Professional Documents
Culture Documents
مصادر الوقود الأحفوري التقليدية
مصادر الوقود الأحفوري التقليدية
الطاقة هي القدرة على أداء عمل أو نقل ح اررة ،في حين ينطوي العمل على نقل جسم (كتلة)
مسافة معينة مقابل بعض القوة (أي العمل = الكتلة × المسافة) .على سبيل المثال ،تقوم بعمل في
الصالة الرياضية عند رفع األوزان ضد قوة الجاذبية – وهو ما يصطلح عليه "التدريب" .الطاقة التي
تمكنك من القيام بهذا العمل تأتي من الطعام الذي تتناوله ،والذي هو في حد ذاته الطاقة الشمسية
التي تم تخزينها من قبل النباتات والحيوانات .النقطة الرئيسية هنا هي أننا محاطون حرفيا بأشكال
مختلفة من الطاقة .سوف نلقي نظرة سريعة على األشكال األساسية للطاقة.
تنتج الطاقة الكهربائية Electrical energyمن حركة اإللكترونات من خالل مادة تسمى
موصل ،مثل سلك نحاس أو لوحة دائرة كهربائية .في العصر الحديث تعلم البشر بناء مولدات كهربائية
تنتج تدفق ثابت من اإللكترونات ،والتي تتحرك عبر األسالك في ما نسميه الكهرباء .الطاقة الكهربائية
هي واحدة من أكثر أشكال الطاقة فائدة في المجتمع اليوم ،فهي تشغل كل شيء من المصابيح لمكيفات
الهواء للقطارات عالية السرعة.
تأتي الطاقة الكيميائية Chemical energyمن الطاقة المخزنة في االواصر الكيميائية بين
الذرات المختلفة التي تشكل مركب .جميع التفاعالت الكيميائية إما تحرر طاقة ح اررية (باعثة للح اررة)
أو تتطلب ح اررة (ماصة للح اررة) .عندما نأكل ،تقوم األحماض واالنزيمات في المعدة بتكسير االواصر
الكيميائية داخل الطعام ،مما يؤدي إلى إطالق طاقة ح اررية وتشكيل مركبات جديدة .الح اررة تبقينا
دافئين ،في حين يتم امتصاص المركبات الجديدة في الدم وتستخدم من قبل وظائف الجسم المختلفة،
مثل حركة العضالت .مثال آخر للطاقة الكيميائية هو عندما تفتح الهاتف الخليوي الخاص بك ويتم
إجراء اتصال كهربائي بين مركبين مخزونين في البطارية .وبمجرد إجراء االتصال ،يحدث تفاعل
كيميائي يسمح لإللكترونات بالبدء بالتدفق من خالل الدوائر الكهربائية للهاتف.
الطاقة الح اررية Thermal energyتأتي من اهتزاز الذرات المنفردة أو الجزيئات .ما نسميه
درجة الح اررة هو مقياس لح اررة االحتكاك التي تنتجها هذه االهت اززات .على سبيل المثال ،شريط معدني
1
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
يسحب من نار يكون حار ألن ذراته تهتز بسرعة وتولد قد ار كبي ار من الح اررة االحتكاكية .عندما تتدفق
اإللكترونات عبر سلك ،يصبح السلك دافئا ألن هناك قد ار معينا من المقاومة يجبر اإللكترونات على
اإلبطاء.
الطاقة الحركية Kinetic energyهي شكل من أشكال الطاقة التي تنتج من سرعة جسم (كتلة)
في حركة ،ويتم حسابها عن طريق أخذ نصف كتلة الشيء وضربه في مربع سرعته (الطاقة الحركية
= ½ .)mv2وبالتالي فإن األجسام األثقل واألسرع تحتوي على كميات أكبر من الطاقة الحركية .على
سبيل المثال ،فإن كويكب قطره ميل لديه كمية هائلة من الطاقة الحركية ،في حين أن كويكب بحجم
القبضة يسافر في نفس السرعة لديه طاقة قليلة نسبيا .على العكس من ذلك ،إذا كان اثنين من
الكويكبات بنفس الحجم ،فإن االسرع سيكون بطبيعة الحال أكثر طاقة حركية.
الطاقة الكامنة Potential energyهي ببساطة الطاقة مخزونة في جسم ليس في الحركة،
ولكن قادر على التحرك .األشكال المألوفة هي الطاقة الكهربائية الكامنة ،الجاذبية ،والمرنة .خذ على
سبيل المثال كيف يخلق سد بركة مرتفعة من المياه تسمى خزان .بسبب االرتفاع المت ازيد للمياه ،زادت
طاقة الجاذبية الكامنة للمياه .عندما يتم تحرر الماء ويسمح له بالسقوط ،تبدأ الطاقة المخزنة على
الفور في التحول إلى طاقة حركية ،والتي يمكن استخدامها لتدوير مولد وصنع الكهرباء .والمثال العملي
للطاقة المرنة الكامنة هو القوس والسهم .عندما يسحب رامي السهام القوس ،فإن القوس ينحني ويخزن
طاقة مرنة .عندما يتم تحرير القوس ،يتم نقل هذه الطاقة بسرعة إلى السهم وتحويلها إلى طاقة حركية.
مثال آخر هو التحرر المفاجئ للطاقة المرنة المخزنة في الصخور التي تؤدي إلى طاقة موجة تذبذبية
لزلزال.
Nuclear energyهي الطاقة التي تربط أو تمسك النواة (البروتونات الطاقة النووية
والنيوترونات) لذرة ما معا -على النقيض من الطاقة الكيميائية التي تنطوي على االواصر بين الذ ارت.
الطاقة النووية هي شكل من أشكال الطاقة الكامنة من حيث أنه طاقة مخزونة ،ولكن تتحرر فقط
عندما تخضع النواة لواحد من نوعين من التفاعالت .تنطوي تفاعالت االنشطار النووي على انشطار
نواة وتفاعالت انصهار حيث تندمج اثنين من نوى منفصلة ،يحرر كالهما كميات هائلة من الطاقة
الح اررية .نالحظ أن االنصهار هو تفاعل سائد في الشمس ،في حين أن محطات الطاقة النووية الحديثة
2
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
تعتمد على االنشطار .أيضا ،بقي باطن األرض ساخن بسبب التحرر المستمر للطاقة الح اررية من
التحلل االنشطاري للعناصر المشعة.
Radiant energyهي المصطلح العام المستخدم لإلشارة إلى الطاقة الطاقة المشعة
الكهرومغناطيسية التي تسير على شكل موجات .تتصاحب الطاقة المشعة مع أطوال الموجات المختلفة
في الطيف الكهرومغناطيسي (الراديو والموجات الدقيقة واألشعة تحت الحمراء والضوء المرئي واألشعة
فوق البنفسجية واألشعة السينية وأشعة غاما) .وتسمى الطاقة المشعة عادة بالطاقة الشمسية ألن أطوال
الموجات الكهرومغناطيسية المتنوعة تنتج كلها في األفران النووية التي نسميها النجوم ،والتي تشمل
بطبيعة الحال شمسنا.
الفحم
لقد أظهرت الدراسات الجيولوجية أن رواسب الفحم في العالم تتراوح في العمر ما بين 2مليون
إلى 053مليون سنة ،وتشكلت من النباتات القديمة التي ازدهرت في ظروف مشابهة للمستنقعات في
مناخات رطبة .أصبحت المادة النباتية في النهاية مدفونة ،وعند نقطة حولت العمليات الجيولوجية هذه
المادة إلى رواسب فحم رسوبية .على الرغم من أن الطبقات المنفردة من الفحم يمكن أن تكون أقل من
2.5سم سمكا ،فإن الرواسب االقتصادية تبدأ عادة عند حوالي 25سم ،مع بعضها يصل السمك إلى
أكثر من 03م .ويقدر أن ما يقرب من 0إلى 03أقدام من مادة عضوية مضغوطة مطلوب إلنتاج
قدم من الفحم .غير أن يتطلب ظروف جيولوجية خاصة للمادة العضوية في مستنقع لتتحول إلى راسب
فحم اقتصادي .أوال ،يجب أن يظل المستنقع مشبعا لفترة طويلة من الزمن .ألن الظروف المشبعة
تساعد على حجز األكسجين الحر ( ،)O2يختزل التحلل الميكروبي للمواد النباتية الميتة إلى حد كبير.
كما أن وفرة المياه تعزز أيضا نمو الغطاء النباتي المورق ،والذي عندما يتحد مع معدالت التحلل
البطيء يقود تراكم كثيف للمواد النباتية المتحللة جزئيا .بعد ذلك ،يجب أن تصبح هذه المادة العضوية
مدفونة حتى يتم الحفاظ عليها ضمن تتابع من الرواسب.
من أنواع الصخور الرسوبية التي تم العثور عليها متصاحبة مع الفحم ،قرر الجيولوجيون أن
الفحم ينشأ في بيئات مشابهة لدلتاوات أنهر اليوم .وكما هو مبين في الشكل أدناه ،تعتبر الدلتا مثالية
ألنها تحتوي على مستنقعات ممتدة واسعة مع نباتات خضراء .وهنا تساعد معدالت التدفق المنخفضة
3
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
في إنتاج ظروف مياه راكدة مع مستويات منخفضة من األوكسجين المذاب ( ،)O2مما يبطئ كثي ار
من تحلل المواد النباتية الميتة ويسمح بزيادة تراكم المواد العضوية .وعالوة على ذلك ،فإن الدلتاوات
الكبيرة عادة ما تشهد هبوطا حيث أن الوزن الهائل للرواسب يضغط على القشرة .هذا الهبوط التدريجي
يسمح لكميات أكبر من المواد النباتية بالتراكم ،والذي بدوره ،يضغط المواد العضوية السفلية إلى شكل
أكثر إحكاما يسمى الخث .peatفي بعض األحيان قد تهاجر قنوات النهر أو يرتفع مستوى سطح
البحر ،دافنا الخث مع رواسب أحدث .هذا الدفن يختم الخث بعيدا عن األكسجين الجوي ،مما يزيد
من فرصة حفظه.
بما أن الدلتا تستمر باستقبال رواسب جديدة وتهبط ،تدفن طبقات الخث أعمق وتتعرض لمستويات
أعلى من الح اررة والضغط تدريجيا .وفي نهاية المطاف قد يصل الخث إلى العمق حيث تحوله عمليات
تحول من الدرجة الواطئة جدا إلى الصخور الرسوبية القابلة لالحتراق المعروفة بالفحم .وخالل هذا
التحول ،تخضع المادة النباتية األصلية لتغيرات الفيزيائية والكيميائية تطرد المياه وغيرها من المركبات
المتطايرة ،تاركة وراءها فحم صلب يكون أكثر تركي از بالكربون .ألن هذه العملية هي دالة لدرجة الح اررة
والضغط ،لكي يزداد تركيز الكربون مع مرور الوقت يجب أن يصبح الفحم مدفونة أكثر عمقا .وكما
هو مبين في الشكل أدناه ،يتم ترتيب الفحم على أساس كمية الكربون والمواد المتطايرة التي يحتوي
4
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
عليها .اللجنايت هو أدنى درجة ،مع رتب أعلى تدريجيا تسمى تحت بيتيومين ،بيتيومين ،و أنثراسايت.
يالحظ كيف أن الفحوم األعلى رتبة هي عموما مضغوطة أكثر ،وهو انعكاس لدفنها في أعماق أكبر
ويجري استبعاد المركبات المتطايرة.
بشكل عام ،فإن أكثر فحوم مرغوبة هي البيتومين واألنثراسايت ألن لديها أعلى تركيز للكربون،
وبالتالي تحرر معظم الطاقة .األنثراسايت نادر نسبيا ،ويعتبر فحم متحول بسبب ارتفاع درجة الح اررة
والضغط الذي يتشكل عنده -بعد األنثراسيت ،فإن الفحم سيتحول إلى معدن الغرافيت .وتعزى
االختالفات في الرتبة إلى االختالفات في الظروف الجيولوجية (درجة الح اررة والضغط) التي تشكلت
فيها الفحوم.
تم استخراج معظم الفحم القار في الواليات المتحدة في منطقة اآلباالش باستخدام تقنيات تحت
األرض .في هذه المنطقة ،تم العثور على طبقات فحم منكشفة على طول العديد من وديان مجاري
المياه التي قطعت من خالل تتابع مسطحة نسبيا من الصخور الرسوبية .بدأ التعدين عادة عندما
انكشفت طبقات الفحم على السطح ،وبعدها قام عمال المناجم بتتبع الطبقات أفقيا إلى تحت سطح
األرض .ثم تم استخدام أنفاق عمودية للوصول إلى طبقات الفحم المدفونة عميقا داخل التالل ،وخلق
شبكة من األنفاق االفقية والعمودية .وهنا واجه عمال المناجم تحت األرض مخاطر عالية من تساقط
صخور وانهيار سقوف الكهوف في صخور رسوبية رخوة نسبيا .وتشمل األخطار الشائعة األخرى
االنفجارات والحرائق المتصاحبة مع تراكم غاز الميثان وغبار الفحم .كما يتسبب التعرض الطويل األمد
5
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
لغبار الفحم في حدوث حاالت عالية من سرطان الرئة بين عمال المناجم ،المعروف أكثر باسم مرض
الرئة السوداء .وقد أدت لوائح السالمة الحديثة وتقنيات التعدين اليوم إلى خفض كبير في عدد الوفيات
واإلصابات في مناجم الفحم الجوفية في الواليات المتحدة.
باإلضافة إلى المخاطر التي يواجهها عمال المناجم ،فإن التعدين تحت األرض يخلق مساحات
فارغة تميل إلى االنغالق بسبب الوزن الهائل للعمودي الصخري (ضغط الغطاء الصخري) .أحيانا
تغلق الفراغات ببطء ،وأحيانا أخرى تنهار فجأة .إنخساف االرض غير مرغوب فيه حيث يمكن أن
يضر بخطوط المرافق المدفونة والطرق والمباني ويؤثر سلبا على الجداول والبرك .االنخساف هو
مشكلة خاصة فوق مناجم الفحم الضحلة بسبب طريقة استخراج طبقات الفحم ،وترك سطح المنجم
غير مدعم .على سبيل المثال ،في التقنية المسماة تعدين الجدار الطويل (الشكل أدناه )Aتستخرج آلة
قطع الفحم في شرائط طويلة بينما تدعم الرافعات الهيدروليكية سقف المنجم .ثم ،بينما تتحرك االلة
أبعد إلى طبقة الفحم ،يتم إزالة الرافعات في نهاية المطاف ،ويسمح للسقف بالالنهيار عمدا .وهناك
تقنية أقدم بكثير ،تعرف بتعدين الغرفة والركيزة (الشكل ادناه ،)Bوهي تشمل إزالة طبقة الفحم في نمط
مستطيل ،وخلق فراغات كبيرة (غرف) محاطة بأعمدة (ركائز) من الفحم تدعم السطح .ومن أجل
استخراج أكبر قدر ممكن من الفحم ،يقوم بعض مشغلي المناجم بإزالة ركائز الفحم بشكل منهجي في
عملية تسمى "تراجع التعدين".
معظم الفحم الذي يتم تعدينه في الواليات المتحدة اليوم على السطح باستخدام التعدين الشريطي.
تستخدم الرافعات المزودة بدالء سحب كبيرة لكشف الفحم عن طريق إزالة الطبقات العلوية من الصخور
6
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
غير المرغوب فيها ،وتسمى الغطاء الصخري .يستخدم التعدين الشريطي على نطاق واسع في غرب
الواليات المتحدة حيث أنها اقتصادية للغاية ألن طبقات الفحم قريبة نسبيا من السطح و بسمك قدره
025قدم .حتى وقت قريب ،كان التعدين الشريطي أقل اقتصادا في حقول فحم اباالشيان بسبب غطاء
صخري أكبر وطبقات الفحم أرق .وقد أدى تطوير ال ارفعات الحديثة ودالء السحب االكبر من المعتاد
إلى تغيير اقتصاديات التعدين الشريطي ،مما يجعله الشكل المهيمن لتعدين الفحم في جميع أنحاء
الواليات المتحدة .وقد أدى هذا إلى شكل مثير للجدل جدا من التعدين الشريطي في أباالشيان يدعا
إزالة قمة الجبل ،حيث تتم إ ازلة كميات كبيرة جدا من الغطاء الصخري الستخراج طبقات متعددة من
الفحم .كما هو موضح في الشكل ادناه ،هذه التقنية تسوي المشهد االرضي وتضع مواد النفايات الناتجة
في الوديان المجاورة .وبمجرد إزالة الفحم ،يتم عمل غطاء نباتي جديد وتحسينات أخرى بحيث يمكن
استخدام األراضي المستصلحة بطرق متنوعة ،بما في ذلك تطوير المساكن والحدائق .ومع ذلك ،فإن
العديد من السكان والمجتمعات تعارض بقوة تعدين قمة الجبل .ويستشهدون بالتغييرات العميقة التي
طرأت على المناظر الطبيعية ومجموعة من المشاكل البيئية ،وليس أقلها هو التغير الدائم في مجاري
المياه والنظم اإليكولوجية.
7
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
باإلضافة إلى مسائل التعدين ،فإن استخدام الفحم يعرض عددا من المشاكل البيئية الخطيرة ،وكثير
منها يتصل بحقيقة أن الفحم يحتوي على معادن كبريتيدية فلزية .نظ ار لبيئة األكسجين المنخفضة التي
يتشكل فيها الفحم ،ترتبط الفلزات الثقيلة مع أيون الكبريتيد ( )S2-في مستنقع لتشكيل معادن كبريتيدية.
عندما يخضع الفحم لالحتراق ،كما هو الحال في محطة توليد الطاقة ،تتكسر االواصر المعدنية ،مما
يسمح أليونات الكبريتيد باالتحاد مع األكسجين إلنتاج غاز ثاني أكسيد الكبريت ( .)SO2بعد أن يترك
ثاني أكسيد الكبريت المدخنة ،فإنه يتفاعل مع ماء الغالف الجوي لتشكيل حامض الكبريتيك (،)H2SO4
الذي يسقط فيما بعد كمطر حامضي جنبا إلى جنب مع جزيئات صلبة تحتوي على فلزات ثقيلة.
األمطار الحامضية هي مشكلة ألنها تضر بالنظم اإليكولوجية ولها تأثير تآكلي على الجسور والطرق
السريعة ،وغيرها من الهياكل المكونة من الخرسانة .وفيما يتعلق بالفلزات الثقيلة ،يعتبر الزئبق مصدر
قلق ألنه يمكن أن ينتقل من خالل السلسلة الغذائية إلى البشر ويسبب ضر ار عصبيا .تحدث مشاكل
مماثلة مع تصريف المنجم الحامضي ،إال أن المعادن الكبريتيد تتحلل كيميائيا بفعل مياه األمطار بدال
من االحتراق .هنا تتحرر الفلزات الثقيلة والحامض الى البيئة عندما تتحلل المعادن الكبريتيدية عن
طريق المياه المترشحة من خالل المناجم وأكوام مواد النفايات.
وأخيرا ،يحرر حرق الفحم أيضا ثاني أكسيد الكربون ( ،)CO2وهو غاز دفيئة يؤثر على كمية
الح اررة المحتجزة من قبل الغالف الجوي لألرض .ويتفق معظم علماء المناخ على أن المدخالت
اإلضافية لثاني أكسيد الكربون تؤثر على نظام المناخ في كوكب األرض ،وهي عامل رئيسي في
االتجاه الحالي لالحترار العالمي .وألن االستهالك العالمي للفحم يسبب كميات هائلة من ثاني أكسيد
الكربون في الغالف الجوي ،فإن استخدام الفحم في المستقبل غير مؤكد .ولجعل الفحم أكثر قابلية
لالستمرار كمصدر للطاقة على المدى الطويل ،يجري تطوير تكنولوجيات مصممة الستخالص ثاني
أكسيد الكربون وحقنه في طبقات صخرية نفاذة تحت سطح األرض.
البترول
البترول هو مصطلح عام يستخدمه الجيولوجيون لوصف كل من النفط والغاز الطبيعي .ويتكون
النفط والغاز من أنواع مماثلة من الجزيئات العضوية ،وعادة ما توجد معا تحت السطح تحت ظروف
8
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
جيولوجية مماثلة .وهذا الوقود يشبه الفحم في كونهما يحتويان على الكربون القابل لالحت ارق الذي ينشأ
من المادة العضوية .الفرق الرئيسي هو أن الجزيئات العضوية في النفط والغاز تحتوي على ذرات
هيدروجين أكثر بكثير من تلك الموجودة في الفحم .في الواقع ،غالبا ما يشار إلى النفط والغاز الطبيعي
باسم الهيدروكربونات ألن كتل البناء الجزيئية تتكون أساسا من ذرات الهيدروجين والكربون .وكما هو
مبين في الشكل أدناه ،فإن الغاز الطبيعي هو خليط من غازات الهيدروكربونات المختلفة ،وأخفها غاز
الميثان ( )CH4ألنه يحتوي على اقل عدد من الذرات .عندما يتم استخراج الغاز الطبيعي من تحت
سطح األرض يتم إرساله إلى مصنع التكرير حيث يتم فصل الغازات على أساس كثافاتها المختلفة.
من هذا نحصل على منتجات مألوفة مثل البروبان المستخدم في مشاوي الغاز والبيوتان للوالعات.
يتكون الغاز الطبيعي الذي يتم توصيله إلى منازلنا في الغالب من غاز الميثان .وألن الميثان عديم
الرائحة ،تضيف مصافي التكرير كميات صغيرة من مركب رائحة مميزة لتسهيل اكتشاف التسريبات.
9
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
يشير مصطلح النفط الخام إلى النفط غير المكرر الذي يتكون من خليط من جزيئات الهيدروكربون
الموجودة في الحالة السائلة .يالحظ في الشكل أعاله كيف أن الجزيئات المكونة للنفط الخام تتالف من
سالسل طويلة من الهيدروجين وذرات الكربون .على غرار الغاز الطبيعي ،يتم معالجة النفط الخام في
مصفاة حيث يتم فصل الجزيئات المختلفة إلى منتجات بترولية مختلفة على أساس االختالفات في
الوزن أو الكثافة .البنزين هو من بين األخف وزنا واألكثر تطاي ار من الهيدروكربونات السائلة ،في حين
أن وقود الديزل وزيت المحركات هي تدريجيا أقل تطاي ار وتحتوي على جزيئات هيدروكربونية أثقل.
أصل البترول
تحول المادة العضوية إلى بترول هي عملية معقدة حيث ينشأ النفط والغاز عادة في مكان واحد،
ثم يهاجر ويتراكم في مكان آخر .وعلى الرغم من وجود العديد من الفرضيات التي تم تطويرها على
مر السنين ،إال أن اإلجماع العام اليوم هو أن معظم البترول ينبعث من صخور الطفل البحرية الغنية
بالمادة العضوية ،وغالبا ما يشار إليها باسم صخور مصدر البترول .واألمثلة الحديثة لألماكن التي
يتراكم فيها هذا النوع من الرواسب هي مياه هادئة نسبيا حيث تزدهر العوالق البحرية (نباتات المياه
المفتوحة والحيوانات) في األجزاء المضاءة من عمود الماء .وعندما تموت هذه الكائنات المجهرية،
فإنها تسقط من التعليق وتتراكم على قاع البحر .في المناطق التي تكون فيها مستويات األكسجين
منخفضة ،تتباطأ عملية التحلل إلى النقطة التي تميل فيها إلى الحفاظ على العوالق الميتة .وهذا يؤدي
إلى طبقات من الرواسب الغنية بالمادة العضوية.
ينبغي أن تصبح صخور مصدر البترول مدفونة تحت أكوام أسمك من الرواسب تدريجيا ،يمكن
أن تتسبب الزيادة المناظرة في درجة الح اررة والضغط في تحجر أو تحول العوالق األصلية كيميائيا إلى
مركبات عضوية أبسط .عندما تصل الصخور إلى عمق حوالي 2،033م تدخل ما يسميه الجيولوجيون
نافذة النفط .oil windowهنا درجات الح اررة مرتفعة بما فيه الكفاية لتسبب بدء المركبات العضوية
في التحول إلى النفط والغاز الطبيعي .وكما هو مبين في الشكل أدناه ،سيظل النفط يتشكل إلى عمق
يبلغ حوالي 0،633متر .بعد هذا العمق تأتي نافذة الغاز ،gas windowحيث تؤدي درجات
الح اررة المرتفعة إلى انهيار النفط المتبقي إلى جزيئات بسيطة التي تشكل الغاز الطبيعي .إذا دفنت
صخور المصدر أعمق من 02،233متر ،سيتم تحول جزيئات الغاز إلى معدن الجرافيت .يالحظ
10
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
في الشكل ادناه أن الغاز الحيوي يتشكل في البيئة القريبة من السطح ،ومعظمه ميثان .هذا النوع من
الغاز والذي أحيانا يشار له باسم غاز المستنقع ،يتشكل عندما تتحلل المادة العضوية غير المتحجرة
في بيئات واطئة األوكسيجين (الالهوائية) .الغاز الحيوي هو شائع في األراضي الرطبة ومواقع الطمر.
ولكي تصل صخور مصدر البترول إلى النافذة النفطية (الشكل أعاله) ،يجب أن تكون هناك آلية
جيولوجية تسمح لها أن تدفن بكميات كبيرة من رواسب حديثة .وعلى غرار تشكل الفحم ،تشير الدالئل
الجيولوجية إلى أنه مع تراكم الرواسب ،فإن الوزن اإلضافي يؤدي إلى هبوط قاع البحر .وهذا بدوره
يسمح بزيادة تراكم الرواسب ،ويرسل صخور المصدر إلى أعماق أكبر تدريجيا على مدى فترات طويلة
من الزمن الجيولوجي .ويالحظ أنه نظ ار ألن الفحم والبترول يتشكالن في بيئات ترسيبية مماثلة ،فإنه
ليس من غير المألوف أن يتم العثور على نوعي الوقود األحفوري في نفس الحوض الرسوبي .وعلى
الرغم من أوجه التشابه بينهما ،فإن النفط والغاز يحتويان على مركبات غنية بالهيدروجين أكثر تطاي ار
ألنها مشتقة من العوالق البحرية ،في حين أن الفحم أقل طاقة ألنه مشتق من النباتات البرية.
11
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
الهجرة والتراكم
ألن النفط والغاز ينشأن في بيئات رسوبية ،فإن الجيولوجيين الذين يبحثون عن رواسب النفط والغاز
يركزون على مناطق ذات تتابع رسوبي سميك .وكما هو مبين في الشكل أدناه ،ستتشكل جزيئات
الهيدروكربون في حوض رسوبي بشرط وجود صخر مصدري مناسب كان قد دفن في وقت واحد داخل
نوافذ النفط والغاز .جزيئات الهيدروكربونات أقل كثافة من المياه ،لذلك سوف تهاجر نحو السطح من
خالل مسام الصخور .وستصل جزيئات النفط والغاز المهاجرة في نهاية المطاف إلى طبقة أكثر نفاذية
داخل الحوض الرسوبي ،مثل الحجر الرملي أو الحجر الجيري .تذكر أن هذه الصخور النفاذة تعمل
أيضا كخزنات مائية ألنها تنقل المياه بسهولة .وهذا يعني أنه عندما تدخل الهيدروكربونات طبقة مياه
جوفية يمكن أن تنتقل مع المياه الجوفية المتدفقة .وهنا ترتفع جزيئات الهيدروكربونات األقل كثافة
وتتدفق في أعلى المياه داخل طبقة المياه الجوفية.
12
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
من أجل تكوين راسب اقتصادي في حوض رسوبي ،يجب أن تصبح جزيئات النفط والغاز محاصرة
وتتراكم؛ واال فإنها سوف تتشتت وتستمر في االرتفاع ببطء نحو السطح .على سبيل المثال ،في الشكل
أعاله يمكن للمرء أن يرى أن الطبقات الرسوبية األصلية أصبحت مائلة ومطوية -بسبب القوى
التكتونية .عندما تتحرك المياه الجوفية والبترول على طول طبقة نفاذة ويصادفان الطية ،تصبح
الهيدروكربونات واطئة الكثافة محاصرة ،في حين تستمر المياه بالتدفق .يستخدم علماء الجيولوجيا
مصطلح مصيدة البترول petroleum trapلوصف أي تكوين من الصخور يسمح للهيدروكربونات
بالتراكم ،ومكمن نفطي petroleum reservoirلتلك الصخور النفاذة حيث يتم تخزين النفط
والغاز .اعتمادا على تاريخ الصخر المصدري وموقعه داخل نوافذ النفط والغاز ،قد يحتوي المكمن
النفطي نفط ،غاز ،أو نفط وغاز على حدا سواء .كلما كان كالهما موجودين ،فإن الغاز الطبيعي
سوف يقع فوق النفط ألنه أقل كثافة .في بعض الحاالت ،بسبب الضغط يذوب الغاز داخل النفط نفسه
-على غرار الطريقة التي يذوب بها ثاني أكسيد الكربون في مشروب غازي.
أحد األنواع األكثر شيوعا من المكامن والمصائد النفطية هي تلك التي يتم فيها طي الصخور
الرسوبية في قبة أو ما يدعوه الجيولوجيين بطية محدبة ،مثل المثال في الشكل أعاله .الحظ في
الصورة الجوية كيف أن نمط الصخور المتطبقة على السطح يعكس بوضوح التركيب الشبيه بالقبة
الذي يمتد إلى تحت سطح األرض .ويقدم الشكل ادناه أمثلة على األنواع الشائعة األخرى من المصائد
والمكامن .بعض المصائد (على سبيل المثال ،الشعاب المرجانية و عدم التوافقات) لديها دليل قليل أو
معدوم على السطح ،وبالتالي يصعب تحديد موقعها.
من السمات الهامة لجميع المصائد البترولية وجود غطاء صخري ،cap rockوهي طبقة
صخرية منخفضة النفاذية تعلو المصيدة .إن غطاء صخري مناسب ،والذي يتكون عادة من الطين أو
معادن المتبخرات ،أمر بالغ األهمية ألنه يحد من قدرة النفط والغاز على الهروب من المكمن (الشكل
أدناه) .ومع ذلك ،فإن مصيدة جيدة وغطاء صخري ال يعني بالضرورة وجود كميات اقتصادية من
النفط أو الغاز .على سبيل المثال ،أي واحد من الحاالت التالية سوف يؤدي إلى خزان مليء بالمياه
بدال من الهيدروكربونات:
13
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
وبالتالي ،فإن المصائد التي تحتوي على كميات اقتصادية من البترول نادرة نسبيا من منظور
جيولوجي .ويالحظ أنه بسبب التكنولوجيا الجديدة ،يجري اآلن استخراج الغاز الطبيعي من تتابعات
سميكة من صخور الطفل الغنية بالمادة العضوية ،الموجودة في أحواض رسوبية مختلفة في جميع
أنحاء العالم .حجم ما يسمى بغاز الطفل كبير جدا ،ومن المتوقع أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في
المعروض العالمي من الغاز الطبيعي.
14
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
يتم حفر آبار النفط والغاز خالل الصخور الصلبة باستخدام لقمة حفر من الماس تعلق على
أنبوب فوالذي دوار .يسمح هذا األسلوب للجيولوجيين في تحديد أنواع الصخور التي تواجههم عن
طريق فحص رقائق من الصخور التي تتحرك نحو االعلى إلى السطح أثناء الحفر .وقد استخدمت
هذه التقنية األساسية منذ أكثر من مائة عام لتثبيت أول آبار نفطية ناجحة .من خالل أخذ المعلومات
عن الصخور تحت سطح األرض والجمع بينها وبين الخرائط التي تبين موقع اآلبار الناجحة مقابل
غير المنتجة ،أصبح من الممكن تحديد شكل وحجم المكمن النفطي .سرعان ما كشف هذا النوع من
الخرائط أن النفط يميل إلى التراكم في مصائد قبوية ،والتي يمكن أن يحددها الجيولوجيون بسهولة من
نمط الصخور المميزة الذي تصنعه هذه التراكيب على السطح .وسرعان ما استعملت الطائرات في
تحديد القباب األخرى التي قد تحتوي أيضا على النفط .تقريبا كل المصائد ذات مظهر سطحي واضح
تم تحديدها واختبارها منذ فترة طويلة .وما تبقى هي مصائد مخفية في الغالب ،يقع كثير منها في
عرض البحر على الرفوف القارية وفي المناخات القطبية.
ولمواجهة التحدي الصعب المتمثل في تحديد المصائد الخفية ،طورت شركات النفط مجموعة
متنوعة من التقنيات الجيوفيزيائية إليجاد تراكيب جيولوجية مدفونة عميقا .التقنية األكثر استخداما على
نطاق واسع تستفيد من نفس أنواع الموجات الزلزالية التي تسافر عبر باطن سطح األرض أثناء وقوع
زلزال .وكما هو مبين في الشكل أدناه ،يستخدم التنقيب الزلزالي جهاز تفجيري أو شاحنة ه اززة خاصة
كمصدر للطاقة لتوليد موجات زلزالية .تعاني الموجات االنعكاس واالنكسار عندما تواجه طبقات
صخرية ذات كثافات مختلفة ،ثم تسجل سلسلة من األدوات ،تسمى الجيوفونات ،الموجات التي تعود
إلى السطح (تستخدم السفن نهجا مماثال الستكشاف المناطق البحرية) .من هذه البيانات ،يمكن
للجيوفيزيائيين بناء مقاطع عرضية لطبقات صخرية مختلفة تحت سطح األرض .وبتكرار هذه الطريقة
في شرائط متوازية طويلة ،تستطيع شركات النفط الحصول على مناظر ثالثية األبعاد مفصلة لألحواض
الرسوبية على اليابسة وعلى الرفوف القارية.
15
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
بمجرد قيام شركة نفط بإجراء مسح زلزالي في حوض رسوبي ،ستقوم فرق من الجيولوجيين
والجيوفيزيائيين بتحديد المصائد التي لديها أكبر االحتماالت على احتواء النفط والغاز .على الرغم من
كل التكنولوجيا الزلزالية المتقدمة ،إال أن الطريقة الوحيدة المؤكدة لمعرفة ما إذا كانت هناك مصيدة
محتملة قابلة للتطبيق تجاريا هي بحفر واحد أو أكثر من آبار االستكشاف .تتيح عملية االستكشاف
الفرصة إلجراء اختبارات المسامية والنفاذية على صخور المكمن الفعلية والتحليل الكيميائي ألي
هيدروكربونات موجودة .البيانات من هذه االختبارات تسمح للمهندسين بتقدير كمية النفط المخزن في
المكمن وكم يمكن في نهاية المطاف استخراجه أو استرداده .وفي حالة النفط ،يتراوح معدل االسترداد
بين 5و 03في المائة ،وترتبط أعلى المعدالت بصخور مكمنية أكثر نفاذية ونفوط خام خفيفة نسبيا
منخفضة اللزوجة.
ألن جميع المكامن النفطية تحتوي على كمية محدودة من النفط أو الغاز ،فهي مسألة وقت فقط
قبل أن يصل معدل اإلنتاج إلى الحد األقصى ويبدأ في االنخفاض .في حالة مكامن النفط الكبيرة،
يكون ضغط السوائل داخل صخور المكمن مرتفعا بما فيه الكفاية بحيث يتدفق النفط بحرية على
السطح استنادا إلى المبدأ نفسه الذي تستخدمه آبار المياه االرتوازية .ومع انخفاض ضغط المكمن في
نهاية المطاف ،ترتفع تكاليف اإلنتاج حيث يجب استخدام المضخات الستخراج النفط (المكامن المحتوية
16
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
على غاز طبيعي فقط تمتلك جميعها آبار حرة التدفق) .للحفاظ على ضغط المكمن عاليا ،يقوم
المهندسين في كثير من األحيان بحقن مياه أو غاز غير مستخدم في داخل الصخرة المكمنية .هذه
التقنية أيضا تدفع النفط بطريقة أكثر اتساقا نحو آبار الضخ وتزيد من معدل االسترداد الكلي .وفي
حالة احتواء المكمن على نفط خام ثقيل وعالي اللزوجة ،يمكن زيادة معدالت االسترداد عن طريق
تقليل لزوجة النفط من خالل أنظمة حقن البخار.
على الرغم من أن الحقن وغيرها من التقنيات يمكن أن تحسن معدالت االسترداد ،فإن اإلنتاج
ينخفض في نهاية المطاف إلى النقطة التي تكون فيها تكلفة إزالة النفط من األرض أكبر من قيمتها
السوقية .في مراحله المبكرة ،يكون بئر النفط المنتج عادة مربحا للغاية ألنه ينتج كميات كبيرة من
النفط الخام وكميات أقل من المياه .مع مرور الوقت فإنه سوف تنتج كميات أكبر تدريجيا من المياه
وأقل من النفط ،مما يجعل عملها أقل ربحية .وفي نهاية المطاف لن يكون هناك مبرر لتكاليف تشغيل
البئر ،مما يضطر أصحابه إلى وقف اإلنتاج على الرغم من أن كمية معينة من النفط ال تزال موجودة
في المكمن .وبالتأكيد ،إذا كان سعر السوق للخام يزداد ،قد يكون من المربح مواصلة استخراج النفط
المتبقي لفترة أطول من الزمن ،وبالتالي زيادة معدل االسترداد الكلي.
تكرير النفط
يستخدم تكرير النفط عملية التقطير على غرار طريقة عمل المياه العذبة عن طريق تسخين المياه
المالحة ،ثم جمع بخار الماء والسماح له بالتبريد والتكثف إلى سائل .وعلى عكس الماء ،يحتوي النفط
الخام على أنواع مختلفة من جزيئات الهيدروكربونات ،لكل منها كثافة مختلفة ودرجة ح اررة مقابلة
تتكثف فيها .كما هو مبين في الشكل أدناه ،تبدأ عملية التكرير عندما يتم تسخين النفط الخام إلى
النقطة التي تتبخر فيها معظم جزيئات الهيدروكربون إلى الغازات ،ثم ترتفع إلى برج التقطير .درجات
الح اررة داخل البرج هي أكثر سخونة بالقرب من القاع ،وتصبح ابرد تدريجيا نحو األعلى .وألن جزيئات
الهيدروكربونات األثقل (القير والشحوم والزيوت وغيرها) سوف تتكثف عند درجات ح اررة أعلى ،يتم
إزالتها من األجزاء السفلى من البرج ومن ثم تنقل باألنابيب إلى خزانات مستقلة .متحركة صعودا في
البرج حيث درجات الح اررة أقل ،تجمع الجزيئات األخف وزنا واألكثر تطاي ار وتتكثف إلى سوائل (على
سبيل المثال ،الكيروسين ،وقود الطيران ،والبنزين).
17
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
تذكر أن بعض النفوط الخام تعتبر ثقيلة نسبيا وأكثر لزوجة مقارنة بما يسمى بالنفوط الخام
الخفيفة .والفرق األساسي هو أن النفوط الخام الثقيلة لديها نسبة أعلى من سالسل طويلة لجزيئات
الهيدروكربون ،مما يجعلها أكثر كثافة وأكثر لزوجة .يمكن تكرير المزيد من البنزين من برميل نفط
خام خفيف ألنه يحتوي أكثر على الجزيئات األقصر التي تشكل البنزين .وألن البنزين عليه طلب مرتفع
كوقود للنقل ،فإن النفوط الخام الخفيفة تتحكم بارتفاع سعر السوق مقارنة بالنفوط الثقيلة .ويمكن
للمصافي زيادة كمية البنزين عالي الربحية باستخدام عملية تسمى التكسير ،حيث يتم تكسير سالسل
هيدروكربونية طويلة وثقيلة إلى جزيئات أقصر وأخف وزنا .النفوط الخام األخف هي المرغوبة اكثر
ليس فقط ألنها تنتج المزيد من وقود النقل ،ولكن أيضا ألنها أسهل في األستخراج من المكامن النفطية
ولها معدالت استرداد أعلى .ولذلك ،فإن معظم النفط الخام الذي استخرجته شركات النفط خالل
السنوات المائة الماضية كان خفيفا نسبيا .وقد أدى ذلك إلى أن الجزء األكبر من رواسب العالم غير
المستغلة المتبقية تتألف من نفوط لزجة وثقيلة أكثر ،وهذا بالطبع أكثر صعوبة في استخراجه.
18
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
أخيرا ،من الم ثير لالهتمام أن النفط الخام ال يوفر فقط وقود البنزين والديزل التي تشغل سياراتنا
وشاحناتنا ،كما أنه يوفر ايضا القطران واألسفلت التي تمهد الطرق السريعة .وهناك أيضا عدد ال
يحصى من المنتجات االستهالكية التي تنشأ من النفط المكرر ،وتشكل األساس لما يعرف بصناعة
البتروكيماويات .ولعل المنتجات المعروفة أكثر هي تلك المصنوعة من النايلون وأنواع مختلفة من
البالستيك ،من الهاتف الخليوي الخاص بك ،وزجاجات المياه والمالبس ،وأحذية التنس ،إلى غير ذلك.
واألهم من ذلك هو المبيدات الزراعية واألسمدة القائمة على النيتروجين التي يتم تصنيعها من النفط
والغاز الطبيعي .وباإلضافة إلى المعدات الزراعية التي تعتمد على الديزل ،كانت هذه األسمدة ومبيدات
اآلفات مسؤولة إلى حد كبير عن الزيادات الضخمة في إنتاج األغذية خالل القرن الماضي .وبدون
النفط ،لم يكن من الممكن ببساطة أن يصل سكان األرض إلى مستواه الحالي الذي يزيد على 6مليار
نسمة.
حينما يتم حرق النفط والغاز ،تنطلق مجموعة متنوعة من الملوثات إلى الغالف الجوي ،وكثير
منها خطر على صحة اإلنسان .على الرغم من أن بعض المنتجات الثانوية لالحتراق مثل السخام
يمكن أن ينظر إليها بالعين المجردة ،إال أن معظم غازاتها غير مرئية .وخالل عملية االحتراق هذه،
سترتبط ذرات الهيدروجين والكربون باألكسجين لتكوين الماء ( )H2Oوثاني أكسيد الكربون (.)CO2
ألن االحتراق لن يكمل ، ٪033تنتج هذه العملية أيضا الهيدروكربونات غير المحروقة وغاز أول
أكسيد الكربون .على عكس ثاني أكسيد الكربون ،أول أكسيد الكربون مشابه في الحجم لجزيء األكسجين
( )O2ويمكن أن يؤخذ من خالل الرئتين ويمتص في الدم .غاز أول اوكسيد الكربون سام جدا .وتشمل
فئة أخرى من ملوثات الهواء غازات أكسيد النيتروجين المختلفة التي تتشكل عندما يتم سحب النيتروجين
الجوي ( )N2إلى غرفة االحتراق لمحركات البنزين والديزل.
وباإلضافة إلى تلوث الهواء ،أدى استخدام المجتمع للنفط إلى مجموعة متنوعة من المشاكل
البيئية األخرى ،وال سيما االنسكابات النفطية التي يمكن أن تلحق الضرر بالنظم اإليكولوجية وتلوث
إمدادات المياه .وقد أدى حفر آبار النفط تاريخيا إلى حدوث انسكابات ،خاصة عند مواجهة نطاق
ضغط عالي وفقد المشغلون السيطرة على البئر .عندما يحدث هذا ،سوف يهرب النفط أو الغاز تحت
19
د .محمود فاضل محاضرات في الجيولوجيا البيئية
ضغط شديد في ما يعرف باسم االنفجار .blowoutوكما هو مبين في الشكل أدناه ،فإن االنفجار ال
يؤدي إلى تسرب النفط فحسب ،بل يمكن أن ينتج عنه حريق شديد الخطورة يصعب إخماده.
20