‫مقال تأملي ‪1444 -‬ه‬

‫بقلم املعلمة مروة عبدالرزاق الهاشمي‬

‫اإلحباط هو من أصعب املشاعر ومن أكثرها تعقيدا وهو من التحديات التي‬

‫يجب على املعلم أن يحمي الطالب منها ومسؤولية كبيرة تقع على عاتق املعلم‪ .‬ثمان‬

‫سنوات من العطاء‪ ،‬ولكنني وجدت نفس ي حائرة عندما انتدبت أربعة وعشرين حصة‬

‫وعدد الطالبات أربعة أضعاف عدد الطالبات الالتي كنت أدرسهن في العام املاض ي‪،‬‬

‫الفصل كبير‪ ،‬صوتي ال يصل آلخر الفصل فصوت التكييف يغطي على املكان باإلضافة‬

‫إلى أسلوب الطالبات عند استقبالي ال يبشر بالخير‪ .‬بالبداية كان األمر صعبا جدا‬

‫وخصوصا مع الوضع الصحي الذي أمر به‪ ،‬بدأت أفكر وأسأل نفس ي كيف أتجاوز هذه‬

‫الصعوبات‪ ،‬كيف أتكيف مع الوضع الجديد‪ ،‬كيف أرتب حصص ي التي قد تصل إلى ست‬

‫حصص في اليوم الواحد‪ ،‬خرجت من املدرسة محبطة وفي حالة يأس‪ ،‬جلست جلسة‬

‫تأمل أفكر في مشكلتي‪ ،‬أحلل وأخطط ‪ ،‬وأدعو هللا بالتيسير ‪.‬‬

‫فوضت أمري هلل واشتريت القط متنقل حتى يسمع صوتي جميع الطالبات‬

‫بالفصل‪ ،‬وجهزت شنطة مخصصة ألدوات التعلم واألنشطة‪ ،‬أصبحت ال أدخل املدرسة‬

‫إال وأذكار الصباح كاملة‪ ،‬مستعينة باهلل تعالى‪ ،‬أتناول فطوري مبكرا قبل الوصول‬

‫للمدرسة ‪ ،‬أهتم بمظهري ‪،‬وأستعد للحصة جيدا‪ ،‬اتبعت طريقة الحزم مع التعزيز‬

‫واالهتمام بشأن الطالبات‪ ،‬الحزم حتى أضبط الطالبات بالقوانين الواضحة‪ ،‬وعمل‬

‫عقد سلوكي مع الطالبات‪ ،‬والتعزيز حتى أجعل الطالبات يقبلون على املادة وأجعلهن‬

‫متحمسات للحصة فقد وجدت أثر ذلك من خالل خبرتي السابقة‪ ،‬جهزت بطاقات ملونة‬

‫بسيطة جدا ‪ ،‬دخلت الفصل بكامل حماس ي‪ ،‬وضحت للطالبات فكرة البطاقات وأن‬
‫الطالبة املبادرة ذات اإلجابة املميزة تحصل على ثالثة نقاط والطالبة املجتهدة تحصل‬

‫على نقطة واحدة وتحتفظ الطالبة بالبطاقات وتدون اسمها والصف الدراس ي‪ ،‬وتجمع‬

‫الطالبة النقاط ثم تستبدلها في سوق النقاط وتختار الجزء الذي تريد التعويض فيه هل‬

‫في الواجبات أم املشاركة أم غير ذلك‪ ،‬ويتم توزيع البطاقات بشرط أن تكون الطالبات‬

‫منضبطات من بداية الحصة‪ ،‬فأجمع بين الحزم والتعزيز وألطف الجو أحيانا بالسؤال‬

‫عن أوضاعهن الحالية وتقدير ظروفهن‪.‬‬

‫شعرت بحماس الطالبات للبطاقات وللحصة‪ ،‬فقد أشعرتهن بأهميتهن بالنسبة لي‬

‫وأهمية املادة بالنسبة لهن‪ ،‬تغير وضع الطالبات بشكل ملفت لالنتباه‪ ،‬بدأت الطالبات‬

‫بالتعبير عن مشاعرهن تجاهي‪ ،‬وحماسهن للحصة‪ ،‬وأشعر بقبولهن للمادة‪ ،‬وملست‬

‫حرصهن على حل الواجبات واتقانهن للمشاريع واملهام‪ ،‬والهدوء التام بمجرد دخولي‬

‫للفصل‪.‬‬

‫رتبت جدول حصص ي مع املعلمات‪ ،‬شعرت بحرصهن ومبادرتهن لتعديل جدولي‪،‬‬

‫لدرجة أن معلمة الرياضيات أخذت حصة سابعة من أجلي‪ ،‬شعرت باالمتنان لهن‪،‬‬

‫ولطفهن وحرصهن وتقديرهن لبعد سكني عن املدرسة‪ ،‬فأنا من سكان مدينة الخبر‪،‬‬

‫وأتردد يوميا من الخبر للمدرسة وهي في قرية من قرى مدينة األحساء‪.‬‬

‫أثناء البحث عن حلول للمشكلة‪ ،‬قررت االستفادة من جميع الوسائل املحفزة‬

‫للطالبات أثناء الحصة‪ ،‬وفي طريقة أداء الحصة بأسلوب مشوق للطالبات‪ ،‬واالستفادة‬

‫من األلعاب التعليمية واملواقع االلكترونية في تقييم وتعزيز الطالبات‪.‬‬

‫تحولت املدرسة من الفترة الصباحية للفترة املسائية‪ ،‬وبسبب دراستي الحالية في‬

‫دبلوم االستثمار األمثل‪ ،‬رفعت إلدارة التعليم بأن دوام املدرسة غير مناسب لي‪،‬‬

‫استجابت إدارة التعليم لطلبي‪ ،‬وتم انهاء الندب بعد انتظار طويل للمعلمة املكلفة‬

‫البديلة‪ ،‬استلمت خطاب انهاء الندب وحمدت هللا عز وجل‪ ،‬دخلت على الفصول أبلغ‬

‫الطالبات املتأخرات بتسليم جميع التكاليف واملهام‪ ،‬وبلغتهن بحضور معلمة أخرى من‬

‫يوم الغد‪ ،‬الطالبات في حالة ذهول‪ ،‬بكاء لم أعهده من قبل في سنوات تدريس ي السابقة‪،‬‬

‫أخذت ألطف الجو مع الطالبات وأن املعلمة الجديدة ستكون أفضل مني‪ ،‬والخيرة فيما‬

‫يختاره هللا عز وجل‪ ،‬رسائل الوداع من كل مكان ‪ ،‬والطالبات يسألن عن بطاقاتهن "نريد‬

‫سوق النقاط"‪ ،‬أخذت البطاقات وأضفتها لهن في سجل املتابعة‪ ،‬وودعت املعلمات‬

‫والطالبات ومشاعري مختلطة‪ ،‬خرجت بخبرة حسية أضيفها مللفي الخاص‪ ،‬وأنا فخورة‬

‫بهذا اإلنجاز‪.‬‬

‫في نهاية املطاف‪ ،‬مهما كانت اإلحباطات في الحياة‪ ،‬فالبد أن نتحداها‪ ،‬وال نستسلم‬

‫لها‪ ،‬ونبحث عن الحلول مهما كانت الظروف مستعينين باهلل تعالى ومتوكلين عليه نبذل‬

‫جميع األسباب املمكنة‪ ،‬والتوفيق أوال وأخيرا من هللا عز وجل‪ ،‬الفتاح الذي يفتح أبواب‬

‫الخير ويهدينا ويلهمنا الحق والصواب‪.‬‬

‫املعلمة مروة عبدالرزاق يوسف الهاشمي‬