You are on page 1of 17

‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬

‫قصيدة مب التّعلّل‬
‫املتنب‬

‫مناسبة القصيدة‬
‫قوما قد َن َعوه في مجلس سيف الدولة الحمداني‪ ،‬في مدينة حلب‪ ،‬وقيل ّ‬
‫إن هؤالء القوم قد‬ ‫بلغ املتنبي ّ‬
‫أن ً‬
‫ضا به وبشرفه‪ ،‬فبعث املتنبي هذه القصيدة‪،‬‬‫عر ً‬ ‫قاسيا ً‬
‫الذعا ُم ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هجاء‬ ‫قالوا لسيف الدولة ّ‬
‫إن املتنبي هجاه‬
‫شاكيا ما قد قيل عنه‪ُ ،‬م ً‬
‫فتتحا القصيدة بالعتاب والشكوى‪.‬‬ ‫ً‬
‫وهذه القصيدة يسودها ّ‬
‫الجو النفس ي الكئيب الذي يعيشه الشاعر‪ ،‬وا ِملحن وخيبات األمل التي ّ‬
‫مر بها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتوهجة املتقلبة‪.‬‬ ‫املتنبي على مدار حياته‬
‫ويعرض بمواقفه تجاه الشائعات التي‬‫هذه القصيدة نموذج للعتاب‪ ،‬ففيها يعاتب الشاعر سيف الدولة ّ‬
‫ّروجها حاسدوه‪ ،‬بقولهم وترويجهم خبر مماته الذي ال صحة له‪.‬‬
‫هذه القصيدة قالها املتنبي ليزيل عن نفسه ضغط َ‬
‫أمرين‪:‬‬
‫الح َّساد الكارهون‪ ،‬وتعبيرهم عن آمالهم البغيضة تجاهه حتى ّأنهم ّ‬
‫يتمنون‬ ‫األول‪ :‬ما يسببه له ُ‬
‫دائما‪ ،‬وهم كاذبون في ذلك‪ ،‬وهذا يؤلم املتنبي ً‬
‫كثيرا ألنه يشعر‬ ‫رحيله عن هذه الدنيا‪ ،‬فيتناقلون خبر وفاته ً‬
‫بهذه الكراهية وهذا الحقد من غيره‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬موقف األمير الذي عرف فضله وأعطاه وكافأه‪ ،‬ولكنه فتح أذنيه ليعطي لألقاويل الكاذبة‬
‫ً‬
‫عازفا عن التاريخ الحميم بينهما ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫سابقا‪.‬‬ ‫أذنا صاغية مما سبب إلى فتور عالقته‪ ،‬فيعامل املتنبي معاملة جافة‬
‫ً‬
‫بحثا عن مكان ُي ّ‬ ‫ونتيجة لذلك ّ‬
‫حقق فيه‬ ‫قرر املتنبي االبتعاد عن مكان املضايقة واإليذاء ورحل إلى مصر‬
‫ً‬
‫طموحه وحلمه بالرياسة واإلمارة دون أذى من غيره‪.‬‬
‫ً‬
‫وهاجيا له‪.‬‬ ‫ضا بسيف الدولة‬‫عر ً‬
‫ومن هناك بعث هذه القصيدة ُم ّ‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫شرح األبيات‬

‫ُ‬ ‫أهل وال ُ‬


‫وطن وال ٌ‬
‫نديم وال ٌ‬ ‫َ ّ ُّ‬
‫عل ُل ال ٌ‬
‫سكن [التعبير عن الحالة النفسية‬ ‫كأس وال‬ ‫البيت األول‪ِ :‬بم الت‬
‫الصعبة]‬
‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫ّ‬
‫التعلل‪ :‬االنشغال بما ُي ّ‬
‫طيب النفس باألمل والراحة‬
‫النديم‪ :‬الصاحب وأكثر ما يكون في الخمر‬
‫الكأس‪ :‬الوعاء الذي ُت ّ‬
‫صب فيه الخمرة‬
‫َ‬
‫سكنت إليه وارتحت معه‬ ‫السكن‪ :‬الصاحب وكل من‬

‫ّ‬ ‫َ ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً ّ‬
‫شرح البيت‪ :‬يخاطب الشاعر نفسه شاكيا همه‪ ،‬وقد ظهر عليه األلم والتوجع فيقول‪ِ :‬بم التعلل؟ أي ِ‬
‫بأي‬
‫وبأي ش يء أتشاغل ّ‬ ‫عل ُل نفس ي وأجعلها تستريح‪ّ ،‬‬ ‫ُ ّ‬
‫ألخفف عن نفس ي‪ ،‬وأنا بعيد عن أهلي ووطني (ال أهل‬ ‫ِ‬ ‫ش ٍيء أ‬
‫وال وطن)‪ ،‬فأهل الشاعر في بلد آخر‪ ،‬وقد ترك وطنه وغادر إلى بلد آخر؛ ّ‬
‫ألنه لم يجد في وطنه ما يجعله‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يرتاح‪.‬‬
‫صاحبه ُويجالسه ليتسامروا ويشربوا مع بعضهم البعض‪ ،‬بل‬ ‫ُ‬ ‫صاحبا ُي‬
‫ً‬ ‫كما ّأنه ال نديم له‪ ،‬أي ّأنه ال يجد‬
‫ُ‬ ‫صحبة ُت ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سبب له السعادة واملتعة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫يشرب به‪ ،‬فهو ال يجد‬ ‫أصال ً‬
‫كأسا‬ ‫ّإنه ال يجد‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ ُ‬
‫عارفه الذين كان‬
‫وليس له سكن أي ليس له أحد يسكن إليه ليرتاح‪ ،‬فهو يشعر أنه غريب ومنقطع عن م ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يأل ُف ُهم ويسك ُن إليهم‪.‬‬
‫يملك ما ُي ّ‬
‫حسد عليها‪ ،‬ال ُ‬
‫نفسية صعبة ال ُي ُ‬ ‫ّ‬
‫خفف عنه من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫حالة‬
‫تدل على أن الشاعر يعيش في ٍ‬ ‫هذه البداية ّ‬
‫ثابتا ُوم ّ‬
‫تحد ًيا للواقع‪.‬‬ ‫لكنه مع ذلك يبقى ً‬ ‫النفسية‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫آالم ِه‬
‫ِ‬

‫األساليب البالغية في البيت‬


‫ً‬
‫أوال‪ّ :‬‬
‫التصريع‪ :‬وهو أن ينتهي صدر البيت األول بنفس القافية التي في عجز البيت‬
‫ُ‬
‫((سكن)) في عجز البيت‪.‬‬ ‫ُ‬
‫((وطن)) في صدر البيت وكلمة‬ ‫وفي قصيدتنا جاءت كلمة‬
‫والغرض من التصريع ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إعطاء إيقاع موسيقي جميل في بداية القصيدة مما يزيد من جمالها‬
‫‪ -‬استثارة العواطف‬
‫‪ -‬لفت سمع وانتباه القارئ وجذبه للقصيدة‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬االستفهام البالغي‪ :‬وهو السؤال الذي يقصد فيه السائل استنكار ش يء أو التعجب منه أو غيرها من‬
‫األغراض‪.‬‬
‫وفي هذا البيت قال‪ِ :‬ب َم التعلل؟ والغرض من هذا االستفهام‪:‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫الت ّ‬
‫عجب من الحالة التي وصل إليها‬
‫‪ -‬إثارة القارئ ِم ْن أول القصيدة ّ‬
‫ليشوقه إلى قراءتها ومعرفة ماذا سيفعل‬

‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬التكرار‪ :‬حيث ّ‬
‫كرر في هذا البيت حرف النفي "ال"‪ ،‬والغرض من التكرار هنا‪:‬‬
‫‪ -‬التأكيد على األزمة التي يعيشها‬
‫‪ -‬ترسيخ فكرة معاناته وتذويتها في النفوس حتى ُي ّ‬
‫عبر عن حالته النفسية الصعبة‬
‫‪ -‬إعطاء انفعال نفس ي وتهويل ما أصابه‬

‫ر ً‬
‫ابعا‪ :‬أسلوب التفسير والتعليل‪:‬‬
‫ّ‬
‫التعلل" ّ‬
‫فسر سبب هذا االستفهام وهو أنه ال أهل له وال وطن وال نديم‬ ‫فبعد االستفهام بقوله "بم‬
‫وال كأس وال سكن‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتعلل به‪ ،‬وأن ّ‬ ‫والغرض من هذا األسلوب أن ّ‬
‫يعبر عن‬ ‫يوضح سبب حسرته بأنه ال ش يء يستطيع أن‬
‫حالته هذه من خالل بيان األمثلة التي أدت لحالته‪.‬‬

‫َما َل ْي َ‬
‫س ْيب ُل ُغ ُه م ْن َنفسه َّ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫البيت الثاني‪ُ :‬أ ُ‬
‫الز َم ُن [الطموح العالي]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ريد ِم ْن َز َم ِني ذا أ ْن ُي َب ِلغني‬
‫معاني الكلمات‬
‫ذا‪ :‬اسم اإلشارة‪ ،‬مأخوذ من "هذا"‬
‫ّ‬
‫ُي َبلغني‪ :‬يوصلني‬
‫ُ‬
‫حق َقها؛‬
‫َّ ُ ُ َ ْ ُ ّ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُّ ّ‬
‫الشرح‪ :‬الشاعر هنا يبين أن ِه َّمته عالية‪ ،‬وطموحه وآماله أبعد ِم ن أن يستطيع الزمن نفسه أن ي ِ‬
‫ألن ما ُيريده الشاعر من الزمن ال يستطيع الزمن تحقيقه لنفسه‪ ،‬فكيف يحققه للمتنبي‪ ،‬فقد يكون ما‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫خلوه من امل َن ِّغصات‪ ،‬وكل ذلك ال يستطيع الزمن‬
‫يريده من الزمن هو الخلود أو استقامة األحوال‪ ،‬وقد يكون ّ‬
‫ألن الزمن دائم ّ‬
‫الت ّ‬
‫غير‪.‬‬ ‫تحقيقه لنفسه‪ّ ،‬‬
‫وهذا يشير إلى طموحه العالي‪.‬‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫األساليب البالغية في البيت‬
‫جعل أحد اللفظين املُ ّ‬
‫التصدير(ويسمى ّرد األعجاز على الصدور)‪ :‬ومعنى هذا األسلوب أن ُي َ‬‫ا ّ‬
‫كررين أو‬ ‫أوال‪:‬‬
‫املشتقين من الجذر نفسه في صدر البيت‪ُ ،‬ويجعل اللفظ اآلخر في آخر عجز البيت‪ .‬وهنا‬‫ّ‬ ‫املتجانسين أو‬
‫ثم قال في عجز البيت ّ‬
‫"الزمن"‪.‬‬ ‫جعل كلمة "زمني" في صدر البيت ّ‬
‫والغرض من التصدير مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬التأكيد على فكرة يريد الشاعر إيصالها؛ وهنا يريد التأكيد على طموحه الحالي الذي ال يمكن‬
‫ألي ش ٍيء أن يوقفه‪.‬‬
‫‪ -‬إعطاء إيقاع موسيقي متجانس جميل في القصيدة‪.‬‬
‫ً‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬
‫ثانيأ‪ :‬االستعارة‪ :‬وهي تشبيه بليغ ُحذف منه املش ّبه أو املش ّبه به‪ ،‬وبمعنى آخر أن تستعير كلمة وتنسبها إلى‬
‫ا‬
‫غير ما هو لها‪.‬‬
‫واملثال على االستعارة هنا قول الشاعر‪" :‬أريد من زمني أن ُي ّبلغني"؛ فهنا يعطي الزمن القدرة على أن ّ‬
‫يحقق‬
‫ّ‬
‫للمتنبي ً‬
‫أمورا‪.‬‬
‫والغرض من االستعارة ما يلي‪:‬‬
‫ُ‬
‫امل ّ‬
‫جرد حركة وحيوية‬ ‫‪ -‬جعل املعنى أكثر حركة وإعطاء الش يء‬
‫‪ -‬تقريب الفكرة التي يريد الشاعر إيصالها للقارئ من خالل تشبيهها بصورة ّ‬
‫حس ٍية قريبة من‬
‫األذهان مما يزيد من جاذبية املعنى‪.‬‬
‫فهو في هذا املثال يعطي الزمن حرة وحيوية ُوي ّ‬
‫قرب صورته لألذهان‪.‬‬

‫األبيات ‪ :5-3‬عرض لبعض الحكم‬

‫الب َد ُن‬
‫روح َك َ‬
‫صح ُب فيه َ‬
‫ِ‬
‫دام َي َ‬
‫ما َ‬ ‫كترث‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫البيت الثالث‪ :‬ال تلق دهرك إال غير م ِ‬
‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫كترث‪ُ َ :‬‬‫ُ َ‬
‫بال‬
‫غير م ٍ‬ ‫غير م ِ‬

‫غلب على هموم الحياة‪ ،‬فيقول‪ :‬ما ُد َ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫َ‬ ‫الشرح‪ :‬في هذا البيت يبدأ الشاعر يعطينا َ‬
‫مت‬ ‫الحكم في كيفية الت‬‫بعض ِ‬
‫بالزمان ومصائبه وصعوباته‪ّ ،‬‬
‫فإنها تزول وال تبقى‪،‬‬ ‫على قيد الحياة‪ ،‬وما دامت الروح تصاحبك‪ ،‬فال ُتبال ّ‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫حسابا للدهر‬ ‫تحسب‬ ‫ُ ً‬ ‫َ‬
‫فالش يء الوحيد الذي إن زال فال ِعوض له هو الروح‪ِ ،‬لذا ِعش مندفعا إلى األمام‪ ،‬وال ِ‬
‫ّ‬
‫ومشاكله والحياة وتقلباتها‪.‬‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫األساليب البالغية في البيت‪:‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬أسلوب ّ‬
‫النهي‪" :‬ال َ‬
‫تلق دهرك إال غير مكترث"‪ .‬والغرض من النهي هنا هو‪:‬‬
‫‪ -‬اإلرشاد ُّ‬
‫والنصح‪ :‬فهو هنا يريد أن يرشد الناس وينصحهم إلى ما هو أفضل لهم في حياتهم‪.‬‬
‫‪ -‬صرف نظر اإلنسان عن ْ‬
‫أن يكترث بالحياة ومصائبها‬
‫شبه الروح والبدن بمخلوقين يتصاحبان كاإلنسان‪.‬‬ ‫ُ‬
‫البدن" حيث ّ‬ ‫ُ‬
‫"يصحب فيه روحك‬ ‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬االستعارة‪:‬‬
‫والغرض من االستعارة ما يلي‪:‬‬
‫ُ‬
‫امل ّ‬
‫جرد حركة وحيوية‬ ‫‪ -‬جعل املعنى أكثر حركة وإعطاء الش يء‬
‫‪ -‬تقريب الفكرة التي يريد الشاعر إيصالها للقارئ من خالل تشبيهها بصورة ّ‬
‫حس ٍية قريبة من‬
‫األذهان مما يزيد من جاذبية املعنى‪.‬‬
‫فهو أعطى الروح والبدن صورة حيوية يستطيع القارئ أن ّ‬
‫يتخيلها‪ّ ،‬‬
‫مما يجعل املعنى أقرب إلى ذهن‬
‫القارئ‪.‬‬
‫ٌ ُ‬ ‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬الكناية‪ :‬ومعناها ّأنها لفظ أريد به غير معناه األصلي‪ ،‬مع جواز إرادة ذلك املعنى‪ ،‬فهو أسلوب‬
‫ً‬
‫يستخدم التلميح بدال من التصريح‪.‬‬
‫روحك البدن" وهي كناية عن البقاء ًّ‬
‫حيا‪.‬‬ ‫يصحب فيه َ‬
‫ُ‬ ‫املثال على هذا األسلوب هنا قوله "ما دام‬
‫مت ًّ‬
‫حيا" أتى‬ ‫مصحوبة بالدليل‪ ،‬فهنا ملّا أراد أن يقول "ما ُد َ‬
‫ً‬
‫والغرض من الكناية إعطاء الحقيقة‬
‫بالدليل على ذلك وهو مصاحبة الروح للبدن‪ .‬وكذلك من أغراضها تشويق القارئ ليستخرج املعاني من‬
‫وراء اللفظة أو العبارة التي يذكرها الشاعر‪ ،‬ليدرك املقصد الحقيقي من ورائها‪.‬‬

‫َ َ ُ‬
‫الح َزن‬ ‫َ‬
‫عليك الفائت‬ ‫وال ُّ‬
‫يرد‬
‫َ‬
‫رور ما ُس ِر ْرت ِبه‬ ‫البيت الرابع‪َ :‬فما ُي ُ‬
‫ديم ُس ٌ‬
‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫ما ُيديم‪ :‬ال ُيبقي‬
‫الفائت‪ :‬املاض ي أي ما فات‬
‫ّ‬
‫يستمر املتنبي في تأكيد فكرته في البيت السابق‪ ،‬وبيان العلة للحكمة السابقة‪ ،‬وهي‬ ‫الشرح‪ :‬في هذا البيت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن اإلنسان عليه أن ال ُيبالي بالزمان وتقلباته ومصائبه‪َ ،‬‬
‫وجاء بدليلين على هذه الفكرة من الواقع وهما‪:‬‬
‫‪ّ -‬أنه ال سرور دائم‪ :‬فالسرور والفرح ال يدومان ألحد‪ ،‬إذ ّ‬
‫إن سرورك بالش يء ال يديمه عليك‪،‬‬
‫والسرور والفرح ً‬
‫حتما سيزول في بعض األوقات‪.‬‬
‫أبدا‪ّ ،‬‬
‫ألن ما فات مات ولن يعود‪ ،‬فما عليك إال أن‬ ‫‪ -‬باملقابل الحزن على ما فات ال يعيده إليك ً‬
‫تستمر وتتابع حياتك‪.‬‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫األساليب البالغية في البيت‪:‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫متضادتان ومتعاكستان في املعنى‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬الطباق‪ :‬وهو أن تكون الكلمات‬
‫ّ‬
‫متضادتان في املعنى‪.‬‬ ‫"الح َزن" فهاتان الكلمتان‬
‫املثال‪" :‬سرور" و َ‬
‫والغرض من الطباق تأكيد الصورة التي يريد الشاعر إيصالها وتوضيحها‪ ،‬فهنا من خالل الطباق‬
‫وأن السرور ال يدوم كما ّ‬ ‫ّ‬
‫متقلبة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫يؤكد على ّ‬
‫أن الحزن ال يعيد املاض ي‪ .‬وأسلوب الطباق كذلك من‬ ‫أن الحياة‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وتناغما فيه‪.‬‬ ‫ملحسنات اللفظية بمعنى ّأنه يعطي جماال للبيت‬
‫ا ّ‬

‫ثم يأتي بتفصيل‬ ‫ثانيا‪ :‬أسلوب التفسير والتعليل بين البيت الثالث والرابع‪ :‬وهو أن يذكر الشاعر ً‬
‫شيئا ما‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫وشرح سبب ذكره لذاك الش يء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ففي البيت السابق نهى عن التأثر بتقلبات الحياة والحزن من أجلها‪ ،‬وفي هذا البيت جاء ببيان ِعلة وسبب‬
‫ذلك النهي من خالل ذكر الدليل عليه وهو ّ‬
‫أن الفرح ال يدوم والحزن ال يعيد املاض ي‪ ،‬فعليك أن تستمر في‬
‫ً‬
‫مندفعا نحو أهدافك‪.‬‬ ‫هذه الحياة‬
‫ّ‬
‫والغرض من هذا األسلوب هنا‪ :‬بيان ِعلة نهيه عن عدم االكتراث بالحياة‪ ،‬مما يزيد من ترسيخ الفكرة أكثر‬
‫ّ‬ ‫وأكثر في عقل القارئ‪ .‬وكذلك من أغراضه أن ّ‬
‫يعبر عن فكرته من خالل طرح مثال يؤكد ما ذكره في البيت‬
‫السابق‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومن أغ راضه كذلك أن يؤثر في ّ‬
‫املتلقي ويجعله يقتنع أكثر وأكثر بفكرته التي يريد إيصالها‬

‫بإنسان يستطيع أن ُيعيد ً‬


‫أمرا ما‪ .‬والغرض من‬ ‫ٍ‬
‫َ‬
‫الفائت" حيث ّ‬
‫شبه الحزن‬ ‫"يرد الحز ُن‬ ‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬االستعارة‪ُّ :‬‬
‫االستعارة ما يلي‪:‬‬
‫ُ‬
‫امل ّ‬
‫جرد حركة وحيوية‬ ‫‪ -‬جعل املعنى أكثر حركة وإعطاء الش يء‬
‫‪ -‬تقريب الفكرة التي يريد الشاعر إيصالها للقارئ من خالل تشبيهها بصورة ّ‬
‫حس ٍية قريبة من‬
‫األذهان مما يزيد من جاذبية املعنى‪.‬‬
‫وحيوية ّ‬
‫وكأنه يستطيع إعادة األشياء‪ ،‬وهذا ّ‬
‫قرب الصورة التي يريدها‬ ‫ّ‬ ‫فهو هنا أعطى الحزن حركة‬
‫الشاعر للذهن من ّ‬
‫أن الحزن إذا كان بمقدوره إعادة األشياء فلن يستطيع إعادة الذي فات ومض ى‪.‬‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫فطنوا‬ ‫ّ‬ ‫َ َْ‬
‫هووا وما عرفوا الدنيا وما ِ‬ ‫هم‬ ‫البيت الخامس‪ِ :‬م ّما َأ ّ‬
‫ضر بأهل ال ِعشق ّأن ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫َه َو ْوا‪ّ :‬‬
‫أحبوا وعشقوا‬
‫فطنوا‪ :‬فهموا‬

‫ً‬
‫مدروسا‪ ،‬ولذلك ينتقد‬ ‫يتبصروا باألمور وأن يكون سلوكهم في الحياة‬ ‫ّ‬ ‫الشرح‪ :‬يطلب املتنبي من الناس أن‬
‫ّ‬ ‫أحبوها وعشقوها‪ّ ،‬‬ ‫أضر باملحبين لهذه الدنيا ّأنهم ّ‬
‫إن الذي ّ‬ ‫ّ‬
‫والعشاق للدنيا بقوله‪ّ :‬‬ ‫ُ‬
‫امل ّ‬
‫لكنهم لم يتفكروا‬ ‫حبين‬
‫حق املعرفة‪ ،‬ولم يفطنوا لها وألهلها‪ ،‬وما ُط َ‬
‫بعت وما‬ ‫في حقيقة الدنيا ولم يعتبروا من أحداثها‪ ،‬فلم يعرفوها ّ‬
‫تقلبة وال تثبت على حال‪ ،‬ولو عرفوا ذلك ملا ّ‬ ‫ّ ّ ُ ّ‬ ‫ُ‬
‫أحبوا وال أضاعوا‬ ‫ط ِبعوا عليه من الغدر والخيانة‪ ،‬وأن الدنيا م‬
‫الضرر واأللم ألنفسهم بذلك‪.‬‬‫حق منهم ذلك‪ ،‬وملا جلبوا ّ‬ ‫ّأيامهم في سبيل من ال يست ّ‬

‫األساليب البالغية في البيت‪:‬‬

‫أن املحبين قد ّ‬
‫أضرهم الحب‪ ،‬ثم ذكر العلة ملا يقول وهو‬ ‫أسلوب الشرح والتعليل‪ :‬فقد ّبين في صدر البيت ّ‬
‫َ‬
‫ّأنهم لم يعرفوا الدنيا وما فيها من غدر وخيانة ُج ِبلت عليه‪.‬‬
‫فالغرض من هذا األسلوب بيان السبب وراء الضرر الذي أصاب املحبين‪.‬‬

‫األبيات ‪ :9-6‬الرد على من ادعوا موته‬

‫ََ َ ّ‬
‫الناعون ُم َرت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫هن‬ ‫ك ٌّل ِبما زعم‬ ‫البيت السادس‪ :‬يا من نعيت على بعد َبم ِ‬
‫جل ِس ِه‬

‫معاني الكلمات‬
‫على ُبعد َبمجلسه‪ :‬يقصد مجلس سيف الدولة في حلب‪ ،‬حيث كان املتنبي في مصر‪َ ،‬و َن َع ُ‬
‫وه لسيف الدولة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الناعون‪ :‬جمع ٍ‬
‫ناع‪ ،‬وهو من يأتي بخبر الوفاة‪.‬‬
‫زعم‪ّ :‬ادعى‬
‫هن املوت‪ ،‬ولن ينس ى ُ‬
‫املوت ً‬
‫أحدا‬ ‫ُم َرت َه ُن‪ :‬أي ّ‬
‫أن الجميع ر ُ‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫الدولة الحمداني في حلب‪ ،‬فقد نقل ُ‬
‫الح ّساد خبر وفاته‬ ‫وجه املتنبي في هذا البيت خطابه لسيف ّ‬
‫الشرح‪ُ :‬ي ّ‬
‫الناس ّأن ُه‬
‫لكن ُح ّساده أرادوا أن ُيذيعوا بين ّ‬
‫ويعيش في مصر‪ّ ،‬‬
‫ُ ِ‬ ‫حي ولم ُيمت‬ ‫لسيف الدولة‪ ،‬مع ّ‬
‫أن املتنبي ٌّ‬
‫إن الجميع ُ‬ ‫ً‬
‫قائال له‪ّ :‬‬ ‫ألنهم يريدون أن يشمتوا بوفاته‪ .‬ولذا ّ‬ ‫ُت ُو ّف َي؛ ّ‬
‫رهن املوت‬ ‫يتوجه املتنبي لسيف الدولة‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫الذي ال ُبد منه‪ ،‬واملوت سيأتي للجميع‪ ،‬ولذا فال َ‬
‫يفرحن أحد لنعيي وموتي‪.‬‬
‫وقد خاطب سيف الدولة في هذا البيت بضمير الغائب‪ ،‬وفيه من التقليل من شأنه والتنقيص من قدره‬
‫وقيمته‪.‬‬

‫األساليب البالغية في البيت‪:‬‬


‫أسلوب النداء‪ :‬حيث قال‪" :‬يا" ً‬
‫مناديا سيف الدولة‬
‫والغرض من النداء هنا العتاب؛ ّ‬
‫ألنه يريد عتاب سيف الدولة على استماعه ملن نقلوا خبر وفاته دون أن‬
‫يتأكد من ذلك‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬


‫ُ‬
‫والكفن‬ ‫فزال ُ‬
‫القبر‬ ‫انتفضت َ‬ ‫ّ‬
‫ثم‬ ‫البيت السابع‪ :‬ك ْم ق ْد ق ِتل ُت وكم ق ْد ُم ُّت عندك ُم‬

‫ّ‬ ‫وغيابه عن الساحة‪ُ ،‬‬‫َ‬ ‫يتمنو َن َ‬


‫الح ّساد َّ‬ ‫ليبين أن الكثير م َن ُ‬ ‫الشرح‪ :‬يأتي في هذا البيت ّ‬
‫فهم كلما توقعوا‬ ‫موته‬ ‫ِ‬
‫فب َ‬
‫عاتهم‪َ ،‬‬ ‫َ ُّ‬ ‫ُ ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫إخبار ِهم بمو ِته‬
‫ِ‬ ‫عد‬ ‫عكس ت َوق ِ‬‫ِ‬ ‫غايرة‪ ،‬وعلى‬‫كانت النتيجة م ِ‬ ‫موته‪ ،‬أو أخبروا عنه أنه قد مات أو ق ِتل‪ِ ،‬‬
‫مي ًتا َّ‬
‫فكأن ُه كان ّ‬ ‫ُ‬
‫خيبة َأملهم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫هؤالء ُ‬
‫الح ّساد‬ ‫ِ‬ ‫ثم خرج م ن القبر‪ ،‬فهو ُيريد أن ُيغيظ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فتتحقق‬ ‫كان املتنبي يظهر‬
‫ّ‬
‫فهو كلما أماتوه وقالوا ّإنه قد مات كان يظهر أمامهم‪،‬‬ ‫بعيد عنه‪َ ،‬‬ ‫أن املوت ٌ‬ ‫فيخبرهم ّ‬
‫ُ‬ ‫الذين ّ‬
‫يتمنون موته‪،‬‬ ‫َ‬
‫حيا‪.‬‬ ‫حتى ُيغيظهم ّ‬
‫بأنه ما زال ًّ‬ ‫كأنه خرج من القبر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬

‫األساليب البالغية‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫"انتفضت فزال القبر والكفن" كناية عن الظهور من جديد‪ .‬والغرض من الكناية إعطاء‬ ‫أوال‪ :‬الكناية‪:‬‬
‫ً‬
‫الحقيقة مصحوبة بالدليل‪ ،‬فقد أراد ذكر ظهوره وحياته بعد أن ّادعوا مقتله‪ ،‬فأتى بالدليل عليه وهو‬
‫خروجه من القبر وإزالة الكفن عنه‪ .‬وكذلك من أغراضها تشويق القارئ ليستخرج املعاني من وراء اللفظة‬
‫ُ‬
‫والكفن"‬ ‫ُ‬
‫"انتفضت فزال القبر‬ ‫أو العبارة التي يذكرها الشاعر‪ ،‬ليدرك املقصد الحقيقي من ورائها‪ ،‬فقوله‬
‫يجعل القارئ ّ‬
‫يتمعن فيها وفي جمال املغنى الذي قصده فيها‪.‬‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬أسلوب االلتفات‪ :‬وهو االنتقال بالخطاب من ضمير إلى ضمير آخر‪ ،‬ففي البيت السابق تحدث عن‬
‫سيف الدولة بصي غة الغائب‪ ،‬وهنا انتقل للحديث عنه بضمير املخاطب‪ ،‬وذلك بقوله‪" :‬عندكم" والغرض‬
‫منه زيادة التقريع به والذم له‪ ،‬فكأنه يقول‪ :‬أنتم يا سيف الدولة ال ينبغي عليكم أن تستمعوا لكالم الناس‬
‫رخي سمعك لها‪.‬‬‫تتحرى مدى صدق األخبار ال أن ُت َ‬
‫دون أن تتحققوا منه‪ ،‬فكونك الحاكم يملي عليك أن ّ‬

‫َ‬ ‫ثم ماتوا َق َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫البيت الثامن‪َ :‬ق ْد َ‬


‫بل َم ْن َدفنوا‬ ‫ماعة ّ‬ ‫َج‬ ‫قول ُ‬
‫هم‬ ‫شاهد َدفني َ‬
‫قبل ِ‬ ‫كان‬
‫هؤالء الحاسدين الذين نشروا‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬
‫الح ّساد الذين يتمنون موته‪ ،‬فيقول‪ :‬إن ِ‬ ‫لهؤالء ُ‬
‫ِ‬ ‫تنبي استفز َازه‬ ‫تابع املُ ّ‬
‫الشرح‪ُ :‬ي ُ‬
‫وادعوا ّأنهم شاهدوا دفني‪ّ ،‬‬
‫لكنهم‬ ‫آخرون َن َعوني ونقلوا َ‬
‫خبر وفاتي‪ّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫كان قبلهم ٌ‬
‫أناس‬ ‫الناس ّأني قد ُم ُّت‪َ ،‬‬ ‫بين ّ‬
‫لت ًّ‬
‫حيا‪.‬‬ ‫ماتوا قبلي وأنا ما ز ُ‬
‫ِ‬
‫قبل موته‪ ،‬وكأنهّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫وفي هذا البيت يريد أن يوصل رسالة للحاسدين الذين يتمنون موته بأن موتهم سيكون‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يظكم‪.‬‬ ‫يقول لهم‪ :‬فلتموتوا ِبغ ِ‬

‫األساليب البالغية في البيت‪:‬‬


‫أسلوب التصدير‪ :‬حيث ذكر في صدر البيت كلمة "دفني" ّ‬
‫ورد عليها في عجز البيت كلمة "دفنوا"‪.‬‬
‫والغرض من التصدير مايلي‪:‬‬
‫أن الذين ّادعوا ّأنهم شاهدوا‬
‫‪ -‬التأكيد على فكرة يريد الشاعر إيصالها؛ وهنا يريد التأكيد على ّ‬
‫ودفنوا قبله‪ ،‬أي ّ‬
‫أن ُح ّساده سيموتون قبله‪.‬‬ ‫دفنه وموته‪ ،‬قد ماتوا ُ‬
‫‪ -‬إعطاء إيقاع موسيقي متجانس جميل في القصيدة‪.‬‬

‫ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُّ‬


‫السف ُن‬ ‫الر ُ‬
‫ياح ِبما ال تشتهي‬ ‫ّ‬
‫تجري ِ‬ ‫درك ُه‬
‫البيت التاسع‪ :‬ما كل ما يتمنى املرء ي ِ‬

‫الناس‪ ،‬فيقول‪ّ :‬‬ ‫يتناق ُل ُه ّ‬


‫َ‬ ‫ًَ‬ ‫ائعة‪ْ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫إن الرياح ال تأتي‬ ‫كثرة تكرارها أصبحت َمثال‬
‫وم ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشرح‪ :‬في هذا البيت ِحكمة ر‬
‫الدنيا‪ ،‬ال يحصلون على ما يشتهون‬ ‫حال الناس في ُّ‬ ‫عاك َس ًة لها‪ ،‬وهكذا ُ‬ ‫ُ‬
‫السفن‪ ،‬بل قد تأتي م ِ‬
‫دائما كما ُت ُ‬
‫ريد ُّ ُ ُ‬ ‫ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فة ألمانينا‪ ،‬فليس ّ‬
‫كل ما‬ ‫األحيان ُمعا ِندة ُوم ِ‬
‫خال‬ ‫ِ‬ ‫كثير ِمن‬
‫أهوائهم‪ ،‬بل تأتي في ٍ‬
‫ِ‬ ‫َد ْو ًما‪ ،‬وال تسير الحياة ِوفق‬
‫يتمناه اإلنسان ُيدركه‪.‬‬
‫يتم لهم ما ّ‬ ‫ّ ن َ ّ‬
‫يتمنونه‪.‬‬ ‫بأنه لن ّ‬ ‫وفي هذه العبارة ّرد على ُح ّساده وأعدائه الذين يتمنو موته‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫األساليب البالغية في البيت‪:‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬االستعارة‪ :‬حيث قال‪:‬‬
‫‪" -‬تشتهي السفن"‪ :‬فقد أعطى السفن صفة االشتهاء‪ ،‬وهذه الصفة ليست من صفات السفن‪،‬‬
‫ّ‬
‫وإنما من صفات البشر‪.‬‬

‫والغرض من االستعارة ما يلي‪:‬‬


‫ُ‬
‫امل ّ‬
‫جرد حركة وحيوية‪.‬‬ ‫• جعل املعنى أكثر حركة وإعطاء الش يء‬
‫• تقريب الفكرة التي يريد الشاعر إيصالها للقارئ من خالل تشبيهها بصورة ّ‬
‫حس ٍية قريبة‬
‫من األذهان مما يزيد من جاذبية املعنى‪.‬‬
‫ً‬
‫ففي هذا املثال الثاني أعطى السفن حركة وحيوية‪ ،‬وجعل حالتها وهي تشتهي الش يء أول ال‬
‫سهل عليه تصوير املشهد‪ ،‬ويجعل املعنى أكثر جاذبية‪.‬‬ ‫صو ًرة في خيال القارئ‪ّ ،‬‬
‫مما ُي ّ‬ ‫تشتهيه ُم َّ‬

‫السفن" وهذه العبارة كناية عن ّ‬


‫أن الحياة تأتي‬ ‫ثانيا‪ :‬الكناية‪ :‬في هذا البيت قال‪" :‬تجري الرياح بما ال تشتهي ّ‬
‫ً‬
‫بغير ما ّ‬
‫يتمناه اإلنسان‪.‬‬
‫يبين حقيقة الدنيا ّ‬ ‫ً‬
‫مصحوبة بالدليل‪ ،‬فهو هنا أراد أن ّ‬
‫وأنها ال تسير‬ ‫والغرض من الكناية إعطاء الحقيقة‬
‫ً‬
‫أحيانا وال ُته ُّب ً‬ ‫ُ‬ ‫دائما كما يريد اإلنسان‪ ،‬من خالل ذكر دليل على ذلك وهي ّ‬ ‫ً‬
‫دائما‬ ‫أن الرياح تعاكس السفن‬ ‫ٍ‬
‫كما تريد السفن‪ .‬وكذلك من أغراضها تشويق القارئ ليستخرج املعاني من وراء اللفظة أو العبارة التي‬
‫يذكرها الشاعر‪ ،‬ليدرك املقصد الحقيقي من ورائها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫دائما‪ّ ،‬ثم َ‬
‫أن األماني ال تتحقق ً‬ ‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬أسلوب التفسير والتعليل‪ :‬فقد ذكر في صدر البيت ّ‬
‫تفسيرا ودليال‬ ‫ذكر‬
‫على ذلك في عجز البيت وهو ّ‬
‫أن الرياح ال تأتي ً‬
‫دائما كما تريد السفن‪ .‬فالغرض منه هنا التأكيد على عدم‬
‫بشكل مستمر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫تحقق األماني‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫األبيات ‪ :12-10‬هجاء املتنبي لسيف الدولة‬

‫َ ُ‬
‫رعاك ُم ُ‬ ‫َ ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اللبن‬ ‫وال ِيد ُّر على م‬ ‫جارك ُم‬ ‫البيت العاشر‪ :‬رأيتكم ال يصون العرض‬

‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫َ‬ ‫ر ُ‬
‫أيتكم‪ :‬يقصد سيف الدولة وجماعته‬
‫يصون‪ :‬يحفظ‬
‫العرض‪ :‬الحسب ّ‬
‫والشرف‬
‫الجوار عندكم أي الحياة عندكم تحت حمايتكم‬‫جاركم‪ :‬من يطلب ِ‬
‫ّ‬
‫در اللبن‪ :‬إسالة اللبن من املواش ي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشرح‪ُ :‬ي ّ‬


‫الجوار عندكم والحياة عندكم‬ ‫عرض املتنبي هنا بسيف الدولة ويذمه‪ ،‬فيقول له‪ :‬إن من يطلب ِ‬
‫ّ‬
‫ألنكم ُتذلونه‪ ،‬وال ُتدافعون عنه‪ ،‬وال‬
‫تحت جواركم ال يستطيع أن يحفظ عرضه وكرامته وشرفه عندكم‪ّ ،‬‬

‫تقدمون له الحماية‪.‬‬‫ّ‬
‫خير فيه‪ ،‬فال َ‬
‫ضار ال َ‬ ‫مرعى رديء ٌّ‬ ‫وكذلك إذا َ َعت املواش ي في أرضكم ال ُتد ُّر اللبن على مرعاكم ّ‬
‫ألنه ً‬
‫خير‬ ‫ِ‬ ‫ر ِ‬
‫عندكم ً‬
‫أبدا‪.‬‬
‫ُ‬
‫فائدة ُترجى‪ .‬وهذا البيت‬
‫ٌ‬ ‫وقد أراد بهذا أن يقول‪ّ :‬‬
‫إن نعمتكم ُيخالطها األذى فال يهنأ َم ْن ينالها وليس منها‬
‫هجاء لسيف الدولة‪.‬‬

‫األساليب البالغية في البيت‪:‬‬


‫يدر على مرعاكم ُ‬
‫اللبن" كناية على عدم وجود الخير عندكم (ارجع إلى الغرض في األبيات‬ ‫الكناية‪ :‬فقوله "وال ّ‬
‫السابقة)‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫ُ َ َ‬ ‫وحظ ُك ُّل ُم ّ‬
‫ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫ضغ ُن‬ ‫حب منكم‬ ‫نكم َمل ٌل‬‫زاء ك ُّل قريب ِم‬‫البيت الحادي عشر‪ :‬ج‬
‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫ضغن‪ :‬كراهية وحقد‬

‫قريبا ِمنكم ُوم ًّ‬


‫حبا لكم‬ ‫كل من يكون ً‬ ‫يستمر في ذكر بعض أوصاف سيف الدولة السيئة فيقول‪ّ :‬‬
‫إن ّ‬ ‫ُّ‬ ‫الشرح‪:‬‬
‫بالحب والفرح‪ّ ،‬‬
‫وإنما تقابلونه بإظهار امللل منه ومن وجوده‪ ،‬والبغض‬ ‫ّ‬ ‫ولصداقتكم ولقربكم‪ ،‬ال تقابلونه‬
‫والكره له‪.‬‬
‫بصدق قابلتموه بالحقد عليه‪ ،‬والبغض والكراهية له‪ .‬أي أنكم ال ُتجازون القريب وال الذي‬
‫ٍ‬ ‫َومن أحبكم‬
‫يحبكم بما يستحقانه‪.‬‬

‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ َ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫نغيص وا ِملن ُن‬‫َح ّتى ُيعا ِق َب ُه الت‬ ‫فدك ُم‬‫البيت الثاني عشر‪َ :‬وتغضبون على من نال ِر‬
‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫الرفد‪ :‬العطاء‬
‫نال رفدكم‪ :‬أي حصل على عطائكم‬
‫َ‬
‫الكدر ّ‬
‫ضد الهناء‬ ‫التنغيص‪:‬‬
‫امل َنن‪ :‬جمع م ّنة وهي ّ‬
‫التكبر على الناس بما أعطيتهم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫أيضا ببيان بعض أوصاف وأفعال سيف الدولة السيئة‪ ،‬فيقول‪ّ :‬إنكم يا سيف الدولة‬‫يستمر هنا ً‬
‫ّ‬ ‫الشرح‪:‬‬
‫أي ّأنكم‬ ‫شيئا‪ ،‬وإذا أعطيتموه ً‬
‫شيئا فال يخلو عطاؤكم هذا من ّ‬
‫املن واألذى‪ْ ،‬‬ ‫تغضبون على من يطلب منكم ً‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ال ُتعطون العطايا ًّ‬
‫حبا بذلك‪ ،‬وإنما تتبعون هذا العطاء باملن على من أعطيتموه وبتنغيص ع ِ‬
‫يشه وتعييره‬
‫ميله على ذلك)‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫بما أعطيتموه (بالعامية‪ :‬تحملونه ج ِ‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫األبيات ‪ :15-13‬حديث املتنبي عن نفسه وبعض صفاته‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬
‫صاحب ِحلمي وهو بي ُج ُب ُن‬
‫ُ‬ ‫وال أ‬ ‫صاح ُب ِحلمي وهو بي ك َر ٌم‬
‫البيت الثالث عشر‪ :‬إني أ ِ‬
‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫الحلم‪ :‬األناة والعقل وعدم االستعجال في ّردة الفعل (من كلمة حليم)‬
‫ِ‬

‫ُ ُ َ ُّ َ ً ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وخل ًقا‬ ‫أحل ُم وأعفو ّ‬
‫عم ن يؤذيني ما دام حلمي يعد كرما‬ ‫بالتفاخ ِر بنفسه فيقول‪ :‬أنا‬ ‫شرح البيت‪ :‬يبدأ املتنبي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫صاحب صفة عالية كريمة‪ ،‬أما إذا كان ِحلمي‬‫ُ‬ ‫إلي وأنا ُمتصف ِ‬
‫بالحلم بأني‬ ‫الناس ينظرون ّ‬ ‫ُ‬ ‫نبيال‪ ،‬وما دام‬
‫وضعفا في نظر الناس فعندها ال أحلم وال أعفو حتى ال ُيقال أنني‬‫ً‬ ‫عم ن آذاني ُي َع ُّد ُج ْب ًنا‬
‫وصفحي وعفوي ّ‬ ‫َ‬
‫يدل على مدى ّاتصاف املتنبي بعزة النفس وكرامة النفس‪.‬‬ ‫جبان‪ .‬وهذا ّ‬

‫األساليب البالغية في البيت‪:‬‬


‫ً‬
‫أوال‪ :‬أسلوب الترديد‪ ،‬ح يث ذكر في صدر البيت "أصاحب حلمي" وق ال في عجز البيت "وال أصاحب حلمي"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحلم في ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫والغرض منه مايلي‪ :‬التأكيد على َأن َفته َّ‬
‫كل موضع ليؤكد على‬ ‫وع ِزته وكرامته‪ ،‬حيث إنه ذكر كلمة ِ‬
‫ِِ ِ‬
‫عزة نفسه وكرامتها‪ ،‬فلذا ال ّيتصف بهذه الصفة إال في أحوال معينة‪.‬‬

‫ضادها باستخدام ال النافية "وال أصاحب"‪ .‬والغرض منه‬‫ثانيا‪ :‬الطباق‪ :‬حيث قال‪" :‬أصاحب" وقال ما ُي ّ‬‫ً‬
‫توضيح املعنى وتأكيده‪ ،‬فهو يريد التأكيد على ّ‬
‫عزته وكرامته‪ ،‬من خالل ذكر صورة وما ُيقابلها‪ ،‬فهو يعفو‬
‫شهامة وكرم‪ ،‬لكنه ال يعفو ويصفح إذا‬
‫ٍ‬ ‫عمن أساء إليه إذا كان ذلك يجعله في نظر الناس صاحب‬ ‫ويصفح ّ‬
‫ملحسنات اللفظية بمعنى ّأنه‬ ‫كان ذلك األمر يجعله يوصف ُ‬
‫بالجبن والخوف‪ .‬وأسل وب الطباق كذلك من ا ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتناغما فيه‪.‬‬ ‫يعطي جماال للبيت‬

‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬أسلوب املقابلة‪ :‬وهي أن يقابل عبارة ما بعبارة أخرى توافقها في املعنى أو تعاكسها في املعنى‪ ،‬وهذا‬
‫واضح في مقابلته لصدر البيت بعجز البيت‪ ،‬والغرض منه كالطباق‪.‬‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫البيت الرابع عشر‪ :‬وال ُأ ُ‬
‫وال ألذ ِبما ِعرض ي ِب ِه َد ِرن‬ ‫قيم على مال أ ِذ ُّل ِب ِه‬
‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫ُ‬
‫أقيم‪ :‬أبقى‬
‫ّ‬
‫ِأذ ّل‪ :‬يصيبني الذل‬
‫ّ‬
‫ِألذ‪ :‬أحصل على اللذة‬
‫درن‪ :‬وسخ‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫يلح ُق ُه بسببه الذل والقهر‪،‬‬
‫ماال من أحد َ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫مستعد أن يأخذ‬ ‫الشرح‪ :‬يقول ّإنه ال يأخذ املال بالذل‪ ،‬أي ّأنه غير‬
‫كل ش يء‪.‬‬‫أن كرامة املتنبي فوق ّ‬ ‫يدل على ّ‬
‫وهذا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وفي القسم الثاني من البيت يؤكد ما جاء في القسم األول؛ فيقول ّإنه من املستحيل أن يستلذ بش يء قد‬
‫َ ّ‬
‫ُي َو ِ ّس ُخ ُويل ِط ُخ شرفه وكرامته‪.‬‬

‫األساليب البالغية في البيت‪:‬‬


‫الجناس‪ :‬وهو إيراد كلمتين ُمتقارَبتين في اللفظ ُم َ‬
‫ختلفتين في املعنى‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ُّ‬
‫"أذل" و "ألذ"‪ ،‬فاألولى مأخوذة من الذل‪ ،‬والثانية ِمن اللذة‪ .‬والغرض من الجناس‪:‬‬ ‫واملثال على ذلك قوله ِ‬
‫ً‬
‫‪ -‬تحسين املعنى وتزيينه وتجميله‪ ،‬فهو من العناصر الجمالية في الكالم‪ ،‬ويعطي الكالم عذوبة‬
‫ً‬
‫وجماال وموسيقى‪.‬‬
‫‪ّ -‬أنه يلفت انتباه القارئ ّ‬
‫ويشوقه ملعرفة الجمال الذي في الجناس‪.‬‬

‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُّ‬


‫ِفإ ِني ِبفراق ِم ِثل ِه ق ِم ُن‬ ‫ثل ُو ِ ّدك ُم‬
‫البيت الخامس عشر‪ :‬وإن بليت ِبود ِم ِ‬
‫معاني الكلمات‪:‬‬
‫قم ُن‪ :‬جدير‬
‫ِ‬

‫لحق‬ ‫خاطبا سيف الدولة‪ّ :‬إنه لو عامله ٌ‬


‫أحد ما بمثل ُمعاملة سيف الدولة له‪ ،‬من خيانة ّ‬ ‫الشرح‪ :‬يقول هنا ُم ً‬
‫الصحبة‪ُ ،‬ومقابلة اإلحسان باإلساءة‪ ،‬عندها سأفارقهم كما فارقتكم ولن أتوانى في ذلك‪.‬‬
‫ّ‬

‫األساليب البالغية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بود مثل ّ‬ ‫أسلوب الشرط‪" :‬وإن ُب ُ‬
‫ليت ّ‬
‫ودكم" وجواب الشرط "فإني بفراق مثله قمن"‪ ،‬فقد رتب فراقه إلنسان‬
‫ما‪ ،‬بمقابلته له بالسوء وعدم مقابلته اإلحسان باإلحسان‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬

‫مالحظة‪ :1‬أكثر الشاعر في هذه القصيدة من استخدام أسلوب النفي‪ ،‬ومن األمثلة عليه‪:‬‬
‫البيت األول‪ :‬ال أهل وال وطن وال نديم وال كأس وال سكن‪ :‬والغرض منه هنا ّأنه يريد أن َ‬
‫ينفي عن نفسه ً‬
‫أمورا‬
‫ويؤكد مقابلها ً‬‫ّ‬
‫أمورا أخرى‪ ،‬للداللة على االضطراب الذي عاشه الشاعر‬
‫البيت الثاني‪ :‬ما ليس يبلغه من نفسه الزمن‬
‫البيت الرابع‪ :‬فما يديم سرور‪ ،...‬وال ّ‬
‫يرد عليك‪ : ...‬والغرض من النفي هنا تقديم بعض النصائح والتأكيد‬
‫عليها‬
‫كل ما ّ‬
‫يتمنى املرء يدركه‪ :‬والغرض منه هنا نفي حصول كل ما يتمناه اإلنسان للتعريض‬ ‫البيت التاسع‪ :‬ما ّ‬
‫بمن َّ‬
‫تمنوا موته وأنه لن يتحقق لهم‬
‫يدر‪ :...‬والغرض منه هنا هجاء سيف الدولة وبيان ّأنه ال‬
‫البيت العاشر‪ :‬ال يصون العرض جاركم‪ ..‬وال ّ‬
‫ّيتصف بأي خير‬
‫البيت الثالث عشر‪ :‬ال أصاحب حلمي وهو بي جبن‬
‫ّ‬
‫مال‪ ...‬وال ألذ‪ :...‬والغرض من النفي في هذا البيت والذي سبقه نفي بعض‬
‫البيت الرابع عشر‪ :‬وال أقيم على ٍ‬
‫الصفات عنه للتأكيد على صفاته العالية ّ‬
‫وعزة نفسه وكرامتها‪.‬‬

‫أن الشاعر في القصيدة ذكر سيف الدولة بصيغة الجمع‪ ،‬مثل "عندكم‪ /‬رأيتكم‪ /‬مرعاكم‪/‬‬ ‫مالحظة‪ :2‬نرى ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫منك ُم‪ِ /‬رفدكم‪ُ /‬و ِ ّدكم"‪ .‬والغرض من التعبير بصيغة الجمع هو‪:‬‬
‫َ‬
‫أ) اإلشارة إلى مكانة سيف الدولة كونه الحاكم‪ ،‬ولذا ُيخاطبه بصيغة التفخيم‬
‫أهمية الحدث والتفخيم من شأن صفاته السيئة‪ ،‬فعلى سبيل املثال في قوله‬ ‫ب) للتعبير عن ّ‬
‫"رأيتكم ال يصون العرض جاركم" أراد التفخيم من شأن هذه الصفة التي يتصف بها سيف‬
‫الدولة وهي مقابلته اإلحسان باإلساءة‪ ،‬ومثال في البيت الحادي عشر جاء بصيغة الجمع‬
‫للتفخيم من الصفات السلبية لسيف الدولة‪ .‬وهكذا في بقية األمثلة‪.‬‬
‫ّ‬
‫لكنه في البيت السادس ذكره بصيغة املفرد الغائب للتنقيص من أمره واالستهجان لسماعه ملن ينقلون‬
‫خبر وفاته بكل راحة وسرور‪.‬‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫مالحظة ‪ :3‬أكثر الشاعر من استخدام أسلوب الخطاب في القصيدة‪ ،‬ومن ذلك قوله‪:‬‬
‫ُ‬
‫"يا من نعيت ‪ ...‬بمجلسه" فالنداء هنا مخاطبة لسيف الدولة‪.‬‬
‫"كم قد ُق ُ‬
‫تلت وكم قد ُم ُّت عندكم" فهنا الخطاب لسيف الدولة بصيغة الجمع باستخدام الضمير‬
‫"كم"‬
‫"رأيتكم ال يصون العرض جاركم وال ّ‬
‫يدر على مرعاكم اللبن" وهنا الخطاب لسيف الدولة بصيغة‬
‫الجمع باستخدام الضمير "كم"‬
‫"جزاء كل قرب منكم ‪ ..‬منكم ضغن"‬
‫"وتغضبون على من نال رفدكم"‬
‫بود مثل ّ‬
‫ودكم‪"...‬‬ ‫"وإن ُب ُ‬
‫ليت ّ‬
‫ٍ‬
‫وفي هذه املواضع كلها الخطاب بصيغة الجمع باستخدام الضمير "كم"‪.‬‬

‫ومن أغراض استخدام هذا األسلوب ما يلي‪:‬‬


‫• أن يكشف الشاعر مشاعره الحقيقية أمام سيف الدولة بصورة مباشرة ومن غير تورية‬
‫وأن يكون تعبيره لهذه املشاعر صر ً‬
‫يحا‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحقيقي وهو لوم وعتاب سيف الدولة‬ ‫• هذا األسلوب يتناسب ويتالءم مع غرض القصيدة‬
‫وإظهار خيبة أمله منه بعد أن ّ‬
‫غير معاملته للمتنبي واستمع ملن يفترون عليه‪.‬‬
‫ّ‬
‫• أن يؤثر كالمه في سيف الدولة من خالل توجيه الكالم إليه مباشرة وعتابه‬
‫• جاء الخطاب بصيغة الجمع واملقصود به سيف الدولة بهدف تعظيم شأنه وإظهار مكانته‬
‫ّ‬
‫لكونه الخليفة حتى يلومه بعدها وينال منه ويقلل من أمره‪ ،‬كأنه يقول‪ :‬إذا كنت أنت بهذه‬
‫تصرفات ال تليق بمكانتك فلذا أنت ّ‬
‫أقل من هذه املكانة‪.‬‬ ‫وتتصرف ّ‬‫ّ‬ ‫املكانة‬
‫ّ‬
‫التوجه إليه‬ ‫• أن ُيظهر املتنبي قوة شخصيته وجرأته على مواجهة سيف الدولة من خالل‬
‫باللوم والعتاب بصورة مباشرة‪.‬‬
‫مدرسة جت التانوية‬ ‫الأستاذ عببدة اسعد‬
‫مالحظة ‪ :4‬استخدم الشاعر ضمير الغائبين عند حديثه عن الذين نقلوا خبر وفاته‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ُ‬
‫مرتهن" فالضمير في كلمة "الناعون" يشير إلى "هم"‬ ‫الناعون‬‫" ُك ٌّل بما زعم ّ‬
‫ُ‬
‫قولهم ‪ ....‬ماتوا قبل من دفنوا"‬ ‫"‪...‬قبل‬
‫والغرض من توظيف هذا الضمير ما يلي‪:‬‬
‫وحساده رغم كثرتهم‪ّ ،‬‬
‫وكأنهم ال قيمة لهم في نظر املتنبي‬ ‫املتنبي ّ‬
‫• التقليل من شأن أعداء ّ‬
‫ونية في نظر املتنبي‪ّ ،‬‬
‫فكأنهم في نظره ال اعتبار وال قيمة‬ ‫• يعكس ضمير الغائب منزلة هؤالء ّ‬
‫الد ّ‬
‫لهم‬
‫ّ‬
‫ويتمنون موته كثر لكنه ال يكترث بهم‬ ‫• قد يشير هذا الضمير إلى ّ‬
‫أن هؤالء الذين يحسدونه‬
‫وبحسدهم له‪.‬‬

You might also like