You are on page 1of 11

‫الدور‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫اعتدت أن يكون لخياالتي وتصوراتي‬ ‫ق الكثير من الوقت ‪ ,‬وألنني‬‫ت قد تستغر ُ‬‫بغير مقدما ٍ‬
‫تلفت انتباه روحي فقد كان هذا تحديداً السبب الرئيسي وراء‬
‫ُ‬ ‫األكبر في قراءاتي لألبيات الشعرية التي‬
‫ُ‬
‫استمعت ألبياته أو قرأتها وجدتني أتخيلهُ وهو‬ ‫اختياري للكتابة عن قصائد ( جاسم الصحيح ) ‪ ,‬فكلما‬
‫يلقيها على مسامع حبيبته الخجولة ‪ ,‬تلك التي تخفضُ رأسها خجالً وتحاو ُل الهروب بعينيها من عينيه‬
‫لكنها ال تستطي ُع من َع نفسها من النظر نحوهُ بدهش ٍة بين الحين واآلخر كلما طرقت مسامعها عبارةٌ لم‬
‫يخطر على بالها أنهُ سوف يقولها كي يُعبّر بها عن مدى حب ِه لها ‪ ,‬بل عن طريقت ِه المختلفة في الحب‬
‫ُ‬
‫ذكرت في عنوان موضوعي ‪.‬‬ ‫والغزل ‪ ,‬وأقص ُد بذلك ( الغزل الرقراق ) كما‬
‫لشاعر من‬
‫ٍ‬ ‫تظن أنكَ تقرأ قصيدةً‬
‫ُّ‬ ‫فشاعرنا يكتبُ الشعر العمود ّ‬
‫ي بثقاف ٍة واضحة ‪ ,‬بطريق ٍة تجعلكَ‬
‫ُ‬
‫تلبث أن تتبينَ أن األمر ليس كذلك وأنهُ جم َع بين جمال الشعر في ذلك العصر‬ ‫العصر الجاهلي ثم ما‬
‫وبين حداثة الشعر المعاصر ولكن بطريق ٍة ملفت ٍة لالنتباه فعالً ‪.‬‬
‫فحينَ نج ُد أن أبيات الشعر الغزل ّي _تحديداً_ قد تثي ُر الخجل الشديد لدى من يستم ُع إليها ‪ ,‬كما لمسنا‬
‫من خالل قراءتنا ( للشعر الماجن ) أو للشعر الذي يرك ُز على إبراز جمال جسد المرأة بطريق ٍة قد‬
‫تخدش الحياء أحيانا ً ‪ ,‬نج ُد أننا معهُ نرغبُ في االنغماس بتفاصيل الصور التي تجسدها أبياته ‪ ,‬كيف‬
‫ال وهو يخاطبُ حبيبتهُ مثالً بقوله ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫أحاديث بال سن ٍد‬ ‫كل النسا ِء‬
‫عباس !!‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫حديث الب ِن‬ ‫ت‬
‫ت أن ِ‬ ‫وأن ِ‬
‫بوصف قد ال يخط ُر ببا ِل أح ٍد غيره ‪ ,‬فأن تصف حبيبتك بالجمال ‪ ,‬الدالل ‪ ,‬الرقة أو‬
‫ٍ‬ ‫فهو هنا ‪ ,‬يصفها‬
‫ُ‬
‫وعالمات‬ ‫تتغزل بشفتيها أو عينيها ‪ ,‬هي أمو ٌر طبيعيةٌ للغاية وقد نتقبلها من دون أن نتوقف عندها‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫بوضوح على مالمحنا ونحنُ نراها محاطةً بهال ٍة من القداسة التي يص ّر الشاعر على‬
‫ٍ‬ ‫الدهشة ترتس ُم‬
‫أن يحيطها بها في أغلب قصائده ‪ ,‬وهو يكم ُل حديثهُ معها في ذات القصيدة بقوله ‪:‬‬
‫ك حتى مسّني خج ٌل‬
‫مألتني ب ِ‬
‫الناس‬
‫ِ‬ ‫من فر ِط ما غازلتني أعينُ‬
‫فهو هنا يصفها بالجمال البارع لكن بطريق ٍة غير مباشرة حين يبينُ أن جمالها طُب َع في مالمحه وصا َر‬
‫صفةً لصيقةً به ‪.‬‬
‫وهو قد يو ّد أحيانا ً أن يخبر حبيبته بأنهُ لها ال لغيرها ولكن بطريق ٍة غير مباشر ٍة أيضا ً ‪:‬‬
‫ك هويةٌ فكأنما‬
‫لي من هوا ِ‬
‫من صاح يا أهل الهوى يعنيني !‬
‫ُ‬
‫يتحدث عنهُ بــ ( روحاني ٍة ) واضحة حين يقول مثالً ‪:‬‬ ‫أما في تعريف ِه للعشق ‪ ,‬فهو‬
‫عمر‬
‫ٍ‬ ‫العشق تنصه ُر األعما ُر في‬
‫ِ‬ ‫في‬
‫من الخلود كأنَ اللحظةَ األب ُد‬
‫قامت قيامةُ أشواقي وليس بها‬
‫ذكراك يتّق ّد ‪ ,‬ويا لروعة الوصف في البيت الثاني ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫إال حمي ٌم على‬
‫ب فلسف ّي أيضا ً ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫يتحدث عن الحب بإسلو ٍ‬ ‫وهو أحيانا ً قد‬
‫ُّ‬
‫خط استوا ِء الهوى في ك ّل خارط ٍة‬
‫للكون يمت ُد من جنبي إلى جنبي‬
‫ِ‬
‫خوفا ً على األرض خوفا ً من تدحرجها‬
‫بالخلق علّقتها في عرو ِة الهُد ِ‬
‫ب‬ ‫ِ‬

‫أو ‪..‬‬
‫ُ‬
‫دنوت حتى خلتني‬ ‫ك‬ ‫ُ‬
‫ودنوت من ِ‬
‫أدنو إلى س ّر الحياة ألدركه‬

‫أو يقول كذلك ‪:‬‬


‫قياس لهُ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫حسن ال‬ ‫حسنك‬
‫ِ‬ ‫هللِ‬
‫لمقياس ‪ ,‬وهي إشارةٌ واضحة إلى الحديث المعروف " إن هللا جمي ٌل يحبُ الجمال‬
‫ِ‬ ‫ما كان هللِ ال يخضع‬
‫"‬

‫ك حين يقو ُم باستعار ِة بعض الرموز الدينية‬


‫بمفهوم آخر ‪ ,‬وذل َ‬
‫ٍ‬ ‫وهو في قصيد ٍة أخرى يتناو ُل الحب‬
‫ي المنتظر مثالً وغيرها من االستعارات التي اعتا َد‬
‫كاإلمام علي ( عليه السالم ) أو فكرة ظهور المهد ّ‬
‫الشاعر على إيرادها في قصائده ‪:‬‬
‫ي وانهمرا‬
‫فاض الوح ُ‬
‫َ‬ ‫وجهك‬
‫ِ‬ ‫أفق‬
‫من ِ‬
‫كأنما هللا قد حيى ب ِه البشرا‬
‫كأنما هللا يغرينا لنسألهُ‬
‫أصدفةً كان هذا الوجه أم قدرا ؟‬
‫لوصف‬
‫ٍ‬ ‫ويا لروعة الوصف والتساؤالت البالغة األناقة ‪ ,‬ثم نراهُ ينتق ُل ليقول وهو يحاو ُل الوصول‬
‫ب لمقدار حب ِه لها ‪:‬‬
‫مقار ٍ‬
‫ك مقدا َر ما صلى ( أبو حس ٍن )‬
‫أهوا ِ‬
‫ِورداً وأكث َر مما أطع َم الفقرا !!‬
‫ثم ينتق ُل للكالم عن اإلمام المهدي في إشار ٍة واضح ٍة لما سيحدث يوما ً ‪:‬‬
‫ب في عمري‬
‫ظهور الح ِ‬
‫ِ‬ ‫اآلن عص ُر‬
‫ومن عالمات ِه أن يشط َر العمرا‬
‫غ لنا من تساؤالت ِه عقداً غير منفرط ‪,‬‬
‫وهو بين هذا وذاك قد يعر ُج نحو الغزل الواضح أحيانا ً ويصو ُ‬
‫الخجل ( فمتى ستفقسُ بيضةَ الكلما ِ‬
‫ت ) كما يقول في إحدى قصائده ‪ ,‬ولكنها ما‬ ‫ِ‬ ‫بعد أن م ّل السكوت‬
‫إن تُفقس حتى تظهر لنا الحروف والصور المضمخةَ بطيب العشق و َ‬
‫ضوعه الذي ال تخطؤهُ القلوب‬
‫الثملةَ بخمرته ‪:‬‬
‫جبينك صورتي‬
‫ِ‬ ‫ومتى سأبص ُر في‬
‫عذرا َء ‪ ,‬ترف ُل في أت ّم صفاتي‬
‫ومتى نقي ُم من العناق حديقةً‬
‫ونصو ُ‬
‫غ أطفاالً من القبال ِ‬
‫ت‬
‫ينفك يمارسُ هوايتهُ األثيرة في الكالم مع األنثى ( الحُلم ) ويُدلّلها بأجمل الكلمات ‪:‬‬
‫وهو ال ُّ‬
‫أدلّ ُل الليل باالنثى الحنو ِن كما‬
‫ق‬
‫والحبَ ِ‬
‫َ‬ ‫يُ َدلَ ُل الشاي بالنعناع‬
‫الوداع األخير‬
‫ِ‬ ‫ت الفرشاة المغمس ِة بالماء العذب حتى حينَ يه ُم بأن يصف لنا مشهد‬
‫وشاعرنا يرس ُم بذا ِ‬
‫بين حبيبين ‪ ,‬مثالً ‪:‬‬
‫ّ‬
‫التف ثوبُ وداعنا‬ ‫ولي ٌل علي ِه‬
‫تُطرزهُ شهبٌ من الحسرا ِ‬
‫ت‬
‫سهرناهُ إال نجمةً حينَ أشرقت‬
‫ت‬
‫رأت معب َد النجوى بال همسا ِ‬
‫وطاولةٌ ما بيننا ما َل جذعها‬
‫ت‬
‫المحروق بالزفرا ِ‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫على الخش ِ‬
‫شبكنا أيادينا عليها فلم نجد‬
‫ت‬
‫سوى زهر ٍة نشوان ِة البتَال ِ‬
‫فما أرو َع اإلنتشاء بعذوبة اآلخر حتى إن كان يه ُّم باالبتعاد والرحيل عن محبوبه ‪ ,‬ما أرو َع أن ال‬
‫يُسكرنا غير عطره وإن ابتعد ونأى !!‬

‫وهو قد يصفُ الجمال المستو َر عن أعين الناس أحيانا ً ‪ ,‬ويا لجمال وصفه ‪:‬‬
‫ك الحنون يكا ُد من‬
‫وسوا ُد ملفع ِ‬
‫فر ِط الحنان يضي ُء في جنَباتي‬

‫والــ ( قُبَ ُل ) عالج ‪ ,‬كما يقو ُل في أح ِد أبياته ‪:‬‬


‫ما قُبلةَ العشاق إال حقنةً‬
‫وحنان‬
‫ِ‬ ‫في الروح ‪ ...‬حقنةُ رأف ٍة‬

‫وشاعرنا ينحو نحو وصف ذاته والكالم عنها بين الحين واآلخر ‪ ,‬مثلهُ في هذا مث ُل أغلب الشعراء‬
‫المعت ّدين بذواتهم ‪ ,‬فتلك الذات التي قد ال تكونُ واضحةً لآلخرين تمام الوضوح ال ب َد لهُ من محاول ِة‬
‫ت أحيانا ً مما يدعو القارئ للرغبة في‬
‫إبرازها بصور ٍة مميزة ‪ ,‬بالوصف ‪ ,‬السرد أو ربما بالتساؤال ِ‬
‫ت تلك الذات التي قد تكونُ غائبةً عن نظره ولكنها موجودةٌ فعالً بين أبيات‬
‫اإلبحار والبحث عن مفردا ِ‬
‫قصائد ( جاسم الصحيح ) ‪:‬‬
‫وما ُّ‬
‫أنفك أسألني لماذا‬
‫أتيت إلى الوجو ِد وما د ُ‬
‫ُعيت‬ ‫ُ‬
‫الملكوت نرداً‬
‫ُ‬ ‫لماذا اختارني‬
‫أطراف عتمت ِه ر ُ‬
‫ُميت‬ ‫ِ‬ ‫على‬
‫وهل أقدارنا إال قماشٌ‬
‫ُ‬
‫البشوت )‬ ‫ك كما تُحا ُ‬
‫ك لنا (‬ ‫يُحا ُ‬
‫ك عني‬
‫تقو ُل ل َي الحياة ‪ :‬إلي َ‬
‫ُ‬
‫هيت !‬ ‫وأحيانا ً تقو ُل ‪ :‬إلي َ‬
‫ك‬
‫فكيفَ أجرُّ أقدامي وأمضي‬
‫ُ‬
‫شتيت ‪ ..‬؟؟‬ ‫و ( هده ُد ) رحلتي ق َد ٌر‬

‫الدور‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اعتدت أن يكون لخياالتي وتصوراتي‬ ‫ق الكثير من الوقت ‪ ,‬وألنني‬‫ت قد تستغر ُ‬‫بغير مقدما ٍ‬
‫تلفت انتباه روحي فقد كان هذا تحديداً السبب الرئيسي وراء‬
‫ُ‬ ‫األكبر في قراءاتي لألبيات الشعرية التي‬
‫ُ‬
‫استمعت ألبياته أو قرأتها وجدتني أتخيلهُ وهو‬ ‫اختياري للكتابة عن قصائد ( جاسم الصحيح ) ‪ ,‬فكلما‬
‫يلقيها على مسامع حبيبته الخجولة ‪ ,‬تلك التي تخفضُ رأسها خجالً وتحاو ُل الهروب بعينيها من عينيه‬
‫لكنها ال تستطي ُع من َع نفسها من النظر نحوهُ بدهش ٍة بين الحين واآلخر كلما طرقت مسامعها عبارةٌ لم‬
‫يخطر على بالها أنهُ سوف يقولها كي يُعبّر بها عن مدى حب ِه لها ‪ ,‬بل عن طريقت ِه المختلفة في الحب‬
‫ُ‬
‫ذكرت في عنوان موضوعي ‪.‬‬ ‫والغزل ‪ ,‬وأقص ُد بذلك ( الغزل الرقراق ) كما‬

‫لشاعر من‬
‫ٍ‬ ‫تظن أنكَ تقرأ قصيدةً‬
‫ُّ‬ ‫فشاعرنا يكتبُ الشعر العمود ّ‬
‫ي بثقاف ٍة واضحة ‪ ,‬بطريق ٍة تجعلكَ‬
‫ُ‬
‫تلبث أن تتبينَ أن األمر ليس كذلك وأنهُ جم َع بين جمال الشعر في ذلك العصر‬ ‫العصر الجاهلي ثم ما‬
‫وبين حداثة الشعر المعاصر ولكن بطريق ٍة ملفت ٍة لالنتباه فعالً ‪.‬‬

‫فحينَ نج ُد أن أبيات الشعر الغزل ّي _تحديداً_ قد تثي ُر الخجل الشديد لدى من يستم ُع إليها ‪ ,‬كما لمسنا‬
‫من خالل قراءتنا ( للشعر الماجن ) أو للشعر الذي يرك ُز على إبراز جمال جسد المرأة بطريق ٍة قد‬
‫تخدش الحياء أحيانا ً ‪ ,‬نج ُد أننا معهُ نرغبُ في االنغماس بتفاصيل الصور التي تجسدها أبياته ‪ ,‬كيف‬
‫ال وهو يخاطبُ حبيبتهُ مثالً بقوله ‪:‬‬

‫ٌ‬
‫أحاديث بال سن ٍد‬ ‫كل النسا ِء‬

‫عباس !!‬
‫ِ‬ ‫ٌ‬
‫حديث الب ِن‬ ‫ت‬
‫ت أن ِ‬
‫وأن ِ‬

‫بوصف قد ال يخط ُر ببا ِل أح ٍد غيره ‪ ,‬فأن تصف حبيبتك بالجمال ‪ ,‬الدالل ‪ ,‬الرقة أو‬
‫ٍ‬ ‫فهو هنا ‪ ,‬يصفها‬
‫ُ‬
‫وعالمات‬ ‫تتغزل بشفتيها أو عينيها ‪ ,‬هي أمو ٌر طبيعيةٌ للغاية وقد نتقبلها من دون أن نتوقف عندها‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫بوضوح على مالمحنا ونحنُ نراها محاطةً بهال ٍة من القداسة التي يص ّر الشاعر على‬
‫ٍ‬ ‫الدهشة ترتس ُم‬
‫أن يحيطها بها في أغلب قصائده ‪ ,‬وهو يكم ُل حديثهُ معها في ذات القصيدة بقوله ‪:‬‬
‫ك حتى مسّني خج ٌل‬
‫مألتني ب ِ‬

‫الناس‬
‫ِ‬ ‫من فر ِط ما غازلتني أعينُ‬

‫فهو هنا يصفها بالجمال البارع لكن بطريق ٍة غير مباشرة حين يبينُ أن جمالها طُب َع في مالمحه وصا َر‬
‫صفةً لصيقةً به ‪.‬‬

‫وهو قد يو ّد أحيانا ً أن يخبر حبيبته بأنهُ لها ال لغيرها ولكن بطريق ٍة غير مباشر ٍة أيضا ً ‪:‬‬

‫ك هويةٌ فكأنما‬
‫لي من هوا ِ‬

‫من صاح يا أهل الهوى يعنيني !‬

‫ُ‬
‫يتحدث عنهُ بــ ( روحاني ٍة ) واضحة حين يقول مثالً ‪:‬‬ ‫أما في تعريف ِه للعشق ‪ ,‬فهو‬

‫عمر‬
‫ٍ‬ ‫العشق تنصه ُر األعما ُر في‬
‫ِ‬ ‫في‬

‫من الخلود كأنَ اللحظةَ األب ُد‬

‫قامت قيامةُ أشواقي وليس بها‬

‫ذكراك يتّق ّد ‪ ,‬ويا لروعة الوصف في البيت الثاني ‪.‬‬


‫ِ‬ ‫إال حمي ٌم على‬

‫ب فلسف ّي أيضا ً ‪:‬‬ ‫ُ‬


‫يتحدث عن الحب بإسلو ٍ‬ ‫وهو أحيانا ً قد‬

‫ُّ‬
‫خط استوا ِء الهوى في ك ّل خارط ٍة‬

‫للكون يمت ُد من جنبي إلى جنبي‬


‫ِ‬
‫خوفا ً على األرض خوفا ً من تدحرجها‬

‫بالخلق علّقتها في عرو ِة الهُد ِ‬


‫ب‬ ‫ِ‬

‫أو ‪..‬‬

‫ُ‬
‫دنوت حتى خلتني‬ ‫ك‬ ‫ُ‬
‫ودنوت من ِ‬

‫أدنو إلى س ّر الحياة ألدركه‬

‫أو يقول كذلك ‪:‬‬

‫قياس لهُ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫حسن ال‬ ‫حسنك‬
‫ِ‬ ‫هللِ‬

‫لمقياس ‪ ,‬وهي إشارةٌ واضحة إلى الحديث المعروف " إن هللا جمي ٌل يحبُ الجمال‬
‫ِ‬ ‫ما كان هللِ ال يخضع‬
‫"‬

‫ك حين يقو ُم باستعار ِة بعض الرموز الدينية‬


‫بمفهوم آخر ‪ ,‬وذل َ‬
‫ٍ‬ ‫وهو في قصيد ٍة أخرى يتناو ُل الحب‬
‫ي المنتظر مثالً وغيرها من االستعارات التي اعتا َد‬
‫كاإلمام علي ( عليه السالم ) أو فكرة ظهور المهد ّ‬
‫الشاعر على إيرادها في قصائده ‪:‬‬

‫ي وانهمرا‬
‫فاض الوح ُ‬
‫َ‬ ‫وجهك‬
‫ِ‬ ‫أفق‬
‫من ِ‬

‫كأنما هللا قد حيى ب ِه البشرا‬


‫كأنما هللا يغرينا لنسألهُ‬

‫أصدفةً كان هذا الوجه أم قدرا ؟‬

‫لوصف‬
‫ٍ‬ ‫ويا لروعة الوصف والتساؤالت البالغة األناقة ‪ ,‬ثم نراهُ ينتق ُل ليقول وهو يحاو ُل الوصول‬
‫ب لمقدار حب ِه لها ‪:‬‬
‫مقار ٍ‬

‫ك مقدا َر ما صلى ( أبو حس ٍن )‬


‫أهوا ِ‬

‫ِورداً وأكث َر مما أطع َم الفقرا !!‬

‫ثم ينتق ُل للكالم عن اإلمام المهدي في إشار ٍة واضح ٍة لما سيحدث يوما ً ‪:‬‬

‫ب في عمري‬
‫ظهور الح ِ‬
‫ِ‬ ‫اآلن عص ُر‬

‫ومن عالمات ِه أن يشط َر العمرا‬

‫غ لنا من تساؤالت ِه عقداً غير منفرط ‪,‬‬


‫وهو بين هذا وذاك قد يعر ُج نحو الغزل الواضح أحيانا ً ويصو ُ‬
‫الخجل ( فمتى ستفقسُ بيضةَ الكلما ِ‬
‫ت ) كما يقول في إحدى قصائده ‪ ,‬ولكنها ما‬ ‫ِ‬ ‫بعد أن م ّل السكوت‬
‫إن تُفقس حتى تظهر لنا الحروف والصور المضمخةَ بطيب العشق و َ‬
‫ضوعه الذي ال تخطؤهُ القلوب‬
‫الثملةَ بخمرته ‪:‬‬

‫جبينك صورتي‬
‫ِ‬ ‫ومتى سأبص ُر في‬

‫عذرا َء ‪ ,‬ترف ُل في أت ّم صفاتي‬

‫ومتى نقي ُم من العناق حديقةً‬

‫ونصو ُ‬
‫غ أطفاالً من القبال ِ‬
‫ت‬
‫ينفك يمارسُ هوايتهُ األثيرة في الكالم مع األنثى ( الحُلم ) ويُدلّلها بأجمل الكلمات ‪:‬‬
‫وهو ال ُّ‬

‫أدلّ ُل الليل باالنثى الحنو ِن كما‬

‫ق‬
‫والحبَ ِ‬
‫َ‬ ‫يُ َدلَ ُل الشاي بالنعناع‬

‫الوداع األخير‬
‫ِ‬ ‫ت الفرشاة المغمس ِة بالماء العذب حتى حينَ يه ُم بأن يصف لنا مشهد‬
‫وشاعرنا يرس ُم بذا ِ‬
‫بين حبيبين ‪ ,‬مثالً ‪:‬‬

‫ّ‬
‫التف ثوبُ وداعنا‬ ‫ولي ٌل علي ِه‬

‫تُطرزهُ شهبٌ من الحسرا ِ‬


‫ت‬

‫سهرناهُ إال نجمةً حينَ أشرقت‬

‫ت‬
‫رأت معب َد النجوى بال همسا ِ‬

‫وطاولةٌ ما بيننا ما َل جذعها‬

‫ت‬
‫المحروق بالزفرا ِ‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫على الخش ِ‬

‫شبكنا أيادينا عليها فلم نجد‬

‫ت‬
‫سوى زهر ٍة نشوان ِة البتَال ِ‬

‫فما أرو َع اإلنتشاء بعذوبة اآلخر حتى إن كان يه ُّم باالبتعاد والرحيل عن محبوبه ‪ ,‬ما أرو َع أن ال‬
‫يُسكرنا غير عطره وإن ابتعد ونأى !!‬

‫وهو قد يصفُ الجمال المستو َر عن أعين الناس أحيانا ً ‪ ,‬ويا لجمال وصفه ‪:‬‬
‫ك الحنون يكا ُد من‬
‫وسوا ُد ملفع ِ‬

‫فر ِط الحنان يضي ُء في جنَباتي‬

‫والــ ( قُبَ ُل ) عالج ‪ ,‬كما يقو ُل في أح ِد أبياته ‪:‬‬

‫ما قُبلةَ العشاق إال حقنةً‬

‫وحنان‬
‫ِ‬ ‫في الروح ‪ ...‬حقنةُ رأف ٍة‬

‫وشاعرنا ينحو نحو وصف ذاته والكالم عنها بين الحين واآلخر ‪ ,‬مثلهُ في هذا مث ُل أغلب الشعراء‬
‫المعت ّدين بذواتهم ‪ ,‬فتلك الذات التي قد ال تكونُ واضحةً لآلخرين تمام الوضوح ال ب َد لهُ من محاول ِة‬
‫ت أحيانا ً مما يدعو القارئ للرغبة في‬
‫إبرازها بصور ٍة مميزة ‪ ,‬بالوصف ‪ ,‬السرد أو ربما بالتساؤال ِ‬
‫ت تلك الذات التي قد تكونُ غائبةً عن نظره ولكنها موجودةٌ فعالً بين أبيات‬
‫اإلبحار والبحث عن مفردا ِ‬
‫قصائد ( جاسم الصحيح ) ‪:‬‬

‫وما ُّ‬
‫أنفك أسألني لماذا‬

‫أتيت إلى الوجو ِد وما د ُ‬


‫ُعيت‬ ‫ُ‬

‫الملكوت نرداً‬
‫ُ‬ ‫لماذا اختارني‬

‫أطراف عتمت ِه ر ُ‬
‫ُميت‬ ‫ِ‬ ‫على‬

‫وهل أقدارنا إال قماشٌ‬

‫ُ‬
‫البشوت )‬ ‫ك كما تُحا ُ‬
‫ك لنا (‬ ‫يُحا ُ‬

‫ك عني‬
‫تقو ُل ل َي الحياة ‪ :‬إلي َ‬
‫ُ‬
‫هيت !‬ ‫وأحيانا ً تقو ُل ‪ :‬إلي َ‬
‫ك‬

‫فكيفَ أجرُّ أقدامي وأمضي‬

‫ُ‬
‫شتيت ‪ ..‬؟؟‬ ‫و ( هده ُد ) رحلتي ق َد ٌر‬

You might also like