Professional Documents
Culture Documents
حجية القرار الإداري
حجية القرار الإداري
قسم الحقوق
طه 111
إهداء
إلى نبض ق لبي وروحي التي تسكن جسدي
إلى من سعت وشقت ألنعم بالراحة و الهناء
والدتي العزيزة....
إلى الذي لم يبذل بشيء من أجل دفعني في طريق النجاح
والدي العزيز ........
إلى زهرة حياتي و سندي في هاته الدنيا
إخوتي و أزواجهم األعزاء .....
إلى الغالي على ق لبي بلخيري حسام
زوجي العزيز.....
ح س يب ة
شكر و عرف ان
الحمد هلل الذي يسر لنا دروب المعرفة و أعاننا بالصبر فكان العلم غاية و
العمل وسيلة ،فشكرا للمولى العلي القدير الذي هداني بنوره ،وأعانني
بفضله على إتمام هذه المذكرة .
كما ال يسعني إال أم أتقدم بجزيل شكري و عظيم إمتناني للمشرف على هذا
العمل الدكتور صدارة محمد ،لما بذله من مجهودات في سبيل إنجاز
هذه المذكرة ،معترفة له بالجميل عما أسداه لي من نصائح و إرشادات و
وتوجيهات مفيدة ،وفي الوقت ذاته ال يسعني إال أن أتقدم بالشكر الجزيل
و لتقدير الكامل لجميع األساتذة بكلية الحقوق و العلوم السياسية ،و على
رأسهم مسؤول التخصص و جميع األساتذة ال أف اضل ،و بشكل خاض إلى زوج
أختي بن ساعد عماد الذي ساندني كثيرا وكل من ساعدني من بعيد أو
قريب ف إلى هؤالء جميعا شكرا جزيال.
ح سي ب ة
م ق دم ة
مقــدمة
مقدمـــــة:
يعتبر القانون اإلداري عمل قانوني انفرادي صادر عن اإلدارة أثناء تأدية وظيفتها ،وتترتب
عليه مجموعة من اآلثار القانونية تقتضي ضرورة تبليغه.
مسألة تبليغ الق اررات اإلدارية و نشرها لها أهمية بالغة في مجال العالقات بين اإلدارة و
األفراد ،وذلك أن الق اررات اإلدارية رغم ما تتميز به من أثر فوري نظ ار لتمتعها بطابع األولوية في
التنفيذ بوصفها أهم وسائل عمل اإلدارة و أكثرها تعبي اًر في امتيازات السلطة العامة لما لها من قدرة
على إنشاء و تغيير المراكز القانونية لألفراد ،لوال أن اإلدارة ال يمكن لها االحتجاج في مواجهة من
صدرت بشأنهم ،إال من تاريخ إحاطتهم علما بها و ذلك بتبليغها لهم قانونا و نشرها ،و عليه فإن
هاتين الوسيلتين هما حماية الحقوق اإلجرائية للمتقاضي ،و الفرد ألنه يجنبه خطر أن يفاجأ بتنفيذ
قرار إداري في غير صالحه بالرغم من أنه لم يكن على علم به.
هذا باإلضافة إلى ما في تبليغ الق اررات اإلدارية و نشرها من أهمية في مجال استقرار
األوضاع والمراكز القانونية التي تكون قد أنتجتها هذه الق اررات باعتباره يفتح آجال الطعن ضدها في
مدة قانونية معينة يترتب على فواتها تلصن هذه الق اررات و استحالة إلغائها ،باإلضافة إلى كون شهر
الق اررات اإلدارية أصبح يمثل أحد المتطلبات المشروعة التي يجب أن تخضع لها اإلدارة باإلضافة
إلى المشروعية التي ذهب الفقه و القضاء اإلداريين إلى أن المشروعية مفهومها الحديث ال تقتصر
على أن تخضع اإلدارة للقانون فقط بل يتعدى ذلك إلى ضرورة إخضاع اإلدارة لواجب إضفاء نوع
من الفعلية على هذه المشروعية و هو ما يستلزم أن تعرف اإلدارة و تعلم األفراد ،ليس فقط بالق اررات
والتنظيمات التي تصدرها في شأنهم و إنما تعلمهم كذلك بالقوانين و التنظيمات و اللوائح التي تخضع
لها وهذا تحقيقا لمبدأ الشفافية الذي ينبغي أن يطبع تعاملها مع المواطن و الذي يعتبر الحصن
المنيع لحقوق كل طرف ،وهذا هو االتجاه الذي سلكته معظم التشريعات المقارنة ،و هو نفس النهج
الذي سلكه المشرع الجزائري بإصداره للمرسوم 131-88المؤرخ في 1888/40/40والمتعلق
بتنظيم العالقات بين اإلدارة والمواطن.
أ
مقــدمة
تشكل دراسة حجية القرار اإلداري الغير المنشور أهمية كبيرة من عدة أهمية الموضوع:
زوايا أهمها أن الق اررات اإلدارية تشكل أحد أركان ودعائم القانون اإلداري وتعد من أنجح الوسائل
في ممارسة اإلدارة لنشاطهاـ كما أنها تشكل مجاالً رجتا لممارسة الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة.
وتكمن األهمية أيضا في كون أن الق اررات اإلدارية تنظيمية كانت أم فردية يجب أن تخضع للنشر
والتبليغ حسب كل حالة ،فهي وسيلة أو نقطة بداية لميعاد التظلم السابق ،كما أنها وسيلة من وسائل
تحديد نقطة بداية ميعاد قبول الدعوى.
إن للنشر أهمية كبيرة في مجال استقرار األوضاع والمراكز القانونية التي تكون قد أنتجتها هذه
الق اررات ،كما أن الشعر يعتبر أحد المتطلبات المشروعة التي يجب أن تخضع لها اإلدارة.
أسباب اختيار الموضوع :تكمن أسباب اختياري للبحث في كون أن لحجية القرار اإلداري
الغير منشور أهمية كبيرة في الحياة العملية خاصة في مجال التقاضي ،كما أن القرار اإلداري يحتل
مرتبة هامة من ضمن مواضيع القرار اإلداري و كل ما يتعلق به له أهمية بالغة ،إال أن هذا المجال
الخاص بالبحث هو ما دفعني الختيار هذا الموضوع خصوصاً الفقه المراجع في هذا المجال.
كما أننا نجد أن المشرع الجزائري قد منح للقرار اإلداري قوته التنفيذية بمجرد صدوره انطالقا من
السلطة العامة التي تتمتع بها اإلدارة فإنه بالمقابل قد وضع ضمانة لألفراد هي إمكانية التنظيم من
هذه الق اررات و حدد ذلك بمدة زمنية معينة قانونا تبدأ من تاريخ شهر هذه الق اررات،
اإلشكالية :ما قيمة الق اررات التي لم تبلغ إلى األفراد المخاطبين بها التي لم تنتشر ؟ و
هل يمكن اإلحتجاج بها في هذه الحالة ؟
ب
مقــدمة
المنهج المتبع :لإلجابة على هذه االشكالية ارتأينا إتباع المنهج الوصفي التحليلي باإلضافة
إلى المنهج المقارن في بعض الحاالت ،متبعين الخطة التالية:
ج
الف ص ل األول
الفصل األول :اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
أن اإلطار المفاهيمي للقرار اإلداري يقتضي منا بالضرورة التطرق إلى الطبيعة القانونية للقرار
اإلداري من خالل توضيح مفهومه ،خصائصه و أنواعه ،و كذا توضيح أركان القرار اإلداري و
إجراءات اكتماله و ذلك في مبحث أول بعنوان الطبيعة القانونية للقرار اإلداري مع وجوب التطرق
إلى ا ألحكام العامة لنفاذ القرار اإلداري في مبحث ثان و ذلك بتوضيح وسائل و شروط نفاذه مع
توضيح مفهوم القرار اإلداري الغير قابل للنشر.
إن موضوع القرار اإلداري من أصعب المواضيع في القانون اإلداري ،كما أن تحديد طبيعته القانونية
ال تقل صعوبة ،و قد شكل و مازال يشكل موضوع دراسات و بحوث عديدة و مختلفة نظ اًر للنتائج
المترتبة عنه في المنازعات اإلدارية و كذلك لتطور مفهومه الناتج على أنواع األعمال التي تقوم
بها اإلدارة في تحقيق أهدافها.
إن د ارسة ماهية القرار اإلداري تشكل أهمية مميزة من جهتين ،من حيث أن الق اررات اإلدارية تشكل
أحد أركان و دعائم القانون اإلداري ،و تعد من أنجح الوسائل في ممارسة اإلدارة لنشاطها ،كما أنه
من جهة أخرى تشكل مجاال رحبا لممارسة الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة.
يقتضي منا مفهوم القرار اإلداري في البداية القيام بتعريفه فقهيا و قضائيا ثم نتطرق إلى توضيح
خصائصه.
-1التعريف الفقهي:
اختلف الفقه اإلداري في إعطاء تعريف للقرار اإلداري ،و لكن هذا االختالف ال يعدو كونه في إطار
الجزئيات ،أما ما يتعلق بجوهر ماهية القرار اإلداري فإنه ال يبدو أن هناك اختالفا بين الفقهاء.
6
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
فيعرف العميد هوريو " "HORIOUالقرار اإلداري بأنه "تصريح وحيد الطرف عن اإلرادة صادر
عن سلطة إدارية مختصة بصيغة النفاذ بقصد إحداث أثر قانوني".
بينما يعرفه األستاذ فالين بأنه "كل عمل تفوقي وحيد الطرف صادر عن رجل اإلدارة المختص و
قابل بحد ذاته أن يحدث آثا اًر قانونية".1
و من جهته عرفه الفقيه بونارد على أنه "كل عمل إداري يحدث تغيي اًر في األوضاع القانونية
القائمة".2
عرفه األستاذ الدكتور فؤاد مهنا على أنه "عمل قانوني إنفرادي يصدر بإرادة إحدى السلطات اإلدارية
في الدولة و يحدث آثا ار قانونية بإنشاء وضع قانوني جديد أو تعديل و إلغاء وضع قانوني قائم".3
كما عرفه الدكتور سليمان الطماوي بأنه "كل عمل صادر من فرد أو هيئة تابعة لإلدارة أثناء أداء
وظيفتها" و عرف الفقيه عبد الغني بسيوني عبد هللا القرار اإلداري بأنه "عمل قانوني نهائي يصدر
من السلطة اإلدارية الوطنية بإرادتها المنفردة و تترتب عليه آثار قانونية معينة".4
-2التعريف القضائي:
استقر القضاء اإلداري لفترة طويلة على اعتماد تعريف القرار اإلداري بأنه" :إفصاح اإلدارة في الشكل
الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين و اللوائح و ذلك
بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ممكنا و جائ اًز قانوناً ،و كان الباعث عليه ابتغاء مصلحة
5
عامة في المجتمع معينين بصفاتهم ال بذاته.
1مازن راضي ليلو ،الوجيز في القانون اإلداري ،الطبعة الخامسة ،دار المطبوعات مصر 2440ص 108
الموقع اإللكتروني www.startimes.com ،تاريخ اإلطالع 20/43/2412س 10:28 2
عمار عوابدي ـ القانون اإلداري ،ديوان المطبوعات الجامعية ،طبعة ،3ص 204/238 3
7
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
يتضح من التعاريف السابقة أن هناك عدة شروط يجب توافرها لنكون أمام قرار إداري و هي:
يشترط في القرار اإلداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء كانت داخل حدود الدولة أو
خارجها من دون النظر إلى مركزية السلطة أو عدم مركزيتها ،ولنكون أمام قرار إداري ينبغي أن
يصدر هذا القرار من شخص عام له الصفة اإلدارية وقت إصداره وال عبرة بتغيير صفة بعد ذلك،
و هو ما يميز القرار اإلداري عن األعمال التشريعية و القضائية.1
يجب أن يصدر القرار من جانب اإلدارة وحدها ،و هو مايميز القرار اإلداري عن العقد اإلداري،
الذي يصدر باتفاق إرادتين سواء كانت هاتين اإلرادتين لشخصين من أشخاص القانون العام أو كان
أحدهما لشخص من أشخاص القانون الخاص.
والقول بضرورة أن يكون العمل اإلداري صاد اًر من جانب اإلدارة وحدها ليكتسب صفة القرار اإلداري
ال يعني أنه يجب أن يصدر من فرد واحد ،فقد يشترك في تكوينه أكثر من فرد كل منهم يعمل في
2
مرحلة من مراحل تكوينية ألن الجميع يعملون لحساب جهة إدارية واحدة.
لكي يكون القرار إداريا يجب أن يرث آثا ار قانونية ،و ذلك بإنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني
معين ،فإذا لم يترتب على العمل اإلداري ذلك فإنه ال يعد ق ار اًر إداريا.
عمار عوابدي ،نظرية القرار اإلداري ،دار هومة الجزائر 2443 ،ص21/23 1
محمد الصغير بعلي ،الق اررات اإلدارية ،دار العلوم للنشر ،الجزائر ،2440ص 10 2
8
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
و بناءاً على ذلك فإن األعمال التمهيدية و التقارير و المذكرات التحضيرية التي تسبق اتخاذ القرار
ال تعد ق اررات إدارية ،و نجد أنه من المناسب أن نبين مضمون بعض هذه األعمال.
-األعمال التمهيدية والتحضيرية :هي مجموعة من الق اررات التي تتخذها اإلدارة و تتمن رغبات و
استشا ارت و تحقيقات تمهيدا إلصدار قرار إداري و هذه األعمال ال تولد آثا ار قانونية و ال يجوز
الطعن فيها باإللغاء.1
-المنشورات و األوامر المصلحية :و هي األعمال التي تتضمن تعليمات و توجيهات صادرة عن
رئيس الدائرة إلى مرؤوسيه لتفسير القوانين و اللوائح و كيفية تطبيقها و تنفيذها مادامت هذه المنشورات
لم تتعدى هذا المضمون ،أما إذا تضمنت إحداث آثار في مراكز األفراد فإنها تصبح ق اررات إدارية.2
-األعمال الالحقة لصدور القرار :و هي التي تنصب على تسهيل تنفيذ القرار اإلداري السابق و ال
3
تشير إلى ق اررات مستقبلية فال يكون األثر المترتب عليها حاالً.
-اإلجراءات الداخلية :و تشمل إجراءات التنظيم للمرافق العامة التي تضمن حسن سيرها بانتظام و
إطراء و اإلجراءات التي يتخذها الرؤساء اإلداريون في مواجهة موظفيهم المتعلقة بتقسيم الهمل في
4
المرفق و تبصير الموظفين بالطريق األمثل لممارسة وظائفهم.
تنقسم الق اررات اإلدارية إلى أنواع متعددة و ذلك حسب الزاوية التي بنظر منها إلى القرار اإلداري و
حسب األساس الذي يقوم عليه التصنيف.
تنقسم الق اررات اإلدارية من حيث التركيب إلى ق اررات بسيطة و ق اررات مركبة.
9
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
-1الق اررات البسيطة :هي تلك التي تتميز بكيان مستقل و تستند إلى عملية قانونية واحدة غير
مرتبطة بعمل قانوني آخر كالقرار الصادر بتعيين موظف أو ترقيته أو نقله وهي الصورة األكثر
1
شيوعا في الق اررات اإلدارية.
-2الق اررات المركبة :وهي تلك الق اررات التي تدخل في عملية قانونية مركبة تتم من عدة مراحل ومن
هذه الق اررات قرار نزع الملكية للمنفعة العامة وقرار إرساء المزاد أو إجراء المناقصة في العقود
اإلدارية.
فالقرار اإلداري الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة تصاحبه أعمال إدارية أخرى قد تكون سابقة أو
معاصرة أو الحقة له ،وتتم على مراحل متعددة تبدأ بتقرير المنفعة العامة للعقار موضوع نزع الملكية
2
ثم إعداد كشوف الحصر لها و أخي ار صدور قرار نزع الملكية ،و تقرير المنفعة العامة.
-3أهمية التقسيم :لهذا التقسيم أهمية تاريخية في فرنسا إذ أن الق اررات التي تدخل في تكوين عمل
إداري مركب كانت ال تقبل الطعن فيها بدعوى اإللغاء ،بخالف الق اررات البسيطة يمكن الطعن
باإللغاء باعتبارها ق اررات إدارية نهائية.
و مع ذلك فقد سمح القضاء اإلداري بفصل القرار اإلداري الذي يساهم في عملية مركبة وفق ما
3
يسمى باألعمال القابلة لالنفصال و قبل الطعن فيها بصفة مستقلة و بشروط معينة.
تنقسم الق اررات اإلدارية من حيث مداها إلى ق اررات تنظيمية و لوائح أو ق اررات فردية و يعد هذا
التقسيم من أهم تقسيمات الق اررات اإلدارية لما يترتب عليه من نتائج تتعلق بالنظام القانوني الذي
يخضع له كل من الق اررات التنظيمية و الق اررات الفردية.
-1الق اررات التنظيمية :هي تلك الق اررات التي تحتوي على قواعد عامة مجردة تسري على جميع
األفراد الذين تنطبق عليهم الشروط التي وردت في القاعدة القانونية و العمومية ،و المراكز القانونية
10
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
التي يتضمنها القرار التنظيمي ال عني أنها تنطبق على كافة األشخاص في المجتمع ،فهي تخاطب
فرداً أو مجموعة أفراد في المجتمع معينين بصفاتهم ال بذاتهم.
و الق اررات التنظيمية هي في حقيقتها تشريع ثانوي يقوم إلى جانب التشريع العادي إال أنه يصدر
عن اإلدارة ،و ذلك فهو تشريع ثانوي يطبق على كل من يستوفي شروطاً تضعها القاعدة مسبقا ،وال
1
تستنفذ الالئحة موضوعها بتطبيقها بل تظل قائمة للتطبيق مستقبال.
-2الق اررات الفردية :و هي الق اررات التي تنشئ مراكز قانونية خاصة بحاالت فردية تتصل بفرد
معين بالذات أو أفراد معينين بذاتهم و تستنفذ موضوعها بمجرد تطبيقها مرة واحدة مثل القرار الصادر
2
بتعيين موظف عام ،و ترقية عدد من الموظفين.
-3أهمية التمييز :تسري الق اررات الفردية على فرد معين بالذات أو حاالت معينة بالذات ،بينما
تتضمن الق اررات التنظيمية قواعد عامة و مجردة تطبق على كل من تتوافر فيهم شروط معينة دون
أن يتم تحديد هؤالء األشخاص.
تمتلك اإلدارة الحق في تعديل الق اررات التنظيمية أو إلغائها أو سحبها دون أن يكون ألحد الحق
بالتمسك بحقوق مكتسبة ،على اعتبار أنها تنظم قواعد عامة ،في حين تضع اإلدارة في سحبها و
3
إلغائها و تعديلها للق اررات الفردية لشروط معينة حددها القانون.
ق اررات تخضع لرقابة القضاء و هذا هو األصل ،وق اررات ال تخضع لرقابة القضاء و هي الق اررات
المتعلقة بأعمال السيادة أو تلك التي منعت التشريعات الطعن فيها أمام القضاء.
11
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
إذا كان األصل هو خضوع الق اررات اإلدارية للرقابة فإن مستلزمات المصلحة العامة قد تقتضي
التخفيف من صرامة هذا المبدأ فتسمح بموازنة مبدأ المشروعية من خالل نظرية السلطة التقديرية و
الظروف االستثنائية.
والشك أن هذا االتجاه خطير من المشروع ألن تحصينه للق اررات اإلدارية من الطعن يجرد األفراد
من ضمانة مهمة في مواجهة تعسف اإلدارة.1
تعد رقابة القضاء على أعمال اإلدارة أهم وأجد صور الرقابة و األكثر ضمانا كحقوق األفراد و
حرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقالل وما تتمتع به أحكام القضاء من قوة و حجية تلزم
الجميع بتنفيذها و احترامها.
واألصل أن تخضع جميع الق اررات اإلدارية النهائية لرقابة القضاء عمال بمبدأ المشروعية ،ومن
المستقر عليه وجود نوعين من نظم الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة األول يسمى القضاء الموحد
و الذي تنحصر الرقابة القضائية فيه على نطاق ضيق من جانب القضاء يتمثل أساساً في التعويض
عن األضرار التي قد تنتج من جراء تطبيق الق اررات اإلدارية ،ومقتضاه أن تختص جهة قضائية
واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين األفراد أنفسهم أو بينهم و بين اإلدارة أو بين
الهيئات اإلدارية نفسها.
12
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
وهذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاقا مع مبدأ المشروعية إذ يخضع األفراد واإلدارة إلى قضاء واحد
وقانون واحد.1
أما نظام القضاء المزدوج فيقوم على أساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين ،جهة القضاء العادي
و تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين األفراد ،و بينهم وبين اإلدارة.
يقوم أي قرار إداري على أركان أساسية و مجموعة من اإلجراءات حتى يكون القرار مشروعاً.
تنقسم أركان القرار اإلداري إلى أركان شكلية و أركان موضوعية يترتب على إنعدام ركن من أركانها
اعتبار القرار معيبا.
أوال-األركان التشكيلية
-1الشكل :يقصد بالشكل في القرار اإلداري المظهر الخارجي الذي يبدو فيه القرار و اإلجراءات
التي تتبع في إصدارة و تهدف التشكيالت إلى ضمان حسن سير المرفق العام من ناحية ،وضمان
حقوق األفراد من ناحية أخرى كما أنها تشكل ضمانة لإلدارة نفسها تمنعها من االرتجالية و التسرع
3
و تهديد حقوق األفراد و حرياتهم باتخاذ ق اررات غير مدروسة.
و األصل أن القرار اإلداري ال يخضع لشكل معين إال إذا نفى القانون على خالف ذلك بأن استلزم
كتابية أو احتواءه على بيانات معينة كذكر السبب مثال ،أو استوجب اتخاذ إجراءات محددة كأخذ
رأي هيئة أو إجراء التحقيق الالزم.
وال يؤدي عيب الشكل إلى بطالن القرار اإلداري إال إذا نفى المشرع صراحة على البطالن في حالة
عدم استيفاء الشكل المطلوب ،و إذا كان عيب الشكل جسيما أو جوهريا بحيث أن تالفيه كان يمكن
13
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
أن يؤثر في مضمون القرار و يغير بجوهره 1أما مسائل اإلجراءات و الشكليات الثانوية ال تؤثر في
سالمة القرار موضوعيا و المقررة لمصلحة اإلدا رة فال ترتب البطالن و ذلك من باب عدم المبالغة
في التمسك بالشكليات.
ب-االختصاص :و يقصد باالختصاص القدرة على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة
األعمال و التصرفات التي يكون لإلدارة أن تمارسها قانوناً و على وجه يقيد به ،و القاعدة أن يتم
تحديد اختصاصات كل عضو إداري بموجب القوانين و األنظمة وال يجوز تجاوز هذه االختصاصات
و إال أُعتبر القرار الصادر من هذا العضو باطال.
و قواعد االختصاص تتعلق بالنظام العام لذلك ال يجوز لصاحب االختصاص أن يتفق مع األفراد
على تعديل تلك القواعد ،و إال فإن القرار الصادر مخالفاً لهذه القواعد يكون صعبا بعيب عدم
2
االختصاص القانونية.
يجب أن يصدر من شخص أو هيئة منوط بها إصداره ،و إال كان نشوب بعيب عدم
3
االختصاص.
يحدد القانون اختصاصات كل موظف أو جهة إدارية بموضوعية معينة.
باإلضافة إلى تحديد النطاق المكاني الذي يجوز لرجل اإلدارة أن يباشر اختصاصه فيه.
مع ضرورة أن يتم تحديد فترة زمنية يكون لرجل اإلدارة أن يباشر اختصاصه فيها ،فإذا اصدر
4
قرار خارج النطاق الزمني المقرر لممارسة يعد باطال و معيبا بعيب عدم االختصاص.
ومخالفة قواعد االختصاص إما أن تكون في صورة إيجابية أو في صورة سلبية فتكون المخالفة
إيجابية عندما يصدر الموظف قرار من اختصاص موظف آخر مثال ،وتكون سلبية عندما يرفض
الموظف إصدار قرار معين معتقداً بأنه ليس من ضمن اختصاصه.
محمد عبد هللا الديلمي ،نظرية القرار اإلداري ،دار الثقافة للنشر األردن 2441ص 88 1
14
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
-1السبب:
سبب القرار اإلداري هو الحالة الواقعية ،و القانونية التي تسبق القرار و تدفع اإلدارة إلصداره،
فالسبب عنصر خارجي موضوعي يبرر لإلدارة التدخل بإصدار القرار و ليس عنص اًر نفسيا داخليا.
1
أن يكون سبب القرار قائما و موجوداً حتى تاريخ اتخاذ القرار.
أن يكون السبب مشروعاً ،و تظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة لإلدارة ،عندما
في اإلدارة إليها تستند ان يجب معينة أسبابا المشروع يحدد
2
إصدار بعض ق ارراتها.
-2المحل:
يقصد بمحل القرار اإلداري األثر الحال و المباشر الذي يحدثه القرار مباشرة سواء بإنشاء مركز
قانوني أو تعديله أو إنهائه.
ويجب أن يكون محل القرار ممكنا و جائ اًز من الناحية القانونية ،و مخالفة القرار للقواعد القانونية
تتخذ صو اًر متعددة و هي:
15
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
-3الغاية:
يقصد بالغاية من القرار اإلداري الهدف الذي يسعى هذا القرار إلى تحقيقه و الغاية عنصر نفسي
داخلي لدى مصدر القرار ،و غاية الق اررات اإلدارية كافة تتمثل في تحيق المصلحة العامة للمجتمع.
1
و األصل أن كل قرار إداري يستهدف تحقيق المصلحة العامة ،و يفترض فيه ذلك و على من يدعي
خالفا ذلك اإلثبات ،و عيب االنحراف بالسلطة و الغاية عيب قصدي أو عمدي يتعلق بنية مصدر
القرار الذي يجب أن يكون سيء النية يعلم أنه يسعى إلى غاية بعيدة عن المصلحة العامة أو غير
تلك التي حددها القانون.2
استهداف المصلحة العامة من منطلق أن السلطة التي تتمتع بها اإلدارة ليست غاية في ذاتها
3
و إنما هي وسيلة لتحقيق الغاية المتمثلة في المصلحة العامة.
احترام قاعدة تخصيص األهداف ،فقد يحدد المشرع لإلدارة هدفا خاصا يجب أن يسعى قرارها
4
لتحقيقها و إذا ما خالفت هذا الهدف فإن قرارها يعد معيبا.
احترام اإلجراءات المقررة ،فيتعين على الغدارة احترام اإلجراءات التي بينها القانون لتحقيق
الهدف الذي تسعى إليه ،فإذا انحرفت اإلدارة في اإلجراءات اإلدارية الالزمة إلصدار قرار
معين بإجراءات أخرى لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه فإن تصرفها هذا يكون مشوبا يعين
5
إساءة استعمال السلطة في صور االنحراف باإلجراءات.
الفرع الثاني :إجراءات اكتمال القرار اإلداري
إن الق اررات اإلدارية باعتبارها تصرفات قانونية ،ال تنشأ و ال تتلون إال إذا توفرت أركانها القانونية
المتفق عليها في كل القوانين المقارنة وهي ركن السبب ،االختصاص و الشكليات و اإلجراءات
16
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
و الهدف و المحل 1ومتى صدر على هذا النحو فإنه قرار سليم منذ توقيعه مع ضرورة مراعاة
اإلجراءات التي يكتمل بها.
قضاء في فرنسا و في مصر 2حيث أن معظم الفقهاء سار ً إن هذا االتجاه هو الغالب فقها و
في هذا الدرب و من هذه الفكرة نجد األستاذ "لوبادير" laubadereيقول " إن القرار اإلداري
يعتبر سارًيا منذ صدوره من السلطة اإلدارية وبكن هذا القرار ال يجوز االحتجاج به إال من اليوم
الذي ينقل إلى علم األفراد بوسيلة من وسائل الشهر ".
كما يرى األستاذ "والين" Walineأن القرار اإلداري ينتج آثاره من اليوم الذي يصبح فيه مكتمال
و حتى قبل إعالنه أو نشره و لكن إلى أن يتم هذا اإلعالن أو النشر فإن القرار ال يحتج به في
مواجهة الغير فال ينقص منهم حقا أو يلقى عليهم التزاما " ونجد أن هذا هو االتجاه الذي سار
3
فيه معظم الفقه المقارن.
وفي هذا الصدد نجد الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية المصرية خالل شهر ديسمبر 1802
"بأن القاعدة التي قررها دستور 1823من عدم جواز العمل بالقوانين إال بعد نشرها قاصرة على
القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية وال يمتد إلى الق اررات التي تصدرها السلطة التنفيذية في
مجالها اإلداري التنظيمي ،حتى و لو تضمنت قواعد تنظيمية عامة مما يجعلها مندرجة في حكم
القوانين بمعناها األعم ،إذ هي بحسب األصل تتم وتنتج آثارها من يوم توقيع من يملك سلطة
إصدارها توجيه األمر للحكام و المرؤوسين مراعاتها و عدم مخالفاتها و لو لم تنشر ،إذ النشر ليس
الزما لصحة الق اررات اإلدارية ،أو لنفاذها و ال يقصد منه غير إبالغ الغير بمضمونها حتى تكون
4
حجة عليه ،ويترتب على قاعدة نفاذ الق اررات اإلدارية منذ صدورها نتائج هامة منها:
خصوصا من حيث
ً -1ينبغي الرجوع إلى تاريخ صدور القرار ليتسنى الحكم على مشروعيته و
مراقبة اختصاص الجهة المصدرة له وهذا ما يؤكده الحكم الصادر عن محكمة القضاء اإلداري
عمار عوابدي ،القانون اإلداري ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،ديوان المطبوعات الجامعية ص 184 1
عبد العزيز السيد الجوهري ،القانون و القرار اإلداري في الفترة ما بين اإلصدار و الشهر دراسة مقارنة ،ديوان المطبوعات ص08 2
17
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
في حكمها الصادر بتاريخ 11أكتوبر 1801من خالل العبارات التالية " يتعين للحكم على
مشروعية القرار اإلداري الرجوع إلى القوانين القائمة وقت صدوره".
فرديا
-2منذ صدور القرار يكون في وسع اإلدارة تنفيذه دون حاجة لشهره سواء بالتبليغ إذا كان القرار ً
أو نشره إذا كان تنظيميا ،ولكن بالقدر الذي ال يلحق ضر اًر باألفراد ألن الق اررات اإلدارية ال تسري
قانونا .وفي هذا الصدد قضى مجلس
ً في حقهم إال إذا عملوا بها عن طريق وسائل العلم المقررة
الدولة الفرنسي بأنه يمكن نعيين الموظف قبل نشر القرار المنشئ للوظيفة 1كما أنه يمكن تعيين
أعضاء لجنة أو مجلس تأديب قبل نشر الالئحة التي تبين كيفية تشكيل اللجنة أو المجلس بشرط أن
2
ال تبدأ اللجنة أو المجلس في مزاولة االختصاص إال من نشر الالئحة.
-3هل يكمن لألفراد المطالبة باالستفادة من ق اررات غير منشورة؟
إن اإلجابة عن هذا السؤال باإليجاب هي نتيجة منطقية لقاعدة أخرى هي نفاذ الق اررات اإلدارية في
حق اإلدارة منذ صدورها و في هذا الصدد ذهب قضاء مجلس الدولة إلى التفرقة بين الق اررات الفردية
و اللوائح ،فأجاز لألفراد المطالبة باالستفادة من الق اررات الفردية التي تصدر لصالحهم حتى قبل
نشرها أي من تاريخ توقيعها ،أما بالنسبة للق اررات التنظيمية فإنها ال ترتب لألفراد إال من تاريخ
3
نشرها.
إن هذا االتجاه يعد استثناء من اإلجماع على الرأي األول 4و يمثله فئة قليلة من الفقهاء
الفرنسيين ،و يتزعمه الفقيه "ستاسيوبولي" و الذي يرى " أن القرار اإلداري يظل مجرد واقعة نفسية
ال أهمية لها من الناحية القانونية ،ال بالنسبة لإلدارة و ال بالنسبة لألفراد إال باإلعالن أو النشر عنه
أو شهره".
وعليه فإن ما يستشف من هذا الرأي أن كل األعمال السابقة عن اإلعالن أو الشهر هي
مجرد مشروع قرار.
18
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
ويظل هذا القرار كذلك حتى قبل إعالنه أو نشره ،فإن هذا ال يمنع من القول بأن القضاء يخالف
قاعدة عامة مستقرة تهيمن على القواعد القانونية كلها و تتعارض معها و هي قاعدة عدم رجعية
الق اررات اإلدارية.
وينتقد أصحاب هذا االتجاه ذلك التمييز الصارم الذي يأخذ به أصحاب الرأي األول و الذي تأثر به
القضاء إلى حد كبير ،وهو التفرقة بين صحة القرار اإلداري من ناحية و االحتجاج به من ناحية
أخرى و يذهبون إلى التخفيف من صرامة هذا التمييز.
ويقترحون لذلك حالً و هو أن يجعل القضاء من إجراء إعالن القرار اإلداري أو نشره شرطاً لصحته
و ذلك مراعاةً لجوانب العدالة ،و تحقيقا لمصلحة األفراد.
وما يالحظ على أصحاب هذا االتجاه أنهم أرادوا أن يؤسسوا لعيب جديد يضاف إلى العيوب الخاصة
بالق اررات اإلدارية ،2ولكن رغم هذا فإنهم لم يجدوا صدى ال في الفقه وال في القضاء و ظلت آراؤهم
استثناء من القاعدة التي تقول بأن القرار اإلداري يكتمل بتوقيعه و أنه متى صدر فإنه يصبح نافذا
ً
بدون تعليق ذلك على علم األفراد به.
و يقصد بها حاالت و أسباب عدم مشروعية الق اررات اإلدارية و هي عيب عدم االختصاص و عيب مخالفة الشكل و اإلجراءات ،وعيب 2
مخالفة القانون ،و عيب االنحراف في استعمال السلطة و عيب انعدام السبب.
عمار عوابدي ،النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري ص 384 3
ينص هذا التشريع على أن النصوص العامة يجب أن تنشر و الق اررات ذات المضمون الفردي يجب أن تعلن. 4
19
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
إن القرار اإلداري كغيره من التصرفات يشترط لنفاذه توافر مجموعة من الشروط ليكون صحيحاً
باإلضافة إلى مجموعة من الوسائل التي تتخذ و تعتمد لنفاذه و منه نتطرق في الفرع األول إلى
وسائل نفاذ الق اررات اإلدارية ،و في الفرع الثاني إلى شروط نفاذ القرار اإلداري.
تتمثل وسائل نفاذ الق اررات اإلدارية في التبليغ بالنسبة للق اررات الفردية و النشر بالنسبة للق اررات
التنظيمية باإلضافة إلى نظرية علم اليقين.
فردا ،و أفراد معينين باالسم و يتم العلم بهذا النوع من الق اررات
إن الق اررات الفردية هي التي تخاطب ً
بواسطة التبليغ الشخصي الفردي للشخص المعين تبليغاً كامالً و شامالً لمضمونه ،و لهذا التبليغ
أهمية في معرفة بدأ سيران القرار و كذا معرفة أجال بداية الطعون اإلدارية و القضائية و السؤال
الذي يمكن أن يطرح في هذه المسألة هو ما صدى إلزامية التبليغ و هل لإلدارة كامل الحرية في
اختيار وسائله.
مبدئيا تتمتع اإلدارة بحرية تقدير مالئمة في تبليغ أو عدم تبليغ ق ارراتها الفردية ألن المشرع لم يرتب
1
أي التزام على عاتق اإلدارة في حالة عدم تبليغ ق ارراتها.
و في هذا الشأن نجد ق ارر مجلس الدولة الجزائري بتاريخ 1888/40/18رقم " 114042حيث
يستخلص من بيانات القرار المعاد أن قضاة الدرجة األولى رفضوا الدعوى طبقا للمادة 118من
ر.ق.ك.م لكن حيث أنه استقر القضاء و بما أن القرار موضوع النزاع هو قرار فردي ،كان على
المستأنف عليها أن تبلغ للمستأنف تبليغ شخصي".
و ما يمكن مالحظته أن هذا القرار كرس إلزامية تبليغ الق اررات اإلدارية تبليغا شخصيا و يتضح ذلك
من عبارة "كان على المستأنف" و التي في حقيقتها تفيد اإللزام ،و بالتالي فإن هذا القرار اعتبر التبليغ
إجراء ضروري ،و حيث أنه ال وجود لنص قانوني عام يلزم اإلدارة بتبليغ ق ارراتها الفردية فإن ما
باستثناء حاالت خاصة ،أين نص المشرع على وجوب تبليغ األفراد المخاطبين بالقرار تحت طائلة البطالن. 1
20
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
قضى به القرار السالف الذكر يعد مقبوالً و محبذا لما لقاعدة تبليغ الق اررات من فائدة عملية السيما
في احتساب ميعاد الطعن القضائي.1
وبالرجوع إلى قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية 2نجد المادة 828تنص "يحدد أجل الطعن أمام
المحكمة اإلدارية بأربعة ( )40أشهر ،يسري من تاريخ التبليغ الشخصي نسخة من القرار اإلداري
الفردي ،أو من تاريخ نشر القرار اإلداري الجماعي و التنظيمي" .ومنه فإن ميعاد 40أشهر ال يمكن
احتسابه إال من تاريخ تبليغ اإلدارة لق ارراتها الفردية.
كما يتضح لنا أن التبليغ شرط شكلي مقترن بحق الدفاع ،كما أن إجراءات التبليغ من النظام العام،
و لكن هل المشرع اشترط نمط معين أو طريقة معينة في تبليغ الق اررات اإلدارية؟
الجواب يتمثل في كون اإلدارة ليست ملزمة بإتباع طريق معين في تبليغ ق ارراتها و ذلك أن المادة
828ق.إ.م.إ حددت ميعاد رفع الدعوى ،و لكنها لم تلزم اإلدارة بإتباع طريقة معينة في التبليغ ومن
ثم فإن اإلدارة مخيرة في اتخاذ طريق التبليغ الذي تراه مناسباً بين الطرق التالية:
رمضان غنائي ،مقال عن موقف مجلس الدولة عن نظرية العلم اليقيني ،تعليق على قرار رقم 11042المؤرخ في ،1888/40/18مجلة 1
21
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
حسب الوصل المرفق ،و حيث بالرجوع إلى هذه الوثيقة فإنه ال يمكن اعتبارها تبليغا صحيحا،
1
مادامت المستأنفة ال تقدم محضر موقع عليه من كال رئيس البلدية و المعني".
إن الق اررات التنظيمية هي تلك التي تتضمن قواعد عامة و مجردة شبيهة بالنصوص القانونية و ال
تخاطب أشخاصاً محددين بذواتهم ،و إنما تقتصر بنصوصها على إنشاء مراكز قانونية عامة ،و
تعتبر عملية نشر الق اررات اإلدارية من وسائل النشر الرسمية و المعتمدة في النظام القانوني و
اإلداري للدولة 2فلكي تكون هذه الق اررات سارية المفعول و يحتج بها على المخاطبين بها 3يجب أن
يعلم بها هؤالء عن طريق النشر و عموماً يمكن القول أن قواعد النشر تخضع إلى نفس القواعد
المطلقة على نشر القانون ،و هنا نميز بين ق اررات السلطة المركزية و السلطات الالمركزية.
4
-1ق اررات السلطة المركزية:
و تتمثل في :
و هذه األنواع من الق اررات ،يجب نشرها في الجريدة الرسمية ،لتدخل حيز التنفيذ ،و باستثناء الق اررات
الو ازرية فإنه لم يلزم المشرع بنشرها في الجريدة الرسمية ،بل تنشر وجوبا في النشرة الو ازرية ،لكن ما
5
يجب مالحظته في هذا الصدد هو أن أغلب الو ازرات ليست لها نشرة و ازرية.
و انطالقا من هنا فإنه ال يعتد بأي نشر آخر ،كالنشر في الصحف أو اللصق في األماكن العمومية
6
أو إذاعته سمعياً أو بصريا و من هنا يمكن لنا أن نتساءل متى تصبح هذه الق اررات ملزمة لألفراد؟
هنا تكمن الفائدة العملية للنشر ألن الق اررات اإلدارية لها تتمتع بالقوة التنفيذية و لكنها سارية في مواجهة األشخاص بالنشر فقط 3
22
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
و انطالقا من هذا تنص المادة 40من القانون المدني" 1تطبق القوانين في تراب الجمهورية الجزائرية
الديمقراطية الشعبية ابتداء من يوم نشرها في الجريدة الرسمية.
تكون نافذة المفعول بالجزائر العاصمة بعد مضي يوم كامل من تاريخ نشرها و في النواحي األخرى
في نطاق كل دائرة بعد مضي يوم كامل من تاريخ وصول الجريدة الرسمية إلى مقر الدائرة و يشهد
على ذلك تاريخ ختم الدائرة الموضوع على الجريدة".
إذا كان المبدأ أن ميعاد الطعن في القرار اإلداري ال يبدأ سريانه إال منذ أن يعلم به ذوو الشأن سواء
بطريق النشر أو التبليغ ،إذ يتمكن المخاطبين به بمقتضى هاتين الطريقتين من معرفة مضمونه و
عناصره األساسية و مدى تأثيره على مراكزهم و أوضاعهم القانونية ،فيقررون في ضوء ما تقدم
3
القيام بالطعن في القرار أو عدم الطعن فيه خالل المهلة المحددة قانونياً.
ولكن السؤال المطروح ،كيف يمكن الطعن في الق اررات التي لم تنشر أو التي لم تبلغ؟ و هل يظل
فيها باب الطعن مفتوحاً إلى ماال نهاية ؟
إبراهيم عبد العزيز شيحا ،مبادئ و أحكام القضاء اإلداري اللبناني ،الدار الجامعية ،ص 033 3
23
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
قرر القضاء اإلداري في القانون المقارن أن العلم بالق اررات اإلدارية قد يتحقق بالنسبة للمعنيين و
المخاطبين بالق اررات علماً حقيقيا فعليا و يقينيا محدداً و قاطعاً و شامالً ألية جهالة بمضمون و آثار
1
الق اررات اإلدارية الصادرة.
و هذا ما أجمع عليه الفقه بتسميته نظرية العلم اليقين ،و التي كانت في بدايتها من صنع القضاء
اإلداري الفرنسي " الذي في غياب نص تشريعي يحدد تاريخ البدء في احتساب مواعيد الطعن
2
القضائي.
-1العلم بوجود قرار إداري خارج إجراء قضائي و تنطلق المواعيد يوم العلم بوجوده ،و في هذا
الصدد سار قضاة المحكمة العليا و مجلس الدولة في الجزائر ،عند تطبيقهم لنظرية العلم
اليقيني حيث جاء في قرار بتاريخ 1881/41/23قضية "ب.ع" ضد وزير الداخلية ووزير
الخارجية ملف رقم 13211حيث جاء في حيثياته:
" حيث أن الطاعن كان يعلم و لو شفوياً بقرار رفض دخوله إلى التراب الوطني منذ
،1884/40/14فالعلم الشفوي كان لبدء احتساب مواعيد الطعون اإلدارية و القضائية طبقا لهذا
القرار".
-2العلم بوجود قرار إداري أثناء قضية مطروحة أمام جهة قضائية و مثال ذلك ما قضت عليه
حيثيات القرار اآلتي... " :إن المدعي قد علم بالتاي القرار المطعون فيه أثناء سير و نظر
الدعوى التي بث فيها سنة 1828و أنه طبقا لنظرية العلم اليقيني ...فإن الطعن غير مقبول
3
بسبب انقضاء الميعاد "...
وعليه فإن ما يمكن استنتاجه أن تحقق العلم اليقيني بالقرار على ضوء االجتهادات القضائية
المختلفة فإنه يرتبط بتوفر شروط ثالث هي:
غناني رمضان ،مقال منشور بمجلس الدولة ،العدد ،42سنة ، 2442ص .122 2
24
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
-أن يثبت هذا العلم في تاريخ معين يمكن حساب ميعاد الطعن فيه.
و بالتالي فإنه في غياب الشهر القانوني للقرار فإن الميعاد يمكن أن يبدأ في السيران متى ظهر
1
بأي طريقة أو بأي شكل ،بأن المعني علم بالقرار ،و في هذا الشأن كتب الفقيه J.Mauby
بأن العلم اليقين هو اجتهاد قضائي يقر في بعض الحاالت ببداية سريان مواعيد الطعن حتى
وان لم يكن القرار موضوع أي شهر صحيح و ذلك بسبب ثبوت علم الطاعن بالقرار.
و في حين اعتبر الفقيه Renechapusبأن العلم اليقين هو نظرية تتملص أو تتجاوز العلم
الرسمي بالقرار ففي هذه الحالة فإن العلم الواقعي بالقرار هو من يسبب بداية سريان المواعيد في
2
مواجهة من حصل لديهم هذا العلم.
و عليه فإنه حسب هذه النظرية فإن سريان مواعيد الطعن ضد الق اررات اإلدارية ال يرتبط فقط
بالعلم القانوني به أي بالنشر و التبليغ ألن العلم ال الواقعي بالقرار قد يرتب في بعض األحيان
نفس اآلثار التي يرتبها النشر و التبليغ ،كما أنها تعتبر حال بالنسبة لميعاد الطعن في الق اررات
غير المنشورة ،إفالت الكثير من الق اررات اإلدارية غير المشروعة عن رقابة القاضي اإلداري ،و
أنه برفضه هذا قد يتسبب القضاء بشكل غير مباشر في إضفاء صبغة الشرعية على الق اررات
اإلدارية.
و ربما هذا السبب فإن مجلس الدولة الفرنسي قد ضيق من حدود األخذ بهذه النظرية ،و حصر
3
العمل بها في حاالت محدودة ذكرها جورج فودال G.Vedelوهي:
-1الطعون المرفوعة من طرف أعضاء المجالس المنتخبة ضد الق اررات الصادرة عن هذه
المجالس لكون هؤالء األعضاء بمشاركتهم في المناقشة و التصويت على الق ار ارت هم
على علم بها و بالتالي ال حاجة إلى تبليغهم و منه فإن البدء في احتساب ميعاد الطعن
القضائي يبدأ من تاريخ إصدار هذه الق اررات.
1
J.Mauby et R.drago: traité des recours en matière administrative Litec 1992 p 290.
2
René chapus, droit de contentieux administrative, thème Edition p 538.
غناي رمضان ،المرجع السابق. 3
25
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
-2الطعون التي يبدي الطاعنون بأنهم كانوا على علم بهذه الق اررات المطعون فيها رغم أنها
غير مبلغة أو منشورة.
-3الطعون المرفوعة ضد الق اررات التي تكون بطبيعتها غير قابلة للنشر أو التبليغ.
أما موقف القضاء الجزائري فإنه يترجمه القرار الصادر بتاريخ 1888/40/18ملف رقم ،114042
و الذي جاء حيثياته " علم المستأنف بالقرار موضوع النزاع غير كاف لوحده ألخذه بعين االعتبار
من أجل احتساب األجل"....
و إن كان هذا القرار ال يسموا إلى مصاف الق اررات المبدئية التي من شأنها تسجيل تراجع عن اجتهاد
قضائي سابق بسبب أنه ليس صاد ار عن مجلس الدولة مشكال من كل الفرق إال أنه يمثل تراجع عن
1
األخذ بنظرية العلم اليقين ولو نسبيا.
لقد كاد يجمع الفقه الفرنسي و سايره في ذلك القضاء اإلداري أن النشر كوسيلة من وسائل العلم
بالق اررات اإلدارية ال يبلغ في داللته إلى علم أصحاب الشأن مبلغ اإلعالن ألن النشر ال يعدو أن
يكون قرينة فرضية إلثبات علم الكافة بالق اررات اإلدارية ذلك أنه مادام قد وقع فإنه يفترض علمهم
تم فإن له حجية نسبية من حيث إثبات علم األفراد
بها و انطالقا من هذه الفكرة النشر حتى و إن ًّ
اما علينا و من باب أولي
بالقرار و من حيث إثبات التاريخ كبدء حساب مواعيد الطعن ،لذلك كان لز ً
التطرق إلى النشر السليم و شروطه.
إن المسلم به أنه إذا نص القانون على طريقة معينة للنشر فيجب على اإلدارة إتباع تلك الطريقة
كما لو نص القانون على لصق القرار في أمكنة معينة من المدينة أو قراءته في الميادين العامة،
أو نشره في الجريدة الرسمية .....وفي هذه الحالة فإن األفراد ال يعتبرون قد علموا بالقرار ،إال إذا
تم نشره بالطريقة المقررة و ال تستطيع مع اإلدارة ،تستبدل بها غيرها و لو كانت الطريقة المقررة و
َّ
ال تستطيع اإلدارة أن تستبدل لها غيرها و لو كانت الطريقة الجديدة أنجح في العلم 2كأن تستبدل
باللصق في األماكن الخاصة النشر عن طريق السينما أو اإلذاعة.
26
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
ففي فرنسا مثال ،مداوالت المجالس البلدية يجب نشرها طبقا للقانون الصادر في 40أفريل 1880
في مادته 01في صورة إعالن ملصق بتقرير الجلسة و يعلق على باب ديوان الحكومة.
و في الجزائر نجد أنه من بين النصوص الخاصة التي نصت على إجراءات خاصة بالنشر ما ورد
في القانون رقم 1 11/81المؤرخ في 22أفريل 1881و المحدد لقواعد نزع الملكية للمنفعة العمومية
حيث فرض هذا القانون سلسلة من اإلجراءات نص عليها تحت طائلة البطالن و أخضع اإلدارة
لضرورة إتباعها و إال تعرضت ق ارراتها لإلبطال.
-1أنه قبل اللجوء إلى التصريح بالمنفعة العمومية يجب أن يسبق بتحقيق يرمي إلى إقرار
ثبوت هذه المنفعة ،و بالرجوع إلى المادة 41من هذا القانون نجدها تنص على وجوب
أن يكون قرار فتح التحقيق موضوع إشهار بعنوان البلدية المعنية في األماكن المخصصة
عادة لهذا الغرض.
-2يجب أن ينش ر قرار التصريح بالمنفعة العمومية و أن يبلغ لكل واحد من المعنيين و
هذا تحت طائلة البطالن ،و ما نصت عليه المادة 11من هذا القانون بقولها:
"يخضع قرار التصريح بالمنفعة العمومية تحت طائلة البطالن لما يلي:
-أن ينشر حسب الحالة في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية أو
في مدونة الق اررات اإلدارية الخاصة بالوالية.
-أن يبلغ كل واحد من المعينين.
-أن يعلق في مقر البلدية التي يقع فيها الملك المطلوب نزع ملكيته حسب الكيفيات التي
حددتها المادة 41من هذا القانون طوال الفترة المنصوص عليها في المادة 13من هذا
القانون".
و بالتالي فإن ما يالحظ على المشرع الجزائري أنه لم يترك مجاالً للشك أو المناقشة إذ نص على
وجوب التبليغ تحت طائلة البطالن للمعنيين باألمر ،أما النشر فيخص الغير ممن لهم مصلحة ،و
قد أكدت المادة 13من القانون 11-81على أن آجال الطعن المحددة بشهر خروجاً عن القاعدة
27
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
العامة الواردة في القانون ،تسري من تاريخ النشر أو التبليغ حسب الحالة و معناه أن تخلف هذا
1
اإلجراء يلزم القاضي بالتصريح بالبطالن دون التطرق لمسائل أخرى.
-أن طريقة النشر المنصوص عليها في هذا القانون هي طريقة خاصة و هي تشكل جزًء
من تكوين القرار في خد ذاته.
-أنه ال يمكن تصور عدم نشر هذا القرار ألنه يصبح في حكم المعدوم و لم يجد القضاء
الجزائري عن هذا المبدأ إذ أكده من خالل عدة ق اررات صادرة عم المحكمة العليا ومن
بينها " حيث أن القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية لمشروع بناء محطة بنزين
فرديا
و نزع ملكية األرض المتنازع عليها من أجل المنفعة العمومية ،و الذي يعد ق ار اًر ً
كان يجب تبليغه للطرف الذي انتزعت من ملكيته و أن هذه الشكلية لم تحترم في دعوى
2
تم نشر هذا المقرر في جريدة الشعب".
الحال ،حتى ولو َّ
ثانيا :وجوب الكشف عن محتوى القرار:
إن هذا الشرط يعتبر من أحد الدعائم األساسية التي تكرس مبدأ الشفافية على عمل اإلدارة
و يعزز ثقة المواطن بها و ينطوي على أساس أن تتضمن عملية النشر على جميع البيانات
و يرجع ذلك المتياز 3
الضرورية للقرار ،بحيث ال يكون النشر مجرد تنبيه لذوي الشأن بوجوده
األسبقية ،باعتبار أن العمل اإلداري يتمتع بافتراض مالئمة للقانون فالقرار الذي بموجبه يعين أو
يطرد به أحد الموظفين ينشئ أث اًر في نفس اليوم الذي إتخذ فيه.
وتتجلى الحكمة من هذا الشرط ،يضمن هذا النشر لذوي الشأن أن يكونوا في وضع يستطيعون من
خالله التحقق من مشروعية هذه الق اررات من أجل أن يطعنوا فيها وهم عالمون بها تماماً.
و لقد كان مجلس الدولة الفرنسي أول من تطرق إلى هذا الشرط من خالل مناقشته في بعض
األحكام التي أصدرها.
ليلى زروقي ،مقال منشور بمجلة مجلس الدولة ،العدد ،43سنة ،2442ص .10 1
قرار رقم ،81081صادر بتاريخ 1882/40/20في قضية (ع.م) ضد والي والية تيزي وزو. 2
إبراهيم عبد العزيز ،مبادئ و أحكام القضاء اإلداري اللبناني ،ص .020 3
28
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
وعلى صعيد الفقه فقد نادى كثير من الفقهاء بأن أغلب الق اررات ال تنشر نش اًر كافياً و من أجل أن
يتم تجنب أضرار مثل هذا النشر بحقوق األفراد فإنه ال مناص من إنشاء قضاء يكشف هذه العيوب
المستترة التي خلفها القضاء القديم و كان من أبرز هؤالء الفقهاء GUY Issacو الذي يرى أن
األهمية الضرورية للنشر الذي يتصف بالكفاية يعتبر أحد الضمانات المقررة لألفراد ألن هذا النشر
يتيح لهؤالء األفراد العلم بصدور الق اررات و مضمونها حتى يتهيأ للطعن فيها إذا ما أحسوا بأن ضر اًر
ما سيلحق بهم بسببها ،فالموظف الذي لم يتسلم نص القرار و ثبت كذلك أنه لم يعلن به إعالناً
شفهياً ،و رغم أن هذا القرار نشر في الجريدة الرسمية فإن نصوص هذا القرار ال تعتبر حجة في
مواجهته.
كما اعتبر مجلس الدولة ،أن نشر ملخص ق اررات التعيين ال يعمل على سريان ميعاد الطعن في هذه
تم تعيينهم ،و في الجزائر فإننا ال نجد مثاالً أكثر توضيحاً
الق اررات في مواجهة زمالء الموظفين الذين َّ
من الذي تضمنته المادة 41من القانون 11-81و التي تنص :
"يكون قرار فتح التحقيق و تعيين لجنة موضوع إشهار بعنوان البلدية المعينة في األماكن المخصصة
عادة لهذا الغرض ،و يجب أن يبين القرار تحت طائلة البطالن ،إضافة إلى إجراءات عمال اللجنة،
تاريخ فتح التحقيق و تاريخ إنهائه ،و كذا بيانا توضيحياً يحدد الهدف من العملية و مخطط الوضعية
لتحديد طبيعة األشغال المراد إنجازها.
1
يوضح ملف التحقيق تحت تصرف الجمهور ،و تحدد محتوياته عن طريق التنظيم"....
و ما يالحظ هنا أن المشرع تدخل ووضع كيفية إجراء النشر في هذه الحالة و حدد الوثائق و
الملحقات بالقرار و بالتالي فإن القيام بهذه اإلجراءات كاف للقول بأن النشر كاف و كامال للكشف
عن محتوى القرار.
و هذا على عكس بعض النصوص األخرى التي تلزم اإلدارة بالنشر أو التبليغ دون أن تحدد كيفية
النشر و هو األمر الذي يساهم في إثارة النزاع بين اإلدارة و الفرد حول هذه المسألة ليترك األمر
أخي اًر للقضاء للقول ما إذا كان النشر كافياً أم ال.
المادة 41من قانون 11-81و الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامة. 1
29
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
1
نص عليه المرسوم رقم 100-11
ومن أمثلة الق اررات التي يجب الكشف عن محتواها كامالً ،ما َّ
والتي تتعلق بوضعية الموظفين المنصوص عليها في المادة األولى من المرسوم رقم ،133-11
المؤرخ في 42جوان ،1811حيث نصت المادة 42منه:
" أنه في حالة فتح مسابقات أو امتحانات من أجل ممارسة الوظائف التي تسري عليها أحكام القانون
األساسي العام للوظيفة العمومية ،فإنه يجب أن تحدد هذه الق اررات المنصوص عليها في هذه الفقرة
ما يلي:
إذا كانت القاعدة العامة تقتضي أن الق اررات اإلدارية تنظيمية كانت أم فردية ،يجب أن تخضع لعملية
النشر أو التبليغ حسب كل حالة و هذا حتى يمكن االحتجاج بها في مواجهة المعنيين و المخاطبين
بها إضافة إلى أنها وسيلة من وسائل تحديد نقطة بداية ميعاد التظلم اإلداري السابق الو جوبي لقبول
دعوى اإللغاء كوسيلة من وسائل تحديد نقطة بداية ميعاد قبول دعوى اإللغاء أمام الغرفة اإلدارية
بالمجالس القضائية المختصة إقليميا ،حيث ال يشترط وجوب إعمال فكرة التظلم بالمجالس القضائية
المرسوم ،100-11المؤرخ في 41جوان 1811يتعلق بتحرير و نشر بعض الق اررات ذات الطابع التنظيمي أو الفردي التي تهم وصفية 1
الموظفين.
30
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
المختصة إقليميا ،حيث ال يشترط وجوب إعمال فكرة التظلم اإلداري السابق لقبول دعوى اإللغاء كما
هو مقرر في المادة 828ق.إ.م.إ .1
إن القاعدة العامة التي ذكرناها سابقا تعرف استثناء يتمثل في وجود بعض الق اررات التي ال
تقبل النشر أو التبليغ و تنقسم إلى ق اررات الرفض الضمنية الصادرة من اإلدارية فرع أول و ق اررات
ال تقبل النشر أو اإلعالن بطبيعتها فرع ثاني.
و يقصد بها الق اررات التي تعبر عن موقف سلبي من جانب اإلدارة و هي تنشأ عن امتناع اإلدارة
عن اإلجابة إزاء ما طلب منها بالموافقة أو عدم الموافقة.
أوالً :في الجزائر :و قد اعتبر المشرع مثال سكوت اإلدارة و عدم ردها لما طلب منها قرار ضمنيا
بالرفض مثل سكوتها للرد عن الطعن اإلداري المسبق و المنصوص عليه في المادة 834ق.إ.م.إ
و التي يرفع أما السلطة اإلدارية التي تعلو مباشرة الجهة التي أصدرت القرار أو أما الجهة التي
أصدرت القرار نفسه.2
أما نتيجة هذا الطعن فقد نصت عليها المادة 834من ق.إ.م " يعد سكوت الجهة اإلدارية المتظلم
أمامها عن الرد خالل شهرين ،بمثابة قرار بالرفض و يبدأ هذا األجل من تاريخ بتبليغ التظلم.
و في حالة سكوت الجهة اإلدارية ،يستفيد المتظلم من أجل شهرين لتقديم طعنه القضائي ،الذي
يسرى من تاريخ انتهاء اجل الشهرين المشار إليه في الفترة أعاله.
ومن هذه المادة يتضح ما المقصود بقرار الرفض الضمني ،و عليه فإنه من الطبيعي أن الق اررات
السلبية أو الق اررات الضمنية الصادرة بالرفض ال يتصور أن تكون محال للنشر أو التبليغ و هو ما
يثير مشكلة أخرى تتعلق بمسألة تحديد بدء سريان مهلة الطعن باإلبطال في هذه الق اررات و هذا
الموقف هو السائد في القانون المقارن ،فقد اعتبر المشرع اللبناني سكوت اإلدارة و عدم ردها لما
الدكتور عوابدي عمار -النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري – الجزء الثاني -نظرية الدعوى اإلدارية – الطبعة 1
31
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
طلب منها قرار ضمنيا بالرفض و في ذلك نصت المادة 18من المرسوم اإلشتراعي رقم 14030
على أنه "...إذ لم تجبه السلطة إلى طلبه خالل مدة شهر في اعتبا ار من تاريخ استالمها الطلب
1
المقدم منه ،اعتبر سكوتها بمثابة قرار رفض"....
فلم يكن يوجد ميعاد محدد للطعن في مثل هذه الق اررات قبل صدور التشريعات المنظمة لذلك وقد
كانت هذه الميزة الممنوحة ألصحاب الشأن و الناتجة عن عدم تحديد ميعاد للطعن تمثل عائقاً كبي اًر
ولقد صدر أول تشريع منظم للطعن في هذه الق اررات و هو القانون الصادر في 18ديسمبر 1804
ة نص على أنه إذا مضت أربعة أشهر من تاريخ تقديم الطلب إلى اإلدارة دون رد عليه فإن من حق
مقدم الطلب ،الطعن في القرار الضمني بالرفض الناتج عن اتخاذ اإلدارة موقفا سلبيا حيال طلبه،
كما يبدأ ميعاد الطعن في هذه الق اررات بعد مضى هذه األربعة أشهر.
و لكن بعد التغيرات و العيوب التي مست هذا التشريع بعد أن كان الشخص حسن النية يتلقى
تأكيدات شفوية من اإلدارة بأنها ستبث في طلبه قريبا بقرار صريح فيأمن من هذه الوعود اإلدارية ثم
يواجه بعد ذلك بأن اإلدارة لم تف بوعودها و أن ميعاد الطعن قد انتمى ،بحيث ال تقبل دعوات أمام
القضاء ،و لهذا السبب تم اللجوء إلى إصدار القانون رقم 002بتاريخ 1801/41/48و أعاد فيه
المشرع الفرنسي تنظيم مواعيد الطعن في هذه الق اررات و التي كانت كاآلتي :
بالنسبة لدعاوي اإللغاء :فإن ميعاد الطعن في القرار الضمني هو أربعة أشهر ،تبدأ من تاريخ تقديم
صاحب الشأن طلبه إلى اإلدارة ،فإذا صدر قرار صريح بالرفضّ أثناء سريان تلك المدة فإن إعالن
هذا القرار الصريح يعمل على سريان ميعاد الطلب من جديد.
فقد َّ
رد القانون األخير نفس النظام الذي كان ساريا من قبل سنة 1804و الذي يقضي بعدم وجود
ميعاد للطعن في القرار اإلداري الضمني ،ولكن هذا الميعاد من تاريخ اإلعالن.2
الدكتور إبراهيم عبد العزيز شيحا -مبادئ و إحكام القضاء اإلداري اللبناني ص .002 1
32
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
"يعتبر فوات ستين ( )14يوم ًا على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة
رفضه ،و يكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ،ستين يوماً من تاريخ انقضاء
الستين يوماً فإن سريان الميعاد يبدأ في هذه الحالة من تاريخ إعالن القرار الصريح بالرفض و قد
أوضحت المحكمة اإلدارية العليا هذه القواعد إذ قالت:
" أنه على مقتضي حكم المادة 22من القانون 00لسنة 1808في شأن تنظيم مجلس الدولة ،إذا
لم يكن القرار الحكمي يرفض التظلم قد تحقق بقوات الستين يوماً المحددة لفحص التظلم ،فإن أجابت
السلطات المختصة قبل فواته بقرار صريح بالرفض ،وجب حساب الميعاد من تاريخ إعالن هذا القرار
الصريح بالرفض ألن هذا اإلعالن هو الذي يجرى سريان الميعاد منه قانوناً.
ومن خالل هذه األمثلة التي ذكرناها و التي وردت في القانون المقارن فإننا نخلص إلى نتيجة و هي
أن كل القوانين تتفق على مبدأ عدم نشر الق اررات السلبية الصادرة من اإلدارة ،و بالتالي فإن الحل
الوحيد للطعن في هذه الق اررات هو تحديد المدة من طرف المشرع في حد ذاته ،غير أن المسألة قد
تثير بعض اإلشكاليات من خ الل إثبات تاريخ إيداع الشكوى أو الطعن اإلداري ،ألنه يمثل نقطة
بداية لحساب المهلة المنصوص عليها من طرف المشرع لرفع دعوى اإللغاء في حالة ما إذا لم ترد
اإلدارة بقرار صريح.
إلى جانب الق اررات السلبية أو ق اررات الرفض الضمنية ،فإن هناك نوع آخر من الق اررات ذو طبيعة
ألتقبل النشر أو التبليغ فما هي طبيعة هذه الق اررات؟
إن أول من تطرف لهذا النوع من الق اررات ووضح طبيعتها و حدد شروطها و نتائجها ،و عليه يمكن
القول أن من الق اررات ووضح طبيعتها و حدد شروطها و نتائجها ،و عليه يمكن القول أن من أضفى
هذه الصبغة على هذه الق اررات هو القضاء اإلداري و ليس اإلدارة في حد ذاتها.
و من بين األحكام الشهيرة الصادرة في هذا الشأن الحكم الصادر في 1802/40/23و الحكم
الصادر في 1803/40/10و التي من خاللها قدم المجلس ألول مرة شكالً جديداً من أشكال
33
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
الق اررات اإلدارية غير القابلة للنشر ،و اإلعالن بسبب طبيعتها و ما يالحظ على هذين الحكمين
أنهما يتشابهان إلى حد كبير باستثناء بعض االختالفات الطفيفة في كل من الحكمين.
صدر قرار من المحافظ بقبول أحد األطفال في مؤسسة المساعدات العامة للطفولة ثم بعد ثالث
سنوات تقدم أحد األشخاص للمطالبة بهذا الطفل ففي قضية Rogéلم بشر مضمون الحكم إلى
صفة هذا الطالب بينما في قضية Epoux Dastillonفقد تمت اإلشارة إلى أن الطالب هو األم
1
و زوجها.
2
و من خالل هذين الحكمين وضع مجلس الدولة الفرنسي قاعدتين:
-األولى :أن قرار المحافظ الذي وافق فيه على إلحاق الطفل بمؤسسة المساعدات العامة ،هذا القرار
يعتبر غير قابل للنشر أو اإلعالن بسبب طبيعته ،ألن هذا النشر سيكون مخالفاً لنفس المادة 11
من القانون الصادر في 10أفريل 1803المتعلق بتقديم األطفال يطرق الهجر السري.
كما ال يمكن إعالن القرار أيضا ألن اإلعالن هنا يطرح افتراضيين.
-1حالة الشخص الذي يرفض اإلفصاح عن شخصيته عند تقديم الطفل إلى المؤسسة ،و
في هذه الحالة فإن القرار الذي يصدر بالموافقة على إلحاق الطفل بالمؤسسة ال يمكن
إعالنه إلى أي شخص.
-2حالة الشخص الذي يفصح عن شخصيته وصفته و رابطة قرابته بالطفل و هنا إذا لم
يحدث إعالن القرار بقبول الطفل إلى هذا الشخص فإن ذلك يعتبر سبب من أسباب
إهدار سلطة هذا الشخص على الطفل.
-الثانية :إن القاعدة الثانية التي قررها التي قررها مجلس الدولة في هذا الشأن أنه في حالة وجود
قرار غير قابل للنشر بطبيعته فإن ميعاد الطعن في هذا القرار بالنسبة ألصحاب الشأن يبدأ من
التاريخ الذي يتأكد فيه علمهم به ،و يكون ذلك عن طريق اإلشارة إلى هذا القرار في قرار رسمي
آخر يتأكد علمهم به عن طريقته ،وهذا النموذج من القرار الرسمي اآلخر هو حكم القضاء.
لحكم المحكمة اإلدارية العليا الصادر في 1811/41/21في القضية رقم ،1222و القضية رقم 1281و القضية رقم .1084 1
34
اإلطار المف اهيمي للقرار اإلداري الفصل األول
و نفس الشيء بالنسبة لقضية Dastillonفقد رفضت المحكمة طلبه الزوجين بإعادة الطفل ،و
كانت المحكمة قد استندت في هذا الحكم قرار المحافظ بقبول الطفل فاستأنف الزوجان هذا الحكم،
لكن في مرحلة االستئناف ثبت أن المستأنفين يعلمان تماماً عن طريق الحكم المستأنف بوجود القرار
الذي أصدره المحافظ و من هذا التاريخ ،أي تاريخ تبليغهما بهذا الحكم فهما عالمان بالقرار و منه
أيضاً يبدأ حساب الطعن.
و ما يستنتج من هذا أن مجلس الدولة الفرنسي من خالل هذه األحكام أنه أسس لنظرية جديدة
لوسيلة من وسائل العلم بالقرار اإلداري و هي صيغة العلم العرضي اليقين بالقرار ،و هذا العلم
يحدث عن طريق القرار الرسمي الذي يتمثل ف ي الحكم القضائي و الذي اعتبره المجلس أنه مجرد
تبليغه يمثل بداية ميعاد الطعن في هذا القرار.
و إذا كانت هذه الق اررات غير قابلة للنشر فإن المسألة التي كانت تثيرها هي الطعن فيها و التي
استثناء من القاعدة العامة التي
ً أوجد لها القضاء الفرنسي الحلول السابقة الذكر و إن كانت تعتبر
أوردتها كل القوانين المقارنة و القاضية بضرورة نشر و تبليغ الق اررات اإلدارية على المخاطبين بها
عمالً بمبدأ المشروعية.
و إن كنا قد تطرقنا إلى هذه القاعدة في الفصل األول و عرفنا اإلطار العام و األحكام
العامة التي تضبط عملية النشر و التبليغ فإننا ال نتوقف دون أن نتعرف على االستثناء الذي قد
تنتهجه اإلدارة لعدم نشر الق اررات أو تبليغها أو اآلثار المترتبة على عدم القيام بهذا االلتزام و قيمة
هذا العمل القانوني و هو ما نحاول معرفته في الفصل الثاني.
35
الف ص ل الثاني
الفصل الثاني :آثار القرار اإلداري الغير المنشور
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
إن المقصود بأثر القرار اإلداري غير المنشور في مواجهة اإلدارة و األفراد هو البحث في مدى نفاذ
هذه الق اررات و لمعرفة ذلك البد من الرجوع إلى ما ذكرناه سابقا حيث تناولنا الخالف الفقهي الذي
ثار بشأن اإلجراء الذي ال يكتمل به القرار اإلداري ،و رأينا كيف
انقسم الفقه بشأن تحديد اإلجراء الذي يكتمل به القرار اإلداري إلى قسمين.
و انتهينا إلى الرأي األرجح في القانون اإلداري المقارن و الذي ال يرى أن القرار اإلداري يكتسب
قوته التنفيذية كما يرتب آثاره بمجرد إصداره دون تعليق ذلك على النشر و اإلعالن إذا النشر ليس
شرطاً إال لالحتجاج به في مواجهته المخاطبين بأحكامه.
و إذا كان األمر كذلك فك يف يكون الحل بالنسبة للقرار الذي لم ينشر؟ و هل يمكن االحتجاج به
في هذه الحالة؟ و في مواجهته من يحتج به؟
المبحث األول :مدى حجية القرار اإلداري غير المنشور في مواجهة اإلدارة.
المبحث الثاني :مدى حجية القرار اإلداري غير المنشور في مواجهة األفراد.
37
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
لقد أثريت مسألة االحتجاج بالقرار اإلداري الغير المنشور و كانت النتيجة أن نقسم الفقه على نفسه
و تركز الخالف حول القرار التنظيمي و االحتجاج به في مواجه اإلدارة(1المطلب أول) و ذلك دون
القرار الفردي(المطلب ثاني) و بالتبعية وجب التطرق إلى النتيجة المترتبة عن ذلك (المطلب ثالث)
.
إن معظم الدراسات الفقهية التي تطرقت لهذا الموضوع جاءت متباينة 2وانقسمت على نفسها إلى
اتجاهين نقسمها إلى فرعين:
يذهب إلى أن القرار التنظيمي يلزم اإلدارة منذ صدوره قل نشره و رتب هذا الجانب على هذا الرأي
نتيجة هامة هي أنه يجوز لألفراد التمسك بهذا القرار في مواجهة اإلدارة قبل نشره و تمسكوا بنفس
الحجج التي تمسكوا بها في تبريرهم إلمكانية تمسك األفراد اتجاه اإلدارة قبل نشره و تمسكوا بنفس
الحجج التي تمسكوا بها في تبريرهم إلمكانية تمسك األفراد تجاه اإلدارة بالقانون الذي لم ينشر و في
هذا الصدد يقول األستاذ ( 3Reveroإن القرار اإلداري ينتج عن أثره مجرد إصداره و تلتزم اإلدارة
منذ هذه اللحظة بالعمل بموجبه فيما يخصها و لكنها ال تستطيع أن تحتج بهذا القرار مواجهة األفراد
إال بعد علمهم به).
و يقول األستاذ لوبادير " :Laubadéreإن النشر لم يكف إال لمصلحة األفراد أما اإلدارة فيفترض
فيها العلم بالق اررات التي تصدرها" ،و يرى الدكتور محمد فؤاد مهنا 4نفس الرؤية حيث يقول " إن
القاعدة في هذا الشأن أن الق اررات اإلدارات سواء كانت تنظيمية أو فردية تعتبر ملزمة للسلطات التي
أصدرتها من تاريخ إصدارها أي بمجرد التوقيع عليها و معنى هذا أن هناك فترة قبل نشر القرار
يمكن لإلدارة خاللها أن تنفذه على أال يرتب أثره في مواجهة األفراد إال بعد أن يعملوا به "وقد انظم
38
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
إلى هذا التيار العميد سليمان محمد الطماوي حيث يقول" إن اإلجابة باإليجاب (أي حق األفراد في
التمسك بالق اررات اإلدارية غير المنشورة) هي النتيجة المنطقية لقاعدة نفاذ الق اررات اإلدارية منذ
صدورها" و هو لم يفرق في هذا بين الق اررات الفردية و التنظيمية.
-منطق النظرية عدم االحتجاج ذلك أن هذه النظرية تعترف بوجود القرار اإلداري بمجرد توقيعه من
مصدره و من ثم فإنه يكون نافذا في حق اإلدارة منذ لحظة التوقيع و هذا بدوره يؤدي إلى إمكانية
احتجاج األفراد به في مواجهة اإلدارة منذ تلك اللحظة بغض النظر عن كونه ق ار ار تنظيما أو فرديا.
-باإلضافة إلى هذا فإن النشر تقرر لمصلحة األفراد 1و ليس لمصلحة اإلدارة ألن هذه األخيرة
يفترض علمها بق ارراتها اإلدارية بمجرد صدورها و قبل نشرها.
يرى أصحاب هذا الرأي أن الق اررات اإلدارية التنظيمية ال يستطيع األفراد التمسك بها في مواجهة
اإلدارة إال بعد شهرها و ذلك لسبب بسيط هو أن حسن اإلدارة يقتض وضع نقطة محددة ينتهي
عندها التنظيم القديم ليبدأ التنظيم الجديد 2فالبد من وجود حد فاصل بين سريان الالئحة القديمة و
الالئحة الجديدة في مواجهة كل من األفراد و اإلدارة و ال يتسنى وضع هذا الحد الفاصل إال بإحداث
واقعة معينة هي نشر الالئحة الجديدة و متى نشرت هذه الالئحة القديمة بالنشر و ليس بصدور
الالئحة الجديدة.
ويتضح جليا من هذا أن أصحاب هذا الرأي يساوون ما بين الالئحة و القانون بحيث يعتبرون
الالئحة تشريعا فرعيا تقوم به اإلدارة في مجال عمله التنظيمي و إن كانت ال تستلزم عن إصدارها
القيام بالعملية التشريعية المركبة التي يمر بها القانون من خالل عمل السلطات التشريعية و التنفيذية
إلى أن ينتهي باإلصدار ،فإن الالئحة ال تختلف عن القانون إال في هذه النقطة ،و لكن ما على
ذلك فهما يتشابهان من الناحية الموضوعية فيتضمنان أحكاماً و نصوصاً عامة و مجردة و يخاطبان
بهذه األحكام و النصوص عدداً غير محدود و معين من األشخاص كما أنهما ال ينشآن مراكز
1و هذا ليتمكن األفراد المخاطبين بالقرار من ممارسة حقهم في رفع دعوى اإللغاء ألنه من تاريخ النشر و العلم يبدأ حساب الميعاد للفقرة
المحددة لرفع هذه الدعوى.
2جورج فيدال ،بيار دالفولفيه Pierre de lvolveالقانون اإلداري الجزء األول ص 220ترجمة منصور القاضي.
39
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
قانونية ذاتية أو شخصية و إنما ينشآن مراكز عامة ،لذلك كان من المنطق أن يسري على الالئحة
ما يسري على القانون فإن عدم جواز االحتجاج بها في مواجهة اإلدارة قبل نشرها إلتحاد العلة
بينهما.
و في هذا االتجاه سار القضاء اإلداري الفرنسي و كمثال على ذلك حكم مجلس الدولة لفرنسي
الصادر بتاريخ 1800/11/21حيث تلخص واقع هذا الحكم في " أن اآلنسة Balthazardكانت
قد فصلت بقرار صدر من المدير اإلقليمي للبريد بتاريخ 24أفريل 1804تنفيذاً للتعليمات الو ازرية
الصادرة عن وزير البريد و البرقيات بتاريخ 1804/40/18و المتعلقة بالصالحية الوظيفية و حق
الموظفين في العمل أثناء فترة التمرن و لكن هذه التعليمات لم تكن قد نشرت في المجموعة الرسمية
الخاصة بموظفي البريد و البرقيات فقضى المجلس برفض الدعوى مستنداً إلى أن هذه التعليمات
الو ازرية ال تعتبر قابلة للتطبيق إال في 24أفريل أي في نفس اليوم الذي صدر فيه القرار المطعون
فيه ،وال تستفيد المدعية من هذا القرار التنظيمي.
أما موقف القضاء المصري فمتجسد في الحكم الصادر بتاريخ 11ديسمبر 11812و الذي يتحدث
فيه عن أثر الق اررات غير المنشورة و ما إذا كان عدم النشر يوقف نفاذها كما هو الشأن بالنسبة
للقوانين و قد توصل في هذا الحكم إلى التفرقة بين القانون و الق اررات اإلدارية ،تنظيمية أو فردية ،
فالقانون وحده حسب موقف القضاء المصري في هذا الحكم هو الذي ال يجوز العمل به إال بعد
نشره دون القرار التنظيمي أو الفردي.
يكاد يجمع الفقه اإلداري المقارن على حق األفراد في التمسك بالقرار اإلداري غير المنشور في
مواجهة اإلدارة منذ صدوره و يقصد بإصدار القرار إفصاح اإلدارة المختصة عن مضمونه 2أياً كان
أسلوب اإلفصاح عنه شفاهة أو كتابة و أياً كان وضعه القانوني سليماً أو مشبوهاً بعيب من العيوب
طالما لم يصل هذا العيب إلى حد الجسامة الذي يفقده وصف القرار اإلداري.
1حكم ذكره األستاذ سليمان الطماوي في مؤلفه :النظرية العامة للق اررات اإلدارية /طبعة 1881ص .023
2الدكتورة عبد العزيز إبراهيم شيحا،المرجع السابق ص .028
40
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
و في هذا الصدد يقول العميد G.vedelأن القرار اإلداري يمكن أن يرتب حقوقاَ الذوي الشأن قبل
نشره.
بأن سبب ذلك ،راجع إلى نظرية عدم االحتجاج تنطوي في حد ذاتها 1
و يبرر األستاذ Issac
على التأكيد بأال قيمة لالحتجاج بالقرار في مواجهة فرد إذا بم يتمكن هذا الفرد من التمسك بالفائدة
التي يرتبها له هذا القرار و التي يستفيد منها الفرد ،إال أن ينشر أو يعلن هذا القرار و تبعا لذلك فإنه
يجوز للموظف التمسك بقرار تعيينه السليم منذ تاريخ صدوره و التمسك بالحقوق التي أنشأها له هذا
القرار كما ال يجوز لإلدارة سحب هذا القرار.
إن القضاء اإلداري الفرنسي اعترف بحق األفراد في االحتجاج الفردي قبل شهره في مواجهته اإلدارة
و لكن قبل قد أن يستقر على هذا الرأي فإنه مر بصدد هذه المسألة بثالث مراحل و كانت آخرها
المرحلة التي بدأت منذ عام 1802و التي استقر فيها مجلس الدولة الفرنسي على حق األفراد في
االحتجاج بالق اررات اإلدارية الفردية قبل نشرها في مواجهة اإلدارة.
ففي المرحلة األولى :رفض المجلس تمسك األفراد في مواجهة اإلدارة بالقرار الفردي إال أن يشهر.
و في المرحلة الثانية :اعترف المجلس بصحة القرار اإلداري حتى ولو لم يبلغ و لكن في المقابل
رفض تمسك األفراد به في مواجهة اإلدارة وما يالحظ أنه في هذه المرحلة أن القضاء اإلداري
الفرنسي أسس لفكرة استقاللية القرار عن مسألة النفاذ.
وفي المرحلة الثالثة :أجاز مجلس الدولة الفرنسي لألفراد التمسك في مواجهة اإلدارة بالقرار الفردي
حتى و لو لم ينشر.
و لقد ترتب على إقرار هذا المبدأ نتائج هامة تتضح جلياً من خالل األحكام المتعددة التي قضى بها
المجلس و لعل من جملة هذه النتائج أن القرار الفردي متى صدر سليماً فإنه يكتسب صحته و
41
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
تصبح له قوته الملزمة كما ينتج آثاره منذ توقيعه ،ولكن ال يجوز لإلدارة االحتجاج به في مواجهة
األفراد إال بنشره بالوسائل المقررة قانوناً.1
ومن جهة أخرى فإنه يمكن لألفراد أن يتمسكوا به في مواجهة اإلدارة دون انتظار لنشره أو إعالنه
كما أن لهم أن يتمسكوا بأثره التي تترتب لهم فائدة منه ،و هذا نابع من فكرة أنه ال يجوز لإلدارة أن
تحتج بعد النشر أو اإلعالن ألنها ترتبط بالقرار منذ تاريخ صدوره.
ولقد طبق مجلس الدولة الفرنسي هذا المبدأ ونتائجه ألول مرة في حكم أحكامه الشهيرة في تاريخ
قضائه في قضية Matteiالصادر بتاريخ 18ديسمبر .21802
و تتلخص وقائع هذا الحكم في أن محافظ السين أصدر ق ار اًر بتاريخ 1808/42/13بتعيين اآلنسة
Matteiفي إحدى الوظائف بمركز الهاتف بقصر العدالة في باريس و لم يعلن هذا القرار إلى
صاحبة الشأن ،كما لم ينشر أو يبدأ في التنفيذ ،ثم أصدر القرار المحافظ ق ار اًر آخر بتاريخ
1808/41/40بإلغاء القرار األول و تعيين السيدة بالقرار الصادر في 1808/41/31في الوظيفة
التي أسندت من قبل إلى اآلنسة Matteiوهو ما جعل هذه األخيرة ترفع دعوى مطالبة بإلغاء
الق اررين األخيرين معاً ،و لقد استجاب المجلس إلى طلب اإللغاء قاضيا في ذلك بجواز تمسك
المدعية بالقرار األول الصادر بتعيينها رغم عدم إعالنه.
و تبعاً لذلك فإنه يجوز للغير التمسك في مواجهة اإلدارة بالقرار الفردي قبل إعالنه أو نشره مع
االستفادة من اآلثار التي يرتبها لمصلحتهم شأنهم في ذلك شأن من صدر القرار لمصلحته.
ولقد توالت أحكام بعد حكم Matteiسالكة في نفس المنهج فقد قضى في حكم آخر صدر بتاريخ
1801/40/13بأن القرار الصادر في 1802/41/18لم يكن نتيجة ألعمال غش ارتكبها المدعي
و لذلك فهو ينش حقوقاً لمصلحة المدعي منذ توقيعه و لو لم يبلغ به.
42
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
استقر القضاء و الفقه على األخذ بهذا المبدأ 1و ذلك بالرغم من أن الرأي الساند هو عدم التفرقة
بين الق اررات التنظيمية و الق اررات الفردية في هذا الصدد و لذلك جاءت عبارات الفقهاء و أحكام
القضاء جامعة بين النوعين.
و ما يالحظ من خالل اآلراء التي تم التطرق إليها و المبررات المستند إليها أن مسألة تمسك األفراد
في مواجهة اإلدارة بالقرار اإلداري الفردي غير المنشور قائم على األسباب التالية:
أوال :أنه يسير مع منطق نظرية عدم االحتجاج (التي نتطرق إليها الحقا) و التي يعتنقها غالبية
القضاء و الفقه المقارن.
ثانيا :أنه ال يترتب على األخذ بها النتائج التي تترتب في حالة إجازة تمسك األفراد بالقرار اإلداري
التنظيمي غير المنشور ،و يرجع ذلك إلى اختالف طبيعة القرار الفردي عن القرار التنظيمي ،فبينما
األول يشمل أحكاماً فردية و يخاطب فرداً معيناً بالذات ،نجد أن الثاني يشمل أحكاماً عامة مجردة
و ال يخاطب فرداً أو أفرداً معينين بذواتهم.
الفرع الثاني :النتائج المترتبة على نفاذ الق اررات اإلدارية منذ صدورها
إن الرأي السائد في الفقه و القضاء الفرنسي أن القرار اإلداري الفردي ينفذ في مواجهة اإلدارة منذ
صدوره و هذا قبل نشره أو تبليغه بينما القرار التنظيمي ال ينفذ في مواجهة اإلدارة إال بالنشر و
يترتب على نفاذ القرار في مواجهة اإلدارة من تاريخ صدور النتائج التالية.
-1التزام اإلدارة بالقرار الصادر منها فال تستطيع العدول عنه إال في حاالت معينة كأن يكون
معيباً في أحد عناصره أو يكون غير مالئم في نظر السلطات الرئاسية.2
-2إن مشروعية القرار تحدد من حيث عناصر صحته على القواعد القانونية المعمول بها وقت
نفاذه دون االعتداد بأي تعديل يط أر على هذه القواعد بعد نفاذ القرار.
-3يكون لإلدارة منذ تاريخ نفاذ القرار سلطة تنفيذية Entre en vigueurبالنسبة للقرار و إن
كان هذا التنفيذ يجب أن ال يترتب أثره تجاه الغير إال بعد ثبوت تاريخ العلم به بتبليغه أو إذا
43
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
ثبت العلم به علماً يقينياً ،و في المقابل يجوز االحتجاج من جانب األفراد في مواجهة اإلدارة
ثم ال يجوز التنصل من تنفيذه بحجة عدم
بالقرار منذ وقت إصداره ال من تاريخ نشره ،ومن َّ
قيامها بالشهر أو اإلعالم بالقرار ،و ذلك أن الشهر و العلم بالقرار متطلب لنفاذه في مواجهة
األفراد المعينين به ال شرط إصداره أو لنفاذه.
-0و إذا كان هذا المبدأ 1يصح تطبيقه على الق اررات البسيطة فإنه يعرف استثناءات في ما
يخص نوعاً آخر من الق اررات اإلدارية و هي الق اررات المعلقة على شرط واقف ،و الق اررات
المعلقة على شرط فاسخ.
أ /الق اررات المتضمنة شرط واقف:
إذا كانت القاعدة هي نفاذ الق اررات اإلدارية من تاريخ صدورها و بالتبعية إمكانية جواز تمسك األفراد
2
بها في مواجهة اإلدارة فإن هذه القاعدة ال تصدق على إطالقها إال على الق اررات اإلدارية البسيطة
أما الق اررات المعلقة على شرط فإن نفاذها مرهون بتحقق الشرط الذي علق عليه القرار.
و لقد أجمع شراح الفقه اإلداري على أن أغلب الشروط في الق اررات اإلدارية في شروط موقفة تؤدي
إلى تأجيل أثر القرار حتى يتحقق الشرط الذي يجب أن يكون مشروعاً مما يقتضيه سير المرفق
العام و من ذلك أن تصدر اإلدارة ق ار اًر و تعلق نفاذه على مصادقة هيئة أخرى أو موافقة البرلمان
على صنع االعتماد الالزم لتنفيذه.3
القاعدة أن هذه الق اررات تعتبر نافذة في مواجهة اإلدارة منذ صدورها و قبل إعالنها أو نشرها إال أن
تحقق الشرط الفاسخ من شأنه أن يعمل على إنهاء آثار هذه الق اررات من تاريخ تحقق هذا الشرط.
و من أمثلة الشروط الفاسخة أن تمنح اإلدارة ترخيصا و تعلق استمرار نفاذه على بقاء حالة واقعية
أو قانونية معينة فإذا زالت تلك الحالة انقضى األثر الخاص بالقرار.
واذا كان هذا هو شأن الق اررات اإلدارية غير المنشورة في مواجهة اإلدارة فكيف هو شأنها في مواجهة
األفراد؟
44
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
رأينا في ما سبق مدى نفاذ الق اررات اإلدارية غير المنشورة سواء كانت تنظيمية أو فردية في مواجهة
اإلدارة ،ونتناول في هذا المبحث مدى نفاذها في مواجهته األفراد و يكون ذلك بمناقشة مسألة صحة
القرار اإلداري غير المنشور في المطلب األول ،ثم مدى إمكانية االحتجاج به من طرف اإلدارة في
مواجهته األفراد في مطلب ثان.
القاعدة العامة تقتضي أنه إذا كان القرار اإلداري فرداً فإن العلم به يكون من تاريخ اإلعالن أي
إعالن صاحب الشأن به ،ومنذ هذا التاريخ يعد القرار نافذا أو يمكن االحتجاج به قبل المخاطب به
فيما فرضه القرار من االلتزامات أو الواجبات.
أما إذا كان القرار تنظيماً فإن العلم به يكون بنشره في الجريدة الرسمية وهذا حتى يرتب التبليغ أو
النشر أثره في نفاذ القرار و االحتجاج به قبل المخاطبين به.
و إذا كان في األحوال العادية فكيف يكون األمر في القرار غير المنشور أو غير المعلن أو الخفي
كما يسمى أحياناً .L'acte occulte
من المسلم به في الفقه والقضاء الفرنسيين أن القرار اإلداري غير المعلن هو قرار سليم ،بل
و نافذاً في حق اإلدارة كما رأينا ،و هذا الشأن يقول المفوض " 1"Helbronnerأن النشر ليس هو
الذي يكسب القرار وجوده القانوني أو يضفي عليه قوته و كل أثره ينحصر في نقل القرار إلى علم
األفراد لكي يلتزموا به و يخضعوا ألحكامه ...و ما لم يتم هذا النشر فال أثر له قبل األفراد فال
يلتزمون به و لكن القرار يحتفظ بقيمته القانونية رغم ذلك.
وهذا هو االتجاه الذي سارت فيه المحكمة اإلدارية العليا في مصر في حكمها الصادر في 24أفريل
1814حيث تؤكد " ...أنت ما يزعمه المدعي من حيث الشكل إنما يلحق عملية النشر و ال يمس
كيان القرار ذاته و ال صيحته كتصرف قانوني ذلك أن للقرار اإلداري هو إفصاح ...أما عملية
1
Ce n'est pas la publication d'un deecet qui lui donne la validité. l'existence l'égal: cette existence est indépendant de
…la publication.. la publication a uniquement pour but de la porter ( le décret) à la connaissance de tous les citoyens
45
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
النشر في ذاتها فهي إجراء الحق ال يعدوا أن يكون تسجيال لما تتم فال يرتد أثرها إلى ذات القرار و
ال يمس صحيته".1
46
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
يرى أصحاب هذا االتجاه ،ليس إال واقعة مادية الحقة على وجود القرار و صحته و ال يقصد بها
غير االحتجاج به في مواجهة أصحاب الشأن.
-إن األحكام المتتالية لمجلس الدولة الفرنسي و التي سارت في نفس االتجاه المذكور أست لقيام
نظرية جديدة مفادها التمييز بين صحة القرار اإلداري في ذاته كعمل قانوني منفصل عن واقعة
النشر و التي ال يقصد بها غير سريان هذا القرار على أصحاب الشأن.
هذا االتجاه هو حديث في الفقه الفرنسي و حتى المصدري و من بين ما يقوم عليه هو انتقاده
لما استقر عليه الفقه الراجح و ما جرت عليه أحكام مجلس الدولة الفرنسي و المحكمة اإلدارية العليا
في مصر فقد حاول فقهاء هذا االتجاه إيجاد الطريقة التي تجعل النشر أو اإلعالن عنص ار من
عناصر مشروعية القرار ،فقد ذهب الفقيه اليوناني "ميشال ستاسينوبولس" إلى أن القرار اإلداري
ال يكون سليما إال إذا تكاملت عناصره و أهمها إعالن حتى ال يتم صحيحا إال بالطريقة التي ينص
عليها المش رع و هي النشر بالنسبة للق اررات التنظيمية و التبليغ بالنسبة للق اررات الفردية و ما لم يتم
هذا النشر أو التبليغ فإن القرار اإلداري المكتوب و الذي يحمل توقيع مصدره ليس إال عمال داخليا
ال تستطيع اإلدارة االحتجاج به في مواجهة األفراد ،بل ال تستطيع أن تنفذه بأية صورة من الصور
و ال تملك أن تستند إليه في إصدار ق اررات أخرى.
و قد سار مجلس الدولة اليوناني في هذا االتجاه و اعتنق هذا المبدأ و منها حكمه الصادر في سنة
1830و الذي جاء فيه:
" إن القرار الذي لم ينشر يمكن إلغاءه لعيب في شكله "...و في حكم آخر يقرر أن:
" النشر هو شرط جوهري إلتمام القرار اإلداري و إن النشر إذا لم يتم ليصبح القرار معدوماً ".1
المبدأ الذي اعتنقه أصحاب االتجاه األول و دعا إلى التخفيف من 2
و قد اعتنق ""liet veaux
حدته حيث يرى أنه فيما يتعلق بالنصوص التنظيمية فإن النشر يعتبر شرطاً لصحتها فضالً عن أن
1مجلس الدولة اليوناني قرر في حكم له صادر سنة 1832أن القرار اإلداري ينتج آثاره قبل نشره ،ألن المشرع ال يجعل النشر من العناصر
المكونة للقرار و هذا الحكم يتفق مع مبدأ المسلم به في فرنسا و مصر ،ولكن يبقى هذا القرار ال يعتبر عم مبدأ السائد الذي يأخذ به مجلس
الدولة اليوناني.
2تعليق مأخوذ من كال .القانون اإلداري جورج فودال ،ترجمة منصور القاضي ص .221
47
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
بع ض األحكام قد قضيت أنه في بعض المراحل االستثنائية بأن إجراءات التحقيق التي تقوم بها
السلطات العليا يجب أن يخطر لها أصحاب الشأن كشروط لصحة بغض الق اررات و ليس فقط
لالحتجاج بها.
و من ناحية أخرى قضت بعض هذه األحكام بأن القرار الذي ال يجوز االحتجاج به في مواجهة
المدعي يعتبر معدوماً بالنسبة له ،و أن إتمام إجراءات النشر بالنسبة للمدعي يغير شرطاً لمصلحة
هذا القرار ،و يتضح من هذا أن النشر ليس إال وجهاً من أوجه صحة القرار بالنسبة ألصحاب
الشأن.
و الثابت أيضا أن عدم إجراء النشر و اإلعالن يجب أن يعتبر سببا من أسباب انتهاك الشكل
الجوهري للقرار ،و بالتبعية ف‘ ن القرار الذي ال يجوز االحتجاج به في مواجهة أصحاب الشأن ال
يجوز اعتباره ق ار اًر صحيحاً.
في نفس اإلطار سار العميد هوريو 1و الذي كان من أقدم الفقهاء الذين هاجموا المبدأ السابق و ما
استقر عليه قضاء مجلس الدولة الفرنسي و تطرق إلى اآلثار القانونية التي تنجم عن عدم نشر
الق اررات اإلدارية و آثاره الضارة بمصالح األفراد في حياتهم العملية نتيجة لسيادة و طغيان عوامل و
اعتبارات المنطق القانوني و ما يجريه من تمييز بين صحة الق اررات اإلدارية و عدم االحتجاج بها
إذا لم تنشر.
كما انتقد اإلدارة لقيامها باتخاذها ق اررات خفية حائزة للقوة التنفيذية ثم تتراخى في نشرها أو تبليغها و
تعمد إلى ذلك ،لهذا فهو يرى أن كل ذلك صحيح في وجهة نظر القانون الوضعي ،لكنه ال يعتبر
2
كافيا من وجهة نظر العدالة ،فضال عن مقتضيات اإلدارة السليمة...
ويرى أن:
الضمير الحديث يتطلب أن تتصرف اإلدارة في وضح النهار و من المرغوب فيه دائماً أن تكون
جميع الق اررات و أعمالها متسمة بصفة العالنية ،ألن هناك إحساساً عميقاً بأن ذلك الذي لم يتم علناً
ال يمكن أن يكون مشروعاً...
48
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
و إذا كان من غير المتاح أن يكون النشر مالزماً للقرار فيجب على األقل أن يكون الحقاً له و
عندئذ يكون القرار غير صحيح إال إذا نشر.1
ولقد انتهى العميد هوريو إلى دعوة المشرع الفرنسي إلى التدخل لتشريعي لحل هذه المشكلة ،و أقترح
4
في هذا الصدد قانون يتكون من مادة واحدة ينص على ما يلي:
2
"جميع الق اررات اإلدارية قابلة للنشر يجب أن تنشر خالل 10يوم و إال كانت باطلة
إن هذا الرأي ترتب عليه نتائج قد تصل إلى درجة التناقض و الذي يضرب في الصميم فكرة قانون
القرار اإلداري منذ صدوره و من جملة هذه النتائج :
-1إن القرار غير المنشور أو الغير مبلغ يعتبر لهذا الرأي مجرد مشروع قرار و بالتالي يجوز العدول
عنه بمجرد عدم نشره أو تبليغه فهو ماال يمكن القيام به وفقا للرأي اآلخر.
-2إنه ال يجوز الطعن في القرار الغير منشور أو غير المبلغ لذوي الشأن حتى و لو علم به الفرد
علماً يقيناً ألنه مجرد مشروع قرار كما ذكرناه و هذه الفكرة تخالف تماماً ما استقر عليه القضاء
اإلداري من تطبيقات واسعة لنظرية علم اليقين و التي موضوعها أساساً " الطعن في الق اررات الغير
مبلغة".
-3إن تغيير التشريع بين توقيع القرار و بين نشره أو تبليغه فإن التشريع الساري وقت النشر أو
التبليغ هو الذي يطبق ألن قبل ذلك يعتبر مجرد مشروع و بالتالي يخضع للتشريع الجديد ،قد يمتنع
صدور القرار إذا أصبح صدوره غير مشروع في ظل التشريع الجديد و هذا أمر في غاية الخطورة
على األفراد.
49
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
-0لقد حدد المشرع مدة معينة لمزاولة االختصاص 1بإصدار قرار معين و صدر القرار خالل تلك
الفترة لكنه لم بنشر أو يبلغ ،خاللها فإن هذا النشر أو التبليغ ال يمكن أن يتم بعد انقضاء الفترة
المحددة لمزاولة االختصاص باعتبار أن النشر أو التبليغ عنصر من عناصر القرار و من هنا يمكن
قول أنه من الناحية القانونية ال يمكن أن يكون عدم النشر أو التبليغ -مهما طال – سبباً في بطالن
القرار اإلداري إال إذا نفى المشرع صراحة على ذلك 2و ذلك راجع لسببين:
األول :أنه ال يوجد في القانون -قواعد عامة – ما يلزم اإلدارة على التبليغ ق ارراتها إال في النصوص
الخاصة مثل المادة 11من قانون نزع الملكية "و بالتالي فإن الحالة التي لم يرد بشأنها نص خاص
فإنه ال يمكن تقرير البطالن بخصوصها بصفة تلقائية".
الثاني :إن النشر هو م قرر لمصلحة األفراد من خالل بدأ حساب مواعيد للطعن و لم يربط المشرع
نفاذ الق اررات اإلدارية بشهرها إال في حدود ضيقة.
و من كل ما سبق قوله نخلص إلى أنه رغم االختالفات الفقهية حول مسألة صحة القرار اإلداري
الغير منشور إال أن االتجاه السائد و الغالب فقهاً و القضاء يؤكد صحة هذا القرار ،و يتميز بين
فكرة الصحة و االحتجاج به في مواجهة األفراد و لعل هذا هو الموقف الذي اعتنقه القضاء اإلداري
الجزائري من خالل تطبيقه لنظرية علم اليقين و اعتباره وسيلة من وسائل العلم بق اررات إدارية و هذا
في التطبيقات المتعددة.
لقد أخذ الفقه و القضاء منذ زمن بعيد نظرية عدم االحتجاج حتى أصبحت هذه النظرية من األسس
العامة للقانوني اإلداري ،و تقضي هذه النظرية كما رأينا سابقا بأن القرار يكون كامال بمجرد توقيعه
من مصدره أما شهره فما هو إال إجراء ال يقصد به سوى نقل العلم بالقرار اإلداري ألصحاب الشأن
من األفراد.
و يكون هذا القرار نافذا في مواجهة اإلدارة بمجرد صدوره لكنه ال يحتج به في مواجهة األفراد إال
من تاريخ علمهم به بإحدى وسائل العلم المعتمد بها قانوناً.
1ومثال ذلك الق اررات التي تتخذ من طرف رؤساء المجالس المحلية المنتخبة خالل العهدة االنتخابية.
2مثلما قضت عليه المادة 11من قانون 81-11 81و الذي يحدد قواعد نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية.
50
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
و لهذا يقول األستاذ روالند أنه ال ينبغي الخلط بين صحة القرار و االحتجاج به ،
ألن هذا القرار متى استوفى أركانه و شروطه اكتسب وجوده و صحته ألن النشر ليس شرطا من
شروط هذا القرار.
و إن كان يترتب على هذا المبدأ عند تطبيق نتائج شاذة فإن القضاء كما يقول األستاذ لوبادير فقد
وجد لها الحلول و ذلك بأن إيجاز لإلدارة أن تطبق هذا القرار ألن وجوده و إلزامه القانوني ناجمان
عن مجرد صدوره و ذلك بشرط أن ال يرتب تطبيق أثره في مواجهة األفراد إال من تاريخ نشره.
فالقرار ال ينفذ و ال يرتب آثاره في مواجهة ذو الشأن إال إذا نشر و أعلن و قبل هذا اإلعالن أو
النشر فإنه ال ينبغي أن ينقص منهم أو يفرض عليهم التزاما.1
و لما كان النشر و اإلعالن ال يعتبر شرطا من شروط صحة القرار فإن عدم القيام به أو الخطأ
فيه ال يلحق عيباً بالقرار وال تتأثر صحته و سالمته بذلك.
لقد طبق مجلس الدولة الفرنسي هذه النظرية دون تفرقة في ذلك بني القرار التنظيمي و القرار الفردي
و من أحكامه في هذا الصدد حكمه الصادرة بتاريخ 1803/11/13و الذي تتلخص وقائعه أنه
بتاريخ 1804/48/12صدر قرار من أحد المحافظين يقضي بطرد أحد األجانب و لكن هذا القرار
لم يبلغ له ،ثم منح له اإلقامة في البالد بتاريخ 1800/40/28ألنه ال يمكن االحتجاج بهذا القرار
في مواجهته ،و في قضية أخرى مماثلة صدر قرار من وزير الداخلية في 1830/12/28يقضي
بطرد أجنبية ثم تزوجت من فرنسي سنة 1802و اكتسبت الجنسية الفرنسية بمقتضى هذا الزواج،
طبقاً للمادة 04من قانون الجنسية ،2و لكنها لم تبلغ بقرار الطرد قبل تاريخ الزواج و إنما في تاريخ
الحق ،لهذا فإن قرار الطعن يعتبر مجرداً من كل آثاره بالنسبة لها و ال يصلح أساسا لتطبيق المادة
04من قانون الجنسية و من الحيثيات التي و ردت في هذا الحكم ما يلي:
51
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
" ....وألنه وان كان للقرار اإلداري قيمته قانونياً منذ التاريخ وليس لعدم نشره تأثي اَر على صحته إال
أنه يتعين التمييز بين آثار هذا القرار وفقاً لما كان يرتب فائدة أو يسبب ضر ار لصاحب الشأن.
ولما كان الثابت أن المستفيد من القرار يستطيع التمسك به منذ توقيعه في مواجهة اإلدارة بعكس
األفراد حيث ال يسرى القار في واجهتهم وال يمكن االحتجاج به اتجاههم كما ال يصلح سنداً ،الق اررات
األخرى تكون سبباً في إحداث ضرر لمراكزهم القانونية إال من اللحظة التي يكون فيها قد نقل إلى
علمهم بطريقة قانونية سلمية.
و لما كان الثابت أيضاً أن طريقة العلم على القرار الفردي هي التبليغ الذي يمكن صاحب الشأن
من اإلحاطة بالقرار و طبيعته و محتواه و تقدير مدى قانونيته و لذلك فإن قرار طرد الذي لم يعلن
مدعية ال أثر له وال يجوز االحتجاج به في مواجهتها ،و قد أخذ مجلس الدولة المصري بهذا المبدأ
حين قضت المحكمة العليا اإلدارية به في حكمها الصادر في 21أفريل .11814
قائلة " :إذا كان الشكل ليس ركناً ،بل مجرد شرط متطلب في القرار ،فإن كان هذا الشكل جوهرياً
كان البد من استقصائه وفقاً لما نص عليه القانون ،أما في ذات القرار و إما بالتصحيح الحقاً ،أما
إذا كان غير جوهرياً فال يعتبر مؤث اًر في ساحة القرار وسالمته.
على أن ما يزعمه المدعي من عيب في هذا الشكل إنما يلحق عملية النشر وال يمس كيان القرار
ذاته و ينصح من هذا أن القضاء المصري في هذه المسألة ال يحد عن االتجاه الذي سلكه القضاء
الفرنسي مكرساً بذلك صحة القرار اإلداري الغير المنشور مع تمييز بين هذه الصحة و عدم االحتجاج
به في مواجهة األفراد.
ومن كل ما سبق ذكره و تقدير اآلراء التي قيلت فإنه يمكن القول أن منطق نظرية عدم االحتجاج
يؤدي إلى القول بإمكانية االحتجاج بالقرار اإلداري تنظيميا كان أو فرديا في مواجهة اإلدارة لكن
الواقع العلمي يثبت أنه من المعتاد أن األفراد ال يتمسكون بالقرار اإلداري في مواجهة اإلدارة قبل
نشره إال إذا كانوا على علم تام بذلك القرار بل يوقنون بأنهم سوف يحقق مصالحهم.
حكم ذكره الدكتور عبد العزيز السيد الجوهري في مؤلفه السابق ص .202 1
52
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
ولما كان العلم اليقين يتساوى مع وسائل النشر األخرى(1التبليغ و النشر) من حيث االعتداد كدليل
على العلم بالقرار اإلداري و كذلك يعيد به فتح ميعاد الطعن باإللغاء فإنه يمكن القول باالحتجاج
اإلداري في مواجهة اإلدارة إنما هو في الواقع احتجاج بقرار يعلم مضمونه من يحتج به علماً يقينياً
و هذا العلم في حد ذاته يفتح ميعاد الطعن بالنسبة لهذا القرار.
كما أن القضاء و الفقه إذا كان قد سمح لألفراد باالحتجاج بالقرار الفردي قبل تبليغه في مواجهة
اإلدارة على أساس أن الق اررات الفردية تنشئ حقوقا لألفراد بمجرد صدورها و قبل تبليغها إال أن هذا
ال أري يبقى موضوع شك ألن هذه الحقوق ليست ثابتة و مستقرة و ذلك لعدم تحصين الق اررات التي
أنشأتها من تعرض للسحب و اإللغاء.
و لقد أوضح مجلس الدولة الفرنسي هذه الحقيقة في محكمة الصادر بتاريخ 14جانفي 1808
قضية 2Devilleحيث قضى:
بأنه إذا كان الشخص المستفيد من القرار اإلداري بالتعيين أو الترقية لديه أهلية ممارسة الوظيفة
المتعلقة بعمله ،إال أنه طالما لم يشهر هذا القرار فال يمكن القول أنه أنشأ حقوقاً للشخص المتصل
به بل من الممكن إلغائه في أي وقت.
الفرع الثاني :الصعوبات العملية المترتبة على عدم نشر القرار اإلداري
إن مسألة عدم نشر الق اررات اإلدارية لم يقتصر الجدل حولها على مستوى الفقه بل إنها تطرح أيضا
إشكاالت على مستوى العلم و ذلك من حيث أنها تمس مباشرة بحق الدفاع المخول لألفراد من خالل
تأثيرها على حقهم في مخاصمة هذه الق اررات ،ينعكس ذلك في جهلهم لحساب المواعيد المقررة إللغاء
هذه الق اررات و ذلك في ظل انعدام عملهم بها بوسائل مقررة قانوناً (النشر و التبليغ) كما تطرح
مشكال علمياَ آخر علة مستوى الشق اإلجرائي من خالل ضرورة إرفاق عريضة الدعوى بالقرار
المطعون فيه في حالة ما إذا أراد األفراد طلب إلغاء هذه الق اررات و عليه نحاول تبعاً محاولة مناقشة
هاتين المسألتين على النحو التالي:
1و يتأكد من ذلك من خالل التكريس الواسع لنظرية علم اليقين من أطراف القضاء و االعتماد عليها بالبدء بحساب مواعيد الطعن و اإللغاء
في حالة انعدام النشر و التبليغ.
الدكتور عبد الفتاح حسن ،المرجع السابق ص .88 2
53
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
حرص المشرع على تحديد موعد الطعن باإللغاء في الق اررات اإلدارية فنص في المادة 828ق.إ.م.إ
و يجب أن يرفع الطعن المشار إليه أننا خالل أربعة أشهر التابعة لتبليغ القرار المطعون فيه أو نشره
و ترجع حكمة تدخل المشرع بتحديد ميعاد الطعن إلى التوفيق بين لمصلحتين الخاصة و العامة،
إذا كان تحديد ميعاد ثابت للدعوة يشكل بكل تأكيد قيدا خطي اَر على حرية األفراد في مقاضاة اإلدارة.1
و لكن هذا القيد كما يرى الكثير من الفقهاء تفرضه متطلبات المصلحة العامة التي هي موضوع
ق اررات فهذه األخيرة يجب أن تتحاض بعد مدة إذ ال يعقل أن تبقى عرضة لإللغاء القضائي في أي
وقت و مهما طالة المدة ،و ما ينعكس على العمل اإلداري سلباً ،ولذلك كان من الالزم تحديد مدة
من التقاضي ،إذ لم يتم خالله الطعن في القرار ،يترض ضد أي شكل من أشكال اإللغاء و يصبح
في حكم القرار المشروع ،و هذه المدة هي مدة ميعاد دعوى اإللغاء .إن هذه القاعدة تفرضها دواعي
استقرار األوضاع في المجتمع بمرور وقت معين و لكن يالحظ أن هذه القاعدة صالحة للتطبيق في
حالة إذا ما قامت اإلدارة بااللتزام بالواقع على عاتقها و المتمثل في ضرورة نشر و تبليغ الق اررات
اإلدارية ،و لكن ما هو الحل في حالة ما إذا لم يبلغ القرار أو لم ينشر؟
إن الحل اقترحه القضاء اإلداري الفرنسي من خالل عدم اقتصار على وسائل العلم بالقرارات
اإلدارية المقررة قانوناً و تبنية لمنظور آخر يقوم على ثبوت العلم الكافي بالقرار اإلداري ممن صدر
في شأنهم سواء أحدث هذا العلم بسعيهم الشخصي أو كان مصادفة فإنه يقوم مقام العلم الواقع
بموجب الوسائل المقررة قانونا من نشر و تبليغ.
فكان لهذا االجتهاد تأسيس لنظرية العلم اليقين كما ذكرنا سابقا.
حيث يؤكد الفقيه :J.Maubyبأن العلم اليقين هو اجتهاد قضائي يقر في بعض الحاالت ببداية
سريان مواعيد الطعن حتى و إن لم يكن القرار موضوع أي شهر صحيح و ذلك بسبب ثبوت علم
الطاعن بالقرار.
ويتضح من هذا أن هذه النظرية تكرس أن سريان مواعيد الطعن ضد الق اررات اإلدارية ال يرتبط فقط
بالعلم القانوني بها من نشر و تبليغ إنما تضيف العلم الواقعي بالقرار الذي يرتب نفس اآلثار التي
يرتبها النشر و التبليغ.
54
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
و يعود األصل التاريخي لتطبيق هذا المبدأ إلى بداية القرن التاسع عشر و بالضبط إلى قرار مجلس
الدولة الفرنسي الصادر في 48ماي 1822في قضية Fortierضد وزير الحربية إذ قضى مجلس
الدولة في هذه القضية بأن ميعاد الطعن في القرار يسرى من تاريخ ثبوت العلم اليقين به و تتخلص
وقائع القضية في أن الطاعن Fortierقدم كفالة لفائدة السيد Barréالذي يشغل أمين مخزن
المؤن و بموجب قرار صادر من وزير الحربية إلزام الطاعن بدفع مبلغ 08444فرنك فرنسي.
تم تبليغ هذا القرار إلى السيد Barréدون الطاعن فقام هذا األخير بتوجيه رسالة احتجاج بتاريخ
1821/40/41إلى وزير الحربية يناقش فيها موضوع القرار وفي 1821/42/18قام هذا األخير
بتبليغه القرار األول موضوع رسالة االحتجاج فقام السيد Fortierبالطعن فيه أمام مجلس الدولة
ضمن اآلجال المقررة قانوناً المحتسبة من تاريخ هذا التبليغ ،غير أن مجلس الدولة الفرنسي صرح
رفض الطعن شكالً لوروده خارج اآلجال القانونية مؤسساً هذا الرفض على النحو اآلتي.
55
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
إن اعتناق هذه النظرية بجعل اإلدارة تتراخى عن تبليغ ق ارراتها كما أنها عادة ال تسهر ،على أن يتم
هذا التبليغ وفقا لألشكال و األوضاع و الشر و مقررة القضاء ،1لهذا فإن الحل الوحيد ،و إعماالً
لمبدأ استغالل مشروعية القرار و نفاذه عن شهره (تبليغه أو نشره) فإن الجزاء الوحيد الذي يمكن أن
تواجهه اإلدارة في حال امتناعها عن تبليغ ق ارراتها ،باإلضافة إلى إمكانية تقرير المسؤولية التأديبية
للموظف في بعض التشريعات المقارنة ،هو نفاذ الق اررات في مواجهة األشخاص الذين صدرت في
شأنهم ذلك باعتبار أن نفاذ الق اررات في مواجهة األشخاص مرتبط بتبليغها إلى المعنيين بها إن كانت
فردية ،ونشرها وفقا للطرق المقررة قانوناً إذا كانت تنظيمية ،كما يجب وضع نصوص قانونية ملزمة
لإلدارة بضرورة القيام بالنشر و التبليغ من أجل تحسين العالقة بين اإلدارة و المواطن وصبغها
بأكبر قدر من الشفافية و المشروعية ،ولعل هذا السبب هو الذي جعل المشرع الجزائري ال يحيد عن
هذه القاعدة ،وذلك من خالل إصداره للمرسوم رقم 131/88 :المؤرخ في 40يوليو 1888المنظم
للعالقات بين اإلدارة و المواطن و الذي خصص المشرع الفصل الثاني منه أي من المادة 41إلى
المادة 34اللتزامات اإلدارة فوضع ستة مبادئ يجب على اإلدارة احترامها و من المبدأ المتعلق
بتسبب الق اررات اإلدارية الصادرة بالرفض كما وضع هذا المرسوم على عاتق اإلدارة و واجب تبليغ
ق ارراتها و ذلك تحت طائلة عدم االحتجاج بها تجاه من صدرت في شأنه .وهو ما نصت عليه المادة
30منه بقولها على أنه " :ال يحتج بأي قرار ذي طابع فردي على المواطن المعني بهذا القرار إال
إذا سبق تبليغه إليه قانوناً ،هذا إذا لم يكن هناك نص قانوني أو تنظيمي مخالف".
و هذا النص يستفاد منه ،أن المشرع علق الباب أما اإلدارة للتمسك بحصول علم الطاعن بالقرار
بغير طريق التبليغ إذ ال يترك هذا النص مجاالً ألن تثير اإلدارة التي لم تحترم هذا اإلجراء أو هذا
االلتزام نظرية العلم اليقين في مواجهة األفراد ،و إلى جانب هذا فإن المشرع في نص المادة 32من
ذات المرسوم وضع مبدأ آخر مفاده أن للمواطن الحق في أن يحتج على اإلدارة بالتعليمات،
المنشورات و المذكرات و اإلعالنات التي أصدرتها و ذلك حتى و لو لم تبلغها له متى كانت تمس
ترك المشرع في بعض القوانين المقارنة مسألة تحديد التبليغ الصحيح للقضاء و ذلك بعدم نصه على الرسائل التي يجب أن تتبعها اإلدارة في 1
التبليغ و القضاء اإلداري في هذا المجال يقبل كل وسيلة تؤدي إلى إثبات حصول التبليغ و من الوسائل المستقر عليها قضاء في قبول ثبوت
هذا األخير نجد:
-توقيع صاحب الشأن بالقرار على محضر تبليغه.
-توقيعه على أصل القرار.
-وصل االستالم مع علم الوصول.
56
الفصل الثاني آثار القرار اإلداري الغير منشور
بحقوقه ،وعليه فإن هذا المرسوم استعبد عدم نشر الق اررات اإلدارية و تبليغها بل جعل هذا المرسوم
استعبد عدم نشر الق اررات اإلدارية و تبليغها بل جعل هذا اإلجراء واجباً على الدارة و بالتالي فإن
عدم القيام به يناقض مع الحكام المواد 834 ،828من ق.إ.م.إ كما يتعارض مع أحكام المرسوم
131-88والسيما المواد 30،32منه و يمس بمبدأ الشفافية و المشروعية الذي ينبغي أن يسود
دائماً العالقات بين اإلدارة الحديثة و المواطن.
إن من بين الشروط الشكلية التي وضعها المشرع لقبول دعوى اإللغاء نجد شرط القرار اإلداري و
لقد نصت على هذا الشرط المادة 818ق.إ.م.إ.
فنجد أن المادة نصت على أنه ينبغي أن تكون العريضة مصحوبة بالقرار المطعون فيه.
القرار المقصود في المادة األولى هو القرار الصادر عن الواليات أو البلديات أو المؤسسات العمومية
اإلدارية ألن التنظيم اإلداري المسبق قد تم إلغائه ،وفي هذه الحالة يتعين على الطاعن تقديم القرار
المطعون فيه رفقة العريضة االفتتاحية للدعوى و هذا ليتسنى بلوغ الهدف من هذه الدعوى ألنها
تهدف إلى فحص مشروعية القرار و ذلك بالتطرق لجميع عناصره الشكلية و الموضوعية و هذا أال
يأتي إال بتقديم هذا القرار إلى القضاء ،و هو ما يستلزم بالضرورة أن يحصل عليه المعني عن
طريق تبليغه له قانونياً من اإلدارة التي أصدرته ألنه إذ لم يقدم هذا القرار و لم يرفق بالعريضة،
قوبلت الدعوى بعدم القبول ،و هذا يستنتج من خالل العبارة التي وردت بالمادة 818و التي جاءت
بعبارة " ويجب "...و التي في حقيقتها تفيد اإللزام وتعير على أن اإلجراء جوهري يجب احترامه....
و ما يمكن قوله أن شرط إرفاق العريضة بالقرار المطعون فيه يكشف بصورة واضحة عن الخطورة
المترتبة عن عدم نشر الق اررات اإلدارية ،و تبليغها للمعني بها ،ذلك أن هذا األخير يجد نفيه
معرضا لتطبيق نظرية العلم
ً عاج اًز عن تقديم القرار المطعون فيه لعدم تبليغه ،زكما يجد نفسه
اليقين كما رأينا لحساب مواعيد الطعن ،و في الحالتين يحصن القرار و يتعذر إلغاؤه و قد يلحق
ضر اًر كبي اًر بالمتقاضي ،وهنا نكون أمام خرق صارخ لمبدأ المشروعية الذي من المفروض أن
يطبع عالقة اإلدارة مع المواطن و يكرس مبدأ دولة القانون.1
57
ال خات م ة
خــــاتمة
خاتمة:
إن عملية نشر الق اررات اإلدارية أو تبليغها جعلت معظم القوانين المقارنة من اختصاص اإلدارة
وحدها فهو واجب يقع على عاتقها و عدم القيام به يؤدي إلى انتهاكات منها:
تجاهل النصوص القانونية التي تشترط لسريان مواعيد الطعن في القرار و االحتجاج به في مواجهة
األفراد ثبوت تبليغ هذا القرار إلى المعني وفق الوسائل المقررة قانوناً.
كما أنه يتعارض و يتناقض و مقتضيات دولة القانون ألن تجاهل النص القانوني يعد مساساً و
إهدار لحقوق األ فراد و مبدأ المشروعية الخاصة إذا علمنا أن عالقة اإلدارة باألفراد قد تعددت ة
تشابكت في عصرنا الراهن و أصبح القرار اإلداري ال يمس المراكز القانونية و حسب إنما يؤثر في
هذه المراكز تأثي ار مباش ار باإلضافة إلى أن هذا االنتهاك يمس بمبدأ الشفافية و يضرب مفهوم اإلدارة
العصرية في الصميم.
و إذا كان المشرع الجزائري قد أبدى النية الحسنة من خالل إصداره المرسوم 131-88المؤرخ في
1888/40/40المتعلق بتنظيم العالقة بين اإلدارة و المواطن ،و نص فيه على ضرورة تبليغ ق اررات
إدارية لألفراد و بذلك يكون قد أغلق الباب أمام اإلدارة للتحجج بنظرية علم اليقين لدى الطاعن و
التي هي في حقيقتها ناتجة عن عدم نشر الق اررات اإلدارية أو تبليغها من طرف اإلدارة و إن كانت
هذه تعتبر خطوة مميزة لبداية إضفاء شفافية أكبر على عمل اإلدارة إال أن ما يعاب على هذا
المرسوم أنه لم يضع عقوبات فعالة في حالة عدم قيام اإلدارة بهذا االلتزام.
و ما يستلزم تدخل المشرع من أجل إعطاء أكثر فعالية و ديناميكية لنصوص هذا المرسوم من جهة
و لوضع نصوص خاصة أخرى تنص على:
-1استبعاد اللجوء إلى نظرية علم اليقين ألن استمرار العمل بها و تطبيقها قضائيا يشجع اإلدارة
على التراخي عن عمد أو غير عمد في نشر الق اررات اإلدارية الخفية و بالتالي تعطيل العمل
بأحكام المرسوم .131-88
-2تبليغ ق اررات الشخص المعني و تحريك المسؤولية المدنية في حالة عدم احترام الشروط السابقة
الذكر و تكون هذه المسؤولية على عاتق اإلدارة.
-3العمل على تطبيق المرسوم 131-88و النص على عقوبات لكل إخالال بأحكامه.
59
خــــاتمة
-0وضع معاير واضحة للق اررات غير قابلة للنشر و التقليل منها إلى أدنى حد ممكن و هذا من
أجل إضفاء شفافية أكبر على عمل اإلدارة ،و هذه االقتراحات في مجملها تم اعتمادها فإنها تخدم
عالقة اإلدارة بصورة مباشرة و تصون للمتعامل حقوقه الكاملة.
وال نجد ما نختم به موضوعنا هذا أحسن من مقولة العميد هوريو :
" إن الضمير الحديث يتطلب أن تتصرف اإلدارة في وضح النهار ،و من المرغوب فيه دائماً أن
تكون جميع ق اررات اإلدارة و أعمالها متيمة بصفة العالنية فهناك إحساس عميق بأن ذلك الذي
ال يتم علناً ال يمكن أن يكون مشروعاً ".
60
ق ائ م ة المراجع
قائمة المراجع
قائمة المراجع
/2مازن راضي ليلو ،الوجيز في القانون اإلداري ط ،40دار مطبوعات مصر .2440
/3محمد الصغير بعلي ،الق اررات اإلدارية دار علوم النشر ،الجزائر .2440
/0محمد عبد هللا الديلمي ،نظرية القرار اإلداري لدار الثقافة و النشر األردن .2440
/ 1د.عمار عوابدي ،النظرية العامة للمنازعات اإلدارية في النظام القضائي الجزائري جزء 2نظرية
الدعوى اإلدارية طبعة.3
/1عبد العزيز السيد الجوهري ،القانون و القرار اإلداري في الفترة ما بين اإلصدار و الشهر ،دراسة
مقارنة.
الدار الجامعية
/3عبد الفتاح حسن ،القانون و القرار اإلداري في فترة ما بين اإلصدار و الشهر ،دراسة في القانون
الفرنسي.
62
قائمة المراجع
/0سليمان محمد الطماوي ،الوجيز في القانون اإلداري .دار النشر مصر .1881
3/ J.M Auby et R Drago: traité des recours en matière administrative. Litec
1992
المقاالت:
/1مقال عن موقف مجلس الدولة من نظرية العلم اليقين لألستاذ :رمضان غاني -تعليق على قرار
رقم 1112:المؤرخ في 18 :أفريل -1888مجلة مجلس الدولة -العدد رقم-42:لسنة .2442
/ 2مقال لألستاذة ليلى زروقي حول :مراقبة القاضي اغالداري إلجراءات نزع الملكية للمنفعة
العمومية -منشور بمجلة مجلس الدولة -العدد رقمك -43لسنة .2443
القوانين:
-القانون المدني.
-القانون رقم 11-81:المؤرخ في 22 :أفريل 1881المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العمومية.
المراسيم:
63
قائمة المراجع
www.startimes.com
www.staralgeria.net
64
رس ه ال ف
فهرس المحتويات
الصفحة الموضوع
أ -ج مقدمة
41 الفصل األول :اإلطار المفاهيمي للقرار اإلداري
41 المبحث األول :الطبيعة القانونية للقرار اإلداري
41 المطلب األول :ماهية القرار اإلداري
42 الفرع األول :مفهوم القرار اإلداري
14 الفرع الثاني :تصنيف الق اررات اإلدارية
10 المطلب الثاني :أركان واجراءات اكتمال القرار اإلداري
10 الفرع األول :أركان القرار اإلداري
12 الفرع الثاني :إجراءات اكتمال القرار اإلداري
24 المبحث الثاني :األحكام العامة لنفاذ القرار اإلداري
24 المطلب األول :وسائل و شروط نفاذ القرار اإلداري
24 الفرع األول :وسائل نفاذ الق اررات اإلدارية
22 الفرع الثاني :شروط نفاذ القرار اإلداري
31 المطلب الثاني :الق اررات اإلدارية غير القابلة للنشر
32 الفرع األول :ق اررات الرفض الضمنية
30 الفرع الثاني :ق اررات ال تقبل النشر بطبيعتها
38 الفصل الثاني :آثار القرار اإلداري الغير المنشور
38 المبحث األول :أثر القرار اإلداري غير المنشور في مواجهة اإلدارة
38 المطلب األول :آثار القرار التنظيمي الغير المنشور
38 الفرع األول :اإلتجاه األول
04 الفرع الثاني :اإلتجاه الثاني
01 المطلب الثاني :آثار القرار الفردي الغير المنشور
01 الفرع األول :اآلراء الفقيه
04 الفرع الثاني :النتائج المترتبة على نفاذ الق اررات اإلدارية منذ صدورها
01 المبحث الثاني :آثار القرار اإلداري الغير المنشور في مواجهة األفراد
66
فهرس المحتويات
08 خاتمة
11 الفهرس
67