Professional Documents
Culture Documents
الاستثناءات من القواعد الكلیة في الشریعة الإسلامیة
الاستثناءات من القواعد الكلیة في الشریعة الإسلامیة
، اﻟﺣﻣد ہﻠﻟ اﻟذي ﻻ ﯾﺣﻣد ﺳواه ،اﻟﻣﺣﻣود ﻋﻠﻰ ﻛل ﺣﺎل ،وﺑﻛل ﻟﺳﺎن وﻣﻘﺎل ،واﻟﺻﻼة واﻟﺳﻼم ﻋﻠﻰ رﺳول ﷲ
وﺑﻌد
ﺣﯾن دوﻧت أول ﻛﺗﺑﻲ "اﻟﺟواب اﻟﻣﻔﯾد ﻓﻲ ﺣﻛم ﺟﺎھل اﻟﺗوﺣﯾد" ﻛﺎن ﻣوﺿوﻋﮫ ،ﻛﻣﺎ ﯾظﮭر ﻣن ﻋﻧواﻧﮫ ﻓﻲ ﻋﺎرض
اﻟﺟﮭل ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ .واﻟﻌوارض ﺑطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ اﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻣن أﺻول ﻗﺎﺋﻣﺔ ،ﺗﺧرج ﺑﺎﻟﻣﻛﻠف ﻋن أﺻل اﻟﺗﻛﻠﯾف ،إﻣﺎ أدا ًء
وإﻣﺎ وﺟوﺑﺎً ،إﻣﺎ ﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ أو ﻣؤﻗﺗﺔ ﺣﺗﻰ زوال اﻟﻌﺎرض .ﻓﻛﺎن ﻣوﺿوع "اﻟﻌوارض" إذن أﺻﯾل ﻓﻲ ﻓﻛري ﻣﻧذ
اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﯾﺎت.
ﺛم ﺣدث أن ﻛﻧت أﻟﻘﻰ درﺳﺎ ً ﻓﻲ ﺷرﺣﻲ ﻟﻠﻣواﻓﻘﺎت ،ﻣﻧذ أﯾﺎم ﻗﻠﯾﻠﺔ ،وﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ً أن أﺗﻌرض ﻟﻣوﺿوع اﻻﺳﺗﻘراء،
وأﺷﻛﺎﻟﮫ ﻣن ﻛﻠﻲّ وﻧﺎﻗص ،ﻓطرأ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻲ ﻣوﺿو ُع ﻣﺎ ﯾﺧرج ﻋن ﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ ﻟﺳﺑب ﻣن اﻷﺳﺑﺎب ،وھو ﻣﺎ
ﯾدﺧل ﺗﺣت ﺑﺎب اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ.
ﻓﻛﺎن أن ﺗوﺟﮭت ﻟطﻠﺑﺗﻲ وﻗﺗﮭﺎ أن ﯾﻘوﻣوا ﺑﺑﺣث ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ،ﻷھﻣﯾﺗﮫ اﻟﻘﺻوى ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳﺎر اﻟﻔﻘﮭﻲّ
ﻟﻠﻧﺎظر ،ﻣﺗﻰ ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺳواء اﻟﻧﺻﯾﺔ أو اﻻﺳﺗﻘراﺋﯾﺔ ،وﻣﺗﻰ ﯾﻧﺣرف ﻋﻧﮭﺎ ﺑدﻟﯾل إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾراه أﻗرب إﻟﻰ
ﻗﺻد اﻟﺷﺎرع اﻟﺣﻛﯾم.
ﺛم ،ﺻﺢ ﻋزﻣﻲ ﻋﻠﻰ أن أﻗوم ﺑﮭذا اﻟﺑﺣث ﺑﻧﻔﺳﻲ .ﻓﺎﻟﻘﺻد ھﻧﺎ إذن ﻟﯾس أﻛﺎدﯾﻣﯾﺎ ﺑﺣﺗﺎً ،وإﻧﻣﺎ ھو ﻣن ﺑﺎب "ﻋﻠم ﻣﺎ ﺗﺣﺗﮫ
ﻋﻣل" ،ﻛﻣﺎ وﺟﮭﻧﺎ اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك رﺣﻣﮫ ﷲ .وﻗد رأﯾت ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﮭذا اﻟﺑﺣث ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ،ﻟﯾﺳد ﺑﮭﺎ
ﺑﺎب اﻟﺑدﻋﺔ وﯾوﺻد طرﻗﮭﺎ ،ﻣﺎ أﻣﻛن.
1
اﻟﻘﺻد ﻣن اﻟﺑﺣث
اﻟﻘﺻد ﻣن ﺑﺣﺛﻧﺎ ھذا ھو اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺳواء اﻟﻧﺻﯾﺔ أو اﻻﺳﺗﻘراﺋﯾﺔ ،ﻓﻘﮭﺎ ً وأﺻوﻻً ،ﺑﻣﺎ ﯾﺳﺗﺛﻧﻰ
ﻣﻧﮭﺎ ،ﺳواء ﺑطرﯾق اﻟﺗﺧﺻﯾص أو اﻟﺗﻘﯾﯾد أو اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء أو اﻟﻌوارض اﻷھﻠﯾﺔ أو اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ .ذﻟك إﻧﻲ ﻣﺎ ﻗﺻدت إﻟﻰ أن
اﺳﺗﻘﺻﻰ ﻛ ًل أﺷﻛﺎل اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ ،اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ أو اﻷﺻوﻟﯾﺔ .ﺑل ﻗﺻدت إﻟﻰ ٍ
أﻣر ﺧﺎص ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗطﺑﯾق
ﻋﻣﻠﻲّ ﻣﺣدد ،ﯾﮭم اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ وﻗﺗﻧﺎ ھذا ،إﻻ وھو ﻋﻼﻗﺔ ھذه اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب اﻟﺑدﻋﺔ وأﺛرھﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﺑدﻋﻲ
ﺧﺎﺻﺔ .واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء إﻣﺎ أن ﯾﻛون اﺳﻣﺎ ً ﻣﺧﺻوﺻﺎ ً ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻌﻣوم ،ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﺧﺻﯾص ﺑﺎﻟﻣﺗﺻل ،أو أن ﯾﻛون ﻋﺎﻣﺎ ً ﻓﻲ
ﺑﺷﻛل أو ﺑﺂﺧر ،وﺑدﻟﯾل أو ﺑﺂﺧر ،وﻛﻠﮭﺎ اﺳﺗﺛﻧﺎء .ﻓﺎﻟﻘﺻد ﻣن اﻟﺑﺣث إذن ھو
ٍ ﺟزﺋﯾﺎت ﺗﺧرج ﻣن ﺗﺣت ﻛﻠﯾﺎﺗﮭﺎ
ﺑﯾﺎن ﻣﻌﻧﻰ وﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ واﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾن اﻟﻔﻘﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗوى اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ. .1
ﺗﻘدﯾم ﻣﺧﺗﺻر ﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺗدوﯾن اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،ﻣن ﺣﯾث ﺗﻛﻠﻣﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻧﺎ اﻟﻣﺎﺿﻰ ﻋن ﺗطور ﻋﻠم اﻷﺻول وأھم .2
ﻣراﺟﻌﮫ.
ﺑﯾﺎن دﺧول اﻟﺑدﻋﺔ ﻋن طرﯾق إھﻣﺎل اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ اﻷﺻول واﻟﻔروع. .3
وإﻧﻲ ﻗد رأﯾت ﻓﻲ ﻓﺳﺣﺔ اﻟﻌﻣر اﻟﺗﻲ ھﯾﺄھﺎ ﻟﻲ ﷲ ﺑﻔﺿﻠﮫ ﻛﯾف أنّ إھدار اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﺟزﺋﯾﺎت ﯾﮭدم اﻟﻛﻠﯾﺎت .وھو ﻣن
ﺑﺎب إھدار اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ،إذ اﻟﺟزﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺎﻟف اﻟﻘﺎﻋدة ھﻲ اﺳﺗﺛﻧﺎء 1ﻣﻧﮭﺎ .وھﻲ ﻣن ﺑﺎب اﻟﻌدول ﻋن
اﻷﺻل ،اﻟذي ﯾﺟب اﻋﺗﺑﺎره ﻟﯾﺻﺢ اﻟﻧظر وﯾﺗﺣﻘق ﻣﻘﺻود اﻟﺷرع.
وﺳﻧﺳﯾر ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺣث ﻏﯾر ﻗﺎﺻدﯾن اﻻﺳﺗﻘﺻﺎء ﻗدر ﻣﺎ ﻧﻘﺻد اﻟﺗﻣﺛﯾل واﻟﺑﯾﺎن وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺷواھد واﻟدﻻﻻت .وﺳﻧﻧظر
ﻓﯾﻣﺎ ُﯾ َﺟﻠّﻲ اﻟﻔﻛرة وﯾوﺿﺣﮭﺎ ﻓﻼ ﻧزﯾد ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﻌود ﺑﻣزﯾد ﻓﺎﺋدة.
1وﻻ ﻧﻘﺻد ھﻧﺎ ﺑﻠﻔظ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟذي ھو ﻧوع ﻣن اﻟﺗﺧﺻﯾص ﻣن اﻟﻌﻣوم ﻛﻣﺎ ﺳﻧرى ،وﻟﻛن ﺑﻣﻌﻧﺎه اﻟﻌﺎم اﻟذي ھو اﻟﻌدول ﻋن اﻷﺻل.
2
اﻟﻘﺳم اﻷول
• إﻧﺷﺎء اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺗوﺣﯾد ھو أﺻل ھذا اﻟدﯾن وﻣﻌﻘد ﻓﻛره ،ﻋﻘﯾدة وﺷرﯾﻌﺔ .واﻟﻌﻘل اﻟ ُﻣوّ ﺣد ﯾﺗﺟﮫ داﺋﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻣﺎﺛﻼت،
واﺳﺗﺧراج ﻣﺎ ﺗﺗوﺣد ﺑﮫ اﻟﺟزﺋﯾﺎت ﺗﺣت ﻛﻠﯾﺔ واﺣدة ،ﻓﮭو ﻣن أﺻول اﻟﻧظر واﻻﺳﺗدﻻل ،ﺑل وأﺻول اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،ﺑل
وأﺻل اﻟﻌﻘﯾدة اﻟﺗوﺣﯾدﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ.
وﻣن ﺛ ّم ،ﻓﺈن اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﻻﺑد أن ﯾﺗﺟﮫ ﺑﺎﻟﻧﺎظر إﻟﻰ اﻟﻛﻠﯾﺎت ،وھو ﻣﺎ وﻗﻊ ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻋﻠﻲ ﯾد ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺳﻧﺔ
واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ،ﻟﻌﻣق ﻓﮭﻣﮭم ﻟﻠﺗوﺣﯾد وﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ .وھو ﺳﺑب اﻧﺣراف اﻟﻣﺑﺗدﻋﺔ ﻋن اﻟﺗوﺣﯾد ،ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﮫ،
ﻛﻣﺎ ھو ﻣﻌﻠوم ﻋﻧد ﻋﻠﻣﺎء اﻟﻔ َِرق .وﻗد ﺳﺑق أن ﺗﺣدﺛﻧﺎ ﻋن اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﯾﻧﺎﺳب اﻟﻣوﺿﻊ ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻧﺎ "ﺗطور ﻋﻠم
أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ...ﺑﯾن اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ واﻟﺷﺎطﺑﻲ" .2
ﻋﺎم،
وﻗد ﻋرّ ف اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻛﻠﯾﺔ ﺑﺗﻌرﯾﻔﺎت أو ﺑﺣدود ﺣﺳب رؤﯾﺔ ﻛ ّل ﻣﻧﮭم ﻟﺷﻣوﻟﯾﺗﮭﺎ وﺻﻠﺗﮭﺎ ﺑﺟزﺋﯾﺎﺗﮭﺎ .وﺑﺷﻛل ٍ
ھﻲ ُﻣرﻛبٌ إﺿﺎﻓﻲ ﻣن اﻟﻘﺎﻋدة واﻟﻛﻠﯾﺔ ،ﺛم اﻟﻛﻠﯾﺔ إﻣﺎ أن ﺗﻛون ﻛﻠﯾﺔ أﺻوﻟﯾﺔ أو ﻛﻠﯾﺔ ﻓﻘﮭﯾﺔ .واﻟﻘﺎﻋدة ھﻲ اﻷﺻل أو
اﻟﻘﺎﻧون أو اﻟﺿﺎﺑط .3واﻟﻛﻠﯾّﺔ ﺗﻌﻧﻰ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل ﺟزﺋﯾﺎﺗﮭﺎ ،إﻣﺎ ﻛﻠّﮭﺎ أو ﻏﺎﻟﺑﯾﺗﮭﺎ.
واﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻛﻠﯾﺔ ﺗﻧﺷﺄ ﺑطرﯾﻘﯾن ،إﻣﺎ اﻟﻌﻣوم اﻟﻧﺻﻲّ ،اﻟذي ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻠﻔظ ﯾدل ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻐراق ﻣﺎ ﺗﺣﺗﮫ ﻣن ﻣﻔردات .أو
ﺑﺎﻻﺳﺗﻘراء ﺑﻧوﻋﯾﮫ اﻟﺗﺎم واﻟﻧﺎﻗص ،ﻛﻣﺎ ﺷرﺣﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﺣﺛﻧﺎ اﻵﻧف اﻟذﻛر.
واﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ واﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ 4ھو اﻟﻔرق ﺑﯾن ﻣوﺿوﻋﻲّ اﻟﻔﻘﮫ وأﺻول اﻟﻔﻘﮫ .ﻓﻣﺎ َﺗﻘﻌّد ﻣن ﻛﻠﯾﺎت
أﺻوﻟﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑطرق اﻻﺳﺗﻧﺑﺎط واﻻﺳﺗدﻻل ،وﻣﻧﺎﺣﻲ اﻷدﻟﺔ اﻟﺷرﻋﯾﺔ ،ﻓﮭم ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ ،وﻣﺎ ﺗﻌﻠّق ﺑﺄﺣﻛﺎم
اﻟﻔﻘﮫ وﺗرﺗﯾب ﺟزﺋﯾﺎﺗﮫ وﻓروﻋﮫ ﺗﺣت ﻛﻠﯾﺎ ٍ
ت ﺗﺟﻣﻌﮫ ،ﺳواء ﻓﻲ أﺑواب اﻟﻔﻘﮫ ﻋﺎﻣﺔ أو ﻓﻲ ﺑﺎب ﻣﻌﯾن ﻣن أﺑواﺑﮫ ،ﻓﮭو
ﻗﺎﻋدة ﻓﻘﮭﯾﺔ .5ﻓﺎﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺄدﻟﺔ اﻷﺣﻛﺎم واﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم ذاﺗﮭﺎ.
ﻓﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻷﺻوﻟﯾﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم ،ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ،وﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻗواﻋد ﺗرﺗﺑط ﺑدﻻﻻت اﻷﻟﻔﺎظ أو
اﻟﻣﻔﺎھﯾم ،ﻛﻣﻔﮭوم اﻟﻣواﻓﻘﺔ أو اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ،ودﻻﻻت اﻟﻧص واﻻﺷﺎرة واﻟﻌﺑﺎرة واﻻﻗﺗﺿﺎء ،وھﻲ ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﻧطوق
ﺻﯾﺔ ﻣن اﻟﻛﺗﺎب واﻟﺳﻧﺔ واﻹﺟﻣﺎع ،وﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﮭﻣﺎ ﻣﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ،وﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ ﻓﯾﮭﻣﺎ ﻣن
واﻟﻣﻔﮭوم ،وﺗرﺟﻊ إﻟﻰ اﻷدﻟﺔ اﻟﻧ ّ
/http://www.alukah.net/sharia/1048/82855 2
3ﻛﺷﺎف اﺻطﻼﺣﺎت اﻟﻔﻧون ﻟﻠﺗﮭﺎﻧوي ج 2ص 1295ﺣرف اﻟﻘﺎف.
4راﺟﻊ "اﻟﻔروق" ﻟﻠﻘراﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ طﺑﻌﺔ دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﻓﻲ ﺧطﺑﺔ اﻟﻣﺻﻧف ،ص ،5وﺣﺎﺷﯾﺔ اﻟﺷﯾﺦ ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﻠﻲ ﺑن ﺣﺳﯾن اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ص 7
وﺑﻌدھﺎ ،ﻓﻔﯾﮭﺎ ﻓﺎﺋدة ﻛﺑﯾرة ،وراﺟﻊ "اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" ﻟﻠﺷﯾﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧدوي ص ،67و ﻛﺗﺎب "اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﺗوﺟﯾﮫ" د ﻣﺣﻣد ﺑﻛر
اﺳﻣﺎﻋﯾل
ﻣﻌﯾن ﻣن اﻟﻔﻘﮫ ،راﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻛﺗﺎب "اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﺻﺎﻟﺔ
ٍ 5وھو ﻣﺎ ﻋرﻓوه ﺑﺎﻟﺿﺎﺑط اﻟﻔﻘﮭﻲ ،وھو أﺧصّ ﻣن اﻟﻘﺎﻋدة ﻟﺗﻌﻠﻘﮫ ﺑﺑﺎب
واﻟﺗوﺟﯾﮫ" د ﻣﺣﻣد ﺑﻛر اﺳﻣﺎﻋﯾل
3
وإﺟﻣﺎل وﺑﯾﺎن ،وﻏﯾر ذﻟك .وﻗواﻋد ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻻﺟﺗﮭﺎدﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻘﯾﺎس
ٍ ﺻﯾﻎ ﻋﻣو ٍم وﺧﺻوص وإطﻼق وﺗﻘﯾﯾد
واﻻﺳﺗﺻﺣﺎب واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﺳﻠﺔ وﺳ ّد اﻟذرﯾﻌﺔ واﻟﻌرف واﻻﺳﺗﺣﺳﺎن.
ﻛﺛﯾر ﻣن ﺗﻠك اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ ،وأدى اﺧﺗﻼﻓﮭم ذاك إﻟﻰ ﺗطﺑﯾﻘﺎت واﺳﺗﻧﺑﺎطﺎت ﻟﻸﺣﻛﺎم
ٍ وﻗد اﺧﺗﻠف اﻷﺻوﻟﯾون ﻓﻲ
ﺑﻧﯾت ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت ﻓﻲ اﻟﻣذاھب .6وھو أﻣ ٌر ﺳﻧطرﻗﮫ ﺑﻌد ،ﻟﺻﻠﺗﮫ ﺑﻣﺎ اﺳﺗﺛﻧﺎه ﻛ ّل ﻣذھب ﻣن ﻗواﻋده.
واﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ھﻲ ﻛﻠﯾﺎت ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﺗﻲ ُﺗﺳﺗﺧرج ﻣن اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛﻣﮭﺎ اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ .7وﻣن ﺛم،
ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺟد أن ﻋدد اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﻛﺑﯾر ﺟدا ﺑﻠﻎ ﺑﮫ اﻟﺑﻌض أﻛﺛر ﻣن ﺳﺗﻣﺎﺋﺔ ﻗﺎﻋدة .وأھﻣﮭﺎ وأﻋﻼھﺎ رﺗﺑﺔ ﻣﺎ أﺳﻣوه
اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﻛﻠﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺟﻌﻠﮭﺎ اﻟﺑﻌض ﺧﻣﺳﺔ ﻗواﻋد ،واﻟﺑﻌض ﺟﻌﻠﮭﺎ ﺳﺗﺔ ﻗواﻋد ،ھﻲ:
اﻷﻣور ﺑﻣﻘﺎﺻدھﺎ ،اﻟﯾﻘﯾن ﻻ ﯾزول ﺑﺎﻟﺷكّ ،اﻟﻣﺷﻘﺔ ﺗﺟﻠب اﻟﺗﯾﺳﯾر ،اﻟﺿرر ُﯾزال ،إﻋﻣﺎل اﻟﻛﻼم أوﻟﻰ ﻣن إھﻣﺎﻟﮫ ،اﻟﻌﺎدة
ﻣ َُﺣ ﱠﻛﻣﺔ .8
وﻗد أﺿﺎﻓت اﻟﺑﺎﺣﺛﺔ ﺳﻌﺎد أوھﺎب ﻓﻲ دراﺳﺗﮭﺎ ﻋن "اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ" 9ﺣ ّداً إﺿﺎﻓﯾﺎ ﻟﺗﻌرﯾف
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،وھﻲ إﻧﮭﺎ "ﻗﺿﯾﺔ ﻛﻠﯾﺔ ﺷرﻋﯾﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ" ،ﻓوﺻﻔﮭﺎ إﻧﮭﺎ "ﻋﻣﻠﯾﺔ" ﯾﺟﻌﻠﮭﺎ ﺗرﺗﺑط ﺑﺄﻓﻌﺎل اﻟﻣﻛﻠف ،أي
ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم ﻻ ﺑﺎﻷدﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ.
وﯾﻣﻛن اﻟرﺟوع إﻟﻰ ﺗﻠﺧﯾص ﺟﯾد ﻟﻠﻔرق ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ و اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،ﻓﯾﻣﺎ ﻛﺗب اﻟدﻛﺗور ﻣﺣﻣد ﺻدﻗﻲ اﻟﺑورﻧو ،10
ﺣﯾث ذﻛر ﺧﻣﺳﺔ ﻓروق ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ،أﺷرﻧﺎ إﻟﻰ ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻛﺗﺑﻧﺎ أﻋﻼه .إﻻ إﻧﻧﺎ ﻧو ّد ھﻧﺎ أن ﻧﺛﺑت اﺧﺗﻼﻓﻧﺎ ﻣﻌﮫ ﻓﻲ اﻟﻔرق
اﻟﺧﺎﻣس ،واﻟذى ﻗرر ﻓﯾﮫ "أنّ ﻗواﻋد اﻷﺻول إذا اﺗﻔق ﻋﻠﻰ ﻣﺿﻣوﻧﮭﺎ ﻻ ﯾﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣﻧﮭﺎ ﺷﺊ ،ﻓﮭﻲ ﻗواﻋد ﻛﻠﯾﺔ
ﻣطردة" .11وھو ﻣﺎ ﺑﻧﺎه ،ﻓﯾﻣﺎ ﻧرى ،ﻋﻠﻰ رأي أن ﻗواﻋد اﻷﺻول ﻗطﻌﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻗرر ذﻟك اﻟﺷﺎطﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺎت
اﻟﻣواﻓﻘﺎت ،وھو ﻣﺎ ﻧﺧﺎﻟف ﻓﯾﮫ ﻛذﻟك ،ﻛﻣﺎ ﺧﺎﻟف ﻓﯾﮫ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗدﯾﻣﺎ وﺣدﯾﺛﺎً ،وﻣﻧﮭم اﻹﻣﺎم اﻟطﺎھر اﺑن ﻋﺎﺷور.
وﻻ ﻧدرى ھل ﯾﺷﻔﻊ ﻟﮫ ﻟﻔظ "إذا اﺗﻔق ﻋﻠﻰ ﻣﺿﻣوﻧﮭﺎ" ﻓﯾﺷﻔﻊ ﺑﺎﻻﺟﻣﺎع؟ ﻟﻛﻧﮭﺎ ﻟﯾس ﺑﻘطﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ إطﻼﻗﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻧرى.
وﻟﺑﺣث ھذا ﻣوﺿﻊ آﺧر ﯾﻠﯾق ﺑﮫ.
وﻧﻌود إﻟﻰ اﻟﻘﺻد ﻣن ھذا اﻟﺑﺣث ﺧﺎﺻﺔ ،وھو اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ .واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن اﻟﻘواﻋد ﻋﺎﻣﺔ
ﯾﻛون ﺑﺈﺧراج ﺑﻌض ﻣﻔرداﺗﮭﺎ ﻣن ﻋﻣوﻣﮭﺎ أو ﺷﻣوﻟﯾﺗﮭﺎ ،ﻟﺳﺑب ﯾﺗﻘرر ﺣﺳب ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء.
6راﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻓﻲ ھذا اﻟﻣوﺿوع ﻛﺗﺎب د ﻣﺻطﻔﻰ ﺳﻌﯾد اﻟﺟن "أﺛر اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﻼف اﻟﻔﻘﮭﺎء" ،طﺑﻌﺔ ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ
7راﺟﻊ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﻛﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺷرح ﻛﺗﺎب اﻟﺷﯾﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ أﺣﻣد ﻣﺣﻣد اﻟزرﻗﺎ "ﺷرح اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" ﻻﺑﻧﮫ اﻟﺷﯾﺦ ﻣﺻطﻔﻲ اﻟزرﻗﺎ ص 33وﺑﻌدھﺎ ،طﺑﻌﺔ دار
اﻟﻘﻠم
8راﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻛﺗﺎب "اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ إﯾﺿﺎح ﻗواﻋد اﻟﻔﻘﮫ اﻟﻛﻠﯾﺔ" اﻟدﻛﺗور ﻣﺣﻣد ﺻدﻗﻲ اﻟﺑورﻧو ،ص ،26طﺑﻌﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ
9ﺑﺣث " اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وأﺳﺑﺎب اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﮭﺎ" ص ،357ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر .2005
10اﻟﺳﺎﺑق ص .20
11اﻟﺳﺎﺑق ص 21
4
وﻗد ﺳﺑق أن أﺷرﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض ﻣﻘﺎﻻﺗﻧﺎ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﻌّده اﻟﺷﺎطﺑﻲّ ﻓﻲ اﻻﻋﺗﺻﺎم ﻣن أنّ ﻣن طرق اﻟزاﺋﻐﯾن اﻟﻧظر ﻓﻲ
اﻟﻛﻠﯾﺎت دون ﺟزﺋﯾﺎﺗﮭﺎ ،أو اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺟزﺋﯾﺎت دون ﻛﻠﯾﺎﺗﮭﺎ .وﻛﻼھﻣﺎ طرﯾق إﻟﻰ اﻟﺑدﻋﺔ .ﻓﺎﻟوﺻل ﺑﯾن اﻟﻛﻠﯾﺎت
واﻟﺟزﺋﯾﺎت أﻣ ٌر ﺿروري ،ﻣن ﺣﯾث اﺗﺻﺎل اﻟﺳﺑب واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ وﺻﺣﺔ اﻟﺗﻼزم ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ .ﻓﺈن اﻟﺟزﺋﯾﺎت ،إن أﻣﻌﻧﺎ اﻟﻧظر،
ھﻲ ﺳﺑب ﻓﻲ ﻧﺷﺄة اﻟﻛﻠﯾﺎت ،اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﻛن ﻟﮭﺎ وﺟود ﻓﻲ اﻟذھن ، ،ﻗﺑل إدﻣﺎج ﺟزﺋﯾﺎﺗﮭﺎ ﺗﺣﺗﮭﺎ ،ﺑل وﺟودھﺎ ﺑﻌد ﺗﻛوﻧﮭﺎ
ﻓﻲ اﻟذھن ھو وﺟود اﻋﺗﺑﺎريّ .
وﻣن ﺛ ّم ،وﻣن ھذا اﻟﻣﻧطﻠق ،ﻧﺟد أنّ ﻋدم اﻋﺗﺑﺎر اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻣن اﻟﻛﻠﯾﺎت ،ھو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻋدم اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺟزﺋﯾﺎت اﻟﻣﻧﺿوﯾﺔ
ﺑﺷﻛل ﺻﺣﯾﺢ .ﻓﺈدﺧﺎل ﻣﺎ اﺳﺗﺛﻧﻲ ﻣن اﻟﺟزﺋﯾﺎت ﻓﯾﮭﺎ أﻣ ٌر ﯾؤدى إﻟﻰ ﺧﻠل اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻘﺎﻋدة واﻧﺣراف ﺑﮭﺎ
ٍ ﺗﺣت اﻟﻛﻠﯾﺎت
ﻋن ﻣوﺿﻌﮭﺎ.
واﻟﺑدﻋﺔ ،ﻓﻲ أﺳﺎﺳﮭﺎ ،ﺗﻧﺷﺄ ﻣن اﺗﺑﺎع اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﮭﺎت .وﻣن اﻟﻣﻌﻠوم أن اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﮭﺎت ﺻﻧﻔﺎن ،ﺻﻧفٌ ھو ﻣن ﻗﺑﯾل ﻣﺎ ﻻ
ﯾﻌﻠﻣﮫ إﻻ ﷲ ،ﻛﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺻﻔﺎت وأواﺋل اﻟﺳور ،وﻗﺳم ھو ﻣن ﻗﺑﯾل ﻣﺎ ﯾﻌﻠﻣﮫ اﻟﻌﻠﻣﺎء وھو ﻣﺎ اﺷﺗﺑﮫ ﻟﻔظﮫ وﻟم ﯾﺗﺑﯾن ﺣﺗﻰ
ﻣﻧﺳوخ ﺑﻧﺎﺳﺦ .وﻟﺳﻧﺎ ﺑﺻدد اﻟﺣدﯾث ﻋن
ٍ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺑﯾﺎن ،ﺳواء ﻣن ﻋﻣوم ﺑﺗﺧﺻﯾص أو إطﻼق ﺑﺗﻘﯾﯾد أو إﺟﻣﺎل ﺑﺑﯾﺎن أو
اﻟﻣﺣﻛم واﻟﻣﺗﺷﺎﺑﮫ ،ﻟﻛن اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﮫ ﯾﻛن ﻣﺣﻛﻣﺎ ً ﺑﻌد اﻟﺑﯾﺎن ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل ﻓﻲ اﻟﻌﻣوم ھل ﯾﻛون ﻣﺣﻛﻣﺎ
ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺑﻌد اﻟﺗﺧﺻﯾص أم ﻻ .واﻟﺑدﻋﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﺗﺑﺎع اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﮭﺎت ﻗﺑل إﺣﻛﺎﻣﮭﺎ ،أي ﻗﺑل أن ﯾﺧﺻص ﻋﺎﻣﮭﺎ أو ﯾﻘﯾّد
ﻣطﻠﻘﮭﺎ أو ﯾﺑﯾّن ﻣﺟﻣﻠﮭﺎ أو ﯾﻧﺳﺦ ﻣﻧﺳوﺧﮭﺎ .وھذه اﻷرﺑﻌﺔ ھﻲ ﻣن ﺑﺎب اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،ﻧﻘﺻد اﻟﺗﺧﺻﯾص
واﻟﺗﻘﯾﯾد واﻟﻧﺳﺦ واﻟﺑﯾﺎن ،ﺳواء ﺑﺎﻟﻠﻔظ او اﻟدﻻﻟﺔ .ﻓﻣﺛﻼ ،اﻟﺗﺧﺻﯾص ﯾﻛون ﺑﺎﻟﻣﺗﺻل ﻓﮭو ﺗﺧﺻﯾص ،أو اﻟﻣﻧﻔﺻل
ﻓﯾﺳﻣﻰ اﺳﺗﺛﻧﺎء.
واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء إﻣﺎ أن ﯾﻛون اﺳﻣﺎ ً ﻣﺧﺻوﺻﺎ ً ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻌﻣوم ،ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﺧﺻﯾص ﺑﺎﻟﻣﺗﺻل ،وإﻣﺎ ﯾﻛون ھو ﻛل ﻣﺎ ﯾﻌدل
ﺑﺎﻟﺣﻛم ﻋن اﻷﺻل ،ﻟﺳﺑب ﻣن دﻟﯾل ﺷرﻋﻲّ .
وﻗد ﺑﯾّن اﻹﻣﺎم اﻟﻐزاﻟﻲّ ﻣﻌﻧﻰ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﺑﺎﻟﻣﻔﮭوم اﻟﻌﺎم ،ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
"ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء :وﺻﯾﻐﮫ ﻣﻌرﻓﺔ وھﻲ :إﻻ وﻋدا وﺣﺎﺷﺎ وﺳوى وﻣﺎ ﺟرى ﻣﺟراھﺎ .وأم اﻟﺑﺎب ﻻ ،وﺣده أﻧﮫ ﻗول ذو
ﺻﯾﻎ ﻣﺧﺻوﺻﺔ ﻣﺣﺻورة دال ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣذﻛور ﻓﯾﮫ ﻟم ﯾرد ﺑﺎﻟﻘول اﻷول.
ﻓﻔﯾﮫ اﺣﺗراز ﻋن أدﻟﺔ اﻟﺗﺧﺻﯾص ﻷﻧﮭﺎ ﻗد ﻻ ﺗﻛون ﻗوﻻ وﺗﻛون ﻓﻌﻼ وﻗرﯾﻧﺔ ودﻟﯾل ﻋﻘل ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﻗوﻻ ﻓﻼ ﺗﻧﺣﺻر
ﺻﯾﻐﮫ.
واﺣﺗرزﻧﺎ ﺑﻘوﻟﻧﺎ ذو ﺻﯾﻎ ﻣﺣﺻورة ﻋن ﻗوﻟﮫ رأﯾت اﻟﻣؤﻣﻧﯾن وﻟم أر زﯾدا ﻓﺈن اﻟﻌرب ﻻ ﺗﺳﻣﯾﮫ اﺳﺗﺛﻧﺎء وإن أﻓﺎد ﻣﺎ
ﯾﻔﯾده ﻗوﻟﮫ إﻻ زﯾدا.
وﯾﻔﺎرق اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﺗﺧﺻﯾص ﻓﻲ أﻧﮫ )ُ (1ﯾﺷﺗرط اﺗﺻﺎﻟﮫ ،وأﻧﮫ ) (2ﯾﺗطرق إﻟﻰ اﻟظﺎھر واﻟﻧص ﺟﻣﯾﻌﺎ إذ ﯾﺟوز أن
ﯾﻘول ﻋﺷرة إﻻ ﺛﻼﺛﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻘول اﻗﺗﻠوا اﻟﻣﺷرﻛﯾن إﻻ زﯾدا .واﻟﺗﺧﺻﯾص ﻻ ﯾﺗطرق إﻟﻰ اﻟﻧص أﺻﻼ.
5
وﻓﯾﮫ اﺣﺗراز ﻋن اﻟﻧﺳﺦ إذ ھو رﻓﻊ وﻗطﻊ وﻓرق ﺑﯾن اﻟﻧﺳﺦ واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء واﻟﺗﺧﺻﯾص أن ) (1اﻟﻧﺳﺦ رﻓﻊ ﻟﻣﺎ دﺧل ﺗﺣت
اﻟﻠﻔظ (2) ،واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﯾدﺧل ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻼم ﻓﯾﻣﻧﻊ أن ﯾدﺧل ﺗﺣت اﻟﻠﻔظ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾدﺧل ﻟوﻻه (3) ،واﻟﺗﺧﺻﯾص ﯾﺑﯾن ﻛون
12
اﻟﻠﻔظ ﻗﺎﺻرا ﻋن اﻟﺑﻌض ﻓﺎﻟﻧﺳﺦ ﻗطﻊ ورﻓﻊ واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء رﻓﻊ واﻟﺗﺧﺻﯾص ﺑﯾﺎن"
واﻟﺟﻣﻠﺔ واﺿﺣﺔ ﺑﯾّﻧﺔ ﺑذاﺗﮭﺎ ،ﺗظﮭر اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﻣﺷﺗﺑﮭﺎت اﻟﺛﻼث ﺑﺷﻛل ﻛﺎفٍ وافٍ .
وﻗد أﻏﻔل اﻟﻐزاﻟﻲّ اﻟﻣطﻠق وﺗﻘﯾﯾده ﻣن ﺣﯾث أن اﻟﻣطﻠق ﻋﻣوم ﺑدﻟﻲّ ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺗﮫ.
آن وُ ﺟُوھًﺎ"َ .ﻗﺎ َل َﺗ ْﻔ َﻘ َﮫ ُﻛ ﱠل ْاﻟ ِﻔ ْﻘ ِﮫ َﺣ ﱠﺗﻰ َﺗ َرى ﻟ ِْﻠﻘُرْ ِ أَ ْﺧ َر َج اﺑْنُ َﻋ َﺳﺎﻛ ٍِر ﻓِﻲ َﺗﺎ ِرﯾﺧِﮫ دﻣﺷق َﻋنْ أَ ِﺑﻲ اﻟ ﱠدرْ دَا ِءَ ،ﻗﺎ َل" :إِ ﱠﻧ َك ﻟَنْ
َﯾ َرى َﻟ ُﮫ وُ ﺟُوھًﺎ َﻓ َﯾ َﮭﺎبُ ْ ِ
اﻹ ْﻗدَ ا َم َﻋ َﻠ ْﯾ ِﮫ َﻗﺎ َلَ :ﻧ َﻌ ْم ،ھ َُو آن وُ ﺟُوھًﺎ "أَھ َُو أَنْ "ﺣ ﱠﺗﻰ َﺗ َرى ﻟ ِْﻠﻘُرْ ِ
ْت َﻗ ْو َﻟﮫَُ : ت ِﻷَﯾ َ
ﱡوب :أَ َرأَﯾ َ َﺣﻣﱠﺎ ٌدَ :ﻓ ُﻘ ْﻠ ُ
13
َھ َذا".
وﻋزى اﻟﺳﯾوطﻲ ﻓﻲ اﻹﺗﻘﺎن ﻻﺑن ﺳﻌد ﻣن طرﯾق ﻋﻛرﻣﺔ ﻋن اﺑن ﻋﺑﺎس أن ﻋﻠﻲ ﺑن أﺑﻲ طﺎﻟب أرﺳﻠﮫ إﻟﻰ اﻟﺧوارج
ﻓﻘﺎل :اذھب إﻟﯾﮭم ﻓﺧﺎﺻﻣﮭم وﻻ ﺗﺣﺎﺟﮭم ﺑﺎﻟﻘرآن ﻓﺈﻧﮫ ذو وﺟوه وﻟﻛن ﺧﺎﺻﻣﮭم ﺑﺎﻟﺳﻧﺔ" ،وأﺧرج ﻣن وﺟﮫ آﺧر أن اﺑن
ﻋﺑﺎس" :ﻗﺎل ﻟﮫ ﯾﺎ أﻣﯾر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻓﺄﻧﺎ أﻋﻠم ﺑﻛﺗﺎب ﷲ ﻣﻧﮭم ،ﻓﻲ ﺑﯾوﺗﻧﺎ ﻧزل ،ﻗﺎل ﺻدﻗت ،وﻟﻛن اﻟﻘرآن ﺣ ّﻣﺎل ذو
وﺟوه ،ﺗﻘول وﯾﻘوﻟون ،وﻟﻛن ﺧﺎﺻﻣﮭم ﺑﺎﻟﺳﻧن ،ﻓﺈﻧﮭم ﻟن ﯾﺟدوا ﻋﻧﮭﺎ ﻣﺣﯾﺻﺎ ﻓﺧرج إﻟﯾﮭم ﻓﺧﺎﺻﻣﮭم ﺑﺎﻟﺳﻧن ﻓﻠم ﺗﺑق
ﺑﺄﯾدﯾﮭم ﺣﺟﺔ" .14
وﻣن ھذﯾن اﻷﺛرﯾن ﺗرى أنّ أﺻﺣﺎب اﻟﺑدع ھم ﻣن ﻻ ﯾرى ﻟﻸدﻟﺔ وﺟوھﺎ ،ﻧﺻﯾﺔ أو ﻏﯾرھﺎ .ﻛﻣﺎ إﻧﮭﺎ ﺗدل ﻋﻠﻰ
ﻣﺣﺎﺟﺗﮭم ﺑﺎﻟﺟزﺋﯾﺎت اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ إن اﻟﺗﺟﺄوا إﻟﻰ اﻟﻛﻠﯾﺎت .وﻣن ذﻟك ﻣﺎ ﺗﻘوﻟﮫ اﻟﺻوﻓﯾﺔ ﻋن اﺳﺗﺣﺑﺎب اﻟذﻛر اﻟﺑدﻋﻲ
وﻗراءة اﻟﻘرآن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎع ،إذ رﺟﻌوا إﻟﻰ ﻛﻠﯾﺎت ﻋﺎﻣﺔ ﻣن ورود ﻣﺣﺑﺔ ذﻛر ﷲ ،وﻗراءة اﻟﻘرآن .ﻟﻛﻧﮭم أﻋﻣﻠوا
اﻟﺷﻛل اﻟﺧﺎص اﻟذي ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ .ﻛذﻟك ﺗرى اﻟﺣرورﯾﺔ ،ﻗدﯾﻣﺎ وﺣدﯾﺛﺎ ،ﯾرﺟﻌوا إﻟﻰ أدﻟﺔ اﻟوﻻء اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺛم ﯾﻧزﻟوﻧﮭﺎ
ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص دون ﺗﻣﯾﯾز أو اﺳﺗﺛﻧﺎء أو ﺗﺧﺻﯾص .وھو ﺳﺑب ﺗﻛﻔﯾرھم اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﻼ ﻣﻛ ّﻔ ٍر ﯾﻘﯾﻧﻲّ ﻋﻠﯾﮫ إﺟﻣﺎع
ﻣﻌﺗﺑر.
وﻗد أوردﻧﺎ ﻛﺛﯾراً ﻣن أھم اﻟﻛﺗب اﻟﺗﻲ ُدوّ ﻧت ﻓﻲ ﻋﻠم أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق ﺣدﯾﺛﻧﺎ ﻋن ﺗطور اﻟﻌﻠم .وﻧورد ھﻧﺎ أھم ﻣﺎ
ُدوﱢ ن ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﻛﻠﯾﺔ ،وﻣﺎ اﺳﺗﻧﺑط ﻣﻧﮭﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﻋُرف ﺑﻌﻠم اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر .وﻣﺎ ھذا إﻻ ﻟﯾﻛون
6
اﻣﺗداداً ﻟ َﻣﺎ ﻗدﻣﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل ،وﺧدﻣﺔ ﻟﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺣث ﻣن ﺣﯾث إنّ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻗد وﻗﻌت ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺷﻛل
ﻛﺑﯾر.
وﯾﺟب اﻟﺗﻧوﯾﮫ ھﻧﺎ إﻟﻰ إﻧﮫ ﯾﺟب اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن ﻛﺗب اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،وﻛﺗب اﻟﻔروق وﻛﺗب اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر ،ﻓﻛل ﻣﻧﮭﺎ،
وإن ﺗداﺧﻠت ،ﻟﮫ ﻣﺟﺎﻟﮫ اﻟذي ﯾﻧﺣﺻر ﻓﯾﮫ دون ﻏﯾره .ﻓﮭﻧﺎك ﻛﺗب اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﺗﻲ ُﺗﻌﻧﻰ ﺑذﻛر اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﺑرى
وﻏﯾرھﺎ ،ﻣﻊ ذﻛر أﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣن اﻟﻔروع اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،ﻣﺛل اﻟﻘواﻋد ﻻﺑن رﺟب .وھﻧﺎك ﻛﺗب اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر وھﻲ ُﺗﻌﻧﻰ
ﺑﺄﻣرﯾن ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﺗﺧﺻﯾص وﺗﻌﻣﯾم ،ﻓﺎﻷﺷﺑﺎه ﺗﺷﻣل اﻟﻧظﺎﺋر ،ﻟﻛن اﻟﻧظﺎﺋر ﻟﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة ﺗﺷﻣل اﻷﺷﺑﺎه .واﻷﺷﺑﺎه ھﻲ ﺗﻠك
اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﯾﺟﻣﻌﮭﺎ ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻌﻠﺔ اﻟﻘﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻧظﺎﺋر ،ﻓﮭﻲ ﻣﺎ ﻗرب ﻓﻲ ﺣﻛﻣﮫ ﻛﺎﻟﺧطﺄ واﻟﻧﺳﯾﺎن وإن ﻟم
ﯾﺗطﺎﺑﻘﺎ ،وأﻟف ﻓﯾﮫ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻣﺛل اﻟﺳﯾوطﻲ واﺑن ﻧﺟﯾم واﻟﺳﺑﻛﻲ .أﻣّﺎ اﻟﻔروق ﻓﮭﻲ ﻣﺎ ﯾﺷﺗﺑﮫ ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد ﺷﺑﮭﺎ ً ﻻ
ﯾدرك اﻟﻔرق ﻓﯾﮫ إﻻ اﻟﻣﺗﺧﺻص ﻣﺛل اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﺷﮭﺎدة واﻟرواﯾﺔ ،وﻗد أﻟف ﻓﯾﮫ ﻋدد ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻣﺛل اﻟﻘراﻓﻲ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ،
ﻛﻣﺎ أدرج ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟذﯾن أﻟﻔوا ﻓﻲ اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر ﻓروﻗﺎ ً ﻓﻲ ﻛﺗﺑﮭم ﻛﺎﻟﺳﯾوطﻲ ،ﻓﯾﻘول "ﺧﺎﺗﻣﺔ :ﻣن ﻧظﺎﺋر ھذا اﻷﺻل
.15 " ..وﻋﻠﻰ ﻛ ّل ﺣﺎل ﻓﺎﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر 16ھو ﻋﻠم ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ أوﻻً وأﺧﯾراً.
وﻗد درج ﻋدد ﻣن اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛر اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻣن اﻟﻘواﻋد ﻓﻲ ﻛﺗﺑﮭم ﻛﺄﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ،وھم اﻟﻐﺎﻟب ﻛﺎﻟﺳﯾوطﻲ واﺑن ﻧﺟﯾم
واﻟﺳﺑﻛﻲ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻘول اﻟﺳﯾوطﻲ " 17ﻓﺻل :اﺳﺗﺛﻧﻲ ﻣواﺿﻊ " ...وھﻛذا.
وﻗد ﺑدأ ظﮭور ﻋﻠم اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،ﻛﺑﻘﯾﺔ اﻟﻌﻠوم ﻛﺎﻓﺔ ،ﻣﺗدرﺟﺎً ،ﻣن ﻋﺻر اﻟﻧﺑوة ،ﻛﻣﺎ ﯾظﮭر ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن ﺟواﻣﻊ اﻟﻛﻠم
،ﺛم ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ واﻟﺗﺎﺑﻌﯾن ،ﺛم ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﻔﻘﮭﺎء اﻷواﺋل ،ﺛم ﺟﻣﻌت ﻓﯾﮫ ﺟﻣل ﻣﺗﻧﺎﺛرة ﻋن رﺳول ﷲ
ﺗﺧﺗص ﺑﻣوﺿوﻋﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﺧراج ﻷﺑﻲ ﯾوﺳف ،18إﻟﻰ أن ﻗﯾّض ﷲ ﻣن دَ وّ ن ﻓﯾﮫ اﺳﺗﻘﻼﻻ ،ﻋﻠﻲ ﯾد
اﻹﻣﺎم أﺑو اﻟﺣﺳن اﻟﻛرﺧﻲّ ت ،340وھو أﻣر طﺑﯾﻌﻲّ أن ﯾﻛون ﻟﻸﺣﻧﺎف ﺳﯾﺎدة ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب ﻻﻋﺗﻧﺎﺋﮭم ﺑﺎﻟﻔروع ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ
ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﺄﺻﯾل ،وإن ﻟم ﯾﻛن ﻟﮭذا أﺛ ٌر ﻋﻠﻰ ﻋﻠم اﻷﺻول وﺗدوﯾﻧﮫ ﻛﻣﺎ أوﺿﺣﻧﺎ .وﻗد ﻗﺎم ﺑﺷرﺣﮭﺎ اﻹﻣﺎم ﻧﺟم اﻟدﯾن
اﻟﻧﺳﻔﻲ ت 537ھـ.
"أﺻول اﻟﻔﺗﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣذھب اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك" اﻹﻣﺎم أﺑو اﻟﺣﺳن اﻟﺧﺷﻧﻲ ت 361ھـ ،ﻣﺷﻰ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ أﺑواب اﻟﻔﻘﮫ،
وﻗﺎل ﻓﻲ ﺑﯾﺎن ﻗﺻده "وإﻧﻣﺎ ﻗﺻدت إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾطرد أﺻﻠﮫ ،وﻻ ﯾﺗﻧﺎﻗض ﺣﻛﻣﮫ ،وإﻟﻰ ﻣﺎ ﯾؤﻣن اﺿطراﺑﮫ ،وﻻ ﯾﺧﺷﻰ
اﺧﺗﻼﻓﮫ ،وإﻟﻰ ﻛل ﺟﻣل ﻛﺎﻓﯾﺔ ودﻻﻟﺔ ﺻﺎدﻗﺔ ،وإﻟﻰ ﻛ ّل ﻣﻘدﻣﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ ،وإﺷﺎرة ﻣﺑﯾﻧﺔ ،وإﻟﻰ ﻛل ﻗﻠﯾل ﯾدل ﻋﻠﻰ ﻛﺛﯾر،
وﻗرﯾب ﯾدﻧﻰ ﻣن ﺑﻌﯾد" .19
7
"ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻧظر" اﻹﻣﺎم أﺑو زﯾد اﻟدﺑوﺳﻲ اﻟﺣﻧﻔﻲ ت 430ھـ ﻓﻲ .وﻗد ذﻛر اﻟد ّﺑوﺳﻲ إﻧﮫ ﺳﯾﻌﺎﻟﺞ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺧﻼﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ
ﻗﺳﻣﮭﺎ إﻟﻰ ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ أﻗﺳﺎم ،ودوّ ن ﻓﯾﮫ اﻟدﺑوﺳﻲ ﻋدداً ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،وﻣﻧﮭﺎ ﻣﺳﺎﺋل ﺗدﺧل ﺿﻣن اﻟﺿواﺑط اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،أو
اﻷﺣﻛﺎم ذاﺗﮭﺎ .وھو ﻛﺗﺎب ﻋظﯾم اﻟﻘدر ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺧﻼﻓﯾﺎت.
اﻟﻔروق ﻟﻺﻣﺎم أﺑﻲ اﻟﻌﺑﺎس اﻟﻘراﻓﻲّ ت 684ھـ ،وﻗد ذﻛرﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل "ﻛﺗﺎب ﻟﯾس ﻟﮫ ﻣﺛﯾل ﻓﻲ ﺑﺎﺑﮫ ،دوّ ن ﻓﯾﮫ ﻣﺎﺋﺗﯾن وﺳﺑﻌﯾن
وأرﺑﻌﺔ ﻓرق .وﻗد ﻛﺎن ﻣﺟدداً ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب إذ إﻧﮫ ﻗد ارﺗﻔﻊ ﺑﻌﻠم اﻟﺧﻼﻓﯾﺎت اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ، ،20ﻓﯾﻣﺎ ﻧﺣﺳب ،إﻟﻰ رﺗﺑﺔ أﻋﻠﻰ ﻟم
ﯾﻠﺣﻘﮫ ﻓﯾﮭﺎ أﺣد" .21
"اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر" اﻟﺣﺎﻓظ ﺻدر اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﻣر ﺑن ﻣﻛﻲ اﺑن اﻟﻣرﺣّ ل اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ اﻷﺻوﻟﻲ اﻷدﯾب اﻟﻧظﺎر اﻟﻣﺻري
اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﺑن اﻟوﻛﯾل 22ت .716وﻛﺎن ﺳﻣﺣﺎ ﺧﻠوﻗﺎ ﺻﺎﺣب دﻋﺎﺑﺔ وﺗواﺿﻊ .وﻗد ﻧﻌﺎه اﺑن ﺗﯾﻣﯾﺔ ﻋﻧد وﻓﺎﺗﮫ.
"اﻟﻘواﻋد اﻟﻧوراﻧﯾﺔ اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" ﻟﺷﯾﺦ اﻹﺳﻼم اﻹﻣﺎم أﺣﻣد اﺑن ﺗﯾﻣﯾﺔ اﻟﺣراﻧﻲ اﻟدﻣﺷﻘﻲ ت ، 728وھو ﻏﻧﻲ ﻋن اﻟﺗﻌرﯾف.
ﺻل اﻟرأي اﻷوﺳط ﺑﯾن اﻟﻣذاھب ﻓﻲ ﺗﻧﺎول اﻟﻘواﻋد ،ﻓﺄﻓﺎد ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻘواﻋد
وﯾﻣﺗﺎز ﺗﺄﻟﯾﻔﮫ ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻘواﻋد ﺑﺄﻧﮫ أ ّ
واﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﻣذاھب ،واﻟﺗرﺟﯾﺢ ﺑﯾﻧﮭﺎ ،23ﻓﻠﻠﮫ درّ ه.
اﻟﻔروق ﻷﺑﻲ ﻋﺑد ﷲ ﻣﺣﻣد اﺑن ﻣﺣﻣد اﺑن أﺣﻣد اﻟ َﻣﻘري ت ،758وﯾﻼﺣظ أنّ اﻟﻣﻘريّ ﺻرّ ح ﺑﺄﻧﮫ ﺳﯾﻛﺗب ﻛﺗﺎﺑﺎ ﻓﻲ
اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،ﻻ اﻟﻔروق وﻻ اﻷﺷﺑﺎه اﻟﻧظﺎﺋر وﻻ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ،ﻛﻣﺎ ﻗﺳّﻣﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل ،ﺣﯾث ﻗﺎل ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺗﮫ "وﻧﻌﻧﻰ
ﺑﺎﻟﻘﺎﻋدة ھﻲ ﻛ ّل ﻛﻠﻲّ ھو أﺧص ﺑﺎﻷﺻول وﺳﺎﺋر اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وأﻋم ﻣن اﻟﻌﻘود وﺟﻣﻠﺔ اﻟﺿواﺑط اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ
اﻟﺧﺎﺻﺔ" .24ﻓﻘد وﻗف اﻟﻣﻘري رﺣﻣﮫ ﷲ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻋدة اﻷﺻوﻟﯾﺔ واﻟﺿواﺑط اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺄﺻﺎب اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ
وھﻲ ﻋﻧده "اﻷول اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻷﻣﮭﺎت ﻣﺳﺎﺋل اﻟﺧﻼف اﻟﻣﺑﺗذﻟﺔ واﻟﻐرﯾﺑﺔ" .وﻗد أوﺻﻠﮭﺎ إﻟﻰ 1250ﻗﺎﻋدة ،وھو أﻛﺑر ﻋدد
ورد ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻛﺗب اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ.
"إﯾﺿﺎح اﻟﻣﺳﺎﻟك" ﻟﻺﻣﺎم اﻟﻔﻘﯾﮫ أﺣﻣد ﺑن ﯾﺣﻲ ﺑن ﻣﺣﻣد ا َﻟو ْﻧ َﺷرﯾﺳِ ﻲّ 25ت ،914وھو ﻓﻲ ﻗواﻋد اﻟﻣذھب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ،وھو
ﻛﺗﺎب ﻣﺧﺗﺻ ٌر ﻟﻛﻧﮫ ﺻﻌب ﻓﻲ ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻛﺎﺗب ﻣن ﺣﯾث ﻟﺟﺄ إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎر وﺗﻧوﯾﻊ ﻣﺎ اﺟﺗﻣﻌﺎ إﻻ ﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﺻﻌوﺑﺔ واﻟﻌﺳر
ﻓﻲ اﻟﻔﮭم ،ﻟﻛﻧﮫ ﻛﺗﺎب ﻓﯾﮫ ﻓﺎﺋدة ﻛﺑﯾرة ﻟﻠﻣﺗﺧﺻص .26
8
"اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر" ﻟﻺﻣﺎم زﯾن اﻟدﯾن اﺑن إﺑراھﯾم ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﺷﮭﯾر ﺑﺎﺑن ﻧﺟﯾم اﻟﺣﻧﻔﻲ اﻟﻣﺻري 27ت 930ھـ .وﻗد ﺟﻣﻊ
ﻓﯾﮫ ﻋﻠم اﻟﻘواﻋد واﻟﻔروق واﻻﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر وزاد ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻋﻠم اﻷﻟﻐﺎز واﻟﺣﯾل واﻟﺣﻛﺎﯾﺎت واﻟﻣراﺳﻼت.
"اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر" ﻟﻺﻣﺎم ﺗﺎج اﻟدﯾن ﻋﺑد اﻟوھﺎب ﺑن ﻋﻠﻲ ﺑن ﻋﺑد اﻟﻛﺎﻓﻲ اﻟﺳﺑﻛﻲ اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ اﻟﻣﺻري ت ، 771ﻗﺎل
ﯾﺛﻧﻲ ﻋﻠﻰ 28
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑن ﺷﮭﺑﺔ "ﻛﺎن ﻛﺛﯾر اﻟﺣﺞ واﻟﻣﺟﺎورة واﻟﺗﻌﺑد واﻷوراد ،ﻛﺛﯾر اﻟﻣروءة واﻹﺣﺳﺎن ،وﻛﺎن واﻟده
دروﺳﮫ" .29وھذا اﻟﻛﺗﺎب ﻣن أﻓﺿل ﻣﺎ ُدون ﻓﻲ ﺑﺎﺑﮫ ،إذ أﺿﺎف اﻟﯾﮫ ﻣؤﻟﻔﮫ أﺑواﺑﺎ ً ھﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل أﺻوﻟﯾﺔ ﯾﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ
ﻓروع ﻓﻘﮭﯾﺔ ،وﺑﺎب ﻓﻲ اﻟﻌﻣوم واﻟﺧﺻوص ،وأﺑواب ﻓﻲ اﻹﺟﻣﺎع واﻻﺳﺗدﻻل واﻻﺟﺗﮭﺎد وﻣﺳﺎﺋل ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺎت اﻹﺋﻣﺔ ﻓﻲ
اﻟﻘواﻋد ،ﻓﺗرى ﻓﯾﮫ اﻟﻔروق ،ﻛﻣﺎ ﺧﺻص ﺑﺎﺑﺎ ً ﻟﻺﺳﺗﺛﻧﺎء ،30ﻓزاده ﻓﺎﺋدة وإﺣﺎطﺔ.
"اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر" ﻟﻺﻣﺎم ﻋﻣر ﺑن ﻋﻠﻲّ ﺑن أﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد ﷲ اﻟﻣﺻري اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﺑن اﻟﻣﻠﻘن ت
.804وﻗد ﺗﺗﻠﻣذ ﻟﻛﺑﺎر أﺋﻣﺔ ﻋﺻره ﻣﺛل ﺗﻘﻲ اﻟدﯾن اﻟﺳﺑﻛﻲ واﺑن ﺳﯾد اﻟﻧﺎس واﻟﺣﺎﻓظ اﻟﻣزيّ واﻟﻌﻼﺋﻲ وﻏﯾرھم ﻣن
اﻷﻛﺎﺑر ،ﻛﻣﺎ ﺗﺗﻠﻣذ ﻋﻠﯾﮫ أﻛﺎﺑر اﻷﺋﻣﺔ وﻋﻠﻰ رأﺳﮭم ﺣﺎﻓظ اﻟﺣﻔﺎظ اﺑن ﺣﺟر اﻟﻌﺳﻘﻼﻧﻲ .وﻛﺎن ﻣن اﻷﺷﺎﻋرة اﻟذﯾن أوﻏﻠوا
ﻓﻲ اﻟﺗﺄوﯾل ﻛﺄﺳﺗﺎذه اﻟﺳﺑﻛﻲ .وﻣن أھم ﻛﺗﺑﮫ ﺷرح اﻟﺑﺧﺎري اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﻟﺗوﺿﯾﺢ ﺷرح اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﺣﯾﺢ .وﻗد اﺧﺗﻠف ﻋﻠﯾﮫ
اﻟﻧﺎس ﻓﻣﻧﮭم ﻣن وﺻﻔﮫ ﺑﺎﻟﻌﻠم واﻟﻔﻘﮫ ﻛﺎﺑن ﻗﺎﺿﻲ ﺷﮭﺑﺔ وﻣﻧﮭم ﻣن اﺗﮭﻣﮫ ﺑﺎﻟﺳرﻗﺔ واﻟﻧﺳﺦ ﻛﺎﻟﺣﺎﻓظ ﺑن ﺟﺣﱢ ﻲ .وﻟﮫ ﺗﺻﺎﻧﯾف
ﻛﺛﯾرة ﺟداً ﺑﻠﻐت اﻟﺧﻣﺳﻣﺎﺋﺔ ﻛﻣﺎ ذﻛر اﻟزرﻛﻠﻲ ﻓﻲ اﻷﻋﻼم ،35ﻟﻌل ذﻟك ﺳﺑب أﺧذ اﻟﻧﺎس ﻋﻠﯾﮫ ،ﻣن ﻋدم اﺳﺗﺣﺿﺎره اﻟﻌﻠم
ﻋﻧد اﻟﺳؤال .36وﻗد دَ وّ ن ﻛﺗﺎﺑﮫ ﻋﻠﻰ أﺑواب اﻟﻔﻘﮫ ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﮫ ﯾﻛرّ ر اﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ ﻛﺛﯾرة ،وﻗد أﺧذ ﻋن اﻷﺷﺑﺎه
واﻟﻧظﺎﺋر ﻻﺑن اﻟوﻛﯾل ﻛﺛﯾراً ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ ھذا.
9
"اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻓﻲ اﻟﻔرق واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء" اﻹﻣﺎم ﺑدر اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن أﺑﻲ ﺑﻛر ﺑن ﺳﻠﯾﻣﺎن اﻟﺑﻛري اﻟﻣﺻري اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ .وﺗﺎرﯾﺦ
أﻧﮫ ﻋﺎش ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة ﻣن ﻣﻧﺗﺻف 37
وﻓﺎﺗﮫ ﻏﯾر ﻣﻌروف ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد ،وﻟﻛن ﻗ ّدره ﻣﺣﻘق ﻛﺗﺎﺑﮫ ﺳﻌود ﺑن ﻣﺳﻌد ﺑن ﻣﺳﺎﻋد
اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن إﻟﻰ أواﺋل اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ اﻟﮭﺟري .وھو ﺗﻘدﯾر ﺻﺣﯾﺢ ﺑﻧﺎ ًء ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺻرﺗﮫ ﻟﻺﺋﻣﺔ اﻟذﯾن ﺗﺗﻠﻣذ ﻋﻠﯾﮭم ﻛﺎﻷﺳﻧويّ
وﻏﯾره .وﯾﻌد ﻛﺗﺎﺑﮫ ﺛﺎﻧﻲ ﻛﺗﺎب ﺑﻌد ﻛﺗﺎب اﻟﻣﻘريّ ﻓﻲ ﻋدد اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ذﻛرھﺎ ،وھﻲ ﺳﺗﻣﺎﺋﺔ ﻗﺎﻋدة .وﻗد وﺿﻌﮫ اﻟﻣؤﻟف
ﻋﻠﻰ اﻷﺑواب اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
"اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ واﻟﺿواﺑط اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" اﻟﻣﻌروف ﺑﺎﻟﻘواﻋد ،ﻟﻺﻣﺎم اﻟﺣﺎﻓظ ﺟﻣﺎل اﻟدﯾن ﯾوﺳف ﺑن اﻟﺣﺳن ﺑن أﺣﻣد ﺑن ﺣﺳن
ﺑن أﺣﻣد اﺑن ﻋﺑد اﻟﮭﺎدي اﻟﻘرﺷﻲ اﻟدﻣﺷﻘﻲ اﻟﺣﻧﺑﻠﻲ ت .909ﺗﺗﻠﻣذ ﻋﻠﻰ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺋﻣﺔ ﻣﻧﮭم اﻟﺣﺎﻓظ اﺑن ﺣﺟر اﻟﻌﺳﻘﻼﻧﻲ،
وﻟﮫ ﺗﻼﻣذة ﻛﺛر ﻣن اﻟﻛﺑﺎر .ﻗﺎل اﻟﻛﻣﺎل اﻟﻐزيّ "ﻛﺎن ﺟﺑﻼً ﻣن ﺟﺑﺎل اﻟﻌﻠم وﻓرداً ﻣن أﻓراد اﻟﻌﺎﻟم" .38ﻟﻛن ﻛﺎن ﺑﺎﻟﺷﯾﺦ
ﺑﻌض ﺗﺻوفٍ .وﻗد ﻣﯾّز اﺑن ﻋﺑد اﻟﮭﺎدي ﻛﺗﺎﺑﮫ ﻣن ﻋﻧواﻧﮫ ،ﻓﻔرّ ق ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد واﻟﺿواﺑط ،ﻻ ﻛﻣن ﻛﺗب ﻓﺧﻠط ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ.
وﻗد ﺳردھﺎ ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺔ ﻛﺗﺎﺑﮫ ﻓﻛﺎن ذﻟك ﻋوﻧﺎ ﻣﻔﯾدا ﻟﻠﻘﺎرئ ،وﺟﻌﻠﮭﺎ ﻣرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﺑواب اﻟﻔﻘﮫ .39
"اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر" ﻟﻺﻣﺎم ﺟﻼل اﻟدﯾن ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﺑن ﻣﺣﻣد ﺑن اﻟﻔﺧر ﺑن ھﻣﺎم اﻟدﯾن اﻟﺧﺿﯾري اﻟﺳﯾوطﻲ اﻟﻣﺻري
اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ ت .911واﻟﺳﯾوطﻲ ﻋﻠ ٌم ﻣن أﻋﻼم اﻟدﻧﯾﺎ ،وﺻل إﻟﻰ اﻻﺟﺗﮭﺎد اﻟﻣطﻠق ،وﻟﮫ اﻟﺗﺂﻟﯾف اﻟﻛﺛﯾرة ﻓﻲ ﺷﺗﻰ ﻓروع
اﻟﻌﻠم إﻻ اﻟﻣﻧطق اﻟذي ﻛرھﮫ ﻟﻣّﺎ ﺳﻣﻊ أنّ اﺑن اﻟﺻﻼح ﯾﺣرّ ﻣﮫ .40وﻗد ﻧﮭﺞ اﻟﺳﯾوطﻲ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ ﻣﻧﮭﺟﺎ ً ﺳﺑﻘﮫ اﻟﯾﮫ اﻟﺳﺑﻛﻲ
وﻏﯾره ،ﻓﺑدأ ﺑﺎﻟﻘواﻋد اﻟﺧﻣس اﻟﻛﻠﯾﺔ ،ﺛم ﻗواﻋد ﻛﻠﯾﺔ ﯾﺗﺧرج ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺎ ﻻ ﯾﻧﺣﺻر ﻣن اﻟﺻور اﻟﺟزﺋﯾﺔ ،ﻣﺛل اﻻﺟﺗﮭﺎد ﻻ
ﯾﻧﻘض ﺑﺎﻻﺟﺗﮭﺎد ،واذا اﺟﺗﻣﻊ اﻟﺣﻼل واﻟﺣرام ُﻏﻠّب اﻟﺣرام .ﺛم اﻧﺗﻘل إﻟﻰ ﻗواﻋد ﻣﺧﺗﻠف ﻓﯾﮭﺎ وﻻ ﯾُطﻠق اﻟﺗرﺟﯾﺢ ﻻﺧﺗﻼﻓﮫ
ﻓﻲ اﻟﻔروع ،ﺛم ،وھو ﻣﻣﯾز ﻓﯾﮫ ،أﺣﻛﺎم ﯾﻛﺛر دورھﺎ وﯾﻘﺑﺢ ﺑﺎﻟﻔﻘﯾﮫ ﺟﮭﻠﮭﺎ ،41ﺛم ﺳرد اﻟﻘواﻋد وﻓﻲ أﺛﻧﺎﺋﮭﺎ اﻟﺿواﺑط ،ﻋﻠﻰ
أﺑواب ﻗواﻋد اﻟﺑﯾﻊ واﻟﻣﻧﺎﻛﺣﺎت واﻟﻌﺑﺎدات واﻻﻗرار .وھو ﻛﺗﺎب ﻣن أﻧﻔﻊ اﻟﻛﺗب وأﺷﻣﻠﮭﺎ.
وھﻧﺎك ﻋدد ﻣن اﻟﻛﺗب اﻟﺗﻲ ﻟم ﻧﺗﻌرض ﻟﮭﺎ وھﻲ ﻛﺗب ﺟﻠﯾﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،ﻣﺛل اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر ﻻﺑن اﻟوﻛﯾل
وﻋﻠﯾﮫ ﻋوّ ل اﺑن اﻟﻣرﺣّ ل واﺑن اﻟﻣﻠ ّﻘن وﻏﯾرھﻣﺎ ،وﻛﺗﺎب اﻟﻌز ﺑن ﻋﺑد اﻟﺳﻼم "ﻗواﻋد اﻷﺣﻛﺎم" .وﻣﺎ ذﻟك إﻻ ﻟﻌدم اﻹطﺎﻟﺔ.
"ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌدﻟﯾﺔ" 1292ھـ ،وﻗد ﻧدﺑت اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻟﺟﻧﺔ ﺑﺈﺷراف أﺣﻣد ﺟودت ﺑﺎﺷﺎ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﮭذا اﻟﻌﻣل ،وھو
إﺧراج اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧﻠﺻﺔ ﻣن اﻟﻣذھب اﻟﺣﻧﻔﻲّ ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﻗﺎﻧون ﺗﻠﺗزم ﺑﮫ اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ،وأطﻠﻘوا ﻋﻠﯾﮭﺎ
اﻟﻣواد ﺑدﻻ ﻣن اﻟﻘواﻋد .ﺛم ﻗﺎم ﺑﺷرﺣﮭﺎ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﻠﻲ ﺣﯾدر ﺑﺎﺷﺎ وزﯾر اﻟﻌدل وأﻣﯾن اﻟﻔﺗﯾﺎ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﺳم "درر
" 37اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻓﻲ اﻟﻔرق واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء" ﻟﻠﺑﻛري ،ﺗﺣﻘﯾق ﺳﻌود ﺑن ﻣﺳﻌد ﺑن ﻣﺳﺎﻋد ،رﺳﺎﻟﺔ دﻛﺗوراه ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﻘرى ،ﻋﺎم .1404وأﺣﺳب أنّ ﻣﻘدﻣﺔ
اﻟﻣﺣﻘق ﻣن أﻓﺿل اﻟﻣراﺟﻊ ﻟﻣن أراد اﻟﺗﻌرف اﻟﺳﮭل اﻟواﻓﻲ اﻟﻣرﺗب ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻘواﻋد واﻟﻔروق واﻻﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﻓﻠﯾرﺟﻊ اﻟﯾﮫ ﻣن ﺷﺎء.
38ﺗرﺟﻣﺗﮫ ﻓﻲ "اﻟﻧﻌت اﻷﻛﻣل ﻷﺻﺣﺎب اﻹﻣﺎم أﺣﻣد اﺑن ﺣﻧﺑل" ﻛﻣﺎل اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻐزيّ ،طﺑﻌﺔ دار اﻟﻔﻛر.
39راﺟﻊ "اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ واﻟﺿواﺑط اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" اﺑن ﻋﺑد اﻟﮭﺎدي ،ﺗﺣﻘﯾق وﺗﻌﻠﯾق ﺟﺎﺳم اﻟدوﺳريّ ،طﺑﻌﺔ دار اﻟﺑﺷﺎﺋر.
40أﻓﺿل ﺗرﺟﻣﺔ ﻟﮫ ﻣﺎ دوﻧﮫ ﻋن ﻧﻔﺳﮫ ﻓﻲ "ﺣﺳن اﻟﻣﺣﺎﺿرة" ج 1ص 335وﺑﻌدھﺎ ،رﻗم ،77وﺗرﺟم ﻟﮫ اﻟﺳﺧﺎوي وﻏﯾره.
41اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر ﻟﻠﺳﯾوطﻲ طﺑﻌﺔ دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ص 187وﺑﻌدھﺎ
10
اﻟﺣﻛﺎم ﺷرح ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣﻛﺎم" ،وﺗرﺟﻣﮭﺎ ﻟﻠﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ﻓﮭﻣﻲ اﻟﺣﺳﯾﻧﻲ .42وﻗد أﺣﺳن اﻟﺷﺎرح ،رﺣﻣﮫ ﷲ ،ﻓﻲ ﺗﻣﮭﯾده
ﺑﻣﻘدﻣﺔ ﺷﺎﻓﯾﺔ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻋن ﻋﻠم اﻟﻔﻘﮫ وﻗواﻋده .43
ﻛﺗب اﻟﻣﺣدﺛﯾن :وﻗد دوّ ن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺣدﺛﯾن ﻛﺗﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،ﻣﻧﮭﺎ ﺗﺄﺻﯾﻼً ،وﻣﻧﮭﺎ اﻟرﺳﺎﺋل اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ
أﺿﺎﻓت اﻟﻛﺛﯾر إﻟﻰ اﻟﺛروة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل .ﻣن اﻟﺗﻛﻠف ﺳرد ﻋدد ﻣﻧﮭﺎ ،ﻓﻛﻠﮭﺎ ،وﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ ﻛﺗﺎب اﻟﻌﻼﻣﺔ أﺣﻣد
ﻣﺣﻣد اﻟزرﻗﺎ ،وﺷرﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﯾد اﺑﻧﮫ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟزرﻗﺎ ،ﻛﺗﺑﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻔﯾد اﻟﻘﺎرئ وﯾﺿﯾف إﻟﻰ ذﺧﯾرﺗﮫ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻘواﻋد.وﻗد
ﺣوى ﺑﺣﺛﻧﺎ ھذا اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣراﺟﻊ اﻟﺗﻲ وﺿﻌﮭﺎ اﻟﻣﺣدﺛون ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب ،وﻛﻠﮭﺎ ﻻ ﻏﻧﺎء ﻋﻧﮭﺎ ﻟﻠﺑﺎﺣث اﻟﻣﺗﺧﺻص،
ﺟزى ﷲ ﻛﺗﺎﺑﮭﺎ ﺧﯾراً.
" 42درر اﻟﺣﻛﺎم ﺷرح ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣﻛﺎم" ﻋﻠﻰ ﺣﯾدر ﺑﺎﺷﺎ ،طﺑﻌﺔ دار ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب ﻋﺎم .2003
43اﻟﺳﺎﺑق ص 15
11
اﻟﻘﺳم اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣﻘدﻣﺔ:
ﺳﻧﺗﻧﺎول ﻓﻲ ھذا اﻟﻘﺳم ﻣوﺿوع اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ واﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،ﺑﺳرد أﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﻲ ﻣوﺿوع
اﻟﻌﻣوم واﻟﺧﺻوص واﻟﺗﺧﺻﯾص ،وﻋوارض اﻷھﻠﯾﺔ ،واﻟرﺧص ﻣن اﻟﻌزاﺋم ،ﺛم ﻧﺗﺣدث ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء
ﺑﺎﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ،وﻧﻧﮭﻲ اﻟﺑﺣث ﺑﺣﻛﻣﺔ اﻟﺷﺎرع ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات وﺧطورة اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻌﻣوﻣﻲّ اﻟﺷﻣوﻟﻲّ .
وﻧذﻛر ھﻧﺎ أن اﻟﻘﺻد ﻣن اﻟﺑﺣث ﻟﯾس أﺻوﻟﯾﺎ ً أو ﻓﻘﮭﯾﺎ ً ﺑﺎﻷﺳﺎس ،ﻟﻛﻧﮫ ﯾﻛﺷف أھﻣﯾﺔ ﻓﮭم اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ أﺣﻛﺎم اﻟﺷرع،
ورﺑطﮭﺎ ﺑﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻌﻘﯾدة وإﺣداث اﻟﺑدﻋﺔ .وﻛﻣﺎ ﺳﻧرى ،ﻓﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗطﺑق ﻋﻠﻰ ﻋﻣوﻣﮭﺎ ،دون اﻋﺗﺑﺎر
ﻛﺎﻓﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ،وإﻻ أﻧﺗﺟت دﯾﻧﺎ ﻟﯾس ھو دﯾن ﷲ ،وﻻﻧﺗﺷرت اﻟﻔوﺿﻰ اﻟﺷرﻋﯾﺔ.
ﻛﻣﺎ ﯾﺟب أن ﻧذﻛر أﻧﮫ ﻻ ﻓﺻل ﺑﯾن ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﻌﻘﯾدة وأﺻول اﻟﺗوﺣﯾد ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﮭﺎ ،وﺑﯾن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻧﺗﺷرة
ﻓﻲ أﺑواب اﻟﻔﻘﮫ .ﻓﺄﺣﻛﺎم اﻟردة وطرﯾﻘﺔ اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ أھل اﻷدﯾﺎن اﻷﺧري ،اﻟﻛﺗﺎﺑﯾﯾن وﻏﯾرھم ،ﺗﺟدھﺎ أﺑواب ﻓﻘﮭﯾّﺔ ،ﺛم
ﺗﺟدھﺎ ﻣرﻣوز ﻟﮭﺎ ﻓﻲ أﺑﺣﺎث اﻟﻌﻘﯾدة ﺑﺎﻟوﻻء واﻟﺑراء .ﻓﺈذا ﺑﺎﻟﻘﺎﺻر ﻓﻲ اﻟﻌﻠم اﻟﺷرﻋﻲ ﯾﺣﺳب إﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻔﻘﮫ اﻷﺣﻛﺎم،
وﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺑﺷﺗﻰ أﻧواﻋﮫ ،ﻓﺗﻛون اﻟﺑدﻋﺔ ،ﻛﻣﺎ رأﯾﻧﺎ ﻓﻲ ﻓرق اﻟﺗﺻوف واﻟﺣرورﯾﺔ ،اﻟﻠذﯾن ھﻣﺎ ﻋﻠﻰ طرﻓﻲّ
اﻟﻧﻘﯾض ﻓﻲ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ وإن اﺟﺗﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﻷﺳﻠوب.
ﻓﺻل :وﻟﻌﻠﻧﺎ ھﻧﺎ ﻧرﺳﻲ ﻗﺎﻋدة ﻛﻠﯾﺔ ﻧﺣﺳب إﻧﮭﺎ ﻗطﻌﯾﺔ ،ﺗﺧﺗص ﺑﺎﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﺗﺷﻣل اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ ﺑﺷﻛل
ﻏﺎﻟب ،وھﻲ إﻧﮫ ﻣﺎ ﻣن ﻗﺎﻋدة إﻻ وﻟﮭﺎ اﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ .وھذا اﻟﺗﻘرﯾر ﻗد ﺛﺑت ﺑﺎﻻﺳﺗﻘراء اﻟﺗﺎم ،وﻣﻧﮫ ﻗول اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ
"ﻣﺎ ﻣن ﻋﻠم إﻻ وﺧﺻص" ،ﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧرى أ ّﻧﮫ ﺧﻼف ﻣﺎ اﺧﺗص ﺑﺄﺳﻣﺎء ﷲ وﺻﻔﺎﺗﮫ ،ﻓﻛل ﻗﺎﻋدة ﺟﺎء ﻓﯾﮭﺎ اﺳﺗﺛﻧﺎءات ،ﺗﻘل
وﺗﻛﺛر ﺣﺳب ﺗﻣﺎم اﺳﺗﻘراﺋﮭﺎ .واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ أدﻟﺔ اﻷﺣﻛﺎم ،أﻗل ﻛﺛﯾراً ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ.
وﻣﺎ ذﻟك إﻻ ﺗﻧﺎﺳﺑﺎ ً ﻋددﯾﺎ ﻣن ﺟﮭﺔ ،ﺛم إن ﻗواﻋد اﻟﻔﻘﮫ اﻟﻛﻠﯾﺔ ھﻲ ﻗواﻋد أﻏﻠﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻣوﻣﮭﺎ ،واﻟﻣﺳﺗﺛﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ ﻗد ﯾﻔوق ﻓﻲ
ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﺗﺣﺗﮭﺎ .ﻛﻣﺎ إﻧﮭﺎ ﺗﺗﻐﯾر ﺑﺎﻟﻣذھب اﻟﻔﻘﮭﻲ ﺧﻼف اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗ ّل ﻓﯾﮭﺎ اﻻﺧﺗﻼف اﻟﻣذھﺑﻲ ،إﻻ ﻓﻲ
ﻋدم اﻷﺧذ ﺑﺑﻌض اﻷدﻟﺔ رأﺳﺎ ً ﻛﺎﻟﻘﯾﺎس ﻋﻧد اﻟظﺎھرﯾﺔ ،واﻻﺳﺗﺣﺳﺎن واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﺳﻠﺔ ﻋﻧد اﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ ،و ُﻋرف أھل
اﻟﻣدﯾﻧﺔ ﻋﻧد اﻟﻛ ّل إﻻ ﻣﺎﻟﻛﺎً.
12
اﻟﺑﺎب اﻷول
اﻟﻌﻣوم واﻟﺧﺻوص:
ﺗﻌرﯾف 44اﻟﻌﺎم" :ھو اﻟﻠﻔظ اﻟدال ﻋﻠﻰ ﻛﺛﯾرﯾن اﻟﻣُﺳﺗﻐرق ﻓﻲ دﻻﻟﺗﮫ ﻟﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ َﯾﺻﻠﺢ ﻟﮫ ﺑﺣﺳب وﺿﻊ واﺣد" .45
ﻣﻌﻧﻰ ﻛﺛﯾرﯾن :أي ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺄﻛﺛر وھو أﻗل اﻟﺟﻣﻊ 46 ,وﻋﻠﯾﮫ ﺟﻣﮭور اﻷﺻوﻟﯾﯾن واﻟﻧﺣوﯾﯾن.
ﻣﻌﻧﻰ ﺑﺣﺳب وﺿﻊ واﺣد :وذﻟك ﻹﺧراج اﻟﻠﻔظ اﻟﻣُﺷﺗرك ﻣن ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﻣوم ﻓﺈن ﻛﻠﻣﺔ ﻋﯾن ﻣﺛﻼً ُﺗطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻌﯾن
اﻟﺟﺎرﯾﺔ أو اﻟﻌﯾن اﻟﺑﺎﺻرة أو اﻟذات ،ﻓﻼ َﯾﺻﺢ أن ﯾﺷﻣل ﻟﻔظ ﻋﻣوم اﻟﻌﯾن إﻻ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌﻣﺎل واﺣد ﻟﮭﺎ.
ﷲ{اﻟﻣﺎﺋدة اﻟﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌرّ ف ﺑﺄل :ﻛﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :واﻟﺳﺎرق واﻟﺳﺎرﻗﺔ ﻓﺎﻗطﻌوا أﯾدﯾﮭﻣﺎ ﺟزاء ﺑﻣﺎ ﻛﺳﺑﺎ ﻧﻛﺎﻻً ﻣن -1
.38
اﻟﻧﺳﺎء .11 اﻟﺟﻣﻊ اﻟﻣُﻌرف ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ :ﻛﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :ﻟﻠذﻛر ﻣﺛل ﺣظ اﻷﻧﺛﯾﯾن{ -2
اﻟﺑﻘرة 185 أﻟﻔﺎظ اﻟﺷرط :ﻛﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :ﻓﻣن ﺷﮭد ﻣﻧﻛم اﻟﺷﮭر ﻓﻠﯾﺻﻣﮫ{ -3
اﻷﺳﻣﺎء اﻟﻣوﺻوﻟﺔ :ﻛﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :واﻟذﯾن ﯾﺗوﻓون ﻣﻧﻛم وﯾذرون أزواﺟً ﺎ ﯾﺗرﺑﺻن ﺑﺄﻧﻔﺳﮭن أرﺑﻌﺔ أﺷﮭر -4
اﻟﺣﺟرات .6 اﻟﻧﻛرة ﻓﻲ ﺳﯾﺎق اﻟﺷرط :ﻛﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :إن ﺟﺎءﻛم ﻓﺎﺳق ﺑﻧﺑﺄ ﻓﺗﺑﯾﻧوا{ -6
) :ﻛل اﻟﻣﺳﻠم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠم ﻣﺎ ﺳﺑق ﺑﻠﻔظ ﻛل :ﻛﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :ﻛل اﻣرئ ﺑﻣﺎ ﻛﺳب رھﯾن{ اﻟطور ،21وﻗوﻟﮫ -7
واﻟﺟﻣﮭور ﻋﻠﻰ أن ﻟﻠﻌﻣوم ﺻﯾﻎ ﻣُﻌﺗﺑرة ،وأﻧك ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌﺑر ﻋن ﻣﻌﻧﻰ ﻋﺎم ﺑﻠﻔظ ﻣﻌﯾن ،وﺧﺎﻟف اﻟﻣُرﺟﺋﺔ وأﻛﺛر
اﻷﺷﺎﻋرة ،ﻓﻠم ﯾﺟﻌﻠوا ﻟﻠﻌﻣوم ﺻﯾﻎ إﻻ ﺑﺎﻟﻘراﺋن واﻟﺣُﺟﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﯾﮭم ً
ﻟﻐﺔ وﺷرﻋً ﺎ.
44راﺟﻊ ﻛﺗﺎﺑﻧﺎ "ﻣﻔﺗﺎح اﻟدﺧول إﻟﻰ ﻋﻠم اﻷﺻول" ص ،26دار رﯾم ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ
45راﺟﻊ اﻟﻣﺣﺻول ﻟﻠرازي ج 2ص ،309ﺗﺣﻘﯾق طﮫ ﺟﺎﺑر اﻟﻌﻠواﻧﻲ طﺑﻌﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ ،وذﻛره أﺑو زھرة واﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ وزاد اﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ ﻓﯾﮫ "دﻓﻌﺔ" إرﺷﺎد
اﻟﻔﺣول ص ،113وﺣﻛﻰ ﺣدود ﻛﺛﯾرة أﺧرى ﻟﻠﻌﻣوم واﺧﺗﺎر اﻟﺟﻣﮭور ھذا اﻟﺣد ﻟﺟﻣﻌﮫ وﻣﻧﻌﮫ.
46ﻷﻗل اﻟﺟﻣﻊ ﻣذاھب ذﻛرھﺎ اﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ إرﺷﺎد اﻟﻔﺣول واﺑن ﺣزم ﻓﻲ اﻹﺣﻛﺎم ]ﻣﻧﮭﺎ أن أﻗل اﻟﺟﻣﻊ واﺣد ،وأن أﻗل اﻟﺟﻣﯾﻊ اﺛﻧﯾن .ﺑﮫ ﻗﺎل ﺟﻣﮭور
اﻟظﺎھرﯾﺔ ,وروى ﻋﻣر وزﯾد وروى ﻋن ﺑﻌض أﺻﺣﺎب ﻣﺎﻟك ﻋﻧﮫ ،واﻷﺷﻌري وﺑن اﻟﻌرﺑﻲ وﻏﯾرھم[ راﺟﻊ ﺑن ﺣزم اﻹﺣﻛﺎم ج 4ص ،391إرﺷﺎد
اﻟﻔﺣول ص 123وﺑﻌدھﺎ .وﻗوﻟﻧﺎ رويّ ﻋن اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ وﻣﺎﻟك .اﻟﺟﻣﮭور ﻛﻣﺎ ﻗﺎل اﺑن اﻟدھﺎن ﻋن اﻟﻧﺣﺎه واﺑن ﺑرھﺎن ﻋن اﻷﺻوﻟﯾﯾن.
47ذﻛر اﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ ﺻﯾﻎ اﻟﻌﻣوم اﻟﻣُﻌﺗﺑرة ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ واﻟﺳﺎدﺳﺔ ﺑﺎب اﻟﻌﻣوم واﺳﺗدل ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﻧﮭﺎ وھﻲ ﻛﺛﯾر ص 116ﻛﻣﺎ ذﻛر اﻟﺧﻼف ﻓﯾﮭﺎ
اﺑن ﺗﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳوﱠ دة ص 104وﺑﻌدھﺎ.
13
وإﻗراره ﻟﻌﻣرو ﺑن اﻟﻌﺎص ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﺗﯾﻣم} :وﻻ ﺗﻘﺗﻠوا أﻧﻔﺳﻛم{. ﻛﻘوﻟﮫ
• ﻋﺎم ﯾُراد ﺑﮫ اﻟﻌﻣوم :ﻛﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :وﻣﺎ ﻣن داﺑﺔ ﻓﻲ اﻷرض {..اﻷﻧﻌﺎم } ،38وﺟﻌﻠﻧﺎ ﻣن اﻟﻣﺎء ﻛل ﺷﻲء ﺣﻲ{
اﻷﻧﺑﯾﺎء .30ﺗﺻﺣﺑﮫ ﻋﻧد اﻟﻧطق ﺑﮫ.
• ﻋﺎم ﯾُراد ﺑﮫ اﻟﺧﺻوص } :وہﻠﻟ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس ﺣﺞ اﻟﺑﯾت{ آل ﻋﻣران 79ﻣﺧﺻوص ﺑﺎﻟﻣﺳﻠم اﻟﻌﺎﻗل اﻟﺑﺎﻟﻎ .وھذا ﯾﺑﻘﻲ
ﻋﻠﻲ ﻋﻣوﻣﮫ.
• ﻋﺎم ﻣﺧﺻوص ﻟم ﺗرد ﻗرﯾﻧﺔ ﺗدل ﻋﻠﻰ ﺗﺧﺻﯾﺻﮫ ،وﻟم ﺗرد ﻗرﯾﻧﺔ ﺗدل ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺋﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم .ﺗﺄﺗﻲ ﻗرﯾﻧﺔ
اﻟﺗﺧﺻﯾص ﻛﻐﺎﻟب ﺻﯾﻎ اﻟﻌﻣوم.
وﻣن اﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻻﺷﺎرة أﻧﮫ ﯾﻛﻔﻲ ﻟﺧدﻣﺔ ﻏرﺿﻧﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺣث ،أن ﻧﺧﺻص اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﯾل دون اﻟﻣطﻠق ،ﻣﻌﺗﻣدﯾن ﻋﻠﻰ
أﻧﮭﻣﺎ ﯾﻠﺗﻘﯾﺎن ﻓﻲ ﺻﻔﺔ اﻟﻌﻣوم ،ﻣﻊ ﺷﻣول أﺣدھﻣﺎ ،وﺑدﻟﯾﺔ اﻵﺧر ،أو ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺑر اﻷﺻوﻟﯾون أن "ﻋﻣوم اﻟﻌﺎم ﺷﻣوﻟﻲّ
وﻋﻣوم اﻟﻣطﻠق ﺑدﻟﻲّ ".
وﻗد أﺷرﻧﺎ أﻋﻼه إﻟﻰ ﻗﺎﻋدة اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ ،واﺿطرادھﺎ ،وھو ﻣﺎ ﯾﻌﯾن ﻓﻲ ھذا اﻟﻣوﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﯾﺎن أھﻣﯾﺔ
أن ﯾﺑﺣث اﻟﻔﻘﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺧﺻﺻﺎت اﻟذي ﺳﻧذﻛرھﺎ ﺑﻌد .وﻟﯾس ھذا ﻟﻌدم أﺧذﻧﺎ ﺑﻣذھب أن اﻟﻌﺎم ﯾُﻌﻣل ﺑﮫ ﺣﺗﻰ ﯾرد ﻣﺎ
ﯾﺧﺻﺻﮫ ،وﻟﻛﻧﮫ ﯾﺣﻣل اﻟﻔﻘﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣث ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﺧﺻص ،ﻟﻣﻌرﻓﺔ أن ھﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﺧﺻﺻﮫ ،ﻓﺈن ﻋﺟز ﻋن ﻣﻌرﻓﺗﮫ
ﻟﺟﺄ إﻟﻰ أﻗراﻧﮫ ﻟﺗﺣدﯾد ﻣﺧﺻﺻﺎﺗﮫ ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾوﻗﻊ ﺣﻛﻣﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻏﯾر أﻓراده.
واﻟﻌﻣوم ﻟﮫ طرﯾﻘﺎن ،ذﻛرھﻣﺎ اﻟﺷﺎطﺑﻲّ ﻓﻲ اﻟﻣواﻓﻘﺎت ،ﻗﺎل "اﻟﻌﻣوم إذا ﺛﺑت ﻓﻼ ﯾﻠزم أن ﯾﺛﺑت ﻣن ﺟﮭﺔ ﺻﯾﻎ اﻟﻌﻣوم
ﻓﻘط ﺑل ﻟﮫ طرﯾﻘﺎن :أﺣدھﻣﺎ اﻟﺻﯾﻎ إذا وردت وھو اﻟﻣﺷﮭور ﻓﻰ ﻛﻼم أھل اﻷﺻول .واﻟﺛﺎﻧﻲ اﺳﺗﻘراء ﻣواﻗﻊ اﻟﻣﻌﻧﻰ
ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺻل ﻣﻧﮫ ﻓﻲ اﻟذھن أﻣر ﻛﻠﻲ ﻋﺎم ﻓﯾﺟرى ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﻣﺟرى اﻟﻌﻣوم اﻟﻣﺳﺗﻔﺎد ﻣن اﻟﺻﯾﻎ" .48وﻛﻼ اﻟﺳﺑﯾﻠﯾن ﯾرد
ﻋﻠﯾﮭﻣﺎ اﻟﺗﺧﺻﯾص ،إذ ﯾرد ﻋﻠﻰ اﻟﻧص اﻟﻌﺎم ،وﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻛﻠﯾﺔ اﻻﺳﺗﻘراﺋﯾﺔ ﻣﺛل "اﻷﻣور ﺑﻣﻘﺎﺻدھﺎ" ،ﻓﻘد ﺧرج ﻣن
:إن ﷲ ﺗﺟﺎوز ﻷﻣﺗﻲ ﻣﺎ ﺣدﺛت ﺑﮭﺎ ھذه اﻟﻛﻠّﯾﺔ "ﻣن ﻋزم ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺻﯾﺔ وﻟم ﯾﻔﻌﻠﮭﺎ أو ﻟم ﯾﺗﻠﻔظ ﺑﮭﺎ ﻻ ﯾﺄﺛم ﻟﻘوﻟﮫ
أﻧﻔﺳﮭﺎ ﻣﺎ ﻟم ﺗﺗﻛﻠم ﺑﮫ أو ﺗﻌﻣل ﺑﮫ " .49وﻗد اﻋﺗرض اﻟﺑﻌض ھﻧﺎ ﺑﺄن اﻟﻣﺷﻲ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺻﯾﺔ دون ﻋﻣﻠﮭﺎ ﺟزء ﻣﻧﮭﺎ ،ﻟﻛن
ﯾُﻌﺗرض ﻋﻠﻰ ھذا أنّ اﻟﻧص "ﺗﻌﻣل ﺑﮫ" واﻟﻌﻣل ﺑﮫ ﻏﯾر اﻟﻌﻣل ﻧﺣوه أو ﻟﮫ ،وﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻠم ،ﻓﯾﺑﻘﻰ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺻﺣﯾﺣﺎً.
ﻛذﻟك ﻧﯾﺔ اﻟﻛﺗﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗطﮭر ﻣن اﻟﺣﯾض ﻟﺟﻣﺎع زوﺟﮭﺎ اﻟﻣﺳﻠم ،ﻓﮭﻲ ﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﻣن اﻟﻘﺻد .50
14
اﻟﺗﺧﺻﯾص ﻣن اﻟﻌﻣوم :وﻗد وﺟدت ﺑﻌد طول ﺑﺣث وﻧظر ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت اﻟواردة ﻟﻠﺧﺎص أن أﻓﺿل ﻣﺎ ﯾُﻌرّف ﺑﮫ إﻧﮫ
"إﺧراج ﺑﻌض اﻷﻓراد أو اﻷﻧواع اﻟﻣﻔﺗرض دﺧوﻟﮭﺎ ﺗﺣت اﻟﻌﻣوم ﻟﺗﺄﺧذ ﺣﻛﻣﺎ ً آﺧر ﺑدﻟﯾل" .وﻗد أورد اﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ إرﺷﺎد
اﻟﻔﺣول ﺗﻌرﯾﻔﺎت ﻋدة وأورد ﻋﻠﻰ ﻛ ّل ﻣﻧﮭﺎ إﺷﻛﺎﻻً .51
واﻟﺗﺧﺻﯾص ،ﻋﻧد اﻟﺟﻣﮭور إﻻ اﻷﺣﻧﺎف ،إﻣﺎ أن ﯾﻛون ﺑﺎﻟﻣﺗﺻل ﻣﺛل ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ "وہﻠﻟ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎس ﺣﺞ اﻟﺑﯾت ﻣن اﺳﺗطﺎع
اﻟﯾﮫ ﺳﺑﯾﻼً" آل ﻋﻣران ،97ﻓﺎﻟﺗﺧﺻﯾص ھﻧﺎ ﺑوﺻفٍ ﻣﺗﺻل .أو ﯾﻛون اﻟﺗﺧﺻﯾص ﺑﺎﻟﻣﻧﻔﺻل ﻣﺛل ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ "وأوﻻت
اﻟﺣﻣل أﺟﻠﮭم أن ﯾﺿﻌن ﺣﻣﻠﮭن"اﻟطﻼق ،4ﺑﻌد ﻧزول ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ "واﻟذﯾن ﯾﺗوﻓون ﻣﻧﻛم وﯾذرون أزواﺟﺎ ﯾﺗرﺑﺻن ﺑﺄﻧﻔﺳﮭن
أرﺑﻌﺔ ﺷﮭور وﻋﺷرا" اﻟﺑﻘرة ،234ﻓﻔﯾﮭﺎ إﺧراج ذوات اﻟﺣﻣل ﻣن ﻋﻣوم اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋﻧﮭن أزواﺟﮭن.
واﻟﺗﺧﺻﯾص ﯾﻛون ﺑﺎﻻﺳﺗﺛﻧﺎء واﻟﺷرط واﻟوﺻف واﻟﻐﺎﯾﺔ ،وﻋ ّد اﻟﻘراﻓﻲ ﻓﻲ أوﺟﮫ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷر دﻟﯾﻼً ،ﻣﻧﮭﺎ
اﻟﻘرآن واﻟﺳﻧﺔ واﻟﻌﻘل واﻟﺷرط واﻟوﺻف واﻟﻐﺎﯾﺔ واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء واﻟﻧﯾﺔ .52ﻛﻣﺎ ذﻛرھﺎ اﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻹرﺷﺎد ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺧﺎص
واﻟﺗﺧﺻﯾص واﻟﺧﺻوص ،ﻓﻲ ﻋﺷرﯾن ﻣﺳﺄﻟﺔ ،ﻓﺎرﺟﻊ اﻟﯾﮭﺎ ﻟﻠﺗﻔﺻﯾل .53
اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء :ﻟﻐﺔ ھو إﺧراج اﺳم ﯾﻘﻊ ﺑﻌد أداة اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن اﻟﺣﻛم أو اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﻔﮭوم ﻗﺑل اﻷداة .وﺷرﻋﺎ ً ھو اﻟﺗﺧﺻﯾص
ﺑﺎﻟﻣﺗﺻل زﻣﺎﻧﺎ ً .وﻋرﻓﮫ ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺣﺻول ﺑﺄﻧﮫ "إﺧراج ﺑﻌض اﻟﺟﻣﻠﺔ ﺑﻠﻔظ )إﻻ( أو ﻣﺎ أﻗﯾم ﻣﻘﺎﻣﮫ" .54وﻗد ﺑﯾّن اﻟرازي
إﻧﮫ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺻل ،ﻣﺛل )أﻛرﻣﻧﻲ ﺑﻧﻲ ﺗﻣﯾم إﻻ زﯾداً( .55وﻗد ﺗﻛﻠم ﻋﻠﻣﺎء اﻷﺣﻧﺎف ﻋن أنّ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن اﻟﻧﻔﻲ ﯾﺗرك
اﻟﻣﺳﺗﺛﻧﻰ ﺑﻼ ﺣﻛم ،وھو ﺧطﺄ ر ّده اﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻹرﺷﺎد ،واﺳﺗدل ﺑﻘول ﻻ إﻟﮫ إﻻ ﷲ ،ﻓﻠو ﺻﺢ ﻣﺎ ذھﺑوا اﻟﯾﮫ ،ﻣﺎ ﺛﺑﺗت
اﻷﻟوھﯾﺔ ہﻠﻟ ،ﻣﻌﺎذ ﷲ ،ﻗﺎل "وھذا ﻋﻧدي ﺗﺷﻐﯾب وﻣراوﻏﺎت ﺟدﻟﯾﺔ واﻟﺷرع ﺧﺎطب اﻟﻧﺎس ﺑﮭذه اﻟﻛﻠﻣﺔ ،ﯾﻌﻧﻰ ﻛﻠﻣﺔ
اﻟﺷﮭﺎدة" .56
وﻗد وﺿّﺢ اﻟﻐزاﻟﻲ اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء واﻟﺗﺧﺻﯾص واﻟﻧﺳﺦ ﺑﻘوﻟﮫ "وﻓرق ﺑﯾن اﻟﻧﺳﺦ واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء واﻟﺗﺧﺻﯾص أن اﻟﻧﺳﺦ
رﻓﻊ ﻟﻣﺎ دﺧل ﺗﺣت اﻟﻠﻔظ ،واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﯾدﺧل ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻼم ﻓﯾﻣﻧﻊ أن ﯾدﺧل ﺗﺣت اﻟﻠﻔظ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾدﺧل ﻟوﻻه ،واﻟﺗﺧﺻﯾص
ﯾﺑ ّﯾن ﻛون اﻟﻠﻔظ ﻗﺎﺻراً ﻋن اﻟﺑﻌض ،ﻓﺎﻟﻧﺳﺦ ﻗطﻊ ورﻓﻊ واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء رﻓﻊ واﻟﺗﺧﺻﯾص ﺑﯾﺎن" .57وﻣن أھم ﻓواﺋد اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء
ﻓﻲ ھذا اﻟﻣوﺿﻊ ھو إﻧﮫ ﯾﺑﯾّن ﻟﻠﻧﺎظر "ﻣﺎ ﯾﺻﻠﺢ أن ﯾدﺧل ﺗﺣﺗﮫ وﯾﺗوھم أن ﯾﻛون ﻣرادا ﺑﮫ وھذا ﺻﺎﻟﺢ ﻷن ﯾدﺧل ﺗﺣت
اﻟﻠﻔظ واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻟﻘطﻊ ﺻﻼﺣﯾﺗﮫ ﻻ ﻟﻘطﻊ وﺟوﺑﮫ" .58ﻓﺎﻟﺷﺎھد ھﻧﺎ أن ھﻧﺎك ﻣﺎ ﻗد ﯾﺗوھم اﻟﻣرء ،ﻟﻐﺔ أو ﻋرﻓﺎً ،ﻋﻣوﻣﺎ ً أو
إطﻼﻗﺎً ،أنّ أﻓراداً ﺗدﺧل ﺗﺣت اﻟﻠﻔظ وھﻲ ﻻ ﺗدﺧل ﺗﺣﺗﮫ ،ﻣﺛل ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ "إﻧﻛم وﻣﺎ ﺗﻌﺑدون ﻣن دون ﷲ ﺣطب ﺟﮭﻧم
أﻧﺗم ﻟﮭﺎ واردون" اﻻﻧﺑﯾﺎء ،98ﺛم ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ "إن اﻟذﯾن ﺳﺑﻘت ﻟﮭم ﻣﻧﺎ اﻟﺣﺳﻧﻰ أوﻟﺋك ﻋﻧﮭﺎ ﻣﺑﻌدون" اﻻﻧﺑﯾﺎء ،10ﻓﻌ ّم ب"ﻣﺎ"
15
ﺛم اﺳﺗﺛﻧﻲ ب"إن" اﻟﺗﻲ ﻗﺎل ﺑﻌض أھل اﻟﻌﻠم إﻧﮭﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ "إﻻ" .59وھذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﯾﺟرى ﻛﺛﯾراً ﻓﻲ اﻟﻔﮭم اﻟ ُﻣﻌو ّج ﻷھل
اﻟﺑدﻋﺔ ،ﻣن ﺣﯾث ﻋدم اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إدراك اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء واﻟﺗﺧﺻﯾص ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .60
اﻟﺷرط :ﻗﺎل ﻓﻲ ﺟﻣﻊ اﻟﺟواﻣﻊ "اﻟﺷرط ﻣﺎ ﯾﻠزم ﻣن ﻋدﻣﮫ اﻟﻌدم وﻻ ﯾﻠزم ﻣن وﺟوده وﺟود وﻻ ﻋدم" .61واﻟﺷرط ﻓﻲ
ذاﺗﮫ ﺗﺧﺻﯾص إذ ُﯾﺧرج ﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻓﯾﮫ اﻟﺷرط .ﻛﻣﺎ أن ھﻧﺎك ﻣﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣن اﻟﺷرط ﻋﻧد ﺗﺣﻘﻘﮫ ﻛﺎﻟزﻛﺎة ،ﺷرط ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺣول
إﻻ ﻓﻲ زﻛﺎة اﻟرﻛﺎز .وﻗد ذﻛر اﻟﻘراﻓﻲ اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﺷرط واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﻗﺎل "ﻓﻲ أن اﻟﺷرط ﻻ ﯾﺟوز ﺗﺄﺧﯾر اﻟﻧطق ﺑﮫ ﻓﻲ
اﻟزﻣﺎن وﯾﺟوز ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ذﻟك ﻋﻠﻰ ﻗول .وإن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ وﻻ ﻓﻲ ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب أن ﯾرﻓﻊ ﺟﻣﯾﻊ
اﻟﻣﻧطوق ﺑﮫ وﯾﺑطل ﺣﻛﻣﮫ ،ﻧﺣو ﻟﮫ ﻋﻧدي ﻋﺷرة إﻻ ﻋﺷرة ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع ،وﯾﺟوز أن ﯾدﺧل اﻟﺷرط ﻓﻲ ﻛﻼم ﯾﺑطل ﺟﻣﯾﻌﮫ
ﺑﺎﻹﺟﻣﺎع ﻛﻘوﻟﮫ :أﻧﺗن طواﻟق إن دﺧﻠﺗن اﻟدار ،ﻓﻼ ﺗدﺧل واﺣدة ﻣﻧﮭن ،ﯾﺑطل ﺟﻣﯾﻊ اﻟطﻼق ﻓﯾﮭن ... ،ﻓﻘد ﺑﺎﯾن اﻟﺷرط
اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻓﻲ ھذه اﻷﺣﻛﺎم ،وﯾﻌم ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺟﻣل اﻟﻣﻧطوق ﺑﮭﺎ ﺑﺧﻼف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻗول ،ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺣﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻷﺧﯾرة
"..ﻛذﻟك اﻟﺷرط "ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﻣﻘﺎﺻد ﺷﺄﻧﮭﺎ ﺗﻌﺟﯾل اﻟﻧطق ..ﺑﺧﻼف اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء إذا ﻟم ُﯾﻌﺟل ﺑﮫ ﻟم ﯾﻔت ﺑﮫ
ﻣﻘﺻد" .62وھذه اﻟﻔروق ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻷھﻣﯾﺔ أن ﯾﻌﺗﺑرھﺎ اﻟﻧﺎظر ﺣﺗﻰ ﯾﻔرّ ق ﺑﯾن اﻟﻠوﻧﯾن ﻣن إﺧراج أﻓراد ﻣن اﻟﺣﻛم.
اﻟﺻﻔﺔ :وأﺣوال اﻟﺻﻔﺔ ﺑﻌد اﻟﺟﻣل ﻛﺛﯾرة ذﻛرھﺎ اﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﻹرﺷﺎد واﻟرازي 68ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺻول وﻏﯾرھﻣﺎ .وھﻲ ﺗﺗﻐﯾر
ﺑﻛون اﻟﺻﻔﺔ واﻗﻌﺔ ﺑﻌد اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ أو ﺗﺷﻣل ﺟﻣﻼً ﻣﺗﻌددة ﺑﻌدھﺎ .وھﻲ اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن ﺣﯾث ُﺗﺧرج ﻏﯾر اﻟﻣوﺻوف ﻣﺛل
أﻛرم اﻟﻌرب اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ،ﻓﺧرج ﺑذﻟك ﻏﯾر اﻟﻣؤﻣﻧﯾن.
16
اﻟﻐﺎﯾﺔ :وﻟﻔظﺎھﺎ "ﺣﺗﻰ" و "إﻟﻰ" ﻣﺛل "وأﺗﻣوا اﻟﺻﯾﺎم إﻟﻰ اﻟﻠﯾل" ،وأرﺟﻠﻛم إﻟﻰ اﻟﻛﻌﺑﯾن" ،وﻣﻘﺗﺿﻰ ذﻟك ﺗﻌرﯾﻔﮭﺎ ﺑﺄﻧﮭﺎ
"ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺷﺊ اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺔ ﻟﺛﺑوت اﻟﺣﻛم ﻗﺑﻠﮭﺎ واﻧﺗﻔﺎﺋﮫ ﺑﻌدھﺎ" .69
69اﻟﺷﺎﺑق ص 154
17
اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﻛﺛﯾرة ﻻ ﺗﻛﺎد ﺗﺧﻠو ﻣﻧﮭﺎ ﻗﺎﻋدة ﻓﻘﮭﯾﺔ ،وھﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻛل ﻗﺎﻋدة ﺑُﻧﯾت ﻋﻠﻰ دﻟﯾل
ﺷرﻋﻲ ،ﺳواء ﻧﺻﺎ ً أو إﺟﻣﺎﻋﺎ ً أو اﺟﺗﮭﺎداً.
وﻣﺛل ذﻟك ﻗﺎﻋدة "اﻟﺧراج ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن" ﻓﻠﻔظ "اﻟﺧراج" ھﻧﺎ ﻋﺎ ٌم ﻣﻌرّف ﺑﺎﻷﻟف واﻟﻼم ،ﻟم ﯾﺳﺗﺛﻧﻲ ﻣﻧﮫ إﻻ اﻟﻣﺻرّ اة ﻣن
اﻻﺑل واﻟﻐﻧم ،وذﻟك ﺑﻣﺎ ﺛﺑت ﻣن ﺣدﯾث اﻟﻣﺻراة "ﻣن اﺷﺗري ﻏﻧﻣﺎ ﻣﺻراة ﻓﺎﺣﺗﻠﺑﮭﺎ ﻓﺈن رﺿﯾﮭﺎ أﻣﺳﻛﮭﺎ وإن ﺳﺧطﮭﺎ
ﻓﻔﻲ ﺣﻠﺑﺗﮭﺎ ﺻﺎع ﻣن ﺗﻣر" رواه اﻟﺑﺧﺎري وﻣﺳﻠم ،وﻓﯾﮫ رواﯾﺎت ﻋدﯾدة ﺻﺣﯾﺣﺔ .وﻗد ﻋﺎرض اﻷﺣﻧﺎف ھذا اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻟﺧروﺟﮫ
ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدة اﻟﺧراج ﺑﺎﻟﺿﻣﺎن .ﻟﻛن اﻟﺟﻣﮭور ﻗﺎل ﺑﺎﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻟﺻﺣﺔ اﻟﺣدﯾث ،وھو اﺳﺗﺛﻧﺎء ﺑﺎﻟﻧص .70
وﻣﺛل ذﻟك ﻗﺎﻋدة "اﻟﻌﺎدة ﻣﺣﻛﻣﺔ" ،وﯾﻌﻧون ﺑﮭﺎ اﻟﻌرف اﻟﺳﺎﺋد اﻟﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ،ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﻧص ﻓﯾﮫ وﻻ ﻟﻐﺔ ﺗﺿﺑطﮫ.
وﻣﺛﺎل ذﻟك اﻟﺑﯾﻊ ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﺑﺈﯾﺟﺎب وﻗﺑول ،واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن ذﻟك ﺑﯾﻊ اﻟﻣﻌﺎطﺎة "ﻛﺄن ﯾﻘول أﻋطﻧﻲ ﺑﮭذا اﻟدﯾﻧﺎر ﺧﺑزاً
ﻓﯾﻌطﯾﮫ ﻣﺎ ﯾرﺿﯾﮫ ،أو ﯾﻘول ﺧذ ھذا اﻟﺛوب ﺑدﯾﻧﺎر ﻓﯾﺄﺧذه" 71ﻧص ﻋﻠﯾﮫ أﺣﻣد وﺻﺣﺣﮫ اﻟﺟﻣﮭور وﻣن اﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ اﻟﻧووي
واﺑن ﺳرﯾﺞ .وھو اﺳﺗﺛﻧﺎء ﺑﺎﻟﻌرف.
وﻣﺛﺎل ﻗﺎﻋدة "ﻻ ﺗﺻﺢ ھﺑﺔ اﻟﻣﺟﮭول" ،اﺳﺗﺛﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﻌﻠم اﻟورﺛﺔ ﻣﻘدار ﻣﺎ ﻟﻛل ﻣﻧﮭم ﻣن اﻻرث ،72وھو اﺳﺗﺛﻧﺎء
ﺑﺎﻻﺳﺗﺣﺳﺎن .ﻛذﻟك ﻗﺎﻋدة "اﻷﻣور ﺑﻣﻘﺎﺻدھﺎ" ﻓﻘد اﺳﺗﺛﻧﻲ ﻣﻧﮭﺎ اﻟﺧروج ﻋن ﻛل اﻟﻣﺎل ﻣن ﻏﯾر ﻋﻘد ﻧﯾﺔ اﻟزﻛﺎة ﻋﻧد
اﻷﺣﻧﺎف" ،وﻗﺎل ﻏﯾرھم ﺑﻌدم اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻛﻣﺎ ھو ﻣذھب اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ وأﺣﻣد .73
70راﺟﻊ ﻓﻘﮫ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻐﻧﻰ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ اﻟﻣﻘدﺳﻲ ج 4ص ،98طﺑﻌﺔ دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻋﺎم 1994
71اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر ﻟﻠﺳﯾوطﻲ ص 98طﺑﻌﺔ دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻋﺎم ،1983واﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ ج 3ص ،397اﻟﺿرب اﻟﺛﺎﻧﻲ وﺻﺣﺣﮫ
72اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر ﻟﻠﺳﯾوطﻲ ص 470
73اﻟﻣﻐﻧﻲ ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ اﻟﻣﻘدﺳﻲ ج 2ص .401ﻛذﻟك راﺟﻊ "اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ﻋﺎم 2005ﺳﻌﺎد
أوھﺎب ،ص .212
18
اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﻋﯾﺎن وﺣﻛﺎﯾﺎت اﻷﺣوال ھﻲ ﺟزﺋﯾﺎت وردت ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،إﻣﺎ أﻓراداً ﻛﻌﻧﺎق أﺑﻲ ﺑردة 74و ﺷﮭﺎدة أﺑﻲ
،ﺗﻌﺎرض أﺻﻼً ﻛﻠﯾﺎ ً .وﻗد أورد ﺣذﯾﻔﺔ ،75أو ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻧدرة ،ﻣﺛل ﺻﻼة اﻟﺗراوﯾﺢ 76اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﻋن رﺳول ﷲ
اﻟﺷﺎطﺑﻲّ ﺳﺑب ذﻟك ﻓﻘﺎل:
“اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷوﻟﻰ
إذا ﺛﺑﺗت ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ أو ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻼ ﺗؤﺛر ﻓﯾﮭﺎ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﻋﯾﺎن وﻻ ﺣﻛﺎﯾﺎت اﻷﺣوال واﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك أﻣور:
أﺣدھﺎ أن اﻟﻘﺎﻋدة ﻣﻘطوع ﺑﮭﺎ ﺑﺎﻟﻔرض ﻷﻧﺎ إﻧﻣﺎ ﻧﺗﻛﻠم ﻓﻰ اﻷﺻول اﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟﻘطﻌﯾﺔ وﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﻋﯾﺎن ﻣظﻧوﻧﺔ أو ﻣﺗوھﻣﺔ
واﻟﻣظﻧون ﻻ ﯾﻘف ﻟﻠﻘطﻌﻲ وﻻ ﯾﻌﺎرﺿﮫ
واﻟﺛﺎﻧﻰ أن اﻟﻘﺎﻋدة ﻏﯾر ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻻﺳﺗﻧﺎدھﺎ إﻟﻰ اﻷدﻟﺔ اﻟﻘطﻌﯾﺔ ،وﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﻋﯾﺎن ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻹﻣﻛﺎن أن ﺗﻛون ﻋﻠﻰ ﻏﯾر
ظﺎھرھﺎ أو ﻋﻠﻰ ظﺎھرھﺎ وھﻰ ﻣﻘﺗطﻌﺔ وﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﻣن ذﻟك اﻷﺻل ﻓﻼ ﯾﻣﻛن واﻟﺣﺎﻟﺔ ھذه إﺑطﺎل ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻋدة ﺑﻣﺎ ھذا
ﺷﺄﻧﮫ.
واﻟﺛﺎﻟث أن ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﻋﯾﺎن ﺟزﺋﯾﺔ واﻟﻘواﻋد اﻟﻣطردة ﻛﻠﯾﺎت وﻻ ﺗﻧﮭض اﻟﺟزﺋﯾﺎت أن ﺗﻧﻘض اﻟﻛﻠﯾﺎت وﻟذﻟك ﺗﺑﻘﻰ أﺣﻛﺎم
اﻟﻛﻠﯾﺎت ﺟﺎرﯾﺔ ﻓﻰ اﻟﺟزﺋﯾﺎت وإن ﻟم ﯾظﮭر ﻓﯾﮭﺎ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻠﯾﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺳﻔرﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ
اﻟﻣﻠك اﻟﻣﺗرف وﻛﻣﺎ ﻓﻰ اﻟﻐﻧﻰ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﻣﺎﻟك اﻟﻧﺻﺎب واﻟﻧﺻﺎب ﻻ ﯾﻐﻧﯾﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص وﺑﺎﻟﺿد ﻓﻲ ﻣﺎﻟك ﻏﯾر
اﻟﻧﺻﺎب وھو ﺑﮫ ﻏﻧﻲ
واﻟراﺑﻊ أﻧﮭﺎ ﻟو ﻋﺎرﺿﺗﮭﺎ ﻓﺈﻣﺎ أن ﯾﻌﻣﻼ ﻣﻌﺎ أو ﯾﮭﻣﻼ أو ﯾﻌﻣل ﺑﺄﺣدھﻣﺎ دون اﻵﺧر أﻋﻧﻰ ﻓﻰ ﻣﺣل اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ
ﻓﺈﻋﻣﺎﻟﮭﻣﺎ ﻣﻌﺎ ﺑﺎطل وﻛذﻟك إھﻣﺎﻟﮭﻣﺎ ﻷﻧﮫ إﻋﻣﺎل ﻟﻠﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻟظﻧﻲ واﻟﻘطﻌﻲ وإﻋﻣﺎل اﻟﺟزﺋﻲ دون اﻟﻛﻠﻲ
ﺗرﺟﯾﺢ ﻟﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻠﻲ وھو ﺧﻼف اﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻠم ﯾﺑق إﻻ اﻟوﺟﮫ اﻟراﺑﻊ وھو إﻋﻣﺎل اﻟﻛﻠﻲّ دون اﻟﺟزﺋﻲ وھو اﻟﻣطﻠوب" .77
وھذا اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ ،وإن ﺟﺎء اﺳﺗﺛﻧﺎء ﺑﺎﻟﻧص ﻣن ﻋﻣوم ﻧﺻﻲّ أو ﻣﻌﻧويّ ،إﻻ إﻧﮫ ﯾﺣﻛم ﻛﺛﯾراً ﻣن اﻟوﻗﺎﺋﻊ
اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ ﺑﺄدﻟﺔ ﺷرﻋﯾﺔ أﺧرى ،ﺑل وﺑﺄدﻟﺔ واﻗﻌﯾﺔ ﻣﺣﺳوﺳﺔ .وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻋﺗﺑﺎر ھذا اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻷھﻣﯾﺔ،
وﺷواھده ﻻ ُﺗﺣﺻﻰ.
74ﺟﺎء ﻓﻲ أﻋﻼم اﻟﻣوﻗﻌﯾن "وأﻣﺎ ﺗﺧﺻﯾﺻﮫ أﺑﺎ ﺑردة ﺑن ﻧﯾﺎر ﺑﺈﺟزاء اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻌﻧﺎق دون ﻣن ﺑﻌده ﻓﻠﻣوﺟب أﯾﺿﺎ ،وھو أﻧﮫ ذﺑﺢ ﻗﺑل اﻟﺻﻼة ﻣﺗﺄوﻻ
ﻏﯾر ﻋﺎﻟم ﺑﻌدم اﻹﺟزاء ،ﻓﻠﻣﺎ أﺧﺑره اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم أن ﺗﻠك ﻟﯾﺳت ﺑﺄﺿﺣﯾﺔ وإﻧﻣﺎ ھﻲ ﺷﺎة ﻟﺣم أراد إﻋﺎدة اﻷﺿﺣﯾﺔ ،ﻓﻠم ﯾﻛن ﻋﻧده إﻻ ﻋﻧﺎق
ھﻲ أﺣب إﻟﯾﮫ ﻣن ﺷﺎﺗﻲ ﻟﺣم ; ﻓرﺧص ﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ﺑﮭﺎ ; ﻟﻛوﻧﮫ ﻣﻌذورا وﻗد ﺗﻘدم ﻣﻧﮫ ذﺑﺢ ﺗﺄول ﻓﯾﮫ ،وﻛﺎن ﻣﻌذورا ﺑﺗﺄوﯾﻠﮫ ،وذﻟك ﻛﻠﮫ ﻗﺑل اﺳﺗﻘرار
اﻟﺣﻛم ،ﻓﻠﻣﺎ اﺳﺗﻘر اﻟﺣﻛم ﻟم ﯾﻛن ﺑﻌد ذﻟك ﯾﺟزئ إﻻ ﻣﺎ واﻓق اﻟﺷرع اﻟﻣﺳﺗﻘر"
ْن " أﺑو داود واﺑن ﺧزﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﺻﺣﯾﺣﮫ ،وروى ﻣن ﻋدة طرق ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻣﻧﮭﺎ اﻟزھري واﻟﻧﻌﻣﺎن ﺑن ﺑﺷﯾر. ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث " َﺷﮭَﺎدَ ةُ ُﺧ َز ْﯾ َﻣ َﺔ َﺷﮭَﺎ َدةُ رَ ُﺟ َﻠﯾ ِ
75
76واﻷﺻل أنّ ﺻﻼة اﻟﻧﺎﻓﻠﺔ أﻓﺿل ﻓﻲ اﻟﺑﯾت ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺟد ،ﻓﻠﻣﺎ وﻗﻌت ﻣن رﺳول ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ وﺳﻠم ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻧدرة ،ﻟم ﯾﺟز اﻹﺧﻼل
ﺑﺎﻟﻘﺎﻋدة ،وﺗﺑت ﺣﻛﻣﮭﺎ ﻣﻔرداً ﻻﻧﻘطﺎع اﻟوﺣﻲ وﻋم وﺟود إﻣﻛﺎن اﻟﻔﺿﯾﺔ ﺑﻌد وﻓﺎﺗﮫ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯾﮫ ﺳﻠم.
77اﻟﻣواﻓﻘﺎت ﻟﻠﺷﺎطﺑﻲّ ج 3ص 261
19
ﺑﺧﺑر ﻋن ﻣوﺛوق ﺑﮫ ،أو ﻣﻌروف ﺑﺻدق أو ﺑﻌﻠ ًم أو ﺟﮭﺎدٍ ،ﺳواء ﺑرواﯾﺔ رُوﯾت أو ﺷرﯾط
ٍ وﻣﺛﺎل ذﻟك أن ﯾﺄﺗﻲ أﺣدھم
أو ﻣﺷﮭ ٍد أو ﺧﺑر أو ﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟك ،ﻓﺈذا ﺑﺎﻟﺟﻣﻊ ﺗﮭﺗز ﺛﻘﺗﮫ ﺑذﻟك اﻟرﺟل ،وﺗﺣوم ﺣوﻟﮫ اﻟﺷﺑﮭﺎت ،وﺗﺧﺗرﻣﮫ ﻧظرات اﻟﺷك
واﻟرﯾﺑﺔ .وھذا أﻣ ٌر ﻻ ﯾﺻﺢ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ ،وﻻ ﯾﺳﯾر ﻋﻠﻰ أﺻل اﻟﻘواﻋد اﻟﺷرﻋﯾﺔ .ذﻟك إﻧﮫ ﺑﻌدﻣﺎ ﻋ ُِرف اﻟﻛرم ﻋن ﺣﺎﺗم
اﻟطﺎﺋﻲ ،ﺛم رآه أﺣد ﯾﻣر ﺑﻣﺳﻛﯾن ﻓﻼ ﯾﻌطﯾﮫ ،ﻟم ﯾﻛن ﻟﮫ أن ﯾﻘرر أنّ ﺣﺎﺗﻣﺎ ً ﺑﺧﯾل ،ﻟواﻗﻌﺔ اﻟﻌﯾن ھذه ،ﻓﻔﻲ ھذا ﻣﻌﺎرﺿﺔ
ﻟﻣﺎ ﺛﺑت ﻗطﻌﺎً ،ﺑﻣﺋﺎت اﻟﺷواھد ﻏﯾرھﺎ ،وﻣن ﺛم إﺳﻘﺎط اﻟﻛ ّل ﺑﺳﺑب اﻟواﺣد ،وھو ﻣﻣﺗﻧﻊ ﻋﻘﻼً وﺷرﻋﺎً .وﻣﺛﺎﻟﮫ ﻟو ﺣﻛﻰ
أنّ اﺣد اﻟﻣﺟﺎھدﯾن رؤي وھو ﯾﺗﺣدث ﻣﻊ ﻧظﺎﻣﻲّ ،وﻟﻠﻣﺟﺎھد ﺗﺎرﯾﺦ طوﯾل ﻣﺷرّ ف ،ﻓﻼ ﯾﺻﺢ أن ﯾﻘﺎل إﻧﮫ واﻟﻰ
اﻟﻧظﺎﻣﯾﯾن ،ﺑل ﯾﺟب ﺗﻧزﯾل واﻗﻌﺔ اﻟﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺛﺎﺑت ﻋن اﻟرﺟل ،ﺑﺗﺄوﯾل ﻣﺎ ﺣدث.
ﺷﺧص ﻣﺎ ﺑﺄن ﺗواﺗر ﻛذﺑﮫ "وإن اﻟرﺟل ﻟﯾﻛذب ﺣﺗﻰ ﯾﻛﺗب ﻋﻧد ﷲ ﻛذاﺑﺎً"ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﮫ،
ٍ ﻛذﻟك اﻟﻌﻛس ،ﻓﺈن ﺛﺑت ﻛذب
وھو ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗواﺗر .ﻓﺈن ﺟﺎء ﺧﺑر واﻓق اﻟﺻدق ﻣن ﻣﺛل ھذا اﻟرﺟل ،ﻟم ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﮫ ﺻﺎدق ،ﺑل ﯾﻘﺎل واﻓق ﻗوﻟﮫ
اﻟﺻدق ﻓﻲ ھذا اﻷﻣر ،ﻣن ﺣﯾث إن اﻟﻛذب ﻛﻠﯾﺔ ﻣن ﺻﻔﺎﺗﮫ ،وﻋﻠﯾﮫ ﯾﺟب أن ﯾﻌﺎﻣل.
واﻟوﺿﻊ اﻟذي ﯾﻣﻛن ﻓﯾﮫ ﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﻌﯾن أن ﺗﻣﺛل ﻣﻌﺎرﺿﺎ ً ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ً ﻟﻘﺎﻋدة ﻛﻠﯾﺔ أن ﺗﻛﺛر ﺟزﺋﯾﺎﺗﮭﺎ وﺣﺿورھﺎ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ،
أو اﻟواﻗﻊ ،ﺣﺗﻰ ﺗﺻﻠﺢ أن ﯾﺗﻛون ﻣﻧﮭﺎ ﻗﺎﻋدة أﺧرى .ﺣﯾﻧﮭﺎ ﺗﺗﻌﺎرض اﻟﻛﻠﯾﺎت ،وﯾﺟرى ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻗواﻋد اﻟﺗﻌﺎرض
واﻟﺗرﺟﯾﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺟزﺋﯾﺔ .واﻷﺻل أنّ ھذا ﻟم ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ ،وأﻧﮫ ﻻ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ إﻻ إن ﺛﺑت اﻟﻣﻛر
واﻟﺗﺧﻔﻰ ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ ،وھو ﺻﻌب اﻟﻣﻧﺎل.
20
اﻟﺑﺎب اﻟراﺑﻊ
اﻟﻌوارض اﻷھﻠﯾﺔ
ﯾﻌرض ﻋﻠﻰ ﺣﺎل ﻣﻛﻠﱠفٍ ﺳوا ًء ﻓﻲ أھﻠﯾﺗﮫ ﻟﻠوﺟوب أو اﻷداء ،ﻓﯾزﯾل ھذا اﻟﺗﻛﻠﯾف ﺟزﺋﯾﺎ ً
ﺗﻌرﯾف اﻟﻌوارض :ھﻲ ﻛل ﻣﺎ ِ
أو ﻛﻠﯾﺎً ،ﻣؤﻗﺗﺎ ً أو داﺋﻣﺎً.
وﻟﻛﻲ ﻧﻔﮭم اﻟﻌوارض وأﻧواﻋﮭﺎ ،ﯾﺟب أن ﻧﺣﻘق ﻣﻌﻧﻰ اﻷھﻠﯾﺔ ﺑﻧوﻋﯾﮭﺎ ودرﺟﺎﺗﮭﺎ ،ﺑﺄﺧﺻر ﻛﻠﻣﺎت .ﻓﻘد ﻗﺳﻣﮭﺎ اﻟﻌﻠﻣﺎء
إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن:
أھﻠﯾﺔ وﺟوب :وھﻲ َﺗﻣ ّﻛن اﻟﻣﻛﻠف ﻣن أن ﺗﺛﺑت ﻟﮫ واﺟﺑﺎت وأن ﯾﻛﻠّف ﺑواﺟﺑﺎت ،ﺣﻘوﻗﺎ وأداء .وﺛﺑوﺗﮭﺎ ﯾﻛون
ﺑﺎﻻﻧﺳﺎﻧﯾﺔ .78ﻓﻣﺛﻼً ﺛﺑوت اﻟﻧﺳب واﻟﻣﯾراث وﺣق اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ واﻟﺗﺻرف .وھﻲ إﻣﺎ ﻧﺎﻗﺻﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﺟﻧﯾن ،أو
اﻟﺻﻐﯾر أو ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﺑﺎﻟﻎ اﻟﻌﺎﻗل اﻟرﺷﯾد.
أھﻠﯾﺔ أداء :ھﻲ "أھﻠﯾﺗﮫ أن ﯾﻧﺷﺄ اﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ ،وﺗﺻرﻓﺎت ﺗﺟﻌل ﻟﮫ ﺣﻘوﻗﺎ ِﻗ َﺑل ﻏﯾره" ،وﺗﻧﺷﺄ ﺑﺎﻻﻧﺳﺎﻧﯾﺔ واﻟﺗﻣﯾﯾز
وﯾﻔﺗرض ﻓﯾﮭﺎ اﻟذﻣﺔ .79وﻣﻼك ھذه اﻷھﻠﯾﺔ اﻟﻌﻘل ،وھﻲ إﻣﺎ ﻧﺎﻗﺻﺔ ﻗﺑل اﻟﺑﻠوغ واﻟرﺷد ﻓﻲ اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻟﻌﻘود
ﻻ اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﺷرﻋﯾﺔ ،أو ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﻌد اﻟﺑﻠوغ واﻟرﺷد ﻓﻲ ﻛﻠﯾﮭﻣﺎ .80
وﺗﻌرض ﻋوارض ﻷھﻠﯾﺔ اﻷداء ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺧﺻوص ﺗﻣﻧﻊ ﻣن ﺳرﯾﺎﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺳﺎرھﺎ اﻟﻌﺎديّ اﻟذي وﺻﻔﻧﺎ ،ﻓﺗﻣﻧﻊ
ﺗﺻرﻓﺎﺗﮫ ﻣن أن ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺣﻘوﻗﺎ ً أو واﺟﺑﺎت.
وﻗد ﻗﺳّم اﻟﻌﻠﻣﺎء ﺗﻠك اﻟﻌوارض إﻟﻰ ﻋوارض ﺧﺎرﺟﺔ ﻋن ﻣﻘدور اﻟﻣﻛﻠف ،ﻣﺛل اﻟﻧوم واﻟﻧﺳﯾﺎن واﻟﻌﺗﮫ ،أو داﺧﻠﺔ ﺗﺣت
ﻣﻘدوره ،ﺳواء ﺑﻔﻌﻠﮫ ،ﻛﺎﻟﺳﻔﮫ واﻟﺟﮭل واﻟﺳﻛر واﻟﺧطﺄ ،وأو ﺑﻐﯾر ﻓﻌﻠﮫ ﻛﺎﻻﻛراه .81
وھذه اﻟﻌوارض ﻛﻠﮭﺎ ،ھﻲ اﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﺗﻛﻠﯾﻔﻲ اﻷﺻﻠﻲ ،ﺑﺳﺑب أو ﺑﺂﺧر .وﻗد ﯾﻛون ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﺳﺗﻣر ﻓﻲ أﺛره
ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟﺗﻛﻠﯾف أو ﻣؤﻗت ،ﺑزوال اﻟﻌﺎرض ،ﻣﺛل اﻟﺟﮭل ،أو اﻻﻛراه أو اﻻﺳﺗﯾﻘﺎظ .ﻛﻣﺎ إنّ ﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﻟﻠﻣﻛﻠّف اﻟواﻗﻊ
ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر أيّ ﻣن ھذه اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺣﺳﺑﮭﺎ .ﻓﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﯾرﻓﻊ اﻟﺗﻛﻠﯾف ﻛﻠﯾﺔ ﻛﺎﻟﻌﺗﮫ واﻟﻧوم ،وﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﯾرﻓﻌﮫ ﺟزﺋﯾﺎ
ﻛﺎﻟﺳﻔﮫ ،ﻓﺗﺻﺢ ﻣﻊ ﺗﺻدﯾق اﻟوﻟﻲّ ،أو اﻻﻛراه ﻓﺗﺻﺢ ﻓﻲ ﺑﻌض ﺻورھﺎ ﻛﺎﻟزﻧﺎ ﻋﻧد اﻟﺟﻣﮭور ،أو اﻟطﻼق ﻋﻧد
اﻟﺳﻛران.
21
وﻗد ﯾﻘول ﻗﺎﺋل :إن ھذه اﻟﻌوارض ﻟﯾﺳت اﺳﺗﺛﻧﺎءات ﺑﺎﻟﻣﺻطﻠﺢ ،إذ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ھو إﺛﺑﺎت أﻓرا ٍد ﻟم ﺗﻛن داﺧﻠﺔ ﺗﺣت
اﻟﻌﻣوم أﺻﻼً ،ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻋن اﻟﻣﺳﺗﺻﻔﻲ ﻣن ﻗﺑل ،82ﻟﻛن ﺑﻌض ھذه اﻟﻌوارض ﻗد ﯾﺛﺑت ﻗﺑل طروء اﻟﻌﺎرض ،ﻣﺛل
اﻟﻧوم واﻟﺳﻛر واﻻﻛراه .ﻓﻧﻘول :ﻣن ھذه اﻟﻌوارض ﻣﺎ ھو أﺻﻠﻲّ داﺋم ﻛﺎﻟﻌوارض اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ ﻣن اﻟﻌﺗﮫ ،واﻟﻛﻼم ﻓﻲ
ﻏﯾره .واﻟﻌوارض اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ھو اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻟﻐﺔ ﻛﺎﻟﻧوم واﻟﺳﻛر،.وﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ھو اﺳﺗﺛﻧﺎء اﺻطﻼﺣ ٍﺎ ﻛﺛﺑوت أھﻠﯾﺔ اﻷداء
ﻓﻲ اﻟﺻﺑﻲّ ،إذ ﻻ ﺗﻛﻣل إﻻ ﺑﻌد اﻟﺑﻠوغ ،إﻻ ﻓﻲ ﺑﻌض ﻣﺎ ھو ﺣﺳن ﻣُدرك ﻗﺑل اﻟﺑﻠوغ ﻛﺎﻹﯾﻣﺎن ،وﻋدم اﻛﺗﻣﺎﻟﮭﺎ ﯾﻌﻧﻰ أن
اﻟﺻﺑﻲّ ﻟم ﯾدﺧل ﺗﺣت ﻟﻔظﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﺑﻠﻎ ،ﻓﯾﻛون ﻣﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣن اﻟﺗﻛﻠﯾف اﻷﺻﻠﻲ ﺑﮭﺎ .ﺛم إنّ ﻧص اﻟﺣدﯾث "رُﻓﻊ ﻋن أﻣﺗﻲ
اﻟﺧطﺄ واﻟﻧﺳﯾﺎن وﻣﺎ اﺳﺗﻛرھوا ﻋﻠﯾﮫ" اﺑن ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺑﯾﮭﻘﻲ ،ﻓﻛﻠﻣﺔ " ُر ِﻓﻊ" ﺗﺣﺗﻣل ﻛﻼ اﻷﻣرﯾن ،اﻟرﻓﻊ ﺑﻌد اﻟﺛﺑوت ،أو
ﻣﻧﻊ اﻟدﺧول اﺑﺗداءً ،ﻓﮭﻲ ﻟﯾﺳت ﺗﺧﺻﯾﺻﺎ ً ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﯾﻘﯾن ،وﻟﯾﺳت ﻧﺳﺧﺎ ً ﻛذﻟك ،ﻓﻠم ﯾﺑق إﻻ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء َ
ﺑﺎﻟﻌﺎرض.
وﻟﺳﻧﺎ ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺣث ﺑﻣﻌﻧﯾﯾن ﺑﺷرح ھذه اﻟﻌوارض ﻛﻠﮭﺎ ،ﻓﮭذا ﯾﺧرج ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن ﻣوﺿوﻋﮫ ،ﻟﻛن أردﻧﺎ أن ﻧﺷﯾر إﻟﻰ
ﻣوﺿﻊ اﻟﻌوارض ﻣن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات اﻟﺗﻲ ﯾراﻋﯾﮭﺎ اﻟﻔﻘﯾﮫ ﻓﻲ إﻧزال اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟواﻗﻊ.
وﻟﻌل أھم ﻣﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﻌوارض ،ﻣﻣﺎ ﯾﻣس واﻗﻌﻧﺎ اﻟﻣﻌﺎﺻر ھو ﻋﺎرض اﻟﺟﮭل وﻋﺎرض اﻻﻛراه ،ﺳواء ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ .ﻓﻧذﻛرھﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﺟﺎﻟﺔ.
ﻋﺎرض اﻟﺟﮭل :ﺳﺑق أنّ دوّ ﻧﺎ ﻛﺗﺎﺑﺎ ﻛﺎﻣﻼً ﻓﻲ ﻋﺎرض اﻟﺟﮭلُ ،ﻧﺷر ﻋﺎم 1978ﻓﻲ اﻟﻘﺎھرة ،دﻓﻊ ﻟﺗدوﯾﻧﮫ وﺿ ٌﻊ ﻗﺎﺋم
ﻛﺎﻧت ﻓﯾﮫ ظﺎھرة اﻹرﺟﺎء طﺎﻓﺣﺔ .ﺛم ﻋدﻧﺎ ﻟﻠﺗﺻدى ﻟظﺎھرة اﻟﻐﻠو ﻓﻲ اﻟﺗﻛﻔﯾر ﺑﺎﻟﺟﮭل ،ﻋﻛس ﻣﺎ ﺳﺑق ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ،
ﻓﺄﺻدرﻧﺎ ﺑﺣﺛﺎ ً ﺑﻌﻧوان "ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟر ّد ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺎزﻣﻲ" .83وﻻ ﺑﺄس أن ﻧﻌﯾد اﻟﺣدﯾث ھﻧﺎ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻌﺎرض ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر
إﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﻠﻔﺎﺋدة.
ﻓﺎﻟﺟﮭل أﺻﻧﺎف ،ﺑﺣﺳب وﺿﻊ اﻟﺟﺎھل اﻟواﻗﻊ ﻓﯾﮫ ،وﺑﺣﺳب ﻧوع ﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺟﮭل ،وﻣن ھﻧﺎ ﻗﻠﻧﺎ إن إطﻼق ﻛﻠﻣﺔ
"اﻟﻌذر ﺑﺎﻟﺟﮭل" ﺟﮭ ٌل ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﮫ .ﻓﺎﻟﺟﮭل ﺑﺎﻟﺗوﺣﯾد ﻛﻠﯾﺔ أﻣرٌ ،ﯾﺧﺎﻟف اﻟﺟﮭل ﺑﻣُﺣْ َﻛﻣﺎت اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،أو ﻣواﺿﻊ اﻹﺟﻣﺎع
أو اﻟﻣﺗواﺗر ،أو اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺧﻔﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﯾدة ،ﺑل وﺑﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣﻧﺎط اﻟذي ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺣﻛم ،وھو ﺟﮭل ﺧﻔﻲّ ﯾﻘﻊ ﻓﯾﮫ ﻏﺎﻟب
ﺑﺈﺳﻼم ،أو ﻓﻲ ﺑﯾﺋﺔ اﻧﺗﺷر ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺟﮭل ﺑﮭذا اﻷﻣر
ٍ اﻟﻧﺎظرﯾن اﻟﯾوم .ﺛم ،ﯾﺧﺗﻠف ﺑﺣﺳب ﺣﺎل اﻟﺟﺎھل ،ھل ھو ﺣدﯾث ﻋﮭ ٍد
ﻷﺟﯾﺎل وﺗﻌذر اﻟﻌﻠم ،أو ﻟم ﯾﺻﻠﮫ اﻟﻌﻠم اﻟﺻﺣﯾﺢ ،أو وﺻﻠﮫ ﻣﺎ اﻋﺗﻘده ﻋﻠﻣﺎ ً ﺻﺣﯾﺣﺎ ً وھو ﺑدﻋﺔ أو ﻛﻔرا ،وھﻛذا .ﻓﮭذه
ﻛﻠﮭﺎ أﻣور ﯾﺟب أن ﯾﻧظر ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻔﻘﯾﮫ واﻋﺗﺑﺎرات ﯾﺟب أن ﯾﻌﺗﺑرھﺎ ﻗﺑل أن ﯾطﻠق ﻋﺑﺎرة "ﻣﻌذور أو ﻏﯾر ﻣﻌذور".
واﻟﻘواﻋد اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﻓﻲ ھذا اﻷﻣر ،ﺗﺗﻔق ﻓﻲ اﻷﺻول واﻟﻔروع ،ﻓﻼ ﻓرق ﺑﯾن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن أﻣور اﻟﻌﻘﯾدة أو ﻣن أﻣور
اﻷﺣﻛﺎم ﻓﻲ ﺿواﺑط اﻹﻋذار ﺑﺎﻟﺟﮭل .ﺑل اﻟﺿواﺑط ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ ﻣﺎ وﺿﺣﻧﺎ ﻣن أﺻﻧﺎف ﯾﺟب اﻋﺗﺑﺎرھﺎ وﻣراﻋﺎﺗﮭﺎ .وﻣن
ﺛواﺑت اﻟﺣﻛم ﻓﯾﮭﺎ:
22
أن اﻋﺗﺑﺎر اﻷﺻل ﺑﺎﻹﺳﻼم واﺳﺗﺻﺣﺎﺑﮫ ﻓﻲ أﻣر اﻟﻌﻘﯾدة ﻋﻧد ﻣن ظﺎھره اﻹﺳﻼم ،وﺑراءة اﻟذﻣﺔ ﻣن اﻹﺛم ﻋﻧد ﻣن .1
ظﮭرت ﻣﻧﮫ ﻣﻌﺻﯾﺔ ،ھو اﻟﻣرﺟﻊ اﻟذي ﯾﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﮫ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺑﺎﻟﻌﺎرض.
وﺟوب ﺑﻠوغ اﻟﺣﺟﺔ اﻟرﺳﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛﻔر ﻣﺧﺎﻟﻔﮭﺎ ،ﻋﻘﯾدة ،أو اﺳﺗﺣﻼﻻً ،أو ﯾﺄﺛم ﺣﺳب اﻟﺣﺎﻟﺔ. .2
ﺛﺑوت اﻟﺷروط واﻧﺗﻔﺎء اﻟﻣواﻧﻊ ،ﻣﺛل اﻻﻛراه ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻌﺔ أو ﺑذل اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،أو ﻣﻧﺎط اﻟﺗﺣرﯾم ﻛﻣن .3
وطﺊ اﻣرأة ﺣﺳﺑﮭﺎ زوﺟﺗﮫ ﻟوﺟودھﺎ ﻓﻲ ﻓراﺷﮫ ،ﻓﮭو ﯾﻌﻠم ﺑﺗﺣرﯾم ذﻟك ،ﻟﻛﻧﮫ ﺟﮭل ﻣﻧﺎط اﻟواﻗﻌﺔ ،ﻓﻼ ﯾﺄﺛم ،ﺧﻼف
ﻣن وطﺊ اﻣرأة أﺟﻧﺑﯾﺔ وھو ﯾﻌﻠم إﻧﮭﺎ أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻟﻛﻧﮫ ﯾﺟﮭل أن وطﺊ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ﺣرام ،وﻣظﻧﺔ اﻟﻌﻠم ﻣﺗوﻓرة ﻓﻲ اﻟﻣﺣل،
ﻓﮭذا ﻻ ﯾﻌذر.
اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن إﯾﺻﺎل اﻟﺣﺟﺔ وﻓﮭم اﻟﺣﺟﺔ ،واﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑﺎﻟﺣﺟﺔ ،ﻓﺈﯾﺻﺎل اﻟﺣﺟﺔ ﺑطرﯾق واﺿﺢ ﻣﻔﮭوم وﺑﻠﻐﺔ اﻟﻘوم، .4
ﺷرط ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر ﻣظﻧﺔ اﻟﻌﻠم ،أﻣﺎ ﻓﮭم اﻟﺣﺟﺔ ﻓﮭو أﻣر ﺗﻘدﯾريّ ﯾﺣﻛم ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻔﻘﯾﮫ ،ﺣﺳب اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻔردﯾﺔ ،ﻣن ﺣﯾث
درﺟﺔ وﻋﯾﮫ ،ودﻗﺔ ﻣﺎ وﺻل اﻟﯾﮫ ،ﻟﻛن اﻷﺻل إﻧﮭﺎ ﻟﯾﺳت ﺷرطﺎً ،ﺛم اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑﺎﻟﺣﺟﺔ ،وھذا ﻟﯾس ﺑﺷرط ﻓﻲ ﻣظﻧﺔ
اﻟﻌﻠم واﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﻛﻔر أو اﻹﺛم رأﺳﺎً.
أنّ "ﯾﻐﺗﻔر ﻓﻲ اﻟوﺳﺎﺋل ﻣﺎ ﻻ ﯾﻐﺗﻔر ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺻد" 84وھﻲ ﻗﺎﻋدة أﺻوﻟﯾﺔ ﻓﻘﮭﯾﺔ ﯾﺟب ﻣراﻋﺎﺗﮭﺎ ﻋﻧد اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺋل .5
أو اﻟﻣﺗﺻرف ﺑﻣﺎ ظﺎھره ﻛﻔر ،وﻗد أﻟﻣﺣﻧﺎ إﻟﻰ ھذا ﻓﻲ ﺑﯾﺎن ﻣوﺿوع ﻗﺑول ﺗﺄوﯾل اﻟدﯾﻣوﻗراطﯾﺔ ﺑﺎﻟﺷورى ﻋﻧد ﻣن
اﻋﺗﺑرھﺎ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق اﻟﺷرﯾﻌﺔ ﻻ ﻣﻘﺻداً ﻓﻲ ﺣ ّد ذاﺗﮫ .وھذه اﻟﻘﺎﻋدة ھﻲ أﺻل إﺑﺎﺣﺔ اﻟوﺳﺎﺋل ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ،
ﺧﻼف اﻟﺿرورة .وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ اﻻﺟﻣﺎع ﻋﻠﻰ اﻟﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻼة ،واﻻﺧﺗﻼف ﻓﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﻟوﺿوء ﻣن ﺣﯾث ھو
وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻣﻘﺻد اﻟﺻﻼة ،ﻻ ﻟﻌﯾﻧﮫ.
وﻗد أﺻﺑﺢ اﻟﺧﻠط ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺎرض ﻣﺄﺳﺎة اﻟﻌﺻر ،وﻣﺗﺎھﺔ اﻟﻔﻛر ،ﺣﯾث ﺧﺎض ﻓﯾﮫ اﻟﺧﺎﺋﺿون دون اﻟﺗﻣﻛن ،ﺑل أوﻟﻐوا
ﻓﻲ ھدم ﻣراﺳم اﻻﺳﻼم ﺣﺗﻰ إﻧﮭم ﻛ ّﻔروا ﻣن ﻋذر ﺑﺟﮭل ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل اﻟﻌﻘﯾدة! وﺻﺎر اﻟﺗﻛﻔﯾر ﻟﻌﺑﺔ ﻓﻲ أﯾدي ﻣن ﺟﮭل رﺳوم
اﻟﺷرﯾﻌﺔ أﺻوﻻً وﻓروﻋﺎً ،ﻓﻼ ﺣول وﻻ ﻗوة إﻻ ﺑﺎہﻠﻟ.
ﻋﺎرض اﻹﻛراه:
وھو ﻋذ ٌر ﯾﺄﺗﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺳﻘوط اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟﺣرّ ،ﻓﯾﺳﻘط ﺑﮭﺎ اﻟﺗﻛﻠﯾف ،ﺟزﺋﯾﺎ ً أو ﻛﻠﯾﺎً ،إذ ھو ﻣﻧوط ﺑﺎﻟﻘدر ِة ﻋﻠﻰ
ُﻛره ﻋﻠﻰ ﺣﻣل ﺗﮭدﯾده ،وﺗﺣﻘق اﻷداء .وﻗد أﻧﺎطﮫ اﻟﻌﻠﻣﺎء ﺑﺷروط واﺟﺑﺔ اﻟﺗﺣﻘق ﻟﯾﺳﻘط وﺟوب اﻷداء ،وھﻲ ﻗدرة اﻟﻣ ِ
ُﻛره ﻋﻠﯾﮫ
ُﻛره ،وأن ﯾﻛون اﻟﺗﮭدﯾد ﻓﻲ اﻟﻧﻔس واﻟﻣﺎل وﻣن ﯾﮭﻣﮫ أﻣره ،ﺑﺣﺳب درﺟﺔ اﻹﻛراه ،وأن ﯾﻛون اﻟﻣ َ اﻟﺧوف ﻓﻲ اﻟﻣ َ
ﺣراﻣﺎ ً ﻻ ﯾﻔﻌﻠﮫ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺳﻼﻣﺗﮫ.
وﻗﺳّم اﻟﻌﻠﻣﺎء اﻹﻛراه إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻧواع ،ﻗﺎل اﻟﺑزدوي "ﻧوع ﯾﻌدم اﻟرﺿﺎ وﯾﻔﺳد اﻻﺧﺗﯾﺎر وھو اﻟﻣﻠﺟﺊ ،وﻧوع ﯾﻌدم اﻟرﺿﺎ
وﻻ ﯾﻔﺳد اﻻﺧﺗﯾﺎر وھو اﻟذي ﻻ ﯾﻠﺟﺊ ،وﻧوع ﻻ ﯾﻌدم اﻟرﺿﺎ" .85وﻗد اﺧﺗﻠف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻓﻲ ﺗﻛﯾﯾف ﻓﻌل اﻟﻣ َ
ُﻛره .وراح
اﻟﻐزاﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺻﻔﻰ إﻟﻰ أن "ﻓﻌل اﻟﻣﻛره ﯾﺟوز أن ﯾدﺧل ﺗﺣت اﻟﺗﻛﻠﯾف" .86وﻣﻌﻧﻰ ھذه اﻟﺟﻣﻠﺔ أنّ ﺛﺑوت اﻻﺧﺗﯾﺎر
23
ﻟم ﯾﺳﻘط وإن ﻟم ﺗﺗﺣﻘق اﻟﻘدرة ﻋﻠﯾﮫ .ﻓﻔﻲ اﻻﻛراه اﻟﻣﻠﺟﺊ إن ﺗﻌرﺿت اﻟﻧﻔس أو اﻷﻋﺿﺎء ﻟﻺﺗﻼف ﻓﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﻘط
اﻻﺧﺗﯾﺎر وﯾﺳﻘط ﻣﺎ ﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل ،ﻣﺛل اﻟﺗﮭدﯾد ﺑﺎﻟﻣوت إن ﻟم ﯾﻛﻔر ،ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﺻرﯾﺢ اﻟﻘرآن اﻟﻌذر ﻓﻲ اﻟﻧطق
ﺑﻛﻠﻣﺔ اﻟﻛﻔر "إﻻ ﻣن أﻛره وﻗﻠﺑﮫ ﻣطﻣﺋن ﺑﺎﻹﯾﻣﺎن" .وﻗد ﺻرّ ح اﻟﻌﻠﻣﺎء أنّ اﻟﺗﻘﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﻔر ﻻ ﺗﻛون إﻻ ﺑﺎﻟﻠﺳﺎن ﻻ ﺑﺎﻟﻌﻣل،
ﻓﺈن ﻗﯾل ﻟﻠﻣﺳﻠم "اﺳﺟد ﻟﮭذا اﻟﺻﻧم" وﻛﺎن اﻟﺻﻧم ﻣواﺟﮭﺎ ﻟﻠﻘﺑﻠﺔ ﺳﺟد ،وإﻻ ﻓﻼ ﯾﺳﺟد وإن ﻗﺗﻠوه.
وﻋﻼﻗﺔ اﻹﻛراه ﺑﺎﻟﺿرورة ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻹﻛراه اﻟﻣﻠﺟﺊ ،ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻧﺎول اﻟطﻌﺎم اﻟﻣﺣرّ م ﻓﻲ اﻟﺑﯾداء "ﻓﻣن
ﺑﺎغ وﻻ ﻋﺎ ٍد ﻓﻼ إﺛم ﻋﻠﯾﮫ" .وھذا ﯾﻘﺗﺿﻲ أن اﻟﺗﻛﻠﯾف ﻟم ﯾرﺗﻔﻊ ﻋﻧﮫ ،وأﻧﮫ ﻣﺧﺎطب ﺑﺎﻻﻣﺳﺎك ،ﻟﻛﻧﮫ اﺳﺗﺛﻧﺎءاﺿطر ﻏﯾر ٍ
ﻟﻠﺿرورة ،ﯾُرﻓﻊ ﺑﮫ إﺛم اﻟﻔﻌل .وﻗد ﻗرر اﻹﻣﺎم أﺑو زھرة ﺧﻼف ذﻟك ﻓﻲ ھذا اﻟﻣوﺿﻊ ،ﺣﯾث رأي أنّ أﺻل اﻟﻧﮭﻲ ﻋن
ﺗﻧﺎول اﻟﻣﺣرّ م ﻗد ﺳﻘط ﻋﻧﮫ ﺑﺎﻟﺿرورة ،وﻧﺣن ﻧﺧﺎﻟﻔﮫ ﻓﻲ ھذا إذ ﻻ ﻧﺟد ﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﺳﻘوط أﺻل اﻟﻧﮭﻲ ،87ﺑل رﻓﻊ اﻹﺛم ﻻ
ﻏﯾر ،واﻟدﻟﯾل رﺟوﻋﮫ إﻟﻰ اﻟﺗﻛﻠﯾف ﺑﺎﻟﻧﮭﻲ ﺑﻌد زوال اﻟﺿرورة ،ﺑل وﺑﺗﻧﺎول أﻗل اﻟﻘدر اﻟذي ﯾﺣﻔظ ﻋﻠﯾﮫ ﻧﻔﺳﮫ ،ﻣﻣﺎ ﯾدل
ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺻﺣﺎب أﺻل اﻟﻧﮭﻲ .واﻹﻛراه اﻟﻣﻠﺟﺊ ﻟﺿرورة ﺣﻔظ اﻟﻧﻔس ﺑﻧطق ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻛﻔر ،ﯾﺳﺗﺣﺳن ﻓﯾﮫ اﻟﺻﺑر ،وإن رُﻓﻊ
ﻓﯾﮫ اﻹﺛم ﻋن اﻟﻧﺎطق ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ .واﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﺣﺎﻟﯾن أﻧﮫ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮫ ﺗﻧﺎول اﻟﻣﺣرّ م ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﻧطق ﺑﺎﻟﻛﻔر
ﯾﺳﺗﺣﺳن ﻋدم اﻟﻔﻌل ،وإن ﺟﺎز ،ﺑﻧﺎ ًء ﻋﻠﻰ اﻟﻔرق ﺑﯾن درﺟﺗﻲّ اﻟﻧﮭﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻌﻠﯾن .ﻓﺄﺣدھﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺄﻓﻌﺎل ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﺗﺣل
وﺗﺣرم ﺣﺳب اﻟﺷراﺋﻊ ،وھﻲ إﻟﻰ ﷲ ،ﻓﺈن رﻓﻊ إﺛم ﻓﻌﻠﮭﺎ ﻓﮭذا ﻋﺎﺋد اﻟﯾﮫ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ ،وھو رﺧﺻﺔ ﺗﺟب ﻓﻲ ﻣﺣﻠﮭﺎ .أﻣﺎ
اﻟﻧطق ﺑﺎﻟﻛﻔر ،ﻓﮭو ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺄﻣر ﻋﻘديّ ﺛﺎﺑت ﻻ ﯾﺗﺑدل ﻓﻲ ﺷرع ﻣن اﻟﺷراﺋﻊ وﻻ رﺳﺎﻟﺔ ﻣن اﻟرﺳﺎﻻت ،ﻓﺎﻹﻣﺳﺎك ﺑﺗﻼﺑﯾﺑﮭﺎ
ﺣﺗﻰ ﻣﻊ ﻓﻘد اﻟﻧﻔس ﻟﮫ وﺟﮫ ُﻣﺳﺗﺣﺳن ،وإن ﻟم ﯾﺟب .ﻗد أﺷﺎر إﻟﻰ ﻣﺛل ذﻟك اﻹﻣﺎم اﻟﻐزاﻟﻲّ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﺻﻔﻲ ،ﻓﻲ ﻣﻌرض
ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﮫ ﻟﻠرﺧﺻﺔ واﻟﻌزﯾﻣﺔ ،ﻗﺎل "وﻗﺎل ﻗﺗل ﻏﯾره ﻣﺣظور ﻛﻘﺗﻠﮫ وإﻧﻣﺎ ﺟوز ﻟﮫ ﻧظرا ﻟﮫ وﻟﮫ أن ﯾﺳﻘط ﺣق ﻧﻔﺳﮫ إذا ﻗﺎﺑﻠﮫ
ﻣﺛﻠﮫ وﻟﯾس ﻟﮫ أن ﯾﮭﻠك ﻧﻔﺳﮫ ﻟﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋن ﻣﯾﺗﺔ وﺧﻣر ﻓﺈن ﺣﻔظ اﻟﻣﮭﺟﺔ أھم ﻓﻲ اﻟﺷرع ﻣن ﺗرك اﻟﻣﯾﺗﺔ واﻟﺧﻣر" .88
ُﻛره وﺑﯾﺎن ﺗﻌﻠق آﺛﺎر اﻟﻔﻌل ﻋﻠﻰ أﯾﮭﻣﺎ ،وﻧﻘﺻد ﻗﺎﻋدة "ﯾُﺿﺎف اﻟﻔﻌل إﻟﻰ
ُﻛره واﻟﻣ ِ
وﻗد وردت ﻗﺎﻋدة ﻓﻘﮭﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺄﻣر اﻟﻣ َ
اﻟﻔﺎﻋل ﻻ اﻵﻣر ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻣﺟﺑراً" .89
واﻟﺣق أنّ ﻣوﺿوع اﻹﻛراه ﻣن اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺄﺧذ ﻧﺻﯾﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺻر ،ﻣن ﺣﯾث ﺗﻠوّ ن أﺷﻛﺎل
اﻹﻛراه وﺗﻌدﯾﮫ .ﻓﺎﻻﻛراه اﻟﺟﻣﺎﻋﻲّ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،ﻣﺛل ﺗﺟوﯾﻊ اﻟﺷﻌوب ،أو ﺣرﻗﮭﺎ ﺑﺎﻟﻘﺻف أو ﻏﯾر ذﻟك ﻣﻣﺎ ﻧراه
ﺑﺷﻛل ﻣن اﻷﺷﻛﺎل؟ وﻣﺎ ھو ﺣ ّده وﺣﻛﻣﮫ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﻓراد؟ وﻣﺎ ھو أﺛره ﻓﻲ ﺗﺻرف
ٍ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻟﯾوم ،ھل ﯾُﻌ ّد ھذا إﻛراھﺎ ً
وﻟﻲّ اﻷﻣر؟ ھذه ﻛﻠﮭﺎ أﻣور ﯾﺟدر ﺑﺎﻟﻔﻘﮭﺎء ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺻر اﻟﺗﺻدى ﻟﮭﺎ ،ﻣن ﺣﯾث إﻧﮭﺎ ﺗﻣس ﺣﯾﺎة اﻟﻧﺎس أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﯾﻣﺳﮭم
ﺑﺣث إﻛراه اﻟرﺟل ﻋﻠﻰ اﻟزﻧﺎ ،وھل اﻻﻧﺗﺻﺎب إﻗرار ﺑﺎﻟرﺿﺎ أم ﻻ.
24
اﻟﺑﺎب اﻟﺧﺎﻣس
اﻟﻌزﯾﻣﺔ واﻟرﺧﺻﺔ
ﻣﺗﻌﻠق
ٍ ﺗﻌرﯾف اﻟﻌزﯾﻣﺔ واﻟرﺧﺻﺔ :ﻋرﻓﮭﻣﺎ اﻟﺑزدوي "اﻟﻌزﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﺳم ﻟﻣﺎ ھو أﺻ ٌل ﻣﻧﮭﺎ ﻏﯾر
ﺑﺎﻟﻌوارض ،ﺳﻣﯾت ﻋزﯾﻣﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﻣن ﺣﯾث ﻛﺎﻧت أﺻوﻻً ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺗوﻛﯾد ﺣﻘﺎ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺷرع ،وھو ﻧﺎﻓذ اﻷﻣر
ُﻧﻲ أﻋذار اﻟﻌﺑﺎد وھو ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺑﺎح ﺑﻌذر ﻣﻊ ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺣرم" .90واﻟﻌزاﺋم ھﻲ أﺻل
واﺟب اﻟطﺎﻋﺔ .واﻟرﺧﺻﺔ اﺳم ﻟﻣﺎ ﺑ َ
اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﻠّف طﻠﺑﺎ ً ﺟﺎزﻣﺎ ً أو ﻏﯾر ﺟﺎزم ،ﺑﺎﻟوﺟوب أو اﻟﻧدب .واﻟرﺧص ھﻲ ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣن
ذﻟك ﺑﻌذر ،ﻓﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ واﺟب اﻟﻔﻌل ﻓﺗرﻓﻊ وﺟوﺑﮫ ﺣﺗﻰ زوال اﻟﻌذر ،وﻋﻠﻰ اﻟﺣرام ﻓﺗرﻓﻊ ﺗﺣرﯾﻣﮫ ﺣﺗﻰ زوال اﻟﻌذر .وﻻ
ﯾﺗﺻور رﺧﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺎح .91
واﻟرﺧص ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،وﻣن ﺛ ّم ﻓﻘد اﻋﺗﺑر اﻟﻔﻘﮭﺎء أن اﻟرﺧﺻﺔ ﻓﻲ ﻣوﺿﻌﮭﺎ ﻋزﯾﻣﺔ ،ﻣﺛل ﺗرك اﻟﺻﯾﺎم ﻓﻲ اﻟﺳﻔر
واﻟﻣرض ،وﺗﻧﺎول اﻟﺷراب اﻟﻣﺣرّم ﺣﻔﺎظﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔس ﻣن اﻟﮭﻼك ،وھﻲ أﻣور ﯾرﻓﻊ ﺑﮭﺎ اﻹﺛم وﯾﺛﺎب ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣن ﺣﯾث
إﻧﮭﺎ ﻋزﯾﻣﺔ .وﻗد أﺣﺳن اﻟﻐزاﻟﻲّ ﺣﯾث ﺑﯾّن أن اﻟﺗﯾﻣم ﻟﯾس ﺑرﺧﺻﺔ ،رﻏم ﻣﺎ ﯾﺷﺎع ،إذ ﻛﯾف ﯾرﺧص ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﻘدر اﻟﻣرء
ﻋﻠﻰ ﺗﺣﺻﯾﻠﮫ؟ ﻓﺎﻟﻣﺎء ﻣﻌدوم ،واﻟﺧﯾﺎر ﺳﺎﻗط ،واﻟﻌزﯾﻣﺔ اﻟﺗﯾﻣم.
واﻟﺗرﺧﯾص ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﺑﻌذر ،ﻛﺎﻹﻛراه ﻣﺛﻼً ،ﺣﺳب أﻧواﻋﮫ ﻛﻣﺎ ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎھﺎ أﻋﻼه .واﻟﻘﯾﺎس ﻋﻠﻰ اﻟرﺧص ﯾﺻ ّﺢ ﺑﺟﺎﻣﻊ
اﻟﻌﻠﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﻟم ﯾﺛﺑت ﻓﯾﮫ ﻧص ،ﻛﺎﻟﺟﻣﻊ ﻋﻧد اﻟﻣرض ،ﻗﯾﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﻊ ﻋﻧد اﻟﺳﻔر ﺑﺟﺎﻣﻊ اﻟﻣﺷﻘﺔ.
واﻷﺻل أنّ اﻟﻣﺳﻠم اﻟﺑﺎﻟﻎ اﻟﻌﺎﻗل اﻟرﺷﯾد ﻣﻛﻠّف ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﮭﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﺛﺑت ﻓﻲ ﺣﻘﮫ ﻋذر ﺑﺎﻟﺗرﺧص ﻓﻲ
ﻓﻌل ﻣﺎ ،ﺳواء أﻣراً أو ﻧﮭﯾﺎً .وﻣن ﺛم ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﻠم أن ﯾﺗﺣرى أﺻل اﻟﺗﻛﻠﯾف وﯾﻠﺗزم ﺑﮫ ،وﻻ ﯾﺗﺑﻊ اﻟرﺧص ﯾﺗﺻﯾدھﺎ
ﺳﻔر ُﻗﺻد ﺑﮫ ﺗرك اﻟﺻﯾﺎم ،أو زواج ﻣﺣﻠل ،أو ﻗرض ﻗﺻد ﺑﮫ اﻟﺗﮭرب ﻣن اﻟزﻛﺎة .ﻓﻛﻠّﮭﺎ ﺻور
ﺑﺎﻟﺣﯾل ﻛﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ ٍ
ﺣﯾل ﻏﯾر ﻣﺷروﻋﺔ ﺗﺧرج ﺑﺎﻟﺗﻛﻠﯾف ﻋن وﺟﮭﮫ ﻟﻐﯾر ﻋذر ﺻﺣﯾﺢ ،وإن ﻛﺎن ظﺎھره اﻟﺻﺣﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻓﻌل اﻟذﯾن ﻋدوا ﻓﻲ
اﻟﺳﺑت .ﻓﺎﻟرﺧص ھﻲ أﺻل ﻣﺎ ﯾﺳﻌﻰ اﻟﯾﮫ اﻟﻣﺣﺗﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺷرع.
25
اﻟﺑﺎب اﻟﺳﺎدس
وھذا اﻟﺑﺎب ھو ،ﻓﯾﻣﺎ أﺣﺳب ،أھم اﻷﺑواب اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﻧﻲ ﺑﮭﺎ ھذا اﻟﺑﺣث ،ﻣن ﺣﯾث أنّ اﻷﺣﻛﺎم إﻧﻣﺎ ُ
ﺷرﻋت ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ اﺑﺗداءً،
وھو إﺟﻣﺎع اﻟﻌﻠﻣﺎء إﻻ اﻟظﺎھرﯾﺔ ،ﻣن ﺣﯾث ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﺧﻼﻓﮭم ،ﻗﺎل اﻟﺷﺎطﺑﻲ "اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ إﻧﻣﺎ ﺷرﻋت ﻟﺟﻠب
اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ أو درء اﻟﻣﻔﺎﺳد" .92
ﺷرﻋت ﻟﺟﻠب وﯾﻘول ﻗﺎﺋل ،ﻛﯾف ﯾﻛون اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ،ﻣﻊ ﻗوﻟﻧﺎ إنّ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ إﻧﻣﺎ ُ
اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ودرء اﻟﻣﻔﺎﺳد؟ وﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺳؤال ،ﯾﺣب أن ﻧوﺻّﺢ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ ﻓﯾﮭﺎ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﺑﺑﯾﺎن
ﺿواﺑط اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﺳﻠﺔ إزاء اﻟﻧص اﻟﺛﺎﺑت ،ﻛﺗﺎﺑﺎ ً أو ﺳﻧﺔ أو إﺟﻣﺎﻋﺎً.
ﺿواﺑط اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ:
ﻣن اﻟﺛواﺑت اﻟﻣؤﻛدة ﻓﻲ اﻟﺷرع اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺑل ﻛﻣﺎ ﯾرى ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻔﻘﮭﺎء ،ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺷراﺋﻊ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻺﺳﻼم ،أنّ إﻋﺗﺑﺎر
اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ أوﺗﻛﺛﯾرھﺎ ودرء اﻟﻣﻔﺎﺳد أوﺗﻘﻠﯾﻠﮭﺎ ھو ﻣﻘﺻد اﻟﺷﺎرع ﻣن وﺿﻊ اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻟﯾﺿﻣن ﻟﻠﻧﺎس ﺣﯾﺎة ﻛرﯾﻣﺔ ﺻﺎﻟﺣﺔ
ﻓﻲ اﻟدﻧﯾﺎ واﻵﺧرة ﺣﺳب اﻟﺗﺻور اﻹﺳﻼﻣﻲّ ﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﯾﺎة وھدﻓﮭﺎ .وﻛﻣﺎ ﺑﯾّن اﻟﻣﺷرّ ع اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟواردة ﻓﻲ
ﻧﺻوص اﻟﻛﺗﺎب واﻟﺳﻧﺔ – ﺑﺣﺳب درﺟﺎت اﻟﻧﺻﯾّﺔ ،وﻋﻣوم اﻟﻠﻔظ وﺧﺻوﺻﮫ وإطﻼﻗﮫ وﺗﻘﯾﯾده -ﻓﻘد ﺑﯾّن ﻛذﻟك ﻗواﻋد
اﺳﺗﻧﺑﺎط اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣرﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب إﻋﺗﺑﺎرھﺎ واﻟﻣﻔﺎﺳد اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﺗﺟﻧﺑﮭﺎ وﺗﻘﻠﯾﻠﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻧﺑﺎط ﺗﻠك اﻟﻘواﻋد
اﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﺑدرﺟﺎﺗﮭﺎ ،ﻣﻣﺎ ﺟﻌل ﺗﻠك اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﻌﺗﺑرة ﺟزءاً ﻻ ﯾﺗﺟزأ ﻣن اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ورﻛن رﻛﯾن ﻓﻲ أﺻول اﻟﻔﻛر اﻹﺳﻼﻣﻲّ اﻟﻔﻘﮭﻲ.
وﻟﻛن اﻷﻣر اﻟذي دھﺎﻧﺎ ودھﻰ اﻟواﻗﻊ اﻟﻔﻘﮭﻲّ اﻹﺳﻼﻣﻲّ اﻟﻣﻌﺎﺻر ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻣﺎ ﯾﻌﺎﻧﯾﮫ ذﻟك اﻟواﻗﻊ ﻣن إﻋﺗداءات ﻋﻠﻰ
اﻷرض واﻟﻔﻛر ﺟﻣﯾﻌﺎً ،ھو ذﻟك اﻻﺳﺗﺧدام اﻟﺳﺊ اﻟﻣﺟﺎﻧب ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،ﺑﺎﺳم دواﻋﻲ "اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ" وﺿروراﺗﮭﺎ.
ﻓﻠزم أن ﻧﺑﯾّن ﺿواﺑط ھذه اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾدﺧﻠﮭﺎ ﻟﺑس اﻟﻣﻐرﺿﯾن ﻣن أﻋداء اﻟﺷرﯾﻌﺔ وﺷﺎﻧﺋﯾﮭﺎ.
اﻟﺿﺎﺑط اﻷول :أن ﺗﻛون ﻣﺻﻠﺣﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻻ ﺗوھﻣًﺎ واﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ﺑﮭذا اﻟﻧظر ﻧوﻋﺎن:
.1إﻣﺎ ﻣﺻﻠﺣﺔ د ّل ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﺷرع واﻋﺗﺑرھﺎ إﻣﺎ ﺑدﻟﯾل ﻣﻌﯾن أو ﻧص ﻣﺣدود ﻛﻣﺻﻠﺣﺔ ﺷرب اﻟﺧﻣر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
اﻟﺿرورة ﻟﺣﻔظ اﻟﻧﻔس ﻣن اﻟﻣوت ،أو ﻣن ﻏﯾر دﻟﯾل ﻣﻌﯾن ،وﻟﻛن ﺑﺎﻧدراﺟﮭﺎ ﺗﺣت ﺟﻣﻠﺔ ﻣﻘﺎﺻد اﻟﺷرع اﻟﺗﻲ
دﻟت ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻷدﻟﺔ اﻟﺟزﺋﯾﺔ ﻟﻣﺟﻣوﻋﮭﺎ ﻛﻣﺻﻠﺣﺔ ﺟﻣﻊ اﻟﻣﺻﺣف ﻓﻲ ﻛﺗﺎب واﺣد ﻣن ﺑﺎب ﺣﻔظ اﻟدﯾن ،إذ إﻧﮭﺎ
ﺗﺗﻼءم ﻣﻊ ﻣﻘﺎﺻد اﻟﺷرﯾﻌﺔ وﺗﺧدﻣﮭﺎ
.2أو ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻟم ﯾدل اﻟﺷرع ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻻ ﺑدﻟﯾل ﻣﻌﯾن وﻻ ھﻲ ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﺗﺻرﻓﺎﺗﮫ ،وﻣﻘﺎﺻده ﻛﻣﺎ دﻟت ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺟﻣوع
اﻷدﻟﺔ اﻟﺟزﺋﯾﺔ ﻓﮭﻲ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣُﺗوھﻣﺔ اﻟﺗﻲ أﻟﻐﺎھﺎ اﻟﺷرع وﻟم ﯾﻌﺗﺑرھﺎ ﻛﺎﻟزﻧﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻟذة اﻟوطء أو ﻏﯾر ذﻟك
26
ﻣﻣﺎ ﯾﺧرج ﺑﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﯾن واﻟﻌﻠﻣﺎﻧﯾﯾن "اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن!" ﻛﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗرﻓﯾﮫ ﻋن اﻟﻧﻔس ﺑﺳﻣﺎع اﻟﻣوﺳﯾﻘﻲ واﻟﻧظر
إﻟﻰ اﻟرﺳوﻣﺎت اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟﺑدﯾﻌﺔ ،أو ﻛﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻛﯾﺎن اﻟﻣرأة ﺑﻣﺳﺎواﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟرﺟل ﻓﻲ اﻟﺧروج واﻹﺧﺗﻼط
وﺗوﻟﻰ ﻣﻧﺎﺻب اﻹﻣﺎﻣﺔ! وﻛﺄن اﻟﺷﺎرع ﺣﯾن ﺣﻔظ ﻟﻠﻣرأة ﺣﻘوﻗﮭﺎ ﺑﺣﻔظﮫ ﻟﻣﯾراﺛﮭﺎ وﺗﺄﻛﯾده ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻹھﺗﻣﺎم
ﺑﮭﺎ ﻛزوﺟﺔ و
ﻓﻘوﻟﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾف" :دون أن ﯾﺄﺗﻲ دﻟﯾل ﻣﻌﯾن ﺑﺎﻹﻟﻐﺎء" ﯾدل ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﺿﺎﺑط .ﻓﺈن ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻟﻧص ﻣن ﻛﺗﺎب
أو ﺳﻧﺔ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟدﻟﯾل ﻗد د ّل ﻋﻠﻰ إﻟﻐﺎء ھذه اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ .ﻣﺛﺎل ﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ :ﻓﻲ ﻣن أﻓﺗﻰ اﻟﻣﻠك اﻟذي وطﺊ ﻓﻲ ﻧﮭﺎر رﻣﺿﺎن
ﺑﺻﯾﺎم ﺷﮭرﯾن ﻣُﺗﺗﺎﺑﻌﯾن ﺣﺗﻰ ﯾﺿﻣن اﻧزﺟﺎره ،واﻟﺷرع ﻗد دل ﺑﺎﻟﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﮫ إﻣﺎ أن ﯾﺧﯾر ﺑﯾن اﻟﻛﻔﺎءات اﻟﺛﻼث اﻟﻌﺗق
أو اﻟﺻوم أو اﻹطﻌﺎم ،أو أن ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﻘدر ﻋﻠﯾﮫ ﻣﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗرﺗﯾب ،ﻓﺎﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣُﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﻟزاﻣﮫ اﻟﺻوم ﻣﻠﻐﯾﺔ ﺑﻧص
اﻟﺷرع.
وﻛل ﻣﺎ ورد ﻣن ﻓﺗﺎوى ﻟﻠﺻﺣﺎﺑﺔ أو اﻷﺋﻣﺔ ﯾوھم أﻧﮭم أﻓﺗوا ﺑﮫ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﻧص ﻣن ﻛﺗﺎب أو ﺳﻧﺔ،
ﻓﺈﻧﻣﺎ ھو اﺿطراب ﻓﮭم ﻣن ذھب إﻟﻰ ﻣﺛل ھذا اﻟﻘول.
أوﻻً :ﻣﺎ ورد ﻋن ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻣن إﻟﻐﺎﺋﮫ ﻟﺳﮭم اﻟﻣؤﻟﻔﺔ ﻗﻠوﺑﮭم ﻣن اﻟزﻛﺎة ،وﯾظﮭر ﻷول اﻷﻣر
ﺗﻌﺎرض ذﻟك ﻣﻊ ﻧص اﻟﻛﺗﺎب اﻟذي ﯾُﺣدد أن اﻟﻣؤﻟﻔﺔ ﻗﻠوﺑﮭم أﺣد أﺻﻧﺎف ﻣن ﺗﺟب أن ﯾُﺿرب ﻟﮫ ﺑﺳﮭم ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة وھﻲ
ﻗوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :إﻧﻣﺎ اﻟﺻدﻗﺎت ﻟﻠﻔﻘراء."...
ً
ﻋﺎﺋدا إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﻧﺎط ﻻ إﻟﻰ اﺗﺑﺎع اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﻧص .ذﻟك أن ﻣﻌﻧﻰ" :واﻟﻣؤﻟﻔﺔ وﻋﻧد اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻧﺟد أن اﻷﻣر
اﻟذﯾن ﺗﺳﺗﺟﻠب ﻣودﺗﮭم وﻗﻠوﺑﮭم ﺑﺎﻷﻟﻔﺔ ،وھم ﺻﻧف ﻣن اﻟﻧﺎس ﯾﺣﺗﺎج اﻟﻣﺳﻠﻣون إﻟﻰ اﺳﺗﺟﻼب ﻗﻠوﺑﮭم ﻓﻲ 93
ﻗﻠوﺑﮭم"
ﻓﺗرات ﺿﻌف اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،أو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرى ذﻟك إﻣﺎﻣﮭم ،وﯾﻛون ذﻟك ﺑدﻓﻊ اﻟﻣﺎل إﻟﯾﮭم ﻣن
ﺳﮭم اﻟزﻛﺎة ،ﻓﺣﻛم ﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﮫ أﻧﮫ إن وﺟد إﻣﺎم اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻣن ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ أن ﯾُﺗﺄﻟف ﻗﻠﺑﮫ ﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻟذﻟك أﻣﻛن
ﺻرف ﺳﮭم ﻣن اﻟزﻛﺎة إﻟﯾﮫ وإﻻ ﻓﻼ ،ﺳواء ﺑﻌدم وﺟود ﻣﺛل ھذا اﻟﺻﻧف ﻣن اﻟﻧﺎس اﺑﺗدا ًء أو ﺑﻌدم ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻟﺗﺄﻟف
ً
وﺟودا وﻋدﻣًﺎ .وھو ﻣﺎ ﺑﯾن ﻟﻌﻣر ﻗﻠوب أﺣد ﻧظرً اً ﻟﻌزة اﻹﺳﻼم وﻣﻧﻌﺗﮫ ،ﻓﮭو ﻣن ِﻗ َﺑ ِل اﻟﺣﻛم اﻟﻣُﻌﻠل ﺑﻌﻠﺔ ﻓﮭو ﯾدور ﻣﻌﮭﺎ
رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻋﻧد اﻟﻧظر اﻟدﻗﯾق إﻟﻰ اﻷﻣر وﺗﺣﻘﯾق ﻣﻧﺎط اﻟﺣﻛم اﻟﺷرﻋﻲ اﻟذي ھو ﺗﺄﻟﯾف ﻗﻠوب اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن اﻟﺟُدد اﻟواﻓدﯾن
93ﻛذﻟك ﯾذﻛر ھﻧﺎ أن ﻋﻠّﺔ إدراج "اﻟﻣؤﻟﻔﺔ ﻗوﺑﮭم" ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺻدﻗﺎت ھﻲ ﻣﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﻣن اﻟﻌﻠل اﻟﻣﻧﺻوﺻﺔ ﻓﻲ اﻟوﺻف ،ﻓوﺻف اﻟﻣؤﻟﻔﺔ ﻗﻠوﺑﮭم ﯾﺣﻣل ﻓﻲ طﯾﺎﺗﮫ أﻧﮫ ﻋﻠّﺔ
اﻟﺣﻛم ،ﻓﺈن ﻟم ﯾرى اﻹﻣﺎم ﻣن ﯾﺟب ﺗﺄﻟﯾف ﻗﻠﺑﮫ ﻟم ﯾﻛن ﻟﮭذه اﻟطﺑﻘﺔ وﺟود ﻛﻣﺎ ﻟو ﻟم ﯾوﺟد ﻓﻘﯾر ﻟم ﺗﺧرج اﻟﺻدﻗﺔ ﻷﺣد ﻣن ھذه اﻟطﺑﻘﺔ.
27
ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم ﻓوﺟد أن ﺣﺎل اﻹﺳﻼم ﻟم ﯾﻌد ﯾﺣﺗﺎج ﻣﻌﮫ ﻟذﻟك ﻓﺄﻟﻐﻰ ﺳﮭﻣﮭم ﻓﻲ اﻟزﻛﺎة ﻻﻧﺗﮭﺎء اﻟﻌﻠﺔ أو اﻟﻣﻧﺎط وﻋدم
وﺟوده .وھو ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﺻﺎﺣب ﻣﺳﻠم اﻟﺛﺑوت ﻓﻲ ھذا اﻷﻣر" :أﻧﮫ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻧﺗﮭﺎء اﻟﺣﻛم ﻻﻧﺗﮭﺎء اﻟﻌﻠﺔ".
ﺛﺎﻧﯾﺎً :ﻋدم ﻗطﻊ ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب ﻟﯾد اﻟﺳﺎرق ﻋﺎم اﻟﻣﺟﺎﻋﺔ ،ﻓﻘد ﺗوھم اﻟﺑﻌض أن ذﻟك ﻣُﻌﺎرض ﻟﻘوﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :واﻟﺳﺎرق
واﻟﺳﺎرﻗﺔ ﻓﺎﻗطﻌوا أﯾدﯾﮭﻣﺎ" ،وﻋﻧد اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ﻧرى أﻧﮭﺎ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﻌﺎم اﻟذي ﯾدﺧل ﻋﻠﯾﮫ اﻟﺗﺧﺻﯾص ﻓﻲ ﻋدة أﻣور
ﻣُﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺳرﻗﺔ ﻣﺛل ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟﺳرﻗﺔ وﻣﻘدارھﺎ ،وﺣرز اﻟﻣﺳروق وﻋدم وﺟود اﻟ ُ
ﺷﺑﮭﺔ اﻟدارﺋﺔ ﻟﻠﺣد إﻟﻰ ﻏﯾر ذﻟك ﻣﻣﺎ
َﺧﺻص ھذا اﻟﻧص وﻟم ﯾﺗرﻛﮫ ﻋﻠﻰ ﻋﻣوﻣﮫ اﻟدال ﻋﻠﻰ ﻗطﻊ أي ﺳﺎرق ﻓﻲ أي ظرف أو ﺑﺄي وﺿﻊ ﻟﻠﺳرﻗﺔ ﺛم أن ﺣدﯾث
رﺳول ﷲ " :ادرأوا اﻟﺣدود ﺑﺎﻟﺷﺑﮭﺎت" ﯾﻌم أي ﺷﺑﮭﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺄي ﺣد ﺑﺣﯾث أﻧﮫ إذا اﻋﺗﺑر اﻟﻧﺎظر ﻓﻲ اﻟﺣﻛم أن أﻣرً ا
ﺷﺑﮭﺔ؛ وھو ﻋﯾن ﻣﺎ ﻣﺎ ﯾُﻌﺗﺑر ﺷﺑﮭﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺗدرأ اﻟﺣد ﻋن اﻟﺳﺎرق وﺟب ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﺻﯾر إﻟﻰ ذﻟك وﻋدم إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺣد ﻟﮭذه اﻟ ُ
ﻓﻌﻠﮫ ﻋﻣر رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ﻓﻲ ھذا اﻷﻣر إذ رأى أن ُ
ﺷﺑﮭﺔ اﻟﺿرورة اﻟﻣُﻠﺟﺋﺔ إﻟﻰ اﻟﺳرﻗﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم اﻟﻣﺟﺎﻋﺔ ﺗدرأ اﻟﺣد ﻋن
اﻟﺳﺎرق ﻹﻣﻛﺎن أن ﯾﻛون ﻗد ﺳرق ﻟدرء اﻟﻣوت واﻟﮭﻼك ﻋن ﻧﻔﺳﮫ.
ﻓظﮭر أن ھذه اﻟﻔﺗوى ﻟﯾﺳت ﻣُراﻋﺎة ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﻧص ﻣن اﻟﺳﻧﺔ ،ﺑل ھو إﻋﻣﺎل ﻟﻠﻌﻠﺔ اﻟﻣُﺳﺗﻧﺑطﺔ وإﺟراء اﻟﺣﻛم
ً
وﺟودا وﻋدﻣًﺎ ،ﺑل ھو أﺳﺎس اﻟﻔﮭم اﻟﺳﻠﯾم اﻟذي ﯾﺗطرق إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻧﺻوص وروﺣﮭﺎ دون أن ﯾﻘف ﻋﻧد ﻣدﻟول ﻣﻌﮭﺎ
أﻟﻔﺎظﮭﺎ وظواھرھﺎ.
اﻟﺿﺎﺑط اﻟﺛﺎﻟث :ﻋدم ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ أھم ﻣﻧﮭﺎ أو ﺟﻠﺑﮭﺎ ﻟﻣﻔﺳدة أﻛﺑر ﻣن ﻣﺻﻠﺣﺗﮭﺎ :ذﻟك أن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ
اﻟﻣﻘﺻودة ﻟﻠﺷﺎرع ﺗﺗﻔﺎوت ﻣراﺗﺑﮭﺎ ودرﺟﺎﺗﮭﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻷھﻣﯾﺔ ﻓﺄﻋﻼھﺎ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺿرورﯾﺔ ﻣن ﺣﻔظ اﻟدﯾن واﻟﻧﻔس
واﻟﻌﻘل واﻟﻧﺳل واﻟﻣﺎل.
ﺛم اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺣﺎﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﯾﮭﺎ اﻟﻧﺎس ﻟرﻓﻊ اﻟﺣرج ودﻓﻊ اﻟﻣﺷﻘﺔ ﺛم اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺗﺣﺳﯾﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ُﺗﻛﻣل ﻣﻛﺎرم اﻷﺧﻼق
واﻟﻌﺎدات واﻵداب.
وﻛذﻟك ﻓﺈن ﻛل رُﺗﺑﺔ ﻣن ﺗﻠك اﻟرﺗب اﻟﻣﺻﻠﺣﯾﺔ ﺗﺗﻔﺎوت داﺧﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﻣوم ﻣﺻﻠﺣﺗﮭﺎ وﺷﻣوﻟﮭﺎ ﻟﻠﺧﻠق .وﻻ ﺷك أن اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣُﻘدﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧد اﻟﺗﻌﺎرض ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ رﺗﺑﺔ واﺣدة ﻣن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ.
اﻟﺿﺎﺑط اﻟراﺑﻊ :درﺟﺔ اﻟﻘطﻌﯾﺔ واﻟظﻧﯾﺔ :ﻓﺈن اﻟﻘطﻊ ﺑوﻗوع ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺎ ،واﻟظن ﺑوﻗوع ﻏﯾرھﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﻔﯾد ﻓﻲ ﺑﯾﺎن ﺗﻘدﯾم
أﺣدھﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺧرى .ﻓﺎﻟﻘطﻌﯾﺔ اﻟﺗﺣﺻﯾل ﻣُﻘدﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟظﻧﯾﺔ ،أو ﻋﻠﻰ اﻟﻣوھوم وﻗوﻋﮭﺎ ﺑطرﯾق اﻷوﻟﻰ .وﻋﻠﻰ ذﻟك
ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧظر اﻟﻣﺟﺗﮭد ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟﻣذﻛورة ﻋﻧد ﺗرﺟﯾﺢ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻋﻠﻰ أﺧرى .94
أﻣﺎ وﻗد ﺣﺻرﻧﺎ اﻟﺿواﺑط اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣرﺳﻠﺔ ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧرى أنّ ﺑﻌض اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﻗد ﺗﺧﺻص
ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ ﯾراھﺎ اﻟﻔﻘﯾﮫ أﻗرب ﻟﻠﺷرع وﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﻘﺻده ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺟزﺋﯾﺔ .وﻧﺿرب ﻋﻠﻰ ذﻟك أﻣﺛﻠﺔ:
94اﻧظر ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﺎب أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ﻣﺣﻣد أﺑو زھرة ،اﻟﻣواﻓﻘﺎت ﻟﻠﺷﺎطﺑﻲ.
28
راع وھﻮ ﻣﺴﺆول ﻋﻦ رﻋﯿﺘﮫ ،إﻻ أن • ﻗﺎﻋﺪة "ﺗﺼﺮف اﻻﻣﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻋﯿﺔ ﻣﻨﻮط ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﺤﺔ" 95ﻓﺎﻷﺻﻞ ّ
أن اﻹﻣﺎم ٍ
ھﺬه اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻗﺪ ُﺧﺼﺼﺖ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﺤﺔ وﻟﻢ ﺗﺘﺮك ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ،ﻓﻮﺟﺐ ﻋﻠﯿﮫ رﻋﺎﯾﺘﮭﻢ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻻ ﺑﻤﻄﻠﻖ اﻷﻣﺮ
ﺳﺮﯾﱠﺔ ،وأ ﱠﻣﺮ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﯾﺚ اﻟﺒﺨﺎري ﻋﻦ ﻋﻠﻲ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﮫ " ﻋﻠﻲ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﮫ ﻗﺎل" :ﺑﻌﺚ اﻟﻨﺒﻲ
أن ﺗﻄﯿﻌﻮﻧﻲ؟ ﻗﺎﻟﻮا :ﺑﻠﻰ، رﺟﻼً ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎر ،وأﻣﺮھﻢ أن ﯾﻄﯿﻌﻮه ،ﻓﻐﻀﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ ،وﻗﺎل :أﻟﯿﺲ ﻗﺪ أﻣﺮ اﻟﻨﺒﻲ
ﻗﺎل :ﻗﺪ ﻋﺰﻣﺖ ﻋﻠﯿﻜﻢ ﻟﻤﺎ ﺟﻤﻌﺘﻢ ﺣﻄﺒﺎ ً وأوﻗﺪﺗﻢ ﻧﺎراً ،ﺛﻢ دﺧﻠﺘﻢ ﻓﯿﮭﺎ .ﻓﺠﻤﻌﻮا ﺣﻄﺒﺎً ،ﻓﺄوﻗﺪوا ،ﻓﻠﻤﺎ ھ ﱡﻤﻮا ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل،
ﻓﺮاراً ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ،أﻓﻨﺪﺧﻠﮭﺎ؟ ﻓﺒﯿﻨﻤﺎ ھﻢ ﻛﺬﻟﻚ إذ ﺧﻤﺪت ﻓﻘﺎم ﯾﻨﻈﺮ ﺑﻌﻀﮭﻢ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ،ﻗﺎل ﺑﻌﻀﮭﻢ :إﻧﻤﺎ ﺗﺒﻌﻨﺎ اﻟﻨﺒﻲ
ﻓﻘﺎل) :ﻟﻮ دﺧﻠﻮھﺎ ﻣﺎ ﺧﺮﺟﻮا ﻣﻨﮭﺎ أﺑﺪاً ،إﻧﻤﺎ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮوف". اﻟﻨﺎر ،وﺳﻜﻦ ﻏﻀﺒﮫ ،ﻓﺬﻛﺮ ﻟﻠﻨﺒﻲ
" ﻻ ﯾﺣل ﺳﻠف وﺑﯾﻊ وﻻ ﺷرطﺎن ﻓﻲ ﺑﯾﻊ وﻻ رﺑﺢ • ﻗﺎﻋﺪة "ﺑﯿﻊ اﻟﻤﻌﺪوم ﺑﺎطﻞ" ،96وھﻲ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺑﺤﺪﯾﺚ رﺳﻮل ﷲ
ﻣﺎ ﻟم ﯾﺿﻣن وﻻ ﺑﯾﻊ ﻣﺎ ﻟﯾس ﻋﻧدك" .97وﻗد اﺳﺗﺛﻧﻲ اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻣن ذﻟك ﻋﻘد اﻻﺳﺗﺻﻧﺎع ،وھو ﺑﯾﻊ ﻣﺎ ﻟﯾس ﻋﻧد
اﻟﺻﺎﻧﻊ إذ ﯾدﺧل ﻓﯾﮫ ﻋﻧﺻر اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ وﻟﯾﺳت ﻣوﺟودة ﺣﺎل اﻟﻌﻘد ،ﻟﻛن اﺳﺗﺛﻧﻲ ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣن ﺣﯾث اﺣﺗﯾﺎج اﻟﻧﺎس
ﻓﻼ ﯾﻣﻧﻌﮫ. إﻟﻰ ھذا اﻟﻠون ﻣن اﻟﻌﻘد ،ﻛﻣﺎ إﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﺗم اﻻﺳﺗﺻﻧﺎع ﻋﻠﻰ ﻋﮭد رﺳول ﷲ
• ﻗﺎﻋدة "ﻣن اﺳﺗﻌﺟل اﻟﺷﺊ ﻗﺑل أواﻧﮫ ﻋوﻗب ﺑﺣرﻣﺎﻧﮫ" وھﻲ ﻗﺎﻋدة ھﺎﻣﺔ ،اﺳﺗدل ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﺣدﯾث رﺳول ﷲ
"ﻟﯾس ﻟﻘﺎﺗل ﺷﺊ" .98وﻗد ﻓرّ ع ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﺑﻌض اﻟﻔروع ﻣﺛل إﺿﺎﻓﺔ ﻣﺎدة ﻟﺗﺧﻠﯾل اﻟﺧﻣر ،ﻓﻼ ﺗطﮭر .واﻟﺣق أنّ
ﺑﻛﺛﯾر ﻣن ﻓروﻋﮭﺎ .ﻣﺛﺎل ذﻟك
ٍ ھذه اﻟﻘﺎﻋدة ﻻ ﺗﻘوم ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ ﻛﻘﺎﻋدة ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ،ﻣن ﺣﯾث إن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻣﻧﮭﺎ أﻛﺛر
اﻟﻣرأة ﺗﺄﺧذ دوا ًء ﺗﺣﯾض ﺑﮫ ،ﻟم ﯾﺟب ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻗﺿﺎء اﻟﺻﻼة ،وﻟو ﻗﺗﻠت أم اﻟوﻟد ﺳﯾدھﺎ ﻟﻌﺗﻘت ﻋﻠﻰ اﻟﻘطﻊ ﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ
ﻗﺎﻋدة أن أم اﻟوﻟد ﺗﻌﺗق ﺑﺎﻟﻣوت .وﻗد ﻗﺎل اﻟﺳﯾوطﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﺷﺄن "إذا ﺗﺄﻣﻠت ﻣﺎ أوردﻧﺎ ﻋﻠﻣت أن اﻟﺻور
اﻟﺧﺎرﺟﺔ ﻋن اﻟﻘﺎﻋدة أﻛﺛر ﻣن اﻟداﺧﻠﺔ ﻓﯾﮭﺎ" .99وﻗد ﺗﺗﺑﻊ ﻣﺎ ﻓرّ ع ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻔﻘﮭﺎء ﻟﯾﺛﺑت إﻧﮭﺎ ﻻ ﺗدﺧل أﺻﻼً ﺗﺣت
ھذه اﻟﻘﺎﻋدة ،واﻟﺣق أن ھذه اﻟﻘﺎﻋدة ﻻ ﺗﺻﺢ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ ،وﻟﮭذا ﻧﺟد ﺻﺣﺔ ﻣﺎ
ذﻛره اﻟﺳﯾوطﻲ ﻋن اﻟﺑﻠﻘﯾﻧﻲ ﻋن أﺑﯾﮫ أﻧﮫ أﺿﺎف إﻟﻰ ﻟﻔظﮭﺎ ﻓﺻﺎر "ﻣن اﺳﺗﻌﺟل ﺷﯾﺋﺎ ً ﻗﺑل أواﻧﮫ ،وﻟم ﺗﻛن
اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ ﺛﺑوﺗﮫ ،ﻋوﻗب ﺑﺣرﻣﺎﻧﮫ" .100وھﻲ إﺿﺎﻓﺔ ﺛرﯾﺔ ،ﺗﻌطﻲ اﻟﻘﺎﻋدة ﻣﺟﺎﻻً أرﺣب ﻟﻠﺗطﺑﯾق.
وﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﺗﺳرع ﻓﻲ إﻋﻼن اﻟوﻻﯾﺎت ﻗﺑل إﺗﻣﺎم ﺷروطﮭﺎ وﻗﯾﺎم اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗﺎﻣﺔ ﻓﯾﮭﺎ ،وھو
ﺗطﺑﯾق ﺻﺣﯾﺢ ،ﻣن ﺣﯾث إن ﺑﺎﺑﮭﺎ ھو اﻟﺗﻌدى ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ اﻟﻣؤدﯾﺔ ﻟﺻﺣﺔ إﻗﺎﻣﺔ اﻟوﻻﯾﺎت ،وﻣن ﺛ ّم،
95اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر" اﻟﺳﯾوطﻲ ﻗﺎﻋدة 27ص ،121وﺷرح اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟزرﻗﺎ ص 309
" 96درر اﻟﺣﻛﺎم ﺷرح ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣﻛﺎم" ،ﻋﻠﻰ ﺣﯾدر ،اﻟﻛﺗﺎب اﻷول ﺑﺎب اﻟﺑﯾوع ،ﻣﺎدة ،205ص ، 181وﻗد ذﻛر اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾن أوﻟﮭﻣﺎ ﺑﯾﻊ اﻻﺳﺗﺟرار وھو
ﯾﻛون ﺑﻐﯾر ﻣﺳﺎوﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺑﺎﯾﻌﯾن وﺑدون ذﻛر اﻟﺛﻣن ﻛﺎﻟﺷراء ﻣن اﻟﺑﻘﺎل ،وﺟوزه اﺳﺗﺣﺳﺎﻧﺎ ،وﺑﯾﻊ اﻟدﯾن ﻣن اﻟﻣدﯾن ،وﻟم ﯾذﻛر ﻣﺛﺎل اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺑﺎﻟﻣﺻﻠﺣﺔ
ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺻﻧﺎع.
29
ﻋدم ﺛﺑوت اﻟﺷروط ﻣن ﺣﯾث إن اﻟﺳﺑب ﺷرطﺎً ،ﻓﻼ ﺗﺗﺣﻘق اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺗﮭﺎ ،وﻣن ﺛ ّم ﻓﺈن ﻋﻛس اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ
اﻟﻣﻔﺳدة ،ﻓﯾﻛون اﻹﻋﻼن ﻣﻔﺳدة ﺑﻼ ﺧﻼف.
• ﻗﺎﻋدة " ﻣﺎ ﺣﺮم أﺧﺬه ﺣﺮم إﻋﻄﺎؤه" ،101ﻛﺎﻟﺮﺑﺎ وﻣﮭﺮ اﻟﺒﻐﻲ واﻟﺮﺷﻮة وأﺟﺮ اﻟﻨﺎﺋﺤﺔ .وﻗﺪ اﺳﺘﺜﻨﻲ ﻣﻨﮭﺎ دﻓﻊ اﻟﺮﺷﻮة
ﻣﺘﺤﻜﻢ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ،ودﻓﻊ دﯾﺔ اﻷﺳﯿﺮ واﻟﺮھﯿﻨﺔ ،102أو ﻣﺎ ﯾﺪﻓﻊ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻟﺪﻓﻊ أذاه أو ﻣﺎ ﯾﺪﻓﻊ
ٍ أﻣﺮ أو
ﻟﻮﻟﻲ ٍ
اﻟﻮﺻﻲ ﻣﻦ ﻣﺎل اﻟﯿﺘﯿﻢ ﻟﺘﺨﻠﯿﺺ اﻟﺒﺎﻗﻲ .وﻓﻲ ﻛﻞّ ھﺬه اﻟﺤﺎﻻت ،ﯾﺤﺮم اﻟﻤﺎل ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺬ وﯾﺤﻞ اﻹﻋﻄﺎء ﻟﻠﻤﻌﻄﻲ
ﻟﺠﻠﺐ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ .103
102اﻟﺳﺎﺑق
" 103ﺷرح اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" اﻟﺷﯾﺦ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟزرﻗﺎ ،ص 216
30
ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺑﺣث
رأﯾﻧﺎ ﻓﻲ طواﯾﺎ اﻟﺑﺣث أنّ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات واﻷﻋذار واﻟﻌوارض واﻟرﺧص ،وﻛ ّل ﻣﺎ ﯾﻌدل ﺑﺎﻟﺣﻛم ﻋن اﻷﺻل ،ھو ﺟزء
أﺻﯾل ﻣﻛ ّﻣ ُل ﻟﻠﺷرﯾﻌﺔ وﻣﺗﻣم ﻟﮭﺎ .وﻋدم اﻋﺗﺑﺎر ھذه اﻟﺟزﺋﯾﺎت ﯾﻣﺛل ﺗﻌدﯾﺎ ً واﻧﺣراﻓﺎ ﻋن اﻟﺷرع ،إذ إن اﻟﺗﻣﺳّك ﺑﺎﻟﻌﺎم
ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ اﻟﺧﺎص ﺗﺣ ّﻛم وﺗﺷرﯾﻊ ،ﻛﻣﺎ إنّ إﺟراء أﺣﻛﺎم اﻟﻛﻠﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺻﺣﺎب اﻟﻌوارض أو اﻟرﺧص ،أﻣر
ﯾﺧرج ﺑﻣﻘﺻد اﻟﺷﺎرع ﻓﻲ إﻧزال اﻷﺣﻛﺎم ،وﯾﻧﺣرف ﻋن ﻛﻠ ﱢﯾﺔ ﻋﺎﻣ ٍﺔ ﺷﺎﻣﻠ ٍﺔ وھﻲ أن اﻟﺷرﯾﻌﺔ ﺗﺻﻠﺢ ﻟﻛ ّل زﻣﺎن وﻣﻛﺎن
وﺣﺎل ،ﯾﻘول اﻟﺷﺎطﺑﻲّ "إذا ﺛﺑت أن اﻟﺷﺎرع ﻗد ﻗﺻد ﺑﺎﻟﺗﺷرﯾﻊ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻷﺧروﯾﺔ واﻟدﻧﯾوﯾﺔ وذﻟك ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﻻ
ﯾﺧﺗل ﻟﮭﺎ ﺑﮫ ﻧظﺎم ﻻ ﺑﺣﺳب اﻟﻛل وﻻ ﺑﺣﺳب اﻟﺟزء وﺳواء ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺿرورﯾﺎت أو اﻟﺣﺎﺟﯾﺎت أو
اﻟﺗﺣﺳﯾﻧﺎت ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟو ﻛﺎﻧت ﻣوﺿوﻋﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﻣﻛن أن ﯾﺧﺗل ﻧظﺎﻣﮭﺎ أو ﺗﺧل أﺣﻛﺎﻣﮭﺎ ﻟم ﯾﻛن اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻣوﺿوﻋﺎ ﻟﮭﺎ إذ
ﻟﯾس ﻛوﻧﮭﺎ ﻣﺻﺎﻟﺢ إذا ذاك ﺑﺄوﻟﻰ ﻣن ﻛوﻧﮭﺎ ﻣﻔﺎﺳد ﻟﻛن اﻟﺷﺎرع ﻗﺎﺻد ﺑﮭﺎ أن ﺗﻛون ﻣﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﻓﻼ ﺑد أن
ﯾﻛون وﺿﻌﮭﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟوﺟﮫ أﺑدﯾﺎ وﻛﻠﯾﺎ وﻋﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ أﻧواع اﻟﺗﻛﻠﯾف واﻟﻣﻛﻠﻔﯾن وﺟﻣﯾﻊ اﻷﺣوال ."104وﻣﻌﻧﻰ ھذا
أنّ ﻋدم اﻋﺗﺑﺎر ھذه اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ،وإطﻼق اﻟﻘول ﺑﺎﻟﻌﻣوﻣﺎت اﻓﺗﺋﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎرع ،وﺧرم ﻟﻘﺻده ودﻓﻊ ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺢ وأﺗﺑﺎع
ﻟﻠﻣﻔﺎﺳد.
وھذا اﻟذي وﺻﻔﻧﺎ ﯾﺗﺄﺗﻰ ﻣن ﺛﻼﺛﺔ طرق ،أوﻟﮭﺎ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﻛم اﻷﺻﻠﻲ ﻟﻠواﻗﻌﺔ واﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺿوى ﺗﺣﺗﮭﺎ،
وﺛﺎﻧﯾﮭﺎ ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﺎل اﻟﻣﻛﻠّف ﺑﺷﻛل ﯾﻛون ﻋﻠﻰ أﺗم وﺟﮫ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺣدث اﻻﺷﺗﺑﺎه ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗﮫ .واﻟﺛﺎﻟث ﺗﺣدﯾد
ﺑﺷﻛل ﻣطﻠق إﻻ
ٍ ﺷﻛل اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟذي ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻣﻛﻠّف ﺗﺣﺗﮫ ،ﺑﺣﺳب ﺣﺎﻟﺗﮫ .وﻣن ھﻧﺎ وﺟب أﻻ ﯾﺗﺻدى ﻟﻠﺣدﯾث ﻓﻲ اﻟﺷرع
ﻣن اﺳﺗوﻋب اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ واﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ،ﺛم ﻋرف اﻟواﻗﻊ واطﻠﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﻗدر اﻻﺳﺗطﺎﻋﺔ ،وإﻻ ﻓﮭو اﻟﺗﻘدﯾم ﺑﯾن ﯾدي ﷲ
ورﺳوﻟﮫ.
31
ﻣراﺟـﻊ اﻟﺑﺣث
.1ﻛﺗﺎب ﷲ اﻟﻌظﯾم
.2اﻟﺻﺣﺎح اﻟﺳﺗﺔ
" .3ﻛﺷﺎف اﺻطﻼﺣﺎت اﻟﻔﻧون" ﻟﻠﺗﮭﺎﻧوي
" .4اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" ﻟﻠﺷﯾﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧدوي
" .5اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ ﺑﯾن اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﺗوﺟﯾﮫ" د ﻣﺣﻣد ﺑﻛر اﺳﻣﺎﻋﯾل
" .6أﺛر اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﻼف اﻟﻔﻘﮭﺎء" ،د ﻣﺻطﻔﻰ ﺳﻌﯾد اﻟﺟن طﺑﻌﺔ ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ
" .7ﺷرح اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" ﺷرح ﻛﺗﺎب اﻟﺷﯾﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺣﻣد أﺣﻣد اﻟزرﻗﺎ ﻟوﻟده اﻟﺷﯾﺦ ﻣﺻطﻔﻰ اﻟزرﻗﺎ
" .8اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ إﯾﺿﺎح ﻗواﻋد اﻟﻔﻘﮫ اﻟﻛﻠﯾﺔ" اﻟدﻛﺗور ﻣﺣﻣد ﺻدﻗﻲ اﻟﺑورﻧو ،طﺑﻌﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ
" .9اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وأﺳﺑﺎب اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﮭﺎ" ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر .2005
" .10اﻟﻣﺳﺗﺻﻔﻰ" ﻟﻠﻐزاﻟﻲ
" .11ﻣﺧﺗﺻر ﺗﺎرﯾﺦ اﺑن ﻋﺳﺎﻛر" طﺑﻌﺔ دار اﻟﻔﻛر دﻣﺷق
" .12اﻹﺗﻘﺎن ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﻘرآن" ﻟﻠﺳﯾوطﻲ طﺑﻌﺔ ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺗراث
" .13اﻷﺷﺑﺎه واﻟﻧظﺎﺋر" ﻟﻠﺳﯾوطﻲ
" .14ﻛﺷف اﻟظﻧون" ﻟﺣﺎﺟﻲ ﺧﻠﯾﻔﺔ
" .15اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" اﻟﻧدوي
" .16أﺻول اﻟﻔﺗﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﮫ ﻋﻠﻰ ﻣذھب اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك" اﻹﻣﺎم ﻣﺣﻣد ﺑن اﻟﺣﺎرث اﻟﺧﺷﻧﻲّ ،ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺷﯾﺦ ﻣﻣد اﻟﻣﺟدوب ،طﺑﻌﺔ
اﻟدار اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب
2015 " .17ﺗطور ﻋﻠم أﺻول اﻟﻔﻘﮫ ..ﺑﯾن اﻟﺷﺎﻓﻌﻲّ واﻟﺷﺎطﺑﻲّ ،د طﺎرق ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم ،ﻓﺑراﯾر
http://www.alukah.net/sharia/1048/82855
32
" .28ﻧﯾل اﻷرب ﻣن ﻗواﻋد اﺑن رﺟب" ﻟﻠﻌﺛﯾﻣﯾن
" .29اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻓﻲ اﻟﻔرق واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء" ﻟﻠﺑﻛري ،ﺗﺣﻘﯾق ﺳﻌود ﺑن ﻣﺳﻌد ﺑن ﻣﺳﺎﻋد ،رﺳﺎﻟﺔ دﻛﺗوراه ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﻘرى ،ﻋﺎم
.1404
" .30اﻟﻧﻌت اﻷﻛﻣل ﻷﺻﺣﺎب اﻹﻣﺎم أﺣﻣد اﺑن ﺣﻧﺑل" ﻛﻣﺎل اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻐزيّ ،طﺑﻌﺔ دار اﻟﻔﻛر.
ي ،طﺑﻌﺔ دار اﻟﺑﺷﺎﺋر.
" .31اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯾﺔ واﻟﺿواﺑط اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" اﺑن ﻋﺑد اﻟﮭﺎدي ،ﺗﺣﻘﯾق وﺗﻌﻠﯾق ﺟﺎﺳم اﻟدوﺳر ّ
" .32ﺣﺳن اﻟﻣﺣﺎﺿرة" ﻟﻠﺳﯾوطﻲ
" .33ﻣﻔﺗﺎح اﻟدﺧول إﻟﻰ ﻋﻠم اﻷﺻول" د طﺎرق ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم ،دار رﯾم ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ
" .34اﻟﻣﺣﺻول" ﻟﻠرازي ،ﺗﺣﻘﯾق طﮫ ﺟﺎﺑر اﻟﻌﻠواﻧﻲ طﺑﻌﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ،
" .35اﻹﺣﻛﺎم ﻓﻲ ﻗواﻋد اﻷﺣﻛﺗم" اﺑن ﺣزم
.36إرﺷﺎد اﻟﻔﺣول إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺣق ﻣن ﻋﻠم اﻷﺻول" اﻟﺷوﻛﺎﻧﻲ طﺑﻌﺔ دار اﻟﻔﻛر
.37اﻟﻣﺳوّ دة" اﺑن ﺗﯾﻣﯾﺔ
" .38ﺟﻣﻊ اﻟﺟواﻣﻊ" ﻟﻠﺳﺑﻛﻲ ﺗﻌﻠﯾق ﻋﺑد اﻟﻣﻧﻌم ﺧﻠﯾل إﺑراھﯾم طﺑﻌﺔ دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
" .39اﻟﺟﺎﻣﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘرآن" ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻘرطﺑﻲ ،طﺑﻌﺔ دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﺎم .1967
" .40اﻟﻔﺻول ﻓﻲ اﻷﺻول" ﻟﻠﺟﺻﺎص
" .41اﻟﻔروق" ﻟﻠﻘراﻓﻲ
1994 " .42اﻟﻣﻐﻧﻰ" ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ اﻟﻣﻘدﺳﻲ ،طﺑﻌﺔ دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻋﺎم
" .43اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﮭﯾﺔ" رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ﻋﺎم 2005ﺳﻌﺎد أوھﺎب
" .44أﻋﻼم اﻟﻣوﻗﻌﯾن ﻋن ربّ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن" اﺑن ﻗﯾم اﻟﺟوزﯾﺔ
" .45أﺻول اﻟﻔﻘﮫ" ﻣﺣﻣد أﺑو زھرة
" .46أﺻول اﻟﺑزدوي"
" .47اﻟﺟواب اﻟﻣﻔﯾد ﻓﻲ ﺣﻛم ﺟﺎھل اﻟﺗوﺣﯾد" د طﺎرق ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم ،طﺑﻌﺔ ،2012دار رﯾم
http://tariqabdelhaleem.net/new/upload/attach/1413205396 .48ﺳﻠﺳﻠﺔ_اﻟرد_ﻋﻠﻰ_أﺑﻲ_ﻋﻣر_اﻟﺣﺎزﻣﻲّ _-
_اﻟوﺛﯾﻘﺔ_ﻛﺎﻣﻠﺔpdf.
.49ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌدﻟﯾﺔ.
.50درر اﻟﺣﻛﺎم ﺷرح ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣﻛﺎم" ،ﻋﻠﻰ ﺣﯾدر
33