Professional Documents
Culture Documents
قصيدة مب التّعلّل
املتنب
مناسبة القصيدة
قوما قد َن َعوه في مجلس سيف الدولة الحمداني ،في مدينة حلب ،وقيل ّ
إن هؤالء القوم قد بلغ املتنبي ّ
أن ً
ضا به وبشرفه ،فبعث املتنبي هذه القصيدة،عر ً قاسيا ً
الذعا ُم ّ ً ً
هجاء قالوا لسيف الدولة ّ
إن املتنبي هجاه
شاكيا ما قد قيل عنهُ ،م ً
فتتحا القصيدة بالعتاب والشكوى. ً
وهذه القصيدة يسودها ّ
الجو النفس ي الكئيب الذي يعيشه الشاعر ،وا ِملحن وخيبات األمل التي ّ
مر بها
ّ ّ
املتوهجة املتقلبة. املتنبي على مدار حياته
ويعرض بمواقفه تجاه الشائعات التيهذه القصيدة نموذج للعتاب ،ففيها يعاتب الشاعر سيف الدولة ّ
ّروجها حاسدوه ،بقولهم وترويجهم خبر مماته الذي ال صحة له.
هذه القصيدة قالها املتنبي ليزيل عن نفسه ضغط َ
أمرين:
الح َّساد الكارهون ،وتعبيرهم عن آمالهم البغيضة تجاهه حتى ّأنهم ّ
يتمنون األول :ما يسببه له ُ
دائما ،وهم كاذبون في ذلك ،وهذا يؤلم املتنبي ً
كثيرا ألنه يشعر رحيله عن هذه الدنيا ،فيتناقلون خبر وفاته ً
بهذه الكراهية وهذا الحقد من غيره.
الثاني :موقف األمير الذي عرف فضله وأعطاه وكافأه ،ولكنه فتح أذنيه ليعطي لألقاويل الكاذبة
ً
عازفا عن التاريخ الحميم بينهما ً ّ ً
سابقا. أذنا صاغية مما سبب إلى فتور عالقته ،فيعامل املتنبي معاملة جافة
ً
بحثا عن مكان ُي ّ ونتيجة لذلك ّ
حقق فيه قرر املتنبي االبتعاد عن مكان املضايقة واإليذاء ورحل إلى مصر
ً
طموحه وحلمه بالرياسة واإلمارة دون أذى من غيره.
ً
وهاجيا له. ضا بسيف الدولةعر ً
ومن هناك بعث هذه القصيدة ُم ّ
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
شرح األبيات
ّ َ ّ ّ ّ ّ ً ّ
شرح البيت :يخاطب الشاعر نفسه شاكيا همه ،وقد ظهر عليه األلم والتوجع فيقولِ :بم التعلل؟ أي ِ
بأي
وبأي ش يء أتشاغل ّ عل ُل نفس ي وأجعلها تستريحّ ، ُ ّ
ألخفف عن نفس ي ،وأنا بعيد عن أهلي ووطني (ال أهل ِ ش ٍيء أ
وال وطن) ،فأهل الشاعر في بلد آخر ،وقد ترك وطنه وغادر إلى بلد آخر؛ ّ
ألنه لم يجد في وطنه ما يجعله ٍ ٍ
يرتاح.
صاحبه ُويجالسه ليتسامروا ويشربوا مع بعضهم البعض ،بل ُ صاحبا ُي
ً كما ّأنه ال نديم له ،أي ّأنه ال يجد
ُ صحبة ُت ّ
ً ً
سبب له السعادة واملتعة. ُ
يشرب به ،فهو ال يجد أصال ً
كأسا ّإنه ال يجد
َ ُ ّ ٌ ُ
عارفه الذين كان
وليس له سكن أي ليس له أحد يسكن إليه ليرتاح ،فهو يشعر أنه غريب ومنقطع عن م ِ
ُ َ
يأل ُف ُهم ويسك ُن إليهم.
يملك ما ُي ّ
حسد عليها ،ال ُ
نفسية صعبة ال ُي ُ ّ
خفف عنه من ٍ ٍّ حالة
تدل على أن الشاعر يعيش في ٍ هذه البداية ّ
ثابتا ُوم ّ
تحد ًيا للواقع. لكنه مع ذلك يبقى ً النفسيةّ .
ّ آالم ِه
ِ
ً
ثالثا :التكرار :حيث ّ
كرر في هذا البيت حرف النفي "ال" ،والغرض من التكرار هنا:
-التأكيد على األزمة التي يعيشها
-ترسيخ فكرة معاناته وتذويتها في النفوس حتى ُي ّ
عبر عن حالته النفسية الصعبة
-إعطاء انفعال نفس ي وتهويل ما أصابه
ر ً
ابعا :أسلوب التفسير والتعليل:
ّ
التعلل" ّ
فسر سبب هذا االستفهام وهو أنه ال أهل له وال وطن وال نديم فبعد االستفهام بقوله "بم
وال كأس وال سكن.
ّ
يتعلل به ،وأن ّ والغرض من هذا األسلوب أن ّ
يعبر عن يوضح سبب حسرته بأنه ال ش يء يستطيع أن
حالته هذه من خالل بيان األمثلة التي أدت لحالته.
َما َل ْي َ
س ْيب ُل ُغ ُه م ْن َنفسه َّ ّ َ َ َ البيت الثانيُ :أ ُ
الز َم ُن [الطموح العالي] ِ ِ ِ ريد ِم ْن َز َم ِني ذا أ ْن ُي َب ِلغني
معاني الكلمات
ذا :اسم اإلشارة ،مأخوذ من "هذا"
ّ
ُي َبلغني :يوصلني
ُ
حق َقها؛
َّ ُ ُ َ ْ ُ ّ ُ ْ ُ ُ ُّ ّ
الشرح :الشاعر هنا يبين أن ِه َّمته عالية ،وطموحه وآماله أبعد ِم ن أن يستطيع الزمن نفسه أن ي ِ
ألن ما ُيريده الشاعر من الزمن ال يستطيع الزمن تحقيقه لنفسه ،فكيف يحققه للمتنبي ،فقد يكون ما َّ
ُ
خلوه من امل َن ِّغصات ،وكل ذلك ال يستطيع الزمن
يريده من الزمن هو الخلود أو استقامة األحوال ،وقد يكون ّ
ألن الزمن دائم ّ
الت ّ
غير. تحقيقه لنفسهّ ،
وهذا يشير إلى طموحه العالي.
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
األساليب البالغية في البيت
جعل أحد اللفظين املُ ّ
التصدير(ويسمى ّرد األعجاز على الصدور) :ومعنى هذا األسلوب أن ُي َا ّ
كررين أو أوال:
املشتقين من الجذر نفسه في صدر البيتُ ،ويجعل اللفظ اآلخر في آخر عجز البيت .وهناّ املتجانسين أو
ثم قال في عجز البيت ّ
"الزمن". جعل كلمة "زمني" في صدر البيت ّ
والغرض من التصدير مايلي:
-التأكيد على فكرة يريد الشاعر إيصالها؛ وهنا يريد التأكيد على طموحه الحالي الذي ال يمكن
ألي ش ٍيء أن يوقفه.
-إعطاء إيقاع موسيقي متجانس جميل في القصيدة.
ً َُ َُ
ثانيأ :االستعارة :وهي تشبيه بليغ ُحذف منه املش ّبه أو املش ّبه به ،وبمعنى آخر أن تستعير كلمة وتنسبها إلى
ا
غير ما هو لها.
واملثال على االستعارة هنا قول الشاعر" :أريد من زمني أن ُي ّبلغني"؛ فهنا يعطي الزمن القدرة على أن ّ
يحقق
ّ
للمتنبي ً
أمورا.
والغرض من االستعارة ما يلي:
ُ
امل ّ
جرد حركة وحيوية -جعل املعنى أكثر حركة وإعطاء الش يء
-تقريب الفكرة التي يريد الشاعر إيصالها للقارئ من خالل تشبيهها بصورة ّ
حس ٍية قريبة من
األذهان مما يزيد من جاذبية املعنى.
فهو في هذا املثال يعطي الزمن حرة وحيوية ُوي ّ
قرب صورته لألذهان.
الب َد ُن
روح َك َ
صح ُب فيه َ
ِ
دام َي َ
ما َ كترث َ ُ َ َ َ
البيت الثالث :ال تلق دهرك إال غير م ِ
معاني الكلمات:
كترثُ َ :ُ َ
بال
غير م ٍ غير م ِ
غلب على هموم الحياة ،فيقول :ما ُد َ ّ ّ ّ َ الشرح :في هذا البيت يبدأ الشاعر يعطينا َ
مت الحكم في كيفية التبعض ِ
بالزمان ومصائبه وصعوباتهّ ،
فإنها تزول وال تبقى، على قيد الحياة ،وما دامت الروح تصاحبك ،فال ُتبال ّ
ِ
ً
حسابا للدهر تحسب ُ ً َ
فالش يء الوحيد الذي إن زال فال ِعوض له هو الروحِ ،لذا ِعش مندفعا إلى األمام ،وال ِ
ّ
ومشاكله والحياة وتقلباتها.
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
األساليب البالغية في البيت:
ً
أوال :أسلوب ّ
النهي" :ال َ
تلق دهرك إال غير مكترث" .والغرض من النهي هنا هو:
-اإلرشاد ُّ
والنصح :فهو هنا يريد أن يرشد الناس وينصحهم إلى ما هو أفضل لهم في حياتهم.
-صرف نظر اإلنسان عن ْ
أن يكترث بالحياة ومصائبها
شبه الروح والبدن بمخلوقين يتصاحبان كاإلنسان. ُ
البدن" حيث ّ ُ
"يصحب فيه روحك ً
ثانيا :االستعارة:
والغرض من االستعارة ما يلي:
ُ
امل ّ
جرد حركة وحيوية -جعل املعنى أكثر حركة وإعطاء الش يء
-تقريب الفكرة التي يريد الشاعر إيصالها للقارئ من خالل تشبيهها بصورة ّ
حس ٍية قريبة من
األذهان مما يزيد من جاذبية املعنى.
فهو أعطى الروح والبدن صورة حيوية يستطيع القارئ أن ّ
يتخيلهاّ ،
مما يجعل املعنى أقرب إلى ذهن
القارئ.
ٌ ُ ً
ثالثا :الكناية :ومعناها ّأنها لفظ أريد به غير معناه األصلي ،مع جواز إرادة ذلك املعنى ،فهو أسلوب
ً
يستخدم التلميح بدال من التصريح.
روحك البدن" وهي كناية عن البقاء ًّ
حيا. يصحب فيه َ
ُ املثال على هذا األسلوب هنا قوله "ما دام
مت ًّ
حيا" أتى مصحوبة بالدليل ،فهنا ملّا أراد أن يقول "ما ُد َ
ً
والغرض من الكناية إعطاء الحقيقة
بالدليل على ذلك وهو مصاحبة الروح للبدن .وكذلك من أغراضها تشويق القارئ ليستخرج املعاني من
وراء اللفظة أو العبارة التي يذكرها الشاعر ،ليدرك املقصد الحقيقي من ورائها.
َ َ ُ
الح َزن َ
عليك الفائت وال ُّ
يرد
َ
رور ما ُس ِر ْرت ِبه البيت الرابعَ :فما ُي ُ
ديم ُس ٌ
معاني الكلمات:
ما ُيديم :ال ُيبقي
الفائت :املاض ي أي ما فات
ّ
يستمر املتنبي في تأكيد فكرته في البيت السابق ،وبيان العلة للحكمة السابقة ،وهي الشرح :في هذا البيت
ّ ّ
أن اإلنسان عليه أن ال ُيبالي بالزمان وتقلباته ومصائبهَ ،
وجاء بدليلين على هذه الفكرة من الواقع وهما:
ّ -أنه ال سرور دائم :فالسرور والفرح ال يدومان ألحد ،إذ ّ
إن سرورك بالش يء ال يديمه عليك،
والسرور والفرح ً
حتما سيزول في بعض األوقات.
أبداّ ،
ألن ما فات مات ولن يعود ،فما عليك إال أن -باملقابل الحزن على ما فات ال يعيده إليك ً
تستمر وتتابع حياتك.
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
األساليب البالغية في البيت:
ّ ً
متضادتان ومتعاكستان في املعنى. أوال :الطباق :وهو أن تكون الكلمات
ّ
متضادتان في املعنى. "الح َزن" فهاتان الكلمتان
املثال" :سرور" و َ
والغرض من الطباق تأكيد الصورة التي يريد الشاعر إيصالها وتوضيحها ،فهنا من خالل الطباق
وأن السرور ال يدوم كما ّ ّ
متقلبةّ ، ّ
يؤكد على ّ
أن الحزن ال يعيد املاض ي .وأسلوب الطباق كذلك من أن الحياة
ً
ً
وتناغما فيه. ملحسنات اللفظية بمعنى ّأنه يعطي جماال للبيت
ا ّ
ثم يأتي بتفصيل ثانيا :أسلوب التفسير والتعليل بين البيت الثالث والرابع :وهو أن يذكر الشاعر ً
شيئا ماّ ، ً
وشرح سبب ذكره لذاك الش يء.
ّ ّ ّ
ففي البيت السابق نهى عن التأثر بتقلبات الحياة والحزن من أجلها ،وفي هذا البيت جاء ببيان ِعلة وسبب
ذلك النهي من خالل ذكر الدليل عليه وهو ّ
أن الفرح ال يدوم والحزن ال يعيد املاض ي ،فعليك أن تستمر في
ً
مندفعا نحو أهدافك. هذه الحياة
ّ
والغرض من هذا األسلوب هنا :بيان ِعلة نهيه عن عدم االكتراث بالحياة ،مما يزيد من ترسيخ الفكرة أكثر
ّ وأكثر في عقل القارئ .وكذلك من أغراضه أن ّ
يعبر عن فكرته من خالل طرح مثال يؤكد ما ذكره في البيت
السابق.
ّ
ومن أغ راضه كذلك أن يؤثر في ّ
املتلقي ويجعله يقتنع أكثر وأكثر بفكرته التي يريد إيصالها
ً
مدروسا ،ولذلك ينتقد يتبصروا باألمور وأن يكون سلوكهم في الحياة ّ الشرح :يطلب املتنبي من الناس أن
ّ أحبوها وعشقوهاّ ، أضر باملحبين لهذه الدنيا ّأنهم ّ
إن الذي ّ ّ
والعشاق للدنيا بقولهّ : ُ
امل ّ
لكنهم لم يتفكروا حبين
حق املعرفة ،ولم يفطنوا لها وألهلها ،وما ُط َ
بعت وما في حقيقة الدنيا ولم يعتبروا من أحداثها ،فلم يعرفوها ّ
تقلبة وال تثبت على حال ،ولو عرفوا ذلك ملا ّ ّ ّ ُ ّ ُ
أحبوا وال أضاعوا ط ِبعوا عليه من الغدر والخيانة ،وأن الدنيا م
الضرر واأللم ألنفسهم بذلك.حق منهم ذلك ،وملا جلبوا ّ ّأيامهم في سبيل من ال يست ّ
أن املحبين قد ّ
أضرهم الحب ،ثم ذكر العلة ملا يقول وهو أسلوب الشرح والتعليل :فقد ّبين في صدر البيت ّ
َ
ّأنهم لم يعرفوا الدنيا وما فيها من غدر وخيانة ُج ِبلت عليه.
فالغرض من هذا األسلوب بيان السبب وراء الضرر الذي أصاب املحبين.
ََ َ ّ
الناعون ُم َرت ُ ُ ُ َ ُ ُ
هن ك ٌّل ِبما زعم البيت السادس :يا من نعيت على بعد َبم ِ
جل ِس ِه
معاني الكلمات
على ُبعد َبمجلسه :يقصد مجلس سيف الدولة في حلب ،حيث كان املتنبي في مصرَ ،و َن َع ُ
وه لسيف الدولة. ِ ٍ
الناعون :جمع ٍ
ناع ،وهو من يأتي بخبر الوفاة.
زعمّ :ادعى
هن املوت ،ولن ينس ى ُ
املوت ً
أحدا ُم َرت َه ُن :أي ّ
أن الجميع ر ُ
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
الدولة الحمداني في حلب ،فقد نقل ُ
الح ّساد خبر وفاته وجه املتنبي في هذا البيت خطابه لسيف ّ
الشرحُ :ي ّ
الناس ّأن ُه
لكن ُح ّساده أرادوا أن ُيذيعوا بين ّ
ويعيش في مصرّ ،
ُ ِ حي ولم ُيمت لسيف الدولة ،مع ّ
أن املتنبي ٌّ
إن الجميع ُ ً
قائال لهّ : ألنهم يريدون أن يشمتوا بوفاته .ولذا ّ ُت ُو ّف َي؛ ّ
رهن املوت يتوجه املتنبي لسيف الدولة ِ
ٌ َّ ّ
الذي ال ُبد منه ،واملوت سيأتي للجميع ،ولذا فال َ
يفرحن أحد لنعيي وموتي.
وقد خاطب سيف الدولة في هذا البيت بضمير الغائب ،وفيه من التقليل من شأنه والتنقيص من قدره
وقيمته.
األساليب البالغية:
ُ ً
"انتفضت فزال القبر والكفن" كناية عن الظهور من جديد .والغرض من الكناية إعطاء أوال :الكناية:
ً
الحقيقة مصحوبة بالدليل ،فقد أراد ذكر ظهوره وحياته بعد أن ّادعوا مقتله ،فأتى بالدليل عليه وهو
خروجه من القبر وإزالة الكفن عنه .وكذلك من أغراضها تشويق القارئ ليستخرج املعاني من وراء اللفظة
ُ
والكفن" ُ
"انتفضت فزال القبر أو العبارة التي يذكرها الشاعر ،ليدرك املقصد الحقيقي من ورائها ،فقوله
يجعل القارئ ّ
يتمعن فيها وفي جمال املغنى الذي قصده فيها.
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
ً
ثانيا :أسلوب االلتفات :وهو االنتقال بالخطاب من ضمير إلى ضمير آخر ،ففي البيت السابق تحدث عن
سيف الدولة بصي غة الغائب ،وهنا انتقل للحديث عنه بضمير املخاطب ،وذلك بقوله" :عندكم" والغرض
منه زيادة التقريع به والذم له ،فكأنه يقول :أنتم يا سيف الدولة ال ينبغي عليكم أن تستمعوا لكالم الناس
رخي سمعك لها.تتحرى مدى صدق األخبار ال أن ُت َ
دون أن تتحققوا منه ،فكونك الحاكم يملي عليك أن ّ
َ ُ
رعاك ُم ُ َ ُُ ُ ُ
اللبن وال ِيد ُّر على م جارك ُم البيت العاشر :رأيتكم ال يصون العرض
معاني الكلمات:
َ ر ُ
أيتكم :يقصد سيف الدولة وجماعته
يصون :يحفظ
العرض :الحسب ّ
والشرف
الجوار عندكم أي الحياة عندكم تحت حمايتكمجاركم :من يطلب ِ
ّ
در اللبن :إسالة اللبن من املواش ي
تقدمون له الحماية.ّ
خير فيه ،فال َ
ضار ال َ مرعى رديء ٌّ وكذلك إذا َ َعت املواش ي في أرضكم ال ُتد ُّر اللبن على مرعاكم ّ
ألنه ً
خير ِ ر ِ
عندكم ً
أبدا.
ُ
فائدة ُترجى .وهذا البيت
ٌ وقد أراد بهذا أن يقولّ :
إن نعمتكم ُيخالطها األذى فال يهنأ َم ْن ينالها وليس منها
هجاء لسيف الدولة.
ُ َ ّ َ ْ َ َ ُ َ َ َ
نغيص وا ِملن ُنَح ّتى ُيعا ِق َب ُه الت فدك ُمالبيت الثاني عشرَ :وتغضبون على من نال ِر
معاني الكلمات:
الرفد :العطاء
نال رفدكم :أي حصل على عطائكم
َ
الكدر ّ
ضد الهناء التنغيص:
امل َنن :جمع م ّنة وهي ّ
التكبر على الناس بما أعطيتهم ِ ِ
أيضا ببيان بعض أوصاف وأفعال سيف الدولة السيئة ،فيقولّ :إنكم يا سيف الدولةيستمر هنا ً
ّ الشرح:
أي ّأنكم شيئا ،وإذا أعطيتموه ً
شيئا فال يخلو عطاؤكم هذا من ّ
املن واألذىْ ، تغضبون على من يطلب منكم ً
َ ّ ّ ُ ال ُتعطون العطايا ًّ
حبا بذلك ،وإنما تتبعون هذا العطاء باملن على من أعطيتموه وبتنغيص ع ِ
يشه وتعييره
ميله على ذلك). ْ ُ
بما أعطيتموه (بالعامية :تحملونه ج ِ
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
األبيات :15-13حديث املتنبي عن نفسه وبعض صفاته
ُ َ ّ ُ
صاحب ِحلمي وهو بي ُج ُب ُن
ُ وال أ صاح ُب ِحلمي وهو بي ك َر ٌم
البيت الثالث عشر :إني أ ِ
معاني الكلمات:
الحلم :األناة والعقل وعدم االستعجال في ّردة الفعل (من كلمة حليم)
ِ
ُ ُ َ ُّ َ ً ُ ُ ُ ُ
وخل ًقا أحل ُم وأعفو ّ
عم ن يؤذيني ما دام حلمي يعد كرما بالتفاخ ِر بنفسه فيقول :أنا شرح البيت :يبدأ املتنبي
ّ ّ ً
صاحب صفة عالية كريمة ،أما إذا كان ِحلميُ إلي وأنا ُمتصف ِ
بالحلم بأني الناس ينظرون ّ ُ نبيال ،وما دام
وضعفا في نظر الناس فعندها ال أحلم وال أعفو حتى ال ُيقال أننيً عم ن آذاني ُي َع ُّد ُج ْب ًنا
وصفحي وعفوي ّ َ
يدل على مدى ّاتصاف املتنبي بعزة النفس وكرامة النفس. جبان .وهذا ّ
ضادها باستخدام ال النافية "وال أصاحب" .والغرض منهثانيا :الطباق :حيث قال" :أصاحب" وقال ما ُي ًّ
توضيح املعنى وتأكيده ،فهو يريد التأكيد على ّ
عزته وكرامته ،من خالل ذكر صورة وما ُيقابلها ،فهو يعفو
شهامة وكرم ،لكنه ال يعفو ويصفح إذا
ٍ عمن أساء إليه إذا كان ذلك يجعله في نظر الناس صاحب ويصفح ّ
ملحسنات اللفظية بمعنى ّأنه كان ذلك األمر يجعله يوصف ُ
بالجبن والخوف .وأسل وب الطباق كذلك من ا ّ
ً ً
وتناغما فيه. يعطي جماال للبيت
ً
ثالثا :أسلوب املقابلة :وهي أن يقابل عبارة ما بعبارة أخرى توافقها في املعنى أو تعاكسها في املعنى ،وهذا
واضح في مقابلته لصدر البيت بعجز البيت ،والغرض منه كالطباق.
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
ُ َ ُّ َ البيت الرابع عشر :وال ُأ ُ
وال ألذ ِبما ِعرض ي ِب ِه َد ِرن قيم على مال أ ِذ ُّل ِب ِه
معاني الكلمات:
ُ
أقيم :أبقى
ّ
ِأذ ّل :يصيبني الذل
ّ
ِألذ :أحصل على اللذة
درن :وسخ
األساليب البالغية:
ّ ّ بود مثل ّ أسلوب الشرط" :وإن ُب ُ
ليت ّ
ودكم" وجواب الشرط "فإني بفراق مثله قمن" ،فقد رتب فراقه إلنسان
ما ،بمقابلته له بالسوء وعدم مقابلته اإلحسان باإلحسان
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
مالحظة :1أكثر الشاعر في هذه القصيدة من استخدام أسلوب النفي ،ومن األمثلة عليه:
البيت األول :ال أهل وال وطن وال نديم وال كأس وال سكن :والغرض منه هنا ّأنه يريد أن َ
ينفي عن نفسه ً
أمورا
ويؤكد مقابلها ًّ
أمورا أخرى ،للداللة على االضطراب الذي عاشه الشاعر
البيت الثاني :ما ليس يبلغه من نفسه الزمن
البيت الرابع :فما يديم سرور ،...وال ّ
يرد عليك : ...والغرض من النفي هنا تقديم بعض النصائح والتأكيد
عليها
كل ما ّ
يتمنى املرء يدركه :والغرض منه هنا نفي حصول كل ما يتمناه اإلنسان للتعريض البيت التاسع :ما ّ
بمن َّ
تمنوا موته وأنه لن يتحقق لهم
يدر :...والغرض منه هنا هجاء سيف الدولة وبيان ّأنه ال
البيت العاشر :ال يصون العرض جاركم ..وال ّ
ّيتصف بأي خير
البيت الثالث عشر :ال أصاحب حلمي وهو بي جبن
ّ
مال ...وال ألذ :...والغرض من النفي في هذا البيت والذي سبقه نفي بعض
البيت الرابع عشر :وال أقيم على ٍ
الصفات عنه للتأكيد على صفاته العالية ّ
وعزة نفسه وكرامتها.
أن الشاعر في القصيدة ذكر سيف الدولة بصيغة الجمع ،مثل "عندكم /رأيتكم /مرعاكم/ مالحظة :2نرى ّ
ُ ُ
منك ُمِ /رفدكمُ /و ِ ّدكم" .والغرض من التعبير بصيغة الجمع هو:
َ
أ) اإلشارة إلى مكانة سيف الدولة كونه الحاكم ،ولذا ُيخاطبه بصيغة التفخيم
أهمية الحدث والتفخيم من شأن صفاته السيئة ،فعلى سبيل املثال في قوله ب) للتعبير عن ّ
"رأيتكم ال يصون العرض جاركم" أراد التفخيم من شأن هذه الصفة التي يتصف بها سيف
الدولة وهي مقابلته اإلحسان باإلساءة ،ومثال في البيت الحادي عشر جاء بصيغة الجمع
للتفخيم من الصفات السلبية لسيف الدولة .وهكذا في بقية األمثلة.
ّ
لكنه في البيت السادس ذكره بصيغة املفرد الغائب للتنقيص من أمره واالستهجان لسماعه ملن ينقلون
خبر وفاته بكل راحة وسرور.
مدرسة جت التانوية الأستاذ عببدة اسعد
مالحظة :3أكثر الشاعر من استخدام أسلوب الخطاب في القصيدة ،ومن ذلك قوله:
ُ
"يا من نعيت ...بمجلسه" فالنداء هنا مخاطبة لسيف الدولة.
"كم قد ُق ُ
تلت وكم قد ُم ُّت عندكم" فهنا الخطاب لسيف الدولة بصيغة الجمع باستخدام الضمير
"كم"
"رأيتكم ال يصون العرض جاركم وال ّ
يدر على مرعاكم اللبن" وهنا الخطاب لسيف الدولة بصيغة
الجمع باستخدام الضمير "كم"
"جزاء كل قرب منكم ..منكم ضغن"
"وتغضبون على من نال رفدكم"
بود مثل ّ
ودكم"... "وإن ُب ُ
ليت ّ
ٍ
وفي هذه املواضع كلها الخطاب بصيغة الجمع باستخدام الضمير "كم".