You are on page 1of 2

‫الضغوط االستعمارية على المغرب ومحاوالت اإلصالح‬

‫تقدي ـ ـ ــم‪:‬‬
‫تعرض المغرب خالل ق ‪91‬م لضغوط استعمارية (عسكرية‪ ،‬دبلوماسية‪ ،‬واقتصادية) استهدفت اضعاف المغرب تمهيدا الستعماره‪ ،‬مما دفع المغرب إلى ادخال عدة‬
‫إصالحات للحد من هذه الضغوط باءت جميعها بالفشل نتيجة عوامل داخلية وأخرى خارجية‪ .‬فما هي أنواع الضغوط االستعمارية التي تعرض لها المغرب خالل القرن‬
‫‪91‬م؟ وما هي مراحل التسرب االستعماري بالمغرب؟ وما هي الميادين التي همتها اإلصالحات بالمغرب وعوامل فشلها؟‬
‫‪ – I‬دورالضغط العسكري كوسيلة للتغلغل األوربي في المغرب خالل القرن ‪91‬م‪:‬‬
‫تعرض المغرب خالل القرن ‪91‬م إلى عدة ضغوط عسكرية من أهمها التدخل العسكري الفرنس ي واالسباني‪:‬‬
‫نتيجة لمساعدة المغرب للمقاومة الجزائرية في شخص األمير عبد القادر‪ ،‬تدخلت فرنسا عسكريا بالمغرب عدة مرات منها‪( :‬قصف األسطول الفرنس ي لمدينة طنجة في‬
‫السادس من غشت سنة ‪9411‬م؛ قصف األسطول الفرنس ي لمدينة الصويرة في ‪ 99‬غشت سنة ‪9411‬م)‪.‬‬
‫معركة إيسلي‪ :‬في ‪ 91‬غشت سنة ‪9411‬م وقعت معركة إيسلي بسبب تقديم المغرب الدعم للمقاومة الجزائرية ورغبة فرنسا التوسع انطالقا من الجزائر املحتلة سنة‬
‫‪9481‬م على حساب المغرب‪ ،‬حيث انهزم الجيش المغربي أمام الجيش الفرنس ي‪ ،‬أما نتائج هذه المعركة فتمثلت في عقد معاهدة اللة مغنية ‪ 94‬مارس سنة ‪9411‬م التي‬
‫تركت الحدود المغربية الجزائرية مفتوحة جنوب مركز "ثنية الساس ي" (ناحية فكيك) مبررة ذلك بكون المنطقة عبارة عن أرض فالة ال ماء فيها وال تحرث وقبلة مرعى‬
‫الفريقين من إيالة الجزائر والمغرب فال تحتاج للتحديد‪ ،‬واستغلت فرنسا هذا الغموض لتحتل في أواخر ق ‪91‬م أجزاء من الصحراء المغربية الشرقية‪.‬‬
‫معركة تطاوين‪ :‬في سنة ‪9414‬م احتلت إسبانيا الجزر الجعفرية وفي سنة ‪9411‬م وسعت نفوذها انطالقا من سبتة ومليلية‪ ،‬مما أدى إلى معركة تطوان (‪)9481-9411‬‬
‫حيث تم احتالل مدينة تطوان في ‪ 8‬فبراير‪9481‬م وترجع أسباب المعركة إلى تربص إسبانيا الفرصة فتذرعت بما قامت به عناصر من قبيلة األنجرة لبعض البنايات التي‬
‫أقامها اإلسبان خارج حدود سبتة‪ ،‬ومن نتائج المعركة إبرام المغرب الصلح مع إسبانيا يوم ‪ 68‬أبريل سنة ‪9481‬م‪ ،‬وفق شروط قاسية تمثلت في‪:‬‬
‫‪ ‬توسيع مناطق االحتالل اإلسباني على حدود مدينتي سبتة ومليلية‪.‬‬
‫‪ ‬دفع غرامة مالية للسبان قيمتها ‪ 61‬مليون ريال أدى المغرب منها ‪ 91‬ماليين واستخلصت اسبانيا الباقي عبر تعيين أمنائها بالمراس ي المغربية لتحصيل نصف‬
‫المداخيل الشهرية لمدة سنة إلى حين إتمام العشرة ماليين المتبقية‪.‬‬
‫‪ ‬السماح للسبان بالصيد في السواحل الجنوبية للمغرب‪.‬‬
‫وقد ترتب عن هزيمتي إيسلي وتطوان عدة نتائج منها‪:‬‬
‫‪ ‬تراجع احتياط النقد المغربي (من فضة وذهب)‪ .‬مما اضطر المغرب لالستدانة من انجلترا لتعويض الغرامة مقابل التنازل لها عن ‪ %61‬من الرسوم الجمركية‪.‬‬
‫‪ ‬إزالة حجاب الهيبة عن املخزن وتعزيز النفوذ األجنبي بالمغرب‪.‬‬
‫‪ – II‬الضغوط الدبلوماسية لفرض االمتيازات األوربية على المغرب خالل القرن ‪91‬م‪:‬‬
‫‪ – 9‬التدخل الدبلوماس ي لفرض االمتيازات التجارية األوربية على المغرب‪:‬‬
‫نهج المغرب سياسة االحتراز من أوربا إلى منتصف ق ‪91‬م باتخاذ إجراءات تقلص من التعامل مع األوربيين‪ ،‬لكن الدول األوربية عملت على إخراج المغرب من عزلته وذلك‬
‫بتدخلها العسكري‪ ،‬ثم بالحصول على االمتيازات عن طريق االتفاقيات المبرمة‪ ،‬وتحت الضغط والتهديد العسكري‪ ،‬اضطر املخزن إلى مراجعة سياسته التجارية مع أوربا‪،‬‬
‫فأبرم المغرب عدة اتفاقيات‪:‬‬
‫معاهدة الصلح والمهادنة بين المغرب واإلنجليز‪ :‬وقع المغرب اتفاقية تجارية مع بريطانيا في عهد المولى عبد الرحمان في ‪ 1‬يناير ‪9418‬م‪ ،‬حصلت بموجبها على امتيازات‬
‫هامة‪ :‬كحق التجارة والبيع والشراء والكراء وإعمال الديار واملخازن والتنقل داخل المغرب دون أمد محدود‪ ،‬وإسقاط الكنطرادات والممنوعات في المتاجر‪ ،‬وتخفيض‬
‫أعشار السلع على الواردات إلى ‪ %91‬وتحويلها من ضرائب عينية إلى نقدية‪.‬‬
‫استفادت الدول األوربية من هذه االتفاقية فأصبحت أسواق المغرب مفتوحة أمام المنتجات األوربية مما أدى إلى تدهور اقتصاد المغرب وتضرر الحرفيين بسبب‬
‫المنافسة‪ ،‬وارتفاع أسعار المواد األولية نتيجة تصديرها إلى أوربا‪ ،‬فاضطر املخزن إلى إحداث ضرائب جديدة (المكوس‪ ،‬الترتيب) فقامت ثورات في األوساط الحضرية‬
‫والقروية‪.‬‬
‫‪ – 2‬التدخل الدبلوماس ي لفرض االمتيازات السياسية األوربية على المغرب‪:‬‬
‫تسوية بيكالريونيو‪9681‬م‪ :‬بين المغرب وفرنسا تمثلت في الحماية الفردية (القنصلية)التي مكنت مجموعة من المغاربة املحميين (يهود ومسلمين) من الخروج عن السلطة‬
‫املحلية‪ ،‬حيث يتمتعون بحقوقهم كمغاربة وليست عليهم واجبات مخزنية‪ ،‬وجمعوا ثروات هامة وظفوها في التجارة والمضاربات العقارية والقروض بفوائد مرتفعة‪ ،‬وفي‬
‫شراء األراض ي الفالحية‪ ،‬وأصبحوا وسيلة للتوغل االستعماري وإضعاف السلطة المركزية حيث شملت الحماية الفردية موظفي املخزن وشيوخ الزوايا‪ ،‬مثل‪( :‬الوزاني)‬
‫والعمال والقواد‪ ،‬بل حتى وزير الحربية (المنبهي) في بداية ق ‪61‬م‪ ،‬وبذلك أعفي املحميون من واجبات الضرائب ومن متابعة القضاء الشرعي االسالمي واستفاد‬
‫اليهود المغاربة من هذه الوضعية وتجنسوا بجنسيات أجنبية‪ ،‬وساهموا في األزمة الداخلية‪.‬‬
‫للحد من تداعيات الحماية القنصلية وتهديدها لسيادة املخزن وماليته شارك الحسن األول في مؤتمر مدريد ‪9441‬م بهدف وضع حد للحماية الفردية إال أنها تعززت بضمها‬
‫لعناصر جديدة وأضافت إلى ذلك مكاسب جديدة كحق الملكية لكل األجناس وامتالك العقارات واألراض ي‪ ،‬كما مارست ضغوطا على المغرب للحصول على امتيازات‬
‫جديدة‪ ،‬لكن الحسن األول عارضها معتمدا على اقتراحات العلماء واألمناء وكبار التجار‪ ،‬وبذلك تأزمت أوضاع المغرب على جميع المستويات‪.‬‬
‫‪ -III‬التسرب االستعماري إلى الصحراء المغربية في نهاية القرن ‪91‬م‪:‬‬
‫د‪ .‬محمد العلمي‬ ‫دروس التاريخ والجغرافيا‪ :‬مسلك العلوم الشرعية بالتعليم األصيل‪ ،‬العلوم التجريبية‪ ،‬العلوم الرياضية‪ ،‬العلوم االقتصادية والتدبير‪.‬‬
‫تماشيا مع سياسة الضغوط االستعمارية شرعت الدول األوربية في تفعيل مخططاتها االستعمارية وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ ‬محاولة إسبانيا التوسع بالمناطق الجنوبية المغربية سنة ‪9446‬م مدعية كونها مناطق غير تابعة للمخزن مما دفع بالسلطان الحسن األول إلى قيادة حملة‬
‫نحو سوس األقص ى وبناء مرس ى بوادي نول‪.‬‬
‫‪ ‬انتزاع شركة غرب شمال إفريقيا اإلنجليزية لحق احتكار التعامل التجاري مع المناطق الصحراوية سنة ‪9481‬م‪.‬‬
‫‪ ‬احتالل فرنسا لتوات وتدكيلت وكورارة سنة ‪9411‬م‪.‬‬
‫‪ ‬احتالل اسبانيا لسيدي إفني سنة ‪9111‬م‪.‬‬
‫‪ ‬توقيع اتفاقية الجزائر لفرض احتالل المناطق التي استولت عليها فرنسا بالصحراء سنة ‪9119‬م‪.‬‬
‫‪ -IV‬اإلصالحات التي قام بها المغرب لمواجهة األطماع االستعمارية ‪:‬‬
‫‪ - 9‬اإلصالحات العسكرية التي قام بها سالطين المغرب لمواجهة األطماع االستعمارية‪:‬‬
‫اعتمد المغرب في إصالحاته العسكرية على األوربيين الذين كانوا يفكرون ويخططون الحتالله‪ ،‬ففي عهد الحسن األول (‪ 9488‬ـ ‪ )9411‬تم إرسال بعثات طالبية إلى‬
‫األكاديميات األوربية لتكوين ضباط مغاربة وتدريبهم على األسلحة الحديثة (بلغ عددهم ‪ 941‬ضابطا سنة ‪9441‬م)‪ ،‬كما استعان الحسن األول بضباط وخبراء فرنسيين‬
‫وإنجليز قصد تدريب الجيش المغربي‪ ،‬وقام بإنشاء معامل إلنتاج األسلحة في فاس ومراكش‪ ،‬واقتنى أسلحة من أوربا ومراكب حربية لحراسة السواحل المغربية‪ ،‬وقد‬
‫كلفت هذه اإلصالحات نفقات باهظة أثرت على ميزانية الدولة‪ ،‬حيث عرف الميزان التجاري المغربي عجزا كبيرا وصل إلى ‪ 91‬مليون فرنك فرنس ي‪.‬‬
‫‪ - 2‬اإلصالحات االقتصادية والنقدية‪:‬‬
‫تمثلت في محاولة املخزن إيجاد بدائل جديدة لتعويض فراغ خزينة الدولة فتم إدخال مزروعات جديدة كالقطن وقصب السكر سنة ‪9481‬م بمنطقة الحوز وخلق‬
‫صناعات حديثة كالنسيج والسكر والورق (موكادور)‪ ،‬إلى جانب ترميم الموانئ واستخراج الفحم الحجري‪ ،‬كما عينت الدولة أمناء في المراس ي وخصصت لهم أجورا‬
‫مرتفعة وفرضت عليهم المراقبة ملحاربة االختالس والرشوة‪ ،‬وسنت ضرائب جديدة كضريبة المكوس على أبواب المدن واألسواق وضريبة الترتيب‪ ،‬إلى جانب السماح‬
‫بتداول العمالت الفرنسية واالسبانية بالمغرب ومساواة الريال االسباني بالمثقال المغربي على عهد محمد بن عبد الرحمان وإنشاء دار السكة‪ ،‬وضرب عملة فضية‬
‫جديدة في عهد الحسن األول سميت بـ "الريال الحسني"‪ ،‬وملحاربة تزوير األموال ضرب المولى الحسن األول النقود بأوربا سنة ‪9449‬م‪.‬‬
‫‪ - 1‬اإلصالحات اإلدارية والتعليمية خالل القرن ‪91‬م‪:‬‬
‫لعب جون دراموند هاي دورا بارزا في إصالح اإلدارة ففي اإلدارة المركزية تم تحديد االختصاصات‪ ،‬وأصبحت مهمة الصدر األعظم (رئيس الوزراء) تقتصر على السهر على‬
‫الشؤون الداخلية والمراسالت الرسمية بين اإلدارة المركزية والعمال والباشوات والقواد‪ ،‬وتم تعيين أمين األمناء ومهمته السهر على جباية الضرائب وتنظيم مختلف‬
‫الشؤون المالية‪ ،‬وعلى المستوى الجهوي تم الحد من نفوذ القواد الكبار بتقسيم مناطق نفوذهم إلى قيادات صغرى‪ ،‬كما تم التقليص من نفوذ الزوايا المتعاملة مع‬
‫األوربيين‪ ،‬وتم تعميم نظام األجور على موظفي املخزن مركزيا وجهويا‪ ،‬حيث أصبحت رواتبهم قارة‪ ،‬وذلك تجنبا للنهب والتالعب في مداخيل الدولة‪ ،‬وحتى يتمكن املخزن‬
‫من تسديد القروض األجنبية‪ .‬كما تم إرسال نخبة الطلبة المغاربة إلتمام دراستهم بأوروبا (إنجلترا) كبعتة الزوبير سكيرج‪.‬‬
‫خاتم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة‪:‬‬
‫أدت الضغوط التي تعرض لها المغرب إلى ضعفه وفشل محاوالته اإلصالحية‪ ،‬مما مهد الطريق للتسرب االستعماري‪ ،‬كما أدى تدهور األوضاع الداخلية على المستويات‬
‫االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬إلى استغالل كل من فرنسا وإسبانيا لالضطرابات لتفرضا على السلطان عبد الحفيظ معاهدة الحماية في ‪ 81‬مارس ‪9196‬م‪ .‬فما‬
‫هي ظروف فرض هذا النظام على المغرب؟‬

‫مصطلحات الدرس‪:‬‬
‫الضغوط االستعمارية ‪:‬هي مجموع الضغوط العسكرية والدبلوماسية التي فرضت على المغرب خالل القرن ‪91‬م من طرف مختلف الدول األوربية من أجل التمهيد لعملية غزوه‬
‫واحتالله‪.‬‬
‫ي‬
‫موالي عبد الرحمان بن هشام ‪:‬سلطان علو حكم المغرب ما بين ‪9411-9466‬م‪ ،‬عرفت فترة حكمه عدة ضغوطات مثل معركة ايسلي ومعاهدة لال مغنية…‬
‫موالي عبد الحسن بن محمد ‪:‬سلطان علوي حكم المغرب ما بين ‪9411-9488‬م‪ ،‬يعتبر من خيرة السالطين المغاربة‪ ،‬دشن عدة إصالحات لمواجهة الضغوط االستعمارية‪.‬‬
‫الحماية الفردية (القنصلية) ‪:‬الحماية التي كان بعض ممثلي الدول األروبية يمنحونها لبعض المغاربة المتعاملين معهم خالل القرن ‪91‬م‪ ،‬والتي تطورت إلى اعفاء املحميين من‬
‫واجبات الضرائب‪ ،‬وأحيانا من متباعة القضاء الشرعي اإلسالمي‪.‬‬
‫مؤتمر مدريد ‪:‬جاء بطلب من سلطان المغرب موالي الحسن األول في دعوة وجهها للدول األوروبية ذات المصالح بالمغرب‪ ،‬للنظر في مشكل الحماية القنصلية التي باتت تشكل‬
‫خطرا على السيادة المغربية‪.‬‬
‫ضريبة الترتيب ‪:‬هي ضريبة غير فرضت على الفالحين بالمغرب كيفما كانت جنسيتهم‪.‬‬
‫ضريبة المكوس أو ضريبة األسواق ‪:‬وهي ضريبة يؤديها التجار على سلعهم الداخلة إلى األسواق‪.‬‬
‫ماكينزي ‪:‬ممتل شركة شمال غرب أفريقيا‪ ،‬ربط عالقات تجارية مع بعض سكان األقاليم الصحراوية منذ سنة ‪9488‬م بهدف فرض المصالح البريطانية في المنطقة‪.‬‬
‫جون دراموند هاي ‪:‬قنصل بريطانيا العام بطنجة خالل الفترة الممتدة من ‪9411‬م إلى ‪9448‬م‪ ،‬لعب دورا أساسيا في اإلصالحات التي شهدها المغرب في النصف الثاني من القرن‬
‫‪91‬م‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد العلمي‬ ‫دروس التاريخ والجغرافيا‪ :‬مسلك العلوم الشرعية بالتعليم األصيل‪ ،‬العلوم التجريبية‪ ،‬العلوم الرياضية‪ ،‬العلوم االقتصادية والتدبير‪.‬‬

You might also like