Professional Documents
Culture Documents
fpبحث موسى
fpبحث موسى
يم بِ ْ
( َوقَا َل ُمو َ
س ٰى يَا قَ ْو ِم ِإنْ ُك ْنتُ ْم آ َم ْنتُ ْم بِاهَّلل ِ فَ َعلَ ْي ِه تَ َو َّكلُوا ِإنْ ُك ْنتُ ْم
سلِ ِمينَ * فَقَالُوا َعلَى هَّللا ِ ت ََو َّك ْلنَا َربَّنَا اَل ت َْج َع ْلنَا فِ ْتنَةً لِ ْلقَ ْو ِم الظَّالِ ِمينَ * ُم ْ
س ٰى َوَأ ِخي ِه َأنْ تَبَ َّوآ *وَأ ْو َح ْينَا ِإلَ ٰى ُمو َ َونَ ِّجنَا بِ َر ْح َمتِكَ ِمنَ ا ْلقَ ْو ِم ا ْل َكافِ ِرينَ َ
ش ِر صاَل ةَ ۗ َوبَ ِّ اج َعلُوا بُيُوتَ ُك ْم قِ ْبلَةً َوَأقِي ُموا ال َّ ص َر بُيُوتًا َو ْ لِقَ ْو ِم ُك َما بِ ِم ْ
س ٰى َربَّنَا ِإنَّكَ آتَيْتَ فِ ْرع َْونَ َو َمَأَلهُ ِزينَةً َوَأ ْم َوااًل فِي *وقَا َل ُمو َ ا ْل ُمْؤ ِمنِينَ َ
ش ُد ْدس َعلَ ٰى َأ ْم َوالِ ِه ْم َوا ْ سبِيلِكَ ۖ َربَّنَا ا ْط ِم ْ ضلُّوا عَنْ َ ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َربَّنَا لِيُ ِ
اب اَأْللِي َم* قَا َل قَ ْد ُأ ِجيبَتْ َعلَ ٰى قُلُوبِ ِه ْم فَاَل يُْؤ ِمنُوا َحتَّ ٰى يَ َر ُوا ا ْل َع َذ َ
َدع َْوتُ ُك َما فَا ْستَقِي َما َواَل تَتَّبِ َعانِّ َسبِي َل الَّ ِذينَ اَل يَ ْعلَ ُمونَ )
سورة يونس
االية ( )89 - 84
ا
االهداء
الى معلم اإلنسانية الى الرسول االكرم الى خاتم األنبياء و المرسلين
النبي محمد (صلى هللا عليه و سلم)
إلى صاحب السيرة العطرة ،والفكر ال ُمستنير؛
(والدي الحبيب) ،أطال هللا في ُعمره.
إلى من وضعتني على طريق الحياة ،وجعلتني رابطة الجأش،
وراعتني حتى صرت كبيرة
(أمي الغالية)،
إلى إخوتي؛ و اخواتي من كان لهم بالغ األثر في كثير من العقبات والصعاب.
إلى جميع أساتذتي الكرام؛ ممن لم يتوانوا في مد يد العون لي
ُأهدي إليكم بحثي هذا
رسل
الشكر و التقدير
ب
أول مشكور هو هللا عز وجل ،ثم والداي على كل مجهوداتهم@ منذ والدتي إلى هذه اللحظات،
أنتم كل شيء أحبكم في هللا أشد الحب.
يسرني أن أوجه شكري لكل من نصحني أو أرشدني أو وجهني أو س@@اهم معي في إع@@داد ه@@ذا
المحتويات
ج
الصفحة الموضوع ت
أ االية 1
ب االهداء 2
ج الشكر و التقدير 3
1 المقدمة 4
2 المبحث األول :التعريف بموسى عليه السالم 5
أواًل :اسمه ونسبه عليه السالم: 6
2 ثان ًيا :زمانه عليه السالم: 7
2 ثال ًثا :مكانته: 8
4 صفاته و اخالقه (عليه السالم) 9
5 الخ ْلقية:
أواًل :صفاته َ 10
5 ثان ًيا :صفاته الخلقية: 11
6 آيات موسى عليه السالم ومعجزاته 12
11 موسى عليه السالم والسحرة 13
14 نجاة موسى عليه السالم ومن معه 14
19 الخاتمة 15
26 المصادر 16
د
المقدمة
أصطفى هللا عز وج ل بش ر بعينهم من أج ل أن ي نزل عليهم اله دي والرس ل من أج ل هداي ة الن اس
والدعوة إلى دين هللا الواحد األحد ،وقد فضل هللا عز وجل الرسل على األنبياء لكونهم يحملون رسالة من هللا
عز وجل وقد فضل هللا عز وجل سيدنا موسى عليه السالم بالكالم معه ،وق د ت ربى موس ى علي ه الس الم في
منزل واحد من الطغاة وهو فرعون ويع ود نس ب س يدنا موس ى علي ه الس الم إلى س يدنا يعق وب بن إس حاق
عليهما السالم.
و على مر قرون من الزمن ،أرسل هللا تع الى األنبي اء لهداي ة الن اس ،ولم يكتفي بن بي واح د ،وإنم ا
رحمته -عز وجل -اقتضت أن يرسل لهم النبي تلو اآلخر حتى ال تكون لهم الحج ة ي وم القيام ة ،ب أن تبلغ وا
دين هللا الحق وشريعته ،ومن بينهم النبي موُ سى -عليه الصالة والسالم -الذي جاءت قص ته في آي ات وس ور
عدة ،مبينا ً للناس العبر المستخلصة من هذه القصة ،ومن خالل هذا البحث ،سوف نروي قصة النبي.
ان قصص األنبياء هي من األمور المشوقة ،وال تي تس اعد على معرف ة الكث ير عن حي اة األنبي اء ،
ومراحل حياتهم ،وكيف وصلت لهم الرسالة ،وحالهم مع ق ومهم ،ومؤك د أن هن اك الكث ير من ال دروس ،
والعبر التي يمكن لإلنسان أن يتعلمها ،ويعلمها ألبنائه من خالل قصص األنبياء ،ومعرفة ما القوه من أجل
أن ينشروا دين هللا – عز وجل – في األرض ،وأعظم قصص األنبياء هي قصة موس ي علي ه الس الم حيث
تحتوي على الكثير من األحداث العظيمة التي غيرت شكل التاريخ .
1
المبحث األول
التعريف بموسى (عليه السالم)
أواًل :اسمه ونسبه عليه السالم:
لم يذكر القرآن شيًئ ا عن نسب نبي هللا موسى عليه السالم وال عن والده أو والدته ،لكن ذكر في غير
موض ع ب القرآن الك ريم أن موس ى أ ٌخ له ارون علي ه الس الم وق د ت وهم البعض ك القرظي ( )1أنهم ا أخ وان
للسيدة العذراء مريم ،لقوله عز وجل على لسان بني إسرائيل ( :يَا ُأ ْختَ هَارُونَ َما َكانَ َأب ِ
ُوك ا ْم َرَأ َس وْ ٍء َو َم ا
ك بَ ِغيًّا) ( ، )2ولتشابه اسمي أبي موسى وأبي مريم ،فكالهما اسمه (عمران). َت ُأ ُّم ِ
َكان ْ
والحقيقة أن التباعد الزمني بين موسى وعيسى عليه السالم أم ٌر ثابت بالقرآن الك ريم ،يق ول هللا ع ز
وس ى ِإ ْذ قَ الُوا لِنَبِ ٍّي لَهُ ُم ا ْب َع ْ
ث لَنَ ا َملِ ًك ا نُقَاتِ لْ وجل في قصة داود َ(:ألَ ْم تَ َر ِإلَى ْالمَِإل ِم ْن بَنِي ِإ ْس َراِئي َل ِم ْن بَ ْع ِد ُم َ
يل هَّللا ِ َوقَ ْد ُأ ْخ ِرجْ نَ ا ِمن
وا َو َما لَنَا َأالَّ نُقَاتِ َل فِي َسبِ ِ
وا قَالُ ْ
ب َعلَ ْي ُك ُم ْالقِتَا ُل َأالَّ تُقَاتِلُ ْ
ال هَلْ َع َس ْيتُ ْم ِإن ُكتِ َ فِي َسبِي ِل هَّللا ِ قَ َ
ب َعلَ ْي ِه ُم ْالقِتَ ا ُل تَ َولَّوْ ْا ِإالَّ قَلِيالً ِّم ْنهُ ْم َوهَّللا ُ َعلِي ٌم بِالظَّالِ ِمينَ ) ( . )3ف داود علي ه الس الم ك ان ارنَ ا َوَأ ْبنَآِئنَ ا فَلَ َّما ُكتِ َ
ِديَ ِ
بين موسى وعيسى عليه السالم.
ثان ًيا :زمانه عليه السالم:
ليس في القرآن الكريم ما يمكن من خالله تحديد الفترة الزمنية ال تي ول د فيه ا ن بي هللا موس ى علي ه
السالم بدقة ،لكن الثابت في القرآن أن مبعثه كان ساب ًقا على نبي هللا داود عليه السالم ،وتحدثت بعض اآليات
القرآني ة عن ج انب من ال زمن ال ذي ول د في ه ،حيث ع اش بن و إس رائيل ف ترة طويل ة في ظ ل االض طهاد
ب من تأييدهم للغزاة الهكسوس ال ذين حكم وا مص ر وت آمرهم على المص ريين ،واس تحقارهم الفرعوني بسب ٍ
لعبادة المصريين ،فضال عن عقيدتهم بأنهم شعب هللا المختار (. )4
وبل غ بهم التنكي ل أن أص در فرع ون ق رارً ا يقض ي ب ذبح أبن اء اإلس رائيليين واس تحياء
نسائهم وتسخيرهم في أعمال الخدمة الشاقة ،وفي س ورة القص ص بعض التفص يل لمعان اتهم في ه ذه الف ترة
العصيبة من تاريخ بني إسرائيل.
رض
ِ ق لِقَوم يُؤ ِمنُ ونَ * ِإ َّن فِر َع ونَ َعاَل فِي ٱَأل ك ِمن نَّبَِإ ُمو َس ٰى َوفِرعَونَ با َ
لح ِّ وا َعلَي َيقول تعالى ( :نَتلُ ْ
فس ِدينَ * َونُ ِري ُد َأن نَّ ُم َّن َو َج َع َل َأهَلهَا ِشيَعا يَستَض ِعفُ طَٓاِئفَة ِّمنهُم يُ َذبِّ ُح َأبنَٓا َءهُم َويَست ِ
َحيۦ نِ َسٓا َءهُم ِإنَّهۥُ َكانَ ِمنَ ٱل ُم ِ
ي فِر َع ونَ رض َونُ ِر َ
ِ رض َونَج َعلَهُم َأِئ َّمة َونَج َعلَهُ ُم ٱل ٰ َو ِرثِينَ * َونُ َم ِّكنَ لَهُم فِي ٱَأل
ِ وا فِي ٱَألَعلَى ٱلَّ ِذينَ ٱستُض ِعفُ ْ
وا يَح َذرُونَ ) (. )5 َو ٰهَ ٰ َمنَ َو ُجنُو َدهُ َما ِمنهُم َّما َكانُ ْ
وقد روى الطبري عن ابن إسحاق قوله( :كان فرعون يع ذب ب ني إس رائيل فيجعلهم خ دمًا وخ واًل ،
وصنفهم في أعماله ،فصنفٌ يبنون ،وص نفٌ يحرث ون ،وص نفٌ يزرع ون ل ه ،فهم في أعمال ه ،ومن لم يكن
منهم في صنعة له من عمله :فعليه الجزية -فسامهم -كما قال هللا عز وجل سوء العذاب)(. )3
وروي أن فرعون كان قد رأى رؤيا هالت ه؛ رأى ن ارً ا خ رجت من بيت المق دس ف دخلت دور القب ط
ببالد مص ر ،إال بي وت ب ني إس رائيل ،مض مونها أن زوال ملك ه يك ون على ي دي رج ل من ب ني إس رائيل،
ويقال :بل تحدث سماره عنده بأن بني إسرائيل يتوقعون خروج رجل منهم ،يكون لهم به دولة ورفعة...فعن د
ذلك أمر فرعون بقتل ك ل ذك ر يول د بع د ذل ك من ب ني إس رائيل ،وأن ت ترك البن ات ،وأم ر باس تعمال ب ني
إسرائيل في مشاق األعمال وأراذلها (. )4
ولذلك كان وصف القرآن الكريم لهم ( :الَّ ِذينَ َكانُوا يُ ْستَضْ َعفُونَ )( . )5ومنَّ هللا ج َّل جاللُ ه على ب ني
يل قَ ْد َأن َج ْينَا ُك ْم ِّم ْن َعد ُِّو ُك ْم )(.)6
إسرائيل بالنجاة في غير موضع بالقرآن ،من مثل قوله ( :يابني ِإس َْراِئ َ
ب ْال ُم ِهي ِن )(. )7
وقوله تعالى َ ( :ولَقَ ْد نَ َّج ْينَا بَنِي ِإ ْس َراِئي َل ِمنَ ْال َع َذا ِ
ليس هذا فحسب؛ ففي موضع آخر يذكر نبي هللا موسى عليه السالم بني إس رائيل بنعم ة هللا الس ابغة
وس ٰى لِقَوْ ِم ِه ْاذ ُك رُوا نِ ْع َم ةَ هَّللا ِ ال ُم َ عليهم بأن كتب لهم النجاة من السخرة التي عاشوا فيها أم ًدا بعي ًداَ ( : وِإ ْذ قَ َ
ب َويُ َذبِّحُونَ َأ ْبنَ ا َء ُك ْم َويَ ْس تَحْ يُونَ نِ َس ا َء ُك ْم ۚ َوفِي ٰ َذلِ ُكم بَاَل ٌء نجا ُكم ِّم ْن آ ِل فِرْ عَوْ نَ يَسُو ُمونَ ُك ْم سُو َء ْال َع َذا ِ َعلَ ْي ُك ْم ِإ ْذ َأ َ
ِّمن َّربِّ ُك ْم َع ِظي ٌم)(. )8
ثال ًثا :مكانته:
نص القرآن الكريم في أكثر من آية على مكان ة موس ى الكليم علي ه الس الم بين األنبي اء ،وأش ار إلى
عظم هذه المكانة؛ فقال تعالى مجمال هذه المناقب ومبي ًنا هذه المكانة َ ( :و َكانَ ِعن َد هَّللا ِ َو ِجيهًا)(. )9
والوجيه هو صاحب المكانة والمنزلة الرفيعة (. )10
ب موس ى إنَّهُ ومن أكثر اآليات تأكي ًدا على هذه المكانة العظيمة قول هللا عز وجل ( :واذكرْ في الكتا ِ
ور اَأْل ْي َم ِن َوقَ َّر ْبنَاهُ ن َِجيًّا * َو َوهَ ْبنَ ا لَ هُ ِمن رَّحْ َمتِنَ ا َأ َخ اهُ ب ُّ
الط ِ كانَ ُمخلَصًا وكانَ رسوالً نبيًّا * َونَا َد ْينَاهُ ِمن َجانِ ِ
هَارُونَ نَبِيًّا)(. )11
)(6سورة البقرة ،االية (.)49
)(2سورة األعراف ،االية (.)141
)(3الطبري ،مصدر سبق ذكره.
)(4تفسير القران العظيم 116/1بتصرف.
)(5سورة األعراف ،االية (.)137
)(6سورة طه ،االية (.)80
)(7سورة الدخان ،االية (.)30
)(8سورة إبراهيم ،االية (.)60
)(9سورة األحزاب ،االية (.)69
)(10المحور الوجيز /ابن عطية ،401/4الكشاف ،الزمخشري .586/3
)(11سورة مريم ،االية (.)53-51
3
ويمكننا إيجاز بعض مناقبه عليه السالم كما وردت في القرآن الكريم على النحو التالي:
أواًل :أنه كان (مخلصً ا) لقوله سبحانه ( :إنَّهُ كانَ ُمخلَصًا )( )1أي أن هللا تعالى اصطفاه واستخلصه.
ثان ًيا :جمعه بين الرسالة والنبوة عند من فرق بينهما لقوله ( :وكانَ رسوالً نبيًّا )(.)3( )2
ثال ًثا :تكليم هللا جل جالله له ،لقوله سبحانه َ ( :و َكلَّ َم هَّللا ُ ُمو َس ٰى تَ ْكلِي ًما)(. )4
راب ًعا :علو مكانته ،لقوله عز وجلَ ( :وقَ َّر ْبنَاهُ نَ ِجيًّا )(. )5
وفيه رأيان« :قرب المكان» ،وقيل( :قرب المنزلة) ،وسواء أكان هذا أم ذاك فإنم ا ي دل على عل و مكانت ه
عليه السالم.
اص طَفَ ْيتُكَ َعلَى النَّ ِ
اس بِ ِر َس ااَل تِي َوبِكَاَل ِمي) خامس@@@ا :اص@@@طفاء هللا تع@@@الى له ،وذل ك لقول ه ِ ( :إنِّي ْ
()6
ً
ولقوله سبحانهَ (:وَأنَا ْ
اختَرْ تُكَ فَا ْستَ ِم ْع لِ َما يُو َح ) .
()7
من القوى الذاتيه والمعنوية( .)11وقيل ان الوكز واللكز واللهز واللهد بمعنى واحد وهو الض رب بجم ع الك ف
الجامع الحكام القرآن ( )12وفي حديث آخ ر البن عب اس رض ي هللا عنهم ا عن الن بي ص لى هللا علي ه وس لم :
)(1أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب أحاديث األنبياء ،باب أحب الصالة إلى هللا صالة داود وأحب الصيام إلى هللا صيام داود،
رقم .٣٢٠٧
)(2اخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب أحاديث االنبياء ،باب احب الصالة إلى هللا صاله داود رقم ٣٢٠٦ومسلم في صحيحه
كتاب اإليمان باب اإلسراء برسول هللا صلى هللا عليه وسلم من حديث أبي هريره أيضا رقم ٢٥٠
)(3سورة القصص ،االية (.)15
)(4سورة القصص ،االية (.)24
)(5سورة القصص ،االية (.)29 - 27
)(6سورة طه ،االية ()51
5
ض لُّ َربِّي َواَل يَ ْن َس ى * الَّ ِذي ب ۖ اَل يَ ِ ال ِع ْل ُمهَا ِع ْن َد َربِّي فِي ِكتَ ا ٍ فجاءت إجابته شافية كافية قال تعالى ( :قَ َ
ت َش تَّ ٰى * ُكلُ وا ض َم ْهدًا َو َسلَكَ لَ ُك ْم فِيهَا ُسبُاًل َوَأ ْن َز َل ِمنَ ال َّس َما ِء َما ًء فََأ ْخ َرجْ نَا بِ ِه َأ ْز َوا ًج ا ِم ْن نَبَ ا ٍ َج َع َل لَ ُك ُم اَأْلرْ َ
ت ُأِلولِي النُّهَ ٰى )(. )1 ك آَل يَا ٍ َوارْ عَوْ ا َأ ْن َعا َم ُك ْم ۗ ِإ َّن فِي ٰ َذلِ َ
فقد استخدم عليه السالم مفردات البيئة التي يعيش فيه ا (األرض ،الس ماء ،المط ر ،النب ات ،األنع ام)
ليقرب الصورة للمخاطبين (فرعون ومأله) وهذا أوقع في تعج زيهم وإقام ة الحج ة عليهم ،وبل غ ب ه التح دي
خَذتَ ِإ ٰلَهًا َغي ِْري َأَلجْ َعلَنَّكَ ِمنَ ْال َم ْسجُونِينَ )(. )2 مداه عندما قال له فرعون قال تعالى ( :قَا َل لَِئ ِن اتَّ ْ
ت بِ ِه ِإ ْن ُك ْنتَ ِمنَ الصَّا ِدقِينَ )(. )3 ال فَْأ ِين * قَ َ ال َأ َولَوْ ِجْئتُكَ بِ َش ْي ٍء ُمبِ ٍ فجاء رده منطقيًا قال تعالى ( :قَ َ
فألزم فرعون الحجة وتحداه في يوم يجتمع فيه الناس ليشاهدوا بأعينهم.
.٤اللجوء إلى هللا واليقين به.
من يطالع قصة موسى عليه السالم يعرف مدى تعلق قلبه بخالقه تع الى ،فإلي ه يك ل أم ره يستنص ره
كبير من هذا التضرع. ٍ بعلى أعدائه ،ويطلب منه النجدة والمعونة ،وتكشف هذه اآليات عن جان ٍ
ال ُمو َس ٰى يَا قَوْ ِم ِإ ْن ُك ْنتُ ْم آ َم ْنتُ ْم بِاهَّلل ِ فَ َعلَ ْي ِه ت ََو َّكلُوا ِإ ْن ُك ْنتُ ْم ُم ْسلِ ِمينَ * فَقَ الُوا َعلَى هَّللا ِ
يقول عز وجلَ ( :وقَ َ
وس ٰى َوَأ ِخي ِه ت ََو َّك ْلنَا َربَّنَا اَل تَجْ َع ْلنَا فِ ْتنَةً لِ ْلقَوْ ِم الظَّالِ ِمينَ * َونَجِّ نَا بِ َرحْ َمتِ َك ِمنَ ْالقَوْ ِم ْال َكافِ ِرينَ * َوَأوْ َح ْينَا ِإلَ ٰى ُم َ
ت ال قَ ْد ُأ ِجيبَ ْ
الص اَل ةَ ۗ َوبَ ِّش ِر ْال ُم ْؤ ِمنِينَ * قَ َ َأ ْن تَبَ َّوآ لِقَوْ ِم ُك َما بِ ِمصْ َر بُيُوتًا َواجْ َعلُوا بُيُ وتَ ُك ْم قِ ْبلَ ةً َوَأقِي ُم وا َّ
يل الَّ ِذينَ اَل يَ ْعلَ ُمونَ )(. )4 َد ْع َوتُ ُك َما فَا ْستَقِي َما َواَل تَتَّبِ َعانِّ َسبِ َ
فق د ط الب قوم ه بالتوك ل على هللا ،ثم دع ا رب ه تع الى أن يع ذب فرع ون وقوم ه بس بب
تكبرهم وتكذيبهم.
وتنقل لنا اآليات صورة حية من تضرعه إلى هللا تعالى واستعانته ب ه في قول ه ج ل جالل ه َ ( :ربِّ لَ و ِش ئتَ
ض لُّ بِهَ ا َمن ت ََش ٓا ُء َوتَه ِدي َمن ت ََش ٓا ُء َأنتَ ك تُ ِ َأهلَكتَهُم ِّمن قَب ُل َوِإ ٰيَّ َي َأتُهلِ ُكنَا بِ َما فَ َع َل ٱل ُّسفَهَٓا ُء ِمنَّٓا ِإن ِه َي ِإاَّل فِتنَتُ َ
رحمنَا َوَأنتَ خَي ُر ٱل ٰ َغفِ ِرينَ * َوٱكتُب لَنَا فِي ٰهَ ِذ ِه ٱل ُّدنيَا َح َسنَة َوفِي ٱ ٓ
أل ِخ َر ِة ِإنَّا هُدنَٓا ِإلَيكَ )(. )5 َولِيُّنَا فَٱغفِر لَنَا َوٱ َ
وقد تجلى تعلق موسى عليه السالم بربه حتى في أشد المواقف وأكثره ا ض ي ًقا وكر ًب ا ،فعن دما ه رب
وأتباعه من فرعون؛ أدركهم وجنوده عند البحر؛ فدب الخوف في قلوب أص حاب موس ى وظن وا أنهم أحي ط
ين )(. )6 بهم ،لكنه عليه السالم صاح وكله ثقة في ربه وخالقه ( :قَا َل َكٓاَّل ِإ َّن َم ِع َي َربِّي َسيَه ِد ِ
.٥حب هللا واالستئناس به.
توضح لنا اآليات الكريمة كيف كان موس ى علي ه الس الم كث ير األنس برب ه ج ل جالل ه ،وينق ل لن ا
القرآن كيف أسهب في الحديث مع مواله عندما سألهَ ( :و َما تِ ْلكَ بِيَ ِمينِكَ يَا ُمو َس ٰى )(. )7
ويقول صاحب الظالل( :وكم من ماليين الذرات الميت ة أو الجام دة كالعص ا تتح ول في ك ل لحظ ة
إلى خلية حية ولكنها ال تبهر اإلنسان كما يبهره أن تتحول عصا موسى حية تس عى! ذل ك أن اإلنس ان
أسير حواسه ،وأسير تجاربه ،فال يبعد كثيرا في تصوراته عم ا تدرك ه حواس ه .وانقالب العص ا حي ة
تسعى ظاهرة حسية تصدم حسه فينتبه لها بشدة)(. )2
لكن الحقيقة أن هناك على م ر الت اريخ من ينك ر المعج زات واآلي ات اس تكبارً ا في األرض وعت ًوا
كما فعل المكذبون من قوم نوح وصالح وغيرهم .وفي القرآن الك ريم ثم ة إش ارات إلى بعض اآلي ات
المعجزات التي زود هللا تعالى به ا موس ى علي ه الس الم في مواجه ة فرع ون وقوم ه ال ذين اس تخفهم
فرعون فأعماهم عن الحق ،ثم في مواجهة بني إسرائيل الذين اعتادوا تك ذيب الرس ل وج دالهم ج داال
وا َس ِمعنَا َوَأطَعنَا َوٱس َمع َوٱنظُرنَا لَ َكانَ َخ يرا لَّهُم َوَأق َو َم َو ٰلَ ِكن لَّ َعنَهُ ُم ٱهَّلل ُ بِ ُكف ِر ِهم فَاَل عقيمًاَ (: ولَو َأنَّهُم قَالُ ْ
يُؤ ِمنُونَ ِإاَّل قَلِيال)(.)3
لقد ورد في موضعين بالقرآن الكريم أن هللا عز وج ل ع زز نبي ه موس ى علي ه الس الم بتس ع آي ات
معجزات.
ال لَهُۥ فِر َع ونُ ِإنِّي ت بَيِّنَت فَسئل بني إسرائيل إذ َج ٓا َءهُم فَقَ َ ٰ يقول تعالىَ ( :ولَقَد َءاتَينَا ُمو َس ٰى تِس َع َءا ٰيَ ِ
ك ٰيَ ُمو َس ٰى َمسحُورا)(. )4 َأَلظُنُّ َ
ت ِإلَ ٰى فِرعَونَ َوقَ و ِم ِه سع َءا ٰيَ ٍ
َير س ُٓوء فِي تِ ِ ضٓا َء ِمن غ ِ ك تَخرُج بَي َ وقال تعالى َ ( :وَأد ِخل يَدَكَ فِي َجيبِ َ
وا قَوما ٰفَ ِسقِينَ )(. )5 ِإنَّهُم َكانُ ْ
لكنك إذا ما عددت اآليات المعجزات التي تحدث عنها المؤرخون والمفسرون لوجدتها تتعدى التسع.
)(1غرائب القران.5/268
)(2في ضالل القران ،سيد قطب .4/2333
)(3سورة النساء ،االية (.)46
)(4سورة االسراء ،االية (.)101
)(5سورة النمل ،االية (.)12
9
ت بَيِّ ٰنَت فَس ئل ب ني وس ٰى تِس َع َءا ٰيَ ِ لكن تفسيرً ا مغايرً ا يفسر اآليات في قوله تع الىَ ( :ولَقَ د َءاتَينَ ا ُم َ
بعيدا عن فكرة المعجزات ويقصد بها بعض األحكام التي جاءت بها شريعة موس ى علي ه إسرائيل)(ً )1
السالم. )2(
ثم ة خالف في تحدي د اآلي ات التس ع ،ف ذهب ابن عب اس رض ي هللا عنهم ا إلى أنه ا:
( يده ،وعصاه ،ولسانه ،والبح ر ،والطوف ان ،والج راد ،والقم ل ،والض فادع ،وال دم آي ات مفص الت.
وقال الضحاك :إلقاء العصا مرتين عند فرعون ،ونزع يده ،والعقدة التي ك انت بلس انه ،وخمس آي ات
في األعراف :الطوفان ،والجراد ،والقمل ،والضفادع ،والدم.
وقال آخرون نحوا من هذا القول ،غير أنهم جعلوا آيتين منهن :إحداهما الطمسة ،واألخرى الحجر.
ومنهم من جعلوا اثنتين منهن :إحداهما السنين ،واألخرى النقص من الثمرات.
ومنهم من جعل وا الس نين ،والنقص من الثم رات آي ة واح دة ،وجعل وا التاس عة تلق ف العص ا م ا
يأفكون(.)3
وكلها -كما رأينا -مما ورد في القرآن ذكره.
أما الطاهر ابن عاشور فقال إنه ا( :بي اض ي ده كلم ا أدخله ا في جيب ه وأخرجه ا ،وانقالب العص ا
حية ،والطوفان ،والجراد ،والقمل ،والضفادع ،والدم ،والرجز ،والقحط)(. )4
()5
وجمعها الفيروزآبادي في قوله:
سنة ،بحر ،جراد ،وقمل د ٌم ،ويدٌ ،بعد الضفادع طوفان ٌ صا، ع ً
بدأت المعجزات أو اآليات المعجزة لموس ى علي ه الس الم ب اثنتين كم ا في اآلي ة ( : ٱس لُك يَ دَكَ فِي
ان ِمن َّربِّكَ ِإلَ ٰى فِر َع ونَ ك بُر ٰهَنَ ِ بۖ فَ ٰ َذنِ َ
ك ِمنَ ٱلرَّه ِ َاح َ
ك َجن َ َير س ُٓوء َوٱض ُمم ِإلَي َ ضٓا َء ِمن غ ِ ك تَخرُج بَي َ َجيبِ َ
وا قَوما ٰفَ ِسقِينَ )(. )6 َومَِإَل ْي ِهۦ ِإنَّهُم َكانُ ْ
والبرهانان هنا حس ب م ا ذك ر القرط بي :العص ا و اليد( )7لكن تك ذيبهم ف اق ك ل التص ورات ( :
ك بِ ُمؤ ِمنِينَ .)8() وا َمه َما تَأتِنَا بِ ِهۦ ِمن َءايَة لِّتَس َح َرنَا بِهَا فَ َما نَحنُ لَ َ َوقَالُ ْ
وهنا أرسل هللا عز وجل عليهم من اآليات ما فيه عذابهم.
ص لَت فَٱس تَكبَر ْ
ُوا ٰ لض فَا ِد َع َوٱل َّد َم َءا ٰيَت ُّمفَ َّ لج َرا َد َوٱلقُ َّم َل َوٱ َّلطوفَانَ َوٱ َيقول تعالى ( :فَأر َسلنَا َعلَي ِه ُم ٱ ُّ
جر ِمينَ )(. )9 وا قَوما ُّم ِ َو َكانُ ْ
ليس هذا فحسب ،لكن هناك آيات أخرى عني بها بنو إسرائيل الذين اعتادوا تكذيب الرسل ،منها:
وس ٰى لَن نُّؤ ِمنَ لَ كَ َحتَّ ٰى نَ َرى ٱهَّلل َ الم@@وت بالص@@اعقة ثم اإلحي@@اء :ففي القرآن ( : و إذ قُلتُم ٰيَ ُم َ
ص ِعقَةُ َوَأنتُم تَنظُرُونَ * ثُ َّم بَ َعث ٰنَ ُكم ِّمن بَع ِد َموتِ ُكم لَ َعلَّ ُكم تَش ُكرُونَ )(. )10 هرة فََأ َخ َذت ُك ُم ٱل ٰ َّ
َج َ
)(1سورة االسراء ،االية (.)101
)(2جامع البيان ،الطبري .17/566
)(3المصدر السابق .١٧/٥٦٤
)(4الجامع الحكام القران ،القرطبي .13/285
)(5القاموس المحيط ،الفيروزآبادي .١/٧٠٧
)(6سورة القصص ،االية (.)32
)(7الجامع الحكام القران ،القرطبي .13/285
)(8سورة األعراف ،االية (.)132
)(9سورة األعراف ،االية (.)133
)(10سورة البقرة ،االية (.)56-55
10
الغمام والمن والسلوى :كم ا في ق ول هللا تع الى َ ( :وظَلَّلنَ ا َعلَي ُك ُم ٱل َغ َم ا َم َوَأن َزلنَ ا َعلَي ُك ُم ٱل َم َّن
ت َما َرزَق ٰنَ ُكم َو َما ظَلَ ُمونَا َو ٰلَ ِكن َكانُ ٓو ْا َأنفُ َسهُم يَظلِ ُمونَ )(. )1 وا ِمن طَيِّ ٰبَ ِ َّلو ٰى ُكلُ َْوٱلس َ
وا ِرجزا ِّمنَ ٱل َّس َمٓا ِء بِ َما َك انُ ْ
وا االبتالء بالرجز :كما في قوله عز وجل( :فََأنزَلنَا َعلَى ٱلَّ ِذينَ ظَلَ ُم ْ
يَف ُسقُونَ )(. )2
صاكَ ٱل َح َج َر فَ ٱنفَ َج َرت ضرب بِّ َع َ تفجير المياه :يقول تعالىَ ( :وِإ ِذ ٱستَسقَ ٰى ُمو َس ٰى لِقَو ِم ِهۦ فَقُلنَا ٱ ِ
وا فِي رِّزق ٱهَّلل ِ َواَل تَعثَ ِْ ُوا ِمن وا َوٱش َرب ْ ِمن هُ ٱثنَتَ ا عَش َرةَ عَين ا قَ د َعلِ َم ُك لُّ ُأنَ اس َّمش َربَهُم ُكلُ ْ
رض ُمف ِس ِدينَ )(.)3ِ ٱَأل
إحياء قتيل بني إس@@رائيل :يقول ع ز وج ل ِ ( :إذ قَتَلتُم نَفس ا فَ ٱ ٰ َّد َٰٔرتُم فِيهَ ا َوٱهَّلل ُ ُمخ ِرج َّما ُكنتُم
ُحي ٱهَّلل ُ ٱل َموت َٰى َوي ُِري ُكم َءا ٰيَتِ ِۦه لَ َعلَّ ُكم تَعقِلُ ونَ * ثُ َّم قَ َس ت كي ِ عضهَا َك ٰ َذلِ َ ضربُوهُ بِبَ ِ تَكتُ ُمونَ * فَقُلنَا ٱ ِ
لح َج ا َر ِة لَ َم ا يَتَفَ َّج ُر ِمن هُ ٱَألن ٰهَ ُر َوِإ َّن ار ِة َأو َأ َش ُّد قَس َوة َوِإ َّن ِمنَ ٱ ِ قُلُوبُ ُكم ِّمن بَع ِد ٰ َذلِكَ فَ ِه َي َكٱل ِح َج َ
()4
ق فَيَخ ُر ُج ِمنهُ ٱل َمٓا ُء َوِإ َّن ِمنهَا لَ َما يَهبِطُ ِمن خَشيَ ِة ٱهَّلل ِ َو َما ٱهَّلل ُ بِ ٰ َغفِ ٍل َع َّما تَع َملُ ونَ ) ِمنهَا لَ َما يَ َّشقَّ ُ
.
وا َمٓا رفع الجبل فوقهم :ففي القرآن َ ( :وِإذ نَتَقنَا ٱل َجبَ َل فَوقَهُم َكَأنَّهُۥ ظُلَّة َوظَنُّ ٓو ْا َأنَّهُۥ َواقِ ُع بِ ِهم ُخ ُذ ْ
ُوا َما فِي ِه لَ َعلَّ ُكم تَتَّقُونَ )(. )5 َءاتَي ٰنَ ُكم بِقُ َّوة َوٱذ ُكر ْ
على أن البعض قد اعتبر تكليم هللا تعالى لموسى عليه السالم أعظم معجزة له ،والحقيقة أن ه وإن ك ان
في التكليم تكريمًا إلهيًا غير مسبوق لنبيه بيد أنه ال يعتبر معج ز ًة في مواجه ة قوم ه ،ذل ك أن م ا دار
بجانب الطور أمر يخصه لم يشهده غيره ،وال يمكن تصديقه إال ممن آمن ل ه بالفع ل ،وإال فكي ف لمن
كذبه أن يؤمن بتكليم ربه ،في حين يكذب باآليات األكثر ظهورً ا كالعصا واليد.
يتجلى الت أثير اإليج ابي له ذه اآلي ات اإللهي ة المعج زة في قص ة س حرة فرع ون ال ذين جيء بهم
لمجابهة معجزة عصا موسى عليه السالم ،فجاؤوا وليس أحد أحرص منهم على إرضاء فرعون ونيل
جائزته وقربه ،لكن المعجزة التي رأوها -وهم من أسحر الناس -جعلتهم يقرون بنبوة موسى إذ ال قبل
لهم بما جاء به من معجزة العصا الحقيقية ال التي تعتمد على إبهار الناس على غير الحقيقة ،وينقل لنا
ال َءا َمنتُم لَهُۥ قَب َل القرآن كيف تحول هؤالء السحرة في لحظات من خندق الكفر إلى خندق اإليمان ( :قَ َ
ٰ
حر فَلَ َس وفَ تَعلَ ُم ونَ ُأَلقَطِّ َع َّن َأي ِديَ ُكم َوَأر ُجلَ ُكم ِّمن ِخلَ ف لس َ َأن َءا َذنَ لَ ُكم ِإنَّهُۥ لَ َكبِ ي ُر ُك ُم ٱلَّ ِذي عَلَّ َم ُك ُم ٱ ِّ
ضي َر ِإنَّٓا ِإلَ ٰى َربِّنَا ُمنقَلِبُونَ * ِإنَّا نَط َم ُع َأن يَغفِ َر لَنَا َربُّنَا خَ ٰطَ ٰيَنَٓا َأن ُكنَّٓا َأ َّو َل وا اَل َ صلِّبَنَّ ُكم َأج َم ِعينَ * قَالُ ْ َوُأَل َ
ٱل ُمؤ ِمنِينَ )(.)6
وهكذا يفعل اإليمان بالقلوب النقية الصافية ،بينما يستمر الجاح دون على جح ودهم ال يؤمن ون رغم
وضوح اآليات وإبهارها!
ق ال البق اعي( :أي إنم ا حكم ك في م دتها على الجس د خاص ة ،فهي س اعة تعقب راح ة ،ونحن ال
نخاف إال ممن يحكم على الروح وإن فني الجسد ،فذاك هو الشديد الع ذاب ،ال دائم الج زاء ب الثواب أو
العقاب)(. )4
إن قصة موسى عليه السالم مع فرعون في كل فص ولها ومراحله ا تمث ل ص ورة الص راع األزلي
بين الح ق والباط ل ،لكن ذروت ه تتجلى في ه ذا المش هد المفعم ب اليقين حين يتمكن اإليم ان من
القلب ،وسيظل س حرة فرع ون مض رب المث ل في اإليم ان ب الحق وال دفاع عن العقي دة ،كم ا س يظل
فرعون مثاال حيًا للتكبر والعجب بالرأي واتباع هوى نفسه التي أوردته المهالك.
قومه بني إسرائيل دعاهم فلم يجيبوه خو ًفا من فرعون إال طائفة من شبانهم ،وقي ل :الض مير لفرع ون
والذرية طائفة من شبانهم آمنوا به ،أو م ؤمن آل فرع ون وامرأت ه آس ية وخازن ه وزوجت ه وماش طته
ف من فرعون ومالئهم أي :مع خوف منهم ،والضمير لفرعون وجمع ه على م ا ه و المعت اد على خو ٍ
في ضمير العظماء ،أو على أن المراد بفرعون آله كما يقال :ربيعة ومضر ،أو للذرية أو للقوم .
()5
ْر بِ ِعبَا ِدي لَ ْياًل ِإنَّ ُك ْم ُمتَّبَعُونَ )(. )6 حانت ساعة النجاة فجاء األمر اإللهي إلى موسى عليه السالم( فََأس ِ
عدو يتربص به ،وقوله تعالى( : لَ ْياًل ) يرد الرواية القائلة إن اتفا ًقا ج رى فالليل ستر لكل من فر منٍ
على أن يترك فرعون موس ى وقوم ه يخرج ون من مص ر ح تى يتخلص من الع ذابات ال تي أح اطت
بقومه غير أن فرعون حنث بعهده وأتبعهم ه و وجن وده؛ ول و ك ان ه ذا ال رأي ص حيحً ا لم ا نص حوا
بالخروج ليال كما نقل لنا القرآن الك ريم ،كم ا إن الرواي ة ال تي ت ذهب إلى أن ه تبعهم بع د أن علم ب أن
نساء اليهود قد استعاروا الحلي من المصريات على أن يعيدوه ثم خرجوا به(. )7
هي رواية متهافتة تستحيل عقال فكي ف يع ير المص ريون حليهم النفيس ة اليه ود الممته نين في ذل ك
الوقت؟!
إن نهاية فرعون وهامان وجنودهما المستحقة تجعل المؤمنين يثقون بنص ر ربهم وص دق موع وده
لهم بأن القهر واالستبداد مهما طال بهم فسيأتي اليوم الذي يس عدون ب ه وتق ر أعينهمَ ( ونُ ِري ُد َأن نَّ ُم َّن
ض َونَجْ َعلَهُ ْم َأِئ َّمةً َونَجْ َعلَهُ ُم ْال َو ِ
ارثِينَ )(. )4 َعلَى الَّ ِذينَ ا ْستُضْ ِعفُوا فِي اَأْلرْ ِ
ت لَيَ ْس ت َْخلِفَنَّهُ ْم فِي وتلك هي سنة هللا تعالى في خلقهَ ( : و َع َد هَّللا ُ الَّ ِذينَ آ َمنُ وا ِمن ُك ْم َو َع ِملُ وا َّ
الص الِ َحا ِ
َض ٰى لَهُ ْم َولَيُبَ ِّدلَنَّهُم ِّمن بَ ْع ِد َخوْ فِ ِه ْم َأ ْمنًا اَأْلرْ ِ
ض َك َما ا ْست َْخلَفَ الَّ ِذينَ ِمن قَ ْبلِ ِه ْم َولَيُ َم ِّكن ََّن لَهُ ْم ِدينَهُ ُم الَّ ِذي ارْ ت َ
يَ ْعبُدُونَنِي اَل يُ ْش ِر ُكونَ بِي َش ْيًئا ۚ َو َمن َكفَ َر بَ ْع َد ٰ َذلِكَ فَُأو ٰلَِئكَ هُ ُم ْالفَا ِسقُونَ )(. )5
20
المصادر
القران الكريم
الكتب
.1ابن جزي ،التسهيل لعلوم التنزيل.7/2 ،
.2ابن عطية ،المحور الوجيز ،401/4 /الكشاف ،الزمخشري .586/3
.3ابن قيم ،الصواعق المرسلة.1389/4 ،
.4انوار التنزيل .121/3
.5انوار التنزيل .23/4
.6تاريخ الرسل و الملوك ،الطبري .387/1
.7تفسير القران العظيم .116/1
.8جامع البيان الطبري .323/18
.9جامع البيان ،الطبري .17/566
جامع البيان ،الطبري .١٩/٣٦٠ .10
.11جامع البيان ،الطبري .19/540
.12الجامع الحكام القران .126/6
.13الجامع الحكام القران ،القرطبي .13/285
.14سيد قطب ،في ضالل القران.4/2333 ،
.15صحيح البخاري ،كت اب أح اديث األنبي اء ،ب اب أحب الص الة إلى هللا ص الة داود وأحب الص يام إلى هللا
صيام داود ،رقم .٣٢٠٧
.16صحيح البخاري ،كتاب أح اديث االنبي اء ،ب اب احب الص الة إلى هللا ص اله داود رقم ٣٢٠٦ومس لم في
صحيحه كتاب اإليمان باب اإلس راء برس ول هللا ص لى هللا علي ه وس لم من ح ديث أبي هري ره أيض ا رقم
٢٥٠
.17صحيح البخاري ،كتاب أحاديث األنبياء ،باب حديث العبد الصالح مع موسى عليه السالم ،رقم .٣٢٢٠
.18صحيح البخاري ،كتاب الصوم ،باب صوم يوم عاشوراء ،رقم .٢٠٠٤
.19صحيح البخاري ،كتاب الصوم ،باب صوم يوم عاشوراء ،رقم .٢٠٠٦
.20عبد الوهاب النجار ،قصص األنبياء.
.21غرائب القرآن .٣/٦١٠
.22غرائب القران.5/268
.23في ظالل القران .2342/4
.24القاموس المحيط ،الفيروزآبادي .١/٧٠٧
.25القرطبي ۲٦۰ / ۱۳
.26المحرر الوجيز .٤/٢٠
.27محمود مزروعة ،الدين و حاجة اإلنسانية اليه عبر الرساالت اإللهية.
.28مفاتيح الغيب .٢١/٥٤٨
.29مفتاح الغيب .۲۰۰ / ٢٤
.30نظم الدرر .١٢/٣١٣
.31نظم الدرر البقاعي .١٤/٢٥٦
21
Introduction
God Almighty chose specific humans in order to send down guidance and
messengers to them in order to guide people and call to the religion of God, the
One and Only, and God Almighty preferred the messengers over the prophets
because they carry a message from God Almighty, and God Almighty favored our
master Moses, peace be upon him, by speaking with him And Moses, peace be
upon him, was raised in the house of one of the tyrants, who is Pharaoh, and the
lineage of our master Moses, peace be upon him, goes back to our master Jacob bin
Isaac, peace be upon them both.
And over the centuries of time, God Almighty sent prophets to guide people, and it
was not enough for one prophet, but rather His mercy - the Almighty - required
that He send them one prophet after another so that they would not have the
argument on the Day of Resurrection, by conveying the true religion of God and
His law, and among them was the Prophet Moses - upon him be peace and
blessings - whose story came in several verses and chapters, showing people the
lessons drawn from this story, and through this research, we will tell the story of
the Prophet.
The stories of the prophets are among the interesting things that help to know a lot
about the life of the prophets, the stages of their lives, how the message reached
them, and their situation with their people. It is certain that there are many lessons
and lessons that a person can learn and teach to his children through the stories of
the prophets. And knowing what they faced in order to spread the religion of God -
glory and majesty - on earth, and the greatest stories of the prophets is the story of
Moses, peace be upon him, as it contains many great events that changed the shape
of history.