You are on page 1of 28

‫السيف احلاد‬

‫على اإللحاد‬

‫نظمه وعلق عليه‪:‬‬


‫د‪ .‬سفيان بن فؤاد باسويدان‬
‫غفر اهلل له ولوالديه ومشاخيه وطالبه‬
‫تمهيد‬
‫عباده بترك الـملحدين‪َ ،‬وأو َع َدهم بال َج َازات يو َم الدين‪ ،‬وأشهد أن َل إله إل هللا َ‬
‫وحده‬ ‫الحمد هلل الذي أمر َ‬
‫ً‬ ‫َ َ َ َ‬
‫يك له ذو القوة الـ َمتين‪ ،‬وأشهد أن محم ًدا عبده ورسوله املبعوث َرحمة للعاملين‪ ،‬الذي َجاء بالكتاب املبين‪،‬‬ ‫ل شر‬
‫َ َ‬
‫الغالين وانت َح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ال‬ ‫الذين َينفون َعن دينه تحريف‬ ‫وصحابته الغر امليامين‪،‬‬‫صلى هللا عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين‪َ ،‬‬
‫وعن ش َبه أعداء الدين م َن الذابين‪ ،‬أما بعد‪...‬‬ ‫وتأويل الجاهلين‪َ ،‬وعلى َمن َلهم بإحسان من التابعين‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫املبطلين‬
‫َ‬ ‫فقد كان م َن املؤسف ج ًّدا أن ينتش َر اللحاد َبين المة السالمية َع َربهم َ‬
‫وع َجمهم من حيث ل َيشعرون‪،‬‬
‫تارة بلباس الن َظريات العلمية أو مقد َمات َعقلية التي َتن َطوي على م َغ َالطات َمنطقية‪َ ،‬غي َر أن َك ً‬
‫ثيرا من‬
‫ً‬
‫فكان ذلك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أمتنا كانوا في غفلة من هذا‪ ،‬ولعل ذلك بسبب قلة َمن تكلم في إثبات ربوبية هللا بالدلة العقلية مع ك َثرة الد َعايات‬
‫َ‬
‫السؤال ‪-‬وهم في املرحلة‬‫َ‬ ‫بعض الطالب هذا‬‫َ‬ ‫إلى اللحاد! ولذا‪ ،‬ضع َفت حجتهم أمام املالحدة‪ ،‬وقد كنت سألت‬
‫غير َه‪َ،‬وأنََاإلسالمََهَوَالدَينََالصحيحََ‬‫غيرَالَسلَمَينَأنََإلَهناَهَوَالحقََدَونََ َ‬
‫الجامعية‪ :-‬هَلََتستطيعونََأنََتَثبَتواَلَ َ‬
‫جميعا ولم َيعرفوا َ‬‫ً‬ ‫َ‬
‫جوابه‪...‬‬ ‫وحدَهَباألدلَةََالعقلَيَةَ؟؟ فسكتوا‬
‫ًَ‬ ‫َ‬
‫فلذا‪ ،‬رأيت من ال َهم َية بمكان أن أضع َب َين أيديهم جملة من القواعد التي يتفق عليها الع َقالء لثبات ربوبية‬
‫وحده دون غيره َعلى منهج أهل السنة والجماعة في مباحث السماء والصفات‪ ،‬مع الرد على أشهر َمقالت‬ ‫هللا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وبألفاظ َسهلة واض َحة مع التعليقات عليها تيس ًيرا لفهمها‪،‬‬ ‫نظومة مختصرة تسه ًيال لحفظها َ‬ ‫املَ َالح َدة‪َ ،‬وصغتـ َها في َم َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأس َمي ـتها بـ(السيف ال َحاد َعلى الل َحاد)‪.‬‬
‫سير ويج َع َله في ميزان َ‬
‫حسناتي َو َوال َدي َو َمشايخي يو َم الدين‪ ،‬وأن‬ ‫العمل َ‬
‫الي َ‬ ‫َ‬ ‫وهللا أسأل أن يتقب َل مني هذا‬‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫داد في القول والعمل‪ ،‬ويجن َبني في ـهما من الخطل والزلل‪ ،‬إنه ملا يريد فعال وهو العزيز امل َت َعال‪.‬‬ ‫شد والس َ‬‫يله َمني الر َ‬

‫وهللا تعالى أعلم‪ ،‬وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫كتبه أف َقر عباد الرحمن‬

‫أبو محمد سفيان بن فؤاد بن محمد باسويدان‬


‫صولو‪ 3 ،‬جمادى الثانية ‪ 1443‬هـ‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬
‫َعلى اله َدى لدينه السالم‬ ‫‪1‬‬ ‫ال َعالم‬ ‫َرب َي‬ ‫لِل‬ ‫َحم ًدا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َعلى النبي ال َهاشمي الخاتم‬ ‫‪2‬‬ ‫ثم الصالة َمع َسالم َدائم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تحص َين نفسه َعن الل َحاد‬ ‫‪3‬‬ ‫َو َبعد هذا النظم للمريد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َوالج َر َوال َقبو َل َوالرض َوانا‬ ‫‪4‬‬ ‫أرجو به أن َين َف َع الخ َوانا‬

‫صحة الدين اإلسالمي‬


‫ي َوافق العقو َل َح ٌّق َدو َما‬ ‫‪5‬‬ ‫َواع َلم ب َأن د َين َنا الس َالماَ‬
‫ََ‬
‫َترفضه الفط َرات َوالعقول‬ ‫‪6‬‬ ‫ضالل‬ ‫َع َداه َباطل‬ ‫َو َما‬
‫َول َنب َتد إث َب َ‬ ‫َ‬ ‫َوخذ ح َج َ‬
‫ات َرب َسامع‬ ‫‪7‬‬ ‫اجه ب َعقلك فاس َمع‬

‫مقدمات عقلية إلثبات وجود اهلل‬


‫فَ َلئقََ‬ ‫(‪ََ)2‬ينبَيكَََخلقهَبوص ٍ‬ ‫‪8‬‬ ‫(‪ََ)1‬فكلَ ماَ خلقَ فثمَ الخالقَ‬
‫َ‬ ‫َف َخال َق الس ََما (ع َظ ٌ‬
‫ي) فل َتعوا‬ ‫َوموجد الشمس َ(قو َ‬ ‫‪9‬‬ ‫يم َ) (واسعَ َ)‬
‫ََ‬
‫َورازق الخالئق (القي َومَ َ)‬ ‫‪10‬‬ ‫(مدبرَ األكوانَ) (َلَ ينامَ)‬
‫َ َ‬ ‫َو َك َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َو َك َ‬
‫ان (اآلخرَ) ل ش ي َء َبع َده‬ ‫‪11‬‬ ‫ان (األولَ) ل ش ي َء قبله‬
‫يغيبَ عنهَ ماَ خفيَ عنََال ـ ــالَ)‬ ‫‪12‬‬ ‫(أحاطَ علمهَ بكلَ ش َي)‪( ،‬فالَ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫فالخالق من باب أولى فاسمعوا‬ ‫‪13‬‬ ‫ان خلقه (يرى)َ َ(ويَسَمعَ َ)‬ ‫إن ك‬
‫َف َأثب َتن ل َربناَ‬ ‫(والقدرةَ)‬ ‫‪14‬‬
‫َ َ‬
‫كذا (الحياةَ) ( َوالكالمَ) (والغن َى)‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شريكَ لهَ فيَ ميزته) كن َعاقال‬ ‫‪15‬‬ ‫َوالخالق (غن َيَ َعنَ خلقهَ) َ‬
‫(َل‬
‫ً‬ ‫(لمَ يكَ مول ً‬
‫(لمَ يتخذَ صاحب َة)ََ(أوَ ولدا)‬ ‫‪16‬‬ ‫ودا) (وليسَ والدا َ)‬
‫َ‬
‫‪2‬‬
‫َ‬
‫أما صفاتهَ فما أعالها!‬ ‫‪17‬‬ ‫األسماَ َلهَ َحسناها‬ ‫ثم م َن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فَــي ذاته َوكل َما ت َفر َدا‬ ‫‪18‬‬ ‫َل بد َأن ي َوحداَ‬ ‫فمثله‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫فاعلم بأنه خالف ذلك‬ ‫‪19‬‬ ‫َما تخي َل ب َبالك‬ ‫َوكل‬
‫َ‬ ‫َيا ت َرى َقد ات َ‬ ‫َ‬
‫ب َهذه الص َفات غيره عرف؟‬ ‫‪20‬‬ ‫صف‬ ‫أي إله‬
‫َ‬
‫وجودَََش ي ٍءَ قطََفاعقلََ َواق َتنع‬ ‫‪َ 21‬‬ ‫(‪ َ)3‬وبالتسلسلَ َلَ نهايهَ يمتنعَ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كاله َراء‬ ‫فه َي‬ ‫لَفاقديها‬ ‫‪22‬‬ ‫وز نسبةَ األشياءَ‬ ‫(َ‪َ َ)4‬وَلَ يج َ‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والشمس! َوالكوكب! َوالنام!‬ ‫‪23‬‬ ‫ك َمن َيقول‪َ :‬رب َنا الص َنام!‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫أو غير َها فكل َها َهذ َيان‬ ‫‪24‬‬ ‫أو الطبي َعة! كذا ال َحي َوان!‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صحت ع َب َادته س َوى الرحمن‬ ‫َ‬ ‫‪25‬‬ ‫ف َما َبقي من آل َهه فـي الكون‬

‫مشكلة الشر‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يبطل َما ذكر َت فـي َبار َينا‬ ‫‪26‬‬ ‫فإن ي َقل‪ :‬وجود شر ف َينا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كال َعدل َواقت َدار َوالرح َمات‬ ‫‪27‬‬ ‫من َوصفه بأح َسن الص َفات‬
‫وجد‬ ‫بذي الص َفات َوالشرور ت َ‬ ‫‪28‬‬ ‫وجد‬ ‫س ي َ‬ ‫َفعن َدهم‪َ :‬اهلل َلي َ‬
‫َ َ‬
‫َوبالق َران َمع خ َياره اض َم َحل‬ ‫‪29‬‬ ‫فشره نسبي َوه َو يح َت َمل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فل َتعرف‬ ‫كث َيرة‬ ‫َج َوانب‬ ‫‪30‬‬ ‫َوشره مش َتمل للخير فـي‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فذا لحك َمة ال َحكيم ث َبتت‬ ‫‪31‬‬ ‫فإن بخلقه عيوب وج َدت‬
‫في َنفيه وج َ‬ ‫َ‬
‫ود َرب َهاد‬ ‫‪32‬‬ ‫يل فيه لْلل َحاد‬ ‫َدل َ‬ ‫َول‬
‫َف َفض َل ال َبع َ‬ ‫َ‬ ‫َف َ‬
‫ض ب َقصد‪َ ،‬وب َها‬ ‫‪33‬‬ ‫صانع اللت َعم ًدا َما َز َها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فع َيها‬ ‫ب َعكسه‬ ‫َو َعكسه‬ ‫‪34‬‬ ‫ت َبي َنت مي َزات الغال من َها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فاردد بخي َرات الله َين َجدل‬ ‫‪35‬‬ ‫َوإن بشر ملحد قد اس َت َدل‬
‫َ‬ ‫َوالخلق َك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ان شر َعة الرحمن‬ ‫‪36‬‬ ‫ف َها ه َما بالخلق يد َركان‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ي َمي َز الضدين قط فاعقلن‬ ‫‪37‬‬
‫ََ‬ ‫ً َ‬
‫ان َم َادة ك َزعمهم فلن‬ ‫َلو َك َ‬

‫‪3‬‬
‫ال ظلم في حكم اهلل وقدره‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ل ظل َم َحاصل َبل خ َيار كله‬ ‫‪38‬‬ ‫َوحكمه َعدل كذا أف َعاله‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫‪ -2‬فكت َبه ‪َ -3‬مشيئ َته ‪ -4‬فخل َقه‬ ‫‪39‬‬ ‫من َجانبه‪ ،‬فال َقدر َيعني‪ -1 :‬عل َمه‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫َوج َه ل َوصف َها بظلم فاعقال‬ ‫‪40‬‬ ‫َوكل َها ص َفات َرب َنا فال‬
‫ٌ‬
‫فَ َبالَ إذ ٍنَ فعهَ)َ‬
‫كذا‪( َ:‬تصر َ‬ ‫‪41‬‬ ‫َوالظلم‪( :‬وضعَََالش يءَََغيرَََموضعه)ََ‬
‫َ َ‬

‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬


‫َوَ َعم َيف َعل ل ي َس َاءل فاعل َما‬ ‫‪42‬‬ ‫الرض كله َوالسماَ‬ ‫َلِل َما في‬
‫َ‬ ‫َ َ ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وها كث َرة فشكر َها إذن‬ ‫تحص‬ ‫‪43‬‬ ‫َوإن تعدوا نع َمة الله لن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫فهم بذا أحق بالوعيد‬ ‫َ‬ ‫‪44‬‬ ‫مم َتنع َدو ًما َعلى الع َباد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إدخالهم ج َنانه ب َفضله‬ ‫‪45‬‬ ‫ب َعدله‬ ‫ع َب َاده‬ ‫تعذيبه‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تخييره َجار َعلى النام‬ ‫‪46‬‬ ‫لم يجبر ال َعب َد َعلى الج َرام‬
‫ون َيا ه َمام‬ ‫َفهم م َيسر َ‬ ‫‪47‬‬
‫َ‬
‫اعة الرحيم قاموا‬ ‫َفإن ب َط َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َما َزاغ َعن ه َداه إل َهالك‬ ‫‪48‬‬ ‫َوإن ب َعكسه فهو كذلك‬

‫الرد على نظرية التطور‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فكل ش ي قابل للتغير‬ ‫‪49‬‬ ‫َو َمن َيقل ب َمذ َهب التطور‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫نبطله فــي عنق الز َرافة‬ ‫‪50‬‬ ‫َوبالو َراثة‬ ‫ض ٌّد‬ ‫َوال َواقع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫م َن الص َفات َواملـ َها َره َوال َدب‬ ‫‪51‬‬ ‫فلن ي َورثن ش يء يكت َسب‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َيدل َعلى الت َوالد‪ ،‬خذ َمثال‪:‬‬ ‫‪52‬‬ ‫أما تشابه الخالئق فال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف َهل تقول أن َك ابن القرد؟‬ ‫‪53‬‬ ‫َيا ملحد أن َت شبيه القرد‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫في النبت َوال َج َماد َوال َحي َوان‬ ‫‪54‬‬ ‫فكم ت َرى الش َب َاه في الك َوان‬

‫‪4‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف َميزوا م َن الش َباه باسم َها‬ ‫‪55‬‬ ‫َم َع اختالف َبين في كنه َها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تثبت َرح َمة الله كي َيفي‬ ‫‪56‬‬ ‫للتكيف‬ ‫َ‬
‫الحياء‬ ‫َوقد َرة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض َم َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫في أرضه َمع كث َرة الفروق‬ ‫‪57‬‬ ‫ان الرزق‬ ‫ب َوعده ل َها‬
‫َ َ َ َ‬
‫َو َعكس َها لكي تكون ناج َيه‬ ‫‪58‬‬ ‫َبي َن الفصول َوالب َقاع ال َقاس َيه‬

‫الرد على نظرية االنفجار العظيم‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َتكو َن الك َوان دو َن َباري‬ ‫‪59‬‬ ‫َوبانف َجار‬ ‫بصدفة‬‫فإن‬
‫َ نَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َج ـ ـ ـ َـاء بالتدمير‬ ‫َوالنف َج ـ ــار‬ ‫‪60‬‬ ‫أجب بأن الكو بالتدبير‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫َم َع انتظام؟ ذا محال فافتكر!‬ ‫‪61‬‬ ‫َوالصدفة فكيف يمكن تس َتمر‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫بـ(كيف؟) في َج َوابهم‪ ،‬ل تخ َد َعن‬ ‫‪62‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واحذر أخي تغييرهم سؤال (من؟)‬

‫شبهة عدم انتصار المسلمين‬


‫صروا؟‬ ‫َف َما َلهم َع َلى ال َعدو َلم ين َ‬ ‫‪63‬‬ ‫ان َرب املسلم َين َيقدر‬ ‫إن َك َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نصر لدن َيا أو لدين فاف َه َما‬ ‫‪64‬‬ ‫أجب بأن النص َر نو َعان ه َما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س َيلزمَ‬ ‫ضل َو َلي َ‬ ‫َوالثاني َأف َ‬
‫من نصره لدينهم أن يحرموا‬ ‫‪65‬‬
‫َف َذا َق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضاء هللا ف ــي ال َعبيد‬ ‫من ابتال ب َقتل ناو تشريد‬
‫َ‬
‫‪66‬‬
‫َ َ‬ ‫ضعفهم دن ًيا َف َلي َ‬ ‫َو َ‬
‫َوقوة ال َعدو مثله فاعل َما‬ ‫‪67‬‬ ‫س َدائ َما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫تلقوا الضرَبات قب َل فوزهم‬ ‫‪68‬‬ ‫قد اش َت َهر م َن البطال أنهم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لم َين َته الس َباق عل ًما َجاز َما‬ ‫‪69‬‬ ‫ل يعلم الغالب فـي الس َباق َما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َعلى ال َعدو َده ًرا َما نصرنا!‬ ‫‪70‬‬ ‫َومنهم َمن َيقول‪ :‬قد َد َعونا‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َفالنصر َلي َ‬
‫فان َتف َمان َعه َو َوف شرطه‬ ‫‪71‬‬ ‫س بالد َعاء َوح َده‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫فـي أغلب ال َـم َواقف فالحكم له‬ ‫‪72‬‬ ‫يب له‬ ‫اك قد أج‬ ‫َوقل له‪ :‬سو‬
‫‪5‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضرع ف َقط‬ ‫َمع حك َمته للم َت َ‬ ‫‪73‬‬ ‫تشت َرط‬ ‫إن است َج َابه بال َـمش َيئه‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫س خاد َمك ل َـما أ َمر َت به‬ ‫ولي‬ ‫‪74‬‬ ‫فانتبه!‬ ‫فأن َت َعبده َوه َو َربك‬
‫َ َ‬
‫َعج َيبه!‬ ‫َوحك َمة‬ ‫ب َرح َمته‬ ‫‪75‬‬ ‫ال َج َابه‬ ‫إن ام َت َنع أو أخ َر‬

‫لماذا خلق اهلل الكافر؟‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫بكفر كافر َوظلم ظالم؟‬ ‫‪76‬‬ ‫فإن ي َقل‪ :‬أليس ربك يعلم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫من هؤَلء ال َكافر َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ين مطل َقا؟‬ ‫‪77‬‬ ‫س قاد ًرا بأن ل َيخل َقا‬ ‫أل ي‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إذ ل تــالزم ف ــيه َيا معيب‬ ‫‪78‬‬ ‫أجب‪ :‬بأن سؤل َك غريب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َحيث اس َت َحق َما خلق لجله‬ ‫‪79‬‬ ‫فخلقه له بر َهان َعدله‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أقام حجته مع الرسول‬ ‫َ‬ ‫‪80‬‬ ‫بالكتب َوال َيات َوالعقول‬
‫َ‬
‫فالنار َحظه فكن َبص َيرا‬
‫َ‬
‫‪81‬‬ ‫ان كف َره مخ َتا َرا‬ ‫َو َقد َأ َب َ‬

‫الخاتمة‬
‫َ‬ ‫ٰ‬
‫بانس َجام‬ ‫ل َنظم َي الصغير‬ ‫‪82‬‬ ‫إت َمامي‬ ‫َوال َحمد لِل َعلى‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الولياَ‬ ‫و‬ ‫الكرمَ‬ ‫َعلى النبي‬ ‫‪83‬‬ ‫صل َيا‬‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أبياته (فجا) وكن‬ ‫َ‬
‫َ َ‬
‫مب َينا‬ ‫مس َتوع ًبا‬ ‫ل َنظم َنا‬ ‫‪84‬‬ ‫َمن كانا‬ ‫صحبه الك َرام َمع‬ ‫من َ‬

‫‪6‬‬
‫ب‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ح رب ع اد‬‫ت‬ ‫ف‬
‫يف التعليق على السيف احلاد‬

‫‪7‬‬
‫مقدمة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬
‫َعلى اله َدى لدينه السالم‬ ‫ال َعالم‬ ‫َرب َي‬ ‫لِل‬ ‫َحم ًدا‬ ‫‪1‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َعلى النبي ال َهاشمي الخاتم‬ ‫ثم الصالة َمع َسالم َدائم‬ ‫‪2‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫تحص َين نفسه َعن الل َحاد‬ ‫َو َبعد هذا النظم للمريد‬ ‫‪3‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والرضوانا‬ ‫ل‬ ‫والجر والقبو‬ ‫أرجو به أن ينفع الخوانا‬ ‫‪4‬‬

‫صحة الدين اإلسالمي‬


‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ي َوافق العقو َل َح ٌّق َدو َما‬ ‫َواعلم بأن دين َنا السال َما‬ ‫‪5‬‬
‫ََ‬
‫(‪)3‬‬ ‫َترفضه الفط َرات َوالعقول‬ ‫ضالل‬ ‫َع َداه َباطل‬ ‫َو َما‬ ‫‪6‬‬
‫َول َنب َتد إث َب َ‬ ‫َ‬ ‫َوخذ ح َج َ‬
‫(‪)4‬‬ ‫ات َرب َسامع‬ ‫اجه ب َعقلك فاس َمع‬ ‫‪7‬‬

‫َ َ َ‬ ‫(‪( )1‬الل َحاد) هو املَيل َعن َ‬


‫صدره "لحد"‪َ ،‬واللحد هو الشق في جانب‬ ‫القصد‪َ ،‬والعدول َعن الش يء‪ ،‬وم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫طل َقت َ‬ ‫َ َ ََ َ‬ ‫القبر‪َ .‬فالل َحاد ل َغ ًة يراد به كل َمن َم َ‬
‫ال َعن ال َقصد والحق‪ .‬وأ‬ ‫َ‬
‫الع َرب صفة الل َحاد َعلى أي‬
‫عة َوإن َك َ‬‫ً‬ ‫َ َ‬
‫منا باهلل َوب َنبيه‪َ .‬وإطالق َها َعلى الكفار َوالزنادقة أش َهر َوإن كانوا َعلى‬ ‫ان مؤ ً‬ ‫أحد أظ َهر بد‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫جود خالق الكون‪.‬‬ ‫أد َيان أو َمذاه َب أخ َرى‪َ .‬واللحاد اصطال ًحا‪ :‬هو َمذهب فكر ٌّي َينفي و‬
‫ض َبي َن َما َيجب إ َيمانه َوامتثاله من الدين َو َبين َما َيق َتضيه العقل السليم‪َ .‬و َمن اد َعى‬ ‫(‪ )2‬أي َل َت َعار َ‬
‫َ‬ ‫الف َ‬ ‫َ‬
‫ذلك فإنه إما جاهل بالدين َومراده وإما جاهل باملعقول ومقتضاه‪.‬‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضات َعج َيبة َواعت َق َادات َباطلة تنبئ ب َ‬ ‫غير السالم فيه َتناق َ‬ ‫َ‬
‫(‪َ )3‬ف َجميع الديان َ‬
‫ضالل َها‪ .‬فإما أن تل َك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫يم أو ت َناقض الفط َرة السل َيمة‪.‬‬ ‫ان َواملع َت َق َدات ت َناقض ال َعق َل السل‬
‫الد َي َ‬
‫(‪ )4‬وبما أن املالحدة ل يؤمنون إل بعقولهم‪ ،‬فنحن مستعدون للقضاء على ترهاتهم بالدلة العقلية‪،‬‬
‫فلنبتدئ نقاشنا معهم بإثبات رب سامع وهو هللا سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫اجه) الحجاج جمع حجة‪ ،‬والضمير يرجع إلى التقرير السابق من أن ديننا حق ويوافق‬ ‫فقوله (ح َج َ‬
‫العقول دائما‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مقدمات عقلية إلثبات وجود اهلل‬
‫(‪)2‬‬‫فَ َلئقََ‬ ‫(‪ََ)2‬ينبَيكَََخلقهَبوص ٍ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪ََ)1‬فكلَ ماَ خلقَ فثمَ الخالقَ‬ ‫‪8‬‬
‫َوموجد الشمس (قويَ) َفل َتعوا (‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫َف َخال َق الس ََما (ع َظ ٌ‬
‫يم) (واسعَ َ)‬ ‫‪9‬‬
‫ََ‬
‫َورازق الخالئق (القي َ‬
‫ومَ َ) (‪)6‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫‪( 10‬مدبرَ األكوانَ) (َلَ ينامَ)َ‬

‫وقوله (ولنبتد‪ ...‬إلخ) أي ولنبدأ كالمنا بإثبات وجود الرب املتصف بصفة السماع‪ .‬والتنكير في‬
‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫ً َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫لفظ ( َرب) للتعظيم‪ .‬كما في الحديث القدس ي املتفق عليه‪ :‬أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له رباَيغفر‬
‫الذن َب‪َ ،‬و َيأخذ بالذنب ‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫(‪ )1‬فالقاعدة الولى‪ :‬كل مخلوق ل بد له من خالق‪ .‬ومن عالمات الخلوق التي يتفق عليها العقالء‪:‬‬
‫(‪ )1‬كونه يبدأ بالعدم (‪ )2‬احتياجه إلى غيره (‪ )3‬كونه ينتهي بالفناء‪ .‬ول يشترط أن تجتمع معرفة‬
‫هذه العالمات كلها لدى النسان‪ ،‬وإنما يكفيه معرفة بعضها‪.‬‬
‫(‪ )2‬والقاعدة الثانية‪ :‬أن الخلوق ينبئ بوصف لئق لخالقه‪ .‬وإنما قيد باللياقة لن من شأن الخلوق‬
‫أن يتصف ببعض السلبيات التي ل تليق نسبتها إلى الخالق املطلق‪ ،‬كما سيأتي تنبيه بعضها‪.‬‬
‫َ َ‬
‫بالعظمة والس َعة‪ ،‬فخالقها كان في منتهى العظمة والسعة‪ .‬وكلتاهما صفتان‬ ‫(‪ )3‬فالسماء متصفة‬
‫لئقتان بالخالق‪ ،‬ويمكن إضافة غيرهما من الصفات كالحكام والتقان والقوة والجمال‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫(‪ (4‬وهو الذي أوجد الشمس مصد ًرا للقوة العظيمة والطاقة الهائلة‪ ،‬فال بد لخالقها أن يكون في‬
‫ت‬ ‫ور ه‬
‫ٱلسمَٰو َٰ ِ‬ ‫ﵟٱَّلل نُ ُ‬
‫منتهى القوة‪ .‬ثم إن الشمس من شأنها أن تنور‪ ،‬فخالقها منور أيضا‪ .‬قال تعالى ه ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ٞ ُ ٞ‬‬ ‫ُ ه‬ ‫ۡرض مث ُل نُوره ِۦ كم ۡشك َٰوة فِيها م ِۡصباح ٌۖ ٱلۡم ۡصب ُ‬
‫اح في ُزجاجةٍۖ ُّ‬ ‫ۡ‬
‫ٱلزجاجة كأنها ك ۡوكب د ِري يُوقد مِن شجرة ٖ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٖ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِۚ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫وٱل‬
‫ُ‬ ‫ُ ۡ ُ ُ ٓ ُ ۡ ۡ ۡ ۡ ُ ‪ُّ ٞ‬‬ ‫ُۡ ه‬ ‫ُّ‬
‫ضيء ولو لم تمسسه نار ۚ‪ ٞ‬نور عل َٰى ن ٖ‬
‫ورِۚ ﵞ‬ ‫مبَٰرك ٖة زيتون ٖة لا ش ۡرق هِي ٖة ولا غ ۡرب ِ هي ٖة يكاد زيتها ي ِ‬
‫(‪ )5‬وبما أن الكوان الختلفة من إنس وجن وحيوان ونبات وجماد كلها مدبرة كمال التدبير‪ ،‬فال بد‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫أن يتصف خالقها بالتدبير‪ ،‬ومن لزمه أل ينام إطالقا‪ .‬فصفة النوم تكون صفة كمال لْلنسان‬
‫السليم‪ ،‬ولكنها من حيث هي‪ :‬نقص‪ ،‬لن من ل يحتاج إلى نوم مع بقاء قوته كان أفضل ً‬
‫مطلقا‪.‬‬
‫(‪ )6‬فاهلل الذي يرزق الخلوقات كلها‪ ،‬فاقتض ى ذلك أن يكون َقي ً‬
‫وما يعني قائما على كل ش يء بما يجب‬
‫له‪ ،‬ول ق َ‬
‫وام بغيره‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫َ َ‬ ‫َو َك َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪َ 11‬و َك َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ان (اآلخرَ) ل ش ي َء َبع َده‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ان (األولَ) ل ش ي َء قبله‬
‫(‪)3‬‬ ‫يغيبَ عنهَ ماَ خفيَ عنَ ال ـ ــالَ)‬ ‫(أحاطَ علمهَ بكلَ ش َي)‪( ،‬فالَ‬ ‫‪12‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫(‪)4‬‬ ‫فالخالق من باب أولى فاسمعوا‬ ‫ان خلقه (يرىَ)َ َ(ويَسَمعَ َ)‬ ‫إن ك‬ ‫‪13‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫َف َأثب َتن ل َربناَ‬ ‫(والقدرةَ)‬
‫َ َ‬
‫كذا (الحياةَ) ( َوالكالمَ َ) (والغن َى)‬ ‫‪14‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)7‬‬ ‫شريكَ لهَ فيَ ميزته) كن َعاقال‬ ‫(‪)6‬‬ ‫َوالخالق (غن َيَ َعنَ خلقهَ َ) َ‬
‫(َل‬ ‫‪15‬‬

‫ًّ‬
‫(‪ )1‬فالخالق لكل ش يء ل بد أن يكون أول قبل كل ش يء بال حد‪ .‬وذلك لنه كان ول ش َيء موجود قبله‬
‫ول معه‪.‬‬
‫ُ ُّ‬
‫(‪ )2‬وهو الخر بعد كل ش يء بال نهاية‪ .‬وذلك لنه الكائن بعد فناء الشياء كلها‪ ،‬كما قال تعالى ﵟكل ش ۡيء‬
‫ه‬
‫هال ِك إِلا و ۡجه ُه ۚ‪ٞ‬ۥﵞ‪.‬‬
‫(‪ )3‬فالخالق املدبر لكل ش يء‪ ،‬ل بد أن يحيط علمه بكل ش يء‪ ،‬ول يغيب عنه ش يء‪.‬‬
‫متصفا بالرؤية والسمع‪ ،‬فخالقه أولى بهما‪ ،‬لن فاقد الش يء ل يعطيه‪.‬‬‫ً‬ ‫(‪ )4‬وإذا كان خلقه‬
‫(‪ )5‬وكذا مما اتصف به مخلوقه‪ )1( :‬الحياةَ‪ ،‬وهي لجميع الكائنات الحية‪ .‬و(‪ )2‬الكالمَ‪ ،‬وهو لبعض‬
‫الحيوانات والجن والنس واملالئكة‪ .‬و(‪َ )3‬الغنى‪ ،‬وهو للبشر حيث يوجد فيهم امللوك الثرياء‬
‫حيا ‪-‬وهذا واضح‪ ،-‬أم ً‬
‫جمادا؛‬ ‫والتجار الغنياء‪ .‬و(‪ )4‬القدر َة على فعل الشياء‪ ،‬سواء كان الخلوق ًّ‬
‫كقدرة البراكين على النفجار‪ ،‬وقدرة الرض على الزلزال‪ ،‬والرياح العاتية‪ ،‬والسيول املغرقة‪،‬‬
‫والنار الحرقة‪ ،‬وغيرها‪ .‬فثبوت هذه الشياء في مخلوقات هللا يستلزم إثباتها على وجه الكمال في‬
‫ََ َ‬
‫خالقها‪ .‬وقوله (فأثبتن) بنون التوكيد الخففة التي تلحق المر‪.‬‬
‫مطلقا‪ .‬لنه وجد قبل كل‬‫غير محتاج إليه ً‬ ‫(‪ )6‬ومن الصفات الالزمة للخالق‪ :‬أن يكون َغن ًّيا عن َخلقه َ‬
‫ش يء بال حد‪ ،‬وباق بعد كل ش يء بال نهاية‪ .‬ولنه إذا احتاج إلى ش يء فال بد أن يكون هذا الش يء‬
‫وجد قبله‪ ،‬وهذا تناقض‪.‬‬
‫(‪ )7‬ل شريك له في كل ش يء امتاز به عن مخلوقاته‪ ،‬وأما القدر املشترك من الصفات فإنه ثابت‬
‫للجميع بحسبه‪.‬‬
‫‪ 10 ‬‬
‫ً‬ ‫(لمَ يكَََمول ً‬
‫(‪)2‬‬ ‫(لمَ يتخذَ صاحب َة)ََ(أوَ ولدا)‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ودا) (وليسَ والدا َ)‬ ‫‪16‬‬
‫َ‬
‫(‪)4‬‬ ‫أما صفاتهَ فما أعالها!‬ ‫َ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ثم م َن األسماَ َلهَ َحسناها‬ ‫‪17‬‬
‫(‪)5‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فَـي ذاته َوكل َما ت َفر َدا‬ ‫َفمثله َل بد َأن ي َوحداَ‬ ‫‪18‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫(‪)6‬‬ ‫فاعلم بأنه خالف ذلك‬ ‫َما تخي َل ب َبالك‬ ‫َوكل‬ ‫‪19‬‬

‫الخالق الو َل‪ ،‬وليس ش يء يولد إل سيموت‪ ،‬وليس ش يء يموت إل‬ ‫َ‬ ‫(‪ )1‬لنه لو كان مولودا لم يكن‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ورث‪ .‬ولو كان ً‬
‫والدا فإنه سي َ‬ ‫سي َ‬
‫ورث ويكتسب ولده أوصاف والده فصار شريكا له‪ ،‬وهذان‬
‫الالزمان باطالن‪.‬‬
‫(‪ )2‬لن اتخاذ الصاحبة ‪-‬وهي الزوجة‪ -‬أو الولد يدل على احتياجه إليهما فهو مناف لغ َناه عن العاملين‪.‬‬
‫ً‬ ‫معنى ً‬
‫(‪ )3‬والسماء الحسنى هي السماء البالغة في الحسن منتهاها‪ ،‬ول تحتمل ً‬
‫سيئا إطالقا‪ ،‬وهي التي‬
‫ينادى هللا بها ويصح التعبيد لها كـ(عبدالعزيز) و(عبدالول)‪ ،‬وكل اسم من أسمائه متضمن لصفة‬ ‫َ‬
‫ومشتق منها‪ ،‬فالعزيز متضمن لصفة العزة ومشتق منها‪ ،‬وهكذا‪ .‬ولكن ليس كل صفة هلل يصح‬ ‫ٌّ‬
‫َ ٰ‬
‫أن يشتق منها اسم له‪ .‬فلله صفات كثيرة كاملكر والخداع والغضب والضحك والنزول وغيرها‪،‬‬
‫ولم يشتق منها أسماء‪ ،‬فباب السماء توقيفي ل اجتهاد فيه‪.‬‬
‫(‪ )4‬وأما صفاته (فما أعالها) أي فاعجب لعلوها‪ ،‬وكلها صفات عليا تدل على ما يليق بعظمة هللا‬
‫نفسه أو وصفه بها رسوله ‪ ،‬بال تعطيل ول تأويل‬ ‫وجالله‪ ،‬ويجب إثبات كل صفة وصف هللا بها َ‬
‫ول تكييف ول تمثيل‪.‬‬
‫عتقد َوحدانيته في ذاته وفي كل ما تفرد به من السماء والصفات‪.‬‬ ‫(‪ )5‬فمثل هذا ل بد أن ي َ‬
‫(‪ )6‬وذلك لن ذاته ل تشبه الذوات فصفاته ل تشبه الصفات‪ .‬فأي ش يء خطر ببال النسان عند‬
‫تماما‪ .‬فالنسان ل يمكنه أن يتخيل ً‬
‫شيئا إل إذا رآه وأدركه وهللا‬ ‫سماع صفات هللا فاهلل بخالفه ً‬
‫غيب ل تدركه البصار؛ أو بقياسه على مثيله وهللا ليس كمثله ش يء؛ أو َعل َمه عن طريق الخبر‬
‫الصادق‪ ،‬وهللا لم يخبرنا بكنه صفاته‪ .‬فال مطمع لْلنسان العاقل بعد هذا أن يعرف كن َه صفات‬
‫هللا‪.‬‬
‫‪ 11 ‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫َ‬
‫ب َهذه الص َفات غيره عرف؟‬ ‫‪َ 20‬أي إله َيا ت َرى َقد ات َ‬
‫صف‬
‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫وجودَََش ي ٍءَ قطََفاعقلََ َواق َتنع‬ ‫َ‬ ‫(‪ َ)3‬وبالتسلسلَ َلَ نهايهَ يمتنعَ‬ ‫‪21‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫كاله َراء‬ ‫فه َي‬ ‫لَفاقديها‬ ‫(َ‪َ َ)4‬وَلَ يجوزَ نسبةَ األشياءَ‬ ‫‪22‬‬
‫َ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)5‬‬ ‫والشمس! َوالكوكب! والنام!‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ك َمن َيقول‪َ :‬رب َنا الصنام!‬
‫َ‬ ‫‪23‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)7‬‬ ‫أو غير َها فكل َها َهذ َيان‬ ‫(‪)6‬‬ ‫أو الطبي َعة! كذا ال َحي َوان!‬ ‫‪24‬‬

‫وفقا لتنوع صفات مخلوقاته؟ لو كنت‬ ‫وجوده ً‬


‫َ‬ ‫(‪ )1‬فأي إله عرف باتصافه بهذه الصفات التي تثبت‬
‫دينا آخر يتكلم عن صفات رب العاملين بهذه الدقة والحكام‬ ‫منص ًفا‪ ،‬فلن تجد غير هللا‪ ،‬ولن َ‬
‫تجد ً‬
‫والعلمية سوى السالم!!‬
‫(‪ )2‬القاعدة الثالثة‪ :‬ل يجوز عقال القول بالتسلسل بال نهاية‪ ،‬كمن قال‪ :‬إذا كان كل مخلوق ل بد له‬
‫َ‬
‫من خالق‪ ،‬فالرب كذلك‪ ،‬ل بد له من خالق‪ ،‬وهكذا خالق الرب‪ !!...‬فهذا يستلزم عدم خلق أي‬
‫سبقه خالقه السبق منه‪ ،‬والسبق كذلك بال‬ ‫ش يء‪ ،‬إذ كل مخلوق ل بد له من خالق سابق‪ ،‬وقد َ‬
‫َ‬
‫الخالق الو َل الذي ل يتأثر بش يء ووجد قبل‬ ‫نهاية‪ ...‬فلما خلقت هذه الخلوقات‪ ،‬علمنا بأن هناك‬
‫كل ش يء‪ ،‬وهو ما تضمنه اسم (الول) لصفة الولية املطلقة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(‪ )3‬القاعدة الرابعة‪ :‬ل يجوز عقال نسبة الشياء ملن ل يملكها ول يتصف بها حقيقة‪.‬‬
‫(‪ ) 4‬فنسبة الربوبية املشتملة للخلق وامللك والتدبير لألصنام باطلة‪ ،‬كعقيدة املشركين والوثنيين‬
‫ً‬ ‫عام ًة ً‬
‫قديما وحديثا‪.‬‬
‫(‪ )5‬ومن الباطل عقال‪ :‬اعتقاد الربوبية في الشمس والكوكب‪ ،‬كعقيدة قوم إبراهيم‪ ،‬لن هذه الجرام‬
‫السماوية ل علم لها بالبشر ول تدبير لشؤوننا فكيف يعتقد فيها هذه الصفات؟! وكذلك النام‬
‫وهو النس والجن‪ ،‬ل يستحقان شيئا من الربوبية فضال عن اللوهية‪ ،‬لنهما محتاجان إلى‬
‫غيرهما ً‬
‫دائما وكان ابتداء أمرهما العدم ويصيران إلى املوت والفناء‪.‬‬
‫(‪ )6‬وكذلك من الباطل عقال‪ :‬اعتقاد الربوبية في الطبيعة كعقيدة املالحدة املاديين‪ ،‬أو في الحيوان‬
‫كعقيدة الهنود وغيرهم‪ .‬فالطبيعة ل عقل لها ول تدبير‪ ،‬والحيوان كذلك‪.‬‬
‫َ‬
‫واضطرب‪ ،‬فيتكلم‬ ‫(‪ )7‬أو غيرها من الرباب واللهة الباطلة‪ ...‬كلها (هذيان)‪ ،‬أي كالم َمن فسد عقله‬
‫بكالم غير معقول كالسكران‪.‬‬
‫‪ 12 ‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫صحت ع َب َادته س َوى الرحمن‬
‫َ‬ ‫‪ 25‬ف َما َبقي من آل َهه فـي الكون‬

‫(‪)2‬‬
‫مشكلة الشر‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫يبطل َما ذكر َت فـي َبار َينا‬ ‫‪ 26‬فإن ي َقل‪ :‬وجود شر ف َينا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)4‬‬ ‫كال َعدل َواقت َدار َوالرح َمات‬ ‫‪ 27‬من َوصفه بأحسن الصفات‬
‫َ‬
‫(‪)5‬‬ ‫وجد‬ ‫بذي الص َفات َوالشرور ت َ‬ ‫وجد‬ ‫س ي َ‬ ‫‪َ 28‬فعن َدهم‪َ :‬اهلل َلي َ‬

‫(‪ )1‬فال يبقى بعد هذه املقدمات العقلية الربع ما يستحق أن يوصف بالربوبية واللوهية سوى‬
‫الرحمن‪ ،‬فتبين بذلك صحة عقيدة املسلمين املوحدين دون غيرهم‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )2‬وتسمى "معضلة أبيقور" (‪ ،)Dilema Epicurus‬نسبة إلى أول من قال بها‪ ،‬وهو الفيلسوف‬
‫َ‬
‫بصفتي الرحمة والقدرة‬ ‫الغريقي أبيقور‪ .‬وتتلخص هذه "املعضلة" في أن الله ل يمكن أن يتصف‬
‫معا‪ ،‬فهو إما أنه قدير ويرض ى بوقوع الشر فتنتفي عنه صفة الرحمة‪ ،‬وإما أنه رحيم ل يرض ى‬ ‫ً‬
‫بوقوع الشر فتنتفي عنه صفة القدرة على منع وقوع ذلك الشر‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي فإن قيل لك أيها املؤمن املوحد‪ :‬إن وجود الشر فينا كاملصائب والحوادث والجرائم والوبئة‬
‫َ‬
‫ذكرت لربك من الصفات الكمالية‪.‬‬ ‫ونحوها ل يستقيم مع‬
‫(‪ )4‬أي إذا كان ربكم متصفا بالعدل والقدرة والرحمة‪ ،‬فكيف جاز له أن يخلق هذه الشرور ول‬
‫يزيلها؟ أين عدله؟ أين قدرته؟ وأين رحمته؟‬
‫(‪ )5‬فما دامت الشرور موجودة‪ ،‬فهذا ‪-‬بزعمهم‪ -‬دليل على عدم وجود الرب املتصف بهذه الوصاف‬
‫املذكورة‪.‬‬
‫‪ 13 ‬‬
‫َ َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫َوبالق َران َمع خ َياره اض َم َحل‬ ‫(‪)1‬‬ ‫فشره نسبي َوه َو يح َت َمل‬ ‫‪29‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫فل َتعرف‬ ‫كث َيرة‬ ‫َج َوانب‬ ‫َوشره مش َتمل للخير فـي‬ ‫‪30‬‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فذا لحك َمة ال َحكيم ث َبتت‬ ‫فإن بخلقه عيوب وج َدت‬ ‫‪31‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫ود َرب َهاد‬ ‫في َنفيه وج َ‬ ‫يل فيه لْلل َحاد‬ ‫َوَل َدل َ‬ ‫‪32‬‬
‫َف َفض َل ال َبع َ‬ ‫َ‬ ‫َف َ‬
‫ض ب َقصد‪َ ،‬وب َها‬ ‫صانع اللت َعم ًدا َما َز َها‬ ‫‪33‬‬

‫محضا‪ .‬فهو ٌّ‬ ‫ً‬ ‫نسبي وليس ًّ‬ ‫شر ٌّ‬ ‫أوَل‪ :‬إن الشر الذي وجد في مفعولت هللا‪ ،‬هو ٌّ‬ ‫ً‬
‫شر من جهة‬ ‫شرا‬ ‫(‪َ ) 1‬‬
‫وخير من جهات‪.‬‬
‫سرعان ما يذهب ويرجع‬ ‫َ‬ ‫ثا ًنيا َ‪ :‬هذا الشر النسبي مما يحتمله الخلوق‪ ،‬إما لندرته أو قلته أو لكونه‬
‫الخير ً‬
‫مكانه‪ .‬ولوله ملا عرف الخلوق َ‬ ‫َ‬
‫أبدا‪ ،‬قال أبو الطيب املتنبي‪ :‬وبضدها تتبين الشياء‪.‬‬ ‫الخير‬
‫نت الشر في مفعولت‬ ‫(‪ )2‬فينبغي أن يبنى الحكم على الغالب الكثير‪ ،‬ل على النادر القليل‪ .‬وإذا قا َ‬
‫ر‬
‫هللا َ(مع خياره) ‪-‬جمع خير‪ -‬التي جاءت من عنده‪ ،‬فإن هذا الشر (اضمحل) أي ذهب وتالش ى‬
‫لقلته‪.‬‬
‫ً‬
‫خذ أمثلة على ذلك‪ :‬الصحاء أكثر بكثير من املرض ى‪ ،‬والعافية أطول وأغلب من املصائب‪ ،‬والسلم‬
‫أعم َوأدوم من َ‬
‫الحرب‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )3‬ثالثا‪ :‬لو حصل ش يء من الشر كاملصائب مثال‪ ،‬فإنه سيترتب عليها خير كثير للمصابين وغيرهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فاملصاب إذا صبر واحتسب كان ً‬
‫خيرا له‪ ،‬لن فيه كفارة لذنوبه ورفعة لدراجته وزيادة في حسناته‪.‬‬
‫أبواب الرزق للف البشر‪ ،‬فلول وجود املرض ملا وجدت املستشفيات‬ ‫َ‬ ‫ثم إن هذه املصيبة تفتح‬
‫والطباء واملمرضون ومصانع الدوية والجهزة الطبية والعاملون فيها‪ ...‬فكم من البشر عاش‬
‫ۡ َٰ ُّ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫ٱلدنيا ۚ‪ ٞ‬ورف ۡعنا ب ۡعض ُه ۡم ف ۡوق‬ ‫وارتزق بسببه؟؟ كما قال تعالى ﵟنح ُن قس ۡمنا بيۡن ُهم هم ِعيشت ُه ۡم فِي ٱلحيوة ِ‬
‫ۡ ٗ‬ ‫ٗ‬ ‫ب ۡعض درجَٰت ل ِي هتخذ ب ۡع ُ‬
‫ض ُهم ب ۡعضا ُسخ ِرياﵞ [الزخرف‪.]32 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ٖ‬ ‫ٖ‬
‫(‪ ) 4‬ر ً‬
‫ابعا‪َ :‬من استدل لنفي وجود هللا بالعيوب املوجودة في بعض مخلوقاته‪ ،‬وزعموا بأنها منافية‬
‫لكمال الرحمة والعدل‪ .‬فالجوابَعنه َا أنها وجدت لحكمة عظيمة ثابتة‪ ،‬ول يمكن الستدلل‬
‫بهذه الخلوقات املعيبة على نفي وجود الخالق‪ ،‬لنها ما دامت مخلوقة وموجودة فال بد لها من‬
‫خالق وموجد‪.‬‬
‫‪ 14 ‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫فع َيها‬ ‫ب َعكسه‬ ‫َو َعكسه‬ ‫ت َبي َنت مي َزات الغال من َها‬ ‫‪34‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫َين َجدل‬ ‫فاردد بخي َرات الله‬ ‫َوإن بشر ملحد قد اس َت َدل‬ ‫‪35‬‬
‫َ‬ ‫َوالخلق َك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الرحمن‬ ‫ان شر َعة‬ ‫ف َها ه َما بالخلق يد َركان‬ ‫‪36‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫َ َ‬
‫فاعقلن‬
‫َ‬
‫ي َمي َز الضدين قط‬
‫ََ‬ ‫ً َ‬
‫ان َم َادة ك َزعمهم فلن‬‫َلو َك َ‬ ‫‪37‬‬
‫ال ظلم في حكم اهلل وقدره‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ل ظل َم َحاصل َبل خ َيار كله‬ ‫‪َ 38‬وحكمه َعدل كذا أفعاله‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬ويقالَلهمَأيضا‪ :‬ألم تروا إلى الشركات الصانعة لآللت والدوات الختلفة‪ ،‬ل َم تتعمد صنع‬
‫ً‬
‫الدوات من جنس واحد بمواصفات مختلفة بعضها أفضل من بعض؟ فتجد مثال جوال بسعر‬
‫مليون وآخر بعشرة ماليين وهما من شركة واحدة‪ .‬فتجد الغالي منهما مليء بالخدمات املفيدة‬
‫ً‬
‫ومميزات عديدة‪ ،‬بينما الرخيص فيه عيوب كثيرة‪ .‬فهل يصح عقال أن يقال إن وجود الرخيص‬
‫املعيب يدل على عدم وجود الشركة الصانعة؟‬
‫َ‬
‫(‪ )2‬خام ًسا َ‪ :‬من استدل بوجود الشر لنفي وجود الخالق الرحيم الحكيم العليم القدير‪ ،‬فأثبت‬
‫وجوده بوجود الخيرات الكثيرة الغالبة التي ل يستطيع أحد نكر َانها‪ ...‬أليس لهذه الخيرات خالق‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ۡ‬ ‫َخير؟؟ قال تعالى ﵟأ ۡم ُخل ُِقوا ْ م ِۡن غيۡر ش ۡيء أ ۡم ُه ُم ٱلۡخَٰل ُِقون ‪ ٣٥‬أ ۡم خل ُقوا ْ ه‬
‫ۡرض بل لا‬
‫ۚ‪ٞ‬‬ ‫أ‬ ‫ل‬‫ٱ‬‫و‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫َٰ‬ ‫و‬‫َٰ‬ ‫م‬ ‫ٱلس‬ ‫ِ‬
‫ينصرع‪.‬‬ ‫يُوقِنُونﵞ [الطور‪ ]36-35 :‬ومعنى (ينجدل)‪َ :‬‬
‫دسا َ‪ :‬إن وجود الشر دليل على وجود الخير‪ ،‬وإنما يدرك الخير والشر باملبادئ الخلقية‪،‬‬ ‫(‪ )3‬سا ً َ‬
‫واملبادئ الخلقية مصدرها من هللا‪ ،‬سواء كانت عن طريق الفطرة السليمة لدى كل إنسان أم‬
‫ً‬
‫كانت من بقايا الديان السماوية عند بعض المم‪ ،‬فهي ليست مادة على كل حال‪ ،‬لن املادة ل‬
‫شعور فيها ول تمييز‪( ،‬فلن يميز الضدين) أي لن يميز الخير من الشر‪ ،‬فتبين بهذا أن معرفة‬‫َ‬
‫النسان بوجود الشر دليل على وجود هللا لز ًاما‪.‬‬
‫‪ 15 ‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫‪ -2‬فكت َبه ‪َ -3‬مشيئ َته ‪ -4‬فخل َقه‬ ‫من َجانبه‪ ،‬فال َقدر َيعني‪ -1 :‬عل َمه‬ ‫‪39‬‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫(‪)2‬‬ ‫َوج َه ل َوصف َها بظلم فاعقال‬ ‫َوكل َها ص َفات َرب َنا فال‬ ‫‪40‬‬
‫ٌ‬ ‫عَالش يءَ َغيرَ َموضعه)ََ (‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫فَ َبالَ إذ ٍنَ فعهَ)َ‬
‫كذا‪( َ:‬تصر َ‬ ‫َوالظلم‪(:‬وض َ‬
‫َ‬
‫‪41‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬
‫(‪)5‬‬ ‫َوَ َعم َيف َعل ل ي َس َاءل فاعل َما‬ ‫الرض كله َوالسماَ‬ ‫َلِل َما في‬ ‫‪42‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وها كث َرة فشكر َها إذن‬ ‫تحص‬ ‫َوإن تعدوا نع َمة الله لن‬ ‫‪43‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)6‬‬ ‫فهم بذا أ َحق بال َوعيد‬ ‫مم َتنع َدو ًما َعلى الع َباد‬ ‫‪44‬‬

‫منفي من جهة هللا‪ ،‬كذلك الظلم منفي عن أحكام هللا وأفعاله من جهة أنه حاصل‬ ‫(‪ )1‬كما أن الشر ٌّ‬
‫بقضاء هللا وقدره‪ ،‬فهو خير كله من هذه الحيثية‪ .‬وذلك لن القدر يشمل أربعة أيشاء وكلها متعلق‬
‫َ‬
‫باهلل‪ ،‬وهي‪( :‬أ) علمه‪( ،‬ب) كتابته‪( ،‬ج) مشيئته‪( ،‬د) خلقه‪.‬‬
‫لم قط في صفات هللا إن كنت‬ ‫(‪ )2‬فهذه الربعة كلها من نعت هللا العلي‪ ،‬أي من صفته الرفيعة‪ ،‬فال ظ َ‬
‫عاقال‪ .‬وذلك لن هذه الصفات ل تنفك عن هللا‪ ،‬فوصفها بالظلم وصفه به لز ًاما‪.‬‬
‫َ‬
‫بتعريفين َ‬
‫شهيرين‪ ،‬كالهما ل ينطبقان على أحكام هللا وأفعاله‪:‬‬ ‫(‪ )3‬وعرف الظلم‬
‫ً‬
‫أوَل‪َ:‬وضعَالش يءَفيَغيرَموضعه الالئق به َ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫وثانيا‪َ:‬تصرفَبالَإذن في حق الغير‪ .‬وقوله (فعه) أي فاف َهمه‪ .‬من‪َ :‬و َعى َيعي‪ .‬والهاء ساكنة للوزن‪،‬‬ ‫(‪ً ) 4‬‬
‫وهي تعود إلى املعهود ذه ًنا‪ ،‬يعنى تعريف الظلم‪.‬‬
‫َ‬
‫(‪ )5‬ومعلوم أن هلل ما في السماء والرض فكان له الحق املطلق في التصرف في جميع خلقه‪ ،‬ول يسأل‬
‫عما يفعل فيهم‪ .‬وبهذا ل يوصف بالظلم في كل ما فعل بخلقه‪.‬‬
‫(‪ )6‬وأما على القول بأن الظلم هو وضع الش يء في غير موضعه‪ ،‬فقد ثبت بسند صحيح عن جماعة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫مرفوعا بلفظ‪َ (( :‬لو َأن َ‬ ‫ً‬
‫َّللا َعذ َب أه َل َس َم َاواته َوأه َل‬ ‫ً‬ ‫من الصحابة موقوفا وعن زيد بن ثابت‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أرضه‪ ،‬ل َعذ َبهم َوه َو غير ظالم لهم‪َ ،‬ولو َرح َمهم لكانت َرح َمته خي ًرا لهم من أع َمالهم ‪ ...‬الحديث))‬
‫رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وابن حبان‪.‬‬

‫‪ 16 ‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ب َفضله‬ ‫ج َنانه‬ ‫إدخالهم‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ب َعدله‬ ‫ع َب َاده‬ ‫تعذيبه‬ ‫‪45‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫َعلى النام‬ ‫َجار‬ ‫تخييره‬ ‫لم يجبر ال َعب َد َعلى الج َرام‬ ‫‪46‬‬
‫ون َيا ه َمام‬ ‫َفهم م َيسر َ‬ ‫َ‬
‫اعة الرحيم قاموا‬ ‫َفإن ب َط َ‬ ‫‪47‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)4‬‬ ‫َما َزاغ َعن ه َداه إل َهالك‬ ‫َوإن ب َعكسه فهو كذلك‬ ‫‪48‬‬

‫ً‬
‫وبيانَذلك‪ :‬فإن نعم هللا على العباد ل تعد ول تحص ى كثرة‪ ،‬وقد عجز العباد عن إحصائها فكان‬
‫عجزهم عن شكرها من باب أولى‪ ،‬فبالتالي كل العباد إنسهم وجنهم ومالئكتهم لم يؤدوا شكر هللا‪،‬‬
‫فهم بذلك يستحقون العذاب‪ ،‬فلو أدخلهم هللا في النار لكان هذا من وضع الش يء في موضعه‪.‬‬
‫ثم إن شكرهم هلل ل يتم إل مع إحداث ن َعم جديدة‪ ،‬فتوفيق هللا لعبده‪ ،‬وإبقاؤه على قيد الحياة‬
‫مع العافية والتمكين للعبادة‪ ،‬كلها من نعم هللا التي تحتاج إلى شكر جديد‪.‬‬
‫(‪ )1‬فمن عذبه هللا في النار فإنه كان بعدله‪ ،‬وما هللا بظالم للعبيد‪.‬‬
‫خيرا له من عمله‪ ،‬فتبينَمنَ‬ ‫(‪ )2‬وأما من أدخله هللا الجنة فإنه كان بفضله ورحمته‪ ،‬وكانت رحمته ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫أحكام هللا وأفعاله دائرة بين العدل والفضل‪ ،‬ول ظلم فيها ألبتة‪.‬‬ ‫هذا أن‬
‫وجنا (على الجرام)‪ ،‬أي ارتكاب الجرائم‪ ،‬بل (تخييره جار) دائما‬ ‫إنسا ًّ‬ ‫(‪ )3‬ثم إن هللا (لم يجبر العبد) ً‬
‫(على النام) أي على الجن والنس‪ .‬والنام يشمل كل من على ظهر الرض‪.‬‬
‫(‪ )4‬فمن قام بطاعة هللا فإنه م َيسر لن يكون من أهل السعادة وهذا يقتض ي منه الشكر والستقامة‬
‫عليه‪ ،‬ومن قام بمعصية هللا فإنه ميسر إلى عكسه‪ ،‬وهذا يقتض ي منه الحذر والتوبة منه‪ ،‬ل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫«ما منكم من أ َحد إل َوقد كت َب‬ ‫ً‬
‫مرفوعا‪َ :‬‬ ‫التسليم للوضع‪ ،‬كما ثبت في الصحيحين من حديث علي‬
‫َ‬
‫الجنة» َقالوا‪َ :‬يا َرسو َل َّللا‪ ،‬أ َف َال َنتكل َع َلى ك َتاب َنا‪َ ،‬و َن َدع َ‬‫َمق َعده م َن النار‪َ ،‬و َمق َعده م َن َ‬
‫الع َم َل؟‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال‪« :‬اع َملوا َفك ٌّل م َيسر ملَا خل َق َله‪َ ،‬أما َمن َك َ‬
‫َق َ‬
‫ان من أهل الس َع َادة في َيسر ل َع َمل أهل الس َع َادة‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ َ َ َ‬
‫ان من أهل الش َقاء في َيسر ل َع َمل أهل الش َق َاوة»‪.‬‬ ‫وأما من ك‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وفي حديث العرباض بن سارية مرفوعا‪« :‬قد َت َركتكم َعلى ال َبي َ‬
‫ضاء ليل َها ك َن َهار َها‪ ،‬ل َيزيغ َعن َها َبعدي‬
‫إل َهالك‪ »...‬رواه ابن ماجه وأحمد وصححه اللباني‪ .‬ومعنى البيضاء أي امللة والحجة الواضحة‬
‫التي ل تقبل الشبه أصال‪.‬‬
‫‪ 17 ‬‬
‫الرد على نظرية التطور‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫فكل ش ي قابل للتغير‬ ‫(‪)1‬‬ ‫‪َ 49‬و َمن َيقل ب َمذ َهب التطور‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫نبطله فــي عنق الز َرافة‬ ‫َوبالو َراثة‬ ‫ض ٌّد‬ ‫‪َ 50‬وال َواقع‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫(‪)4‬‬ ‫م َن الص َفات َواملـ َها َره َوال َدب‬ ‫‪ 51‬فلن ي َورثن ش يء يكت َسب‬

‫(‪ )1‬نظرية التطور اشتهر بها رجالن‪ ،‬أولهما‪ :‬ل ـَارك )‪ (Jean-Baptiste Lamarck‬وثانيهما‪ :‬دارون‬
‫(‪ )Charles Darwin‬ووجه الشبه بين قوليهما أن الحياة كانت تبتدئ من الكائنات الحية البسيطة‬
‫القليلة ثم تتطور لتصبح الكائنات الحية املعقدة الكثيرة‪ .‬و انفردَلارك بالقول بأن الحيوان من‬
‫متصفا بصفات متساوية‪ ،‬فعنق الزرافة وأرجلها مثال كانت قصيرة كلها مثل‬‫ً‬ ‫الجنس الواحد كان‬
‫الحصان‪ ،‬ولكن بسبب الرادة الداخلية لدى الزرافة لتناول أوراق الشجار املرتفعة‪ ،‬تتطور‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عنقها وأرجلها حتى تصبح طويلة‪ ،‬ثم تكون هذه الصفة وراثية فيما بعد‪ .‬بينماَيقولَدارونَبأن‬
‫سبب التطور ليست الرادة الداخلية‪ ،‬وإنما هو انتقاء الطبيعة‪ ،‬فالزرافة عند دارون بعضها‬
‫طويل العنق وأخرى قصيره‪ .‬فقصير العنق منها يتعرض لصعوبة الحصول على الطعام والشراب‬
‫فيموت‪ ،‬وبقي طويل العنق منها على قيد الحياة ويتناسل حتى تصبح الزرافات كلها طويلة العناق‪.‬‬
‫(‪ )2‬ومفاد هذا املذهب التطوري أن الكائنات الحية أصلها واحد وتتغير عبر مليارات السنين لتصبح‬
‫تمام الختالف‪ ،‬فأصل النسان والحيوان والنباتات واحد‪.‬‬ ‫ً‬
‫أنواعا كثيرة مختلفة َ‬
‫َ‬
‫(‪ )3‬والرد عليها أيضا أن الواقع ضدها‪ ،‬وعلم الوراثة تبطل قول ل َـمارك في عنق الزرافة‪ ،‬وأما قول‬
‫دارون فإنها أصال مجرد دعوى بال بينة‪ ،‬إذ ل بينة لوجود زرافة قصيرة العنق والرجل في الزمن‬
‫الول‪.‬‬
‫(‪ )4‬فالصفات واملهارات والدب املكتسبة لن تورث‪ ،‬وبرهان ذلك أشهر وأكثر من أن يذكر‪ .‬فعلم‬
‫علماء من غير تعلم‪ .‬وكذلك قوة القوياء وخبرة‬‫َ‬ ‫العلماء مكتسب بالتعلم‪ ،‬ولم يكن أولدهم‬
‫والشعر َ‬
‫والعين وطول القامة عند الغربيين وق َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫صرها‬ ‫البشرة‬ ‫الخبراء وأدب الدباء‪ ،‬بخالف ألوان‬
‫َ‬
‫عند الندونيسيين‪ ،‬وصغر العين عند الصينيين ونحو ذلك من الصفات الوراثية غير املكتسبة‪.‬‬
‫‪ 18 ‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫َيدل َعلى الت َوالد‪ ،‬خذ َمثال‪:‬‬ ‫فال‬ ‫أما تشابه الخالئق‬ ‫‪52‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ف َهل تقول أن َك ابن القرد؟‬ ‫َيا ملحد أن َت شبيه القرد‬ ‫‪53‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫في النبت َوال َج َماد َوال َحي َوان‬ ‫فكم ت َرى الش َب َاه في الك َوان‬ ‫‪54‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫ف َميزوا م َن الش َباه باسم َها‬ ‫َم َع اختالف َبين في كنه َها‬ ‫‪55‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تثبت َرح َمة الله كي َيفي‬ ‫للتكيف‬ ‫الح َياء‬ ‫َوقد َرة‬ ‫‪56‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب َوعده َل َها َ‬
‫ض َم َ‬
‫(‪)4‬‬ ‫في أرضه َمع كث َرة الفروق‬ ‫ان الرزق‬ ‫‪57‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)5‬‬ ‫َو َعكس َها لكي تكون ناج َيه‬ ‫‪َ 58‬بي َن الفصول َوالب َقاع ال َقاس َيه‬

‫(‪ )1‬فإن تشبث أصحاب هذه النظرية بوجود الش َبه بين الخلوقات‪ ،‬ثم زعموا بأنه يدل على التوالد‪،‬‬
‫بعضها يولد من بعض؛ فهذا الزعم على إطالقه باطل‪ ،‬فهناك من الشباه ما سببه التوالد‬ ‫أي أن َ‬
‫وهناك ما لم يكن كذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬ومثال ذلك أن نقول للملحد‪ :‬أنت شبيه بالقرد من حيث الهيئة‪ ،‬فهل تقول بأنك ابن القرد؟؟ إن‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬فقد تناقض‪ ،‬وإن قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقد كذب وكابر‪.‬‬
‫ً‬
‫مولودا من‬ ‫(‪ )3‬فكم رأينا الشباه في هذا الكون بين الحيوانات والجمادات والنباتات‪ ،‬وليس بعضها‬
‫بعض مع اختالف كنهها وخصائصها‪ ،‬وبناء على هذه الخصائص اختلفت أسماءها‪ ،‬وإل لجاز لنا‬
‫َ ً‬
‫بقرة‪َ ،‬‬
‫وهلم ًّ‬ ‫َ ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫النسان ً‬
‫جرا‪.‬‬ ‫إنسانا‪ ،‬أو أن نسمي البقرة شاة والشاة‬ ‫والقرد‬ ‫قردا‬ ‫أن نسمي‬
‫(‪ )4‬وأما قدرة الحياء على التكيف‪ ،‬فال يدل على التطور املزعوم‪ ،‬فضال عن أن يدل على عدم وجود‬
‫هللا‪ .‬بل هو من أوضح الدلة على رحمة هللا الذي وعد الحياء كلها بأن رزقها عليه هو‪ .‬فال بد أن‬
‫ً‬
‫يفي بوعده على كل حال مع تغير الزمنة والمكنة وما يتعلق بهما من توفر أسباب الحياة قلة‬
‫ً‬
‫وكثرة‪.‬‬
‫(‪ )5‬ففي فصل الشتاء كان الجو بار ًدا بخالف الصيف‪ ،‬وفي القحط قل املاء بخالف المطار‪ ،‬وكذلك‬
‫وبحرا‪ ،‬فالحياء تتكيف دائما لتنجو من شدة الفصول والبقاع‬ ‫في البقاع القاسية الختلفة ًّبرا ً‬
‫ً‬
‫أحياء‪ ،‬فهو دليل وجود الخالق الرحيم املدبر الحكيم‪.‬‬ ‫فتبقى‬
‫‪ 19 ‬‬
‫الرد على نظرية االنفجار العظيم‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫َباري‬ ‫دو َن‬ ‫َ‬
‫تكون الكوان‬ ‫َوبانف َجار‬ ‫بصدفة‬ ‫فإن‬ ‫‪59‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫بالتدمير‬ ‫َج َاء‬ ‫َوالنف َجار‬ ‫أجب بأن الكون بالتدبير‬ ‫‪60‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫َم َع انتظام؟ ذا م َحال فاف َتكر!‬ ‫َوالصدفة فكيف يمكن تس َتمر‬ ‫‪61‬‬
‫(‪)4‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫بـ(كيف؟) فـي َج َوابهم‪ ،‬ل تخ َد َعن‬ ‫ال َ(من)؟‬‫َواح َذر َأخي َتغي َيرهم س َؤ َ‬ ‫‪62‬‬

‫(‪ )1‬ومن مقالت املالحدة‪ :‬أن الكون تكون بالصدفة )‪ (Casualism‬أو بالنفجار العظيم ( ‪The Big‬‬
‫‪ ،)Bang‬ولم يخلقه خالق‪ .‬وهذا أيضا مناقض للواقع واملعقول ً‬
‫معا‪.‬‬
‫(‪ )2‬لنه لو كان الكون بالنفجار العظيم‪ ،‬فإننا وجدنا الكون ً‬
‫دائما مدب ًرا أحسن تدبير‪ ،‬والنفجار‬
‫إنما يأتي بالتدمير‪ .‬ول يوجد انفجار يعقبه هذا الجمال الباهر في الرض من أشجار وأنهار وبشر‬
‫وحيوان‪ ...‬فهذا ضرب من الخيال‪.‬‬
‫(‪ )3‬وأما الصدفة فال يمكن أن تستمر وتتكر َر‪ ،‬لن الستمرار ينافيها‪ .‬فانتظام حركة الشمس والقمر‬
‫ً‬
‫وغروبا‪ ،‬وتعاقب الليل والنهار‪ ،‬والفصول الثنائية أو الرباعية‪ ،‬وغيرها على وجه الستمرار‪،‬‬ ‫ً‬
‫طلوعا‬
‫يدل على وجود التدبير‪ ،‬والتدبير يدل على وجود املدبر ً‬
‫حتما‪ .‬وقوله‪( :‬فافتكر!) أي راجع أفكا َرك‬
‫وتأمل مرة أخرى!‬
‫(‪ )4‬واحذر أن يلبس عليك املالحدة‪ ،‬فسؤالنا لهم عن َ(من) صنع الكون؟ لكن جوابهم دائما عن‬
‫صنع الكون‪ ...‬فالصدفة والنفجار العظيم والتطور وانتقاء الطبيعة وغيرها من املقالت‬ ‫َ(كيف) َ‬
‫ً‬
‫اللحادية؛ كلها بيان لكيفية الخلق ‪-‬على فرض صحتها تنازل‪ -‬بينما سؤالنا لهم‪َ :‬من الخالق؟ أو‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫النفجار العظيم؟ َومن خلق التطو َر؟ ومن خلق‬
‫َ‬ ‫على حد تعبيرهم‪َ :‬من خلق الصدفة؟ َومن خلق‬
‫َ‬
‫الطبيعة؟‬
‫‪ 20 ‬‬
‫شبهة عدم انتصار المسلمين‬
‫(‪)1‬‬ ‫صروا؟‬ ‫َف َما َلهم َع َلى ال َعدو َلم ين َ‬ ‫ان َرب املسلم َين َيقدر‬ ‫إن َك َ‬ ‫‪63‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫نصر لدن َيا أو لدين فاف َه َما‬ ‫أجب بأن النص َر نو َعان ه َما‬ ‫‪64‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س َيلزمَ‬ ‫َوالثاني َأف َ‬
‫ضل َو َلي َ‬
‫من نصره لدينهم أن يحرموا‬ ‫(‪)3‬‬ ‫‪65‬‬
‫َف َذا َق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضاء هللا ف ــي ال َعبيد‬ ‫من ابتال ب َقتل ناو تشريد‬
‫َ‬
‫(‪)4‬‬ ‫‪66‬‬

‫ًّ‬
‫حقيقيا‪ ،‬فلماذا لم ينصر املسلمين على أعدائهم؟ أين ربهم املزعوم؟‬ ‫(‪ )1‬فإن يعتبر برب املسلمين رًّبا‬
‫نصيرا ل غالب لمره؟‬ ‫قويا ً‬ ‫أليس رًّبا ً‬
‫عزيزا ًّ‬
‫(‪ )2‬فالجواب من أوجه‪:‬‬
‫ً‬
‫أوَل‪ :‬النتصار نوعان‪( :‬أ) انتصار في المور الدنيوية (ب) وانتصار في المور الدينية‪ ،‬فإذا كان‬
‫الكالم عن انتصار "السلمين" فالكالم متوجه إلى دينهم ل إلى دنياهم‪ ،‬لن الذي يميز املسلمين‬
‫عن غيرهم هو دينهم السالمي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أفضل النتصارين هو النتصار في الدين‪ ،‬وذلك لمور‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫(‪ً ) 3‬‬
‫أ‪ -‬لنه انتصار النبياء على أعدائهم‪ ،‬والنبياء أفضل البشر‪.‬‬
‫ب‪ -‬لنه انتصار للعقيدة والق َيم‪ ،‬والعقيدة والقيم هي التي تولد العدل والصالح في الدنيا‪،‬‬
‫فالكفر واللحاد يولدان الظلم والطغيان والفساد‪ ،‬والعكس بالعكس‪.‬‬
‫ت‪ -‬لن الدين يبقى إلى قيام الساعة والدنيا تذهب بموت النسان‪.‬‬
‫ث‪ -‬لن الدين هو الذي يرفع النسان من أن يصير إلى أسفل سافلين‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )4‬ثالثا َ‪ :‬ل يلزم من انتصار املسلمين في دينهم حرمانهم من البتالء في الدنيا‪ ،‬من قتل أو تعذيب أو‬
‫تشريد‪ ...‬بل البتالء سنة هللا وقضاءه في العباد‪ ،‬لنه به يتميز املؤمن من الكافر واملنافق‪ ،‬وبه‬
‫ترفع الدرجات وتكتب الحسنات وتمحى السيئات‪ ،‬وتظهر الحقائق الخفية‪ ،‬وكما قيل‪ :‬وبضدها‬
‫تتبين الشياء‪.‬‬
‫‪ 21 ‬‬
‫َ َ‬ ‫ضعفهم دن ًيا َف َلي َ‬
‫َو َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫َوقوة ال َعدو مثله فاعل َما‬ ‫س َدائ َما‬ ‫‪67‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫تلقوا الضرَبات قب َل فوزهم‬ ‫قد اش َت َهر من البطال أنهم‬ ‫‪68‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫لم َين َته الس َباق عل ًما َجاز َما‬ ‫ل يعلم الغالب فـي الس َباق َما‬ ‫‪69‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)4‬‬ ‫َعلى ال َعدو َده ًرا َما نصرنا!‬ ‫َومنهم َمن َيقول‪ :‬قد َد َعونا‬ ‫‪70‬‬

‫دائما وقوة الكفار كذلك‪ ،‬فاليام د َول والحرب سجال‪،‬‬ ‫ابعا َ‪ :‬ضعف املسلمين في الدنيا ليس ً‬ ‫(‪ ) 1‬ر ً‬
‫وما دامت الدنيا باقية ولم تنتهي‪ ،‬فال يمكن الحكم على أحد بالغلبة املطلقة أو النتصار‬
‫الحقيقي‪ ،‬وإنما يعرف الغالب املنتصر إذا انتهى كل ش يء‪ .‬فالغلبة الحاصلة للكفار في الدنيا إنما‬
‫ًّ‬
‫مستمرا‪.‬‬ ‫هي في زمن محدد أو لطائفة معينة أو في مكان خاص‪ ،‬وليس ًّ‬
‫عاما شامال‬
‫(‪ )2‬خامسا‪ :‬من املعلوم أن البطال لم يفوزوا في أول المر بل يتعرضون أول للضربات والحن والذى‬
‫ً‬
‫ثم يفوزون في النهاية‪ ،‬وإن ماتوا وهلكوا قبل كسر شوكة عدوهم فإنهم يبقون أبطال لتمسكهم‬
‫باملبادئ والقيم الصحيحة‪.‬‬
‫علما جاز ًما‪ -‬بمجرد النظر إلى حصيلته الولية‬‫(‪ )3‬سادسا َ‪ :‬ل يمكن أن يعلم الغالب في أي سباق ‪ً -‬‬
‫أثناء السباق قبل انتهائه‪ ،‬لن املسبوق في أثناء السباق قد يكون ً‬
‫سابقا في نهايته‪ .‬فالحكم على‬
‫اعنا مع الكفار ل ينتهي‬‫حاسما‪ ،‬لن صر َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صحيحا‬ ‫املسلمين اليوم بأنهم مغلوب عليهم‪ ،‬ليس ً‬
‫حكما‬
‫إل مع انتهاء الدنيا‪ ،‬والدنيا لم تنته حتى الن‪.‬‬
‫خبرا لكان محذوفة مع اسمها‪ ،‬و(جاز ًما) صفته‪ ،‬والتقدير‪ :‬وكان العلم‬ ‫(علما) منصوب ً‬ ‫وقوله ً‬
‫َ‬
‫علما جاز ًما‪.‬‬
‫بالغالب ‪-‬بعد انتهاء السباق‪ً -‬‬
‫ََ‬
‫و(الغالب) يعني كثير الغلبة‪ ،‬وهو هنا بمعنى الغالب الفائز‪.‬‬
‫(‪ )4‬ومنَشبهَالالحدةَأنهمَيقولونَ‪ :‬نحن قد دعونا هللا كثيرا على أعدائنا فلم ينصرنا هللا حتى الن‪.‬‬
‫فهؤلء الفلسطينيون تحت احتالل اليهود منذ أكثر من ثمانين عاما‪ ،‬وأهل الشام تحت سيطرة‬
‫النصيرية منذ عشرات السنين‪ ،‬والقلية املسلمة في الصين والبورما والهند وغيرها مطهدون‬
‫موجودا؟ وملاذا لم يستجب لدعوات هؤلء املساكين‬ ‫ً‬ ‫مقهورون حتى الن‪ ...‬فأين هللا إن كان‬
‫املظلومين؟؟‬
‫‪ 22 ‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َفالنصر َلي َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫فان َتف َمان َعه َو َوف شرطه‬ ‫س بالد َعاء َوح َده‬ ‫‪71‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬ ‫فـي أغلب ال َـم َواقف فالحكم له‬ ‫يب له‬ ‫اك قد أج‬ ‫َوقل له‪ :‬سو‬ ‫‪72‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫ضرع ف َقط‬ ‫َمع حك َمته للم َت َ‬ ‫إن است َج َابه بال َـمش َيئه تشت َرط‬ ‫‪73‬‬
‫َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫(‪)4‬‬ ‫س خاد َمك ل َـما أ َمر َت به‬ ‫ولي‬ ‫فأن َت َعبده َوه َو َربك فانتبه!‬ ‫‪74‬‬

‫(‪ )1‬فالجواب أن النصر ليس بالدعاء وحده‪ ،‬بل هناك شروط يجب استيفاؤها وموانع يجب انتفاؤها‪.‬‬
‫فمن شروطه‪:‬‬
‫ُ ُ‬ ‫نص ُروا ْ ه‬ ‫ً‬
‫أ‪ -‬نصرة املسلمين لدينهم بتحقيق التوحيد أول‪ ،‬قال تعالى ﵟإن ت ُ‬
‫نص ۡرك ۡمﵞ [محمد‪]7 :‬‬ ‫ٱَّلل ي‬ ‫ِ‬
‫ب‪ -‬إعداد القوة املادية (العسكرية) بحسب الزمان واملكان‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﵟوأع ُِّدوا ْ ل ُهم هما ۡ‬
‫ٱستط ۡعتُم مِن‬
‫ُ‬ ‫اط ٱلۡخ ۡيل تُ ۡرهِبُون بهِۦ ع ُد هو ه‬ ‫قُ ه‬
‫ٱَّللِ وع ُد هوك ۡم ﵞ [النفال‪]60 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬‫ر‬
‫ِ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫و‬ ‫ٖ‬ ‫ة‬‫و‬
‫ْ ۡ ُ ْ ۡ‬ ‫ُ ْ ه‬
‫ِيعوا ٱَّلل ور ُسول ُهۥ ولا تنَٰز ُعوا فتفشلوا وتذهب‬
‫ﵟوأط‬ ‫ت‪ -‬طاعة المير وعدم التنازع‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ُ ُ‬
‫يحك ۡمٌۖ ﵞ [النفال‪]46 :‬‬ ‫ِر‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ ُ ْ‬
‫ث‪ -‬تقوى هللا والصبر واملصابرة‪ ،‬قال تعالى‪ :‬ﵟوِإن ت ۡصبِ ُروا وت هتقوا لا يض ُّرك ۡم ك ۡي ُده ۡم ش ۡي ًٔـاﵞ [آل عمران‪:‬‬
‫ه ُ ُۡ‬ ‫ْ هُ ْ ه‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ۡ ْ‬ ‫ه‬
‫ٱصبِ ُروا وصاب ِ ُروا وراب ِ ُطوا وٱتقوا ٱَّلل لعلك ۡم تفل ُِحونﵞ [آل‬ ‫ﵟيأ ُّيها ٱلذِين ءامنوا‬
‫‪ ]120‬وقال أيضا‪َٰٓ :‬‬
‫عمران‪]200 :‬‬
‫ً‬
‫ومن موانع النصر عكس هذه الشروط‪ .‬فإذا كان جميع الشروط مستوفاة وجميع املوانع منتفية‪،‬‬
‫فحينئذ يتحقق النصر في الدنيا والدين‪ ،‬وإل فقد يتخلف في أحدهما أو في كالهما‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي أن عدم استجابة هللا لدعائك ليس دليال على عدم وجوده عز وجل‪ ،‬لنه قد استجاب لدعاء‬
‫غيرك في أغلب املواقف‪ ،‬فكان الحكم للغالب‪ ،‬والنادر ل حكم له‪.‬‬
‫(‪ )3‬فاستجابة الدعاء متعلق بمشيئة هللا املقرونة بحكمته‪ ،‬وكانت الجابة للمؤمن املتضرع في دعائه‬
‫ۡ ُ ْ‬ ‫ٓ‬ ‫ۡ ُ‬ ‫ۡ‬
‫ل للمجرب الشاك‪ .‬قال تعالى‪ :‬ﵟبل إِيهاهُ ت ۡد ُعون فيكشِف ما ت ۡد ُعون إِل ۡيهِ إِن شاء ﵞ وقال أيضا‪ :‬ﵟٱدعوا‬
‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ ًٔ‬
‫ك ۡم تض ُّر ٗعا و ُخفية ۚ‪ ٞ‬إِنه ُهۥ لا يح ُِّب ٱل ُم ۡعتدِينﵞ‪.‬‬
‫ر هب ُ‬
‫ً‬
‫تفضال ً‬ ‫(‪ )4‬فاعلم أنك بمنزلة العبد الذي يسأل سيده ً‬
‫وكرما‪،‬‬ ‫شيئا‪ ،‬فكان للسيد أن يعطي إن شاء‬
‫كما أن له أن يمتنع عنه إظها ًرا لسلطانه وبحكمة ل تعلمها‪ ،‬لنه ليس بمنزلة الخادم الذي ل بد‬
‫أن يطيع سيده ملا أمره به‪ ،‬فانتبه!‬
‫‪ 23 ‬‬
‫َ َ‬
‫(‪)1‬‬ ‫َعج َيبه!‬ ‫َوحك َمة‬ ‫ب َرح َمته‬ ‫‪ 75‬إن ام َت َنع أو أخ َر ال َج َابه‬

‫لماذا خلق اهلل الكافر؟‬


‫َ‬
‫بكفر كافر َوظلم ظالم؟‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س َربك َيعلم‬ ‫َفإن ي َقل‪َ :‬أ َلي َ‬ ‫‪76‬‬
‫َ‬ ‫من هؤَلء ال َكافر َ‬ ‫س َقاد ً ا ب َأن َل َيخلقاَ‬ ‫ََ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ين مطل َقا؟‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫أل ي‬ ‫‪77‬‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪)3‬‬ ‫إذ ل تــالزم ف ــيه َيا معيب‬ ‫أجب‪ :‬بأن سؤل َك غريب‬ ‫‪78‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫(‪)4‬‬ ‫َحيث اس َت َحق َما خلق لجله‬ ‫فخلقه له بر َهان َعدله‬ ‫‪79‬‬
‫ََ‬
‫(‪)5‬‬ ‫الرسول‬ ‫َم َع‬ ‫حج َته‬ ‫أق َام‬ ‫بالكتب َوال َيات َوالعقول‬ ‫‪80‬‬

‫ً‬
‫(‪ )1‬إن امتناع هللا عن الجابة أو تأخيره لها‪ ،‬كانا رحمة لكم وبحكمة عجيبة‪ .‬فكم من داع يدعو على‬
‫ٗ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ٓ‬ ‫ۡ ُ ۡ َٰ ُ ه‬
‫نس ُن ع ُجولاﵞ‪.‬‬‫ٱلش ِر ُدعاءهُۥ بِٱلخيۡ ِرٍۖ وكان ٱل ِإ َٰ‬‫نفسه بالشر وهو ل يشعر؟ قال تعالى‪ :‬ﵟويدع ٱل ِإنسن ب ِ‬
‫(‪ )2‬ومنَشبهَالالحد َة أنهم يقولون‪ :‬إذا كان هللا سيعلم أن فالنا من الناس سيكون كافرا ظاملا ملحدا‪،‬‬
‫وهو ل يرض ى بالكفر والظلم واللحاد‪ ،‬فلماذا خلقهم؟ ألم يكن قديرا أن ل يخلقهم مطلقا؟‬
‫(‪ )3‬فالجوابَعليهاَمنَثالثةَأوجه َ‪:‬‬
‫ً‬
‫أوَل‪ :‬إن هذا التسائل غريب ول عالقة له بنفي وجود هللا أصال‪ .‬بل وجود املالحدة والكفار والظلمة‬
‫دليل على وجود هللا الخالق‪ ،‬لنهم مخلوقون على كل حال‪ .‬وأين التالزم بين علم هللا بوقوع الكفر‬
‫والظلم واللحاد منهم وبين عدم خلقه لهم؟ فهل إذا علم هللا ذلك أنه يجب عليه أل َ‬
‫يخلقهم ؟!؟‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫(‪ )4‬وثانيا‪ :‬إن خلقه لهم يدل على كمال عدله وحكمته‪ ،‬لن مقتض ى العدل أن يعاقب الجرم بعد‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫قيامه بالجرام‪ ،‬ل قبله‪ .‬فالكافر مجرم بكفره‪ ،‬فلو لم يخلق هذا الكافر أصال‪ ،‬فإنزال العقوبة‬
‫مطلقا يقتض ي عدم وجود املؤمن مطل ًقا‪ ،‬فأصبح هذا السؤال‬ ‫عليه ظلم‪ .‬ثم إن عدم وجود الكافر ً‬
‫ً‬
‫لغيا ل معنى له‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )5‬وثالثا‪ :‬لم يعاقب هللا الكافر إل بعد إقامة الحجة عليه بإنزال الكتب وإظهار اليات ‪-‬أي‬
‫املعجزات‪ -‬وإرسال الرسل ومنح العقل املميز بين الحق والباطل والخير والشر‪.‬‬
‫فالضمير في قوله (حجته) يرجع إلى هللا‪.‬‬
‫‪ 24 ‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فالنار َحظه فكن َبص َيرا‬ ‫مخ َتا َرا‬ ‫كف َره‬ ‫َأ َب َ‬
‫ان‬
‫َ‬
‫‪َ 81‬وقد‬

‫الخاتمة‬
‫َ‬ ‫ٰ‬
‫(‪)2‬‬ ‫ل َنظم َي الصغير بانس َجام‬ ‫‪َ 82‬وال َحمد لِل َعلى إت َمامي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ 83‬أب َياته َ(ف َجا) َوكن م َ‬
‫َعلى النبي الك َرم َوالول َيا‬ ‫(‪)3‬‬ ‫صل َيا‬
‫َ َ‬
‫مب َينا‬ ‫مس َتوع ًبا‬ ‫ل َنظم َنا‬ ‫‪ 84‬من َ‬
‫صحبه الك َرام َمع َمن كانا‬

‫ََ‬ ‫َت َمتَ‬

‫(‪ )1‬ور ً‬
‫ابعا‪ :‬إن هللا وإن علم بكفر الكافر لكنه لم يجبره على الكفر‪ ،‬بل خيره بين اليمان والكفر مع‬
‫بيانه لهم بعواقب كل منهما‪ ،‬فوعد من آمن بالنعيم وأوعد من كفر بالجحيم‪ ،‬فإذا اختار النسان‬
‫َ‬ ‫كافرا ً‬
‫بعد هذا التخيير والبيان أن يموت ً‬
‫ملحدا‪ ،‬فقد أبان استحقاقه للجحيم دون عذر‪ ،‬وهذا‬
‫من كمال عدله ‪.‬‬
‫وقوله (أبان) أي أظهر‪ ،‬والضمير املستتر فيه يرجع إلى الكافر‪.‬‬
‫(‪ )2‬قوله (بانسجام)‪ ،‬والنسجام املقصود هنا شامل لألفكار والتعبير‪ ،‬فانسجام الفكار يعني ل‬
‫تناقض بين أفكارها‪ ،‬وانسجام التعبير يعني وضوح ألفاظه‪ ،‬ل تعقيد فيه‪ ،‬وسهل التركيب‪.‬‬
‫(‪ )3‬قوله (فجا) الفاء والجيم واللف من الحروف البجدية التي يعد بها الجمل‪ .‬فالفاء يعني ثمانين‪،‬‬
‫واللف يعني و ً‬‫َ‬
‫احدا‪ ،‬فالجموع‪.84 = 1+3+ 80 :‬‬ ‫والجيم يعني ثالثة‬
‫وملزيد البيان‪ ،‬انظر الجدول‪:‬‬
‫ط = ‪ 9‬ي = ‪10‬‬ ‫ح=‪8‬‬ ‫ز=‪7‬‬ ‫و=‪6‬‬ ‫ه=‪5‬‬ ‫ب=‪ 2‬ج=‪ 3‬د=‪4‬‬ ‫أ=‪1‬‬
‫ق=‪ 100‬ر=‪200‬‬ ‫ف=‪ 80‬ص=‪90‬‬ ‫ع=‪70‬‬ ‫ل=‪ 30‬م=‪ 40‬ن=‪ 50‬س=‪60‬‬ ‫ك= ‪20‬‬
‫ض=‪ 800‬ظ=‪ 900‬غ =‪1000‬‬ ‫ت=‪ 400‬ث=‪ 500‬خ=‪ 600‬ذ=‪700‬‬ ‫ش=‪300‬‬

‫تم اختصار النظم مع التصحيح والتعليق عليه في يوم الحد الثالث من ذي الحجة عام ‪1443‬ه‪.‬‬
‫‪ 25 ‬‬
‫فهرسَالوضوعات َ‬

‫تمهيدَ‪1 .......................................................................................................................‬‬
‫مقدم َة‪2 .....................................................................................................................‬‬
‫صحةَالدينَاإلسالمي‪2 ...........................................................................................‬‬
‫مقدماتَعقليةَإلثباتَللاَ‪3 ...................................................................................‬‬
‫مشكلةَالشر ‪9 ..........................................................................................................‬‬
‫َلَظلمَفيَحكمَللاَوقدر َه ‪15....................................................................................‬‬
‫الردَعلىَنظريةَالتطورَ ‪18.......................................................................................‬‬
‫الردَعلىَنظريةَاَلنفجارَالعظيمَ ‪20.......................................................................‬‬
‫شبهةَعدمَانتصارَالسلمينَ ‪20...............................................................................‬‬
‫لاذاَخلقَللاَالكافر؟‪24..........................................................................................‬‬
‫الخاتمة ‪25.................................................................................................................‬‬
‫فهرسَالوضوعات ‪25..............................................................................................‬‬
‫مالحظات ‪25..............................................................................................................‬‬

‫‪ 26 ‬‬
‫مالحظات‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬
‫‪..................................................................................................................................‬‬

‫‪ 27 ‬‬

You might also like