You are on page 1of 71

‫جامعة زيان عاشور‪ -‬الجلفة‬

‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬

‫قسم الحقوق‬

‫حجية القرار اإلداري الغير المنشور‬

‫مذكرة ضمن متطلبات‬

‫نيل شهادة الماستر حقوق تخصص قانون عقاري‬

‫إشراف األستاذ ‪:‬‬ ‫إعداد الطالبة ‪:‬‬

‫صدارة محمد‬ ‫حميدي حسيبة‬

‫لجنة المناقشة ‪:‬‬

‫رئيسا‬ ‫أ_ حرشاوي عنان‬ ‫‪.1‬‬

‫أ_ صدارة محمد مــقر ار‬ ‫‪.2‬‬


‫أ_ جمال عبد الكريم مناقشا‬ ‫‪.3‬‬

‫السنــــة الجامعـــــية ‪2112 /2112‬‬


‫بسم هللا الرحمان الرحيم‬

‫" وق ل ربي زدني علما "‬

‫طه ‪111‬‬
‫إهداء‬
‫إلى نبض ق لبي وروحي التي تسكن جسدي‬
‫إلى من سعت وشقت ألنعم بالراحة و الهناء‬
‫والدتي العزيزة‪....‬‬
‫إلى الذي لم يبذل بشيء من أجل دفعني في طريق النجاح‬
‫والدي العزيز ‪........‬‬
‫إلى زهرة حياتي و سندي في هاته الدنيا‬
‫إخوتي و أزواجهم األعزاء ‪.....‬‬
‫إلى الغالي على ق لبي بلخيري حسام‬
‫زوجي العزيز‪.....‬‬

‫ح س يب ة‬
‫شكر و عرف ان‬

‫الحمد هلل الذي يسر لنا دروب المعرفة و أعاننا بالصبر فكان العلم غاية و‬
‫العمل وسيلة‪ ،‬فشكرا للمولى العلي القدير الذي هداني بنوره‪ ،‬وأعانني‬
‫بفضله على إتمام هذه المذكرة ‪.‬‬

‫وأصلي على الحبيب المصطفى عليه أفضل الصالة و أزكي السالم‪.‬‬

‫كما ال يسعني إال أم أتقدم بجزيل شكري و عظيم إمتناني للمشرف على هذا‬
‫العمل الدكتور صدارة محمد ‪ ،‬لما بذله من مجهودات في سبيل إنجاز‬
‫هذه المذكرة‪ ،‬معترفة له بالجميل عما أسداه لي من نصائح و إرشادات و‬
‫وتوجيهات مفيدة ‪ ،‬وفي الوقت ذاته ال يسعني إال أن أتقدم بالشكر الجزيل‬
‫و لتقدير الكامل لجميع األساتذة بكلية الحقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬و على‬
‫رأسهم مسؤول التخصص و جميع األساتذة ال أف اضل ‪ ،‬و بشكل خاض إلى زوج‬
‫أختي بن ساعد عماد الذي ساندني كثيرا وكل من ساعدني من بعيد أو‬
‫قريب ف إلى هؤالء جميعا شكرا جزيال‪.‬‬

‫ح سي ب ة‬
‫م ق دم ة‬
‫مقــدمة‬

‫مقدمـــــة‪:‬‬

‫يعتبر القانون اإلداري عمل قانوني انفرادي صادر عن اإلدارة أثناء تأدية وظيفتها‪ ،‬وتترتب‬
‫عليه مجموعة من اآلثار القانونية تقتضي ضرورة تبليغه‪.‬‬

‫مسألة تبليغ الق اررات اإلدارية و نشرها لها أهمية بالغة في مجال العالقات بين اإلدارة و‬
‫األفراد‪ ،‬وذلك أن الق اررات اإلدارية رغم ما تتميز به من أثر فوري نظ ار لتمتعها بطابع األولوية في‬
‫التنفيذ بوصفها أهم وسائل عمل اإلدارة و أكثرها تعبي اًر في امتيازات السلطة العامة لما لها من قدرة‬
‫على إنشاء و تغيير المراكز القانونية لألفراد‪ ،‬لوال أن اإلدارة ال يمكن لها االحتجاج في مواجهة من‬
‫صدرت بشأنهم‪ ،‬إال من تاريخ إحاطتهم علما بها و ذلك بتبليغها لهم قانونا و نشرها‪ ،‬و عليه فإن‬
‫هاتين الوسيلتين هما حماية الحقوق اإلجرائية للمتقاضي‪ ،‬و الفرد ألنه يجنبه خطر أن يفاجأ بتنفيذ‬
‫قرار إداري في غير صالحه بالرغم من أنه لم يكن على علم به‪.‬‬

‫هذا باإلضافة إلى ما في تبليغ الق اررات اإلدارية و نشرها من أهمية في مجال استقرار‬
‫األوضاع والمراكز القانونية التي تكون قد أنتجتها هذه الق اررات باعتباره يفتح آجال الطعن ضدها في‬
‫مدة قانونية معينة يترتب على فواتها تلصن هذه الق اررات و استحالة إلغائها‪ ،‬باإلضافة إلى كون شهر‬
‫الق اررات اإلدارية أصبح يمثل أحد المتطلبات المشروعة التي يجب أن تخضع لها اإلدارة باإلضافة‬
‫إلى المشروعية التي ذهب الفقه و القضاء اإلداريين إلى أن المشروعية مفهومها الحديث ال تقتصر‬
‫على أن تخضع اإلدارة للقانون فقط بل يتعدى ذلك إلى ضرورة إخضاع اإلدارة لواجب إضفاء نوع‬
‫من الفعلية على هذه المشروعية و هو ما يستلزم أن تعرف اإلدارة و تعلم األفراد‪ ،‬ليس فقط بالق اررات‬
‫والتنظيمات التي تصدرها في شأنهم و إنما تعلمهم كذلك بالقوانين و التنظيمات و اللوائح التي تخضع‬
‫لها وهذا تحقيقا لمبدأ الشفافية الذي ينبغي أن يطبع تعاملها مع المواطن و الذي يعتبر الحصن‬
‫المنيع لحقوق كل طرف‪ ،‬وهذا هو االتجاه الذي سلكته معظم التشريعات المقارنة‪ ،‬و هو نفس النهج‬
‫الذي سلكه المشرع الجزائري بإصداره للمرسوم ‪ 131-88‬المؤرخ في ‪ 1888/40/40‬والمتعلق‬
‫بتنظيم العالقات بين اإلدارة والمواطن‪.‬‬

‫أ‬
‫مقــدمة‬

‫تشكل دراسة حجية القرار اإلداري الغير المنشور أهمية كبيرة من عدة‬ ‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫زوايا أهمها أن الق اررات اإلدارية تشكل أحد أركان ودعائم القانون اإلداري وتعد من أنجح الوسائل‬
‫في ممارسة اإلدارة لنشاطهاـ كما أنها تشكل مجاالً رجتا لممارسة الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة‪.‬‬

‫وتكمن األهمية أيضا في كون أن الق اررات اإلدارية تنظيمية كانت أم فردية يجب أن تخضع للنشر‬
‫والتبليغ حسب كل حالة‪ ،‬فهي وسيلة أو نقطة بداية لميعاد التظلم السابق‪ ،‬كما أنها وسيلة من وسائل‬
‫تحديد نقطة بداية ميعاد قبول الدعوى‪.‬‬

‫إن للنشر أهمية كبيرة في مجال استقرار األوضاع والمراكز القانونية التي تكون قد أنتجتها هذه‬
‫الق اررات‪ ،‬كما أن الشعر يعتبر أحد المتطلبات المشروعة التي يجب أن تخضع لها اإلدارة‪.‬‬

‫أسباب اختيار الموضوع‪ :‬تكمن أسباب اختياري للبحث في كون أن لحجية القرار اإلداري‬
‫الغير منشور أهمية كبيرة في الحياة العملية خاصة في مجال التقاضي‪ ،‬كما أن القرار اإلداري يحتل‬
‫مرتبة هامة من ضمن مواضيع القرار اإلداري و كل ما يتعلق به له أهمية بالغة‪ ،‬إال أن هذا المجال‬
‫الخاص بالبحث هو ما دفعني الختيار هذا الموضوع خصوصاً الفقه المراجع في هذا المجال‪.‬‬

‫كما أننا نجد أن المشرع الجزائري قد منح للقرار اإلداري قوته التنفيذية بمجرد صدوره انطالقا من‬
‫السلطة العامة التي تتمتع بها اإلدارة فإنه بالمقابل قد وضع ضمانة لألفراد هي إمكانية التنظيم من‬
‫هذه الق اررات و حدد ذلك بمدة زمنية معينة قانونا تبدأ من تاريخ شهر هذه الق اررات‪،‬‬

‫اإلشكالية ‪ :‬ما قيمة الق اررات التي لم تبلغ إلى األفراد المخاطبين بها التي لم تنتشر ؟ و‬
‫هل يمكن اإلحتجاج بها في هذه الحالة ؟‬

‫ب‬
‫مقــدمة‬

‫المنهج المتبع‪ :‬لإلجابة على هذه االشكالية ارتأينا إتباع المنهج الوصفي التحليلي باإلضافة‬
‫إلى المنهج المقارن في بعض الحاالت‪ ،‬متبعين الخطة التالية‪:‬‬

‫‪ ‬الفصل األول ‪ :‬اإلطار المفاهيمي للقرار اإلداري‪.‬‬


‫‪ .1‬المبحث األول‪ :‬الطبيعة القانونية للقرار اإلداري‪.‬‬
‫‪ .2‬المبحث الثاني‪ :‬األحكام العامة لنفاذ القرار اإلداري‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪ :‬أثار القرار اإلداري الغير المنشور‪.‬‬
‫‪ .1‬المبحث األول‪ :‬أثر القرار اإلداري الغير المنشور في مواجهة اإلدارة‪.‬‬
‫‪ .2‬المبحث الثاني‪ :‬أثر القرار اإلداري الغير المنشور في مواجهة األفراد‪.‬‬

‫ج‬
‫الف ص ل األول‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي للقرار اإلداري‪:‬‬

‫أن اإلطار المفاهيمي للقرار اإلداري يقتضي منا بالضرورة التطرق إلى الطبيعة القانونية للقرار‬
‫اإلداري من خالل توضيح مفهومه‪ ،‬خصائصه و أنواعه‪ ،‬و كذا توضيح أركان القرار اإلداري و‬
‫إجراءات اكتماله و ذلك في مبحث أول بعنوان الطبيعة القانونية للقرار اإلداري مع وجوب التطرق‬
‫إلى ا ألحكام العامة لنفاذ القرار اإلداري في مبحث ثان و ذلك بتوضيح وسائل و شروط نفاذه مع‬
‫توضيح مفهوم القرار اإلداري الغير قابل للنشر‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الطبيعة القانونية للقرار اإلداري‬

‫إن موضوع القرار اإلداري من أصعب المواضيع في القانون اإلداري‪ ،‬كما أن تحديد طبيعته القانونية‬
‫ال تقل صعوبة‪ ،‬و قد شكل و مازال يشكل موضوع دراسات و بحوث عديدة و مختلفة نظ اًر للنتائج‬
‫المترتبة عنه في المنازعات اإلدارية و كذلك لتطور مفهومه الناتج على أنواع األعمال التي تقوم‬
‫بها اإلدارة في تحقيق أهدافها‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية القرار اإلداري‬

‫إن د ارسة ماهية القرار اإلداري تشكل أهمية مميزة من جهتين‪ ،‬من حيث أن الق اررات اإلدارية تشكل‬
‫أحد أركان و دعائم القانون اإلداري‪ ،‬و تعد من أنجح الوسائل في ممارسة اإلدارة لنشاطها‪ ،‬كما أنه‬
‫من جهة أخرى تشكل مجاال رحبا لممارسة الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة‪.‬‬

‫الفرع األ ول‪ :‬مفهوم القرار اإلداري‬

‫يقتضي منا مفهوم القرار اإلداري في البداية القيام بتعريفه فقهيا و قضائيا ثم نتطرق إلى توضيح‬
‫خصائصه‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف القرار اإلداري‬

‫‪-1‬التعريف الفقهي‪:‬‬

‫اختلف الفقه اإلداري في إعطاء تعريف للقرار اإلداري‪ ،‬و لكن هذا االختالف ال يعدو كونه في إطار‬
‫الجزئيات‪ ،‬أما ما يتعلق بجوهر ماهية القرار اإلداري فإنه ال يبدو أن هناك اختالفا بين الفقهاء‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫فيعرف العميد هوريو "‪ "HORIOU‬القرار اإلداري بأنه "تصريح وحيد الطرف عن اإلرادة صادر‬
‫عن سلطة إدارية مختصة بصيغة النفاذ بقصد إحداث أثر قانوني"‪.‬‬

‫بينما يعرفه األستاذ فالين بأنه "كل عمل تفوقي وحيد الطرف صادر عن رجل اإلدارة المختص و‬
‫قابل بحد ذاته أن يحدث آثا اًر قانونية"‪.1‬‬

‫و من جهته عرفه الفقيه بونارد على أنه "كل عمل إداري يحدث تغيي اًر في األوضاع القانونية‬
‫القائمة"‪.2‬‬

‫أم بالنسبة للفقهاء العرب نجد‪:‬‬

‫عرفه األستاذ الدكتور فؤاد مهنا على أنه "عمل قانوني إنفرادي يصدر بإرادة إحدى السلطات اإلدارية‬
‫في الدولة و يحدث آثا ار قانونية بإنشاء وضع قانوني جديد أو تعديل و إلغاء وضع قانوني قائم"‪.3‬‬

‫كما عرفه الدكتور سليمان الطماوي بأنه "كل عمل صادر من فرد أو هيئة تابعة لإلدارة أثناء أداء‬
‫وظيفتها" و عرف الفقيه عبد الغني بسيوني عبد هللا القرار اإلداري بأنه "عمل قانوني نهائي يصدر‬
‫من السلطة اإلدارية الوطنية بإرادتها المنفردة و تترتب عليه آثار قانونية معينة"‪.4‬‬

‫‪-2‬التعريف القضائي‪:‬‬

‫استقر القضاء اإلداري لفترة طويلة على اعتماد تعريف القرار اإلداري بأنه‪" :‬إفصاح اإلدارة في الشكل‬
‫الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين و اللوائح و ذلك‬
‫بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ممكنا و جائ اًز قانوناً‪ ،‬و كان الباعث عليه ابتغاء مصلحة‬
‫‪5‬‬
‫عامة في المجتمع معينين بصفاتهم ال بذاته‪.‬‬

‫‪ 1‬مازن راضي ليلو‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬دار المطبوعات مصر ‪ 2440‬ص ‪108‬‬
‫الموقع اإللكتروني‪ www.startimes.com ،‬تاريخ اإلطالع ‪ 20/43/2412‬س ‪10:28‬‬ ‫‪2‬‬

‫عمار عوابدي ـ القانون اإلداري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬طبعة ‪ ،3‬ص ‪204/238‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬الموقع اإللكتروني ‪ www.staralgeria.net‬تاريخ اإلطالع ‪ 20/43/2412‬س‪10.30‬‬


‫سليمان محمد الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬دار الفكر العرب‪ ،‬مصر‪ ،1881 ،‬ص ‪202‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪7‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص القرار اإلداري‪:‬‬

‫يتضح من التعاريف السابقة أن هناك عدة شروط يجب توافرها لنكون أمام قرار إداري و هي‪:‬‬

‫‪ ‬أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية‪.‬‬


‫‪ ‬أن يصدر باإلرادة المنفردة لإلدارة‪.‬‬
‫‪ ‬ترتيب القرار ألثار قانونية‪.‬‬
‫‪-1‬أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية‪:‬‬

‫يشترط في القرار اإلداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء كانت داخل حدود الدولة أو‬
‫خارجها من دون النظر إلى مركزية السلطة أو عدم مركزيتها‪ ،‬ولنكون أمام قرار إداري ينبغي أن‬
‫يصدر هذا القرار من شخص عام له الصفة اإلدارية وقت إصداره وال عبرة بتغيير صفة بعد ذلك‪،‬‬
‫و هو ما يميز القرار اإلداري عن األعمال التشريعية و القضائية‪.1‬‬

‫‪-2‬أن يصدر القرار باإلرادة المنفردة لإلدارة‪:‬‬

‫يجب أن يصدر القرار من جانب اإلدارة وحدها‪ ،‬و هو مايميز القرار اإلداري عن العقد اإلداري‪،‬‬
‫الذي يصدر باتفاق إرادتين سواء كانت هاتين اإلرادتين لشخصين من أشخاص القانون العام أو كان‬
‫أحدهما لشخص من أشخاص القانون الخاص‪.‬‬

‫والقول بضرورة أن يكون العمل اإلداري صاد اًر من جانب اإلدارة وحدها ليكتسب صفة القرار اإلداري‬
‫ال يعني أنه يجب أن يصدر من فرد واحد‪ ،‬فقد يشترك في تكوينه أكثر من فرد كل منهم يعمل في‬
‫‪2‬‬
‫مرحلة من مراحل تكوينية ألن الجميع يعملون لحساب جهة إدارية واحدة‪.‬‬

‫‪-3‬ترتيب القرار ألثار قانونية‪:‬‬

‫لكي يكون القرار إداريا يجب أن يرث آثا ار قانونية‪ ،‬و ذلك بإنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني‬
‫معين‪ ،‬فإذا لم يترتب على العمل اإلداري ذلك فإنه ال يعد ق ار اًر إداريا‪.‬‬

‫عمار عوابدي‪ ،‬نظرية القرار اإلداري‪ ،‬دار هومة الجزائر‪ 2443 ،‬ص‪21/23‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬الق اررات اإلدارية‪ ،‬دار العلوم للنشر‪ ،‬الجزائر ‪ ،2440‬ص ‪10‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫و بناءاً على ذلك فإن األعمال التمهيدية و التقارير و المذكرات التحضيرية التي تسبق اتخاذ القرار‬
‫ال تعد ق اررات إدارية‪ ،‬و نجد أنه من المناسب أن نبين مضمون بعض هذه األعمال‪.‬‬

‫‪ -‬األعمال التمهيدية والتحضيرية ‪ :‬هي مجموعة من الق اررات التي تتخذها اإلدارة و تتمن رغبات و‬
‫استشا ارت و تحقيقات تمهيدا إلصدار قرار إداري و هذه األعمال ال تولد آثا ار قانونية و ال يجوز‬
‫الطعن فيها باإللغاء‪.1‬‬

‫‪ -‬المنشورات و األوامر المصلحية‪ :‬و هي األعمال التي تتضمن تعليمات و توجيهات صادرة عن‬
‫رئيس الدائرة إلى مرؤوسيه لتفسير القوانين و اللوائح و كيفية تطبيقها و تنفيذها مادامت هذه المنشورات‬
‫لم تتعدى هذا المضمون‪ ،‬أما إذا تضمنت إحداث آثار في مراكز األفراد فإنها تصبح ق اررات إدارية‪.2‬‬

‫‪-‬األعمال الالحقة لصدور القرار‪ :‬و هي التي تنصب على تسهيل تنفيذ القرار اإلداري السابق و ال‬
‫‪3‬‬
‫تشير إلى ق اررات مستقبلية فال يكون األثر المترتب عليها حاالً‪.‬‬

‫‪-‬اإلجراءات الداخلية ‪ :‬و تشمل إجراءات التنظيم للمرافق العامة التي تضمن حسن سيرها بانتظام و‬
‫إطراء و اإلجراءات التي يتخذها الرؤساء اإلداريون في مواجهة موظفيهم المتعلقة بتقسيم الهمل في‬
‫‪4‬‬
‫المرفق و تبصير الموظفين بالطريق األمثل لممارسة وظائفهم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تصنيف الق اررات اإلدارية‬

‫تنقسم الق اررات اإلدارية إلى أنواع متعددة و ذلك حسب الزاوية التي بنظر منها إلى القرار اإلداري و‬
‫حسب األساس الذي يقوم عليه التصنيف‪.‬‬

‫أوال‪ :‬من حيث تركيبها‬

‫تنقسم الق اررات اإلدارية من حيث التركيب إلى ق اررات بسيطة و ق اررات مركبة‪.‬‬

‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص‪11/14‬‬ ‫‪1‬‬

‫الموقع اإللكتروني ‪ www.staralgeria.net‬تاريخ اإلطالع ‪ 20/43/2412‬س ‪11.24‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع السابق‬ ‫‪3‬‬

‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬نس المرجع‪ ،‬ص‪13/12‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪9‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -1‬الق اررات البسيطة‪ :‬هي تلك التي تتميز بكيان مستقل و تستند إلى عملية قانونية واحدة غير‬
‫مرتبطة بعمل قانوني آخر كالقرار الصادر بتعيين موظف أو ترقيته أو نقله وهي الصورة األكثر‬
‫‪1‬‬
‫شيوعا في الق اررات اإلدارية‪.‬‬

‫‪-2‬الق اررات المركبة‪ :‬وهي تلك الق اررات التي تدخل في عملية قانونية مركبة تتم من عدة مراحل ومن‬
‫هذه الق اررات قرار نزع الملكية للمنفعة العامة وقرار إرساء المزاد أو إجراء المناقصة في العقود‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫فالقرار اإلداري الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة تصاحبه أعمال إدارية أخرى قد تكون سابقة أو‬
‫معاصرة أو الحقة له‪ ،‬وتتم على مراحل متعددة تبدأ بتقرير المنفعة العامة للعقار موضوع نزع الملكية‬
‫‪2‬‬
‫ثم إعداد كشوف الحصر لها و أخي ار صدور قرار نزع الملكية‪ ،‬و تقرير المنفعة العامة‪.‬‬

‫‪ -3‬أهمية التقسيم‪ :‬لهذا التقسيم أهمية تاريخية في فرنسا إذ أن الق اررات التي تدخل في تكوين عمل‬
‫إداري مركب كانت ال تقبل الطعن فيها بدعوى اإللغاء‪ ،‬بخالف الق اررات البسيطة يمكن الطعن‬
‫باإللغاء باعتبارها ق اررات إدارية نهائية‪.‬‬

‫و مع ذلك فقد سمح القضاء اإلداري بفصل القرار اإلداري الذي يساهم في عملية مركبة وفق ما‬
‫‪3‬‬
‫يسمى باألعمال القابلة لالنفصال و قبل الطعن فيها بصفة مستقلة و بشروط معينة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬باعتبار مداها‪:‬‬

‫تنقسم الق اررات اإلدارية من حيث مداها إلى ق اررات تنظيمية و لوائح أو ق اررات فردية و يعد هذا‬
‫التقسيم من أهم تقسيمات الق اررات اإلدارية لما يترتب عليه من نتائج تتعلق بالنظام القانوني الذي‬
‫يخضع له كل من الق اررات التنظيمية و الق اررات الفردية‪.‬‬

‫‪-1‬الق اررات التنظيمية‪ :‬هي تلك الق اررات التي تحتوي على قواعد عامة مجردة تسري على جميع‬
‫األفراد الذين تنطبق عليهم الشروط التي وردت في القاعدة القانونية و العمومية‪ ،‬و المراكز القانونية‬

‫الموقع اإللكتروني ‪ 20/43/2412www.staralgeria.net‬س ‪11.24‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬الموقع اإللكتروني ‪ ،www.staralgeria.net‬المرجع السابق ‪ 20/43/2412‬س‪11.20‬‬


‫مازن رضا ليلو‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪121‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪10‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫التي يتضمنها القرار التنظيمي ال عني أنها تنطبق على كافة األشخاص في المجتمع‪ ،‬فهي تخاطب‬
‫فرداً أو مجموعة أفراد في المجتمع معينين بصفاتهم ال بذاتهم‪.‬‬

‫و الق اررات التنظيمية هي في حقيقتها تشريع ثانوي يقوم إلى جانب التشريع العادي إال أنه يصدر‬
‫عن اإلدارة‪ ،‬و ذلك فهو تشريع ثانوي يطبق على كل من يستوفي شروطاً تضعها القاعدة مسبقا‪ ،‬وال‬
‫‪1‬‬
‫تستنفذ الالئحة موضوعها بتطبيقها بل تظل قائمة للتطبيق مستقبال‪.‬‬

‫‪-2‬الق اررات الفردية‪ :‬و هي الق اررات التي تنشئ مراكز قانونية خاصة بحاالت فردية تتصل بفرد‬
‫معين بالذات أو أفراد معينين بذاتهم و تستنفذ موضوعها بمجرد تطبيقها مرة واحدة مثل القرار الصادر‬
‫‪2‬‬
‫بتعيين موظف عام‪ ،‬و ترقية عدد من الموظفين‪.‬‬

‫‪ -3‬أهمية التمييز‪ :‬تسري الق اررات الفردية على فرد معين بالذات أو حاالت معينة بالذات‪ ،‬بينما‬
‫تتضمن الق اررات التنظيمية قواعد عامة و مجردة تطبق على كل من تتوافر فيهم شروط معينة دون‬
‫أن يتم تحديد هؤالء األشخاص‪.‬‬

‫الشأن به كقاعدة عامة‪ ،‬في حين يبدأ سريان الق اررات‬


‫يسرى القرار الفردي من تاريخ إعالن صاحب ّ‬
‫اإلدارية التنظيمية من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية‪.‬‬

‫تمتلك اإلدارة الحق في تعديل الق اررات التنظيمية أو إلغائها أو سحبها دون أن يكون ألحد الحق‬
‫بالتمسك بحقوق مكتسبة‪ ،‬على اعتبار أنها تنظم قواعد عامة‪ ،‬في حين تضع اإلدارة في سحبها و‬
‫‪3‬‬
‫إلغائها و تعديلها للق اررات الفردية لشروط معينة حددها القانون‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬باعتبار خضوعها للرقابة‪:‬‬

‫تنقسم الق اررات اإلدارية من زاوية خضوعها لرقابة القضاء إلى‪:‬‬

‫ق اررات تخضع لرقابة القضاء و هذا هو األصل‪ ،‬وق اررات ال تخضع لرقابة القضاء و هي الق اررات‬
‫المتعلقة بأعمال السيادة أو تلك التي منعت التشريعات الطعن فيها أمام القضاء‪.‬‬

‫مازن رضا ليلو‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪128/128‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق ص‪30/30‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد الصغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪30‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪11‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-1‬الق اررات المحصنة‪:‬‬

‫إذا كان األصل هو خضوع الق اررات اإلدارية للرقابة فإن مستلزمات المصلحة العامة قد تقتضي‬
‫التخفيف من صرامة هذا المبدأ فتسمح بموازنة مبدأ المشروعية من خالل نظرية السلطة التقديرية و‬
‫الظروف االستثنائية‪.‬‬

‫تم إخراجها من مجال التغطية القضائية بصفة كلية‬


‫ومنه كاستثناء من ذلك هناك طائفة من الق اررات َّ‬
‫و تحصينها إما بموجب نصوص قانونية أو اجتهادات قضائية هذه الق اررات تسمى بالق اررات السيادية‬
‫مثل الق اررات الرئاسية إال أن الدول تبالغ أحيانا في استعباد الكثير من الق اررات اإلدارية من الخضوع‬
‫للطعن أمام القضاء لالعتبارات المختلفة‪.‬‬

‫والشك أن هذا االتجاه خطير من المشروع ألن تحصينه للق اررات اإلدارية من الطعن يجرد األفراد‬
‫من ضمانة مهمة في مواجهة تعسف اإلدارة‪.1‬‬

‫‪-2‬باعتبار خضوعها لرقابة القضاء‪:‬‬

‫تعد رقابة القضاء على أعمال اإلدارة أهم وأجد صور الرقابة و األكثر ضمانا كحقوق األفراد و‬
‫حرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقالل وما تتمتع به أحكام القضاء من قوة و حجية تلزم‬
‫الجميع بتنفيذها و احترامها‪.‬‬

‫واألصل أن تخضع جميع الق اررات اإلدارية النهائية لرقابة القضاء عمال بمبدأ المشروعية‪ ،‬ومن‬
‫المستقر عليه وجود نوعين من نظم الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة األول يسمى القضاء الموحد‬
‫و الذي تنحصر الرقابة القضائية فيه على نطاق ضيق من جانب القضاء يتمثل أساساً في التعويض‬
‫عن األضرار التي قد تنتج من جراء تطبيق الق اررات اإلدارية‪ ،‬ومقتضاه أن تختص جهة قضائية‬
‫واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين األفراد أنفسهم أو بينهم و بين اإلدارة أو بين‬
‫الهيئات اإلدارية نفسها‪.‬‬

‫عمار عوابدي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪130‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪12‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫وهذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاقا مع مبدأ المشروعية إذ يخضع األفراد واإلدارة إلى قضاء واحد‬
‫وقانون واحد‪.1‬‬

‫أما نظام القضاء المزدوج فيقوم على أساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين‪ ،‬جهة القضاء العادي‬
‫و تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين األفراد‪ ،‬و بينهم وبين اإلدارة‪.‬‬

‫إلغاء و تعويضا‪ ،‬إال في‬


‫ً‬ ‫ووفقا لهذا النظام تخضع جميع الق اررات اإلدارية لرقابة القضاء اإلداري‬
‫استثناءات معينة تتعلق بأعمال السيادة و الق اررات التي يصمها المشرع من رقابة القضاء‪.2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أركان واجراءات اكتمال القرار اإلداري‪:‬‬

‫يقوم أي قرار إداري على أركان أساسية و مجموعة من اإلجراءات حتى يكون القرار مشروعاً‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أركان القرار اإلداري‬

‫تنقسم أركان القرار اإلداري إلى أركان شكلية و أركان موضوعية يترتب على إنعدام ركن من أركانها‬
‫اعتبار القرار معيبا‪.‬‬

‫أوال‪-‬األركان التشكيلية‬

‫‪-1‬الشكل‪ :‬يقصد بالشكل في القرار اإلداري المظهر الخارجي الذي يبدو فيه القرار و اإلجراءات‬
‫التي تتبع في إصدارة و تهدف التشكيالت إلى ضمان حسن سير المرفق العام من ناحية‪ ،‬وضمان‬
‫حقوق األفراد من ناحية أخرى كما أنها تشكل ضمانة لإلدارة نفسها تمنعها من االرتجالية و التسرع‬
‫‪3‬‬
‫و تهديد حقوق األفراد و حرياتهم باتخاذ ق اررات غير مدروسة‪.‬‬

‫و األصل أن القرار اإلداري ال يخضع لشكل معين إال إذا نفى القانون على خالف ذلك بأن استلزم‬
‫كتابية أو احتواءه على بيانات معينة كذكر السبب مثال‪ ،‬أو استوجب اتخاذ إجراءات محددة كأخذ‬
‫رأي هيئة أو إجراء التحقيق الالزم‪.‬‬

‫وال يؤدي عيب الشكل إلى بطالن القرار اإلداري إال إذا نفى المشرع صراحة على البطالن في حالة‬
‫عدم استيفاء الشكل المطلوب‪ ،‬و إذا كان عيب الشكل جسيما أو جوهريا بحيث أن تالفيه كان يمكن‬

‫مازن راضي ليلو‪ ،‬المرجع السابق ص ‪123‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمار عوابدي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪132 131‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد صغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪28 ،22‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪13‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫أن يؤثر في مضمون القرار و يغير بجوهره ‪ 1‬أما مسائل اإلجراءات و الشكليات الثانوية ال تؤثر في‬
‫سالمة القرار موضوعيا و المقررة لمصلحة اإلدا رة فال ترتب البطالن و ذلك من باب عدم المبالغة‬
‫في التمسك بالشكليات‪.‬‬

‫ب‪-‬االختصاص‪ :‬و يقصد باالختصاص القدرة على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة‬
‫األعمال و التصرفات التي يكون لإلدارة أن تمارسها قانوناً و على وجه يقيد به‪ ،‬و القاعدة أن يتم‬
‫تحديد اختصاصات كل عضو إداري بموجب القوانين و األنظمة وال يجوز تجاوز هذه االختصاصات‬
‫و إال أُعتبر القرار الصادر من هذا العضو باطال‪.‬‬

‫و قواعد االختصاص تتعلق بالنظام العام لذلك ال يجوز لصاحب االختصاص أن يتفق مع األفراد‬
‫على تعديل تلك القواعد‪ ،‬و إال فإن القرار الصادر مخالفاً لهذه القواعد يكون صعبا بعيب عدم‬
‫‪2‬‬
‫االختصاص القانونية‪.‬‬

‫و القواعد القانونية المتعلقة باالختصاص يمكن حصرها في‪:‬‬

‫‪ ‬يجب أن يصدر من شخص أو هيئة منوط بها إصداره‪ ،‬و إال كان نشوب بعيب عدم‬
‫‪3‬‬
‫االختصاص‪.‬‬
‫‪ ‬يحدد القانون اختصاصات كل موظف أو جهة إدارية بموضوعية معينة‪.‬‬
‫‪ ‬باإلضافة إلى تحديد النطاق المكاني الذي يجوز لرجل اإلدارة أن يباشر اختصاصه فيه‪.‬‬
‫‪ ‬مع ضرورة أن يتم تحديد فترة زمنية يكون لرجل اإلدارة أن يباشر اختصاصه فيها‪ ،‬فإذا اصدر‬
‫‪4‬‬
‫قرار خارج النطاق الزمني المقرر لممارسة يعد باطال و معيبا بعيب عدم االختصاص‪.‬‬
‫ومخالفة قواعد االختصاص إما أن تكون في صورة إيجابية أو في صورة سلبية فتكون المخالفة‬
‫إيجابية عندما يصدر الموظف قرار من اختصاص موظف آخر مثال‪ ،‬وتكون سلبية عندما يرفض‬
‫الموظف إصدار قرار معين معتقداً بأنه ليس من ضمن اختصاصه‪.‬‬

‫محمد عبد هللا الديلمي‪ ،‬نظرية القرار اإلداري‪ ،‬دار الثقافة للنشر األردن ‪ 2441‬ص ‪88‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد عبد هللا الديلمي‪ ،‬المرجع السابق ص‪80 83‬‬ ‫‪2‬‬

‫مازن راضي ليلو‪ ،‬المرجع السابق ص ‪112‬‬ ‫‪3‬‬

‫نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ‪110 113‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪14‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫ثانيا‪ -‬األركان الموضوعية‪:‬‬

‫‪-1‬السبب‪:‬‬

‫سبب القرار اإلداري هو الحالة الواقعية‪ ،‬و القانونية التي تسبق القرار و تدفع اإلدارة إلصداره‪،‬‬
‫فالسبب عنصر خارجي موضوعي يبرر لإلدارة التدخل بإصدار القرار و ليس عنص اًر نفسيا داخليا‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫و قد استقر القضاء على ضرورة توفر شرطين في سبب القرار اإلداري‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون سبب القرار قائما و موجوداً حتى تاريخ اتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪ ‬أن يكون السبب مشروعاً‪ ،‬و تظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة لإلدارة‪ ،‬عندما‬
‫في‬ ‫اإلدارة‬ ‫إليها‬ ‫تستند‬ ‫ان‬ ‫يجب‬ ‫معينة‬ ‫أسبابا‬ ‫المشروع‬ ‫يحدد‬
‫‪2‬‬
‫إصدار بعض ق ارراتها‪.‬‬
‫‪-2‬المحل‪:‬‬

‫يقصد بمحل القرار اإلداري األثر الحال و المباشر الذي يحدثه القرار مباشرة سواء بإنشاء مركز‬
‫قانوني أو تعديله أو إنهائه‪.‬‬

‫ويجب أن يكون محل القرار ممكنا و جائ اًز من الناحية القانونية‪ ،‬و مخالفة القرار للقواعد القانونية‬
‫تتخذ صو اًر متعددة و هي‪:‬‬

‫‪ ‬المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية‪ ،‬كتجاهل اإلدارة لقاعدة قانونية‪.‬‬


‫‪ ‬الخطأ في تفسير قاعدة قانونية‪ ،‬كأن تعطي اإلدارة معنى غير المعنى الذي يقصده المشرع‪.‬‬
‫‪ ‬الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية‪ ،‬كحالة مباشرة اإلدارة السلطة التي منحها القانون إليها‬
‫‪3‬‬
‫بالنسبة لغير الحاالت التي نفى عليها القانون و دون أن تتوفر الشروط‪.‬‬

‫محمد صغير بعلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪82 81‬‬ ‫‪1‬‬

‫مازن راضي ليلو‪ ،‬المرجع السابق ص ‪111 110‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع السابق ص ‪118‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪15‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-3‬الغاية‪:‬‬

‫يقصد بالغاية من القرار اإلداري الهدف الذي يسعى هذا القرار إلى تحقيقه و الغاية عنصر نفسي‬
‫داخلي لدى مصدر القرار‪ ،‬و غاية الق اررات اإلدارية كافة تتمثل في تحيق المصلحة العامة للمجتمع‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫و األصل أن كل قرار إداري يستهدف تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬و يفترض فيه ذلك و على من يدعي‬
‫خالفا ذلك اإلثبات‪ ،‬و عيب االنحراف بالسلطة و الغاية عيب قصدي أو عمدي يتعلق بنية مصدر‬
‫القرار الذي يجب أن يكون سيء النية يعلم أنه يسعى إلى غاية بعيدة عن المصلحة العامة أو غير‬
‫تلك التي حددها القانون‪.2‬‬

‫و يمكن تحديد الغاية من القرار اإلداري وفقا لثالثة اعتبارات‪:‬‬

‫‪ ‬استهداف المصلحة العامة من منطلق أن السلطة التي تتمتع بها اإلدارة ليست غاية في ذاتها‬
‫‪3‬‬
‫و إنما هي وسيلة لتحقيق الغاية المتمثلة في المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬احترام قاعدة تخصيص األهداف‪ ،‬فقد يحدد المشرع لإلدارة هدفا خاصا يجب أن يسعى قرارها‬
‫‪4‬‬
‫لتحقيقها و إذا ما خالفت هذا الهدف فإن قرارها يعد معيبا‪.‬‬
‫‪ ‬احترام اإلجراءات المقررة‪ ،‬فيتعين على الغدارة احترام اإلجراءات التي بينها القانون لتحقيق‬
‫الهدف الذي تسعى إليه‪ ،‬فإذا انحرفت اإلدارة في اإلجراءات اإلدارية الالزمة إلصدار قرار‬
‫معين بإجراءات أخرى لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه فإن تصرفها هذا يكون مشوبا يعين‬
‫‪5‬‬
‫إساءة استعمال السلطة في صور االنحراف باإلجراءات‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬إجراءات اكتمال القرار اإلداري‬

‫إن الق اررات اإلدارية باعتبارها تصرفات قانونية‪ ،‬ال تنشأ و ال تتلون إال إذا توفرت أركانها القانونية‬
‫المتفق عليها في كل القوانين المقارنة وهي ركن السبب‪ ،‬االختصاص و الشكليات و اإلجراءات‬

‫محمد الصغير بعلي ـ المرجع السابق ص ‪80 80‬‬ ‫‪1‬‬

‫مازن راضي ليلو‪ ،‬المرجع السابق ص ‪124 118‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬نفس المرجع السابق ص ‪071‬‬


‫‪ 4‬المرجع نفسه ص ‪071‬‬
‫المرجع نفسه ص ‪122‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪16‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫و الهدف و المحل‪ 1‬ومتى صدر على هذا النحو فإنه قرار سليم منذ توقيعه مع ضرورة مراعاة‬
‫اإلجراءات التي يكتمل بها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬القرار اإلداري يكتمل بتوقيعه‪:‬‬

‫قضاء في فرنسا و في مصر‪ 2‬حيث أن معظم الفقهاء سار‬ ‫ً‬ ‫إن هذا االتجاه هو الغالب فقها و‬
‫في هذا الدرب و من هذه الفكرة نجد األستاذ "لوبادير" ‪ laubadere‬يقول " إن القرار اإلداري‬
‫يعتبر سارًيا منذ صدوره من السلطة اإلدارية وبكن هذا القرار ال يجوز االحتجاج به إال من اليوم‬
‫الذي ينقل إلى علم األفراد بوسيلة من وسائل الشهر "‪.‬‬

‫كما يرى األستاذ "والين" ‪ Waline‬أن القرار اإلداري ينتج آثاره من اليوم الذي يصبح فيه مكتمال‬
‫و حتى قبل إعالنه أو نشره و لكن إلى أن يتم هذا اإلعالن أو النشر فإن القرار ال يحتج به في‬
‫مواجهة الغير فال ينقص منهم حقا أو يلقى عليهم التزاما " ونجد أن هذا هو االتجاه الذي سار‬
‫‪3‬‬
‫فيه معظم الفقه المقارن‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد نجد الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية المصرية خالل شهر ديسمبر ‪1802‬‬
‫"بأن القاعدة التي قررها دستور ‪ 1823‬من عدم جواز العمل بالقوانين إال بعد نشرها قاصرة على‬
‫القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية وال يمتد إلى الق اررات التي تصدرها السلطة التنفيذية في‬
‫مجالها اإلداري التنظيمي‪ ،‬حتى و لو تضمنت قواعد تنظيمية عامة مما يجعلها مندرجة في حكم‬
‫القوانين بمعناها األعم‪ ،‬إذ هي بحسب األصل تتم وتنتج آثارها من يوم توقيع من يملك سلطة‬
‫إصدارها توجيه األمر للحكام و المرؤوسين مراعاتها و عدم مخالفاتها و لو لم تنشر‪ ،‬إذ النشر ليس‬
‫الزما لصحة الق اررات اإلدارية‪ ،‬أو لنفاذها و ال يقصد منه غير إبالغ الغير بمضمونها حتى تكون‬
‫‪4‬‬
‫حجة عليه‪ ،‬ويترتب على قاعدة نفاذ الق اررات اإلدارية منذ صدورها نتائج هامة منها‪:‬‬

‫خصوصا من حيث‬
‫ً‬ ‫‪ -1‬ينبغي الرجوع إلى تاريخ صدور القرار ليتسنى الحكم على مشروعيته و‬
‫مراقبة اختصاص الجهة المصدرة له وهذا ما يؤكده الحكم الصادر عن محكمة القضاء اإلداري‬

‫عمار عوابدي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ص ‪184‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد العزيز السيد الجوهري‪ ،‬القانون و القرار اإلداري في الفترة ما بين اإلصدار و الشهر دراسة مقارنة‪ ،‬ديوان المطبوعات ص‪08‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع السابق ص ‪08‬‬ ‫‪3‬‬

‫سليمان الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للق اررات اإلدارية ص ‪020‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪17‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر ‪ 1801‬من خالل العبارات التالية " يتعين للحكم على‬
‫مشروعية القرار اإلداري الرجوع إلى القوانين القائمة وقت صدوره"‪.‬‬
‫فرديا‬
‫‪ -2‬منذ صدور القرار يكون في وسع اإلدارة تنفيذه دون حاجة لشهره سواء بالتبليغ إذا كان القرار ً‬
‫أو نشره إذا كان تنظيميا‪ ،‬ولكن بالقدر الذي ال يلحق ضر اًر باألفراد ألن الق اررات اإلدارية ال تسري‬
‫قانونا‪ .‬وفي هذا الصدد قضى مجلس‬
‫ً‬ ‫في حقهم إال إذا عملوا بها عن طريق وسائل العلم المقررة‬
‫الدولة الفرنسي بأنه يمكن نعيين الموظف قبل نشر القرار المنشئ للوظيفة‪ 1‬كما أنه يمكن تعيين‬
‫أعضاء لجنة أو مجلس تأديب قبل نشر الالئحة التي تبين كيفية تشكيل اللجنة أو المجلس بشرط أن‬
‫‪2‬‬
‫ال تبدأ اللجنة أو المجلس في مزاولة االختصاص إال من نشر الالئحة‪.‬‬
‫‪ -3‬هل يكمن لألفراد المطالبة باالستفادة من ق اررات غير منشورة؟‬
‫إن اإلجابة عن هذا السؤال باإليجاب هي نتيجة منطقية لقاعدة أخرى هي نفاذ الق اررات اإلدارية في‬
‫حق اإلدارة منذ صدورها و في هذا الصدد ذهب قضاء مجلس الدولة إلى التفرقة بين الق اررات الفردية‬
‫و اللوائح‪ ،‬فأجاز لألفراد المطالبة باالستفادة من الق اررات الفردية التي تصدر لصالحهم حتى قبل‬
‫نشرها أي من تاريخ توقيعها‪ ،‬أما بالنسبة للق اررات التنظيمية فإنها ال ترتب لألفراد إال من تاريخ‬
‫‪3‬‬
‫نشرها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القرار اإلداري ال يكتمل إال بشهره‪:‬‬

‫إن هذا االتجاه يعد استثناء من اإلجماع على الرأي األول‪ 4‬و يمثله فئة قليلة من الفقهاء‬
‫الفرنسيين‪ ،‬و يتزعمه الفقيه "ستاسيوبولي" و الذي يرى " أن القرار اإلداري يظل مجرد واقعة نفسية‬
‫ال أهمية لها من الناحية القانونية‪ ،‬ال بالنسبة لإلدارة و ال بالنسبة لألفراد إال باإلعالن أو النشر عنه‬
‫أو شهره"‪.‬‬

‫وعليه فإن ما يستشف من هذا الرأي أن كل األعمال السابقة عن اإلعالن أو الشهر هي‬
‫مجرد مشروع قرار‪.‬‬

‫حكم صادر في ‪ 22‬جوان ‪ 1813‬في قضية "‪"cornus‬‬ ‫‪1‬‬

‫حكم صادر في ‪ 10‬فيفري ‪1828‬‬ ‫‪2‬‬

‫سليمان الطماوي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪021‬‬ ‫‪3‬‬

‫يرى أن القرار اإلداري يكتمل بتوقيعه من السلطة المختصة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪18‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫أنه بالرغم من أن القضاء الفرنسي قد استقر‬ ‫‪1‬‬


‫ويرى الفقيه الفرنسي" دوبرو" ‪Duperoux‬‬
‫في أحكامه منذ مدة طويلة على أن القرار اإلداري يصبح مكتمالً و نافذاً منذ توقيعه‪ ،‬وهذا االمتياز‬
‫الممنوح لإلدارة يسمى امتياز األسبقية "‪"prévillage de préalable‬‬

‫ويظل هذا القرار كذلك حتى قبل إعالنه أو نشره‪ ،‬فإن هذا ال يمنع من القول بأن القضاء يخالف‬
‫قاعدة عامة مستقرة تهيمن على القواعد القانونية كلها و تتعارض معها و هي قاعدة عدم رجعية‬
‫الق اررات اإلدارية‪.‬‬

‫وينتقد أصحاب هذا االتجاه ذلك التمييز الصارم الذي يأخذ به أصحاب الرأي األول و الذي تأثر به‬
‫القضاء إلى حد كبير‪ ،‬وهو التفرقة بين صحة القرار اإلداري من ناحية و االحتجاج به من ناحية‬
‫أخرى و يذهبون إلى التخفيف من صرامة هذا التمييز‪.‬‬

‫ويقترحون لذلك حالً و هو أن يجعل القضاء من إجراء إعالن القرار اإلداري أو نشره شرطاً لصحته‬
‫و ذلك مراعاةً لجوانب العدالة‪ ،‬و تحقيقا لمصلحة األفراد‪.‬‬

‫وما يالحظ على أصحاب هذا االتجاه أنهم أرادوا أن يؤسسوا لعيب جديد يضاف إلى العيوب الخاصة‬
‫بالق اررات اإلدارية‪ ،2‬ولكن رغم هذا فإنهم لم يجدوا صدى ال في الفقه وال في القضاء و ظلت آراؤهم‬
‫استثناء من القاعدة التي تقول بأن القرار اإلداري يكتمل بتوقيعه و أنه متى صدر فإنه يصبح نافذا‬
‫ً‬
‫بدون تعليق ذلك على علم األفراد به‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األحكام العامة لنفاذ القرار اإلداري‪.‬‬

‫قانونا و هي التبليغ الشخصي و‬


‫ً‬ ‫إن العلم بالقرار اإلداري قد يتحقق بوسيلة من الوسائل المقررة‬
‫الفردي بالنسبة للق اررات اإلدارية الفردية و النشر بالنسبة للق اررات اإلدارية العامة وتطبيقات نظرية‬
‫العلم اليقين‪ 3‬و لقد كان التشريع الفرنسي أول من تطرق إلى تنظيم نشر الق اررات اإلدارية لموجب‬
‫‪4‬‬
‫التشريع البلدي الصادر في ‪. 1880/40/40‬‬

‫‪Duperoux, la règle de la nom rétroactivité des actes administratifs p 95‬‬ ‫‪1‬‬

‫و يقصد بها حاالت و أسباب عدم مشروعية الق اررات اإلدارية و هي عيب عدم االختصاص و عيب مخالفة الشكل و اإلجراءات ‪ ،‬وعيب‬ ‫‪2‬‬

‫مخالفة القانون ‪ ،‬و عيب االنحراف في استعمال السلطة و عيب انعدام السبب‪.‬‬
‫عمار عوابدي‪ ،‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري ص ‪384‬‬ ‫‪3‬‬

‫ينص هذا التشريع على أن النصوص العامة يجب أن تنشر و الق اررات ذات المضمون الفردي يجب أن تعلن‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪19‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫المطلب األول‪ :‬وسائل و شروط نفاذ القرار اإلداري‪:‬‬

‫إن القرار اإلداري كغيره من التصرفات يشترط لنفاذه توافر مجموعة من الشروط ليكون صحيحاً‬
‫باإلضافة إلى مجموعة من الوسائل التي تتخذ و تعتمد لنفاذه و منه نتطرق في الفرع األول إلى‬
‫وسائل نفاذ الق اررات اإلدارية‪ ،‬و في الفرع الثاني إلى شروط نفاذ القرار اإلداري‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وسائل نفاذ الق اررات اإلدارية‬

‫تتمثل وسائل نفاذ الق اررات اإلدارية في التبليغ بالنسبة للق اررات الفردية و النشر بالنسبة للق اررات‬
‫التنظيمية باإلضافة إلى نظرية علم اليقين‪.‬‬

‫أوال – تبليغ الق اررات الفردية ‪:La notification‬‬

‫فردا‪ ،‬و أفراد معينين باالسم و يتم العلم بهذا النوع من الق اررات‬
‫إن الق اررات الفردية هي التي تخاطب ً‬
‫بواسطة التبليغ الشخصي الفردي للشخص المعين تبليغاً كامالً و شامالً لمضمونه‪ ،‬و لهذا التبليغ‬
‫أهمية في معرفة بدأ سيران القرار و كذا معرفة أجال بداية الطعون اإلدارية و القضائية و السؤال‬
‫الذي يمكن أن يطرح في هذه المسألة هو ما صدى إلزامية التبليغ و هل لإلدارة كامل الحرية في‬
‫اختيار وسائله‪.‬‬

‫مبدئيا تتمتع اإلدارة بحرية تقدير مالئمة في تبليغ أو عدم تبليغ ق ارراتها الفردية ألن المشرع لم يرتب‬
‫‪1‬‬
‫أي التزام على عاتق اإلدارة في حالة عدم تبليغ ق ارراتها‪.‬‬

‫و في هذا الشأن نجد ق ارر مجلس الدولة الجزائري بتاريخ ‪ 1888/40/18‬رقم ‪" 114042‬حيث‬
‫يستخلص من بيانات القرار المعاد أن قضاة الدرجة األولى رفضوا الدعوى طبقا للمادة ‪118‬من‬
‫ر‪.‬ق‪.‬ك‪.‬م لكن حيث أنه استقر القضاء و بما أن القرار موضوع النزاع هو قرار فردي‪ ،‬كان على‬
‫المستأنف عليها أن تبلغ للمستأنف تبليغ شخصي"‪.‬‬

‫و ما يمكن مالحظته أن هذا القرار كرس إلزامية تبليغ الق اررات اإلدارية تبليغا شخصيا و يتضح ذلك‬
‫من عبارة "كان على المستأنف" و التي في حقيقتها تفيد اإللزام‪ ،‬و بالتالي فإن هذا القرار اعتبر التبليغ‬
‫إجراء ضروري‪ ،‬و حيث أنه ال وجود لنص قانوني عام يلزم اإلدارة بتبليغ ق ارراتها الفردية فإن ما‬

‫باستثناء حاالت خاصة‪ ،‬أين نص المشرع على وجوب تبليغ األفراد المخاطبين بالقرار تحت طائلة البطالن‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪20‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫قضى به القرار السالف الذكر يعد مقبوالً و محبذا لما لقاعدة تبليغ الق اررات من فائدة عملية السيما‬
‫في احتساب ميعاد الطعن القضائي‪.1‬‬

‫وبالرجوع إلى قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ‪ 2‬نجد المادة ‪ 828‬تنص "يحدد أجل الطعن أمام‬
‫المحكمة اإلدارية بأربعة (‪ )40‬أشهر‪ ،‬يسري من تاريخ التبليغ الشخصي نسخة من القرار اإلداري‬
‫الفردي‪ ،‬أو من تاريخ نشر القرار اإلداري الجماعي و التنظيمي"‪ .‬ومنه فإن ميعاد ‪ 40‬أشهر ال يمكن‬
‫احتسابه إال من تاريخ تبليغ اإلدارة لق ارراتها الفردية‪.‬‬

‫كما يتضح لنا أن التبليغ شرط شكلي مقترن بحق الدفاع‪ ،‬كما أن إجراءات التبليغ من النظام العام‪،‬‬
‫و لكن هل المشرع اشترط نمط معين أو طريقة معينة في تبليغ الق اررات اإلدارية؟‬

‫الجواب يتمثل في كون اإلدارة ليست ملزمة بإتباع طريق معين في تبليغ ق ارراتها و ذلك أن المادة‬
‫‪ 828‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ حددت ميعاد رفع الدعوى‪ ،‬و لكنها لم تلزم اإلدارة بإتباع طريقة معينة في التبليغ ومن‬
‫ثم فإن اإلدارة مخيرة في اتخاذ طريق التبليغ الذي تراه مناسباً بين الطرق التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬أن تقوم بتبليغ المعني بواسطة المحضر القضائي تبليغا شخصيا‪.‬‬


‫‪ -2‬بواسطة رسالة مضمونة مع العلم بالوصول‪.‬‬
‫‪ -3‬بواسطة استدعاء المعني و إمضائها معه على محضر رسمي يثبت ذلك‪.‬‬
‫‪ -0‬النشر في الجريدة الرسمية‪ ،‬بالنسبة لتعيين الموظفين السامين أو إعفاء مهام أو ترسيمهم‪.‬‬
‫لكن و رغم تعداد هذه الطرق فإن االجتهاد القضائي في بعض الق اررات الصادرة عم مجلس الدولة‪،‬‬
‫اعتبر أن التبليغ الذي يصل بواسطة رسالة مضمنة مع العلم بالوصول ال يمكن اعتباره صحيحاً و‬
‫هو ما بينه القرار الصادر بتاريخ ‪ " 1888/42/41‬ترفع المستأنفة بأن الدعوى المرفوعة بتاريخ‬
‫‪ 1881/14/18‬أمام الغرفة اإلدارية لمجلس الشلف جاءت خارج المهلة القانونية المنصوص عليها‬
‫بالمادة ‪ 118‬مكرر و ترفع بتبليغ القرار اإلداري إلى المستأنف عليه لموجب رسالة موصى عليها‬

‫رمضان غنائي‪ ،‬مقال عن موقف مجلس الدولة عن نظرية العلم اليقيني‪ ،‬تعليق على قرار رقم ‪ 11042‬المؤرخ في ‪ ،1888/40/18‬مجلة‬ ‫‪1‬‬

‫مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،42‬سنة ‪ ،2442‬ص ‪120‬‬


‫ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‬ ‫‪2‬‬

‫‪21‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫حسب الوصل المرفق‪ ،‬و حيث بالرجوع إلى هذه الوثيقة فإنه ال يمكن اعتبارها تبليغا صحيحا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫مادامت المستأنفة ال تقدم محضر موقع عليه من كال رئيس البلدية و المعني‪".‬‬

‫ثانيا‪ :‬نشر الق اررات التنظيمية ‪:La publication‬‬

‫إن الق اررات التنظيمية هي تلك التي تتضمن قواعد عامة و مجردة شبيهة بالنصوص القانونية و ال‬
‫تخاطب أشخاصاً محددين بذواتهم‪ ،‬و إنما تقتصر بنصوصها على إنشاء مراكز قانونية عامة‪ ،‬و‬
‫تعتبر عملية نشر الق اررات اإلدارية من وسائل النشر الرسمية و المعتمدة في النظام القانوني و‬
‫اإلداري للدولة‪ 2‬فلكي تكون هذه الق اررات سارية المفعول و يحتج بها على المخاطبين بها ‪ 3‬يجب أن‬
‫يعلم بها هؤالء عن طريق النشر و عموماً يمكن القول أن قواعد النشر تخضع إلى نفس القواعد‬
‫المطلقة على نشر القانون‪ ،‬و هنا نميز بين ق اررات السلطة المركزية و السلطات الالمركزية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-1‬ق اررات السلطة المركزية‪:‬‬

‫و تتمثل في ‪:‬‬

‫‪-‬المراسيم الصادرة عن رئيس الجمهورية‪.‬‬

‫‪-‬المراسيم الصادرة عن الوزير األول‪.‬‬

‫‪-‬الق اررات الصادرة عن الوزراء‪.‬‬

‫و هذه األنواع من الق اررات‪ ،‬يجب نشرها في الجريدة الرسمية‪ ،‬لتدخل حيز التنفيذ‪ ،‬و باستثناء الق اررات‬
‫الو ازرية فإنه لم يلزم المشرع بنشرها في الجريدة الرسمية‪ ،‬بل تنشر وجوبا في النشرة الو ازرية‪ ،‬لكن ما‬
‫‪5‬‬
‫يجب مالحظته في هذا الصدد هو أن أغلب الو ازرات ليست لها نشرة و ازرية‪.‬‬

‫و انطالقا من هنا فإنه ال يعتد بأي نشر آخر‪ ،‬كالنشر في الصحف أو اللصق في األماكن العمومية‬
‫‪6‬‬
‫أو إذاعته سمعياً أو بصريا و من هنا يمكن لنا أن نتساءل متى تصبح هذه الق اررات ملزمة لألفراد؟‬

‫الحسين بن الشيخ أث مالويا‪ ،‬المتقى في قضاء مجلس الدولة ص ‪242‬‬ ‫‪1‬‬

‫عمار عوابدي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪382‬‬ ‫‪2‬‬

‫هنا تكمن الفائدة العملية للنشر ألن الق اررات اإلدارية لها تتمتع بالقوة التنفيذية و لكنها سارية في مواجهة األشخاص بالنشر فقط‬ ‫‪3‬‬

‫اقتصرنا على األجهزة األساسية اإلدارية المركزية‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المذكرة ص ‪11‬‬ ‫‪5‬‬

‫نفس المرجع ص ‪11‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪22‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫و انطالقا من هذا تنص المادة ‪ 40‬من القانون المدني‪" 1‬تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية‬
‫الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية‪.‬‬

‫تكون نافذة المفعول بالجزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل من تاريخ نشرها و في النواحي األخرى‬
‫في نطاق كل دائرة بعد مضي يوم كامل من تاريخ وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة و يشهد‬
‫على ذلك تاريخ ختم الدائرة الموضوع على الجريدة"‪.‬‬

‫‪-2‬ق اررات السلطات الالمركزية‪:‬‬

‫و هي الق اررات الصادرة عن اإلدارة المحلية (الوالية‪،‬البلدية) و هي في الحقيقة تخضع إلجراءات‬


‫نشر أكثر مرونة و تنوعاً ألن المشروع لم يحدد طريقة نشر معينة و على العموم فإنها ال تخرج عن‬
‫إحدى الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -‬نشرها في مقر البلدية‪ ،‬أو الوالية بصفة واضحة و مؤكدة‪.2‬‬


‫‪ -‬النشر في المجموعات اإلدارية‪.‬‬
‫أو أن عملية النشر تتم في الشوارع أو في أماكن مخصصة سلفًا لهذه العملة و لكن في حالة وجود‬
‫نزاع حول عملية النشر فإنه يجب على اإلدارة أن تثبت قيامها بالنشر القانوني و الكامل للقرار‬
‫اإلداري و إال كان ذلك عائقاً لسريانه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬نظرية العليم اليقيني ‪:La théorie de la connaissance acquise‬‬

‫إذا كان المبدأ أن ميعاد الطعن في القرار اإلداري ال يبدأ سريانه إال منذ أن يعلم به ذوو الشأن سواء‬
‫بطريق النشر أو التبليغ‪ ،‬إذ يتمكن المخاطبين به بمقتضى هاتين الطريقتين من معرفة مضمونه و‬
‫عناصره األساسية و مدى تأثيره على مراكزهم و أوضاعهم القانونية‪ ،‬فيقررون في ضوء ما تقدم‬
‫‪3‬‬
‫القيام بالطعن في القرار أو عدم الطعن فيه خالل المهلة المحددة قانونياً‪.‬‬

‫ولكن السؤال المطروح‪ ،‬كيف يمكن الطعن في الق اررات التي لم تنشر أو التي لم تبلغ؟ و هل يظل‬
‫فيها باب الطعن مفتوحاً إلى ماال نهاية ؟‬

‫األمر ‪ 08-20‬بتاريخ ‪ 1820/48/21‬المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية ‪ ،‬ص ‪320‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬مبادئ و أحكام القضاء اإلداري اللبناني‪ ،‬الدار الجامعية ‪ ،‬ص ‪033‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪23‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫قرر القضاء اإلداري في القانون المقارن أن العلم بالق اررات اإلدارية قد يتحقق بالنسبة للمعنيين و‬
‫المخاطبين بالق اررات علماً حقيقيا فعليا و يقينيا محدداً و قاطعاً و شامالً ألية جهالة بمضمون و آثار‬
‫‪1‬‬
‫الق اررات اإلدارية الصادرة‪.‬‬

‫و هذا ما أجمع عليه الفقه بتسميته نظرية العلم اليقين‪ ،‬و التي كانت في بدايتها من صنع القضاء‬
‫اإلداري الفرنسي " الذي في غياب نص تشريعي يحدد تاريخ البدء في احتساب مواعيد الطعن‬
‫‪2‬‬
‫القضائي‪.‬‬

‫وتتحقق مسألة العلم اليقيني في حالتين أساسيتين ‪:‬‬

‫‪ -1‬العلم بوجود قرار إداري خارج إجراء قضائي و تنطلق المواعيد يوم العلم بوجوده‪ ،‬و في هذا‬
‫الصدد سار قضاة المحكمة العليا و مجلس الدولة في الجزائر‪ ،‬عند تطبيقهم لنظرية العلم‬
‫اليقيني حيث جاء في قرار بتاريخ ‪ 1881/41/23‬قضية "ب‪.‬ع" ضد وزير الداخلية ووزير‬
‫الخارجية ملف رقم ‪ 13211‬حيث جاء في حيثياته‪:‬‬
‫" حيث أن الطاعن كان يعلم و لو شفوياً بقرار رفض دخوله إلى التراب الوطني منذ‬
‫‪ ،1884/40/14‬فالعلم الشفوي كان لبدء احتساب مواعيد الطعون اإلدارية و القضائية طبقا لهذا‬
‫القرار‪".‬‬

‫‪-2‬العلم بوجود قرار إداري أثناء قضية مطروحة أمام جهة قضائية و مثال ذلك ما قضت عليه‬
‫حيثيات القرار اآلتي‪... " :‬إن المدعي قد علم بالتاي القرار المطعون فيه أثناء سير و نظر‬
‫الدعوى التي بث فيها سنة ‪ 1828‬و أنه طبقا لنظرية العلم اليقيني‪ ...‬فإن الطعن غير مقبول‬
‫‪3‬‬
‫بسبب انقضاء الميعاد ‪"...‬‬

‫وعليه فإن ما يمكن استنتاجه أن تحقق العلم اليقيني بالقرار على ضوء االجتهادات القضائية‬
‫المختلفة فإنه يرتبط بتوفر شروط ثالث هي‪:‬‬

‫‪-‬أن يكون هذا العلم كامالً و شامالً لجميع عناصر القرار‪.‬‬

‫عمار عوابدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.380‬‬ ‫‪1‬‬

‫غناني رمضان‪ ،‬مقال منشور بمجلس الدولة‪ ،‬العدد‪ ،42‬سنة ‪ ، 2442‬ص ‪.122‬‬ ‫‪2‬‬

‫مسعود شيهوب‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.330‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫‪-‬أن ال يكون هذا العلم ضنيا وال افتراضيا‪.‬‬

‫‪ -‬أن يثبت هذا العلم في تاريخ معين يمكن حساب ميعاد الطعن فيه‪.‬‬

‫و بالتالي فإنه في غياب الشهر القانوني للقرار فإن الميعاد يمكن أن يبدأ في السيران متى ظهر‬
‫‪1‬‬
‫بأي طريقة أو بأي شكل‪ ،‬بأن المعني علم بالقرار‪ ،‬و في هذا الشأن كتب الفقيه ‪J.Mauby‬‬
‫بأن العلم اليقين هو اجتهاد قضائي يقر في بعض الحاالت ببداية سريان مواعيد الطعن حتى‬
‫وان لم يكن القرار موضوع أي شهر صحيح و ذلك بسبب ثبوت علم الطاعن بالقرار‪.‬‬

‫و في حين اعتبر الفقيه ‪ Renechapus‬بأن العلم اليقين هو نظرية تتملص أو تتجاوز العلم‬
‫الرسمي بالقرار ففي هذه الحالة فإن العلم الواقعي بالقرار هو من يسبب بداية سريان المواعيد في‬
‫‪2‬‬
‫مواجهة من حصل لديهم هذا العلم‪.‬‬

‫و عليه فإنه حسب هذه النظرية فإن سريان مواعيد الطعن ضد الق اررات اإلدارية ال يرتبط فقط‬
‫بالعلم القانوني به أي بالنشر و التبليغ ألن العلم ال الواقعي بالقرار قد يرتب في بعض األحيان‬
‫نفس اآلثار التي يرتبها النشر و التبليغ‪ ،‬كما أنها تعتبر حال بالنسبة لميعاد الطعن في الق اررات‬
‫غير المنشورة‪ ،‬إفالت الكثير من الق اررات اإلدارية غير المشروعة عن رقابة القاضي اإلداري‪ ،‬و‬
‫أنه برفضه هذا قد يتسبب القضاء بشكل غير مباشر في إضفاء صبغة الشرعية على الق اررات‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫و ربما هذا السبب فإن مجلس الدولة الفرنسي قد ضيق من حدود األخذ بهذه النظرية‪ ،‬و حصر‬
‫‪3‬‬
‫العمل بها في حاالت محدودة ذكرها جورج فودال ‪ G.Vedel‬وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬الطعون المرفوعة من طرف أعضاء المجالس المنتخبة ضد الق اررات الصادرة عن هذه‬
‫المجالس لكون هؤالء األعضاء بمشاركتهم في المناقشة و التصويت على الق ار ارت هم‬
‫على علم بها و بالتالي ال حاجة إلى تبليغهم و منه فإن البدء في احتساب ميعاد الطعن‬
‫القضائي يبدأ من تاريخ إصدار هذه الق اررات‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪J.Mauby et R.drago: traité des recours en matière administrative Litec 1992 p 290.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪René chapus, droit de contentieux administrative, thème Edition p 538.‬‬
‫غناي رمضان‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪25‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫‪ -2‬الطعون التي يبدي الطاعنون بأنهم كانوا على علم بهذه الق اررات المطعون فيها رغم أنها‬
‫غير مبلغة أو منشورة‪.‬‬
‫‪ -3‬الطعون المرفوعة ضد الق اررات التي تكون بطبيعتها غير قابلة للنشر أو التبليغ‪.‬‬
‫أما موقف القضاء الجزائري فإنه يترجمه القرار الصادر بتاريخ ‪ 1888/40/18‬ملف رقم ‪،114042‬‬
‫و الذي جاء حيثياته " علم المستأنف بالقرار موضوع النزاع غير كاف لوحده ألخذه بعين االعتبار‬
‫من أجل احتساب األجل‪"....‬‬

‫و إن كان هذا القرار ال يسموا إلى مصاف الق اررات المبدئية التي من شأنها تسجيل تراجع عن اجتهاد‬
‫قضائي سابق بسبب أنه ليس صاد ار عن مجلس الدولة مشكال من كل الفرق إال أنه يمثل تراجع عن‬
‫‪1‬‬
‫األخذ بنظرية العلم اليقين ولو نسبيا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬شروط نفاذ القرار اإلداري‬

‫لقد كاد يجمع الفقه الفرنسي و سايره في ذلك القضاء اإلداري أن النشر كوسيلة من وسائل العلم‬
‫بالق اررات اإلدارية ال يبلغ في داللته إلى علم أصحاب الشأن مبلغ اإلعالن ألن النشر ال يعدو أن‬
‫يكون قرينة فرضية إلثبات علم الكافة بالق اررات اإلدارية ذلك أنه مادام قد وقع فإنه يفترض علمهم‬
‫تم فإن له حجية نسبية من حيث إثبات علم األفراد‬
‫بها و انطالقا من هذه الفكرة النشر حتى و إن ًّ‬
‫اما علينا و من باب أولي‬
‫بالقرار و من حيث إثبات التاريخ كبدء حساب مواعيد الطعن‪ ،‬لذلك كان لز ً‬
‫التطرق إلى النشر السليم و شروطه‪.‬‬

‫أوالً – ضرورة إجراء النشر وفقا للنص في حالة وجوده‬

‫إن المسلم به أنه إذا نص القانون على طريقة معينة للنشر فيجب على اإلدارة إتباع تلك الطريقة‬
‫كما لو نص القانون على لصق القرار في أمكنة معينة من المدينة أو قراءته في الميادين العامة‪،‬‬
‫أو نشره في الجريدة الرسمية‪ .....‬وفي هذه الحالة فإن األفراد ال يعتبرون قد علموا بالقرار‪ ،‬إال إذا‬
‫تم نشره بالطريقة المقررة و ال تستطيع مع اإلدارة‪ ،‬تستبدل بها غيرها و لو كانت الطريقة المقررة و‬
‫َّ‬
‫ال تستطيع اإلدارة أن تستبدل لها غيرها و لو كانت الطريقة الجديدة أنجح في العلم‪ 2‬كأن تستبدل‬
‫باللصق في األماكن الخاصة النشر عن طريق السينما أو اإلذاعة‪.‬‬

‫عبد العزيز السيد الجوهرة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪113‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد العزيز السيد الجوهري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪26‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫ففي فرنسا مثال‪ ،‬مداوالت المجالس البلدية يجب نشرها طبقا للقانون الصادر في ‪ 40‬أفريل ‪1880‬‬
‫في مادته ‪ 01‬في صورة إعالن ملصق بتقرير الجلسة و يعلق على باب ديوان الحكومة‪.‬‬

‫و في الجزائر نجد أنه من بين النصوص الخاصة التي نصت على إجراءات خاصة بالنشر ما ورد‬
‫في القانون رقم ‪ 1 11/81‬المؤرخ في ‪ 22‬أفريل ‪ 1881‬و المحدد لقواعد نزع الملكية للمنفعة العمومية‬
‫حيث فرض هذا القانون سلسلة من اإلجراءات نص عليها تحت طائلة البطالن و أخضع اإلدارة‬
‫لضرورة إتباعها و إال تعرضت ق ارراتها لإلبطال‪.‬‬

‫ومن جملة اإلجراءات التي يجب أن تتبع ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬أنه قبل اللجوء إلى التصريح بالمنفعة العمومية يجب أن يسبق بتحقيق يرمي إلى إقرار‬
‫ثبوت هذه المنفعة‪ ،‬و بالرجوع إلى المادة ‪ 41‬من هذا القانون نجدها تنص على وجوب‬
‫أن يكون قرار فتح التحقيق موضوع إشهار بعنوان البلدية المعنية في األماكن المخصصة‬
‫عادة لهذا الغرض‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب أن ينش ر قرار التصريح بالمنفعة العمومية و أن يبلغ لكل واحد من المعنيين و‬
‫هذا تحت طائلة البطالن‪ ،‬و ما نصت عليه المادة ‪ 11‬من هذا القانون بقولها‪:‬‬
‫"يخضع قرار التصريح بالمنفعة العمومية تحت طائلة البطالن لما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أن ينشر حسب الحالة في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية أو‬
‫في مدونة الق اررات اإلدارية الخاصة بالوالية‪.‬‬
‫‪ -‬أن يبلغ كل واحد من المعينين‪.‬‬
‫‪ -‬أن يعلق في مقر البلدية التي يقع فيها الملك المطلوب نزع ملكيته حسب الكيفيات التي‬
‫حددتها المادة ‪ 41‬من هذا القانون طوال الفترة المنصوص عليها في المادة ‪13‬من هذا‬
‫القانون"‪.‬‬
‫و بالتالي فإن ما يالحظ على المشرع الجزائري أنه لم يترك مجاالً للشك أو المناقشة إذ نص على‬
‫وجوب التبليغ تحت طائلة البطالن للمعنيين باألمر‪ ،‬أما النشر فيخص الغير ممن لهم مصلحة‪ ،‬و‬
‫قد أكدت المادة ‪ 13‬من القانون ‪ 11-81‬على أن آجال الطعن المحددة بشهر خروجاً عن القاعدة‬

‫قانون ‪.11/81‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪27‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫العامة الواردة في القانون‪ ،‬تسري من تاريخ النشر أو التبليغ حسب الحالة و معناه أن تخلف هذا‬
‫‪1‬‬
‫اإلجراء يلزم القاضي بالتصريح بالبطالن دون التطرق لمسائل أخرى‪.‬‬

‫ويتضح من هذا النتائج التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أن طريقة النشر المنصوص عليها في هذا القانون هي طريقة خاصة و هي تشكل جزًء‬
‫من تكوين القرار في خد ذاته‪.‬‬
‫‪ -‬أنه ال يمكن تصور عدم نشر هذا القرار ألنه يصبح في حكم المعدوم و لم يجد القضاء‬
‫الجزائري عن هذا المبدأ إذ أكده من خالل عدة ق اررات صادرة عم المحكمة العليا ومن‬
‫بينها " حيث أن القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية لمشروع بناء محطة بنزين‬
‫فرديا‬
‫و نزع ملكية األرض المتنازع عليها من أجل المنفعة العمومية‪ ،‬و الذي يعد ق ار اًر ً‬
‫كان يجب تبليغه للطرف الذي انتزعت من ملكيته و أن هذه الشكلية لم تحترم في دعوى‬
‫‪2‬‬
‫تم نشر هذا المقرر في جريدة الشعب"‪.‬‬
‫الحال‪ ،‬حتى ولو َّ‬
‫ثانيا‪ :‬وجوب الكشف عن محتوى القرار‪:‬‬

‫إن هذا الشرط يعتبر من أحد الدعائم األساسية التي تكرس مبدأ الشفافية على عمل اإلدارة‬
‫و يعزز ثقة المواطن بها و ينطوي على أساس أن تتضمن عملية النشر على جميع البيانات‬
‫و يرجع ذلك المتياز‬ ‫‪3‬‬
‫الضرورية للقرار‪ ،‬بحيث ال يكون النشر مجرد تنبيه لذوي الشأن بوجوده‬
‫األسبقية‪ ،‬باعتبار أن العمل اإلداري يتمتع بافتراض مالئمة للقانون فالقرار الذي بموجبه يعين أو‬
‫يطرد به أحد الموظفين ينشئ أث اًر في نفس اليوم الذي إتخذ فيه‪.‬‬

‫وتتجلى الحكمة من هذا الشرط‪ ،‬يضمن هذا النشر لذوي الشأن أن يكونوا في وضع يستطيعون من‬
‫خالله التحقق من مشروعية هذه الق اررات من أجل أن يطعنوا فيها وهم عالمون بها تماماً‪.‬‬

‫و لقد كان مجلس الدولة الفرنسي أول من تطرق إلى هذا الشرط من خالل مناقشته في بعض‬
‫األحكام التي أصدرها‪.‬‬

‫ليلى زروقي‪ ،‬مقال منشور بمجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد ‪ ،43‬سنة ‪ ،2442‬ص ‪.10‬‬ ‫‪1‬‬

‫قرار رقم ‪ ،81081‬صادر بتاريخ ‪ 1882/40/20‬في قضية (ع‪.‬م) ضد والي والية تيزي وزو‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبراهيم عبد العزيز‪ ،‬مبادئ و أحكام القضاء اإلداري اللبناني‪ ،‬ص ‪.020‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪28‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫وعلى صعيد الفقه فقد نادى كثير من الفقهاء بأن أغلب الق اررات ال تنشر نش اًر كافياً و من أجل أن‬
‫يتم تجنب أضرار مثل هذا النشر بحقوق األفراد فإنه ال مناص من إنشاء قضاء يكشف هذه العيوب‬
‫المستترة التي خلفها القضاء القديم و كان من أبرز هؤالء الفقهاء ‪ GUY Issac‬و الذي يرى أن‬
‫األهمية الضرورية للنشر الذي يتصف بالكفاية يعتبر أحد الضمانات المقررة لألفراد ألن هذا النشر‬
‫يتيح لهؤالء األفراد العلم بصدور الق اررات و مضمونها حتى يتهيأ للطعن فيها إذا ما أحسوا بأن ضر اًر‬
‫ما سيلحق بهم بسببها‪ ،‬فالموظف الذي لم يتسلم نص القرار و ثبت كذلك أنه لم يعلن به إعالناً‬
‫شفهياً‪ ،‬و رغم أن هذا القرار نشر في الجريدة الرسمية فإن نصوص هذا القرار ال تعتبر حجة في‬
‫مواجهته‪.‬‬

‫كما اعتبر مجلس الدولة‪ ،‬أن نشر ملخص ق اررات التعيين ال يعمل على سريان ميعاد الطعن في هذه‬
‫تم تعيينهم‪ ،‬و في الجزائر فإننا ال نجد مثاالً أكثر توضيحاً‬
‫الق اررات في مواجهة زمالء الموظفين الذين َّ‬
‫من الذي تضمنته المادة ‪ 41‬من القانون ‪ 11-81‬و التي تنص ‪:‬‬

‫"يكون قرار فتح التحقيق و تعيين لجنة موضوع إشهار بعنوان البلدية المعينة في األماكن المخصصة‬
‫عادة لهذا الغرض‪ ،‬و يجب أن يبين القرار تحت طائلة البطالن‪ ،‬إضافة إلى إجراءات عمال اللجنة‪،‬‬
‫تاريخ فتح التحقيق و تاريخ إنهائه‪ ،‬و كذا بيانا توضيحياً يحدد الهدف من العملية و مخطط الوضعية‬
‫لتحديد طبيعة األشغال المراد إنجازها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫يوضح ملف التحقيق تحت تصرف الجمهور‪ ،‬و تحدد محتوياته عن طريق التنظيم‪"....‬‬

‫و ما يالحظ هنا أن المشرع تدخل ووضع كيفية إجراء النشر في هذه الحالة و حدد الوثائق و‬
‫الملحقات بالقرار و بالتالي فإن القيام بهذه اإلجراءات كاف للقول بأن النشر كاف و كامال للكشف‬
‫عن محتوى القرار‪.‬‬

‫و هذا على عكس بعض النصوص األخرى التي تلزم اإلدارة بالنشر أو التبليغ دون أن تحدد كيفية‬
‫النشر و هو األمر الذي يساهم في إثارة النزاع بين اإلدارة و الفرد حول هذه المسألة ليترك األمر‬
‫أخي اًر للقضاء للقول ما إذا كان النشر كافياً أم ال‪.‬‬

‫المادة ‪ 41‬من قانون ‪ 11-81‬و الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪29‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬
‫‪1‬‬
‫نص عليه المرسوم رقم ‪100-11‬‬
‫ومن أمثلة الق اررات التي يجب الكشف عن محتواها كامالً‪ ،‬ما َّ‬
‫والتي تتعلق بوضعية الموظفين المنصوص عليها في المادة األولى من المرسوم رقم ‪،133-11‬‬
‫المؤرخ في ‪ 42‬جوان ‪ ،1811‬حيث نصت المادة ‪ 42‬منه‪:‬‬

‫" أنه في حالة فتح مسابقات أو امتحانات من أجل ممارسة الوظائف التي تسري عليها أحكام القانون‬
‫األساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬فإنه يجب أن تحدد هذه الق اررات المنصوص عليها في هذه الفقرة‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬تعيين الوظيفة التي تفتح المسابقات أو االمتحانات من أجل الدخول إليها‪.‬‬


‫‪ -2‬التاريخ المحقق إلجراء المسابقة أو االمتحان‪.‬‬
‫‪ -3‬العدد اإلجمالي لألماكن المعروضة‪.‬‬
‫‪ -0‬تكوين ملف المترشح بكيفية معضلة‪.‬‬
‫‪ -0‬تاريخ ابتداء و انتهاء التسجيل و العنوان المحدد الذي توجه إليه الملفات‪.‬‬
‫‪ -1‬نوع االختبارات المفروضة‪.‬‬
‫‪ -2‬التشكيل النظامي للجنة االمتحان‪.‬‬
‫‪ -8‬كل األحكام المتعلقة بتعيين المترشحيين المقبولين‪.‬‬
‫‪ -8‬البرنامج المفصل لالمتحان أو المسابقة‪.‬‬
‫و يتضح مما سبق أن كل هذه الخطوات و اإلجراءات لها عالقة بالقرار اإلداري المراد نشره‪ ،‬و عدم‬
‫القيام بها من طرف اإلدارة يجعل القرار غير واضح و ال يتسنى لألفراد فهم محتواه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الق اررات اإلدارية غير القابلة للنشر‬

‫إذا كانت القاعدة العامة تقتضي أن الق اررات اإلدارية تنظيمية كانت أم فردية‪ ،‬يجب أن تخضع لعملية‬
‫النشر أو التبليغ حسب كل حالة و هذا حتى يمكن االحتجاج بها في مواجهة المعنيين و المخاطبين‬
‫بها إضافة إلى أنها وسيلة من وسائل تحديد نقطة بداية ميعاد التظلم اإلداري السابق الو جوبي لقبول‬
‫دعوى اإللغاء كوسيلة من وسائل تحديد نقطة بداية ميعاد قبول دعوى اإللغاء أمام الغرفة اإلدارية‬
‫بالمجالس القضائية المختصة إقليميا‪ ،‬حيث ال يشترط وجوب إعمال فكرة التظلم بالمجالس القضائية‬

‫المرسوم ‪ ،100-11‬المؤرخ في ‪ 41‬جوان ‪ 1811‬يتعلق بتحرير و نشر بعض الق اررات ذات الطابع التنظيمي أو الفردي التي تهم وصفية‬ ‫‪1‬‬

‫الموظفين‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫المختصة إقليميا‪ ،‬حيث ال يشترط وجوب إعمال فكرة التظلم اإلداري السابق لقبول دعوى اإللغاء كما‬
‫هو مقرر في المادة ‪ 828‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ ‪.1‬‬

‫لكن هل كل الق اررات اإلدارية يجب أن تخضع لعملية النشر أو التبليغ؟‬

‫إن القاعدة العامة التي ذكرناها سابقا تعرف استثناء يتمثل في وجود بعض الق اررات التي ال‬
‫تقبل النشر أو التبليغ و تنقسم إلى ق اررات الرفض الضمنية الصادرة من اإلدارية فرع أول و ق اررات‬
‫ال تقبل النشر أو اإلعالن بطبيعتها فرع ثاني‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬ق اررات الرفض الضمنية‬

‫و يقصد بها الق اررات التي تعبر عن موقف سلبي من جانب اإلدارة و هي تنشأ عن امتناع اإلدارة‬
‫عن اإلجابة إزاء ما طلب منها بالموافقة أو عدم الموافقة‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬في الجزائر‪ :‬و قد اعتبر المشرع مثال سكوت اإلدارة و عدم ردها لما طلب منها قرار ضمنيا‬
‫بالرفض مثل سكوتها للرد عن الطعن اإلداري المسبق و المنصوص عليه في المادة ‪ 834‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‬
‫و التي يرفع أما السلطة اإلدارية التي تعلو مباشرة الجهة التي أصدرت القرار أو أما الجهة التي‬
‫أصدرت القرار نفسه‪.2‬‬

‫أما نتيجة هذا الطعن فقد نصت عليها المادة ‪ 834‬من ق‪.‬إ‪.‬م " يعد سكوت الجهة اإلدارية المتظلم‬
‫أمامها عن الرد خالل شهرين‪ ،‬بمثابة قرار بالرفض و يبدأ هذا األجل من تاريخ بتبليغ التظلم‪.‬‬

‫و في حالة سكوت الجهة اإلدارية‪ ،‬يستفيد المتظلم من أجل شهرين لتقديم طعنه القضائي‪ ،‬الذي‬
‫يسرى من تاريخ انتهاء اجل الشهرين المشار إليه في الفترة أعاله‪.‬‬

‫ومن هذه المادة يتضح ما المقصود بقرار الرفض الضمني‪ ،‬و عليه فإنه من الطبيعي أن الق اررات‬
‫السلبية أو الق اررات الضمنية الصادرة بالرفض ال يتصور أن تكون محال للنشر أو التبليغ و هو ما‬
‫يثير مشكلة أخرى تتعلق بمسألة تحديد بدء سريان مهلة الطعن باإلبطال في هذه الق اررات و هذا‬
‫الموقف هو السائد في القانون المقارن‪ ،‬فقد اعتبر المشرع اللبناني سكوت اإلدارة و عدم ردها لما‬

‫الدكتور عوابدي عمار‪ -‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري – الجزء الثاني‪ -‬نظرية الدعوى اإلدارية – الطبعة‬ ‫‪1‬‬

‫الثالثة‪ -‬ص ‪.388‬‬


‫من الشرط أبقاه المشرع فقط في الق اررات الصادرة عن السلطات المركزية يعد ما كان شرطا ال زماً حتى في الق اررات الصادرة عن السلطات‬ ‫‪2‬‬

‫المحلية قبل تعديل ‪ 18‬أوت ‪.1884‬‬

‫‪31‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫طلب منها قرار ضمنيا بالرفض و في ذلك نصت المادة ‪ 18‬من المرسوم اإلشتراعي رقم ‪14030‬‬
‫على أنه "‪...‬إذ لم تجبه السلطة إلى طلبه خالل مدة شهر في اعتبا ار من تاريخ استالمها الطلب‬
‫‪1‬‬
‫المقدم منه‪ ،‬اعتبر سكوتها بمثابة قرار رفض‪"....‬‬

‫ثانيا‪ :‬في فرنسا‬

‫فلم يكن يوجد ميعاد محدد للطعن في مثل هذه الق اررات قبل صدور التشريعات المنظمة لذلك وقد‬
‫كانت هذه الميزة الممنوحة ألصحاب الشأن و الناتجة عن عدم تحديد ميعاد للطعن تمثل عائقاً كبي اًر‬
‫ولقد صدر أول تشريع منظم للطعن في هذه الق اررات و هو القانون الصادر في ‪ 18‬ديسمبر ‪1804‬‬
‫ة نص على أنه إذا مضت أربعة أشهر من تاريخ تقديم الطلب إلى اإلدارة دون رد عليه فإن من حق‬
‫مقدم الطلب‪ ،‬الطعن في القرار الضمني بالرفض الناتج عن اتخاذ اإلدارة موقفا سلبيا حيال طلبه‪،‬‬
‫كما يبدأ ميعاد الطعن في هذه الق اررات بعد مضى هذه األربعة أشهر‪.‬‬

‫و لكن بعد التغيرات و العيوب التي مست هذا التشريع بعد أن كان الشخص حسن النية يتلقى‬
‫تأكيدات شفوية من اإلدارة بأنها ستبث في طلبه قريبا بقرار صريح فيأمن من هذه الوعود اإلدارية ثم‬
‫يواجه بعد ذلك بأن اإلدارة لم تف بوعودها و أن ميعاد الطعن قد انتمى‪ ،‬بحيث ال تقبل دعوات أمام‬
‫القضاء‪ ،‬و لهذا السبب تم اللجوء إلى إصدار القانون رقم ‪ 002‬بتاريخ ‪ 1801/41/48‬و أعاد فيه‬
‫المشرع الفرنسي تنظيم مواعيد الطعن في هذه الق اررات و التي كانت كاآلتي ‪:‬‬

‫بالنسبة لدعاوي اإللغاء‪ :‬فإن ميعاد الطعن في القرار الضمني هو أربعة أشهر‪ ،‬تبدأ من تاريخ تقديم‬
‫صاحب الشأن طلبه إلى اإلدارة‪ ،‬فإذا صدر قرار صريح بالرفضّ أثناء سريان تلك المدة فإن إعالن‬
‫هذا القرار الصريح يعمل على سريان ميعاد الطلب من جديد‪.‬‬

‫بالنسبة لدعاوي القضاء الكامل‪:‬‬

‫فقد َّ‬
‫رد القانون األخير نفس النظام الذي كان ساريا من قبل سنة ‪ 1804‬و الذي يقضي بعدم وجود‬
‫ميعاد للطعن في القرار اإلداري الضمني‪ ،‬ولكن هذا الميعاد من تاريخ اإلعالن‪.2‬‬

‫الدكتور إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ -‬مبادئ و إحكام القضاء اإلداري اللبناني ص ‪.002‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬الدكتور عبد العزيز السيد الجوهري – المرجع السابق ص ‪.102‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫ثالثا‪ :‬أما في مصر‪:‬‬

‫نصت المادة ‪ 22‬من قانون مجلس الدولة سنة ‪ 1808‬على أنه‪:‬‬

‫"يعتبر فوات ستين (‪ )14‬يوم ًا على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة‬
‫رفضه‪ ،‬و يكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم‪ ،‬ستين يوماً من تاريخ انقضاء‬
‫الستين يوماً فإن سريان الميعاد يبدأ في هذه الحالة من تاريخ إعالن القرار الصريح بالرفض و قد‬
‫أوضحت المحكمة اإلدارية العليا هذه القواعد إذ قالت‪:‬‬

‫" أنه على مقتضي حكم المادة ‪ 22‬من القانون ‪ 00‬لسنة ‪ 1808‬في شأن تنظيم مجلس الدولة‪ ،‬إذا‬
‫لم يكن القرار الحكمي يرفض التظلم قد تحقق بقوات الستين يوماً المحددة لفحص التظلم‪ ،‬فإن أجابت‬
‫السلطات المختصة قبل فواته بقرار صريح بالرفض‪ ،‬وجب حساب الميعاد من تاريخ إعالن هذا القرار‬
‫الصريح بالرفض ألن هذا اإلعالن هو الذي يجرى سريان الميعاد منه قانوناً‪.‬‬

‫ومن خالل هذه األمثلة التي ذكرناها و التي وردت في القانون المقارن فإننا نخلص إلى نتيجة و هي‬
‫أن كل القوانين تتفق على مبدأ عدم نشر الق اررات السلبية الصادرة من اإلدارة‪ ،‬و بالتالي فإن الحل‬
‫الوحيد للطعن في هذه الق اررات هو تحديد المدة من طرف المشرع في حد ذاته‪ ،‬غير أن المسألة قد‬
‫تثير بعض اإلشكاليات من خ الل إثبات تاريخ إيداع الشكوى أو الطعن اإلداري‪ ،‬ألنه يمثل نقطة‬
‫بداية لحساب المهلة المنصوص عليها من طرف المشرع لرفع دعوى اإللغاء في حالة ما إذا لم ترد‬
‫اإلدارة بقرار صريح‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ق اررات ال تقبل النشر بطبيعتها‬

‫إلى جانب الق اررات السلبية أو ق اررات الرفض الضمنية‪ ،‬فإن هناك نوع آخر من الق اررات ذو طبيعة‬
‫ألتقبل النشر أو التبليغ فما هي طبيعة هذه الق اررات؟‬

‫إن أول من تطرف لهذا النوع من الق اررات ووضح طبيعتها و حدد شروطها و نتائجها‪ ،‬و عليه يمكن‬
‫القول أن من الق اررات ووضح طبيعتها و حدد شروطها و نتائجها‪ ،‬و عليه يمكن القول أن من أضفى‬
‫هذه الصبغة على هذه الق اررات هو القضاء اإلداري و ليس اإلدارة في حد ذاتها‪.‬‬

‫و من بين األحكام الشهيرة الصادرة في هذا الشأن الحكم الصادر في ‪ 1802/40/23‬و الحكم‬
‫الصادر في ‪ 1803/40/10‬و التي من خاللها قدم المجلس ألول مرة شكالً جديداً من أشكال‬

‫‪33‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫الق اررات اإلدارية غير القابلة للنشر‪ ،‬و اإلعالن بسبب طبيعتها و ما يالحظ على هذين الحكمين‬
‫أنهما يتشابهان إلى حد كبير باستثناء بعض االختالفات الطفيفة في كل من الحكمين‪.‬‬

‫صدر قرار من المحافظ بقبول أحد األطفال في مؤسسة المساعدات العامة للطفولة ثم بعد ثالث‬
‫سنوات تقدم أحد األشخاص للمطالبة بهذا الطفل ففي قضية ‪ Rogé‬لم بشر مضمون الحكم إلى‬
‫صفة هذا الطالب بينما في قضية ‪ Epoux Dastillon‬فقد تمت اإلشارة إلى أن الطالب هو األم‬
‫‪1‬‬
‫و زوجها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫و من خالل هذين الحكمين وضع مجلس الدولة الفرنسي قاعدتين‪:‬‬

‫‪-‬األولى‪ :‬أن قرار المحافظ الذي وافق فيه على إلحاق الطفل بمؤسسة المساعدات العامة‪ ،‬هذا القرار‬
‫يعتبر غير قابل للنشر أو اإلعالن بسبب طبيعته‪ ،‬ألن هذا النشر سيكون مخالفاً لنفس المادة ‪11‬‬
‫من القانون الصادر في ‪ 10‬أفريل ‪ 1803‬المتعلق بتقديم األطفال يطرق الهجر السري‪.‬‬

‫كما ال يمكن إعالن القرار أيضا ألن اإلعالن هنا يطرح افتراضيين‪.‬‬

‫‪ -1‬حالة الشخص الذي يرفض اإلفصاح عن شخصيته عند تقديم الطفل إلى المؤسسة‪ ،‬و‬
‫في هذه الحالة فإن القرار الذي يصدر بالموافقة على إلحاق الطفل بالمؤسسة ال يمكن‬
‫إعالنه إلى أي شخص‪.‬‬
‫‪ -2‬حالة الشخص الذي يفصح عن شخصيته وصفته و رابطة قرابته بالطفل و هنا إذا لم‬
‫يحدث إعالن القرار بقبول الطفل إلى هذا الشخص فإن ذلك يعتبر سبب من أسباب‬
‫إهدار سلطة هذا الشخص على الطفل‪.‬‬
‫‪ -‬الثانية‪ :‬إن القاعدة الثانية التي قررها التي قررها مجلس الدولة في هذا الشأن أنه في حالة وجود‬
‫قرار غير قابل للنشر بطبيعته فإن ميعاد الطعن في هذا القرار بالنسبة ألصحاب الشأن يبدأ من‬
‫التاريخ الذي يتأكد فيه علمهم به‪ ،‬و يكون ذلك عن طريق اإلشارة إلى هذا القرار في قرار رسمي‬
‫آخر يتأكد علمهم به عن طريقته‪ ،‬وهذا النموذج من القرار الرسمي اآلخر هو حكم القضاء‪.‬‬

‫لحكم المحكمة اإلدارية العليا الصادر في ‪ 1811/41/21‬في القضية رقم ‪ ،1222‬و القضية رقم ‪ 1281‬و القضية رقم ‪.1084‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬محمد السناري‪ ،‬نفاذ الق اررات اإلدارية‪ ،‬ص ‪.044‬‬

‫‪34‬‬
‫اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري‬ ‫الفصل األول‬

‫تم إعالن الحكم المستأنف من المحكمة إلى المدعي‬


‫وهو األمر الذي حدث في قضية ‪ Rogé‬عندما َّ‬
‫و نص فيه على مشروعية القرار الصادر من المحافظ بإلحاق الطفل في المؤسسة و من تاريخ‬
‫إعالن هذا الحكم يبدأ ميعاد الدعوى القضائية‪.‬‬

‫و نفس الشيء بالنسبة لقضية ‪ Dastillon‬فقد رفضت المحكمة طلبه الزوجين بإعادة الطفل‪ ،‬و‬
‫كانت المحكمة قد استندت في هذا الحكم قرار المحافظ بقبول الطفل فاستأنف الزوجان هذا الحكم‪،‬‬
‫لكن في مرحلة االستئناف ثبت أن المستأنفين يعلمان تماماً عن طريق الحكم المستأنف بوجود القرار‬
‫الذي أصدره المحافظ و من هذا التاريخ‪ ،‬أي تاريخ تبليغهما بهذا الحكم فهما عالمان بالقرار و منه‬
‫أيضاً يبدأ حساب الطعن‪.‬‬

‫و ما يستنتج من هذا أن مجلس الدولة الفرنسي من خالل هذه األحكام أنه أسس لنظرية جديدة‬
‫لوسيلة من وسائل العلم بالقرار اإلداري و هي صيغة العلم العرضي اليقين بالقرار‪ ،‬و هذا العلم‬
‫يحدث عن طريق القرار الرسمي الذي يتمثل ف ي الحكم القضائي و الذي اعتبره المجلس أنه مجرد‬
‫تبليغه يمثل بداية ميعاد الطعن في هذا القرار‪.‬‬

‫و إذا كانت هذه الق اررات غير قابلة للنشر فإن المسألة التي كانت تثيرها هي الطعن فيها و التي‬
‫استثناء من القاعدة العامة التي‬
‫ً‬ ‫أوجد لها القضاء الفرنسي الحلول السابقة الذكر و إن كانت تعتبر‬
‫أوردتها كل القوانين المقارنة و القاضية بضرورة نشر و تبليغ الق اررات اإلدارية على المخاطبين بها‬
‫عمالً بمبدأ المشروعية‪.‬‬

‫و إن كنا قد تطرقنا إلى هذه القاعدة في الفصل األول و عرفنا اإلطار العام و األحكام‬
‫العامة التي تضبط عملية النشر و التبليغ فإننا ال نتوقف دون أن نتعرف على االستثناء الذي قد‬
‫تنتهجه اإلدارة لعدم نشر الق اررات أو تبليغها أو اآلثار المترتبة على عدم القيام بهذا االلتزام و قيمة‬
‫هذا العمل القانوني و هو ما نحاول معرفته في الفصل الثاني‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الف ص ل الثاني‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آثار القرار اإلداري الغير المنشور‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آثار القرار اإلداري الغير المنشور‬

‫إن المقصود بأثر القرار اإلداري غير المنشور في مواجهة اإلدارة و األفراد هو البحث في مدى نفاذ‬
‫هذه الق اررات و لمعرفة ذلك البد من الرجوع إلى ما ذكرناه سابقا حيث تناولنا الخالف الفقهي الذي‬
‫ثار بشأن اإلجراء الذي ال يكتمل به القرار اإلداري‪ ،‬و رأينا كيف‬

‫انقسم الفقه بشأن تحديد اإلجراء الذي يكتمل به القرار اإلداري إلى قسمين‪.‬‬

‫و انتهينا إلى الرأي األرجح في القانون اإلداري المقارن و الذي ال يرى أن القرار اإلداري يكتسب‬
‫قوته التنفيذية كما يرتب آثاره بمجرد إصداره دون تعليق ذلك على النشر و اإلعالن إذا النشر ليس‬
‫شرطاً إال لالحتجاج به في مواجهته المخاطبين بأحكامه‪.‬‬

‫و إذا كان األمر كذلك فك يف يكون الحل بالنسبة للقرار الذي لم ينشر؟ و هل يمكن االحتجاج به‬
‫في هذه الحالة؟ و في مواجهته من يحتج به؟‬

‫لهذا سوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مدى حجية القرار اإلداري غير المنشور في مواجهة اإلدارة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مدى حجية القرار اإلداري غير المنشور في مواجهة األفراد‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫المبحث األول‪ :‬أثر القرار اإلداري غير المنشور في مواجهة اإلدارة‬

‫لقد أثريت مسألة االحتجاج بالقرار اإلداري الغير المنشور و كانت النتيجة أن نقسم الفقه على نفسه‬
‫و تركز الخالف حول القرار التنظيمي و االحتجاج به في مواجه اإلدارة‪(1‬المطلب أول) و ذلك دون‬
‫القرار الفردي(المطلب ثاني) و بالتبعية وجب التطرق إلى النتيجة المترتبة عن ذلك (المطلب ثالث)‬
‫‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬آثار القرار التنظيمي الغير المنشور‬

‫إن معظم الدراسات الفقهية التي تطرقت لهذا الموضوع جاءت متباينة‪ 2‬وانقسمت على نفسها إلى‬
‫اتجاهين نقسمها إلى فرعين‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإلتجاه األول‬

‫يذهب إلى أن القرار التنظيمي يلزم اإلدارة منذ صدوره قل نشره و رتب هذا الجانب على هذا الرأي‬
‫نتيجة هامة هي أنه يجوز لألفراد التمسك بهذا القرار في مواجهة اإلدارة قبل نشره و تمسكوا بنفس‬
‫الحجج التي تمسكوا بها في تبريرهم إلمكانية تمسك األفراد اتجاه اإلدارة قبل نشره و تمسكوا بنفس‬
‫الحجج التي تمسكوا بها في تبريرهم إلمكانية تمسك األفراد تجاه اإلدارة بالقانون الذي لم ينشر و في‬
‫هذا الصدد يقول األستاذ ‪ ( 3Revero‬إن القرار اإلداري ينتج عن أثره مجرد إصداره و تلتزم اإلدارة‬
‫منذ هذه اللحظة بالعمل بموجبه فيما يخصها و لكنها ال تستطيع أن تحتج بهذا القرار مواجهة األفراد‬
‫إال بعد علمهم به)‪.‬‬

‫و يقول األستاذ لوبادير ‪ " :Laubadére‬إن النشر لم يكف إال لمصلحة األفراد أما اإلدارة فيفترض‬
‫فيها العلم بالق اررات التي تصدرها"‪ ،‬و يرى الدكتور محمد فؤاد مهنا‪ 4‬نفس الرؤية حيث يقول " إن‬
‫القاعدة في هذا الشأن أن الق اررات اإلدارات سواء كانت تنظيمية أو فردية تعتبر ملزمة للسلطات التي‬
‫أصدرتها من تاريخ إصدارها أي بمجرد التوقيع عليها و معنى هذا أن هناك فترة قبل نشر القرار‬
‫يمكن لإلدارة خاللها أن تنفذه على أال يرتب أثره في مواجهة األفراد إال بعد أن يعملوا به "وقد انظم‬

‫‪1‬عبد العزيز السيد الجوهري ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.240‬‬


‫‪2‬الدكتور محمد السناري‪ ،‬نفاذ الق اررات اإلداري ( دراسة مقارنة) ص ‪.120‬‬
‫‪Revero: droit administratif 3° édition p 923‬‬
‫دروس في القانون اإلداري – ص‪.348‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫إلى هذا التيار العميد سليمان محمد الطماوي حيث يقول" إن اإلجابة باإليجاب (أي حق األفراد في‬
‫التمسك بالق اررات اإلدارية غير المنشورة) هي النتيجة المنطقية لقاعدة نفاذ الق اررات اإلدارية منذ‬
‫صدورها" و هو لم يفرق في هذا بين الق اررات الفردية و التنظيمية‪.‬‬

‫ويتضح من خالل هذه اآلراء أنهم يسايرون في ذلك‪:‬‬

‫‪-‬منطق النظرية عدم االحتجاج ذلك أن هذه النظرية تعترف بوجود القرار اإلداري بمجرد توقيعه من‬
‫مصدره و من ثم فإنه يكون نافذا في حق اإلدارة منذ لحظة التوقيع و هذا بدوره يؤدي إلى إمكانية‬
‫احتجاج األفراد به في مواجهة اإلدارة منذ تلك اللحظة بغض النظر عن كونه ق ار ار تنظيما أو فرديا‪.‬‬

‫‪-‬باإلضافة إلى هذا فإن النشر تقرر لمصلحة األفراد‪ 1‬و ليس لمصلحة اإلدارة ألن هذه األخيرة‬
‫يفترض علمها بق ارراتها اإلدارية بمجرد صدورها و قبل نشرها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإلتجاه الثاني‬

‫يرى أصحاب هذا الرأي أن الق اررات اإلدارية التنظيمية ال يستطيع األفراد التمسك بها في مواجهة‬
‫اإلدارة إال بعد شهرها و ذلك لسبب بسيط هو أن حسن اإلدارة يقتض وضع نقطة محددة ينتهي‬
‫عندها التنظيم القديم ليبدأ التنظيم الجديد‪ 2‬فالبد من وجود حد فاصل بين سريان الالئحة القديمة و‬
‫الالئحة الجديدة في مواجهة كل من األفراد و اإلدارة و ال يتسنى وضع هذا الحد الفاصل إال بإحداث‬
‫واقعة معينة هي نشر الالئحة الجديدة و متى نشرت هذه الالئحة القديمة بالنشر و ليس بصدور‬
‫الالئحة الجديدة‪.‬‬

‫ويتضح جليا من هذا أن أصحاب هذا الرأي يساوون ما بين الالئحة و القانون بحيث يعتبرون‬
‫الالئحة تشريعا فرعيا تقوم به اإلدارة في مجال عمله التنظيمي و إن كانت ال تستلزم عن إصدارها‬
‫القيام بالعملية التشريعية المركبة التي يمر بها القانون من خالل عمل السلطات التشريعية و التنفيذية‬
‫إلى أن ينتهي باإلصدار‪ ،‬فإن الالئحة ال تختلف عن القانون إال في هذه النقطة‪ ،‬و لكن ما على‬
‫ذلك فهما يتشابهان من الناحية الموضوعية فيتضمنان أحكاماً و نصوصاً عامة و مجردة و يخاطبان‬
‫بهذه األحكام و النصوص عدداً غير محدود و معين من األشخاص كما أنهما ال ينشآن مراكز‬

‫‪1‬و هذا ليتمكن األفراد المخاطبين بالقرار من ممارسة حقهم في رفع دعوى اإللغاء ألنه من تاريخ النشر و العلم يبدأ حساب الميعاد للفقرة‬
‫المحددة لرفع هذه الدعوى‪.‬‬
‫‪2‬جورج فيدال ‪ ،‬بيار دالفولفيه ‪ Pierre de lvolve‬القانون اإلداري الجزء األول ص ‪ 220‬ترجمة منصور القاضي‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫قانونية ذاتية أو شخصية و إنما ينشآن مراكز عامة‪ ،‬لذلك كان من المنطق أن يسري على الالئحة‬
‫ما يسري على القانون فإن عدم جواز االحتجاج بها في مواجهة اإلدارة قبل نشرها إلتحاد العلة‬
‫بينهما‪.‬‬

‫و في هذا االتجاه سار القضاء اإلداري الفرنسي و كمثال على ذلك حكم مجلس الدولة لفرنسي‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 1800/11/21‬حيث تلخص واقع هذا الحكم في " أن اآلنسة ‪ Balthazard‬كانت‬
‫قد فصلت بقرار صدر من المدير اإلقليمي للبريد بتاريخ ‪ 24‬أفريل ‪ 1804‬تنفيذاً للتعليمات الو ازرية‬
‫الصادرة عن وزير البريد و البرقيات بتاريخ ‪ 1804/40/18‬و المتعلقة بالصالحية الوظيفية و حق‬
‫الموظفين في العمل أثناء فترة التمرن و لكن هذه التعليمات لم تكن قد نشرت في المجموعة الرسمية‬
‫الخاصة بموظفي البريد و البرقيات فقضى المجلس برفض الدعوى مستنداً إلى أن هذه التعليمات‬
‫الو ازرية ال تعتبر قابلة للتطبيق إال في ‪ 24‬أفريل أي في نفس اليوم الذي صدر فيه القرار المطعون‬
‫فيه‪ ،‬وال تستفيد المدعية من هذا القرار التنظيمي‪.‬‬

‫أما موقف القضاء المصري فمتجسد في الحكم الصادر بتاريخ ‪ 11‬ديسمبر ‪ 11812‬و الذي يتحدث‬
‫فيه عن أثر الق اررات غير المنشورة و ما إذا كان عدم النشر يوقف نفاذها كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للقوانين و قد توصل في هذا الحكم إلى التفرقة بين القانون و الق اررات اإلدارية‪ ،‬تنظيمية أو فردية ‪،‬‬
‫فالقانون وحده حسب موقف القضاء المصري في هذا الحكم هو الذي ال يجوز العمل به إال بعد‬
‫نشره دون القرار التنظيمي أو الفردي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آثار القرار الفردي الغير المنشور‬

‫يكاد يجمع الفقه اإلداري المقارن على حق األفراد في التمسك بالقرار اإلداري غير المنشور في‬
‫مواجهة اإلدارة منذ صدوره و يقصد بإصدار القرار إفصاح اإلدارة المختصة عن مضمونه‪ 2‬أياً كان‬
‫أسلوب اإلفصاح عنه شفاهة أو كتابة و أياً كان وضعه القانوني سليماً أو مشبوهاً بعيب من العيوب‬
‫طالما لم يصل هذا العيب إلى حد الجسامة الذي يفقده وصف القرار اإلداري‪.‬‬

‫‪1‬حكم ذكره األستاذ سليمان الطماوي في مؤلفه‪ :‬النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪ /‬طبعة ‪ 1881‬ص ‪.023‬‬
‫‪2‬الدكتورة عبد العزيز إبراهيم شيحا‪،‬المرجع السابق ص ‪.028‬‬

‫‪40‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫الفرع األول‪ :‬اآلراء الفقيه‬

‫و في هذا الصدد يقول العميد ‪ G.vedel‬أن القرار اإلداري يمكن أن يرتب حقوقاَ الذوي الشأن قبل‬
‫نشره‪.‬‬

‫بأن سبب ذلك ‪ ،‬راجع إلى نظرية عدم االحتجاج تنطوي في حد ذاتها‬ ‫‪1‬‬
‫و يبرر األستاذ ‪Issac‬‬
‫على التأكيد بأال قيمة لالحتجاج بالقرار في مواجهة فرد إذا بم يتمكن هذا الفرد من التمسك بالفائدة‬
‫التي يرتبها له هذا القرار و التي يستفيد منها الفرد‪ ،‬إال أن ينشر أو يعلن هذا القرار و تبعا لذلك فإنه‬
‫يجوز للموظف التمسك بقرار تعيينه السليم منذ تاريخ صدوره و التمسك بالحقوق التي أنشأها له هذا‬
‫القرار كما ال يجوز لإلدارة سحب هذا القرار‪.‬‬

‫أوال‪ :‬موقف القضاء الفرنسي‪:‬‬

‫إن القضاء اإلداري الفرنسي اعترف بحق األفراد في االحتجاج الفردي قبل شهره في مواجهته اإلدارة‬
‫و لكن قبل قد أن يستقر على هذا الرأي فإنه مر بصدد هذه المسألة بثالث مراحل و كانت آخرها‬
‫المرحلة التي بدأت منذ عام ‪ 1802‬و التي استقر فيها مجلس الدولة الفرنسي على حق األفراد في‬
‫االحتجاج بالق اررات اإلدارية الفردية قبل نشرها في مواجهة اإلدارة‪.‬‬

‫ففي المرحلة األولى‪ :‬رفض المجلس تمسك األفراد في مواجهة اإلدارة بالقرار الفردي إال أن يشهر‪.‬‬

‫و في المرحلة الثانية‪ :‬اعترف المجلس بصحة القرار اإلداري حتى ولو لم يبلغ و لكن في المقابل‬
‫رفض تمسك األفراد به في مواجهة اإلدارة وما يالحظ أنه في هذه المرحلة أن القضاء اإلداري‬
‫الفرنسي أسس لفكرة استقاللية القرار عن مسألة النفاذ‪.‬‬

‫وفي المرحلة الثالثة‪ :‬أجاز مجلس الدولة الفرنسي لألفراد التمسك في مواجهة اإلدارة بالقرار الفردي‬
‫حتى و لو لم ينشر‪.‬‬

‫و لقد ترتب على إقرار هذا المبدأ نتائج هامة تتضح جلياً من خالل األحكام المتعددة التي قضى بها‬
‫المجلس و لعل من جملة هذه النتائج أن القرار الفردي متى صدر سليماً فإنه يكتسب صحته و‬

‫‪1‬الدكتور محمد السناري‪ -‬المرجع السابق ص ‪.130‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫تصبح له قوته الملزمة كما ينتج آثاره منذ توقيعه‪ ،‬ولكن ال يجوز لإلدارة االحتجاج به في مواجهة‬
‫األفراد إال بنشره بالوسائل المقررة قانوناً‪.1‬‬

‫ومن جهة أخرى فإنه يمكن لألفراد أن يتمسكوا به في مواجهة اإلدارة دون انتظار لنشره أو إعالنه‬
‫كما أن لهم أن يتمسكوا بأثره التي تترتب لهم فائدة منه‪ ،‬و هذا نابع من فكرة أنه ال يجوز لإلدارة أن‬
‫تحتج بعد النشر أو اإلعالن ألنها ترتبط بالقرار منذ تاريخ صدوره‪.‬‬

‫ولقد طبق مجلس الدولة الفرنسي هذا المبدأ ونتائجه ألول مرة في حكم أحكامه الشهيرة في تاريخ‬
‫قضائه في قضية ‪ Mattei‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬ديسمبر ‪.21802‬‬

‫و تتلخص وقائع هذا الحكم في أن محافظ السين أصدر ق ار اًر بتاريخ ‪ 1808/42/13‬بتعيين اآلنسة‬
‫‪ Mattei‬في إحدى الوظائف بمركز الهاتف بقصر العدالة في باريس و لم يعلن هذا القرار إلى‬
‫صاحبة الشأن‪ ،‬كما لم ينشر أو يبدأ في التنفيذ‪ ،‬ثم أصدر القرار المحافظ ق ار اًر آخر بتاريخ‬
‫‪ 1808/41/40‬بإلغاء القرار األول و تعيين السيدة بالقرار الصادر في ‪ 1808/41/31‬في الوظيفة‬
‫التي أسندت من قبل إلى اآلنسة ‪ Mattei‬وهو ما جعل هذه األخيرة ترفع دعوى مطالبة بإلغاء‬
‫الق اررين األخيرين معاً‪ ،‬و لقد استجاب المجلس إلى طلب اإللغاء قاضيا في ذلك بجواز تمسك‬
‫المدعية بالقرار األول الصادر بتعيينها رغم عدم إعالنه‪.‬‬

‫و تبعاً لذلك فإنه يجوز للغير التمسك في مواجهة اإلدارة بالقرار الفردي قبل إعالنه أو نشره مع‬
‫االستفادة من اآلثار التي يرتبها لمصلحتهم شأنهم في ذلك شأن من صدر القرار لمصلحته‪.‬‬

‫ولقد توالت أحكام بعد حكم ‪ Mattei‬سالكة في نفس المنهج فقد قضى في حكم آخر صدر بتاريخ‬
‫‪ 1801/40/13‬بأن القرار الصادر في ‪ 1802/41/18‬لم يكن نتيجة ألعمال غش ارتكبها المدعي‬
‫و لذلك فهو ينش حقوقاً لمصلحة المدعي منذ توقيعه و لو لم يبلغ به‪.‬‬

‫‪1‬الدكتور محمد السناري‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.133‬‬


‫‪2‬الدكتور عبد العزيز السيد الجوهري ـ المرجع السابق ص ‪.212‬‬

‫‪42‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫ثانيا‪ :‬في مصر‪:‬‬

‫استقر القضاء و الفقه على األخذ بهذا المبدأ‪ 1‬و ذلك بالرغم من أن الرأي الساند هو عدم التفرقة‬
‫بين الق اررات التنظيمية و الق اررات الفردية في هذا الصدد و لذلك جاءت عبارات الفقهاء و أحكام‬
‫القضاء جامعة بين النوعين‪.‬‬

‫و ما يالحظ من خالل اآلراء التي تم التطرق إليها و المبررات المستند إليها أن مسألة تمسك األفراد‬
‫في مواجهة اإلدارة بالقرار اإلداري الفردي غير المنشور قائم على األسباب التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أنه يسير مع منطق نظرية عدم االحتجاج (التي نتطرق إليها الحقا) و التي يعتنقها غالبية‬
‫القضاء و الفقه المقارن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنه ال يترتب على األخذ بها النتائج التي تترتب في حالة إجازة تمسك األفراد بالقرار اإلداري‬
‫التنظيمي غير المنشور‪ ،‬و يرجع ذلك إلى اختالف طبيعة القرار الفردي عن القرار التنظيمي‪ ،‬فبينما‬
‫األول يشمل أحكاماً فردية و يخاطب فرداً معيناً بالذات‪ ،‬نجد أن الثاني يشمل أحكاماً عامة مجردة‬
‫و ال يخاطب فرداً أو أفرداً معينين بذواتهم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النتائج المترتبة على نفاذ الق اررات اإلدارية منذ صدورها‬

‫إن الرأي السائد في الفقه و القضاء الفرنسي أن القرار اإلداري الفردي ينفذ في مواجهة اإلدارة منذ‬
‫صدوره و هذا قبل نشره أو تبليغه بينما القرار التنظيمي ال ينفذ في مواجهة اإلدارة إال بالنشر و‬
‫يترتب على نفاذ القرار في مواجهة اإلدارة من تاريخ صدور النتائج التالية‪.‬‬

‫‪ -1‬التزام اإلدارة بالقرار الصادر منها فال تستطيع العدول عنه إال في حاالت معينة كأن يكون‬
‫معيباً في أحد عناصره أو يكون غير مالئم في نظر السلطات الرئاسية‪.2‬‬
‫‪ -2‬إن مشروعية القرار تحدد من حيث عناصر صحته على القواعد القانونية المعمول بها وقت‬
‫نفاذه دون االعتداد بأي تعديل يط أر على هذه القواعد بعد نفاذ القرار‪.‬‬
‫‪ -3‬يكون لإلدارة منذ تاريخ نفاذ القرار سلطة تنفيذية ‪ Entre en vigueur‬بالنسبة للقرار و إن‬
‫كان هذا التنفيذ يجب أن ال يترتب أثره تجاه الغير إال بعد ثبوت تاريخ العلم به بتبليغه أو إذا‬

‫‪1‬الدكتور محمد فؤاد مهنا ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.348‬‬


‫‪2‬الدكتور إبراهيم عبد العزيز شحا ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.028‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫ثبت العلم به علماً يقينياً‪ ،‬و في المقابل يجوز االحتجاج من جانب األفراد في مواجهة اإلدارة‬
‫ثم ال يجوز التنصل من تنفيذه بحجة عدم‬
‫بالقرار منذ وقت إصداره ال من تاريخ نشره‪ ،‬ومن َّ‬
‫قيامها بالشهر أو اإلعالم بالقرار‪ ،‬و ذلك أن الشهر و العلم بالقرار متطلب لنفاذه في مواجهة‬
‫األفراد المعينين به ال شرط إصداره أو لنفاذه‪.‬‬
‫‪ -0‬و إذا كان هذا المبدأ‪ 1‬يصح تطبيقه على الق اررات البسيطة فإنه يعرف استثناءات في ما‬
‫يخص نوعاً آخر من الق اررات اإلدارية و هي الق اررات المعلقة على شرط واقف‪ ،‬و الق اررات‬
‫المعلقة على شرط فاسخ‪.‬‬
‫أ‪ /‬الق اررات المتضمنة شرط واقف‪:‬‬

‫إذا كانت القاعدة هي نفاذ الق اررات اإلدارية من تاريخ صدورها و بالتبعية إمكانية جواز تمسك األفراد‬
‫‪2‬‬
‫بها في مواجهة اإلدارة فإن هذه القاعدة ال تصدق على إطالقها إال على الق اررات اإلدارية البسيطة‬
‫أما الق اررات المعلقة على شرط فإن نفاذها مرهون بتحقق الشرط الذي علق عليه القرار‪.‬‬

‫و لقد أجمع شراح الفقه اإلداري على أن أغلب الشروط في الق اررات اإلدارية في شروط موقفة تؤدي‬
‫إلى تأجيل أثر القرار حتى يتحقق الشرط الذي يجب أن يكون مشروعاً مما يقتضيه سير المرفق‬
‫العام و من ذلك أن تصدر اإلدارة ق ار اًر و تعلق نفاذه على مصادقة هيئة أخرى أو موافقة البرلمان‬
‫على صنع االعتماد الالزم لتنفيذه‪.3‬‬

‫ب‪ /‬الق اررات المتضمنة شرطا فاسخاً‪:‬‬

‫القاعدة أن هذه الق اررات تعتبر نافذة في مواجهة اإلدارة منذ صدورها و قبل إعالنها أو نشرها إال أن‬
‫تحقق الشرط الفاسخ من شأنه أن يعمل على إنهاء آثار هذه الق اررات من تاريخ تحقق هذا الشرط‪.‬‬

‫و من أمثلة الشروط الفاسخة أن تمنح اإلدارة ترخيصا و تعلق استمرار نفاذه على بقاء حالة واقعية‬
‫أو قانونية معينة فإذا زالت تلك الحالة انقضى األثر الخاص بالقرار‪.‬‬

‫واذا كان هذا هو شأن الق اررات اإلدارية غير المنشورة في مواجهة اإلدارة فكيف هو شأنها في مواجهة‬
‫األفراد؟‬

‫‪1‬عبد العزيز الجوهري‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.224‬‬


‫‪2‬محمد سليمان الطماوي ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.032‬‬
‫‪3‬إذا كانت القاعدة هي عدم نفاذ الق اررات أصال فمن باب أولى عدم جواز االحتجاج بها من طرف األفراد في مواجهة اإلدارة قبل نشرها‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آثار القرار اإلداري الغير المنشور في مواجهة األفراد‬

‫رأينا في ما سبق مدى نفاذ الق اررات اإلدارية غير المنشورة سواء كانت تنظيمية أو فردية في مواجهة‬
‫اإلدارة‪ ،‬ونتناول في هذا المبحث مدى نفاذها في مواجهته األفراد و يكون ذلك بمناقشة مسألة صحة‬
‫القرار اإلداري غير المنشور في المطلب األول‪ ،‬ثم مدى إمكانية االحتجاج به من طرف اإلدارة في‬
‫مواجهته األفراد في مطلب ثان‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مدى صحة القرار اإلداري غير المنشور‬

‫القاعدة العامة تقتضي أنه إذا كان القرار اإلداري فرداً فإن العلم به يكون من تاريخ اإلعالن أي‬
‫إعالن صاحب الشأن به‪ ،‬ومنذ هذا التاريخ يعد القرار نافذا أو يمكن االحتجاج به قبل المخاطب به‬
‫فيما فرضه القرار من االلتزامات أو الواجبات‪.‬‬

‫أما إذا كان القرار تنظيماً فإن العلم به يكون بنشره في الجريدة الرسمية وهذا حتى يرتب التبليغ أو‬
‫النشر أثره في نفاذ القرار و االحتجاج به قبل المخاطبين به‪.‬‬

‫و إذا كان في األحوال العادية فكيف يكون األمر في القرار غير المنشور أو غير المعلن أو الخفي‬
‫كما يسمى أحياناً ‪.L'acte occulte‬‬

‫الفرع األ ول‪ :‬االتجاه األول‬

‫من المسلم به في الفقه والقضاء الفرنسيين أن القرار اإلداري غير المعلن هو قرار سليم‪ ،‬بل‬
‫و نافذاً في حق اإلدارة كما رأينا‪ ،‬و هذا الشأن يقول المفوض "‪ 1"Helbronner‬أن النشر ليس هو‬
‫الذي يكسب القرار وجوده القانوني أو يضفي عليه قوته و كل أثره ينحصر في نقل القرار إلى علم‬
‫األفراد لكي يلتزموا به و يخضعوا ألحكامه‪ ...‬و ما لم يتم هذا النشر فال أثر له قبل األفراد فال‬
‫يلتزمون به و لكن القرار يحتفظ بقيمته القانونية رغم ذلك‪.‬‬

‫وهذا هو االتجاه الذي سارت فيه المحكمة اإلدارية العليا في مصر في حكمها الصادر في ‪ 24‬أفريل‬
‫‪ 1814‬حيث تؤكد " ‪ ...‬أنت ما يزعمه المدعي من حيث الشكل إنما يلحق عملية النشر و ال يمس‬
‫كيان القرار ذاته و ال صيحته كتصرف قانوني ذلك أن للقرار اإلداري هو إفصاح‪ ...‬أما عملية‬

‫‪1‬‬
‫‪Ce n'est pas la publication d'un deecet qui lui donne la validité. l'existence l'égal: cette existence est indépendant de‬‬
‫…‪la publication.. la publication a uniquement pour but de la porter ( le décret) à la connaissance de tous les citoyens‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫النشر في ذاتها فهي إجراء الحق ال يعدوا أن يكون تسجيال لما تتم فال يرتد أثرها إلى ذات القرار و‬
‫ال يمس صحيته"‪.1‬‬

‫أن هذا القرار هو قرار سليم‪ ،‬رغم‬ ‫‪2‬‬


‫و من هنا يتضح أن اإلطار الذي يسير فيه جانب من الفقه‬
‫عدم نفاذه و لكن هذا التوجه قد يؤدي في بعض الحاالت إلى اإلخالل بالضمانات التي يرتبها الفقهاء‬
‫على عدم نفاذ القرار غير المنشور في مواجهة األفراد‪ .‬وقد تجسد هذا الخطر في الحكم الصادر‬
‫عن مجلس مواجهة األفراد‪ .‬و قد تجسد هذا الخطر الحكم الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ‬
‫‪Syndicat national des chemins de far de‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 12‬جويلية سنة ‪ 1813‬في قضية‬
‫‪ France et de colonne‬والتي تتخلص وقائعها فيما يلي‪ " :‬إنه في أوائل شهر أكتوبر سنة‬
‫‪ 1814‬شلت حركة القطارات في شمال فرنسا نتيجة إضراب عمال السكك الحديدية في تلك المنطقة‬
‫و كانت وسيلة الحكومة الوحيدة للقضاء على هذا اإلضراب هي تكليف العمل المضربين في‬
‫االستمرار في العمل "‪ "La mobilisation de cheminots‬وفقاً للقانون الصادر ب‬
‫‪ 1820/43/13‬و لكن هذا القانون كان يشترط لنفاذه صدور بعض المراسيم التنفيذية إلى تبين‬
‫شروط هذا التكليف و كانت الحكومة قد أصدرت تلك المراسيم و لم تنشرها لغاية في نفسها فلما وقع‬
‫اإلضراب السابق صدرت الجريدة الرسمية و فيها المراسيم التنفيذية و الق اررات بالتكليف الصادرة‬
‫استناداً إليها‪ ،‬فطعنت نقابة السكك الحديدية في ق اررات التكليف تلك استناداً إلى صدورها في ذات‬
‫الوقت الذي نشرت فيه اللوائح التنفيذية في حين أن الواجب أن تصدر بعد ذلك النشر و لكن مجلس‬
‫الدولة الفرنسي لم يأخذ بهذا الدفع و استند إلى سالمة القرار غير المنشور لرفض دعوى اإللغاء‪،‬‬
‫ذلك أن اللوائح و لو أنها لم تنشر فإنها مشروعة و لإلدارة بالتالي أن تستند إليها في إصدار الق اررات‬
‫الفردية بشرط نشر هذه الق اررات إذا أريد االحتجاج بها في مواجهة األفراد‪ ،‬و قد تم النشر و من ثمة‬
‫يلتزم بها األفراد‪.‬‬

‫وهنا نلخص إلى نتائج هامة وهي‪:‬‬

‫تم إصداره سليما من صاحب االختصاص‬


‫‪-‬أن هذا االتجاه يسند إلى فكرة أن القرار اإلداري متى ًّ‬
‫فإنه يكتسب صحته و جوده القانوني دون تعليق ذلك على شرط نشره أو تبليغه ألن هذا النشر كما‬

‫‪1‬الدكتور محمد سليمان الطماوي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.140‬‬


‫‪2‬ألن هناك جانباً آخر في الفقه يرى أن عدن نشر القرار هو عيب يلحق القرار ذاته يضاف إلى العيوب المعروفة التي تشكل اإللغاء‬
‫‪3‬الدكتور محمد السناري‪ ،‬المرجع السابق ص ‪103‬‬

‫‪46‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫يرى أصحاب هذا االتجاه‪ ،‬ليس إال واقعة مادية الحقة على وجود القرار و صحته و ال يقصد بها‬
‫غير االحتجاج به في مواجهة أصحاب الشأن‪.‬‬

‫‪ -‬إن األحكام المتتالية لمجلس الدولة الفرنسي و التي سارت في نفس االتجاه المذكور أست لقيام‬
‫نظرية جديدة مفادها التمييز بين صحة القرار اإلداري في ذاته كعمل قانوني منفصل عن واقعة‬
‫النشر و التي ال يقصد بها غير سريان هذا القرار على أصحاب الشأن‪.‬‬

‫الفـــرع الثاني‪ :‬االتجاه الثاني‬

‫هذا االتجاه هو حديث في الفقه الفرنسي و حتى المصدري و من بين ما يقوم عليه هو انتقاده‬
‫لما استقر عليه الفقه الراجح و ما جرت عليه أحكام مجلس الدولة الفرنسي و المحكمة اإلدارية العليا‬
‫في مصر فقد حاول فقهاء هذا االتجاه إيجاد الطريقة التي تجعل النشر أو اإلعالن عنص ار من‬
‫عناصر مشروعية القرار‪ ،‬فقد ذهب الفقيه اليوناني "ميشال ستاسينوبولس" إلى أن القرار اإلداري‬
‫ال يكون سليما إال إذا تكاملت عناصره و أهمها إعالن حتى ال يتم صحيحا إال بالطريقة التي ينص‬
‫عليها المش رع و هي النشر بالنسبة للق اررات التنظيمية و التبليغ بالنسبة للق اررات الفردية و ما لم يتم‬
‫هذا النشر أو التبليغ فإن القرار اإلداري المكتوب و الذي يحمل توقيع مصدره ليس إال عمال داخليا‬
‫ال تستطيع اإلدارة االحتجاج به في مواجهة األفراد‪ ،‬بل ال تستطيع أن تنفذه بأية صورة من الصور‬
‫و ال تملك أن تستند إليه في إصدار ق اررات أخرى‪.‬‬

‫و قد سار مجلس الدولة اليوناني في هذا االتجاه و اعتنق هذا المبدأ و منها حكمه الصادر في سنة‬
‫‪ 1830‬و الذي جاء فيه‪:‬‬

‫" إن القرار الذي لم ينشر يمكن إلغاءه لعيب في شكله‪ "...‬و في حكم آخر يقرر أن‪:‬‬

‫" النشر هو شرط جوهري إلتمام القرار اإلداري و إن النشر إذا لم يتم ليصبح القرار معدوماً "‪.1‬‬

‫المبدأ الذي اعتنقه أصحاب االتجاه األول و دعا إلى التخفيف من‬ ‫‪2‬‬
‫و قد اعتنق "‪"liet veaux‬‬
‫حدته حيث يرى أنه فيما يتعلق بالنصوص التنظيمية فإن النشر يعتبر شرطاً لصحتها فضالً عن أن‬

‫‪1‬مجلس الدولة اليوناني قرر في حكم له صادر سنة ‪ 1832‬أن القرار اإلداري ينتج آثاره قبل نشره‪ ،‬ألن المشرع ال يجعل النشر من العناصر‬
‫المكونة للقرار و هذا الحكم يتفق مع مبدأ المسلم به في فرنسا و مصر‪ ،‬ولكن يبقى هذا القرار ال يعتبر عم مبدأ السائد الذي يأخذ به مجلس‬
‫الدولة اليوناني‪.‬‬
‫‪2‬تعليق مأخوذ من كال‪ .‬القانون اإلداري جورج فودال‪ ،‬ترجمة منصور القاضي ص ‪.221‬‬

‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫بع ض األحكام قد قضيت أنه في بعض المراحل االستثنائية بأن إجراءات التحقيق التي تقوم بها‬
‫السلطات العليا يجب أن يخطر لها أصحاب الشأن كشروط لصحة بغض الق اررات و ليس فقط‬
‫لالحتجاج بها‪.‬‬

‫و من ناحية أخرى قضت بعض هذه األحكام بأن القرار الذي ال يجوز االحتجاج به في مواجهة‬
‫المدعي يعتبر معدوماً بالنسبة له‪ ،‬و أن إتمام إجراءات النشر بالنسبة للمدعي يغير شرطاً لمصلحة‬
‫هذا القرار‪ ،‬و يتضح من هذا أن النشر ليس إال وجهاً من أوجه صحة القرار بالنسبة ألصحاب‬
‫الشأن‪.‬‬

‫و الثابت أيضا أن عدم إجراء النشر و اإلعالن يجب أن يعتبر سببا من أسباب انتهاك الشكل‬
‫الجوهري للقرار‪ ،‬و بالتبعية ف‘ ن القرار الذي ال يجوز االحتجاج به في مواجهة أصحاب الشأن ال‬
‫يجوز اعتباره ق ار اًر صحيحاً‪.‬‬

‫في نفس اإلطار سار العميد هوريو‪ 1‬و الذي كان من أقدم الفقهاء الذين هاجموا المبدأ السابق و ما‬
‫استقر عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي و تطرق إلى اآلثار القانونية التي تنجم عن عدم نشر‬
‫الق اررات اإلدارية و آثاره الضارة بمصالح األفراد في حياتهم العملية نتيجة لسيادة و طغيان عوامل و‬
‫اعتبارات المنطق القانوني و ما يجريه من تمييز بين صحة الق اررات اإلدارية و عدم االحتجاج بها‬
‫إذا لم تنشر‪.‬‬

‫كما انتقد اإلدارة لقيامها باتخاذها ق اررات خفية حائزة للقوة التنفيذية ثم تتراخى في نشرها أو تبليغها و‬
‫تعمد إلى ذلك‪ ،‬لهذا فهو يرى أن كل ذلك صحيح في وجهة نظر القانون الوضعي‪ ،‬لكنه ال يعتبر‬
‫‪2‬‬
‫كافيا من وجهة نظر العدالة‪ ،‬فضال عن مقتضيات اإلدارة السليمة‪...‬‬

‫ويرى أن‪:‬‬

‫الضمير الحديث يتطلب أن تتصرف اإلدارة في وضح النهار و من المرغوب فيه دائماً أن تكون‬
‫جميع الق اررات و أعمالها متسمة بصفة العالنية‪ ،‬ألن هناك إحساساً عميقاً بأن ذلك الذي لم يتم علناً‬
‫ال يمكن أن يكون مشروعاً‪...‬‬

‫‪1‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬المرجع السابق ‪.145‬‬


‫‪2‬نفس المرجع ص ‪003‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫و إذا كان من غير المتاح أن يكون النشر مالزماً للقرار فيجب على األقل أن يكون الحقاً له و‬
‫عندئذ يكون القرار غير صحيح إال إذا نشر‪.1‬‬

‫ولقد انتهى العميد هوريو إلى دعوة المشرع الفرنسي إلى التدخل لتشريعي لحل هذه المشكلة‪ ،‬و أقترح‬
‫‪4‬‬
‫في هذا الصدد قانون يتكون من مادة واحدة ينص على ما يلي‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫"جميع الق اررات اإلدارية قابلة للنشر يجب أن تنشر خالل ‪ 10‬يوم و إال كانت باطلة‬

‫‪Toutes les décisions administratives susceptibles doit être publiées doivent‬‬


‫‪l'être, a peine de nullité dans un délai de quinze jours.‬‬
‫‪3‬‬
‫النتائج المترتبة على هذا الرأي‪:‬‬

‫إن هذا الرأي ترتب عليه نتائج قد تصل إلى درجة التناقض و الذي يضرب في الصميم فكرة قانون‬
‫القرار اإلداري منذ صدوره و من جملة هذه النتائج ‪:‬‬

‫‪-1‬إن القرار غير المنشور أو الغير مبلغ يعتبر لهذا الرأي مجرد مشروع قرار و بالتالي يجوز العدول‬
‫عنه بمجرد عدم نشره أو تبليغه فهو ماال يمكن القيام به وفقا للرأي اآلخر‪.‬‬

‫‪ -2‬إنه ال يجوز الطعن في القرار الغير منشور أو غير المبلغ لذوي الشأن حتى و لو علم به الفرد‬
‫علماً يقيناً ألنه مجرد مشروع قرار كما ذكرناه و هذه الفكرة تخالف تماماً ما استقر عليه القضاء‬
‫اإلداري من تطبيقات واسعة لنظرية علم اليقين و التي موضوعها أساساً " الطعن في الق اررات الغير‬
‫مبلغة"‪.‬‬

‫‪ -3‬إن تغيير التشريع بين توقيع القرار و بين نشره أو تبليغه فإن التشريع الساري وقت النشر أو‬
‫التبليغ هو الذي يطبق ألن قبل ذلك يعتبر مجرد مشروع و بالتالي يخضع للتشريع الجديد‪ ،‬قد يمتنع‬
‫صدور القرار إذا أصبح صدوره غير مشروع في ظل التشريع الجديد و هذا أمر في غاية الخطورة‬
‫على األفراد‪.‬‬

‫‪1‬المرجع نفسه ص ‪.000‬‬


‫‪2‬المرجع نفسه ص ‪.000‬‬
‫‪3‬عبد الفتاح الحسن‪ ،‬بحث بعنوان القانون و القرار اإلداري في الفترة ما بين اإلصدار و الشهر( دراسة في القانون الفرنسي) ص ‪.84‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫‪-0‬لقد حدد المشرع مدة معينة لمزاولة االختصاص‪ 1‬بإصدار قرار معين و صدر القرار خالل تلك‬
‫الفترة لكنه لم بنشر أو يبلغ‪ ،‬خاللها فإن هذا النشر أو التبليغ ال يمكن أن يتم بعد انقضاء الفترة‬
‫المحددة لمزاولة االختصاص باعتبار أن النشر أو التبليغ عنصر من عناصر القرار و من هنا يمكن‬
‫قول أنه من الناحية القانونية ال يمكن أن يكون عدم النشر أو التبليغ ‪ -‬مهما طال – سبباً في بطالن‬
‫القرار اإلداري إال إذا نفى المشرع صراحة على ذلك‪ 2‬و ذلك راجع لسببين‪:‬‬

‫األول‪ :‬أنه ال يوجد في القانون‪ -‬قواعد عامة – ما يلزم اإلدارة على التبليغ ق ارراتها إال في النصوص‬
‫الخاصة مثل المادة ‪ 11‬من قانون نزع الملكية "و بالتالي فإن الحالة التي لم يرد بشأنها نص خاص‬
‫فإنه ال يمكن تقرير البطالن بخصوصها بصفة تلقائية"‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬إن النشر هو م قرر لمصلحة األفراد من خالل بدأ حساب مواعيد للطعن و لم يربط المشرع‬
‫نفاذ الق اررات اإلدارية بشهرها إال في حدود ضيقة‪.‬‬

‫و من كل ما سبق قوله نخلص إلى أنه رغم االختالفات الفقهية حول مسألة صحة القرار اإلداري‬
‫الغير منشور إال أن االتجاه السائد و الغالب فقهاً و القضاء يؤكد صحة هذا القرار‪ ،‬و يتميز بين‬
‫فكرة الصحة و االحتجاج به في مواجهة األفراد و لعل هذا هو الموقف الذي اعتنقه القضاء اإلداري‬
‫الجزائري من خالل تطبيقه لنظرية علم اليقين و اعتباره وسيلة من وسائل العلم بق اررات إدارية و هذا‬
‫في التطبيقات المتعددة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عدم االحتجاج بالقرار الغير منشور في مواجهة األفراد‬

‫لقد أخذ الفقه و القضاء منذ زمن بعيد نظرية عدم االحتجاج حتى أصبحت هذه النظرية من األسس‬
‫العامة للقانوني اإلداري‪ ،‬و تقضي هذه النظرية كما رأينا سابقا بأن القرار يكون كامال بمجرد توقيعه‬
‫من مصدره أما شهره فما هو إال إجراء ال يقصد به سوى نقل العلم بالقرار اإلداري ألصحاب الشأن‬
‫من األفراد‪.‬‬

‫و يكون هذا القرار نافذا في مواجهة اإلدارة بمجرد صدوره لكنه ال يحتج به في مواجهة األفراد إال‬
‫من تاريخ علمهم به بإحدى وسائل العلم المعتمد بها قانوناً‪.‬‬

‫‪1‬ومثال ذلك الق اررات التي تتخذ من طرف رؤساء المجالس المحلية المنتخبة خالل العهدة االنتخابية‪.‬‬
‫‪2‬مثلما قضت عليه المادة ‪ 11‬من قانون ‪ 81-11 81‬و الذي يحدد قواعد نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫و لهذا يقول األستاذ روالند أنه ال ينبغي الخلط بين صحة القرار و االحتجاج به ‪،‬‬

‫‪"il ne faut pas confondre la question de la validité de la décision avec‬‬


‫"‪celle de son opposabilité‬‬

‫ألن هذا القرار متى استوفى أركانه و شروطه اكتسب وجوده و صحته ألن النشر ليس شرطا من‬
‫شروط هذا القرار‪.‬‬

‫و إن كان يترتب على هذا المبدأ عند تطبيق نتائج شاذة فإن القضاء كما يقول األستاذ لوبادير فقد‬
‫وجد لها الحلول و ذلك بأن إيجاز لإلدارة أن تطبق هذا القرار ألن وجوده و إلزامه القانوني ناجمان‬
‫عن مجرد صدوره و ذلك بشرط أن ال يرتب تطبيق أثره في مواجهة األفراد إال من تاريخ نشره‪.‬‬

‫فالقرار ال ينفذ و ال يرتب آثاره في مواجهة ذو الشأن إال إذا نشر و أعلن و قبل هذا اإلعالن أو‬
‫النشر فإنه ال ينبغي أن ينقص منهم أو يفرض عليهم التزاما‪.1‬‬

‫و لما كان النشر و اإلعالن ال يعتبر شرطا من شروط صحة القرار فإن عدم القيام به أو الخطأ‬
‫فيه ال يلحق عيباً بالقرار وال تتأثر صحته و سالمته بذلك‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تطبيقات القضاء‬

‫لقد طبق مجلس الدولة الفرنسي هذه النظرية دون تفرقة في ذلك بني القرار التنظيمي و القرار الفردي‬
‫و من أحكامه في هذا الصدد حكمه الصادرة بتاريخ ‪ 1803/11/13‬و الذي تتلخص وقائعه أنه‬
‫بتاريخ ‪ 1804/48/12‬صدر قرار من أحد المحافظين يقضي بطرد أحد األجانب و لكن هذا القرار‬
‫لم يبلغ له‪ ،‬ثم منح له اإلقامة في البالد بتاريخ ‪ 1800/40/28‬ألنه ال يمكن االحتجاج بهذا القرار‬
‫في مواجهته‪ ،‬و في قضية أخرى مماثلة صدر قرار من وزير الداخلية في ‪ 1830/12/28‬يقضي‬
‫بطرد أجنبية ثم تزوجت من فرنسي سنة ‪ 1802‬و اكتسبت الجنسية الفرنسية بمقتضى هذا الزواج‪،‬‬
‫طبقاً للمادة ‪ 04‬من قانون الجنسية‪ ،2‬و لكنها لم تبلغ بقرار الطرد قبل تاريخ الزواج و إنما في تاريخ‬
‫الحق‪ ،‬لهذا فإن قرار الطعن يعتبر مجرداً من كل آثاره بالنسبة لها و ال يصلح أساسا لتطبيق المادة‬
‫‪ 04‬من قانون الجنسية و من الحيثيات التي و ردت في هذا الحكم ما يلي‪:‬‬

‫‪1‬جورج فودال‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬


‫قانون الجنسية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫"‪ ....‬وألنه وان كان للقرار اإلداري قيمته قانونياً منذ التاريخ وليس لعدم نشره تأثي اَر على صحته إال‬
‫أنه يتعين التمييز بين آثار هذا القرار وفقاً لما كان يرتب فائدة أو يسبب ضر ار لصاحب الشأن‪.‬‬

‫ولما كان الثابت أن المستفيد من القرار يستطيع التمسك به منذ توقيعه في مواجهة اإلدارة بعكس‬
‫األفراد حيث ال يسرى القار في واجهتهم وال يمكن االحتجاج به اتجاههم كما ال يصلح سنداً‪ ،‬الق اررات‬
‫األخرى تكون سبباً في إحداث ضرر لمراكزهم القانونية إال من اللحظة التي يكون فيها قد نقل إلى‬
‫علمهم بطريقة قانونية سلمية‪.‬‬

‫و لما كان الثابت أيضاً أن طريقة العلم على القرار الفردي هي التبليغ الذي يمكن صاحب الشأن‬
‫من اإلحاطة بالقرار و طبيعته و محتواه و تقدير مدى قانونيته و لذلك فإن قرار طرد الذي لم يعلن‬
‫مدعية ال أثر له وال يجوز االحتجاج به في مواجهتها‪ ،‬و قد أخذ مجلس الدولة المصري بهذا المبدأ‬
‫حين قضت المحكمة العليا اإلدارية به في حكمها الصادر في ‪ 21‬أفريل ‪.11814‬‬

‫قائلة ‪ " :‬إذا كان الشكل ليس ركناً‪ ،‬بل مجرد شرط متطلب في القرار‪ ،‬فإن كان هذا الشكل جوهرياً‬
‫كان البد من استقصائه وفقاً لما نص عليه القانون‪ ،‬أما في ذات القرار و إما بالتصحيح الحقاً‪ ،‬أما‬
‫إذا كان غير جوهرياً فال يعتبر مؤث اًر في ساحة القرار وسالمته‪.‬‬

‫على أن ما يزعمه المدعي من عيب في هذا الشكل إنما يلحق عملية النشر وال يمس كيان القرار‬
‫ذاته و ينصح من هذا أن القضاء المصري في هذه المسألة ال يحد عن االتجاه الذي سلكه القضاء‬
‫الفرنسي مكرساً بذلك صحة القرار اإلداري الغير المنشور مع تمييز بين هذه الصحة و عدم االحتجاج‬
‫به في مواجهة األفراد‪.‬‬

‫ومن كل ما سبق ذكره و تقدير اآلراء التي قيلت فإنه يمكن القول أن منطق نظرية عدم االحتجاج‬
‫يؤدي إلى القول بإمكانية االحتجاج بالقرار اإلداري تنظيميا كان أو فرديا في مواجهة اإلدارة لكن‬
‫الواقع العلمي يثبت أنه من المعتاد أن األفراد ال يتمسكون بالقرار اإلداري في مواجهة اإلدارة قبل‬
‫نشره إال إذا كانوا على علم تام بذلك القرار بل يوقنون بأنهم سوف يحقق مصالحهم‪.‬‬

‫حكم ذكره الدكتور عبد العزيز السيد الجوهري في مؤلفه السابق ص ‪.202‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪52‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫ولما كان العلم اليقين يتساوى مع وسائل النشر األخرى‪(1‬التبليغ و النشر) من حيث االعتداد كدليل‬
‫على العلم بالقرار اإلداري و كذلك يعيد به فتح ميعاد الطعن باإللغاء فإنه يمكن القول باالحتجاج‬
‫اإلداري في مواجهة اإلدارة إنما هو في الواقع احتجاج بقرار يعلم مضمونه من يحتج به علماً يقينياً‬
‫و هذا العلم في حد ذاته يفتح ميعاد الطعن بالنسبة لهذا القرار‪.‬‬

‫كما أن القضاء و الفقه إذا كان قد سمح لألفراد باالحتجاج بالقرار الفردي قبل تبليغه في مواجهة‬
‫اإلدارة على أساس أن الق اررات الفردية تنشئ حقوقا لألفراد بمجرد صدورها و قبل تبليغها إال أن هذا‬
‫ال أري يبقى موضوع شك ألن هذه الحقوق ليست ثابتة و مستقرة و ذلك لعدم تحصين الق اررات التي‬
‫أنشأتها من تعرض للسحب و اإللغاء‪.‬‬

‫و لقد أوضح مجلس الدولة الفرنسي هذه الحقيقة في محكمة الصادر بتاريخ ‪ 14‬جانفي ‪1808‬‬
‫قضية ‪ 2Deville‬حيث قضى‪:‬‬

‫بأنه إذا كان الشخص المستفيد من القرار اإلداري بالتعيين أو الترقية لديه أهلية ممارسة الوظيفة‬
‫المتعلقة بعمله‪ ،‬إال أنه طالما لم يشهر هذا القرار فال يمكن القول أنه أنشأ حقوقاً للشخص المتصل‬
‫به بل من الممكن إلغائه في أي وقت‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الصعوبات العملية المترتبة على عدم نشر القرار اإلداري‬

‫إن مسألة عدم نشر الق اررات اإلدارية لم يقتصر الجدل حولها على مستوى الفقه بل إنها تطرح أيضا‬
‫إشكاالت على مستوى العلم و ذلك من حيث أنها تمس مباشرة بحق الدفاع المخول لألفراد من خالل‬
‫تأثيرها على حقهم في مخاصمة هذه الق اررات‪ ،‬ينعكس ذلك في جهلهم لحساب المواعيد المقررة إللغاء‬
‫هذه الق اررات و ذلك في ظل انعدام عملهم بها بوسائل مقررة قانوناً (النشر و التبليغ) كما تطرح‬
‫مشكال علمياَ آخر علة مستوى الشق اإلجرائي من خالل ضرورة إرفاق عريضة الدعوى بالقرار‬
‫المطعون فيه في حالة ما إذا أراد األفراد طلب إلغاء هذه الق اررات و عليه نحاول تبعاً محاولة مناقشة‬
‫هاتين المسألتين على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬من حيث بدء حساب مواعيد الطعن باإللغاء‬

‫‪1‬و يتأكد من ذلك من خالل التكريس الواسع لنظرية علم اليقين من أطراف القضاء و االعتماد عليها بالبدء بحساب مواعيد الطعن و اإللغاء‬
‫في حالة انعدام النشر و التبليغ‪.‬‬
‫الدكتور عبد الفتاح حسن‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.88‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪53‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫حرص المشرع على تحديد موعد الطعن باإللغاء في الق اررات اإلدارية فنص في المادة ‪ 828‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‬
‫و يجب أن يرفع الطعن المشار إليه أننا خالل أربعة أشهر التابعة لتبليغ القرار المطعون فيه أو نشره‬
‫و ترجع حكمة تدخل المشرع بتحديد ميعاد الطعن إلى التوفيق بين لمصلحتين الخاصة و العامة‪،‬‬
‫إذا كان تحديد ميعاد ثابت للدعوة يشكل بكل تأكيد قيدا خطي اَر على حرية األفراد في مقاضاة اإلدارة‪.1‬‬

‫و لكن هذا القيد كما يرى الكثير من الفقهاء تفرضه متطلبات المصلحة العامة التي هي موضوع‬
‫ق اررات فهذه األخيرة يجب أن تتحاض بعد مدة إذ ال يعقل أن تبقى عرضة لإللغاء القضائي في أي‬
‫وقت و مهما طالة المدة‪ ،‬و ما ينعكس على العمل اإلداري سلباً‪ ،‬ولذلك كان من الالزم تحديد مدة‬
‫من التقاضي‪ ،‬إذ لم يتم خالله الطعن في القرار‪ ،‬يترض ضد أي شكل من أشكال اإللغاء و يصبح‬
‫في حكم القرار المشروع‪ ،‬و هذه المدة هي مدة ميعاد دعوى اإللغاء‪ .‬إن هذه القاعدة تفرضها دواعي‬
‫استقرار األوضاع في المجتمع بمرور وقت معين و لكن يالحظ أن هذه القاعدة صالحة للتطبيق في‬
‫حالة إذا ما قامت اإلدارة بااللتزام بالواقع على عاتقها و المتمثل في ضرورة نشر و تبليغ الق اررات‬
‫اإلدارية‪ ،‬و لكن ما هو الحل في حالة ما إذا لم يبلغ القرار أو لم ينشر؟‬

‫إن الحل اقترحه القضاء اإلداري الفرنسي من خالل عدم اقتصار على وسائل العلم بالقرارات‬
‫اإلدارية المقررة قانوناً و تبنية لمنظور آخر يقوم على ثبوت العلم الكافي بالقرار اإلداري ممن صدر‬
‫في شأنهم سواء أحدث هذا العلم بسعيهم الشخصي أو كان مصادفة فإنه يقوم مقام العلم الواقع‬
‫بموجب الوسائل المقررة قانونا من نشر و تبليغ‪.‬‬

‫فكان لهذا االجتهاد تأسيس لنظرية العلم اليقين كما ذكرنا سابقا‪.‬‬

‫حيث يؤكد الفقيه ‪ :J.Mauby‬بأن العلم اليقين هو اجتهاد قضائي يقر في بعض الحاالت ببداية‬
‫سريان مواعيد الطعن حتى و إن لم يكن القرار موضوع أي شهر صحيح و ذلك بسبب ثبوت علم‬
‫الطاعن بالقرار‪.‬‬

‫ويتضح من هذا أن هذه النظرية تكرس أن سريان مواعيد الطعن ضد الق اررات اإلدارية ال يرتبط فقط‬
‫بالعلم القانوني بها من نشر و تبليغ إنما تضيف العلم الواقعي بالقرار الذي يرتب نفس اآلثار التي‬
‫يرتبها النشر و التبليغ‪.‬‬

‫مسعود شيهوب المرجع السابق ص ‪.328‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪54‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫و يعود األصل التاريخي لتطبيق هذا المبدأ إلى بداية القرن التاسع عشر و بالضبط إلى قرار مجلس‬
‫الدولة الفرنسي الصادر في ‪ 48‬ماي ‪ 1822‬في قضية ‪ Fortier‬ضد وزير الحربية إذ قضى مجلس‬
‫الدولة في هذه القضية بأن ميعاد الطعن في القرار يسرى من تاريخ ثبوت العلم اليقين به و تتخلص‬
‫وقائع القضية في أن الطاعن ‪ Fortier‬قدم كفالة لفائدة السيد ‪ Barré‬الذي يشغل أمين مخزن‬
‫المؤن و بموجب قرار صادر من وزير الحربية إلزام الطاعن بدفع مبلغ ‪08444‬فرنك فرنسي‪.‬‬

‫تم تبليغ هذا القرار إلى السيد ‪ Barré‬دون الطاعن فقام هذا األخير بتوجيه رسالة احتجاج بتاريخ‬
‫‪ 1821/40/41‬إلى وزير الحربية يناقش فيها موضوع القرار وفي ‪ 1821/42/18‬قام هذا األخير‬
‫بتبليغه القرار األول موضوع رسالة االحتجاج فقام السيد ‪ Fortier‬بالطعن فيه أمام مجلس الدولة‬
‫ضمن اآلجال المقررة قانوناً المحتسبة من تاريخ هذا التبليغ‪ ،‬غير أن مجلس الدولة الفرنسي صرح‬
‫رفض الطعن شكالً لوروده خارج اآلجال القانونية مؤسساً هذا الرفض على النحو اآلتي‪.‬‬

‫‪ -‬أن السيد ‪Fortier‬بتظلمه في القرار بتاريخ ‪ 1821/40/41‬عبر عن علمه الكافي و‬


‫اليقين بوجود مضمون القرار محل الطعن و أن هذا الواقع يقوم مقام التبليغ و هو ما‬
‫يجعل الطعن وارداً خارج اآلجال القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬ومن التبريرات التي قدمها مجلس الدولة الفرنسي حول أخذه بهذا الموقف هي المحافظة‬
‫على استقرار األوضاع و المراكز القانونية لألفراد‪ ،‬ألن عدم التبليغ ينجم عنه بقاء القرار‬
‫اإلداري مهدداً باإللغاء في كل وقت‪.‬‬
‫‪ -‬ومن جهة ثانية فإن هذا الموقف يغلق الباب على األشخاص سيئي النية و الذين مع‬
‫توافر قرائن قوية على علمهم بوجود القرار بمضمونه يماطلون في رفع دعا ويهم و‬
‫يتمسكون بعدم التبليغ أو النشر لجعل آجال الطعن فيه غير محددة و مفتوحة إلى ماال‬
‫نهاية‪.‬‬
‫‪ -‬إن ما توصل إليه مجلس الدولة في هذه القضية ولد نتائج هامة و خطيرة ترتبت على‬
‫إقرار المساواة بين العلم اليقين المستمد من الواقع و المبني على القرائن‪ ،‬و العلم القانوني‬
‫المستمد من تبليغ و نشر القرار اإلداري و خاصة منها تلك المتعلقة بنقطة سريان مواعيد‬
‫الطعن فيه و ما يترتب على فواتها من تحصين للقرار اإلداري رغم ما قد يحمله من‬
‫الالمشروعية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫إن اعتناق هذه النظرية بجعل اإلدارة تتراخى عن تبليغ ق ارراتها كما أنها عادة ال تسهر‪ ،‬على أن يتم‬
‫هذا التبليغ وفقا لألشكال و األوضاع و الشر و مقررة القضاء‪ ،1‬لهذا فإن الحل الوحيد‪ ،‬و إعماالً‬
‫لمبدأ استغالل مشروعية القرار و نفاذه عن شهره (تبليغه أو نشره) فإن الجزاء الوحيد الذي يمكن أن‬
‫تواجهه اإلدارة في حال امتناعها عن تبليغ ق ارراتها‪ ،‬باإلضافة إلى إمكانية تقرير المسؤولية التأديبية‬
‫للموظف في بعض التشريعات المقارنة‪ ،‬هو نفاذ الق اررات في مواجهة األشخاص الذين صدرت في‬
‫شأنهم ذلك باعتبار أن نفاذ الق اررات في مواجهة األشخاص مرتبط بتبليغها إلى المعنيين بها إن كانت‬
‫فردية‪ ،‬ونشرها وفقا للطرق المقررة قانوناً إذا كانت تنظيمية‪ ،‬كما يجب وضع نصوص قانونية ملزمة‬
‫لإلدارة بضرورة القيام بالنشر و التبليغ من أجل تحسين العالقة بين اإلدارة و المواطن وصبغها‬
‫بأكبر قدر من الشفافية و المشروعية‪ ،‬ولعل هذا السبب هو الذي جعل المشرع الجزائري ال يحيد عن‬
‫هذه القاعدة‪ ،‬وذلك من خالل إصداره للمرسوم رقم‪ 131/88 :‬المؤرخ في ‪ 40‬يوليو ‪ 1888‬المنظم‬
‫للعالقات بين اإلدارة و المواطن و الذي خصص المشرع الفصل الثاني منه أي من المادة ‪ 41‬إلى‬
‫المادة ‪ 34‬اللتزامات اإلدارة فوضع ستة مبادئ يجب على اإلدارة احترامها و من المبدأ المتعلق‬
‫بتسبب الق اررات اإلدارية الصادرة بالرفض كما وضع هذا المرسوم على عاتق اإلدارة و واجب تبليغ‬
‫ق ارراتها و ذلك تحت طائلة عدم االحتجاج بها تجاه من صدرت في شأنه‪ .‬وهو ما نصت عليه المادة‬
‫‪ 30‬منه بقولها على أنه‪ " :‬ال يحتج بأي قرار ذي طابع فردي على المواطن المعني بهذا القرار إال‬
‫إذا سبق تبليغه إليه قانوناً‪ ،‬هذا إذا لم يكن هناك نص قانوني أو تنظيمي مخالف"‪.‬‬

‫و هذا النص يستفاد منه‪ ،‬أن المشرع علق الباب أما اإلدارة للتمسك بحصول علم الطاعن بالقرار‬
‫بغير طريق التبليغ إذ ال يترك هذا النص مجاالً ألن تثير اإلدارة التي لم تحترم هذا اإلجراء أو هذا‬
‫االلتزام نظرية العلم اليقين في مواجهة األفراد‪ ،‬و إلى جانب هذا فإن المشرع في نص المادة ‪ 32‬من‬
‫ذات المرسوم وضع مبدأ آخر مفاده أن للمواطن الحق في أن يحتج على اإلدارة بالتعليمات‪،‬‬
‫المنشورات و المذكرات و اإلعالنات التي أصدرتها و ذلك حتى و لو لم تبلغها له متى كانت تمس‬

‫ترك المشرع في بعض القوانين المقارنة مسألة تحديد التبليغ الصحيح للقضاء و ذلك بعدم نصه على الرسائل التي يجب أن تتبعها اإلدارة في‬ ‫‪1‬‬

‫التبليغ و القضاء اإلداري في هذا المجال يقبل كل وسيلة تؤدي إلى إثبات حصول التبليغ و من الوسائل المستقر عليها قضاء في قبول ثبوت‬
‫هذا األخير نجد‪:‬‬
‫‪-‬توقيع صاحب الشأن بالقرار على محضر تبليغه‪.‬‬
‫‪-‬توقيعه على أصل القرار‪.‬‬
‫‪-‬وصل االستالم مع علم الوصول‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني‬ ‫آثار القرار اإلداري الغير منشور‬

‫بحقوقه‪ ،‬وعليه فإن هذا المرسوم استعبد عدم نشر الق اررات اإلدارية و تبليغها بل جعل هذا المرسوم‬
‫استعبد عدم نشر الق اررات اإلدارية و تبليغها بل جعل هذا اإلجراء واجباً على الدارة و بالتالي فإن‬
‫عدم القيام به يناقض مع الحكام المواد ‪ 834 ،828‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ كما يتعارض مع أحكام المرسوم‬
‫‪ 131-88‬والسيما المواد ‪ 30،32‬منه و يمس بمبدأ الشفافية و المشروعية الذي ينبغي أن يسود‬
‫دائماً العالقات بين اإلدارة الحديثة و المواطن‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث ضرورة إرفاق عريضة الدعوى بالقرار المطعون‬

‫إن من بين الشروط الشكلية التي وضعها المشرع لقبول دعوى اإللغاء نجد شرط القرار اإلداري و‬
‫لقد نصت على هذا الشرط المادة ‪818‬ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ‪.‬‬

‫فنجد أن المادة نصت على أنه ينبغي أن تكون العريضة مصحوبة بالقرار المطعون فيه‪.‬‬

‫القرار المقصود في المادة األولى هو القرار الصادر عن الواليات أو البلديات أو المؤسسات العمومية‬
‫اإلدارية ألن التنظيم اإلداري المسبق قد تم إلغائه‪ ،‬وفي هذه الحالة يتعين على الطاعن تقديم القرار‬
‫المطعون فيه رفقة العريضة االفتتاحية للدعوى و هذا ليتسنى بلوغ الهدف من هذه الدعوى ألنها‬
‫تهدف إلى فحص مشروعية القرار و ذلك بالتطرق لجميع عناصره الشكلية و الموضوعية و هذا أال‬
‫يأتي إال بتقديم هذا القرار إلى القضاء‪ ،‬و هو ما يستلزم بالضرورة أن يحصل عليه المعني عن‬
‫طريق تبليغه له قانونياً من اإلدارة التي أصدرته ألنه إذ لم يقدم هذا القرار و لم يرفق بالعريضة‪،‬‬
‫قوبلت الدعوى بعدم القبول‪ ،‬و هذا يستنتج من خالل العبارة التي وردت بالمادة ‪ 818‬و التي جاءت‬
‫بعبارة " ويجب ‪ "...‬و التي في حقيقتها تفيد اإللزام وتعير على أن اإلجراء جوهري يجب احترامه‪....‬‬

‫و ما يمكن قوله أن شرط إرفاق العريضة بالقرار المطعون فيه يكشف بصورة واضحة عن الخطورة‬
‫المترتبة عن عدم نشر الق اررات اإلدارية‪ ،‬و تبليغها للمعني بها‪ ،‬ذلك أن هذا األخير يجد نفيه‬
‫معرضا لتطبيق نظرية العلم‬
‫ً‬ ‫عاج اًز عن تقديم القرار المطعون فيه لعدم تبليغه‪ ،‬زكما يجد نفسه‬
‫اليقين كما رأينا لحساب مواعيد الطعن‪ ،‬و في الحالتين يحصن القرار و يتعذر إلغاؤه و قد يلحق‬
‫ضر اًر كبي اًر بالمتقاضي‪ ،‬وهنا نكون أمام خرق صارخ لمبدأ المشروعية الذي من المفروض أن‬
‫يطبع عالقة اإلدارة مع المواطن و يكرس مبدأ دولة القانون‪.1‬‬

‫‪1‬مسعود شيهوب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.282‬‬

‫‪57‬‬
‫ال خات م ة‬
‫خــــاتمة‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫إن عملية نشر الق اررات اإلدارية أو تبليغها جعلت معظم القوانين المقارنة من اختصاص اإلدارة‬
‫وحدها فهو واجب يقع على عاتقها و عدم القيام به يؤدي إلى انتهاكات منها‪:‬‬

‫تجاهل النصوص القانونية التي تشترط لسريان مواعيد الطعن في القرار و االحتجاج به في مواجهة‬
‫األفراد ثبوت تبليغ هذا القرار إلى المعني وفق الوسائل المقررة قانوناً‪.‬‬

‫كما أنه يتعارض و يتناقض و مقتضيات دولة القانون ألن تجاهل النص القانوني يعد مساساً و‬
‫إهدار لحقوق األ فراد و مبدأ المشروعية الخاصة إذا علمنا أن عالقة اإلدارة باألفراد قد تعددت ة‬
‫تشابكت في عصرنا الراهن و أصبح القرار اإلداري ال يمس المراكز القانونية و حسب إنما يؤثر في‬
‫هذه المراكز تأثي ار مباش ار باإلضافة إلى أن هذا االنتهاك يمس بمبدأ الشفافية و يضرب مفهوم اإلدارة‬
‫العصرية في الصميم‪.‬‬

‫و إذا كان المشرع الجزائري قد أبدى النية الحسنة من خالل إصداره المرسوم ‪ 131-88‬المؤرخ في‬
‫‪ 1888/40/40‬المتعلق بتنظيم العالقة بين اإلدارة و المواطن‪ ،‬و نص فيه على ضرورة تبليغ ق اررات‬
‫إدارية لألفراد و بذلك يكون قد أغلق الباب أمام اإلدارة للتحجج بنظرية علم اليقين لدى الطاعن و‬
‫التي هي في حقيقتها ناتجة عن عدم نشر الق اررات اإلدارية أو تبليغها من طرف اإلدارة و إن كانت‬
‫هذه تعتبر خطوة مميزة لبداية إضفاء شفافية أكبر على عمل اإلدارة إال أن ما يعاب على هذا‬
‫المرسوم أنه لم يضع عقوبات فعالة في حالة عدم قيام اإلدارة بهذا االلتزام‪.‬‬

‫و ما يستلزم تدخل المشرع من أجل إعطاء أكثر فعالية و ديناميكية لنصوص هذا المرسوم من جهة‬
‫و لوضع نصوص خاصة أخرى تنص على‪:‬‬

‫‪ -1‬استبعاد اللجوء إلى نظرية علم اليقين ألن استمرار العمل بها و تطبيقها قضائيا يشجع اإلدارة‬
‫على التراخي عن عمد أو غير عمد في نشر الق اررات اإلدارية الخفية و بالتالي تعطيل العمل‬
‫بأحكام المرسوم ‪.131-88‬‬
‫‪ -2‬تبليغ ق اررات الشخص المعني و تحريك المسؤولية المدنية في حالة عدم احترام الشروط السابقة‬
‫الذكر و تكون هذه المسؤولية على عاتق اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -3‬العمل على تطبيق المرسوم ‪ 131-88‬و النص على عقوبات لكل إخالال بأحكامه‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫خــــاتمة‬

‫‪ -0‬وضع معاير واضحة للق اررات غير قابلة للنشر و التقليل منها إلى أدنى حد ممكن و هذا من‬
‫أجل إضفاء شفافية أكبر على عمل اإلدارة‪ ،‬و هذه االقتراحات في مجملها تم اعتمادها فإنها تخدم‬
‫عالقة اإلدارة بصورة مباشرة و تصون للمتعامل حقوقه الكاملة‪.‬‬

‫وال نجد ما نختم به موضوعنا هذا أحسن من مقولة العميد هوريو ‪:‬‬

‫" إن الضمير الحديث يتطلب أن تتصرف اإلدارة في وضح النهار‪ ،‬و من المرغوب فيه دائماً أن‬
‫تكون جميع ق اررات اإلدارة و أعمالها متيمة بصفة العالنية فهناك إحساس عميق بأن ذلك الذي‬
‫ال يتم علناً ال يمكن أن يكون مشروعاً "‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫ق ائ م ة المراجع‬
‫قائمة المراجع‬

‫قائمة المراجع‬

‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ /1‬عمار عوابدي‪ ،‬القانون اإلداري‪.‬‬

‫‪ /2‬مازن راضي ليلو‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري ط‪ ،40‬دار مطبوعات مصر ‪.2440‬‬

‫‪ /3‬محمد الصغير بعلي‪ ،‬الق اررات اإلدارية دار علوم النشر‪ ،‬الجزائر ‪.2440‬‬

‫‪/0‬محمد عبد هللا الديلمي‪ ،‬نظرية القرار اإلداري لدار الثقافة و النشر األردن ‪.2440‬‬

‫المؤسسة الوطنية للكتاب‬

‫‪ / 1‬د‪.‬عمار عوابدي‪ ،‬النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري جزء‪ 2‬نظرية‬
‫الدعوى اإلدارية طبعة‪.3‬‬

‫‪ /2‬مسعود شيهوب‪ ،‬المبادئ العامة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬الهيئات و اإلجراءات أمامها‪.‬‬

‫‪ /0‬حسين بن الشيخ آث ملويا‪ ،‬المنتقى في قضاء مجلس الدولة‪.‬‬

‫‪ /0‬محمد سليمان الطماوي‪ ،‬النظرية العامة للق اررات اإلدارية‪.‬‬

‫‪ /1‬عبد العزيز السيد الجوهري‪ ،‬القانون و القرار اإلداري في الفترة ما بين اإلصدار و الشهر‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪.‬‬

‫ديوان المطبوعات الجامعية‬

‫‪ /1‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬مبادئ و أحكام القضاء اإلداري اللبناني‪.‬‬

‫الدار الجامعية‬

‫‪/1‬محمد السناري‪ ،‬نفاذ الق اررات اإلدارية‪ ،‬دراسة مقارنة‪.‬‬

‫‪ /2‬محمد فؤاد مهنا‪ ،‬دروس في القانون اإلداري‪.‬‬

‫‪ /3‬عبد الفتاح حسن‪ ،‬القانون و القرار اإلداري في فترة ما بين اإلصدار و الشهر‪ ،‬دراسة في القانون‬
‫الفرنسي‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ /0‬جورج فودال‪ ،‬بيار دالفولفيه‪ ،‬القانون اإلداري ج‪ ،1‬ترجمة منصور القاضي‪.‬‬

‫‪ /0‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ .‬دار النشر مصر ‪.1881‬‬

‫المراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪1/ Révéro: Droit administratif- 3eme édition.‬‬

‫‪2/ René chapus: Droit de contentieux administratif- 7eme édition.‬‬

‫‪3/ J.M Auby et R Drago: traité des recours en matière administrative. Litec‬‬
‫‪1992‬‬

‫‪4/ Duperoux: La règle de la non rétroactivité des actes administrative.‬‬

‫المقاالت‪:‬‬

‫‪ /1‬مقال عن موقف مجلس الدولة من نظرية العلم اليقين لألستاذ‪ :‬رمضان غاني‪ -‬تعليق على قرار‬
‫رقم‪ 1112:‬المؤرخ في‪ 18 :‬أفريل ‪ -1888‬مجلة مجلس الدولة‪ -‬العدد رقم‪-42:‬لسنة ‪.2442‬‬

‫‪ / 2‬مقال لألستاذة ليلى زروقي حول‪ :‬مراقبة القاضي اغالداري إلجراءات نزع الملكية للمنفعة‬
‫العمومية‪ -‬منشور بمجلة مجلس الدولة‪ -‬العدد رقمك‪ -43‬لسنة ‪.2443‬‬

‫القوانين‪:‬‬

‫‪-‬القانون المدني‪.‬‬

‫‪-‬قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية‪.‬‬

‫‪-‬القانون رقم ‪ 11-81:‬المؤرخ في‪ 22 :‬أفريل ‪ 1881‬المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العمومية‪.‬‬

‫المراسيم‪:‬‬

‫‪ -‬المرسوم رقم‪ 100/11 :‬المؤرخ في ‪ 41:‬جوان ‪ 1811‬المتعلق بتحرير و نشر بعض‬


‫الق اررات ذات الطابع التنظيمي أو الفردي التي تهم وضعية الموظفين‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ -‬المرسوم رقم‪ 131/88 :‬المؤرخ في ‪ 40:‬جويلية ‪ 1888‬المنظم للعالقات بين اإلدارة و‬


‫المواطن‪.‬‬
‫المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫‪www.startimes.com‬‬

‫‪www.staralgeria.net‬‬

‫‪64‬‬
‫رس‬ ‫ه‬ ‫ال ف‬
‫فهرس المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫أ‪ -‬ج‬ ‫مقدمة‬
‫‪41‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي للقرار اإلداري‬
‫‪41‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الطبيعة القانونية للقرار اإلداري‬
‫‪41‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬ماهية القرار اإلداري‬
‫‪42‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مفهوم القرار اإلداري‬
‫‪14‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تصنيف الق اررات اإلدارية‬
‫‪10‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أركان واجراءات اكتمال القرار اإلداري‬
‫‪10‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬أركان القرار اإلداري‬
‫‪12‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬إجراءات اكتمال القرار اإلداري‬
‫‪24‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬األحكام العامة لنفاذ القرار اإلداري‬
‫‪24‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬وسائل و شروط نفاذ القرار اإلداري‬
‫‪24‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬وسائل نفاذ الق اررات اإلدارية‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬شروط نفاذ القرار اإلداري‬
‫‪31‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الق اررات اإلدارية غير القابلة للنشر‬
‫‪32‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬ق اررات الرفض الضمنية‬
‫‪30‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬ق اررات ال تقبل النشر بطبيعتها‬
‫‪38‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬آثار القرار اإلداري الغير المنشور‬
‫‪38‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أثر القرار اإلداري غير المنشور في مواجهة اإلدارة‬
‫‪38‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬آثار القرار التنظيمي الغير المنشور‬
‫‪38‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬اإلتجاه األول‬
‫‪04‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬اإلتجاه الثاني‬
‫‪01‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬آثار القرار الفردي الغير المنشور‬
‫‪01‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬اآلراء الفقيه‬
‫‪04‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬النتائج المترتبة على نفاذ الق اررات اإلدارية منذ صدورها‬
‫‪01‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬آثار القرار اإلداري الغير المنشور في مواجهة األفراد‬

‫‪66‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫‪01‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مدى صحة القرار اإلداري غير المنشور‬


‫‪01‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬االتجاه األول‬
‫‪08‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬االتجاه الثاني‬
‫‪01‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬عدم االحتجاج بالقرار الغير منشور في مواجهة األفراد‬
‫‪02‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تطبيقات القضاء‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الصعوبات العملية المترتبة على عدم نشر القرار اإلداري‬
‫‪00‬‬

‫‪08‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪12‬‬ ‫قائمة المراجع‬

‫‪11‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪67‬‬

You might also like