You are on page 1of 244

‫ﻤذﻛرة ﻟﻨﯿل ﺸﻬﺎدة ﻤﺎﺠﺴﺘﯿر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻨون‬

‫ﻓرع ﻗﺎﻨون اﻟﻌﻘود‬

‫إﺸـراف اﻷﺴﺘﺎذة‪:‬‬ ‫إﻋـداد اﻟطﺎﻟﺒﺔ‬

‫ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ‪:‬‬
‫د‪ /‬ﻤﻌﺎﺸو ﻓطﺔ‪ ،‬أﺴﺘﺎذة ﻤﺤﺎﻀرة)أ(‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤوﻟود ﻤﻌﻤري‪ -‬ﺘﯿزي وزو‪.........................-‬رﺌﯿﺴﺔ‬
‫د‪ /‬ﺴﻲ ﯿوﺴف زاﻫﯿﺔ ﺤورﯿﺔ‪ ،‬أﺴﺘﺎذة‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤوﻟود ﻤﻌﻤري‪ -‬ﺘﯿزي وزو‪...............-‬ﻤﺸرﻓـﺔ وﻤﻘـررة‬
‫د‪ /‬أﻤﺎزوز ﻟطﯿﻔﺔ‪ ،‬أﺴﺘﺎذة ﻤﺤﺎﻀرة )أ(‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻤوﻟود ﻤﻌﻤري‪ -‬ﺘﯿزي وزو‪.....................-‬ﻤﻤﺘﺤﻨﺔ‬

‫ﺘـﺎرﯿﺦ اﻟـﻤﻨﺎﻗـﺸﺔ‪2015/06/04 :‬‬


‫ﺷﻜﺮ و ﺗﻘﺪﻳـ ـ ـ ـ ـ ــﺮ‬
‫ﺣﻤﺪًا ّﻟﻼﻩ اﻟﺬي وﻓﻘﻨﻲ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﻘـﺎم و أﻋﺎﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ‬
‫ﺑﺎﻹﺗﻤﺎم‪.‬‬
‫ﺑﺪاﻳﺔ أﺗﻮﺟﻪ ﺑﺠﻤﻴﻞ اﻟﺸﻜﺮ و اﻟﻌﺮﻓـﺎن‪ ،‬و ﺧﺎﻟﺺ اﻟﺜﻨﺎء و اﻻﻣﺘﻨﺎن‬
‫ﻷﺳﺘﺎذﺗﻲ اﻟﻔـﺎﺿﻠﺔ‬
‫ﺳﻲ ﻳﻮﺳﻒ زاﻫﻴﺔ ﺣﻮرﻳﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ رﺣّﺒﺖ ﺑﻬﺬا اﻟﻌﻤﻞ و ﻗﺒﻠﺖ اﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻴﻪ و ﺗﺼﻮﻳﺒﻪ ﻓﺠﺰاﻫﺎ‬
‫اﻟﻠّﻪ ﻋﻨﺎ أﻓﻀﻞ ﺟﺰاء‪.‬‬
‫و إﻟﻰ أﻋﻀﺎء اﻟﻠّﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟّﺬﻳﻦ آﻣﻞ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺐ ﻋﻨﺪ اﻟﺰﻟﻞ‬
‫و اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻦ اﻟﺨﻄﺄ و اﻟﺨﻠﻞ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ أﺗﻮﺟّﻪ ﺑﺄﺳﻤﻰ آﻳﺎت اﻟﺸﻜﺮ ﻟﻜﻞ أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺘﻲ ﻋﺒﺪ‬
‫اﻟﺮﺣﻤﺎن ﻣﻴﺮة ‪-‬ﺑﺠﺎﻳﺔ‪ -‬و ﻣﻮﻟﻮد ﻣﻌﻤﺮي ‪-‬ﺗﻴﺰي وزو‪ -‬ﺑﺎﻷﺧﺺ‬
‫اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟّﺬﻳﻦ أﺷﺮﻓﻮا ﻋﻠﻰ ﻓﺮع ﻣﺎﺟﺴﺘﻴﺮ"ﻗـﺎﻧﻮن اﻟﻌﻘﻮد" دﻓﻌﺔ‬
‫‪.2013/2012‬‬
‫‪‬ﺧﻤﻴﺲ ﺳﻨﺎء‪.‬‬
‫إﻫﺪاء‬
‫إﻟﻰ أﺑﻲ و أﻣّﻲ أﻃﺎل اﻟﻠّﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﺮﻫﻤﺎ‬
‫إﻟﻰ إﺧﻮاﻧﻲ و أﺧﻮاﺗﻲ‬
‫إﻟﻰ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺪﺗﻨﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ‪ :‬ﺣﻜﻴﻤﺔ ﻧﻤﻮﺷﻲ‬
‫إﻟﻰ ﺻﺪﻳﻘـﺎﺗﻲ‪ :‬ﻟﻴﻠﻰ‪ ،‬رزﻳﻘﺔ‪ ،‬ﺳﻠﻮى‪ ،‬ﻋﺒﻠﺔ‬
‫و إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ أﺣﺐ‪.‬‬
‫ﺟﻤﻴﻌﺎ أﻫﺪي ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ‪،‬و أﺳﺄل اﻟﻠّﻪ أن ﻳﺠﻤﻌﻨﺎ ﻓﻲ‬
‫إﻟﻰ ﻫﺆﻻء ً‬
‫ﻣﺴﺘﻘﺮ رﺣﻤﺘﻪ‪ ،‬و دار ﻛﺮاﻣﺘﻪ‪ ،‬و ﺟﻨﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺟﻨﺎت اﻟﻨﻌﻴﻢ‪ ،‬إﻧّﻪ ﺧﻴﺮ‬
‫ﻣﺄﻣﻮل‪ ،‬و أﻛﺮم ﻣﺴﺆول‪.‬‬
‫‪ ‬ﺧﻤﻴﺲ ﺳﻨﺎء‪.‬‬
‫ﻗﺎﺌم ــــــة اﻟﻤﺨﺘﺼرات‬

‫ﻗﺎﺌﻤﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼرات‬

‫ّأوًﻻ‪ :‬ﺒﺎﻟﻠّﻐﺔ اﻟﻌرﺒﯿﺔ‬


‫‪ :‬ﺠرﯿدة رﺴﻤﯿﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬورﯿﺔ اﻟﺠزاﺌرﯿﺔ اﻟدﯿﻤﻘراطﯿﺔ اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ‬ ‫‪ -‬ج‪.‬ر‬
‫‪ :‬دون ﺒﻠد اﻟﻨﺸر‬ ‫‪ -‬دبن‬
‫‪ :‬دون دار اﻟﻨﺸر‬ ‫‪ -‬ددن‬
‫‪ :‬دون ﺴﻨﺔ اﻟﻨﺸر‬ ‫‪ -‬دسن‬
‫‪ :‬ﺼﻔﺤﺔ‬ ‫‪ -‬ص‬
‫‪ :‬ﻤن اﻟﺼﻔﺤﺔ إﻟﻰ اﻟﺼﻔﺤﺔ‬ ‫‪ -‬صص‬
‫‪ :‬ﻋدد‬ ‫‪ -‬ع‬
‫‪ :‬ﻗﺎﻨون اﻹﺠراءات اﻟﺠزاﺌﯿﺔ اﻟﺠزاﺌري‬ ‫‪ -‬قإجج‬
‫‪ :‬ﻗﺎﻨون اﻹﺠراءات اﻟﻤدﻨﯿﺔ و اﻹدارﯿﺔ اﻟﺠزاﺌري‬ ‫‪ -‬قإمإج‬
‫‪ :‬ﻗﺎﻨون اﻹﺠراءات اﻟﻤدﻨﯿﺔ اﻟﻔرﻨﺴﻲ‬ ‫‪ -‬قإمف‬
‫‪ :‬اﻟﻘﺎﻨون اﻟﺘﺠﺎري اﻟﺠزاﺌري‬ ‫‪ -‬قتج‬
‫‪ :‬اﻟﻘﺎﻨون اﻟﻤدﻨﻲ اﻟﺠزاﺌري‬ ‫‪ -‬قمج‬
‫‪ :‬اﻟﻘﺎﻨون اﻟﻤدﻨﻲ اﻟﻔرﻨﺴﻲ‬ ‫‪ -‬قمف‬
‫‪ :‬ﻗﺎﻨون اﻻﺴﺘﻬﻼك اﻟﻔرﻨﺴﻲ‬ ‫‪ -‬قإف‬
‫‪ -‬م‪ .‬ج‪ .‬ع‪ .‬ق‪ .‬إ‪ .‬س‪ :‬اﻟﻤﺠﻠّﺔ اﻟﺠزاﺌرﯿﺔ ﻟﻠﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻨوﻨﯿﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯿﺔ و اﻟﺴﯿﺎﺴﯿﺔ‬

‫‪3‬‬
‫ﻗﺎﺌم ــــــة اﻟﻤﺨﺘﺼرات‬

‫ ﺒﺎﻟﻠّﻐﺔ اﻟﻔرﻨﺴﯿﺔ‬:‫ﺜﺎﻨﯿﺎ‬
ً
- Al : Alinéa
- Art : Article
- C. Conso : Code de la Consommation
- C. C .F : Code Civil Français
- C. E : Commission Européenne
- CJCE : Cour de Justice des Communautés Européennes
- C. P. C. F : Code de Procédure Civile Français
- EX : Exemple
- Ibid : Même référence
- J- C : Juris- Classeur
- J. C. P : Juris- Classeur Périodique
- J. O. R. F : Journal Officiel de la République Française
- N° : Numéro
- Op- Cit : Ouvrage Précité
- P : Page
- P.P : De page à la page
- P. U : Presses Universitaires
- RIDC : Revue Internationale de Droit Comparé
- T : Tome
- VOL : Volume

4
‫ﻣﻘﺪّﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫مقدمـــــــــــة‬
‫ّ‬

‫عدة إصالحات على جميع األصعدة بما فيها‬


‫شهدت الجزائر منذ مطلع التسعينيات ّ‬
‫الصعيد االقتصادي‪ ،‬رغبة منها بالرفع من مستواه والتقليل من االضطرابات االقتصادية التي‬
‫المتقدمة في هذا المجال‬
‫ّ‬ ‫كانت تعاني منها‪ ،‬ولمواكبة التطورات الهائلة التي تشهدها الدول‬
‫وكذا لتمكنها من إيجاد موقع لها في النظام االقتصادي الدولي خاصة بعد ظهور المنظمة‬
‫العالمية للتجارة كهيئة مختصة لإلشراف على التجارة بين المؤسسات التي تحتل مستويات‬
‫عالية من التنافس ووصفها كركن من أركان النظام االقتصادي الجديد‪.‬‬
‫كانت ّأول اإلصالحات التي اعتمدتها الدولة تخليها عن دورها كفاعل في الحقل‬
‫االقتصادي وفسح المجال للقطاع الخاص ليفرض نفسه وسيطرته في السوق الوطنية أو‬
‫األجنبية بالتوسيع من قاعدته عن طريق المنافسة‪ ،‬وكذا تحرير التجارة الخارجية منذ سنة‬
‫عدة قوانين لتشجع االستثمار ما نجم عن ذلك االنتقال من مرحلة‬
‫‪ 1994‬إذ أصدرت ّ‬
‫الموجه إلى مرحلة اقتصاد السوق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلقتصاد‬
‫أوضاعا تنافسية بين الخواص خاصة بين المؤسسات اإلنتاجية‬
‫ً‬ ‫ولّدت مثل هذه األمور‬
‫الوطنية واألجنبية التي تهدف لتحقيق الربح مهما كانت الوسيلة المتبعة في ذلك‪ ،‬إذ تستعين‬
‫التطور العلمي و التكنولوجي لفرض سيطرتها على‬
‫ّ‬ ‫في إنتاجها بالتقنيات العالية التي أفرزها‬
‫السوق بمحاولتها السبق لطرح منتجات في التداول والترويج بها بوسائل الدعاية واإلعالن‬
‫لجذب أكبر قدر ممكن من المستهلكين‪.‬‬
‫التطور العلمي والتكنولوجي في مجال اإلنتاج ظاهرة‬
‫ّ‬ ‫ال يكاد يختلف اثنان على أن‬
‫تعود بالفائدة على البشرية من خالل تسهيل المعيشة وتحقيق الرفاهية بظهور منتجات ذات‬
‫عدة مجاالت‪ ،‬غير أن هذه الفعالية المتزايدة لم تكن لتجنب وتحذف آثاره الضارة‬
‫فعالية في ّ‬
‫تطور علمي في مجاالت الحياة اإلنسانية‬
‫لتطوره والتي هي سمة كل ّ‬
‫ّ‬ ‫ومخاطره المالزمة‬
‫تقدمها أصبح من لوازمه التعقيد و الخطورة‪.‬‬
‫المختلفة‪ ،‬فتطور التقنيات الحديثة و ّ‬

‫‪6‬‬
‫مقدمـــــــــــة‬
‫ّ‬

‫المتطورة التي لم تكن‬


‫ّ‬ ‫كما أن غ ازرة وازدحام األسواق بمختلف أشكال السلع المعقّدة و‬
‫معروفة من ذي قبل من أجهزة منزلية‪ ،‬وسائل نقل‪ ،‬سلع استهالكية و غيرها‪ ،‬قابله كثرة‬
‫ضحايا حوادثها بسبب المخاطر التي قد تنجم عن عيوب المنتجات الصناعية خاصة مع‬
‫اقتناء واستعمال هذه األخيرة دون إدراك منهم لمدى خطورتها وما قد تلحقه من أضرار بليغة‬
‫تمس سالمتهم وأمنهم وكذا نقص الوعي وعدم توخيهم اليقظة عند اقتنائهم للسلع المطروحة‬
‫ّ‬
‫في السوق‪ ،‬ولع ّل السبب في ذلك راجع ألمرين‪ :‬الثقة التي يضعها المستهلكون في الدعاية‬
‫واإلشهار الذي يطلقه المنتج وكذا قيام هذا األخير بتخفيض األثمان في بعض الحاالت التي‬
‫كبير من الزبائن‪.‬‬
‫عددا ًا‬
‫عامال يجذب ً‬
‫ً‬ ‫تعتبر‬
‫أثّر مثل هذا الوضع أثّر على المنظومات القانونية‪ ،‬إذ تجلّت أهمية تكريس حماية‬
‫عدة ضمانات للمستهلك‬
‫أكثر لمستعملي و مستهلكي المنتجات باختالف أنواعها‪ ،‬فتم تقرير ّ‬
‫من حق في السالمة واألمن وحق في إلعالم والضمان وغيرها ضمن نصوص قانونية‬
‫النص على قيام مسؤولية المنتج في حالة اإلضرار بالغير‬
‫تم ّ‬‫متعلّقة بحماية المستهلك‪ ،‬كما ّ‬
‫باعتباره المتسبب في ذلك وفقًا للقواعد العامة الواردة بالقانون المدني والتي تشترط إثبات‬
‫الخطأ المرتكب من قبل المنتج سواء على أساس المسؤولية العقدية أو على أساس المسؤولية‬
‫التقصيرية‪.‬‬
‫نظر للتقنيات المستعملة‬
‫لما كان إثبات الخطأ من أكثر األمور صعوبة على الضحية ًا‬
‫ّ‬
‫في اإلنتاج‪ ،‬برزت نقائص القواعد العامة للمسؤولية المدنية للمنتج بنوعيها‪ ،‬وتأ ّكدت أهمية‬
‫هجر النظرية التقليدية التي تبنى عليها المسؤولية وهي النظرية الشخصية واللّجوء إلى‬
‫النظرية الموضوعية المستندة لعنصر الضرر دون الخطأ‪ .‬فأمام زيادة المخاطر التي أفرزها‬
‫التطور العلمي في مجال اإلنتاج أصبحت حماية ضحايا حوادث المنتجات المعيبة من‬
‫أولويات النظم القانونية خاصة بعد ظهور النزعة الحمائية للمستهلكين‪ ،‬إذ أصبح للتعويض‬

‫‪7‬‬
‫مقدمـــــــــــة‬
‫ّ‬

‫مما هو عقاب للمسؤول وبالتالي ضرورة عدم النظر لمدى‬


‫آلية لحماية حق الضحية أكثر ّ‬
‫ارتكاب المنتج لخطأ من عدمه واالهتمام فقط بعنصر الضرر‪.‬‬
‫مقومات المسؤولية الموضوعية التي نادى بها الفقه‬
‫يعتبر عنصر الضرر من ّ‬
‫والقضاء خاصة في الدول الغربية وبعدها تدخلت التشريعات بتكريسها بموجب نصوص‬
‫قانونية بما فيها التشريع الجزائري الذي نظّمها بموجب المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‪ ،‬وبذلك‬
‫طابعا تقصيرًيا‬
‫ً‬ ‫عقديا وال‬
‫ً‬ ‫طابعا‬
‫ً‬ ‫جديدا لمسؤولية المنتج ليس لها ال‬
‫ً‬ ‫نوعا‬
‫يكون قد استحدث ً‬
‫عدة جوانب وعلى رأسها جعل العيب‬
‫تتميز بها عن هاته األخيرة من ّ‬
‫بل لها خصوصية ّ‬
‫والضرر من أركانها واستبعادها للخطأ‪.‬‬
‫تكرس المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬بل سبقتها الدول‬
‫إ ّن الجزائر لم تكن ّأول دولة ّ‬
‫تطو اًر ملحوظًا في‬
‫الغربية على رأسها نجد الواليات المتحدة األمريكية وكذا فرنسا اللّتان عرفتا ّ‬
‫هذا المجال‪.‬‬
‫تعتبر المسؤولية الموضوعية للمنتج من ضمن المواضيع التي أثير بشأنها النقاش في‬
‫نظر لألهمية التي تتمتع بها و التي تتجلى في نقطتين أساسيتين هما‪:‬‬
‫اآلونة األخيرة ًا‬
‫يمر يوم دون سماع أخبار عن وجود‬
‫‪ -‬كثرة حوادث استعمال المنتجات المعيبة إذ ال ّ‬
‫تسمم غذائي أو ظهور أمراض جديدة نتيجة استعمال منتجات دوائية أو وسائل‬
‫عالج معيبة وغيرها من الحوادث التي يتسبب فيها المنتج نتيجة طرحه لمنتجات‬
‫معيبة‪ ،‬وبقاء الضحية في حيرة من أمره عند اختياره للنظام األنسب للمطالبة بحقه‬
‫في التعويض مع استبقاء المشرع لألنظمة التقليدية لمسؤولية المنتج من عقدية‬
‫وتقصيرية‪ ،‬ما يستلزم تبيان مدى فعالية النظام المستحدث في تكريس الحماية‬
‫الفعالة لضحايا حوادث المنتجات المعيبة‪،‬‬
‫‪ -‬تكريس المشرع الجزائري للمسؤولية الموضوعية للمنتج في القانون المدني‬
‫بتخصيصه مادة واحدة فقط وهي المادة ‪ 140‬مكرر كما أسلفنا الذكر‪ ،‬فبمجرد‬

‫‪8‬‬
‫مقدمـــــــــــة‬
‫ّ‬

‫عدة جوانب‬
‫النظر لهذه النقطة يتجلى القصور في تنظيم المسؤولية المستحدثة من ّ‬
‫ظا في هذا المجال خاصة المشرع‬
‫تطور ملحو ً‬
‫ًا‬ ‫المتقدمة التي تشهد‬
‫ّ‬ ‫مقارنة بالدول‬
‫األمريكي وكذا الفرنسي‪.‬‬
‫المتطورة بإجراء مقارنة بين األنظمة القانونية‪ ،‬وفي‬
‫ّ‬ ‫لذا حاولنا التقريب من التشريعات‬
‫دراستنا المقارنة كان من الصعب اإللمام بكل القوانين المقارنة لذلك اخترنا القانون الفرنسي‬
‫والقانون الجزائري كنموذجين لتبني فكرة الموضوعية في مسؤولية المنتج؛ وانصب االختيار‬
‫على المشرع الفرنسي على تقدير ّأنه النموذج الرائد في القوانين الالتينية بهذا المجال‪.‬‬
‫واإلشكالية التي يمكن طرحها في هذا البحث هي‪:‬‬
‫ما هي اآللية التي تضمن حق التعويض لمتضرري حوادث المنتجات المعيبة؟‬
‫علميا مبني على التحليل بهدف معرفة أهم‬
‫ً‬ ‫منهجا‬
‫ً‬ ‫ولإلجابة عن هذه اإلشكالية اتبعنا‬
‫تفاصيل الجانب النظري وكذا التطبيقي للموضوع مع اقترانه بأسلوب المقارنة‪.‬‬
‫و إلعطاء الموضوع حقه من الدراسة ارتأينا تقسيم البحث لفصلين‪:‬‬
‫األول يتناول اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج من خالل التطرق‬
‫الفصل ّ‬
‫لتحديد مدلول فكرة هذا النظام وتبيين أركانه ونطاقه‪،‬‬
‫في حين يخصص الفصل الثاني ألثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج سواء على‬
‫الطرفين أو على الضامن( شركة التأمين)‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األوّل‪:‬‬
‫اإلطار العام‬
‫للمسؤولية الموضوعية‬
‫للمنتج‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫األول‪ :‬اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬


‫الفصل ّ‬
‫متمي ًاز مرموًقا في عالم‬
‫ّ‬ ‫مكانا‬
‫ً‬ ‫حظيت المسؤولية المدنية بأهمية خاصة تجعل لها‬
‫تطور وتقدم في أحكامها يتفق ونمو المجتمع وازدهاره‪،‬‬
‫تتميز به من ّ‬
‫نظر لما ّ‬
‫القانون ًا‬
‫ويتماشى مع ما يسوده من أفكار وأنشطة‪.‬‬
‫توصلت إليه المسؤولية المدنية نجد المسؤولية الموضوعية للمنتج ذات‬
‫ّ‬ ‫من أوج ما‬
‫الطابع الخاص المستندة إلى النظرية الموضوعية المقابلة للنظرية الشخصية في المسؤولية‬
‫المدنية‪ ،‬هذه التقنية كانت وليدة ظروف اقتصادية واجتماعية وحتى قانونية ألزمت‬
‫المشرعين في الدول المخت لفة على إيجاد وسيلة قانونية فعالة لمواكبة حركة التغيير التي‬
‫طرأت على العالم االقتصادي بالخصوص في ميدان اإلنتاج‪ ،‬بهدف إيجاد نوع من التوازن‬
‫التطور والتقدم اإلنتاجي( تحقيق‬
‫ّ‬ ‫بين طرفي المعادلة في مجال اإلنتاج واالستهالك‪ :‬ضمان‬
‫الرفاهية بحماية مصالح الطبقة المنتجة) من جانب‪ ،‬وحماية الطرف المضرور من مخاطر‬
‫التطور من جانب آخر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫و حوادث هذا‬
‫وبموجب هذا النظام المستحدث أصبح ُينظر إلى مسؤولية المنتج بنظرة مغايرة‪ ،‬فلم‬
‫يعد باإلمكان النظر إلى أحكام المسؤولية بذات النظرة التي كان ينظر إليها في ظل‬
‫أحكامها القانونية القديمة‪ ،‬لذلك كثرت الكتابات واألبحاث وتعددت في هذا المجال الرحب‬
‫الفسيح‪ ،‬ومع احتدام النقاش حول هذا النظام المستحدث عمدنا إلى االستعانة بها في‬
‫األول) وكذا معرفة شروط‬
‫التعرف على مدلول فكرة المسؤولية الموضوعية للمنتج( المبحث ّ‬
‫قيامها ونطاقها( المبحث الثاني)‬

‫‪11‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫األول‪ :‬مدلول فكرة المسؤولية الموضوعية للمنتج‬


‫المبحث ّ‬
‫لم تعرف القوانين المقارنة المسؤولية الموضوعية للمنتج ّإال في السنوات األخيرة‪،‬‬
‫وذلك بعد أن دعت الضرورة إلى تبنيها فهي وليدة الحاجة‪ ،‬وهذه الحاجة تتمثل في تكريس‬
‫عدة مشاكل في القواعد‬
‫نظر لبروز ّ‬
‫الحماية الفعالة لضحايا حوادث المنتجات المعيبة ًا‬
‫التقليدية للمسؤولية المدنية في جبر الضرر الذي لحق المتضررين‪ ،‬هذه الظروف دفعت‬
‫بالعديد من التشريعات إلى األخذ بالنظام الجديد للمسؤولية المدنية ولذا يستوجب إعطاء‬
‫أن حداثة الموضوع تستدعي بالضرورة تبيان مفهوم‬
‫األول)‪ ،‬كما ّ‬
‫لمحة تاريخية له( المطلب ّ‬
‫هذا النظام( المطلب الثاني)‬
‫األول‪ :‬لمحة تاريخية عن المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫المطلب ّ‬
‫الفعالة لضحايا‬
‫العامة المنظمة للمسؤولية المدنية في توفير الحماية ّ‬
‫ّ‬ ‫عجزت القواعد‬
‫حوادث المنتجات المعيبة سواء تلك المتعلّقة بالمسؤولية العقدية أو التقصيرية‪ ،‬فلم تستطع‬
‫االستجابة لمتطلبات أفراد المجتمع وحاجياتهم في وقت كثرت فيه المنتجات وطغى الجانب‬
‫الكمي عل ى الجانب النوعي مع زيادة طموح ورغبة الفئة المنتجة في تحقيق أقصى قدر‬
‫ّ‬
‫ممكن من األرباح باالستعانة ببعض الوسائل لكسب ثقة الفئة المستهلكة لتلك المنتجات‪،‬‬
‫وجعلهم يقبلون عليها دون إدراك منهم لمخاطر هذه المواد ودون االنتباه للعيوب التي قد‬
‫يلم بمعرفة جميع‬
‫تشوبها خاصة وأن المستهلك يبقى طرفًا ضعيفًا ال يستطيع أن ّ‬
‫التطور‬
‫ّ‬ ‫الخصائص التقنية والفنية لهذه المنتجات أمام التقنيات العالية والمعقّدة التي أفرزها‬
‫العلمي والتكنولوجي المستعملة في إنتاجها‪.‬‬
‫يستعين المتضرر من هذه المنتجات بالقواعد العامة للمسؤولية للمطالبة بالتعويض‬
‫والتي كانت تستلزم إثبات خطأ المنتج وهو ما ش ّكل صعوبة له‪ ،‬فكل هذه الظروف ولّدت‬
‫وضعا يستلزم معه التفكير في وضع آلية ُيسمح من خاللها إسعاف شريحة واسعة من‬
‫ً‬
‫األول) فبرزت أهمية المسؤولية المدنية للمنتج‬
‫ّ‬ ‫ضحايا حوادث المنتجات المعيبة( الفرع‬

‫‪12‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تم تبنيها من قبل االتفاقيات‬


‫ذات الطابع الخاص القائمة على عنصر العيب والضرر‪ ،‬لذا ّ‬
‫الدولية وكذا التشريعات الداخلية( الفرع الثاني)‬
‫األول‪ :‬تداعيات األخذ بالمسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫الفرع ّ‬
‫بقوة‬
‫ألحت جملة من المبررات و ال تزال تلّح على األخذ بالمسؤولية الموضوعية( ّ‬
‫ّ‬
‫القانون) في ميدان المسؤولية عن اإلنتاج والتي يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫ّأواًل‪ :‬التداعيات اًلقتصادية و اًلجتماعية‬
‫ال جذرًيا في القرن التاسع عشر بسبب الثورة الصناعية وما أفضته‬
‫تحو ً‬
‫شهد المجتمع ّ‬
‫تطور خاصة في مجال اإلنتاج الذي كثرت فيه األخطار واألضرار الناتجة عن‬
‫من ّ‬
‫المنتجات التي استخدمت فيها التكنولوجيا العالية‪ ،1‬لذا قام رجال الفقه والقانون بشكل عام‬
‫عدة دول إلى التفكير في إيجاد وسائل قانونية‬
‫وفقه المسؤولية المدنية على نحو خاص في ّ‬
‫نظر‬
‫جديدة لمواكبة هذه التغيرات االقتصادية واالجتماعية التي يدفع ثمنها المستهلكون ًا‬
‫للتقدم التكنولوجي ودخول العالم عصر اإلنتاج المكثّف‪ .‬وأهم المعطيات االقتصادية‬
‫واالجتماعية التي استوجبت تنظيم مسؤولية المنتج بقواعد خاصة هي‪:‬‬
‫تطور وسائل الدعاية واإلعالن عن المنتجات‬
‫أ– ّ‬
‫أن لوسائل الدعاية واإلعالن دور كبير في ترويج المنتجات خاصة‬
‫مما الشك فيه ّ‬
‫ّ‬
‫الضغط النفسي على‬
‫أحيانا إلى حد ّ‬
‫ً‬ ‫المغرية التي تصل‬
‫ونحن في عصر اإلشهارات ُ‬
‫حائال دون االختيار فيقبل عليها‬
‫المستهلك من أجل شراء المنتجات المعروضة‪ ،‬وبهذا تقف ً‬
‫تمس صحته وجسده ويصبح بذلك المستهلك طرفًا‬
‫دون إدراك منه لألضرار التي يمكن أن ّ‬
‫فيتحول عقد‬
‫ّ‬ ‫ضعيفًا في العالقة مقابل المنتج الذي بيده كامل الوسائل للضغط عليه‪،‬‬
‫االستهالك( إذا ما ربط العقد بين المستهلك و المنتج)إلى ما يشابه عقد اإلذعان‪.‬‬

‫‪-Patrice JOURDAIN : Les principes de la responsabilité civile, cinquième édition,‬‬


‫‪1‬‬

‫‪DALLOZ, Paris, 2000, p 10.‬‬


‫‪13‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫يتفننون عند ترويج منتجاتهم مستعملين في ذلك الدعاية المظلّلة والكاذبة‬


‫فالمنتجون ّ‬
‫المتعلّقة بحقيقة منتجاتهم المعيبة أو بطبيعتها الخطرة‪ ،‬كل ذلك بهدف استمالة أذواقهم‬
‫ورغباتهم القتناء السلع للحصول على أكبر ٍ‬
‫قدر ممكن من الربح‪.1‬‬
‫أن البائع في سبيله إلى ترويج ما يبيعه‬
‫أن المفروض في كل مشتري معرفة ّ‬
‫صحيح ّ‬
‫يلجأ إلى شيء من الكذب‪ ،‬وهو ما يعرف لهذا السبب بالكذب المألوف في التعامل على‬
‫أيضا أن التسامح في شأن هذا‬
‫محمد شكري سرور‪ ،‬وصحيح ً‬
‫حد تسمية األستاذ الدكتور ّ‬
‫مفهوما ولو في مجال اإلنتاج‪ ،‬طالما ّأنه ينصب فقط على الصفة‬
‫ً‬ ‫الكذب يمكن أن يكون‬
‫التجارية للمنتجات بمعنى على مدى جودتها أو صالحيتها لتحقيق الهدف الذي أنتجت من‬
‫أجله‪ّ ،2‬إال ّأنه من زاوية أخرى قد يتسبب ذلك في جعل المستهلك يقتني المنتوج دون االنتباه‬
‫بناءا على الدعاية واإلشهار الذي أطلقه المنتج‪.‬‬
‫نظر لثقته به ً‬
‫إلى خطورته ًا‬
‫ب– التأمين على المسؤولية الناشئة عن فعل المنتجات المعيبة‬
‫من بين أهم المعطيات االقتصادية واالجتماعية التي تبِّرر تنظيم مسؤولية المنتج‬
‫بقوة القانون عن األضرار التي تحدثها منتجاته للمستهلكين‬
‫بقواعد خاصة تفترض مسؤوليته ّ‬
‫أو المستعملين وحتى الغير هو ظهور نظام التأمين في ميدان المسؤولية عن المنتجات‬
‫حديثًا‪.3‬‬

‫قدمت في يوم دراسي‬


‫‪ -‬حكيـــــــــــــــــــــــم قاســــــــــــــــــم‪ ":‬نحو المسؤولية الموضوعية للمنتج( حالة منتج الدواء)"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫‪1‬‬

‫حول مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بجامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪،‬‬
‫يوم ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬ص ‪ (85‬غير منشور)‬
‫‪ -2‬محمــــــــــــد شكري ســــــــــــرور‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته الخطرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،1983‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -‬سالم محمد رديعان العزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية و االتفاقيات الدولية‪ ،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫األردن‪ ،2009 ،‬ص ‪.335‬‬


‫‪14‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫بتطور آلية التأمين التي ساهمت في تغيير‬


‫ّ‬ ‫تطور المسؤولية المدنية‬
‫حيث ارتبط ّ‬
‫فعالة‬
‫تحولها إلى نظام قانوني يقصد به توفير حماية ّ‬
‫مفاهيم المسؤولية المدنية الخطئية و ّ‬
‫للمضرور بمعنى أن يكون محدث الضرر ملزم بإصالحه وجبره دون حاجة إلثبات الخطأ‬
‫من جانبه فالتأمين يوفِّر ضامن ملئ موسر قادر على الدفع من ناحية‪ ،‬ويرفع عن كاهل‬
‫محدث الضرر عبء التعويض‪ ،‬فهو يوفر ضمانة فعالة لصالح المضرور‪ ،‬ويخفف آثار‬
‫المسؤولية عن محدث الضرر‪.1‬‬
‫يرى البعض من فقه المسؤولية المدنية أن موضوع التأمين من المسؤولية المدنية‬
‫مهما في توفير تغطية‬
‫الناشئة عن األضرار التي تسببها المنتجات المعيبة إذا كان طريقًا ًّ‬
‫اجتماعية للمتضررين‪ ،‬فإن ذلك سيكون من المتع ّذر القيام به من قبل المشتري أو‬
‫المستهلك أو األفراد بصورة عامة ألن ذلك ال يستجيب إلى المتطلبات واألسس الفنية لنظام‬
‫التأمين‪ ،‬بينما يتحقق هذا األمر بسهولة حينما يفرض على عاتق المنتجين والباعة المهنيين‬
‫مما يحتّم عليهم تنظيم ضمان اجتماعي‪ ،‬وهذا ما حصل في فرنسا‪.2‬‬
‫ألنهم سادة النشاط ّ‬
‫إن التأمين يحقق به معنى‬
‫الرزاق السنهوري‪ّ " :‬‬
‫وفي هذا الصدد يقول األستاذ عبد ّ‬
‫التضامن اًلجتماعي ومنه يمكن تحديد نطاق المسؤولية الموضوعية‪ :‬عم ٌل كثير‬

‫‪ -1‬فتحـــي عبد الرحيم عبد اللّه‪ :‬دراسات في المسؤولية التقصيرية( نحو مسؤولية موضوعية)‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،2005‬ص ‪.71‬‬
‫عقودا نموذجية بهذا الخصوص منها شركة ‪La mutuelle générale‬‬
‫ً‬ ‫‪ -2‬إذ هناك بعض الشركات الكبرى التي أبرمت‬
‫المتعددة و تتضمن تلك العقود صيغة للتأمين من المسؤولية‬
‫ّ‬ ‫‪ française‬التي اقترحت عقود تأمين تتعلّق باألخطار‬
‫المدنية المهنية بعد التسليم‪ ،‬و كذلك يوجد عقد شركة ‪ la concorde‬الذي يتعلّق بالمسؤولية المدنية عن المنتجات‬
‫بشكل عام‪ ،‬لتفصيل أكثر ينظر‪:‬‬
‫سالم محمد رديعان العــــــزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية و االتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫‪15‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫األخطار‪ ،‬كبير المنفعة‪ ،‬يسهل التأمين في شأنه‪ ،‬فهذه العناصر الثالثة إذا ما اجتمعت‬
‫‪1‬‬
‫ميسور ًل عنت فيه وًل إرهاق"‬
‫اا‬ ‫أمر‬
‫جعلت تطبيق النظرية الموضوعية اا‬
‫أما في الجزائر فباإلضافة إلى هاتين الصورتين المقتبستين على سبيل المثال من‬
‫ّ‬
‫التداعيات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬نجد أن هناك أسباب أخرى وجيهة دفعت بالمشرع‬
‫الجزائري إلى التفكير بتبني نظام خاص لمساءلة المنتج عن منتجاته المعيبة‪ ،‬منها نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬األوضاع االقتصادية التي كانت سائدة منذ التسعينيات خاصة قبل صدور القانون‬
‫المسير‪ ،‬فالدولة كانت تهتم بالجانب الكمي‬
‫ّ‬ ‫رقم ‪ 02 -89‬المتمثلة في االقتصاد‬
‫دون مراعاة للجانب النوعي للمنتجات بوجه خاص الجودة و السالمة‪ ،‬األمر الذي‬
‫أدى إلى تدفق منتجات وطنية إلى السوق غير متوافرة على المقاييس ذات الصلة‪،‬‬
‫فساهمت في اإلضرار بصحة األشخاص وأمنهم‪.‬‬
‫‪ -‬تهديد صحة المستهلك وأمنه في العديد من الحاالت بسبب انتشار مواد خطيرة‬
‫خاصة الكيماوية منها‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد الجزائر لمنهج االقتصاد الحر المقترن بتحرير التجارة وفتح الحدود‪ ،‬فظهرت‬
‫غالبا ما كانت محل شك لتسببها‬
‫أخطار جديدة‪ ،‬مرتبطة بالتكاثر السريع لمنتجات ً‬
‫في كثرة الضحايا نتيجة لألخطار التي تضمنتها‪.2‬‬
‫تم عرضه نخلص للقول بأن هذه األمور تعتبر أهم المعطيات االجتماعية‬
‫من خالل ما ّ‬
‫واالقتصادية التي سمحت لتدخل المشرع بتشديد مسؤولية المنتج بتنظيمها بقواعد خاصة‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد(نظرية االلتزام بوجه عام – مصادر االلتزام‪،)-‬‬
‫األول‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪ ،1998 ،‬ص ‪.769‬‬ ‫المجلّد ّ‬
‫‪ -2‬علي فتـــــــــــــــاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص‪.184‬‬
‫‪16‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ثانيا‪ :‬قصور القواعد العامة في تقرير مسؤولية المنتج‬


‫ا‬
‫باستق ارء النصوص القانونية المنظمة للمسؤولية المدنية باألخص تلك المتعلّقة‬
‫عجز في تكريس الحماية الالزمة للمتضررين من حوادث‬
‫قصور و ًا‬
‫ًا‬ ‫بمسؤولية المنتج نلتمس‬
‫المنتجات المعيبة سواء تلك الخاصة بالمسؤولية العقدية(أ) أو التقصيرية(ب)‪:‬‬
‫أ– قصور القواعد الخاصة بالمسؤولية العقدية‬
‫المنظمة لضمان‬
‫ّ‬ ‫إن القواعد القانونية الخاصة بالمسؤولية العقدية منها القواعد‬
‫ّ‬
‫العيوب الخفية تقصر عن تغطية مسؤولية المنتج ع ّما يمكن أن تسببه منتجاته المعيبة من‬
‫غالبا سوى ما يعرف‬
‫أضرار للمستهلكين أو المستعملين‪ ،‬ليس ألن دعوى الضمان ال تكفل ً‬
‫باألضرار التجارية‪ ،‬وانما ألن دعوى الضمان ال يمكن االحتجاج بها إذا كان المضرور من‬
‫الغير‪ .‬ضف إلى ذلك تحميل المضرور عبء إثبات خطأ المنتج وهو إثبات عسير ما دام‬
‫عاديا كإهماله في التحقق‬
‫مهمة المضرور تعسر أكثر فيما لو لم يكن خطأ المنتج خطأً ً‬
‫أن ّ‬
‫ولية وانما خطأ فني وثيق االرتباط بالعملية اإلنتاجية ذاتها‪.1‬‬
‫من سالمة المواد األ ّ‬
‫لمجرد‬
‫ّ‬ ‫العامة إلى تفاوت غير مقبول في معاملة المضرور‬
‫ّ‬ ‫أدى إعمال القواعد‬
‫ّ‬
‫اختالف الظروف وبحسب ارتباط المضرور بعالقة عقدية أم ال مع المسؤول‪ ،‬بل وفي‬
‫إطار العالقة القانونية الواحدة تختلف معاملة المضرور إذا ما كان المنتوج معقّ ًدا أم ال‪،‬‬
‫أيضا بحسب ما إذا كان المنتوج انتقل إلى المستهلك مباشرة أو بعد سلسلة‬
‫واألمر يختلف ً‬
‫من التعاقدات وهو ما يعرف بالعقود المتسلسلة‪.2Les chaines de contrats‬‬
‫بالرجوع إلى التشريع الفرنسي نجد أن إعمال القواعد الخاصة بضمان العيوب الخفية‬
‫فضال عن الصعوبات التي‬
‫ً‬ ‫ناعا أو باعة عاديين‪ ،‬هذا‬
‫ص ً‬ ‫تفرق بين الباعة سواء أكانوا ُ‬
‫لم ّ‬

‫محمد بودالي‪ :‬مس ؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الفجر للنشر و التوزيع‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ ،2005‬ص ‪.118‬‬
‫‪ -2‬قـــادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج" دراسة مقارنة"‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،2005 ،‬ص‪.131‬‬
‫‪17‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫واجهت الفقه و القضاء في فرنسا حيال تطبيق أحكام ضمان العيوب الخفية منها عدم‬
‫التفرقة بين البائع حسن النية و البائع سيء النية و مع ذلك يتفق الفقه الفرنسي على أن‬
‫التطبيق الحرفي لقواعد ضمان العيوب الخفية يكون أثره ترك من اكتسب المنتوج المعيب‬
‫مما جعل‬
‫عما يمكن أن يسببه له ذلك المنتوج من ضرر جسماني أو مالي‪ّ ،‬‬
‫بدون تعويض ّ‬
‫القضاء الفرنسي يضطر إلى إجراء تحوير عميق و تكييف جريء على النصوص الخاصة‬
‫بمسؤولية البائع عن العيوب الخفية لتغطي مسؤولية المنتج البائع عن األضرار التي تسببها‬
‫منتجاته المعيبة لألشخاص و األموال‪.‬‬
‫المؤيد من طرف الفقه في تحديد نطاق المسؤولية العقدية عن‬
‫ّ‬ ‫وسع القضاء الفرنسي‬
‫ّ‬
‫بائعا محترفًا‪ ،‬يعلم‬
‫توصل عن طريق فرض علم المنتج بوصفه ً‬
‫ضمان العيوب الخفية‪ ،‬وقد ّ‬
‫اضا ال يقبل إثبات العكس إلى االرتقاء بقواعد التقنين المنظمة للضمان‪،‬‬
‫بعيوب المبيع افتر ً‬
‫كما قام بالتوسيع من مفهوم العيب الخفي فألصق به عدم صالحية المبيع ألداء الغرض‬
‫‪1‬‬
‫من استعماله‪.‬‬
‫اعتبر العيب صورة من صور عدم المطابقة للمواصفات واستبدل دعوى ضمان‬
‫توصل إلى استبعاد فكرة‬
‫ّ‬ ‫العيب الخفي بدعوى اإلخالل بالتسليم المطابق‪ ،‬وأبعد من ذلك‬
‫الخطأ من مجال المسؤولية العقدية بصياغة االلتزام التعاقدي بالسالمة‪.2‬‬
‫هذا كلّه باإلضافة إلى االختالف حول تطبيق المادتين ‪ 1645‬و‪ 1646‬ق م ف‬
‫بسبب غياب النصوص المنظمة لمسؤولية المنتج واستقرار محكمة النقض الفرنسية على‬

‫‪1‬‬
‫قدمت في يوم‬
‫‪ -‬لطـــــــــــــــــــــــيفة أمــــــــــــــــــازوز ‪ " :‬مدى فعالية أحكام المسؤولية العقدية في حماية المستهلك"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫دراسي حول مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬يوم ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬ص‪ (123‬غير منشور)‬
‫‪2‬‬
‫قدمت في يوم دراسي حول مسؤولية المنتج عن فعل‬ ‫تطور مسؤولية المنتج"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫‪ -‬زاهية حورية سي يوسف‪ّ " :‬‬
‫منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪،‬‬
‫يوم ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬ص‪ 15‬و ‪ ( 20‬غير منشور)‬

‫‪18‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تطبيق نص المادة ‪ 1646‬ق م ف لتغطية األضرار التي تحدثها المنتجات المعيبة‬


‫فسرته كقرينة لسوء نيته‪ّ .‬إال ّأنه‬
‫للمشتري وذلك على أساس افتراض علم المنتج بالعيوب و ّ‬
‫لقي معارضة شديدة في هذا الميدان على اعتبار أن مثل هذا االفتراض يتعارض مع‬
‫المبادئ القانونية العامة ومنها قرينة حسن النية الواردة في المادة ‪ 2274‬ق م ف‪.1‬‬
‫إعماال‬
‫ً‬ ‫فعال ّإال فيما بين المتعاقدين‬
‫كما أن المسؤولية العقدية ال يكون لها أي دور ّ‬
‫شخصا‬
‫ً‬ ‫لقاعدة نسبية آثار العقد‪ ،‬أي بين المضرور والمنتج في حين األضرار قد تصيب‬
‫آخر غير متعاقد‪ ،‬وبالرغم من توسيع القضاء الفرنسي من دائرة المسؤولية العقدية‪ ،‬بالسماح‬
‫للمشتري األخير بالرجوع على المنتج مباشرة على أساس دعوى الضمان والتي اعتبرها‬
‫دعوى عقدية وذلك في الحكم الذي صدر في قضية ‪ Lamborghini‬سنة ‪ّ ،1979‬إال أن‬
‫مسألة إثبات شروط العيب في المنتجات تظل قائمة ‪.2‬‬
‫ب‪ -‬قصور القواعد الخاصة بالمسؤولية التقصيرية‬
‫لم تخل قواعد المسؤولية التقصيرية من صعوبة تطبيق قواعدها على مسؤولية المنتج‪.‬‬
‫فرغم تأكيد محكمة النقض الفرنسية على أن طرح منتوج معيب في السوق يعتبر من حيث‬
‫المبدأ خطأً تقصيرًيا‪ّ ،‬إال أنها تتطلب إقامة الدليل على خطأ المنتج‪ ،‬وهو أمر يصعب على‬
‫المتضرر القيام به وذلك بالنظر إلى عدم تخصصه في مجال المعاملة إذ ال يستطيع‬
‫إثبات وجود هذا الخطأ أو رابطة السببية بين الخطأ والضرر‪.3‬‬
‫تم ابتكار فكرة تجزئة الحراسة في مجال المسؤولية التقصيرية من طرف األستاذ‬
‫كما ّ‬
‫تسمى كذلك بحراسة التكوين أو‬
‫مازو ‪ MAZEAUD‬في كتابه" المسؤولية المدنية" و ّ‬

‫‪ -1‬سالم محمد رديعان العزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية و االتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،352‬ينظر‬
‫كذلك‪:‬‬
‫جابر محمد ظاهر مشاقبـــة ‪ :‬الحماية المدنية للمستهلك من عيوب المنتجات الصناعية" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار وائل‬
‫للنشر‪ ،‬األردن‪ ،2012 ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ -2‬زاهية حورية سي يوســـــــف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2009 ،‬ص ‪.288‬‬
‫‪ -3‬زاهية حورية سي يوســـــــف‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.289‬‬
‫‪19‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الهيكل و حراسة االستعمال أو التسيير ‪Garde de la structure et garde de‬‬


‫‪ comportement‬فهذه النظرية انطلقت من أجل بعض االفتراضات وهي الحاالت التي‬
‫تنفصل معها العناصر التالية‪ :‬حراسة االستعمال وحراسة الهيكل‪ ،‬فيطرح إشكال حول‬
‫المسؤول ما إذا كان حارس الهيكل أو حارس التسيير؟ وبالرغم من أن الكثير من الفقه سلّم‬
‫بها سواء في فرنسا أو في مصر‪ّ ،‬إال أن األحكام القضائية في فرنسا كانت متضاربة‪،‬‬
‫فبعضها يأخذ بنظرية تجزئة الحراسة مثل حكم صدر من الدائرة األولى في ‪–11–12‬‬
‫‪ 1975‬بصدد انفجار أنبوبة أوكسجين وضعت فيه مسؤولية االنفجار على عاتق الشركة‬
‫أحكاما أخرى قضت بعدم تجزئة الحراسة كحكم محكمة‬
‫ً‬ ‫التي صنعت هذه المادة‪ ،‬وهناك‬
‫النقض الفرنسية الصادر في ‪ ،1953-06–11‬والسبب في عدم األخذ بها يرجع إلى‬
‫تكليف المضرور و إرهاقه في إثبات مسبب الضرر ما إذا كان هو مستعمل الشيء أو‬
‫صانعه‪.1‬‬
‫مما تقدم قصور القواعد العامة عن حماية المتضررين بسبب تداول المنتجات‬
‫يتضح ّ‬
‫حث على التدخل‬
‫الضارة‪ ،‬وهذا القصور يعتبر بمثابة تبرير موضوعي عملي وجوهري ّ‬
‫بقوة القانون‪ ،‬وتستهدف‬
‫التشريعي لمعالجة هذه المسألة بقواعد خاصة تقر مسؤولية المنتج ّ‬
‫عبرت‬
‫في نفس الوقت تحقيق التوازن بين المصالح المشروعة للمنتجين والمستهلكين‪ .‬وقد ّ‬
‫عن أهمية هذا التوازن بين المصالح المتعارضة في ميدان مسؤولية المنتج دول المجلس‬
‫األوروبي في ديباجة اتفاقية المجلس‪.2‬‬

‫‪ -1‬إدريــــــــــــــس فاضلــــــــــــــي‪ :‬المسؤولية عن األشياء غير الحية في القانون المدني الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ -2‬إذ جاء فيها‪ " :‬انطالقًا و أخ ًذا باالعتبار التحول األوروبي إلى تحقيق مستوى ٍ‬
‫عال من التعاون بين أعضائه و أخ ًذا‬
‫التحول القضائي المتنامي في هذه الدول باتجاه خلق مسؤولية خاصة بالمنتجين تستهدف تحقيق حماية‬ ‫ّ‬ ‫باالعتبار‬
‫فعالة للمستهلكين في ضوء التطورات التقنية الحديثة و اإلنتاج الجديد و طرق توزيعه و بيعه‪ ،‬فإن المجلس اتفق على‬
‫وضع قواعد خاصة بمسؤولية المنتج تراعي تأمين الحماية الفعالة للمستهلكين من جهة‪ ،‬و تأخذ في نفس الوقت بعين‬
‫االعتبار المصالح المشروعة للمنتجين من جهة أخرى" ينظر‪= :‬‬
‫‪20‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ثالثاا‪ :‬اًلتجاهات الحديثة في القانون المقارن‬


‫لقد تجلّت اتجاهات فقهية و أخرى تشريعية تدعو إلى ضرورة تبني مسؤولية ذات‬
‫طابع موضوعي للمنتج و هذه االتجاهات يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪-‬اًلتجاه الفقهي‬
‫إن المسؤولية الموضوعية للمنتج كانت ثمرة ٍ‬
‫جهد كبير بذله الفقه والقضاء خاصة في‬ ‫ّ‬
‫أما القضاء فعمد إلى تكريسها في عديد أحكامه وكان هذا‬
‫فرنسا‪ ،‬فالفقه أ ّكد على أهميتها‪ّ ،‬‬
‫الجرأة‪ ،‬ذلك أن القطيعة مع‬
‫السعي من قبل القضاء قد ُوصف بأنه على درجة عالية من ُ‬
‫إحدى الثوابت التي يرتكز عليها القانون الفرنسي ال يمكن أن يتم ّإال عن طريق المشرع‪.1‬‬
‫إن نشر األستاذ‪ Henri MAZEAUD‬مقال رائع بعنوان" المسؤولية المدنية للبائع‬
‫ّ‬
‫الصانع" وكذا مقال األستاذ ‪ Philippe MALINVAUD‬الذي أشار فيه إلى دور‬
‫الفعال في بلورة الفكرة في‬
‫الموحد لمسؤولية المنتج‪ ،‬لهما الدور ّ‬
‫ّ‬ ‫القضاء في إنشاء التنظيم‬
‫ذهن القضاء والمشرع في فرنسا إلى تبني مثل هذا النظام‪ .‬هذا إضافة إلى الفقيه الفرنسي‬
‫‪Eric SAVAUX‬الذي نقل مقولة ‪ "Philippe REMY‬إن المشرع هو صاحب السلطة‬
‫المطلقة الذي بإمكانه أن ينتج لنا طوائف من المسؤوليات‪ ،‬والتي ليس من المفيد أن‬
‫نسعى إلى إدراجها في النظام العقدي أو التقصيري لمجرد احترام تقسيم تقليدي ونظري "‬
‫‪2‬‬

‫ب– اًلتجاه التشريعي‬


‫عكفت معظم التشريعات المقارنة على حماية المستهلكين من مخاطر المنتجات‬
‫المعيبة‪ ،‬حيث قُِّننت قوانين خاصة بمسؤولية المنتج مستقلةً عن القواعد التقليدية للمسؤولية‬
‫تحت تأثير المعطيات االقتصادية واالجتماعية السالفة الذكر‪ ،‬ووضعت في ّأول اهتماماتها‬

‫‪= Directive n° 85/374/ CEE du Conseil du 25 juillet 1985 relative au rapprochement des‬‬
‫‪dispositions législatives, réglementaires et administratives des états membres en matière de‬‬
‫‪responsabilité du fait des produits défectueux.‬‬
‫‪ -1‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪ -2‬قادة شهيدة‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪21‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تسببها‬
‫سالمة المستهلكين فخلُصت إلى ضرورة إقرار مسؤولية المنتج عن األضرار التي ّ‬
‫عيدا عن مستلزمات نظرية العقد وتعقيداتها‪،‬‬
‫منتجاته بصرف النظر عن الخطأ واإلهمال وب ً‬
‫و هذا االتجاه األخير هو الذي استقرت عليه النظم القانونية الحديثة‪.1‬‬
‫إن هذه المعطيات اًلقتصادية واًلجتماعية الجديدة‬
‫وقد قال أحد الفقهاء الفرنسيين‪ّ " :‬‬
‫هزت األطر التقليدية للقانون المدني وبرهنت على ضرورة تعديل نظرياته الراهنة‬
‫قد ّ‬
‫وقواعده التي ًل تكفي في وضعها الحالي لحماية المستهلك ويمكن أن نعتبر قانون‬
‫حماية المستهلك الصادر سنة ‪ 1972‬بصدد البيوع التي تجري في المنازل‪ ،‬ما هو ّإًل‬
‫‪2‬‬
‫ذلك‬ ‫إحدى التعبيرات األولى عن إنشاء فرع قانوني جديد و لنسميه قانون اًلستهالك"‬
‫بقوة القانون‬
‫على غرار تدخل المشرع الفرنسي إلقرار مسؤولية بائع العقار قيد التشييد ّ‬
‫عدل بموجبها المادة‪ 1646‬مكرر‪ 01‬من ق م ف‪ ،‬كما‬
‫بموجب تشريعات تموز‪ 1967‬الذي ّ‬
‫أيضا مرة أخرى في هذا الميدان لحماية المستهلكين والمستعملين من خطر المنتجات‬
‫تدخل ً‬
‫ّ‬
‫المعدات المستخدمة في البناء بحكم القانون وجعلها‬
‫فأقر مسؤولية المنتج والمستورد للمواد و ّ‬
‫مسؤولية قانونية تضامنية مع المقاول والمهندس المعماري من خالل تعديل المادة ‪1792‬‬
‫مكرر‪ 04‬ق م ف سنة ‪.1978‬‬
‫نصت على مسؤولية المنتج الموضوعية نجد التشريع‬
‫ومن التشريعات العربية التي ّ‬
‫وضوحا في حماية المستهلك من األضرار الجسمانية‬
‫ً‬ ‫السوداني الذي كان أكثر صراحة و‬
‫الناشئة عن المنتجات المعيبة أو ذات الطبيعة الخطرة‪ ،‬وذلك في القانون رقم ‪ 62‬لسنة‬
‫‪ ،1974‬حيث تناولت المادة ‪ 15‬منه مسؤولية التاجر وحتى البائع العادي عن األضرار‬

‫‪ -1‬حكيـم قاسـم‪ ":‬نحو المسؤولية الموضوعية للمنتج( حالة منتج الدواء)"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪2‬‬
‫نقال عن‪ :‬سالم محمد رديعان العزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية و االتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪ً -‬‬
‫‪.338‬‬
‫‪22‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الجسمانية التي تلحق بالمشتري أو الغير بسبب عيوب البضاعة أو طبيعتها الخطرة أو عدم‬
‫مالءمتها للغرض في السوق‪.1‬‬
‫ومن المعطيات السابقة‪ ،‬صيغت مسؤولية المنتج عن المضار الناشئة عن منتجاته‬
‫السباقة في تبني‬
‫المعيبة من قبل العديد من االتفاقيات والتشريعات الداخلية فأي منها كانت ّ‬
‫مثل هذا النظام؟‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ظهور المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫تم‬
‫بعدما أن دعا الفقه و القضاء إلى تبني أحكام المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ّ ،‬‬
‫تكريسها في النظم القانونية فانتقلت أحكامها في القانون المقارن من الواليات المتحدة‬
‫ثانيا) ثم التشريع الجزائري( ثالثاا)‬
‫األمريكية( ّأواًل ) إلى دول اإلتحاد األوروبي( ا‬
‫ّأواًل‪ :‬بروز نظام المسؤولية الموضوعية للمنتج في الوًليات المتّحدة األمريكية‬
‫مرة في الواليات المتحدة األمريكية نتيجة حركة‬
‫ألول ّ‬
‫ظهرت المسؤولية الموضوعية ّ‬
‫المتطور و حوادث المنتجات المعيبة‪ ،‬و نشأت استقاللية هذا النظام في مجال‬
‫ّ‬ ‫التصنيع‬
‫يسمى‪ Strict liability in Tort :‬على المستوى القضائي‬
‫المسؤولية المدنية تحت ما ّ‬
‫سنة ‪ 1963‬في قضية ‪ ،Green man v .Yoba Power Product‬ثم على المستوى‬
‫التشريعي في سنة ‪ 1964‬بمبادرة من المعهد األمريكي للقانون و الذي أدمج أحكام‬
‫مسؤولية المنتج القائمة على عنصري العيب و الضرر في قانون المسؤولية األمريكي في‬
‫قسمه ‪ A 402‬تحت عنوان ‪Special liability of seller of Product for physical‬‬
‫‪harm to user or consumer2‬‬

‫‪ -1‬سالم محمد رديعان العزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية و االتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.338‬‬
‫معمر بن طــــــريــــــــــــــــــــــــــــــــــة‪ ":‬فكرة المسؤولية الموضوعية للمنتج كآلية تعويضية لضحايا حوادث المنتجات المعيبة"‪،‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪2‬‬

‫قدمت في يوم دراسي حول مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد‬ ‫مداخلة ّ‬
‫بجامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬يوم ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬ص ‪ (134‬غير منشور )‬
‫‪23‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫فلقد أدرك القضاء األمريكي في مستهل القرن العشرين عدم مالءمة المبادئ التقليدية لكفالة‬
‫الحماية في مواجهة ما يالزم المنتجات من قوى اإلضرار‪ ،‬ما أدى إلى بناء نظام قانوني‬
‫جديد‪ ،‬وبدا ضمان السالمة بمثابة الفكرة المالئمة التي استلهمها القضاء فيما أسبغه من‬
‫موضوعية و أ ّكده من أصالة و استقالل لنظام المسؤولية عن فعل المنتجات‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬بروز المسؤولية الموضوعية للمنتج في الدول األوروبية‬
‫ا‬
‫إن ظهور هذا النوع الجديد من المسؤولية المدنية للمنتج في الدول األوروبية ُج ّسد‬
‫ّ‬
‫بداية على مستوى االتفاقيات الدولية؛ فلقد اعتنق توجيه بروكسل لسنة ‪ 1976‬المتعلّق‬
‫بالمسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة هذا النظام حيث نصت المادة األولى منه‪ " :‬صانع‬
‫عالما أو كان‬
‫ا‬ ‫األشياء المنقولة مسؤول عن األضرار التي تسببها عيوبها سواء كان‬
‫بإمكانه العلم بها"‬
‫جاءت بعد ذلك اتفاقية ستراسبورغ الصادرة عن المجلس األوروبي في ‪ 27‬جانفي‬
‫‪ 1977‬المتعلّقة بالمسؤولية عن فعل المنتجات في حالة األضرار الجسدية أو الوفاة‪ 2‬التي‬
‫نصت في مادتها الثالثة الفقرة األولى‪ " :‬يسأل المنتج عن تعويض الضرر الناشئ عن‬
‫‪3‬‬
‫عيب في إنتاجه ينجم عنه وفاة شخص أو إصابته بجروح "‬

‫ملزما بالتعويض‪ ،‬بمقتضى النظرية الحديثة للمسؤولية‪ ،‬حتى ولو لم يقترف خطأً متى ثبت أن المنتوج‬
‫‪" -‬الصانع يكون ً‬
‫‪1‬‬

‫استقالال عن فكرتي التقصير‬


‫ً‬ ‫كافيا لقيام مسؤولية الصانع‬
‫ً‬ ‫أساسا‬
‫ً‬ ‫معيبا؛ فإثبات قصور المنتوج يشكل‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫و اإلخالل بالعقد"‪ .‬هذا الحكم أصدرته محكمة إستئناف نيويورك سنة ‪ ،1963‬و الواقعة التي صدر بمناسبتها الحكم‬
‫هو اتصال النزاع بكارثة جوية حيث تحطمت إحدى الطائ ارت بالقرب من المطار‪ ،‬و أرجع تقرير الخبرة الفنية الحادث‬
‫كافيا إللزام الصانع بجبر الضرر و لو لم تربطه‬
‫إلى قصور في جهاز قياس االرتفاع و هو ما اعتبرته المحكمة إثباتًا ً‬
‫نقال عن‪ :‬حسن عبد الرحمان قدوس‪ :‬مدى التزام المنتج بضمان السالمة في مواجهة‬ ‫بالضحايا عالقة عقدية‪ً .‬‬
‫مخاطر التطور العلمي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬د س ن‪ ،‬ص‪ ،57‬ينظر كذلك‪Guido ALPA :Le :‬‬
‫‪nouveau régime juridique de la responsabilité du producteur en Italie et l’adaptation de‬‬
‫‪la directive communautaire, R.I.D.C, n° 01, 1999, p 80.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Convention Européenne de Strasbourg du 17 janvier 1977 sur la responsabilité du fait‬‬
‫‪des produits en cas de lésions corporelles ou du décès.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-Art 03 de la convention de Strasbourg stipule que « Le producteur est tenu de réparer les‬‬
‫» ‪dommages d’un décès ou de lésions corporelles causées par un défaut de produit‬‬
‫‪24‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫يتحصل المضرور‬
‫ّ‬ ‫أخذت هذه االتفاقية بفكرة المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬فلكي‬
‫يتعين عليه إثبات العيب والضرر وعالقة السببية بينهما بدون االلتزام‬
‫على التعويض ّ‬
‫بإثبات خطأ المنتج‪ ،‬غير أنه لم يعمل بها في الدول األعضاء بالمجموعة األوروبية لعدم‬
‫التصديق عليها من العدد الكافي‪ .‬فكانت أحكام اتفاقية ستراسبورغ هي التي ساهمت بعد‬
‫ثمانية سنوات من صدورها في بلورة التوجيه األوروبي لسنة ‪ 1985‬الساعي إلى انسجام‬
‫ووحدة القوانين األوروبية في مجال مسؤولية المنتج عن أضرار منتجاته‪ ،‬فقد ورد في‬
‫الحيثية الثانية من التوجيه‪ " :‬إن المسؤولية غير الخطئية للمنتج هي الوحيدة الكفيلة‬
‫المتطورة‪ ،‬وبتعاظم األخطار‬
‫ّ‬ ‫تميز بالتكنولوجيا‬
‫وكح ّل مالئم وفعلي للمشكلة في عصر ي ّ‬
‫غض النظر عن عنصر‬
‫الناتجة عن اإلنتاج التقني المعاصر" فالتوجيه األوروبي بذلك ّ‬
‫‪1‬‬

‫فعالة‬
‫الخطأ وتمحور اهتمامه على عنصري العيب والضرر بهدف توفير حماية ّ‬
‫للمتضررين من حوادث المنتجات المعيبة‪.‬‬
‫ومسؤولية المنتج وفق أحكامه تقام على األساس الموضوعي المرتبط بفكرة الحماية‬
‫من المخاطر‪ ،‬فهي مسؤولية موضوعية تعمل على خلق توازن عام لفكرة مخاطر الضرر‬
‫بين كل من المنتج والمتضرر‪.‬‬
‫وبعد تبلور هذه الفكرة في ذهن واضعي االتفاقيات الدولية‪ ،‬استُقبلت من قبل القوانين‬
‫الداخلية منها‪:‬‬
‫األول من قانون حماية‬
‫أدمجت المملكة المتحدة األحكام الواردة بالتوجيه في الجزء ّ‬
‫المستهلك الصادر في‪ 1987‬والذي عمل به منذ ‪ 01‬مارس ‪ 1988‬و نقلت إيطاليا أحكام‬
‫التوجيه بالئحة عمل بها منذ ‪ 30‬جويلية ‪ ،1988‬و أصدرت لكسمبورغ في ‪ 21‬أفريل‬
‫‪ 1989‬قانون متعلّق بالمسؤولية المدنية الناشئة عن المنتجات المعيبة عمل به منذ ‪02‬‬

‫النص باللّغة الفرنسية على النحو التالي‪:‬‬


‫‪ -‬جاء ّ‬
‫‪1‬‬

‫‪« Considérant que seule la responsabilité sans faute du producteur permet de résoudre de‬‬
‫‪façon adéquate le problème, propre à notre époque de technicité croissante, d’une‬‬
‫» ‪attribution juste des risques inhérents à la production technique moderne‬‬
‫‪25‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ماي ‪ ،1989‬وكذلك صدر في الدنمارك قانون عمل به منذ ‪ 10‬جوان ‪ ،1989‬ونقلت‬


‫البرتغال أحكام التوجيه بمرسوم قانون عمل به منذ ‪ 12‬نوفمبر ‪ ،1989‬ثم هولندا بقانون‬
‫صدر في ‪ 13‬سبتمبر ‪ ،1990‬بلجيكا بقانون صدر في ‪ 25‬فيفري ‪.11991‬‬
‫والملفت لالنتباه أن التشريع األلماني كان سباقًا في تبني هذا النظام حيث ألزم المنتج‬
‫في مجال صناعة الدواء بضمان مخاطر المنتجات‪ ،2‬فقد نصت المادة ‪ 84‬من القانون‬
‫الالخطئية‬
‫الصادر في ‪ 24‬أغسطس ‪ 1976‬بشأن المنتجات الصيدالنية‪ 3‬على المسؤولية ّ‬
‫للمنتجين عن األضرار الناشئة عن مخاطر الدواء المحتملة التي لم يشر إليها البيان‬
‫المتعلّق بخصائص وآثار وكيفية استخدام الدواء أو ثبتت عدم صحة ما ورد بشأنها‪ ،‬وكذلك‬
‫غير المحتملة أي التي لم تسمح حالة المعرفة العلمية باإلحاطة بها‪ .4‬وبعدها أصدرت‬
‫خاصا بالمسؤولية الناشئة عن فعل المنتجات في ‪ 15‬ديسمبر ‪ 1989‬وعمل به منذ‬
‫ً‬ ‫قانونا‬
‫ً‬
‫‪ 01‬جانفي ‪.1990‬‬
‫خاصا بمسؤولية المنتج عن‬
‫ً‬ ‫باإلضافة إلى التشريع الفرنسي الذي أصدر قانونا‬
‫منتجاته المعيبة ذو الطابع الموضوعي‪ ،‬ولم يؤسس مسؤولية المنتج على األساس القانوني‬

‫‪ -1‬علي فتاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،174‬ينظر كذلك‪:‬‬
‫‪Livre vert sur la responsabilité du fait des produits défectueux, présenté par la‬‬
‫‪commission des communautés européennes, Bruxelles, le 28- 07- 1999. p 32.‬‬
‫‪ -2‬صدر هذا القانون لمواجهة الصعوبات القانونية التي أثارها قصور النظام الوضعي عن كفالة الحماية لضحايا مخاطر‬
‫التطور العلمي‪ ،‬فقد شعر المشرع األلماني بضرورة التدخل و تهيئة وسيلة الضمان المالئمة في مواجهة المخاطر‬
‫ّ‬
‫المالزمة للمنتجات الصيدالنية و ذلك بمناسبة تعرض بعض األجنة لتشوهات خلقية بسبب دواء تناولته األمهات في‬
‫فترة الحمل‪ ،‬و في هذه الواقعة ثبت أن الدراسات و التجارب التي أجريت قبل طرح المنتوج للتداول لم تسمح باإلحاطة‬
‫نقال عن‪ :‬حسن عبد الرحمان قدوس‪ :‬مدى التزام المنتج بضمان السالمة في مواجهة‬
‫بذلك األثر الثانوي الضار‪ً .‬‬
‫التطور العلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫ّ‬ ‫مخاطر‬
‫‪ -3‬صدر هذا القانون بعد قضية ‪ La Thalidomide‬و دخل حيز التنفيذ في ‪ 01‬جانفي ‪ ،1978‬و هو ّأول قانون‬
‫أوروبي ت ّبنى نظام المسؤولية الموضوعية‪ ،‬ينظر في هذا الصدد‪www.senat.fr Consulté le12 mai 2014 :‬‬
‫التطور العلمي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -4‬حسن عبد الرحمان قدوس‪ :‬مدى التزام المنتج بضمان السالمة في مواجهة مخاطر‬
‫ص ‪.77‬‬
‫‪26‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫التقليدي لفكرة الخطأ بل انطالقًا من قاعدة موضوعية قائمة على فكرة المخاطر‪ .‬فبعد‬
‫مدة عشر سنوات أدمج المشرع الفرنسي التوصية األوروبية لسنة ‪1985‬‬
‫التأخير الذي دام ّ‬
‫في القانون المدني باستحداث القانون رقم ‪ 389‬لسنة ‪ 1998‬الصادر في ‪ 19‬ماي ‪1998‬‬
‫بأن أضاف الباب الرابع مكرر إلى الكتاب الثالث من ق م ف والذي حمل عنوان‪" :‬‬
‫المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة" ضمن ثمانية عشر مادة هي المواد من ‪1386‬‬
‫مكرر ‪ 01‬إلى ‪ 1386‬مكرر ‪.1 18‬‬
‫وما ينبغي اإلشارة إليه هو ّأنه بالرغم من هذا التأخر من جانب المشرع الفرنسي‪ّ 2‬إال‬
‫كثير بالتوجيه األوروبي‪ ،‬بحيث أخرج االلتزام بضمان السالمة عن النطاق‬
‫أن القضاء تأثر ًا‬
‫العقدي وجعله التزام عام يسري حتى لفائدة األغيار الّذين ال تربطهم بالمنتج عالقة تعاقدية‪،‬‬
‫و كان ذلك من خالل قضية تعتبر من أهم القضايا التي ُعرفت في القضاء الفرنسي وهي‬
‫قضية تلوث مشتقات الدم بفيروس اإليدز‪ ،‬حيث عمدت محكمة النقض الفرنسية الذكر‬
‫استنادا إلى االلتزام‬
‫ً‬ ‫الصريح ألسباب امتداد االلتزام بضمان السالمة خارج اإلطار العقدي‬
‫بتفسير نصوص القانون المدني الفرنسي على ضوء ما ورد به التوجيه األوروبي‬
‫لسنة‪ .1985‬كما أ ّكدت موقفها في األخذ بالمسؤولية القائمة على الضرر والعيب في‬
‫ق اررات الحقة منها قرار الدائرة المدنية األولى الصادر في ‪ 17‬جانفي ‪ 1995‬بقولها‪" :‬‬
‫ملزما بتسليم منتجات خالية من أي عيب أو نقص في اإلنتاج من‬
‫يعتبر البائع المحترف ا‬
‫خطر لألشخاص أو الممتلكات ويعتبر مسؤواًل عن ذلك تجاه المشتري‬
‫شأنها أن تسبب اا‬
‫كما نشير إلى نص المشرع الفرنسي على المسؤولية الموضوعية منذ سنة‪1988‬‬ ‫والغير"‬
‫‪3‬‬

‫‪ème‬‬
‫‪-Code civil français, 104‬‬
‫‪1‬‬
‫‪édition, Dalloz, Paris, 2005.‬‬
‫مدة‬
‫مدة عشرة سنوات‪ ،‬و كانت هذه األخيرة في مادتها ‪ 19‬قد منحت ّ‬
‫‪ -‬تأخرت فرنسا في تبني أحكام التوصية األوروبية ّ‬
‫‪2‬‬

‫‪ 03‬سنوات من تاريخ التصديق عليها لقيام الدول األعضاء في االتحاد األوروبي بإدخال نصوصها في تشريعاتها‬
‫الوطنية بالتعديل أو اإلضافة بما يتفق مع نصوص هذا التوجيه‪.‬‬
‫‪-3‬إيمان محمد طاهر عبد اللّه العبيدي‪ :‬االلتزام بضمان السالمة في عقد البيع" دراسة مقارنة"‪ ،‬بحث لنيل شهادة‬
‫الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،2003 ،‬ص ‪ ،154‬ينظر كذلك‪=:‬‬
‫‪27‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الطبي بموجب القانون‬


‫لكن ليس في مجال المسؤولية عن المنتجات المعيبة‪ ،‬بل في المجال ّ‬
‫الصادر في ‪ 20‬ديسمبر‪.11988‬‬
‫ثالثاا‪ :‬بروز نظام المسؤولية الموضوعية للمنتج في الجزائر‬
‫بالرجوع ألحكام المسؤولية عن األشياء غير الحية في القانون المدني الجزائري يمكن‬
‫تعد قرينة قاطعة‬
‫القول ّأنها مسؤولية قائمة بحكم القانون أو موضوعية‪ ،‬والمادة ‪ 138‬منه ّ‬
‫على ذلك‪ ،‬إذ أن المضرور يثبت فقط الضرر الذي تسبب الشيء في وقوعه‪ ،‬لذا ذهب‬
‫القضاء الجزائري إلى أن الشرط األساس والوحيد الذي يجب توافره لقيام المسؤولية عن‬
‫األشياء غير الحية هو وقوع الضرر ال غير‪ ،‬و على هذا األساس جعلت المحكمة العليا‬
‫الحارس مسؤوًال عن الضرر الذي يحدثه الشيء دون أن تتطرق في بعض األحيان إلى‬
‫افتراض الخطأ كالقرار الصادر في ‪ 08‬ديسمبر ‪ ،1982‬وكذا القرار الصادر في ‪20‬‬
‫أكتوبر‪ 22011‬مع اإلشارة إلى أن ق اررات المحكمة العليا في هذا الشأن يشوبها االضطراب‬
‫في اتخاذ موقف واضح يمكن االرتكاز عليه فهي تارة تأخذ بالخطأ‪ ،‬وتارة أخرى تشير إلى‬
‫فكرة تحمل التبعة إذ تجعل الضرر هو أساس المسؤولية دون التطرق للخطأ‪.3‬‬
‫برز موقف المشرع الجزائري في هذا الصدد منذ ‪ ،2005‬إذ تأثر بالدول األجنبية‬
‫مرة المسؤولية الموضوعية‬
‫ألول ّ‬
‫خاصة فرنسا‪ ،‬بحيث تناول في مجال المسؤولية المدنية ّ‬
‫تم‬
‫للمنتج بنص صريح ضمن القانون المدني بإدراجه المادة ‪ 140‬مكرر في التعديل الذي ّ‬

‫‪=Pierre SARGOS : Quelle assurance responsabilité civile pour demain ? , les entretiens de‬‬
‫‪l’assurance, atelier01, Fédération française des sociétés d’assurance, 1999, p 09, VOIR :‬‬
‫‪www.FFSA.FR consulté le 20 septembre2013.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-Andrey BEUN : Le principe de précaution en matière de responsabilité médicale,‬‬
‫‪mémoire de DEA, droit privé générale, école doctorale n°74, Université du droit de santé,‬‬
‫‪Lille02, 2003, p 78.‬‬
‫المؤرخ في ‪ 20‬أكتوبر ‪ ،2012‬مجلة المحكمة‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم ‪688491‬‬
‫العليا‪ ،‬ع ‪ 01‬لسنة ‪.2012‬‬
‫الحية في القانون المدني الجزائري‪ ،‬م ج ع ق إ س‪ ،‬ع ‪،1991 ،03‬‬
‫‪ -‬العربي بلحاج‪ :‬المسؤولية عن األشياء غير ّ‬
‫‪3‬‬

‫الجزائر‪ ،‬ص ‪.639‬‬


‫‪28‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫في ‪ 2005‬وكانت هذه المسؤولية ذات طابع موضوعي ليست بعقدية وال بتقصيرية وانما‬
‫قائمة على عنصري الضرر والعيب‪.‬‬
‫هكذا كانت بداية مسؤولية المنتج الموضوعية في النظم القانونية‪ ،‬ولتطبيق هذه‬
‫اما التطرق لتحديد مفهومها إذ كما هو‬
‫التقنية المستحدثة في مجال المسؤولية المدنية كان لز ً‬
‫أساسا لكل نظام قانوني‪ ،‬فمن خاللها يمكن معرفة كل النقاط‬
‫ً‬ ‫معروف فالتعاريف تعد‬
‫المتعلّقة بها من أسس ونطاق وتطبيق‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫هاما في مجال مساءلة‬
‫دور ً‬
‫تلعب المسؤولية المدنية للمنتج ذات الطابع الموضوعي ًا‬
‫المسؤول عن األضرار الناتجة من حوادث المنتجات المعيبة‪ ،‬فهي تهدف إلى تعويض أكبر‬
‫ٍ‬
‫قدر ممكن من الضحايا واعادة حالتهم إلى ما كانت عليها قبل وقوع الضرر‪ ،‬فالمسؤولية‬
‫لحد القول بأنها نظام يجمع بين نوعي المسؤولية‬
‫الموضوعية للمنتج لها مدلول عام وواسع ّ‬
‫يميزها عن هاته األخيرة لتمتّعها بجملة‬
‫األول) كما لها ما ّ‬
‫المدنية العقدية والتقصيرية( الفرع ّ‬
‫من الخصائص( الفرع الثاني) وكذا ارتكازها على أساس قانوني مختلف ومغاير لألساس‬
‫الذي تقوم عليه مسؤوليات المنتج التقليدية وهو الخطأ‪ ،‬فهي تقوم على أساس موضوعي‬
‫وليس شخصي( الفرع الثالث)‬
‫األول‪ :‬تعريف المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫الفرع ّ‬
‫أما في اللّغة فلها‬
‫المسؤولية بوجه عام هي اقتراف أمر يوجب مؤاخذة فاعله ‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬

‫استعماالن أحدهما حقيقي بمعنى االستعالم واالستفسار عن أمر مجهول‪ ،‬وثانيهما مجازي‬
‫بمعنى المؤاخذة والمحاسبة‪ .‬ولم يستعمل فقهاء الشريعة اإلسالمية كلمة المسؤولية للداللة‬
‫ظا أخرى من تلك الضمان أو التضمين‬
‫لكنهم استعملوا ألفا ً‬
‫على المؤاخذة والمحاسبة‪ ،‬و ّ‬

‫مقدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬لبنان‪ ،1985 ،‬ص‬
‫‪ -‬السعيد ّ‬
‫‪1‬‬

‫‪.17‬‬
‫‪29‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫والغرامة أو التغريم‪ .‬كما أن نظرية المسؤولية بمعناها القانوني لم تكن معروفة باسمها‬
‫ولكنها معروفة بمضمونها ويقابلها الضمان في الفقه اإلسالمي الذي هو التزام بتعويض‬
‫ّ‬
‫مالي عن ضرر للغير‪.1‬‬
‫يعرفها األستاذ الدكتور سليمان مرقس‪ " :‬المسؤولية هي حالة الشخص الذي‬
‫ّ‬
‫أمر يستوجب المؤاخذة‪ ،‬فإذا كان هذا األمر مخالفاا لقواعد األخالق فحسب‪،‬‬
‫ارتكب اا‬
‫ُوصفت مسؤولية مرتكبه بأنها مسؤولية أدبية واقتصرت على إيجاب مؤاخذته مؤاخذة‬
‫أما إذا كان القانون‬
‫أدبية ًل تعدو استهجان المجتمع ذلك المسلك المخالف لألخالق‪ّ ،‬‬
‫حد المسؤولية‬
‫أيضا يوجب المؤاخذة على ذلك األمر‪ ،‬فإن مسؤولية مرتكبه ًل تقف عند ّ‬
‫ا‬
‫‪2‬‬
‫قانونيا"‬
‫ا‬ ‫اءا‬
‫األدبية‪ ،‬بل تكون فوق ذلك مسؤولية قانونية تستتبع جز ا‬
‫أما مسؤولية المنتج المدنية فهي تلك التي تقوم في حق هذا األخير نتيجة األضرار‬
‫ّ‬
‫التي تسببها منتجاته للمستهلك والتعويض عن هذه األضرار نتيجة لذلك‪.3‬‬

‫عرف فقهاء الشريعة اإلسالمية الضمان بأنه التزام بتعويض مالي عن ضرر وقع بالغير‪ ،‬فيقوم الضمان إ ًذا على‬‫‪ّ -‬‬
‫‪1‬‬

‫التزام المعتدي بالتعويض لجبر الضرر الذي ألحق بالغير في نفسه أو ماله‪ ،‬و درء العدوان عنه‪ ،‬أي أنه يقوم على‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫تعويض الغير عما لحقه من تلف المال أو الضرر الحادث بالنفس اإلنسانية‪ً .‬‬
‫فريدة دحماني‪ :‬الضرر كأساس للمسؤولية المدنية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2005 ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ -2‬سليمان مرقس‪ :‬الوافي في شرح القانون المدني( في االلتزامات‪ ،‬في الفعل الضار و المسؤولية المدنية)‪،‬‬
‫األول‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬مصر‪ ،1992 ،‬ص ‪.01‬‬ ‫المجلّد ّ‬
‫معينة‬
‫‪ -‬تعرف مسؤولية المنتج في مجال قوانين االستهالك‪ :‬هي تلك المسؤولية التي تقوم نتيجة تصنيع منتجات ّ‬
‫‪3‬‬

‫أو طرحها في السوق على الرغم من عدم توفرها على المقاييس و المواصفات القانونية أو التنظيمية أو شروط تغليفها‬
‫و ترتيبها أو عدم احتوائها على الوسم المطلوب أو بسبب األضرار التي ألحقتها بالمستهلكين أو المستعملين نتيجة‬
‫لعدم توقي الحذر و الحيطة في لفت انتباه هؤالء إلى مخاطر االستعمال أو األخطار المالزمة للمنتجات بطبيعتها‬
‫على الرغم من أن تصنيعها غير مشوب بأي عيب أو مشوب بعيب فني يؤدي إلى إلحاق األضرار بالمستهلك‬
‫نقال عن ‪ :‬علي بولحية بن بوخميس‪ :‬القواعد العامة لحماية المستهلك و المسؤولية‬
‫كانفجار شاشة جهاز تلفاز‪ً .‬‬
‫المترتبة عنها في التشريع الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2000 ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪30‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ونظر لعدم‬
‫ًا‬ ‫تنقسم المسؤولية المدنية للمنتج إلى مسؤولية عقدية ومسؤولية تقصيرية‪،‬‬
‫تم تقرير‬
‫إمكانية األحكام والقواعد المنظمة لهما في توفير الحماية المناسبة للمستهلكين‪ّ ،‬‬
‫مسؤولية جديدة خاصة بالمنتج ذو طابع موضوعي‪ ،‬والمسؤولية الموضوعية للمنتج هي تلك‬
‫بقوة القانون إذ ال تقوم على الخطأ واّنما تقوم على أساس عدم كفاية األمان‬
‫التي تتقرر ّ‬
‫أن المنتج يكون مسؤوًال عن الضرر الناتج عن عيب في‬
‫والسالمة في المنتجات‪ ،‬أي ّ‬
‫متعاقدا مع المضرور أو غير متعاقد معه‪ .1‬فأساس المسؤولية المستحدثة‬
‫ً‬ ‫المنتوج سواء كان‬
‫المسبب للضرر الذي يستوجب التعويض‪ ،‬ال الخطأ الذي يقتضي العقوبة‪،2‬‬
‫ّ‬ ‫للمنتج العيب‬
‫فهذه المسؤولية إذن ذات طابع خاص ليست مفترضة و ال خطئية تقع على عاتق المنتج‬
‫بقوة القانون بمجرد حدوث الضرر‬
‫عن األضرار التي تسببها المنتجات المعيبة‪ ،‬فهي تقوم ّ‬
‫من منتوج معيب‪.‬‬
‫أما بخصوص تسميتها بهذا النحو فنشير إلى ّأنه اختلفت التسميات المطلقة عليها‪،‬‬
‫ّ‬
‫فيطلق عليها في األنظمة األنجلوأمريكية بالمسؤولية الشيئية‪ ،‬الموضوعية أو غير الخطئية‪،‬‬
‫المؤسسة على المخاطر ‪Responsabilité fondée sur‬‬
‫ّ‬ ‫أما في أوروبا فتعرف بالمسؤولية‬
‫ّ‬
‫‪ les risques‬وفي فرنسا تعرف بالمسؤولية بدون خطأ ‪La responsabilité sans‬‬
‫‪ 3 faute‬فهذا النوع من المسؤولية غايتها اجتماعية تتمثل في جعل التعويض يتخلّص من‬
‫طابع العقوبة وأصبح يستهدف إصالح الضرر‪ ،‬ويكون الضرر الذي يرجع سببه إلى العيب‬
‫المعول عليه إليجاب التعويض من دون الخطأ الذي يقابله الجزاء‪.4‬‬
‫ّ‬ ‫هو‬
‫و من خالل هذا التعريف يمكن استخالص خصائص هذا النوع من المسؤولية‪:‬‬

‫نقال عن‪ :‬نـــــــــــــــــــــادية مامــــــــــــــــــــــــــــــش‪ :‬مسؤولية المنتج" دراسة مقارنة مع القانون الفرنسي"‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫‪ً -‬‬
‫‪1‬‬

‫الماجستير في القانون فرع " قانون األعمال"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2012 ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ -2‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.768‬‬
‫‪ -3‬قــــــــــــــادة شــــــــــــــــــــــــــهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫‪ -4‬السعيــــــــــــــــد مقــــــــــــــــــــــــ ّدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪31‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص المسؤولية الموضوعية للمنتج‬


‫اعتمدت التشريعات المقارنة عند صياغتها للقواعد القانونية المنظمة للمسؤولية‬
‫الموضوعية للمنتج بصيغتي العمومية و التجريد‪ ،‬فلم يتم تحديد صفة المنتج ونوع المنتوج‬
‫عند ترتيب هذا النوع من المسؤولية وال حتى طبيعة العالقة القائمة بين المنتج‬
‫إن النظام القانوني للمسؤولية‬
‫والمتضرر‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول ‪ّ " :OVERSTAKE‬‬
‫بقوة القانون والذي يجب أن يخضع له المنتج‪ ،‬ينبني على معاملة كل المتضررين‬
‫القائم ّ‬
‫من أضرار المنتجات الخطيرة على قدم المساواة‪ ،‬سواء كان تربطهم عالقة تعاقدية‬
‫مباشرة مع المسؤول عن الضرر أم ًل‪ ،‬ذلك أن األمر ًل يستقيم مع المطالبة بالمسؤولية‬
‫‪1‬‬
‫الوقت"‬ ‫نفس‬ ‫في‬ ‫المزدوج‬ ‫بنظامه‬ ‫التقليدي‬ ‫بالتقسيم‬ ‫واًلحتفاظ‬ ‫القانونية‬
‫ولعلّ السبب في ذلك هو سعي التشريعات المقارنة إلى تجسيد أعلى مستوى حماية فعالة‬
‫قوة الفئة المنتجة التي‬
‫لفئة المستهلكين من خطر المنتجات المعيبة خاصة مع ازدياد ّ‬
‫تفرض شروطها ولو بطريقة غير مباشرة على المستهلك عن طريق الدعاية ووسائل‬
‫اإلشهار لما لهما من تأثير عليهم كما أسلفنا الذكر‪ ،‬فأمام هذا الوضع تكون القواعد‬
‫القانونية هو السبيل الوحيد لردع المنتجين بصياغة هذا النوع من المسؤولية المدنية للمنتج‬
‫سببه العيب دون الخطأ‪.‬‬
‫تعول على الضرر الذي ّ‬
‫التي ّ‬
‫إن ما يؤكد فعالية المسؤولية الموضوعية للمنتج هو ما تمتاز به من خصائص‬
‫ّ‬
‫يميزها عن نوعي المسؤولية المدنية للمنتج(‬
‫التميز واإلنفراد‪ ،‬فلها ما ّ‬
‫نظاما في غاية ّ‬
‫ً‬ ‫تجعلها‬
‫العقدية و التقصيرية) و أهم هذه الخصائص تتمثل في‪:‬‬

‫‪- OVERSTAKE disait : « C’est pourquoi il parait utile d’élaborer un concept autonome de‬‬
‫‪1‬‬

‫‪la responsabilité du fabricant détaché de l’opposition qui existait en droit positif entre la‬‬
‫» ‪responsabilité contractuelle et responsabilité délictuelle‬‬
‫نقال عن‪ :‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫ً‬
‫‪32‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ّأواًل‪ :‬قواعد المسؤولية الموضوعية للمنتج من النظام العام‬


‫إن تطبيق القواعد المنظمة للمسؤولية المستحدثة في مواجهة المنتج المسؤول يتصل‬
‫ّ‬
‫باطال‬
‫ً‬ ‫أن كل شرط باستبعاد هذه المسؤولية أو التخفيف منها يعد‬
‫بالنظام العام؛ ما يعني ّ‬
‫بطالنا مطلقًا‪ .‬فالمادة ‪ 1386‬مكرر‪ 15‬ق م ف أشارت إلى أن المسؤولية عن فعل‬
‫ً‬
‫المنتجات المعيبة من النظام العام‪ ،‬وبالتالي ال يجوز االتفاق على اإلعفاء أو الحد منها‬
‫بالنسبة لألضرار التي تصيب األشخاص مطلقًا وأن كل اتفاق باإلعفاء من المسؤولية أو‬
‫بطالنا مطلقًا وهو ما عّبر عنه المشرع الفرنسي‬
‫ً‬ ‫باطال‬
‫ً‬ ‫الحد منها في هذا الصدد يعتبر‬
‫باعتبار الشرط كأن لم يكن‪.1‬‬
‫ومع ذلك فقد سلّم المشرع الفرنسي بصحة شرط اإلعفاء من المسؤولية عن فعل‬
‫المنتجات المعيبة أو التخفيف منها بالنسبة لألضرار التي تصيب األموال في العالقة بين‬
‫المهنيين‪ 2‬و ال يمكن اعتبار المشرع الفرنسي قد خالف نصوص التوصية األوروبية ألن‬
‫هذه األخيرة ليست آمرة ّإال في اإلطار الذي نصت عليه‪ ،‬وهي فيما يتعلّق باألضرار التي‬
‫تصيب األموال‪ .‬فلم تحم التوصية ّإال المستهلكين الذين يستخدمون الشيء الستعمالهم أو‬
‫مخصصا لمثل هذا االستعمال‬
‫ً‬ ‫أساسا و بعبارة أخرى أن يكون الشيء‬
‫ً‬ ‫استهالكهم الشخصي‬
‫أو االستهالك الخاص وليس لالستعمال المهني‪ ،3‬وبالتالي ال يدخل في الحماية التي‬
‫مد االستفادة من‬
‫لما كان المشرع الفرنسي قد ّ‬
‫قصدتها التوصية األوروبية المهنيين‪ ،‬و ّ‬
‫المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة إلى المهنيين فإنه يستطيع أن يحد من هذه الفائدة‬
‫بالنص على صحة شرط اإلعفاء من المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة أو التخفيف‬

‫السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة و مخاطر التقدم‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪-1‬محمود‬
‫مصر‪ ،1998 ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Art 1386 bis15 al 2du c c f: « …toutefois, pour les dommages causés aux biens qui ne sont‬‬
‫‪pas utilisés par la victime principalement pour son usage ou sa consommation privée, les‬‬
‫» ‪clauses stipulées entre professionnels sont valables‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Art 09 de la directive 85/374/CEE, op-cit.‬‬
‫‪33‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫منها بالنسبة لألضرار التي تصيب األموال في العالقة بين المهنيين‪ 1‬وهو ما نصت عليه‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 15‬ق م ف بنصها‪ ... " :‬ومع ذلك فإن شرط‬
‫صحيحا بين‬
‫ا‬ ‫اإلعفاء من المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة أو التخفيف منها يكون‬
‫المهنيين بالنسبة لألضرار التي تصيب األموال التي ًل تكون مستخدمة بواسطة المضرور‬
‫األساسي ًلستعماله أو استهالكه الخاص"‪.‬‬
‫التمسك‬
‫ّ‬ ‫فإنه ال يلتزم بقواعد هذه المسؤولية واّنما له الخيار بين‬
‫أما بالنسبة للمضرور ّ‬
‫ّ‬
‫التمسك بالقواعد التقليدية الحاكمة‬
‫ّ‬ ‫بقواعد المسؤولية الموضوعية التي ورد بها القانون أو‬
‫للمسؤولية المدنية بنوعيها وفقًا لظروف الحال‪ ،2‬وبصفة عامة المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫مقيدة أو المستبعدة للمسؤولية وكل‬
‫النص على بطالن الشروط ال ّ‬
‫من النظام العام‪ ،‬إذ جرى ّ‬
‫بطالنا مطلقًا‪.3‬‬
‫ً‬ ‫يعد باطل‬
‫اتفاق من هذا القبيل ّ‬
‫بقوة القانون ذات طابع خاص‬
‫ثانيا‪ :‬المسؤولية الموضوعية للمنتج مسؤولية ّ‬
‫ا‬
‫أن المسؤولية المستحدثة للمنتج هي مسؤولية قانونية بمعنى ّأنها‬
‫بداية نشير إلى ّ‬
‫منظمة بمواد قانونية خاصة بها شأنها في ذلك شأن أنواع مسؤولية المنتج األخرى من‬
‫ّ‬
‫بقوة القانون‬
‫‪4‬‬
‫فنسميها مسؤولية قائمة ّ‬
‫ّ‬ ‫عقدية وتقصيرية‪ ،‬والعتبارها مسؤولية من نوع خاص‬
‫تتميز عن نوعي مسؤولية المنتج السالفتي الذكر‪.‬‬
‫وبذلك ّ‬

‫السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة و مخاطر التقدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪-‬محمود ّ‬
‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬قضت محكمة العدل األوروبية في حكمها الصادر في ‪ 25‬أفريل ‪ 2005‬باستبعاد كل أحكام المسؤولية الخطئية‬
‫سواء العقدية أو ا لتقصيرية في حالة توفر أركان المسؤولية الموضوعية‪ ،‬و هذا ما أخذت به محكمة النقض الفرنسية‬
‫سنة ‪ .2007‬ينظر في هذا الصدد‪Consulté le 20 décembre2013.www.esj.ch :‬‬
‫التطور كسبب إلعفاء المنتج من المسؤولية‪ ،‬د د ن‪ ،‬مصر‪،2002 ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬محمد محي الدين إبراهيم سليم‪ :‬مخاطر‬
‫ص ‪.66‬‬
‫‪ -4‬زاهية حورية سي يوسف( كجار)‪ :‬المسؤولية عن المنتوج المعيب – تعليق على المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‪ ،-‬مجلّة‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬ع‪ ،2011 ،01‬الجزائر‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪34‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أدت إلى وقوع الضرر‪ ،‬فقد يختلف موقف المتضرر‬


‫فبالرغم من وحدة الواقعة التي ّ‬
‫من المنتجات حسب طبيعة عالقته بالمنتج‪ ،‬أي تختلف معاملته بحسب ما إذا كان يرجع‬
‫على المنتج بموجب دعوى المسؤولية العقدية أو بموجب دعوى المسؤولية التقصيرية؛ فمن‬
‫تربطه صلة تعاقدية بالمنتج يكون في وضع أفضل من الغير في حالة حدوث الضرر‬
‫تخولها له دعوى المسؤولية العقدية‬
‫تعيب السلعة‪ ،‬حيث يتمتّع المتعاقد بالمزايا التي ّ‬
‫بسبب ّ‬
‫من حيث افتراض مسؤولية المنتج المدين بضمان العيب الخفي أو الذي يلتزم بإعالم‬
‫المشتري بمخاطر استخدام السلعة وتحذيره من مخاطرها‪.‬‬
‫لما كان هدف الفقه والقضاء الفرنسيين هو تحقيق المساواة بين المضرورين دون‬
‫و ّ‬
‫األخذ باالعتبار طبيعة عالقتهم بالمنتج أو مدى خطورة المنتجات‪ ،‬فإن إخضاع هؤالء‬
‫المنتجين لمسؤولية ذات طابع خاص يحقق هذه المساواة‪ .‬لذا نجد القانون الفرنسي الصادر‬
‫نظاما‬
‫ً‬ ‫في ‪ 1998‬بشأن المسؤولية عن األضرار الناجمة عن عيوب المنتجات قد أنشأ‬
‫يطبق على جميع المضرورين من هذه العيوب بغض النظر عن طبيعة‬
‫خاصا للمسؤولية‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫عالقتهم بالمنتج؛ أي يستوي أن تربطهم عالقة تعاقدية بالمنتج أو كونهم من الغير‪ ،1‬و هذه‬
‫المسؤولية المستحدثة ليست بعقدية وال بتقصيرية والدليل على ذلك‪:‬‬
‫ّأوًال‪ :‬نظّم المشرع الفرنسي المسؤولية الموضوعية للمنتج في الباب الرابع مكرر من‬
‫القانون المدني الفرنسي والذي أتى بعد الباب ال اربع الخاص بالمسؤولية التقصيرية والباب‬
‫الثالث المتعلّق بااللتزامات التعاقدية‪ ،‬وبذلك تكون ليست بمسؤولية عقدية وال بمسؤولية‬
‫تقصيرية فهي ذات طابع خاص‪ ،‬فلو كانت ذات طابع عقدي أو تقصيري ألدرجها المشرع‬
‫الفرنسي في الباب الثالث أو الرابع من القانون المدني‪،2‬‬

‫‪ -1‬نادية مامش‪ :‬مسؤولية المنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.47‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Philippe LE TOURNEAU & Loïc CADIET: Droit de la responsabilité et des contrats,‬‬
‫‪Dalloz, Paris, 2002, p1462.‬‬
‫‪35‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ثانيا‪ :‬نص المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 1/18‬ق م ف الذي منح الحق للضحية بالخيار بين‬
‫ً‬
‫النظام المناسب له من مسؤولية عقدية أو تقصيرية أو موضوعية للمطالبة بالتعويض أمام‬
‫الجهات القضائية‪ ،‬وأضافت الفقرة الثانية من نفس المادة على بقاء المنتج مسؤوًال عن‬
‫النتائج المترتبة عن خطئه وعن أخطاء تابعيه‪.1‬‬
‫أن المشرع الفرنسي وعلى غرار باقي التشريعات األوروبية المستوحية‬
‫فمن الواضح ّ‬
‫بقوة القانون ‪Responsabilité‬‬
‫ألحكام اإلرشاد األوروبي‪ ،‬اعتبر مسؤولية المنتج مسؤولية ّ‬
‫‪ légale‬ذات طابع خاص قائمة على فكرة المخاطر‪ ،‬ذلك ّأنه يكفي وعلى رأي البعض‬
‫طرح منتوج معيب من شأنه المساس بأمن وسالمة المستهلك وأمواله لكي تنعقد مسؤولية‬
‫متعاقدا أو من الغير‪.2‬‬
‫ً‬ ‫المنتج‪ ،‬بصرف النظر عن ما إذا كان المضرور‬
‫تبناه المشرع الجزائري بوضوح إثر التعديل الذي أورده في ‪2005‬‬
‫وهو المنحى الذي ّ‬
‫على القانون المدني الجزائري إذ تنص المادة ‪ 140‬مكرر منه ‪" :‬يكون المنتج مسؤواًل عن‬
‫الضرر الناتج عن عيب في منتوجه حتى ولو لم تربطه بالمتضرر عالقة تعاقدية ‪،3"...‬‬
‫يقر بوجود مسؤولية خاصة بالمنتج ليست مسؤولية عقدية‬
‫أن المشرع ّ‬
‫النص ّ‬
‫فالبين من هذا ّ‬
‫ّ‬
‫بقوة أو بحكم القانون‪.‬‬
‫وال مسؤولية تقصيرية فهي مسؤولية ّ‬
‫ثالثاا‪ :‬الطبيعة الموضوعية لمسؤولية المنتج المستحدثة‬
‫رأى البعض من الفقه من بينهم جوسران وديموج وساقاتييه ّأنه من الواجب أن يتم‬
‫هجر النظرية الشخصية واألخذ بالنظرية الموضوعية؛ بمعنى هجر المسؤولية القائمة على‬

‫‪ -1‬جاء نص المادة بالصياغة التالية‪:‬‬


‫‪Art 1386 bis 18 du c c f dispose : « Les dispositions du présent titre ne portent pas atteinte‬‬
‫‪aux droits dont la victime d’un dommage peut se prévaloir au titre du droit de la‬‬
‫‪responsabilité contractuelle ou extracontractuelle ou au titre d’un régime spécial de‬‬
‫‪responsabilité. Le producteur reste responsable des conséquences de sa faute et de celle des‬‬
‫» ‪personnes dont il répond‬‬
‫‪ -2‬قـــــــــــــــــــــــادة شــــــــــــــــــــهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ -3‬أمر رقم ‪ 58 – 75‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬يتضمن القانون المدني‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ ،78‬الصادرة بتاريخ ‪30‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫سبتمبر‪ّ ،1975‬‬
‫‪36‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫مفترضا إلى المسؤولية المجردة من أي خطأ وهو الفرق الجوهري بين‬


‫ً‬ ‫الخطأ و لو كان‬
‫هاتين المسؤوليتين؛ فأساس المسؤولية الشخصية‪ ،‬الخطأ ال الضرر و المسؤول هو الحارس‬
‫ال المنتفع‪ ،‬في حين المسؤولية الموضوعية تقوم على أساس الضرر ال الخطأ‪ ،‬والمسؤول‬
‫هو المنتفع ال الحارس‪ .1‬وهو الهدف الرئيسي الذي حرص عليه القانون الفرنسي الخاص‬
‫بالمسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬أي إعفاء المضرور من عيوب المنتجات من إثبات الخطأ‬
‫الشخصي للمنتج بصفة عامة‪ ،‬وبالتالي بصفة خاصة من إثبات خطأ المنتج عن تخلف‬
‫تم إطالقه للتداول‪.‬‬
‫مواصفات األمان والسالمة في المنتوج الذي ّ‬
‫فسبب األخذ بالمسؤولية الموضوعية للمنتج يرجع إلى أن فكرة الخطأ لم تعد تصلح‬
‫تنوعت أساليب‬
‫وتطورت وسائل الدعاية و ّ‬
‫ّ‬ ‫أساسا للمسؤولية بعد أن تكثّف اإلنتاج‬
‫ً‬ ‫أن تكون‬
‫مما نجم عن ذلك مخاطر ال يمكن ترك وزرها على عاتق المستهلك أو المستعمل هذا‬
‫البيع ّ‬
‫من جهة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ال يمكن األخذ بنظرية المسؤولية الموضوعية على إطالقها لكي ال‬
‫تكون لصيقة بالضرر وحده‪ ،‬لذا يستلزم األخذ بحل وسط الذي يمثّل اتجاه معتدل باألخذ‬
‫المشددة التي تستبعد الخطأ ومتطلباته‪ ،‬ولكنها تتطلب إثبات العيب في المنتوج‬
‫ّ‬ ‫بالمسؤولية‬
‫إلى جانب الضرر‪ .2‬ولقد ذكر التوجيه األوروبي هذا الهدف صراحة في مضمون حيثيات‬
‫إصداره‪ ،‬باإلضافة إلى مضمون المادة األولى التي تثبت أن ثبوت عيب السلعة ال ينظر‬
‫أساسا لقيام المسؤولية‪.3‬‬
‫ً‬ ‫حد ذاته‬
‫لكنه يعد في ّ‬
‫إليه على ّأنه قرينة على خطأ المنتج و ّ‬

‫‪-1‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.769‬‬
‫‪-2‬سالم محــمد رديعان العزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية و االتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.356‬‬
‫‪-3‬حسن عبد الباسط جميــعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬مصر‪ ،2000 ،‬ص ‪.179‬‬
‫‪37‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أساس المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ( 1‬نظرية المخاطر)‬


‫تطور في المنتجات‪ ،‬برزت نقائص‬
‫بعد ظهور الثورة الصناعية وما نجم عنها من ّ‬
‫نظام المسؤولية المدنية للمنتج المبنية على أساس الخطأ‪ ،‬وتجلت هذه األخيرة في بقاء عدد‬
‫كبير من ضحايا حوادث المنتجات المعيبة دون تعويض لسبب صعوبة إثبات خطأ‬
‫تطوًار عميقًا‬
‫تطورت المسؤولية المدنية خاصة في فرنسا ّ‬
‫المسؤول عن تلك األضرار‪ .‬فقد ّ‬
‫فشيئا حتى كادت تختفي‬
‫شيئا ً‬
‫تطورها حول فكرة الخطأ فأخذت هذه الفكرة تضعف ً‬
‫و دار ّ‬
‫متأثر بما نشرته المدرسة‬
‫ًا‬ ‫التطور‬
‫ّ‬ ‫في بعض الحاالت‪ ،‬وكان الفقه ّأول من استجاب لهذا‬
‫‪2‬‬
‫من وجوب التعويل على‬ ‫الوضعية ‪ Ecole positive‬اإليطالية بزعامة فيري ‪Ferri‬‬
‫لما‬
‫الناحية الموضوعية ال على الناحية الذاتية حتى في المجرم نفسه فيعاقب‪ ،‬ال بالنظر ّ‬
‫يستحقه لشخصه‪ ،‬بل بالنظر لما تقتضيه حماية المجتمع‪ ،‬واذا أمكن القول بالنظرية‬
‫الموضوعية في القانون الجنائي فأولى بالقانون المدني أن يكون الميدان الخصب لهذه‬
‫النظرية‪.3‬‬
‫تقوم المسؤولية المستحدثة على أساس موضوعي يتمثّل في نظرية المخاطر أو ما‬
‫(أواًل)‬
‫تحمل التبعة‪ ،‬و للتعرف عليها أكثر سنتطرق إلى تبيان مضمونها ّ‬
‫يسمى بنظرية ّ‬
‫ّ‬
‫أخير سنتطرق إلى استخالص كل من‬
‫(ثانيا) و ًا‬
‫وتكريسها في التشريع الفرنسي وكذا الج ازئري ا‬
‫إيجابياتها وسلبياتها(ثالثاا)‬

‫‪ -1‬المقصود بأساس المسؤولية‪ :‬السبب الذي من أجله يضع القانون عبء تعويض الضرر الحاصل على عاتق شخص‬

‫نقال عن‪ :‬إدريــس فاضـلي‪ :‬المسؤولية عن األشياء غير الحية في القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫معين‪ً ،‬‬
‫ّ‬
‫ص‪.199‬‬
‫‪ -2‬للتفصيل أكثر و التعمق في أفكار المدرسة الوضعية ينظر‪:‬‬
‫‪Morlhach MORIQUENDI : Les positivistes italiens et leurs successeurs(le substantialisme,‬‬
‫‪passé et présent), Esprit Critique, vol04, n°01, janvier2002, p02.Voir aussi :‬‬
‫‪Claude- Olivier DARON : La rétention de sûreté (vers un nouveau type de positivisme‬‬
‫‪juridique ?), revue de L’information Psychiatrique, vol84, n°06, juillet 2008, p10.‬‬
‫‪-3‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.767‬‬
‫‪38‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ّأواًل‪ :‬مضمون نظرية المخاطر‬


‫تحمل التبعة أن كل نشاط يمكن أن‬
‫يسمى بنظرية ّ‬
‫إن مؤدى نظرية المخاطر أو ما ّ‬
‫ّ‬
‫تسبب هذا النشاط في إيقاع ضرر بالغير‪،‬‬
‫ضرر يكون صاحبه مسؤوًال عنه إذا ما ّ‬
‫ًا‬ ‫ُينتج‬
‫ناشئا عن‬
‫و لو كان سلوكه غير مشوب بأي خطأ؛ بمعنى أنه ال يشترط أن يكون الضرر ً‬
‫انحراف في سلوك المنتج حتى ُيلزم بالتعويض‪ ،‬وانما يكفي أن يكون الضرر قد وقع نتيجة‬
‫نشاطه‪ ،‬وبالتالي فإن أساس هذه النظرية هو أساس موضوعي وليس شخصي‪ ،‬فال تقيم أي‬
‫سبب الضرر للضحية والذي يجب جبره ما لم يرجع ذلك‬
‫وزن للخطأ‪ ،‬فالعبرة بالعيب الذي ّ‬
‫تماما سلوك‬
‫لخطأ المضرور نفسه‪ ،‬وتكون المسؤولية في ظل هذه النظرية مسؤولية تتجاهل ً‬
‫الضحية‪ .1‬فهي تقيم عالقة مادية بين‬
‫ّ‬ ‫يتحمل تعويض الضرر الذي لحق‬
‫ّ‬ ‫الشخص الذي‬
‫الذمة المفتقرة‬
‫ذمتين ماليتين‪ ،‬والغاية من المطالبة بالتعويض هي إعادة التوازن بين ّ‬
‫ّ‬
‫ذمة الضحية‪.2‬‬
‫الذمة المالية للمسؤول التي أثرت على حساب ّ‬
‫للمضرور و ّ‬
‫وألن هذه النظرية تؤسس المسؤولية على العيب الذي يرتب الضرر والقاء تبعة هذا‬
‫معيبا‬
‫ً‬ ‫منتوجا‬
‫ً‬ ‫تسبب فيه وهو بطبيعة الحال المنتج الذي أنتج‬
‫الضرر على من ّ‬
‫بقوة‬
‫سميت بمسؤولية ّ‬
‫وطرحه للتداول‪ ،‬دون النظر إلى مسلك هذا األخير أو إلى قصده ّ‬
‫القانون أو ذات الطابع الموضوعي‪.‬‬
‫فهذه النظرية نظرية موضوعية ‪Théorie de la responsabilité objective‬‬
‫مقابلة للنظرية التي تقيم المسؤولية على أساس مسلك الفاعل الشخصي‪ ،‬و هي المعروفة‬
‫بنظرية المسؤولية الشخصية ‪.4 Théorie de la responsabilité subjective 3‬‬

‫‪-1‬محــــــــــــــمد شريـــــــــــــــــــاف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الليسانس في العلوم القانونية و اإلدارية‪،‬‬
‫معهد العلوم القانونية و اإلدارية‪ ،‬جامعة خميس مليانة‪ ،2012 ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪-2‬الســــــــــــــــــــــــعيد مقـــــــ ّدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -3‬القاسم المشترك الذي يجمع بين النظريات الشخصية هو الخطأ حسب القاعدة العامة في المسؤولية‪ .‬للتفصيل أكثر‬
‫ينظر‪ :‬إدريس فاضلي‪ :‬المسؤولية عن األشياء غير الحية في القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪ -4‬سليمــــــــــــــــــان مرقس‪ :‬الوافي في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪39‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تحمل التبعة هناك نظريات موضوعية أخرى منها‬


‫تجدر اإلشارة أنه على غرار نظرية ّ‬
‫ومؤدى‬ ‫نظرية الضمان التي تنسب إلى األستاذ ستارك ‪ STARCK‬في سنة ‪1947‬‬
‫هذه النظرية أن المسؤولية عن األشياء تقوم على أساس الضمان ‪ Garantie‬ال على‬
‫أساس الخطأ‪ .‬وعنده المسؤولية بصفة عامة مادامت تستهدف التعويض المدني ال العقوبة‪،‬‬
‫فيكفي تقرير التعويض للمضرور متى أوذي في حق من حقوقه األساسية كاالعتداء على‬
‫سالمة جسمه أو مصلحة من مصالحه المالية‪ .‬ولكن بعض ال ُشراح يؤكدون على أنه حتى‬
‫أن ذلك‬
‫ولو أن هذه النظرية تؤسس المسؤولية في التعويض على أساس فكرة الضمان‪ّ ،‬إال ّ‬
‫تحمل التبعة بحجة أنها ال تقيم المسؤولية على ّأية شروط‪ ،‬بل‬
‫ال يمثّل سوى تطبيقًا لنظرية ّ‬
‫يكفي فيها حدوث الضرر من الشيء‪.1‬‬
‫تحمل التبعة إلى قسمين‪ :‬منهم من يرى أن هذه النظرية تقوم‬
‫انقسم أنصار نظرية ّ‬
‫المقابلة للربح أو الغنم بالغرم ‪ Risque profit‬أي من ينتفع بشيء‬
‫على أساس المخاطر ُ‬
‫يتحمل مخاطر هذا االنتفاع؛ بمعنى آخر مخاطر االستغالل الصناعي تقع على‬
‫ّ‬ ‫عليه أن‬
‫أما الفريق الثاني فيرى بأن هذه النظرية تقوم على‬
‫من يعود عليه ربح من ذلك النشاط‪ّ ،‬‬
‫فكرة الخطر المستحدث ‪ risques créer‬بمعنى أن المنتج عندما يطرح منتجات للتداول‬
‫جراء ذلك استوجب عليه أن‬
‫خطرا‪ ،‬فإذا وقع ضرر للغير ّ‬
‫ً‬ ‫فإنه يكون بذلك قد استحدث‬
‫يعوضه‪.2‬‬
‫ّ‬
‫تحمل التبعة كانت تقوم على أساس فكرة الغنم‬
‫أن نظرية ّ‬
‫يرى الدكتور سليمان مرقس ّ‬
‫بالغرم عندما أخذ بها المشرع الفرنسي في قانون العمل لسنة ‪ ،1898‬لكن دعت الحاجة‬
‫إلى تطبيق نظرية المخاطر في ميادين أخرى غير إصابات العمل عند الحوادث الناشئة‬
‫تحمل التبعة‪ ،‬وجعلوا أساس االلتزام بالتعويض‬
‫عن األشياء‪ ،‬فقام ال ُشراح بالتوسع من نظرية ّ‬

‫‪ -1‬إدريس فاضلي‪ :‬المسؤولية عن األشياء غير الحية في القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -2‬أحمد مــــعاشو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا‬
‫للقضاء‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪40‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫عن الضرر الذي يصيب الغير فكرة الخطر المستحدث التي مقتضاها أن كل من استحدث‬
‫معينة يلزم بتعويض الضرر‬
‫أشياءا ّ‬
‫ً‬ ‫خطر للغير سواء بنشاطه الشخصي أو باستخدامه‬
‫ًا‬
‫الذي يصيب الغير عند تحقق هذا الخطر‪.1‬‬
‫مقيدة‪ ،‬فبالنسبة للصورة‬
‫تحمل التبعة صورتان‪ ،‬األولى مطلقة والثانية ّ‬
‫تأخذ نظرية ّ‬
‫تحمل تبعتها‪،‬‬
‫يتعين عليه ّ‬
‫المطلقة فإن من ينشئ بفعله في المجتمع مخاطر مستحدثة ّ‬
‫و بذلك يستغنى عن إثبات خطأ المسؤول ويكفي لقيام مسؤوليته إثبات الضرر والعالقة‬
‫المقيدة فمضمونها أن المسؤولية‬
‫أما الثانية وهي الصورة ّ‬
‫السببية بينه وبين فعل المسؤول‪ّ .‬‬
‫ال تقوم بصفة مطلقة بمجرد حدوث الضرر ألن ذلك يهدد النشاط اإلنساني ويؤدي تحميل‬
‫مقابال لما يربحه من نشاطه الذي سبب مخاطر للغير‪ ،‬لذا ينبغي أن تكون‬
‫ً‬ ‫المسؤول نتائج‬
‫مقترنة بعنصر آخر لكي ال يؤخذ بها على إطالقها‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬التكريس القانوني لنظرية المخاطر‬
‫ا‬
‫أوردت المذكرة التفسيرية التفاقية ستراسبورغ لسنة ‪ 1977‬المناقشات التي جرت‬
‫حول أساس المسؤولية بين أعضاء لجنة الخبراء المكلّفة بإعداد مسودة هذه االتفاقية‪،‬‬
‫تحمل التبعة كأساس لمسؤولية المنتج‬
‫رجحت جعل نظرية ّ‬
‫فأوضحت أن أغلبية األعضاء ّ‬
‫أساسا لمسؤولية المنتج‪،‬‬
‫ً‬ ‫واستبعاد األساس التقليدي وهو الخطأ لعدم صالحيته أن يكون‬
‫ولكن لم يشاءوا األخذ بنظرية تحمل التبعة على صورتها المطلقة لذا اتجهوا إلى تقديم‬
‫اقتراحين‪:‬‬
‫إما اشتراط إثبات الصفة الخطرة للمنتوج‪ ،‬أي المضرور يثبت أن الضرر الذي‬
‫‪ّ –1‬‬
‫يبين بوضوح‬
‫أصابه يرجع إلى الصفة الخطرة بالمنتوج‪ ،‬ألن مثل هذا األمر من شأنه أن ّ‬
‫السبب الذي يلتزم المنتج بتعويض الضرر الناتج عن منتجاته وهو الخطر المتصل به‪.‬‬

‫‪ -1‬سليمان مرقس‪ :‬الوافي في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ -2‬إيمان محمد طاهر عبد اللّه العبيدي‪ :‬االلتزام بضمان السالمة في عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 154‬‬
‫‪41‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫‪ – 2‬أو االكتفاء بإثبات العيب في المنتوج بمعنى االرتكاز على عنصر المعيوبية‪،‬‬
‫فالمنتج ال تقوم مسؤوليته عن كل ضرر يحدثه اإلنتاج‪ ،‬وانما فقط إذا ما كان العيب هو‬
‫المتسبب في إحداثه‪ ،‬باعتبار أن العيب دائما هو السبب الحقيقي للضرر‪ ،‬كما أن األخذ‬
‫بفكرة المنتجات الخطرة أمر غامض وغير مناسب في هذا المجال‪ ،‬ذلك أنه من الصعب‬
‫تحديد قائمة المنتجات الخطرة سلفًا‪ ،‬باإلضافة إلى أن هناك منتجات خطرة بطبيعتها‬
‫وأخرى ال تكون كذلك ّإال بسبب العيب أو االستعمال الخاطئ لها‪.1‬‬
‫المقيدة لنظرية تحمل‬
‫وفي األخير أخذت االتفاقية باالقتراح الثاني أي األخذ بالصورة ّ‬
‫التبعة‪ ،‬فلكي تقوم مسؤولية المنتج يستلزم غلى غرار إثبات الضرر إثبات معيوبية المنتوج‪،‬‬
‫حسب المادة الثالثة من االتفاقية‪ ":‬يسأل المنتج عن تعويض الضرر الناشئ عن عيب في‬
‫إنتاجه ينتج عنه وفاة شخص أو إصابته بجروح"‪ 2‬ونفس الوضع ُجسد في التوجيه‬
‫األوروبي لسنة ‪ ،1985‬فبالرغم من األخذ بنظرية تحمل التبعة كأساس لمسؤولية المنتج ّإال‬
‫أن ذلك يبقى بصورة نسبية باشتراطه لعنصر العيب المسبب للضرر‪.3‬‬
‫المقيدة كأساس لمسؤولية المنتج‬
‫ّ‬ ‫تحمل التبعة بصورتها‬
‫تم تكريس نظرية ّ‬
‫هكذا ّ‬
‫الموضوعية في اتفاقية ستراسبورغ وكذا التوجيه األوروبي‪ ،‬فهل نجد نفس الوضع بالنسبة‬
‫للتشريع الفرنسي وكذا الجزائري؟‬
‫أ– تكريس نظرية المخاطر في القانون الفرنسي‬
‫تحمل التبعة بأهمية خاصة منذ أن حمل لواءها روادها األوائل في‬
‫تتمتع نظرية ّ‬
‫مقدمتهم سالي ‪ SALEILLES‬وجوسران‪ ،JOSSERAND‬محاولين فرضها كنظرية‬
‫ّ‬
‫عامة‪ ،‬تحل محل نظرية الخطأ كأساس للمسؤولية‪ ،‬وعلى الرغم من أن أنصار النظرية لم‬

‫‪ -1‬سالم محمد رديعان العزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية واالتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Art 03 de la convention de Strasbourg stipule que « Le producteur est tenu de réparer les‬‬
‫‪dommages résultant d’un décès ou de lésions corporelles causées par un défaut de son‬‬
‫» ‪produit‬‬
‫‪ - 3‬سالم محمد رديعان العزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية و االتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.251‬‬
‫‪42‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫يوفّقوا في فرضها كنظرية عامة‪ّ ،‬إال أنهم نجحوا في جعل الشارع الفرنسي يأخذ بها في‬
‫تحمل‬
‫ضيقًا لنظرية ّ‬
‫حدد نطاقًا ّ‬
‫حاالت عديدة كأساس للمسؤولية ‪ ،‬فلقد كان المشرع الفرنسي ّ‬
‫‪1‬‬

‫التبعة فلم يجسدها كقاعدة عامة واقتصر على األخذ بها في بعض نواحي النشاط وما يتولّد‬
‫العمال‬
‫عنه من تبعات؛ أخذ بها في تبعات الحرفة ‪ Risques professionnels‬في تشريع ّ‬
‫الذي صدر سنة ‪ 1898‬بعدما أن أشارت إلى ذلك محكمة النقض الفرنسية سنة ‪ 21896‬ثم‬
‫امتد بتشريعات متعاقبة من الصناعة إلى التجارة ثم إلى الزراعة فالخدمة المنزلية‪ ،‬وأُدمجت‬
‫موحد صدر في ‪ 19‬أكتوبر ‪ 1945‬ثم في ‪ 30‬أكتوبر‬
‫يع ّ‬‫كل هذه التشريعات في تشر ٍ‬
‫‪.31946‬‬
‫قام كال من الفقيهين الفرنسيين السالفي الذكر( جوسران و سالي) بتقديم تفسير جديد‬
‫للمادتين ‪ 1382‬و‪ 1384‬ق م ف فذهبا إلى القول أن المشرع الفرنسي ال يشترط ركن‬
‫ضرر بالغير ‪ "...‬وأنه رسم‬
‫اا‬ ‫الخطأ في المادة ‪ 1382‬إذ ورد فيها‪ " :‬كل ٍ‬
‫عمل اأيا كان يوقع‬
‫قاعدة عامة في المسؤولية عن األشياء في الفقرة األولى من المادة ‪ 1384‬ق م ف إذ‬
‫تنص‪ " :‬يكون الشخص مسؤواًل عن الضرر‪...‬الذي يحدث بفعل األشياء التي هي في‬
‫حراسته "‪ .‬والفقهاء الفرنسيون لم يعتمدوا على النصوص وحدها بعد تحريرها‪ ،‬هذا التحرير‬
‫الذي لم يخطر ببال المشرع الفرنسي وقت وضع التقنين‪ ،‬بل اعتمدوا فوق ذلك على‬

‫‪ -1‬من بين التشريعات الخاصة التي أخذت بالمسؤولية على أساس تحمل التبعة في القانون الفرنسي نذكر‪ :‬قانون ‪31‬‬
‫مايو سنة ‪ 1924‬الخاص بالمسؤولية عن األضرار التي تحدث من استغالل الطائرات‪ ،‬قانون ‪ 30‬أكتوبر سنة ‪1967‬‬
‫ومرسوم ‪ 6‬فبراير سنة ‪ 1969‬المتعلق بتطبيق اتفاقية باريس المنعقدة في ‪ 29‬يوليو سنة ‪ 1960‬بخصوص المسؤولية‬
‫المدنية في مجال الطاقة الذرية‪ ،‬قانون ‪ 3‬مايو سنة ‪ 1921‬الخاص بالمسؤولية عن األضرار الجسمانية والمادية التي‬
‫تقع للغير من الحوادث الناشئة عن المنشآت العامة أو الخاصة العاملة في شؤون الدفاع القومي‪.‬‬
‫نقال عن‪ :‬عادل جبري محمد حبيب‪ :‬المفهوم القانوني لرابطة السببية وانعكاساته في توزيع عبء المسؤولية المدنية"‬
‫ً‬
‫دراسة مقارنة بأحكام الفقه اإلسالمي" ‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cyril BLOCH : L’obligation contractuelle de sécurité, D’Aix Marseille, Paris, 2002, p‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ - 3‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.770‬‬
‫‪43‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تحمل التبعات المستحدثة" يقابلون بها النظرية‬


‫سموها" نظرية ّ‬
‫صياغة نظرية فقهية كاملة ّ‬
‫الشخصية التي تقوم على فكرة الخطأ‪ .‬باإلضافة إلى تشييد المادة‪ 1383‬ق م ف‪ 1‬التي‬
‫قانونيا للمسؤولية الجديدة من خالل المبادئ القانونية التي‬
‫ً‬ ‫بناءا‬
‫تنص على حراسة األشياء ً‬
‫وضعها حكم فرانك الصادر سنة‪ ،21941‬وهكذا استبدلت محكمة النقض الفرنسية الحراسة‬
‫القانونية بالحراسة المادية‪ ،‬وصرفت النظر عن الحراسة القانونية وأصبحت الحراسة المادية‬
‫هي وحدها التي تؤخذ في عين االعتبار‪.3‬‬
‫ثم جاء القانون المتعلّق بسالمة و أمن المستهلكين الصادر بتاريخ ‪ 21‬جويلية ‪1983‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 1 –122‬التي أصبحت تشكل المادة ‪ L221 L1‬من قانون االستهالك‬
‫الفرنسي الحالي‪ ":‬في الظروف العادية لالستعمال وفي الشروط األخرى المقبولة المتوقعة‬
‫من المحترف يجب أن توفر المنتجات والخدمات السالمة واألمان المشروع الذي يمكن أن‬
‫ينتظر قانوانا وأًل تحمل أي أضرار بصحة وسالمة األشخاص"‬

‫‪-Art 1383 du c c f dispose : « chacun est responsable du dommage qu’il a causé non‬‬
‫‪1‬‬

‫‪seulement par son fait, mais encore par sa négligence ou par son imprudence ».‬‬
‫‪ -2‬لقد أخذ القضاء الفرنسي في قضية فرانك بفكرة الحراسة المادية‪ ،‬و تتخلص وقائع هذه القضية في أن االبن القاصر‬
‫للدكتور فرانك أخذ سيارة والده و ذهب بها لقضاء سهرة ليلة عيد الميالد في سنة ‪ 1929‬بمدينة نانسي‪ ،‬و دخل أحد‬
‫المالهي بها و ترك السيارة أمام مبنى الملهى فسرقها مجهول و انطلق بها مسرًعا فدهس بها ساعي البريد المسمى‬
‫فر بالسيارة هارًبا‪ ،‬فرفعت أرملة القتيل دعوى أمام محكمة نانسي تطالب فيها الدكتور فرانك بالتعويض‬
‫كونو فقتله و ّ‬
‫باعتباره مال ًكا للسيارة و حارسها القانوني طبقًا للمادة ‪ 1384‬ق م ف‪ ،‬فرفضت محكمة نانسي طلبها باعتبار الدكتور‬
‫فرانك فقد السيطرة على السيارة عقب سرقتها‪ ،‬و أن السارق هو المسؤول عن الحادث و ّأيدت محكمة استئناف نانسي‬
‫طعنا لمحكمة النقض الحكم مستندة إلى أن المالك ال السارق هو الحارس القانوني للسيارة‪،‬‬
‫الحكم فرفعت األرملة ً‬
‫و أحالت الدعوى إلى محكمة استئناف بيزانسون فأيدت هذه األخيرة ال أري الذي أخذت به محكمة استئناف نانسي‬
‫و لم تأخذ بالحراسة القانونية فأوجب ذلك تدخل الدوائر مجتمعة( الغرف) مجتمعة لحسم الخالف فأصدرت حكمها‬
‫بتاريخ‪ 02‬ديسمبر ‪ 1941‬قالت فيه‪.. " :‬و حيث أن فرانك لم تكن له على سيارته سلطات االستعمال و التسيير‬
‫و الرقابة و بالتالي لم تكن عليه الحراسة فيترتب عليه ّأال يخضع للقرينة المنصوص عليها بالمادة ‪ 1/ 1384‬و بما‬
‫طبقت القانون"‬
‫أن محكمة االستئناف قد قضت بذلك فإنها تكون ّ‬
‫محمد شرياف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫نقال عن‪ّ :‬‬
‫ً‬
‫‪ -3‬محمد شرياف‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪44‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تطبق على كل المنتجات والخدمات سواء كانت خطرة بطبيعتها أم ال‪،‬‬


‫فهذه المادة ّ‬
‫فيقع التزام بالسالمة على عاتق كل من الحرفي‪ ،‬المزارع‪ ،‬الصانع‪ ،‬وكل شخص مهني‬
‫يضع منتجات في السوق بهدف االستهالك‪ ،‬وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية في‬
‫‪ 22‬جانفي ‪.11991‬‬
‫النص السالف الذكر يرّكز على فكرة السالمة واألمن من المخاطر‬
‫فمن الواضح أن ّ‬
‫يفرق بين الحماية التي ينتظرها المكتسب للمنتوج في‬
‫التي تحدثها المنتجات‪ ،‬وهو ال يكاد ّ‬
‫صنعت من مهني يدرك ويعتني‬
‫النطاق التعاقدي والثقة التي يأملها الغير فيها بحسبانها ُ‬
‫التوجه القضائي الهادف إلى استفادة المتعاقد والغير‬
‫ّ‬ ‫بسالمة األشخاص‪ ،2‬فبهذا يتوافق مع‬
‫من االلتزام بالسالمة المترتّب في حق المنتج‪ .‬هذا وان ارتكاز المسؤولية المنصوص عليها‬
‫بمقتضى هذا القانون على عنصر األمان‪ ،‬الذي يمكن بحق أن ينتظر يجعلنا نستنتج أن‬
‫يعزز األخذ‬
‫عدم مراعاة هذا االلتزام القانوني ُيغني عن التدليل على خطأ المنتج‪ ،‬وما ّ‬
‫بالتقدير الموضوعي للمسؤولية هنا هو أن السالمة تكون مرتبطة باالستعمال العادي وغير‬
‫يضيق من فكرة‬
‫ّ‬ ‫العادي وفي الوقت الذي يكون متوق ًعا‪ ،‬وبالقدر المعقول من المحترف ما‬
‫خطأ المضرور إلى أقصى مستوياتها ويزيد من صعوبة انفكاك المنتج من المسؤولية‪.‬‬
‫يكرس‬
‫فالمحصلة إذن أن القانون ‪ 660 –83‬وضع آليات للحماية الوقائية للمستهلك ولم ّ‬
‫خاصا لمسؤولية المنتج ‪.3‬‬
‫ً‬ ‫نظاما‬
‫ً‬
‫‪1‬‬
‫‪-Raymond GUY : « La responsabilité civile du fait des produits défectueux », la journée‬‬
‫‪d’étude sur la sécurité des consommateurs et responsabilité du fait des produits,‬‬
‫‪organisée à la faculté de droit et sciences sociales, université de Poitiers, le 14 et 15 mai‬‬
‫‪1998, P- U, Paris, 1998 , p58.‬‬
‫إن مفهوم االلتزام التعاقدي بالسالمة للمستهلك يختلف عن االلتزام العام بالسالمة‪ ،‬إذ يهدف هذا األخير إلى منع وقوع‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪2‬‬

‫األخطار و الوقاية منها‪ ،‬بينما في النطاق العقدي يهدف هذا االلتزام إلى التعويض عن الضرر المترتب بسب‬
‫ا لمنتوج للمتعاقد و يتحقق عن طريق قيام المنتج بااللتزام باإلعالم و باتخاذ احتياطات معينة أثناء التصميم‪،‬‬
‫التصنيع و كذا تعبئة المنتوج و تسليمه‪ .‬لتفاصيل أكثر ينظر‪:‬‬
‫‪.135‬‬ ‫زاهية حــــــورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 132‬و‬
‫‪ -‬قــــــــــــــــــادة شهـــــــــــــــــــــــيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.195‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪45‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تحمل التبعة من خالل القانون ‪389 –98‬‬


‫برز في سنة ‪ 1998‬مضمون نظرية ّ‬
‫المتعلّق بمسؤولية المنتج‪ ،‬سواء كانت تربطه بالمتضرر عالقة عقدية أم ال‪ ،‬وهذا ما يكرس‬
‫المسؤولية من دون خطأ حسب ما نصت عليه المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 11‬ق م ف التي أ ّكدت‬
‫بقوة القانون ّإال إذا أثبت أسباب اإلعفاء من المسؤولية‪ ،‬فنجد أن‬
‫على قيام مسؤولية المنتج ّ‬
‫هذا القانون انطلق من قاعدة موضوعية قائمة على فكرة المخاطر عندما نصت المادة‬
‫‪ 1386‬مكرر ‪ 04‬على أن المنتوج المعيب هو الذي ال يتوفّر على األمان المشروع الذي‬
‫يمكن أن ننتظره‪ ،‬فهنا تجاوز المشرع الفرنسي بإصداره هذا القانون فكرة االلتزام العقدي‬
‫بضمان السالمة إلى إقرار الحق في السالمة كأساس موضوعي للمسؤولية عن المنتجات‪،‬‬
‫تماما كل حدود التفرقة بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية‪ ،1‬كما أنه‬
‫بحيث تالشت ً‬
‫تحمل التبعة باشتراطه للعيب‪.‬‬
‫المقيدة لنظرية ّ‬
‫أخذ بالصورة ّ‬
‫تم تعديل قانون االستهالك الفرنسي بما فيه المادة ‪ L221‬في ‪2004‬‬
‫مع التنبيه أنه ّ‬
‫بموجب المادة الخامسة من التعليمة رقم ‪ 670 -2004‬المؤرخة في ‪ 09‬جويلية ‪2004‬‬
‫تماشيا مع التعديل الذي ط أر على التعليمة األوروبية لسنة ‪ 1985‬المتعلقة بالمسؤولية عن‬
‫ً‬
‫المنتجات المعيبة في ‪ 2001‬بموجب التعليمة األوروبية رقم ‪.295 -2001‬‬
‫ب‪ -‬تكريس نظرية المخاطر في القانون الجزائري‬
‫أخذ المشرع الجزائري بفكرة المخاطر في بعض األنظمة الخاصة للتعويض عن‬
‫األضرار في مجاالت النشاط الذي تكثر فيه فرص وقوع األخطار‪ ،‬فهذا القانون الصادر‬
‫سنة ‪ 1972‬والخاص بالتعويض عن حوادث العمل يقيم مسؤولية رب العمل على المخاطر‬
‫أيضا بالنسبة لألمر ‪15 –74‬‬
‫وال يعفي المسؤول إ ّال بإثبات خطأ يرتكبه العامل‪ ،‬والحال ً‬

‫التطور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬


‫ّ‬ ‫‪ - 1‬حسن عبد الرحمان قدوس‪ :‬مدى التزام المنتج بضمان السالمة في مواجهة مخاطر‬
‫‪2‬‬
‫‪-Ordonnance n° 2004- 670 du 09 juillet 2004 portante la transposition de la directive‬‬
‫‪2001/ 95/ CE sur la sécurité générale des produits et adaptation de la législation au‬‬
‫‪droit communautaire en matière de sécurité et de conformité des produits , J.O.R.F‬‬
‫‪n°159 du 10 juillet 2004. VOIR : WWW.Légifrance.gouv.fr Consulté le 09 avrile2014.‬‬
‫‪46‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫المتمم بالقانون رقم ‪ 31 – 88‬المتعلّق بإلزامية‬


‫ّ‬ ‫المعدل و‬
‫ّ‬ ‫الصادر في ‪ 30‬جانفي ‪1970‬‬
‫التأمين على السيارات ونظام التعويض عن األضرار‪ 1‬وكذا في مجال البيئة‪.‬‬
‫أما بخصوص مسؤولية المنتج‪ ،‬فقبل النص على نظرية المخاطر كأساس لها في‬
‫ّ‬
‫القانون المدني الجزائري بالجزء الخاص بالمسؤولية الناشئة عن األشياء‪ ،‬ورد هذا المبدأ في‬
‫قانون حماية المستهلك الملغى‪ 202–89‬بحيث نصت المادة الثانية منه‪ ":‬كل منتوج سواء‬
‫ماديا أو خدمة‪ ،‬يجب أن يتوفر على ضمانات ضد كل المخاطر التي من شأنها‬
‫شيئا ا‬
‫كان ا‬
‫أن تمس صحة المستهلك و‪/‬أو أمنه أو تضر بمصالحه المادية"‬
‫باإلضافة إلى ما ورد بالمادة الثالثة من نفس القانون بحيث أشارت إلى ضرورة أن‬
‫يستجيب المنتوج للرغبات المشروعة المنتظرة منه وذلك في كل جوانبه من مصدر‬
‫وتركيب وتغليف‪ ،‬فهذه المواد أوجبت أن تكون المنتجات مطابقة للمقاييس والمواصفات‬
‫القانونية‪ .‬وقد تجاوز المشرع فكرة العيب ليقر إلزامية سالمة المنتوج من أي خطر ينطوي‬
‫عليه حسب المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي‪ ،3266– 90‬وألزم المنتج من خالله‬
‫بإصالح جميع األضرار التي قد تصيب األشخاص واألمالك حسب المادة السادسة منه‪.‬‬
‫تبين كيفية تطبيق‬
‫على غرار هذه النصوص القانونية‪ ،‬صدرت مراسيم وق اررات مختلفة ّ‬
‫القانون‪ 02-89‬مشيرة لاللتزام بضمان السالمة‪ .‬ليأتي بعد هذه القوانين قانون رقم ‪10-05‬‬
‫المستحدث لمسؤولية المنتج من خالل إضافة المادة ‪ 140‬مكرر‪ ،‬فهذه المادة هي التي‬

‫ار جسمانية‪ ،‬يترتب عليه التعويض لكل‬


‫‪-1‬حيث تنص المادة الثانية الفقرة األولى منه‪ " :‬كل حادث سير سبب أضرًا‬
‫مدنيا عن الحادث "‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫ضحية أو ذوي حقوقها‪ ،‬و إن لم تكن للضحية صفة الغير تجاه الشخص المسؤول ً‬
‫أمر رقم ‪ 15–74‬مؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪ 1974‬يتعلق بإلزامية التأمين على السيارات و بنظام التعويض عن األضرار‪،‬‬
‫المتمم بالقانون رقم ‪ ،31 – 88‬ج‪.‬ر لسنة ‪.1988‬‬
‫المعدل و ّ‬
‫ّ‬ ‫ج‪.‬ر‪.‬ع ‪10‬الصادرة في ‪ 19‬فيفري ‪،1974‬‬
‫‪2‬‬
‫– قانون رقم ‪ 02–89‬المؤرخ في ‪ 08‬فيفري ‪ ،1989‬المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪06‬‬
‫الصادرة في ‪ 08‬فيفري ‪( 1989‬ملغى(‬
‫‪ -3‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 266 – 90‬المؤرخ في ‪ 16‬سبتمبر ‪ ،1990‬المتعلق بضمان المنتجات والخدمات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬‬
‫ع ‪ ،40‬الصادرة في ‪ 19‬سبتمبر ‪ (1990‬ملغى)‬
‫‪47‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫مرة في التشريع‬
‫ألول ّ‬
‫كرست مسؤولية المنتج القائمة على نظرية تحمل التبعة صراحة ّ‬
‫ّ‬
‫الج ازئري‪ ،‬لذا سنقوم بتبيان مضمونها وكذا اإلشارة إلى بعض المالحظات بشأنها‪:‬‬
‫المكرسة للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬مضمون نص المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‬
‫تنص المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‪ ":‬يكون المنتج مسؤواًل عن الضرر الناتج عن‬
‫منتوجا كل مال‬
‫ا‬ ‫عيب في منتوجه حتى ولو لم تربطه بالمتضرر عالقة تعاقدية‪ .‬يعتبر‬
‫متصال بعقار‪ً ،‬لسيما المنتوج الزراعي و المنتوج الصناعي وتربية‬
‫ا‬ ‫منقول ولو كان‬
‫الحيوانات والصناعة الغذائية والصيد البري والبحري والطاقة الكهربائية"‬
‫‪ -2‬التعليق على نص المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‬
‫نسجل المالحظات اآلتية‪:‬‬
‫إن الوقوف على منطوق نص هذه المادة يجعلنا ّ‬
‫‪ –1‬استحداث المشرع الجزائري لنظام جديد لمسؤولية المنتج‪ ،‬وبذلك يكون قد أخرجها‬
‫من القواعد العامة لحماية المستهلك وكذا القواعد الخاصة بمساءلة المنتج على أساس‬
‫المسؤولية العقدية أو التقصيرية‪.‬‬
‫‪ -2‬إدراج هذه المادة في القسم الثالث بعنوان المسؤولية الناشئة عن األشياء‪ ،‬وكذا‬
‫ورودها بعد نص المشرع على المسؤولية عن حارس الحيوان‪ ،‬وكذا المسؤولية عن حارس‬
‫البناء على التوالي في المادتين ‪ 139‬و‪ 140‬ق م ج‪ ،‬وكان من األجدر أن يتم إدراجها‬
‫مباشرة بعد نص المادة ‪ 138‬ق م ج المنظمة لمسؤولية حارس الشيء كمادة ‪ 138‬مكرر‬
‫شيئا‪ ،‬فبهدف تحقيق‬
‫حارسا للمنتوج الذي يعتبر ً‬
‫ً‬ ‫لتكون في مكانها المناسب‪ ،1‬فالمنتج يكون‬
‫التسلسل في القواعد المنظمة للمسؤولية عن األشياء كان من األفضل أن ترد كمادة ‪138‬‬
‫مستقال كما فعل المشرع الفرنسي بإضافته للقسم الرابع‬
‫ً‬ ‫قسما‬
‫خصص لها ً‬
‫مكرر أو أن ي ِّ‬
‫مكرر باعتبارها تشكل مسؤولية قائمة بذاتها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قدمت في يوم دراسي‬ ‫‪ -‬فطة معاشو نبالي‪ " :‬فعالية أحكام المسؤولية التقصيرية في تقرير مسؤولية المنتج"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫حول مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة مولود ممري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬يوم ‪ 26‬جوان‪ ،2013‬ص ‪ (13‬غير منشور)‬
‫‪48‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫‪ –4‬تأثر المشرع الجزائري بنظيره الفرنسي‪ ،‬إذ جاءت المادة ‪ 140‬مكرر في فقرتها‬
‫أما الفقرة الثانية‬
‫األولى مطابقة للمادة ‪ 1386‬مكرر‪ 01‬ق م ف من حيث المضمون‪ّ ،‬‬
‫فجاءت مطابقة للمادة ‪ 1386‬مكرر‪ 03‬ق م ف‪.‬‬
‫إن العيب الذي اشترطه المشرع الجزائري في المنتوج لقيام مسؤولية المنتج يعاب‬
‫‪ّ -5‬‬
‫عليه التحريف الوارد في الترجمة والنقل عن المشرع الفرنسي‪ ،‬حيث أن هذا األخير اشترط‬
‫الخلل وليس العيب‪ ،‬وقام بتحديد المقصود به في المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 04‬ق م ف بينما‬
‫مما يجعل الغموض يكتنف هذا‬
‫المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج تناولت العيب على إطالقه ّ‬
‫المصطلح‪ .1‬فالمشرع الفرنسي أراد التمييز بين عيب السالمة عن عيب عدم الصالحية‬
‫لالستعمال لذا استخدم مصطلح ‪.2Défaut‬‬
‫إن اشتراط المشرع الجزائري ركن العيب بجانب الضرر‪ ،‬ما هو ّإال دليل على‬
‫‪ّ – 6‬‬
‫تحمل التبعة التي شرحناها آنفًا‪.‬‬
‫المقيدة لنظرية ّ‬
‫أخذه بالصورة ّ‬
‫‪ – 7‬عالج المشرع الجزائري المسؤولية الموضوعية للمنتج في مادتين فقط‪ ،‬هذا ما‬
‫تقصير من جهته مقارنة بالقانون الفرنسي الذي يعتبر المصدر التاريخي لهما إذ هذا‬
‫ًا‬ ‫يشكل‬
‫األخير عالجها في ‪ 18‬مادة كاملة‪.‬‬
‫عدة جوانب خاصة في تعريف كل من‬
‫‪ -8‬وردت المادة ‪ 140‬مكرر ناقصة من ّ‬
‫المنتج والمتضرر مع اكتفائها باإلشارة إلى قيام مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة سواء‬

‫قدمت في ملتقى‬
‫‪ -‬ربيعة صبايحي‪ ":‬حول فعلية أحكام و إجراءات حماية المستهلك في القانون الجزائري"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫‪1‬‬

‫وطني حول المنافسة وحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بجامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬يومي‪ 17‬و‪ 18‬نوفمبر ‪،2009‬‬
‫ص ‪.109‬‬
‫‪- Un produit vicié est celui qui ne permet pas l’usage que l’on pourrait attendre de lui( ex :‬‬
‫‪2‬‬

‫‪un téléviseur qui n’affiche pas d’image) les produits défectueux sont ceux qui présentent‬‬
‫نقال عن‪ :‬محمد الشريف كتو‪un défaut de sécurité( ex : un téléviseur qui implose) ":‬‬
‫ً‬
‫قدمت في يوم دراسي‬
‫المسؤولية الناتجة عن المنتجات المعيبة حسب المادة ‪ 140‬مكرر تقنين مدني جزائري"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫حول مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪،‬‬
‫تيزي وزو‪ ،‬يوم ‪26‬جوان ‪ ، 2013‬ص‪ ( 156‬غير منشور)‬
‫‪49‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫متعاقدا أم غير متعاقد معه‪ ،‬وكذا خلوها من اإلجراءات والمواعيد وخاصة طرق دفع‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫نطبق القواعد العامة‪ ،‬الشيء الذي يجعلنا ندور في حلقة مفرغة‪ ،‬ألن الهدف‬
‫المسؤولية لذا ّ‬
‫‪1‬‬
‫من هذا النص هو استحداث مسؤولية المنتج‪ ،‬فكيف لنا إذن تطبيق القواعد العامة؟‬
‫في األخير نقول أن هذا النقص والغموض الوارد في المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‬
‫أحيانا مع بعض النصوص‬
‫ً‬ ‫نظر لتعارضها‬
‫عدة إشكاالت خاصة أمام القضاء ًا‬
‫سيؤدي إلى ّ‬
‫الخاصة في مجال حماية المستهلك‪ ،‬لذا ينبغي استدراك هذا األمر من طرف المشرع‬
‫تبين كيفية تطبيق هذه المادة أو إضافة مواد أخرى إلى القانون‬
‫بإصدار نصوص تنظيمية ّ‬
‫المدني كما فعل المشرع الفرنسي و ذلك بالتقريب من نصوص المواد ‪ 1386‬مكرر‪ 1‬إلى‬
‫غاية المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 18‬ق م ف لتحسين القواعد و كذا لضبط المصطلحات‪.‬‬
‫ثالثاا‪ :‬تقييم نظرية المخاطر‬
‫رغم التغيير الكبير الذي أحدثته نظرية تحمل التبعة في مجال المسؤولية المدنية‬
‫نظر‬
‫خاصة مسؤولية المنتج‪ّ ،‬إال أنها لم تسلم من االنتقاد‪ ،‬فجانب من الفقه دعا لألخذ بها ًا‬
‫خصوصا في كونها آلية لحماية ضحايا حوادث المنتجات المعيبة‪ ،‬في‬
‫ً‬ ‫لما لها من مزايا‬
‫نظر لظهور بعض النقائص عند األخذ بها‬
‫حين الجانب اآلخر منهم يرون ضرورة هجرها ًا‬
‫في بعض التشريعات‪ .‬لذا سنقوم بتبيان مزايا(أ) وكذا عيوب نظرية المخاطر(ب)‪:‬‬
‫أ– م ازيا نظرية المخاطر‬
‫ال يمكن نكران التحول الذي أحدثته هذه النظرية في نظام المسؤولية المدنية ومعها‬
‫مسؤولية المنتج‪ ،‬بحيث يرجع لها الفضل في االهتمام الذي أولته لألطراف الضعيفة في‬
‫العالقات القانونية القائمة كالعمال والمستهلكين وعابري الطريق‪ ،‬واستهدافها لتحقيق‬
‫التضامن االجتماعي الهادف إلى تحقيق توازن بين ضحايا اآلالت والمنتجات المتحملين‬

‫‪ -1‬زاهية حورية سي يوسف( كجار)‪:‬المسؤولية عن المنتوج المعيب – تعليق على المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‪ ،-‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬

‫‪50‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫اضحا أثر هذه النظرية‬


‫غالبا آلثار عيوبها وبين مالّكها الغانمين من نشاطها‪ .‬كما يبدو و ً‬
‫ً‬
‫شيئا‬
‫على نظام مسؤولية المنتج‪ ،‬ذلك أن فكرة الخطر المستحدث تستدعي أن كل من أوجد ً‬
‫عما إذا كان‬
‫خطر بطبيعته أو لعيب فيه‪ ،‬نشأ عنه ضرر يلزم بالتعويض‪ ،‬بصرف النظر ّ‬
‫ًا‬
‫دائما الربح‪ ،‬وبهذا تكون فكرة المخاطر أكثر توافقًا مع‬
‫مخطئا أم ال طالما أن المنتج يحقق ً‬
‫ً‬
‫المستجدات الحالية التي تؤسس المسؤولية على فكرة الخطأ‪ ،‬والتي تلزم المضرور بإثبات‬
‫خطأ المنتج و هو إثبات عسير بالنظر إلى تعدي السلع والمنتجات الطابع الحرفي‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن تشديد مسؤولية المنتج يحفزه على العناية باإلنتاج ويدفعه التخاذ‬
‫الوسائل الكفيلة للوقاية من أخطاره‪ ،‬يضاف إلى ذلك أن المنتج إذا أطلق دعاية حول‬
‫المنتوج فالمستهلك يولي له الثقة الكاملة‪ُ ،‬يقبل من أجلها على الشراء منه‪ ،‬ومن المنطق أن‬
‫يتحمل نتائج هذه الثقة التي أوجدها وال ضرر عليه من تحمل المسؤولية‪ .1‬وال يمكن نكران‬
‫ّ‬
‫تحمل المؤسسات‬
‫االهتمام الذي أحيط بأفكار النظرية خاصة ما تعلّق منها بضرورة ّ‬
‫تذمر واحتجاجات الضحايا والتعاطف الذي أبداه القضاء‬
‫اإلنتاجية لمخاطر إنتاجها وتزايد ّ‬
‫خاصة الفرنسي واألمريكي حيالهم‪ .‬فكل هذه العوامل دفعت المؤسسات اإلنتاجية إلى‬
‫الشروع في التأمين على نشاطاتها(التأمين على المسؤولية) الشيء الذي ساهم في تقسيم‬
‫اجتماعيا ‪ ،Socialisation du risque‬فهذه النزعة أفضت إلى إنشاء‬
‫ً‬ ‫أعباء المخاطر‬
‫صناديق الضمان التي أصبحت المدين الحقيقي في كثير من قضايا التعويضات عن‬
‫حوادث المنتجات دون الحاجة إلى البحث عن الخطأ وال حتى المسؤول عن الضرر‪.2‬‬
‫ب– عيوب نظرية المخاطر‬
‫كثير عن‬
‫بالرغم من أن فكرة المخاطر أو تحمل التبعة توحي بالبساطة ّإال أنها بعدت ًا‬
‫ال معقدة على الواقع القانوني‪ ،‬فيرى الفقه التقليدي أن المسؤولية في‬
‫الواقع‪ ،‬بل وشكلت ظال ً‬

‫‪ -1‬محمــــــــــــد شرياف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪ - 2‬قـادة شهيـــــــــــــــدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪51‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أما نظرية تحمل التبعة فهي فكرة‬


‫القانون الفرنسي تنبني بوجه عام في نظرية الخطأ‪ّ ،‬‬
‫استثنائية ال يجوز اللجوء إليها ّإال في أضيق الحدود وبمقتضى نص صريح يقررها‪ ،‬واذا‬
‫كان المشرع قد أخذ بها في بعض الحاالت فال يعني هذا أنه أراد الخروج عن القاعدة‬
‫العامة في المسؤولية على أساس الخطأ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن نظرية تحمل التبعة تؤدي إلى تقاعس األفراد عن ممارسة حقوقهم‬
‫مخافة من شبح المسؤولية دون أي خطأ يرتكبونه‪ ،‬فالشخص الذي يمارس نشاطه في حدود‬
‫الالزمة لتجنب اإلضرار بالغير مع الحصول‬
‫حقوقه المشروعة متّخ ًذا جميع االحتياطات ّ‬
‫على الترخيص لمزاولة النشاط‪ ،‬مهيأً إياه لتحقيق مصالح لها أهميتها له وللمجتمع الذي‬
‫تأسيسا‬
‫ً‬ ‫يعيش فيه‪ ،‬لو ألزمناه بتعويض الغير عن المضار التي تقع له من جراء هذا النشاط‬
‫بدال من أن يعود عليه‬
‫نظر ألن النشاط ً‬
‫على نظرية تحمل التبعة لقتلنا الحافز الفردي لديه‪ً ،‬ا‬
‫بالفائدة سيعرضه لمطالبات بالتعويض تكلّفه الكثير‪ .1‬وبالتالي فتعميم نظرية تحمل التبعة‬
‫الهمة إلقامة مشروعات نافعة‪.2‬‬
‫من شأنه قتل المبادرة الفردية لديه وتثبيط ّ‬
‫كما أن هذه النظرية انتقدت من ناحية أن األخذ بفكرة المخاطر يعتمد على نظام‬
‫قدر من‬
‫التأمين‪ ،‬ما يدفع المنتج إلضافة أقساطه إلى أسعار المنتجات فيتحمل المستهلك ًا‬
‫العبء قد تدفع به إلى قبول المنتوج األقل تكلفة ولو بأمان أقل‪ .‬كما يضيف األستاذ آًلن‬
‫سيريو ‪ Alain SERIEU‬بأن هذا النوع من المسؤولية من شأنه خلق المساواة وظلم‬
‫اجتماعي‪ ،‬فبمقتضى أي أساس عادل يمكن أن نؤسس مسؤولية ما دون خطأ يرتكبه‬
‫الشخص؟ أال تكون إدانة شخص والزامه بالتعويض عن أضرار لم تكن ناتجة عن خطئه‬
‫‪3‬‬
‫بمثابة ظهور المساواة جديدة في المجتمع؟‬

‫‪ -1‬عادل جبري محمــد حبــــيب‪ :‬المفهوم القانوني لرابطة السببية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ -2‬فتحي عبد الرحيم عبد اللّه‪ :‬دراسات في المسؤولية التقصيرية( نحو مسؤولية موضوعية)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫‪-Alain SERIEU disait : « Sur qu’elle justice pourrait-on fonder une responsabilité sans‬‬
‫‪3‬‬

‫=‪faute ? Condamner quelqu’un, fut-il assuré, à réparer un dommage auquel il n’est pour‬‬
‫‪52‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أركان ونطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج‬


‫إن المسؤولية سواء كانت مدنية أو جنائية بما فيها مسؤولية المنتج ال تقوم ّإال بتوفر‬
‫ّ‬
‫جملة من األركان باعتبارها الدعامة التي يقوم عليها أي نوع من أنواع األنظمة القانونية‬
‫الموجه‬
‫ّ‬ ‫قانونا تنتفي المسؤولية ويسقط االدعاء‬
‫ً‬ ‫فإذا انتفت أحد األركان المنصوص عليها‬
‫نسبيا‬
‫من المدعي وتب أر ساحة المدعى عليه‪ ،‬والمسؤولية الموضوعية للمنتج نظام مستحدث ً‬
‫نظاما حديث النشأة‬
‫ً‬ ‫إذ لم يكن معروفًا من قبل‪ ،‬فكما أسلفنا الذكر في بداية بحثنا يعتبر‬
‫مقارنة بأنظمة ال مسؤولية التقليدية‪ ،‬لذا قامت التشريعات التي تبنت هذا النظام بتحديد‬
‫األول) وبعد قيام هذه المسؤولية يقتضي األمر تحديد النطاق الذي تطبق‬
‫أركانها(المطلب ّ‬
‫فيه سواء من حيث األشخاص أو من حيث المنتجات(المطلب الثاني) إذ في هاذين‬
‫العنصرين تبرز أكثر خصوصية مسؤولية المنتج الموضوعية‪.‬‬
‫األول‪ :‬أركان المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫المطلب ّ‬
‫نص عليها‬
‫لقيام المسؤولية الموضوعية للمنتج يستلزم توافر جملة من األركان والتي ّ‬
‫كل من المشرع الفرنسي و الجزائري‪ ،‬و هذه األركان تتمثل في‪ :‬العيب‪ ،‬الضرر وعالقة‬
‫السببية بينهما‪ ،‬فالمشرع الفرنسي نص على هاته األركان في المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 09‬ق م‬
‫ف بنصها‪ ":‬يجب على المدعي أن يثبت الضرر‪ ،‬العيب و عالقة السببية بين العيب‬
‫والضرر"‪ .1‬و ما يمكن استخالصه من هذه المادة‪:‬‬
‫الالحق بالمنتوج‪،‬‬
‫ّأوًال‪ :‬اإلشارة الصريحة إلى شروط النظام الجديد للمسؤولية و هي‪ :‬العيب ّ‬
‫ثانيا‪ :‬تحميل المدعى عبء إثبات شروط المسؤولية وهو‬
‫الضرر وعالقة السببية بينهما‪ً ،‬‬
‫تم التخفيف عنه حسب المادة ‪ 1386‬مكرر‬
‫عمليا المضرور مع اإلشارة أن هذا العبء ّ‬
‫ً‬
‫اما إثبات الضرر فليس له أن يثبت أن العيب‬
‫‪ 11‬ق م ف فإن كان المضرور يقع عليه لز ً‬
‫‪=rien c’est le condamner sans cause ce serait de commettre une nouvelle injustice » Cité‬‬
‫‪par : Cyril BLOCH : L’obligation contractuelle de sécurité, op- cit, p 180.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-Art 1386 bis 09du c c f dispose que « Le demandeur doit prouver le dommage, le défaut et‬‬
‫» ‪le lien de causalité entre le défaut et le dommage‬‬
‫‪53‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫موجودا وقت عرض المنتوج للتداول‪ ،‬أي يكفيه أن يثبت أن الشيء ال يستجيب‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫سببا لوقوع الضرر‪.1‬‬
‫للسالمة المرغوبة شرًعا‪ ،‬وأن ذلك كان ً‬
‫أما المشرع الجزائري فأشار إلى أركان المسؤولية الموضوعية للمنتج في نص المادة‬
‫ّ‬
‫‪ 140‬مكرر ق م ج وهي نفسها مع تلك السالف ذكرها‪ .‬وسنقوم بالتعرض لها بالتفصيل‪:‬‬
‫األول‪ :‬ركن العيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب‬
‫الفـــــــــرع ّ‬
‫ماديا بأنه‪ :‬العيب الذي يتلف الشيء أو‬
‫يمكن أن يعرف العيب في المنتوج تعريفًا ً‬
‫وظيفيا‪ :‬بأنه العيب الذي يصيب الشيء‬
‫ً‬ ‫يلحق به الهالك‪ ،‬ويمكن أن يعرف كذلك تعريفًا‬
‫أما في النطاق‬
‫المحدد له ‪ّ ،‬‬
‫‪2‬‬
‫ّ‬ ‫في أوصافه أو في خصائصه فيجعله غير صالح لالستعمال‬
‫العقدي فهو كل نقص يجعل الشيء المبيع غير صالح لالستعمال الموجه له أو ينقص من‬
‫منفعته‪ .3‬فالسلعة تكون معيبة إذا لم يراع في تصميمها أو تركيبها أو إعدادها لالستهالك أو‬
‫حفظها أو طريقة عرضها أو طريقة استعمالها الحيطة الكافية لمنع وقوع الضرر أو احتمال‬
‫وقوعه‪ .4‬وبما أن موضوع دراستنا منصب على مسؤولية تستند لنظرية موضوعية‪ ،‬فيجب‬
‫سنبين كيف نظم المشرع الفرنسي ركن‬
‫ّ‬ ‫تحديد تعيب السلعة بمعيار موضوعي لذا‬
‫(ثانيا) وبعدها لكيفية تقدير العيب(ثالثاا)‬
‫(أواًل) ثم المشرع الجزائري ا‬
‫العيب ّ‬
‫ّأواًل‪ :‬العيب في القانون الفرنسي‬
‫أشار المشرع الفرنسي إلى ركن العيب في المسؤولية الموضوعية للمنتج إلى ثالث‬
‫نقاط أساسية‪ :‬معيوبية المنتوج(أ)عملية الطرح للتداول(ب) وكذا الحاالت المستثناة من‬
‫مفهوم العيب(ج)‬

‫‪ -‬محمد بودالـــــــــــي‪ :‬مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 36‬و ‪.37‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -2‬علي حســـــــــــــاني‪ :‬االلتزام بضمان الضرر عن عيوب المنتجات‪ ،‬م‪.‬ج‪.‬ع‪.‬ق‪.‬إ‪.‬س‪ ،‬ع‪ ،2011 ،04‬ص ‪.232‬‬
‫– كريمـــــــة بركــات‪ :‬حماية أمن المستهلك في القانون الجزائري‪ ،‬مجلة المعارف‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬المركز الجامعي العقيد‬ ‫‪3‬‬

‫أكلي محند أولحاج البويرة‪ ،‬ع‪ ،2010 ،09‬ص ‪.33‬‬


‫‪ -4‬بهاء بهيج شكري‪ :‬التأمين من المسؤولية في النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،2010 ،‬‬
‫ص‪.293‬‬
‫‪54‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أ– المقصود بمعيوبية المنتوج‬


‫عرف المشرع الفرنسي العيب في المادة ‪1386‬مكرر‪ 04‬ق م ف في الفقرة األولى‪:‬‬
‫ّ‬
‫معيبا حسب مضمون هذا الفصل‪ ،‬عندما ًل يوفّر السالمة المنتظرة منه‬
‫ا‬ ‫"يكون المنتوج‬
‫شر اعا"‪ 1‬فالصيغة المعيبة في المنتوج تتمثل في عدم األمان والسالمة التي يمكن انتظارها‬
‫منه شرًعا‪ ،2‬بذلك يختلف العيب في مجال المسؤولية المستحدثة عنه في مجال ضمان‬
‫العيوب الخفية‪ ،‬فالعيب الخفي مرتبط بعدم الصالحية لالستعمال‪ ،‬أي االستعمال الذي‬
‫معيبا متى‬
‫أيضا أن الشيء المبيع يعتبر ً‬
‫ينتظره المشتري من الشيء المبيع‪ ،‬كما يالحظ ً‬
‫كان العيب ينقص من صالحيته لهذا االستعمال لدرجة أن المشتري لم يكن ليشتريه أو‬
‫ثمنا أقل فيما لو علم بهذا العيب‪.3‬‬
‫ليدفع فيه ّإال ً‬
‫معيبا إذا لحقه عارض‬
‫ً‬ ‫فحسب القواعد الخاصة بالمسؤولية العقدية‪ ،‬يعتبر الشيء‬
‫أن تقدير وجود‬
‫يجعله على غير الحال الذي يكون فيه في الوضع العادي و هذا ال يعني ّ‬
‫تقدير ثابتًا في جميع األحوال‪ ،‬إذ يختلف هذا التقدير باختالف‬
‫ًا‬ ‫العيب أو انتفائه يكون‬
‫يعرفه الفقه‪ :‬هو اآلفة الطارئة التي تلحق أو تصيب‬
‫النظرة إلى الشيء‪ ،‬وبتعبير آخر وكما ّ‬

‫‪-Art 1386 bis 04 al 1du c c f dispose que : « Un produit est défectueux au sens du présent‬‬
‫‪1‬‬

‫»‪titre lorsqu’ il n offre pas la sécurité à la qu' elle on peut légitimement s’attendre‬‬
‫فمثال المنتوج الغذائي المعيب هو الذي‬
‫‪ -‬ما ينجم عن ذلك اختالف عنصر المعيوبية من منتوج آلخر حسب طبيعته‪ً ،‬‬
‫‪2‬‬

‫معيبا ّإال إذا‬


‫منتوجا ً‬
‫ً‬ ‫يرتّب آثار سلبية ومضرة لصحة اإلنسان هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى المنتج الخطير ال يعتبر‬
‫كانت نسبة الخطورة فيه غير عادية ‪ anormalement dangereux‬ينظر‪:‬‬
‫‪Jean- Philippe BUGNICOURT & Jean- Sébastien BORGHETTI & François COLLART‬‬
‫‪DUTILLEUL : Le droit civil de la responsabilité à l’épreuve du droit spécial de‬‬
‫‪l’alimentation, Dalloz, n° 18, mai 2010, p03.‬‬
‫عرفه المشرع الفرنسي في المادة ‪ 1641‬ق م ف‪ ":‬يلتزم البائع بضمان العيوب الخفية في الشيء المبيع التي تجعله‬‫‪ّ -‬‬
‫‪3‬‬

‫نقال‬
‫ثمنا أقل لو علم بهذا العيب" ً‬
‫غير صالح لالستعمال لدرجة أن المشتري لم يكن ليشتريه أو لم يكن ليدفع فيه ّإال ً‬
‫عن‪ :‬زاهية حورية سي يوســـــف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،73‬ينظر كذلك‪:‬‬
‫محمد سامي عبد الصــادق ‪ :‬مسؤولية منتج الدواء عن مضار منتجاته المعيبة" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة‬
‫ّ‬
‫العربية‪ ،‬مصر‪ ،2002 ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪55‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الشيء المبيع وال تظهر عند فحصه وينقص من قيمته أو نفعه‪ ،‬أو حالة يخلو منها الشيء‬
‫‪1‬‬
‫المبيع عادة‪.‬‬
‫أما العيب في مجال المسؤولية المستحدثة فهو عدم السالمة أو األمان الذي يمكن‬
‫ّ‬
‫انتظاره من المنتوج شرًعا وبعبارة أخرى؛ أنه من غير المهم أن يكون المنتوج به الصفات‬
‫قابال ألن يحدثها بسبب‬
‫المتفق عليها أو ال‪ ،‬فالمعتبر هو األضرار التي يكون المنتوج ً‬
‫العيب القائم فيه‪ .2‬فالعيب حسب هذا النوع من المسؤولية يجب أن يرتبط بخلل ما ‪Défaut‬‬
‫ضا لسالمة‬
‫تعر ً‬
‫تفعل مكامن الخطورة فيه‪ ،‬وتجعله أكثر ّ‬
‫خطير أو ّ‬
‫ًا‬ ‫ومالبسات تجعله‬
‫وأمن األشخاص وأموالهم‪ ،‬فالمنتج ال يكون بإمكانه التحجج بمراعاته ألصول الصنعة أو‬
‫الحصول على تصريح من الجهات الرسمية للتحلّل من المسؤولية‪ ،‬ولكن بالمقابل ال يمكن‬
‫تطوًرا‪ ،‬و إنما العبرة في تقدير معيوبية‬
‫لمجرد طرح منتوج آخر أكثر ّ‬
‫اعتبار منتوج ما معيب ّ‬
‫المنتوج المساس بأمن وسالمة األشخاص بوقت طرحه‪ ،‬والذي يكون بخروجه من سيطرة‬
‫الصانع أو المستورد ومن في حكمه بصفة إرادية‪ .3‬فما المقصود بعملية الطرح للتداول؟‬
‫ب – عملية الطرح للتداول‬
‫إن التوصية األوروبية لسنة‪ 1985‬الخاصة بالمسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة لم‬
‫عرفته في المادة‬
‫تعرف فكرة طرح المنتوج للتداول‪ ،‬على عكس اتفاقية ستراسبورغ التي ّ‬
‫ّ‬
‫‪4‬‬
‫مطروحا للتداول عندما ينقله المنتج لشخص آخر"‬
‫ا‬ ‫الثانية‪ " :‬يكون المنتوج‬

‫‪ -1‬لطيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفة أمــــــــــــــــــــــازوز‪ :‬التزام البائع بتسليم المبيع في القانون الجزائري‪ ،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراه في‬
‫العلوم تخصص‪ :‬القانون‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2011 ،‬ص ‪.366‬‬
‫السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة ومخاطر التقدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪ -‬محمود ّ‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬قــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادة شهيــــــــــــــدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.196‬‬


‫‪4‬‬
‫‪-Art 03 al 4 de la convention de Strasbourg stipule : « Un produit a été mis en circulation‬‬
‫» ‪lorsque le producteur l’a remis à une autre personne‬‬
‫‪56‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫عرف المشرع الفرنسي هو اآلخر عملية الطرح للتداول في نص المادة ‪1386‬‬


‫ّ‬
‫مطروحا للتداول عندما يتخلى المنتج عن حيازته‬
‫ا‬ ‫مكرر‪ 1/05‬ق م ف‪ ":‬يكون المنتوج‬
‫اديا"‪ .‬فالمشرع الفرنسي استخدم فكرة الطرح للتداول لثالثة أغراض‪:‬‬
‫إر ا‬
‫‪ –1‬تحديد مجال تطبيق القانون رقم‪ 389-98‬من حيث الزمان‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫‪ 21‬منه على أن نصوص المواد ‪ 1386‬مكرر‪ 01‬وما بعدها تكون قابلة للتطبيق على‬
‫المنتجات المطروحة للتداول بعد سريان هذا القانون‪ ،‬ولو كانت محل تعاقد سابق‪.‬‬
‫‪ –2‬تحديد وقت وجود العيب بالمنتوج‪ ،‬بحيث أن هذه المسؤولية ال تقوم ّإال لتعويض‬
‫األضرار الناتجة عن عيب سابق على طرح المنتوج للتداول‪.‬‬
‫مدة سقوط المسؤولية‪ ،‬بحيث ال يكون المنتج مسؤوًال عن األضرار التي‬
‫‪ –3‬تحديد ّ‬
‫يحدثها منتجه المعيب بعد انقضاء ‪ 10‬سنوات من تاريخ طرح المنتوج للتداول حسب نص‬
‫المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 16‬ق م ف المقابلة للمادة ‪ 11‬من التوصية األوروبية لسنة ‪.11985‬‬
‫يهم في هذا العنصر هو الغرض الثاني‪ ،‬فالمقصود بفكرة الطرح للتداول هي كل‬
‫وما ّ‬
‫ٍّ‬
‫تخل إرادي عن حيازة المنتوج‪ ،‬فيكفي أن يسلم الشيء إلى المودع عنده أو إلى الناقل‪...‬‬
‫اضحا في غالبية الحاالت التي ُيمنح فيها المنتوج إلى وسيط دائرة التوزيع‬
‫ويكون ذلك و ً‬
‫الذي يقوم بطرحه للتداول‪ ،‬وما يستفاد منه أن طرح المنتوج للتداول ال يكون ّإال بفعل مهني‬
‫حيث يتعلق األمر بالنسبة له بعمل‪ ،‬هو تجهيز المنتجات ثم بعد ذلك يجب على المنتج‬
‫نفسه أن يقوم بطرحها في األسواق‪ .‬فالمبادرة بطرح المنتوج للتداول تأتي من جانبه‪ ،‬ما يفهم‬
‫منه بمفهوم المخالفة أنه ال يمكن أن تقوم مسؤوليته عندما يحتفظ بمنتجه الستعماله‬
‫الخاص أو بغرض إجراء تجربة عليه حيث تقوم مسؤوليته في هذه الحالة طبقًا للقواعد‬
‫العامة‪.2‬‬

‫‪-1‬محمود السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة و مخاطر التقدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪-2‬محمود السيد عبد المعطي خيال‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ 33‬و‪.34‬‬
‫‪57‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ج– الحاًلت المستثناة من مفهوم العيب‬


‫هناك حاالت ال تقوم فيها مسؤولية المنتج الموضوعية حتى وان توفر منتوج معيب‪،‬‬
‫حددة على سبيل الحصر هي‪ :‬العيب الناتج عن احترام القواعد القانونية‬
‫و هذه الحاالت م ّ‬
‫التطور العلمي والتكنولوجي(‪ )2‬وسنقوم باإلشارة إليها فقط‪،‬‬
‫ّ‬ ‫و التنظيمية اآلمرة(‪ )1‬مخاطر‬
‫اردا ضمن الفصل الثاني من هذا البحث‪.‬‬
‫في حين التفصيل فيها سيكون و ً‬
‫‪ –1‬الحالة األولى‪ :‬العيب الناتج عن مطابقة المنتوج للقواعد القانونية اآلمرة‬
‫اعتبر المشرع الفرنسي العيب الناجم عن مطابقة المنتوج للقواعد القانونية أو‬
‫سببا إلعفاء المنتج من المسؤولية‪ ،‬إذ يمكن أن تكون قد وضعت بطريقة‬
‫التنظيمية اآلمرة ً‬
‫سيئة في البداية أو أنها لم تُحّين حسب التطور الحاصل من قبل ُمصدرها‪.‬‬
‫التطور العلمي و التكنولوجي‬
‫ّ‬ ‫‪ –2‬الحالة الثانية‪ :‬مخاطر‬
‫يعفى المنتج من المسؤولية إذا ثبت له أن المعارف التقنية والعلمية وقت وضع‬
‫المنتوج للتداول لم تكن تسعفه الكتشاف العيب الموجود في المنتوج ألنه ال يعزو إلى خطأ‬
‫المنتج‪ ،‬غير أن هذا اإلعفاء ال يطبق بالنسبة للمنتجات المستخلصة من جسم اإلنسان‬
‫حسب المادة ‪1386‬مكرر‪ 12‬ق م ف‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العيب في القانون الجزائري‬
‫ا‬
‫أشار المشرع الجزائري إلى ركن العيب لقيام المسؤولية الموضوعية حسب مضمون‬
‫نص المادة‪ 140‬مكرر ق م ج‪ ،‬فيعتبر العيب الش اررة األولى التي تثير مسؤولية المنتج‬
‫يتعرض لتعريفه كما فعل‬
‫بالطبع مع اقترانه بركني الضرر والعالقة السببية بينهما‪ ،‬لكن لم ّ‬
‫المشرع الفرنسي‪ ،‬بالتالي يستلزم علينا البحث عن تعريف له بموجب نصوص قانونية‬
‫خاصة‪ ،‬فلو نظرنا إلى المادة ‪140‬مكرر ق م ج باللّغة الفرنسية نجد أن المشرع استعمل‬
‫مصطلح ‪Vice‬ولم يستعمل مصطلح ‪ Défaut‬كما فعل نظيره الفرنسي بالرغم من أن الفرق‬
‫يتعرض كذلك لعملية الطرح للتداول‪ ،‬وأمام غياب‬
‫شاسع بين المصطلحين‪ ،‬كما أنه لم ّ‬

‫‪58‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تعريف لمعنى العيب في القانون المدني الجزائري(أ) وكذا عملية الطرح للتداول(ب) يدفعنا‬
‫إلى البحث عن معناهما في بعض النصوص الخاصة في نطاق حماية المستهلك‪.‬‬
‫أ– المقصود بالعيب‬
‫تنص المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي رقم‪ 266-90‬الملغى‪ ":‬يجب على المحترف‬
‫أن يضمن سالمة المنتوج الذي يقدمه من أي عيب يجعله غير صالح لالستعمال و‪ /‬أو‬
‫من أي خطر ينطوي عليه" كما تنص المادة السادسة منه‪ ":‬يجب على المحترف في جميع‬
‫الحاًلت أن يصلح الضرر الذي يصيب األشخاص أو األمالك بسبب العيب ‪"...‬‬
‫‪1‬‬
‫نص في مادته التاسعة‪ " :‬يجب أن تكون‬
‫أما قانون حماية المستهلك وقمع الغش فقد ّ‬
‫ّ‬
‫المنتجات الموضوعة لالستهالك مضمونة وتتوفر على األمن بالنظر إلى اًلستعمال‬
‫ضرر بصحة المستهلك وأمنه ومصالحه‪ ،‬وذلك‬
‫اا‬ ‫المشروع المنتظر منها‪ ،‬وأن ًل تلحق‬
‫ضمن الشروط العادية لالستعمال أو الشروط األخرى الممكن توقعها من قبل المتدخلين"‬
‫عما هو موجود في القواعد‬
‫فمن نصوص هذه المواد نستخلص أن مفهوم العيب يختلف ّ‬
‫العامة(العيب الخفي) ويمكن أن يتضمن العديد من المفاهيم نذكر منها‪:‬‬
‫‪ –1‬عدم مطابقة المنتوج للمواصفات والمقاييس القانونية أو التنظيمية‬
‫هناك بعض المنتجات التي يشترط فيها المشرع العديد من التدابير بهدف الحفاظ‬
‫على سالمة وصحة المنتجات‪ ،‬بالتالي تحقيق سالمة وأمن المستهلكين‪ ،‬منها نذكر على‬
‫سبيل المثال نص المادة ‪ 35‬من قانون التوجيه الفالحي الصادر سنة‪ ":2008‬تخضع‬
‫الصحة الحيوانية‬
‫ّ‬ ‫الحيوانات والنباتات والمنتجات المشتقة منها وكذا منتجات‬
‫‪2‬‬
‫والنباتية ذات اًلستعمال الفالحي إلى الرقابة طبقاا للتشريع والتنظيم المعمول بهما "‬

‫‪1‬‬
‫مؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ ،2009‬يتعلّق بحماية المستهلك و قمع الغش‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ ،15‬الصادرة في‬
‫‪ -‬قانون رقم ‪ّ 03 -09‬‬
‫‪ 08‬مارس ‪.2009‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 16 -08‬مؤرخ في ‪ 03‬غشت‪ ،‬يتضمن التوجيه الفالحي‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 46‬الصادرة في ‪ 10‬غشت ‪.2008‬‬
‫‪59‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫المحدد لشروط وكيفيات استعمال المضافات‬


‫ّ‬ ‫حدد المرسوم التنفيذي رقم‪214–12‬‬
‫كما ّ‬
‫الالزم توافرها عند استعمال‬
‫الموجهة لالستعمال البشري‪1‬الشروط ّ‬
‫ّ‬ ‫الغذائية في المواد الغذائية‬
‫المضافات الغذائية بمقتضى نص المادة الخامسة منه‪ " :‬يجب أن يستوفي استعمال‬
‫المضافات الغذائية الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ – 1‬الحفاظ على القيمة الغذائية للمادة الغذائية‪.‬‬
‫كمكون ضروري في أغذية الحمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ – 2‬اعتبارها‬
‫‪ – 3‬تحسين حفظ أو تثبيت المادة الغذائية أو خصائصها الذوقية العضوية‪ ،‬بشرط‬
‫تغير من طبيعة المادة الغذائية أو نوعيتها بصورة من شأنها تغليط المستهلك‪.‬‬
‫أن ًل ّ‬
‫‪ – 4‬استعمالها كمادة مساعدة في مرحلة معينة من عملية الوضع لالستهالك‬
‫بشرط أن ًل يكون استعمال المضاف الغذائي إلخفاء مفعول استعمال المادة األولية ذات‬
‫نوعية رديئة أو مناهج تكنولوجية غير مالئمة"‬
‫كما نص ملحق النظام التقني الخاص بالمواد الغذائية" حالل" على كيفيات وشروط‬
‫الموجهة‬
‫ّ‬ ‫حدد شروط خاصة بالحيوانات‬
‫تذكية الحيوانات البرية حسب الدين اإلسالمي‪ ،‬و ّ‬
‫للتذكية وكذا بالشخص المكلّف بتلك العملية وألدوات واألجهزة المستعملة وأماكنها‪ ،‬فإن‬
‫تمت مخالفة هذه الشروط تعتبر المادة الغذائية ذات األصل الحيواني معيبة حسب ما نص‬
‫ّ‬
‫عليه القرار الوزاري المشترك الخاص بالمصادقة على النظام التقني الذي يحدد القواعد‬
‫‪2‬‬
‫المتعلّقة بالمواد الغذائية" حالل"‪.‬‬

‫‪ -1‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 214 – 12‬مؤرخ في ‪ 15‬مايو‪ ،2012‬يحدد شروط و كيفيات استعمال المضافات الغذائية في‬
‫المواد الغذائية الموجهة لالستهالك البشري‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 30‬الصادرة في ‪ 16‬مايو‪.2012‬‬
‫‪2‬‬
‫يحدد القواعد المتعلّقة‬
‫يتضمن المصادقة على النظام التقني الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 17‬مارس ‪،2014‬‬
‫‪ -‬قرار وزاري مشترك ّ‬
‫بالمواد الغذائية" حالل"‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ ،15‬الصادرة في ‪ 19‬مارس ‪.2014‬‬
‫‪60‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أما في المجال الطبي‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 194‬من قانون حماية الصحة‬
‫ّ‬
‫قابال للتحقق منه‬
‫و ترقيتها‪1‬على ضرورة اإلعالم الطبي والعلمي‪ ،‬وأن يكون دقيقًا و ً‬
‫ومطابقًا ألحدث معطيات البحث الطبي والعلمي عند نشره‪.‬‬
‫‪ –2‬عدم تلبية المنتوج الرغبات المشروعة للمستهلك في السالمة‬
‫أوجب القانون رقم‪ 03–09‬في المادة‪ 11‬أن يلبي و يستجيب كل منتوج معروض‬
‫لالستهالك الرغبات المشروعة للمستهلك بنصها‪ ":‬يجب أن يلبي كل منتوج معروض‬
‫لالستهالك‪ ،‬الرغبات المشروعة للمستهلك من حيث طبيعته وصنفه ومنشئه ومميزاته‬
‫الال زمة وهويته وكمياته وقابليته لالستعمال‬
‫األساسية وتركيبته ونسبة مقوماته ّ‬
‫واألخطار الناجمة عن استعماله‪ .‬كما يجب أن يستجيب المنتوج للرغبات المشروعة‬
‫للمستهلك من حيث مصدره والنتائج المرجوة منه والمميزات التنظيمية من ناحية تغليفه‬
‫وتاريخ صنعه والتاريخ األقصى ًلستهالكه وكيفية استعماله وشروط حفظه واًلحتياطات‬
‫المتعلقة بذلك والرقابة التي أجريت عليه"‬
‫تعد الرغبة المشروعة للمستهلك هي تحقيق سالمته من األضرار عند استهالكه أو‬
‫ّ‬
‫معين‪ ،‬ولع ّل الدافع من وراء استعمال هذا المصطلح هو جعل تقدير‬
‫استعماله لمنتوج ّ‬
‫االلتزام بالسالمة يخضع لمعايير موضوعية تحقق مصلحة كل من المنتج والمستهلك‪،‬‬
‫السيد‬
‫فتقدير الرغبة المشروعة بالنظر إلى المستهلك يجعلها بعيدة كل البعد عن التقدير ّ‬
‫للمنتج فال يمكنه أن يحدد السالمة المشروعة بمفرده‪ ،‬وفي الوقت ذاته ال يعتبر المنتوج‬
‫غير مستجيب للرغبات المشروعة للمستهلك إذا كانت المعارف العلمية والتقنية عند وقوع‬

‫‪ -1‬قانون رقم ‪ 05 – 85‬مؤرخ في ‪ 16‬فبراير ‪ ،1985‬يتعلق بحماية الصحة و ترقيتها‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 08‬الصادرة في ‪17‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫فبراير ‪ّ ،1985‬‬
‫‪61‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الضرر لم تكن لتمكننا من التنبؤ بوقوعه‪ .1‬هذا بصفة عامة المقصود بعنصر المعيوبية في‬
‫حدد مدلول عملية الطرح للتداول؟‬
‫القانون الجزائري‪ ،‬فهل يا ترى أشار أو ّ‬
‫ب – عملية الطرح للتداول‬
‫لم ينص المشرع الجزائري في المادة‪140‬مكرر ق م ج بتاتًا على عملية الطرح‬
‫للتداول‪ ، La mise en circulation‬لكن في القانون المتعلّق بحماية المستهلك وقمع‬
‫الغش أشار إلى عملية الوضع لالستهالك‪ ،La mise à la consommation‬التي ال‬
‫تضمنت نفس العناصر إلى‬
‫ّ‬ ‫تماما مع عملية الطرح للتداول‪ّ ،‬إال ّأنه يمكن القول أنها‬
‫تنطبق ً‬
‫عرفت عملية‬ ‫ٍ‬
‫حد ما‪ ،‬فالمادة الثالثة الفقرة الثامنة من القانون رقم ‪ 03-09‬سالف الذكر ّ‬
‫والتخزين و النقل‬ ‫الوضع لالستهالك بأنها‪ ":‬مجموع مراحل اإلنتاج واًلستيراد‬
‫والتوزيع بالجملة و بالتجزئة " وهذا التعريف ال ينطبق مع تعريف المشرع الفرنسي لعملية‬
‫أن العناصر التي تضمنها تعريف عملية الوضع لالستهالك تتضمن‬
‫الطرح للتداول‪ّ ،‬إال ّ‬
‫تخلي المنتج اإلرادي عن المنتوج‪.2‬‬
‫ثالثاا‪ :‬تقدير العيب الموجب للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫يتم وفقًا لهذا‬
‫لقد سلف الذكر أن ركن العيب مرتبط بعنصر السالمة واألمان‪ ،‬فتقديره ّ‬
‫العنصر‪ ،‬فال يكون من منظور شخصي أو عقدي بمعنى األمان والسالمة التي ينتظرها‬
‫يتم تقديرها بمعيار موضوعي أي بالنسبة لما ينتظره الجمهور من‬
‫مشتري المنتوج بل ّ‬
‫المنتوج؛ فالعيب في مضمون القانون رقم‪ 389–98‬هو الصفة الخطرة غير المألوفة‬
‫بالمنتوج‪ ،‬فعند تقدير السالمة واألمان المنتظر شرًعا منه‪ ،‬يجب األخذ في االعتبار كل‬
‫منتظر والوقت‬
‫ًا‬ ‫الظروف السيما‪ :‬عرض المنتوج‪ ،‬االستعمال المعقول الذي يمكن أن يكون‬
‫الذي يطرح فيه للتداول‪ .‬فالمظهر الخارجي والبيانات المذكورة بشأن المنتوج والتحذيرات‬

‫‪1‬‬
‫‪-M. KAHLOULA & G. MEKAMCHA : La protection du consommateur en Droit algérien,‬‬
‫‪(première partie), revue IDARA, vol05, n° 02,1995, p 13.‬‬
‫‪ -2‬أحمــــــــــــــــــــــــــــــــــد معـــــــــــــــــــاشو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪62‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫يمكن أن تؤثر في معرفة الخطر وبالتالي فيما ينتظره الجمهور شرًعا منه من حيث السالمة‬
‫وكذلك طبيعة تكوينه ووظيفته‪ ،‬فصفة العيب ال يكون معترفًا بها ّإال إذا كان الخطر أعلى‬
‫أو أزيد عن الذي يمكن توقعه عادة بالنسبة لمنتوج من هذا النوع‪ .‬كما تلعب لحظة طرح‬
‫يتطور‬
‫ّ‬ ‫المنتوج للتداول أهمية كبيرة في هذا الشأن‪ ،‬ألن ما يتوقعه الجمهور شرًعا منه‬
‫والسيما بسبب التقدم العلمي والتقني‪.1‬‬
‫شدد من مسؤولية المنتج بحيث أن‬
‫ولم يقف المشرع الفرنسي عند هذا الحد‪ ،‬بل ّ‬
‫الالزمة ال يؤثر في تقدير السالمة واألمان اللّذان يمكن‬
‫الحصول عل التصريحات اإلدارية ّ‬
‫انتظارهما شرًعا‪.2‬‬
‫أما المشرع الجزائري فتقدير السالمة المنصوص عليها في القانون‪ 03–09‬سالف‬
‫ّ‬
‫يتم بالنظر إلى الرغبة المشروعة للمستهلك‪ ،‬وهذا ما يفهم منه استبعاد أي تقدير من‬
‫الذكر‪ّ ،‬‬
‫ثم أنه ليس كل‬
‫معيبا أم ال‪ّ ،‬‬
‫طرف المنتج فال يمكن لهذا األخير تحديد ما إذا كان المنتوج ً‬
‫رغبة من المستهلك تؤخذ بعين االعتبار بحيث يستلزم أن تكون مشروعة‪ ،‬ما ينجم عن‬
‫التطور‬
‫ّ‬ ‫مما هو اجتماعي‪ ،‬فينظر إلى حالة‬
‫أن تقدير السالمة له مفهوم تقني أكثر ّ‬
‫ذلك‪ّ :‬‬
‫أن السالمة مقترنة باالستعمال العادي للمنتوج‪ ،‬فيجب مراعاة نوعه وطبيعته‬
‫العلمي و ّ‬
‫وكذا خصائصه‪ ،3‬وبصفة عامة فإن تقدير العيب يكون وفقًا لمعيار موضوعي ال شخصي‪،‬‬
‫تم‬
‫فهي مسألة موضوعية تخضع لتقدير قاضي الموضوع باالعتماد على المعايير التي ّ‬
‫ذكرها‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة و مخاطر التقدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪26‬و‪27‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Art 1386 bis 10 c c f dispose que « Le producteur peut être responsable du défaut alors‬‬
‫‪même que le produit a été fabriqué dans le respect des règles de l’art ou de normes‬‬
‫» ‪existantes ou qu’il a fait l’objet d une autorisation administrative‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-M. KAHLOULA & G. MEKAMCHA : La protection du consommateur en droit algérien,‬‬
‫‪op- cit, p 13.‬‬
‫‪63‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تم سردها إذا ما توفّرت قام ركن العيب الذي ال يكفي لوحده في‬
‫إن العناصر التي ّ‬
‫ّ‬
‫إثارة مسؤولية المنتج ذات الطابع الموضوعي واّنما يستلزم اقترانه بركن الضرر‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ركن الضــــــــرر‬
‫ثمة ضرر لن تقوم‬
‫أساسيا لقيام المسؤولية المدنية‪ ،‬فإذا لم يكن ّ‬
‫ً‬ ‫ركنا‬
‫يعتبر الضرر ً‬
‫هذه األخيرة‪ ،‬وهنا تختلف المسؤولية المدنية عن المسؤولية الجنائية التي يمكن أن تقوم‬
‫بغير ضرر ما‪ ،‬كالشروع في بعض الجرائم معاقب عليه حتى وان لم ينتج عنه ضرر‪ .‬كما‬
‫تختلف المسؤولية المدنية عن المسؤولية األدبية التي هي مسؤولية أمام الضمير‪ ،‬ومن ثم‬
‫تتحقق حتى ولو لم يوجد ضرر أو لم يكن لها مظهر خارجي‪ .1‬وفي إطار المسؤولية‬
‫الموضوعية للمنتج يشترط الضرر لقيامها والمطالبة بالتعويض‪ ،‬ذلك أن التعويض ال يكون‬
‫(أواًل)‬
‫سنبين فيما يأتي من هذا الفرع‪ :‬تعريف الضرر ّ‬
‫ّإال عن ضرر أصاب طالبه ‪ ،‬لذا ّ‬
‫‪2‬‬

‫(ثانيا) وكذا األضرار المشمولة بالتعويض في كل من التشريع الفرنسي وكذا‬


‫أنواعه ا‬
‫الجزائري( ثالثاا)‬
‫ّأواًل‪ :‬تعريف الضرر‬
‫الضرر فقهًا هو األذى الذي يصيب الشخص من جراء المساس بحق من حقوقه أو‬
‫بمصلحة مشروعة له‪ ،‬سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة متعلّقة بسالمة جسمه أو‬
‫قانونا فرغم األهمية التي يحضى بها الضرر في إطار المسؤولية‬
‫ً‬ ‫أما‬
‫بعاطفته أو بماله ‪ّ .‬‬
‫‪3‬‬

‫مانعا ضمن نصوص القانون المدني الجزائري رغم‬


‫جامعا ً‬
‫ً‬ ‫المدنية‪ّ ،‬إال أننا ال نجد له تعريفًا‬
‫وروده في مواقع متفرقة منه‪ 4‬بحيث اكتفت في مجملها باشتراطه لتحقق المسؤولية دون أن‬

‫‪ -1‬زاهية حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -2‬عمـــــــــــر ابــــــــــــــــــــــن الزبير‪ :‬المسؤولية المدنية لمراكز نقل الدم‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع " عقود‬
‫و مسؤولية" كلية الحقوق‪ ،‬جامعة بن يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2002 ،‬ص ‪.82‬‬
‫قدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪ -‬الســـــــــــعيد مـــــــــــــــــــــ ّ‬
‫‪3‬‬

‫عدة مواد‪ ،‬منها نذكر على سبيل المثال‪ 124 :‬إلى ‪140‬‬
‫‪ -‬لقد ورد مصطلح الضرر في القانون المدني الجزائري في ّ‬
‫‪4‬‬

‫ق م ج‪ ،‬و كذا المواد‪ 186 ،185 ،184 ،182 ،177 ،176 :‬ق م ج‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أما قانون حماية المستهلك فنص على ضرورة وضع‬


‫أي منها إلعطاء تعريف له ‪ّ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫يتعرض ٌ‬
‫ّ‬
‫قابال للتسويق‪ ،‬وهو الذي ال ينطوي على نقص ويضمن عدم‬
‫يها ً‬‫سليما نز ً‬
‫ً‬ ‫المنتج منت ًجا‬
‫اإلضرار بصحة وسالمة المستهلك أو بمصالحه المادية والمعنوية‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع الضرر‬
‫ا‬
‫يمكن تقسيم األضرار إلى ثالثة أنواع‪ :‬ضرر مادي(أ)‪ ،‬ضرر أدبي(ب) وضرر‬
‫جسدي(ج)‬
‫أ– الضرر المادي‬
‫الضرر المادي هو المساس بحقوق الشخص المالية بما في ذلك الخسارة المالية‬
‫التي تنجم عن المساس بصحة اإلنسان وسالمة جسمه كاإلصابة التي تعجز الشخص عن‬
‫مساسا‬
‫ً‬ ‫عالجا يكلّف نفقات‪ ،‬وليس ضرورًيا أن يكون‬
‫ً‬ ‫كليا أم جز ًئيا أو تقتضي‬
‫عجز ً‬
‫الكسب ًا‬
‫مساسا بمصلحة مشروعة‪ .3‬ويجب‬
‫ً‬ ‫بحق يحميه القانون بدعوى خاصة‪ ،‬بل يكفي أن يكون‬
‫محقق ـا وأن‬
‫ً‬ ‫توافر شرطين أساسيين في الضرر المادي الموجب للتعويض‪ :‬أن يكون الضرر‬
‫شخصيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫يكون‬
‫مستقبال‪ ،‬بمعنى أن‬
‫ً‬ ‫حاال أو مؤكد الوقوع‬
‫إما ً‬
‫والضرر الذي يستوجب التعويض يكون ّ‬
‫مؤكدا‬
‫ً‬ ‫يكون هناك ضرر وقع بالفعل وان لم يكن الضرر قد تحقق فيكفي أن يصبح وقوعه‬
‫ولو تراخى في المستقبل‪ ،‬لذلك يجب التمييز بين الضرر المستقبلي الذي يستوجب‬
‫التعويض وبين الضرر المحتمل الذي ال يكفي إليجاب التعويض‪ :‬فالضرر المستقبلي‬
‫أما الضرر المحتمل فهو‬
‫ضرر تحقّق سببه وتراخت آثاره كلّها أو بعضها إلى المستقبل ّ‬

‫‪ -1‬عمــــــــــــــر ابـــــــــــــن الزبير‪ :‬المسؤولية المدنية لمراكز نقل الدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ -2‬ويــــــــــــــزة لحراري( شالح)‪ :‬حماية المستهلك في ظل قانون حماية المستهلك و قمع الغش و قانون المنافسة‪ ،‬مذكرة‬
‫لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع " قانون المسؤولية المهنية"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.138‬‬
‫‪ -3‬سليمــــــــــــــــان مرقس‪ :‬الوافي في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪65‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ضرر لم يقع وال يوجد ما يؤ ّكد أنه سيقع وغاية األمر أنه يحتمل وقوعه وعدم وقوعه‪،‬‬
‫وهميا وهو على‬
‫ً‬ ‫قوة وضعفًا وقد تبلغ من الضعف ًّ‬
‫حدا يعتبر‬ ‫وتتفاوت درجة هذا االحتمال ّ‬
‫أي حال ال يكفي لقيام المسؤولية المدنية‪.1‬‬
‫ّ‬
‫شخصيا؛ فيعني ذلك أنه يكون قد أصاب‬
‫ً‬ ‫أما الشرط الثاني وهو أن يكون الضرر‬
‫ّ‬
‫ذمته بسبب الفعل الضار‪ ،‬كما يجوز أن يكون‬
‫الشخص المدعي ونشئ حق التعويض في ّ‬
‫شخصيا لمن ارتد عليه‪ ،‬فالضرر‬
‫ً‬ ‫ضرر‬
‫ًا‬ ‫مرتدا‪ ،2‬إذ يعتبر الضرر المرتد‬
‫ضرر ا‬‫اا‬ ‫هذا الضرر‬
‫يتعرض له شخص دون أن تربطه‬
‫المرتد أو التبعي في حقيقته هو ذلك الضرر الذي ّ‬
‫بالواقعة التي ساهم العمل غير المشروع في تحققها عالقة تكشف عن االرتباط المادي‬
‫المباشر بينهما كنتيجة لما تحدثه الواقعة مصدر الضرر من تأثير مباشر في المركز‬
‫القانوني لضحيتها‪ ،‬قد تتأثر المراكز القانونية لألشخاص الذين تربطهم به عالقات قانونية‬
‫أو واقعية‪ .‬ويفترض الضرر المرتد توافر عوامل ثالثة يستند في قيامه عليها‪ّ :‬أولها أن‬
‫ردة على‬
‫ضررا‪ ،‬ثانيهما أن يكون لهذا الضرر ّ‬
‫ً‬ ‫يكون الفعل قد أوقع في الضحية مباشرة‬
‫شخص آخر تتمثل في ضرر يلحق به‪ ،‬وثالثهما أن يكون قد جمع بين هذا الشخص‬
‫وبين الضحية المباشرة رابطة تجعله يتأثر في ماله أو في كيانه المعنوي بما يحدث‬
‫للمضرور األصلي من نتائج ضارة‪.3‬‬

‫‪ -1‬سليمـــــــــــــــان مرقـس‪ :‬الوافي في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫شخصيا بسبب الضرر‬
‫ً‬ ‫‪ -2‬ينبغي التمييز بين الضرر المرتد و الضرر الموروث‪ :‬فالضرر المرتد هو الذي يصيب الخلف‬
‫الذي أصاب السلف‪ ،‬فحين الضرر الموروث هو الذي ينتقل من السلف إلى الخلف‪ ،‬للتفصيل أكثر راجع‪:‬‬
‫علي علي سليمــان‪ :‬النظرية العامة لاللتزام( مصادر االلتزام في القانون المدني الجزائري)‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1993 ،‬ص‪.186‬‬
‫الملوث‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪-‬عبد الحميد ثـــــــــــــــــــروت‪ :‬األضرار الصحية الناشئة عن الغذاء الفاسد أو ّ‬
‫‪3‬‬

‫‪ ،2007‬ص ‪ ،130‬ينظر كذلك‪:‬‬


‫الشريف بحمــــــــــــــــــــاوي‪ :‬التعويض عن األضرار الجسمانية بين األساس التقليدي للمسؤولية المدنية واألساس الحديث‪،‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪ ،2008 ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪66‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫معنويا‪.1‬‬
‫ً‬ ‫ماديا أو‬
‫ضرر ً‬‫ًا‬ ‫والضرر المرتد قد يكون‬
‫ب– الضرر األدبي والمعنوي‬
‫قد يتمثل الضرر في مصلحة غير مالية‪ ،‬كاألضرار العاطفية أو المتعلّقة بالشرف‬
‫و االعتبار وهو ما يشار إليه بالضرر األدبي أو المعنوي حسب الحالة‪ ،2‬والضرر المعنوي‬
‫يمسه في عاطفته وأحاسيسه كحزنه وألمه‬
‫ذمته المالية‪ ،‬بل ّ‬
‫يمس الشخص في ّ‬
‫هو الذي ال ّ‬
‫جراء وفاة أحد األقارب أو إصابته بتشوهات خلّفت له معاناة نفسية‪ ،‬في حين الضرر‬
‫يمس العاطفة لكن هو مرتبط أكثر بشرف وسمعة الشخص كفقدان‬
‫األدبي هو اآلخر ّ‬
‫إما األلم بذاته‬
‫يعرف بعض الفقه هذا النوع من الضرر بأنه ّ‬
‫المكانة المعروفة بالنزاهة‪ .‬و ّ‬
‫إما‬
‫الناتج عن المساس بتلك المشاعر في المكانة من جراء عمل يأتيه الفاعل‪ ،‬و ّ‬
‫االضطراب الذي يحدثه في كيان اإلنسان و مكانته‪ .3‬ويشترط في كال الضررين ما يشترط‬
‫وشخصيا ولم يسبق تعويضه‪.‬‬
‫ً‬ ‫في الضرر المادي‪ :‬أن يكون محققًا‬
‫ج– الضرر الجسماني‬
‫الضرر الجسماني هو ما يصيب اإلنسان في جسده من إصابات أو عجز أو ما‬
‫تعد من قبيل األضرار الجسدية التي من شأنها وفي ذات الوقت أن‬
‫يؤدي إلى وفاته فكلّها ّ‬
‫تؤدي إلى أضرار مادية تتمثل في العجز عن الكسب أو تحمل نفقات العالج و غيرها‪.4‬‬
‫يؤدي إلى إصابته أو وفاته‪ ،‬كما يرتّب‬
‫أو هو الضرر الذي يصيب اإلنسان في جسمه و ّ‬
‫ار مادية وأدبية للضحية مباشرة أو للغير( الضرر المرتد)‪ 1‬تستوجب التعويض‪.2‬‬
‫أضرًا‬

‫دائما لرب العائلة ما يؤثّر على عمله‪،‬‬


‫عجز ً‬
‫ًا‬ ‫ماديا ومثال ذلك أن يتسبب المنتوج المعيب‬
‫‪ -‬قد يكون الضرر المرتد ً‬
‫‪1‬‬

‫معنويا كاآلالم واألوجاع التي يشعر بها‬


‫ً‬ ‫وبذلك تتضرر الزوجة وكل من يعيلهم الضحية‪ ،‬وقد يكون الضرر المرتد‬
‫جراء عجز معيلهم‪.‬‬ ‫أفراد العائلة من ّ‬
‫‪ -2‬محمد إبراهيم دسوقــــــــــــــي‪ :‬تقدير التعويض بين الخطأ والضرر‪ ،‬مؤسسة الثقافة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬د س ن‪ ،‬ص ‪.464‬‬
‫‪ -3‬زاهية حورية سي يــوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 62‬‬
‫‪ -4‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته الخطرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.204‬‬
‫‪67‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫هذا فيما يتعلّق بأنواع األضرار بصفة عامة لكن هل النظام الجديد المنظّم لمسؤولية‬
‫يعوض عن كل هاته األضرار أم أنه يستثني البعض منها؟‬
‫المنتج ّ‬
‫ثالثاا‪ :‬األضرار في القانون الفرنسي والجزائري‬
‫إن األضرار التي يمكن أن تثير مسؤولية المنتج بصفته كذلك هي تلك األضرار التي‬
‫ّ‬
‫تحدث بسبب المنتجات المعيبة سواء لحقت هذه األضرار باألشخاص أو باألموال‪ ،‬وسواء‬
‫كان المضرور تربطه عالقة عقدية مباشرة مع المنتج أم كان من الغير بالنسبة له‪ .3‬وهذه‬
‫تتنوع بين األ ضرار الجسدية التي تطال جسم اإلنسان أو أضرار معنوية كما يمكن‬
‫األضرار ّ‬
‫تعرض أمواله للضياع أو لالنتقاص‪.‬‬
‫أن ّ‬
‫نص التوجيه األوروبي لسنة‪ 1985‬نجد أنه نص على أن األضرار القابلة للتعويض‬
‫األضرار الماسة باألشخاص واألضرار الماسة باألموال غير المنتوج المعيب ذاته‪ ،‬كما‬
‫موجهة لالستهالك الشخصي‪ ،‬وقام كذلك بتحديد‬
‫اشترط أن تكون األضرار الماسة باألموال ّ‬
‫المقدرة‬
‫المعوض عنها باألخص تلك الناتجة عن الوفاة واألضرار الجسدية و ّ‬
‫ّ‬ ‫سقفًا لألضرار‬
‫بحوالي ‪ 470‬مليون فرنك فرنسي‪ 4‬فحين الضرر المعنوي لم ينص عليه وترك المسألة‬
‫سنوضح اآلن مدى تطابق القانون الفرنسي مع أحكام التوجيه‬
‫ّ‬ ‫للتشريعات الداخلية‪ ،‬و‬
‫األوروبي(أ) وكذا موقف المشرع الجزائري(ب) في هذا الشأن‪:‬‬

‫‪-1‬الشريف بــحمــــــــــاوي‪ :‬التعويض عن األضرار الجسمانية بين األساس التقليدي للمسؤولية المدنية و األساس الحديث‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫ألنه من الصعب إصالح الضرر الجسماني‬
‫‪ -‬و األصح أن نقول تعويض و ليس إصالح بالنسبة لألضرار الجسمانية ّ‬
‫‪2‬‬

‫نقال عن‪:‬‬
‫الميت أو نصلح ر ْجل أو يد بترت‪ً ،‬‬
‫فمن غير الممكن أن نحيي ّ‬
‫الشريف بحمــــــــاوي‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ -3‬مح ّمد شكري سرور‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته الخطرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 10‬و‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Art 16 al 1 de la directive 85/374/ CEE stipule que « Tout état membre peut prévoir que la‬‬
‫‪responsabilité globale du producteur pour les dommages résultant de la mort ou de lésions‬‬
‫‪corporelles et causés par des articles identiques présentant le même défaut est limitée à un‬‬
‫» ‪montant qui ne peut être inférieur à 70 millions d’Ecus‬‬
‫‪68‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أ– األضرار في القانون الفرنسي‬


‫تطبق نصوص هذا الفصل على تعويض‬
‫تنص المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 02‬ق م ف‪ّ " :‬‬
‫أيضا على تعويض األضرار المادية‬
‫تطبق ا‬
‫األض ارر الناجمة عن المساس باألشخاص‪ ،‬و ّ‬
‫يحدده المرسوم‪ ،‬ما عدا المنتوج نفسه "من خالل نص‬
‫التي تفوق قيمتها المبلغ الذي ّ‬
‫هذه المادة نستنتج أن المشرع الفرنسي أقّر بالتعويض عن فئة من األضرار الناجمة عن‬
‫حوادث المنتجات المعيبة(أ) وقام باستبعاد فئة أخرى(ب)‪ ،‬كما قام بالنص على ضرورة‬
‫سيتم التعويض عنها‪.‬‬
‫يحدد قيمة األضرار التي ّ‬
‫صدور مرسوم ّ‬
‫المحدد لكيفية تطبيق‬
‫ّ‬ ‫تم صدور هذا المرسوم في‪ 2005‬تحت رقم ‪113 -2005‬‬
‫ّ‬
‫المعوض‬
‫ّ‬ ‫المادة‪1386‬مكرر‪ 02‬ق م ف فنصت المادة األولى منه على أن قيمة األضرار‬
‫عنها بالنسبة لألضرار المادية بموجب النوع الجديد من المسؤولية يجب أن تفوق قيمة‬
‫‪ 500‬أورو‪.1‬‬
‫المعوض عنها‬
‫ّ‬ ‫‪ –1‬األضرار‬
‫المعوض عنها هي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫بناءا على القانون الفرنسي‪ ،‬فاألضرار‬
‫ً‬
‫‪ -‬األضرار الجسدية‪ :‬إن األضرار الجسدية الناجمة عن عيوب المنتجات هي‬
‫النموذج األمثل لألضرار الواجب تعويضها للمضرورين بموجب المسؤولية الموضوعية‬
‫أي إصابة أو تلف أو عجز يصيب أي عضو‬
‫للمنتج‪ ،‬وهذه األضرار تشمل كل فقد للحياة و ّ‬
‫من أعضاء الجسد‪ ،‬فكل هذه األضرار مشمولة بالتعويض‪ ،‬كما يعتبر من قبيل التعويض‬
‫عن الضرر الجسدي التعويض عن العجز الكلي أو الجزئي‪ ،‬باإلضافة إلى التعويض عن‬
‫عدم القدرة على الكسب والناجمة عن اإلصابات البدنية‪ ،2‬ضف إلى ذلك األضرار المعتبرة‬

‫‪- Décret n° 2005- 113 du 11 février 2005 pris pour l’application de l’article 1386 bis 02 du‬‬
‫‪1‬‬

‫‪code civil J.O.R.F n° 36 du 12 février 2005. Voir : www.legisfrance.Gouv.FR Consulté le‬‬


‫‪09 avril 2014.‬‬
‫‪ -2‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.405‬‬
‫‪69‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫كنتائج مادية أو غير مادية للمساس المباشر بالسالمة الجسدية للشخص والتي ترتب‬
‫الذمة المالية للمضرور كالمصاريف الصحية( العالج و األدوية)‬
‫انتقاص ّ‬
‫المعوض عنها‬
‫ّ‬ ‫– األضرار المعنوية و األدبية‪ :‬أدرج المشرع الفرنسي ضمن األضرار‬
‫األضرار غير المادية بمقتضى المسؤولية الموضوعية للمنتج وهذا ما يتماشى مع هدف‬
‫القانون‪ 389–98‬أال وهو تكريس أكبر حماية ممكنة للضحايا وتعويض شريحة واسعة‬
‫منهم‪ ،‬فيشمل التعويض كل من األضرار األدبية من مساس بالشرف والسمعة وكذا‬
‫مثال‪.1‬‬
‫األضرار المعنوية من حزن واكتئاب عن فقدان أحد األعضاء ً‬
‫‪2‬‬
‫يسميها القانون اإلنجليزي بالخسائر االقتصادية البحتة‬
‫– األضرار المادية‪ :‬والتي ّ‬
‫وهي جميع األضرار التي تفوق قيمتها‪500‬أورو‪ ،‬مثل األضرار التي تلحق بمبنى الشخص‬
‫جراء انفجار قارورة غاز معيبة أو الضرر الذي ينتج عن ضياع جهاز التلفاز إثر التذبذب‬
‫في ضغط الكهرباء إضافة إلى المصاريف التي ينفقها في إصالح ما تضرر‪.3‬‬
‫وسع من‬
‫أن المشرع الفرنسي ّ‬
‫نسجلها في هذا العنصر ّ‬
‫والمالحظة التي يمكن أن ّ‬
‫قصرها على‬
‫المعوض عنها ولم يأخذ بما ذهب إليه التوجيه األوروبي الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫نطاق األضرار‬
‫الماسة باألموال الموجهة لالستهالك الخاص‪ ،‬كما أنه لم يستثن األضرار غير‬
‫ّ‬ ‫األضرار‬
‫المادية كما فعلت التوصية األوروبية‪.‬‬
‫‪ – 2‬األضرار المستثناة من التعويض‬
‫لقد استبعد المشرع الفرنسي من نطاق التعويض في إطار المسؤولية المستحدثة للمنتج‬
‫نوعا من األضرار المادية‪ ،‬وهي األضرار الموجودة بالمنتج المعيب ذاته‪ ،‬فهذه األضرار‬
‫ً‬

‫‪ -1‬قــــــــــــــادة شهــــــــــــــــــــــيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76‬‬


‫نعرف الضرر االقتصادي بأنه ذلك الذي يصيب الذمة المالية للدائن بسبب عدم تنفيذ المدين اللتزاماته‬ ‫‪ -‬يمكن أن ّ‬
‫‪2‬‬

‫أو التأخر عند القيام بها أو تنفيذها بصورة معيبة‪ ،‬و هو ضرر يمكن تقييمه بالنقود‪ .‬ينظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪Christian LARROUMET: Droit civil (les obligations, le contrat), 04 ème édition,‬‬
‫‪ECONOMICA, Paris, 1998, p 669.‬‬
‫‪ -3‬قـــــــــــــــــادة شهــــــــــــــــــيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪70‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫استبعدها صراحة بموجب نص المادة‪1386‬مكرر‪ 02‬ق م ف‪ ،‬وبهذا االستثناء يكون قد‬


‫نص عليه التوجيه األوروبي في نص المادة التاسعة الفقرة الثانية منه‪ ،‬وأخضع هذه‬
‫أخذ بما ّ‬
‫الفئة للقواعد الخاصة بالتعويض عن العيوب الخفية‪.‬‬
‫ب – األضرار في القانون الجزائري‬
‫ينص المشرع الجزائري صراحة عن األضرار المعنية بالتعويض في نطاق‬
‫ّ‬ ‫لم‬
‫المسؤولية الموضوعية للمنتج على غرار النقاط األخرى التي لم يفصل فيها في هذا الشأن‪.‬‬
‫نصت على مسؤولية المنتج عن الضرر الناتج عن عيب في‬
‫فالمادة ‪ 140‬مكرر ق م ج ّ‬
‫تحدد طبيعة هذا الضرر وبالتالي فالتعويض يشمل كل األضرار مهما كانت‬
‫منتوجه‪ ،‬ولم ّ‬
‫طبيعتها‪ :‬جسمانية(‪ )1‬معنوية(‪ )2‬و كذا مادية(‪)3‬‬
‫‪ –1‬األضرار الجسمانية‪ :‬يدخل في نطاق األضرار الجسمانية كل من‪:‬‬
‫‪ -‬عجز المضرور‪ :‬يقصد بالعجز عدم القدرة‪ ،‬و يستعمل هذا المصطلح للداللة‬
‫على فقدان الجسم اإلنساني أحد أعضائه أو جزء منه لمرونته على نحو يمنع المصاب من‬
‫دائما‪.‬‬
‫استخدامه بصفة طبيعية مؤقتًا أو ً‬
‫يتحملها المنتج‪،1‬‬
‫ّ‬ ‫– وفاة المض ـ ــرور‪ :‬إلى جانب المسؤولية الجزائية التي يمكن أن‬
‫فإنه يلتزم بتعويض أهل الضحية عن جميع األضرار المادية التي تلحق بهم من جراء‬
‫فقدهم لمن كان يعيلهم‪.‬‬
‫كما يأخذ حكم التعويض عن الضرر الجسدي التعويض عن مصروفات العالج بكافة‬
‫أنواعه‪ ،‬مثل نفقات األطباء والفحوصات الطبية واإلقامة بالمستشفيات واألدوية ونفقات‬
‫أيضا حكم التعويض عن الضرر‬
‫إعادة التأهيل وغيرها من المصروفات الطبية‪ ،‬كما يأخذ ً‬
‫الجسدي التعويض عن عدم القدرة على الكسب الناجمة عن اإلصابة البدنية‪.2‬‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 83‬من القانون ‪ 03 – 09‬المتعلّق بحماية المستهلك و قمع الغش‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -2‬علـــــــــــــــــــي فتــــــــــــاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.447‬‬
‫‪71‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫‪ –2‬األضرار المعنوية‪ :‬لقد أخذ المشرع الجزائري بالتعويض عن األضرار المعنوية‬


‫‪1‬‬

‫حسب نص المادة‪182‬مكرر ق م ج التي أضافها في ‪ 2005‬في نفس القانون الذي‬


‫أضاف المسؤولية الموضوعية للمنتج بحيث تنص" يشمل التعويض عن الضرر المعنوي‬
‫كل مساس بالحرية أو الشرف أو السمعة "‬
‫تعرف هذه المادة الضرر المعنوي الموجب للتعويض بل اكتفت بتعداد صوره‪،‬‬
‫لم ّ‬
‫و المتمثلة في المساس بحرية المضرور أو سمعته أو شرفه‪ ،‬وفي مجال مسؤولية المنتج‬
‫يمس بحرية المستهلك في اختيار المنتوج الذي يحقق له السالمة والرغبة‬
‫غالبا ما ّ‬
‫الضرر ً‬
‫تتميز األضرار المعنوية بصعوبة تقديرها وبالتالي عند جبرها‪.2‬‬
‫كثير ما ّ‬
‫المشروعة‪ ،‬و ًا‬
‫نميز بين الضرر الذي يلحق جميع أموال ضحية المنتوج‬
‫‪ –3‬األضرار المادية‪ّ :‬‬
‫حد ذاته‪ :‬فالضرر الذي يلحق أموال ضحية‬
‫المعيب والضرر الذي يلحق المنتوج في ّ‬
‫المنتوج المعيب له المطالبة بالتعويض عن كل ضرر يصيب أمواله‪ ،‬فيمكن لصاحب محل‬
‫تجاري احترق بسبب ش اررة كهربائية حصلت نتيجة عيب في جهاز التبريد أن يطالب‬
‫بالتعويض عن جميع األضرار المتمثلة في تلف البضاعة ونفقات الترميم إضافة إلى فقد‬
‫حد ذاته فهذا النوع من‬
‫أما الضرر الذي يلحق المنتوج المعيب في ّ‬
‫العمالء والزبائن‪ّ ،‬‬
‫األضرار تخضع للقواعد العامة المتعلّقة بضمان العيوب الخفية في عقد البيع‪ ،‬وقواعد‬
‫المحدد لشروط وكيفيات‬
‫ّ‬ ‫الضمان المنصوص عليها في المرسوم التنفيذي رقم‪327-13‬‬

‫أن القضاء في الجزائر لم يتأثّر به‬


‫‪ -‬بالرغم من وجود اتجاه فقهي يقضي بعدم التعويض عن الضرر المعنوي‪ّ ،‬إال ّ‬
‫‪1‬‬

‫حيث حكم بالتعويض عنه بالرغم من انعدام النصوص القانونية التي تسمح بذلك كالحكم الصادر عن محكمة سيدي‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫محمد في ‪ 18‬مارس ‪ً ،1979‬‬ ‫ّ‬
‫صفيــــــــــّة بشـــــــــــــــاتن ‪ :‬الحماية القانونية للحياة الخاصة" دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم‬
‫تخصص قانون‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2012 ،‬ص ‪.435‬‬
‫‪ -2‬نوال شعباني( حنين)‪ :‬التزام المتدخل بضمان سالمة المستهلك في ضوء قانون حماية المستهلك و قمع الغش‪،‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع" قانون المسؤولية المهنية "‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪،‬‬
‫تيزي وزو‪ ،2012 ،‬ص ‪.162‬‬
‫‪72‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫وضع ضمان السلع والخدمات حيز التنفيذ‪ ،1‬وبالتالي فهي تخرج عن نطاق مسؤولية المنتج‬
‫المنصوص عليها في المادة‪ 140‬مكرر ق م ج خاصة مع استبقاء المشرع الجزائري‬
‫األحكام المتعلّقة بضمان العيوب الخفية‪.‬‬
‫تم استعماله ألغراض‬
‫كما أنه يتم استبعاد األضرار المالية المترتبة عن منتوج معيب ّ‬
‫تجارية لوجود العديد من األسباب منها‪:‬‬
‫* الهدف من تقرير هذا النوع من المسؤولية هو حماية المستهلك العادي دون‬
‫المهني‪.‬‬
‫البا ما تكون ذات قيمة مرتفعة وبالتالي‬
‫* األضرار التي تلحق بالمهني أو التاجر غ ً‬
‫يستلزم إثبات خطأ المنتج‪.‬‬
‫* األضرار التي تلحق بالمهني أو التاجر ال يمكن توقعها مسبقًا‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫التأمين على المسؤولية بشأنها تحاط بصعوبة التقدير وما تؤدي إليه من رفع قيمة األقساط‬
‫التأمينية على المسؤولية إلى حد كبير‪.2‬‬
‫أما بخصوص الضرر المرتد فإن المشرع الجزائري لم ينص على حكم التعويض‬
‫ّ‬
‫‪3‬‬
‫بشأنه‪ ،‬ولكن ليس هناك ما يمنع القاضي من الحكم به‪.‬‬
‫البد من وجود رابطة بينهما لقيام المسؤولية‪،‬‬
‫إلى جانب توافر ركني العيب والضرر ّ‬
‫تسمى بعالقة‬
‫تد ّل على أن العيب هو الذي تسبب في حدوث الضرر‪ ،‬وهذه الرابطة ّ‬
‫السببية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يحدد شروط وكيفيات وضع ضمان السلع‬
‫‪ -‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 327 -13‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ّ ،2013‬‬
‫والخدمات حيز التنفيذ‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ ،49‬الصادرة في ‪ 02‬أكتوبر‪.2013‬‬
‫‪ -2‬عــــــــــــــــــــــــلي فتــاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.449‬‬
‫‪ -3‬علــي علي سليمان‪ :‬النظرية العامة لاللتزام( مصادر االلتزام في القانون المدني الجزائري)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.188‬‬
‫‪73‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الفرع الثالث‪ :‬عالقة السببية بين العيب والضرر‬


‫إن لعالقة السببية في الوقت الحاضر أهمية كبرى وذلك ألن مجال االلتزامات‬
‫ّ‬
‫المحددة" أي االلتزامات بتحقيق نتيجة" آخذ في االتساع والسببية ركن متفق عليه فهو الركن‬
‫ّ‬
‫الثالث في المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬ومعناها قيام عالقة مباشرة بين العيب والضرر‬
‫محدد لعالقة السببية وذلك‬
‫فعالقة السببية ركن مستقل ‪ ،‬و يالحظ أنه ال يوجد تعريف ّ‬
‫‪1‬‬

‫أدى بالتشريعات الفرنسية والجزائرية وحتى‬


‫مما ّ‬
‫لتعدد النظريات التي ظهرت بشأنها‪ّ ،‬‬
‫نتيجة ّ‬
‫موحد‬
‫التعرض لتعريفها‪ ،‬كما أن القضاء لم يتفق على األخذ بتعريف ّ‬
‫ّ‬ ‫المصرية إلى عدم‬
‫محددة من النظريات( تعدد األسباب‪ ،‬السبب المنتج) بل‬
‫لهذه العالقة وال بتطبيق نظرية ّ‬
‫ترك األمر في غالب األحيان لقاضي الموضوع في هذا المجال‪.‬‬
‫يشترط القانون توافر عالقة السببية لقيام المسؤولية‪ ،‬فإذا انتفت تغيب المسؤولية‪ .2‬وما‬
‫أن العالقة السببية فيها تقوم على أساس نظري‬
‫يالحظ على النوع الجديد من المسؤولية ّ‬
‫حد قول األستاذ‬
‫تماما لما هو معروف في أنواع المسؤولية األخرى‪ ،‬وذلك على ّ‬
‫جديد مغاير ً‬
‫حسن عبد الباسط جميعي إذ أن عالقة السببية في المسؤولية الموضوعية للمنتج مبنية‬
‫ثانيا)‪ ،‬ولع ّل‬
‫(أوًلا) بتوفر عنصرين أساسين مادي ومعنوي( ا‬
‫على نظرية التدخل المادي ّ‬
‫السبب في االعتماد على مثل هذا األساس هو محاولة التيسير في عملية اإلثبات بالنسبة‬
‫تماشيا مع أهداف المسؤولية الالّخطئية للمنتج( ثالثاا)‪.‬‬
‫ً‬ ‫للمضرور‬
‫ّأواًل‪ :‬األساس النظري لعالقة السببية‬
‫تخلى كل من المشرع األوروبي و كذا الفرنسي تخليا عن النظريات التقليدية في‬
‫العالقة السببية منها نظرية السبب المنتج ‪ La causalité adéquate‬وكذا نظرية تكافؤ‬
‫األسباب ‪ L’équivalence de causalité‬ولجئا إلى نظرية جديدة غيرهما‪ .‬وكما هو‬

‫‪ -1‬السعــــــــــــــــيد مقــــــــــــــــــــ ّدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ -2‬زاهية حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫‪74‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫إما تأخذ بنظرية السبب المنتج التي‬


‫معروف فالتشريعات المقارنة في إطار العالقة السببية ّ‬
‫يعتد به‬
‫وضعها الفقيه األلماني فون كريس ‪ VON Kries‬والتي مفادها أن السبب الذي ّ‬
‫الفعال في حدوث الضرر‪ ،1‬أو بنظرية تكافؤ األسباب‬
‫يجب أن يكون هو السبب المباشر و ّ‬
‫التي قال بها الفقيه األلماني ‪ VON Buri‬فون بيري‪ ،‬ومؤداها أن كل الوقائع التي شاركت‬
‫تعد كلها متعادلة من حيث ترتيب المسؤولية‬
‫في إحداث الضرر تؤخذ كسبب لهذه النتيجة‪ ،‬و ّ‬
‫آثار‪.2‬‬
‫على أساس أن كل نشاط إنساني يسبب ال محالة ًا‬
‫انتُقدت كلتا النظريتين‪ ،‬فنظرية السبب المنتج وضعت في االعتبار التوقعات‬
‫أدى إلى نشوء‬
‫تعبر في حقيقة األمر عن التسلسل السببي الذي ّ‬
‫الموضوعية التي قد ال ّ‬
‫أما نظرية تكافؤ األسباب فقد س ّوت بين األسباب التي تضافرت في إحداث‬
‫الضرر‪ّ ،‬‬
‫أسبابا عارضة لو أُخذت مستقلة لما كان من شأنها وحدها‬
‫ً‬ ‫أن منها‬
‫الضرر بالرغم من ّ‬
‫أدى بالبعض من الفقه إلى تقرير نظرية جديدة تقف موقفًا وسطًا‬
‫إحداث الضرر‪ .‬هذا ما ّ‬
‫بين النظريتين السالفتي الذكر وهي نظرية التدخل المادي ‪La théorie de la relativité‬‬
‫‪ 3aquilienne‬التي كانت معروفة في القانون األلماني والسويسري‪ ،‬ويرى أنصار هذه‬
‫النظرية ّأنه ال حاجة إلثبات األسباب في الحاالت التي يمكن تحديد األضرار التي تهدف‬
‫القواعد القانونية إلى ضمان التعويض عنها لذا يكفي إثبات التدخل المادي للشيء في‬

‫سببا في هذا الضرر‪ ،‬و لكن يجب أن يعتد فقط‬


‫‪ -‬بمعنى أن كل الوقائع التي ساهمت في إحداث الضرر ليست ً‬
‫‪1‬‬

‫يميزون بين األسباب العارضة و األسباب‬


‫باألسباب التي تنتج الضرر في الغالب‪ .‬كما أن أنصار هذه النظرية ّ‬
‫األول و يعتبرونها وحدها السبب في إحداث الضرر و لوالها ما وقع‪ ،‬و يقصد‬
‫المنتجة و يقفون عند النوع الثاني دون ّ‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫بالسبب هنا السبب المألوف الذي يحدث الضرر في العادة‪ً ،‬‬
‫السعيـــــــــــــــــــــــــد مقـــــــــــــــــ ّدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫بعيدا‪ ،‬فتعتبره من األسباب التي أحدثته‬
‫تعتد بكل سبب له دخل في إحداث الضرر مهما كان ً‬
‫أن هذه النظرية ّ‬ ‫‪ -‬بمعنى ّ‬
‫‪2‬‬

‫تعد متكافئة و مسؤولة بالتالي على قدم المساواة عن حدوث النتيجة‬


‫تدخلت في إحداث الضرر ّ‬ ‫فجميع األسباب التي ّ‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫طا لحدوثها‪ً ،‬‬ ‫يعد شر ً‬ ‫فكل منها ّ‬
‫السـعــــــــــــــــــــــــــيد مقــــــــــــــ ّدم‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.56‬‬
‫‪ -3‬حسن عبد الباسط جميـعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪75‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫إحداث الضرر حتى يفترض قيام عالقة السببية‪ ،‬وبالتالي قيام المسؤولية عن تعويض‬
‫األضرار التي أراد النص القانوني منع حدوثها أو التعويض عنها في حالة تحققها‪.‬‬
‫أثّرت هذه النظرية على الوسط الفرنسي إذ نجد صداها لحق القضاء الفرنسي في‬
‫بمجرد‬
‫ّ‬ ‫حارسا للتكوين‪ ،‬حيث افترض القضاء عالقة السببية‬
‫ً‬ ‫مجال مسؤولية المنتج بوصفه‬
‫تم تفسيره‬
‫إيجابيا في إحداث الضرر‪ ،‬هذا ما ّ‬
‫ً‬ ‫تدخال ماديا أو‬
‫ً‬ ‫إثبات المضرور لتدخل السلعة‬
‫على ّأنه تمهيد إلصدار قانون مسؤولية المنتج ذات الطابع الخاص‪ 1‬ولكن بالرغم من جعلها‬
‫كأساس لعالقة السببية في نطاق النوع الجديد من مسؤولية المنتج ّإال أنها ليست مطلقة بل‬
‫أوجب المشرع اقتران العنصر المادي بالعنصر المعنوي لقيام عالقة السببية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عناصر قيام عالقة السببية‬
‫ا‬
‫هناك عنصرين أحدهما مادي(أ) وآخر معنوي(ب) بتوافرهما تقوم عالقة السببية‪:‬‬
‫أ– العنصر المادي‬
‫تعيب السلعة‬
‫تتعلّق إقامة مسؤولية المنتج عن عيوب المنتجات‪ ،‬باإلضافة إلى ثبوت ّ‬
‫بضرورة إقامة الدليل على وجود ذلك العيب قبل إطالق المنتوج في التداول بإرادة المنتج‪،‬‬
‫فبحسب األصل يلزم المضرور أن يقيم الدليل على الوقت الذي ظهر فيه العيب إلثبات أن‬
‫تعيب المنتوج واطالقه اإلرادي في التداول هو السبب في إحداث الضرر خاصة أمام‬
‫صعوبة تقديم المضرور الدليل على وجود العيب وعالقة السببية‪ .‬ولقد ذهب األستاذ‬
‫ريفل ‪ Rivel‬إلى أن األمر في مثل هذا الفرض يتعلّق بقرينة قانونية بسيطة‪ ،‬مضمونها أن‬
‫السلعة المتسبب ة في الضرر معيبة منذ إنتاجها‪ ،‬وهو ما يخفف من أثر االفتراض ويجعله‬
‫المتميز للنوع الخاص من المسؤولية‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫مقبوًال في صدد هذا التنظيم‬

‫‪ -1‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ -2‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.214‬‬
‫‪76‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫نظر لعدم وجود ما يدعوا إلى‬


‫وفي المقابل ذهب بعض الفقه إلى انتقاد هذه القرينة ًا‬
‫خصوصا وأن‬
‫ً‬ ‫افتراض أن عيب السلعة يوجد منذ وقت سابق على طرحها للتداول‪،‬‬
‫ملزما بإثبات العيب الداخلي في الشيء‪ ،‬باإلضافة إلى أن هذه القرينة تبدو‬
‫المضرور ليس ً‬
‫مرت سنوات طويلة على طرحها للتداول‪.1‬‬
‫غير منطقية بالنسبة للمنتجات التي ّ‬
‫ب– العنصر المعنوي‬
‫يعتبر ثبوت إطالق المنتجات في التداول بإرادة المنتج بمثابة العنصر المعنوي الذي‬
‫تقوم على أساسه عالقة السببية بين الضرر وعيب السلعة‪ ،‬وبالنظر إلى صعوبة إثبات هذا‬
‫العنصر المعنوي بل استحالته في بعض األحيان لتعلّقه بعوامل نفسية خاصة بالمنتج‪،‬‬
‫باإلضافة إلى صعوبة حصول المضرور على الوثائق الموجودة تحت يد المسؤول والتي قد‬
‫تفيد في هذا اإلثبات‪ ،‬افترض القانون المدني الفرنسي أن المنتجات أطلقت للتداول بإرادة‬
‫بمجرد تخليه عن حيازتها‪ ،‬وتحقيقًا للتوازن في العالقة بين المنتج والمضرور‪ ،‬فإن‬
‫ّ‬ ‫المنتج‬
‫هذه القرينة ليست بمطلقة واّنما هي قرينة بسيطة تؤدي إلى قلب عبء اإلثبات‪ ،‬فالمنتج‬
‫مثال يستطيع استبعاد أثرها‬
‫يستطيع أن يثبت عكس ما ورد بهذه القرينة بكافة الطرق‪ً ،‬‬
‫باستخدام الحدود التي قررها المشرع لهذا النوع من المسؤولية كإثباته أن اإلطالق في‬
‫التداول لم يقصد به تحقيق الربح وغيرها من طرق نفي المسؤولية الموضوعية للمنتج‪.2‬‬
‫ثالثاا‪ :‬عبء إثبات عالقة السببية‬
‫البينة على من ادعى‪ ،‬وأن األصل براءة‬
‫أن‪ّ " :‬‬
‫القاعدة الشرعية المعروفة تقضي ب ّ‬
‫الذمة و على من يدعي شغلها اإلثبات" مفاد ذلك ّأنه على المطالب بالتعويض أن يقيم‬
‫ّ‬
‫لما كان األمر يتعلّق بواقعة مادية فإنه يجوز إثباتها‬
‫الدليل على الضرر الذي أصابه‪ ،‬و ّ‬
‫بكافة الطرق‪ .‬كما يجب إثبات حجم الضرر الذي وقع مداه‪ ،‬واذا كانت اإلصابة لم تستقر‬

‫‪ -1‬حسن عبد الباسط جميـعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.215‬‬
‫‪ -2‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪77‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫بعد فإنه ال يكفي إثبات حدوث اإلصابة‪ ،‬بل يجب االنتظار للوقوف على الشفاء ذلك أن‬
‫المضرور يطالب بتعويض نهائي‪ ،‬ولكن من الممكن أن يطالب بتعويض مؤقت إذا كان‬
‫أمر الضرر لن يستقر ّإال بعد سنوات وعند استق ارره يمكن طلب التعويض النهائي‪.1‬‬
‫تطبق‬
‫فإذا كان هذا الوضع هو المعروف وفقًا للقواعد العامة للمسؤولية المدنية‪ ،‬فهل ّ‬
‫نفس القواعد على المسؤولية الموضوعية للمنتج؟‬
‫تنص المادة ‪1386‬مكرر‪ 09‬ق م ف على أنه‪ ":‬يجب على المدعي أن يثبت‬
‫الضرر‪ ،‬العيب و عالقة السببية بين العيب و الضرر " فهذه المادة تحمل عبء إثبات‬
‫المدعي‪ ،‬فيبدو من الوهلة األولى‬
‫عالقة السببية وباقي أركان المسؤولية الموضوعية على ّ‬
‫عسير في حق المضرور ليس فيما يتعلّق بإثبات الضرر ولكن على‬
‫ًا‬ ‫أمر‬
‫أن ذلك يعتبر ًا‬
‫أن‬
‫األقل فيما يتعلّق بإثبات عيب السالمة وعالقة السببية بين العيب والضرر الحاصل‪ّ ،‬إال ّ‬
‫هذا العبء سرعان ما خفّف عنه فإذا كان يجب على المضرور أن يثبت الضرر فإنه ليس‬
‫ودا وقت عرض المنتوج للتداول‪ ،‬ويستنتج هذا التخفيف‬
‫له أن يثبت أن هذا العيب كان موج ً‬
‫بمفهوم المخالفة لنص المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 11‬ق م ف التي تعفي المنتج من إثبات أن‬
‫موجودا وقت عرض المنتوج للتداول‪ ،2‬وهو نفس ما نصت عليه التعليمة‬
‫ً‬ ‫العيب لم يكن‬
‫األوروبية رقم ‪ 374/85‬لسنة ‪ 1985‬في مادتها السابعة‪.3‬‬
‫يحدد الطرف الذي يقع عليه عبء‬
‫أما بشأن المشرع الجزائري فكما سلف الذكر لم ّ‬
‫ّ‬
‫اإلثبات في النظام المستحدث لمسؤولية المنتج‪ ،‬ما يستلزم تطبيق القواعد العامة في هذا‬

‫األول‪ ،‬المكتب الدولي للموسوعات‬


‫‪ -‬عبد الحكم فـوده‪ :‬موسوعة التعويضات المدنية( نظرية التعويض المدني)‪ ،‬الجزء ّ‬
‫‪1‬‬

‫القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص ‪.26‬‬


‫‪ -2‬محمد بودالــــــي‪ :‬مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ -3‬إذ جاء نص المادة على النحو التالي‪:‬‬
‫‪« Le producteur n’est pas responsable en application de la présente directive s’il prouve :‬‬
‫‪b/ que, compte tenu des circonstances : il ya lieu d’estimer que le défaut ayant causé le‬‬
‫‪dommage n’existait pas au moment ou le produit à été mis en circulation par lui ou que ce‬‬
‫» ‪défaut est née postérieurement‬‬

‫‪78‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫تحديدا نص المادة ‪ 323‬ق م ج التي تقضي بأن عبء اإلثبات يقع على الدائن‪،‬‬
‫ً‬ ‫الشأن‪،‬‬
‫الهين عليه‪.‬‬
‫بمعنى المضرور‪ ،‬وهذا ليس باألمر ّ‬
‫بالرغم من التسهيالت الممنوحة للمضرور ّإال ّأنها تبقى غير مسعفة لوحدها لتبيان‬
‫حلقة معيوبية المنتوج المولّد للضرر والمفضي للمسؤولية‪ ،‬بالنظر لمستوى التقنيات العالية‬
‫وتعدد وتداخل العمليات التصنيعية المساهمة في إنتاجه‬
‫المستعملة في المنتجات الصناعية‪ّ ،‬‬
‫هذا ما يدفع لضرورة االستعانة بالخبرة التي هي معاينة يجريها أشخاص ذوو خبرة ودراية‬
‫معينة بتكليف من القاضي للتوصل إلى معلومات ضرورية لحسم النزاع‪ ،‬وذلك‬
‫في مسائل ّ‬
‫بتبيان وجود العيب في المنتوج أو تحديد نوع األضرار‪ ،‬وكذا ما إذا كان الضرر نتيجة‬
‫خصت‬
‫مباشرة لتعيب المنتوج ‪ ،‬لذا نجد التشريعات المقارنة بما فيها التشريع الجزائري قد ّ‬
‫‪1‬‬

‫نظر ألهميته خاصة في مجال االستهالك والحوادث‬


‫نصوصا قانونية تنظم هذا اإلجراء ًا‬
‫ً‬
‫الناجمة عنه جراء المنتجات المعيبة‪ ،‬وذلك بتحديد األشخاص المؤهلين للقيام بهذه العملية‬
‫فمثال‬
‫الالزم إتباعها‪ً ،‬‬
‫والّذين بإمكانهم اقتطاع العينات بهدف إجراء التجارب وكذا اإلجراءات ّ‬
‫نص على إجراء الخبرة في قانون حماية المستهلك وقمع الغش بالمواد ‪ 43‬إلى غاية‬
‫تم ال ّ‬
‫ّ‬
‫المادة ‪ 52‬منه‪ ،‬باإلضافة إلى نصوص قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية بالضبط من‬
‫المادة ‪ 125‬إلى المادة ‪ 156‬ق إ م إ‪ ، 2‬وما يالحظ على نص المادة ‪ 144‬منه ّأنها لم‬
‫تلزم القاضي باألخذ برأي الخبير ّإال أن الواقع يؤكد على حرص القضاة وتأكيدهم على‬
‫ضرورة إجراء الخبرة واإلشارة إلى تقاريرها عند تسبيب أحكامهم‪.‬‬
‫التطور التقني‬
‫ّ‬ ‫المتقدمة تحاول االستفادة من‬
‫ّ‬ ‫أن الدول‬
‫في هذا المجال نالحظ ّ‬
‫والمعلوماتي في مسائل اإلثبات‪ ،‬بداية من األدلة االلكترونية وانتهاء بظهور مفهوم تتبع‬
‫األثر ‪ La traçabilité‬الذي من شأنه المساعدة في تقديم معلومات متسلسلة وكاملة عن‬

‫‪ -1‬قـــــادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.248‬‬


‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 09 – 08‬مؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ ،2008‬يتضمن قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪21‬‬
‫الصادرة في ‪ 23‬أفريل ‪.2008‬‬
‫‪79‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫المنتوج في مختلف مراحل التصنيع واإلنتاج‪ ،‬خاصة في صناعة اللّحوم باإلضافة إلى‬
‫استخدام تقنية الحمض األميني ‪ A D N‬الذي يساهم في منح الدالئل البيولوجية للتدليل‬
‫على أصل الحيوان‪ ،‬فمثل هذه التقنيات من شأنها حماية المضرور من المنتجات المعيبة‪.1‬‬
‫من هنا تظهر فعالية أحكام المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬ألن المضرور يعفى من‬
‫إثبات قدم العيب ويكفيه إثبات أن الشيء ال يستجيب للسالمة المرغوبة شرًعا وأن ذلك كان‬
‫سببا لوقوع الضرر‪ .2‬باإلضافة إلى استفادة المضرور من إجراء الخبرة الذي يسهّل عملية‬
‫ً‬
‫سبب حدوث الضرر‪.‬‬
‫اإلثبات خاصة في تبيان معيوبية المنتوج الذي ّ‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫متطورة لم‬
‫ّ‬ ‫أدى التقدم الصناعي والتكنولوجي إلى ظهور منتجات معقّدة ذات تقنية‬
‫ّ‬
‫تطور وسائل الدعاية‬
‫تكن موجودة من قبل‪ ،‬والى زيادة اإلقبال على استهالكها نتيجة ّ‬
‫واإلعالن‪ ،‬وكانت قد حقّقت وال زالت تحقق المتعة والرفاهية لمستعمليها‪ ،‬إالّ أنها في الوقت‬
‫ار بليغة عند استهالكها دون أن يبالي بجسامة األخطار التي قد تهدده‬
‫سببت له أضرًا‬
‫نفسه ّ‬
‫في سالمة جسده وممتلكاته‪ .3‬فمن هذا المنطلق برزت أهمية استحداث المسؤولية‬
‫متمي ًاز مقارنة باألنظمة التقليدية‬
‫نظاما ّ‬
‫ً‬ ‫الموضوعية للمنتج التي تتمتّع بخصوصيات تجعلها‬
‫في هذا المجال ومن أبرز هذه الخصوصيات نجد التوسيع من نطاقها سواء من حيث‬
‫األول) أو من حيث الموضوع( الفرع الثاني) باعتباره الوسيلة الوحيدة‬
‫األشخاص( الفرع ّ‬
‫المثلى للضحايا في زمن التكنولوجيا‪.‬‬
‫التي من شأنها تكريس الحماية ُ‬

‫‪ -1‬قـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادة شهيــــــــــــــــــــــدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.252‬‬


‫‪ -2‬محــــــــــــــــــــــــــــــــــمد بودالـــــــــــــــــــــــي‪ :‬مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫قدمت في ملتقى‬
‫‪ -‬زاهية حورية سي يوسف( كجار)‪ ":‬االلتزام باإلفضاء عنصر من ضمان سالمة المستهلك"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫‪3‬‬

‫وطني حول المنافسة و حماية المستهلك المنعقد بجامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬يومي ‪ 17‬و ‪ 18‬نوفمبر ‪،2009‬‬
‫ص ‪.65‬‬
‫‪80‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫األول‪ :‬نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج من حيث األشخاص‬


‫الفرع ّ‬
‫يتحدد نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج من حيث األشخاص بتحديد الشخص‬
‫ثانيا)‬
‫المطالب بالتعويض وهو المتضرر( ا‬
‫المسؤول وهو المنتج( ّأواًل) وكذا الشخص ُ‬
‫ّأواًل‪ :‬المنتج( المسؤول)‬
‫المنتج عامة هو المنتج النهائي للسلعة بحالتها التي طُرحت بها لالستعمال حتى‬
‫و لو لم يكن قد صنع كل أجزائها‪ ،‬فالمنتج الذي يجب أن يؤخذ في االعتبار هو المنتج‬
‫يعرفه الفقيه‬
‫النهائي للسلعة بالحالة التي وصلت بها إلى يد المستهلك أو المستعمل ‪ .‬و ّ‬
‫‪1‬‬

‫اإليطالي كري از فولي ‪ Crisa FULLI‬بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي ينتج أو يصنع‬
‫أما بالنسبة للتوجيه‬
‫المعدة الستعمال الغير ‪ّ .‬‬
‫‪2‬‬
‫ّ‬ ‫متطورة ًّأيا كانت طبيعتها‬
‫ّ‬ ‫أشياء‬
‫ً‬ ‫أو يقيم‬
‫عرفه في المادة الثالثة‪ " :‬صانع السلعة في شكلها النهائي‪ ،‬وصانع المادة‬
‫األوروبي فقد ّ‬
‫يقدم نفسه كصانع بأن يضع اسمه أو‬
‫يتكون منها‪ ،‬وكل شخص ّ‬
‫األولية واألج ازء التي ّ‬
‫‪3‬‬
‫مميزة له"‬
‫عالمته التجارية أو ّأية عالمة أخرى ّ‬
‫سنبين فيما يلي المنتج في كال من القانونين الفرنسي(أ) و الجزائري(ب)‪:‬‬
‫و ّ‬
‫أ‪ -‬المنتج في القانون الفرنسي‬
‫لم تكن أدبيات القانون الفرنسي تعرف مصطلح المنتج إلى غاية استعمال األستاذ‬
‫‪ Henri MAZEAUD‬مصطلح البائع الصانع ‪ ،Vendeur fabricant‬كما كان‬
‫البعض يفضلون استعمال مصطلح مسؤولية الصانع ‪Responsabilité du fabricant‬‬

‫‪ -1‬محمـــــــــــــــــــد شكري سرور‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته الخطرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -2‬زاهية حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Art 03 de la directive 85/374/ CEE stipule que : « Le terme producteur désigne le‬‬
‫‪fabricant d’un produit fini, le producteur d’une matière première ou le fabricant d’une‬‬
‫‪partie composante, et toute qui se présente comme producteur en apposant sur le produit‬‬
‫» ‪son nom, sa marque ou un autre signe distinctif‬‬
‫‪81‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أو مصطلح المهني أو المحترف ‪ Responsabilité du professionnel‬وذلك في مجال‬


‫المسؤولية‪ ،‬وبعد صدور القانون رقم ‪ 389–98‬أصبح يستعمل مصطلح المنتج‪،‬‬
‫فرق بين من أسماهم بالمنتجين‬
‫ما يالحظ عند تعريف المشرع الفرنسي للمنتج ّ‬
‫الحقيقيين(‪ )1‬واألشخاص الّذين يأخذون حكم المنتج(‪)2‬‬
‫‪ -1‬المنتجين الحقيقيين‬
‫منتجا من عمل بصفة مهنية أو حرفية‪ :‬الصانع النهائي للمنتوج‪ ،‬منتج‬
‫ً‬ ‫يعتبر‬
‫المادة األولية والصانع لبعض األجزاء انطالقًا من اعتباره الطرف الرئيسي في العملية‬
‫تحمل أضرار المنتجات‪ ،‬وفي هذه الحالة فإن‬
‫در على ّ‬
‫مما يؤهله ألن يكون قا ًا‬
‫اإلنتاجية‪ّ ،‬‬
‫مباشر تثار مسؤوليته‪.‬‬
‫ًا‬ ‫المادة‪ 1386‬مكرر‪ 1/6‬ق م ف ذهبت العتباره مسؤوًال‬
‫‪Les‬‬ ‫والظاهر أن المادة رّكزت على عرض طائفة ما يعرف بمحض المنتجين‬
‫‪ ،producteurs proprement dite‬ودعتهم بالمساهمين الرئيسيين في إنتاج السلعة‪،‬‬
‫المكونة للمنتوج والصانع النهائي للمنتوج باإلضافة إلى منتج‬
‫ّ‬ ‫بداية من الصانع لألجزاء‬
‫المواد األولية بما فيها المواد الزراعية التي كانت من قبل تخرج عن دائرة التنظيم‪.1‬‬
‫‪ -2‬األشخاص اللّذين يأخذون حكم المنتج ‪Les personnes assimilés‬‬
‫طبقًا لنص المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 06‬الفقرة الثانية والمادة ‪ 1386‬مكرر‪ 07‬ق م ف‬
‫يشمل األشخاص الذين يأخذون حكم المنتج الفئات التالية هم‪:‬‬
‫مميزة على‬
‫‪ -‬كل مهني وضع اسمه أو عالمته التجارية أو ّأية عالمة أخرى ّ‬
‫المنتوج‪،‬‬
‫منتوجا بقصد البيع‪ ،‬اإليجار‪ ،‬مع وعد‬
‫ً‬ ‫– كل مهني استورد في االتحاد األوروبي‬
‫منتوجا تحت أي شكل آخر من أشكال‬
‫ً‬ ‫بالبيع أو بدونه أو كل من استورد في االتحاد‬
‫التوزيع‪،‬‬

‫‪ -1‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬


‫‪82‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫مورد مهني والمؤجر المهني باستثناء المؤجر بقرض أو من‬


‫– البائع المهني‪ ،‬وكل ّ‬
‫مهنيا‪ ،‬فالمؤجر بالقرض‬
‫ً‬ ‫موردا‬
‫ً‬ ‫يماثله‪ ،‬فالمشرع لم يعتبر المؤجر بالقرض أو من يماثله‬
‫تمول بالمال وال تورده‪.‬‬
‫على عكس من ينتج لكي يؤجر ليس ّإال مؤسسة ائتمان والتي ّ‬
‫مورد مهني‪ ،‬واذا كانت المادة‬
‫مفاد ذلك أن المسؤولية الموضوعية تقوم على كل ّ‬
‫للمورد المهني بأن يتخلّص من‬
‫ّ‬ ‫‪ 2/3‬من التوجيه األوروبي لسنة ‪ 1985‬قد أعطت الحق‬
‫مسؤوليته بالكشف عن اسم المنتج أو المستورد في آجال معقولة فإن المشرع الفرنسي لم‬
‫استنادا إلى أنه في النظام القضائي الفرنسي تقوم مسؤولية كل المتداخلين في‬
‫ً‬ ‫يسلم بذلك‪،‬‬
‫للمورد األخير أن يرجع على من استورد منه أو على المنتج‬
‫ّ‬ ‫سلسلة التوزيع للمنتوج ويكون‬
‫اجعا إليهم‪ ،‬وقد سلّم المشرع الفرنسي في المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 07‬ق م ف‬
‫إذا كان العيب ر ً‬
‫مؤسسا على المسؤولية المنصوص عليها في المادة‪ 1386‬مكرر ‪01‬‬
‫ً‬ ‫بأن هذا الرجوع يكون‬
‫إلى المادة‪ 1386‬مكرر‪ 18‬ق م ف‪ ،‬على عكس الرجوع بين المنتجين فيما بينهم‪ ،‬أي‬
‫المشار إليهم في المادة‪ 1386‬مكرر‪ 08‬ق م ف حيث يكون رجوعهم طبقًا للقواعد العامة‪.1‬‬
‫قام المشرع الفرنسي بإجراء تعديل على نصوص القانون المدني فأصبحت المادة‬
‫يتبين هذا األمر من خالل‬
‫‪ 1386‬مكرر‪ 07‬تتماشى مع المادة ‪ 03‬من التوجيه األوروبي‪ ،‬و ّ‬
‫المعدلة بموجب المادة الثانية من قانون ‪ 05‬أفريل ‪ 2006‬التي‬
‫ّ‬ ‫نص المادة السالفة الذكر‬
‫تقضي بأنه في حالة عدم إمكانية معرفة المنتج‪ ،‬البائع أو المؤجر باستثناء المؤجر بالقرض‬
‫أو من يماثله يكونون مسؤولين عن أضرار المنتجات المعيبة ّإال في حالة قيام أحدهم‬
‫المورد أو المنتج في أجل ثالثة أشهر من تاريخ مطالبة الضحية‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫بتبيان اسم‬
‫الضيق أو من يعتبر كمنتج‪ ،‬فإن المسؤولية‬
‫ّ‬ ‫و بالتالي إذا تعلّق األمر بالمنتج بالمعنى‬
‫الموضوعية ال تقوم ّإال على شخص مهني في ممارسة وظيفته‪.3‬‬

‫‪ -1‬محمود السيد عبد المعطي خـيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة و مخاطر التقدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Www.JURISQUES.Com/jfs 23.htm Consulté le 12 mai 2014.‬‬
‫‪ -3‬محمود السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة و مخاطر التقدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪83‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أما بخصوص األشخاص المهنيين الّذين استثناهم القانون في مجال تطبيقه فهم‪:‬‬
‫ّ‬
‫األشخاص الّذين باإلمكان إثارة مسؤوليتهم بالتأسيس على المواد‪ 1792‬إلى المادة ‪1792‬‬
‫المشيد‬
‫ّ‬ ‫مكرر‪ 06‬والمادة ‪ 1646‬مكرر‪ 01‬ق م ف‪ ،‬والتي هي معنية بتنظيم مسؤولية‬
‫أن هذا الحضر مرده‬
‫المعماري والبائعين للعقارات والخاضعين للمسؤولية العشرية‪ ،‬وال شك ّ‬
‫معا‪.‬‬
‫لوجود نظام قانوني خاص بهؤالء المهنيين‪ ،‬ومن الصعب إخضاعهم للنظامين ً‬
‫مطبق على الصانعين للعناصر التي من شأنها إثارة المسؤولية‬
‫ّ‬ ‫ونفس الحكم‬
‫التضامنية حسب المادة‪ 1792‬ق م ف‪ ،‬ولكن هذا الحكم ال يسري على باقي الصانعين‬
‫للمواد المدمجة في البناء وهذا بنص صريح من المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 02‬ق م ف‪.1‬‬
‫رّبما يثار إشكال حول أشخاص القانون العام ما إذا كانت مشمولة في نطاق‬
‫المسؤولية الموضوعية‪ :‬بالنظر إلى صياغة المادة‪ 1386‬مكرر ‪ 06‬ق م ف باستعمالها‬
‫منتجا‪.2‬‬
‫لمصطلح" كل شخص" فبهذه الصياغة ال يوجد ما يمنع من أن تكون اإلدارة ً‬
‫يشمل مصطلح المنتج في القانون المدني الفرنسي األشخاص الخاصة الطبيعية‬
‫و المعنوية وكذا األشخاص المعنوية العامة سواء كانت مرافق عامة إدارية كالحاالت التي‬
‫تبيع إدارة الحرس الجمهوري أحصنة‪ ،‬أو مرافق عامة صناعية أو تجارية مثل المركز الذي‬
‫تسببت في إلحاق أضرار بالغير‪.‬‬
‫ملوثة ّ‬
‫لكنه أنتج مياه ّ‬
‫يقوم بمعالجة المياه لتوجيهها للشرب ّ‬
‫عدة خيارات للمتضرر بالنظر لتعدد المسؤولين الّذين‬
‫كما نالحظ أن المشرع الفرنسي منح ّ‬
‫باإلمكان الرجوع عليهم‪.3‬‬

‫‪ -1‬قــادة شهـــيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬


‫‪ -2‬قـادة شهــيـدة‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ ،54‬ينظر كذلك‪:‬‬
‫‪Jean CALAIS- AULOY & Frank STEINMETZ : Droit de la consommation, 6 ème édition,‬‬
‫‪Dalloz, Paris, 2003, p04.‬‬
‫‪ -3‬منى عولمي‪ :‬مسؤولية المنتج في ظل تعديل القانون المدني‪ ،‬مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2006 ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪84‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ب‪ -‬المنتج في القانون الجزائري‬


‫بالرغم من نص المشرع الجزائري على مسؤولية المنتج في القانون المدني‪ّ ،‬إال أنه لم‬
‫يعرف لنا هذا المسؤول عن فعل المنتجات المعيبة‪ ،‬وهذا ما يعاب على نص المادة‪140‬‬
‫ّ‬
‫يتحمل‬
‫ّ‬ ‫النص على مسؤولية ما يجب تحديد الشخص المسؤول الذي‬
‫مكرر ق م ج‪ ،‬فقبل ّ‬
‫المسؤولية‪ .‬وعلى عكس القانون المدني‪ ،‬نجد بعض النصوص القانونية الخاصة التي‬
‫أشارت إلى تعريف المنتج‪ّ ،‬إال أنه ما يالحظ عليها هو عدم استعمالها لهذا المصطلح‪،‬‬
‫يسمى‪ :‬مهني أو محترف أو عون اقتصادي حسب طبيعة كل قانون والجانب الذي تناولته‬
‫ف ّ‬
‫نصوصه‪ ،‬وبالتالي سنعرض بعض هذه النصوص القانونية الخاصة‪:‬‬
‫تنص المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 266–90‬المتعلّق بضمان المنتجات‬
‫والخدمات الملغى" المحترف هو منتج‪ ،‬أو صانع أو وسيط أو حرفي أو تاجر أو مستورد‬
‫موزع وعلى العموم كل متدخل ضمن إطار مهنته‪ ،‬في عملية عرض المنتوج أو‬
‫أو ّ‬
‫الخدمة لالستهالك"‬
‫المادة ‪ 01/03‬من القانون رقم ‪ 02–04‬تنص‪ " :‬العون اًلقتصادي هو منتج أو‬
‫مقدم خدمات اأيا كانت صفته القانونية يمارس نشاطه في اإلطار‬
‫تاجر أو حرفي أو ّ‬
‫‪1‬‬
‫تأسس من أجلها"‬
‫المهني العادي أو بقصد تحقيق الغاية التي ّ‬
‫عدة أشخاص تبدأ من ّأول‬
‫وعليه نجد أن المسؤول عن فعل المنتجات المعيبة هم ّ‬
‫منتج للمادة األولية إلى غاية البائع النهائي للمنتوج‪ ،‬بشرط أن يقوم بهذه العملية لحاجاته‬
‫المهنية أي بصفته محترفًا‪ ،‬وبهذا يكون المنتج هو كل شخص يتولّى عرض المنتوج‬
‫لالستهالك‪.‬‬

‫المطبقة على الممارسات التجارية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪41‬‬


‫ّ‬ ‫يحدد القواعد‬
‫‪ -‬قانون رقم ‪ 02 – 04‬مؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ّ ،2004‬‬
‫‪1‬‬

‫المتمم بالقانون رقم ‪ 06 – 10‬المؤرخ في ‪ 15‬غشت ‪ ،2010‬ج‪.‬ر‪.‬ع‬


‫المعدل و ّ‬
‫ّ‬ ‫الصادرة في ‪ 27‬يونيو ‪،2004‬‬
‫‪ 46‬الصادرة في ‪ 18‬غشت ‪.2010‬‬
‫‪85‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫يصعب على‬
‫ّ‬ ‫إن عدم تعريف المشرع الجزائري للمنتج في القانون المدني من شأنه أن‬
‫ّ‬
‫المضرور الرجوع على المسؤول بالتأسيس على أحكام المسؤولية المستحدثة‪ ،‬فالمشرع لم‬
‫يميز ما إذا كان منتج الكل أم الجزء أم الشخص الذي يقوم بعملية التركيب لجعل المنتوج‬
‫ّ‬
‫منتجا وبالتالي يكون مسؤوًال؟ خاصة مع العلم‬
‫نهائيا‪ ،‬باإلضافة إلى المستورد‪ ،‬فهل يعتبر ً‬
‫ً‬
‫متدخال‪ ،‬وبالتالي تقوم مسؤوليته وفقًا لقانون حماية‬
‫ً‬ ‫أن القانون رقم ‪ 03–09‬اعتبر المستورد‬
‫المستهلك وقمع الغش الذي تناول فقط العقوبات ذات الطابع الجزائي دون التعويض‪،‬‬
‫منتجا‪.1‬‬
‫فالمستورد متدخل وليس ً‬
‫قصرت المسؤولية عن حوادث المنتجات المعيبة‬
‫ويمكن القول أن المادة ‪ 140‬مكرر ّ‬
‫ضيق دون باقي المتدخلين في عملية طرح المنتوج لالستهالك‬
‫على المنتج فقط من جانب ّ‬
‫أن الموزع يمكن أن‬
‫الموزع‪ ،‬وهذا ما يعاب عليه خاصة ونحن نعرف ّ‬
‫ّ‬ ‫بما فيهم المورد و‬
‫يكون المتسبب في حدوث الضرر‪ ،‬كما أن الهدف األساسي من استحداث هذه المسؤولية‬
‫هو كفالة حق المتضررين من حوادث المنتجات المعيبة في زمن كثرت فيه مثل هذه‬
‫األخيرة في الجزائر‪ 2‬ويبقى للقضاء الجزائري اإلمكانية في التوسيع من تحديد الفئة المنتجة‬
‫معين‪ ،‬وفي هذا الصدد يمكن لنا أن نعود إلى القانون‬
‫على أساس عدم تقييدهم بتعريف ّ‬
‫عرف المنتج‪ ،‬وجاء بتعريف واسع للمنتج وأدرج‬
‫المتعلّق بالرسم على القيمة المضافة الذي ّ‬

‫‪ -1‬زاهية حورية سي يوسف( كجار)‪ :‬المسؤولية عن المنتوج المعيب( تعليق على المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج)‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫التسممات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سببت في العديد من‬
‫‪ -‬تعرضت الجزائر للعديد من حوادث المنتجات المعيبة خاصة المنتجات الغذائية التي ّ‬
‫‪2‬‬

‫تسمم الزال يتذكره الجزائريون هو ذلك الذي حدث في مدينة سطيف في سنة ‪،1998‬‬ ‫غير أن أخطر و أشهر ّ‬
‫و تسبب في كارثة حقيقية ال زالت تداعياتها ماثلة في المدينة جراء العدد الكبير من المصابين و الوفيات‪ ،‬و كان‬
‫السبب في تلك الحادثة هو تناول المصابين لوجبة غذائية من مادة" الكاشير" التي كانت فاسدة‪ ،‬األمر الذي ّأدى إلى‬
‫تم الحكم على المنتج المتّهم ب‬
‫تسجيل ‪ 42‬حالة وفاة‪ ،‬و إصابة ‪ 345‬شخص عانوا من مضاعفات خطيرة‪ .‬و قد ّ‬
‫‪ 08‬سنوات سجن‪ّ ،‬إال أن تلك العقوبة الجنائية لم تكن كافية لتعويض المضرورين خاصة األضرار المعنوية التي‬
‫مست من فقدوا أحد أقربائهم في تلك الحادثة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪86‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫ضمن الفئة المنتجة العديد من المتدخلين‪ ،‬إذ تنص المادة الرابعة من القانون المتعلّق‬
‫بالرسم على القيمة المضافة‪ " :1‬يقصد بلفظ المنتج‪:‬‬
‫‪ -‬األشخاص أو الشركات الذين يقومون بصفة رئيسية أو ثانوية باستخراج أو‬
‫صناعا أو مقاولين في‬
‫ا‬ ‫صناعة المنتجات ويتعهدونها بالتصنيع أو التحويل بصفتهم‬
‫التصنيع قصد إعطائها شكلها النهائي أو العرض التجاري الذي تقدم فيه للمستهلك لكي‬
‫اء استلزمت عمليات التصنيع أو التحويل استخدام مواد‬
‫يستعملها أو يستهلكها‪ ،‬وذلك سو ا‬
‫أخرى أم ًل‪،‬‬
‫فعال محل الصانع للقيام في مصانعها أو حتى‬
‫‪ -‬األشخاص أو الشركات التي تحل ا‬
‫خارجها بكل األعمال المتعلّقة بصنع المنتجات أو توضيبها التجاري النهائي مثل الرزم أو‬
‫التعليب و إرسال أو إيداع هذه المنتجات‪ ،‬وذلك سواء بيعت تحت عالمة أو باسم من‬
‫يقومون بهذه العمليات أم ًل‪،‬‬
‫‪ -‬األشخاص أو الشركات الذين يسندون للغير القيام بالعمليات المشار إليها في‬
‫الفقرتين ‪ 1‬و ‪ 2‬أعاله"‬
‫أما بخصوص األشخاص المعنوية العامة‪ ،‬فمصطلح المنتج في التشريع الجزائري‬
‫ّ‬
‫يمتد إلى األشخاص المعنوية للقانون العام كالمؤسسات العامة والمصالح العامة ذات‬
‫الطابع التجاري والصناعي على اعتبار أن هذه الهيئات قد ولجت ميدان التجارة بنفس‬
‫أن األضرار التي تولّدها منتجاتها ال تقل‬
‫الشروط التي تزاولها المشروعات الخاصة كما ّ‬
‫عاما‪ ،‬وانما‬
‫أداء ً‬
‫تقدم كما كانت ً‬
‫عن المؤسسات الخاصة؛ فالمرافق العامة االقتصادية ال ّ‬

‫مؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر‬
‫‪ -‬قانون الرسوم على القيمة المضافة المستحدث بموجب المادة ‪ 65‬من القانون رقم ‪ّ 36 -90‬‬
‫‪1‬‬

‫يتضمن قانون المالية لسنة ‪ ،1991‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 57‬الصادرة في ‪ 31‬ديسمبر ‪.1990‬‬


‫ّ‬ ‫‪،1990‬‬
‫‪87‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أساسا إلى إرضاء الفئة المستهلكة‬


‫ً‬ ‫يحولها إلى منتج يرمي‬
‫تقدم منتجات أكثر فردية ما ّ‬
‫ّ‬
‫بشكل فردي قبل أن يهدف جز ًئيا إلى تحقيق النفع العام‪.1‬‬
‫نصت على مسؤولية المنتج دون أن تستثني أي فئة‬
‫أن المادة‪ 140‬مكرر ق م ج ّ‬
‫كما ّ‬
‫منهم بما فيهم المنتجين المتّخذين صفة األشخاص المعنوية للقانون العام‪ ،‬أضف إلى ذلك‬
‫نص المادة الثانية من القانون رقم‪ 03–09‬المتعلّق بحماية المستهلك وقمع الغش بنصها‪" :‬‬
‫تطبق أحكام هذا القانون على كل سلعة أو خدمة معروضة لالستهالك بمقابل أو مجا انا‬
‫ّ‬
‫و على كل متدخل و في جميع مراحل عملية العرض لالستهالك"‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المضرور‬
‫ا‬
‫إن المسؤولية المستحدثة للمنتج حسبما عرضناه في السابق تتسم بالتوسع في نطاقها‬
‫ّ‬
‫من حيث الفئة المسؤولة عن حوادث المنتجات المعيبة سواء في التشريع الجزائري أو‬
‫الفرنسي‪ ،‬فهل نجد نفس الوضع بالنسبة لألشخاص المستفيدة من هذه المسؤولية؟ وهذا ما‬
‫سنبينه من خالل تبيان كيفية تحديد المضرور في كل من التشريع الفرنسي(أ) وكذا التشريع‬
‫ّ‬
‫الجزائري(ب)‬
‫أ‪ -‬المضرور في القانون الفرنسي‬
‫تنص المادة‪ 1386‬مكرر‪ 01‬ق م ف‪ " :‬يعد المنتج مسؤواًل عن األضرار التي‬
‫تسببها منتجاته المعيبة سواء كان مرتبطاا بعقد مع المضرور أم ًل " من خالل نص هذه‬
‫يميز بين أنواع وطوائف المتضررين‪ ،‬وفي هذا الصدد‬
‫المادة نالحظ أن المشرع الفرنسي لم ّ‬
‫يقول األستاذ ‪ Denis MAZEAUD‬عند تعليقه على نص المادة السابقة أنه يمكن أن‬
‫‪2‬‬
‫تثير الشعار التالي‪ " :‬ال تفرقة‪ ،‬ال تمييز‪ ،‬ال اختيار"‬
‫انطالقًا من القانون رقم ‪ 389 – 98‬يمكن تسجيل المالحظات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد بودالي‪ :‬مدى خضوع المرافق العامة و مرتفقيها لقانون حماية المستهلك‪ ،‬مجلة إدارة‪ ،‬ع‪ ،2002 ،24‬الجزائر‪،‬‬
‫ص ‪.55‬‬
‫‪ -2‬أحمد معاشو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪88‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫لتوسع من دائرة حماية المضرورين‪ ،‬فلم تُعر أي اهتمام‬


‫‪–1‬أحكام هذا القانون جاءت ّ‬
‫الختالف صفاتهم ومراكزهم القانونية‪.‬‬
‫أيضا لطبيعة الرابطة التي تجمع المسؤول عن الضرر مع‬
‫ً‬ ‫‪–2‬ال يلتفت القانون‬
‫متعاقدا معه أم ال؛ وهو ما يتطابق مع نصوص التوجيه‬
‫ً‬ ‫المتضرر‪ ،‬فيستوي أن يكون‬
‫األوروبي لسنة‪.1985‬‬
‫‪ –3‬إذا كان التوجيه األوروبي قد ُعني بحماية المستهلكين فقط في عالقاتهم‬
‫بالمهنيين‪ ،‬على اعتبار أنهم الفئة المطلوب توفير الحماية لهم‪ ،‬فإن نصوص القانون رقم‬
‫طموحا من النص األوروبي‪ ،‬ذلك أن حكم المادة‪1386‬مكرر‪ 02‬ق‬
‫ً‬ ‫‪ 389–98‬كانت أكثر‬
‫م ف شملت طائفة المضرورين مستهلكين أو مهنيين‪ ،‬فالمهني المستعمل للمنتوج الذي‬
‫ضرر قد أصابه في ماله من المنتوج المعيب‪ ،‬بإمكانه إثارة مسؤولية المنتج‪.1‬‬
‫ًا‬ ‫يثبت‬
‫‪ –4‬ال اختيار بين الضحية المباشر والضحية باالرتداد‪ ،‬بحيث يمكن للضحية‬
‫باالرتداد أن يثير مسؤولية المنتج بنفس الظروف الممكنة للضحية المباشر من خالل‬
‫الموسع للمادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 02‬ق م ف‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫التفسير‬
‫ب‪ -‬المضرور في القانون الجزائري‬
‫يعرف الفقه في الجزائر المضرور بأنه صاحب الحق في طلب التعويض من‬
‫ّ‬
‫أما من الناحية التشريعية فنعتقد أن المسألة مرتبطة بإدراك مدلول‬
‫المسؤول عن الضرر‪ّ ،‬‬
‫المستهلك‪ ،‬إذ من الظاهر أن صفة المضرور تكاد تالزمه‪ ،‬لذا سنتعرض إلى تحديد‬
‫المضرور حسب القانون الخاص بحماية المستهلك وقمع الغش(‪ )1‬وكذا القانون المدني(‪)2‬‬

‫‪ -1‬قادة شهـيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،65‬ينظر كذلك‪:‬‬
‫‪Yves GUYON: Droit des affaires, T1, 8ème édition, ECONOMICA, Paris, 1994, p 941‬‬
‫‪ -2‬أحمـد معاشو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪89‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫‪ –1‬المضرور في القانون رقم ‪ 03–09‬المتعلّق بحماية المستهلك و قمع الغش‬


‫إن المضرور حسب القانون رقم ‪ 03 –09‬يصطلح عليه اسم‪ :‬المستهلك‪ ،‬فما هو‬
‫ّ‬
‫مدلول المستهلك طبقًا لنصوصه؟ تنص المادة الثالثة الفقرة األولى من القانون السالف‬
‫الذكر‪ ":‬المستهلك هو كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني بمقابل أو مجا انا سلعة أو‬
‫خدمة موجهة لالستعمال النهائي من أجل تلبية حاجاته الشخصية أو تلبية حاجات‬
‫شخص آخر أو حيوان متك ّفل به" من هذا النص نستخلص النقاط التالية‪:‬‬
‫معنويا‪،‬‬
‫ً‬ ‫طبيعيا أو‬
‫ً‬ ‫شخصا‬
‫ً‬ ‫‪ – 1‬المستهلك أو المضرور بحسب هذا القانون قد يكون‬
‫فبعدما أن كان المرسوم التنفيذي رقم‪ 139–90‬يستعمل مصطلح" كل شخص" دون تحديد‬
‫تم تدارك األمر وفقًا للقانون‪ 03 – 09‬وحسن‬
‫طبيعته األمر الذي جعله يتسم بالغموض‪ّ ،‬‬
‫فعل المشرع الجزائري حيث أن اعتبار األشخاص المعنوية من المستهلكين المقرر‬
‫مهنيا تحصل منه على مواردها المالية‬
‫أحيانا ال تمارس نشاطًا ً‬
‫ً‬ ‫حمايتهم‪ ،‬يجد تبريره في أنها‬
‫تماما‪.‬‬
‫ثم فإنها تشبه المستهلك العادي ً‬
‫أو على أسباب وجودها ومن ّ‬
‫‪ –2‬المستهلك هو الذي يلّبي حاجاته الخاصة أو العائلية وليس حاجاته المهنية‪،‬‬
‫عرف المستهلك مقابل المهني كأن يشتري الشخص غذاءه أو أدوية للعالج‪.2‬‬
‫في ّ‬
‫ُ‬
‫المتصور أن يتضمن هذا النص حتى األغيار الذين ال يرتبطون بأي عالقة‬
‫ّ‬ ‫‪ –3‬من‬
‫مع المنتج‪.3‬‬

‫‪ -1‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 39 – 90‬مؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪ ،1990‬يتعلق برقابة الجودة و قمع الغش‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪05‬‬
‫مؤرخ في ‪ 16‬أكتوبر ‪،2001‬‬
‫متمم بالمرسوم التنفيذي رقم ‪ّ 315 -01‬‬
‫معدل و ّ‬
‫الصادرة في ‪ 31‬جانفي ‪ّ ،1990‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 61‬الصادرة في ‪ 21‬أكتوبر ‪.2001‬‬
‫‪ -2‬نوال شعباني( حنين)‪ :‬التزام المتدخل بضمان سالمة المستهلك في ضوء قانون حماية المستهلك و قمع الغش‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -3‬قادة شـــــــــــــــــــــــهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪90‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫‪ –2‬المضرور وفقاا للمادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‬


‫تنص المادة ‪ 140‬مكرر‪ 1/‬ق م ج‪ ":‬يكون المنتج مسؤواًل عن الضرر الناتج عن‬
‫عيب في منتوجه حتى ولو لم تربطه بالمتضرر عالقة تعاقدية"‬
‫تماما لنص المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 01‬ق م ف فالمشرع لم‬
‫إن نص هذه المادة مطابق ً‬
‫ّ‬
‫يميز بين المتضرر المهني وغير المهني‪ ،‬ما إذا كان متعاقد أو غير متعاقد مع المنتج‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬المضرور المرتبط بعقد مع المنتج‬
‫حينما يكون المتضرر مشترًيا للمنتوج‪ ،‬بإمكانه الرجوع على المنتج مباشرة على‬
‫أساس ضمان العيوب الخفية إن اجتمعت شرائطه‪ ،‬وله وفق ذلك طلب بطالن العقد أو‬
‫اإلبقاء عليه مع إنقاص الثمن‪ ،‬غير أنه يكون أمام عقبة إثبات وجود الشروط المتطلبة في‬
‫الهين على الضحية‪ ،‬وهنا تبرز فعالية‬
‫قبول دعوى ضمان العيوب الخفية وهو ليس باألمر ّ‬
‫المسؤولية الموضوعية للمنتج التي تشكل ضم ًانا أكثر لصالح المتعاقد‪ ،‬حتى ولو كان‬
‫يفرق بين المحترفين ومحض المستهلكين‪.1‬‬
‫محترفًا ألن النص لم ّ‬
‫‪ ‬المضرور غير المتعاقد مع المنتج‬
‫إن أغلب حوادث المنتجات المعيبة تصيب األشخاص غير المتعاقدين مع المنتج‬
‫ّ‬
‫تضرروا منه‪ ،‬بالرغم من أن المتعاقد مع المنتج كان رب‬
‫كغذاء فاسد تناوله أفراد العائلة و ّ‬
‫تضرر من األشخاص المتعاقدين‪ ،‬لذا‬
‫ًا‬ ‫العائلة‪ ،‬والواقع يثبت أن هذه الفئة هي األكثر نسبة‬
‫قانونا الرجوع على أساس المسؤولية التقصيرية القائمة على الخطأ‬
‫ً‬ ‫فمن األنسب لهم‬
‫الشخصي أو الخطأ المفترض( الحراسة)‪ ،‬وهو ما يتّسم بالصعوبة في إثبات نوعي الخطأ‪.‬‬

‫‪ -1‬كهينـــــــــــة قونـــــان‪ :‬ضمان السالمة من المنتجات الخطيرة في القانون الجزائري" دراسة مقارنة بالقانون الفرنسي"‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‪ ،‬فرع المسؤولية المهنية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2010 ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪91‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫جاءت المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج لتوحد بين نظامي المسؤولية وتوفر حماية أكبر‬
‫سواء كانت الضحية متعاقدة مع المنتج أو من الغير‪ ،1‬وتيسر عليهم سبل الحصول على‬
‫التعويض مع تحقيق العدالة بينهم بإخضاعهم لنظام قانوني واحد خاصة إذا علمنا أنهم قد‬
‫يكونون ضحية نفس األضرار‪ .‬ولم يقف األمر عند هذا الحد‪ ،‬فلم يمّيز المشرع بين محض‬
‫المستهلكين والمهنيين‪ ،‬بل جعلهم في كفّة واحدة‪ ،‬بحيث يمكن لكل مهني أصابه ضرر من‬
‫جراء منتوج معيب أن يطلب التعويض من منتجه‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج من حيث الموضوع‬
‫إن نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج من حيث الموضوع يشمل كل من المنتجات‬
‫و كذا األضرار‪ ،‬وفي هذا المطلب سنتطرق فقط إلى المنتجات لسبق تكلمنا عن األضرار‬
‫في أركان مسؤولية المنتج‪.‬‬
‫يعرف ال بعض من الفقه المنتوج بأنه حصيلة أو ثمرة العملية اإلنتاجية بغض النظر‬
‫ّ‬
‫يعرفه الفقيهان ‪Philipe KOTLER‬‬
‫صناعيا‪ ،‬و ّ‬
‫ً‬ ‫اعيا كان أو‬
‫عن مصدرها زر ً‬
‫منظمة أو فكرة أو هو ثمرة‬
‫ّ‬ ‫و‪ Bernard DUBOIS‬بأنه‪ :‬شيء أو خدمة أو نشاط أو‬
‫إن المنتوج هو كل منقول سواء تعلّق األمر‬
‫فيعرفه بقوله‪ّ :‬‬
‫أما الفقيه ًلروميه ّ‬
‫اإلنتاج) ّ‬
‫صناعيا أم لم يتم تحويلها وسواء تعلّق األمر بمنقول اندمج في‬
‫ا‬ ‫تم تحويلها‬
‫بمادة أولية ّ‬
‫‪2‬‬
‫منقول أم لم يندمج‪‬‬

‫‪ -1‬و الغير حسب المادة األولى الفقرة األولى من النظام الداخلي للشركة الوطنية للتأمين و إعادة التأمين )‪ ( CAAR‬هو‬
‫المسيرين‬
‫ّ‬ ‫كل شخص متضرر من ضرر مضمون بما فيهم الموظفين‪ ،‬المتربصين‪ ،‬المتدربين‪ ،‬المدراء‪ ،‬اإلداريين‪،‬‬
‫الممثلين‪ ،‬أعضاء اإلدارة و رئيس المؤسسة و ذلك بصفتهم مستهلكين أو مستعملين للمنتجات المضمونة بموجب عقد‬
‫التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫‪Visa n°146 M.F/DGT/DASS du 21 septembre 1996 de la CAAR sur l’assurance‬‬
‫‪responsabilité civile produits livres.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Christian LARROUMET : La responsabilité du fait des produits défectueux d’après la loi du‬‬
‫‪19 mais 1998, Dalloz, Paris,1998, p 313.‬‬
‫‪92‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫يوزعها‬
‫ينبغي أن تشمل المسؤولية الموضوعية للمنتج كافة المنتجات الضارة التي كما ّ‬
‫محمد رديعان العزاوي إلى صنفين‪ :‬صنف المنتجات المعيبة حتى ولو كانت‬
‫الدكتور سالم ّ‬
‫مصدر لضرر يهدد حياة‬
‫ًا‬ ‫أن العيب فيها قد يكون‬
‫منتجات غير خطرة بطبيعتها مادام ّ‬
‫المشتري أو الحائز‪ .‬الصنف الثاني المشمول بهذه المسؤولية هو صنف المنتجات الخطرة‬
‫بطبيعتها ولو كانت غير معيبة‪ ،‬مع مالحظة أن أساس المسؤولية في هذا الصنف ليس‬
‫الخطورة بحد ذاته بل العيب بمعناه الواسع المتمثل في عدم اإلعالم عن خطورتها‬
‫وخصائصها الضارة وعدم التحذير من مخاطرها أو عدم تزويد الحائز بتعليمات استعمالها‬
‫فهنا المسؤولية هي مسؤولية بسبب العيوب وليست مسؤولية بسبب األخطاء‪.1‬‬
‫وللتعرف أكثر على عنصر المنتوج سنبين موضعه وأحكامه في كال من القانون‬
‫األول) والقانون الجزائري( الفرع الثاني)‬
‫الفرنسي( الفرع ّ‬
‫ّأواًل‪ :‬المنتوج في القانون الفرنسي‬
‫خاصا للمنتوج‪ ،‬وبذلك يكون المشرع‬
‫ً‬ ‫أوردت المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 3‬ق م ف تعريفًا‬
‫منهجا مخالفًا للمفهوم التقليدي له في إطار تقسيم‬
‫ً‬ ‫الفرنسي قد سلك في تحديد مفهوم المنتوج‬
‫يتحدد بالمعاني الثالثة المعروفة تحت تسميات‪ :‬رأس المال‪ ،‬المنتوج‬
‫ّ‬ ‫األموال والذي‬
‫والثمار‪.2‬‬
‫ورد في المادة السالفة الذكر المقصود بالمنتوج بأنه‪ " :‬كل سلعة منقولة حتى وان‬
‫مندمجا في عقار‪ ،‬ويدخل في ذلك كل المنتجات المستخرجة من األرض‬
‫ا‬ ‫كانت جزاءا‬
‫منتوجا"‬
‫ا‬ ‫ونواتج التربية الحيوانية والصيد البري والبحري‪ ،‬كما أن تيار الكهرباء يعتبر‬
‫بالرغم من أن نص المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 03‬ق م ف يردد نص المادة الثانية من التوجيه‬
‫تم إدخالها في بناء‬
‫األوروبي بخصوص اعتبار السلع المنقولة من المنتجات حتى وان ّ‬

‫‪ -1‬سالم محمد رديعان العزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية و االتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.373‬‬
‫‪ -2‬محـــــــــــــــــــــمـد بودالــــــــــــــــي‪ :‬مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪93‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫توسع أكثر من نص التوجيه األوروبي فأضاف إلى ما يمكن اعتباره من‬


‫العقارات‪ّ ،‬إال أنه ّ‬
‫المنتجات كافة المنتجات الزراعية ونواتج التربية الحيوانية والصيد بجميع أنواعه‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى الكهرباء‪ .‬وما يمكن قوله بصدد المنتوج في القانون المدني الفرنسي هو‪:‬‬
‫‪ – 1‬إدراج المشرع الفرنسي منذ سنة ‪ 1998‬المنتجات الزراعية والحيوانية‪ :‬فبسبب‬
‫المعطيات الحالية لإلنتاج الزراعي والتي تفرض استخدام المخصبات والمبيدات الكيميائية‬
‫تعدل نص المادة الثانية من التوجيه األوروبي‪ 1‬بحيث‬
‫التي تهدد سالمة المستهلكين فقد ّ‬
‫أصبحت المنتجات الزراعية تدخل في نطاق تطبيق التوجيه متى خضعت ألي عمل من‬
‫أعمال التحويل كالحفظ أو التجميد أو إدخال أي مواد مضافة أخرى‪ .‬وحيث ال يوجد مبرر‬
‫قانوني الستبعاد المنتجات الزراعية والحيوانية من نطاق تطبيق التوجيه وبالتالي من نطاق‬
‫المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬فإن التوجيه قد ترك االختيار لكل دولة في إدخال المنتجات‬
‫الزراعية في نطاق تطبيق تشريعها الداخلي المستمد من التوجيه لذلك ورد في القانون‬
‫الفرنسي هذا النوع من المنتجات‪.2‬‬
‫‪ –2‬تجاوز المشرع الفرنسي التمييز بين المنتجات الطبيعية والصناعية‪ ،‬بحيث أن‬
‫المنتجات الغذائية مدرجة ضمن المادة‪1386‬مكرر‪ 3‬ق م ف منتجات األرض ‪Produits‬‬
‫‪ ،de sol‬منتجات تربية الحيوانات ‪ Produits de l’élevage‬منتجات الصيد البري‬
‫والبحري ‪ Produits de la chasse et de la pêche‬خاصة وأن المستهلك قد فقد الثقة‬
‫جينيا‪.‬‬
‫في هذه المنتجات بعد حادثة جنون البقر والخضر والفواكه المعدلة ً‬
‫‪ -3‬كما اعتبرت المادة‪ 1386‬مكرر‪ 12‬ق م ف عناصر ومستخلصات الجسم‬
‫اإلنساني منتجات مثل األعضاء‪ ،‬األنسجة‪ ،‬الدم بشرط أن يكون مصدرها منظمة مهنية‬
‫مكلّفة بمعالجة هذه العناصر وضمانها مثل بنوك الدم والعيون‪ ،‬والهدف من ذلك هو أن‬

‫‪1‬‬
‫‪- Directive n° 1999/34/CE du Parlement Européen du 25 mai 1999, sur certain aspect de‬‬
‫‪la vente et des garanties des biens de consommation.‬‬
‫‪ -2‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.227‬‬
‫‪94‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫هذا النوع من المنتجات يتضمن مخاطر كبيرة على صحة اإلنسان وال أد ّل على ذلك من‬
‫الملوث بفيروس فقدان المناعة المكتسبة التي أثارت ضجة كبيرة في فرنسا‪.1‬‬
‫قضية الدم ّ‬
‫‪ -4‬إن المشرع الفرنسي أدمج المنتجات الصحية في نطاق المنتجات التي تخضع‬
‫للمسؤولية الموضوعية للمنتج المنظمة بموجب القانون رقم‪ ،389-98‬عكس المشرع‬
‫نظر لخصوصيتها‪.2‬‬
‫خص المنتجات الصحية واألدوية بتشريع خاص ًا‬
‫األلماني الذي ّ‬
‫‪ -5‬اعتبر المشرع الفرنسي الكهرباء بمثابة منتوج بالرغم من الطابع غير المادي لها‪.‬‬
‫نظر للطبيعة‬
‫‪ -6‬استبعاد الخدمات من نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ :‬وذلك ًا‬
‫المطبقة عليها بالتنوع بين التي تخضع للقانون العام‬
‫ّ‬ ‫تميز القواعد‬
‫الخاصة للخدمات‪ ،‬والتي ت ّ‬
‫و تلك الخاضعة للقانون الخاص‪ ،‬بل أنه في كل فرع من الفرعين كل خدمة تخضع لقواعد‬
‫خاصة بها‪ ،‬كما هو الحال في األضرار الواقعة بمناسبة النقل‪ ،‬وتلك الواقعة بمناسبة العالج‬
‫أما إذا كان المنتوج استعمل في إطار الخدمة‪ ،‬فتشمله المسؤولية حسب ما قضت‬
‫الطبي ‪ّ .‬‬
‫‪3‬‬

‫به محكمة العدل األوروبية سنة ‪.41999‬‬


‫‪ -7‬استبعاد العقارات‪ :‬لقد استثنت المادة ‪1386‬مكرر‪ 03‬العقارات من نطاق‬
‫المسؤولية الموضوعية ‪ ،‬لكنها جعلت المنقوالت المدمجة فيها بمثابة منتجات‪ ،‬غير أن هناك‬
‫من الفقه من يثير تساءل جوهري حول استبعاد المشرع الفرنسي العقارات التي تخضع‬
‫المشيدين‪ ،‬والتي هي في الواقع مجموعة من المنقوالت المدمجة في‬
‫ّ‬ ‫ألحكام مسؤولية‬
‫بعضها البعض‪ ،‬التي تخضع ألحكام هذه المسؤولية‪ ،‬وقد أجابت على ذلك المادة ‪1386‬‬
‫مكرر‪3/6‬ق م ف وجعلت المسؤولية عن تعيب العقارات خاضعة لنصوص المواد‬

‫‪ -1‬أحمــد معـاشو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.04‬‬
‫‪- Philippe BRUN : Responsabilité civile extracontractuelle, Litec, Paris, 2005, p 462.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -3‬محمد بودالي‪ :‬مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Arrêt de la CJCE du 29 mai 1997 dans l’affaire C-203/99 Veed FALD contre Arhus Amts‬‬
‫‪kommune, rec. 2001 I 3569 voir : http://curia.Eu.Int/ Fr/Juris/index.Htm. Consulté le20‬‬
‫‪décembre2013.‬‬
‫‪95‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫‪1792‬إلى ‪1792‬مكرر‪ 06‬والمادة ‪1146‬مكرر‪ 01‬من القانون المدني الفرنسي‪ ،‬بحيث‬


‫أما منتجي مواد‬
‫يسأل المشيد على أساس العيب في تصميم البناء والعمل الذي قام به‪ّ ،‬‬
‫البناء فهم يسألون طبقًا ألحكام هذه المسؤولية مثل مصنع اإلسمنت أو األجور‪.1‬‬
‫ثانيا‪ :‬المنتوج في القانون الجزائري‬
‫ا‬
‫تعرض المشرع الجزائري إلى تعريف المنتوج في العديد من القوانين‪ :‬العامة منها‬
‫عرفه في المادة الثانية‪ " :‬المنتوج‬
‫و الخاصة‪ ،‬ففي المرسوم التنفيذي ‪ 266 -90‬الملغى ّ‬
‫هو كل ما يقتنيه المستهلك من منتوج مادي أو خدمة"‬
‫عرفته المادة‪ 11/02‬من القانون ‪ 204-04‬بأنه كل مادة أو مادة بناء‪ ،‬أو‬
‫في حين ّ‬
‫مركب أو جهاز أو نظام أو إجراء أو وظيفة أو طريقة‪.‬‬
‫كما اعتبر المشرع الجزائري المنتوج سلعة وذلك وفقًا للقانون رقم ‪ 06 -03‬المتعلّق‬
‫عرف السلعة بأنها كل منتوج طبيعي أو زراعي أو تقليدي أو صناعي كان أو‬
‫بالعالمات ‪ ،‬و ّ‬
‫‪3‬‬

‫عرف المنتوج في المادة ‪":10/03‬‬


‫أما قانون حماية المستهلك وقمع الغش النافذ ف ّ‬
‫مصنعا‪ّ .‬‬
‫ً‬
‫كل سلعة أو خدمة يمكن أن تكون موضوع تنازل بمقابل أو مجا انا " فهذا القانون أدمج‬
‫كل من السلعة والخدمة ضمن المنتوج‪ ،‬والمقصود بالسلعة هي كل شيء مادي قابل للتنازل‬
‫مقدم غير تسليم السلعة حتى ولو كان هذا‬ ‫مجانا أما الخدمة فهي كل ٍ‬
‫عمل ّ‬ ‫عنه بمقابل أو‬
‫ً ّ‬
‫تابعا أو مدعما للخدمة المقدمة‪.‬‬
‫التسليم ً‬
‫وباعتبار موضوع الدراسة منصب على مسؤولية المنتج المنظمة بموجب قواعد عامة‬
‫في القانون المدني‪ ،‬بالتالي نأخذ بالتعريف الوارد فيه‪ ،‬حيث نصت المادة ‪140‬مكرر‪" :2/‬‬
‫متصال بعقار ًلسيما المنتوج الزراعي و المنتوج‬
‫ا‬ ‫منتوجا كل مال منقول و لو كان‬
‫ا‬ ‫يعتبر‬

‫‪ -1‬أحمد معاشو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار الناتجة عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.04‬‬
‫‪ -2‬قانون رقم ‪ 04 -04‬مؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ،2004‬يتعلّق بالتقييس‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ ،41‬الصادرة في ‪ 27‬يونيو‪.2004‬‬
‫‪ -3‬أمر رقم ‪ 06-03‬مؤرخ في ‪19‬جويلية ‪ ،2003‬المتعلّق بالعالمات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،44‬الصادرة في ‪ 20‬جويلية ‪.2003‬‬
‫‪96‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الصناعي وتربية الحيوانات والصناعة الغذائية والصيد البري والبحري والطاقة الكهربائية "‬
‫فمن هذا النص القانوني نستخلص النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬إن المشرع الجزائري بموجب المادة ‪140‬مكرر ق م ج عدل عن تحديد المنتوج‬
‫معنويا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ماديا أو‬
‫بالمنقول المادي فقط إلى المنقول بوجه عام سواء كان ً‬
‫متصال بعقار‪ ،‬وهذا‬
‫ً‬ ‫منتوجا ولو كان‬
‫ً‬ ‫‪ -2‬إن المشرع نص على اعتبار المنقول‬
‫خروجا على قاعدة العقار بالتخصيص الذي نص عليه في المادة ‪ 683‬ق م ج ‪.1‬‬
‫ً‬
‫‪ -3‬عدم التمييز بين المنتوج الصناعي والمنتوج الزراعي مما يدل على أخذ المشرع‬
‫الجزائري بالرأي الحديث الذي يدعو إلى عدم التفرقة بينهما‪ ،‬والمنتوج الزراعي هو كل‬
‫ٍ‬
‫متأت من مصدر زراعي مباشرة كالقمح والشعير واألرز والبن والشاي‬ ‫منقول‬
‫أما المنتوج‬
‫والعدس وخالفه‪ ،‬بوجه عام كل شيء من البقوليات والخض اروات أو الفواكه‪ّ ،‬‬
‫محال لإلنتاج الصناعي أو الحرفي‪ ،‬وهي ال تقع‬
‫الصناعي فهو كل المنقوالت التي تكون ً‬
‫تميزت بخطورتها على سالمة‬
‫تحت طائلة الحصر‪ ،‬فهناك المنتجات الصناعية التي ّ‬
‫القائمين على استعمالها مثل األجهزة الكهربائية المنزلية والمواد الكيميائية على تنوعها‬
‫ومن أهمها المنظفات الصناعية والمبيدات‪.2‬‬
‫‪ -4‬اعتبار الطاقة الكهربائية بمثابة منتوج على الرغم من أنها ال تعتبر منقوًال‪ ،‬ذلك‬
‫أن الكهرباء قوة طبيعية أو هي عبارة عن ذرات صغيرة تنتقل في الفضاء وفي األسالك‬
‫فاألول هو‬
‫ّ‬ ‫وفق رأي البعض من الفقه‪ .‬باإلضافة إلى كل من الصيد البري والبحري‪،‬‬
‫أما الثانية فهي كل الحيوانات أو أجزاء‬
‫الحيوانات أو أجزاء الحيوانات التي تعيش في البر‪ّ ،‬‬

‫تعرف المادة ‪ 683‬الفقرة الثانية من ق م ج العقار بالتخصيص بأنه المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه‪،‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪1‬‬

‫رصدا على خدمة هذا العقار أو استغالله‪.‬‬


‫ً‬
‫‪ -2‬علي فتــــــــــاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.404‬‬
‫‪97‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫الحيوانات التي تعيش في البحار أو في المياه العذبة بما فيها بيوضها و غددها الذكرية‬
‫باستثناء الثدييات المائية‪.1‬‬
‫‪ –5‬استبعد المشرع الج ازئري كل من الخدمات والعقارات في مفهوم المنتوج‪،‬‬
‫المميزة تكون خاضعة لقواعد خاصة بها إذ تتسم‬
‫ّ‬ ‫نظر لطبيعتها‬
‫فالخدمات كما سلف الذكر‪ً ،‬ا‬
‫بالتنوع‪ ،‬فأدرجت ضمن مفهوم المنتوج في القانون رقم‪ 03-09‬ولم يرد ذكرها في المادة‬
‫‪140‬مكرر ق م ج‪ ،‬باإلضافة إلى العقارات التي هي كل شيء مستقر بحيزه وثابت فيه وال‬
‫يمكن نقله من دون تلف‪ .‬فالمشرع الجزائري ساير نظيره الفرنسي في إخراج العقار من‬
‫أحكاما خاصة‬
‫ً‬ ‫قائمة المنتجات‪ ،‬مما يعتبر بمثابة خطأ منه‪ ،‬ألن المشرع الفرنسي وضع‬
‫بمسؤولية البناء في المادة ‪ 1792‬ق م ف وما يليها في حين لم يضع مشرعنا مثل هذه‬
‫قصور عن تجسيد حماية لمقتني عقار‪ ،‬فهو يحتاج لنفس الحماية التي‬
‫ًا‬ ‫األحكام مما يشكل‬
‫يحتاج لها باقي المتضررين من المنتجات المعيبة‪.2‬‬
‫‪ -6‬استبعاد المشرع كذلك لكل من البقايا أو الفضالت وعناصر ومستخلصات الجسم‬
‫نميز في شأنها بين حالتين‪ :‬الحالة التي تستخدم في‬
‫البشري‪ :‬فبالنسبة للبقايا والفضالت ّ‬
‫محال لمعاملة مع‬
‫عمليات إنتاج الحقة فينتفع بها بصورة مستقلة بحيث تصلح ألن تكون ً‬
‫الغير فإنها تخضع للفظ المنتوج‪ ،‬وفي الحالة الثانية أين تكون ممن يستغني عنه المنتج‬
‫ويرميه لعدم فائدته االقتصادية بالنسبة له‪ ،‬فإنه ال تدخل ضمن لفظ المنتوج‪.3‬‬

‫‪ -1‬علي فتــــــــــاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.406‬‬
‫‪ -2‬زاهية حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية عن المنتوج المعيب( تعليق على المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.79‬‬
‫‪ -3‬علـي فتــــــــاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.407‬‬
‫‪98‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫أما مستخلصات جسم اإلنسان فالمشرع الجزائري اعتبر المنتوج" كل مال" وجسم اإلنسان‬
‫ّ‬
‫حسب المادة‪ 682‬ق م ج‪ 1‬يخرج بطبيعته من نطاق التعامل كما أن قانون العقوبات‬
‫الجزائري يعاقب على المتاجرة باألعضاء البشرية‪ ،2‬لذلك يمكن استخالص أن نية المشرع‬
‫تتجه إلى استثناء مستخلصات جسم اإلنسان من نطاق مسؤولية المنتج‪.‬‬
‫غير أن المشرع الجزائري اعتبر المنتجات الثابتة المشتقة من الدم بمثابة دواء حسب‬
‫المادة ‪ 170‬من قانون الصحة وترقيتها والتي تنص‪ ":‬يقصد بالدواء في مفهوم هذا‬
‫القانون‪... :‬كل منتوج ثابت مشتق من الدم" هذا ما يدعنا نتساءل هل تدخل في نطاق‬
‫مسؤولية المنتج؟ واإلجابة تكون بالنفي خاصة وأن المادة ‪ 263‬من قانون الصحة‬
‫المعدل تعاقب كل من يتاجر بالدم البشري أو مصله أو مشتقاته بقصد الربح‬
‫ّ‬ ‫وترقيتها‬
‫بنصها‪ " :‬يعاقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبغرامة من ‪500000‬دج إلى‬
‫‪1000000‬دج‪ ،‬كل من يتاجر بالدم البشري أو مصله أو مشتقاته قصد الربح" و بالتالي‬
‫محال للبيع و الشراء‪ ،‬وحتى تخضع‬
‫فهي تخرج عن دائرة األموال القابلة للتداول التي تكون ً‬
‫لنظام هذه المسؤولية يجب أن ينص عليها المشرع الجزائري صراحة كما فعل ذلك المشرع‬
‫الفرنسي‪.‬‬
‫في األخير يمكن نقول أن المشرع الجزائري عند تعريفه للمنتوج لم يحدد لنا بصفة‬
‫جلية العناصر التي يمكن أن تساعد لضبط مفهومه في مجال المسؤولية المستحدثة‪ ،‬إذ‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 682‬ق م ج على ما يلي‪ " :‬كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصلح أن يكون‬
‫محال للحقوق المالية‪ .‬واألشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي ال يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها‪،‬‬
‫ً‬
‫محال للحقوق المالية "‬
‫أما الخارجة بحكم القانون فهي التي يجيز القانون أن تكون ً‬
‫وّ‬
‫تم في ‪ 2009‬بمعاقبة كل من يتحصل على عضو من‬ ‫‪ -‬إذ قضت المادة ‪ 303‬مكرر ‪ 16‬ق ع ج بعد التعديل الذي ّ‬
‫‪2‬‬

‫حددت العقوبة بالحبس من ‪ 03‬إلى‬


‫أعضاء شخص آخر مقابل منفعة مالية أو منفعة أخرى مهما كانت طبيعتها‪ ،‬و ّ‬
‫مقدرة من ‪300.000‬دج إلى ‪1.000.000‬دج‪ ،‬ينظر‪:‬‬ ‫‪ 10‬سنوات و بغرامة مالية ّ‬
‫مؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ 1966‬المتضمن قانون العقوبات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ ،49‬الصادرة في ‪ 11‬يونيو‬
‫أمر رقم ‪ّ 165 -66‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫‪ّ ،1966‬‬
‫‪99‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫منتوجا‪ ،‬ولكن نالحظ أنه لم‬


‫ً‬ ‫يجب تحديد اإلطار والشروط التي يصبح بها المال المنقول‬
‫يحدد المنتجات على سبيل الحصر بل على سبيل المثال وذلك باستعماله لمصطلح" السيما‬
‫" مما يفتح المجال إلمكانية إدخال منتجات أخرى‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫األول‪:‬‬
‫الفصـ ـل ّ‬

‫األول‬
‫خالصة الفصل ّ‬
‫بدا لنا من خالل هذا العرض الموجز لإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج ما يلي‪:‬‬
‫عدة تحوالت‪:‬‬
‫ظهرت المسؤولية الموضوعية للمنتج في مرحلة عرف فيها العالم ّ‬
‫بعيدا عن مناخ هذه التغيرات‬
‫اقتصادية‪ ،‬اجتماعية وحتى قانونية‪ ،‬ولم يكن المشرع الجزائري ً‬
‫وأجوائها الشاملة‪ ،‬واّنما تأثر بها وأخذها بعين االعتبار لتأثره بنفس الفكرة( االتجاه نحو‬
‫تقرير مسؤولية موضوعية للمنتج) ولتواجده في نفس الظروف‪.‬‬
‫أ صبحت المسؤولية الموضوعية للمنتج من أهم الوسائل الحمائية لضحايا حوادث‬
‫األول فهو أن أساسها القانوني ذو طابع‬
‫أما السبب ّ‬
‫مهمين‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫المنتجات المعيبة لسببين‬
‫موضوعي ال يستند إلى عنصر الخطأ الذي كان يشكل عائقًا أمام الضحايا للمطالبة بحقهم‬
‫أما السبب الثاني فيتمثل في الخصائص التي تتمتع‬
‫في التعويض أمام الجهات القضائية‪ّ ،‬‬
‫بها والتي تؤكد على أن هذا النظام ُيعنى أشد العناية بالضحايا‪ ،‬فقواعده تعنى بحماية‬
‫الضحية وقلّما تُعنى بالمنتج‪ ،‬فالضحايا هم كل غايته وعنايته‪.‬‬
‫كما أن االستجابة لحق ضحايا حوادث المنتجات المعيبة في التعويض العادل‬
‫األول استبعاد ركن الخطأ واحالل محلّه عنصر الضرر‬
‫و المناسب يتطلب في المقام ّ‬
‫الناجم عن تعيب المنتوج‪ ،‬باإلضافة إلى التوسيع من نطاق تطبيق مسؤولية المنتج‪ -‬ما‬
‫أمكن ذلك‪ -‬سواء من حيث األشخاص المسؤولة واألشخاص المتضررة أو من حيث‬
‫المنتجات وألضرار التي تشملها التغطية وفقًا لهذا النظام‪.‬‬
‫بالرغم من أخذ المشرع الجزائري بالنظام الخاص لمسؤولية المنتج المدنية‪ّ ،‬إال أنه لم‬
‫خص لها مادة واحدة فقط ما أدى إلى تطبيق القواعد العامة في هذا الشأن‪.‬‬
‫يفصل فيها و ّ‬
‫يكرس‬
‫بصفة عامة نقول ّأنه بدراستنا لهذا الموضوع من جانبه النظري‪ ،‬نجد ّأنه ّ‬
‫حماية لضحايا حوادث المنتجات المعيبة‪ ،‬فهل نجد نفس الوضع في جانبه اإلجرائي؟‬

‫‪101‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫أثر قيام المسؤولية‬
‫الموضوعية للمنتج‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬


‫قانونا تقوم‬
‫المحدد ً‬
‫ّ‬ ‫متى توفّرت شروط وأركان المسؤولية الموضوعية للمنتج على النحو‬
‫المسؤولية المدنية‪ ،‬وبقيامها كذلك ترتّب أثر على كال الطرفين المتضرر وكذا المنتج‪،‬‬
‫المتضرر بسعيه للحصول على حقه في التعويض من جراء تضرره من منتوج لم يوفّر له‬
‫السالمة المنتظرة منه شرًعا‪ ،‬والمنتج الذي يسعى للتخلّص من مسؤوليته سواء بحق كان هو‬
‫األول)‬
‫قانونا( المبحث ّ‬
‫المسؤول أم ال باإلستعانة بمختلف الطرق المسموح بها ً‬
‫الذمة المالية للمسؤول‬
‫وال يعني كل تقرير للمسؤولية إسعاف المتضررين‪ ،‬إذ قد تكون ّ‬
‫مفتقرة وبالتالي يعجز عن دفع قيمة التعويضات المحكوم بها‪ ،‬وانطالقًا من هذه الفرضية‬
‫تدخلت التشريعات بتطبيق نظرية" مسؤولية ذوي الجيوب الممتلئة" والتي تلجأ لمساءلة‬
‫الشخص ليس باعتباره مسؤوًال عن الضرر بل لتوفّره على غطاء مالي كافي أو لقدرته‬
‫التأمينية تمكنه من االستجابة لطلبات التعويض للضحايا بتقرير إلزامية التأمين من المسؤولية‬
‫المدنية عن المنتجات‪ ،‬فآلية التأمين تعتبر بمثابة ضمان لكال الطرفين‪ :‬بالنسبة للمنتج‪،‬‬
‫تضمن وتحمي ذمته المالية من جانبها السلبي‪ ،‬ومن جهة المتضرر تضمن له الحصول‬
‫على التعويض مهما كانت الوضعية المالية للمسؤول( المبحث الثاني)‬

‫‪103‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫األول‪:‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج على الطرفين( المتضرر و المنتج)‬


‫المبحـث ّ‬
‫إن األثر األساسي المباشر المترتب عن قيام وتحقق المسؤولية الموضوعية للمنتج هو‬
‫ّ‬
‫فبمجرد إثبات المتضرر شروط قيام المسؤولية من ضرر وعيب وعالقة السببية‬
‫ّ‬ ‫التعويض‪،‬‬
‫بينهما‪ ،‬ينشأ حقه في الحصول على التعويض الذي ال يكون بصورة مشروعة ّإال عن طريق‬
‫االستعانة بوسيلة قانونية من خاللها فقط يمكن اللجوء إلى الجهات القضائية وهي دعوى‬
‫المسؤولية‪.‬‬
‫تشكل الدعوى الوسيلة القانونية والسلطة الممنوحة للمتضرر لحماية حقه في التعويض‬
‫من جراء تضرره من منتوج معيب وذلك إذا ما رفعها وفقًا لإلجراءات والشروط المنصوص‬
‫أما من جانب‬
‫األول) هذا من جانب المتضرر‪ّ ،‬‬
‫عليها في القوانين اإلجرائية( المطلب ّ‬
‫المسؤول فيسعى إلى دفع اإلدعاءات الموجهة له لتفادي الحكم عليه بالتعويض‪ ،‬وال يكون‬
‫إما إثبات أحد أسباب نفي المسؤولية المنصوص عليها في القانون أو‬
‫ذلك ّإال عن طريق ّ‬
‫مسبقا بإعفائه من المسؤولية للتخلص منها( المطلب الثاني)‬
‫ً‬ ‫باتفاقه مع الضحية‬
‫ألول‪ :‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج بالنسبة للمتضرر‬
‫المطلب ا ّ‬
‫يعرف الدعوى عكس‬
‫للمطالبة بالتعويض يستعان بالدعوى‪ ،‬و المشرع الجزائري لم ّ‬
‫المخولة‬
‫ّ‬ ‫عرفها في المادة ‪ 30‬ق إ م ف‪ ،1‬وحسب الفقه هي السلطة‬
‫المشرع الفرنسي الذي ّ‬
‫للفرد للمطالبة بحماية القضاء لحق يدعيه‪ ،‬وفي إطار نظام المسؤولية هي حق المطالبة‬
‫بالتعويض أمام الجهات القضائية من طرف المتضرر بسبب تضرره من منتوج معيب طُرح‬
‫للتداول‪ .‬ودعوى المسؤولية مرتبطة بالقواعد اإلجرائية المنصوص عليها في قانون اإلجراءات‬
‫األول)‬
‫تبين الشروط الموضوعية والشروط الشكلية لمباشرتها( الفرع ّ‬
‫المدنية التي ّ‬

‫‪1‬‬
‫‪- Art 30 c p c f dispose : « L’action est le droit pour l’auteur d’une prétention, d’être‬‬
‫‪entendu sur le fond de celle- ci afin que le juge la dise bien ou mal fondé. Pour l’adversaire‬‬
‫‪l’action et le droit de discuter le bien-fondé de cette prétention »VOIR : Code de procédure‬‬
‫‪civile français, 104emeédition, Dalloz, France, 2013.‬‬
‫‪104‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و بعدما أن يتأكد القاضي من توافر هذه الشروط وصحتها يقوم بالنظر في مضمون الدعوى‬
‫المتمثل في طلب المتضرر من المنتوج المعيب وهو التعويض( الفرع الثاني)‬
‫األول‪ :‬شروط مباشرة دعوى المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫الفرع ّ‬
‫يستلزم لرفع دعوى المسؤولية الموضوعية للمنتج توفر جملة من الشروط والتي يمكن‬
‫ثانيا) هي‪:‬‬
‫تصنيفها إلى نوعين‪ :‬شروط موضوعية( ّأواًل) وأخرى شكلية( ا‬
‫ّأواًل‪ :‬الشروط الموضوعية لرفع دعوى المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫تنص المادة‪ 1/13‬ق إ م إ ج‪ً " :‬ل يجوز ألي شخص التقاضي ما لم تكن له صفة‪،‬‬
‫يبين لنا الشروط‬
‫إن نص هذه المادة ّ‬
‫يقرها القانون" ّ‬
‫وله مصلحة قائمة أو محتملة ّ‬
‫الالزم توافرها لرفع الدعاوي القضائية بما فيها دعوى المسؤولية الموضوعية‬
‫الموضوعية ّ‬
‫أما المشرع الفرنسي فتناول نفس الشروط في نص المادة ‪31‬‬
‫للمنتج وفقًا للقانون الجزائري‪ّ ،‬‬
‫ق إ م ف هي الصفة(أ) والمصلحة(ب)‬
‫أ‪ -‬شرط الصفة للمدعى والمدعى عليه‬
‫يدعي حقًا بالتعويض رفع دعوى المسؤولية أمام المحكمة المختصة‪،‬‬
‫يحق لكل من ّ‬
‫طبيعيا أو‬
‫ً‬ ‫شخصا‬
‫ً‬ ‫يتقدم بدعواه أكان‬
‫و إذا كان المبدأ هو السماح لكل مطالب بحق أن ّ‬
‫معنويا‪ّ ،‬إال ّأنه يشترط لسماعها وقبولها أن تتوفر صفة اإلدعاء‪ ،1‬والصفة ال تتعلّق بالمدعى‬
‫ً‬
‫أيضا‪ ،‬وفي هذا الصدد استقر الفقه على مبدأ مفاده" ًل ترفع‬
‫وحده واّنما تشمل المدعى عليه ً‬
‫الدعوى ّإًل من ذي صفة على ذي صفة" وال تكاد دعاوي مسؤولية المنتج تخرج عن هذا‬
‫المبدأ بحيث ترفع من المتضرر من حوادث االستهالك الذي يمثل الطرف المدعي(‪ )1‬ضد‬
‫تسبب في الضرر وهو الطرف المدعى عليه(‪)2‬‬
‫المنتج الذي ّ‬

‫‪ -1‬مصطفى العوجي‪ :‬القانون المدني( المسؤولية المدنية)‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2005 ،‬ص‬
‫‪.655‬‬
‫‪105‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬المدعي‬
‫تتعدد األشخاص التي يمكن أن تكتسب صفة المدعي في نطاق المسؤولية الموضوعية‬
‫ّ‬
‫للمنتج وهي‪:‬‬
‫‪ ‬المتضرر المباشر‬
‫قد يكون المستهلك المتضرر المباشر من المنتوج المعيب‪ ،‬وبالتالي يصبح صاحب‬
‫الحق األصيل في طلب التعويض عن األضرار الماسة بشخصه أو ماله والمترتبة عن عيب‬
‫في المنتوج‪ ،1‬هذا وان مدلول المضرور بحسب القواعد الخاصة بالمسؤولية المستحدثة للمنتج‬
‫األول من هذا البحث‪ ،‬فيشمل الضحية‬
‫اسعا كما أسلفنا الذكر في الفصل ّ‬
‫مفهوما و ً‬
‫ً‬ ‫يأخذ‬
‫المتعاقد مع المنتج وكذا مستعملي المنتوج من أفراد العائلة وأقارب الضحية‪ ،‬بل وينصرف‬
‫عبرت عنه‬
‫مدلول المضرور إلى الغير المتضررين بأضرار فعل المنتجات المعيبة‪ ،‬و هو ما ّ‬
‫محكمة سطيف للجنايات في قرارها الصادر في ‪ 27‬أكتوبر ‪ 1999‬بخصوص قضية‬
‫فعال‬
‫الكاشير الفاسد عن ذلك بقولها" تعتبر طلبات الضحايا واألطراف المدنية مؤسسة ألنهم ً‬
‫تضرروا من جراء مادة الكاشير المغشوشة"‪ .2‬وعندما تثبت الصفة للمضرور المباشر‪ ،‬له أن‬
‫قانونيا كما هو الحال في توكيل الضحية‬
‫ً‬ ‫نائبا‬
‫يباشر الدعوى بنفسه كما له أن يوكل عنه ً‬
‫لمحامي له أمام الجهات القضائية‪.‬‬
‫‪ ‬المتضرر باًلرتداد‬
‫يتعدى مدلول المضرور من المضرور المباشر ليشمل المتضررين باالرتداد‪ ،‬وبذلك‬
‫ّ‬
‫يحوزون الصفة في التقاضي بدل المضرور المباشر وبصفة شخصية لطلب التعويض عن‬
‫الضرر الذي لحقهم من جراء تضرر الضحية سواء أكان في شخصهم أو في مالهم كما هو‬

‫‪1‬‬
‫محمد شريــــــاف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج وفقًا ألحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪ -2‬قادة شهيــــــــــــدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.215‬‬
‫‪106‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الحال بالنسبة ألفراد عائلته‪ ،‬إذن فالمضرور باالرتداد ‪ Victime par ricochets‬تثبت له‬
‫صفة رفع الدعوى للمطالبة بالتعويض المستحق عن الضرر كون القيمة المالية المحكوم بها‬
‫ستثري ذمة المتضرر خاصة في حالة الوفاة ومن يأتي بعده‪.1‬‬
‫‪ ‬الدائنين‬
‫يحق للدائنين استعمال حق مدينهم المتقاعس في المطالبة بالتعويض بطريق الدعوى‬
‫غير المباشرة‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 1/189‬ق م ج‪ " :‬لكل دائن ولو لم يحل أجل دينه أن‬
‫خاصا بشخص أو غير‬
‫ا‬ ‫يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين‪ّ ،‬إًل ما كان منها‬
‫قابل للحجز و ًل يكون استعمال الدائن لحقوق مدينه مقبواًل ّإًل إذا أثبت أن المدين أمسك‬
‫عن استعمال هذه الحقوق‪ ،‬وأن هذا اإلمساك من شأنه أن يسبب عسره‪ ،‬أو أن يزيد فيه"‬
‫‪ ‬جمعيات حماية المستهلكين‬
‫يحق لجمعيات حماية المستهلك أن تتأسس كطرف مدني للمطالبة بالتعويض‪ ،‬فلها‬
‫نظر للحركات والنشاطات التي تقوم بها فسمح لها‬
‫أهمية بالغة خاصة في السنوات األخيرة ًا‬
‫القانون الجزائري بالدفاع عن حقوق ومصالح المستهلكين قصد التعويض عن األضرار التي‬
‫تلحق بهم جراء استعمال المنتجات المعيبة‪.2‬‬
‫وجمعية حماية المستهلكين هي كل جمعية منشأة طبقًا للقانون‪ ،‬تهدف إلى ضمان‬
‫حماية المستهلك من خالل إعالمه وتحسيسه وتوجيهه وتمثيله‪ ،‬تنظم من حيث إنشائها‬
‫‪3‬‬
‫تم االعتراف لها‬
‫وتنظيمها وسيرها بموجب القانون رقم ‪ 06 -12‬المتعلّق بالجمعيات حيث ّ‬
‫عمال‬
‫ً‬ ‫بمجرد تأسيسها‬
‫ّ‬ ‫بالمنفعة العامة وكذا تمتّعها بالشخصية المعنوية واألهلية المدنية‬

‫‪1‬‬
‫محمد شريـــاف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج وفقًا ألحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪-2‬الياقوت جرعود‪ :‬عقد البيع و حماية المستهلك في التشريع الجزائري‪ ،‬مذ ّكرة لنيل شهادة الماجستير فرع" العقود‬
‫خدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2002 ،‬ص ‪.133‬‬ ‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة بن يوسف بن ّ‬
‫و المسؤولية"‪ّ ،‬‬
‫‪3‬‬
‫مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2012‬يتعلّق بالجمعيات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 02‬الصادرة في ‪ 15‬جانفي ‪.2012‬‬
‫‪ -‬قانون رقم ‪ّ 06 -12‬‬
‫‪107‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫نصت المادة ‪ 23‬من قانون حماية المستهلك وقمع‬
‫بأحكام المادة ‪ 17‬من القانون ذاته ‪ ،‬لذا ّ‬
‫الغش على إمكانية تأسس جمعيات حماية المستهلكين كطرف مدني في دعوى التعويض‬
‫نظر لوجود متضرر من منتوج معيب وثبوت تمتّعها بالصفة القانونية‬
‫التي ترفع ضد المنتج ًا‬
‫‪2‬‬
‫عدة مستهلكين ألضرار فردية‪ ،‬أن يكون‬
‫لذلك ‪ ،‬لكن بتوفر ثالث شروط‪ :‬تعرض مستهلك أو ّ‬
‫المتدخل بمعنى أن ال تكون األضرار التي لحقت‬
‫ّ‬ ‫المتسّبب في هذه األضرار نفس‬
‫أخير أن تكون هاته األضرار ذات أصل مشترك‬
‫بالمستهلكين قد تسبب فيها أكثر من منتج‪ً ،‬ا‬
‫مثال كأن تتضرر مجموعة من األشخاص من منتوج غذائي طرحه المنتج للتداول كحادثة‬
‫ً‬
‫الكاشير الفاسد في سطيف التي كان السبب في حدوثها ذلك المنتوج( الكاشير) فقط‪.3‬‬
‫نفس األمر قام به المشرع الفرنسي إذ منح الحق للجمعيات في التقاضي فقط إذا‬
‫كانت مرخصة وموجودة بصفة قانونية حسب نص المادة ‪ L421-1‬من قانون االستهالك‬
‫الفرنسي‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫الحرة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع"‬
‫‪ -‬زوبــــــــــــــــــــــــير أرزقــــــــــــــــي‪ :‬حماية المستهلك في ظل المنافسة ّ‬
‫المسؤولية المهنية"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2011 ،‬ص ‪.204‬‬
‫‪2‬‬
‫إن هذه الصفة التي يعترف بها القانون للجمعيات ّإنما هي صفة استثنائية يبررها وجود مركز قانوني مرتبط في نفاذه‬
‫‪ّ -‬‬
‫بالمركز القانوني للمدعى به‪ .‬للتفصيل أكثر ينظر‪:‬‬
‫السيد عمران‪ :‬حماية المستهلك أثناء تكوين العقد" دراسة مقارنة"‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬ص‬
‫ّ‬ ‫محمــد‬
‫السيد ّ‬
‫ّ‬
‫قدمت في ملتقى‬
‫‪ .227‬ينظر كذلك‪ :‬خيرة ساوس و فاطمة مرنيز‪ " :‬حق جمعية المستهلك في التقاضي"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫وطني حول حماية المستهلك في ظل االنفتاح االقتصادي المنعقد بمعهد العلوم القانونية و اإلدارية بالمركز الجامعي‬
‫بالوادي‪ ،‬يومي ‪ 13‬و ‪ 14‬أفريل ‪ ،2008‬ص ‪ ،271‬ينظر كذلك‪:‬‬
‫دلـيل المستهلك الــــــجزائري الصادر عن و ازرة التجارة‪ ،‬الجزائر‪ ،2011 ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -3‬لقد كانت المادة ‪ 2/12‬من القانون رقم ‪ 02 -89‬الملغى تنص على أن جمعيات حماية المستهلكين لها الحق في رفع‬
‫دعوى المسؤولية المدنية عن عيب سالمة المنتجات و لكن بشروط و هي‪ - :‬أن تتعلّق الدعوى بضرر لحق المصالح‬
‫المشتركة للمستهلكين‪ - ،‬أن يكون قصد الدعوى التعويض عن الضرر المعنوي الذي ألحق بهم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Art L421- 1 du c. consom dispose : «Les associations régulièrement déclarées ayant pour‬‬
‫‪objet statutaire explicite la défense des intérêts des consommateurs peuvent, si elles ont été‬‬
‫=‪agréées à cette fin, exercer les droits reconnus à la partie civile relativement aux faits‬‬
‫‪108‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫لكن اإلشكال الذي يطرح في هذا الصدد هو أن التعويض يؤول إلى جمعيات حماية‬
‫ذمة مالية‬
‫مما يجعل لها ّ‬
‫أشخاصا معنوية تتمتّع بالشخصية القانونية‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫المستهلكين باعتبارها‬
‫طبقًا لمقتضيات القانون رقم ‪ 06 -12‬النافذ والمادة ‪ 50‬ق م ج وال يؤول إلى المضرور‪.‬‬
‫ّإال ّأنه ظهر في الوقت الحاضر تفكير في فرنسا يذهب إلى اقتراح تقرير دعوى جماعية‬
‫تباشر من جمعية تمثل المستهلكين لكن تنتهي بحكم قضائي يستفيد منه مباشرة المستهلك‬
‫سباقًا في منح هذا الحق لمجموعات المستهلكين الذين‬
‫المضرور‪ ،‬وكان القانون األمريكي ّ‬
‫سببت الضرر فيما يعرف ب‪.1The class action :‬‬
‫تربط بينهم وحدة السلعة التي ّ‬
‫‪ -2‬المدعى عليه‬
‫إن صفة الطرف الثاني وهو المدعى عليه يكتسبها وفقًا للمسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫ّ‬
‫إما المنتج‪ ،‬شركات التأمين أو الدولة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬المنتج‬
‫عيا ُرِفعت عليه الدعوى‬
‫شخصا طبي ً‬
‫ً‬ ‫أصال الملتزم بالتعويض‪ ،‬فإذا كان‬
‫ً‬ ‫يعتبر المنتج‬
‫شخصا‬ ‫أما إذا كان‬ ‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ذاته‪ ،‬إذا انعدمت أو قصرت أهليته فترفع حينئذ على نائبه القانوني‪ّ ،‬‬
‫معنويا فترفع على ممثله القانوني‪ ،‬واذا كان المسؤول قد أفلس فللمضرور أن يرفع دعواه‬
‫ً‬
‫‪2‬‬
‫أما إذا تعدد المسؤولون عن‬
‫ّ‬ ‫على وكيل التفليسة حسب نص المادة ‪ 1/244‬ق ت ج‬
‫األضرار كانوا متضامنين في دفع قيمة التعويض حسب نص المادة‪ 126‬ق م ج‪ ،3‬وترفع‬

‫‪=portant un préjudice direct ou indirect à l'intérêt collectif des consommateurs » voir : Loi‬‬
‫‪n°93-949 relative au code de la consommation, J.O.R.F n°171 du 26 juillet1993.‬‬
‫‪ -1‬علي فتاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.503‬‬
‫‪ -2‬أمر رقم ‪ 59 -75‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ،1975‬يتضمن القانون التجاري‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ ،101‬الصادرة في ‪ 19‬سبتمبر‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬ ‫‪ّ ،1975‬‬
‫‪ -3‬إذ تنص‪ " :‬إذا تعدد المسؤولون عن فعل ضار‪ ،‬كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر‪ ،‬و تكون المسؤولية فيما‬
‫عين القاضي نصيب كل منهم في االلتزام بالتعويض"‬
‫بينهم بالتساوي ّإال إذا ّ‬
‫‪109‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أي منهم مجتمعين أو منفردين دون مراعاة تسلسل التزاماتهم‪ ،‬كما أن الدعوى‬
‫الدعوى على ٍّ‬
‫المرفوعة على أحدهم ال تمنع من إقامتها على غيره وفقًا لمقتضى نص المادة‪1/223‬ق م‬
‫ج‪ 1‬و في حالة ما إذا مات المسؤول عن التعويض انتقل دين التعويض إلى تركته( ال تركة‬
‫ّإال بعد سداد الديون)‪.‬‬
‫و فيما يتعلّق بالتضامن بين المنتجين في القانون الفرنسي‪ ،‬فنشير إلى نص المادة‬
‫نصت على‬
‫‪1386‬مكرر‪ 08‬ق م ف الذي جاء بنفس الحكم المقرر في التشريع الجزائري إذ ّ‬
‫قيام المسؤولية التضامنية في حالة التضرر من منتوج معيب متّصل بمنتوج آخر‪ ،‬فيكون‬
‫منتج المنتوج الجزئي متضامن مع منتج المنتوج النهائي في دفع قيمة التعويض للضحية‪.‬‬
‫‪ ‬شركات التأمين‬
‫تأمينا على‬
‫ً‬ ‫يلزم المشرع المنتج بموجب القانون المتعلّق بالتأمينات‪ 2‬أن يكتتب‬
‫مسؤوليته في نص المادة ‪ 1 /168‬منه التي تنص‪ ":‬يجب على كل شخص طبيعي أو‬
‫معدة لالستهالك أو‬
‫معنوي يقوم بصنع أو ابتكار أو تحويل أو تعديل أو تعبئة مواد ّ‬
‫لالستعمال أن يكتتب تأمي انا لتغطية مسؤوليته المدنية المهنية تجاه المستهلكين وتجاه‬
‫الغير"‬
‫مجاال للشك حول إلزامية التأمين على المسؤولية المدنية للمنتج‪،‬‬
‫ً‬ ‫ال تدع هذه المادة‬
‫عما يصيبهم من أضرار‪،‬‬
‫لتوفير المستهلكين والمستعملين الحماية الكافية بالتعويض ّ‬
‫وعليه فإلى جانب المنتج وهو المسؤول األصلي عن الضرر‪ ،‬نجد شركة التأمين وهي‬

‫‪ -1‬إذ تنص" يجوز للدائن مطالبة المدينين المتضامنين مجتمعين أو منفردين على أن يراعى في ذلك ما يلحق رابطة كل‬
‫مدين من وصف‪ ،‬و ال يجوز للمدين إذا طالبه أحد الدائنين بالوفاء أن يعارض بأوجه الدفع الخاصة بغيره من المدينين‬
‫و لكن يجوز له أن يعارض بأوجه الدفع الخاصة به و بالتالي يشترك فيها جميع المدينين"‬
‫‪2‬‬
‫معدل‬
‫‪ -‬أمر رقم ‪ 07 -95‬مؤرخ في ‪ 25‬جانفي ‪ ،1995‬يتعلّق بالتأمينات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 13‬الصادرة في ‪ 07‬شوال ‪ّ ،1415‬‬
‫متمم بالقانون رقم ‪ 04 -06‬مؤرخ في ‪ 20‬فبراير ‪ ،2006‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 15‬الصادرة في ‪ 12‬مارس ‪.2006‬‬
‫و ّ‬
‫‪110‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أمن على‬
‫المتدخل ّ‬
‫ّ‬ ‫الضامن ُمدخلة في الخصام المتكفلة بدفع التعويضات باعتبار أن‬
‫مسؤوليته المدنية و دفع األقساط تغطية للتأمين‪.1‬‬
‫‪ ‬الدولة‬
‫يمكن للدولة أن تكون مكتسبة لصفة المدعى عليه في حالة ما إذا كان المسؤول‬
‫ال‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 140‬مكرر‪ 1‬ق م ج‪ " :‬إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني‬
‫مجهو ً‬
‫ولم يكن للمتضرر يد فيه‪ ،‬تتكفل الدولة بالتعويض عن هذا الضرر"‬
‫فالدولة تتكفل في حالة انعدام المسؤول بالتعويض عن هذا الضرر‪ ،‬وهناك من العوامل‬
‫أن األضرار التي يقصدها المشرع هي تلك التي تحدثها المنتجات المعيبة‪،‬‬
‫التي تدفعنا للقول ّ‬
‫والمسؤول المقصود هو المنتج‪ّ ،‬أولها ورود هذه المادة في القسم المخصص للمسؤولية‬
‫الناشئة عن األشياء‪ ،‬ثانيها تموقعها بعد نص المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج المؤسسة لمسؤولية‬
‫المنتج المدنية‪.2‬‬
‫ب‪ -‬شرط المصلحة‬
‫طا لقبول الدعوى فقط وانما هي شرط لقبول أي طلب أو دفع أو‬
‫تعد المصلحة شر ً‬
‫ال ّ‬
‫طعن في الحكم ًّأيا كان الطرف الذي ّ‬
‫يقدمه وهي الفائدة العملية التي تعود على رافع الدعوى‬
‫ويشترط أن تكون مصلحة قانونية وقائمة أو محتملة‪ ،3‬فتكون مصلحة المتضرر من رفع‬
‫عما لحقه من‬
‫المقررة له بالتعويض ّ‬
‫دعوى مسؤولية المنتج حماية للحق أو المركز القانوني ّ‬
‫فعال عندما يقع الضرر ويكون‬
‫ضرر بسبب المنتجات المعيبة‪ ،‬وتكون بذلك مصلحة قائمة ً‬

‫‪ -1‬ويزة لحراري( شالح)‪ :‬حماية المستهلك في ظل قانون حماية المستهلك و قمع الغش و قانون المنافسة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص ‪.137‬‬
‫‪ -2‬ويزة لحراري( شالح)‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.137‬‬
‫‪ -3‬قوبــــــعي بلحــــــــــول‪ :‬الحماية اإلجرائية للمستهلك‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬معهد العلوم‬
‫القانونية و اإلدارية‪ ،‬المركز الجامعي تلمسان‪ ،2009 ،‬ص‪.27‬‬
‫‪111‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫احتماليا في المستقبل فيكون دور الدعوى‬


‫ً‬ ‫دور الدعوى عالجي‪ ،‬وفي حال يكون الضرر‬
‫‪1‬‬
‫وقائي لتفادي وقوعه‪.‬‬
‫جدية على‬
‫فالمصلحة هي ترجمة الحاجة للحماية القضائية تأتي انطالقًا من منازعة ّ‬
‫حق أو مركز قانوني لعدم الحصول عليه بطريق يضر الغير( طريق غير قانوني) وهذه‬
‫الحاجة يجب أن تعود بفائدة ‪ Intérêt‬على رافع الدعوى من الناحية العملية‪ .2‬وهي شرط‬
‫لرفع الدعوى خاصة برافع الدعوى دون الشخص الذي ُرفعت ضده‪ ،‬ففي إطار المسؤولية‬
‫الموضوعية للمنتج يشترط في المتضرر أن تكون لديه مصلحة وهي متوفرة باعتبار‬
‫المتضرر من منتوج معيب مصلحته تكمن في الحصول على التعويض‪ ،‬دون المدعى عليه‬
‫وهو المنتج المسؤول الذي ليس له مصلحة من رفع الدعوى عليه‪.‬‬
‫باإلضافة إلى هذه الشروط الموضوعية لرفع الدعوى‪ ،‬نجد شروط أخرى ذات طابع‬
‫شكلي يستلزم احترامها‪:‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط الشكلية لرفع دعوى المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫ا‬
‫إن الشروط الشكلية الواجب توافرها عند رفع دعوى المسؤولية منظمة في قانون‬
‫ّ‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية تتمثل في‪:‬‬

‫‪ -1‬محمــــــد شريـــــــــاف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج وفقًا ألحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪2‬‬
‫المجبر على‬
‫‪ -‬إ ّن المشرع الجزائري لم يوفّق في حكم المادة ‪ 13‬ق إ م إ ج‪ ،‬ألن ظاهر النص يفيد منع المدعى عليه ُ‬
‫إقحاما في التقاضي‪ ،‬إذ من األحسن له القول‪ :‬ال يجوز رفع دعوى أمام‬
‫ً‬ ‫التقاضي إذا لم تكن له مصلحة رغم أنه أقحم‬
‫القضاء من شخص ليس له الصفة و المصلحة القائمة أو المحتملة‪ .‬ينظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫عبد اللّه مسعودي‪ :‬الوجيز في شرح قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪،2011 ،‬‬
‫ص ‪.15‬‬
‫‪112‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫شرط األهلية‬ ‫أ‪-‬‬


‫الالزمة لرفع المتضرر دعواه أمام الجهات القضائية نجد‬
‫من بين الشروط الشكلية ّ‬
‫األهلية‪ ،‬التي لم ينص عليها المشرع الجزائري في المادة ‪ 13‬ق إ م إ ج‪ّ ،‬إنما ذكرها في‬
‫المادة ‪ 64‬منه التي تنص‪ ":‬حاًلت بطالن العقود غير القضائية و اإلجراءات من حيث‬
‫محددة على سبيل الحصر فيما يأتي‪ -:‬انعدام األهلية للخصوم"‬
‫موضوعها ّ‬
‫تعتبر األهلية صالحية الشخص الكتساب المركز القانوني ومباشرة إجراءات الخصومة‬
‫أو قدرة المدعى على مباشرة تصرفاته بنفسه‪ ،‬واألهلية المشترطة هنا هي أهلية األداء‪ 1‬وذلك‬
‫ببلوغه سن الرشد القانوني المنصوص عليه في المادة‪ 40‬ق م ج ‪ " :‬كل شخص بلغ سن‬
‫الرشد متمتّ اعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه‪ ،‬يكون كامل األهلية لمباشرة حقوقه المدنية‪.‬‬
‫وسن الرشد تسع عشرة(‪ )19‬سنة كاملة"‬
‫وطالما ال يوجد نص في ق إ م إ ج وال في قانون آخر يقضي بوجوب توافر أهلية‬
‫غير تلك المنصوص عليها في القانون المدني الجزائري فيما يخص دعوى المسؤولية‬
‫الموضوعية للمنتج‪ ،‬تبقى القواعد العامة صالحة للتطبيق في هذا المجال‪ .‬ولألهلية أهمية‬
‫بالغة إذ يترتب البطالن عند تخلّفها لتعلّقها بالنظام العام‪ ،‬حيث يجوز للخصم الدفع بالبطالن‬
‫لعدم توافرها‪ ،‬كما بإمكان المحكمة إثارة هذا الدفع من تلقاء نفسها وفقا المادة‪ 65‬ق إ م إ ج‪.‬‬
‫الالزمة لمباشرة الدعاوي أمام القضاء‪،‬‬
‫تتمتّع جمعيات حماية المستهلكين باألهلية ّ‬
‫بحيث تنص المادة ‪ 2 /17‬من قانون الجمعيات‪ " :‬تكتسب الجمعية المعتمدة الشخصية‬
‫المعنوية واألهلية المدنية بمجرد تأسيسها ويمكنها حينئذ أن تقوم بما يأتي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫نميز بين أهلية االختصام و هي أهلية الوجوب في المجال اإلجرائي و تعني صالحية الشخص الكتساب المركز‬
‫‪ّ -‬‬
‫القانوني بما يضمن من حقوق و واجبات إجرائية‪ ،‬و بين أهلية التقاضي و هي عبارة عن أهلية األداء في المجال‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫اإلجرائي و تعني صالحية الشخص لمباشرة اإلجراءات أمام القضاء‪ً .‬‬
‫عبد اللّه مسعودي‪ :‬الوجيز في شرح قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪113‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬التقاضي والقيام بكل اإلجراءات أمام الجهات القضائية المختصة‪ ،‬بسبب وقائع‬
‫ضرر بمصالح الجمعية أو المصالح الفردية أو‬
‫اا‬ ‫لها عالقة بهدف الجمعية ألحقت‬
‫الجماعية ألعضائها"‬
‫ب‪-‬شرط اآلجال‬
‫ترتبط آجال رفع دعوى المسؤولية الموضوعية للمنتج بعنصر التقادم‪ ،‬إذ يحدد القانون‬
‫المدعي احترامها لكي ال تضيع حقوقه‪ .‬والمشرع الفرنسي وضع‬
‫معينة يقع على ّ‬
‫فترة زمنية ّ‬
‫نظر للخصوصية التي تتمتّع بها عكس المشرع‬
‫آجال خاصة بهذا النوع من المسؤولية ًا‬
‫الجزائري الذي لم ينظم القواعد الخاصة بالمسؤولية الموضوعية للمنتج في العديد من‬
‫أحكامها منها اآلجال‪ ،‬ما يستلزم تطبيق القواعد العامة في هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ -1‬اآلجال في التشريع الفرنسي‬
‫بمدة‪ 30‬سنة وفقًا للقواعد العامة‪،‬‬
‫حدد القانون الفرنسي آجال سقوط الدعوى المدنية ّ‬
‫ّ‬
‫وفي حالة ما إذا كانت مرتبطة بجريمة فتسقط بسقوط الدعوى العمومية حسب نص المادة‬
‫‪ 1/2270‬ق م ف‪ .‬وبصدور القانون رقم ‪ 389-98‬المتعلّق بالمسؤولية عن فعل المنتجات‬
‫نص المشرع الفرنسي على ميعاد خاص يستلزم على المتضرر من منتوج معيب‬
‫المعيبة ّ‬
‫احترامه وفقًا لنص المادتين ‪ 1386‬مكرر ‪ 16‬و ‪ 1386‬مكرر ‪ 17‬ق م ف‪.‬‬
‫فالمادة‪ 1386‬مكرر‪ 16‬ق م ف نصت‪ ":‬فيما عدا حالة الخطأ‪ ،‬فإن مسؤولية المنتج‬
‫المؤسسة على أحكام هذا النظام تسقط بمضي ‪ 10‬سنوات من تاريخ طرح المنتوج للتداول‬
‫المسبب للضرر‪ّ ،‬إًل إذا رفع المضرور خالل هذه الفترة دعوى أمام القضاء" وأضافت‬
‫ّ‬
‫إن دعوى التعويض المؤسسة على أحكام هذا العنوان‬
‫المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 17‬ق م ف‪ّ " :‬‬
‫إبتداءا من تاريخ معرفة أو بإمكانية معرفة المدعي للضرر أو‬
‫ا‬ ‫تتقادم بآجال ثالث سنوات‬
‫العيب و هوية المنتج" إذن المشرع الفرنسي منح أجلين للضحية للمطالبة بحقها وهما‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مدة عشر سنوات من تاريخ طرح المنتوج للتداول‪ّ ،‬إال إذا رفع‬
‫األول‪ :‬هو ّ‬
‫الميعاد ّ‬
‫المضرور دعوى أمام القضاء وهو أجل لسقوط وانقضاء المسؤولية المدنية للمنتج‬
‫‪ Extinction de la responsabilité de producteur‬بالتالي يسقط معه الحق‬
‫األساسي في تعويض الضحية الذي يكون في أجل عشر سنوات من تاريخ وضع المنتوج‬
‫المدة غير قابلة للوقف أو‬
‫مدة حياة‪ ،‬وهذه ّ‬
‫للتداول‪ ،‬ويعود ذلك إلى أن المنتجات لها ّ‬
‫االنقطاع‪ ،‬غير أنها تسقط في حالة ارتكاب المنتج خطأ وهنا نعود إلى القواعد العامة لتقادم‬
‫المسؤولية المقررة ب ‪ 30‬سنة من تاريخ حصول الضرر للضحية‪.1‬‬
‫أما الميعاد الثاني‪ :‬فيتعلّق بتقادم دعوى المسؤولية ‪Prescription de l’action en‬‬
‫ّ‬
‫مدة ثالث سنوات من التاريخ الذي يكون فيه المتضرر‬
‫‪ responsabilité‬الذي يكون خالل ّ‬
‫قد علم بالضرر والعيب وهوية المنتج‪ ،‬و هذا األجل يخضع للقطع والوقف حسبما هو مقرر‬
‫في القواعد العامة‪.2‬‬
‫‪ -2‬اآلجال في التشريع الجزائري‬
‫تنص المادة ‪133‬ق م ج‪ " :‬تسقط دعوى التعويض بانقضاء خمس عشرة( ‪ )15‬سنة‬
‫حدد آجال رفع دعوى التعويض ب ‪ 15‬سنة‬
‫من يوم وقوع الفعل الضار"‪ ،‬فالمشرع الجزائري ّ‬
‫مدة طويلة يستفيد منها المتضرر من منتوج معيب وفقًا لنظام المسؤولية‬
‫كاملة‪ ،‬وهي ّ‬
‫حددها المشرع للمشتري المرتبط بعقد في مجال قواعد‬
‫بالمدة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫المستحدثة للمنتج‪ ،‬مقارنة‬
‫المقدرة بسنة من يوم التسليم الفعلي للمبيع ما لم يلتزم البائع بالضمان‬
‫ضمان العيوب الخفية و ّ‬
‫مدة ‪ 06‬أشهر من تاريخ تسليم السلعة‬
‫لمدة أطول وفي كل الحاالت ال يمكن أن تقل عن ّ‬
‫ّ‬

‫‪1‬‬
‫‪-François GILBERT: « Obligation de sécurité et responsabilité du fait des produits‬‬
‫‪défectueux », colloque franco- algérien sur l’obligation de sécurité, organisé le 22 mai 2002,‬‬
‫‪P U, Bordeaux, p 38.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-François GILBERT: Ibid, p 39.‬‬
‫‪115‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المدة عن ‪ 03‬أشهر حسب ما نصت عليه‬


‫الجديدة واذا ما كانت منتجات مستعملة فال تق ّل ّ‬
‫المادتين ‪ 16‬و‪ 17‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،327-13‬السالف الذكر‪.‬‬
‫مدة التقادم تحسب من تاريخ وقوع العمل الضار( فعل المنتوج‬
‫أن ّ‬‫أيضا ّ‬
‫يتضح لنا ً‬
‫المعيب) ال من يوم معرفة العيب من ِقبل المتضرر‪ ،‬كما ّأنها م ّدة طويلة تخدم مصلحة‬
‫المدة قد يؤثر بصورة سلبية على المنتج‪ ،‬إذ يكون من خاللها‬
‫المتضرر‪ ،‬وبالمقابل طول ّ‬
‫مهدد بخطر رفع الدعوى عليه‪ ،‬ولو عن ضرر ناجم من منتوج معيب وضع للتداول منذ فترة‬
‫ّ‬
‫مدة صالحيته‪ ،‬لذلك كان من األجدر على المشرع الجزائري تحديد أجل يحسب من‬
‫تفوق ّ‬
‫تاريخ الوضع للتداول‪ ،‬على أساسه تنتفي مسؤولية المنتج‪ .1‬بعدما أن يتأ ّكد المتضرر‬
‫المدعي باحترامه لهذه اآلجال‪ ،‬يقوم بإتباع جملة من اإلجراءات أمام الجهات القضائية‪:‬‬
‫ب‪ -‬شرط اإلجراءات‬
‫إن المنتج إذا أخل بالتزامه بضمان السالمة تجاه المستهلكين وكان مرتبط بارتكابه‬
‫ّ‬
‫مجرم في قانون حماية المستهلك وقمع الغش أو مختلف مراسيمه التنفيذية أو في قانون‬
‫لفعل ّ‬
‫العقوبات‪ ،2‬يكون للمتضرر من الفعل الضار أن يختار بين رفع دعواه أمام المحكمة الجزائية‬

‫‪ -1‬أحمد معاشــو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار الناجمة عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ -2‬من بين الحاالت التي يمكن أن يشكل الضرر جريمة معاقب عليها في القانون الفرنسي و بالتالي قيام المسؤولية‬
‫الجزائية بجانب المسؤولية المدنية للمنتج نذكر على سبيل المثال ال الحصر‪ :‬جنحة وضع الغير في حالة خطر ‪mise‬‬
‫‪ en danger d’autrui‬المنصوص عليها في المادة ‪ 3 -121‬ق ع ف‪ ،‬اإلضرار غير العمدي بسالمة األشخاص‬
‫حسب المواد ‪ 20 -222 ،19 -222 ،6 -221‬ق ع ف و المادة ‪ L213- 3‬ق إ ف‪ ،‬اإلضرار باألموال حسب المادة‬
‫‪ 5 -322‬ق ع ف و كذا اإلضرار بالبيئة حسب المادة ‪ L232- 2‬من قانون الري الفرنسي‪ .‬للتفصيل أكثر ينظر‪:‬‬
‫‪Jean François CARLOT : La responsabilité des entreprises du fait des risques biologiques,‬‬
‫‪Jurisque- rceb, n°02,2006, p 19. VOIR : www.jurisque.com Consulté le 02 janvier 2014‬‬
‫‪116‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يتم اللجوء إلى المحكمة الجزائية‪ 1‬في هذه‬


‫غالبا ما ّ‬
‫أو أمام المحكمة المدنية للفصل فيها‪ ،‬و ً‬
‫الحالة يمكن أن يتأسس كطرف مدني في الدعوى ويستوي هنا أن ترفع الدعوى المدنية مع‬
‫الدعوى العمومية أو بالتبعية لها‪ ،‬كما يستفيد المتضرر من اتساع مجال المطالبة القضائية‬
‫معنويا وشمولها كافة‬
‫ً‬ ‫طبيعيا أو‬
‫ً‬ ‫شخصا‬
‫ً‬ ‫وذلك بجواز مقاضاة المدعى عليه سواء كان‬
‫األضرار المادية منها والمعنوية كما سلف الذكر ما دامت ذات صلة بالدعوى العمومية‪،‬‬
‫مدنيا أمام قاضي التحقيق بتقديم شكوى لطلب التعويض عن‬
‫وللمتضرر الحق في اإلدعاء ً‬
‫الضرر الذي لحق به بشرط دفعه لكفالة لدى المحكمة تغطيةً لمصاريف الدعوى حسب نص‬
‫المادة ‪ 75‬ق إ ج ج والمادة ‪ 85‬ق إ ج ف‪.2‬‬
‫أما الطريق الثاني فيكون بتأسس المضرور كطرف مدني عن طريق التدخل ‪Par voie‬‬
‫ّ‬
‫‪ ،d’intervention‬بعدما أن تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية حيث يتدخل المتضرر‬
‫في الدعوى بعد إبالغه برفعها ويبدو من الناحية العملية أن هذا الطريق هو األكثر قبوًال لدى‬
‫المستهلك المتضرر خاصة عندما تسعفه وسائل اإلثبات للوقوف على العيوب الواردة في‬
‫إما أمام هيئات التحقيق‬
‫المنتوج الذي أنتج الضرر‪ ،‬وتدخل المدعى المدني المتضرر يكون ّ‬
‫أو أمام هيئات الحكم قبل الجلسة أو أثنائها بعد أن تبدي النيابة العامة طلباتها في الموضوع‬
‫حسب ما نصت عليه المادة ‪ 72‬ق إ ج ج‪.3‬‬
‫يجب أن تتم كل هذه اإلجراءات أمام جهة قضائية مختصة للنظر وللفصل في‬
‫موضوع الدعوى لذا يستلزم أن يقوم المتضرر بمراعاة شرط االختصاص‪:‬‬

‫‪ -1‬و ذلك لما يوفّره القضاء الجزائي من سرعة الفصل في الدعاوي و قلّة التكاليف و بساطة اإلجراءات‪ ،‬كما أن‬
‫نقال‬
‫المضرور يستفيد في هذه الحالة من المساعدة التي تقدمه له النيابة العامة في مجال إثبات العيب في المنتوج‪ً .‬‬
‫محمد شرياف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج وفقًا ألحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫عن‪ّ :‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪e‬‬
‫‪- Code de procédure pénale français, 53 édition, Dalloz, Paris, 2012.‬‬
‫‪3‬‬
‫المتضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬ج‪.‬ر ‪.‬ع ‪ 48‬الصادرة في ‪10‬‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪،1966‬‬ ‫‪ -‬أمر رقم ‪ّ 155 -66‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫جوان ‪ّ ،1966‬‬
‫‪117‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ج‪ -‬شرط اًلختصاص‬


‫عدة عناصر باعتباره يقتضي تحديد القضايا التي تدخل‬
‫يتضمن موضوع االختصاص ّ‬
‫نوعيا‪،‬‬
‫إقليميا و ً‬
‫ً‬ ‫في اختصاص القضاء( االختصاص الوظيفي) وكذا تحديد الجهة المختصة‬
‫سنبين في إطار دعاوي المسؤولية الموضوعية للمنتج االختصاص النوعي(‪)1‬‬
‫ّ‬ ‫لذا‬
‫واإلقليمي(‪ )2‬للجهات القضائية في قضايا حوادث المنتجات المعيبة‪:‬‬
‫‪ -1‬اًلختصاص النوعي‬
‫تنص المادة ‪ 32‬ق إ م إ ج على ّأنه‪ " :‬المحكمة هي الجهة القضائية ذات‬
‫اًلختصاص العام وتتشكل من أقسام" فالمحاكم العادية هي المختصة بالنظر في القضايا‬
‫عدة‬
‫تتكون من ّ‬
‫الخاصة بحوادث المنتجات المعيبة‪ ،‬باعتبارها صاحبة االختصاص العام و ّ‬
‫أقسام‪ ،‬وبما أن النزاعات الخاصة بهذا النوع من المسؤولية ذات طابع مدني‪ ،‬فالقسم المدني‬
‫هو المختص كأصل‪ ،‬لكن المنازعة االستهالكية تمتاز بالطابع المختلط إذ نجد أحد طرفيها‬
‫شخص عادي والطرف اآلخر تاجر األمر الذي يفتح إمكانية اختصاص القسم التجاري‬
‫نميز بين حالتين‪:‬‬
‫للفصل في مثل هذه المنازعة وفي هذا الصدد ّ‬
‫مدنيا فالقسم المدني هو‬
‫شخصا ً‬
‫ً‬ ‫تاجرا‪ ،‬والمدعى عليه‬
‫الحالة األولى‪ :‬إذا كان المدعي ً‬
‫المختص وليس القسم التجاري وان رفعها أمام هذا األخير تتم اإلحالة إلى القسم المختص‬
‫بهدف عدم تضرر الشخص المدني من قضاء ال يألفه‪،‬‬
‫مدنيا‪ ،‬فيرفع دعواه أمام القسم التجاري‪.1‬‬
‫شخصا ً‬
‫ً‬ ‫الحالة الثانية‪ :‬إذا كان المدعى‬
‫أن األشخاص العامة ذات الطابع االقتصادي يمكن أن تكون‬
‫و لقد سبق أن أشرنا ّ‬
‫منتجا‪ ،‬وبالتالي مثل هذا األمر ال يمنع أن يكون القضاء اإلداري باختالف درجاته من‬
‫ً‬

‫محمد حاج بن علي‪ :‬أهمية القسم التجاري للنظر في المنازعات االستهالكية على ضوء قانون اإلجراءات المدنية‬
‫ّ‬ ‫‪-1‬‬
‫و اإلدارية ‪ ،09-08‬مجلة األكاديمية للدراسات اًلجتماعية و اإلنسانية‪ ،‬ع‪ ،2013 ،09‬ص ‪.67‬‬
‫‪118‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫نوعيا في بعض قضايا ومنازعات األشخاص‬


‫ً‬ ‫محاكم إدارية ومجلس الدولة هو المختص‬
‫المتضررين في مواجهة المرافق العامة اإلدارية في حالة األضرار التي تسببت فيها من جراء‬
‫طرح منتوج معيب‪.1‬‬
‫كما يمكن أن نكون بصدد قضية مدنية فعلها يشكل جناية‪ ،‬فيعقد االختصاص لمحكمة‬
‫الجنايات الموجودة بالمجلس القضائي الذي يقع في دائرته مكان وقوع الفعل وفقًا لنص المادة‬
‫أما إذا كان الفعل يشكل جنحة أو مخالفة‪ ،‬فيعقد االختصاص للمحكمة‬
‫‪ 1 /248‬ق إ ج ج ّ‬
‫العادية في قسم الجنح والمخالفات حسب ما نصت عليه المادة ‪ 1/ 328‬ق إ ج ج‪.‬‬
‫ويمكن القول أن االختصاص للمحكمة المدنية يكون حصرًيا في حالة عدم وجود تجريم‬
‫الفعل المؤدي للضرر‪ ،‬كما أن التطبيق القضائي في فرنسا يسير نحو جعل المحاكم الجزائية‬
‫صاحبة الوالية العامة في مسائل االستهالك‪.2‬‬
‫‪ -2‬اًلختصاص المحلي( اإلقليمي)‬
‫إن قواعد االختصاص اإلقليمي من القواعد التي تهتم بتوزيع القضايا على أساس جغرافي‬
‫ّ‬
‫أو إقليمي بين مختلف المحاكم من نفس النوع‪ ،‬و لع ّل توزيع االختصاص بين إقليم الوطن‬
‫الهدف منه هو" تقريب العدالة من المتقاضين من أجل سرعة الفصل في القضايا" وتحقيقًا‬
‫إقليميا للنظر في‬
‫ً‬ ‫لهذا الهدف وضع المشرع الجزائري قاعدة عامة تحدد المحكمة المختصة‬
‫النزاع‪ ،‬التي تقرر أن المدعي يسعى وراء المدعى عليه و بذلك أعطى المشرع االختصاص‬
‫للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه‪ ،3‬حسب نص المادة ‪ 37‬ق إ م إ ج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمـد شريــــــــــــــــــــاف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج وفقًا ألحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪-2‬قـــــــــــــــــــــادة شهيـــــــــدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.234‬‬
‫‪-3‬حسيـــــــــــــن فريــــــــــــجــة‪ :‬المبادئ األساسية في قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪119‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ونطبق نفس الوضع بخصوص المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬فيتم النظر إلى مكان‬
‫وقوع الفعل الضار حسب نص المادة ‪ 2 /39‬ق إ م إ ج‪.‬‬
‫محليا هي المحكمة‬
‫ً‬ ‫فنص على أن المحكمة المختصة‬
‫ّ‬ ‫وبخصوص المشرع الفرنسي‬
‫التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه‪ ،‬وفي حالة تعددهم فللمدعي اختيار موطن أحدهم‬
‫حسب نص المادة ‪42‬ق إ م ف‪ ،‬كما أضافت المادة ‪ 2 /46‬من نفس القانون إمكانية اختيار‬
‫المدعى إلى جانب موطن المدعى عليه‪ ،‬اللجوء إلى المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها‬
‫مكان وقوع الفعل الضار‪ .‬والملفت لالنتباه أن المشرع الفرنسي بخصوص المنازعات‬
‫نظر لطابعها الخاص لوجود طرف ضعيف وهو الضحية من منتوج معيب‪،‬‬
‫االستهالكية و ًا‬
‫يكرس أكبر قدر ممكن من الحماية من الناحية اإلجرائية إذ منح قانون االستهالك‬
‫حاول أن ّ‬
‫الفرنسي منذ ‪ ( 2009‬بصدور القانون رقم ‪ 526 -2009‬في ‪ 12‬ماي ‪ 2009‬بمادته ‪)24‬‬
‫اإلمكانية لقيام المستهلك( المدعي) برفع دعواه أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها‬
‫مكان إقامته وقت نفاذ العقد أو مكان إقامته وقت وقوع الفعل الضار حسب نص المادة‬
‫‪ L141- 5‬ق إ ف‪ ،1‬بذلك يكون للمتضرر من المنتوج المعيب الحرية في اختيار المحكمة‬
‫محليا لرفع دعوى التعويض وفقًا للقانون الفرنسي بين‪:‬‬
‫التي تناسبه ً‬
‫‪ -‬محكمة موطن المدعى عليه( المنتج)‪،‬‬
‫‪ -‬محكمة مكان وقوع الفعل الضار‪،‬‬
‫‪ -‬محكمة مكان إقامته وقت نفاذ العقد( إذا ما وجد عقد بين المتضرر و المنتج)‪،‬‬
‫‪ -‬محكمة مكان إقامته وقت وقوع الفعل الضار‪.‬‬

‫‪-Art L-141- 5 du c. consom dispose : « Le consommateur peut saisir à son choix, outre l'une‬‬
‫‪1‬‬

‫‪des juridictions territorialement compétentes en vertu du code de procédure civile, la‬‬


‫‪juridiction du lieu où il demeurait au moment de la conclusion du contrat ou de la‬‬
‫» ‪survenance du fait dommageable‬‬
‫‪120‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفـرع الثاني‪ :‬تقدير التعويض‪ ،‬طرقه و حدوده‬


‫إن الهدف األساسي من قيام المتضرر برفع دعواه أمام الجهات القضائية هو الحصول‬
‫ّ‬
‫على التعويض‪ ،‬والتعويض هو ما يلتزم به المسؤول في المسؤولية المدنية اتجاه من أصابه‬
‫الضرر‪ ،‬فهو جزاء المسؤولية‪ .1‬وباعتبار التعويض يشكل موضوع دعوى المسؤولية‬
‫قرر‬
‫الموضوعية للمنتج‪ ،‬فللقاضي وحده السلطة بالحكم أو عدم الحكم به‪ ،‬وفي حالة ما إذا ّ‬
‫يحدد الصورة‬
‫(أواًل) كما ّ‬
‫الحكم به لصالح المضرور يستعين بجملة من العناصر لتقدير قيمته ّ‬
‫ثانيا) وما يالحظ‬
‫قانونا( ا‬
‫ً‬ ‫تم بها التعويض وفقًا لألوضاع والظروف المنصوص عليها‬
‫التي ي ّ‬
‫على النوع الخاص المستحدث من المسؤولية المدنية للمنتج هو وجود اختالف حول تحديد‬
‫مقدار التعويض من عدمه ما أدى باختالف موقف التشريعات في هذا الشأن( ثالثاا)‬
‫ّأواًل‪ :‬تقدير التعويض‬
‫إذا لم يستطع المنتج دحض إدعاء خصمه ومع توافر شروط المسؤولية الموضوعية‪،‬‬

‫يقوم القاضي بتقدير التعويض الذي من أجله ُرِفعت الدعوى‪ ،‬وهذا األخير ال ّ‬
‫يعتد بالضرر‬
‫وحده لتقدير التعويض وانما يستعين بعناصر أخرى حسب ما جاء في مضمون المادة ‪131‬‬
‫يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المصاب طبقاا ألحكام‬
‫ق م ج‪ّ " :‬‬
‫المادتين ‪ 182‬و ‪ 182‬مكرر مع مراعاة الظروف المالبسة‪ ،‬فإن لم يتيسر له وقت الحكم‬
‫يقدر مدى التعويض بصفة نهائية‪ ،‬فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خالل‬
‫أن ّ‬
‫يقدر مبلغ التعويض‪،‬‬
‫معينة بالنظر من جديد في التقدير" فقاضي الموضوع هو الذي ّ‬
‫مدة ّ‬
‫ّ‬
‫و ذلك وفقًا للمادتين ‪ 182‬و ‪ 182‬مكرر ق م ج‪ ،‬و أن مسألة تقدير التعويض مسألة وقائع‬
‫يبين في حكمه‬
‫لكنها ليست بسلطة مطلقة بل عليه أن ّ‬
‫وال رقابة للمحكمة العليا في ذلك‪ ،‬و ّ‬
‫ماديا‪ ،‬وهذا ما أ ّكدت عليه‬
‫عناصر الضرر التي اعتمد عليها في تقديره إذا كان الضرر ً‬

‫‪ -1‬زاهية حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.297‬‬
‫‪121‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المحكمة العليا سنة ‪ ،11994‬على عكس الضرر المعنوي إذ ال يستوجب ذكر عناصر‬
‫ألنه يقوم على العنصر العاطفي حسب ما قضت به المحكمة العليا بقرارها‬
‫التعويض ّ‬
‫الصادر في ‪ 17‬ديسمبر ‪.22009‬‬
‫يجب أن يراعي القاضي عند تقديره للتعويض كل من‪:‬الظروف المالبسة(أ) النفقة‬
‫المتغير(ج)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المؤقتة(ب) و كذا الضرر‬
‫أ‪ -‬الظروف المالبسة‬
‫يقصد بالظروف المالبسة تلك الظروف التي تصاحب وقوع الضرر أو الظروف‬
‫الخاصة بشخص المضرور المتعلّقة به كوضعه الثقافي أو مركزه االجتماعي أو حالته‬
‫الصحية أو جنسه أو سنه أو مهنته أو ظروفه العائلية‪.3‬‬
‫فإن‪ ":‬الظروف المالبسة هي‬
‫و حسب األستاذ الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري ّ‬
‫تلك التي تالبس المضرور ال الظروف التي تالبس المسؤول‪ ،‬فالظروف الشخصية التي‬
‫تحيط بالمضرور وما قد أصابه بسبب الضرر‪ ،‬كل هذا يدخل في حساب القاضي عند تقديره‬
‫‪4‬‬
‫أما الظروف الشخصية التي تحيط بالمسؤول فال تدخل في الحساب"‬
‫للتعويض‪ّ ،‬‬

‫‪1‬‬
‫صرحت في قرارها بما يلي" من المبادئ العامة في القانون أن التعويضات المدنية يجب أن تكون مناسبة للضرر‬
‫‪ -‬إذ ّ‬
‫ثم فإن القضاء‬
‫يبينوا في أحكامهم الوسائل المعتمدة لتقدير تلك التعويضات‪ ،‬و من ّ‬
‫الحاصل‪ ،‬و على القضاة أن ّ‬
‫لما ثبت في قضية الحال أن قضاة الموضوع منحوا تعويضات هامة دون تحديد‬ ‫يعد خرقًا للقانون‪ ،‬و ّ‬
‫و بخالف ذلك ّ‬
‫قانونا و متى كان كذلك‬
‫ً‬ ‫المقررة‬
‫ّ‬ ‫العناصر التي اعتمدوا عليها في تقديرهم للتعويض يكونوا بذلك قد خرقوا القواعد‬

‫المؤرخ في ‪-24‬‬
‫ّ‬ ‫استوجب قرارهم النقض" ينظر‪ :‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم‪109568‬‬
‫‪ ،1994 -05‬المجلة القضائية‪ ،‬ع‪ 01‬لسنة ‪.1997‬‬
‫المؤرخ في ‪ 17‬ديسمبر ‪ ،2009‬مجلّة المحكمة‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم ‪505072‬‬
‫العليا‪ ،‬ع ‪ 01‬لسنة ‪.2010‬‬
‫‪ -3‬أحمــــــــــــــــد معــــــــــــــــــــــــــاشو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار الناجمة عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ -4‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.971‬‬
‫‪122‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يتم بالنظر لحالة المتضرر فيما يتصل بأهمية الضرر وتقديره‬


‫كما أن تقدير التعويض ّ‬
‫مثال موارد المجني عليه وسبل رزقه و من يتولّى اإلنفاق عليه‪ ،‬لمعرفة‬
‫وقت وقوعه‪ ،‬فتراعى ً‬
‫قدر ما لحقه من خسارة و ما فاته من كسب‪.‬‬
‫ب‪-‬النفقة المؤقتة‬
‫يقدر مبلغ التعويض بصفة نهائية‪ ،‬له أن يحتفظ‬
‫يتيسر للقاضي وقت الحكم أن ّ‬
‫إذا لم ّ‬
‫يسمى‬
‫مدة معّينة بالنظر من جديد في التقدير وهو ما ّ‬
‫للمضرور بالحق في أن يطالب خالل ّ‬
‫ب" التعويض الجزئي المسبق" هذا ما قصده المشرع الجزائري في آخر نص المادة ‪ 131‬ق‬
‫البد من شروط هي‪:‬‬
‫يتجسد هذا الحق ّ‬
‫ّ‬ ‫م ج‪ ،‬وحتى‬
‫ملحة للطلب بهذه النفقة‪،‬‬
‫‪ -‬أن تكون هناك ضرورة ّ‬
‫لمدة طويلة إلعداده‪،‬‬
‫‪ -‬أن تكون عناصر التعويض ال تزال في حاجة ّ‬
‫يقدر به الضرر‪.1‬‬
‫‪ -‬أن يكون مبلغ هذه النفقة أقل من مبلغ التعويض الذي ينتظر أن ّ‬
‫المتغير‬
‫ّ‬ ‫ج‪-‬الضرر‬
‫المتغير ما يتردد بين التفاقم والنقصان بغير استقرار في اتجاه بذاته‬
‫ّ‬ ‫يقصد بالضرر‬
‫تبعا لظرف طارئ بين فترة لفترة أخرى‪ ،‬فيستطيع القاضي أن يأخذ‬
‫وقد يحدث هذا التغيير ً‬
‫بعين االعتبار تلك التغيرات المتوقعة عند تقديره للضرر والتي تبدو له محتملة الوقوع أو‬
‫يقدر القاضي‬
‫التي ال يملك من القرائن التي تم ّكنه من تقديره فإن له تأجيل الفصل فيها‪ .‬و ّ‬
‫المتغير وقت صدور الحكم أو القيمة يوم الحكم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الضرر‬
‫يالحظ أنه إذا كان القاضي قد أغفل تلك التغيرات المحتملة للضرر ولم يفصل فيها ال‬
‫يتقدم إلى نفس‬
‫إيجابا‪ ،‬بإمكان المضرور في حالة تعاظم مقدار الضرر وتفاقمه أن ّ‬
‫ً‬ ‫سلبا ال‬
‫ً‬
‫طالبا إعادة النظر في مقداره‪ ،‬وفي حالة العكس ال يمكن للمسؤول المطالبة بإعادة‬
‫المحكمة م ً‬

‫‪ -1‬نـــــــــــادية مامـــــــــش‪ :‬مسؤولية المنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬


‫‪123‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫قوة الشيء المقضي فيه‪ ،‬وينبغي التمييز بين حالتين‬


‫النظر في الحكم الكتساب هذا األخير ّ‬
‫المتغير و هي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يخص الضرر‬
‫ّ‬ ‫فيما‬
‫مكوناته‪ ،‬هذه التغيرات قد‬
‫التغير ط أر على عناصر الضرر و ّ‬
‫‪ -‬الحالة األولى‪ :‬إذا كان ّ‬
‫تكون نتيجة تعيب المنتوج الذي طرحه المنتج للتداول‪ ،‬فعليه بتعويض المتضرر عن كل ما‬
‫التغيرات التي حدثت للضرر ال عالقة لها‬
‫أما إذا كانت تلك ّ‬
‫لحق به من ضرر قديم وجديد‪ّ ،‬‬
‫بتعيب المنتوج فإن المضرور ال يستحق أي تعويض على تفاقم الضرر ألن المبدأ يقضي أن‬
‫ّ‬
‫محددة بمقدار ما ينشأ عن فعله ويسببه من ضرر وليس بمقدار الضرر‬
‫مسؤولية كل إنسان ّ‬
‫الذي لحق الطرف اآلخر والذي ال صلة له بالمسؤول وال دخل له فيه‪.1‬‬
‫‪ -‬الحالة الثانية‪ :‬تتمثل في تغير مقدار الضرر بسبب عوامل خارجية‪ ،‬رغم أن الضرر‬
‫تغير األسعار سواء بارتفاع أو انخفاض القيمة‬
‫داخليا وانما بسبب ّ‬
‫ً‬ ‫يبقى نفسه ثابتًا ال يعتبر‬
‫الشرائية للنقود‪ ،‬فيبقى على القاضي أن يأخذها بعين االعتبار وبذلك يكون المريض قد‬
‫عمال بنص المادة ‪ 182‬ق م ج‪ ،‬لكن في‬
‫عما لحقه من ضرر وما فاته من كسب ً‬
‫عوض ّ‬
‫ّ‬
‫حالة ما إذا بادر المريض إلى إصالح ما لحقه من ضرر في جسمه أو في ماله بعدها‬
‫التغيرات بعين االعتبار عند تقديره للتعويض‪ ،‬بل‬
‫ّ‬ ‫تغيرت األسعار‪ ،‬فالقاضي ال يأخذ هذه‬
‫ّ‬
‫يقضي له بتعويض يساوي قيمة الضرر وقت قيامه بإصالحه ال بوقت صدور الحكم‪.2‬‬
‫يحدد الطريقة التي يوفي به‬
‫ّ‬ ‫قدير القاضي للتعويض باالستعانة بهذه العناصر‪،‬‬
‫و بعد ت ّ‬
‫للمتضرر‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫األول‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪ ،2006 ،‬ص‬
‫‪ -‬حسن علي الذنون‪ :‬المبسوط في شرح القانون المدني( الضرر)‪ ،‬الجزء ّ‬
‫‪.415‬‬
‫‪ -2‬زاهية عيســــــــاوي‪ :‬المسؤولية المدنية للصيدلي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع" قانون المسؤولية‬
‫المهنية"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2012 ،‬ص ‪.170‬‬
‫‪124‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثان ايا‪ :‬طرق التعويض‬


‫تبعا للظروف‪ ،‬ويصح أن‬
‫يعين القاضي طريقة التعويض ا‬
‫تنص المادة ‪ 132‬ق م ج‪ّ " :‬‬
‫مرتبا‪ ،‬ويجوز في هاتين الحالتين إلزام‬
‫ادا ا‬‫يكون التعويض مقسطاا‪ ،‬كما يصح أن يكون إير ا‬
‫تبعا للظروف‬
‫يقدر التعويض بالنقد‪ ،‬على أنه يجوز للقاضي‪ ،‬ا‬
‫يقدم تأمي انا‪ .‬و ّ‬
‫المدين بأن ّ‬
‫وبناء على طلب المضرور‪ ،‬أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه‪ ،‬أو أن يحكم و ذلك‬
‫على سبيل التعويض‪ ،‬بأداء بعض اإلعانات تتصل بالفعل غير المشروع"‬
‫تبعا‬
‫وعليه‪ ،‬القاضي له السلطة الكاملة في اختيار الطريقة المناسبة للتعويض ً‬
‫للظروف‪ ،1‬و هذه الطرق هي التعويض العيني(أ) التعويض بمقابل(ب)‪.‬‬
‫أ‪ -‬التعويض العيني‬
‫التعويض العيني هو الذي يمكن أن يحقق للمضرور ترضية من جنس ما أصابه من‬
‫عينيا"‬
‫ضرر وذلك بطريقة مباشرة أي من غير الحكم له بمبلغ من النقود" أي الوفاء بااللتزام ً‬
‫و هو األصل في الشريعة اإلسالمية التي تقضي بأنه إذا كان الشيء الذي أتلف أو أعدم‬
‫قيميا فبثمنه‪.2‬‬
‫مثليا وجب تعويضه بمثله واذا كان ً‬
‫ً‬
‫وهذا النوع من التعويض منتشر في نظام المسؤولية المدنية ذات الطابع العقدي‪،‬‬
‫ويضيق وجوده في المسؤولية التقصيرية ألن المبدأ في هاته األخيرة هو التعويض المالي‪،‬‬
‫تصوره واألخذ به‪ ،‬مثال ذلك أن يتسبب‬
‫ّ‬ ‫أما في نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬فيمكن‬
‫ّ‬

‫‪ -1‬تتعدد أوصاف أنواع التعويض‪ ،‬فهناك التعويض المادي و التعويض المعنوي و التعويض الجسماني و التعويض‬
‫الجمالي و التعويض الرمزي و التعويض العيني و التعويض بمقابل و التعويض غير النقدي أو التعويض بالوسائل‬
‫محمد حامد‪ :‬عملية تقدير التعويض في المسؤولية في القانون المدني و القانون اإلداري‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫نقال عن‪ّ :‬‬
‫األخرى‪ً .‬‬
‫شهادة الماجستير في العقود و المسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة بن يوسف بن خدة‪ ،‬الجزائر‪ ،2007 ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ -2‬الســـــــــــــــــعيد مقــــــــــــــــــــــــــــــ ّدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪125‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫منتوج أو آلة كهربائية معيبة انفجار منزل الم ِ‬


‫ستعمل‪ ،‬ما رتب أضرار مادية له كاحتراق كل‬ ‫ُ‬
‫ما بداخله‪ ،‬فيقوم المنتج بشراء كل ما تلف بداخله و ذلك على نفقته‪.‬‬
‫يستلزم توافر شروط أربعة القتضاء التنفيذ العيني‪:‬‬
‫ممكنا‪،‬‬
‫ً‬ ‫‪ -‬أن يكون التنفيذ العيني‬
‫يتقدم به المدين‪،‬‬
‫‪ -‬أن يطالب به الدائن أو ّ‬
‫‪ّ -‬أال يكون فيه إرهاق للمدين‪ ،‬أو يكون فيه إرهاق ولكن العدول عنه يلحق بالدائن‬
‫جسيما‪،‬‬
‫ً‬ ‫ضرر‬
‫ًا‬
‫‪ -‬أن يعذر المدين‪.1‬‬
‫فيتم اللّجوء إلى التنفيذ العيني في حالة ورود إمكانية ذلك حسب المادة ‪ 164‬ق م ج‪":‬‬
‫عينيا‪ ،‬متى‬
‫يجبر المدين بعد إعذاره طبقاا للمادتين ‪ 180‬و‪ 181‬على تنفيذ التزامه تنفي اذا ا‬
‫ممكنا ال يجوز للمدين طلب التعويض بمقابل واذا‬
‫ً‬ ‫كان ذلك ممك انا" فإذا كان التعويض العيني‬
‫طالب التنفيذ بمقابل ولم يكن التنفيذ العيني مرهقًا للمدين‪ ،‬فللقاضي أن يحكم بالتنفيذ العيني‬
‫أما إذا استحال التنفيذ العيني فهنا تدعو الضرورة للجوء‬
‫ويصرف النظر عن طلب الدائن‪ّ ،‬‬
‫إلى التعويض بمقابل‪ ،2‬وهذا ما قضت به المحكمة العليا في قرارها الصادر سنة ‪.32011‬‬
‫أما عن موقف المشرع الفرنسي‪ ،‬فلم ينص على التعويض العيني في المادة ‪ 1382‬ق‬
‫ّ‬
‫م ف صراحة‪ ،‬بل اكتفى بعبارة" تعويض" ‪ Réparer‬ويشمل التعويض إلى جانبه إعادة‬
‫الحالة إلى ما كانت عليه قبل حدوث الضرر‪ّ ،‬إال ّأنه أورد بعض التطبيقات منها نص المادة‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد( آثار االلتزام)‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2000 ،‬ص ‪.710‬‬
‫‪ -2‬زاهيــــــــــــة حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.315‬‬
‫‪3‬‬
‫مؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪ ،2011‬مجلّة المحكمة‬
‫‪ -‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم ‪ّ 620974‬‬
‫العليا‪ ،‬ع ‪ 02‬لسنة ‪.2011‬‬
‫‪126‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ 1243‬ق م ف الذي يقضي بأنه ال يجبر الدائن على تسلم شيء غير الذي التزم بتسليمه‬
‫مساويا له في قيمته أو أعلى منه‪.1‬‬
‫ً‬ ‫المدين‪ ،‬حتى و لو كان ما يعرضه المدين‬
‫ال يجوز للقاضي أن يأمر بالتنفيذ العيني إذا لم يقبله المسؤول ّإال إذا كان عدم قبوله‬
‫ممكنا‪ ،‬فهنا للقاضي أن يكرهه على التنفيذ العيني بغرامة‬
‫ً‬ ‫عينا‬
‫تعنتًا منه وكان تنفيذ االلتزام ً‬
‫ممكنا‪ ،‬وا ّال فال يبقى له ّإال‬
‫ً‬ ‫تهديدية‪ ،2‬وللمضرور الحق في المطالبة به كلما كان ذلك‬
‫التعويض النقدي‪.‬‬
‫ب‪-‬التعويض بمقابل ‪Réparation par équivalent‬‬
‫ملزما بالحكم به حتى لو‬
‫متعذر الستحالته‪ ،‬ال يكون القاضي ً‬
‫ًا‬ ‫إذا أصبح التنفيذ العيني‬
‫تقدم‬
‫ممكنا وطالب به الدائن أو ّ‬
‫ً‬ ‫ملزما به إذا كان‬
‫تقدم به المدين‪ ،‬فيكون ً‬
‫تمسك به الدائن أو ّ‬
‫ّ‬
‫به المدين‪ ،3‬وللتعويض بمقابل صورتان‪ :‬التعويض بمقابل نقدي(‪ )1‬والتعويض بمقابل غير‬
‫نقدي(‪)2‬‬
‫‪ -1‬التعويض بمقابل نقدي ‪Réparation pécuniaire‬‬
‫يسميه مجمع اللّغة العربية المصري ب" التضمينات" وهو عبارة عن مبلغ من النقود‬
‫ّ‬
‫ُيقضى به على المسؤول‪ ،‬ويذهب البعض من الفقهاء من بينهم بالنيول إلى القول أن‬
‫التعويض ال يكون ّإال بمبلغ من النقود‪.4‬‬

‫‪ -1‬الســــــــــــــعيد مقــ ّدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.227‬‬
‫‪2‬‬
‫عينا غير ممكن أو غير مالئم ّإال إذا قام به المدين نفسه‪ ،‬جاز‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 174‬ق م ج‪ " :‬إذا كان تنفيذ االلتزام ً‬
‫للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ و بدفع غرامة إجبارية إن امتنع عن ذلك‪ ،‬و إذا رأى القاضي أن‬
‫داعيا للزيادة"‬
‫كافيا إلكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأى ً‬
‫مقدار الغرامة ليس ً‬
‫‪ -3‬الســـــــــــعيد مقــــــ ّدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪ -4‬حسـن علي الذنون‪ :‬المبسوط في شرح القانون المدني( الضرر)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.372‬‬
‫‪127‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واألصل في التعويض النقدي أن يدفع دفعة واحدة للمضرور‪ّ ،‬إال ّأنه يجوز للقاضي أن‬
‫مبلغ ٍ‬
‫كاف‬ ‫يجعله ُيدفع على شكل أقساط أو إيراد مر ًتبا‪ ،‬كما يجوز للمدين تقديم تأمين بإيداع ٍ‬
‫لضمان الوفاء باإليراد المحكوم به‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 1 /132‬ق م ج‪ ،‬لكن السؤال‬
‫قرر القاضي‬
‫الذي يطرح في هذا الصدد‪ :‬هل يجوز إعادة النظر في مقدار التعويض إذا ّ‬
‫دفعه في صورة أقساط أو مرتب مدى الحياة في حالة ما إذا ارتفعت األسعار؟‬
‫إذا حكم القاضي بدفع التعويض في صورة أقساط‪ ،‬فإن القضاء سواء الجزائري أو‬
‫الفرنسي استق ار على عدم إعادة النظر فيه ألن األسعار ترتفع باستمرار‪ ،‬وبالتالي فتح المجال‬
‫للمضرور بطلب إعادة النظر في مقدار التعويض يشكل مساس بحجية الشيء المقضي فيه‪.‬‬
‫حدد‬
‫أما إذا حكم القاضي بدفع تعويض في صورة مرتب مدى الحياة فيجوز له تعديله‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫القانون مسبقًا مقدار أو نسبة الزيادة في اإليراد بحيث ال يكون المضرور بحاجة لطلب إعادة‬
‫النظر في التعويض من جديد‪ ،‬كما للقاضي بناء على طلب المتضرر أن يحكم له بتعويض‬
‫مسبق إلى غاية الحكم بالتعويض النهائي‪ ،‬يراعى في هذا التعويض أن ال يتجاوز مقدار‬
‫التعويض النهائي‪ ،‬و يكون ذلك في حالة تعيين خبير لتقدير التعويض المستحق كما يكون‬
‫تقدير التعويض وقت صدور الحكم‪ ،‬فيجب أن يتم على أساس الحالة التي وصل إليها‬
‫الضرر يوم الحكم سواء اشتد الضرر أو خف‪.1‬‬
‫بخصوص القضاء الفرنسي فيما يتعلّق بالتعويض النقدي‪ ،‬فنجد ّأنه في الحياة العملية‬
‫أما الفقه الفرنسي فمعظمهم يرون ّأنه‬
‫يعبر عنه ب ‪ّ Dommage et intérêt‬‬
‫يفضله و ّ‬
‫ّ‬

‫‪ -1‬أحــــــــــــــــــمد معـــــــــــــاشو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار الناجمة عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫ينظر كذلك ‪ :‬زاهية حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.327‬‬
‫‪128‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الوسيلة الوحيدة لتعويض المضرور و ذلك بالحكم له بمبلغ نقدي ومن بينهم نجد لوسيان‬
‫روبرت‪.1‬‬
‫التعويض بمقابل غير نقدي ‪Réparation par équivalent non‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪pécuniaire‬‬
‫مبلغا من النقود إذ يستطيع الدائن أن‬
‫ال يشترط في التعويض أن يكون على الدوام ً‬
‫يطالب بمقابل غير نقدي في حالة عدم التنفيذ العيني أو التنفيذ بمقابل نقدي‪ ،‬فقد يرى أن‬
‫هذا الطلب أكثر فائدة له من اقتضاء مبلغ من النقود‪ .2‬وفي إطار المسؤولية الموضوعية‬
‫معين على سبيل التعويض‪،‬‬
‫للمنتج يجوز أن يحكم القاضي في أحوال استثنائية بأداء أمر ّ‬
‫مثال بنشر الحكم على نفقة المحكوم عليه في حالة الضرر األدبي‪ ،‬ويقول الشراح في‬
‫فيأمر ً‬
‫هذا الصدد أن مثل هذا التعويض ال هو بالعيني وال هو بالمالي‪ ،‬لكنه قد يكون أنسب عندما‬
‫تقتضيه الظروف في بعض الصور‪ .3‬وطبقًا للقانون الجزائري يجوز الحكم بهذا النوع من‬
‫تبعا للظروف‬
‫التعويض إذ تنص المادة ‪ 2/132‬ق م ج‪... ":‬على أنه يجوز للقاضي‪ ،‬ا‬
‫و بناء على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه‪ ،‬أو أن يحكم وذلك‬
‫على سبيل التعويض‪ ،‬بأداء بعض اإلعانات تتصل بالفعل غير المشروع"‬
‫فكما سلف الذكر‪ ،‬أنه في إطار مسؤولية المنتج المستحدثة قد يكون المتضرر متعاقد‬
‫متعاقدا يمكن له المطالبة بفسخ العقد الذي‬
‫ً‬ ‫أو غير متعاقد مع المسؤول‪ ،‬فإذا كان المتضرر‬
‫أما إذا كان غير متعاقد فالتعويض‬
‫يعتبر في هذا الشأن بمثابة تعويض بمقابل غير نقدي‪ّ ،‬‬
‫هم المتضرر هو‬
‫غير النقدي يصلح فقط في حالة الضرر المعنوي‪ ،‬وهو قليل الوقوع ألن ُّ‬

‫‪ -1‬الســــــــــــــــــعيد مقــــــــــ ّدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.232‬‬
‫‪ -2‬حســــــــــن علـي الذنون‪ :‬المبسوط في شرح القانون المدني( الضرر)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪ -3‬الســـــــــــــــعيد مقـــــــــــــ ّدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.232‬‬
‫‪129‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫غالبا ّإال بواسطة التعويض العيني أو التعويض‬


‫جبر الضرر الذي لحق به ذلك ال يتأت ً‬
‫بمقابل‪.‬‬
‫ثالثاا‪ :‬حدود التعويض‬
‫القاعدة العامة تقضي بأن التعويض يغطي كافة األضرار التي تلحق بالمتضرر‪ّ ،‬إال‬
‫معينة يمكن للمشرع أو لألطراف تحديد قيمة التعويض سواء بوضع‬
‫أنه ألسباب ولظروف ّ‬
‫حد أدنى أو ٍ‬
‫حد أقصى له‪ ،‬وفي هذا الشأن اختلف الرأي و ٍ‬
‫لكل مبرراته‪ ،‬كما امتد هذا‬ ‫ٍ‬

‫االختالف إلى التشريعات فمنها من وضعت حدوًدا للتعويض كالتوجيه األوروبي ومنها من‬
‫سنبين مبررات التحديد(أ) وعدم‬
‫ّ‬ ‫حدودا له كالمشرع الفرنسي وكذا الجزائري‪ ،‬لذا‬
‫ً‬ ‫لم تضع‬
‫التحديد القانوني لقيمة التعويض(ب)‪ ،‬ثم لموقف التشريعات في هذا الشأن( ج)‪:‬‬
‫مبررات التحديد و عدم التحديد القانوني لقيمة التعويض‬ ‫أ‪-‬‬
‫اختلفت اآلراء حول هذه المسألة وسنعرض بداية مبررات التحديد القانوني لقيمة‬
‫لمبررات عدم التحديد القانوني لقيمة التعويض(‪ )2‬فيما يلي‪:‬‬
‫التعويض(‪ )1‬ثم ّ‬
‫‪ -1‬مبررات التحديد القانوني لقيمة التعويض‬
‫ساد في القانون المقارن اتجاه يسير نحو تنحية مبدأ التعويض عن كامل األضرار‪،‬‬
‫تبن ي مبدأ حديث لم يستقر في أي من النظم القانونية‪ ،‬فيما عدا القانون األلماني وهو مبدأ‬
‫و ّ‬
‫وضع أسقف أو حدود لقيمة التعويض التي يلزم بها المنتج في مواجهة المضرورين‪.1‬‬
‫و أهم األسباب التي تبرر وضع حدود للتعويض نذكر‪:‬‬
‫إن المسؤولية الناشئة عن تعيب المنتجات هي مسؤولية ذات طابع موضوعي ال‬
‫‪ّ -‬‬
‫تستند لعنصر الخطأ‪ ،‬و تقود بالتالي إلى اتساع نطاق التعويض بما يؤدي إلى تحمل المنتج‬

‫‪ -1‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.244‬‬
‫‪130‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ليتحملها لو أن مسؤوليته أقيمت على أساس الخطأ ما قد يشكل عقبة أمام‬


‫ّ‬ ‫أعباء لم يكن‬
‫التطور و التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتحملها المنتج بموجب المسؤولية الموضوعية بدون وضع أسقف‬
‫ّ‬ ‫إن األعباء التي‬
‫‪ّ -‬‬
‫لها‪ ،‬تؤدي إلى إضعاف موقفه التنافسي‪ ،‬لذلك يعطي المنتج فرصة للتأمين على مسؤوليته‬
‫لما يمنحه من قدرة على حساب االحتماالت في ضوء خطر التأمين‪.‬‬
‫إن تقييد التعويض بهذه الحدود ال يجب أن ينظر إليه على أنه يضر بالمستهلك‬
‫‪ّ -‬‬
‫يقدمه من سلع حديثة‬
‫بالتطور التكنولوجي وما ّ‬
‫ّ‬ ‫و يقلّص من حمايته‪ ،‬ذلك أن التمتّع‬
‫قدر من المخاطر‬
‫متطورة يفرض على المجتمع بكل من فيه‪ ،‬بصفة خاصة المستهلكين ًا‬
‫و ّ‬
‫يتحملها ويشارك في أعبائها‪.1‬‬
‫واألضرار التي يجب على الجميع أن ّ‬
‫‪ -2‬مبررات عدم التحديد القانوني لقيمة التعويض‬
‫تتمثّل مبررات عدم التحديد القانوني لقيمة التعويض فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬رفض المغاالة في حماية المنتج على حساب المستهلك‪،‬‬
‫إخالال بمبدأ‬
‫ً‬ ‫يعد‬
‫إن التحديد الجزافي للحد األقصى لمسؤولية المنتج عن التعويض ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫المساواة بين المضرورين في حق الحصول على التعويض‪ ،‬فطالما أن المنتج يلزم بدفع‬
‫التعويضات حتى يصل لقيمة ما يدفعه إلى الحد األقصى‪ ،‬فإن ذلك يعني أن من يصيبه‬
‫مؤخر أو من يتأخر في رفع دعواه سيحرم من الحصول على التعويض‪.2‬‬
‫ًا‬ ‫الضرر‬
‫ب‪ -‬موقف التشريعات من التحديد القانوني لقيمة التعويض‬
‫سنبين موقف كل من التشريع الفرنسي(‪ )1‬و كذا الجزائري(‪ )2‬بشأن التحديد القانوني‬
‫ّ‬
‫لقيمة التعويض‪:‬‬

‫‪ -1‬عـــــــــــــــــــــــــلي فتـــــــــــــــــــــاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.508‬‬
‫‪ -2‬عـــــــــــــــــــــــــلي فتـــــــــــــــــــــاك‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.508‬‬
‫‪131‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬موقف المشرع الفرنسي‬


‫استعمل المشرع الفرنسي سنة‪ 1998‬رخصة االختيار التي سمح بها التوجيه األوروبي‬
‫تبنى مبدأ التعويض‬
‫لدول األعضاء في المجموعة األوروبية بشأن أسقف التعويضات‪ ،‬لذلك ّ‬
‫الالزمة لإلدعاء بمسؤولية للمنتج‪ ،‬كما لم‬
‫الكامل ولم ينص على الحدود الدنيا لقيمة األضرار ّ‬
‫ينص على حدود قصوى مثل ما جاء في التوجيه األوروبي‪.1‬‬
‫قيد المشرع األوروبي حدود التعويض‪ ،‬فقد ورد بالمادة ‪ 2/09‬من التوجيه أن المضرور‬
‫ّ‬
‫ال يستطيع أن يدعي بالتعويض عن أضرار مالية تق ّل قيمتها ‪ 500‬وحدة نقد أوروبية ما‬
‫يعادل حوالي ‪ 450‬مليون فرنك فرنسي‪ ،‬كما نصت المادة ‪ 16‬منه على أن الحد األقصى‬
‫للتعويضات التي يلتزم بها المنتج في مواجهة مجموع المضرورين في حالة األضرار الجسدية‬
‫هو ‪ 70‬مليون وحدة نقد أوروبية ما يعادل حوالي ‪ 3000‬فرنك فرنسي‪.2‬‬
‫ولكن المشرع الفرنسي في سنة‪ 2004‬قام بتعديل نص المادة الثانية من القانون ‪-98‬‬
‫‪3‬‬
‫تميز‬
‫‪ 389‬بموجب المادة ‪ 29‬من القانون ‪ ، 1343 -2004‬أصبحت بذلك المادة الثانية ّ‬
‫بين األضرار التي تصيب األموال وتلك التي تصيب األشخاص‪ ،‬ففيما يخص األضرار‬
‫الماسة باألشخاص يتم التعويض عنها بصورة مطلقة بغض النظر عن مقدار درجة خطورتها‬
‫أما األضرار الماسة باألموال ما عدا المنتوج المعيب ذاته فيتم‬
‫أو جسامتها أو قيمتها‪ّ ،‬‬
‫المحددة بموجب مرسوم والذي صدر‬
‫ّ‬ ‫التعويض فقط في حالة ما إذا تجاوزت قيمة األضرار‬
‫‪4‬‬
‫حددها بنسبة ‪ 500‬أورو‪ ،‬بذلك يكون‬
‫في ‪ 2005‬وهو المرسوم رقم ‪ 113 -2005‬الذي ّ‬

‫‪ -1‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-WWW.Senat.fr Consulté le 10 mai 2014.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- LOI N° 2004- 1343 sur la simplification de Droit, op- cit.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Décret n° 2005- 113 du 11 février 2005 pris pour l’application de l’article 1386- 2 du‬‬
‫‪code civil, J.O.R.F n° 36 du 12 février 2005.‬‬
‫‪132‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المشرع الفرنسي لم يضع ًّ‬


‫حدا لمقدار التعويض الذي يمكن أن يحكم به القاضي الفرنسي‬
‫على المنتج المسؤول‪ ،‬األمر الذي يعتبر بمثابة مظهر من مظاهر فعالية النوع المستحدث‬
‫من مسؤولية المنتج في تكريس حماية لضحايا حوادث المنتجات المعيبة‪.‬‬
‫‪ -2‬موقف المشرع الجزائري‬
‫كامال دون تحديد‪ ،‬بمعنى أن المشرع‬
‫األصل في التشريع الجزائري أن التعويض يكون ً‬
‫حدا أقصى له أو قيمة الضرر الذي يمكن على‬
‫حدا أدنى للمطالبة بالتعويض أو ً‬
‫لم يضع ً‬
‫أساسها المطالبة بالتعويض‪ ،‬و ذلك باستقرائنا لنصوص المواد من ‪ 176‬إلى ‪ 187‬ق م ج‪.‬‬
‫المـــــــــــــــــــــــــــطلب الثاني‪ :‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية على المنتج‬
‫يتمثّل الهدف األساسي من قيام المدعي( المضرور) برفع دعوى المسؤولية أمام‬
‫الجهات القضائية الحصول على التعويض‪ ،‬ومن أجل ذلك يستعمل كل ما من شأنه أن‬
‫يدعم موقفه من شهادة الشهود ‪ ،‬الخبرة وغيرها من وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫ّ‬
‫بالمقابل نجد أن الطرف الثاني وهو المدعى عليه( المنتج) بدوره يسعى للتخلص من‬
‫مسؤوليته بكل الوسائل‪ ،‬وبالرغم من أن القانون ساعد المضرور للحصول على التعويض‪،‬‬
‫النية أو‬
‫دائما سيء ّ‬ ‫ِ‬
‫ّإال أنه توجد قواعد أخرى ُوجدت لحماية المنتج إذ ال يكون هذا األخير ً‬
‫ّأنه كلما حدث ضرر لمستعمل منتجاته يكون بالضرورة هو المسؤول‪ ،‬لذا يستعين بطرق‬
‫للتخلص من مسؤوليته ولدحض إدعاءات خصمه التي تعتبر كلّها بمثابة دفوع موضوعية‬
‫متنوعة‬
‫ّ‬ ‫نصت عليه المادتين ‪ 71‬و ‪ 72‬ق إ م ف والمادة ‪ 48‬ق إ م إ ج و هي‬
‫حسب ما ّ‬
‫األول)‬
‫نصنفها لنوعين‪ :‬أسباب نفي المسؤولية الموضوعية للمنتج( الفرع ّ‬
‫ّ‬ ‫ويمكن أن‬
‫المحددة أو المعفية للمسؤولية( الفرع الثاني)‬
‫ّ‬ ‫واالتفاقات‬

‫‪133‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫األول‪ :‬أسباب نفي المسؤولية الموضوعية للمنتج‬


‫الفرع ّ‬
‫في إطار المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬نجد المشرع الجزائري لم ينص على وسائل‬
‫اما االستعانة‬
‫خاصة لنفي هذا النوع من المسؤولية في القانون المدني‪ ،‬وبالتالي يقع علينا لز ً‬
‫بالقواعد العامة المنظمة لطرق نفي المسؤولية( ّأواًل)‪ ،‬فحين نجد المشرع الفرنسي على عكس‬
‫مشرعنا الجزائري‪ ،‬قد جاء بطرق خاصة لنفي المسؤولية الموضوعية للمنتج والتي جاء فيها‬
‫فعالة لضحايا حوادث المنتجات المعيبة بصدور القانون رقم‬
‫نظر لسعيه لتجسيد حماية ّ‬
‫بجديد ًا‬
‫‪ ،389-98‬لكن سنتطرق لبعض النصوص التنظيمية في القانون الجزائري لمعرفة ما إذا‬
‫ثانيا)‬
‫تناول مشرعنا مثل هذه األسباب أم ال ( ا‬
‫ّأواًل‪ :‬األسباب العامة لنفي المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫ذيوعا‪ ،‬وهو كل فعل أو حادث ال‬
‫ً‬ ‫يعتبر السبب األجنبي أكثر وسائل دفع المسؤولية‬
‫مستحيال‪ .1‬لقيام السبب‬
‫ً‬ ‫ينسب إلى المدعى عليه ويكون قد جعل منع وقوع الفعل الضار‬
‫حتما‪،‬‬
‫أدى إلى وقوع الضرر ً‬
‫األول‪ :‬أن يكون الفعل قد ّ‬
‫األجنبي يستلزم توافر ركنان‪ّ :‬‬
‫أجنبيا عن المدعى عليه وال دخل له فيه‪.‬‬
‫ً‬ ‫الثاني‪ :‬أن يكون ذلك الفعل‬
‫منظور إليهما من زاوية‬
‫ًا‬ ‫وللسبب األجنبي صورتان يمكن أن نجمعهما في زمرتين‬
‫المكون للواقعة التي ينسب إليها السبب األجنبي وهي على التوالي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫المصدر‬
‫القوة القاهرة و الحادث الفجائي(أ)‬
‫‪ -1‬ما ينسب إلى الطبيعة ك ّ‬
‫‪ -2‬ما ينسب إلى اإلنسان‪ ،‬ويحتوي هذا العنصر على فرعين أساسيين‪ :‬فعل المضرور‬
‫وفعل الغير‪(2‬ب)‬

‫‪ -1‬سمير سهــــــــــــــيل دنـــون‪ :‬المسؤولية المدنية عن فعل اآلالت الميكانيكية و التأمين اإللزامي عليها" دراسة مقارنة"‪،‬‬
‫المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪ ،2005 ،‬ص ‪ ،169‬ينظر كذلك‪:‬‬
‫محمد سامي عبد الصادق‪ :‬مسؤولية منتج الدواء‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪ -2‬إدريــــــــــــــس فاضـــــــــــــــلي‪ :‬المسؤولية عن األشياء غير الحية في القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪134‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أ‪ -‬األسباب المنسبة للطبيعة‬


‫القوة القاهرة و الحادث الفجائي‪:‬‬
‫و تتمثل كما سلف الذكر في ّ‬
‫القوة القاهرة و الحادث الفجائي‬
‫‪ -1‬تعريف ّ‬
‫القوة القاهرة تعبيران مختلفان يدالن على معنى واحد يقصد به أمر‬
‫الحادث الفجائي و ّ‬
‫غير متوقع حصوله وغير ممكن تالفيه يجبر الشخص على اإلخالل بالتزام‪.‬‬
‫سالي‪SALEILLES‬‬ ‫بينهم‬ ‫من‬ ‫الشراح‬ ‫من‬ ‫فريق‬ ‫ذهب‬
‫القوة القاهرة‬
‫وجوسران‪ JOSSERAND‬إلى وجوب التفرقة بين الحادث الفجائي و ّ‬
‫ماديا‬
‫خروجا ً‬
‫ً‬ ‫والسيما فيما يتعلّق ببعض الحوادث‪ ،‬فاعتبروا الحوادث الخارجة عن مشروع ما‬
‫قوة قاهرة‪ ،‬والحوادث التي ترجع إلى أمر داخلي كامن في الشيء ذاته كانفجار آلة في‬
‫ّ‬
‫مصنع وخروج قطار عن الشريط حوادث فجائية‪ ،‬ورتبوا على ذلك قصر دفع المسؤولية على‬
‫القوة القاهرة دون الحادث الفجائي‪.1‬‬
‫ّ‬
‫القوة القاهرة والحادث الفجائي ّإال ّأنها باءت بالفشل‪،‬‬
‫رغم محاوالت في التفرقة بين ّ‬
‫والرأي الراجح هو ما ساد في فرنسا ومصر‪ ،‬إذ يرى أن هذين المصطلحين مترادفان ال‬
‫يد‬
‫احدا وهو الحادث الذي لم يكن باإلمكان توقعه وال بالوسع دفعه وال للمدين ٌ‬
‫أمر و ً‬
‫يفيدان ّإال ًا‬
‫فيه‪.2‬‬

‫‪ -1‬سليمــــــــان مرقـــــــس‪ :‬الوافي في شرح القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.489‬‬
‫‪2‬‬
‫القوة القاهرة كسبب من األسباب العامة لنفي مسؤولية المنتج‪ ،‬و السبب في ذلك حسب‬
‫‪ -‬لم ينص التوجيه األوروبي على ّ‬
‫بالقوة القاهرة و عدم وجود توافق‬
‫البعض الذين كانوا قريبين أثناء مرحلة إعداد التوجيه يعود إلى عدم تحديد المقصود ّ‬
‫قدمت في يوم‬‫بين الدول في هذا الشأن‪ .‬للتفصيل أكثير ينظر‪ :‬سميرة زوبة‪ ":‬أسباب دفع مسؤولية المنتج"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫دراسي حول مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬يوم ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬ص ‪ (169‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫القوة القاهرة‬
‫أن ّ‬ ‫كما أن التفرقة بينهما تخالف نص المادة ‪ 127‬ق م ج التي يفهم منها ّ‬
‫أيضا محكمة النقض الفرنسية بدوائرها‬
‫والحادث الفجائي معياران مترادفان‪ ،‬وهو ما قضت به ً‬
‫المجتمعة في حكمها الصادر في ‪ 03‬فيفري ‪ ،1930‬بقضية ‪ّ " :Jand- heur‬‬
‫إن قرينة‬
‫القوة القاهرة‬
‫المسؤولية المنصوص عليها في المادة ‪ 1/1184‬ق م ف ال تدحض ّإال بإثبات ّ‬
‫‪1‬‬
‫أو الحادث الفجائي أو أي سبب ال ينسب للحارس"‬
‫القوة القاهرة و الحادث الفجائي‬
‫‪ -2‬عناصر ّ‬
‫بالقوة القاهرة كسبب لإلعفاء من المسؤولية يجب توافر ثالث عناصر‬
‫ّ‬ ‫لكي يعتد‬
‫و هي‪ - :‬عدم إمكانية التوقع‪،‬‬
‫‪ -‬استحالة الدفع مطلقة سواء كانت االستحالة مادية أو معنوية‪،‬‬
‫عامال أجن ًبيا ال يرتبط مصدره ال بالشيء وال‬
‫ً‬ ‫‪ -‬صفة الخارجية في الحدث أي يكون‬
‫بحارسه‪.‬‬
‫ففيما يخص عدم إمكانية التوقع‪ ،‬فهناك البعض من الفقهاء أمثال‪ Overstake‬يرون‬
‫مرة‪ ،‬كأن يصاب أحد‬
‫ألول ّ‬
‫القوة القاهرة على الحادثة التي تقع ّ‬
‫أنها هي إضفاء وصف ّ‬
‫المستهلكين بحساسية من جراء استعماله للسلعة دون أن تُعرف هذه الظاهرة عنه من قبل‪،‬‬
‫متوقعا طالما لم تظهر هذه الحساسية على غيره من جمهور‬
‫ً‬ ‫أمر غير‬
‫فهذه الحالة تكون ًا‬
‫قوة قاهرة يمكن أن تعفي المنتج من المسؤولية‪،‬‬
‫المستهلكين للسلعة المذكورة‪ ،‬وبالتالي تعتبر ّ‬
‫القوة القاهرة على‬
‫ّإال أن البعض اآلخر من الفقه يرون عكس ذلك‪ ،‬إذ ليس إلضفاء وصف ّ‬
‫مرة ألن العبرة في ذلك ّإنما ترجع لمدى إمكانية توقع هذا‬
‫ألول ّ‬
‫حادثة ما أن تكون قد وقعت ّ‬

‫‪ -1‬زاهية حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.344‬‬
‫‪136‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الضرر أو الحادثة وفقًا لمعطيات العلم القائمة وقت حصوله‪ ،‬ولما يفترض توافره من الخبرة‬
‫والدراية لدى البائع المحترف وهو ما قضت به محكمة النقض الفرنسية سنة ‪.11959‬‬
‫أما بخصوص صفة الخارجية‪ ،‬فالمقصود بها في ميدان المسؤولية المدنية أن ال يكون‬
‫ّ‬
‫اجعا إلى فعل المسؤول( المدعى عليه) أو إلى فعل الشيء ذاته‪.2‬‬
‫سبب الضرر ر ً‬
‫ب‪-‬األسباب المنسبة لفعل اإلنسان‬
‫الضحية(‪)2‬‬
‫ّ‬ ‫إن األسباب المنسبة لفعل اإلنسان هي كل من خطأ المضرور(‪ )1‬فعل‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬خطأ المضرور‬
‫يقصد بخطأ المصاب باعتباره كصورة من صور السبب األجنبي‪ ،‬أن يكون المضرور‬
‫هو الذي أهمل في حق نفسه فألحق به الضرر‪ ،‬وعلى الفاعل الذي يدعي ذلك أن يثبت‬
‫أن هذا الفعل هو الذي أحدث الضرر‪.3‬‬
‫وقوع الفعل الخاطئ واسناده إلى المجني عليه و ّ‬
‫وحسب األستاذ الدكتور محمد شكري سرور‪ ،‬هناك مظهرين بارزين لخطأ المضرور في‬
‫مجال المسؤولية عن فعل المنتجات هما‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫إن إحدى السيدات أصيبت في وجهها و رقبتها عند‬
‫‪ -‬حكم صدر من محكمة النقض الفرنسية في ‪ 05‬مايو ‪ّ " :1959‬‬
‫محالت تصفيف الشعر نتيجة وجود حساسية خاصة لديها‪ ،‬و ألن منتج هذه‬
‫استعمال منتوج خاص بالشعر في إحدى ّ‬
‫السلعة ال يمكنه التحلل من المسؤولية ألن مثل هذه األمور متوقعة في ظل التقدم العلمي الملحوظ‪ ،‬خاصة و أن الهيئة‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫الطبية كانت قد ّنبهت إلى وجود مادة ضارة في هذا المنتوج من شأنها أن تؤدي إلى وقوع مثل هذا الضرر"‪ً .‬‬
‫زاهية حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.348‬‬
‫‪2‬‬
‫مثال‪ :‬إذا حصل في جهاز آلي للزراعة انفجار نتج عنه ضرر للغير‪ ،‬و كان مرد االنفجار إلى الجهاز ذاته في تركيبه‬
‫‪ً -‬‬
‫أما إذا ثبت أن االنفجار حصل في الجهاز بعد أن سقطت صاعقة‬ ‫بالقوة القاهرة‪ّ ،‬‬
‫و تكوينه‪ ،‬فال يكون للحارس التذرع ّ‬
‫القوة‬
‫كانت السبب في االنفجار الذي حصل و في الحريق الذي أعقبه و امتد إلى ملك الغير‪ ،‬فالحادث يرجع إلى ّ‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫القاهرة و ليس إلى الشيء و ال إلى حارسه‪ً .‬‬
‫زاهية حورية سي يوسف‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.347‬‬
‫‪ -3‬عبـــــــــد الحـكــــــم فــــــــوده‪ :‬التعويض المدني( المسؤولية المدنية التعاقدية و التقصيرية)‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫مصر‪ ،1999 ،‬ص ‪.155‬‬
‫‪137‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -‬اًلستعمال الخاطئ للمنتوج‬


‫يقصد به استعمال السلعة بطريقة غير عادية‪ ،‬أو في غير الغرض المخصص لها‪،‬‬
‫كأن يترك المضرور جهاز كهربائي يعمل بشكل متواصل فترة طويلة بالمخالفة للتحذير‬
‫أدى النفجاره‪ ،‬أو استعمال المضرور الكحول المخصص لألغراض‬
‫الواضح من المنتج ما ّ‬
‫يتعين على المنتج أن يقيم الدليل على أن الضرر‬
‫الطبية بغرض السكر‪ .‬وفي هذه الحاالت ّ‬
‫يجد سببه في هذا النوع من االستعمال‪ ،‬بمعنى ّأنه لواله لما كان الضرر قد وقع‪.1‬‬
‫‪ -‬عدم التحقق من صالحية المنتجات لالستعمال‬
‫مخطئا إذا انتهت صالحية السلعة وبالرغم من ذلك قام‬
‫ً‬ ‫هنا يكون المضرور‬
‫يقصر المنتج في إب ارزه‪.‬‬
‫ظاهر ولم ّ‬
‫ًا‬ ‫باستعمالها‪ ،‬خاصة حين يكون تاريخ الصالحية‬
‫نصت المادة ‪ 177‬ق م ج‪ " :‬يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ًل يحكم‬
‫بالتعويض‪ ،‬إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه" فمن هذه المادة‬
‫نستخلص ّأنه إذا ساهم المضرور بخطئه في إحداث الضرر الذي أصابه أو زاد منه‪،‬‬
‫فالمنطق يقضي عدم حصوله على التعويض الكامل أو حرمانه منه كلية إذا كان هو السبب‬
‫في ذلك تطبيقًا للقاعدة العامة‪ " :‬ال يجوز أن يستفيد المخطئ من خطئه"‬
‫أما إذا كنا في حالة الخطأ المشترك ‪ Faute commune‬ففي إطار المسؤولية‬
‫ّ‬
‫أديا إلى وقوع الضرر‬
‫الموضوعية للمنتج نتص ّور أن العيب في المنتوج مع خطأ المضرور ّ‬
‫اضحا في هذا الصدد‪ ،‬إذ تنص المادة ‪1386‬‬
‫إن المشرع الفرنسي كان و ً‬
‫فمن هو المسؤول؟ ّ‬
‫مكرر ‪ 13‬ق م ف‪ ":‬يمكن أن تخفض مسؤولية المنتج أو تلغى مع األخذ بعين اًلعتبار‬
‫كل الظروف عندما يكون الضرر شارك في إحداثه كل من العيب في السلعة وخطأ‬
‫شخصا يكون مسؤواًل عنه"‬
‫ا‬ ‫الضحية‪ ،‬أو‬

‫‪1‬‬
‫تسببها منتجاته الخطرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 85‬و ‪.86‬‬
‫محمد شكري سرور‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪138‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إن الشيء المستحدث هنا‪ ،‬أن نص المادة يربط بين خطأ المضرور وعيب السلعة‪،‬‬
‫ّ‬
‫على عكس القواعد العامة التي جرت على الموازنة بين خطأ المضرور وخطأ المنتج ما‬
‫يمنح للقاضي سلطة واسعة في تقديره لمساهمة خطأ المضرور في الحادث‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫النص الوارد أعاله‪ ،‬ألحق أخطاء من يكون مسؤوًال عنهم المضرور كاألطفال أو‬
‫أن ّ‬
‫مستخدميه بأخطائه‪ ،‬والحكم بطبيعة الحال متطابق مع القواعد العامة المنصوص عليها في‬
‫‪1‬‬
‫القانون المدني الفرنسي( مسؤولية متولي الرقابة‪ ،‬مسؤولية التابع عن المتبوع)‬
‫‪ -2‬فعل الغير‬
‫يقصد بفعل الغير الفعل الذي صدر من شخص غير المضرور وغير المنتج الذي‬
‫يؤدي إلى وقوع الضرر‪ ،‬والغير هو كل شخص غير المضرور وغير المنتج وغير‬
‫‪2‬‬
‫مثال فيما يخص المنتج المشمول بالرقابة عليهم هم‬
‫قانونا ‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫األشخاص الذين يسألون عنهم‬
‫العمال‪ .3‬كما ال يشترط في فعل الغير أن يكون هذا الغير معروفًا أو غير معروف‬
‫التابعين و ّ‬
‫أن هناك فعل للغير‪.‬‬
‫وقت الحادث‪ ،‬بل يكفي أن يثبت المدعى عليه ّ‬
‫إن ما يمكن مالحظته في هذا الصدد هو استعمال المشرع الجزائري مصطلح" خطأ‬
‫ّ‬
‫يدل على ضرورة أن يكون الفعل الصادر من الغير‬
‫الغير" في نص المادة ‪ 127‬ق م ج ما ّ‬
‫فعال يشكل خطأً‪ ،‬عكس المشرع الفرنسي الذي استعمل مصطلح" فعل الغير" في نص المادة‬
‫ً‬
‫يوسع من نطاق هذا السبب المعفي من المسؤولية بالتالي‬
‫‪ 1386‬مكرر‪ 14‬ق م ف ما ّ‬
‫سلبيا‪.‬‬
‫إيجابيا أم ً‬
‫ً‬ ‫يستوي أن يكون الغير قد مارس سلو ًكا‬

‫‪ -1‬قــــــــــــــــــــادة شهيـــــــــــــــدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.191‬‬


‫‪ -2‬إدريــــــــــس فاضـــــــــــــــــلي‪ :‬المسؤولية عن األشياء غير الحية في القانون المدني الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.184‬‬
‫‪ -3‬في هذا الصدد نص المشرع الجزائري على قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع حتى و إن لم يكن المتبوع الحرية‬
‫في اختيار التابع حسب ما نصت عليه المادة ‪ 136‬ق م ج‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و في حالة ما إذا شارك كل من المنتج والغير في إحداث ضرر للمستهلك( المضرور)‬


‫نصت على المسؤولية التضامنية‪.‬‬
‫نطبق نص المادة ‪ 126‬ق م ج التي ّ‬
‫فهنا ّ‬
‫أما في فرنسا‪ ،‬فقد أخذ القضاء الفرنسي في العديد من أحكامه بفعل الغير كسبب‬
‫ّ‬
‫النتفاء مسؤولية المنتج منها الحكم الصادر من محكمة دوي ‪ Douai‬بتاريخ ‪10‬‬
‫ديسمبر‪ .11963‬وفي حالة ما إذا ُوجد أكثر من متدخل مستقل يشارك في إنتاج السلعة حتى‬
‫تعدد المنتجين في إنتاج السلعة‬
‫تصل إلى المستهلك في شكلها النهائي‪ ،‬فهنا نكون أمام حالة ّ‬
‫التي نجم عنها الضرر‪ ،‬والمبدأ الذي استقر عليه المشرع الفرنسي وكذا التوجيه األوروبي هو‬
‫تعددهم بالتضامن في مواجهة المضرور‪.2‬‬
‫إلزام المنتجين في حالة ّ‬
‫اضحا بشأن فعل الغير كسبب من أسباب نفي‬
‫أما المشرع الفرنسي‪ ،‬فقد كان و ً‬
‫ّ‬
‫جزئيا‬
‫ا‬ ‫نص في المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 14‬ق م ف‪ً ":‬ل يعفى المنتج‬
‫المسؤولية الموضوعية إذ ّ‬
‫من مسؤوليته تجاه المضرور بفعل الغير الذي ساهم مع عيب المنتوج في إحداث الضرر"‬
‫يمكن أن نستشهد في هذا الصدد بقرار مجلس قضاء تولوز الصادر في ‪2000/02/22‬‬
‫الذي قضى بأن خطأ المخبر ال يعفي المنتج من المسؤولية‪.3‬‬
‫أما المنتج‪ ،‬فال يوجد ما يمنعه من الرجوع على هذا الغير وفقًا للقواعد العامة‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ -1‬زاهية حورية سي يوسف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.342‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Art 1386 bis 08 du c c f dispose : « En cas de dommage causé par le défaut d’un produit‬‬
‫‪incorporé dans un autre, le producteur de la partie composante et celui qui a réalisé‬‬
‫» ‪l’incorporation sont solidairement responsable‬‬
‫‪3‬‬
‫الملوث بالدودة الشعرية" ‪Viande de cheval contaminée par des‬‬
‫‪ -‬هذا القرار صدر بشأن قضية" لحم الحصان ّ‬
‫‪ larves de trichines‬بفرنسا‪ ،‬و تعود أحداث هذه القضية إلى تناول أشخاص لهذا الّلحم ما أدى إلى إصابتهم‬
‫بأضرار‪ ،‬لذا قاموا برفع دعوى التعويض ضد التعاونية التي أنتجت هذا المنتوج‪ ،‬و بعد الحكم لصالحهم قامت هذه األخيرة‬
‫عدة دفوع منها الدفع الخاص بخطأ المخبر الذي أخذ‬
‫باستئناف الحكم أمام مجلس قضاء تولوز مستندة في ذلك على ّ‬
‫عينات لتحديد صالحية اللّحم( خطأ الغير)‪ ،‬ولم يستجب المجلس لهذا الدفع و قابله بالرفض على أساس المادة ‪1386‬‬
‫نقال عن‪ :‬سميرة زوبة‪ ":‬أسباب دفع مسؤولية المنتج"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.168‬‬
‫مكرر‪ 14‬ق م ف‪ً .‬‬
‫‪140‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬األسباب الخاصة لنفي المسؤولية الموضوعية للمنتج‬


‫ا‬
‫تم تقرير بعض السبل‬
‫نظر للخصوصية التي تتمتّع بها المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ّ ،‬‬
‫ًا‬
‫أن هذه األخيرة لم ينص عليها المشرع الجزائري‪،‬‬
‫القانونية لتحلل المنتج من المسؤولية‪ ،‬ونجد ّ‬
‫فلم ترد في النص القانوني المستحدث في ‪ 2005‬لكن سنبحث في بعض النصوص الخاصة‬
‫خص لها المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 11‬ق م ف‬
‫علّنا نجد أثر لها‪ ،‬عكس المشرع الفرنسي الذي ّ‬
‫التي جاءت إلى ٍّ‬
‫حد ما مطابقة للمادة السابعة من التوجيه األوروبي لسنة ‪ 1985‬وهذه الدفوع‬
‫تشكل األسباب الخاصة لنفي المسؤولية‪.‬‬
‫نصنف األسباب الخاصة إلى أسباب مطلقة وأخرى نسبية‪ :‬فالمطلقة حسب‬
‫ّ‬ ‫يمكن أن‬
‫بمجرد‬
‫ّ‬ ‫األستاذ‪ Philippe LE TOURNEAU‬يستند إليها المنتج للتخلص من مسؤوليته‬
‫أما األسباب النسبية فوردت بالمادة‬
‫إثباتها وهي متعلّقة بشروط قيام المسؤولية (أ)‪ّ ،‬‬
‫تم تقييدها ببعض الشروط بموجب‬
‫‪1386‬مكرر‪ 11‬ق م ف في الفقرتين الرابعة والخامسة و ّ‬
‫المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 12‬ق م ف وكذا قانون االستهالك الفرنسي(ب)‬
‫أ‪ -‬األسباب المطلقة‬
‫إن األسباب المطلقة مرتبطة كلّها بشروط قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج هي‪ :‬عدم‬
‫ّ‬
‫طرح المنتوج للتداول(‪ ،)1‬عدم وجود العيب لحظة طرح المنتوج للتداول(‪ )2‬وكذا عدم طرح‬
‫المنتوج للتداول قصد الربح(‪)3‬‬
‫‪ -1‬عدم طرح المنتوج للتداول‬
‫سبقت اإلشارة إلى أن الطرح للتداول هو كل ٍ‬
‫تخل إرادي عن حيازة المنتوج‪ ،‬فركن‬
‫يتكون ّإال بتوافر عنصرين‪ :‬عنصر‬
‫العيب الذي تقوم عليه المسؤولية الموضوعية للمنتج ال ّ‬
‫المعيوبية وعملية الطرح للتداول‪ ،‬وبالتالي إذا لم يقم المنتج بطرح المنتوج للتداول ال تقوم‬
‫مسؤوليته وان ادعى بها المضرور فما عليه ّإال استعمال هذه الحالة كدفع في هذا الصدد‬

‫‪141‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بقوة القانون ّإًل إذا ما‬


‫تنص المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 1/11‬ق م ف‪ ":‬يكون المنتج مسؤواًل ّ‬
‫‪1‬‬
‫تعرض للسرقة‪.‬‬
‫مثال كقيام المنتج بإثبات أن المنتوج ّ‬
‫ً‬ ‫أثبت عدم طرحه للمنتوج في التداول"‬
‫‪ -2‬عدم وجود العيب لحظة طرح المنتوج للتداول‬
‫أشارت المادة‪ 1386‬مكرر‪ 11‬ق م ف بأن المنتج إذا أثبت عدم وجود العيب وقت‬
‫طرح المنتوج للتداول أو ظهر بعد هذا التاريخ‪ ،‬فال تقوم مسؤوليته‪ ،‬وجاء نص هذه المادة‬
‫مطابقًا لنص المادة السابعة الفقرة الثانية من التوجيه األوروبي بنصها‪ً ":‬ل يكون المنتج‬
‫بمقتضى هذه التوصية مسؤواًل إذا أثبت ‪ ...‬أن العيب الذي تسبب في الضرر كان غير‬
‫موجود وقت طرح المنتوج للتداول أو أنه ظهر بعد ذلك"‬
‫‪ -3‬عدم طرح المنتوج للتداول بقصد الربح‬
‫إن المسؤولية الموضوعية للمنتج ال تقوم إذا لم يكن المنتج قد طرح المنتوج للتداول‬
‫ّ‬
‫بقصد تحقيق الربح أو من خالل ممارسة نشاطه المهني أو الحرفي‪ ،‬فإذا أثبت المنتج أنه لم‬
‫يعد السلعة ّإال بقصد إجراء التجارب أو أنه قام باإلنتاج ألغراض شخصية‪ ،‬فإنه ال يكون‬
‫الالخطئية‪ّ ،‬إنما يمكن الرجوع عليه في ضوء األحكام العامة‬
‫مسؤوًال وفقًا لنظام المسؤولية ّ‬
‫للمسؤولية المدنية التي تقوم على أساس الخطأ الشخصي‪.2‬‬
‫هذه الحاالت الثالث كلّها يمكن االستعانة بها من طرف المنتج للتحلّل من مسؤوليته‬
‫الالزم توافرها لقيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‪.‬‬
‫وهي كلّها متعلّقة بالشروط ّ‬

‫‪-Art 1386 bis 11 al 01 du c c f dispose : « Le producteur est responsable de plein droit à‬‬
‫‪1‬‬

‫» ‪moins qu’il ne prouve : 1° Qu’il n’avait pas mis le produit en circulatation‬‬


‫‪ -2‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،254‬ينظر‬
‫كذلك‪:‬‬
‫‪Wolfgang STRAUB : La responsabilité du fait des produits en pratique- Droit‬‬
‫‪communautaire et suisse-, Revue Berne, n°02, janvier 2003.p20 VOIR : www.entre.com‬‬
‫‪Consulté le 21 décembre 2014.‬‬
‫‪142‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ب‪ -‬األسباب النسبية‬


‫حسب المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 4/11‬و‪ 05‬ق م ف تتمثل هذه األسباب في كل من عدم‬
‫التقدم العلمي(ب)‬
‫مخالفة القواعد اآلمرة(أ) ومخاطر ّ‬
‫‪ -1‬عدم مخالفة القواعد اآلمرة‬
‫ورد في المادة‪ 1386‬مكرر‪ 11‬ق م ف المقابلة لنص المادة ‪ 07‬من التوجيه األوروبي‬
‫أن للمنتج حق دفع المسؤولية بإثبات رجوع العيب إلى القواعد اآلمرة التي لم يكن باستطاعته‬
‫مخالفتها‪ ،‬وفي هذا الصدد يجب التفرقة بين القواعد القانونية والالئحية المنظّمة للحد األدنى‬
‫من المواصفات التي يجب على المنتج احترامها‪ ،‬وبين القواعد القانونية اآلمرة التي تلزم‬
‫عينة ال يجوز له مخالفتها حتى وان قصد بذلك أن يضيف أو‬
‫المنتج باإلنتاج بمواصفات م ّ‬
‫يحسن هذه المواصفات‪:1‬‬
‫ّ‬
‫ففي الحالة األولى‪ ،‬أي في حالة تحديد الحد األدنى للمواصفات‪ ،‬فالمنتج بالرغم من‬
‫ملزما بهذا الحد‪ّ ،‬إال ّأنه إذا كانت لديه القدرة على إنتاج سلعة بمواصفات أعلى من‬
‫كونه ً‬
‫تمسكه بالحد األدنى من المواصفات إذا‬
‫بحجة ّ‬
‫ّ‬ ‫يتذرع‬
‫المقرر‪ ،‬فال يستطيع أن ّ‬
‫الحد األدنى ّ‬
‫حدد المشرع الجزائري بالقرار الوزاري المشترك‬
‫مثال‪ّ :‬‬
‫ضرر بمستعمليه‪ً ،‬‬
‫ًا‬ ‫تعيب المنتوج وألحق‬
‫ّ‬
‫يحدد خصائص وشروط وكيفيات‬
‫المتضمن المصادقة على النظام التقني الجزائري الذي ّ‬
‫ّ‬
‫الموجهة للرضع‪ 2‬في ملحقه النسبة الدنيا للبروتينات التي يستلزم‬
‫ّ‬ ‫عرض المستحضرات‬

‫‪1‬‬
‫مثال في الجزائر نجد المعهد الوطني للتقييس هو مالك عالمة المطابقة يختص بدراسة ووضع مواصفات قانونية‬
‫‪ً -‬‬
‫تمس بصحته و أمنه‬
‫تستجيب لمصلحة و رغبات المستهلك المشروعة و تحميه من كل المخاطر التي من شأنها أم ّ‬
‫أو تضر بمصالحه المادية‪ ،‬و هذا المعهد بإمكانه االستعانة بكل هيئة تقييم مطابقة معتمدة‪ .‬ينظر‪ :‬المادة ‪ 14‬من‬
‫مؤرخ في ‪ 06‬ديسمبر ‪ ،2005‬يتعلّق بتقييم المطابقة‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 80‬الصادرة في ‪11‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ّ 465-05‬‬
‫ديسمبر ‪.2005‬‬
‫‪ -2‬قرار وزاري مشترك مؤرخ في ‪ 23‬فبراير ‪ ،2012‬يتضمن المصادقة على النظام التقني الجزائري الذي يحدد خصائص‬
‫و شروط و كيفيات عرض المستحضرات الموجهة للرضع‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 49‬الصادرة في ‪ 29‬سبتمبر ‪.2012‬‬
‫‪143‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المعدة أسا ًسا من مستخلص بروتينات الصوجا‬


‫ّ‬ ‫توافرها في المستحضرات الموجهة للرضع‬
‫ب‪ 2,25‬غ‪ 100 /‬كيلو حريرة أي ‪0,5‬غ‪ 100 /‬كيلو جول‪ ،‬بالتالي يكون باإلمكان أن يقوم‬
‫المنتج بزيادة نسبة البروتينات ما يرتّب ذلك سوى تحسين نوعية المنتوج‪.‬‬
‫أي تعديل على مواصفات‬
‫أما في الحالة الثانية فالمنتج لم يكن ليستطيع أن يدخل ّ‬
‫ّ‬
‫مثال‪ :‬المادة ‪ 3/04‬من القرار المتعلّق بمواصفات مسحوق الحليب الصناعي‬
‫اإلنتاج‪ً ،‬‬
‫وشروط عرضه وحيازته واستعماله وتسويقه‪ ،1‬قد ألزمت المنتج بإضافة" نشا" بنسبة ‪0.5‬‬
‫غرام في ‪ 1000‬غرام من مسحوق الحليب عند عملية صنع الحليب المعاد تركيبه أو‬
‫تعيب المنتجات هنا إلى النظرية‬
‫تشكيلته‪ ،‬فالمنتج ملزم باحترام هذه النسبة و بالتالي يرجع ّ‬
‫المعروفة باسم" فعل األمير" أي إلى القوانين أو الق اررات الملزمة الصادرة عن السلطات‬
‫استنادا إلى ذلك‪ّ ،‬إال ّانه إذا أثبت‬
‫ً‬ ‫العامة في الدولة‪ ،‬بالتالي يستطيع أن يدفع مسؤوليته‬
‫ّ‬
‫التمسك بهذا الدفع لنفي مسؤوليته‬
‫ّ‬ ‫المضرور عدم قيام المنتج بعالج العيب فلن يتم ّكن من‬
‫‪2‬‬
‫ملزما باتخاذ اإلجراءات الالزمة لمعالجة العيب‬
‫بموجب نصوص التشريع ‪ ،‬فالمنتج يكون ً‬
‫عند اكتشافه حتى وان كان ذلك بعد إطالقه للتداول‪.3‬‬
‫كانت المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 02/12‬ق م ف قبل التعديل تشترط على المنتج أن يقوم‬
‫مدة عشر سنوات من تاريخ طرحها للتداول حتى وان كانت مطابقة‬
‫بمتابعة منتوجه خالل ّ‬
‫الالزمة عند ظهور‬
‫للمواصفات القانونية والالئحية اآلمرة‪ ،‬وذلك بقيامه بمختلف اإلجراءات ّ‬

‫‪1‬‬
‫مؤرخ في ‪ 27‬أكتوبر ‪ ،1999‬يتعلّق بمواصفات مسحوق الحليب الصناعي وشروط عرضه و حيازته واستعماله‬ ‫‪ -‬قرار ّ‬
‫نقال عن‪ :‬أحمد التيجاني بلعروسي وأحمد يوسفي‪ :‬التشريع والتنظيم المتعلّقان‬
‫ومتمم‪ً ،‬‬
‫معدل ّ‬‫وتسويقه وكيفيات ذلك‪ّ ،‬‬
‫بحماية المستهلك‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ -2‬زاهية حورية سي يوســـف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.360‬‬
‫‪ -3‬حسن عبد الباسط جميعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫‪144‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫سنتطرق بالتفصيل لهذه الفكرة‬


‫ّ‬ ‫تم تعديل المادة السالفة الذكر في ‪ 2004‬و‬
‫العيب‪ّ ،‬إال ّأنه ّ‬
‫عند تناولنا لعنصر مخاطر التطور العلمي‪.‬‬
‫التطور العلمي‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬استحالة التنبؤ بمخاطر‬
‫التطور العلمي السبب الرئيسي في تقرير النوع الجديد من‬
‫ّ‬ ‫يعتبر عدم التنبؤ بمخاطر‬
‫التقدم العلمي والتكنولوجي من منتجات والتي ش ّكلت‬
‫المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬هو ما أفرزه ّ‬
‫نظر للمخاطر التي أثارتها‪.‬‬
‫خطورة على أرواح وأجساد وكذا أموال المستعملين لها ًا‬
‫التطور العلمي"‪ 1‬والذي بدأ ينتشر استعماله في اآلونة األخيرة ليس‬
‫ّ‬ ‫ومصطلح" مخاطر‬
‫التطور بل وعلى العكس من التسمية فإنه يعني كشف‬
‫ّ‬ ‫ممثال لمخاطر‬
‫ً‬ ‫في حقيقة األمر‬
‫التط ّور العلمي والتكنولوجي عن عيوب ُوجدت في المنتجات عند إطالقها للتداول في وقت‬
‫التقدم التكنولوجي تسمح باكتشافها‪ ،‬فتحدد حالة المعرفة وقت طرح‬
‫لم تكن حالة العلم و ّ‬
‫المنتوج للتداول وليس وقت صنعه أو وقت حدوث الفعل الضار‪ ،2‬من أمثلة قضايا مخاطر‬
‫‪3‬‬
‫‪.La thalidomide‬‬ ‫التطور نجد فيروس اإليدز‪ ،‬دواء "تاليدوميد"‬
‫تقدم كسبب لإلعفاء من المسؤولية‬
‫‪ ‬الخالف حول اعتبار مخاطر ال ّ‬
‫التقدم سبب من األسباب المعفية للمسؤولية في‬
‫اعتبرت التوصية األوروبية مخاطر ّ‬
‫نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬وكان الوفد األلماني هو المقترح لهذه الفكرة‪ ،‬حيث‬

‫‪1‬‬
‫عبر عنه في القانون رقم ‪ 389 -98‬بمصطلح" حالة المعرفة‬
‫‪ -‬مصطلح "مخاطر التطور" أطلقه الفقه دون التشريع الذي ّ‬
‫العلمية و الفنية"‪ .‬ينظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪Philippe LE TOURNEAU : Responsabilité du fait des produits défectueux, revue de La‬‬
‫‪Semaine Juridique, J.C.P, n°1- 2, 05 janvier 2000, p 2189.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Pascal OUDOT : Le risque de développement, édition Universitaires de Dijon, Dijon, 2005,‬‬
‫‪p28, VOIR AUSSI : Patrick THOUROT : Envisager l’assurabilité du risque de‬‬
‫) ‪développement, Banque & Stratégie, n°293, 2011, p01( www.revue-banque.fr‬‬
‫‪3‬‬
‫حدة اآلالم و كذا للتقليل من‬
‫‪ La thalidomide -‬دواء استعمل خالل فترة ‪ 1950‬إلى ‪ ،1960‬يوصف للتخفيف من ّ‬
‫الرغبة في القيء يوصف للنساء الحوامل‪ ،‬و بعد استعماله لفترة اكتشف آثاره السلبية على األجنة و التي لم تكتشف عند‬
‫طرح المنتج الدوائي للتداول‪ .‬ينظر‪Www.Wikipidia.Org Consulté le 10 mai 2014:‬‬
‫‪145‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أدت إلى حدوث مناقشات حامية وسط دول األعضاء‬


‫كانت ألمانيا معروفة بتبنيها لها‪ ،‬وقد ّ‬
‫حجة المعارضين أن‬
‫نظر الختالف المصالح بينها بين مؤيد ومعارض‪ ،‬فكانت ّ‬
‫في االتحاد ًا‬
‫الصناع لديهم اإلمكانية في التأمين ضد هذا النوع من المخاطر بزيادة قليلة في الثمن والتي‬
‫أي تقييد لالبتكار أفضل‬
‫أن عدم اإلعفاء ال يشكل ّ‬
‫سيتحملها في النهاية المستهلك‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫المؤيد لألخذ بفكرة‬
‫ّ‬ ‫أما االتجاه‬
‫وأكثر من باقي الدول خاصة مع وجود دعامة التأمين ّ‬
‫‪،‬‬
‫تقدم‬
‫تطور و ّ‬
‫يتخوفون من تقييد ّ‬
‫التقدم كسبب من أسباب اإلعفاء من المسؤولية فهم ّ‬
‫مخاطر ّ‬
‫الصناعة األوروبية بجعل المنتج مسؤوًال عن مخاطر ال يستطيع أن يتوقعها‪ ،‬وكان لهذا‬
‫التقدم كسبب من أسباب إعفاء المنتج‬
‫الفريق الغلبة‪ ،‬بنص التوجيه األوروبي على مخاطر ّ‬
‫من المسؤولية‪.2‬‬
‫شاهدت نفس الوضع فرنسا‪ ،3‬بحيث كانت الفكرة محل جدل ومناقشات عند عرض‬
‫مشروع القانون رقم ‪ 389-98‬على البرلمان والجمعية الوطنية الفرنسية‪ ،‬وقد انقسم الرأي‬
‫مؤيد ومعارض ولكل منهم حججه‪ ،‬في األخير انتصر المدافعين عن المصالح‬
‫بشأنها بين ّ‬
‫نص المشرع الفرنسي في المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 4/11‬ق م ف على أن المنتج‬
‫االقتصادية إذ ّ‬
‫يمكن أن يتخلّص من مسؤوليته عن فعل المنتجات المعيبة عندما يثبت أن حالة المعرفة‬
‫العلمية و الفنية لحظة طرح المنتوج للتداول لم تسمح له بأن يكشف عن وجود العيب وذلك‬
‫بتوفّر شرطين‪:‬‬

‫التطور بين قيام المسؤولية واإلعفاء منها‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬حسن حسيــــــــن البــــــــــــــــــــــراوي‪ :‬مخاطر‬
‫‪ ،2008‬ص‪.107‬‬
‫‪ -2‬محمود السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة و مخاطر التقدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -3‬لقد كانت مخاطر النمو من بين أهم نقاط االختالف حول تطبيق أحكام التعليمة األوروبية لسنة ‪ ،1985‬ما ّأدى‬
‫مما كلّف الحكم عليها بغرامة بلغت أربعة ماليين فرنك فرنسي‬
‫بالمشرع الفرنسي إلى عدم تبنيها إلى غاية سنة ‪ّ 1998‬‬
‫المعدلة بمعاهدة ماستريخت‪ً .Maastricht‬‬
‫نقال‬ ‫ّ‬ ‫يوميا عن تأخرها في نقل التعليمة حسب المادة ‪ 171‬من معاهدة روما‬
‫ً‬
‫محمـــــــــــــــــــــــــــد بودالــــــــــي‪ :‬مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫عن‪ّ :‬‬
‫‪146‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ )1‬تحديد حالة المعرفة الفنية و العلمية لحظة طرح المنتوج للتداول‬


‫يتم االعتماد على مجموعة من العناصر الموضوعية لتحديد حالة المعرفة الفنية‬
‫و العلمية لحظة طرح المنتوج للتداول‪ ،‬وهذه العناصر تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫تقدر في كل فروع المعرفة اإلنسانية ليس فقط في مجال‬
‫إن المعرفة العلمية ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫تخصصه‪.1‬‬
‫تقدر بطريقة موضوعية دون األخذ‬
‫‪ -‬تحدد المعرفة بالنظر للمستوى العالمي كما أنها ّ‬
‫في االعتبار الصفات والقدرات الخاصة بالمنتج‪ ،‬فالعبرة بالحالة الموضوعية من‬
‫عالما بها‪.2‬‬
‫المعرفة العلمية والفنية التي يفترض أن يكون المنتج ً‬
‫‪ )2‬احترام المنتج الحالة العلمية و الفنية‬
‫فإنه يجب على‬
‫إذا كانت حالة المعرفة العلمية والفنية ثابتة لحظة طرح المنتوج للتداول ّ‬
‫المنتج احترام هذه الحالة‪ ،‬ولتقدير هذه المعرفة التي يمكن الوصول إليها يعتمد على معيار‬
‫كيفي‪ ،‬زمني وآخر جغرافي‪.3‬‬
‫نتساءل ونحن بصدد التعرض لفكرة مخاطر التطور العلمي لموقف المشرع الجزائري‪،‬‬
‫فهل يأخذ بالدفع الخاص بإعفاء المنتج من هذه المخاطر؟‬
‫‪4‬‬
‫أن تقييم‬
‫ّ‬ ‫إلى‬ ‫أشارت‬ ‫قد‬ ‫نجدها‬ ‫باستقراء المادة ‪ 06‬من المرسوم التنفيذي ‪203 -12‬‬
‫عدة عناصر منها المستوى الحالي‬
‫مطابقة السلعة من حيث إلزامية األمن يتم بالنظر إلى ّ‬

‫‪1‬‬
‫التطور كسبب إلعفاء المنتج من المسؤولية‪ ،‬مرجع سابـ ـ ـ ـ ـ ـق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫ّ‬ ‫محمد محي الدين إبراهيم سليـــم‪ :‬مخاطر‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪2‬‬
‫التقدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬ ‫السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة و مخاطر ّ‬ ‫‪ -‬محمود ّ‬
‫‪3‬‬
‫زمنيا‪ ،‬جغرافي أي تكون معلومات‬ ‫‪ -‬كيفي بمعنى أن تكون المعلومات متاحة‪ ،‬زمني إذ يستطيع المنتج الحصول عليها ً‬
‫عالميا‪ .‬للتفصيل أكثر ينظر‪:‬‬
‫ً‬ ‫متوصل إليها‬
‫ّ‬
‫السيد عبد المعطي خيال‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫محمود ّ‬
‫المطبقة في مجال أمن المنتوجات‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع‬
‫ّ‬ ‫‪ -4‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 203 -12‬مؤرخ في ‪ 06‬ماي ‪ ،2012‬يتعلّق بالقواعد‬
‫‪ ،28‬الصادرة في ‪ 09‬ماي ‪.2012‬‬
‫‪147‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫للمعارف والتكنولوجيا‪ ،‬ففي فرض حصول المنتج على شهادة تقييم المطابقة من الجهات‬
‫المعنية يمكن له أن يتحجج بها أمام الجهات القضائية عند إثارة مسؤوليته‪ ،‬بمعنى ّأنه إذا لم‬
‫تكن المعارف التقنية والتكنولوجيا تسمح باكتشاف العيب عند وضعه لالستهالك يمكن للمنتج‬
‫أن يتنصل من المسؤولية بحجة مخاطر التطور العلمي والتكنولوجي‪.‬‬
‫التقدم‬
‫‪ ‬حدود اإلعفاء من المسؤولية بسبب مخاطر ّ‬
‫تنص المادة‪ 1386‬مكرر ‪ 12‬ق م ف قبل التعديل على أن المنتج ال يستطيع االستناد‬
‫التقدم العلمي ليعفى من المسؤولية إذا كان الضرر قد نشأ بسبب أحد عناصر جسم‬
‫لمخاطر ّ‬
‫مدة العشر سنوات بعد طرح‬
‫اإلنسان أو المنتجات الناشئة عنه‪ ،‬أو إذا ظهر العيب خالل ّ‬
‫المنتوج للتداول ولم يتّخذ التدابير الخاصة لتدارك النتائج الضارة للمنتوج‪.‬‬
‫فمن هذا النص نخلص للقول ّأنه حتى وان كان المشرع الفرنسي قد جعل العيوب‬
‫أن هذا الدفع ليس بمطلق بل‬
‫التقدم كسبب لإلعفاء من المسؤولية‪ّ ،‬إال ّ‬
‫الناشئة لسبب مخاطر ّ‬
‫جعل له حدود فال يصلح هذا الدفع في حالتين هما‪:‬‬
‫‪ 1‬المنتجات المتعلّقة بجسم اإلنسان و مشتقاته‬
‫قام المشرع الفرنسي بتحديد المقصود بالمنتجات المتعلّقة بجسم اإلنسان وذلك في‬
‫نص المادة ‪ 1 /793‬من قانون الصحة الفرنسي‪ .‬والمشرع الفرنسي استثنى هذه المنتجات‬
‫التقدم كسبب من أسباب اإلعفاء من المسؤولية‪،‬‬
‫من مجال تطبيق الدفع الخاص بمخاطر ّ‬
‫الملوث بفيروس اإليدز التي وقعت بفرنسا إذ تركت‬
‫لع ّل السبب في ذلك يرجع لحادثة الدم ّ‬
‫فضال‬
‫ً‬ ‫أثر سيئاً على الرأي العام الذي لم يكن ليقبل بإعفاء مراكز نقل الدم من المسؤولية‬
‫ًا‬
‫على أن محكمة النقض الفرنسية سبق لها وأن ذهبت إلى أن العيب الداخلي في الدم حتى‬
‫معفيا من المسؤولية‪.1‬‬
‫سببا ً‬
‫ولو كان غير قابل للكشف‪ ،‬فإنه ال يشكل ً‬

‫‪1‬‬
‫محمد بودالي‪ :‬مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 47‬و ‪.48‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪148‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أثار هذا الحكم الكثير من االعتراضات التي سيقت بشأنها العديد من المبررات منها أ ّن‬
‫األخذ بهذا االستثناء يضع صناعات الدواء الفرنسية في وضع حرج بالنسبة للمنافسة مع‬
‫اآلخرين وكذا قتل كل بادرة لمحاولة تطوير صناعة الدواء جراء خوف المنتجين من‬
‫المسؤولية بما ينطوي ذلك من مخاطر اقتصادية‪ ،‬كما يؤدي هذا األمر إلى خلق تمييز بين‬
‫الطرفين ‪ ،‬فبالنسبة للمضرورين يجب أن تكرس لهم حماية شاملة لكافة المنتجات طالما كانت‬
‫أما بالنسبة للمنتجين فكيف يمكن‬
‫جميعا‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫مصدر ضرر أو نأخذ بسبب اإلعفاء بالنسبة لها‬
‫القول بأن منتجي المنتجات المشتقة من جسم اإلنسان وهم يشاركون في التقدم الطبي‬
‫يعاملون معاملة أقل بكثير من منتجي اللحم البقري المصاب بفيروس جنون البقر الذي‬
‫شديدا يصل حد إفقاده حياته‪ ،‬على غرار بعض اإلشكاالت التي تثور‬
‫ً‬ ‫يسبب اإلنسان أذى‬
‫حول المنتجات المتعلّقة بجسم اإلنسان خاصة صعوبة التفرقة بينها وبين منتجات الصحة‪.1‬‬
‫أن المشرع الفرنسي باستعماله مصطلح منتجات جسم اإلنسان أو مشتقاته في‬
‫كما ّ‬
‫يميز بذلك بين تلك التي تستخرج مباشرة من جسم اإلنسان مثل‬
‫القانون رقم ‪ ،389 -98‬لم ّ‬
‫الدم والمنتجات التي تصنع عن طريق تحويل مستخلص منه‪ ،‬خاصة وأن هذه األخيرة قد‬
‫تط أر عليها تحوالت فتتغير طبيعتها‪ ،‬كما أن المنتجات المصنوعة من تلك المشتقات يمكن‬
‫صنفت كأدوية‪ ،‬فهل تزال تأخذ وصف منتجات‬
‫تصنف كدواء‪ ،‬فالدم البشري ومشتقاته ّ‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫استنادا إلى‬
‫ً‬ ‫كيفت على ّأنها كذلك فالمنتج يستفيد من اإلعفاء‬
‫مشتقة من جسم اإلنسان؟ فإذا ّ‬
‫تعمق اإلشكال بصدور قانون‪ 26‬فيفري‪ 2007‬وتعليمة‪26‬‬
‫التقدم العلمي‪ .‬ي ّ‬
‫ّ‬ ‫مخاطر‬
‫صنفت التعليمة العديد من المنتجات‬
‫تماشيا مع القانون األوروبي‪ ،‬بحيث ّ‬
‫ً‬ ‫أفريل‪2007‬‬

‫‪1‬‬
‫مثال هناك بعض األدوية الخاصة بالهرمونات و التي يستخدم في إنتاجها عناصر من جسم اإلنسان سواء كان‬ ‫‪ً -‬‬
‫مستخلص مشيمي أو من الدم مثل هرمون التكاثر( النمو) واألنسولين التي يعتمد في تصنيعها على الجينات الوراثية‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫التي تتجنب خطر التلوث‪ً .‬‬
‫التطور كسبب إلعفاء المنتج من المسؤولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫ّ‬ ‫محمد محي الدين إبراهيم سليم‪ :‬مخاطر‬
‫ّ‬
‫‪149‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المشتقة من جسم اإلنسان في خانة األدوية‪ ،‬مثل منتجات الدم الثابتة ‪Les produits‬‬
‫تم استثناء فقط‪ :‬األعضاء‪ ،‬األنسجة‪ ،‬الخاليا‪ ،‬منتجات الدم‬
‫‪ّ ،sanguins stables‬‬
‫‪1‬‬
‫طبيا ‪Préparation cellulaires à‬‬
‫المتغيرة ‪ Liable‬والمستحضرات الخلوية المعالجة ً‬
‫ّ‬
‫‪ finalité thérapeutique‬وفقًا لنص المادتين‪ L-5121-1‬و ‪ L5121-3‬من قانون‬
‫الصحة الفرنسي فهذه األخيرة ليست بمنتجات دوائية‪.2‬‬
‫‪ 2‬اًللتزام بالتتبع ‪Obligation de suivre‬‬
‫ال يجوز التمسك بمخاطر النمو كسبب معفي من المسؤولية إذا كان وبعد أن ظهر‬
‫العيب لم يقم المنتج باتخاذ اإلجراءات المناسبة من أجل الوقاية من آثاره الضارة‪ ،‬لذا وضع‬
‫اما بالمتابعة والذي يعرف في القانون األمريكي تحت‬
‫المشرع الفرنسي على عاتق المنتج التز ً‬
‫مظهر من مظاهر مبدأ الحيطة‪ 3‬الذي‬
‫ًا‬ ‫تسمية ‪ Product- monitoring‬والذي يعتبر‬
‫‪4‬‬
‫أصبح يطبع القانون الحديث للمسؤولية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مدة حفظها عن السنة‪.‬‬
‫‪ -‬منتجات الدم المتغيرة هي كل المنتجات المصنوعة من الدم أو من مشتقاته التي ال تزيد ّ‬
‫‪2‬‬
‫‪-Roussel ZIZINE : Le risque de développement et l’assurance, thèse pour le doctorat en‬‬
‫‪Droit, ADIAL, Lyon, 2010, p18(www.institut-numérique.org ) Consulté le 13 octobre 2014‬‬
‫‪3‬‬
‫المؤرخ في‬
‫ّ‬ ‫نص على مبدأ الحيطة و ذلك في نص المادة ‪ 6/3‬من القانون رقم‪10-03‬‬ ‫إن المشرع الجزائري هو اآلخر ّ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫‪ 19‬جويلية ‪ 2003‬المتعلّق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‪ ،43‬الصادرة في ‪ 20‬جويلية ‪2003‬‬
‫سببا‬
‫نظر للمعارف العلمية و التقنية الحالية ً‬
‫بنصها‪ ":‬مبدأ الحيطة الذي يجب بمقتضاه أن ال يكون عدم توفّر التقنيات ًا‬
‫ّ‬
‫ضرة بالبيئة و يكون ذلك بتكلفة‬
‫تأخر اتخاذ التدابير الفعلية و المتناسبة للوقاية من خطر األضرار الجسيمة الم ّ‬
‫في ّ‬
‫النص يمكن استخالص مالحظتين‪ -:‬نص المشرع الجزائري على مبدأ الحيطة فقط في‬ ‫اقتصادية مقبولة" و من هذا ّ‬
‫يتوصل العلم إلى‬
‫ّ‬ ‫إطار حماية البيئة دون المنتجات‪ -،‬ربط المشرع تطبيق مبدأ الحيطة بوجود أضرار جسيمة محتملة لم‬
‫متطورة لمكافحتها‪ .‬لتفاصيل أكثر ينظر‪ :‬صافية زيد‬ ‫ّ‬ ‫توفير معلومات دقيقة عن تلك األضرار و عدم توفر تقنيات‬
‫المال ‪ :‬حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على ضوء أحكام القانون الدولي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم‪،‬‬
‫تخصص القانون الدولي‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2013 ،‬ص ‪.351‬‬ ‫ّ‬
‫‪ -4‬محــــــــــــــــــــــــ ّمد بودالــــــــــــــــــــــــــــــي‪ :‬مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪150‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫استحدث القضاء األلماني االلتزام بالتتبع القضاء األلماني باألحكام الصادرة في ‪17‬‬
‫ماي ‪ 1981‬في قضيتين تتعلّقان بمبيد لطفيليات يستخدم في رش شجر التفاح والذي أصبح‬
‫فعال في الواقع‪ ،‬العتياد البكتريا ذلك المبيد‪ ،‬حيث أ ّكدت األحكام القضائية أن المنتج‬
‫غير ّ‬
‫تطور المعرفة العلمية‬
‫ملزما بعد طرح المنتوج في األسواق‪ ،‬بالسهر وتتبع المنتوج بسبب ّ‬
‫يبقى ً‬
‫والفنية على المستوى الوطني والمستوى الدولي‪.1‬‬
‫وبمقتضى االلتزام بالتتبع‪ 2‬فإن المنتج ينبغي عليه أن يتتبع المنتوج بعد طرحه للتداول‬
‫التطور على‬
‫ّ‬ ‫تطور حالة المعرفة العلمية والفنية‪ ،‬فيجب عليه أن يتمسك بتيار هذا‬
‫بسبب ّ‬
‫أن هذا األخير كشف عن وجود العيب الذي لم يكن‬
‫المستوى الوطني وكذا الدولي‪ ،‬ما دام ّ‬
‫معروفًا وقت طرح المنتوج للتداول‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة و مخاطر التقدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪2‬‬
‫تم وضع التزامين على عاتق المنتج‪ :‬التزام باحترام مبدأ الحيطة‬
‫‪ -‬لحماية مستهلكي و مستعملي المنتجات المعيبة ّ‬
‫مرة في إعالن" ريو" ‪ Déclaration de RIO‬الخاص‬ ‫ألول ّ‬‫تم اإلعالن عنه ّ‬
‫‪ Principe de précaution‬و الذي ّ‬
‫تم إدراجه في قانون" بارني" ‪ Barnier‬الصادر في ‪ 02‬فيفري ‪ 1995‬المتعلّق بحماية البيئة بالمادة‬
‫بحماية البيئة‪ ،‬و ّ‬
‫مرة بصدور قرار من مجلس الدولة الفرنسي في‬ ‫ألول ّ‬
‫أما القضاء فأخذ به ّ‬
‫‪ L200- 1‬الفقرة الثالثة من قانون الري‪ّ ،‬‬
‫‪ 29‬سبتمبر ‪ 1998‬يتضمن وقف تنفيذ القرار الصادر في ‪ 05‬فيفري ‪ 1998‬من و ازرة الفالحة و الصيد الفرنسية الذي‬
‫أسس مجلس الدولة ق ارره على نص‬ ‫المعدلة جينيا للتداول في األسواق الفرنسية‪ ،‬و لقد ّ‬
‫ّ‬ ‫الذرة‬
‫يسمح لثالث أنواع من ّ‬
‫المادة ‪ L200- 1‬من قانون الري الفرنسي الذي ينص على مبدأ الحيطة‪ .‬للتفصيل أكثر ينظر‪:‬‬
‫‪Jean François CARLOT : La responsabilité des entreprises du fait des risques biologiques,‬‬
‫‪op-cit, p 11.‬‬
‫أن االلتزام بضمان السالمة‬
‫تبنته كل من بريطانيا و ألمانيا‪ ،‬فالقضاء البريطاني أ ّكد على ّ‬
‫االلتزام بتتبع األثر‪ :‬وهو التزام ّ‬
‫بمدة من تاريخ طرح المنتوج للتداول‪ ،‬فالمنتج ملزم باستم ارريته‬
‫يحدد ّ‬
‫الذي يقع على عاتق المنتج ليس بالضرورة أن ّ‬
‫أيضا المشرع األلماني‪ ،‬إذ‬
‫تبين المخاطر الكامنة في المنتوج‪ .‬و هو ما قام به ً‬
‫التطورات العلمية التي قد ّ‬
‫ّ‬ ‫بالبحث عن‬
‫قضى بالتزام منتج الدواء بمراقبة منتجاته حتى بعد تسويقها و اإلخطار عن النتائج الخطرة التي قد تنجم عنها و ذلك‬
‫أما عن المشرع األوروبي فلم ينص على االلتزام بتتبع األثر في التوجيه‬
‫التطورات التقنية في مجال تخصصه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫بتتبع‬
‫نص عليه في ‪ 1992‬بصدور التوصية األوروبية رقم ‪ 59 /92‬الخاصة‬ ‫األوروبي الصادر سنة ‪ 1985‬و لكن ّ‬
‫بالسالمة العامة للمنتجات‪ .‬ينظر‪Michèle RIVASI : Rapport d’information n° 2669 sur le livre :‬‬
‫‪vert de la commission européenne sur la responsabilité civile du fait des produits‬‬
‫‪défectueux, enregistré à la présidence de l’assemblé nationale le 19 octobre 2000 , p96.‬‬
‫‪151‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إن القانون رقم ‪ 389-98‬الفرنسي سالف الذكر‪ ،‬نص في مادته ‪ 1386‬مكرر‪2/12‬‬


‫ّ‬
‫أن المنتج ال يعفى من المسؤولية لسبب مخاطر النمو أو الحترامه للقواعد اآلمرة إذا لم‬
‫على ّ‬
‫مدة ‪ 10‬سنوات من تاريخ طرح منتوجه للتداول باإلجراءات الّالزمة لتدارك نتائجه‬
‫يقم وخالل ّ‬
‫تم حذف الفقرة الثانية من‬
‫الضارة‪ّ ،‬إال ّأنه ومنذ سنة ‪ 2004‬لم يعد لهذه الفقرة وجود‪ ،‬إذ ّ‬
‫المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 12‬وبالمقابل قام المشرع الفرنسي بإضافة المادة ‪ L221-1-2‬إلى‬
‫قانون االستهالك‪ 1‬وألزم بموجبها كل منتج باتخاذ جملة من اإلجراءات لضمان سالمة‬
‫مستعملي المنتجات‪ ،‬وهذه األخيرة تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬إعالم جمهور المستهلكون عن المخاطر التي قد تنجم من استعمال المنتجات‪،‬‬
‫الالزمة للتحكم بهذه المخاطر كسحب‬
‫‪ -‬في حالة ظهور تلك المخاطر يقوم المنتج باإلجراءات ّ‬
‫المنتوج من السوق‪ ،‬وضع المنتوج تحت المراقبة‪ ،‬إخطار المستهلكين بتلك المخاطر‪.‬‬
‫فااللتزام الجديد الملقى على عاتق المنتج بموجب قانون االستهالك الفرنسي أوسع‬
‫بمدة فيمتد‬
‫محدد ّ‬
‫وأشمل من االلتزام بالتتبع المنصوص عليه في القانون المدني‪ ،‬إذ هو غير ّ‬
‫مدة حياته العادية أو المتوقعة بصفة معقولة سواء كانت تلك المخاطر ناجمة‬
‫ليشمل طيلة ّ‬
‫عن التطور العلمي والتكنولوجي أو ألسباب أخرى‪.‬‬
‫أن المادة ‪ L221-1-2‬من قانون االستهالك الفرنسي‬ ‫وما ينبغي اإلشارة إليه هو ّ‬
‫تتطابق – إلى ٍ‬
‫حد كبير‪ -‬مع المادة ‪ 10‬في فقرتيها األولى والثانية من المرسوم التنفيذي‬
‫‪ 203 -12‬سالف الذكر‪ ،‬التي تنص‪ ":‬يجب على المنتجين والمستوردين ومقدمي الخدمات‬
‫وضع في متناول المستهلك كل المعلومات الضرورية التي تسمح له بتفادي األخطار‬

‫‪- Ordonnance n° 2004- 670 portante la transposition de la directive 2001/95/CE, op-cit.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪152‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المقدمة وذلك طيلة مدة‬


‫ّ‬ ‫المحتملة والمرتبطة باستهالك و‪/‬أو باستعمال السلعة أو الخدمة‬
‫مدة حياته المتوقعة بصفة معقولة‪.‬‬
‫حياته العادية أو ّ‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يجب على المنتجين والمستوردين ومقدمي الخدمات اتخاذ التدابير‬
‫المالئمة المتعلقة بمميزات السلع أو الخدمات التي يقدمونها والتي من شأنها‪:‬‬
‫‪ -‬جعلهم يطّلعون على األخطار التي يمكن أن تسببها سلعهم أو خدماتهم عند وضعها في‬
‫السوق و‪/‬أو عند استعمالها‪،‬‬
‫الال زمة لتفادي هذه األخطار‪ً ،‬لسيما‪ ،‬سحب المنتجات من السوق‬
‫‪ -‬اتخاذ اإلجراءات ّ‬
‫واإلنذار المناسب و الفعال للمستهلك واسترجاع المنتوج الذي في حوزتهم أو تعليق‬
‫الخدمة"‬
‫نص على التزام المنتج بمتابعة منتجاته بهدف‬
‫أن المشرع الجزائري ّ‬
‫إذن يمكن القول ّ‬
‫التطور‬
‫ّ‬ ‫ضمان سالمة وأمن المستهلكين من مخاطر المنتجات‪ ،‬خاصة تلك التي يظهرها‬
‫العلمي والتكنولوجي‪.‬‬
‫يسمى بالتزام تتبع األثر‪ 1‬أو‬
‫نص على ما ّ‬
‫وأكثر من ذلك‪ ،‬نجد المشرع الجزائري ّ‬
‫المسار في المرسوم رقم ‪ 203 -12‬سالف الذكر‪ ،‬بالمادة ‪ 05‬منه‪ ،‬وهو اإلجراء الذي يسمح‬
‫بتتبع حركة السلعة من خالل عملية إنتاجها وتحويلها وتوضيبها واستيرادها وتوزيعها‬
‫واستعمالها وكذا تشخيص المنتج أو المستورد ومختلف المتدخلين في تسويقها واألشخاص‬
‫الذين اقتنوها باالعتماد على الوثائق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مر بها المنتوج منذ إنتاجه لغاية استهالكه‪،‬‬
‫‪ -‬تتبع األثر هو إجراء بمقتضاه يتم تحديد و إيجاد أثر مختلف المراحل التي ّ‬
‫يسمى باللّغة الفرنسية ب ‪ ،La traçabilité‬و للتعرف أكثر على هذا االلتزام ينظر‪:‬‬
‫و ّ‬
‫‪Bruno SCHIFFERS : La traçabilité, Agro Bio Tech, Belgique, 2011. www.coleacp.org‬‬

‫‪153‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فهذا اإلجراء يساهم إلى حد كبير في تحقيق وضمان سالمة المستهلكين من خالل‬
‫مر بها المنتوج‪.‬‬
‫التعرف على كل المراحل التي ّ‬
‫المحددة والمعفية من المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫ّ‬ ‫الفـــــــرع الثاني‪ :‬اًلتفاقات‬
‫نظر لمركزه القوي مقارنة بمركز المستهلك‬
‫أن المنتج و ًا‬
‫قد ُيتص ّور في بعض الحاالت ّ‬
‫أو المستعمل لمنتجاته خاصة إذا كانت تلك المنتجات من الضروريات إذ ال يمكن االستغناء‬
‫عنها مثل المنتجات الغذائية أو الصيدالنية‪ ،‬يلجأ إلى استغالل هذا الوضع ويفرض على‬
‫المتعامل معه أن يوافق على إعفائه من المسؤولية إذا ما نجم ضرر عن استعمال منتجاته‪،‬‬
‫فهل بإمكان المنتج في هذه الحالة التمسك بذلك االتفاق للتخلص من مسؤوليته على أساس‬
‫التامة في إبرام العقود مهما كانت بنودها مادام موضوعها مشروع‬
‫أن األشخاص لهم الحرية ّ‬
‫أن العقد شريعة المتعاقدين؟‬
‫ولم يمنعه القانون و ّ‬
‫يمكن اإلجابة عن هذا التساؤل باالستعانة بنص المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 15‬ق م ف‬
‫إن الشروط التي تستهدف إلغاء أو تحديد المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة‬
‫بنصها‪ّ ":‬‬
‫تعد باطلة‪ ،‬وغير مكتوبة‪ .‬وتعد صحيحة في حالة ما إذا كانت متعلّقة باألضرار الماسة‬
‫ّ‬
‫باألموال التي لم تستعمل من طرف المتضرر لالستهالك أو اًلستعمال الشخصي‪ ،‬وكانت‬
‫تلك الشروط بين المهنيين" إذن المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 15‬ق م ف جاءت بمبدأ( ّأواًل)‬
‫المحددة أو الملغية للمسؤولية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثانيا) بخصوص االتفاقات‬
‫واستثناء( ا‬
‫المحدد أو الملغي للمسؤولية الموضوعية للمنتج( كمبدأ)‬
‫ّ‬ ‫ّأواًل‪ :‬بطالن اًلتفاق‬
‫المبدأ في المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ّ ،‬أنه ال يمكن أن يتفق المنتج مع المستعملين‬
‫بالحد أو اإلعفاء من المسؤولية المدنية‪ ،‬فنص المادة ‪ 1386‬مكرر‬
‫ّ‬ ‫أو المستهلكين للمنتجات‬
‫منعا مطلقًا‪ ،‬فجاءت بصيغة األمر‬
‫‪ 1/15‬ق م ف جعلت مثل هذه االتفاقات باطلة وممنوعة ً‬
‫ما يجعلها من النظام العام وبالتالي االتفاق على مخالفتها أو حتى تفسير أو تأويل هذه‬

‫‪154‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫قانونا‪ ،‬كما اعتبرت هذه الشروط أو االتفاقات‬


‫ً‬ ‫المادة بغير ما جاء في مضمونها غير جائز‬
‫غير مكتوبة وهو جزاء تقليدي في قانون االستهالك الفرنسي؛ بمعنى ّأنه إذا أبرم عقد بين‬
‫المنتج و المستهلك وأدرج مثل هذا الشرط‪ ،‬ال يحرم المستهلك من االستفادة بالعقد ويلغي فقط‬
‫ذلك الشرط‪ ،1‬وهذا ما يتماشى مع حكم المادة‪ R132-1‬من قانون االستهالك الفرنسي الذي‬
‫يعتبر المشارطات واالتفاقات الخاصة باإلعفاء من المسؤولية المبرمة في إطار العقود التي‬
‫‪2‬‬
‫يعقدها المستهلك بمثابة شروط تعسفية وبالتالي هي باطلة‪.‬‬
‫وفي هذه النقطة‪ ،‬يمكن أن نشير إلى الشروط التعسفية في القانون الجزائري‪ ،‬فبالرغم‬
‫من إمكانية االتفاق على إعفاء المدين من المسؤولية العقدية بمقتضى المادة ‪2/178‬ق م‬
‫أن المادة ‪ 4/05‬من المرسوم التنفيذي رقم‪ 3306 -06‬جعلت بند التخلي أو اإلعفاء‬
‫ج‪ ،‬إالّ ّ‬
‫من المسؤولية بدون تعويض للمستهلك بمثابة شرط تعسفي‪ 4‬وبالتالي جزاؤه التعديل أو‬
‫تشديدا من مسؤولية المنتج وحماية‬
‫ً‬ ‫اإللغاء من قبل القاضي وفقًا لنص المادة ‪ 110‬ق م ج‬
‫لضحايا حوادث المنتجات المعيبة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Philippe LE TOURNEAU & Loïc CADIET: Droit de la responsabilité et des contrats, op-‬‬
‫‪cit, p 1480.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Raymond GUY : La responsabilité civile du fait des produits défectueux, Op- cit, p 75.‬‬
‫‪ -3‬تنص المادة ‪04/05‬على ما يلي‪ ":‬تعتبر تعسفية‪ ،‬البنود التي يقوم من خاللها العون اًلقتصادي بما يأتي‪ -:‬التخلي‬
‫عن مسؤوليته بصفة منفردة‪ ،‬بدون تعويض المستهلك في حالة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو التنفيذ غير‬
‫يحدد العناصر األساسية‬
‫مؤرخ في ‪ 10‬سبتمبر ‪ّ ،2006‬‬ ‫الصحيح لواجباته" ينظر‪ :‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ّ 305 -06‬‬
‫للعقود المبرمة بين األعوان اًلقتصاديين و المستهلكين و البنود التي تعتبر تعسفية‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 56‬الصادرة في ‪11‬‬
‫سبتمبر ‪.2006‬‬
‫‪4‬‬
‫عدة بنود من شأنه اإلخالل الظاهر بالتوازن‬
‫‪ -‬الشرط التعسفي هو كل بند أو شرط بمفرده أو مشترًكا مع بند واحد أو ّ‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫بين حقوق و واجبات أطراف العقد‪ً .‬‬
‫محمد الشريف كتّو‪ :‬قانون المنافسة و الممارسات التجارية وفقًا لألمر ‪ 03 -03‬و القانون ‪ ،02-04‬منشورات‬
‫ّ‬
‫بغدادي‪ ،‬الجزائر‪ ،2010 ،‬ص‪.121‬‬
‫‪155‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المحدد و المعفي لمسؤولية المنتج( كاستثناء)‬


‫ّ‬ ‫ثانيا‪ :‬جواز اًلتفاق‬
‫ا‬
‫ورد استثناء عن المبدأ القائل بعدم إمكانية االتفاق على التحديد أو اإلعفاء من‬
‫المسؤولية الموضوعية للمنتج‪ ،‬و ذلك بالمادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 2 /15‬ق م ف‪ ،‬وهذا االستثناء‬
‫مفاده إمكانية االتفاق على اإلعفاء من المسؤولية الموضوعية للمنتج أو تحديدها وذلك بتوفر‬
‫شروط هي‪:‬‬
‫تم بين المهنيين‪،‬‬
‫‪ -1‬أن يكون ذلك االتفاق قد ّ‬
‫‪ -2‬أن يكون اإلعفاء من المسؤولية متعلّق باألضرار الماسة باألموال دون األضرار‬
‫الماسة باألشخاص‪،‬‬
‫‪ -3‬أن تكون المنتجات المعيبة لم تستعمل بهدف االستعمال أو االستهالك الشخصي‪.‬‬
‫فورود نص المادة ‪ 1386‬مكرر‪ 2/15‬ق م ف على هذا النحو قد يثير أحد‬
‫كنا بصدد منتجات لها استعمال مزدوج‪ ،‬أي‬
‫األول ُيطرح في حالة ما إذا ّ‬
‫اإلشكالين‪:‬اإلشكال ّ‬
‫أما اإلشكال الثاني خاص بالمهنيين‪،‬‬
‫منتجات استعملت لغرض شخصي ولغرض مهني‪ّ .‬‬
‫فهل يشترط أن يكون كل من المنتج والمهني يمارسان نفس النشاط لكي يكون بند اإلعفاء‬
‫‪1‬‬
‫صحيح ونافذ؟‬

‫‪1‬‬
‫‪-Philippe LE TOURNEAU & Loïc CADIET : Droit de la responsabilité et des contrats,‬‬
‫‪op-cit, p 1480.‬‬
‫‪156‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج على الضامن‬


‫نصوصا قانونية‬
‫ً‬ ‫لقد تدخلت التشريعات المقارنة بما فيها التشريع الجزائري ووضعت‬
‫تؤكد على إلزامية إبرام المؤسسات اإلنتاجية عقود تأمين لضمان مسؤوليتها المدنية مهما‬
‫المؤمن عند قيام‬
‫ّ‬ ‫كانت طبيعتها‪ :‬عقدية‪ ،‬تقصيرية أو موضوعية‪ .‬وبموجب هذه العقود يتدخل‬
‫المحدد بصورة مسبقة في العقد‪ ،‬وفي هذا‬
‫ّ‬ ‫للضحية‬
‫ّ‬ ‫مسؤولية المنتج لتقديم مبلغ التعويض‬
‫الصدد قد يثور التساؤل حول إمكانية تغطية مبلغ التأمين لكافة األضرار المادية‬
‫سنبين تحديد مفهوم آلية‬
‫والمعنوية التي قد تصيب الضحية المتضرر من منتوج معيب‪ ،‬لذا ّ‬
‫األول) و لدورها في الضمان ( المطلب‬
‫التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات( المطلب ّ‬
‫الثاني)‬
‫األول‪ :‬مفهوم آلية التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات‬
‫المطلب ّ‬
‫تنوعت أنواعه بتنوع ميادين النشاط‬
‫اسعا و ّ‬
‫انتشار و ً‬
‫ًا‬ ‫انتشر نظام التأمين من المسؤولية‬
‫االقتصادي‪ ،‬و ما انطوى ذلك من مسؤوليات مختلفة‪ ،‬فأخذت التشريعات تتسابق لسن قواعد‬
‫أحكاما و قواعد خاصة بالتأمين من المسؤولية‪.‬‬
‫ً‬ ‫قانونية متضمنة‬
‫التأمين من المسؤولية المدنية باعتباره وسيلة للضمان واالحتياط أصبح ضرورة ال خيار‬
‫في العديد من المجاالت‪ 1‬منها مجال اإلنتاج الذي تكثر فيه الحوادث المسببة ألضرار للغير‬
‫خاصة مع ارتباط المسؤولية المدنية للمنتج بالذمة المالية العتباره المتسبب في الحادث‬

‫‪ -1‬إذ بدأ التأمين اإللزامي على مسؤولية صاحب العمل لمصلحة عماله‪ ،‬ثم المسؤولية عن حوادث السيارات لمصلحة‬
‫الغير المضرور‪ ،‬ثم اتسع نطاق التأمين اإلجباري عن المسؤولية المدنية في فرنسا و كذا العديد من الدول ليغطي كافة‬
‫أوجه النشاط و المهن الحرة لمصلحة المتعاملين مع ممارسي تلك األنشطة و المهن‪ .‬للتفصيل أكثر راجع‪:‬‬
‫أحمد جمال الدين موسى‪ :‬آفاق التأمين الخاص و االجتماعي في دول العالم الثالث‪ ،‬المجلّة العلمية لجامعة بيروت‬
‫العربية‪ ،‬ع‪ ،2007 ،02‬ص ‪.191‬‬
‫‪157‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بجانبها السلبي ما يعرضه لإلعسار واإلحراج لعجزه عن دفع ما تولّد عن مسؤوليته‪ ،‬هذا ما‬
‫دفع بالعديد من التشريعات منها التشريع الجزائري للتدخل وجعل التأمين من المسؤولية‬
‫اميا ورتب جزاءات عند مخالفة هذا االلتزام‪ ،‬وللتعرف أكثر‬
‫المدنية عن فعل المنتجات إلز ً‬
‫األول) وكذا لنطاق التأمين من‬
‫سنتعرض بداية للتعريف بها( الفرع ّ‬
‫ّ‬ ‫على هذه اآللية‬
‫المسؤولية سواء من حيث األشخاص أو من حيث المنتجات( الفرع الثاني)‬
‫األول‪ :‬التعريف بآلية التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات‬
‫الفرع ّ‬
‫إن ّأول ما يعنينا عند تناول عنصر التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات هو‬
‫ّ‬
‫تحديد أسباب ظهوره باعتباره نتيجة مباشرة لظروف كانت سائدة في أغلب دول العالم منها‬
‫ثانيا) مع إبراز أهم خصائصه(‬ ‫ٍ‬
‫فرنسا والجزائر( ّأواًل) للولوج بعدئذ لتعريف عقد التأمين( ا‬
‫ابعا) بغية التعرف عن آلية التأمين من المسؤولية‬
‫ثالثاا) وكذا ألهم المبادئ التي يقوم عليها( ر ا‬
‫عن فعل المنتجات عن كثب‪.‬‬
‫ّأواًل‪ :‬أسباب ظهور آلية التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات‬
‫شهدت المجتمعات خاصة في أوروبا وأمريكا تحوالت اقتصادية واجتماعية‬
‫ومهنية‪ ،‬أثّرت على الوضع القانوني للدول باألخص القواعد المنظمة لنظام المسؤولية‬
‫التوصل لتقرير‬
‫ّ‬ ‫المدنية‪ ،‬ما استلزم التفكير بالتوسيع من نطاق هذه األخيرة والدليل على ذلك‬
‫مسؤولية مدنية للمنتج قائمة على عنصري العيب والضرر والتخلص من عنصر الخطأ‪،‬‬
‫أوضاعا استدعت بصفة أساسية‬
‫ً‬ ‫التطور في مجال المسؤولية المدنية هو الذي ولّد‬
‫ّ‬ ‫وكان هذا‬
‫ظهور آلية التأمين من المسؤولية‪ 1‬وهذه األوضاع أو األسباب تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫مقتصر في إبرام عقود تأمين بل‬


‫ًا‬ ‫‪ -1‬أصبح نظام التأمين شديد االرتباط بالمسؤولية المدنية‪ ،‬فشركات التأمين لم يعد دورها‬
‫و‬ ‫أصبحت جزًءا من نظام تعويض الضحايا‪ ،‬فدورها األساسي في الوقت الراهن هو السعي لفهم أكثر لهذا النظام‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫تطويره‪ً .‬‬
‫‪158‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلنتاج المكثّف ‪ production en série‬و المرتبط بسيطرة النظام االلكتروني على‬


‫أن تحرير التجارة وعولمتها وانفتاح مختلف أسواق‬
‫مما الشك فيه ّ‬
‫النشاط اإلنتاجي و ّ‬
‫أدى إلى تضاعف عدد الضحايا وازدياد حجم األضرار والخسائر‬
‫العالم أمام السلع‪ّ ،‬‬
‫الماسة باألشخاص‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬الطرح غير اآلمن للمنتجات الناتج عن اشتداد المنافسة بين المؤسسات اإلنتاجية‬
‫للحصول على السبق في طرح السلعة للتداول حتى وان لم تتم بعد تجربتها‬
‫ومراقبتها‪.1‬‬
‫‪ -3‬آللية التأمين أهمية لكال الطرفين في مجال مسؤولية المنتج سواء للمؤمن له( المنتج)‬
‫أو الغير( المضرور)‪ ،‬فبالنسبة للمنتج فإن التأمين من شأنه مساعدة المشاريع اإلنتاجية‬
‫بدال من‬
‫يتم توزيع عبء األضرار ً‬
‫على االستمرار في النشاط‪ ،‬فعن طريق تقنية التأمين ّ‬
‫تركيزها على مسؤول واحد فتسبب له االنهيار خاصة مع كثرة الدعاوي أمام الجهات‬
‫القضائية ومطالبة المتضررين من حوادث المنتجات المعيبة حقهم في التعويض‪.‬‬
‫بدال من المنتج من شأنه‬
‫أما من ناحية المضرور‪ ،‬فتدخل شركة التأمين للتعويض ً‬
‫ّ‬
‫طمأنة المضرور من الحصول على التعويض باعتبار أن المؤمن يتمتّع بذمة مالية‬
‫موسرة‪ .‬لهذا السبب أصبح ينظر آللية التأمين كأنها ضمان لاللتزام بتعويض الضحايا‪،‬‬
‫فعلى رأي األستاذ ستارك ‪ ":STARCKE‬يجب النظر إلى التأمين في هذه الحالة‪،‬‬

‫‪Gilles BENEPLANC : Quelle assurance responsabilité civile pour demain?, atelier01, les‬‬
‫‪entretiens de l’assurance, Fédération française des sociétés d’assurances, 1999 p01.VOIR :‬‬
‫‪www.FFSA.FR Consulté le 23 janvier 2014.‬‬
‫‪ -1‬قــــادة شهيــــــــدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.307‬‬
‫‪159‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تأمينا عن‬
‫ً‬ ‫ليس كتأمين عن الضرر ولمصلحة المسؤول عنه‪ ،‬بل األولى اعتباره‬
‫‪1‬‬
‫الحوادث ولمصلحة المضرور"‬

‫ثانيا‪ :‬تعريف عقد التأمين من المسؤولية المدنية عن المنتجات‬


‫ا‬
‫يعتبر عقد التأمين من المسؤولية بصفة عامة عقد بموجبه يؤمن المؤمن‪ ،‬المؤمن له‬
‫من األضرار التي تلحق به من جراء رجوع الغير عليه بالمسؤولية‪ ،‬فالتأمين من المسؤولية ال‬
‫المؤمن له من جراء تحقق المسؤولية نحو الغير‪ ،‬بل هو‬
‫ّ‬ ‫يغطي فحسب األضرار التي تلحق‬
‫أيضا األضرار التي تلحقه من مطالبة الغير له بالمسؤولية ولو كانت هذه المطالبة‬
‫يغطي ً‬
‫خالية من األساس‪.2‬‬
‫أما المسؤولية الج ازئية فال يجوز‬
‫والمسؤولية المقصودة هنا هي المسؤولية المدنية‪ّ ،‬‬
‫مجرد غرامة مالية‪ ،‬ألن ضمان المسؤولية الجزائية يتعارض مع‬
‫التأمين منها حتى ولو كانت ّ‬
‫النظام العام واآلداب العامة‪.3‬‬
‫يعرفه المشرع الجزائري و اكتفى في‬
‫أما عقد التأمين من المسؤولية عن المنتجات فلم ّ‬
‫ّ‬
‫عرف عقد التأمين بصفة عامة بموجب المادة ‪619‬‬
‫نصوصه بالنص على إلزاميته‪ ،‬و لكنه ّ‬
‫ق م ج بنصها‪:‬‬

‫‪ -1‬قــــادة شهيـــــــدة‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.308‬‬


‫‪ -2‬عــبد الرزاق أحمــــــــــد السنـــهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد( عقود الغرر)‪ ،‬المجلّد الثاني‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،2000 ،‬ص ‪.1641‬‬
‫الطبية" دراسة مقارنة"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬بهاء الدين مسعود سعيد خويرة‪ :‬اآلثار المترتبة على عقد التأمين من المسؤولية المدنية‬
‫كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬فلسطين‪،‬‬
‫أطروحة الستكمال درجة الماجستير في برنامج القانون الخاص‪ّ ،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.09‬‬
‫‪160‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫" التأمين عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي‬
‫اشترط التأمين لصالحه مبل اغا من المال أو إيرادا أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع‬
‫المبين بالعقد و ذلك مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها‬
‫ّ‬ ‫الحادث أو تحقق الخطر‬
‫المؤمن له للمؤمن"‬
‫وهو نفس التعريف الوارد بالمادة الثانية من قانون التأمين الجزائري والتي تنص‪:‬‬
‫" إن التأمين في مفهوم المادة ‪ 619‬من القانون المدني‪ ،‬عقد يلتزم المؤمن‬
‫بمقتضاه بأن يؤدي إلى المؤمن له أو الغير المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبل اغا‬
‫المبين في العقد وذلك‬
‫ّ‬ ‫ادا أو أي أداء مالي آخر في حالة تحقق الخطر‬
‫من المال أو إير ا‬
‫مقابل أقساط أو ّأية دفوع مالية أخرى"‬
‫بأنه‪:‬‬
‫نعرف عقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات ّ‬
‫وبطريق القياس‪ ،‬يمكن أن ّ‬
‫مبلغا من المال كتعويض عن‬
‫عقد تلتزم بمقتضاه شركات التأمين أن تؤدي للغير المضرور ً‬
‫جراء استعمال منتوج معيب طرحه المنتج للتداول‪ ،‬مقابل قسط أو أية‬
‫الضرر الذي لحقه من ّ‬
‫المبين في العقد‪.‬‬
‫دفعة مالية أخرى يؤديها هذا األخير حالة تحقق الخطر ّ‬
‫نوعا من أنواع التأمين عن األضرار‬
‫يختص التأمين من المسؤولية المدنية باعتباره ً‬
‫سلبيا‬
‫عنصر ً‬
‫ًا‬ ‫بضمان مسؤولية المؤمن له في الدعاوي التي يباشرها الغير ضده‪ ،‬إذ يضمن‬

‫‪161‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الذمة المالية للمسؤول‪ 1‬وهو دين المسؤولية لذا أطلق جانب من الفقه على هذا النوع من‬
‫من ّ‬
‫الذمة المالية‪.2‬‬
‫التأمين تسمية تأمين ّ‬
‫من هذا التعريف يمكن أن نستخلص أهم خصائص عقد التأمين من المسؤولية عن فعل‬
‫المنتجات‪:‬‬
‫ثالثاا‪ :‬خصائص عقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات‬
‫عدة خصائص أهمها‪:‬‬
‫يتمتّع عقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات ب ّ‬
‫أ‪ -‬عقد رضائي‬
‫على غرار المشرع الفرنسي جعل المشرع الجزائري األصل في العقود الرضائية فينعقد‬
‫عقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات بمجرد ارتباط اإليجاب بالقبول دون توقفه على‬
‫معينة‪ ،3‬حسب نص المادة ‪ 59‬ق م ج بنصها‪:‬‬
‫توافر شكلية ّ‬
‫بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتيهما المتطابقتين دون اإلخالل‬
‫ّ‬ ‫يتم العقد‬
‫" ّ‬
‫بالنصوص القانونية"‬
‫بأي مستند مكتوب‬
‫في حين إثباته ال يكون ّإال بالكتابة عن طريق وثيقة التأمين أو ّ‬
‫شدة تعقيده‬ ‫المؤمن حسب القرار الصادر من المحكمة العليا في ‪ً 12008‬ا‬
‫نظر ل ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقّعه‬
‫المتنوعة وامتداد آثاره إلى الغير المضرور‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واشتماله على العديد من الشروط‬

‫‪1‬‬
‫يسمى كذلك بتأمين الديون ‪ Assurance de dettes‬ألن الغرض من التأمين من المسؤولية المدنية هو التعويض‬ ‫‪ -‬كما ّ‬
‫عن الضرر الذي يصيب الذمة المالية للمؤمن له حين تكون هذه الذمة المالية مثقلة بدين المسؤولية‪ .‬للتفصيل أكثر‬
‫ينظر‪:‬‬
‫محمد إبراهيم‪ :‬التأمين" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1994 ،‬ص ‪.112‬‬ ‫جالل ّ‬
‫‪ -2‬سليمان بوذيــــــاب‪ :‬مبادئ القانون المدني( دراسة نظرية و تطبيقات عملية في القانون‪ ،‬الحق‪ ،‬الموجب و المسؤولية)‪،‬‬
‫مجد المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،2003 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -3‬بهاء بهيج شكري‪ :‬التأمين من المسؤولية في النظرية في التطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪162‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ب‪-‬عقد احتمالي‬
‫عقد التأمين من المسؤولية عقد احتمالي‪ ،‬ذلك أن أطرافه ال يعرفون على وجه التحديد‬
‫مقدار التزامات وحقوق ٍ‬
‫كل منهما‪ ،‬وقد نظر المشرع الجزائري إلى عقد التأمين على أنه‬
‫احتمالي بدليل أنه كان ينظمه سابقًا بموجب الباب العاشر من القانون المدني المتعلّق بعقود‬
‫الغرر‪.2‬‬
‫ج‪-‬عقد زمني مستمر‬
‫عنصر جوهرًيا‬
‫ًا‬ ‫في عقد التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات يكون الزمن‬
‫في تنفيذه‪ ،‬إذ ال يمكن أن يتم تنفيذه دفعة واحدة بمجرد انعقاده‪ ،‬واّنما يتم تنفيذه بأداءات‬
‫مستمرة‪.‬‬
‫فالتزام شركة التأمين بضمان تعويض األضرار عن حوادث المنتجات المعيبة هو التزام‬
‫مستمر يبدأ منذ إبرام العقد حتى انقضائه‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للمؤمن له عندما يظل‬
‫ملتزما بأداء أقساط التأمين على فترات متتالية‪.‬‬
‫وما يترتب على اعتبار عقد التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات عقد‬
‫أن المؤمن ملزم بتعويض األضرار للغير حتى ولو وقع‬
‫تأمين من المسؤولية وعقد زمني‪ّ ،‬‬
‫مرة واحدة خالل الفترة التي يسري فيها العقد بمجرد تحقق‬
‫الخطر المؤمن منه أكثر من ّ‬
‫المسؤولية‪.3‬‬

‫‪ -1‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم ‪ 435366‬الصادر بتاريخ ‪ 22‬أكتوبر ‪ ،2008‬مجلّة‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬ع ‪ 02‬لسنة ‪ ،2008‬ص‪.117‬‬
‫‪ -2‬عـــــــــــلي فتـــــــــاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.489‬‬
‫الطبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬بهاء الدين مسعود سعيد خويرة‪ :‬اآلثار المترتبة على عقد التأمين من المسؤولية المدنية‬
‫‪.20‬‬
‫‪163‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫د‪-‬عقد إذعان‬
‫يعد عقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات عقد إذعان‪ ،‬ألن إرادة أحد طرفي‬
‫ّ‬
‫العقد منعدمة أو على األقل ينحصر دورها في تحديد بنود العقد أو االلتزامات الناتجة عنه‪،‬‬
‫فليس بوسع المؤمن له سوى قبول أو رفض بنوده‪ ،‬وليس بإمكانه مناقشة شروطه ولو بصورة‬
‫عامة‪.‬‬
‫وهناك من يرى بأن عقد التأمين من المسؤولية تتوافر فيه صفة اإلذعان بسبب أن‬
‫المؤمن يقوم بطباعة نماذج للعقد يضع فيها شروطه التي ال يقبل نقا ًشا فيها‪ ،‬بحيث ال يكون‬
‫أمام المؤمن له سوى التسليم والقبول أو الرفض‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬هناك من يرى أن عقد التأمين من المسؤولية المدنية بما في ذلك عقد‬
‫التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات ليس من عقود اإلذعان‪ ،‬ألن المؤمن له يمكنه‬
‫مما ينفي صفة اإلجبار والرضوخ من جانب‬
‫رفض التعاقد واللجوء لشركة تأمين أخرى ّ‬
‫المؤمن له‪ ،‬باألخص عقد التأمين اإللزامي كعقد التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل‬
‫المنتجات‪ ،‬فهو ليس من عقود اإلذعان ألن العقد مفروض على المؤمن له والمؤمن على‬
‫السواء‪ ،‬بالتالي ال يكون هناك طرف قوي يفرض شروطه على الطرف اآلخر‪.1‬‬
‫لكن عقد التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات يبقى عقد إذعان وما القول‬
‫أن المؤمن له‪ ،‬له الحرية في اختيار شركة التأمين المناسبة له هذا ال يعني سوى أنه في‬
‫يفضل اإلذعان لديها‪،‬‬
‫المتعددة الشركة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫حقيقة األمر سيختار من بين شركات التأمين‬
‫والدليل على ذلك هو نص المادة ‪ 622‬من القانون المدني الجزائري التي أشارت إلى بطالن‬

‫الطبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪23‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -1‬بهاء الدين مسعود سعيد خويرة‪ :‬اآلثار المترتبة على عقد التأمين من المسؤولية المدنية‬
‫‪164‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الشروط التعسفية الواردة بعقد أو وثيقة التأمين دون تمييز بين أنواع التأمينات من المسؤولية‬
‫سواء كانت اختيارية أم إلزامية‪.1‬‬
‫و‪-‬عقد ملزم لجانبين‬
‫عقد التأمين من المسؤولية عقد ملزم للجانبين‪ ،‬فهو عقد يرتب حقوق والتزامات متقابلة‬
‫على أطرافه بحيث يكون المؤمن له على سبيل المثال ملزم بدفع أقساط التأمين مقابل التزام‬
‫نص عليها المشرع الجزائري‬
‫المؤمن بدفع مبلغ التعويض عند تحقق الخطر‪ ،‬وهذه االلتزامات ّ‬
‫في المواد‪ 15 ،13 ،12 :‬من األمر رقم ‪.07 -95‬‬
‫ه‪-‬عقد إلزامي‬
‫ألزم المشرع الجزائري المنتج بضرورة اكتتاب تأمين عن مسؤوليته المدنية من خالل‬
‫سنبين‬
‫ّ‬ ‫ألهمية هذا العنصر‬
‫ّ‬ ‫نظر‬
‫قانون التأمين ورتّب جزاء عند مخالفة هذا االلتزام‪ ،‬و ًا‬
‫النصوص القانونية المؤ ّكدة على إلزاميته وكذا للجزاء المترتب عند مخالفته‪:‬‬
‫‪ -1‬النصوص القانونية المؤكدة على إلزامية التأمين من المسؤولية المدنية عن المنتجات‬
‫أوجب المشرع الجزائري كل متدخل بضرورة اكتتاب تأمين لتغطية مسؤوليته المدنية‬
‫المهنية عن األضرار التي تسببها منتجاته؛ حيث تنص المادة ‪ 1/168‬من األمر رقم ‪-95‬‬
‫المتمم‪:‬‬
‫المعدل و ّ‬
‫ّ‬ ‫‪07‬‬
‫" يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بصنع أو ابتكار أو تحويل أو تعديل‬
‫معدة لالستهالك أو لالستعمال‪ ،‬أن يكتتب تأمي انا لتغطية مسؤوليته المدنية‬
‫أو تعبئة مواد ّ‬
‫المهنية تجاه المستهلكين والمستعملين وتجاه الغير"‬
‫أشارت في فقرتها األخيرة إلى صدور تنظيم‪ ،‬لذا صدر المرسوم التنفيذي رقم ‪-96‬‬
‫المحدد لشروط التأمين وكيفياته في مجال المسؤولية المدنية عن المنتجات‪ ،1‬مع التنويه‬
‫ّ‬ ‫‪48‬‬

‫متمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫معدل و ّ‬
‫يتضمن القانون المدني‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬المادة ‪ 622‬من األمر رقم ‪58- 75‬‬
‫‪165‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أن المشرع الجزائري قبل إصدار هذا القانون‪ ،‬وفي قانون التأمين رقم ‪ 07 -80‬الصادر في‬
‫نص في مادته ‪ 103‬على إلزامية التأمين على المسؤولية المدنية‬
‫‪ 09‬جويلية ‪ 1980‬كان قد ّ‬
‫المعدة لتغذية األنعام أو للعالج الطبي‪ ،‬فألزم المؤسسات القائمة‬
‫ّ‬ ‫المترتّبة عن المنتجات‬
‫تأمينا من العواقب التي قد تلحق‬
‫ً‬ ‫بوضع وتغيير وتحويل وتكييف تلك المنتجات أن تعقد‬
‫بمستعمليها وكذلك األمر بالنسبة لمستوردي هذه المنتجات‪.2‬‬
‫نستنتج أن المشرع الجزائري ّبين ّنيته في جعل التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل‬
‫اميا‪ ،‬فاعتبر آلية التأمين بمثابة مبدأ قانوني ال يمكن تجاوزه أو التشكيك فيه كما‬
‫المنتجات إلز ً‬
‫أن هذه اإللزامية تشمل كل المنتجات وكافة المتدخلين ما يد ّل على التوسيع من دائرة‬
‫التعويض لضحايا حوادث المنتجات‪.‬‬
‫و ربما نتساءل عن موقف المشرع الفرنسي في هذا الصدد هل نظم قواعد خاصة‬
‫بالتأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات أم ال؟‬
‫بالرغم من أهمية التأمين في مجال حوادث االستهالك ّإال ّأنه ال يوجد في التشريع‬
‫اما بالتأمين على مسؤوليتهم‬
‫الصناع والمنتجين التز ً‬
‫ّ‬ ‫الفرنسي نص يفرض وبصفة عامة على‬
‫أن هذا الحكم ينسحب حتى على المنتجات الخطرة ذات االستهالك المكثّف كالمواد‬
‫بل ّ‬
‫الصيدالنية والكيميائية‪ ،3‬بالتالي فبالرغم من نص المشرع الفرنسي على التأمين عن‬
‫المسؤولية المدنية لبعض المهنيين ّإال ّأنه لم ينص على التأمين من المسؤولية عن فعل‬
‫المنتجات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يحدد شروط التأمين و كيفياته في مجال" المسؤولية‬
‫‪ -‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 48 -96‬المؤرخ في ‪ 17‬جانفي‪ّ ،1996‬‬
‫المدنية عن المنتجات"‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 05‬الصادرة في ‪ 21‬جانفي ‪.1996‬‬
‫‪2‬‬
‫األول‪ ،‬ديوان‬
‫‪ -‬إبراهيم أبو النجا‪ :‬التأمين في القانون الجزائري( األحكام العامة طبقًا لقانون التأمين الجديد)‪ ،‬الجزء ّ‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1983 ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -3‬قـــــــــــــــــــادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪166‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫فإبرام المؤسسات اإلنتاجية لعقود التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات أمر غير‬
‫مفروض عليهم بموجب نصوص قانونية كما هو الوضع في الجزائر‪ ،‬فاألمر متروك لها‬
‫بالتأمين عن المخاطر المترتبة عن مسؤوليتهم المدنية ولتقييمهم وتقديرهم الذاتي للمخاطر‪،‬‬
‫طبعا بمساعدة شركات التأمين خاصة وأن المبدأ العام في هذا الشأن هو حرّية التعاقد‪.1‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬جزاء اإلخالل بإلزامية التأمين من المسؤولية المدنية عن المنتجات‬
‫إن صيغة اإللزام التي جاء بها نص المادة ‪ 168‬من األمر رقم ‪ 07 -96‬يجعلها ذات‬
‫ّ‬
‫طبيعة آمرة ال يجوز االتفاق على مخالفتها‪ ،‬لذا قام المشرع الجزائري بتقرير جزاء في حالة‬
‫عدم االمتثال لهذا االلتزام‪ ،‬إذ تنص المادة ‪ 1/184‬من األمر السالف الذكر‪:‬‬
‫" يعاقب على عدم اًلمتثال إللزامية التأمين المشار إليها في المواد من ‪ 163‬إلى‬
‫‪ 172‬و ‪ 174‬بغرامة مالية يتراوح مبلغها بين ‪ 5.000‬د ج و ‪ 100.000‬د ج"‬
‫إ ّن الجزاء المترتب في حالة اإلخالل بإلزامية إبرام عقد التأمين من المسؤولية المدنية‬
‫عن المنتجات يتمثّل في غرامة مالية فقط قدرها ‪ 5.000‬دج إلى ‪ 100.000‬دج‪ ،‬ما يجعل‬
‫اءا‬
‫هذا الجزاء ذو طابع رمزي وليس بجزاء حقيقي‪ ،‬بالتالي كان على المشرع أن يضع جز ً‬
‫أكثر صرامة فرغم التعديل الذي أجراه على قانون التأمينات في ‪ّ ،2007‬إال ّأنه لم يقم بالرفع‬
‫من مقدار الغرامة خاصة مع العلم أن هذا التأمين يمثل التزام على عاتق المؤسسات‬
‫باحا طائلة من النشاط الذي تمارسه‪ ،‬بالتالي ال تشعر بمقدار هذه‬
‫اإلنتاجية التي تدخل أر ً‬
‫الغرامة ما يدفعها لعدم االمتثال لهذا االلتزام‪ .‬كما أشارت الفقرة الثانية من نفس المادة إلى‬
‫قيام المسؤول باكتتاب تأمين عن مسؤوليته المدنية‪.‬‬

‫‪ -1‬قـــــــــــــــــــادة شهيدة‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.311‬‬


‫‪167‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ولع ّل الحل الذي يمكن اقتراحه في هذه المسألة هو قيام المشرع الجزائري باشتراط إبرام‬
‫عقد التأمين مع شركات التأمين قبل مزاولة النشاط االقتصادي للمؤسسات المنتجة وا ّال تُمنع‬
‫من مزاولة النشاط‪ ،‬وان زاولته فيكون بصورة غير مشروعة‪.‬‬
‫النية‬
‫ي‪-‬عقد من عقود حسن ّ‬
‫يعتبر مبدأ حسن النية من المبادئ العامة التي تسري على جميع العقود طبقًا لنص‬
‫نظر للخصوصية التي يتمتّع بها عقد التأمين فإن حسن النية يلعب‬
‫المادة ‪ 824‬ق م ج‪ ،‬و ًا‬
‫دور في انعقاده و تنفيذه‪ 1‬أكبر من الدور الذي يقوم به في أي عقد آخر‪ ،‬فعند إبرام عقد‬
‫ًا‬
‫المؤمن له عن ماهية‬
‫ّ‬ ‫المؤمن في قبوله على صحة البيانات التي يدلي بها‬
‫ّ‬ ‫التأمين يرتكز‬
‫يتوجب أن تتوفر مقومات الصدق والن ازهة عند اإلدالء‬
‫الخطر والظروف المحيطة به‪ ،‬لذلك ّ‬
‫المؤمن له االمتناع عن كل ما من شأنه‬
‫ّ‬ ‫بتلك البيانات‪ ،‬وعند تنفيذ عقد التأمين يجب على‬
‫يؤدي حدوثه إلى زيادة‬
‫المؤمن بكل ظرف ّ‬
‫ّ‬ ‫أيضا التزام بإخطار‬
‫زيادة الخطر‪ ،‬ويقع عليه ً‬
‫درجة احتماالت وقوع الخطر أو زيادة درجة جسامته؛ فهذا المبدأ يطغى على عقد التأمين‬
‫يفسر بطالنه إذا أدلى المؤمن له ببيانات‬
‫من المسؤولية عن فعل المنتجات‪ ،‬األمر الذي ّ‬
‫يبرر سقوط حق المؤمن‬
‫النية هو الذي ّ‬
‫ضده‪ ،‬كما أن مبدأ حسن ّ‬
‫كاذبة عن الخطر المؤمن ّ‬
‫له في التعويض إذا قام بعمل أو امتنع عن القيام بعمل أو إذا كان العمل أو االمتناع‬
‫النية‪ ،‬مع اإلشارة أن هذه القاعدة تسري كذلك على المؤمن‪.2‬‬
‫يتعارض مع مقتضيات حسن ّ‬

‫‪1‬‬
‫المعمقة في‬
‫ّ‬ ‫محمد الهيني‪ :‬الحماية القانونية للطرف الضعيف في عقد التأمين البري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا‬
‫‪ّ -‬‬
‫محمد بن‬
‫القانون الخاص فرع" قانون المنافسة واالستهالك" كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي ّ‬
‫عبد اللّه‪ ،‬المغرب‪ ،2006 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الهيني‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪168‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ابعا‪ :‬المبادئ األساسية لعقد التأمين من المسؤولية‬


‫ر ا‬
‫يقوم التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات على جملة من المبادئ شأنه في ذلك‬
‫النية المطلق(أ)‪ ،‬مبدأ‬
‫شأن فروع التأمين األخرى وأهم هذه المبادئ‪ :‬مبدأ حسن ّ‬
‫التعويض(ب)‪ ،‬مبدأ المصلحة التأمينية(ج) ومبدأ الحلول(د)‬
‫النية المطلق‬
‫مبدأ حسن ّ‬ ‫أ‪-‬‬
‫للمؤمن عند إبرام العقد‬
‫ّ‬ ‫يصرح طالب التأمين‬
‫من المبادئ األساسية في نظام التأمين أن ّ‬
‫بكافة الظروف والحقائق الجوهرية المتعلّقة بمحل التأمين‪ ،‬والتي من شأنها أن تؤثر في قرار‬
‫حدة الخطر المعروض عليه‪ ،‬وما إذا كان يمكنه الدخول في رابطة عقدية‬
‫المؤمن عند تقديره ّ‬
‫ّ‬
‫أي أساس سيكون دخوله وتحديده لقسط التأمين المقابل للخطر في حالة قبوله‬
‫معه‪ ،‬وعلى ّ‬
‫الدخول في الرابطة العقدية‪ ،‬ويعرف هذا الواجب بواجب التصريح‪ ،‬وهذا ما قضت به المادة‬
‫‪ 15‬من قانون التأمين الجزائري‪:‬‬
‫" يلزم المؤمن له‪ :‬بالتصريح عند اكتتاب العقد بجميع البيانات والظروف المعروفة‬
‫للمؤمن بتقدير األخطار التي يتك ّفل بها"‬
‫ّ‬ ‫لديه ضمن استمارة أسئلة تسمح‬
‫للمؤمن أن يطلب فسخ العقد إن اكتشف‬
‫ّ‬ ‫وان أخ ّل طالب التأمين به يعطى الحق‬
‫اإلخالل قبل تحقق الخطر‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫فمثال المشرع‬
‫‪ -‬اختلفت التشريعات في تقرير الجزاء المترتب على اإلخالل بواجب االلتزام بحسن النية و مقتضياته‪ً ،‬‬
‫أما التشريع األردني‬
‫أقر ببطالن عقد التأمين سيان في ذلك كون اإلخالل قد حصل بسوء نية أم بحسن نية‪ّ ،‬‬ ‫اإلنجليزي ّ‬
‫أما إذا كان اإلخالل‬
‫للمؤمن بطلب فسخ العقد و االحتفاظ بقسط التأمين إذا كان اإلخالل بسوء ّنية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فقد أعطى الحق‬
‫للمؤمن له من قسط التأمين الجزء المقابل للفترة التي لم تنقض من فترة سريان العقد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المؤمن أن يعيد‬
‫ّ‬ ‫بحسن نية‪ ،‬فعلى‬
‫نقال عن‪:‬‬
‫ً‬
‫بــــهاء بهيج شكري‪ :‬التأمين من المسؤولية في النظرية و التطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫المدة التي ال يسري‬
‫المؤمن له جزء من القسط عن ّ‬
‫ّ‬ ‫عدة جزاءات تدور حول الفسخ مع إعادة‬
‫فأقر ّ‬
‫أما المشرع الجزائري‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫فيها عقد التأمين‪ ،‬أو اإلبطال‪ ،‬أو تخفيض التعويض في حدود الضرر الفعلي‪ .‬ينظر‪=:‬‬
‫‪169‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مع اإلشارة أن واجب التصريح يقوم على أساس أن طالب التأمين هو الطرف الوحيد‬
‫عالما بكل الظروف المحيطة بمحل التأمين والتي من شأنها أن‬
‫الذي يعلم أو يجب أن يكون ً‬
‫ملزما بأن‬
‫تزيد في فرص تحقق الحوادث المطلوب التأمين منها‪ ،‬لذا يكون طالب التأمين ً‬
‫علما بها‪.1‬‬
‫المؤمن ً‬
‫ّ‬ ‫يحيط‬
‫ب‪-‬مبدأ التعويض‬
‫يعد عقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات عقد تأمين تعويضي‪ ،‬ألن الهدف‬
‫المؤمن له عن الخسارة التي تلحقه نتيجة الحكم عليه بمبلغ‬
‫ّ‬ ‫األساسي للعقد هو تعويض‬
‫التعويض المستحق للضحية‪.2‬‬
‫وهذا المبدأ يمكن أن يستنبط من نص المادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم ‪-96‬‬
‫‪ 48‬التي تنص‪:‬‬
‫المسمى« المسؤولية المدنية عن المنتجات» طبقاا للتشريع‬
‫ّ‬ ‫" يضمن التأمين‬
‫المعمول به‪ ،‬المستهلكين والمستعملين وغيرهم من اآلثار المالية المترتبة على مسؤولية‬
‫المؤمن له المدنية المهنية بسبب األضرار الجسمانية المادية والمالية التي تتسبب فيها‬
‫ّ‬
‫المنتجات"‬
‫المؤمن له(‬
‫ّ‬ ‫يقصد بالتعويض في التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات هو أن يعاد‬
‫المؤمن منه إلى نفس مركزه المالي الذي كان عليه قبل‬
‫ّ‬ ‫المنتج) بموجبها عند تحقق الخطر‬
‫تحقق الخطر‪ ،‬بقدر تعلّق األمر بالخسارة التي لحقت به ال أكثر وال أقل‪.3‬‬

‫متمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬


‫معدل و ّ‬
‫=المواد‪ 22 -21 -19 :‬من األمر رقم ‪ 07-95‬المتعلّق بالتأمينات‪ّ ،‬‬
‫‪ -1‬بهاء بهيج شكري‪ :‬التأمين من المسؤولية في النظرية و التطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.126‬‬
‫‪ -2‬علــــــــــــــــــــــي فتاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.491‬‬
‫‪ -3‬بــــــــــــهاء بـــهيج شكــــــــــــــري‪ :‬التأمين من المسؤولية في النظرية و التطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫‪170‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ج‪-‬المصلحة التأمينية‬
‫يشترط لنفاذ جميع أنواع عقود التأمين بما فيها عقد التأمين من المسؤولية المدنية عن‬
‫للمؤمن له مصلحة تأمينية في الشيء المطلوب التأمين عليه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫فعل المنتجات أن تكون‬
‫والمقصود بالمصلحة التأمينية أن تكون له عالقة مالية مشروعة بهذا الشيء بحيث يخسر‬
‫باطال‪ ،‬مع‬
‫ً‬ ‫بهالكه أو تضرره وينتفع بسالمته‪ ،‬فإذا انعدمت هذه المصلحة وقع عقد التأمين‬
‫أن المصلحة التأمينية في عقود التأمين من المسؤولية هي مصلحة ذات طابع‬
‫اإلشارة ّ‬
‫اقتصادي باعتباره تأمين من األضرار‪.1‬‬
‫جعل المشرع الجزائري المبدأ في محل التأمين أن يكون مصلحة اقتصادية مشروعة‬
‫ال تتعارض مع النظام العام واآلداب‪ 2‬حسب نص المادة ‪ 621‬ق م ج بنصها‪:‬‬
‫محال للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة تعود على الشخص من دون‬
‫" تكون ا‬
‫معين"‬
‫وقوع خطر ّ‬
‫د‪-‬مبدأ الحلول‬
‫المؤمن له بعد‬
‫ّ‬ ‫المؤمن محل‬
‫ّ‬ ‫من القواعد األساسية في نظام التأمين عامة‪ ،‬أن يحل‬
‫دفعه قيمة التعويض‪ ،‬في الرجوع على المتسبب بوقوع الحادث إن ُو ِجد‪ ،‬كي يسترد منه ما‬
‫المؤمن له من اإلثراء على حساب‬
‫ّ‬ ‫للمؤمن له من تعويض‪ ،‬والسبب في ذلك هو منع‬
‫ّ‬ ‫دفعه‬
‫كامال‪ ،‬غير أن هذا المبدأ‬
‫تعويضا ً‬
‫ً‬ ‫عوض عن الضرر الذي أصابه‬
‫المؤمن بعد أن يكون قد ّ‬
‫ّ‬
‫المؤمن له هو‬
‫ّ‬ ‫يطبق على إطالقه في التأمين من المسؤولية‪ ،‬ألن الغالب فيه أن يكون‬
‫ال ّ‬

‫‪ -1‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد( عقود الغرر)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.1155‬‬
‫‪ -2‬عــــــــــــــــــــــالوة بشـــــــــــــــــــــــوع‪ :‬التأمين اإللزامي من المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات في الجزائر‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪ ،2006 ،‬ص ‪.284‬‬
‫‪171‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫للمؤمن حق الرجوع‬
‫ّ‬ ‫تصور أن يكون‬
‫المتسبب في قيام مسؤوليته تجاه الشخص الثالث‪ ،‬فال ُي ّ‬
‫ّ‬
‫عليه السترداد ما دفعه له من تعويض‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات‬
‫تتحدد‬
‫ّ‬ ‫معين‪ ،‬بموجبه‬
‫للتأمين من المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات نطاق ّ‬
‫سنبين نطاق التأمين من حيث األشخاص‬
‫ّ‬ ‫األشخاص وكذا المنتجات محل الضمان‪ ،‬لذا‬
‫ثانيا)‬
‫( ّأواًل) وبعدها لنطاق التأمين من حيث المنتجات( ا‬
‫ّأواًل‪ :‬نطاق التأمين من حيث األشخاص‬
‫إن األشخاص التي تدخل في نطاق التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات‬
‫ّ‬
‫تشمل تلك الملتزمة بالتأمين والمستفيدة منه‪.‬‬
‫تنص المادة ‪ 1/168‬من األمر رقم ‪ ،07-95‬سالف الذكر‪:‬‬
‫" يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بصنع أو ابتكار أو تحويل أو تعديل‬
‫معدة لالستهالك أو لالستعمال‪ ،‬أن يكتتب تأمي انا لتغطية مسؤوليته المدنية‬
‫أو تعبئة مواد ّ‬
‫المهنية تجاه المستهلكين والمستعملين وتجاه الغير"‬
‫فالملتزم بإبرام عقد التأمين مع شركات التأمين هو كل شخص طبيعي أو معنوي يتّخذ‬
‫معدة لالستهالك أو لالستعمال‪،‬‬
‫موزع ومستورد لمواد ّ‬
‫معبء‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫معدل‪،‬‬
‫صفة صانع‪ ،‬مبتكر‪ّ ،‬‬
‫وسع من دائرة األشخاص الملزمة بإبرام عقد التأمين‪ ،‬إذ ألزم‬
‫فالمشرع بموجب قانون التأمين ّ‬
‫كل من يتدخل في عملية الوضع لالستهالك أن يبرم عقد تأمين عن مسؤوليته المدنية بشأن‬
‫معنويا‪.‬‬
‫ً‬ ‫طبيعيا أو‬
‫ً‬ ‫شخصا‬
‫ً‬ ‫فعل منتجاته المعيبة سواء كان‬

‫‪ -1‬بـــــــــــــــــــــهاء بهيج شكـــــــري‪ :‬التأمين من المسؤولية في النظرية و التطبيق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪172‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المؤمن لصالحهم‪ ،‬فآلية التأمين تغطي كافة األضرار التي تلحق المستهلكين أو‬
‫ّ‬ ‫أما‬
‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫وسع كذلك من مجال األشخاص الذين يغطي‬
‫المستعملين للمنتوج أو الغير ‪ ،‬فالمشرع إ ّذن ّ‬
‫التأمين المسؤولية المدنية المهنية اتجاههم لضمان حماية أكبر للمتضررين‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬نطاق التأمين من حيث المنتجات‬
‫ا‬
‫تنص المادة الثانية من التأشيرة الخاصة بالشركة الوطنية للتأمين واعادة التأمين على‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫للمؤمن نتيجة‬
‫ّ‬ ‫المؤمن األضرار المادية الناتجة عن المسؤولية المدنية‬
‫ّ‬ ‫" يضمن‬
‫جراء المنتجات المعيبة‬
‫لألضرار الجسدية والمادية والمعنوية التي تصيب الغير من ّ‬
‫‪3‬‬
‫المسلّمة"‬
‫من خالل نص هذه المادة نخلص للقول ّأنه يدخل في نطاق التأمين من المسؤولية‬
‫المدنية عن فعل المنتجات كل المنتجات المسلّمة دون غيرها بمعنى؛ اشتراط عملية التسليم‬
‫أي منتوج في عملية الضمان‪.‬‬
‫لكي يدخل ّ‬
‫‪1‬‬
‫عرفتها المادة األولى الفقرة الرابعة من التأشيرة الخاصة‬
‫ّ‬ ‫‪la‬‬ ‫‪livraison‬‬ ‫عملية التسليم‬
‫و ّ‬
‫بأنها‪:‬‬
‫بالشركة الوطنية للتأمين واعادة التأمين ّ‬

‫‪1‬‬
‫تعرضه لتعريف المستهلك في القانون رقم ‪ 03-09‬المتعلّق بحماية المستهلك و قمع الغش‪،‬‬
‫إن المشرع الجزائري عند ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫أن المشرع‬
‫أن المستهلك هو المقتني للمنتوج‪ ،‬لذا يمكن القول ّ‬
‫يميز بين المستهلك و المستعمل بل أشار فقط إلى ّ‬
‫لم ّ‬
‫ميز‬
‫فإن األمر رقم ‪ 07-95‬في المادة ‪ّ 168‬‬
‫بذلك أدرج كل من المستعمل و المستهلك ضمن المقتنين‪ ،‬و بخالف ذلك ّ‬
‫بين المستهلك و المستعمل‪.‬‬
‫‪ -2‬نوال شعباني( حنين)‪ :‬التزام المتدخل بضمان سالمة المستهلك في ضوء قانون حماية المستهلك و قمع الغش‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪ -3‬إذ جاء نص المادة باللّغة الفرنسية على النحو التالي‪:‬‬
‫‪« L’Assureur garantit les conséquences pécuniaires de la responsabilité civile incombant à‬‬
‫‪l’Assuré, en raison des dommages corporels, matériels et pécuniaires indirects causés au‬‬
‫‪tiers et aux acquéreurs, exclusivement par les produits désignés aux Conditions‬‬
‫» ‪Particulières, après leurs livraison‬‬
‫‪173‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المؤمن إلى الغير سواء بعوض أو بدون عوض‪،‬‬


‫ّ‬ ‫" هو التسليم الفعلي للمنتوج من‬
‫‪2‬‬
‫يؤدي عادة إلى افتقاده لعنصر السيطرة والمراقبة على المنتوج"‬
‫و الذي ّ‬
‫أن الضمان ال يسري ّإال في فترة سريان عقد التأمين حسب ما قضت به المادة‬
‫كما ّ‬
‫الثالثة من التأشيرة السالفة الذكر‪ ،‬كما ّأنه من الضروري أن تتوافر لدى المتعاملين نماذج‬
‫يتم فيها تحديد طبيعة وخصوصية األخطار بدقّة‪.3‬‬
‫خاصة ‪ّ Formulaire Ad.hok‬‬
‫أما بشأن المنتجات المعنية بالضمان‪ ،‬فتنص المادة ‪ 2/168‬من األمر رقم ‪07-95‬‬
‫ّ‬
‫السالف الذكر‪:‬‬
‫" ‪ ...‬تتمثل المواد المشار إليها أعاله في المواد الغذائية والصيدًلنية‬
‫ومستخلصات التجميل ومواد التنظيف والمواد الصناعية والميكانيكية واًللكترونية‬
‫ار للمستهلكين‬
‫أي مادة يمكن أن تسبب أضر اا‬
‫والكهربائية‪ ،‬وبصفة عامة في ّ‬
‫والمستعملين والغير"‬
‫أدخل المشرع الجزائري كل أصناف المنتجات في نطاق الضمان‪ ،‬وقد جرى العمل أن‬
‫يفرق بعض الفقه‬
‫تتكيف وثيقة التأمين مع خصوصيات كل منتوج و مدى خطورته‪ ،‬لذا ّ‬
‫ّ‬
‫والممارسين لعملية التأمين بين طائفتين من المنتجات‪ :‬المنتجات التي ال تكون محالً‬
‫محال لمشارطات خاصة(ب)‬
‫لمشارطات خاصة( أ) ومنتجات تكون ً‬

‫‪1‬‬
‫عرف المشرع الجزائري عملية التسليم في القانون المدني بالمادة ‪ 1/367‬بنصها‪ ":‬يتم التسليم بوضع المبيع تحت‬ ‫‪ّ -‬‬
‫ماديا‪ ،‬مادام البائع قد أخبره بأنه‬
‫تسلما ً‬
‫تصرف المشتري بحيث يتم ّكن من حيازته و االنتفاع به دون عائق و لو لم يتسلّمه ً‬
‫عرف المشرع‬
‫مستعد لتسليمه بذلك و يحصل التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع" إذن في هذه المادة ّ‬
‫يعرفه بصورة عامة‪.‬‬
‫عملية التسليم في عقد البيع و لم ّ‬
‫‪ -2‬جاء نص المادة باللّغة الفرنسية على النحو التالي‪:‬‬
‫‪« LIVRAISON : La remise effective par l’Assuré d’un produit à un client ou à un tiers, à titre‬‬
‫‪onéreux ou même gracieux, dés lors que cette opération fait perdre à l’Assuré son pouvoir‬‬
‫» ‪d’usage, de contrôle et de direction sur ledit produit‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Guido ALPA : Le nouveau régime juridique de la responsabilité du producteur en Italie et‬‬
‫‪l’adaptation de la directive communautaire, op.cit, p 81.‬‬
‫‪174‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫محال لمشارطات خاصة ‪Les produits qui ne‬‬


‫ا‬ ‫أ‪ -‬المنتجات التي ًل تكون‬
‫‪faisait pas l’objet d’une stipulation particulière‬‬
‫اسعا‪ ،‬خاصة مع إشارة المادة ‪ 168‬من األمر رقم ‪-95‬‬
‫يأخذ مصطلح المنتوج مدلوًال و ً‬
‫‪ 07‬في آخر نصها إلى كلمة" ّأية مادة"‪ ،‬فأغلب المنتجات تدخل في دائرة الضمان‪ ،‬فيما عدا‬
‫المنشآت العقارية التي تنفرد بتأمين خاص من مسؤولية المهندسين المعماريين والمقاولين‬
‫العشرية‪.1‬‬
‫الموجهة إلى المنشآت العقارية مشمولة بالضمان في‬
‫ّ‬ ‫في حين تبقى المواد والعناصر‬
‫إطار التأمين من المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات‪.‬‬
‫أما بخصوص اإلبداعات الذهنية كالمشاريع والدراسات والرسوم الهندسية فهي تكون‬
‫ّ‬
‫نظر لخصوصياتها‪.2‬‬
‫محل تأمين خاص ًا‬
‫وبالتالي ففيما عدا االستثناءين السالفين الذكر‪ ،‬فإن التأمين يغطي كافة المنتجات‬
‫المشار إليها في الشروط الخاصة لعقد التأمين ما يعني التحديد الدقيق للمنتوج محل الضمان‬
‫لمكونات المنتوج يجب أن يبلّغ إلى‬
‫أي تغيير أو تطوير ّ‬
‫مكوناته‪ ،‬لذا جرى العمل على أن ّ‬
‫و ّ‬
‫مكونات‬
‫شركة التأمين حتى تعيد دراسة المخاطر التي يمكن أن تترتّب عن تعديل أحد ّ‬
‫المؤمن له ال يستفيد من الضمان‪.3‬‬
‫ّ‬ ‫المنتوج‪ ،‬دون ذلك فإن‬

‫‪1‬‬
‫األول من الكتاب الثاني الخاص بالتأمينات‬
‫‪ -‬ينظر‪ :‬القسم الثالث تحت عنوان‪ :‬التأمين في مجال البناء الوارد بالفصل ّ‬
‫متمم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫اإللزامية من األمر رقم ‪ 07 -95‬المتعلّق بالتأمينات‪ّ ،‬‬
‫‪ -2‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪ -3‬قادة شهيدة‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.319‬‬
‫‪175‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫محال لمشارطات خاصة ‪Les produits faisant‬‬


‫المنتجات التي تكون ا‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪l’objet d’une stipulation particulière‬‬
‫محال لمشارطات خاصة‪ ،‬المنتجات الخطرة‬
‫ً‬ ‫تدخل في فئة المنتجات التي تكون‬
‫بطبيعتها أو التي دلّت التجارب على ارتباطها بها‪ ،‬وكذا المنتجات الجديدة التي لم تأخذ‬
‫تقدمها الهيئة المختصة‬
‫أما المنتجات التي يرتبط طرحها برخصة ّ‬ ‫كفايتها من التجريب‪ّ ،‬‬
‫كالمنتجات الصيدالنية‪ ،‬فشركة التأمين ال تُ ْق ِدم على تغطية مثل هذه األخيرة ّإال بعد صدور‬
‫الرخصة‪.1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور آلية التأمين من المسؤولية في الضمان‬
‫إن األضرار المعنية و المقصية من التعويض عند قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‪،‬‬
‫ّ‬
‫يبين مدى كفاية مبلغ التأمين في الضمان مع ضرورة التعرض لمدى‬
‫هي العنصر الذي ّ‬
‫األول)‬
‫التطور العلمي منه( الفرع ّ‬
‫ّ‬ ‫استثناء فكرة مخاطر‬
‫يطرح إشكال ونحن في صدد التعويض عن طريق شركة التأمين حول كيفية اقتضاء‬
‫المضرور حقه من التعويض في حالة عدم قيام المسؤولية؟ خاصة أن الشيء المؤ ّكد هنا هو‬
‫عدم تعويض شركة التأمين‪ ،‬ففي هذه الحالة يبرز دور آليات التعويض الجماعية( الفرع‬
‫الثاني)‬
‫األول‪ :‬التعويض في حالة قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫الفرع ّ‬
‫يعتبر عقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات عقد ملزم للجانبين‪ ،‬إذ تقوم‬
‫المؤمن له بكافة التزاماته خاصة دفع‬
‫ّ‬ ‫المؤمن له‪ ،‬فبعد قيام‬
‫المؤمن و ّ‬
‫ّ‬ ‫التزامات على كل من‬
‫المبين في‬
‫المؤمن بتدخله في حالة وقوع الضرر ّ‬
‫ّ‬ ‫المحددة في عقد التأمين‪ ،‬يأتي دور‬
‫ّ‬ ‫األقساط‬
‫العقد أي حدوث ضرر للغير من جراء استعمال منتوج معيب وقيام هذا األخير بالمطالبة‬

‫‪ -1‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.320‬‬


‫‪176‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بحقه‪ ،‬ويقوم بدفع قيمة التعويض عن تلك األضرار‪ ،‬لكن ليس بصورة مطلقة بل هناك‬
‫تعوض عنها شركة التأمين( ّأو اًل) وأضرار أخرى تقصيها من التعويض العتبارات‬
‫أضرار ّ‬
‫ثانيا)‬
‫معينة( ا‬
‫ّأواًل‪ :‬التبعات المالية المضمونة من قبل شركة التأمين‬
‫تضمن شركة التأمين التبعات المالية الناجمة عن‪:‬‬
‫األضرار الجسدية‪ ،‬المادية و المالية‬ ‫أ‪-‬‬
‫تنص المادة ‪ 56‬من األمر رقم ‪ 07 -95‬سالف الذكر‪ ،‬على ما يلي‪:‬‬
‫المؤمن له المدنية بسبب األضرار‬
‫ّ‬ ‫المؤمن التبعات المالية المترتبة على مسؤولية‬
‫ّ‬ ‫" يضمن‬
‫الالحقة بالغير"‬
‫وتضيف المادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 48-96‬سالف الذكر‪ ،‬على ما يلي‪:‬‬
‫المسمى" المسؤولية المدنية عن المنتجات" طبقاا للتشريع المعمول به‪،‬‬
‫ّ‬ ‫" يضمن التأمين‬
‫المستهلكين والمستعملين وغيرهم من اآلثار المالية المترتبة عن مسؤولية المؤمن له‬
‫تتسبب فيها المنتجات"‬
‫ّ‬ ‫المدنية المهنية بسبب األضرار الجسمانية‪ ،‬المادية والمالية التي‬
‫المؤمن يع ّوض كل المستهلكين‪ ،‬المستعملين وكذا الغير‬
‫ّ‬ ‫فمن هذه المواد نستخلص أن‬
‫الماسة بهم سواء الجسدية‪ ،‬المادية أو المالية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المتضررين من المنتجات عن األضرار‬
‫ولكي تغطّي شركة التأمين هذه األضرار يشترط أن توجد هناك مطالبة‪ ،‬فإذا تضرر‬
‫للمؤمن له أو‬
‫ّ‬ ‫مستهلك أو مستعمل أو الغير من منتوج معيب ولم يطالب بحقّه‪ ،‬فال يمكن‬
‫عائلته أو أحد خلفه المطالبة بمبلغ التعويض إذ تنص المادة ‪ 59‬من األمر السالف الذكر‪:‬‬
‫المؤمن أو بجزء منه‪ّ ،‬إًل الغير المتضرر أو ذوو حقوقه ما‬
‫ّ‬ ‫" ًل ينتفع بالمبلغ الواجب على‬
‫دام هذا الغير لم يستوف حقه في حدود المبلغ المذكور من النتائج المالية المترتبة عن‬
‫المؤمن له"‬
‫ّ‬ ‫سبب مسؤولية‬
‫الفعل الضار الذي ّ‬

‫‪177‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ب‪ -‬األضرار المعنوية‬


‫نصت المادة ‪ 02‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 48-96‬على أن األضرار التي يشملها‬
‫الضمان تتمثل في كل من األضرار الجسدية‪ ،‬المادية والمالية‪ ،‬وحسب النص الظاهر لهذه‬
‫المادة يمكن أن نفهم منه استبعاد األضرار المعنوية من الضمان بموجب عقد التأمين من‬
‫المسؤولية المدنية عن المنتجات‪ّ ،‬إال أن الواقع يثبت عكس ذلك‪.‬‬
‫فبالرجوع إلى نص المادة‪ 01/2‬من التأشيرة رقم ‪ 146‬الخاصة بالتأمين من المسؤولية‬
‫‪1‬‬
‫المؤمن النتائج المالية إثر قيام‬
‫ّ‬ ‫ضمان‬ ‫على‬ ‫نصت‬ ‫ها‬‫أن‬
‫ّ‬ ‫نجد‬ ‫المدنية عن المنتج المسلّم‬
‫للمؤمن له بسبب األضرار الجسدية‪ ،‬المادية و المالية غير المباشرة التي‬
‫ّ‬ ‫المسؤولية المدنية‬
‫تعرض لها الغير من جراء استعمال منتوج مضمون بعد تسليمه وفقًا لألوصاف و الشروط‬
‫ّ‬
‫المشروعة المتفق عليها‪ ،‬فعقد التأمين من المسؤولية عن المنتجات يضمن األضرار الجسدية‬
‫و التي يقصد بها حسب نص المادة السابقة الفقرة األولى من نفس التأشيرة السالفة الذكر‬
‫مس السالمة الجسدية أو المعنوية للشخص‬
‫بأنها كل ضرر جسدي و كل ضرر معنوي ي ّ‬
‫‪2‬‬
‫يتم‬
‫ّ‬ ‫بالتالي‬ ‫‪،‬‬ ‫الطبيعي والناتج عن حادث منتوج معيب مضمون بموجب عقد التأمين‬
‫التعويض عن األضرار المعنوية شأنها شأن األضرار الجسدية والمادية‪.‬‬
‫نص على‬
‫مثل هذا األمر يشكل التوافق بين تأشيرة التأمين والقانون المدني الذي ّ‬
‫امتداد التعويض ليشمل األضرار المعنوية المنصوص عليه في المادة ‪ 182‬مكرر ق م ج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Visa n°146 M.F/DGT/DASS, op-cit.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Art 2 al 01 du visa n° 146 dispose que :‬‬
‫‪« DOMMAGE CORPOREL : Toute atteinte corporelle et tout préjudice moral consécutif‬‬
‫‪(décès, lésion et autre préjudice direct ou indirect en résultant y compris le « pretium‬‬
‫‪doloris » ou pris de la souffrance et les préjudices esthétique et d’agrément) affectant‬‬
‫‪l’intégrité physique ou moral d’une personne physique et provenant d’un événement‬‬
‫» ‪accidentel garanti par la police‬‬
‫‪178‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ج‪-‬المصاريف القضائية‬
‫نصت عليه المادة ‪ 57‬من األمر رقم ‪ ،07-95‬سالف الذكر‪:‬‬
‫و هو ما ّ‬
‫المؤمن المصاريف القضائية الناجمة عن ّأية دعوى تعود مسؤوليتها إلى‬
‫ّ‬ ‫يتحمل‬
‫ّ‬ ‫"‬
‫المؤمن له إثر وقوع حادث مضمون"‬
‫ّ‬
‫المؤمن له على مبلغ الضمان‪ ،‬بتدخل شركة التأمين لدفع المبلغ المالي‬
‫ّ‬ ‫يتحصل‬
‫ّ‬
‫المترتّب عن قيام مسؤوليته اتجاه الغير‪ ،‬إذا توفّرت مجموعة من الشروط هي‪:‬‬
‫‪ -‬القيام بكافة االلتزامات المنصوص عليها في المادة ‪ 15‬وما يليها من األمر رقم‬
‫‪،07 -95‬‬
‫المؤمن له بالمسؤولية أو إجرائه لمصالحة مع الغير‪ ،‬إذ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬عدم اعتراف أو إقرار‬
‫تنص المادة ‪ 58‬من نفس األمر‪:‬‬
‫المؤمن بأي اعتراف بالمسؤولية وًل بأية مصالحة خارجة عنه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫" ًل يحتج على‬
‫يعد اًلعتراف بحقيقة أمر إق ار ار بالمسؤولية"‬
‫وًل ّ‬
‫لتجنب األضرار‬
‫المؤمن له باتخاذ كل اإلجراءات الكفيلة لحماية المنتجات و ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬التزام‬
‫نصت عليه المادة الرابعة من المرسوم التنفيذي رقم ‪.48 -96‬‬
‫حسب ما ّ‬
‫المحدد في‬
‫ّ‬ ‫إذا ما توافرت كل هذه الشروط تقوم شركة التأمين بدفع مبلغ التعويض‬
‫تطبق‬
‫المؤمن هذا األجل ّ‬
‫ّ‬ ‫العقد وفي األجل المتّفق عليه للغير المضرور‪ ،‬واذا لم يحترم‬
‫عدلة‬
‫العقوبة المنصوص عليها في المادة ‪ 14‬من األمر رقم ‪ 07 -95‬سالف الذكر الم ّ‬
‫المتممة بالمادة ‪ 03‬من القانون رقم ‪ 04 -06‬التي تنص‪:‬‬
‫و ّ‬
‫المحددة في‬
‫ّ‬ ‫" إذا لم يدفع التعويض المذكور في المادة ‪ 13‬أعاله‪ ،‬في اآلجال‬
‫الشروط العامة لعقد التأمين‪ ،‬يحق للمستفيد طلب هذا التعويض بإضافة الفوائد عن كل‬
‫يوم تأخير‪ ،‬على نسبة إعادة الخصم"‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المؤمن له مع متدخلين آخرين ال‬


‫ّ‬ ‫أما في حالة االشتراك أو التضامن في مسؤولية‬ ‫ّ‬
‫‪1‬‬
‫المتدخل في الضرر الملحق ‪ ،‬وهو ما‬
‫ّ‬ ‫يسري مفعول ضمان التأمين ّإال بقدر وبنسبة مسؤولية‬
‫نصت عليه المادة ‪ 03‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 48-96‬إذ تنص‪:‬‬
‫ّ‬
‫للمؤمن له مع غيره من المتدخلين ًل يسري‬
‫ّ‬ ‫" في حالة قيام المسؤولية التضامنية‬
‫مفعول ضمان التأمين ّإًل بنسبة مسؤولية المتدخل في الضرر الملحق"‬
‫ثان ايا‪ :‬التبعات المالية غير المضمونة من قبل شركة التأمين‬
‫يمكن أن نجمل التبعات المالية المضمونة من قبل شركة التأمين فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬األضرار الناتجة عن ارتكاب المنتج لخطأ عمدي‬
‫تم استثناء األخطاء العمدية من الضمان في التشريع الفرنسي وكذا الجزائري‪ ،‬فالمشرع‬
‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫النية‬
‫الفرنسي استبعدها بنص المادة ‪ L113-1‬من قانون التأمينات الفرنسي ‪ ،‬وذلك لوجود ّ‬
‫واإلرادة في إحداث النتيجة الضارة‪ ،‬وتوجد صرامة في تحديدها خاصة بمجال التأمين عن‬
‫تعمد في إحداث‬
‫المسؤولية المدنية المهنية‪ ،‬وعند التحديد يتم النظر إلى سلوك المهني ما إذا ّ‬
‫النتيجة الضارة أم ال‪ ،3‬والسبب في إقصاء هذا النوع من األضرار يرجع إلى أمرين‪:‬‬
‫األول راجع النتفاء صفة االحتمال الواجب توافرها في الخطر‪،‬‬
‫األمر ّ‬

‫‪ -1‬علي فتاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.496‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Art L113-1 al 02 du code des Assurances dispose que : « Toutefois, l’assureur ne répond‬‬
‫‪pas des pertes et des dommages provenant d’une faute intentionnelle ou dolosive de‬‬
‫» ‪l’assuré‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Philippe LE TOURNEAU& Loïc CADIET : Droit de la responsabilité et des contrats,‬‬
‫‪op.cit, p 715, voir aussi :‬‬
‫‪Patrick RUBISE: L’assurance des risques techniques, 02 ème édition, L’ARGUS, Paris,‬‬
‫‪1999, p 39.‬‬
‫‪180‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما األمر الثاني فيرجع الستقرار رأي الفقه والقضاء في فرنسا على اعتبار الضرر بهذه‬
‫ّ‬
‫تحمل المؤسسة عبء‬
‫المؤسسة أو ممثلها القانوني‪ ،‬بما يتالزم معه ّ‬
‫ّ‬ ‫مسير‬
‫صادر من ّ‬
‫ًا‬ ‫الصفة‬
‫تبعة هذا الفعل العمدي الضار‪ ،‬ولها الرجوع عليه فيما بعد‪.1‬‬
‫أما المشرع الجزائري فاستبعدها بموجب المادة ‪ 1 /102‬من األمر رقم ‪07 -95‬‬
‫ّ‬
‫سالف الذكر‪ ،‬التي تنص‪:‬‬
‫المتعمدة أو‬
‫ّ‬ ‫المؤمن له‬
‫ّ‬ ‫" ًل يضمن المؤمن األخطار اآلتية وعواقبها‪ - :‬أخطاء‬
‫الجسيمة" ‪.2‬‬
‫تقابل هذه المادة‪ ،‬المادة ‪ 1/04‬من التأشيرة ‪ 146‬الخاصة بالشركة الوطنية للتأمين‬
‫و إعادة التأمين وبالتالي إذا كان سبب الضرر راجع إلى خطأ عمدي ارتكبه المنتج‪ ،‬فال‬
‫يضمن عقد التأمين األضرار الناجمة عنه‪ ،‬دون األخطاء العمدية المرتكبة من تابعيه‪،‬‬
‫نص‬
‫أن المشرع الفرنسي في المادة ‪ 13‬من قانون التأمين الفرنسي ّ‬
‫على العكس من ذلك نجد ّ‬
‫المتعمدة( المنتج) وكذا التابعين له‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المؤمن له‬
‫ّ‬ ‫على استبعاد أخطاء‬
‫ب‪-‬األضرار الناتجة عن العيب الذاتي للمنتوج‬
‫إن األضرار الناتجة عن العيب الذاتي للمنتوج تدخل ضمن األضرار التجارية وال‬
‫ّ‬
‫نصت‬
‫تعوض عنها شركة التأمين‪ ،‬ما يتماشى مع طبيعة المسؤولية الموضوعية للمنتج إذ ّ‬
‫ّ‬

‫‪ -1‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.328‬‬


‫‪2‬‬
‫أيضا بموجب المادة ‪ 1/04‬من التأشيرة الخاصة بالشركة الوطنية للتأمين و إعادة‬
‫‪ -‬و هذه األضرار مستثناة من التغطية ً‬
‫التأمين و التي جاء نصها على النحو التالي‪:‬‬
‫‪« Les dommages résultant d’une faute intentionnelle ou d’un acte frauduleuse.‬‬
‫‪Etant entendu que sont seuls exclus les fautes intentionnelles et les actes frauduleux du‬‬
‫‪président et des administrateurs, directeurs généraux, gérants et autres représentants‬‬
‫» ‪légaux‬‬

‫‪181‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بحد ذاته من نطاق‬


‫المادة ‪ 1386‬مكرر ‪ 02‬ق م ف على استبعاد األضرار الماسة بالمنتوج ّ‬
‫التعويض‪ ،‬بالتالي من نطاق التأمين‪.‬‬
‫نفس الشيء قام به المشرع الجزائري إذ تنص المادة ‪ 2/35‬من األمر رقم ‪،07 -95‬‬
‫سالف الذكر عل ما يلي‪:‬‬
‫المؤمن األموال التالفة أو المفقودة أو الهالكة نتيجة ما يلي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يتحمل‬
‫ّ‬ ‫" ًل‬
‫المؤمن عليه‪ّ ،‬إًل إذا كان هناك اتفاق مخالف"‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬عيب ذاتي في الشيء‬
‫ج‪ -‬األضرار المستبعدة باًلتفاق‬
‫المؤمن‬
‫ّ‬ ‫نصت المادة ‪ L121- 2‬من قانون التأمينات الفرنسي على إمكانية األطراف(‬
‫المؤمن له) االتفاق على استبعاد بعض األضرار من التغطية بتوفر شروط هي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫و‬
‫‪ -‬أن تكون تلك الشروط مكتوبة في وثيقة التأمين‪.‬‬
‫محددة‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون ّ‬
‫‪ -‬أن تكون واضحة بالعقد‪.‬‬
‫إذا ما اضطر القاضي لتفسير البند المستبعد يكون مثل هذا األمر كدليل على عدم‬
‫توفر الشروط السابقة خاصة شرط الوضوح‪ ،‬وفي نطاق التأمينات اإللزامية كالتأمين من‬
‫مقيدة عند إدراج مثل هذه البنود‬
‫المسؤولية المدنية عن فعل المنتجات‪ ،‬تكون حرية األطراف ّ‬
‫النص الملزم بإبرامه‪.1‬‬
‫بعقد التأمين‪ ،‬إذ يجب عدم المساس بجوهر ّ‬

‫‪1‬‬
‫‪-Philippe LE TOURNEAU & Loïc CADIET : Droit de la responsabilité et des contrats, op-‬‬
‫‪cit, p 716.‬‬
‫‪182‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التطور العلمي‬
‫ّ‬ ‫ثالثاا‪ :‬مدى جواز التأمين على مخاطر‬
‫سببا‬
‫التطور العلمي لم يقتصر في مدى اعتبارها ً‬
‫ّ‬ ‫إن الخالف الذي ثار بشأن مخاطر‬
‫ّ‬
‫من أسباب اإلعفاء من المسؤولية وحسب‪ ،‬بل شمل كذلك إمكانية وعدم إمكانية التأمين‬
‫نظر لحداثة الفكرة وعدم التعاطي معها من قْبل في النصوص القانونية‪.‬‬
‫عليها ًا‬
‫أن مخاطر التطور العلمي مقصية من الضمان بموجب‬
‫ففي التشريع الفرنسي نجد ّ‬
‫لتخوف شركات التأمين من تغطية‬
‫عقود التأمين من المسؤولية ولع ّل السبب في ذلك راجع ّ‬
‫محددة بصورة مسبقة‪ ،1‬عكس القضاء الذي أشار إلى إمكانية إدراج مثل هذه‬
‫مخاطر غير ّ‬
‫المخاطر في عقود التأمين إذا ما تسببت في حدوث أضرار بليغة‪ ،2‬بشرط التحديد‬
‫والتعيين‪.3‬‬
‫يخص موقف المشرع الجزائري بشأن إبرام عقد تأمين المسؤولية المدنية عن تعيب‬
‫ّ‬ ‫فيما‬
‫يبينه‪ ،‬إذ نجد قانون التأمين لم يؤ ّكد ال إدخاله وال‬
‫المنتجات على مثل هذا الخطر‪ ،‬فلم ّ‬
‫استبعاده من نطاق الضمان‪.‬‬
‫و يرى األستاذ علي فتّاك ّأنه وفقًا للقواعد العامة في التأمين‪ ،‬يمكن أن يشمل هذا‬
‫فمثال المادة ‪07‬‬
‫التطور العلمي ما دام ّأنها ال تتعارض مع أحكامها‪ً ،‬‬
‫ّ‬ ‫األخير حتى مخاطر‬
‫كتابيا وأن‬
‫ً‬ ‫من األمر رقم ‪ ،07-95‬سالف الذكر نصت على ضرورة تحرير عقد التأمين‬
‫يتضمن في بياناته طبيعة المخاطر المضمونة دون تبيانه لهذه األخيرة‪ ،‬ما يدل على إمكانية‬
‫ّ‬
‫ضمان عقد التأمين مثل هذه المخاطر‪ ،‬لكن التأكد بأن هذه المخاطر لن يكون بتطبيق‬

‫‪1‬‬
‫‪-Yves BRISSY : Quelle assurance responsabilité civile pour demain?, les entretiens de‬‬
‫‪l’assurance, atelier01, Fédération française des sociétés d’assurances, 1999 p05.VOIR :‬‬
‫‪www.FFSA.FR‬‬ ‫‪Consulté le 23 janvier 2014.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Patrick THOUROT: Le risque de développement, Scor papers, n° 11, décembre 2010, p 06.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Livre blanc de l’Assurance Responsabilité Civile, direction du marché des risques‬‬
‫‪d’entreprises, Département Responsabilité Civile – crédit caution-,12 septembre 2000, p30.‬‬
‫‪183‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫القواعد العامة للتأمين مستبعدة في إطار ضمان هذا العقد‪ ،‬ال يعني ّأنه سيكون مغطّى بها‬
‫المؤمن بذلك طبقًا للمادة ‪ 15‬من‬
‫ّ‬ ‫يتم إعالن‬
‫تلقائيا وفي كل األحوال‪ ،‬إذ يستلزم األمر أن ّ‬
‫ً‬
‫تعرض للجزاءات المنصوص عليها في المادتين ‪ 19‬و‪ 21‬من‬
‫األمر السالف الذكر وا ّال ّ‬
‫نفس األمر‪.1‬‬
‫جد مهم في نص المادة ‪ 2/02‬من التأشيرة رقم ‪ 146‬الخاصة بالتأمين من‬
‫ورد حكم ّ‬
‫المسؤولية المدنية عن المنتوج المسلّم إذ نصت على ضمان شركة التأمين لألضرار التي‬
‫المؤمن له سواء بارتكابه لخطأ غير عمدي‪ ،‬أو بسبب عيب‬
‫ّ‬ ‫يرجع سببها لفعل صدر عن‬
‫خفي أو خلل تقني في المنتوج وغيرها من األسباب‪ ،‬لتأتي بعدها الفقرة الرابعة من نفس‬
‫‪2‬‬
‫بأنه كل حالة تقنية غير عادية وغير ظاهرة و التي لم تسمح المعارف‬
‫تعرف الخلل ّ‬
‫المادة و ّ‬
‫التقنية والعلمية السارية باكتشافها عند إبرام عقد التأمين من المسؤولية عن المنتوج المسلّم‪.‬‬
‫التطور العلمي وبالتالي إمكانية التعويض عنها‬
‫ّ‬ ‫ينطبق هذا التعريف مع وصف مخاطر‬
‫من الناحية الواقعية في الجزائر حسب نظام الداخلي للشركة الوطنية للتأمين واعادة التأمين‬
‫‪.CAAR‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تدخل آليات التعويض الجماعية في حالة عدم قيام المسؤولية‬
‫تعتبر المسؤولية المستحدثة للمنتج آلية تعويضية لضحايا حوادث المنتجات المعيبة‬
‫عندما تتوفر كل عناصرها من عيب‪ ،‬ضرر وعالقة سببية بينهما‪ ،‬خاصة مع ضمانها عن‬
‫طريق نظام التأمين‪ ،‬بمفهوم المخالفة ال تكون مسؤولية المنتج كآلية لتعويض الضحايا في‬

‫‪ -1‬علي فتاك‪ ،‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.498‬‬
‫‪ -2‬جاء نص المادة باللّغة الفرنسية على النحو التالي‪:‬‬
‫‪« Est considéré malfaçon ou vice cachés, à ce titre, tout défaut ou toute anomalie technique‬‬
‫‪non apparents, que les données techniques en vigueur lors de l’exécution de la mission‬‬
‫‪assurée concernant le produit couvert par la police ne permettent pas à un technicien,‬‬
‫» ‪normalement vigilant, de déceler‬‬
‫‪184‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حالة عدم قيامها سواء عند عدم توافر شروط قيامها أو عند تم ّكن المنتج من التخلص من‬
‫مسؤوليته‪.‬‬
‫مثل هذه الحاالت دفعت بالتشريعات المقارنة إلى إيجاد سبل و آليات أخرى تضمن‬
‫حقوق الضحايا من المنتجات المعيبة على غرار آلية التأمين من المسؤولية المدنية عن‬
‫المنتجات‪ ،‬هذه اآلليات يطلق عليها اسم آليات التعويض الجماعية والتي تتّخذ إحدى الصور‬
‫ثانيا) وكذا تدخل الدولة للتعويض(ثالثاا)‬
‫الثالث‪ :‬التأمين المباشر( ّأواًل) صناديق الضمان( ا‬
‫ّأواًل‪ :‬التأمين المباشر‬
‫تعتبر آلية التأمين المباشر من بين اآلليات التي تضمن للمتضررين من حوادث‬
‫المنتجات المعيبة حصولهم على حقهم في التعويض‪ ،‬وللتعرف عن كثب عن هذه اآللية‬
‫سنتعرض ألسباب بروزها(أ) مضمونها(ب) و كذا لمزاياها(ج)‬
‫أ‪ -‬أسباب ظهور آلية التأمين المباشر‬
‫أهمها بروز ثغرات على‬
‫أدت إلى ظهور آلية التأمين المباشر وكان ّ‬
‫عدة أسباب ّ‬
‫هناك ّ‬
‫آلية التأمين من المسؤولية المدنية‪ ،‬من بين هذه األخيرة نذكر‪:‬‬
‫فمثال‬
‫‪ -‬ظهور أزمة التأمين في بعض الدول منها الواليات المتحدة األمريكية و فرنسا‪ً ،‬‬
‫فرنسا عرفت أزمة تأمين المسؤولية ‪La crise de l’assurance de la‬‬
‫التطور‬
‫ّ‬ ‫‪ ،responsabilité‬والسبب في ظهورها يرجع على حد قول بعض الدارسين إلى‬
‫الهائل لقانون المسؤولية المدنية من بينها مسؤولية المنتج‪ ،‬والذي لم يستوعبه قطاع التأمين‬
‫وكذا التوجه القضائي الصارم في حق المنتجين والصناع‪ ،‬فحسب األستاذ ‪F-CHABAS‬‬
‫مهمة التعويض هو‬
‫فإن التشويه في المفاهيم القانونية للبحث وبأي شكل عن مسؤول ُيناط به ّ‬
‫ّ‬
‫السبب الرئيسي في حدوث األزمة‪.1‬‬

‫‪ -1‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.368‬‬


‫‪185‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وفي هذا الصدد وصف األستاذ ‪ Jean Philippe THIERRY‬سنة ‪2002‬‬


‫بالنسبة للتأمين بالسنة الحرجة ‪ Année critiquée‬إذ انسحبت أكبر الشركات األمريكية‬
‫القائمة على نشاط التأمين في مجال المسؤولية الطبية من السوق الفرنسية‪ ،‬بل حتى‬
‫المؤسسات الفرنسية المستثمرة في ذات المجال نقلت نشاطها إلى بريطانيا و ألمانيا لعدم‬
‫قدرتها على مواجهة العجز المسجل بين تضاؤل النشاط و زيادة األعباء المالية‪.1‬‬
‫‪-‬عدم نص أغلب التشريعات على إلزامية إبرام المؤسسات اإلنتاجية عقود تأمين من‬
‫مسؤولي تها المدنية عن فعل منتجاتها المعيبة كالمشرع الفرنسي الذي تخلو نصوصه القانونية‬
‫من هذا االلتزام‪.‬‬
‫ب‪-‬مضمون التأمين المباشر‬
‫إن مفاد التأمين المباشر مساهمة المنتجون والصناع و من في حكمهم من جهة‪،‬‬
‫ّ‬
‫والمستهلكون من جهة أخرى في توفير الضمان المالي الكفيل لمواجهة المخاطر التي تترتب‬
‫عن فعل المنتجات المعيبة‪ ،‬بهدف تحقيق توازنات قانونية‪ ،‬اقتصادية وحتى سياسية وكذا‬
‫إضفاء صفة االشتراكية على مخاطر المنتجات‪ ،‬وهذه الفكرة تعكس ما قالته األستاذة‬
‫‪ " Chantal RUSSO‬التقنية التي تسمح بتوزيع العبء المالي المطلوب التعويض على‬
‫‪2‬‬
‫المعرضين للضرر من النشاط المهني"‬
‫ّ‬ ‫كافة األشخاص‬
‫ج‪-‬مزايا التأمين المباشر‬
‫من أهم مزايا التأمين المباشر نذكر‪:‬‬

‫‪ -1‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.369‬‬


‫‪ -2‬قادة شهيدة‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.378‬‬
‫‪186‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫إن آلية التأمين المباشر من شأنها تفعيل التعويض لضحايا حوادث المنتجات‬
‫‪ّ -‬‬
‫المعيبة في حالة صعوبة تأمين مخاطر المسؤولية‪ ،‬باعتبار التأمين المباشر يضمن‬
‫التعويض سواء توفر الخطأ أم ال‪.‬‬
‫إن التأمين المباشر وسيلة تساهم في توعية فئة المستهلكين حول مخاطر الحوادث‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪1‬‬
‫شخصيا أو أحد أقربائهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫التي قد تعترضهم‬
‫‪ -‬يعتبر البعض من الدارسين أن التأمين المباشر تقنية ذكية تتضمن بعض اإلعفاءات‬
‫المقلّصة لتكاليف شركات التأمين( تكاليف التسيير) دون أن يؤثّر ذلك على الدور التعويضي‬
‫المناط بها‪.2‬‬
‫إن األزمة التي عرفتها آلية تأمين المسؤولية تعتبر الدليل القاطع على عدم فعاليتها‬
‫‪ّ -‬‬
‫يتعين تعزيزها بآلية التأمين المباشر خاصة في‬
‫في ضمان تعويض الضحايا و بالتالي ّ‬
‫الحاالت التي يصعب فيها تغطية الخطر من ِقبل شركة التأمين بالنظر لطبيعة الخطر‪ ،‬أو‬
‫لوجود ثغرة في التغطية‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعويض عن طريق صناديق الضمان‬
‫ا‬
‫يعتبر هذا النوع من الضمان حديث النشأة بعض الشيء ّإال ّأنه يب ّشر بمستقبل زاهر‬
‫لتحقيقه نوع من التضامن‪ ،‬فلقد كانت هذه الصناديق في ّأول نشأتها قاصرة على تعويض‬
‫لكنها تجاوزت هذا النطاق في‬
‫األضرار الناجمة عن حوادث العمل وحوادث الطرق والسيارات ّ‬
‫اآلونة األخيرة حتى شملت األضرار الناشئة عن حوادث الصيد في فرنسا‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Livre Blanc de l’assurance responsabilité civile, op-cit, p 31.‬‬
‫‪ -2‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.380‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Jean Michel ROTHMANN : Quelle assurance responsabilité civile pour demain?, op-cit,‬‬
‫‪p04.‬‬
‫‪ -4‬حسن علي الذنون‪ :‬المبسوط في شرح القانون المدني( الضرر)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.497‬‬
‫‪187‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أن البداية كانت باستعمال هذه التقنية في مجال‬


‫بخصوص المشرع الجزائري نجد ّ‬
‫‪1‬‬
‫نظر للظروف التي عانتها الجزائر في تلك‬
‫ثم خالل العشرية السوداء و ًا‬
‫حوادث المرور ّ‬
‫تم إنشاء صندوق خاص بضحايا حوادث‬
‫المرحلة من كثرة ضحايا الحوادث اإلرهابية‪ّ ،‬‬
‫اإلرهاب سنة ‪ 21993‬وبعدها الصندوق الوطني للبيئة‪.3‬‬
‫التغير الذي شاهده العالم االقتصادي خاصة في ميدان اإلنتاج وما نجم عنه من‬
‫أمام ّ‬
‫كثرة ضحايا حوادث المنتجات المعيبة‪ ،‬وبقاء هاته الفئة دون تعويض في بعض الحاالت‪،‬‬
‫اما على المشرع الجزائري أن يقوم بإنشاء مثل هذه الصناديق لكفالة حق المتضررين‬
‫كان لز ً‬
‫سباقًا في تبني مثل هذه الصناديق لحماية‬
‫أما المشرع الفرنسي كعادته‪ ،‬كان ّ‬
‫في التعويض‪ّ .‬‬
‫أسس بداية‬
‫اهتماما للجانب الصحي لذا ّ‬
‫ً‬ ‫الضحايا من المنتجات المعيبة‪ ،‬ويالحظ ّأنه أولى‬
‫أسس صندوق‬
‫ثم ّ‬
‫صندوق تعويض ضحايا االيدز ومرض الهيموفيليا سنة‪(1991‬أ)‪ّ ،‬‬
‫التضامن القومي سنة ‪(2002‬ب)‬
‫صندوق تعويض ضحايا اًليدز‬ ‫أ‪-‬‬
‫أسس المشرع الفرنسي صندوق خاص بالتعويض عن حوادث الصيد بقانون‬
‫بعد أن ّ‬
‫صدر في ‪ 11‬يوليو عام ‪ ،1966‬قام بتأسيس صندوق آخر وذلك بهدف تعويض ضحايا‬
‫تكز على أحكام التضامن االجتماعي من أجل تنظيم‬
‫االيدز ومرضى الهيموفيليا مر ًا‬
‫وضمان التعويض للضحايا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر‪ ،1969‬يتضمن قانون المالية لسنة ‪ ،1970‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 110‬الصادرة في‬
‫‪ -‬أمر رقم ‪ّ 107 -69‬‬
‫‪ 31‬ديسمبر ‪.1969‬‬
‫‪2‬‬
‫يتضمن قانون المالية لسنة ‪،1993‬‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪،1993‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 5/145‬من مرسوم تشريعي رقم ‪ّ 01 -93‬‬
‫ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 04‬الصادرة في ‪ 20‬يناير ‪.1993‬‬
‫‪ -3‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 147 -98‬مؤرخ في ‪ 13‬ماي ‪ ،1998‬يحدد كيفيات تسيير حساب التخصيص الخاص رقم‬
‫‪ 302 -065‬الذي عنوانه" الصندوق الوطني للبيئة"‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 31‬الصادرة في ‪ 17‬ماي ‪.1998‬‬
‫‪188‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ -1‬التعريف بصندوق تعويض ضحايا اإليدز و مرض الهيموفيليا‬


‫تم تأسيسه بموجب القانون رقم ‪ 1406-91‬المؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر‪ 1991‬المرتكز‬
‫ّ‬
‫على أحكام التضامن والتكافل االجتماعي من أجل أن يتم ضمان التعويض‪ ،‬وكان السبب‬
‫الدم الفاسد بفرنسا واصابة العديد من األشخاص بفيروس فقدان‬
‫في صدوره راجع لقضية نقل ّ‬
‫المناعة‪ ،‬ما استلزم وضع صندوق يضمن للضحايا حقهم في الحصول على التعويض‪.‬‬
‫يتك ّفل الصندوق بتعويض المنقول إليهم مرض اإليدز ومرض الهيموفيليا المصابين‬
‫باإليدز‪ ،‬وهو شخص معنوي يتمتّع بالشخصية القانونية‪ ،‬والتي تظ ّل تبعاتها في القانون العام‬
‫صا من أشخاص القانون‬
‫أن الصندوق شخ ً‬
‫محددة فال يمكن القول ّ‬
‫أو الخاص غامضة وغير ّ‬
‫شخصا من أشخاص القانون الخاص‪ ،‬مع ذلك فإن تمويل الصندوق من ميزانية‬
‫ً‬ ‫العام‪ ،‬أو‬
‫الدولة مع إسهام شركات التأمين من التعويضات التي يحصلون عليها من المسؤولين عن‬
‫الضرر‪ ،‬وبلغ رأسمال الصندوق سنة ‪ 1992‬حوالي ‪ 200‬مليون فرنك فرنسي‪.1‬‬
‫ممارسا للمهنة‬
‫ً‬ ‫إما لرئيس دائرة أو مستشار بمحكمة النقض سواء كان‬
‫أما رئاسته فتعهد ّ‬
‫ّ‬
‫أم بالمعاش‪ ،2‬في حين األعضاء الرئيسيون في الصندوق هم‪:‬‬
‫‪ -‬لجنة التعويضات المكلّفة بإعالن طلبات التعويض التي تصل الصندوق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Jean-Michel DE-FORGES : L’indemnisation des contaminations par transfusion ou‬‬
‫‪traitement, Actualité & dossier en santé publique, n°06, 1994, p04.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Art 47 al 03 de la loi n° 91-1406 dispose : « La réparation intégrale des préjudices définis‬‬
‫‪est assurée par un fonds d'indemnisation, doté de la personnalité civile, présidé par un‬‬
‫‪président de chambre ou un conseiller à la Cour de cassation, en activité ou honoraire, et‬‬
‫‪administré par une commission d'indemnisation »voir : loi n° 91- 1406 du 31 décembre‬‬
‫‪1991, portant diverses disposition d’ordre social, J.O.R.F n°03 du 04 janvier 1992.‬‬
‫‪www.légifrance.gouv.fr Consulté le 11 juin 2014.‬‬
‫‪189‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫عضوا في التفتيش العام‬


‫ً‬ ‫عضوا من مجلس الدولة‪،‬‬
‫ً‬ ‫‪ -‬إدارة الصندوق‪ ،‬والتي تتضمن‬
‫متخصصا في‬
‫ً‬ ‫عضوا من المجلس القومي لإليدز‪ ،‬وآخر‬
‫ً‬ ‫طبيبا‬
‫ً‬ ‫للعمل االجتماعي‪،‬‬
‫المجال الصحي‪.‬‬
‫يتصرف كشخص‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬إدارة و تنظيم الملفّات التي تتم من خالل صندوق الضمان الذي‬
‫ملزم بالقيام بهذه الخدمات واإلجراءات‪.1‬‬
‫‪ -2‬خصائص عملية التعويض عن طريق الصندوق‬
‫المميزة لعملية التعويض عن طريق الصندوق ما يلي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫من أهم الخصائص‬
‫يؤمن التعويض الكامل لألضرار المتعلّقة باإلصابة بالعدوى‬
‫‪ -1‬إن الصندوق ّ‬
‫كافيا لتغطية األضرار‪.2‬‬
‫أن هذا التعويض يكون ً‬
‫و ّ‬
‫يقسم لجزأين‪ :‬حيث تدفع نسبة ¾ من قيمة‬
‫‪ -2‬التعويض من طرف الصندوق ّ‬
‫التعويض مباشرة لضحايا حاملي الفيروس‪ ،‬ودفع نسبة ¼ الباقية من قيمة‬
‫طبيا‪.‬‬
‫يتم إثباته ً‬
‫التعويض أثناء ظهور أعراض المرض والذي ّ‬
‫محددة مسبقًا‪ ،‬كالنظر إلى عمر‬
‫‪ -3‬اعتماد الصندوق على حسابات و اعتبارات ّ‬
‫تقدر قيمة‬
‫عاما أو أقل ّ‬
‫الضحية عند تقدير التعويض فإذا كان عمره ‪ً 18‬‬
‫التعويض ب ‪ 2‬مليون فرنك فرنسي‪.3‬‬
‫‪-3‬شروط التعويض من الصندوق‬
‫هذه الشروط تتمثّل في‪:‬‬
‫‪ -‬أن تكون اإلصابة متعلّقة بالتلوث بفيروس اإليدز دون الفيروسات األخرى‪.‬‬

‫‪ -1‬وائل محمود أبو الفتوح أحمد العزيري‪ :‬المسؤولية المدنية عن عمليات نقل الدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.768‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Art 47 al 03 de la loi n° 91- 1406, portant diverses dispositions d’ordre social, op.cit.‬‬
‫‪ -3‬وائل محمود أبو الفتوح أحمد العزيري‪ :‬المسؤولية المدنية عن عمليات نقل الدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.784‬‬
‫‪190‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تمت‬
‫‪ -‬أن تكون عمليات نقل الدم ومشتقاته أو الحقن بمنتجات مشتقة من الدم قد ّ‬
‫على األراضي الفرنسية دون اعتداد بجنسية الضحايا‪.‬‬
‫الدم‪.1‬‬
‫‪ -‬أن تكون اإلصابة بسبب عملية نقل ّ‬
‫أما في الجزائر‪ ،‬فال يوجد مثل هذا الصندوق كما أسلفنا الذكر بالرغم من انتشار‬
‫ّ‬
‫المرض‪ ،‬ففي تقرير صادر عن و ازرة الصحة هناك ‪ 704‬حالة و‪ 1908‬شخص حاملين‬
‫للفيروس وقد تصدرت والية تمنراست والعاصمة‪،‬وهران‪ ،‬قسنطينة و تيزي وزو هذه النسبة‪،‬‬
‫نظر لخطورة هذا المرض من جهة وكذا لصعوبة تحديد المسؤول عنه من جهة أخرى‪ ،‬فقد‬
‫ف ًا‬
‫بات من الضروري أن تتدخل الدولة لتعويض هؤالء الضحايا من أجل جبر أضرارهم بوضع‬
‫صندوق خاص للتعويض‪ ،‬وذلك ليس على أساس المسؤولية بل على أساس اعتبارات‬
‫اجتماعية‪.2‬‬
‫ب‪ -‬صندوق التضامن القومي‬
‫أسس المشرع الفرنسي صندوق التضامن القومي بهدف حماية حقوق المرضى‬
‫ّ‬
‫كرست‬
‫و إسعافهم في حالة تضررهم‪ ،‬فكان المشرع الفرنسي من بين ّأول التشريعات التي ّ‬
‫حماية المرضى بتشديدها لمسؤولية الطبيب سواء العقدية أو التقصيرية‪ ،‬فبقيام مسؤولية‬
‫سبب في حدوثه للمريض المتضرر‪،‬‬
‫الطبيب يقوم هذا األخير بالتعويض عن الضرر الذي ّ‬
‫يتصور في بعض‬
‫ّ‬ ‫مع ضمان هذه المسؤولية بآلية التأمين من المسؤولية الطبية‪ ،‬لكن قد‬
‫الطبي ما ينتج عنه انتفاء مسؤولية الطبيب وعدم تعويض شركة‬
‫الحاالت أين ينعدم الخطأ ّ‬
‫أمن لديها عن مسؤوليته‪ ،‬والمريض يكون قد أصيب بضرر سببه المخاطر التي‬
‫التأمين التي ّ‬
‫تالزم أعمال الوقاية أو التشخيص أو العالج‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Art 04 de la loi n° 91- 1406 portant diverses dispositions d’ordre social, op-cit.‬‬
‫‪ -2‬الشريف بحماوي‪ :‬التعويض عن األضرار الجسمانية بين األساس التقليدي للمسؤولية المدنية و األساس الحديث‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪191‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ورغبة من المشرع الفرنسي في حصول المضرورين على التعويض أضاف بالمادة‬


‫‪ 98‬مواد جديدة إلى قانون الصحة العامة‪ 1‬وأشار فيها إلى الحق في التعويض باسم‬
‫التضامن الوطني‪.La solidarité nationale‬‬
‫‪ -1‬التعريف بصندوق التضامن القومي‬
‫يعتبر صندوق التضامن القومي هيئة عامة ذات طابع إداري مرتبط بو ازرة الصحة‪،‬‬
‫يحدد المرسوم رقم‪ 140 /2003‬الصادر في‪ 09‬فيفري ‪ 2003‬المعدل لقانون الصحة العامة‬
‫ّ‬
‫الفرنسي تكوين هذا المكتب وآلية عمله‪ ،‬إضافة إلى التعويضات التي يدفعها هذا المكتب‬
‫فإنه يأخذ على عاتقه النفقات اإلدارية الناجمة عن عمل اللّجان اإلقليمية للمصالحة‬
‫والتعويض‪ ،‬وكذلك نفقات الخبرة التي تطلبها هذه األخيرة‪ ،2‬وتتكون موارده طبقًا لنص المادة‬
‫سنويا في القانون‬
‫ً‬ ‫المحددة‬
‫ّ‬ ‫‪ L1142- 23‬من قانون الصحة العامة الفرنسي من المبالغ‬
‫المالي للتأمين االجتماعي باإلضافة إلى موارد أخرى‪.3‬‬
‫بالنسبة للهدف من إنشائه هو التعويض للمرضى الّذين لم يتم ّكنوا من إثارة مسؤولية‬
‫الطبيب لعدم ارتكابه خطأ‪ ،‬وعدم قيام مسؤولية منتج الدواء ووسائل العالج لعدم تعيب‬
‫المنتوج‪ ،‬وبالتالي يبقى المريض المتضرر من دون تعويض وهنا يبرز دور صندوق‬
‫التضامن القومي‪.‬‬
‫وحسب المادة ‪ L1142-1/2‬من قانون الصحة الفرنسي فإن األضرار المغطاة من‬
‫الطبية وانتانات المشافي الناجمة عن عمل من‬
‫ّ‬ ‫طرف الصندوق هي نوعان‪ :‬أضرار الحوادث‬

‫‪1‬‬
‫‪-Loi n°2002 – 203 du 04 mars 2002 relative aux droits des malades et à la qualité du‬‬
‫‪système de santé, J.O.R.F du 05 mars 2002.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-Jean CALAIS- AULOY & Frank STEINMETZ : Droit de la consommation, Op- cit, p‬‬
‫‪338.‬‬
‫‪3‬‬
‫فواز‪ :‬المسؤولية المدنية للطبية" دراسة مقارنة في القانون السوري و الفرنسي"‪ ،‬مجلّة جامعة دمشق للعلوم‬
‫‪ -‬صالـــــح ّ‬
‫اًلقتصادية و القانونية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬ع‪ ،2006 ، 01‬ص ‪.147‬‬
‫‪192‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أعمال الوقاية أو التشخيص أو العالج‪ ،‬وأضرار العلل العالجية الناجمة عن عمل من أعمال‬
‫الوقاية أو التشخيص أو العالج‪.1‬‬
‫وفي النوع الثاني من األضرار يبرز الدور الحمائي لضحايا حوادث المنتجات المعيبة‪،‬‬
‫ف قد يتضرر المريض لسبب وجود مخاطر في األدوية التي يستعملها و في هذا الصدد تنعدم‬
‫مسؤولية الطبيب‪ ،‬والدواء باعتباره منتوج فالمسئول بدرجة أولى هو المنتج‪ ،‬إذ هذه األضرار‬
‫تكون نتيجة الستعمال منتوج معيب ولكن إذا ما تع ّذر إقامة مسؤولية المنتج لنقص أحد‬
‫شروط قيامها‪ ،‬أو لتمكن المنتج من دفع مسؤوليته المدنية‪ ،‬يتدخل صندوق التضامن القومي‬
‫للتعويض‪.‬‬
‫‪ -2‬شروط التعويض باسم صندوق التضامن القومي‬
‫لكي يتّم التعويض باسم التضامن القومي يجب توافر جملة من الشروط هي‪:‬‬
‫‪ -‬شرط جسامة األضرار‪ :‬يقتصر الحق في التعويض باسم التضامن الوطني على األضرار‬
‫معيًنا من الجسامة التي يتم تحديدها بموجب مرسوم‪ ،‬وبالنسبة‬
‫حدا ّ‬
‫التي تصل أو تتجاوز ً‬
‫لألضرار التي ال يتوافر فيها هذا الشرط ال يمكن للمضرور أن يحصل على أي تعويض‬
‫ما دامت أركان المسؤولية الطبية غير متوفرة‪.‬‬
‫تقدر جسامة األضرار بالنظر إلى فقدان القدرات الوظيفية ونتائجها على الحياة الخاصة‬
‫و ّ‬
‫مدة التعطيل المؤقت عن العمل‪،‬‬
‫تقدر بالنظر إلى نسبة العجز الدائم أو ّ‬
‫و المهنية التي ّ‬
‫ونسبة العجز الدائم المطلوبة من أجل االستفادة من هذا التعويض ال يمكن أن تكون‬
‫‪2‬‬
‫أعلى من نسبة ‪.%25‬‬

‫‪ -1‬كمال فريحة‪ :‬المسؤولية المدنية للطبيب‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص فرع" قانون المسؤولية‬
‫المهنية"‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،2012 ،‬ص ‪.346‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Art L.1142-1 al 2 dispose : « Ouvre droit à réparation des préjudices au titre de la‬‬
‫‪solidarité nationale un taux d’incapacité permanente supérieur à un pourcentage d’un‬‬
‫=‪barème spécifique fixé par décret ; ce pourcentage, au plus égal à 25%, est déterminé‬‬
‫‪193‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ :‫الفصل الثاني‬

:‫ مفاد شرط السببية أن تكون األضرار المدعى بها ناجمة مباشرة عن‬:‫ شرط السببية‬-
‫الطبية وانتانات المشافي الناجمة عن عمل من أعمال الوقاية أو التشخيص أو‬
ّ ‫الحوادث‬
‫ أو أضرار العلل العالجية الناجمة عن عمل من أعمال الوقاية أو التشخيص أو‬،‫العالج‬
.‫العالج‬
،‫ يجب أن تسبب هذه األضرار للمريض نتائج غير عادية بالنظر إلى حالته الصحية‬-
‫وتطور الحالة المرضية‬
ّ ‫يهدف هذا الشرط إلى التمييز بين ما ينتج من إخفاق العالج‬
.1‫للمريض وبين ما ينجم عن الحادث الطبي‬
.‫لصحية وعدم قيام مسؤولية المنتج‬
ّ ‫انتفاء خطأ الطبيب أو الهيئة أو المؤسسة ا‬-
.2‫ مع النتائج غير العادية لألضرار‬،‫توافر رابطة السببية بين الضرر والنشاط الطّبي‬-
‫شدد من المسؤولية‬
ّ ‫تجدر اإلشارة ّأنه بعد صدور قانون حقوق المرضى في فرنسا الم‬
،‫الطبية‬
ّ ‫ ثارت صعوبات عدة على أرض الواقع بشأن التأمين من المسؤولية‬،‫المدنية للطبيب‬
‫مكمال له ينص‬
ّ ‫ وأصدر قانونا‬2002–12–30‫نتيجة لذلك تدخل المشرع الفرنسي ثانية في‬

=par ledit décret »Voir : Loi n° 2002-303 du 04 mars 2002 relative aux droits des
malades et à la qualité du système de santé, op- cit.
1
.149 ‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ المسؤولية المدنية للطبيب‬:‫فواز‬
ّ ‫ صالح‬-
2
-Art L.1142 -1 al 02 de la loi n° 2002 – 203 dispose : « Lorsque la responsabilité d’un
professionnel, d’un établissement, service ou organisme mentionné au I ou d’un producteur
de produits n’est pas engagée, un accident médical, une affection iatrogène ou une infection
nosocomiale ouvre droit à la réparation des préjudices du patient au titre de la solidarité
nationale, lorsqu’ils sont directement imputables à des actes de prévention, de diagnostic ou
de soins et qu’ils ont eu pour le patient des conséquences anormales au regard de son état
de santé comme de l’évolution prévisible de celui-ci et présentent un caractère de gravité,
fixé par décret, apprécié au regard de la perte de capacités fonctionnelles et des
conséquences sur la vie privée et professionnelle mesurées en tenant notamment compte du
taux d’incapacité permanente ou de la durée de l’incapacité temporaire de travail »
194
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫على توزيع التعويض المالي عن األضرار الناجمة عن انتانات المشافي بين شركات التأمين‬
‫والصندوق الوطني للتعويض عن الحوادث الطبّية الذي أنشأه لهذه الغاية‪.1‬‬
‫ثالثاا‪ :‬التعويض عن طريق الدولة‬
‫تنص المادة ‪ 35‬من الدستور الجزائري‪ " :2‬يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة‬
‫يمس سالمة اإلنسان البدنية والمعنوية"‬
‫ضد الحقوق و الحريات‪ ،‬و على كل ما ّ‬
‫يكرس حق كل شخص في السالمة البدنية والمعنوية‪ ،‬ويجعله حقًا‬
‫إن نص هذه المادة ّ‬
‫ّ‬
‫كنا في حالة التضرر من المنتجات‬
‫دستورًيا يعاقب كل من يحاول المساس به‪ .‬فإذا ما ّ‬
‫قانونا‬
‫ً‬ ‫مست بسالمة األشخاص‪ ،‬تقوم مسؤولية المنتج ويعاقب‬
‫المعيبة التي يطرحها المنتج ّ‬
‫بإلزامه بدفع مبلغ التعويض للضحايا مع ضمان الحصول على هذا األخير بفضل آلية‬
‫التأمين اإللزامية في مجال المسؤولية المهنية‪.‬‬
‫شخصا يمكن الرجوع عليه بالمسؤولية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّإال ّأنه في بعض الحاالت ال يجد المتضرر‬
‫لعدم معرفة المسؤول أو لعدم معرفة مصدر الضرر وغيرها من الحاالت التي قد تعتري‬
‫المتضرر عند المطالبة ب التعويض‪ ،‬ففي مثل هذه الحاالت يبرز دور الدولة باعتبارها الهيئة‬
‫أساسا التدخل لحماية حقوق األفراد والسهر على حماية أمنهم وسالمتهم‪ ،‬إذ‬
‫ً‬ ‫المخولة لها‬
‫ّ‬
‫تنص المادة ‪ 24‬من الدستور الجزائري‪:‬‬
‫" الدولة مسؤولة عن أمن األشخاص والممتلكات‪ ،‬وتتك ّفل بحماية كل مواطن في‬
‫الخارج"‬

‫‪1‬‬
‫فواز‪ :‬المسؤولية المدنية للطبيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪ -‬صالح ّ‬
‫‪ -2‬دستور ‪ 1996‬الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ 438 -96‬مؤرخ في ‪ 07‬ديسمبر ‪ ،1996‬يتعلّق بإصدار نص‬
‫معدل‬
‫تعديل الدستور المصادق عليه في استفتاء ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،1996‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 76‬الصادرة في ‪ 08‬ديسمبر ‪ّ ،1996‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫و ّ‬
‫‪195‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وتكليف الدولة بهذا الواجب ينبع من كونها ممثّلة لألفراد في االلتزام بالتضامن‬
‫يتردد في تأسيس واجب‬
‫االجتماعي واسعاف المتضررين‪ ،‬بل أن القضاء اإلداري الفرنسي لم ّ‬
‫الدولة بتوفير التعويض المناسب في هذه الحاالت على أساس قاعدة مساواة المواطنين أمام‬
‫تحمل األعباء العامة‪.1‬‬
‫تدخلت في العديد من الحاالت لتعويض‬
‫من الناحية العملية‪ ،‬نجد الدولة الفرنسية ّ‬
‫ضحايا بعض المنتجات المعيبة على أساس التضامن االجتماعي‪ ،‬ومن هذه الحاالت نذكر‪:‬‬
‫التدخل إلسعاف األطفال المصابين بمرض جنون البقر‪ ،‬التدخل إلسعاف األشخاص الّذين‬
‫العمال المصابين بأخطار‬
‫تدخلت بخصوص ّ‬
‫يحملون استعدادات اإلصابة بداء اإليدز‪ ،‬كما ّ‬
‫مادة األميونت لتعويض الضحايا و ذوي حقوقهم‪ ،‬وذلك قبل إنشاء صندوق تعويض ضحايا‬
‫األميونت ‪Le fond d’indemnisation des victimes de l’amiante‬بموجب القانون‬
‫المؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر‪.22000‬‬
‫ّ‬ ‫رقم ‪1257 -2000‬‬
‫بعيدا عن هذا النظام‪ ،‬إذ أضاف المادة ‪ 140‬مكرر‪ 1‬للقانون‬
‫لم يكن المشرع الجزائري ً‬
‫المدني في ‪ 2005‬والتي تنص‪:‬‬
‫" إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني ولم تكن للمتضرر يد فيه‪ ،‬تتك ّفل الدولة‬
‫بالتعويض عن هذا الضرر"‬
‫جديدا لتعويض األضرار الجسمانية خارج إطار المسؤولية‪،‬‬
‫ً‬ ‫نظاما‬
‫ً‬ ‫بذلك يكون قد وضع‬
‫أساسا‬
‫ً‬ ‫كرس بذلك‬
‫متجاوز بذلك النظرة التقليدية التي تؤ ّسس التعويض على المسؤولية فقط و ّ‬
‫ًا‬
‫جديدا للتعويض‪.3‬‬
‫ً‬

‫‪ -1‬قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.387‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Philippe LE TOURNEAU & Loïc CADIET: Droit de la responsabilité et des contrats, op-‬‬
‫‪cit, p 1485.‬‬
‫‪ -3‬منى عولمي‪ :‬مسؤولية المنتج في ظل تعديل القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪196‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫يلزم القاضي الجزائري بموجب نص المادة ‪ 140‬مكرر‪ 1‬ق م ج بالحكم بالتعويض في‬
‫فتتحمل الدولة‬
‫ّ‬ ‫حالة انعدام المسؤول عن الضرر وذلك من دون التحقق من وجود الخطأ‪،‬‬
‫فبتطور القانون أصبح هذا‬
‫ّ‬ ‫التبعة حتى ال يبقى المتضرر من منتوج معيب دون تعويض‪،‬‬
‫مقرًار للمضرور وليس بعقوبة للمسؤول عنه‪.‬‬
‫األخير حقًا ّ‬
‫مرة في الفقه اإلسالمي تحت ما‬
‫ألول ّ‬
‫أن فكرة تدخل الدولة للتعويض ظهرت ّ‬
‫كما ّ‬
‫سنتعرض فكرة تعويض الدولة في الفقه اإلسالمي بداية(أ) ثم‬
‫ّ‬ ‫يسمى ببيت مال المسلمين‪ ،‬لذا‬
‫ّ‬
‫لشروط التعويض من قبل الدولة حسبما هو وارد بالمادة ‪ 140‬مكرر‪ 01‬ق م ج( ب)‬
‫وبعدها سنعرج للحديث عن كيفية التعويض(ج)‬
‫أ‪ -‬تعويض الدولة في الفقه اإلسالمي‬
‫إن الشريعة اإلسالمية استلهمت حقيقة مفادها وجوب بناء ضمانات التعويض على‬
‫ّ‬
‫أساس اجتماعي‪ ،‬فتحقيق العدل بما يقتضيه مفهومه االجتماعي من تكافل‪ ،‬يجعل من‬
‫شكال أسمى لما ينبغي أن يسود عالقات البشر من عدل‪ ،‬لذا شرعت الضمان‬
‫ً‬ ‫الضمان‬
‫االجتماعي العام عن طريق تأسيس نظام بيت المال‪.‬‬
‫سببا في‬
‫أن األصل في الضمان وجوبه على من كان بنشاطه ً‬
‫إذا كان في الواقع ّ‬
‫الدية على القاتل والتعويض على المعتدي‪ّ ،‬إال ّأنه في بعض األحيان‬
‫فمثال تجب ّ‬
‫اإلتالف‪ً ،‬‬
‫إما إلعسار المدين أو لعدم معرفته‪ ،‬ففي فرضنا قد ال ُي ْعرف‬
‫ال يمكن استيفاء التعويض ّ‬
‫المسؤول الحقيقي عن الضرر فهل يضيع على المضرور حقه؟‬
‫محكما من الصدقات والزكاة التي هي أهم مصدر‬ ‫ً‬ ‫نظاما‬
‫ً‬ ‫لذا وضع النظام اإلسالمي‬
‫تمويل بيت المال المسلمين باإلضافة إلى الغنائم والهدايا‪ ،‬حيث فُ ِرضت في القرآن الكريم‬
‫بسم اللّه الرحمان الرحيم‬ ‫بقوله تعالى‪:‬‬

‫‪197‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫﴿ إ ّنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم وفي الرقاب‬
‫‪1‬‬
‫والغارمين وفي سبيل اللّه وابن السبيل فريضة من اللّه واللّه عليم حكيم﴾‬
‫صدق اللّه العظيم‬
‫تؤدي إليه من تماسك المجتمع‬
‫أن للزكاة أهدافًا اجتماعية لما ّ‬
‫ذهب البعض للقول ّ‬
‫وتكافله‪ ،‬فهي جزء من نظام التكافل االجتماعي في اإلسالم‪ ،‬إذ تحقق الضمان االجتماعي‪،‬‬
‫عد اإلسالم ّأول تشريع منظّم في سبيل ضمان اجتماعي ال يعتمد على‬
‫فبتلك المثابة ي ّ‬
‫الصدقات الفردية التطوعية‪ ،‬و ّأول نظام تقوم عليه الدولة جباية وصرفًا‪ ،‬وهي بالنظر إلى‬
‫ذوي الحاجات حق معلوم‪ ،‬وبالنظر إلى ذوي األموال فرض وواجب‪.2‬‬
‫إذن بيت مال المسلمين وظيفته تتمثل في ضمان المخاطر االجتماعية ألنه بني‬
‫الستيفاء حقوق المسلمين فإذا كان غنمه يعود إليهم فغرمه يرجع عليهم‪ ،‬فمال بيت المال‬
‫مال عامة المسلمين ال يختص به واحد منهم‪.‬‬
‫ب‪-‬شروط التعويض من طرف الدولة‬
‫شروط التعويض من طرف الدولة بحسب نص المادة ‪ 140‬مكرر‪ 1‬ق م ج هي‪:‬‬
‫مانيا‬
‫‪-1‬أن يكون الضرر جس ا‬
‫اشترطت المادة ‪ 140‬مكرر‪ 01‬ق م ج أن يكون الضرر ذو طابع جسماني وا ّال لن‬
‫تعوض الدولة‪ ،‬والضرر الجسماني كما سلف الذكر هو كل ما يتعلّق بالسالمة الجسدية‬
‫ّ‬
‫للمتضرر‪ ،‬بذلك يكون المشرع الجزائري قد استبعد األضرار المعنوية دون وجود سبب لذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬اآلية رقم ‪ 60‬من سورة التوبة‪.‬‬


‫‪ -2‬وائل محمود أبو الفتوح أحمد العزيري‪ :‬المسؤولية المدنية عن عمليات نقل الدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.762‬‬
‫‪198‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪-2‬أن ًل يكون للمتضرر يد في حدوث الضرر‬


‫أما إذا لعب‬
‫إيجابيا في إحداث الضرر‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫دور‬
‫بمعنى أن عيب المنتوج يكون قد لعب ًا‬
‫ناتجا عن سوء استعمال أو استهالك المنتوج‬
‫سلبيا مثل الحالة التي يكون فيها الضرر ً‬
‫دور ً‬‫ًا‬
‫خاليا من أي عيب لكنه خطر‪ ،‬فال يتخذ المتضرر االحتياطات‬
‫وليس لعيب فيه‪ ،‬كأن يكون ً‬
‫الالزمة عند استعماله أو استهالكه فتصيبه أضرار جسمانية نتيجة لذلك فال تتك ّفل الدولة‬
‫ّ‬
‫بالتعويض ألن المتضرر في هذه الحالة يكون قد ساهم بفعله في حدوث الضرر‪.1‬‬
‫‪-3‬انعدام المسؤول‬
‫ينعدم المسؤول في حالتين‪:‬‬
‫يتضرر شخص من منتوج غذائي‬
‫ّ‬ ‫الحالة األولى إذا ما كان المسؤول مجهوًال‪ ،‬كأن‬
‫المسبب للضرر بالتالي‬
‫ّ‬ ‫و لم يتم تحديد اسم المنتج في غالف المنتوج‪ ،‬فهنا نجهل الشخص‬
‫حكما بالمادة‬
‫تتدخل الدولة للتعويض مع العلم أن المشرع الفرنسي في هذه الحالة وضع ً‬
‫ّ‬
‫المعدلة بالمادة الثانية من القانون الصادر في ‪ 05‬أفريل ‪،2006‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 1386‬مكرر‪ 07‬ق م ف‬
‫يسببه من أض ارر‬
‫الموزع عن المنتوج المعيب وما ّ‬
‫ّ‬ ‫المؤجر أو‬
‫ّ‬ ‫حيث تقوم مسؤولية البائع أو‬
‫مدة ثالثة أشهر من تاريخ المطالبة القضائية من‬
‫ّإال إذا ما ّبين اسم المنتج المسؤول خالل ّ‬
‫الضحية‪.‬‬
‫تتدخل الدولة‬
‫أيضا ّ‬
‫أما الحالة الثانية‪ :‬إذا كان المنتج معلوم لكن ثبتت عدم مسؤوليته فهنا ً‬
‫ّ‬
‫للتعويض عن الضرر الجسماني الذي أصاب الضحية‪.‬‬
‫ج‪ -‬كيفية التعويض‬
‫يتم هذا‬
‫لتعوض المتضررين من حادثة ما و ّ‬
‫يمكن للدولة أن تتدخل في بعض الحاالت ّ‬
‫إما عن طريق المساعدات أو التعويضات‪:‬‬
‫التدخل بإحدى الصورتين‪ّ :‬‬

‫‪ -1‬منــى عولمي‪ :‬مسؤولية المنتج في ظل تعديل القانون المدني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪199‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪-1‬المساعدات‬
‫معينة من المجتمع‪ ،‬والذين وقعوا‬
‫تقوم الدولة في إطار هذه الصورة بمنح طائفة‪ ،‬أو فئة ّ‬
‫نوعا من المساعدات المالية والعينية‪ ،‬وان كان‬
‫ضحية لكارثة طبيعية كالزالزل‪ ،‬واألوبئة ً‬
‫أبرزها المساعدات المالية‪ ،‬والدولة في هذا اإلطار تقوم بباعث االهتمام بالضحايا من‬
‫رعاياها‪ ،‬وهذا النوع من المساعدات ليست حقًا واّنما هي هبة أو منحة من الدولة تجود بها‬
‫التمسك بهذه المساعدات باعتبارها‬
‫ّ‬ ‫على هؤالء الضحايا‪ ،‬وهو ما يعني عدم قدرة الضحايا‬
‫حقًا حيث ال يوجد هنا مجال لمسؤولية الدولة بالمعنى الحقيقي‪.‬‬
‫‪-2‬التعويضات‬
‫في هذه الصورة من صور التعويض تقوم الدولة بتعويض الضحايا‪ ،‬هنا يكون مرتبطًا‬
‫بفكرة المسؤولية حيث يغطي كافة األضرار الناجمة عن المخاطر بما يجسد مبدأ التعويض‬
‫تدخل الدولة يكون حقًا للضحايا‪،‬‬
‫الكامل‪ ،‬وهو ما يعني بدوره أن هذه الصورة من صور ّ‬
‫وليس منحة من قبل الدولة‪.1‬‬
‫يتم التعويض بناء على تخصيص بند في الميزانية العامة‪ ،‬أو من خالل ما يعرف‬
‫الملوث‬ ‫ِ‬
‫بميزانية التكاليف المشتركة‪ ،‬وقد اُستُخدم أسلوب المساعدات في قضية هرمون النمو ّ‬
‫تحملت الدولة عبء تعويض ضحايا ذلك المرض الذي بلغ عددهم خمسمائة‬
‫بفرنسا‪ ،‬إذ ّ‬
‫تم‬
‫شخص بتخصيص بند خاص بالميزانية في و ازرة الشؤون االجتماعية وو ازرة الصحة و ّ‬
‫معدل محدد كما هو الحال بالنسبة لتعويض ضحايا اإليدز حيث يتم تحديد‬
‫التعويض وفق ّ‬
‫ثالث مستويات لألضرار وهي الخاصة بالعدوى‪ ،‬األضرار االقتصادية واألضرار األدبية‪.2‬‬

‫‪ -1‬وائل محمود أبو الفتوح أحمد العزيري‪ :‬المسؤولية المدنية عن عمليات نقل الدم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.760‬‬
‫‪ -2‬وائل محمود أبو الفتوح أحمد العزيري‪ :‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.760‬‬
‫‪200‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أما في التشريع الجزائري‪ ،‬فبالرغم من إقرار المشرع الجزائري تدخل الدولة للتعويض‬
‫ّ‬
‫عدة إشكاالت أهمها‪:‬‬
‫أن هذه األخيرة تثير ّ‬
‫وفقًا لنص المادة ‪ 140‬مكرر‪ 01‬ق م ج‪ّ ،‬إال ّ‬
‫إن المادة ‪ 140‬مكرر‪ 01‬ق م ج من شأنها أن تثير إشكال حول طبيعتها‪ ،‬فهل‬
‫‪ّ -‬‬
‫تتعلّق فقط بحوادث المنتجات المعيبة أم أنها تشمل كل أنواع األضرار؟ خاصة بعد‬
‫كثرة ضحايا الكوارث الطبيعية في الجزائر خالل الفترة التي سبقت هذا التعديل‪ّ ،‬إال‬
‫أن موقع المادة يدفعنا للقول ّأنها خاصة بمسؤولية المنتج الموضوعية لورودها‬
‫ّ‬
‫مباشرة بعد المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‪.‬‬
‫يبين لنا كيفية التعويض هل يتم عن طريق صندوق أو‬
‫إن المشرع الجزائري لم ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫يتم مباشرة من‬
‫مكتب خاص بالتعويض لضحايا حوادث المنتجات المعيبة أم ّ‬
‫نص قبل ‪ 2005‬على مثل هذا التدخل في‬
‫الخزينة العمومية‪ ،‬مع اإلشارة ّأنه قد ّ‬
‫مجال التعويض عن األضرار الجسدية الناتجة عن حوادث المرور بحيث أنشأ لذلك‬
‫الغرض الصندوق الخاص بالتعويضات واألجهزة الضابطة لتدخله بموجب المرسوم‬
‫رقم ‪.137 -80‬‬
‫‪ -‬إذا كان التعويض يتم بواسطة صندوق خاص‪ ،‬فهل يتم التعويض عن األضرار‬
‫تعوض فقط األضرار‬
‫تعرض إليها المتضررون حتى قبل إنشاء الصندوق أم ّ‬
‫التي ّ‬
‫الالحقة أي التي ظهرت بعد إنشاء الصندوق‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن نص المادة ‪ 140‬مكرر‪ 01‬ق م ج على التعويض عن الضرر الجسماني دون‬
‫‪ّ -‬‬
‫التفصيل فيه‪ ،‬يعني التعويض عنه بصفة مطلقة مهما كانت قيمته‪ ،‬فالمادة لم تضع‬

‫‪ -1‬مرسوم رقم ‪ 37 -80‬مؤرخ في ‪ 16‬فبراير ‪ ،1980‬يتضمن شروط تطبيق المادتين ‪ -32‬ه و ‪ 34‬من األمر رقم‬
‫‪ 15 -74‬المؤرخ في ‪ 30‬يناير ‪ 1974‬المتعلقتين بقواعد سير الصندوق الخاص بالتعويضات و األجهزة الضابطة‬
‫لتدخله‪ ،‬ج‪.‬ر‪.‬ع ‪ 08‬الصادرة في ‪ 19‬فبراير ‪.1980‬‬
‫‪201‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الحد األدنى للضرر الذي يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض أو الحد األقصى‬
‫لهذا األخير الذي يمكن المطالبة به‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان تدخل الدولة يتم بموجب صندوق خاص‪ ،‬فلمن تعهد إدارته؟ هل ألحد‬
‫أشخاص القانون الخاص؟ أم تبقى إدارته للدولة ذاتها؟‬
‫‪ -‬استبعاد المادة ‪ 140‬مكرر‪ 01‬للضرر المعنوي دون تحديد السبب في ذلك‪ ،‬خاصة‬
‫مع إدراج المشرع الجزائري إمكانية التعويض عن الضرر المعنوي بموجب المادة‬
‫‪ 182‬مكرر ق م ج منذ ‪ 2005‬أي في نفس الوقت الذي أدرج المادة ‪140‬‬
‫مكرر‪.01‬‬
‫وضعا يستلزم معه ضرورة إصدار المشرع الجزائري لتنظيم‬
‫ً‬ ‫فمثل هذه اإلشكاالت تولّد‬
‫يحدد كيفية تطبيق المادة ‪ 140‬مكرر‪ 01‬ق م ج وطريقة العمل بها‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‬


‫بدا لنا من خالل العرض الموجز لألثر المترتب عن قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫ليتم ّكن المضرور من الحصول على حقّه في التعويض يقوم برفع دعوى المسؤولية‬
‫وفقًا لألوضاع والقواعد المنصوص عليها في القانون والحظنا في هذا الشأن التوسيع من‬
‫نطاق األشخاص المسؤولة عن التعويض‪ ،‬إذ يسأل كل من المنتج‪ ،‬شركات التأمين حتى‬
‫الدولة فكلّهم يكتسبون صفة المدعى عليه بهدف تمكين المتضررين من إيجاد شخص‬
‫يطالبونه بالتعويض عن األضرار التي أصابتهم‪ .‬ونفس الوضع بالنسبة لألشخاص المكتسبة‬
‫لصفة المدعى إذ تمتّد لتشمل كل من المتضرر المباشر‪ ،‬جمعيات حماية المستهلكين وحتى‬
‫المتضررين باالرتداد‪.‬‬
‫بخصوص موضوع دعوى المسؤولية‪ -‬التعويض‪ ،-‬اختلفت المواقف بشأن تحديد قيمته‬
‫مؤيد ومعارض‪ ،‬وقيام المشرع الفرنسي بفتح المجال للتعويض دون تحديد‬
‫القصوى بين ّ‬
‫أما المشرع الجزائري‬
‫لقيمته‪ ،‬إذ يكون للقاضي الحرية في تقديره بمراعاة جملة من العناصر‪ّ ،‬‬
‫فله نفس الموقف لعدم وضع نصوص خاصة بالجانب اإلجرائي للمسؤولية الموضوعية‬
‫توسع من نطاق التعويض‪ ،‬األمر الذي‬
‫للمنتج ما يدفعنا للرجوع إلى القواعد العامة التي ّ‬
‫يشكل حماية للمتضررين من حوادث المنتجات المعيبة وتشديد لمسؤولية المنتج‪.‬‬
‫أن فعالية أحكام المسؤولية الموضوعية للمنتج برزت أكثر باقترانها بآلية التأمين‬
‫كما ّ‬
‫ذمته المالية من جانبها‬
‫اإللزامي التي شكلّت بمثابة ضمان لكال الطرفين‪ :‬المنتج بحماية ّ‬
‫السلبي‪ ،‬المتضرر بضمان حصوله على مبلغ التعويض‪.‬‬
‫أن أساس التعويض في القانون الجزائري قد‬
‫كما ّأنه بتناولنا لهذا الموضوع‪ ،‬وجدنا ّ‬
‫إما قواعد المسؤولية المقترنة بآلية التأمين اإلجباري أو التضامن‬
‫ظا‪ ،‬فهو ّ‬
‫تطوًار ملحو ً‬
‫عرف ّ‬

‫‪203‬‬
‫أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫االجتماعي بتدخل الدولة على أساس المادة ‪ 140‬مكرر‪ 01‬ق م ج‪ ،‬ولع ّل الهدف من ذلك‬
‫أي تعويض في حالة عدم قيام‬
‫هو تفادي بقاء ضحايا حوادث المنتجات المعيبة دون ّ‬
‫المسؤولية أو جهل المسؤول‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫خاتمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫خــــــــــــــــــاتمة‬

‫خـــــــــــاتمة‬
‫بعد هذه الدراسة الموجزة لموضوع المسؤولية الموضوعية للمنتج كآلية تعويضية‬
‫أن هذا النظام المستحدث كان وليد تداعيات‬
‫لضحايا حوادث المنتجات المعيبة‪ ،‬خلصت ّ‬
‫وظروف سادت في الوسط االقتصادي‪ ،‬االجتماعي وحتى القانوني في معظم الدول‪ ،‬ما‬
‫أما الجزائر فلم تظهر فيها ّإال في سنة ‪2005‬‬
‫عجل بروزها في الدول الغربية منذ الستينيات ّ‬
‫ّ‬
‫بموجب التعديل الذي أجراه المشرع الجزائري على القانون المدني بإدراجه المادة ‪140‬‬
‫مكرر‪.‬‬
‫يسميها البعض بالمسؤولية القانونية‬
‫ّ‬ ‫تتمتّع المسؤولية الموضوعية للمنتج أو كما‬
‫الخاصة بجملة من الخصائص فهي ذات طابع موضوعي تستند لعنصر الضرر دون‬
‫أن أحكامها من النظام‬
‫بقوة القانون إذ ليست بعقدية وال بتقصيرية كما ّ‬
‫الخطأ‪ ،‬وأنها مسؤولية ّ‬
‫ميزتها عن نوعي‬
‫العام ال يجوز االتفاق على مخالفتها‪ .‬وعلى غرار هذه الخصائص التي ّ‬
‫تحمل التبعة‬
‫يسمى بنظرية ّ‬
‫المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬نجدها تستند إلى نظرية المخاطر أو ما ّ‬
‫المعولة على‬
‫ّ‬ ‫المقيدة باشتراط إثبات معيوبية المنتوج بجانب تضرر الضحية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بصورتها‬
‫الجانب الموضوعي دون الشخصي للمنتج‪ ،‬حسبما هو ّبين في النصوص القانونية الفرنسية‬
‫المكرسة لهذا النظام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫و كذا الجزائرية‬
‫تبين لنا من خالل دراسة أركان و نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج مظاهر فعالية‬
‫ّ‬
‫أحكامها‪ ،‬إذ الضحية معفى من إثبات الخطأ فهو ملزم بإثبات ثالثة أركان فقط‪ :‬العيب‪،‬‬
‫أن كال من المشرع الفرنسي والجزائري قد‬
‫الضرر وعالقة سببية بينهما‪ ،‬فبالنسبة للعيب نجد ّ‬
‫بمجرد‬
‫ّ‬ ‫ربطاه بضمان سالمة المنتوج من خالل تحقيقه للرغبات المشروعة لفئة المستهلكين‬
‫أما الضرر فيدخل في نطاق المسؤولية الموضوعية كل من الضرر‬
‫إطالقه للتداول‪ّ .‬‬
‫الجسماني‪ ،‬المادي وحتى المعنوي‪ ،‬وفيما يخص رابطة السببية فيشترط لقيامها عنصران‬
‫أحدهما مادي وهو تعيب المنتوج وآخر معنوي يفترض توافر إرادة المنتج عند عملية الطرح‬

‫‪206‬‬
‫خــــــــــــــــــاتمة‬

‫أما من حيث النطاق فتبرز فعالية أحكام مسؤولية المنتج المستحدثة في التوسيع منه‬
‫للتداول‪ّ .‬‬
‫قدر اإلمكان سواء من حيث األشخاص أو من حيث الموضوع؛ من حيث األشخاص بتحمل‬
‫المسؤولية كل من ساهم في إحداث العيب سواء كان منتج أو غيره من المتدخلين‪ ،‬وصفة‬
‫الضحية تمتد لتشمل المتعاقدين مباشرة وغير المتعاقدين مع المسؤول وحتى المتضررين‬
‫معينة من المنتجات لوجود‬
‫أما من حيث الموضوع فنجد ّأنه بالرغم من استبعاد فئة ّ‬
‫باالرتداد‪ّ ،‬‬
‫أحكام خاصة بها كالعقارات و الخدمات‪ّ ،‬إال ّأنها امتدت لتشمل معظم المنتجات حتى الطاقة‬
‫الكهربائية والمنتجات الزراعية‪.‬‬
‫بتوافر أركان هذا النظام تقوم المسؤولية الموضوعية للمنتج وترتب بذلك آثار على كال‬
‫الطرفين وحتى شركات التأمين التي تعتبر بمثابة ضامن للمسؤول إذ هي صاحبة جيب‬
‫ممتلئ تضمن دفع مبلغ التعويض لضحايا حوادث المنتجات المعيبة خاصة بجعل هذا‬
‫اميا( المشرع الجزائري دون الفرنسي) بفرض إبرام المؤسسات اإلنتاجية عقود تأمين‬
‫النظام إلز ً‬
‫من مسؤوليتها المدنية عن فعل المنتجات منذ سنة ‪.1995‬‬
‫ولكي يتم تقرير مسؤولية المنتج فرض المشرع على الضحية االستعانة بالدعوى‬
‫للمطالبة بحقه أمام الجهات القضائية بالطبع مع احترام جملة من الشروط الموضوعية من‬
‫صفة و مصلحة وأخرى شكلية تشمل كل من األهلية‪ ،‬اآلجال‪ ،‬اإلجراءات وكذا االختصاص‪،‬‬
‫وما الحظناه بدراستنا لهذه الشروط الشكلية هو سعي المشرع الفرنسي تبسيط األمر بالنسبة‬
‫لضحايا المستهلكين سواء من حيث االختصاص أو من حيث اآلجال‪ :‬من حيث‬
‫إقليميا‪ ،‬ومن حيث اآلجال‬
‫ً‬ ‫االختصاص بمنحهم الحرية في اختيار المحكمة التي تناسبهم‬
‫بوضع أجلين أحدهما لسقوط المسؤولية واآلخر لتقادم الدعوى‪ ،‬عكس المشرع الجزائري الذي‬
‫أحكاما خاصة بالمسؤولية الموضوعية للمنتج وأخضع الجانب اإلجرائي لها للقواعد‬
‫ً‬ ‫لم يضع‬
‫العامة ما قد ال يتالءم مع طبيعتها في بعض الحاالت‪ .‬أما موضوع دعوى المسؤولية‬
‫الموضوعية وهو التعويض فالشيء اإليجابي فيه هو فتح المجال للتعويض عن كافة أنواع‬

‫‪207‬‬
‫خــــــــــــــــــاتمة‬

‫األضرار التي قد تنجم عن حادث منتوج معيب وكذا عدم وضع حد لمقدار التعويض الذي‬
‫يمكن أن يحكم به القاضي على المنتج المسؤول‪.‬‬
‫وبقيام المسؤولية الموضوعية يسعى المنتج للتخلص منها لتجنب دفع مبلغ التعويض‬
‫عن طريق إثبات أحد طرق نفي المسؤولية أو باالتفاق مع الضحية بإعفائه من المسؤولية‪،‬‬
‫نص على طرق عامة وأخرى خاصة لنفي المنتج‬
‫أن المشرع الفرنسي ّ‬
‫والملفت لالنتباه ّ‬
‫مسؤوليته ومنها نجد الدفع بمخاطر التطور العلمي والتكنولوجي في القانون المدني عكس‬
‫المشرع الجزائري الذي لم ينص على هذه الطرق الخاصة بقانونه المدني بل نجد البعض‬
‫منها في النصوص التنظيمية الخاصة‪.‬‬
‫كما أن التشريعات التي تبنت نظام المسؤولية الموضوعية للمنتج لم تكتف بتقرير هذه‬
‫تم تدعيمها بنظام التأمين اإللزامي من المسؤولية المدنية عن فعل‬
‫اآللية والتشديد فيها‪ ،‬بل ّ‬
‫المنتجات بتدخل شركات التأمين للتعويض وذلك ليس باعتبارها مسؤولة عن إحداث الضرر‪،‬‬
‫للذمة المالية للمسؤول( المنتج) في جانبها السلبي‪.‬‬
‫بل كضامن ّ‬
‫أن تدخل شركات التأمين لضمان مسؤولية المنتج الموضوعية ال يكون بصورة‬
‫كما ّ‬
‫تعوض شركات التأمين على بعض األضرار دون‬
‫مطلقة‪ ،‬إذ في حالة قيام هذه األخيرة ّ‬
‫المؤمن‬
‫ّ‬ ‫األضرار األخرى وفقًا للقواعد القانونية المنظمة لنشاط التأمين وكذا للعقد المبرم بين‬
‫المؤمن له كاألضرار الناجمة عن ارتكاب المنتج لخطأ عمدي أو الناتجة عن عيب ذاتي‬
‫و ّ‬
‫التطور العلمي فبالرغم من عدم التعاطي مع الفكرة‬
‫ّ‬ ‫في المنتوج‪ ،‬و بخصوص مخاطر‬
‫أن‬
‫بموجب قانون التأمين في الجزائر‪ ،‬واستبعادها من التغطية وفقًا للقانون الفرنسي‪ّ ،‬إال ّ‬
‫أقرت إمكانية التعويض‬
‫التأشيرة الخاصة بالشركة الوطنية للتأمين واعادة التأمين‪ّ CAAR‬‬
‫أما في حالة ما إذا لم ُيعوض‬
‫عنها بموجب عقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات‪ّ .‬‬
‫تتدخل آليات التعويض الجماعية بغية‬
‫ّ‬ ‫المؤمن لعدم قيام المسؤولية أو النعدام المسؤول‪،‬‬
‫ّ‬
‫ضمان مبلغ التعويض للضحية سواء عن طريق آلية التأمين المباشر أو صناديق الضمان‬

‫‪208‬‬
‫خــــــــــــــــــاتمة‬

‫أو عن طريق الدولة‪ ،‬وفي هذا العنصر تبرز ضرورة تبيان المشرع الجزائري موقفه في كيفية‬
‫التعويض إذا ما انعدم المسؤول وفقًا للمادة ‪ 140‬مكرر‪ 01‬من القانون المدني‪.‬‬
‫أن المشرع الجزائري حسن فعل بتبنيه المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫ختاما نقول ّ‬
‫ً‬
‫و جعلها كآلية تعويضية لضحايا حوادث المنتجات المعيبة‪ ،‬غير ّأنه كان من الالّزم أن‬
‫يفصل فيها أكثر وعدم تخصيص مادة واحدة فقط إذ لم يفصل في العديد من النقاط ما‬
‫ي ستدعي الرجوع للقواعد العامة التي قد تعيق الضحية من حصوله على حقه في التعويض‪،‬‬
‫باإلضافة لضرورة التدقيق في المصطلحات الواردة بالنصوص القانونية لتفادي التعارض فيما‬
‫بينها وكذا عدم وضع القضاة في مشاكل عند تطبيق هذه النصوص‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫ق ائمة المراجع‬
‫ّأواًل‪ :‬باللّغة العربية‬
‫أ‪ -‬المصحف الشريف‬
‫ب‪ -‬الكتـــــــــــــــــب‬
‫أحمد التيجاني بلعروسي و أحمد يوسفي‪ :‬التشريع والتنظيم المتعلّقان بحماية‬ ‫‪-1‬‬
‫المستهلك‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫العامة طبقًا لقانون‬
‫ّ‬ ‫إبراهيم أبو النجــا‪ :‬التأمين في القانون الجزائري( األحكام‬ ‫‪-2‬‬
‫األول‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1983 ،‬‬
‫التأمين الجديد)‪ ،‬الجزء ّ‬
‫إدريـس فاضلي‪ :‬المسؤولية عن األشياء غير الحية في القانون المدني الجزائري‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫مقــدم‪ :‬التعويض عن الضرر المعنوي في المسؤولية المدنية" دراسة‬
‫ّ‬ ‫الســعيد‬
‫ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫مقارنة"‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬لبنان‪.1985 ،‬‬
‫السيد عــمران‪ :‬حماية المستهلك أثناء تكوين العقد" دراسة مقارنة"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫محمد‬
‫ّ‬ ‫السيد‬
‫ّ‬ ‫‪-5‬‬
‫الدار الجامعية الجديدة‪ ،‬مصر‪.2003 ،‬‬
‫بهاء بهيـج شـكري‪ :‬التأمين من المسؤولية في النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬ ‫‪-6‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2010 ،‬‬
‫محمد ظاهر مشاقبة‪ :‬الحماية المدنية للمستهلك من عيوب المنتجات‬
‫ّ‬ ‫جـابر‬ ‫‪-7‬‬
‫الصناعية" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪.2012 ،‬‬
‫محمد إبراهيــم‪ :‬التأمين" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.1994 ،‬‬
‫جالل ّ‬ ‫‪-8‬‬
‫التطور بين قيام المسؤولية واإلعفاء منها‪ ،‬دار‬
‫ّ‬ ‫حسـن حسين البـراوي‪ :‬مخاطر‬ ‫‪-9‬‬
‫النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2008 ،‬‬

‫‪210‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫حسن عبد الباسط جميـعي‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته‬ ‫‪-11‬‬
‫المعيبة" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2000 ،‬‬
‫ــدوس‪ :‬مدى التزام المنتج بضمان السالمة في مواجهة‬
‫حسن عبد الرحمان ق ّ‬ ‫‪-11‬‬
‫التطور العلمي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،‬د س ن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مخاطر‬
‫األول‪ ،‬دار‬
‫حسن علي الذنون‪ :‬المبسوط في شرح القانون المدني( الضرر)‪ ،‬الجزء ّ‬ ‫‪-12‬‬
‫وائل للنشر‪ ،‬األردن‪.2006 ،‬‬
‫حسين فريجة‪ :‬المبادئ األساسية في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬ديوان‬ ‫‪-13‬‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫زاهية حورية سي يوســـف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬ ‫‪-14‬‬
‫محمد رديعان العـزاوي‪ :‬مسؤولية المنتج في القوانين المدنية واالتفاقيات‬
‫ّ‬ ‫سالم‬ ‫‪-15‬‬
‫الدولية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪.2009 ،‬‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر‬
‫ّ‬ ‫سليمان بوذياب‪ :‬مبادئ القانون المدني‪،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫والتوزيع‪ ،‬لبنان‪.2003 ،‬‬
‫سليمان مرقـس‪ :‬الوافي في شرح القانون المدني( في االلتزامات‪ ،‬في الفعل الضار‬ ‫‪-17‬‬
‫األول‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬د د ن‪ ،‬مصر‪.1992 ،‬‬
‫والمسؤولية المدنية)‪ ،‬المجلّد ّ‬
‫سمير سهيل دنـون‪ :‬المسؤولية المدنية عن فعل اآلالت الميكانيكية والتأمين‬ ‫‪-18‬‬
‫المؤسسة الحديثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪.2005 ،‬‬
‫ّ‬ ‫اإللزامي عليها" دراسة مقارنة"‪،‬‬
‫عـــادل جبـري محمـّد حبيـب‪ :‬المفهوم القانوني لرابطة السببية وانعكاساته في توزيع‬ ‫‪-19‬‬
‫عبء المسؤولية المدنية" دراسة مقارنة بأحكام الفقه اإلسالمي"‪ ،‬دار الفكر‬
‫الجامعي‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬
‫عبد الحكم فوده‪ :‬التعويض المدني( المسؤولية المدنية التعاقدية و التقصيرية)‪ ،‬دار‬ ‫‪-21‬‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬مصر‪.1999 ،‬‬
‫‪211‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪ :‬موسوعة التعويضات المدنية( نظرية التعويض المدني)‪ ،‬الجزء‬ ‫‪-21‬‬


‫األول‪ ،‬المكتب الدولي للموسوعات القانونية‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬
‫ّ‬
‫الملوث‪ ،‬دار‬
‫عبـد الحميد ثـروت‪ :‬األضرار الصحية الناتجة عن الغذاء الفاسد أو ّ‬ ‫‪-22‬‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬
‫عبد الرزاق أحمد السنهــوري‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد( مصادر‬ ‫‪-23‬‬
‫األول‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.1998 ،‬‬
‫االلتزام)‪ ،‬الجزء ّ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪ :‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد( عقود‬ ‫‪-24‬‬
‫الغرر‪ ،‬عقود المقامرة والرهان والمرتب مدى الحياة وعقد التأمين)‪ ،‬المجلد الثاني‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2000 ،‬‬
‫عبد اهلل مسعــودي‪ :‬الوجيز في شرح قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-25‬‬
‫الثالثة‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪.2011 ،‬‬
‫علي بولحية بن بوخميس‪ :‬القواعد العامة لحماية المستهلك والمسؤولية المترتبة‬ ‫‪-26‬‬
‫عنها في التشريع الجزائري‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪.2000 ،‬‬
‫علـي علي سليمـان ‪ :‬النظرية العامة لاللتزام( مصادر االلتزام في القانون المدني‬ ‫‪-27‬‬
‫الجزائري)‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.1993 ،‬‬
‫علي فتّاك‪ :‬تأثير المنافسة على االلتزام بضمان سالمة المنتوج‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪-28‬‬
‫الجامعي‪ ،‬مصر‪.2007 ،‬‬
‫فتحي عبد الرحيـم عبد اللّه‪ :‬دراسات في المسؤولية التقصيرية( نحو مسؤولية‬ ‫‪-29‬‬
‫موضوعية)‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬
‫مؤسسة الثقافة‬
‫ّ‬ ‫محمـّد إبراهيـم الدسوقي‪ :‬تقدير التعويض بين الخطأ والضرر‪،‬‬ ‫‪-31‬‬
‫الجامعية للطبع و النشر و التوزيع‪ ،‬مصر‪ ،‬د س ن‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫محـ ّمد الشريف كــتّو‪ :‬قانون المنافسة والممارسات التجارية وفقًا لألمر ‪03-03‬‬ ‫‪-31‬‬
‫والقانون ‪ ،02-04‬منشورات بغدادي‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫محمد بودالي‪ :‬مسؤولية المنتج عن منتجاته المعيبة" دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الفجر‬
‫ّ‬ ‫‪-32‬‬
‫للنشر و التوزيع‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬
‫مح ّمد شكري سـرور‪ :‬مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسّببها منتجاته الخطرة‪،‬‬ ‫‪-33‬‬
‫دار الفكر العربي‪ ،‬مصر‪.1983 ،‬‬
‫محمـد سامي عبد الصـادق‪ :‬مسؤولية منتج الدواء عن مضار منتجاته المعيبة"‬
‫ّ‬ ‫‪-34‬‬
‫دراسة مقارنة"‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫التطور كسبب إلعفاء المنتج من‬
‫ّ‬ ‫محمد محي الدين إبراهيم سلـيم‪ :‬مخاطر‬
‫ّ‬ ‫‪-35‬‬
‫المسؤولية‪ ،‬د د ن‪ ،‬مصر‪.2002 ،‬‬
‫السيد عبد المعطي خيال‪ :‬المسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة ومخاطر‬
‫محـمود ّ‬ ‫‪-36‬‬
‫التقدم‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.1998 ،‬‬
‫ّ‬
‫مصطفى العوجي‪ :‬القانون المدني( المسؤولية المدنية)‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬منشورات‬ ‫‪-37‬‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬لبنان‪.2005 ،‬‬
‫الدم"‬
‫وائل محمود أبو الفتوح أحمد العزيزي‪ :‬المسؤولية المدنية عن عمليات نقل ّ‬ ‫‪-38‬‬
‫دراسة مقارنة"‪ ،‬دار المغربي للطباعة‪ ،‬د ب ن‪.2005 ،‬‬
‫المذكرات‬
‫ّ‬ ‫ج‪-‬الرسائل و‬
‫‪ ‬رسائل الدكتوراه‬
‫صافية زيد المال‪ :‬حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على ضوء أحكام القانون‬ ‫‪-1‬‬
‫الدولي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم تخصص القانون الدولي‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2013 ،‬‬

‫‪213‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫صفية بشاتن‪ :‬الحماية القانونية للحياة الخاصة" دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫دكتوراه في العلوم تخصص قانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2012 ،‬‬
‫قادة شهيدة‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج" دراسة مقارنة"‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتوراه‬ ‫‪-3‬‬
‫الدولة في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪.2005 ،‬‬
‫لطيفة أمازوز‪ :‬التزام البائع بتسليم المبيع في القانون الجزائري‪ ،‬أطروحة لنيل درجة‬ ‫‪-4‬‬
‫دكتوراه في العلوم تخصص‪ :‬القانون‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2011 ،‬‬
‫‪ ‬مذ ّكرات الماجستير‬
‫الشريف بحماوي‪ :‬التعويض عن األضرار الجسمانية بين األساس التقليدي للمسؤولية‬ ‫‪-1‬‬
‫مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص‪،‬‬
‫المدنية و األساس الحديث‪ ،‬مذ ّكرة ّ‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،‬تلمسان‪.2008 ،‬‬
‫مذكرة لنيل شهادة‬
‫الياقوت جرعـود‪ :‬عقد البيع وحماية المستهلك في التشريع الجزائري‪ّ ،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫خدة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫الماجستير فرع العقود والمسؤولية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة بن يوسف بن ّ‬
‫‪.2002‬‬
‫محمد طاهر عبد اللّه العبيدي‪ :‬االلتزام بضمان السالمة في عقد البيع" دراسة‬
‫إيمان ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫تحليلية مقارنة"‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬كلية القانون‪،‬‬
‫جامعة بغداد‪2003 ،‬‬
‫الدين مسعود سعيد خـويرة‪ :‬اآلثار المترتبة على عقد التأمين من المسؤولية‬
‫بهاء ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫الطبية" دراسة مقارنة"‪ ،‬أطروحة الستكمال درجة الماجستير في برنامج القانون‬
‫ّ‬ ‫المدنية‬
‫كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬فلسطين‪.2008 ،‬‬
‫الخاص‪ّ ،‬‬

‫‪214‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫زاهـية عيساوي‪ :‬المسؤولية المدنية للصيدلي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬ ‫‪-5‬‬
‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود‬
‫القانون فرع" قانون المسؤولية المهنية"‪ّ ،‬‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2012 ،‬‬
‫الحرة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‬
‫زبير أرزقي‪ :‬حماية المستهلك في ظل المنافسة ّ‬ ‫‪-6‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة‬
‫في القانون فرع" قانون المسؤولية المهنية"‪ّ ،‬‬
‫مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2011 ،‬‬
‫عالوة بشوع‪ :‬التأمين اإللزامي من المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات في‬ ‫‪-7‬‬
‫مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬مذكرة ّ‬
‫جامعة منتوري‪ ،‬قسنطينة‪.2006 ،‬‬
‫الدم‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬
‫عمر ابن الزبير‪ :‬المسؤولية المدنية لمراكز نقل ّ‬ ‫‪-8‬‬
‫خدة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫القانون فرع" العقود و المسؤولية"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة بن يوسف بن ّ‬
‫‪.2002‬‬
‫فريدة دحماني‪ :‬الضرر كأساس للمسؤولية المدنية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬ ‫‪-9‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪.2005 ،‬‬
‫القانون‪ّ ،‬‬
‫‪ -11‬قوبعـي بلحول‪ :‬الحماية اإلجرائية للمستهلك‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬معهد العلوم القانونية و اإلدارية‪ ،‬المركز الجامعي بتلمسان‪.2009 ،‬‬
‫‪ -11‬كمال فريحة‪ :‬المسؤولية المدنية للطبيب‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪،‬‬
‫فرع" قانون المسؤولية المهنية"‪ّ ،‬‬
‫تيزي وزو‪.2012،‬‬
‫‪ -12‬كهيــنة ڤونان‪ :‬ضمان السالمة من أضرار المنتجات الخطرة في القانون الجزائري"‬
‫دراسة مقارنة بالقانون الفرنسي"‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية فرع"‬

‫‪215‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي‬


‫قانون المسؤولية المهنية"‪ّ ،‬‬
‫وزو‪.2010 ،‬‬
‫محمـد ألهيني‪ :‬الحماية القانونية للطرف الضعيف في عقد التأمين البري‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫ّ‬ ‫‪-13‬‬
‫المعمقة في القانون الخاص فرع" قانون المنافسة واالستهالك"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫دبلوم الدراسات العليا‬
‫محمد بن عبد اللّه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي‬
‫ّ‬
‫المغرب‪.2006 ،‬‬
‫محمد حامـد‪ :‬عملية تقدير التعويض في المسؤولية في القانون المدني والقانون‬
‫ّ‬ ‫‪-14‬‬
‫كلية‬
‫اإلداري‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع العقود والمسؤولية‪ّ ،‬‬
‫خدة‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة بن يوسف بن ّ‬
‫‪ -15‬نادية مامش‪ :‬مسؤولية المنتج" دراسة مقارنة مع القانون الفرنسي"‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في القانون تخصص قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مولود معمري‪،‬‬
‫تيزي وزو‪.2012 ،‬‬
‫المتدخل بضمان سالمة المستهلك في ضوء قانون‬
‫ّ‬ ‫‪ -16‬نوال شعباني( حنين)‪ :‬التزام‬
‫حماية المستهلك و قمع الغش‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية فرع"‬
‫المسؤولية المهنية"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪،‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ -17‬ويـزة لحراري( شالح)‪ :‬حماية المستهلك في ظل قانون حماية المستهلك وقمع الغش‬
‫وقانون المنافسة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع" قانون المسؤولية‬
‫المهنية"‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬تيزي وزو‪.2012 ،‬‬
‫‪ ‬مذكرات تخرج‬
‫أحمد معاشو‪ :‬المسؤولية عن تعويض األضرار الناجمة عن المنتجات المعيبة‪ ،‬مذكرة‬ ‫‪-1‬‬
‫تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬الجزائر‪.2010 ،‬‬
‫‪216‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫محمد شرياف‪ :‬المسؤولية المدنية للمنتج وفقًا ألحكام القانون المدني الجزائري‪ ،‬مذكرة‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫تخرج لنيل شهادة الليسانس في العلوم القانونية واإلدارية‪ ،‬معهد العلوم القانونية‬
‫واإلدارية‪ ،‬المركز الجامعي بخميس مليانة‪.2008 ،‬‬
‫منـى عولمي‪ :‬مسؤولية المنتج في ظل تعديل القانون المدني‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل إجازة‬ ‫‪-3‬‬
‫المدرسة العليا للقضاء‪ ،‬الجزائر‪.2006 ،‬‬
‫ج‪ -‬المقاًلت و المداخالت‬
‫‪ ‬المقاًلت‬
‫‪ -1‬أحمد جمال الدين موسى‪ :‬آفاق التأمين الخاص و االجتماعي في دول العالم الثالث‪،‬‬
‫المجلة العلمية لجامعة بيروت العربية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،2007 ،‬ص ص ‪.201-191‬‬
‫الحية في القانون المدني الجزائري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العربـي بلحاج‪ :‬المسؤولية عن األشياء غير‬ ‫‪-2‬‬
‫المجلة الجزائرية للعلوم القانونية اًلقتصادية و السياسية‪ ،‬العدد الثالث‪ ،1991 ،‬ص‬
‫ص ‪.646 -617‬‬
‫‪ -3‬زاهية حورية سي يوسف( كجار)‪ :‬المسؤولية عن المنتوج المعيب‪ -‬تعليق على المادة‬
‫األول‪،‬‬
‫‪ 140‬مكرر من القانون المدني الجزائري‪ ،-‬مجلّة المحكمة العليا‪ ،‬العدد ّ‬
‫‪ ،2011‬ص ص ‪.83 -72‬‬
‫‪ -4‬صالح فـ ّواز‪ :‬المسؤولية المدنية الطبية" دراسة مقارنة في القانون السوري والفرنسي"‪،‬‬
‫مجلّة جامعة دمشق للعلوم اًلقتصادية و القانونية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة دمشق‪،‬‬
‫األول‪ ،2006 ،‬ص ص ‪.156 -123‬‬
‫العدد ّ‬
‫‪ -5‬علي حساني‪ :‬االلتزام بضمان الضرر عن عيوب المنتجات‪ ،‬المجلة الجزائرية للعلوم‬
‫القانونية اًلقتصادية والسياسية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ديسمبر‪،2011‬ص ص ‪.246 -229‬‬

‫‪217‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫‪ -6‬كريمة بركـات‪ :‬حماية أمن المستهلك في القانون الجزائري‪ ،‬مجلّة معارف‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬المركز الجامعي العقيد أكلي محند أولحاج البويرة‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬ديسمبر‬
‫‪ ،2010‬ص ص ‪.43 -29‬‬
‫محمد بودالي‪ :‬مدى خضوع المرافق العامة ومرتفقيها لقانون حماية المستهلك‪ ،‬مجلّة‬
‫ّ‬ ‫‪-7‬‬
‫إدارة‪ ،‬العدد ‪ ،2002 ،24‬ص ص ‪.56 -31‬‬
‫محمد حاج بن عـلي‪ :‬أهمية القسم التجاري للنظر في المنازعات االستهالكية على‬
‫ّ‬ ‫‪-8‬‬
‫ضوء قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ‪ ،09 -08‬مجلّة األكاديمية للدراسات‬
‫اًلجتماعية واإلنسانية‪ ،‬العدد التاسع‪ ،2013 ،‬ص ص ‪.70 -63‬‬
‫‪ ‬المداخالت‬

‫‪ -1‬حكيم قاسـم‪ " :‬نحو المسؤولية الموضوعية للمنتج« حالة منتج الدواء»"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫قدمت‬
‫في يوم دراسي حول مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية‬
‫المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪،‬‬
‫يوم ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬ص ص ‪ (82 -64‬غير منشور)‬

‫‪ -2‬خيرة ساوس و فاطمة مرنيز‪ " :‬حق جمعية المستهلك في التقاضي"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫قدمت‬
‫في ملتقى وطني حول حماية المستهلك في ظل االنفتاح االقتصادي‪ ،‬المنعقد بمعهد‬
‫العلوم القانونية واإلدارية بالمركز الجامعي بالوادي‪ ،‬يومي ‪ 13‬و‪ 14‬أفريل ‪،2008‬‬
‫ص ص ‪.274 -251‬‬
‫‪ -3‬ربيعة صبايحي‪ ":‬حول فعلية أحكام واجراءات حماية المستهلك في القانون الجزائري"‪،‬‬
‫قدمت في ملتقى وطني حول المنافسة وحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق‬
‫مداخلة ّ‬
‫جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬يومي ‪ 17‬و ‪ 18‬نوفمبر ‪ ،2009‬ص ص ‪-92‬‬
‫‪.120‬‬

‫‪218‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫‪ -4‬زاهية حورية سي يوسـف‪ " :‬االلتزام باإلفضاء عنصر من ضمان سالمة المستهلك"‪،‬‬
‫قدمت في ملتقى وطني حول المنافسة وحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق‬
‫مداخلة ّ‬
‫جامعة عبد الرحمان ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬يومي ‪ 17‬و ‪ 18‬نوفمبر ‪ ،2009‬ص ص ‪-63‬‬
‫‪.78‬‬
‫قدمت في يوم دراسي‬ ‫‪ -5‬ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪ّ " :‬‬
‫تطور مسؤولية المنتج"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫حول مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية‬
‫الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬يوم ‪ 26‬جوان ‪،2013‬‬
‫ص ص ‪.28-11‬‬

‫‪ -6‬سميرة زوبة‪" :‬أسباب دفع مسؤولية المنتج"‪ ،‬مداخلة ّ‬


‫قدمت في يوم دراسي حول‬
‫مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية‬
‫الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬يوم ‪ 26‬جوان ‪،2013‬‬
‫ص ص ‪ (177 -161‬غير منشور)‬
‫‪ -7‬فطة معاشو نبالي‪ ":‬فاعلية أحكام المسؤولية التقصيرية في تقرير مسؤولية المنتج"‪،‬‬
‫قدمت في يوم دراسي حول مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة‬
‫مداخلة ّ‬
‫لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي‬
‫وزو‪ ،‬يوم ‪ 26‬جوان ‪،2013‬ص ص ‪ (18 -1‬غير منشور)‬
‫‪ -8‬لطيفة أمازوز‪ ":‬مدى فعالية أحكام المسؤولية العقدية في حماية المستهلك"‪ ،‬مداخلة‬
‫قدمت في يوم دراسي حول مسؤولية المنتج عن فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية‬
‫ّ‬
‫المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪،‬‬
‫يوم ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬ص ص ‪.123 -95‬‬
‫محمد الشريـف كتو‪ ":‬المسؤولية الناتجة عن المنتجات المعيبة حسب المادة ‪140‬‬
‫ّ‬ ‫‪-9‬‬
‫قدمت في يوم دراسي حول مسؤولية المنتج عن‬
‫مكرر تقنين مدني جزائري"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫‪219‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫فعل منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬يوم ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬ص ص ‪ (160 -155‬غير‬
‫منشور)‬
‫‪ -11‬مع ّمر بن طرية‪ ":‬فكرة المسؤولية الموضوعية للمنتج كآلية تعويضية لضحايا حوادث‬
‫قدمت في يوم دراسي حول مسؤولية المنتج عن فعل‬
‫المنتجات المعيبة"‪ ،‬مداخلة ّ‬
‫منتجاته المعيبة كوسيلة لحماية المستهلك‪ ،‬المنعقد بكلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬يوم ‪ 26‬جوان ‪ ،2013‬ص ص ‪ (154 -124‬غير‬
‫منشور)‬
‫ه‪ -‬النصوص القانونية‬
‫‪ ‬الدستور‬
‫مؤرخ في ‪07‬‬
‫‪ -1‬دستور ‪ 1996‬الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم ‪ّ 438-96‬‬
‫ديسمبر‪ ،1996‬يتعلّق بإصدار نص تعديل الدستور المصادق عليه في استفتاء ‪28‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫نوفمبر‪ ،1996‬ج‪.‬ر عدد ‪ 76‬الصادرة في ‪ 08‬ديسمبر ‪ّ ،1996‬‬
‫‪ ‬النصوص التشريعية‬
‫تضمن قانون اإلجراءات الجزائية‪،‬‬
‫مؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪ ،1966‬ي ّ‬
‫‪ -1‬أمر رقم ‪ّ 155-66‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 48‬الصادرة في ‪ 10‬جوان ‪ّ ،1966‬‬
‫يتضمن قانون العقوبات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 08‬يونيو ‪،1966‬‬
‫‪-2‬أمر رقم ‪ّ 165 -66‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫‪ 49‬الصادرة في‪ 11‬يونيو‪ّ ،1966‬‬
‫يتضمن قانون المالية لسنة‪،1970‬‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر‪،1966‬‬
‫‪-3‬أمر رقم ‪ّ 107-69‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 110‬الصادرة في ‪ 31‬ديسمبر‪.1966‬‬

‫‪220‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫‪ -4‬أمر رقم ‪ 15 -74‬مؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪ ،1974‬يتعلّق بإلزامية التأمين على السيارات‬


‫معدل‬
‫وبنظام التعويض عن األضرار‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 10‬الصادرة في ‪ 19‬فيفري ‪ّ ،1974‬‬
‫متمم بالقانون رقم ‪ ،31 -88‬ج‪.‬ر لسنة ‪.1988‬‬
‫و ّ‬
‫يتضمن القانون المدني‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪،1975‬‬
‫‪-5‬أمر رقم ‪ّ 58 -75‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫‪ 78‬الصادرة في ‪ 30‬سبتمبر ‪ّ ،1975‬‬
‫يتضمن القانون التجاري‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪،1975‬‬
‫‪ -6‬أمر رقم ‪ّ 59-75‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫عدد‪ ،101‬الصادرة في ‪ 19‬سبتمبر ‪ّ ،1975‬‬
‫يتضمن شروط تطبيق المادتين‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 16‬فبراير ‪،1980‬‬
‫‪ -7‬مرسوم رقم ‪ّ 37 -80‬‬
‫المؤرخ في ‪ 30‬يناير ‪ 1974‬المتعلّقتين‬
‫ّ‬ ‫‪-32‬ه و ‪ 34‬من األمر رقم ‪15 -74‬‬
‫بقواعد سير الصندوق الخاص بالتعويضات واألجهزة الضابطة لتدخله‪ ،‬ج‪.‬ر لسنة‬
‫‪.1980‬‬
‫مؤرخ في ‪ 16‬فبراير ‪ ،1985‬يتعلّق بحماية الصحة وترقيتها‪،‬‬
‫‪ -8‬قانون رقم ‪ّ 05 -85‬‬
‫متمم‪.‬‬
‫معدل و ّ‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ 08‬الصادرة في ‪ 17‬فبراير ‪ّ ،1985‬‬
‫مؤرخ في ‪ 07‬فبراير ‪ ،1989‬بتعلّق بالقواعد العامة لحماية‬
‫‪-9‬قانون رقم ‪ّ 02 -89‬‬
‫المستهلك‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 06‬الصادرة في ‪ 08‬فبراير ‪ (1989‬ملغى)‬
‫يتضمن قانون المالية لسنة‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪،1990‬‬
‫‪ -11‬قانون رقم ‪ّ 36 -90‬‬
‫‪ ،1991‬ج‪.‬ر عدد ‪ 57‬الصادرة في ‪ 31‬ديسمبر ‪.1990‬‬
‫يتضمن قانون المالية‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 19‬جانفي ‪،1993‬‬
‫‪ -11‬مرسوم تشريعي رقم ‪ّ 01 -93‬‬
‫لسنة ‪ ،1993‬ج‪.‬ر عدد ‪ 04‬الصادرة في ‪ 20‬يناير ‪.1993‬‬

‫‪221‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫‪222‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫‪ ‬النصوص التنظيمية‬
‫مؤرخ في ‪ 30‬يناير ‪ ،1990‬يتعلّق برقابة الجودة وقمع‬
‫‪ -1‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ّ 39 -90‬‬
‫متمم بالمرسوم التنفيذي‬
‫معدل و ّ‬
‫الغش‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 05‬الصادرة في ‪ 31‬يناير ‪ّ ،1990‬‬
‫رقم ‪ 315-01‬المؤرخ في ‪ 16‬فيفري ‪ ،2001‬ج‪.‬ر عدد ‪ 61‬الصادرة في ‪ 21‬أكتوبر‬
‫‪.2001‬‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬سبتمبر ‪ ،1990‬يتعلّق بضمان المنتجات‬
‫‪ -2‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ّ 266 -90‬‬
‫والخدمات‪ ،‬ج‪ .‬ر عدد ‪ 40‬الصادرة في ‪ 19‬سبتمبر ‪(1990‬ملغى (‬
‫يحدد شروط التأمين‬
‫‪ -3‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ 48 -96‬مؤرخ في ‪ 17‬جانفي ‪ّ ،1996‬‬
‫وكيفياته في مجال المسؤولية المدنية عن المنتوجات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 05‬الصادرة في‬
‫‪ 21‬جانفي ‪.1996‬‬
‫يحدد كيفيات تسيير‬
‫مؤرخ في ‪ 13‬ماي ‪ّ ،1998‬‬
‫‪ -4‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ّ 147 -98‬‬
‫حساب التخصيص الخاص رقم ‪ 312 -165‬الذي عنوانه" الصندوق الوطني‬
‫للبيئة"‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 31‬الصادرة في ‪ 17‬ماي ‪.1998‬‬
‫مؤرخ في ‪ 06‬ديسمبر ‪ ،2005‬يتعلّق بتقييم المطابقة‪،‬‬
‫‪ -5‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ّ 465-05‬‬
‫ج‪.‬ر عدد ‪ ،80‬الصادرة في ‪ 11‬ديسمبر ‪.2005‬‬
‫يحدد العناصر‬
‫مؤرخ في ‪ 10‬سبتمبر ‪ّ ،2006‬‬
‫‪ -6‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ّ 306 -06‬‬
‫األساسية للعقود المبرمة بين األعوان اًلقتصاديين والمستهلكين والبنود التي تعتبر‬
‫تعسفية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 56‬الصادرة في ‪ 11‬سبتمبر ‪.2006‬‬
‫يتضمن المصادقة على النظام‬
‫ّ‬ ‫‪ -7‬قرار وزاري مشترك مؤرخ في ‪ 23‬فبراير ‪،2012‬‬
‫الموجهة‬
‫ّ‬ ‫يحدد خصائص وشروط وكيفيات عرض المستحضرات‬
‫التقني الجزائري الذي ّ‬
‫للرضع‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 49‬الصادرة في ‪ 29‬سبتمبر ‪.2012‬‬

‫‪223‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫المطبقة في‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 06‬ماي ‪ 2012‬يتعلّق بالقواعد‬
‫‪ -8‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ّ 203 -12‬‬
‫مجال أمن المنتوجات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،28‬الصادرة في ‪ 09‬ماي ‪.2012‬‬
‫يحدد شروط وكيفيات‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬مايو ‪ّ ،2012‬‬
‫‪ -9‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ّ 214 -12‬‬
‫الوجهة لالستهالك البشري‪ ،‬ج‪.‬ر عدد‬
‫استعمال المضافات الغذائية في المواد الغذائية ّ‬
‫‪ 30‬الصادرة في ‪ 16‬مايو ‪.2012‬‬
‫يحدد شروط وكيفيات‬
‫مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ّ ،2013‬‬
‫‪ -11‬مرسوم تنفيذي رقم ‪ّ 327 -13‬‬
‫حيز التنفيذ‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 49‬الصادرة في ‪ 02‬أكتوبر‬
‫وضع ضمان السلع والخدمات ّ‬
‫‪.2013‬‬
‫يتضمن المصادقة على النظام‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 17‬مارس ‪،2014‬‬
‫‪ -11‬قرار وزاري مشترك ّ‬
‫يحدد القواعد المتعلّقة بالمواد الغذائية" حالل"‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 15‬الصادرة‬
‫التقني الذي ّ‬
‫في ‪ 19‬مارس ‪.2014‬‬
‫‪ ‬اجتهادات قضائية‬
‫المؤرخ في ‪24‬‬
‫ّ‬ ‫‪-1‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم ‪109568‬‬
‫ماي ‪ ،1995‬المجلّة القضائية‪ ،‬العدد ‪ 01‬لسنة‪.1997‬‬
‫المؤرخ في ‪22‬‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم ‪435366‬‬
‫أكتوبر ‪ ،2008‬مجلّة المحكمة العليا‪ ،‬العدد ‪ 02‬لسنة ‪.2008‬‬
‫المؤرخ في ‪17‬‬
‫ّ‬ ‫‪-3‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم ‪505072‬‬
‫ديسمبر ‪ ،2009‬مجلّة المحكمة العليا‪ ،‬العدد ‪ 01‬لسنة ‪.2010‬‬
‫مؤرخ في ‪17‬‬
‫‪-4‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم ‪ّ 620974‬‬
‫فيفري ‪ ،2011‬مجلّة المحكمة العليا‪ ،‬العدد ‪ 02‬لسنة ‪.2011‬‬
‫المؤرخ في ‪20‬‬
‫ّ‬ ‫‪-5‬قرار المحكمة العليا الصادر عن الغرفة المدنية‪ ،‬ملف رقم ‪688491‬‬
‫أكتوبر ‪ ،2012‬مجلة المحكمة العليا‪ ،‬العدد ‪ 01‬لسنة ‪.2012‬‬
‫‪224‬‬
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫ الوثائق‬-‫و‬
.2011 ‫ دليل المستهلك الجزائري الصادر عن و ازرة التجارة سنة‬-
‫ باللّغة الفرنسية‬:‫ثانيا‬
‫ا‬
A- Ouvrages
1- Bruno SCHIFFERS : La traçabilité, Agro Bio Tech, Belgique,
2011, www.coleacp.org
2- Christian LARROUMET : Droit civil(les obligations, le contrat),
04eme édition, ECONOMICA, Paris, 1998.
3- --------------------------------: La responsabilité du fait des produits
défectueux d’après la loi du 19 mai 1998, Dalloz, Paris, 1998.
4- Cyril BLOSH : L’obligation contractuelle de sécurité, Presses
Universitaires, Paris, 2002.
5- Guyon YVES : Droit des affaires, tome01, 08 ème édition,
ECONOMICA, Paris, 1994.
6- Jean Calais AULOY & Frank STEINMETZ : Droit de la
consommation, 06eme édition, Dalloz, Paris, 1999.
7- Pascal AUDOT : Le risque de développement, éditions
universitaires de Dijon, 2005.
8- Patrice JOURDAIN : Les principes de la responsabilité civile, 05
ème
édition, Dalloz, Paris, 2002.
9- Patrick RUBISE : L’assurance des risques techniques, 02 ème
édition, LARGUS, Paris, 1999.
10- Philippe BRUN : Responsabilité civile extracontractuelle, Litec,
Paris, 2005.
11- Philippe LE TOURNEAU & Loïc CADIET : Droit de la
responsabilité et des contrats, Dalloz, Paris, 2002.
12- Paulette VEAUX & Daniel VEAUX : L’obligation de sécurité
dans la vente, Juris- classeur, Paris, 2002.

225
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

B- Thèse et Mémoire
 Thèse
1- Roussel ZIZINE : Le risque de développement et l’assurance,
thèse pour le doctorat en droit, ADIAL, Lyon, 2010(www.institut-
numérique.org )
 Mémoire
1- Andrey BEUN : Le principe de précaution en matière de
responsabilité médicale, mémoire de DEA, droit privé générale,
école doctorale n° 74, Université du droit de santé, lille02, 2003.
C- Articles et interventions
 Articles
1- André TUNC : La responsabilité civile en droit communautaire,
OUKA, University Law review, n°39, 1992, pp 1- 17(
http://ir.library-osaka-u.ac.jp/despace)
2- Claude- Olivier DORON : La rétention de sureté : vers un
nouveau type de positivisme juridique?, Revue de l’information
psychiatrique, vol 84, n°06, juillet 2008, pp 1- 24.
3- Gilles BENE PLANC : Quelle assurance responsabilité civile
pour demain?, Atelier01, les entretiens de l’assurance, fédération
française des sociétés d’assurance, 1999, pp1- 14(www.FFSA.fr )
4- Guido ALPA : Le nouveau régime juridique de la responsabilité
du producteur en Italie et l’adaptation de la directive
communautaire, revue internationale de droit comparé, n°01,
1999, pp 76- 86.
5- Jean François CARLOT : La responsabilité des entreprises du
fait des risques biologiques, Jurisque-rceb, n°02, 2006, pp 1-
23(www.jurisque.com )
6- Jean Michel DE- FORGES : L’indemnisation des
contaminations par transfusion ou traitement, Actualité et dossier
en santé publique, n°06, 1994, pp 1-04.

226
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

7- Jean Michel ROTHMANN : Quelle assurance responsabilité


civile pour demain?, Atelier01, les entretiens de l’assurance,
fédération française des sociétés d’assurance, 1999, pp1-
14(www.FFSA.fr )
8- Jean Philippe BUGNICOURT & Jean- Sébastien BORGHETTI
& Collart DUTILLEUL : Le droit civil de la responsabilité à
l’épreuve du droit spécial de l’aimantation, Dalloz , n° 18, mai
2010, pp 01-04.
9- Michèle RIVASI : Rapport d’information sur le livre vert de la
Commission européenne sur la responsabilité civile du fait des
produits défectueux, n° 2669, enregistré à la présidence de
l’assemblé nationale le 19 octobre 2000, pp 01- 256.
10- M. KAHLOULA & G. MEKAMCHA : La protection du
consommateur en droit Algérien, (première partie), Revue
IDARA, volume05, n°2, 1995, pp07- 34.
11- Morlhach MORIQUENDIT : Les positivistes italiens et leurs
successeurs : Le substantialisme passé et présent, Esprit critique,
vol04, n°01, janvier 2002, pp 01- 05.
12- Patrick THOUROT : Le risque de développement, Scor-papers,
n°11, décembre 2010, pp01-08.
13- --------------------------: Envisager l’assurabilité du risque de
développement, Banque et stratégie, n°293, 2011, pp01- 04(
www.revue-banque.fr)
14- Philippe LE TOURNEAU : Responsabilisé du fait des produits
défectueux, Revue de la semaine juridique- édition générale-,
Juris- classeur périodique, n°1-2, 05 janvier 2000, pp2187-2189.
15- Pierre SARGOS : Quelle assurance responsabilité civile pour
demain?, Atelier01, les entretiens de l’assurance, fédération
française des sociétés d’assurance, 1999, pp1- 14(www.FFSA.fr )

227
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

16- Wolfgang STRAUB : La responsabilité du fait des produits en


pratique -droit communautaire et suisse-, Berne, janvier 2003,
pp01-105 ( www.entre.com )
17- Yves BRISSY : Quelle assurance responsabilité civile pour
demain?, Atelier01, les entretiens de l’assurance, fédération
française des sociétés d’assurance, 1999, pp1- 14(www.FFSA.fr )
 Interventions
1- François GILBET : « Obligation de sécurité et responsabilité du
fait des produits défectueux », colloque franco- algérien sur
l’obligation de sécurité, organisé le 22 mai 2002, à l’université de
bordeaux, Presses Universitaires, Bordeaux, pp19- 47.
2- Raymond GUY : « La responsabilité civile du faits des produits
défectueux », journée d’étude sur la sécurité des consommateurs
et responsabilité du fait des produits, organisée à l’université de
Poitiers, le 14 et 15 mai 1998, Presses Universitaires, Paris, pp
53- 80.
D- Textes juridiques
 Les conventions
1- Convention Européenne de Strasbourg du 17 janvier 1977 sur la
responsabilité du fait des produits en cas de lésions corporelles
ou de décès.
2- Directive n° 85-374/ CEE, du 25 juillet 1985 relative au
rapprochement des dispositions législatives réglementaires et
administratives des états membres en matière de responsabilité
du fait des produits défectueux, modifiée et complétée.
3- Directive n° 1999/34/CE, de Parlement européen du 25 mai 1999,
sur certain aspect de la vente et des garanties des biens de
consommation.
 Textes législatifs
1- Loi n° 91- 1406 du 31 décembre 1991, portant les diverses
dispositions d’ordre social, J.O.R.F n°03 du 04 janvier 1992.

228
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

2- Loi n° 93- 949 du 07 juillet 1993 relative au code de la


consommation, J.O.R.F n°171 du 26 juillet 1993.
3- Loi n° 2002- 203 du 04 mars 2002 relative aux droits des
malades et à la qualité du système de santé, J.O.R.F du 05 mars
2002.
4- Ordonnance n° 2004- 670 du 09 juillet 2004 portant la
transposition de la directive 2001/95/CE sur la sécurité générale
des produits et adaptation de la législation au droit
communautaire en matière de sécurité et de conformité des
produits, J.O.R.F n° 159 du 10 juillet 2004.
5- Loi n° 2004- 1343 du 09 décembre 2004 de la simplification du
droit, J.O.R.F du 02 mars 2005.
6- Décret n° 2005- 113 du 11 février 2005 pris pour l’application de
l’article 1386 bis 02 du code civil, J.O.R.F n°36 du 12 février
2005.
 Les codes
1- Code des assurances français. www.légifrance.gouv.fr
2- Code civil français, 104 ème édition, Dalloz, Paris, 2005.
3- Code de procédure civile français, 104 ème édition, Dalloz, paris,
2013.
4- Code de procédure pénale français, 53 ème édition, Dalloz, paris,
2012.
 Jurisprudences
1- Arrêt de la CJCE du 29 mai 1997 dans l’affaire C-203/99 Veed
Fald contre Arthus Amts Kommune, rec.2001 I369(
http://curia.eu.int/fr/juris/index.htm )
D- Documents
1- Visa n° 146 MF/DJT/DASS du 21 Septembre 1996 de la CAAR,
sur l’assurance responsabilité civile produits livrés.
2- Livre vert sur la responsabilité du fait des produits défectueux,
présenté par la commission des communautés européennes,

229
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

Bruxelles, le 28 juillet
1999(http://europa.eu.int/comm/dg15/fr/index.htm )
3- Livre blanc de l’Assurance Responsabilité Civile, direction du
marché des risques d’entreprises, Département Responsabilité
Civile- crédit caution-,12 séptembre2000. www.ffs.fr
E- Sites internet
1- www.esj.ch .
2- www.jurisque.com .
3- www.légifrance.gouv.fr .
4- www.senat.fr .
5- www.wikipedia.org .

230
‫قائم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة المراجع‬

‫مؤرخ في ‪ 25‬يناير ‪ ،1995‬يتعلّق بالتأمينات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪13‬‬


‫‪ -22‬أمر رقم ‪ّ 07 -95‬‬
‫مؤرخ في ‪20‬‬
‫متمم بالقانون رقم ‪ّ 04 -06‬‬
‫معدل و ّ‬
‫الصادرة في ‪ 07‬شوال ‪ّ ،1415‬‬
‫فبراير ‪ ،2006‬ج‪.‬ر عدد ‪ 15‬الصادرة في ‪ 12‬مارس ‪.2006‬‬
‫مؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ،2003‬يتعلّق بالعالمات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪44‬‬
‫‪ -21‬أمر رقم ‪ّ 06 -03‬‬
‫الصادرة في ‪ 20‬جويلية ‪.2003‬‬
‫مؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ،2003‬يتعلّق بحماية البيئة في إطار‬
‫‪ -21‬قانون رقم ‪ّ 10 -03‬‬
‫التنمية المستدامة‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 43‬الصادرة في ‪ 20‬جويلية ‪.2003‬‬
‫المطبقة على‬
‫ّ‬ ‫يحدد القواعد‬
‫مؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ّ ،2004‬‬
‫‪ -21‬قانون رقم ‪ّ 02 -04‬‬
‫متمم‬
‫معدل و ّ‬
‫الممارسات التجارية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 41‬الصادرة في ‪ 27‬يونيو ‪ّ ،2004‬‬
‫مؤرخ في ‪ 15‬غشت ‪ ،2010‬ج‪.‬ر عدد ‪ 46‬الصادرة في ‪18‬‬
‫بالقانون رقم ‪ّ 06 -10‬‬
‫غشت ‪.2010‬‬
‫مؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ،2004‬يتعلّق بالتقييس‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪41‬‬
‫‪ -21‬قانون رقم ‪ّ 04 -04‬‬
‫الصادرة في ‪ 27‬يونيو ‪.2004‬‬
‫يتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 25‬فيفري ‪،2008‬‬
‫‪ -21‬قانون رقم ‪ّ 09 -08‬‬
‫و اإلدارية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 21‬الصادرة في ‪ 23‬أفريل ‪.2008‬‬
‫يتضمن التوجيه الفالحي‪ ،‬ج‪.‬ر‬
‫ّ‬ ‫مؤرخ في ‪ 03‬غشت ‪،2008‬‬
‫‪ -21‬قانون رقم ‪ّ 16 -08‬‬
‫عدد ‪ 46‬الصادرة في ‪ 10‬غشت ‪.2008‬‬
‫مؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ ،2009‬يتعلّق بحماية المستهلك و قمع‬
‫‪ -21‬قانون رقم ‪ّ 03-09‬‬
‫الغش‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ 15‬الصادرة في ‪ 08‬مارس ‪.2009‬‬
‫مؤرخ في ‪ 12‬جانفي ‪ ،2012‬يتعلّق بالجمعيات‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪02‬‬
‫‪ -22‬قانون رقم ‪ّ 06 -12‬‬
‫الصادرة في ‪ 15‬جانفي ‪.2012‬‬

‫‪222‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫‪‬‬
‫تشكر‪............................................................................‬ص‪01‬‬
‫إهداء‪............................................................................‬ص ‪02‬‬
‫قائمة المختصرات‪.................................................................‬ص‪03‬‬
‫مقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪.....................................................................‬ص‪06‬‬
‫ّ‬
‫األول‪ :‬اإلطار العام للمسؤولية الموضوعية للمنتج‪..........................‬ص‪10‬‬
‫الفصل ّ‬
‫األول‪ :‬مدلول فكرة المسؤولية الموضوعية للمنتج‪............................‬ص‪12‬‬
‫المبحث ّ‬
‫األول‪ :‬لمحة تاريخية عن المسؤولية الموضوعية للمنتج‪...................‬ص‪12‬‬
‫المطلب ّ‬
‫األول‪ :‬تداعيات األخذ بالمسؤولية الموضوعية للمنتج‪..................‬ص‪13‬‬
‫الفرع ّ‬
‫ّأواًل‪ :‬التداعيات اًلقتصادية و اًلجتماعية‪................................‬ص‪13‬‬
‫تطور وسائل الدعاية و اإلعالن عن المنتجات‪...............‬ص‪13‬‬
‫ّ‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬التأمين على المسؤولية الناشئة عن فعل المنتجات‪.............‬ص‪14‬‬
‫ثانيا‪ :‬قصور القواعد العامة في تفسير مشاكل المسؤولية الموضوعية للمنتج‪.‬ص‪16‬‬
‫ا‬
‫أ‪ -‬قصور القواعد الخاصة بالمسؤولية العقدية‪.......................‬ص‪17‬‬
‫ب‪ -‬قصور القواعد الخاصة بالمسؤولية التقصيرية‪..................‬ص‪19‬‬
‫ثالثاا‪ :‬اًلتجاهات الحديثة في القانون المقارن‪.............................‬ص‪20‬‬
‫أ‪ -‬اًلتجاه الفقهي‪..................................................‬ص‪21‬‬
‫ب‪ -‬اًلتجاه التشريعي‪.............................................‬ص‪21‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ظهور المسؤولية الموضوعية للمنتج‪...........................‬ص‪23‬‬
‫ّأواًل‪ :‬بروز المسؤولية الموضوعية للمنتج في الوًليات المتحدة األمريكية‪...‬ص‪23‬‬
‫ثانيا‪ :‬بروز المسؤولية الموضوعية للمنتج في الدول األوروبية‪.............‬ص‪24‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬بروز المسؤولية الموضوعية للمنتج في الجزائر‪.....................‬ص‪28‬‬

‫‪231‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم المسؤولية الموضوعية للمنتج‪..............................‬ص‪29‬‬


‫األول‪ :‬تعريف المسؤولية الموضوعية للمنتج‪..........................‬ص‪29‬‬
‫الفرع ّ‬
‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص المسؤولية الموضوعية للمنتج‪.......................‬ص‪32‬‬
‫ّأواًل‪ :‬قواعد المسؤولية الموضوعية للمنتج من النظام العام‪................‬ص‪33‬‬
‫بقوة القانون‪.................‬ص‪34‬‬
‫ثانيا‪ :‬المسؤولية الموضوعية للمنتج مسؤولية ّ‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬الطبيعة الموضوعية لمسؤولية المنتج المستحدثة‪....................‬ص‪36‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أساس المسؤولية الموضوعية للمنتج‪..........................‬ص‪37‬‬
‫ّأواًل‪ :‬مضمون نظرية المخاطر‪..........................................‬ص‪39‬‬
‫ثانيا‪ :‬التكريس القانوني لنظرية المخاطر‪.................................‬ص‪41‬‬
‫ا‬
‫أ‪ -‬تكريس نظرية المخاطر في القانون الفرنسي‪......................‬ص‪42‬‬
‫ب‪ -‬تكريس نظرية المخاطر في القانون الجزائري‪...................‬ص‪46‬‬
‫‪ -1‬مضمون نص المادة ‪140‬مكرر ق م ج‪.....................‬ص‪48‬‬
‫‪ -2‬مالحظات على نص المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‪.............‬ص‪48‬‬
‫ثالثاا‪ :‬تقييم نظرية المخاطر‪.............................................‬ص‪50‬‬
‫أ‪ -‬مزايا نظرية المخاطر‪............................................‬ص‪50‬‬
‫ب‪ -‬عيوب نظرية المخاطر‪.......................................‬ص‪51‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أركان و نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج‪........................‬ص‪53‬‬
‫األول‪ :‬أركان المسؤولية الموضوعية للمنتج‪..............................‬ص‪53‬‬
‫المطلب ّ‬
‫األول‪ :‬ركن العيب‪...................................................‬ص‪54‬‬
‫الفرع ّ‬
‫ّأواًل‪ :‬العيب في القانون الفرنسي‪.........................................‬ص‪54‬‬
‫أ‪ -‬المقصود بمعيوبية المنتوج ‪......................................‬ص‪55‬‬
‫ب‪ -‬عملية الطرح للتداول‪.........................................‬ص‪56‬‬

‫‪232‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫ج‪-‬الحاًلت المستثناة من مفهوم العيب‪...........................‬ص‪58‬‬


‫‪ -1‬الحالة األولى‪ :‬العيب الناتج عن مطابقة المنتوج للقواعد‬
‫التنظيمية واآلمرة‪..............................................‬ص‪58‬‬
‫العلمي‬ ‫التطور‬
‫ّ‬ ‫مخاطر‬ ‫الثانية‪:‬‬ ‫‪ -2‬الحالة‬
‫و التكنولوجي‪...............................................‬ص‪58‬‬
‫ثانيا‪ :‬العيب في القانون الجزائري‪.......................................‬ص‪58‬‬
‫ا‬
‫أ‪ -‬المقصود بالمنتوج المعيب‪.......................................‬ص‪59‬‬
‫‪ -1‬عدم مطابقة المواصفات و المقاييس القانونية أو التنظيمية‪....‬ص‪59‬‬
‫‪ -2‬عدم تلبية الرغبات المشروعة للمستهلك في السالمة‪............‬ص‪61‬‬
‫ب‪ -‬عملية الطرح للتداول‪.........................................‬ص‪62‬‬
‫ثالثاا‪ :‬تقدير العيب الموجب للمسؤولية الموضوعية للمنتج‪.................‬ص‪62‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ركن الضرر‪.................................................‬ص‪64‬‬
‫ّأواًل‪ :‬تعريف الضرر‪....................................................‬ص‪64‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع الضرر‪.....................................................‬ص‪65‬‬
‫ا‬
‫أ‪ -‬الضرر المادي‪..................................................‬ص‪65‬‬
‫ب‪ -‬الضرر األدبي و المعنوي‪....................................‬ص‪67‬‬
‫ج‪-‬الضرر الجسماني‪..............................................‬ص‪67‬‬
‫ثالثاا‪ :‬األضرار في القانون الفرنسي و الجزائري‪..........................‬ص‪68‬‬
‫أ‪ -‬األضرار في القانون الفرنسي‪....................................‬ص‪69‬‬
‫المعوضة‪..........................................‬ص‪69‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬األضرار‬
‫‪ ‬األضرار الجسدية‪...................................................‬ص‪69‬‬
‫‪ ‬األضرار المعنوية و األدبية‪..........................................‬ص‪70‬‬

‫‪233‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫‪ ‬األضرار المادية‪.....................................................‬ص‪70‬‬
‫‪ -2‬األضرار المقصية من التعويض‪.............................‬ص‪71‬‬
‫ب‪ -‬األضرار في القانون الجزائري‪.................................‬ص‪71‬‬
‫‪ -1‬األضرار الجسمانية‪.........................................‬ص‪71‬‬
‫‪ -2‬األضرار المعنوية‪..........................................‬ص‪72‬‬
‫‪ -3‬األضرار المادية‪............................................‬ص‪72‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬عالقة السببية بين العيب و الضرر‪............................‬ص‪74‬‬
‫ّأواًل‪ :‬األساس النظري لعالقة السببية في نظام المسؤولية الموضوعية للمنتج‬
‫ص‪..............................................................‬ص‪74‬‬
‫ثانيا‪ :‬عناصر قيام عالقة السببية‪.......................................‬ص‪76‬‬
‫ا‬
‫أ‪ -‬العنصر المادي‪.................................................‬ص‪76‬‬
‫ب‪ -‬العنصر المعنوي‪.............................................‬ص‪77‬‬
‫ثالثاا‪ :‬عبء إثبات عالقة السببية‪........................................‬ص‪77‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج‪...............................‬ص‪80‬‬
‫األول‪ :‬نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج من حيث األشخاص‪.......‬ص‪81‬‬
‫الفرع ّ‬
‫ّأواًل‪ :‬المنتج( المسؤول)‪.................................................‬ص‪81‬‬
‫أ‪ -‬المنتج في القانون الفرنسي‪......................................‬ص‪81‬‬
‫‪ -1‬محض المنتجين‪............................................‬ص‪82‬‬
‫‪ -2‬األشخاص الّذين يأخذون حكم المنتج‪.......................‬ص‪82‬‬
‫ب‪ -‬المنتج في القانون الجزائري‪...................................‬ص‪85‬‬
‫ثانيا‪ :‬المضرور‪....................................................... .‬ص‪87‬‬
‫ا‬
‫أ‪ -‬المضرور في القانون الفرنسي‪...................................‬ص‪88‬‬

‫‪234‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫ب‪ -‬المضرور في القانون الجزائري‪................................‬ص‪89‬‬


‫‪ -1‬المضرور حسب القانون ‪ 03 -09‬المتعلق بحماية المستهلك و قمع‬
‫الغش‪.........................................................‬ص‪90‬‬
‫‪ -2‬المضرور حسب نص المادة ‪ 140‬مكرر ق م ج‪............‬ص‪91‬‬
‫‪ ‬المضرور المرتبط بعقد مع المنتج‪...................................‬ص‪91‬‬
‫‪ ‬المضرور غير المتعاقد مع المنتج‪...................................‬ص‪91‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نطاق المسؤولية الموضوعية للمنتج من حيث الموضوع‪........‬ص‪92‬‬
‫ّأواًل‪ :‬المنتوج في القانون الفرنسي‪........................................‬ص‪93‬‬
‫ثانيا‪ :‬المنتوج في القانون الجزائري‪.................................................‬ص‪96‬‬
‫ا‬
‫األول‪...........................................................‬ص‪101‬‬
‫خالصة الفصل ّ‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‪...........................‬ص‪103‬‬
‫األول‪ :‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج على الطرفين‪...............‬ص‪104‬‬
‫المبحث ّ‬
‫األول‪ :‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج على المتضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرر‪.........‬ص‪104‬‬
‫المطلب ّ‬
‫األول‪ :‬شروط مباشرة دعوى المسؤولية الموضوعية للمنت ـ ـ ـ ــج‪..........‬ص‪105‬‬
‫الفرع ّ‬
‫ّأواًل‪ :‬الشروط الموضوعية لمباشرة دعوى المسؤولية الموضوعية‪.........‬ص‪105‬‬
‫أ‪ -‬شرط الصفة للمدعى و المدعى عليه‪..........................‬ص‪105‬‬
‫‪ -1‬المدعي‪...............................................‬ص‪106‬‬
‫‪ ‬المتضرر المباشـر‪.................................................‬ص‪106‬‬
‫‪ ‬المتضرر باًلرتداد‪................................................‬ص‪106‬‬
‫‪ ‬الدائنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‪.................................................‬ص‪107‬‬
‫‪ ‬جمعيات حماية المستهلكين‪........................................‬ص‪107‬‬
‫‪ -2‬المدعى عليه‪.........................................‬ص‪109‬‬

‫‪235‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫‪ ‬المنتج‪............................................................‬ص‪109‬‬
‫‪ ‬شركات التأمين‪....................................................‬ص‪110‬‬
‫‪ ‬الدولة‪.............................................................‬ص‪111‬‬
‫ب‪-‬شرط المصلحة‪...........................................‬ص‪112‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط الشكلية لرفع دعوى المسؤولية الموضوعية للمنتج‪.......‬ص‪113‬‬
‫ا‬
‫أ‪ -‬شرط األهليـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪.............................................‬ص‪113‬‬
‫ب‪-‬شرط اآلجـ ـ ـ ـ ـ ــال‪.............................................‬ص‪114‬‬
‫‪-1‬اآلجال في التشريع الفرنسي‪................................‬ص‪114‬‬
‫‪-2‬اآلجال في التشريع الجزائري‪.............................‬ص‪116‬‬
‫ج‪-‬شرط اإلجراءات‪...........................................‬ص‪116‬‬
‫د‪ -‬شرط اًلختصاص‪.........................................‬ص‪118‬‬
‫‪-1‬اًلختصاص النوعي‪.....................................‬ص‪118‬‬
‫‪-2‬اًلختصاص المحلي‪....................................‬ص‪120‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬تقدير التعويض‪ ،‬طرقه و حدوده‪.............................‬ص‪121‬‬
‫ّأواًل‪ :‬تقدير التعويض‪..................................................‬ص‪121‬‬
‫أ‪-‬الظروف المالبسة‪.............................................‬ص‪123‬‬
‫ب‪-‬النفقة المؤقتة‪................................................‬ص‪123‬‬
‫المتغير‪.............................................‬ص‪124‬‬
‫ّ‬ ‫ج‪ -‬الضرر‬
‫ثانيا‪ :‬طرق التعويض‪.................................................‬ص‪125‬‬
‫ا‬
‫أ‪-‬التعويض العيني‪...............................................‬ص‪126‬‬
‫ب‪-‬التعويض بمقابل‪.............................................‬ص‪128‬‬
‫‪-1‬التعويض بمقابل نقدي‪...................................‬ص‪128‬‬

‫‪236‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫‪-2‬التعويض بمقابل غير نقدي‪..............................‬ص‪129‬‬


‫ثالثاا‪ :‬حدود التعويض‪.................................................‬ص‪130‬‬
‫أ‪-‬مبررات التحديد و عدم التحديد القانوني لقيمة التعويض‪.........‬ص‪130‬‬
‫‪-1‬مبررات التحديد القانوني لقيمة التعويض‪..................‬ص‪131‬‬
‫‪-2‬مبررات عدم التحديد القانوني لقيمة التعويض‪.............‬ص‪131‬‬
‫ب‪-‬موقف التشريعات من التحديد القانوني لقيمة التعويض‪.........‬ص‪132‬‬
‫‪-1‬موقف المشرع الفرنسي‪..................................‬ص‪132‬‬
‫‪-2‬موقف المشرع الجزائري‪..................................‬ص‪133‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية على المنتج‪.....................‬ص‪133‬‬
‫األول‪ :‬طرق نفي المسؤولية الموضوعية للمنتج‪......................‬ص‪134‬‬
‫الفرع ّ‬
‫ّأواًل‪ :‬األسباب العامة لنفي المسؤولية الموضوعية للمنتج‪................‬ص‪135‬‬
‫القوة القاهرة و الحادث الفجائي)‪.......‬ص‪135‬‬
‫أ‪-‬األسباب المنسبة للطبيعة( ّ‬
‫القوة القاهرة و الحادث الفجائي‪...................‬ص‪135‬‬
‫‪-1‬تعريف ّ‬
‫القوة القاهرة و الحادث الفجائي‪..................‬ص‪136‬‬
‫‪-2‬عناصر ّ‬
‫ب‪-‬األسباب المنسبة لفعل اإلنسان‪................................‬ص‪138‬‬
‫‪-1‬خطأ المضرور‪..........................................‬ص‪138‬‬
‫‪-2‬فعل الغير‪..............................................‬ص‪139‬‬
‫ثانيا‪ :‬األسباب الخاصة لنفي المسؤولية الموضوعية للمنتج‪..............‬ص‪141‬‬
‫ا‬
‫أ‪-‬األسباب المطلقة‪.............................................‬ص‪142‬‬
‫‪-1‬عدم طرح المنتوج للتداول‪................................‬ص‪142‬‬
‫‪-2‬عدم وجود العيب لحظة طرح المنتوج للتداول‪.............‬ص‪142‬‬
‫‪-3‬عدم طرح المنتوج للتداول بقصد الربح‪....................‬ص‪143‬‬

‫‪237‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫ب‪-‬األسباب النسبية‪...........................................‬ص‪143‬‬
‫‪-1‬عدم مخالفة القواعد اآلمرة‪...............................‬ص‪143‬‬
‫التطور العلمي‪...................‬ص‪145‬‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬استحالة التنبؤ بمخاطر‬
‫التطور العلمي كسبب لإلعفاء من‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬الخالف حول اعتبار مخاطر‬
‫المسؤولية ‪.........................................................‬ص‪146‬‬
‫التقدم‪...................‬ص‪149‬‬
‫‪ ‬حدود اإلعفاء من المسؤولية بسبب مخاطر ّ‬
‫‪ -‬المنتجات المتعلّقة بجسم اإلنسان‪...............................‬ص‪149‬‬
‫‪ -‬اًللتزام بالتتبع‪.................................................‬ص‪151‬‬
‫المحددة و المعفية للمسؤولية الموضوعية للمنتج‪....‬ص‪154‬‬
‫ّ‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اًلتفاقات‬
‫المحدد أو الملغي للمسؤولية الموضوعية للمنتج‪....‬ص‪155‬‬
‫ّ‬ ‫ّأواًل‪ :‬بطالن اًلتفاق‬
‫المحدد أو الملغي للمسؤولية الموضوعية للمنتج‪.....‬ص‪156‬‬
‫ّ‬ ‫ثانيا‪ :‬جواز اًلتفاق‬
‫ا‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أثر قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج على الضامن‪...............‬ص‪158‬‬
‫األول‪ :‬مفهوم آلية التأمين اإللزامي من المسؤولية عن فعل المنتجات‪....‬ص‪159‬‬
‫المطلب ّ‬
‫األول‪ :‬التعريف بآلية التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات‪.......‬ص‪159‬‬
‫الفرع ّ‬
‫ّأواًل‪ :‬أسباب ظهور آلية التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات‪.......‬ص‪161‬‬
‫ثانيا‪ :‬المقصود بعقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات‪..........‬ص‪161‬‬
‫ا‬
‫ثالثاا‪ :‬خصائص عقد التأمين من المسؤولية عن فعل المنتجات‪..........‬ص‪162‬‬
‫أ‪-‬عقد رضائي‪.................................................‬ص‪163‬‬
‫ب‪-‬عقد احتمالي‪...............................................‬ص‪163‬‬
‫ج‪-‬عقد زمني مستمر‪..........................................‬ص‪163‬‬
‫د‪-‬عقد إذعان‪..................................................‬ص‪164‬‬
‫ه‪ -‬عقد ملزم لجانبين‪...........................................‬ص‪165‬‬

‫‪238‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫و‪-‬عقد من عقود حسن النية‪...................................‬ص‪168‬‬


‫ابعا‪ :‬المبادئ األساسية لعقد التأمين من المسؤولية‪.......................‬ص‪169‬‬
‫را‬
‫أ‪-‬مبدأ حسن النية المطلق‪.....................................‬ص‪169‬‬
‫ب‪-‬مبدأ التعويض‪.............................................‬ص‪170‬‬
‫ج‪-‬المصلحة التأمينية‪.........................................‬ص‪171‬‬
‫د‪-‬مبدأ الحلول‪................................................‬ص‪172‬‬
‫الف رع الثاني‪ :‬نطاق التأمين من المسؤولية ‪...........................‬ص‪172‬‬
‫ّأوًل‪ :‬نطاق التأمين من حيث األشخاص‪..................................‬ص‪172‬‬
‫ثانيا‪ :‬نطاق التأمين من حيث المنتجات‪..................................‬ص‪173‬‬
‫ا‬
‫أ‪-‬المنتجات التي ًل تكون محل مشارطات خاصة‪...............‬ص‪175‬‬
‫ب‪-‬المنتجات التي تكون محل مشارطات خاصة‪..................‬ص‪176‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور آلية التأمين من المسؤولية في الضمان‪.....................‬ص‪176‬‬
‫األول‪ :‬التعويض في حالة قيام المسؤولية الموضوعية للمنتج‪.........‬ص‪176‬‬
‫الفرع ّ‬
‫ّأواًل‪ :‬التبعات المالية المضمونة من قبل شركة التأمين‪..................‬ص‪177‬‬
‫أ‪-‬األضرار الجسدية المادية و المالية‪............................‬ص‪177‬‬
‫ب‪-‬األضرار المعنوية‪.............................................‬ص‪178‬‬
‫ج‪ -‬المصاريف القضائية‪..........................................‬ص‪179‬‬
‫ثا انيا‪ :‬التبعات المالية غير مضمونة من قبل شركة التأمين‪..............‬ص‪180‬‬
‫أ‪-‬األضرار الناتجة عن ارتكاب المنتج لخطأ عمدي‪...............‬ص‪180‬‬
‫ب‪-‬األضرار الناتجة عن العيب الذاتي في المنتوج‪................‬ص‪181‬‬
‫ج‪-‬األضرار المستبعدة باًلتفاق‪..................................‬ص‪182‬‬
‫التطور العلمي‪..................‬ص‪183‬‬
‫ّ‬ ‫ثالثاا‪ :‬مدى جواز التأمين على مخاطر‬

‫‪239‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫قيام‬ ‫عدم‬ ‫حالة‬ ‫في‬ ‫الجماعية‬ ‫التعويض‬ ‫آليات‬ ‫تدخل‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫الفرع‬
‫المسؤولية‪.................................................‬ص‪184‬‬
‫ّأواًل‪ :‬التأمين المباشر‪...................................................‬ص‪185‬‬
‫أ‪ -‬أسباب ظهور آلية التأمين المباشر‪..................................‬ص‪185‬‬
‫ب‪-‬مضمون التأمين المباشر‪............................................‬ص‪186‬‬
‫ج‪-‬مزايا التأمين المباشر‪................................................‬ص‪187‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعويض عن طريق صناديق الضمان‪...........................‬ص‪187‬‬
‫ا‬
‫أ‪-‬صندوق تعويض ضحايا اإليدز‪...............................‬ص‪188‬‬
‫‪-1‬التعريف بالصندوق‪.....................................‬ص‪189‬‬
‫‪-2‬خصائص التعويض من طرف الصندوق‪................‬ص‪190‬‬
‫‪-3‬شروط التعويض من طرف الصندوق‪...................‬ص‪190‬‬
‫ب‪ -‬صندوق التضامن القومي‪...................................‬ص‪191‬‬
‫‪-1‬التعريف بالصندوق‪.......................................‬ص‪192‬‬
‫‪-2‬شروط التعويض من طرف الصندوق‪.....................‬ص‪193‬‬
‫ثالثاا‪ :‬التعويض عن طريق الدولة‪......................................‬ص‪195‬‬
‫أ‪-‬تعويض الدولة في الفقه اإلسالمي‪...........................‬ص‪197‬‬
‫ب‪-‬شروط التعويض من طرف الدولة‪...........................‬ص‪198‬‬
‫جسمانيا‪.................................‬ص‪198‬‬
‫ا‬ ‫‪-1‬أن يكون الضرر‬
‫‪-2‬أن ًل يكون للمتضرر يد في حدوث الضرر‪................‬ص‪199‬‬
‫‪-3‬انعدام المسؤول‪...........................................‬ص‪199‬‬
‫ج‪ -‬كيفية التعويض من طرف الدولة‪............................‬ص‪199‬‬
‫خالصة الفصل الثاني‪...........................................................‬ص‪203‬‬

‫‪240‬‬
‫الفهــــــــــرس‬

‫خاتمة‪..........................................................................‬ص‪206‬‬
‫قائمة المراجع‪...................................................................‬ص‪210‬‬
‫الفهرس ‪.........................................................................‬ص‪231‬‬

‫‪241‬‬
‫ملخص‬
‫إن البحث عن تجسيد الحماية الفعالة لضحايا حوادث المنتجات المعيبة بضمان‬
ّ
‫الحصول على حقهم في التعويض يستدعي في مقام ّأول استبعاد إثبات الخطأ المرتكب‬
‫متطورة تعجز المتضرر من إثبات‬
ّ ‫من قبل المنتج خاصة مع ظهور منتجات معقّدة و‬
.‫السلوك الخاطئ من المسؤول‬
‫أقرت‬
ّ ‫نظر لكون قواعد المسؤولية العقدية و التقصيرية للمنتج مبنية على الخطأ؛‬
‫و ًا‬
‫التشريعات الحديثة بضرورة تب ّني أحكام المسؤولية الموضوعية المبنية على الضرر‬
‫عدل أحكام القانون المدني سنة‬
ّ ‫ من بين هذه األخيرة نجد المشرع الجزائري الذي‬،‫و العيب‬
‫متبعا في ذلك مسلك المشرع الفرنسي الذي تب ّنى هذا‬
ً ‫ مكرر‬140 ‫ و إضافة المادة‬2005
.1998 ‫النظام منذ‬

Résumé
La recherche pour une protection efficace aux victimes des
produits défectueux en garantissant le droit d’indemnisation,
nécessite en premier lieu d’écarter la preuve de la faute surtout
après l’apparition des produits plus modernes et plus compliqués qui
empêchent la victime de prouver la faute personnelle du producteur.
Etant donné que les règles de la responsabilité contractuelle et
délictuelle du producteur sont fondées sur la faute, les législations
ont jugés nécessaire d’adopter le régime de la responsabilité
objective du producteur qui est fondée sur le défaut du produit et
l’effet dommageable, parmi ses dernières on trouve le législateur
algérien qui a modifié le code civil en 2005 on ajoutant l’article 140
bis, suivant l’exemple du législateur français qui avait consacré ce
régime depuis 1998 dans le code civil.

You might also like