ digital lags‬كالصكرة المرئية‬
‫كاالتصاؿ باألنترنت كالشبكة عف طريؽ مزكد الخدمات ‪computer logs Fromm an‬‬
‫‪ ،internet servis ISP‬إال أنيا مازالت محبل لخبلؼ فقيي حكؿ مدل حجيتيا في‬
‫اإلثبات‪ ،‬ذلؾ اف الخبلؼ مازاؿ قائما بيف االتجاىات الفقيية حكؿ مدل حجة الدليؿ‬
‫التقميدم في األثبات‪ ،‬كفقا لمبدأ قناعة القاضي مف مبدأ الدليؿ القانكني"‪.2‬‬
‫يخضع الدليؿ التقني مثمو مثؿ باقي األدلة األخرل الى مرحمتيف األكلى تككف مدل‬
‫ميكلو كالمرحمة الثانية يقكـ فييا القاضي بتقدير ىذا الدليؿ كبناء عمى ىذا سندرس حجية‬
‫الدليؿ التقني كشركطو كنخصص الفرع الثاني لسمطة القاضي في تقدير الدليؿ الرقمي‪.‬‬

‫‪‌‌1‬فاٌز‌محمد‌راجح‌ؼالب‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .399‬‬
‫‪‌2‬نفس‌المرجع‪‌،‬ص‌‪‌ .399‬‬
‫‪237‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع األكؿ‬

‫حرية القاضي في قبكؿ الدليؿ التقني‬


‫تختمؼ سمطة القاضي في قبكؿ الدليؿ التقني بحسب النظاـ القضائي السائد‪.‬‬
‫أكال‪ :‬سمطة القاضي الجزائي في قبكؿ الدليؿ التقني في ظؿ النظاـ األنجمكساكسكني‬
‫عمى رأسيا الكاليات المتحدة االمريكية‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬كندا أستراليا‪ ...‬إلخ تأخذ بنظاـ‬
‫اإلثبات القانكني أك ما يسمى باقتناع المشرع‪ ،‬حيث يتـ طبقا ليذا النظاـ تحديد أدلة‬
‫اإلثبات المتاحة كقيمتيا كقكتيا في اإلثبات مف طرؼ المشرع‪ ،‬فالقاضي يككف مقيدا في‬
‫حكمو باالستناد عمى المنصكص عمييا في التشريع المعمكؿ بو‪ ،‬فإذا لـ يتكفر الدليؿ‬
‫كشركطو المنصكص عمييا ال يمكف لمقاضي الحكـ باإلدانة بغض النظر عف اقتناعو‬
‫كاعتقاده الشخصي‪ ،‬بؿ يحكـ باستبعاد الدليؿ حتى لك اقتنع بأف المتيـ مداف‪.1‬‬
‫فالقاضي كفقا ليذا النظاـ مقيد بالدليؿ كفقا لمضكابط كالشركط القانكنية المنصكص‬
‫عمييا قانكنا حتى يتمكف مف األخذ بالدليؿ كاعتماده كحجة‪ ،‬كليس لو يتحرل عف الحقيقة‬
‫بطريقة أخرل‪.‬‬
‫غير أف نظاـ اإلثبات في ظؿ ىذا النظاـ القضائي يتعارض مع طبيعة الجريمة‬
‫المعمكماتية كاألدلة التي تخمفيا‪ ،2‬كىذا ما يستمزـ ادخاؿ تعديبلت عمى التشريعات الجنائية‬
‫تتبلءـ مع الطبيعة المتطكرة لمجريمة المعمكماتية‪ ،‬خاصة كأف القضاء في بعض الدكؿ‬
‫رفض األخذ باألدلة غير المنصكص عمييا في القانكف سارم المفعكؿ‪ ،‬عمى غرار محكمة‬
‫المكردات التي رفضت االعتداد بالميكركفيمـ كدليؿ في المكاد الجزائية في قضية ‪(Myers‬‬
‫)‪ ،contre‬غير أنو تجدر اإلشارة إلى أف الدكؿ التي تعتمد نظاـ اإلثبات القانكني قد‬

‫‪‌1‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .209‬‬
‫‪‌ 2‬هاللً ‌عبد ‌الاله ‌أحمد‪‌ ،‬حجٌة ‌المخرجات ‌الكمبٌوترٌة ‌فً ‌المواد ‌الجنائٌة‪‌ ،‬ط ‌‪‌ ،2‬دار ‌النهضة ‌العربٌة‪‌ ،‬القاهرة‪‌،‬‬
‫‪‌،2008‬ص‌‪‌ .29‬‬
‫‪238‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫بدأت تغير مف حدتيا كأظيرت بعض الميكنة في ىذا المجاؿ‪ ،‬حيث تغيرت نظرتيا تجاه‬
‫الدليؿ اإللكتركني‪.‬‬
‫في ىذا الشأف تـ االعتداد بالدليؿ التقني في احدل القضايا في بريطانيا‪ ،‬إذ تـ‬
‫قبكؿ الدليؿ اإللكتركني المستخرج مف حاسكب المجني عميو المتمثؿ في تركيبة المادة‬
‫الكيميائية التي سرقت منو‪ ،‬حيث تـ اعتبار الكرقة المستخرجة مف جياز الحاسكب‬
‫الخاص بالضحية دليبل مقبكال كفقا لمشريعة العامة‪.1‬‬
‫كما قبمت المحكمة الجزائية في بريطانيا أيضا بالدليؿ المستخرج مف جياز‬
‫الحاسكب في قضية (‪ )R.v.pettigrew‬بكصفو شيادة مباشرة كليست سماعية كالتي‬
‫تمخ ص كقائعيا في أنو كجد في حيازة المتيـ الذم قاـ بالسطك عمى البنؾ أرقاـ أكراؽ‬
‫نقدية مف بيف التي كانت مسجمة في ككمبيكتر البنؾ في إنجمترا‪ ،‬حيث قبمت المحكمة‬
‫األدلة الكرقية المستخرجة مف جياز الحاسكب باعتبارىا شيادة مباشرة‪.2‬‬
‫باإلضافة إلى ىذا فقد نظمت التشريعات ذات الصياغة األنجمكساكسكنية‬
‫التسجيبلت الممغنطة كمف بينيا القانكف المدني لمقاطعة كيبؾ بكندا في المادة رقـ ‪2874‬‬
‫كالذم يسمح بمكجبيا بقبكؿ التسجيبلت عمى شرائط ممغنطة كدليؿ في اإلثبات إذا تكفرت‬
‫ثبلثة ‪ 3‬شركط ىي‪:3‬‬
‫‪ -‬أف تككف التكنمكجيا المستخدمة في التسجيبلت مكثكؽ منيا‪.‬‬
‫‪ -‬أف يتـ إثبات محتكل التسجيؿ بطريقة أخرل غير الشريط الممغنط كشيادة أحد‬
‫األشخاص بأف التسجيؿ المكجكد في الشريط ىك إقرار المتيـ‪.‬‬
‫‪ -‬أف تككف اإلقرارت المكجكدة في الشريط كاضحة كمفيكمة كمحددة ليكية‬
‫صاحبيا‪.‬‬

‫‪‌1‬فاٌز‌محمد‌راجح‌ؼالب‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌404‬‬
‫‪‌2‬على‌حسن‌الطوالبة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .191‬‬
‫‪‌3‬سامً‌جالل‌فقً‌حسٌن‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .304‬‬
‫‪239‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫فإذا تكفرت ىذه الشركط الثبلثة في الشريط كانت لو قكة اإلثبات‪.1‬‬


‫يشترط في الدليؿ التقني لقبكلو في اإلثبات في ظؿ النظاـ األنجمكساكسكني‬
‫الصحة‪ ،‬إذ يجب عمى سمطة اإلتياـ أف تعرض الدليؿ كافيا كصحيحا حتى يتـ قبكلو مف‬
‫طرؼ القاضي‪ ،2‬كمعيار الصحة في الحاسب اآللي ىك نفسو المعتمد في السجبلت‬
‫العادية‪.‬‬
‫يتـ تقييـ صحة التسجيبلت اإللكتركنية مف خبلؿ ثبلث حاالت‪:‬‬
‫‪ -1‬إمكانية تعديميا كالعبث فييا فغالبا ما يتـ الدفع بإمكانية تعديؿ السجبلت‬
‫المتكالدة المخزنة في الحاسب اآللي بعد اعدادىا‪ ،‬كىك أمر يسيؿ القياـ بو‪ ،‬غير أف‬
‫القضاء األمريكي استقر عمى أف إمكانية تعديؿ بيانات مكجكدة في الكمبيكتر ال تعد قرينة‬
‫عمى عدـ صحة التسجيبلت فالدليؿ التقني صحيح ما لـ يكجد دليؿ يؤكد تعديمو كالتبلعب‬
‫بو‪.‬‬
‫‪-2‬قدرة البرنامج الذم قاـ بتكليد البيانات‪ :‬فصحة التسجيبلت المتكالدة عف‬
‫الكمبيكتر‪.‬‬
‫تتكقؼ عمى مدل صحة البرنامج الذم قاـ بتكليدىا‪ ،‬فإذا كاف ىذا البرنامج غير‬
‫دقيؽ أك كاف يحتكم عمى أخطاء كعيكب فإف دلؾ قد يؤثر سمبا عمى مدل صحة‬
‫السجبلت المتكالدة عنو‪ .‬كفي ىذا الشأف اشترط القضاء األمريكي عمى سمطة اإلتياـ‬
‫"اإلشارة إلى أف المكاضيع التي تـ اعدادىا كفقا لمعالجة أك نظاـ يمكف أف تككف صحيحة‬
‫مع دليؿ يصؼ المعالجة أك النظاـ المستخدـ‪ ،‬كاظيار أف النظاـ أك المعالجة قد أنتجت‬
‫نتائج دقيقة"‪.3‬‬

‫‪‌‌1‬فاٌز‌محمد‌راجح‌ؼالب‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.404‬‬
‫‪‌‌2‬وهذا‌ما‌تنص‌علٌه‌المادة‌‪‌901‬من‌قانون‌اإلثبات‌األمرٌكً‪.‬‬
‫‪‌3‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.231‬‬
‫‪240‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يمكف اثبات قدرة البرنامج الذم قاـ بتكليد البيانات مف خبلؿ إثبات أف مستخدمي‬
‫البرنامج يعتمدكف بشكؿ فعمي كمنظـ عمى برنامج الحاسكب محؿ النقاش‪.‬‬
‫‪-3‬إثبات ىكية القائـ بإعداد السجبلت‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سمطة القاضي الجزائي في قبكؿ الدليؿ التقني في ظؿ النظاـ الالتيني‬
‫يتزعـ ىذا النظاـ فرنسا كتبعتيا اسبانيا‪ ،‬إيطاليا‪...‬إلخ كمعظـ التشريعات العربية‬
‫كالتشريعات ذات النزعة اإلشتراكية‪ ،‬كتعتبر قاعدة اإلثبات الحر في المكاد الجزائية مف أىـ‬
‫مميزات ىذا النظاـ‪.1‬‬

‫يقصد باإلثبات أنو لجميع أطراؼ الدعكل الجزائية الحرية في المجكء إلى كافة‬
‫طرؽ اإلثبات المتاحة لبلستدالؿ عمى صحة ادعاءاتيـ‪ ،‬فمسمطة اإلتياـ الحرية في المجكء‬
‫إلى أية كسيمة إلثبات كقكع الجريمة كنسبتيا لممتيـ‪ ،2‬كلممتيـ الحرية في إثبات براءتو بأية‬
‫كسيمة‪ ،‬كلمقاضي السمطة التقديرية في قبكؿ كؿ أدلة اإلثبات أك طرحيا‪ ،‬كما أف لو أف‬
‫يتحرل الحقيقة بنفسو كيمكنو في ذلؾ االستعانة بكؿ كسائؿ اإلثبات‪.‬‬
‫بالتالي فإف لمقاضي الدكر الفعاؿ في سير الدعكل الجزائية عمى عكس النظاـ‬
‫األنجمكساكسكني الذم يتـ فيو تحديد األدلة مسبقا مف طرؼ المشرع‪.‬‬
‫كتجدر اإلشارة إلى أف التشريعات ذات الصياغة البلتينية كالتي انتيجت نيجيا‬
‫تأخذ بنظاـ اإلثبات الحر‪ 3‬في المكاد الجزائية فقط دكف المكاد المدنية التي تككف فييا‬
‫سمطة القاضي المدني في قبكؿ أدلة اإلثبات مقيدة باألدلة المنصكص عمييا في التشريع‬

‫‪‌‌1‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬اتفاقٌة‌بودابست‌لمكافحة‌جرائم‌المعلوماتٌة‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .34‬‬
‫‪‌‌2‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.240‬‬
‫‪‌‌3‬هاللً‌عبد‌الاله‌أحمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.34‬‬
‫‪241‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫‪1‬‬
‫سارم المفعكؿ‪ ،‬كىذا راجع إلى اإلختبلؼ المكجكد بيف الدعكل المدنية كنظيرتيا الجزائية‬
‫في عدة نقاط‪:‬‬
‫‪ -1‬مف حيث الغرض‪ :‬تيدؼ الدعكل المدنية إلى الفصؿ بيف الخصكـ أما الدعكل‬
‫الجزائية فترمي إلى الكصكؿ إلى الحقيقة‪.‬‬
‫‪ -2‬مف حيث عبء اإلثبات‪ :‬الذم يككف عمى عاتؽ النيابة العامة باعتبارىا ممثمة‬
‫االدعاء في الدعكل الجزائية‪ ،‬أما عبء اإلثبات في المكاد المدنية فيقع عمى عاتؽ‬
‫الخصكـ‪ ،‬إذ يجب عمى كؿ طرؼ أف يثبت الكاقعة المدعى بيا في مكاجية الخصـ‪.‬‬
‫‪ -3‬مف حيث طبيعة اإلثبات‪ :‬حيث يتعمؽ اإلثبات في المكاد الجزائية بكقائع مادية‬
‫كنفسية ال يمكف تحديد مجمكعة مف القكاعد اإلجرائية مسبقا إلثباتيا خاصة في ظؿ‬
‫اإلختبلؼ كالتطكر الحاصؿ في طرؽ كأساليب ارتكاب الجرائـ‪ ،‬عمى عكس المعامبلت‬
‫المدنية التي ال تخرج عف مجمكعة قكاعد عامة يمكف تحديد طرؽ كسبؿ اثباتيا مسبقا‪.2‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫مظاىر األخذ بمبدأ حرية اإلثبات‬


‫يعتبر التشريع الفرنسي مف ركاد النظاـ البلتيني كأكؿ مف تبنى مبدأ اإلثبات الحر‬
‫حيث نص عميو ألكؿ مرة في قانكف تحقيؽ الجنايات الصادر في ‪ 1791/09/20‬طبقا‬
‫المادة ‪ 342‬ثـ جاء بعد ذلؾ قانكف الجرائـ كالعقكبات لسنة ‪ 1808‬ليؤكد ىذا التكجو‬
‫بمكجب المادة ‪ 372‬منو‪.‬‬

‫‪‌1‬هنااك العدٌاد مان األساباب التاً تبارر األخاذ بمبادأ حرٌاة اإلثباات فاً نطااق نظرٌاة اإلثباات الجزائاً منهاا أن حرٌاة‌‬
‫اإلثبات تعد نتٌجة منطقٌة لمبدأ أن‌القاضً ٌقضً بمحض اقتناعه الذاتً والتً تستلزم بالضرورة منح الحرٌة للقاضاً‌‬
‫باإلساتعانة بجمٌاع وساائل اإلثباات التاً ٌقتناع وٌطمائن إلٌهاا حتاى ٌتسانى‌لاه أداء رساالته فاً إرسااء العدالاة‌باٌن‌‌‌‬
‫المتقاضٌن‪‌،‬باإلضافة إلى أن‌‌اإلثبات فً الدعوى الجزائٌة ٌرد على وقائع مادٌة ٌصعب بل قد ٌستحٌل الحصول‌علاى‌‬
‫دلٌل مسبق‌لها وذلاك بعكاس الادعوى المدنٌاة التاً ٌارد اإلثباات فٌهاا علاى تصارفات قانونٌاة ٌساهل إعاداد دلٌال مسابق‌‬
‫بشأنها‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬عمر‌ابو‌الفتوح‌عبد‌العظٌم‌الحمامً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .292‬‬
‫‪242‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ليتـ تكريس ىذا المبدأ في قانكف اإلجراءات الجزائية الفرنسي لسنة ‪ 1959‬حيث‬
‫نصت عميو المادة ‪ 353‬مف ىذا القانكف "عمى رئيس محكمة الجنايات أف يعمف العبارات‬
‫التالية عمى المحمفيف قبؿ دخكليـ المداكلة‪ ،‬بؿ كأف تعمؽ بخط كبير في أكضح مكاف مف‬
‫غرفة المداكلة‪ ،‬بأف القانكف ال يطمب مف القضاة أف يقدمكا حسابا عف الكسائؿ التي قد‬
‫تكصمكا بيا إلى تككيف اقتناعيـ‪ ،‬كال يرسـ ليـ قكاعد يتعيف عمييـ أف يستندكا إلييا في‬
‫اقتناعيـ بكفاية األدلة بؿ إنو يمزميـ أف يسألكا أنفسيـ في صمت كتأمؿ كأف يبحثكا في‬
‫خبلصة ضمائرىـ كاإلنطباع الذم أحدثتو في عقكليـ األدلة المقدمة ضد المتيـ ككسائؿ‬
‫دفاعو‪ ،‬إف القانكف ال يكجو ليـ إال السؤاؿ اآلتي الذم يحكم كؿ حدكد كاجباتيـ‪ ،‬ىؿ‬
‫لديكـ اقتناع داخمي؟"‪.1‬‬
‫كما تنص المادة ‪ 427‬مف نفس القانكف "فيما عدا الحاالت التي ينص فييا القانكف‬
‫عمى خبلؼ ذلؾ تثبت الجرائـ بكؿ كسائؿ اإلثبات‪ ،‬كيقضي القاضي بمقتضي اقتناعو‬
‫الشخصي"‪.‬‬
‫كما تمزـ المادة ‪ 304‬مف نفس القانكف المحمفيف بحمؼ اليميف بأف يحكمكا بالعدؿ‬
‫بناء عمى ضمائرىـ كاقتناعيـ الداخمي‪.‬‬
‫لقد أخذ بمبدأ حرية اإلثبات العديد مف التشريعات العربية عمى غرار المشرع‬
‫السكرم الذم أقر ىذا المبدأ بمكجب المادة ‪ 17‬مف قانكف اإلجراءات السكرم كالتي تنص‬
‫"تقاـ البينة في الجنايات كالجنح كالمخالفات بجميع طرؽ اإلثبات‪ ،‬كيحكـ القاصي حسب‬
‫قناعتو الشخصية"‪.2‬‬

‫‪‌1‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.243‬‬
‫‪‌2‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.244‬‬
‫‪243‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أقر حرية‬
‫أما المشرع المصرم فقد حذا حذك نظيريو الفرنسي كالسكرم حينما ّ‬
‫اإلثبات في المادة ‪ 302‬مف قنكف اإلجراءات الجنائية التي تنص "يحكـ القاضي في‬
‫الدعكل الجزائية حسب العقيدة التي تككنت لديو بكامؿ حريتو‪."....‬‬

‫أكال‪ :‬مكقؼ المشرع الجزائرم مف مبدأ حرية اإلثبات‪:‬‬


‫حذا المشرع الجزائرم حذك التشريعات ذات الصياغة البلتينية في األخذ بمبدأ حرية‬
‫اإلثبات في المكاد الجزائية‪ ،‬حيث كرس ىك اآلخر سمطة القاضي في قبكؿ األدلة بمكجب‬
‫المدة ‪ 212‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية التي جاء فييا "يجكز إثبات الجرائـ بكؿ بأم‬
‫طريؽ مف طرؽ اإلثبات ماعدا األحكاؿ التي ينص فييا القانكف عمى غير ذلؾ‪ ،‬كلمقاضي‬
‫أف يصدر حكمو تبعا القتناعو الشخصي"‪.1‬‬
‫يمكف تطبيؽ مبدأ حرية اإلثبات عمى الدليؿ التقني في الجريمة المعمكماتية بدكف‬
‫أم صعكبة بما أنو دليؿ إثبات في مكاد جنائية في ظؿ نظاـ يكرس حرية اإلثبات كخكؿ‬
‫القاضي السمطة الكاممة في قبكؿ أم دليؿ يعرض أمامو أك طرحو‪.‬‬
‫مف جية ماداـ أف التشريعات –بما فييا المشرع الجزائرم‪-‬قد تناكلت نظـ تجميع‬
‫كحفظ كاعتراض األدلة اإللكتركنية بالتنظيـ‪ ،‬كخكلت لمسمطات القائمة بالتحرم كالتحقيؽ‬
‫القياـ بإجراءات البحث عف ىذا النكع مف األدلة كفؽ ضكابط قانكنية‪ ،‬كألزمت جيات‬
‫معينة بتقديـ المساعدة ليا في ذلؾ‪ ،‬فإف في ىذا كمو إقرار صريح مف المشرع بحجية‬
‫األدلة التقنية في اإلثبات في المكاد الجزائية‪.2‬‬
‫يترتب عمى تطبيؽ مبدأ حرية القاضي في اإلثبات الجنائي –سكاء في الجرائـ‬
‫الجزائية أك الجرائـ المعمكماتية‪ -‬إعطاء دكر القاضي أكبر إيجابية في كشؼ‬
‫الحقيقة‪ ،‬كىذا مف خبلؿ الحرية التي خكليا لو القانكف في قبكؿ أم دليؿ أك طرحو بما في‬

‫‪‌1‬أنظر‌المادتٌن‌‪‌341‌،339‬من‌قانون‌العقوبات‌الجزائري‪‌ .‬‬
‫‪‌2‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .210‬‬
‫‪244‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ذلؾ الدليؿ التقني باإلضافة إلى السمطة التي يممكيا أيضا في تكفير الدليؿ مف خبلؿ‬
‫عدـ تقيد القاضي باألدلة التي يقدميا أطراؼ الدعكل‪ ،‬بؿ لو أف يأمر باتخاذ ما يراه‬
‫مناسبا مف إجراءات لكشؼ الحقيقة‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬القيكد الكاردة عمى سمطة القاضي الجنائي في قبكؿ الدليؿ الرقمي‬
‫رغـ اف جؿ التشريعات كرست مبدا سمطة القاضي في قبكؿ الدليؿ الجنائي الرقمي‬
‫بما فييا األنظمة التي تأخذ بمبدأ اإلثبات المقيد إال اف ىذه السمطة ليست مطمقة بؿ‬
‫تخضع لقيكد ال يمكف لمقاضي أف يتجاكزىا كاال تعرض حكمو لمنقض‪.‬‬
‫تتعدد القيكد التي ترد عمى سمطة القاضي في قبكؿ الدليؿ الرقمي مف قيد تشترؾ‬
‫فيو جؿ التشريعات بما فييا األنجمكساكسكنية كىك قيد المشركعية كقيكد اخرم تختص بيا‬
‫التشريعات ذات الصيغة البلتينية التي تأخذ مبدأ حرية األثبات كتعرؼ بالقيكد الكاردة‬
‫بنصكص خاصة‪.2‬‬
‫‪-1‬قيد المشركعية‪ :‬يجب التنقيب في الدليؿ كالحصكؿ عميو كتقديمو لمقضاء كفقا‬
‫لمطرؽ كالنظـ التي حددىا القانكف فبل يجكز الحصكؿ عمى الدليؿ بطرؽ مخالفة‬
‫لئلجراءات التي نص عمييا المشرع فإذا كانت إجراءات جمع األدلة التقنية خركج عف‬
‫اإلطار الذم رسمو المشرع فإف ذلؾ ينعكس عمى الدليؿ في حد ذاتو كعمى حجيتو في‬
‫اإلثبات بؿ قد تعرضو لمبطبلف كبالتالي استبعاده كال يجكز لمقاضي أف يبقي حكمو‬
‫كقناعتو االستداللية‪.3‬‬
‫‪-2‬القيكد الكاردة بنصكص خاصة‪:‬‬
‫أ‪‌-‬قيد اإلثبات في جريمة الزنا‪ :‬حصر المشرع الجزائرم طرؽ اإلثبات في جريمة‬
‫الزنا في ‪ 03‬طرؽ بمكجب المادة ‪ 341‬مف ؽ إ ج‪ ،‬كىي بالمحضر القضائي في حالة‬

‫‪‌1‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.484‬‬
‫‪‌2‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪.249‬‬
‫‪‌3‬أنظر‌المادة‌‪‌159‬من‌قانون‌اإلجراءات‌الجزائٌة‌الجزائري‪‌ .‬‬
‫‪245‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫التمبس‪ ،‬اإلقرار بالرسائؿ كالمستندات كاإلقرار القضائي‪ ،‬كيمكف تطبيؽ حالة الدليؿ الرقمي‬
‫ىنا في عبارة اإلقرار بالرسائؿ كالمستندات حيث اف المشرع الجزائرم جعؿ مف الكتابة‬
‫عمى الشكؿ اإللكتركني متساكية مع الكتابة عمى الكرؽ طبقا لنص المادة ‪ 324‬مف‬
‫ؽ ـ ج‪ ،‬غير أنو طبقا لقاعدة شرعية الجرائـ كالعقكبات ال جريمة كال عقكبة كال تدابير أمف‬
‫إال بنص قانكني‪ ،‬كفي ظؿ عدـ كجكد نص صريح لمقاضي الجزائي يتـ الرجكع إلي‬
‫القانكف المدني مف جية‪ ،‬كمف جية أخرل القيكد الكاردة عمى طرؽ اإلثبات في جريمة‬
‫الزنا تجد نفسيا في مأزؽ قانكني‪.‬‬
‫ب‪ ‌-‬قيد اإلثبات في الدليؿ التقني في المكاد غير الجنائية‪ :‬في المسائؿ غير‬
‫الجنائية كخاصة في ظؿ العقكد المدنية المتعمقة بالمسالة الجزائية يجكز لمقاضي االعتماد‬
‫عمى الدليؿ الرقمي عمى اإلثبات بما أف المحرر اإللكتركني يتمتع بنفس حجية المحرر‬
‫الكتابي طبقا لممادة ‪ 588‬ؽ ـ ج كما أف المادة ‪ 327‬ؽ مدني عمى مضاىاة التكقيع‬
‫اإللكتركني لمتكقيع الكتابي‪.‬‬

‫المطمب الثالث‬

‫سمطة القاضي الجزائي في تقدير الدليؿ التقني‬


‫تقكـ سمطة القاضي الجزائي في تقدير الدليؿ التقني أساسا عمى أحد اىـ المبادئ‬
‫القضائية المبدأ اإلقناع القضائي ىذا المبدأ الذم بمكجبو يممؾ القاضي سمطة تقديرية‬
‫كاسعة في تقديره لمدليؿ التقني كتككيف إقناعو‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الفرع األكؿ‬

‫مبدأ اإلقتناع الشخصي لمقاضي الجزائي‬


‫يعتبر ىذا المبدأ مف أىـ المبادئ التي تكرس نظاـ اإلثبات القاضي الحر‪ ،‬كقد‬
‫عرفو الكاتب محمكد نجيب حممي بانو السمطة التقديرية الكاممة لمقاضي في كزف قيمة كؿ‬
‫دليؿ عمى حدل‪ ،‬كلو في النياية سمطة بيف األدلة التي إليو كاستخبلص نتيجة منطقية مف‬
‫ىذه األدلة تتمثؿ في تقدير البراءة اك اإلدانة‪ ،1‬كما عرفو الكاتب محمكد محمكد مصطفى‬
‫بأنو التقدير الحر المسبب لعناصر اإلثبات في الدعكل كىك البديؿ عف نظاـ األدلة‬
‫القانكنية‪.2‬‬
‫يبلحظ باف كؿ التعريفات بشأف مبدأ اإلقتناع القضائي تصب في معنى كاحد كىك‬
‫حرية القاضي في اف يشيد قناعتو مف أم دليؿ يطمئف لو قمبو كيرتاح لو ضميره دكف اية‬
‫قيكد إال ما تمميو عميو العدالة كالحقيقة كما يمميو ضميره كما لو أف يستبعد أم دليؿ ال‬
‫يقتنع بو سكاء تمؾ األدلة التي قدمتيا النيابة أك التي طرحيا الخصكـ أك تمؾ التي طرحيا‬
‫ىك بنفسو لممناقشة‪ ،‬كتتجمى مظاىر ممارسة القاضي الجزائي لمبدأ االقتناع الشخصي‬
‫بالنسبة لمدليؿ الرقمي مف خبلؿ ثبلثة نقاط‪:‬‬

‫أوال‪ :‬سهطت انقبضي انجزائي في تقذيش األدنت انتقُيت بزاتهب‬

‫حيث يمكف لمقاضي أف يأخذ الدليؿ الذم يطمئف لو كيقتنع بو‪ ،‬كما يمكف اف‬
‫يستبعده إذا لـ يكف مقتنعا بو‪ ،‬كتتعدد مظاىر حرية القاضي في األخذ بالدليؿ التقني حيث‬
‫يمكنو أف يأخذ بالدليؿ كمو‪ ،‬كما يمكنو تجزئة الدليؿ التقني فيأخذ بالجزء الذم يراه مقنعا‬
‫كيستبعد ما دكف ذلؾ‪ ،‬كيمكنو أيضا أف يبني حكمو عمى دليؿ في مكاجية أحد المتيميف‬

‫‪‌1‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪300‬‬
‫‪‌2‬محمود‌نجٌب‌حسنً‪‌،‬شرح‌قانون‌اإلجراءات‌الجزائٌة‪‌،‬الطبعة‌‪‌،03‬دار‌النهضة‪‌،‬القاهرة‪‌1998‌،‬ص‌‪.774‬‬
‫‪247‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كيستبعد الدليؿ نفسو في مكاجية باقي المتيميف‪ ،‬أك يأخذ بالدليؿ في مكاجية المتيـ في‬
‫تيمة كال يستند إليو في التيـ األخرل في حالة تعدد التيـ‪.1‬‬
‫أما استبعاد القاضي لمدليؿ التقني فيك اآلخر يخضع لمسمطة التقديرية لمقاضي‬
‫الجزائي غير أف سبب استبعاده يكمف في ضعؼ الدليؿ بحد ذاتو‪ ،‬أك لتكفر أدلة أخرل‬
‫أقكل حجية منو تناقضو كتدحضو‪.‬‬

‫ثبَيب‪ :‬سهطت انقبضي انجزائي في تقذيش األدنت انتقُيت يٍ حيث يصذسهب‬

‫فالدليؿ التق ني قد يتـ استخبلصو في مرحمة التحرم كاالستدالؿ أك في مرحمة‬


‫التحقيؽ‪ ،‬كما يمكف أف يظير أثناء مرحمة المحاكمة‪ ،‬كلمقاضي الجزائي كؿ السمطة في‬
‫تقدير األدلة ميما مصدرىا سكاء كاف رجاؿ الضبطية القضائية كفؽ إجراءات البحث‬
‫كالتحرم اك كانت مستخمصة كفؽ إجراءات التحقيؽ أك كاف ظيكرىا أثناء المحاكمة‬
‫كالخبرة التقنية التي يأمر بيا القاضي مثبل‪.‬‬

‫مف خبلؿ كؿ ىذا يمكف القكؿ بأف مبدأ حرية القاضي الجزائي في اإلقتناع يخكؿ‬
‫لو أف يبسط سمطتو عمى كؿ مراحؿ الدعكل العمكمية بما فييا المراحؿ التي تسبؽ‬
‫المحاكمة‪ ،‬فممقاضي السمطة في تقدير األدلة التقنية التي تـ استخبلصيا في مرحمة جمع‬
‫االستدالالت حيث يمكنو عمى سبيؿ المثاؿ اإلستناد إلى محاضر الضبطية القضائية أك‬
‫عدـ التقيد بيا إذا ارتأل ذلؾ‪ ،‬كما أف لو أف يأخذ بنتائج الخبرة التقنية التي تترؾ أث ار في‬
‫اقتناعو أك يطرحيا في حالة عدـ اقتناعو بنتائجيا‪.2‬‬

‫‪‌1‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌.322‬‬
‫‪‌2‬وإن كان المشرع الجزائري لم ٌحدد ذلك صراحة فً المواد المقررة لهذا المبدأ راجع المواد‪ 307‬و‪‌212‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائٌة بخالؾ المشرع الفرنسً فقد صرح بذلك صراحة حٌث خصص المادة ‌‪‌ 1/353‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائٌة لتطبٌق المبدأ أمام محكمة الجناٌات‌كما‌نصت المادة )‪ (427‬من ذات القانون على تطبٌق هذا‬
‫المبدأ بالنسبة لمحاكم الجنح‪‌ .‬‬
‫‪248‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ثبنثب‪ :‬سهطت انقبضي انجزائي في تقذيش األدنت بًجًىعهب‬

‫إذا كانت األدلة متعددة فإنيا تككف متساندة كأم عيب في الدليؿ قد يعيب األدلة‬
‫األخرل‪ ،‬كىذا ما يسمى بمبدأ تساند األدلة‪ ،‬فالدليؿ التقني قد ال يكفي كحده إلثبات تكرط‬
‫المتيـ كادانتو إذا لـ تتـ مساندتو بأدلة أخرل‪ ،‬خاصة كاف القاعدة في المكاد الجزائية في‬
‫حالة الشؾ تق ضي بأف "الشؾ يفسر لمصمحة المتيـ"‪ ،‬غير أنو يمكف لمقاضي في إطار‬
‫الحرية التي منحيا لو المشرع في االقتناع أف يستغني ببعض األدلة عف أدلة أخرل‪ ،‬فإذ‬
‫المرد االستغناء عنو ال يؤثر في قكة األدلة األخرل فيمكف لمقاضي طرحو‬
‫كاف الدليؿ ا‬
‫كاألخذ بباقي األدلة‪.1‬‬
‫يمكف تطبيؽ مبدأ االقتناع القضائي عمى حالة الدليؿ التقني مف خبلؿ الصكر‬
‫التي قد يأخذىا الدليؿ في ذاتو‪ ،‬كفي ىذا الشأف يمكف أف يككف الدليؿ التقني عمى شكؿ‬
‫محررات رقمية أك إلكتركنية مصدرىا إما المعاينة أك التفتيش أك الضبط أك غيرىا مف‬
‫إجراءات جمع األدلة‪ ،‬كما قد يككف الدليؿ التقني عبارة عف خبرة تقنية باعتبارىا دليؿ‬
‫عممي‪.2‬‬
‫‪ .1‬حرية القاضي الجزائي في تقدير المحررات الرقمية‬
‫المحرر ىك عبارة عف أكراؽ تحمؿ بيانات في شأف كاقعة ذات أىمية في إثبات‬
‫إرتكاب الجريمة كنسبتيا إلى المتيـ‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى اف المحررات الرقمية لـ يشمميا المشرع الجزائرم بتنظيـ خاص‬
‫لذلؾ فيي تخضع لنفس أحكاـ المقررات العادية‪.‬‬
‫يمكف تقسيـ المحررات اإللكتركنية إلى محررات عرفية كتتمثؿ في تمؾ المحررات‬
‫الصادرة عف أشخاص خكاص كمحررات رسمية يختص مكظؼ عاـ بتحريرىا بمقتضى‬

‫‪‌1‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .229‬‬
‫‪‌2‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.326‬‬
‫‪249‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كظيفتو كالعقكد التكثيقية‪ .‬كالمحررات الرسمية في حد ذاتيا يمكف اف تككف عادية أك في‬
‫شكؿ محاضر‪.‬‬
‫فبالنسبة لممحررات الرقمية العرفية أك العادية فيي تخضع لسمطة القاضي في‬
‫تقديرىا‪ ،‬حيث أف لممحكمة مف تمقاء نفسيا أك بطمب مف أطراؼ الدعكل أف تأمر بضـ‬
‫أم كرقة كليا أف ترفض الضـ إذا كانت ال عبلقة ليا بالمكضكع أك ال يجكز قبكليا مع‬
‫لزكـ تبرير سبب الرفض‪.‬‬
‫أما بالنسبة لممحاضر كالتي يمكف تعريفيا بأنيا المحررات التي يدكنيا المكظفكف‬
‫المختصكف كفقا لمشركط كاألشكاؿ التي حددىا القانكف إلثبات ارتكاب الجرائـ كاإلجراءات‬
‫التي اتخذت بشأنيا‪ ،‬كىي عدة أنكاع‪ ،‬أىميا المحاضر التي يحررىا رجاؿ الشرطة‬
‫ا لقضائية أثناء قياميـ بأعماليـ‪ ،‬كمحاضر قضاة التحقيؽ‪ ،‬كالمحاضر التي يحررىا كاتب‬
‫الجمسة خبلؿ جمسات المحاكمة‪...‬إلخ‪.‬‬
‫لقد نظـ المشرع الجزائرم المحاضر في المكاد مف ‪ 214‬إلى ‪ 218‬مف قانكف‬
‫إج‪.‬ج حيث اشترط لقكتيا في اإلثبات أف تككف صحيحة مف حيث إجراءاتيا الشكمية‪ ،‬كما‬
‫ا شترط فييا عدة شركط مكضكعية إذ يجب أف يتـ تحريرىا مف طرؼ مكظؼ مختص‬
‫أثناء مباشرتو لكظيفتو في نطاؽ اختصاصو‪ ،‬كيجب أف يتضمف المحضر ما رآه أك سمعو‬
‫أك عاينو ىك بنفسو طبقا لممادة ‪ 214‬مف قانكف إ‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬كبينت المادة ‪ 216‬كالمادة ‪218‬‬
‫المحاضر ذات الحجية في اإلثبات ما لـ يتـ اثبات عكسيا‪ ،‬ككذا التي ال يمكف الطعف‬
‫فييا إال بالتزكير‪.‬‬
‫خبلصة القكؿ فإف المحررات الرقمية أك اإللكتركنية تخضع في تقديرىا لمسمطة‬
‫التقديرية لمقاضي شأنيا شأف المحررات العادية‪ ،‬كليست ليا حجية مطمقة بؿ يجكز‬

‫‪250‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫لمخصكـ مناقشتيا كدحض ما جاء فييا‪ ،‬كما يجكز لمقاضي أيضا األخذ بيا كدليؿ إدانة‬
‫أك عدـ األخذ بيا‪.1‬‬
‫ىذا ما تؤكده المادة ‪ 212‬مف قانكف اإلج‪.‬ج‪ .‬كما أكدتو المحكمة العميا في العديد‬
‫مف ق ارراتيا عمى غرار القرار الصادر في ‪ 1981/07/09‬عف القسـ الثاني لمغرفة‬
‫الجزائية في الطعف رقـ ‪ .25134‬غير أنو كاستثناءا عمى حرية القاضي في تقدير‬
‫المحاضر‪ ،‬ىناؾ محاضر ال يمكف دحض ما جاء فييا إال بالطعف بالتزكير‪ ،‬كقد نصت‬
‫المكاد ‪ 218 ،216 ،400‬مف قانكف اإلج‪.‬ج عف ىذه المحاضر‪.‬‬
‫‪ .2‬سمطة القاضي في تقدير الخبرة‬
‫الخبرة عمكما ىي إجراء يستيدؼ استخداـ الفنية أك العممية لشخص‪ ،‬كالتي ال‬
‫تتكفر في رجاؿ القضاء أك المكمفيف بالتحقيؽ‪ ،‬مف أجؿ الكشؼ عف دليؿ أك قرينة يفيد‬
‫في معرفة الحقيقة بشأف كقكع الجريمة كنسبتيا لممتيـ أك تحديد شخصيتو اإلجرامية‪.2‬‬
‫ل قد خكؿ المشرع الجزائرم لمقائميف بالتحقيؽ أك رجاؿ القضاء االستعانة بأىؿ‬
‫الكفاءة كاالختصاص‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أف الخبرة في مجاؿ الجريمة المعمكماتية تعد أم ار ضركريا ال‬
‫مفر منو خاصة كأف البحث في البيئة التي ترتكب فييا ىذا النكع مف الجرائـ يتطمب‬
‫كفاءات كميارات عممية كفنية عالية في مجاؿ التكنمكجيا الرقمية‪ ،‬سكاء كانت مف أعماؿ‬
‫التحقيؽ أك كانت بأمر مف قاضي المكضكع‪.3‬‬

‫‪‌ 1‬وعلى‌هذا‌نهج‌أٌضا‌سار‌المشرع‌المصري‌إذ‌تنص‌المادة‌‪‌ 300‬من‌قانون‌اإلجراءات‌الجزائٌة‌المصري‌"ال ‌تتقٌد‌‬


‫المحكمة‌بما‌هو‌مقٌد‌فً‌التحقٌق‌اإلبتدائً‌أو‌محاضر‌جمع‌اإلستدالالت‌إال‌إذا‌وجد‌فً‌القانون‌نص‌بخالؾ‌ذلك‪".‬‬
‫‪‌2‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.424‬‬
‫‪‌3‬سعٌدانً‌نعٌم‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .60‬‬
‫‪251‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫لقد نظـ المشرع الجزائرم الخبرة في المكاد الجزائية بمكجب المكاد ‪ 143‬إلى ‪156‬‬
‫مف قانكف اإلج‪.‬ج‪.‬ج‪ .‬غير أنو لـ يخص الخبرة التقنية بتنظيـ خاص لذلؾ فيي تخضع‬
‫لنفس أحكاـ الخبرة العادية‪.‬‬
‫تيدؼ الخبرة التقنية في الجرائـ المعمكماتية إلى استخبلص الدليؿ اإللكتركني‪ ،‬ىذا‬
‫النكع مف األدلة الذم ال يمكف لمقاضي أك جيات التحقيؽ الكصكؿ إليو بنفسو نظ ار‬
‫لتككينيـ القانكني كعجزىـ في غالب األحياف في تكنكلكجيا المعمكمات‪ ،‬كىذا ما يفرض‬
‫عمييـ المجكء إلى ندب الخبراء مف أىؿ االختصاص لمقياـ بميمة الكشؼ عف الدليؿ‬
‫كالقياـ باالخ تبارات البلزمة عميو لمتأكد مف أصالتو‪ ،‬ككذا إصبلح الدليؿ في حالة تمفو‬
‫كاسترجاعو في حالة حذفو‪ ،‬كتييئتو كاعادة تجميعو مف المككنات المادية لمكمبيكتر كالتأكد‬
‫مف عدـ العبث بو‪ ،‬ليتـ في األخير تحرير الدليؿ‪.1‬‬
‫لقد ألزمت المادة ‪ 153‬مف قانكف إ‪.‬ج‪.‬ج‪ ،‬الخبير بعد استكماؿ خبرتو بتحرير‬
‫تقرير يشمؿ عمى كصؼ ما قامكا بو مف أعماؿ‪ ،‬كما يشمؿ نتائج الخبرة أيضا‪ ،‬كألزمتيـ‬
‫نفس المادة بالشيادة عمى أنيـ ىـ مف قامكا بالخبرة شخصيا‪ ،‬فضبل عف التكقيع عمييا‪.‬‬
‫أ‪‌.‬حجية الخبرة التقنية في اإلثبات‪ :‬ذىب جانب مف الفقو كخاصة أنصار‬
‫المد رسة الكضعية إلى اعتبار الخبرة دليبل قطعيا ال يمكف لمقاضي التشكيؾ في حجيتو‬
‫أذا تـ إنجازىا كفؽ الشركط القانكنية المنصكص عمييا‪ ،‬لذلؾ فقد نادل أنصار ىذا الرأم‬
‫بإعطاء الخبرة قكة إلزامية في اإلثبات عمى أساس أف القاضي في حالة حكمو بما يخالؼ‬
‫الخبرة يككف قد ناقض نفسو عندما فصؿ في مسألة قد أقر مسبقا بأنيا تتجاكز كفاءتو‬
‫كقدرتو العممية‪.2‬‬

‫‪‌1‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .337‬‬
‫‪‌‌ 2‬فقد حدث أن طلبت إحدى دوائر الشرطة بالوالٌات المتحدة األمرٌكٌة من شركة تعرضت للقرصنة أن تتوقؾ عن‬
‫تشؽٌل‌جهازها اآللً للتمكن‌من وضعة تحت المراقبة‌بهدؾ كشؾ مرتكب الجرٌمة فحدث نتٌجة لذلك أن تسببت‬
‫دوائر الشرطة بدون قصد فً إتالؾ ما كان قد تم من الملفات والبرامج‪‌،‬راجع‌هشام رستم الجوانب اإلجرائٌة للجرائم‬
‫المعلوماتٌة‪‌،‬مكتبة‌اآلالت‌الحدٌثة‪‌،‬القاهرة‪ ،1994‌،‬ص‪‌ . 29‬‬
‫‪252‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫ىناؾ جانب آخر مف الفقو نادل بضركرة احتفاظ القاضي بسمطتو التقديرية لؤلدلة‬
‫العممية بما فييا التقنية ميما عمى شأنيا‪ ،‬فمو أف يأخذ بيا كلو أف يرفضيا ألم سبب مف‬
‫األسباب إذا رأل ذلؾ‪ 1‬تطبيقا لقاعدة القاضي خبير الخبراء‪ ،‬إذف فتكفر الدليؿ ال يعني‬
‫بالضركرة بأف القاضي ممزـ بالحكـ بمكجبو بؿ يخضع في تقديره لسمطة القاضي ألنو مف‬
‫خبلؿ ىذه السمطة يمكف لمقاضي استبعاد األدلة التي تـ الحصكؿ عمييا بطرؽ غير‬
‫مشركعة‪ ،‬كما يمكف لممتيـ أف يستفيد مف قاعدة "الشؾ يفسر لمصمحة المتيـ"‪.‬‬
‫لقد سار المشرع الجزائرم عمى ىذا الرأم لما أخضع جميع األدلة بما فييا الخبرة‬
‫التقنية لسمطة القاضي التقديرية ‪-‬سكاء في قبكؿ الدليؿ أك في تقديره‪ -‬بمكجب المادتيف‬
‫‪ 2212‬ك‪ 3215‬مف قانكف إج‪.‬ج‪.‬‬
‫كما كرس القضاء الجزائرم بدكره سمطة القاضي الجزائي في تقدير الخبرة مف‬
‫خبلؿ قرار المحكمة العميا الصادر في ‪ 1981/12/24‬عف القسـ الثاني لمغرفة الجزائية‬
‫الثانية في الطعف رقـ‪ 24880‬كالذم جاء فيو أف تقرير الخبرة ليس إال عنص ار مف‬
‫عناصر االقتناع يخضع لمناقشة األطراؼ كلتقدير قضاة المكضكع‪.4‬‬
‫ب‪‌.‬مظاىر سمطة القاضي الجزائي في تقدير رأم الخبير‪ :‬تتجمى مظاىر سمطة‬
‫القاضي الجزائي في تقدير رأم الخبير مف خبلؿ جكاز جزـ القاضي فيما لـ يستطع‬
‫الخبير الجزـ فيو عف طريؽ اإلستعانة باألدلة األخرل المتكفرة لديو‪ ،‬كما يمكنو أيضا‬
‫استبعاد الخبرة كمية إذا لـ يكف مقتنعا بيا كلو في ذلؾ كؿ الحرية‪ ،‬غير أنو ممزـ بتبييف‬

‫‪‌1‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 340‬‬
‫‪‌2‬تنص‌المادة‌‪‌212‬من‌ق‌إج‪‌.‬ج‪ٌ"‌.‬جوز‌إثبات‌الجرائم‌بأي‌طرٌق‌من‌طرق‌اإلثبات‌ما‌عدا‌األحوال‌التً‌ٌنص‌فٌها‌‬
‫القانون‌على‌ؼٌر‌ذلك‪‌.‬وللقاضً‌أن‌ٌصدر‌حكمه‌تبعا‌القتناعه‌الخاص‪"....‬‬
‫‪‌ 3‬تنص ‌المادة ‌‪‌ 215‬من ‌ق ‌إج‪‌ .‬ج‪"‌ .‬ال ‌تعتبر ‌المحاضر ‌المثبتة ‌للجناٌات ‌والجنح ‌إال ‌مجرد ‌استدالالت ‌ما ‌لم ‌ٌنص‌‬
‫القانون‌على‌خالؾ‌ذلك‪.‬‬
‫‪‌4‬وهذا‌ما‌أكده‌كل‌من‌المشرع‌والقضاء‌المصرٌٌن‪‌.‬‬
‫‪253‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أسباب اإلستبعاد‪ ،‬كلمقاضي الجزائي كؿ الحرية في ترجيح رأم خبير عمى رأم الخبير‬
‫اآلخر في حالة تعدد الخبرات‪.‬‬
‫قد يحصؿ أف يقتنع القاضي بجزء مف الخبرة كال يطمئف لمجزء اآلخر‪ ،‬كفي ىذه‬
‫الحالة يجكز لمقاضي أف يجزئ الخبرة‪ ،‬أم أنو يمكنو اف يأخذ بالجزء الذم يراه صائبا‬
‫كمقنعا كيطرح ما دكف ذلؾ تطبيقا ليذا المبدأ‪.‬‬
‫خبلصة القكؿ في مسألة تقدير القاضي الجزائي لرأم الخبير فإف مبدأ حرية‬
‫القاضي في اإلقتنا ع تعطي لمقاضي الحرية الكاممة في األخذ بالخبرة مف عدميا أك األخذ‬
‫بجزء منيا فقط‪ ،‬اما في حالة استبعادىا فإف ىذا ال يعني التشكيؾ في القدرات العممية أك‬
‫الفنية لمخبير أك في قيمة الخبرة العممية أك الفنية‪ ،‬بؿ القاضي ىك األدرل بمكضكع‬
‫الدعكل كظركفيا كمبلبساتيا‪ ،‬كىك األقدر عمى فيـ كتقديرىا‪ ،‬كما أف القاضي كحده مف‬
‫يستطيع تحديد مشركعية األدلة المطركحة أمامو مف عدميا بما في ذلؾ الخبرة‬
‫التقنية‪ ،‬فالقاضي ىك خبير الخبراء كيجب أف ينتيي كؿ ما يتعمؽ بالدعكل عند سمطتو‬
‫التقديرية‪.‬‬
‫‪ .3‬سمطة القاضي الجزائي في تسكية األدلة الجنائية التقنية بالقرائف‬
‫عرؼ المشرع الفرنسي القرائف بأنيا النتائج التي يستخمصيا القانكف أك القاضي مف‬
‫كاقعة معمكمة لمعرفة كاقعة مجيكلة‪ ،‬فيي إذف دليؿ غير مباشر يستمد منو القاضي‬
‫قناعتو إلدانة المتيـ أك تبرئتو‪ ،‬كالدليؿ التقني أقرب منو لمقرائف مف األدلة المادية فالقرائف‬
‫تعد أدلة كاممة في إطار اإلثبات في الجرائـ المعمكماتية طبقا لمبدأ حرية القاضي الجزائي‬
‫في تقدير اإلقتناع‪.1‬‬

‫‪‌1‬جمٌل‌عبد‌الباقً‌الصؽٌر‪‌،‬أدلة‌اإلثبات‌الجنائً‌والتكنولوجٌا‌الحدٌثة‪‌،‬دار‌النهضة‌العربٌة‪‌،‬القاهرة‪‌،2008‌،‬‬
‫ص‪‌ ‌.111‬‬
‫‪254‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫يمكف أف تككف القرائف قانكنية مستمدة مف نصكص تشريعية‪ ،‬كما يمكف اف تككف‬
‫قضائية يتـ استخبلصيا مف طرؼ القاضي الجزائي بناء عمى كقائع كمبلبسات‬
‫القضية‪ ،‬مثؿ كجكد بقعة دـ ثبت أنيا مف دـ الضحية عمى مبلبس المتيـ تعد قرينة عمى‬
‫مساىمة المتيـ في ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫كتختمؼ القرائف القضائية عف الدالئؿ أك القرائف التكميمية في أف األكلى تككف فييا‬
‫العبلقة كالصمة بيف الكاقعتيف قكية كمتينة كحتمية بما ال يترؾ أم مجاؿ لمشؾ‪ ،‬عمى‬
‫العكس في الثانية إذ تحتمؿ الكاقعة عدة تأكيبلت كاحتماالت‪.1‬‬
‫أ‪‌.‬األساس القانكني كالقضائي لمبدأ اإلقتناع القضائي‪ :‬نصت جؿ التشريعات‬
‫عمى مبدأ حرية كسمطة القاضي الجزائي في تقدير الدليؿ التقني‪ ،‬كتـ تكريسو مف طرؼ‬
‫منظكماتيا القضائية مف خبلؿ األحكاـ كالق اررات الصادرة عف محاكميا كىذا ما يشكؿ‬
‫أساسا قانكني كأساسا قضائيا ليذا المبدأ‪.‬‬
‫لقد تـ التطرؽ لؤلساس القانكني لمبدأ حرية القاضي الجزائي في قبكؿ الدليؿ التقني‬
‫كبما أف حرية القاضي الجزائي في تقدير الدليؿ جاءت مقركنة في أغمب األحياف بحريتو‬
‫في قبكليا كتفاديا لمتكرار سنذكر بالمكاد التي تنص عمى حرية القاضي في تقدير الدليؿ‬
‫بدكف شرح كلمتفصيؿ نحيؿ عمى الفرع الثاني مف المطمب السابؽ‪.‬‬
‫لقد نص المشرع الفرنسي عمى حرية اإلقتناع القضائي في المادة ‪ 342‬مف قانكف‬
‫تحقيؽ الجنايات أكدتو المادة ‪ 372‬مف قانكف الجرائـ كالعقكبات لسنة ‪ 1808‬ليتـ تكريسو‬
‫بمكجب المادة ‪ 353‬مف قانكف اإلجراءات الجنائية الفرنسي الصادر في‪.1959‬‬
‫كما نص عميو المشرع المصرم في المادة ‪ 302‬مف قانكف اإلجراءات الجنائية المصرم‬
‫ككذلؾ المشرع السكرم في المادة ‪ 17‬مف قانكف اإلجراءات السكرم‪.2‬‬

‫‪‌1‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.347‬‬
‫‪ ‌2‬أشرؾ‌عبد‌القادر‌قندٌل‪‌،‬النظرٌة‌العامة‌للبحث‌الجنائً‌وأثرها‌فً‌عقٌدة‌القاضً‪‌،‬دار‌الجامعة‌الجدٌدة‪‌،‬القاهرة‪‌،‬‬
‫‪‌،2011‬ص‌‪‌ .235‬‬
‫‪255‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أما المشرع الجزائرم فقد اعتمد ىك اآلخر ىذا المبدأ بمكجب المادة ‪ 212‬مف‬
‫قانكف اإلج‪.‬ج‪.‬‬
‫ب‪ ‌.‬األساس القضائي لمبدأ حرية القاضي الجزائي في اإلقتناع بالدليؿ التقني‪:‬‬
‫كما سبؽ الذكر فقد كرست العديد مف األحكاـ كالق اررات القضائية في جؿ المنظكمات‬
‫القضائية مبدأ حرية القاضي الجزائي في اإلقتناع كنذكر منيا عمى سبيؿ المثاؿ القضاء‬
‫الفرنسي كالبمجيكي ككذا المصرم دكف أف ننسى القضاء الجزائرم‪.‬‬
‫أما القضاء الفرنسي فقد تبنى ىذا المبدأ بمفيكمو الكاسع حيث جاء في قرار‬
‫لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ ..." 1971/11/17‬قضاة المكضكع يتمتعكف بسمطة‬
‫مطمقة في تككيف اقتناعيـ بناء عمى عناصر اإلثبات التي نكقشت اماميـ ال سيما كفقا‬
‫لمنتائج المستخمصة مف تقرير الخبير‪."1‬‬
‫كما جاء في قرار آخر ليا "كفقا لعبارات المادة ‪ 427‬مف قانكف اإلجراءات الجزائية‬
‫كالتي تقضي بانو فيما عدا الحاالت التي ينص فييا القانكف عمى خبلؼ ذلؾ فإف الجرائـ‬
‫تثبت بجميع طرؽ اإلثبات‪ ،‬كأف القاضي يحكـ كفقا إلقتناعو الداخمي‪ ،‬كينتج عف ذلؾ بأف‬
‫قضاة المكضكع يقدركف بشكؿ مطمؽ قيمة عناصر اإلثبات التي قدمت بشكؿ قانكني‬
‫أثناء المناقشات الحضكرية كيككف اقتناعيـ بناء عمييا"‪.‬‬
‫كما اف القضاء البمجيكي أيضا حذا حذك القضاء الفرنسي في تكريسو لممبدأ محؿ‬
‫الدراسة في عدة قضايا نذكر منيا حكـ لمحكمة النقض البمجيكية جاء فيو "لمقاضي في‬
‫شأف المكاد الجزائية الحؽ في أف ككف اقتناعو كفقا لعناصر اإلثبات كال شيء يمزمو‬
‫بتحديد ما يمثؿ دليؿ إدانة ضد المتيـ فالقانكف ال يطمب منو سكل اإلقتناع‪."2‬‬

‫‪‌‌1‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.313‬‬
‫‪‌2‬عمر‌محمد‌بن‌ٌونس‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ ‌.18‬‬
‫‪256‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أما عمى الصعيد العربي فقد أكدت محكمة النقض المصرية في الكثير مف ق ارراتيا‬
‫عمى أف القاضي حر في تككيف اقتناعو مف أم دليؿ يطرح أمامو ما لـ ينص القانكف‬
‫عمى خبلؼ ذلؾ‪ ،‬كنذكر في ىذا الشأف النقض رقـ ‪ 245/98‬بتاريخ ‪1998/02/16‬‬
‫كالذم جاء فيو "إف القانكف قد امد القاضي في المسائؿ الجنائية بسمطة كاسعة كحرية‬
‫كاممة في سبيؿ تقصي ثبكت الجرائـ أك عدـ ثبكتيا كالكقكؼ عمى حقيقة عبلقة المتيميف‬
‫كمقدار اتصاليـ بيا‪ ،‬ففتح لو باب اإلثبات عمى مصراعيو يختار مف طرقو ما يراه‬
‫مكصبل عمى الكشؼ عف الحقيقة كيزف قكة اإلثبات المستمدة مف كؿ عنصر بمحض‬
‫كجدانو فيأخذ ما تطمئف إليو عقيدتو‪ ،‬كيطرح ما ال يرتاح إليو‪.1"...‬‬
‫أما القضاء الجزائرم فيك بدكره أيضا لـ يخرج عف القاعدة إذ كرست العديد مف‬
‫ق اررات المحكمة العميا مبدأ حرية القاضي الجزائي في اإلقتناع كالتي نذكر منيا عمى‬
‫سبيؿ المثاؿ قرار المحكمة العميا بتاريخ ‪ 1987/06/30‬في الممؼ رقـ‪ 56971‬كالذم‬
‫جاء فيو "مف المقرر قانكنا انو ال يطمب مف القضاة المشكميف لمحكمة الجنايات أف يقدمكا‬
‫حسابا عف الكسائؿ التي بيا قد كصمكا إلى تككيف اقتناعيـ الشخصي‪ ،‬كال يرسـ ليـ بيا‬
‫قكاعد يتعيف عمييـ اف يخضعكا ليا‪ ،‬عمى األ خص تقدير تماـ أك كفاية دليؿ ما‪ ،‬كمف ثمة‬
‫فإف النعي عمى الحكـ المطعكف فيو بخرؽ القانكف غير سديد‪ ،‬مما يستكجب رفضو‪ ،‬كلما‬
‫كاف الثابت في قضية الحاؿ أف الحكـ الصادر عف محكمة الجنايات بالبراءة كاف بأغمبية‬
‫االصكات‪ ،‬كاف األسئمة قد طرحت بصفة قانكنية‪ ،‬كأف األجكبة المعطاة كانت حسب‬
‫اإلقتناع الشخصي لمقضاة الذم ال يخضع لرقابة المحكمة العميا‪ ،‬كمتى كاف ذلؾ استكجب‬
‫رفض الطعف"‪.2‬‬

‫‪ ‌ 1‬حسٌن ‌علً ‌محمد ‌النقبً‪‌ ،‬سلطة ‌القاضً ‌الجنائً ‌فً ‌تقدٌر ‌األدلة‪‌ ،‬دراسة ‌مقارنة‪‌ ،‬دار ‌النهضة ‌العربٌة‪‌ ،‬القاهرة‪‌،‬‬
‫‪‌،2007‬ص‌‪‌ .297‬‬
‫‪‌2‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.315،316‬‬
‫‪257‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫خبلصة القكؿ أف جؿ التشريعات كالمنظكمات القضائية تكرس مبدأ حرية القاضي‬


‫الجزائي في اإلقتناع باألدلة بما فييا الدليؿ التقني باعتباره طريقة مف طرؽ اإلثبات في‬
‫ظؿ نظاـ اإلثبات الحر كفي ظؿ تنظيـ إجراءات الحصكؿ عميو بمكجب نصكص قانكنية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫ضمانات حرية القاضي في اإلقتناع باألدلة التقنية‬


‫صحيح أف المشرع الجزائرم كعمى غرار الكثير مف التشريعات قد منح لمقاضي‬
‫الجزائي الحرية الكاممة في قبكؿ األدلة ككذا في تقديرىا كاألخذ بيا بما فييا الدليؿ التقني‬
‫غير أف ىذه الحرية ليست مطمقة بؿ تخضع لقيكد كضمانات في ممارستيا‪ ،‬إذا أصدر‬
‫القاضي حكمو دكف مراعاتيا يككف حكمو معيبا مما يعرضو لمنقض‪.‬‬
‫كىذه القيكد كالضمانات إما تتعمؽ بالدليؿ في حد ذاتو كاما تتعمؽ باقتناع القاضي‪.‬‬
‫أكال‪ :‬القيكد المتعمقة بالدليؿ‬
‫تتمثؿ في قطعية الدليؿ ككجكب مناقشتو أماـ القاضي‪.‬‬
‫ؾ فيو أف األدلة التقنية ميما كاف مصدرىا سكاء كاف‬
‫‪ .1‬قطعية الدليؿ‪ :‬مما ال ش ّ‬
‫بيانات أك معمكمات رقمية أك أقراص ممغنطة أك اشرطة أك تسجيبلت أك مصغرات فيممية‬
‫أك غير ذلؾ تحصى بالمصداقية‪ ،‬غير أف ىذا ال ينفي إمكانية تعديؿ الدليؿ أك التبلعب‬
‫بو‪ ،‬كما أف احتماؿ الخطأ فيو يبقى كاردا‪ ،‬لذلؾ يجب قبؿ قبكؿ الدليؿ التقني كالحكـ‬
‫بمكجبو أف يتأكد القاضي مف مصداقيتو كقطعيتو‪ ،‬كيككف ىذا الدليؿ قطعيا إذا كاف‬
‫صحيحا‪ ،‬كيتـ التحقؽ مف صحة كقطعية الدليؿ التقني بإخضاعو لمتقييـ الفني عف طريؽ‬
‫كسائؿ تقنية مف نفس طبيعة الدليؿ كبيئتو تمكف مف فحص الدليؿ التقني لمتأكد مف سبلمة‬
‫كصحة اإلجراءات المتبعة في طريقة الحصكؿ عميو‪.1‬‬

‫‪‌1‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.354‬‬
‫‪258‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫أما التأكد مف سبلمة الدليؿ التقني مف العبث أك التعديؿ فتككف باستعماؿ عدة برامج‬
‫كتقنيات نذكر منيا‪:1‬‬
‫أ‪‌-‬فكرة التحميؿ التناظرم‪ :‬كمف خبلؿ ىذه التقنية تتـ مقارنة الدليؿ التقني‬
‫مكضكع المناقشة اماـ القاضي مع األصؿ المدرج في اآللة الرقمية التي تـ استخبلصو‬
‫منيا‪ ،2‬فإذا كانا متطابقيف كاف الدليؿ صحيحا كقطعيا‪ ،‬كاذا حصؿ العكس فإف مصداقية‬
‫ىذا الدليؿ تتبلشى‪.‬‬
‫ب‪‌-‬تقنية الخكارزميات‪ :‬كىذه التقنية المعركفة ىي عبارة عف عمميات حسابية مف‬
‫نكع خاص يتـ المجكء إلييا في حالة عدـ تكفر النسخ األصمية لمدليؿ التقني كتمكف مف‬
‫الكشؼ عف حصكؿ أم تعديؿ أك عبث في الدليؿ التقني‪ ،‬أك التأكد مف عدـ حصكؿ‬
‫ذلؾ‪.‬‬
‫ج‪‌-‬الدليؿ المحايد‪ :‬كىك دليؿ رقمي مخزف في المنظكمة المعمكماتية ال تربطو‬
‫أية عبلقة بالجريمة غير أنو يمكف مف الكشؼ عف أم عممية تعديؿ أجريت عمى الدليؿ‬
‫التقني‪.‬‬
‫أما سبلمة اإلجراءات التقنية المستعممة في الحصكؿ عمى ىذا النكع مف األدلة‬
‫فيتـ التأكد منيا بداية باالعتماد عمى أجيزة كأدكات كبرامج تتمتع بالمصداقية في مجاؿ‬
‫تقنية المعمكمات كالتي أثبتت التجارب كالدراسات العممية نجاعتيا ككفاءتيا‪ ،‬ليتـ بعد ذلؾ‬
‫إخضاع ىذه األدكات كالبرامج المستخدمة في استخبلص الدليؿ لمتجارب كاالختبارات‬
‫العممية‪.‬‬
‫‪ .2‬كجكب مناقشة الدليؿ‪ :‬فالقاضي يجب أف يبني اقتناعو كحكمو عمى أدلة تـ‬
‫عرضيا عمى المحكمة في معرض المرافعات‪ ،‬كخضعت لحرية المناقشة مف طرؼ أطراؼ‬

‫‪‌ 1‬ممدوح‌عبد‌الحلٌم‌عبد‌المطلب‪‌،‬البحث‌والتحقٌق‌الجنائً‌الرقمً‌فً‌جرائم‌الحاسب‌اآللً ‌واألنترنت‪‌،‬دار‌الفكر‌‬


‫القانونٌة‪‌،‬مصر‪‌،2006‌،‬ص‌‪‌ .47‬‬
‫‪‌2‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪.355‬‬
‫‪259‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫الدعكل حضكريا أماـ قاضي المكضكع‪ ،‬فبل يسكغ لمقاضي أف يصدر حكمو بناء عمى‬
‫دليؿ قدـ لو بعد غمؽ باب المرافعات‪ ،‬كما ال يجكز لو الحكـ بناء عمى معمكماتو‬
‫الشخصية كال عمى معمكمات الغير‪.1‬‬
‫قد كرست اغمب التشريعات إف لـ نقؿ كميا ىذه القاعدة‪ ،2‬عمى غرار المشرع‬
‫الجزائرم الذم نص عمى مبدأ كجكب مناقشة الدليؿ بمكجب المادة ‪ 212‬مف قانكف‬
‫إج‪.‬ج‪ ،‬كالتي جاء فييا "‪ ...‬كال يسكغ لمقاضي أف يبني حكمو إال عمى األدلة المقدمة في‬
‫معرض المرافعات كالتي حصمت المناقشة فييا حضكريا أمامو"‪ ،‬كقد كرست المحكمة‬
‫العميا ىذا المبدأ أيضا مف خبلؿ الق اررات الصادرة عنيا في ىذا الشأف كنذكر منيا عمى‬
‫سبيؿ المثاؿ قرارىا الصادر بتاريخ ‪ 1982/01/21‬الفاصؿ في الطعف الجنائي كالذم‬
‫جاء فيو "‪...‬ال يمكف لقضاة المكضكع أف يؤسسكا حكميـ إال عمى األدلة المقدمة في أثناء‬
‫المرافعات كالتي تتـ مناقشتيا حضكريا عمبل بالمادة ‪ 212‬مف قانكف اإلج‪.‬ج‪."...‬‬
‫يترتب عمى الحكـ بناء عمى دليؿ لـ يخضع لمبدأ حرية المناقشة اماـ القاضي‬
‫بطبلف الحكـ كتعرضو لمنقض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القيكد المتعمقة بالقاضي‬


‫تتمثؿ ىذه الضمانات في يقينية الدليؿ التقني كلزكـ تسبيب الحكـ‪.‬‬
‫‪ .1‬يقينية الدليؿ التقني‪ :‬كاليقيف في القانكف الجنائي ىك عبارة عف حالة ذىنية‬
‫تترسخ لدل القاضي تؤكد كجكد الحقيقة كيتـ الكصكؿ إلى اليقيف عف طريؽ ما يستنتجو‬
‫القاضي مف خبلؿ ما يعرض عميو مف أدلة كمبلبسات الجريمة أثناء جمسات المحاكمة‪.3‬‬

‫‪‌1‬حسٌن‌محمد‌علً‌النقبً‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .400‬‬
‫‪‌2‬على‌ؼرار‌المشرع‌المصري‌الذي‌نص‌على‌مبدأ‌مناقشة‌األدلة‌بموجب‌المادة‌‪‌302‬من‌قانون‌اإلجراءات‌الجزائٌة‌‬
‫المصري‌إذ‌تنص‌"‪‌...‬ومع‌ذلك‌ال‌ٌجوز‌للقاضً‌أن‌ٌبنً‌حكمه‌على‌أي‌دلٌل‌لم‌ٌطرح‌فً‌الجلسة"‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‌بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ .364‬‬
‫‪260‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫فالقاضي ممزـ في حكمو ببناء اقتناعو عمى الجزـ كاليقيف‪ ،‬فبل يمكنو إدانة متيـ‬
‫إال إذا كاف متيقنا كمتأكدا مف تكرط المتيـ فبل يجكز لو أف يصدر حكمو باإلدانة بناء‬
‫عمى مجرد الشؾ‪ ،‬حيث أنو ال يتـ استبعاد قرينة البراءة إال بالجزـ كاليقيف ال بمجرد الظف‬
‫كلمقاضي في سبيؿ ذلؾ اإلستعانة بكؿ سبؿ اإلثبات‪ ،‬كلو أف يتحرل عف األدلة بنفسو‪.‬‬
‫يشترط في األدلة المستخرجة مف الكمبيكتر كاألنترنت أف تككف غير قابمة لمشؾ‬
‫حتى يمكف لمحكـ باإلدانة‪ ،‬ذلؾ أنو ال مجاؿ لدحض قرينة البراءة كافتراض عكسيا إال‬
‫عندما يصؿ اقتناع القاضي الجزائي إلى حد الجزـ كاليقيف‪ ،1‬كيصؿ ىذا األخير إلى‬
‫اليقيف مف خبلؿ معارفو الحسية كالعقمية كالمعمكماتية‪.2‬‬
‫بالتالي إذا لـ يصؿ القاضي إلى درجة اليقيف فعميو تبرئة المتيـ إعماال لقاعدة‬
‫"الشؾ يفسر لمصمحة المتيـ‪ .‬كمفاد ىذه القاعدة أنو إذا لـ يطمئف القاضي لثبكت‬
‫التيمة‪ ،‬أك في حالة عدـ كفاية األدلة المقدمة ضد المتيـ فإف القاضي يككف ممزما بالحكـ‬
‫بالبراءة‪.‬‬
‫تعد ىذه القاع دة مف أىـ ضمانات التطبيؽ الحازـ لمبدأ حرية اإلقتناع الشخصي‬
‫لمقاضي الجزائي‪.3‬‬
‫ل قد نصت غالبية التشريعات العالمية عمى مضمكف ىذه القاعدة عمى غرار المشرع‬
‫الجزائرم الذم أقر قاعدة "الشؾ يفسر لمصمحة المتيـ" في دستكر ‪ 1996‬بمكجب المادة‬
‫‪ 45‬منو‪ ،‬غير أنو لـ يتناكليا في قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،4‬في حيف أف المحكمة العميا‬
‫كرستيا العديد مف ق ارراتيا‪ ،‬كمف بينيا القرار الصادر في ‪ 1981/11/12‬عف القسـ‬
‫الثاني لمغرفة الجزائية الثانية في الطعف رقـ ‪ 22416‬الذم جاء فيو "األصؿ في اإلنساف‬

‫‪‌1‬إحسان‌طبال‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‪‌ .148‬‬
‫‪‌2‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 518‬‬
‫‪‌3‬بن‌فردٌة‌محمد‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 367‬‬
‫‪‌ 4‬أما‌المشرع‌الفرنسً‌فقد‌نص‌على‌هذه‌القاعدة‌بموجب‌المواد‌من‌‪‌ 355‬إلى‌‪‌ 360‬من‌قانون‌اإلجراءات‌الجزائٌة‌‬
‫الفرنسً‪‌ .‬‬
‫‪261‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫البراءة حتى تثبت إدانتو‪ ،‬كقد تبنى دستكر ‪ 1996‬ىذا المبدأ في المادة ‪ 45‬إذ نص عمى‬
‫أف كؿ شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جية نظامية إدانتو مع كؿ الضمانات التي يتطمبيا‬
‫القانكف كترتيبا عمى ذلؾ فإف األحكاـ كالق اررات ال تبنى عمى الشؾ كاالفتراضات كانما‬
‫عمى اليقيف كالجزـ‪."...‬‬
‫في حالة حكـ القاضي بناء عمى الشؾ كاإلحتماؿ فإف حكمو يككف معيبا مما‬
‫يجعمو قاببل لمنقض عمى مستكل المحكمة العميا‪.1‬‬
‫‪ .2‬تسبيب الحكـ‪ :‬حيث أكجب القانكف أف يشمؿ الحكـ عمى األسباب التي بني‬
‫عمييا‪ ،‬فكؿ حكـ باإلدانة يجب أف يشمؿ عمى بياف الكقائع المكجبة لمعقكبة‪ ،‬كالظركؼ‬
‫كالمبلبسات التي كقعت فييا‪ ،‬كاألسس القانكنية التي تـ عمى أساسيا تقدير العقكبة‪.‬‬
‫عمى القاضي أثناء تسبيبو لحكمو اف يتفادل الغمكض كاإلبياـ‪ ،‬فبل يكفي ذكر‬
‫الدليؿ كحسب‪ ،‬بؿ يجب التعرض لمضمكف الدليؿ‪.2‬‬
‫كما يجب عمى القاضي أيضا أف يتفادل في تسبيبو لحكمو التناقض‪ ،‬سكاء بيف‬
‫الدليؿ كمنطكؽ الحكـ كأف يككف الدليؿ يبرئ المتيـ في حيف أف المنطكؽ يدينو‪ ،‬أك كاف‬
‫ىذا التناقض بيف األدلة فيما بينيا‪ ،‬فبل يعقؿ أف يتـ تسبيب الحكـ بأدلة بعضيا يديف‬
‫المتيـ كالبعض اآلخر يبرئو‪.3‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أف قاعدة تسبيب الحكـ ىي األخرل تعد مف أعظـ ضمانات‬
‫تطبيؽ مبدأ اإلقتناع الشخصي لمقاضي‪.4‬‬

‫‪‌1‬رشٌدة‌بوكر‪‌،‬مرجع‌سابق‪‌،‬ص‌‪‌ 519‬‬
‫‪‌2‬أنظر‌المادة‌‪‌379‬من‌قانون‌اإلجراءات‌الجزائٌة‌الجزائري ‌‬
‫‪‌ 3‬جاء على لسان القاضً ‪‌ Krever‬قاضً محكمة اإلستئناؾ الكندٌة فً معرض تسبٌبه عن أحكامه ببراءة متهم فً‌‬
‫جرٌمة معلوماتٌة‪‌:‬إن هذا ‌الحكم وإن كان ٌبدو ؼٌر مناسب للوفاء لحاجات المجتمع الحدٌث خاصة بعد أن دخل هذا‌‬
‫المجتمع عصر المعلومات إال أن الحل الوحٌد فً ٌد‌المشرع الذي علٌه تؽٌٌر القانون ألن المحكمة لٌس لها محاولة‌‬
‫مط القوانٌن القدٌمة كً تعالج مشكالت تقع خارج تصور هذه القوانٌن‪‌ .‬‬
‫‪‌ 4‬ل قد ‌أقرت ‌العدٌد ‌من ‌التشرٌعات ‌هذه ‌القاعدة ‌على ‌ؼرار ‌المشرع ‌المصري ‌فً‌المادة ‌‪‌ 310‬من ‌قانون ‌اإلجراءات‌‬
‫الجزائٌة‌المصري‪‌ .‬‬
‫‪262‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كحكصمة لما سبؽ نرل أف تنامي ظاىرة الجرائـ المعمكماتية عبر الكطنية‪ ،‬كتخطي‬
‫آثارىا حدكد الدكؿ‪ ،‬أفرز جممة مف التحديات القانكنية عمى الصعيد اإلجرائي تجسدت في‬
‫المقاـ األكؿ في بعض الصعكبات التي تكتنؼ إثبات ىذه الجرائـ كقبكؿ الدليؿ بشأنيا‬
‫باعتبارىا ال تترؾ أث انر ماديان مممكسان‪ ،‬كما ىك الحاؿ في الجرائـ التقميدية‪.‬‬
‫فضبلن عما يثيره ذلؾ مف عقبات تكاجو األجيزة القضائية كاألمنية في سبيؿ مباشرة‬
‫بعض اإلجراءات عبر الحدكد كالمعاينة كالتفتيش كالضبط في نطاؽ البيئة‬
‫االفتراضية‪ ،‬يضاؼ إلى ىذا كذاؾ مشكمة تنازع االختصاص بصدد ىذه الجرائـ باعتبار‬
‫أف آثارىا تتجاكز حدكد الدكؿ‪ ،‬األمر الذم يجعؿ الحمكؿ الكطنية غير مجدية‪ ،‬كتظؿ‬
‫مشكبة بالقصكر كعدـ النجاعة‪.‬‬
‫ختاما ليذا الباب نرل أنو كبالرغـ مف أف المشرع سارع لتدارؾ ىذا األمر‬
‫مؤخرا‪ ،‬فاستحدث أحكاما قانكنية لحماية البرامج كىذا ضمف األمر رقـ ‪ 10-97‬المؤرخ‬
‫في ‪ 1997/03/06‬المتعمؽ بحؽ المؤلؼ كالحقكؽ المجاكرة‪ ،‬كتـ تعديمو بمكجب األمر‬
‫‪ 05-03‬الصادر بتاريخ ‪ 2003/07/19‬المتعمؽ بحؽ المؤلؼ كالحقكؽ المجاكرة المعدؿ‬
‫كالمتمـ لؤلمر ‪ ،14-73‬ككذا التعديؿ األخير لقانكف العقكبات ‪ 15-04‬المؤرخ في‬
‫‪ 2004/11/10‬المعدؿ كالمتمـ لؤلمر ‪ 156-66‬المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضمف‬
‫قانكف العقكبات‪ ،‬الذم عالج فيو المساس بأنظمة المعالجة اآللية لمبيانات‪ ،‬باإلضافة إال‬
‫أف ما يعاب عمى المشرع أنو بالرغـ مف كضعو لمنصكص عقابية رادعة إال أنيا تبقى‬
‫دائما كمادة خاـ غير قابمة لمتطبيؽ‪ ،‬ذلؾ أنيا تحتاج إلى نصكص إجرائية تبلزميا نظ ار‬
‫لما تمتاز بو الجريمة المعمكماتية مف خصكصية تختمؼ عف باقي الجرائـ‪ ،‬رغـ أف‬
‫القكانيف اإلجرائية ليست بأسعد حظ مف القكانيف العقابية‪ ،‬كىذا راجع إلى صعكبة استيعاب‬
‫األنكاع الجديدة مف الجرائـ التي جاءت بيا ثكرة المعمكمات عف بعد‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫مكافحة اجلرمية املعلوماتية على املستوى الداخلي‬ ‫الباب الثاين‬

‫كعميو فبل يكجد شؾ في كجكد صعكبة كبيرة في اثبات جرائـ االعتداء عمى نظـ‬
‫المعالجة اآللية لممعطيات‪ ،‬بالنظر إلى الطبيعة التككينية لمدليؿ الذم يتحصؿ منيا‪ ،‬فضبل‬
‫عف الحاجة إلى المعرفة العممية كالفنية كالتي قد ال تتكافر لدل رجاؿ العدالة‪.‬‬
‫عصية عمى الحؿ‬
‫ّ‬ ‫فرغـ الجيكد التي ب ِذلت كال تزاؿ تبذؿ‪ ،‬فإف ىذه التحديات تبقى‬
‫في كثير مف األحياف في غياب استراتيجية كاضحة لمتعامؿ مع ىذه الطائفة مف الجرائـ‬
‫كمرتكبييا السيما في الدكؿ التي لـ تبادر بعد إلى تعديؿ تشريعاتيا بما يكفؿ تجاكز‬
‫القكالب القانكنية التقميدية التي لـ تعد تناسب ىذا العصر‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫___________________________ خاتمة ____________________________‬

‫الخاتمػػػػػػػػػػػػػة‬
‫عرؼ العالـ خبلؿ السنكات األخيرة تقدما غير مسبكؽ في مجاالت اإلعبلـ‬
‫كاإلتصاؿ‪ ،‬التي أصبحت تعتمد أكثر فأكثر عمى االبتكا ارت الجديدة في مجاؿ‬
‫المعمكماتية ( االنترنت‪ ،‬الرقمنة‪ ،)...‬فقد أصبح مف الكاضح اليكـ أف ىناؾ ارتباط كثيؽ‬
‫بيف النتائج التي تقدميا باستمرار صناعة تكنكلكجيا المعمكمات كاالتصاالت كطرؽ‬
‫ارتكاب الجرائـ المعمكماتية‪ ،‬التي الزالت مخاطرىا في ازدياد مطرد مع ما تقدمو ليا ىذه‬
‫التكنكلكجيات الحديثة‪.‬‬

‫حيث بدأت ىذه الجرائـ تيدد اإلقتصاد العالمي نتيجة الخسائر الكبيرة الناتجة‬
‫عنيا‪ ،‬مما دفع بالعديد مف الدكؿ إلى مكاكبة ىذا التطكر التكنكلكجي بكضع النصكص‬
‫المبلئمة لمختمؼ استعماالت االعبلـ اآللي‪ ،‬كما تـ كضع قكانيف خاصة لمكاجية‬
‫اإلجراـ المعمكماتي‪.‬‬

‫كألف تنظيـ مجاؿ المعمكماتية كسف تشريعات بيذا الخصكص يساىـ في زرع‬
‫الثقة في ثقافة المجتمع عامة‪ ،‬كىذا بدكره يشجع عمى زيادة استخداـ كسائؿ تقنية‬
‫المعمكمات بدكف ىضـ لمحقكؽ‪ ،‬كبدكف خكؼ مف العكاقب السمبية‪ ،‬حيث صار مف‬
‫الضركرم كضع القكاعد العامة الستخداـ التقنية في مختمؼ التعامبلت كتسييؿ‬
‫استخداميا عمى الصعيديف المحمي كالدكلي‪ ،‬كما أف مكافحة الجرائـ المعمكماتية تسعى‬
‫إلى تحقيؽ التكازف الضركرم بيف مصمحة المجتمع في االستعانة بالتقنية الحديثة‬
‫كمصمحة االنساف في حماية حياتو الخاصة كالحفاظ عمى اسراره‪ ،‬كالمساعدة عمى‬
‫تحقيؽ األمف المعمكماتي كتطكيره‪ ،‬كىك ما بات أم ار حتميا أماـ قياـ امبراطكرية‬
‫المعمكماتية‪ ،‬كانشاء ما يسمى بالحككمات االلكتركنية‪ ،‬فضبل عف ازدىار التعامبلت‬
‫االلكتركنية كالتي أضحت بحاجة ماسة إلى حماية قانكنية‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫___________________________ خاتمة ____________________________‬

‫أما في مجاؿ الجيكد الدكلية المبذكلة لمجابية ظاىرة االجراـ المعمكماتي يمكف‬
‫القكؿ بأف بعض االتفاقيات الدكلية ال تزاؿ تتخذ كمرجع لصياغة النصكص المتعمقة‬
‫بكضع اإلطار القانكني لحماية النظاـ المعمكماتي بشكؿ عاـ كمنيا اتفاقية‬
‫تريبس‪ ،‬باإلضافة إلى اتفاقية برف‪ ،‬كالمتاف تظبلف مف أىـ األطر القانكنية القائمة كآليات‬
‫دكلية لفرض الحماية القانكنية المطمكبة‪ ،‬كالتي ظمت تدفع في اتجاه خمؽ ضكابط أخرل‬
‫إذ تجدر اإلشارة إلى معاىدة جنيؼ الخاصة بقانكف العبلمات التجارية كالئحتيا التنفيذية‬
‫كالتي أبرزتيا إلى كجكد المنظمة العالمية لمممكية الفكرية (الكيبك)‪.‬‬

‫أما عمى المستكل االقميمي فقد أصدر مجمس االتحاد األكركبي في ‪ 23‬نكفمبر‬
‫‪ 2001‬اتفاقية بكدابست المشار إلييا كالمتعمقة بمكافحة االجراـ المعمكماتي كالتي تعتبر‬
‫مرجعا ال يستياف بو في ميداف محاربة اإلجراـ السيبيرم سكاء بالنسبة لبعض االتفاقيات‬
‫البلحقة ذات الصمة أك بالنسبة لمتشريعات الداخمية لبعض الدكؿ‪.‬‬

‫أما عمى الصعيد العربي فقد صدر القانكف العربي النمكذجي االسترشادم‬
‫بخصكص مكافحة جرائـ الكمبيكتر كاالنترنت كثمرة عمؿ مشترؾ بيف مجمس كزراء‬
‫الداخمية العرب كمجمس كزراء العدؿ العرب في نطاؽ األمانة العامة لجامعة الدكؿ‬
‫العربية بعد أف قدـ كبل المجمسيف مشركعا بخصكص مكافحة الجريمة المعمكماتية‪.‬‬

‫كفي الجزائر يبدك أف ىناؾ محاكالت لتطكير المنظكمة القانكنية كتكييفيا مع‬
‫المعطيات الدكلية مف خبلؿ اصدار تشريعات تكاكب التطكر الحاصؿ في المجاؿ‬
‫المعمكماتي‪ ،‬كمف أبرز تمؾ التعديبلت ما أكرده في ‪ 05-03‬الصادر في‬
‫‪ 2003/07/19‬كالمتعمؽ بحقكؽ المؤلؼ كالحقكؽ المجاكرة كالتي أدرجت برنامج‬
‫الخاصة التي‬
‫ّ‬ ‫الحاسكب ضمف المؤلفات مضمكنة الحماية‪ ،‬باإلضافة إلى النصكص‬
‫المعدؿ‬
‫ّ‬ ‫المشرع في تعديمو األخير لمقانكف (‪ )15–04‬المؤرخ في ‪2004/11/10‬‬
‫ّ‬ ‫تبناىا‬
‫ّ‬

‫‪266‬‬
‫___________________________ خاتمة ____________________________‬

‫قانكف‬ ‫المتضمف‬
‫ّ‬ ‫في ‪،1966/06/08‬‬ ‫المؤرخ‬ ‫(‪)156–66‬‬ ‫لؤلمر‬ ‫المتمـ‬
‫ك ّ‬
‫العقكبات‪ ،‬كيشمؿ المكاد مف ‪ 394‬إلى ‪ 394‬مكرر ‪ ،7‬فتعتبر مكافحة فعالة نظ ار لما‬
‫تمتاز بو مف شمكلية‪ ،‬بحيث جاءت لتشمؿ أغمب الجرائـ التي قد تمس نظاـ المعالجة‬
‫اآللية لممعطيات بصفة عامة‪ ،‬ككذا تضمنت أغمب الجرائـ التي قد تمس البيانات‬
‫كالمعطيات المككنة ليذا النظاـ‪ ،‬غير أنيا تحتاج إلى نصكص إجرائية تبلزميا نظ ار لما‬
‫تمتاز بو الجريمة المعمكماتية مف خصكصية تختمؼ عف باقي الجرائـ‪ ،‬ذلؾ أف غالبية‬
‫ىذه االفعاؿ ترتكب مف قبؿ اشخاص مف خارج الحدكد اك انيا تمر عبر شبكات‬
‫معمكمات كانظمة معمكمات خارج الحدكد حتى عندما يرتكبيا شخص مف داخؿ الدكلة‬
‫عمى نظاـ في الدكلة نفسيا‪ ،‬كىك ما يبرز اىمية امتحاف قكاعد االختصاص كالقانكف‬
‫الكاجب التطبيؽ كما اذا كانت النظريات كالقكاعد القائمة في ىذا الحقؿ تطاؿ ىذه‬
‫الجرائـ اـ يتعيف افراد قكاعد خاصة بيا في ضكء خصكصيتيا كما تثيره مف مشكبلت‬
‫في حقؿ االختصاص القضائي‪ ،‬كيرتبط بمشكبلت االختصاص كتطبيؽ القانكف‬
‫مشكبلت امتداد انشطة المبلحقة كالتحرم كالضبط كالتفتيش خارج الحدكد كما يحتاجو‬
‫ذلؾ الى تعاكف دكلي شامؿ لممكازنة بيف مكجبات المكافحة ككجكب حماية السيادة‬
‫الكطنية‪.‬‬

‫اذف فالبعد االجرائي لجرائـ الكمبيكتر كاالنترنت ينطكم عمى تحديات كمشكبلت‬
‫جمة‪ ،‬عناكينيا الرئيسة‪ ،‬الحاجة الى سرعة الكشؼ خشية ضياع الدليؿ‪ ،‬كخصكصية‬
‫قكاعد التفتيش كالضبط المبلئمة ليذه الجرائـ‪ ،‬كقانكنية كحجية ادلة جرائـ الكمبيكتر‬
‫كاالنترنت‪ ،‬كمشكبلت االختصاص القضائي كالقانكف الكاجب التطبيؽ‪.‬‬

‫الحاجة الى تعاكف دكلي شامؿ في حقؿ امتداد اجراءات التحقيؽ كالمبلحقة‬
‫خارج الحدكد‪ ،‬كىذه المشكبلت كانت كال تزاؿ محؿ اىتماـ الصعيديف الكطني كالدكلي‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫___________________________ خاتمة ____________________________‬

‫كلقد تكصمت مف خبلؿ ىذه األطركحة إلى اإلقتراحات التالية‪:‬‬

‫عمى الصعيد الدكلي‪:‬‬

‫‪ .1‬استحداث تشريعات نمكذجية لمكافحة الجريمة المعمكماتية يمكف تطبيقيا‬


‫عالميان‪ ،‬كقابمة لبلستخداـ مع مراعاة التدابير التشريعية القائمة عمى الصعيديف‬
‫الكطني كاإلقميمي‪ ،‬عمى أف يككف برعاية مف األمـ المتحدة كبمشاركة مف كؿ الفاعميف‬
‫في ىذا المجاؿ‪.‬‬
‫‪ .2‬ضركرة تعزيز الجيكد الدكلية الرامية إلى مكافحة الجريمة المعمكماتية بغرض‬
‫صكغ صؾ شامؿ متعدد األطراؼ‪ ،‬يضع معالـ نيج دكلي في مجاالت‬
‫التجريـ‪ ،‬كالصبلحيات اإلجرائية‪ ،‬كالكالية القضائية‪ ،‬كالتعاكف الدكلي‪.‬‬
‫‪ .3‬حث الدكؿ العربية عمى إبراـ اتفاقية فيما بينيا عمى غرار االتفاقية األكركبية‬
‫بغية تعزيز التعاكف القضائي كالشرطي بجميع صكره لمكاجية التحديات اإلجرائية‬
‫الناجمة عف الجرائـ المعمكماتية عبر الكطنية‪.‬‬
‫‪ .4‬ضركرة مجانسة التشريعات الخاصة بالفضاء المعمكماتي كاالستخداـ اآلمف‬
‫لؤلنترنت في المنطقة العربية‪.‬‬
‫‪ .5‬الدعكة إلى تكسيع آليات التعاكف العربي في مجاؿ مكافحة الجريمة‬
‫المعمكماتية‪ ،‬كفتح القنكات العاجمة لطمب المساعدة القانكنية المتبادلة‪.‬‬

‫عمى الصعيد المحمي‪:‬‬

‫‪ .1‬رسـ استراتيجية متكاممة لؤلمف االلكتركني كمكافحة الجرائـ االلكتركنية‬


‫بإشراؾ جميع القطاعات الحككمية‪ ،‬كالخاصة المعنية‪ ،‬كتكفير التغطية التقنية كالمالية‬
‫إلنفاذىا‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫___________________________ خاتمة ____________________________‬

‫‪ .2‬سد الفراغ التشريعي في مجاالت البيئة الرقمية بتشعباتيا كافة مع إصدار‬


‫المذكرات التكضيحية لمتشريعات‪ ،‬السيما في مجاؿ مكافحة الجريمة اإللكتركنية‪ ،‬عمى‬
‫أف يككف شامبل لمقكاعد المكضكعية كاإلجرائية‪ ،‬مع الحرص عمى أف تككف ىذه‬
‫التشريعات منبثقة مف المجتمع المحمي كعدـ استيرادىا جاىزة حرصا عمى فعاليتيا‪.‬‬
‫تعرضو لئلساءة عبر‬
‫‪ .3‬الدعكة إلى خمؽ حدكد كقكانيف تحمي الطفؿ مف ّ‬
‫الفضاء المعمكماتي‪ ،‬كاالستفادة مف التجارب المقارنة في ىذا اإلطار‪.‬‬
‫‪ .4‬اإلسراع في كضع الحككمة االلكتركنية قيد التنفيذ‪ ،‬كبالتبعية تدريب كافة‬
‫المكظفيف كاإلدارييف كالسياسييف عمى االندماج في العصر الرقمي بشكؿ فعاؿ‪.‬‬
‫‪ .5‬إحداث مراكز االستجابة لطكارئ الحاسكب تعزي از لمعمؿ االستباقي لؤلمف‬
‫المعمكماتي‪.‬‬
‫‪ .6‬تعزيز المساعدة الفنية لمختمؼ لييئات العدالة‪ ،‬كأجيزة النيابة العامة‬
‫كالسمطات القضائية في مجاؿ منع الجريمة المعمكماتية كمكافحتيا‪ ،‬كتأميف الكسائؿ‬
‫التقنية كالمكننة البلزمتيف لذلؾ‪.‬‬
‫‪ .7‬العمؿ عمى اعادة النظر في المناىج الدراسية في كميات القانكف‪ ،‬كضركرة‬
‫تضمينيا مادة عامة عف الحاسب اآللي كالشبكات المعمكماتية‪ ،‬باإلضافة إلى ضركرة‬
‫ادراج الجانب المعمكماتي لكؿ مادة قانكنية‪.‬‬
‫‪ .8‬إنشاء جياز خاص داخؿ الشرطة يختص بالبحث كالتحرم عف ىذا النكع‬
‫مف الجرائـ ككضع سياسة تككينية كتدريبية تتماشى كالتطكرات التكنكلكجية اليائمة‪.‬‬
‫‪ .9‬ضركرة تكثيؼ الجيكد الكطنية لنشر المعرفة كزيادة الكعي بالجرائـ‬
‫اإللكتركنية كمدل خطكرتيا ككسائؿ الكقاية منيا كسبؿ مكاجيتيا‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫___________________________ خاتمة ____________________________‬

‫‪ .10‬تعزيز التعاكف مع كسائؿ اإلعبلـ بما فيو اإلعبلـ اإللكتركني لمتابعة‬


‫كرصد كتطكير مكاثيؽ كأخبلقيات كمدكنات سمكؾ كآليات محاسبة ذاتية بشأف استخداـ‬
‫كسائؿ المعمكمات كاالتصاؿ اإللكتركني كمكاجية الجرائـ المعمكماتية‪.‬‬
‫‪ .11‬إلزاـ الشركات المزكدة لخدمات اإلنترنت بتخصيص جزء مف ميزانيتيا‬
‫لمتكعية كاإلرشاد بكيفية االستخداـ اآلمف لئلنترنت كدعـ مبادرات المجتمع المدني بيذا‬
‫االتجاه‪.‬‬
‫‪ .12‬العمؿ عمى تكفير خدمات اإلرشاد كالمساعدة الفنية كالقانكنية لدل‬
‫منظمات المجتمع المدني المتخصصة كالقادرة عمى استقباؿ طمبات ضحايا الجرائـ‬
‫المعمكماتية كالمساىمة في حؿ النزاعات‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫المالحؽ‬
272
273
274
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫قائمة المراجع‬

‫أكال‪ :‬المراجع بالعربية‬


‫الكتب‬ ‫‪.I‬‬
‫أ‪ .‬المراجع العامة‪:‬‬
‫‪ )1‬أكىايبية عبد اهلل‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجزائية الجزائرم‪ ،‬التحرم‬
‫كالتحقيؽ‪ ،‬دار ىكمة لمطباعة كالنشر كالتكزيع‪.2008 ،‬‬
‫‪ )2‬أحمد فتحي سركر‪ ،‬الكسيط في قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ط‪ ،7‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.1996 ،‬‬
‫‪ )3‬أحسف بكسقيعة‪ ،‬الكجيز في القانكف الجزائي الخاص‪ ،‬الجزء األكؿ‪ ،‬الجرائـ ضد‬
‫األشخاص كالجرائـ ضد األمكاؿ‪ ،‬الطبعة الخامسة منقحة كمتممة في ضكء‬
‫النصكص الجديدة‪ ،‬دار ىكمة‪.2006 ،‬‬
‫‪ )4‬أشرؼ عبد القادر قنديؿ‪ ،‬النظرية العامة لمبحث الجنائي كأثرىا في عقيدة‬
‫القاضي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬القاىرة‪.2011 ،‬‬
‫‪ )5‬جياللي بغدادم‪ ،‬التحقيؽ – دراسة مقارنة نظرية كتطبيقية‪ ،‬الديكاف الكطني‬
‫لؤلشغاؿ التربكية‪ ،‬ط‪.1999 ،1‬‬
‫‪ )6‬حسيف عمي محمد النقبي‪ ،‬سمطة القاضي الجنائي في تقدير األدلة‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2007 ،‬‬
‫‪ )7‬حسف منصكر قاسـ‪ ،‬المدخؿ إلى القانكف‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫لمنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.1996 ،‬‬
‫‪ )8‬محمد زكي ابك عامر‪ ،‬اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الجامعة الجديدة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثامنة‪ ،‬القاىرة‪.2008 ،‬‬

‫‪275‬‬
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫‪ )9‬محمد حسف‪ ،‬الكجيز في الممكية الفكرية‪ ،‬المؤسسة الكطنية لمكتاب‬


‫الجزائرم‪.1985 ،‬‬
‫‪ )10‬محمكد نجيب حسني‪ ،‬شرح قانكف اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.1982 ،‬‬
‫‪ )11‬عمي عبد اهلل سميماف‪ ،‬شرح قانكف العقكبات الجزائرم‪ ،‬القسـ العاـ‪ ،‬الجزء‬
‫األكؿ (الجريمة)‪ ،‬ديكاف المطبكعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫ب‪ .‬الكتب المتخصصة‪:‬‬

‫‪ )1‬آماؿ قارة‪ ،‬الحماية الجنائية لممعمكماتية في التشريع الجزائرم‪ ،‬دار‬


‫ىكمة‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫‪ )2‬أمير فرج يكسؼ‪ ،‬الجريمة اإللكتركنية كالمعمكماتية كالجيكد الدكلية كالمحمية‬
‫لمكافحة جرائـ الكمبيكتر كاالنترنت‪ ،‬مكتبة الكفاء القانكنية لئلسكندرية‪.2011 ،‬‬
‫‪ )3‬بف زيطة عبد اليادم‪ ،‬حماية برامج الحاسكب في التشريع الجزائرم‪ ،‬دار‬
‫الخمدكنية‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ )4‬جميؿ عبد الباقي الصغير‪ ،‬الجكانب اإلجرائية لمجرائـ المتعمقة باألنترنت‪ ،‬دار‬
‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2001 ،‬‬
‫‪ )5‬ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ‪ ،‬أدلة اإلثبات الجنائي كالتكنكلكجيا الحديثة‪ ،‬دار‬
‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2008 ،‬‬
‫‪ )6‬ىدل حامد قشقكش‪ ،‬جرائـ الحاسب اإللكتركنية في التشريع المقارف‪ ،‬دار‬
‫النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1992 ،‬‬
‫‪ )7‬ىاللي عبد الاله أحمد‪ ،‬اتفاقية بكدابست لمكافحة جرائـ المعمكماتية‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪.2011 ،‬‬

‫‪276‬‬
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫‪ )8‬ىشاـ محمد فريد‪ ،‬الجكانب اإلجرائية لمجرائـ المعمكماتية (دراسة مقارنة)‪ ،‬مكتبة‬
‫األالت الحديثة‪ ،‬أسيكط‪ ،‬ط ‪.1994 ،4‬‬
‫المعمكماتية‪ ،‬مكتبة األالت‬ ‫اإلجرائية لمجرائـ‬ ‫‪ )9‬ىشاـ رستـ‪ ،‬الجكانب‬
‫الحديثة‪ ،‬القاىرة‪.1994 ،‬‬
‫‪ )10‬حناف ريحاف مبارؾ ماجد المضحكي‪ ،‬الجرائـ المعمكماتية‪ ،‬الطبعة‬
‫األكلى‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪.2014 ،‬‬
‫‪ )11‬طارؽ إبراىيـ الدسكقي عطية‪ ،‬األمف المعمكماتي‪-‬النظاـ القانكني لمحماية‬
‫المعمكماتية‪ ،-‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫‪ )12‬يكسؼ حسف يكسؼ‪ ،‬الجرائـ الدكلية لؤلنترنت‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬المركز القكمي‬
‫لئلصدارات القانكنية‪.2011 ،‬‬
‫دار‬ ‫الفكرية‪،‬‬ ‫بالممكية‬ ‫كعبلقتيا‬ ‫الرقمية‬ ‫الشبكة‬ ‫مازكني‪،‬‬ ‫‪ )13‬ككثر‬
‫ىكمة‪ ،‬الجزائر‪.2008 ،‬‬
‫‪ )14‬محمد طارؽ عبد الرؤكؼ الحف‪ ،‬جريمة االحتياؿ عبر األنترنت األحكاـ‬
‫المكضكعية كاألحكاـ اإلجرائية‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪ ،‬بيركت‪.2011 ،‬‬
‫‪ )15‬محمد سامي الشكا‪ ،‬ثكرة المعمكمات كانعكاساتيا عمى قانكف العقكبات‪ ،‬دار‬
‫النيضة العربية‪.1994 ،‬‬
‫‪ )16‬محمد عمي العرياف‪ ،‬الجرائـ المعمكماتية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬كمية‬
‫الحقكؽ‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪.2011 ،‬‬
‫‪ )17‬محمكد أحمد عبابنة‪ ،‬جرائـ الحاسكب كأبعادىا الدكلية‪ ،‬دار الثقافة لمنشر‬
‫كالتكزيع‪ ،‬األردف‪.2009 ،‬‬
‫‪ )18‬ممدكح عبد الحميـ عبد المطمب‪ ،‬البحث كالتحقيؽ الجنائي الرقمي في جرائـ‬
‫الحاسب اآللي كاألنترنت‪ ،‬دار الفكر القانكنية‪ ،‬مصر‪.2006 ،‬‬

‫‪277‬‬
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫‪ )19‬منير محمد الجنبييي كممدكح محمد الجنبييي‪ ،‬جرائـ االنترنت كالحساب‬


‫اآللي ككسائؿ مكافحتيا‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2005 ،‬‬
‫‪ )20‬مصطفى محمد مكسى‪ ،‬المراقبة اإللكتركنية عبر شبكة األنترنت‪ ،‬دراسة مقارنة‬
‫كالكثائؽ‬ ‫الكتب‬ ‫دار‬ ‫ط‪، 1‬‬ ‫كاإللكتركنية‪،‬‬ ‫األمنية‬ ‫المراقبة‬ ‫بيف‬
‫القكمية‪ ،‬القاىرة‪.2003 ،‬‬
‫‪ )21‬نائمة عادؿ محمد فريد قكرة‪ ،‬جرائـ الكمبيكتر االقتصادية‪ ،‬منشكرات‬
‫الحمبي‪ ،‬الطبعة األكلى‪ ،‬بيركت‪.2005 ،‬‬
‫‪ )22‬نبيمة ىبة ىركاؿ‪ ،‬الجكانب اإلجرائية لجرائـ االنترنت في مرحمة جمع‬
‫اإلستدالالت(دراسة مقارنة)‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007،‬‬
‫‪ )23‬نكاؼ كنعاف‪ ،‬النماذج المعاصرة لحؽ المؤلؼ ككسائؿ حمايتيا‪ ،‬عماف‪ ،‬الجامعة‬
‫األردنية‪2000 ،‬‬
‫‪ )24‬سامي جالؿ فقي حسيف‪ ،‬التفتيش في الجرائـ المعمكماتية‪ ،‬دار الكتب‬
‫القانكنية‪ ،‬مصر‪.2011،‬‬
‫‪ )25‬عبد اهلل حسيف عمي محمكد‪ ،‬سرقة المعمكمات المخزنة في الحاسب‬
‫اآللي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2002 ،‬‬
‫‪ )26‬عبد اهلل عبد الكريـ عبد اهلل‪ ،‬جرائـ المعمكماتية كاالنترنت‪ ،‬منشكرات الحمبي‬
‫الحقكقية‪ ،‬بيركت‪.2007 ،‬‬
‫‪ )27‬عبد الفتاح بيكمي حجازم‪ ،‬النظاـ القانكني لحماية التجارة اإللكتركنية‪ ،‬الكتاب‬
‫الفكر‬ ‫دار‬ ‫اإللكتركنية)‪،‬‬ ‫التجارة‬ ‫لنظاـ‬ ‫الجنائية‬ ‫(الحماية‬ ‫الثاني‪،‬‬
‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2002 ،‬‬
‫‪ )28‬ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في جرائـ الككمبيكتر‬
‫كاألنترنت‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.2006 ،‬‬

‫‪278‬‬
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫‪ )29‬ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ‪ ،‬مكافحة جرائـ الكمبيكتر كاالنترنت‪ ،‬دار الكتب‬


‫القانكنية‪ ،‬القاىرة‪.2007 ،‬‬
‫‪ )30‬عكاشة محي الديف‪ ،‬محاضرات في الممكية األدبية كالفنية‪ ،‬ديكاف المطبكعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2001 ،‬‬
‫‪ )31‬عمي عبد القادر القيكجي‪ ،‬الحماية الجنائية لبرامج الحاسب اآللي‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية لمطباعة كالنشر‪ ،‬بيركت‪.1999 ،‬‬
‫‪ )32‬عمي عدناف الفيؿ‪ ،‬إجراءات التحرم كجمع األدلة كالتحقيؽ االبتدائي في‬
‫الجريمة المعمكماتية‪ ،‬دار المكتب الجامعي لمحديث‪ ،‬المكصؿ‪.2012 ،‬‬
‫‪ )33‬عمر ابك الفتكح عبد العظيـ الحمامي‪ ،‬الحماية الجنائية لممعمكمات المسجمة‬
‫إلكتركنيا‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.2010 ،‬‬
‫‪ )34‬عمر الفاركؽ الحسيني‪ ،‬المشكبلت اليامة في الجرائـ المتصمة بالحاسب‬
‫اآللي كأبعادىا الدكلية‪ ،‬دراسة نقدية كتحميمية لنصكص التشريع المصرم مقارنا‬
‫بالتشريع الفرنسي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‪.1995 ،‬‬
‫‪ )35‬عمر محمد بف يكنس‪ ،‬مذكرات في اإلثبات الجنائي عبر األنترنت ندكة الدليؿ‬
‫الرقمي‪ ،‬بمقر جامعة الدكؿ العربية في الفترة مف‪ 5‬إلى ‪.2005/03/8‬‬
‫‪ )36‬عفيفي كامؿ عفيفي‪ ،‬جرائـ الككمبيكتر كحقكؽ المؤلؼ كالمصنفات‬
‫الفنية‪ ،‬دار الثقافة لمطباعة كالنشر‪ ،‬القاىرة‪.1999 ،‬‬
‫‪ )37‬رشا مصطفى‪ ،‬محمد أبك الغيط‪ ،‬الحماية القانكنية لمكيانات المنطقية‪ ،‬ممتقى‬
‫الفكر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدكف سنة طبع‪.‬‬
‫‪ )38‬رشا عمي الديف‪ ،‬النظاـ القانكني لحماية البرمجيات‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2007 ،‬‬

‫‪279‬‬
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫المشاكؿ القانكنية كالفنية لمتحقيؽ في الجرائـ‬ ‫‪ )39‬رشاد خالد عمر‪،‬‬


‫المعمكماتية‪ ،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬مصر‪.2013 ،‬‬
‫‪ )40‬رشيدة بككر‪ ،‬جرائـ اإلعتداء عمى نظـ المعالجة اآللية في التشريع الجزائرم‬
‫المقارف‪ ،‬منشكرات الحمبي الحقكقية‪.2012 ،‬‬
‫‪ )41‬شريؼ سيد كامؿ ‪ ،‬الجريمة المنظمة في القانكف المقارف‪ ،‬دار النيضة‬
‫العربية‪ ،‬القاىرة‪ ،‬الطبعة األكلى‪.2001 ،‬‬
‫الفكر‬ ‫دار‬ ‫ط‪، 1‬‬ ‫المعمكماتية‪،‬‬ ‫الجرائـ‬ ‫ابراىيـ‪،‬‬ ‫ممدكح‬ ‫‪ )42‬خالد‬
‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪2009 ،‬‬
‫‪ )43‬خالد مصطفى فيمي‪ ،‬الحماية القانكنية لبرامج الكمبيكتر‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‬
‫لمنشر اإلسكندرية‪.2005،‬‬
‫‪ )44‬خالد عياد الحمبي‪ ،‬إجراءات التحرم كالتحقيؽ في جرائـ الحاسكب‬
‫كاالنترنيت‪ ،‬دار الثقافة لمنشر كالتكزيع‪ ،‬عماف‪.2011 ،‬‬
‫‪ )45‬خثير مسعكد‪ ،‬الحماية الجنائية لبرامج الكمبيكتر في التشريع الجزائرم‪ ،‬دار‬
‫اليدل‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬

‫األطركحات كالمذكرات الجامعية‪:‬‬ ‫‪.II‬‬


‫أ‪ .‬األطركحات الجامعية‪:‬‬
‫‪ )1‬أمجد عبد الفتاح أحمد حساف‪ ،‬مدل الحماية القانكنية لحؽ المؤلؼ (دراسة‬
‫مقارنة)‪ ،‬رسالة دكتكراه‪ ،‬جامعة تممساف‪.2008 ،‬‬
‫‪ )2‬إحساف طباؿ‪ ،‬النظاـ القانكف لمتحقيؽ الدكلي في جرائـ الكمبيكتر‪ ،‬رسالة‬
‫دكتكراه‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2014-2013 ،01‬‬

‫‪280‬‬
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫‪ )3‬الحاج الطاىر زىير‪ ،‬آليات الكقاية مف الجريمة المعمكماتية كمكافحتيا‪ ،‬مذكرة‬


‫الحصكؿ عمى شيادة الماجستير في فرع القانكف الجنائي كالعمكـ الجنائية‪ ،‬كمية‬
‫الحقكؽ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2013-2012 ،1‬‬
‫‪ )4‬بف فردية محمد ‪ ،‬اإلثبات الجنائي لمجرائـ المعمكماتية باألدلة الرقمية‪ ،‬رسالة‬
‫دكتكراه‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كمية الحقكؽ‪.2015 ،‬‬
‫‪ )5‬حكاس فتيحة‪ ،‬حماية المصنفات الرقمية كأسماء النطاقات عمى شبكة‬
‫االنترنت‪ ،‬رسالة دكتكراه‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2016 ،01‬‬
‫‪ )6‬ككثر مازكني‪ ،‬قانكف الممكية الفكرية في مكاجية التكنكلكجيا‪ ،‬رسالة‬
‫دكتكراه‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2015 ،01‬‬
‫‪ )7‬محمد أرزقي عبالكم‪ ،‬تسميـ المجرميف في نطاؽ المعاىدات الدكلية كالتشريع‬
‫الجزائرم‪ ،‬رسالة دكتكراه‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2010 ،01‬‬
‫‪ )8‬مميكة عطكم‪ ،‬الحماية القانكنية لحقكؽ الممكية الفكرية عمى شبكة‬
‫االنترنت‪ ،‬رسالة دكتكراه‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2010 ،03‬‬
‫‪ )9‬فايز محمد راجح غالب‪ ،‬الجرائـ المعمكماتية في القانكف الجزائرم‬
‫كاليمني‪ ،‬رسالة دكتكراه‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كمية الحقكؽ‪.2010 ،‬‬

‫ب‪ .‬المذكرات الجامعية‪:‬‬


‫ضكء‬ ‫عمى‬ ‫الخاصة‬ ‫كالتحرم‬ ‫البحث‬ ‫أساليب‬ ‫مجراب‪،‬‬ ‫‪ )1‬الدكادم‬
‫القانكف ‪ ،22/06‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2011 ،01‬‬
‫‪ )2‬بكعمرة آسيا‪ ،‬النظاـ القانكني لقكاعد البيانات‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،‬كمية الحقكؽ‪.2005 ،‬‬

‫‪281‬‬
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫‪ )3‬برادعي قكسـ‪ ،‬النظاـ القانكني لحماية برامج اإلعبلـ اآللي‪ ،‬مذكرة‬


‫ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كمية الحقكؽ‪.2002 ،‬‬
‫‪ )4‬طرشي نكرة‪ ،‬مكافحة الجريمة المعمكماتية‪ ،‬مذكرة الحصكؿ عمى شيادة‬
‫جامعة‬ ‫الحقكؽ‪،‬‬ ‫كمية‬ ‫الجنائي‪،‬‬ ‫القانكف‬ ‫في‬ ‫الماجستير‬
‫الجزائر‪.2012/2011 ،1‬‬
‫‪ )5‬مميكة عطكم‪ ،‬األنترنت كالممكية الفكرية‪ ،‬مذكرة لنيؿ شيادة الماجستير‪ ،‬فرع‬
‫السياسية‬ ‫العمكـ‬ ‫كمية‬ ‫الجزائر‪،‬‬ ‫جامعة‬ ‫كاإلتصاؿ‪،‬‬ ‫اإلعبلـ‬ ‫عمكـ‬
‫كاإلعبلـ‪.2004 ،‬‬
‫‪ )6‬مناصرة يكسؼ‪ ،‬جرائـ المساس بأنظمة المعالجة اآللية لممعطيات‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كمية الحقكؽ‪.2009 ،‬‬
‫‪ )7‬سعيداني نعيـ ‪ ،‬أليات البحث كالتحرم عف الجريمة المعمكماتية في القانكف‬
‫الجزائرم‪ ،‬مذكرة ماجيستير‪ ،‬جامعة باتنة‪.2013 ،‬‬
‫‪ )8‬بف األخضر محمد ‪ ،‬جرائـ الكمبيكتر كاالنترنت‪ ،‬مذكرة لنيؿ رتبة‬
‫ضابط‪ ،‬المدرسة العميا لمشرطة‪ ،‬بف عكنكف‪.2008-2007 ،‬‬

‫الدكريات كالمجالت‪:‬‬ ‫‪.III‬‬


‫‪ )1‬أحمد السمداف‪ ،‬مقاؿ بعنكاف‪ :‬النظاـ القانكني لحماية برامج الكمبيكتر‪ ،‬مجمة‬
‫الحقكؽ‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬الككيت ‪.1987‬‬
‫‪ )2‬الغافرم حسيف بف سعيد‪ ،‬الجيكد الدكلية في مكاجية جرائـ االنترنت‪ ،‬كرقة عمؿ‬
‫مقدمة لؤلمانة العامة لمجمس التعاكف الخميجي خبلؿ اجتماع المجنة الفنية‬
‫المتخصصة بدراسة سبؿ مكافحة الجرائـ اإللكتركنية األكؿ‪ ،‬كالذم انعقد بمقر‬
‫األمانة العامة بالرياض خبلؿ الفترة ‪ 5/4‬أفريؿ ‪.2004‬‬

‫‪282‬‬
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫‪ )3‬محمد حساـ محمكد لطفي‪ ،‬تأثير اتفاقية تريبس عمى نظاـ حماية حؽ‬
‫المؤلؼ‪ ،‬حقكؽ المؤلؼ في الكطف العربي في إطار التشريعات العربية‬
‫كالدكلية‪ ،‬المنظمة العربية لمتربية كالثقافة كالعمكـ‪ ،‬تكنس‪.1999 ،‬‬
‫‪ )4‬عمي حسف الطكالبة‪ ،‬التعاكف القضائي الدكلي في مكافحة الجريمة‬
‫اإللكتركنية‪ ،‬جامعة العمكـ التطبيقية‪ ،‬األردف‪ ،‬بدكف سنة نشر‪.‬‬
‫‪ )5‬قاركف سياـ‪ ،‬السياسات الدكلية كاإلقميمية كالكطنية في مجاؿ مكافحة الجريمة‬
‫اإللكتركنية‪ ،‬بحث ألقي في الممتقى الدكلي األكؿ حكؿ التنظيـ القانكني لئلنترنت‬
‫كمكافحة الجريمة اإللكتركنية‪ ،‬جامعة زياف عاشكر‪ ،‬الجمفة‪ 28/27 ،‬أفريؿ‬
‫‪2009‬‬
‫‪ )6‬قزراف مصطفى‪ ،‬اآلليات الدكلية لمكافحة الجريمة اإللكتركنية‪ ،‬بحث ألقى في‬
‫الممتقى الدكلي حكؿ التنظيـ القانكني لؤلنترنت كالجريمة االلكتركنية‪ ،‬جامعة‬
‫زياف عاشكر‪ ،‬الجمفة‪ 28/27 ،‬أفريؿ ‪2009‬‬
‫‪ )7‬شرابشة ليندة‪ ،‬السياسة الدكلية كاإلقميمية في مجاؿ مكافحة الجريمة‬
‫اإللكتركنية‪ ،‬بحث ألقي في الممتقى الدكلي حكؿ التنظيـ القانكف لؤلنترنت‬
‫كالجريمة اإللكتركنية‪ ،‬جامعة زياف عاشكر‪ ،‬الجمفة‪ 28/27 ،‬أفريؿ ‪2009‬‬

‫اإلتفاقيات كالمعاىدات الدكلية‪:‬‬ ‫‪.IV‬‬


‫‪ )1‬الئحة الجمعية العامة رقـ ‪ 88/52‬الصادرة في ‪ ،1997/12/12‬الدكرة‬
‫‪ ،52‬الفقرة ‪ 6‬المجمد األكؿ الممحؽ رقـ ‪ ،49‬كثائؽ األمـ المتحدة‪.1998 ،‬‬
‫أبرمت‬ ‫التي‬ ‫المعمكماتي‬ ‫اإلجراـ‬ ‫حكؿ‬ ‫الدكلية‬ ‫‪ )2‬االتفاقية‬
‫كتـ كضعيا كالتكقيع‬
‫بتاريخ‪ ،2001/11/18 :‬مف طرؼ المجمس األكركبي ّ‬
‫عمييا منذ تاريخ ‪.2001/11/23‬‬

‫‪283‬‬
‫_______________________ قائمة المراجع _________________________‬

‫‪ )3‬اتفاؽ جكانب الممكية الفكرية المتعمقة بالتجارة‪ ،‬اتفاؽ بيف المنظمة الدكلية لمممكية‬
‫الفكرية كالمنظمة العالمية لمتجارة أبرـ في‪ ،1994/04/15 :‬كسارم المفعكؿ‬
‫منذ‪.1995/01/01 :‬‬
‫المؤرخة‬ ‫كالفنية‬ ‫األدبية‬ ‫المصنفات‬ ‫لحماية‬ ‫الدكلية‬ ‫برف‬ ‫‪ )4‬اتفاقية‬
‫في‪.1886/06/09 :‬‬
‫‪ )5‬معاىدة الكيبك بشأف حؽ المؤلؼ ‪.1996/12/20‬‬

‫النصكص التشريعية الجزائرية‪:‬‬ ‫‪.V‬‬


‫‪ )1‬األمر رقـ ‪ 155/66‬المؤرخ في ‪ 18‬صفر ‪ 1386‬المكافؽ لػ ‪ 08‬يكنيك ‪1966‬‬
‫الذم يتضمف قانكف اإلجراءات الجزائية‪ ،‬المعدؿ كالمتمـ‪.‬‬
‫‪ )2‬األمر ‪ 05-03‬الصادر بتاريخ ‪ 2003/07/19‬المتعمؽ بحؽ المؤلؼ كالحقكؽ‬
‫المجاكرة‪.‬‬
‫‪ )3‬األمر ‪ 07 – 03‬المؤرخ في‪ ،2003/07/19 :‬المتعمؽ ببراءة االختراع‪.‬‬
‫‪ )4‬القانكف رقـ ‪ 2000 /08/05 03-2000‬ـ المحدد القكاعد العامة المتعمقة‬
‫بالبريد كبالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية‪.‬‬
‫‪ -4‬القانكف ‪ 15-04‬المؤرخ في ‪ 2004/11/10‬المعدؿ كالمتمـ لؤلمر ‪156-66‬‬
‫المؤرخ في ‪ 1966/06/08‬المتضمف قانكف العقكبات‪.‬‬
‫‪ -5‬القانكف رقـ ‪ 04 – 09‬المؤرخ في ‪ 14‬شعباف عاـ ‪ 1430‬ھ المكافؽ ‪ 05‬غشت‬
‫سنة ‪2009‬ـ المتضمف القكاعد الخاصة لمكقاية مف الجرائـ المتصمة‬
‫بتكنكلكجيات اإلعبلـ كاالتصاؿ كمكافحتيا‪.‬‬

‫‪284‬‬
_________________________ ‫_______________________ قائمة المراجع‬

‫ المراجع بالفرنسية‬:‫ثانيا‬

1) Chamoux : la loi sur la fraude informatique, de nouvelles


incriminations. J .C .P .1988, doc, 3321.
2) Dahmane M et bouder H: l’équipe de recherche en droit
des TIC genése,par cours et ambitions, séminaire national
sur le cadre juridique des TIC en Algérie entre opportunités
et contraintes ,cerist ,Alger ,Algérie,2012.
3) Donnadieu de Vabres, les principes modernes du droit
international, 1928, cours 01 de doctorat, 1942-1943.
4) Emile Incyan et Andrie Kahn : le site internet de
polytechnique à été fermé à la suite d’intrusion, le monde, 4
juin 1996.
5) Gassin : droit pénal de l’informatique les systèmes
traitement des données _ commentaire de lala loi n °88/18
du 03/01/88 relative à la fraude informatique – DALLOZ
1988.
6) Hadjira Boudre: quel cadre juridique pour la lutte contre la
criminalité aux TIC en Algérie ,séminaire national sur le
cadre juridique des TIC entre opportunités et contraintes,
cerist ,Alger ,Algérie ,du 16au 17 mai 2012.
7) Jean Dumont : extradition, répertoire de droit international,
Dalloz, 1998.

285
_________________________ ‫_______________________ قائمة المراجع‬

8) Maximilien dosté Amégée : La Cybersurveillance et le


secret professionnel, paradoxes ou contradictions ?,
mémoire DEA, université Paris, Nanterre, 2002.
9) Michel quellie, stratégies en France par la police
criminalité-organisée, 1996.
10) Nidal EL Chaer : université de Poitiers, La Criminalité
Informatique Devant La Justice Pénale, Édition juridique
SADER.

286
‫_______________________ الفهرس _________________________‬

‫انفهشس‬
‫‌‬

‫إهداء ‪‌.......................................................................................................................................‬أ‬
‫شكر‌وعرفـان ‪‌..........................................................................................................................‬ب‬
‫‪......................‬ج‬
‫‌‬ ‫قائمة‌المختصرات ‪................................................................................................‬‬
‫مقدم ػ ػ ػ ػ ػػة‪1 ...................................................................................................................................‬‬

‫الباب األكؿ‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية عمى المستكل الدكلي ‪11 ..............................................................‬‬

‫الفصؿ األكؿ‪ :‬المكافحة المكضكعية كاإلجرائية لمجريمة المعمكماتية ‪11 ......................................................‬‬

‫المبحث األكؿ‪ :‬الجيكد الدكلية كاإلقميمية لمكافحة الجريمة المعمكماتية ‪11 ...............................................‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬الجيكد الدكلية لمكافحة الجريمة المعمكماتية ‪11 .......................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬اتفاقية برف ‪14 ..........................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬مبدأ المعاممة الكطنية ‪13 ........................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحد األدنى لمحماية ‪14 .........................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬معاىدة الكيبك ‪18 .......................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬معاىدة الكيبك بشأف حؽ المؤلؼ ‪16 ..........................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬معاىدة الكيبك بشأف األداء كالتسجيؿ الصكتي ‪17 ..........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬معاىدة الكيبك بشأف الحماية الدكلية لحؽ المؤلؼ كالحقكؽ المجاكرة ‪11 ................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اتفاقية تريبس ‪21 .......................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬مبدأ المعاممة الكطنية ‪12 ........................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مبدأ الدكلة األكلى بالرعاية ‪12 .................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬كضع حد أدنى مف الحماية القانكنية ‪13 .....................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬كقت إنفاذ اتفاقية تريبس ‪13 ...................................................................................‬‬

‫خامسا‪ :‬المعاممة التفضيمية لمدكؿ النامية ‪14 .......................................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬الجيكد اإلقميمية لمكافحة الجريمة المعمكماتية ‪15 .....................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬معاىدة بكدابست ‪28 ....................................................................‬‬

‫‪287‬‬
‫_______________________ الفهرس _________________________‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القانكف العربي النمكذجي اإلسترشادم لمكافحة الجريمة المعمكماتية ‪33 ....................‬‬

‫أكال‪ :‬جريمة غسؿ األمكاؿ عبر الكسائط اإللكتركنية ‪13 ..........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬جريمة التزكير المعمكماتي ‪14 .................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬جريمة اختراؽ النظـ المعمكماتية ‪15 ..........................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬السرقة المعمكماتية ‪16 ..........................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المكافحة اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية في االتفاقيات الدكلية ‪17 ......................................‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ المكافحة اإلجرائية كأىميتيا في االتفاقيات الدكلية ‪21 ........................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬مفيكـ المكافحة اإلجرائية ‪40 ............................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أىمية المكافحة اإلجرائية ‪42 ............................................................‬‬

‫أوال‪‌:‬البٌئة‌الرقمٌة‌للجرٌمة‌المعلوماتٌة ‪21 ........................................................................‬‬


‫ثانٌا‪‌:‬آثار‌الجرٌمة‌المعلوماتٌة ‪21 ...................................................................................‬‬
‫ثالثا‪‌:‬هوٌة‌المجرم‌المعلوماتً‪21 .................................................................................. :‬‬
‫رابعا‪‌:‬جمود‌التشرٌعات‌مقارنة‌بتطور‌أشكال‌الجرٌمة‌المعلوماتٌة ‪22 .......................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬اإلجراءات الجديدة في بعض االتفاقيات الدكلية‪22 ...................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬اإلجراءات الجديدة في اتفاقية بكدابست ‪45 ...............................................‬‬

‫أكال‪ :‬الحفظ السريع لممعطيات المخزنة‪23 ......................................................................... :‬‬

‫ثانيا‪ :‬تجميع المعمكمات الخاصة بالمشتركيف ‪24 ..................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬التفتيش المعمكماتي ‪24 ..........................................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬إجراء التنصت ‪25 ...............................................................................................‬‬

‫خامسا‪ :‬التعاكف الدكلي ‪26 ............................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلجراءات الجديدة في اتفاقية المجمس األكربي لسنة ‪49 ........................... 2004‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬نطاؽ المحاكمة اإلجرائية في االتفاقيات الدكلية ‪31 ..................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬معاينة مسرح جرائـ المعمكماتية‪51 .......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إجراء تفتيش نظـ المعمكمات كضبطيا ‪55 ...............................................‬‬

‫أكال‪ :‬تفتيش مككنات الحاسب المادية‪34 ...........................................................................:‬‬

‫‪288‬‬
‫_______________________ الفهرس _________________________‬

‫ثانيا‪ :‬مككنات الحاسب المعنكية ‪34 ..................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬تفتيش شبكات الحاسب اآللي ‪34 ..............................................................................‬‬

‫الفصؿ الثاني‪ :‬اآلليات الدكلية لمكافحة الجريمة المعمكماتية ‪41 ...............................................................‬‬

‫المبحث األكؿ‪ :‬التعاكف الدكلي في مكاجية الجريمة المعمكماتية ‪41 .......................................................‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬التعاكف القضائي ‪41 ........................................................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬التعاكف األمني ‪63 ......................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬ضركرة التعاكف األمني الدكلي ‪41 .............................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬جيكد المنظمة الدكلية لمشرطة الجنائية لؤلنتربكؿ ‪42 ......................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬تبادؿ المعاكنة لمكاجية الككارث كاألزمات كالمكاقؼ الحرجة ‪45 .........................................‬‬

‫رابعا‪ :‬القياـ بعمميات أمنية مشركة ‪46 ...............................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المساعدة القضائية ‪68 ..................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬تبادؿ المعمكمات ‪46 ..............................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬نقؿ اإلجراءات ‪47 ...............................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإلنابة القضائية الدكلية ‪51 .....................................................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬تسميـ المجرميف ‪51 .........................................................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬تعريؼ كصكر تسميـ المجرميف ‪72 .......................................................‬‬

‫أكال‪ :‬تعريؼ إجراءات تسميـ المجرميف‪51 ...........................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬صكر تسميـ المجرميف ‪51 ......................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬شركط كاجراءات تسميـ المجرميف ‪75 ....................................................‬‬

‫أكال‪ :‬شركط تسميـ المجرميف ‪53 ......................................................................................‬‬

‫ثانٌا‪‌:‬إجراءات‌تسلٌم‌المجرمٌن ‪55 ..................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مظاىر التعاكف الدكلي في مجاؿ تسميـ المجرميف ‪81 ....................................‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬التعاكف الدكلي في مجاؿ التدريب ‪61 ...................................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬التدريب كأىميتو في مكافحة الجرائـ المتعمقة بشبكة االنترنت ‪83 ...........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مظاىر التعاكف الدكلي في مجاؿ تدريب رجاؿ العدالة الجزائية ‪86 ........................‬‬

‫‪289‬‬
‫_______________________ الفهرس _________________________‬

‫المطمب الرابع‪ :‬الجيكد األمنية كالتقنية لمكافحة الجريمة المعمكماتية ‪67 ..............................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬الجيكد األمنية ‪89 ......................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬مركز الشرطة األكركبية "األكركبكؿ" ‪67 ......................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬األكرجست ‪71 ....................................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬شنجف ‪71 ..........................................................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬مجمس كزراء الداخمية العرب ‪71 ..............................................................................‬‬

‫خامسا‪ :‬المنظمة العربية لمكافحة جرائـ المعمكماتية كاالنترنت ‪71 ..............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الجيكد التقنية ‪99 .......................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬اإلرشاد الجنائي عبر االنترنت ‪111 ...........................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراقبة اإللكتركنية ‪111 ........................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬المعاينة ‪114 ......................................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي ككيفية القضاء عمييا ‪116 .....................................‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬الصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي ‪116 ............................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬عدـ كجكد نمكذج مكحد لمنشاط اإلجرامي كتنكع كاختبلؼ النظـ القانكنية اإلجرائية ‪109 ....‬‬

‫أكال‪ :‬عدـ كجكد نمكذج مكحد لمنشاط اإلجرامي ‪117 ..............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬تنكع كاختبلؼ النظـ القانكنية اإلجرائية ‪117 ................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التجريـ المزدكج كعدـ كجكد قنكات اتصاؿ ‪110 ..........................................‬‬

‫أكال‪ :‬التجريـ المزدكج ‪111 .............................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬عدـ كجكد قنكات اتصاؿ ‪111 .................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الصعكبات الخاصة بالمساعدات القضائية الدكلية كالتعاكف الدكلي في مجاؿ التدريب ‪111 .‬‬

‫أكال‪ :‬الصعكبات الخاصة بالمساعدات القضائية الدكلية ‪111 ....................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعاكف الدكلي في مجاؿ التدريب ‪111 ......................................................................‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مشكمة االختصاص في الجرائـ المتعمقة باالنترنت ‪113 ...................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬القضاء عمى الصعكبات التي تكاجو التعاكف الدكلي ‪112 ...........................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬القضاء عمى مشكمة عدـ كجكد نمكذج مكحد لمنشاط اإلجرامي كاختبلؼ النظـ القانكنية ‪114‬‬

‫‪290‬‬
‫_______________________ الفهرس _________________________‬

‫أوال‪‌:‬عدم‌وجود‌نموذج‌موحد‌للنشاط‌اإلجرامً ‪112 ...........................................................‬‬


‫ثانٌا‪‌:‬تنوع‌واختالؾ‌النظم‌القانونٌة ‪113 ...........................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الحد مف ظاىرة عدـ كجكد قنكات اتصاؿ كحؿ مشكمة اإلختصاص ‪118 ..................‬‬

‫أوال‪‌:‬الحد‌من‌ظاهرة‌عدم‌وجود‌قنوات‌اتصال ‪116 ............................................................‬‬


‫ثانٌا‪‌:‬حل‌مشكلة‌االختصاص ‪117 ..................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬القضاء عمى الصعكبات الخاصة بالمساعدات القضائية الدكلية كالتعاكف الدكلي في مجاؿ‬
‫التدريب ‪119 .......................................................................................‬‬

‫أوال‪‌:‬القضاء‌على‌الصعوبات‌الخاصة‌بالمساعدات‌القضائٌة‌الدولٌة ‪117 ...................................‬‬


‫ثانٌا‪‌:‬تعزٌز‌التعاون‌الدولً‌فً‌مجال‌التدرٌب‪111 ..............................................................‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية عمى المستكل الداخمي ‪111 ..........................................................‬‬

‫الفصؿ األكؿ‪ :‬المكاجية التشريعية لمجريمة المعمكماتية ‪113 ...................................................................‬‬

‫المبحث األكؿ‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار نصكص الممكية الفكرية ‪114 ..................................‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار نصكص براءة االختراع ‪115 ...............................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬مفيكـ براءة االختراع ‪127 ..............................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مدل انطباؽ الشركط الخاصة باإلختراع عمى المعمكماتية؟ ‪130 ..........................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار نصكص حؽ المؤلؼ ‪111 .................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬مدل اعتبار المعمكماتية مكضكع مف مكضكعات حؽ المؤلّؼ ‪133 .......................‬‬

‫أكال‪ :‬االبتكار في برنامج الكمبيكتر ‪113 ............................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعبير عف البرنامج (الكجكد) ‪116 ...........................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الجرائـ الكاقعة عمى البرامج في نطاؽ حؽ المؤلؼ ‪142 ..................................‬‬

‫أكال‪ :‬جريمة تقميد المصنفات المعمكماتية كالجرائـ الممحؽ بيا ‪121 .............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجرائـ الممحقة بجريمة التقميد ‪126 ...........................................................................‬‬

‫قررة لجريمة التقميد ‪127 ..........................................................................‬‬


‫ثالثا‪ :‬العقكبات الم ّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مكافحة الجريمة المعمكماتية في إطار قانكف العقكبات‪131 .............................................‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬مفيكـ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات كأشكاؿ المساس بو‪131 ....................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬تعريؼ نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات ‪155 .............................................‬‬

‫‪291‬‬
‫_______________________ الفهرس _________________________‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أىمية إخضاع نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات لحماية ّفنية ‪157 ..........................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬أشكاؿ االعتداء عمى نظـ المعالجة اآللية لممعطيات ‪141 ..........................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬جريمة الدخكؿ كالبقاء غير المشركع في نظاـ المعالجة اآللية لممعطيات ‪161 ..............‬‬

‫أكال‪ :‬جريمة الدخكؿ أك البقاء البسيطة ‪141 ........................................................................‬‬

‫المشددة ‪146 ........................................................................‬‬


‫ّ‬ ‫ثانيا‪ :‬جريمة الدخكؿ أك البقاء‬

‫الفرع الثاني‪ :‬جريمة االعتداء العمدم عمى النظاـ ‪169 ...............................................‬‬

‫أكال‪ :‬الركف المادم ‪151 ................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركف المعنكم ‪151 ..............................................................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬جريمة االعتداء العمدم عمى سبلمة المعطيات المكجكدة داخؿ النظاـ ‪173 ...............‬‬

‫أكال‪ :‬الركف المادم ‪152 ................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الركف المعنكم ‪155 ..............................................................................................‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬عقكبات جرائـ االعتداء عمى نظـ المعالجة اآللية لممعطيات‪156 .................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬العقكبات األصمية ‪179 .................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬عقكبة الدخكؿ أك البقاء داخؿ النظاـ‪157 ....................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقكبة االعتداء العمدم عمى المعطيات ‪157 ...............................................................‬‬

‫قررة لمشخص المعنكم ‪180 .................................................‬‬


‫الفرع الثاني‪ :‬العقكبات الم ّ‬
‫الفرع الثالث‪ :‬عقكبة االشتراؾ كالشركع في الجريمة ‪181 ..............................................‬‬

‫ّأكال‪ :‬عقكبة االشتراؾ ‪161 .............................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقكبة الشركع ‪161 ..............................................................................................‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬العقكبات التكميمية ‪184 .................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬المصادرة ‪162 .....................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬إغبلؽ المكاقع ‪162 ..............................................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬إغبلؽ المح ّؿ أك مكاف االستغبلؿ ‪162 ......................................................................‬‬

‫المطمب الرابع‪ :‬نصكص أخرل لمكافحة الجريمة المعمكماتية ‪163 .............................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬القكاعد الخاصة لمكقاية مف الجرائـ المتصمة بتكنكلكجيات اإلعبلـ كاالتصاؿ كمكافحتيا ‪186‬‬

‫‪292‬‬
‫_______________________ الفهرس _________________________‬

‫أكال‪ :‬مراقبة االتصاالت االلكتركنية‪165 ........................................................................... :‬‬

‫ثانيا‪ :‬تفتيش المنظكمة المعمكماتية ‪165 .............................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬حجز المعطيات المعمكماتية ‪166 .............................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬حفظ المعطيات المتعمقة بحركة السير ‪166 .................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬القكاعد العامة المتعمقة بالبريد كبالمكاصبلت السمكية كالبلسمكية ‪191 ......................‬‬

‫الفصؿ الثاني‪ :‬المكافحة اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية عمى المستكل الداخمي ‪173 .......................................‬‬

‫المبحث األكؿ‪ :‬القكاعد اإلجرائية لمجريمة المعمكماتية ‪174 .................................................................‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬االختصاص القضائي‪174 ................................................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬القانكف الكاجب التطبيؽ‪197 ............................................................‬‬

‫أكال‪ :‬الجرائـ المرتكبة داخؿ اإلقميـ الجزائرم ‪176 ..................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجرائـ المرتكبة خارج اإلقميـ الجزائرم ‪177 .................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االختصاص المحمي ‪200 ..............................................................‬‬

‫أكال‪ :‬القاعدة العامة في االختصاص ‪111 ..........................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬تمديد االختصاص ‪111 .........................................................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬القكاعد المتعمقة باالستدالؿ كالتحقيؽ‪111 ..............................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬التحرم كاالستدالؿ ‪203 ................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬طرؽ التحرم كاإلستدالؿ التقميدية ‪112 ........................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬طرؽ التحرم كاإلستدالؿ الحديثة ‪111 .......................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التحقيؽ ‪218 ..........................................................................‬‬

‫أكال‪ :‬التفتيش ‪117 .......................................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الخبرة التقنية ‪111 ................................................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬االثبات في الجريمة المعمكماتية ‪111 .......................................................................‬‬

‫المطمب األكؿ‪ :‬الدليؿ التقني ‪111 ...........................................................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬مفيكـ الدليؿ االلكتركني كخصائصو‪224 ................................................‬‬

‫أكال‪ :‬مفيكـ الدليؿ التقني‪112 .........................................................................................‬‬

‫‪293‬‬
‫_______________________ الفهرس _________________________‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص الدليؿ التقني ‪113 ...................................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الصعكبات التي تكاجو الدليؿ االلكتركني ‪227 ...........................................‬‬

‫أكال‪ :‬الصعكبات المتعمقة بطريقة استخبلص الدليؿ ‪116 .........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الصعكبات المتعمقة بطبيعة الدليؿ التقني في حد ذاتو ‪117 ..............................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬الصعكبات المتعمقة بالعامؿ البشرم ‪111 ....................................................................‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬حجية الدليؿ التقني في االثبات ‪115 ....................................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬حرية القاضي في قبكؿ الدليؿ التقني ‪238 ...............................................‬‬

‫أكال‪ :‬سمطة القاضي الجزائي في قبكؿ الدليؿ التقني في ظؿ النظاـ األنجمكساكسكني‪116 .................‬‬

‫ثانيا‪ :‬سمطة القاضي الجزائي في قبكؿ الدليؿ التقني في ظؿ النظاـ البلتيني ‪121 ..........................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مظاىر األخذ بمبدأ حرية اإلثبات ‪242 ..................................................‬‬

‫أكال‪ :‬مكقؼ المشرع الجزائرم مف مبدأ حرية اإلثبات‪122 ........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬القيكد الكاردة عمى سمطة القاضي الجنائي في قبكؿ الدليؿ الرقمي‪123 ................................‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬سمطة القاضي الجزائي في تقدير الدليؿ التقني ‪124 .................................................‬‬

‫الفرع األكؿ‪ :‬مبدأ اإلقتناع الشخصي لمقاضي الجزائي ‪247 ............................................‬‬

‫أوال‪‌:‬سلطة‌القاضً‌الجزائً‌فً‌تقدٌر‌األدلة‌التقنٌة‌بذاتها ‪125 ...............................................‬‬


‫ثانٌا‪‌:‬سلطة‌القاضً‌الجزائً‌فً‌تقدٌر‌األدلة‌التقنٌة‌من‌حٌث‌مصدرها ‪126 ...............................‬‬
‫ثالثا‪‌:‬سلطة‌القاضً‌الجزائً‌فً‌تقدٌر‌األدلة‌بمجموعها ‪127 ..................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ضمانات حرية القاضي في اإلقتناع باألدلة التقنية ‪258 ..................................‬‬

‫أكال‪ :‬القيكد المتعمقة بالدليؿ ‪136 ......................................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬القيكد المتعمقة بالقاضي ‪141 ..................................................................................‬‬

‫الخاتم ػ ػ ػ ػ ػ ػػة ‪143 ............................................................................................................................‬‬

‫المبلحؽ ‪151 ...............................................................................................................................‬‬

‫قائمة المراجع ‪153 ........................................................................................................................‬‬

‫الفهرس ‪165 ...............................................................................................................................‬‬

‫‪294‬‬

You might also like