Professional Documents
Culture Documents
مختصر السيف الحاد
مختصر السيف الحاد
على اإللحاد
وهللا تعالى أعلم ،وصلى هللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1
مقدمة
َ َ ٰ
َعلى اله َدى لدينه السالم 1 ال َعالم َرب َي لِل َحم ًدا
َ َ َ َ َ
َعلى النبي ال َهاشمي الخاتم 2 ثم الصالة َمع َسالم َدائم
َ َ َ
تحص َين نفسه َعن الل َحاد 3 َو َبعد هذا النظم للمريد
َ َ َ َ َ
َوالج َر َوال َقبو َل َوالرض َوانا 4 أرجو به أن َين َف َع الخ َوانا
مشكلة الشر
ََ َ َ
يبطل َما ذكر َت فـي َبار َينا 26 فإن ي َقل :وجود شر ف َينا
َ َ
كال َعدل َواقت َدار َوالرح َمات 27 من َوصفه بأح َسن الص َفات
وجد بذي الص َفات َوالشرور ت َ 28 وجد س ي َ َفعن َدهمَ :اهلل َلي َ
َ َ
َوبالق َران َمع خ َياره اض َم َحل 29 فشره نسبي َوه َو يح َت َمل
َ َ َ َ
فل َتعرف كث َيرة َج َوانب 30 َوشره مش َتمل للخير فـي
َ َ ََ َ َ
فذا لحك َمة ال َحكيم ث َبتت 31 فإن بخلقه عيوب وج َدت
في َنفيه وج َ َ
ود َرب َهاد 32 يل فيه لْلل َحاد َدل َ َول
َف َفض َل ال َبع َ َ َف َ
ض ب َقصدَ ،وب َها 33 صانع اللت َعم ًدا َما َز َها
َ َ َ
فع َيها ب َعكسه َو َعكسه 34 ت َبي َنت مي َزات الغال من َها
َ َ َ َ
فاردد بخي َرات الله َين َجدل 35 َوإن بشر ملحد قد اس َت َدل
َ َوالخلق َك َ َ َ
ان شر َعة الرحمن 36 ف َها ه َما بالخلق يد َركان
َ َ َ
ي َمي َز الضدين قط فاعقلن 37
ََ ً َ
ان َم َادة ك َزعمهم فلن َلو َك َ
3
ال ظلم في حكم اهلل وقدره
َ َ َ َ
ل ظل َم َحاصل َبل خ َيار كله 38 َوحكمه َعدل كذا أف َعاله
َ َ َ ََ َ
-2فكت َبه َ -3مشيئ َته -4فخل َقه 39 من َجانبه ،فال َقدر َيعني -1 :عل َمه
َ َ ََ
َوج َه ل َوصف َها بظلم فاعقال 40 َوكل َها ص َفات َرب َنا فال
ٌ
فَ َبالَ إذ ٍنَ فعهَ)َ
كذا( َ:تصر َ 41 َوالظلم( :وضعَََالش يءَََغيرَََموضعه)ََ
َ َ
4
َ َ َ
ف َميزوا م َن الش َباه باسم َها 55 َم َع اختالف َبين في كنه َها
َ َ َ َ
تثبت َرح َمة الله كي َيفي 56 للتكيف َ
الحياء َوقد َرة
َ َ ض َم ََ َ
في أرضه َمع كث َرة الفروق 57 ان الرزق ب َوعده ل َها
َ َ َ َ
َو َعكس َها لكي تكون ناج َيه 58 َبي َن الفصول َوالب َقاع ال َقاس َيه
الخاتمة
َ ٰ
بانس َجام ل َنظم َي الصغير 82 إت َمامي َوال َحمد لِل َعلى
َ َ َ َ َ َ
الولياَ و الكرمَ َعلى النبي 83 صل َيام َ َ َ
أبياته (فجا) وكن َ
َ َ
مب َينا مس َتوع ًبا ل َنظم َنا 84 َمن كانا صحبه الك َرام َمع من َ
6
ب ل ا
ح رب ع ادت ف
يف التعليق على السيف احلاد
7
مقدمة
َ َ ٰ
َعلى اله َدى لدينه السالم ال َعالم َرب َي لِل َحم ًدا 1
َ َ َ َ َ
َعلى النبي ال َهاشمي الخاتم ثم الصالة َمع َسالم َدائم 2
َ َ َ
()1 تحص َين نفسه َعن الل َحاد َو َبعد هذا النظم للمريد 3
َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ
والرضوانا ل والجر والقبو أرجو به أن ينفع الخوانا 4
8
مقدمات عقلية إلثبات وجود اهلل
()2فَ َلئقََ (ََ)2ينبَيكَََخلقهَبوص ٍ ()1 (ََ)1فكلَ ماَ خلقَ فثمَ الخالقَ 8
َوموجد الشمس (قويَ) َفل َتعوا ()4 ()3 َف َخال َق الس ََما (ع َظ ٌ
يم) (واسعَ َ) 9
ََ
َورازق الخالئق (القي َ
ومَ َ) ()6 ()5 ( 10مدبرَ األكوانَ) (َلَ ينامَ)َ
وقوله (ولنبتد ...إلخ) أي ولنبدأ كالمنا بإثبات وجود الرب املتصف بصفة السماع .والتنكير في
َ ًّ ً َ َ َ َ َ َ َ َ َ
لفظ ( َرب) للتعظيم .كما في الحديث القدس ي املتفق عليه :أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له رباَيغفر
الذن َبَ ،و َيأخذ بالذنب ...الحديث.
( )1فالقاعدة الولى :كل مخلوق ل بد له من خالق .ومن عالمات الخلوق التي يتفق عليها العقالء:
( )1كونه يبدأ بالعدم ( )2احتياجه إلى غيره ( )3كونه ينتهي بالفناء .ول يشترط أن تجتمع معرفة
هذه العالمات كلها لدى النسان ،وإنما يكفيه معرفة بعضها.
( )2والقاعدة الثانية :أن الخلوق ينبئ بوصف لئق لخالقه .وإنما قيد باللياقة لن من شأن الخلوق
أن يتصف ببعض السلبيات التي ل تليق نسبتها إلى الخالق املطلق ،كما سيأتي تنبيه بعضها.
َ َ
بالعظمة والس َعة ،فخالقها كان في منتهى العظمة والسعة .وكلتاهما صفتان ( )3فالسماء متصفة
لئقتان بالخالق ،ويمكن إضافة غيرهما من الصفات كالحكام والتقان والقوة والجمال ...إلخ.
( (4وهو الذي أوجد الشمس مصد ًرا للقوة العظيمة والطاقة الهائلة ،فال بد لخالقها أن يكون في
ت ور ه
ٱلسمَٰو َٰ ِ ﵟٱَّلل نُ ُ
منتهى القوة .ثم إن الشمس من شأنها أن تنور ،فخالقها منور أيضا .قال تعالى ه ُ
ُ ٞ ُ ٞ ُ ه ۡرض مث ُل نُوره ِۦ كم ۡشك َٰوة فِيها م ِۡصباح ٌۖ ٱلۡم ۡصب ُ
اح في ُزجاجةٍۖ ُّ ۡ
ٱلزجاجة كأنها ك ۡوكب د ِري يُوقد مِن شجرة ٖ ِ ِ ٖ ِ ِ ِۚ ِ أ وٱل
ُ ُ ۡ ُ ُ ٓ ُ ۡ ۡ ۡ ۡ ُ ُّ ٞ ُۡ ه ُّ
ضيء ولو لم تمسسه نار ۚ ٞنور عل َٰى ن ٖ
ورِۚ ﵞ مبَٰرك ٖة زيتون ٖة لا ش ۡرق هِي ٖة ولا غ ۡرب ِ هي ٖة يكاد زيتها ي ِ
( )5وبما أن الكوان الختلفة من إنس وجن وحيوان ونبات وجماد كلها مدبرة كمال التدبير ،فال بد
َ ً
أن يتصف خالقها بالتدبير ،ومن لزمه أل ينام إطالقا .فصفة النوم تكون صفة كمال لْلنسان
السليم ،ولكنها من حيث هي :نقص ،لن من ل يحتاج إلى نوم مع بقاء قوته كان أفضل ً
مطلقا.
( )6فاهلل الذي يرزق الخلوقات كلها ،فاقتض ى ذلك أن يكون َقي ً
وما يعني قائما على كل ش يء بما يجب
له ،ول ق َ
وام بغيره.
9
َ َ َو َك َ َ َ َ َ َ 11و َك َ
()2 ان (اآلخرَ) ل ش ي َء َبع َده ()1 ان (األولَ) ل ش ي َء قبله
()3 يغيبَ عنهَ ماَ خفيَ عنَ ال ـ ــالَ) (أحاطَ علمهَ بكلَ ش َي)( ،فالَ 12
َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ
()4 فالخالق من باب أولى فاسمعوا ان خلقه (يرىَ)َ َ(ويَسَمعَ َ) إن ك 13
()5 َف َأثب َتن ل َربناَ (والقدرةَ)
َ َ
كذا (الحياةَ) ( َوالكالمَ َ) (والغن َى) 14
َ َ
()7 شريكَ لهَ فيَ ميزته) كن َعاقال ()6 َوالخالق (غن َيَ َعنَ خلقهَ َ) َ
(َل 15
ًّ
( )1فالخالق لكل ش يء ل بد أن يكون أول قبل كل ش يء بال حد .وذلك لنه كان ول ش َيء موجود قبله
ول معه.
ُ ُّ
( )2وهو الخر بعد كل ش يء بال نهاية .وذلك لنه الكائن بعد فناء الشياء كلها ،كما قال تعالى ﵟكل ش ۡيء
ه
هال ِك إِلا و ۡجه ُه ۚٞۥﵞ.
( )3فالخالق املدبر لكل ش يء ،ل بد أن يحيط علمه بكل ش يء ،ول يغيب عنه ش يء.
متصفا بالرؤية والسمع ،فخالقه أولى بهما ،لن فاقد الش يء ل يعطيه.ً ( )4وإذا كان خلقه
( )5وكذا مما اتصف به مخلوقه )1( :الحياةَ ،وهي لجميع الكائنات الحية .و( )2الكالمَ ،وهو لبعض
الحيوانات والجن والنس واملالئكة .و(َ )3الغنى ،وهو للبشر حيث يوجد فيهم امللوك الثرياء
حيا -وهذا واضح ،-أم ً
جمادا؛ والتجار الغنياء .و( )4القدر َة على فعل الشياء ،سواء كان الخلوق ًّ
كقدرة البراكين على النفجار ،وقدرة الرض على الزلزال ،والرياح العاتية ،والسيول املغرقة،
والنار الحرقة ،وغيرها .فثبوت هذه الشياء في مخلوقات هللا يستلزم إثباتها على وجه الكمال في
ََ َ
خالقها .وقوله (فأثبتن) بنون التوكيد الخففة التي تلحق المر.
مطلقا .لنه وجد قبل كلغير محتاج إليه ً ( )6ومن الصفات الالزمة للخالق :أن يكون َغن ًّيا عن َخلقه َ
ش يء بال حد ،وباق بعد كل ش يء بال نهاية .ولنه إذا احتاج إلى ش يء فال بد أن يكون هذا الش يء
وجد قبله ،وهذا تناقض.
( )7ل شريك له في كل ش يء امتاز به عن مخلوقاته ،وأما القدر املشترك من الصفات فإنه ثابت
للجميع بحسبه.
10
ً (لمَ يكَََمول ً
()2 (لمَ يتخذَ صاحب َة)ََ(أوَ ولدا) ()1 ودا) (وليسَ والدا َ) 16
َ
()4 أما صفاتهَ فما أعالها! َ ()3 ثم م َن األسماَ َلهَ َحسناها 17
()5 َ َ
فَـي ذاته َوكل َما ت َفر َدا َفمثله َل بد َأن ي َوحداَ 18
َ َ َ َ
()6 فاعلم بأنه خالف ذلك َما تخي َل ب َبالك َوكل 19
الخالق الو َل ،وليس ش يء يولد إل سيموت ،وليس ش يء يموت إل َ ( )1لنه لو كان مولودا لم يكن
ً َ َ ورث .ولو كان ً
والدا فإنه سي َ سي َ
ورث ويكتسب ولده أوصاف والده فصار شريكا له ،وهذان
الالزمان باطالن.
( )2لن اتخاذ الصاحبة -وهي الزوجة -أو الولد يدل على احتياجه إليهما فهو مناف لغ َناه عن العاملين.
ً معنى ً
( )3والسماء الحسنى هي السماء البالغة في الحسن منتهاها ،ول تحتمل ً
سيئا إطالقا ،وهي التي
ينادى هللا بها ويصح التعبيد لها كـ(عبدالعزيز) و(عبدالول) ،وكل اسم من أسمائه متضمن لصفة َ
ومشتق منها ،فالعزيز متضمن لصفة العزة ومشتق منها ،وهكذا .ولكن ليس كل صفة هلل يصح ٌّ
َ ٰ
أن يشتق منها اسم له .فلله صفات كثيرة كاملكر والخداع والغضب والضحك والنزول وغيرها،
ولم يشتق منها أسماء ،فباب السماء توقيفي ل اجتهاد فيه.
( )4وأما صفاته (فما أعالها) أي فاعجب لعلوها ،وكلها صفات عليا تدل على ما يليق بعظمة هللا
نفسه أو وصفه بها رسوله ،بال تعطيل ول تأويل وجالله ،ويجب إثبات كل صفة وصف هللا بها َ
ول تكييف ول تمثيل.
عتقد َوحدانيته في ذاته وفي كل ما تفرد به من السماء والصفات. ( )5فمثل هذا ل بد أن ي َ
( )6وذلك لن ذاته ل تشبه الذوات فصفاته ل تشبه الصفات .فأي ش يء خطر ببال النسان عند
تماما .فالنسان ل يمكنه أن يتخيل ً
شيئا إل إذا رآه وأدركه وهللا سماع صفات هللا فاهلل بخالفه ً
غيب ل تدركه البصار؛ أو بقياسه على مثيله وهللا ليس كمثله ش يء؛ أو َعل َمه عن طريق الخبر
الصادق ،وهللا لم يخبرنا بكنه صفاته .فال مطمع لْلنسان العاقل بعد هذا أن يعرف كن َه صفات
هللا.
11
()1 َ
ب َهذه الص َفات غيره عرف؟ َ 20أي إله َيا ت َرى َقد ات َ
صف
َ
()2 وجودَََش ي ٍءَ قطََفاعقلََ َواق َتنع َ ( َ)3وبالتسلسلَ َلَ نهايهَ يمتنعَ 21
َ َ
()3 كاله َراء فه َي لَفاقديها (ََ َ)4وَلَ يجوزَ نسبةَ األشياءَ 22
َ ََ َ َ َ َ
()5 والشمس! َوالكوكب! والنام! ()4 ك َمن َيقولَ :رب َنا الصنام!
َ 23
َ َ َ َ َ َ
()7 أو غير َها فكل َها َهذ َيان ()6 أو الطبي َعة! كذا ال َحي َوان! 24
()2
مشكلة الشر
ََ َ َ
()3 يبطل َما ذكر َت فـي َبار َينا 26فإن ي َقل :وجود شر ف َينا
َ َ َ
()4 كال َعدل َواقت َدار َوالرح َمات 27من َوصفه بأحسن الصفات
َ
()5 وجد بذي الص َفات َوالشرور ت َ وجد س ي َ َ 28فعن َدهمَ :اهلل َلي َ
( )1فال يبقى بعد هذه املقدمات العقلية الربع ما يستحق أن يوصف بالربوبية واللوهية سوى
الرحمن ،فتبين بذلك صحة عقيدة املسلمين املوحدين دون غيرهم.
ً
( )2وتسمى "معضلة أبيقور" ( ،)Dilema Epicurusنسبة إلى أول من قال بها ،وهو الفيلسوف
َ
بصفتي الرحمة والقدرة الغريقي أبيقور .وتتلخص هذه "املعضلة" في أن الله ل يمكن أن يتصف
معا ،فهو إما أنه قدير ويرض ى بوقوع الشر فتنتفي عنه صفة الرحمة ،وإما أنه رحيم ل يرض ى ً
بوقوع الشر فتنتفي عنه صفة القدرة على منع وقوع ذلك الشر.
( )3أي فإن قيل لك أيها املؤمن املوحد :إن وجود الشر فينا كاملصائب والحوادث والجرائم والوبئة
َ
ذكرت لربك من الصفات الكمالية. ونحوها ل يستقيم مع
( )4أي إذا كان ربكم متصفا بالعدل والقدرة والرحمة ،فكيف جاز له أن يخلق هذه الشرور ول
يزيلها؟ أين عدله؟ أين قدرته؟ وأين رحمته؟
( )5فما دامت الشرور موجودة ،فهذا -بزعمهم -دليل على عدم وجود الرب املتصف بهذه الوصاف
املذكورة.
13
َ َ
()2 َوبالق َران َمع خ َياره اض َم َحل ()1 فشره نسبي َوه َو يح َت َمل 29
َ َ َ َ
()3 فل َتعرف كث َيرة َج َوانب َوشره مش َتمل للخير فـي 30
َ َ ََ َ َ
فذا لحك َمة ال َحكيم ث َبتت فإن بخلقه عيوب وج َدت 31
()4 ود َرب َهاد في َنفيه وج َ يل فيه لْلل َحاد َوَل َدل َ 32
َف َفض َل ال َبع َ َ َف َ
ض ب َقصدَ ،وب َها صانع اللت َعم ًدا َما َز َها 33
محضا .فهو ٌّ ً نسبي وليس ًّ شر ٌّ أوَل :إن الشر الذي وجد في مفعولت هللا ،هو ٌّ ً
شر من جهة شرا (َ ) 1
وخير من جهات.
سرعان ما يذهب ويرجع َ ثا ًنيا َ :هذا الشر النسبي مما يحتمله الخلوق ،إما لندرته أو قلته أو لكونه
الخير ً
مكانه .ولوله ملا عرف الخلوق َ َ
أبدا ،قال أبو الطيب املتنبي :وبضدها تتبين الشياء. الخير
نت الشر في مفعولت ( )2فينبغي أن يبنى الحكم على الغالب الكثير ،ل على النادر القليل .وإذا قا َ
ر
هللا َ(مع خياره) -جمع خير -التي جاءت من عنده ،فإن هذا الشر (اضمحل) أي ذهب وتالش ى
لقلته.
ً
خذ أمثلة على ذلك :الصحاء أكثر بكثير من املرض ى ،والعافية أطول وأغلب من املصائب ،والسلم
أعم َوأدوم من َ
الحرب.
ً
( )3ثالثا :لو حصل ش يء من الشر كاملصائب مثال ،فإنه سيترتب عليها خير كثير للمصابين وغيرهم.
ً ً ً فاملصاب إذا صبر واحتسب كان ً
خيرا له ،لن فيه كفارة لذنوبه ورفعة لدراجته وزيادة في حسناته.
أبواب الرزق للف البشر ،فلول وجود املرض ملا وجدت املستشفيات َ ثم إن هذه املصيبة تفتح
والطباء واملمرضون ومصانع الدوية والجهزة الطبية والعاملون فيها ...فكم من البشر عاش
ۡ َٰ ُّ ۡ ۡ
ٱلدنيا ۚ ٞورف ۡعنا ب ۡعض ُه ۡم ف ۡوق وارتزق بسببه؟؟ كما قال تعالى ﵟنح ُن قس ۡمنا بيۡن ُهم هم ِعيشت ُه ۡم فِي ٱلحيوة ِ
ۡ ٗ ٗ ب ۡعض درجَٰت ل ِي هتخذ ب ۡع ُ
ض ُهم ب ۡعضا ُسخ ِرياﵞ [الزخرف.]32 : ِ ٖ ٖ
( ) 4ر ً
ابعاَ :من استدل لنفي وجود هللا بالعيوب املوجودة في بعض مخلوقاته ،وزعموا بأنها منافية
لكمال الرحمة والعدل .فالجوابَعنه َا أنها وجدت لحكمة عظيمة ثابتة ،ول يمكن الستدلل
بهذه الخلوقات املعيبة على نفي وجود الخالق ،لنها ما دامت مخلوقة وموجودة فال بد لها من
خالق وموجد.
14
َ َ َ
()1 فع َيها ب َعكسه َو َعكسه ت َبي َنت مي َزات الغال من َها 34
َ َ َ َ
()2 َين َجدل فاردد بخي َرات الله َوإن بشر ملحد قد اس َت َدل 35
َ َوالخلق َك َ َ َ
الرحمن ان شر َعة ف َها ه َما بالخلق يد َركان 36
()3 َ َ
فاعقلن
َ
ي َمي َز الضدين قط
ََ ً َ
ان َم َادة ك َزعمهم فلنَلو َك َ 37
ال ظلم في حكم اهلل وقدره
َ َ َ َ
ل ظل َم َحاصل َبل خ َيار كله َ 38وحكمه َعدل كذا أفعاله
َ
( )1ويقالَلهمَأيضا :ألم تروا إلى الشركات الصانعة لآللت والدوات الختلفة ،ل َم تتعمد صنع
ً
الدوات من جنس واحد بمواصفات مختلفة بعضها أفضل من بعض؟ فتجد مثال جوال بسعر
مليون وآخر بعشرة ماليين وهما من شركة واحدة .فتجد الغالي منهما مليء بالخدمات املفيدة
ً
ومميزات عديدة ،بينما الرخيص فيه عيوب كثيرة .فهل يصح عقال أن يقال إن وجود الرخيص
املعيب يدل على عدم وجود الشركة الصانعة؟
َ
( )2خام ًسا َ :من استدل بوجود الشر لنفي وجود الخالق الرحيم الحكيم العليم القدير ،فأثبت
وجوده بوجود الخيرات الكثيرة الغالبة التي ل يستطيع أحد نكر َانها ...أليس لهذه الخيرات خالق َ
ه ۡ َخير؟؟ قال تعالى ﵟأ ۡم ُخل ُِقوا ْ م ِۡن غيۡر ش ۡيء أ ۡم ُه ُم ٱلۡخَٰل ُِقون ٣٥أ ۡم خل ُقوا ْ ه
ۡرض بل لا
ۚٞ أ لٱو ت
ِ َٰ وَٰ م ٱلس ِ
ينصرع. يُوقِنُونﵞ [الطور ]36-35 :ومعنى (ينجدل)َ :
دسا َ :إن وجود الشر دليل على وجود الخير ،وإنما يدرك الخير والشر باملبادئ الخلقية، ( )3سا ً َ
واملبادئ الخلقية مصدرها من هللا ،سواء كانت عن طريق الفطرة السليمة لدى كل إنسان أم
ً
كانت من بقايا الديان السماوية عند بعض المم ،فهي ليست مادة على كل حال ،لن املادة ل
شعور فيها ول تمييز( ،فلن يميز الضدين) أي لن يميز الخير من الشر ،فتبين بهذا أن معرفةَ
النسان بوجود الشر دليل على وجود هللا لز ًاما.
15
َ َ َ ََ َ
()1 -2فكت َبه َ -3مشيئ َته -4فخل َقه من َجانبه ،فال َقدر َيعني -1 :عل َمه 39
َ َ ََ
()2 َوج َه ل َوصف َها بظلم فاعقال َوكل َها ص َفات َرب َنا فال 40
ٌ عَالش يءَ َغيرَ َموضعه)ََ ()3
()4 فَ َبالَ إذ ٍنَ فعهَ)َ
كذا( َ:تصر َ َوالظلم(:وض َ
َ
41
َ َ َ َ ٰ
()5 َوَ َعم َيف َعل ل ي َس َاءل فاعل َما الرض كله َوالسماَ َلِل َما في 42
َ َ َ ً َ َ َ َ
وها كث َرة فشكر َها إذن تحص َوإن تعدوا نع َمة الله لن 43
َ َ َ َ
()6 فهم بذا أ َحق بال َوعيد مم َتنع َدو ًما َعلى الع َباد 44
منفي من جهة هللا ،كذلك الظلم منفي عن أحكام هللا وأفعاله من جهة أنه حاصل ( )1كما أن الشر ٌّ
بقضاء هللا وقدره ،فهو خير كله من هذه الحيثية .وذلك لن القدر يشمل أربعة أيشاء وكلها متعلق
َ
باهلل ،وهي( :أ) علمه( ،ب) كتابته( ،ج) مشيئته( ،د) خلقه.
لم قط في صفات هللا إن كنت ( )2فهذه الربعة كلها من نعت هللا العلي ،أي من صفته الرفيعة ،فال ظ َ
عاقال .وذلك لن هذه الصفات ل تنفك عن هللا ،فوصفها بالظلم وصفه به لز ًاما.
َ
بتعريفين َ
شهيرين ،كالهما ل ينطبقان على أحكام هللا وأفعاله: ( )3وعرف الظلم
ً
أوَلَ:وضعَالش يءَفيَغيرَموضعه الالئق به َ.
َ َ ٌ
وثانياَ:تصرفَبالَإذن في حق الغير .وقوله (فعه) أي فاف َهمه .منَ :و َعى َيعي .والهاء ساكنة للوزن، (ً ) 4
وهي تعود إلى املعهود ذه ًنا ،يعنى تعريف الظلم.
َ
( )5ومعلوم أن هلل ما في السماء والرض فكان له الحق املطلق في التصرف في جميع خلقه ،ول يسأل
عما يفعل فيهم .وبهذا ل يوصف بالظلم في كل ما فعل بخلقه.
( )6وأما على القول بأن الظلم هو وضع الش يء في غير موضعه ،فقد ثبت بسند صحيح عن جماعة
َ َ مرفوعا بلفظَ (( :لو َأن َ ً
َّللا َعذ َب أه َل َس َم َاواته َوأه َل ً من الصحابة موقوفا وعن زيد بن ثابت
َ َ َ ََ َ َ َ َ َ َ َ
أرضه ،ل َعذ َبهم َوه َو غير ظالم لهمَ ،ولو َرح َمهم لكانت َرح َمته خي ًرا لهم من أع َمالهم ...الحديث))
رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وابن حبان.
16
َ َ َ
()2 ب َفضله ج َنانه إدخالهم ()1 ب َعدله ع َب َاده تعذيبه 45
ََ َ َ َ َ
()3 َعلى النام َجار تخييره لم يجبر ال َعب َد َعلى الج َرام 46
ون َيا ه َمام َفهم م َيسر َ َ
اعة الرحيم قاموا َفإن ب َط َ 47
َ َ َ
()4 َما َزاغ َعن ه َداه إل َهالك َوإن ب َعكسه فهو كذلك 48
ً
وبيانَذلك :فإن نعم هللا على العباد ل تعد ول تحص ى كثرة ،وقد عجز العباد عن إحصائها فكان
عجزهم عن شكرها من باب أولى ،فبالتالي كل العباد إنسهم وجنهم ومالئكتهم لم يؤدوا شكر هللا،
فهم بذلك يستحقون العذاب ،فلو أدخلهم هللا في النار لكان هذا من وضع الش يء في موضعه.
ثم إن شكرهم هلل ل يتم إل مع إحداث ن َعم جديدة ،فتوفيق هللا لعبده ،وإبقاؤه على قيد الحياة
مع العافية والتمكين للعبادة ،كلها من نعم هللا التي تحتاج إلى شكر جديد.
( )1فمن عذبه هللا في النار فإنه كان بعدله ،وما هللا بظالم للعبيد.
خيرا له من عمله ،فتبينَمنَ ( )2وأما من أدخله هللا الجنة فإنه كان بفضله ورحمته ،وكانت رحمته ً
َ َ
أحكام هللا وأفعاله دائرة بين العدل والفضل ،ول ظلم فيها ألبتة. هذا أن
وجنا (على الجرام) ،أي ارتكاب الجرائم ،بل (تخييره جار) دائما إنسا ًّ ( )3ثم إن هللا (لم يجبر العبد) ً
(على النام) أي على الجن والنس .والنام يشمل كل من على ظهر الرض.
( )4فمن قام بطاعة هللا فإنه م َيسر لن يكون من أهل السعادة وهذا يقتض ي منه الشكر والستقامة
عليه ،ومن قام بمعصية هللا فإنه ميسر إلى عكسه ،وهذا يقتض ي منه الحذر والتوبة منه ،ل
َ َ
«ما منكم من أ َحد إل َوقد كت َب ً
مرفوعاَ : التسليم للوضع ،كما ثبت في الصحيحين من حديث علي
َ
الجنة» َقالواَ :يا َرسو َل َّللا ،أ َف َال َنتكل َع َلى ك َتاب َناَ ،و َن َدع ََمق َعده م َن النارَ ،و َمق َعده م َن َ
الع َم َل؟
َ َ َ ال« :اع َملوا َفك ٌّل م َيسر ملَا خل َق َلهَ ،أما َمن َك َ
َق َ
ان من أهل الس َع َادة في َيسر ل َع َمل أهل الس َع َادة،
َ َ ََ َ َ َ َ
ان من أهل الش َقاء في َيسر ل َع َمل أهل الش َق َاوة». وأما من ك
َ َ َ َ َ
وفي حديث العرباض بن سارية مرفوعا« :قد َت َركتكم َعلى ال َبي َ
ضاء ليل َها ك َن َهار َها ،ل َيزيغ َعن َها َبعدي
إل َهالك »...رواه ابن ماجه وأحمد وصححه اللباني .ومعنى البيضاء أي امللة والحجة الواضحة
التي ل تقبل الشبه أصال.
17
الرد على نظرية التطور
َ َ َ َ َ
()2 فكل ش ي قابل للتغير ()1 َ 49و َمن َيقل ب َمذ َهب التطور
َ َ
()3 نبطله فــي عنق الز َرافة َوبالو َراثة ض ٌّد َ 50وال َواقع
َ َ َ َ َ ََ
()4 م َن الص َفات َواملـ َها َره َوال َدب 51فلن ي َورثن ش يء يكت َسب
( )1نظرية التطور اشتهر بها رجالن ،أولهما :ل ـَارك ) (Jean-Baptiste Lamarckوثانيهما :دارون
( )Charles Darwinووجه الشبه بين قوليهما أن الحياة كانت تبتدئ من الكائنات الحية البسيطة
القليلة ثم تتطور لتصبح الكائنات الحية املعقدة الكثيرة .و انفردَلارك بالقول بأن الحيوان من
متصفا بصفات متساوية ،فعنق الزرافة وأرجلها مثال كانت قصيرة كلها مثلً الجنس الواحد كان
الحصان ،ولكن بسبب الرادة الداخلية لدى الزرافة لتناول أوراق الشجار املرتفعة ،تتطور
ً ً
عنقها وأرجلها حتى تصبح طويلة ،ثم تكون هذه الصفة وراثية فيما بعد .بينماَيقولَدارونَبأن
سبب التطور ليست الرادة الداخلية ،وإنما هو انتقاء الطبيعة ،فالزرافة عند دارون بعضها
طويل العنق وأخرى قصيره .فقصير العنق منها يتعرض لصعوبة الحصول على الطعام والشراب
فيموت ،وبقي طويل العنق منها على قيد الحياة ويتناسل حتى تصبح الزرافات كلها طويلة العناق.
( )2ومفاد هذا املذهب التطوري أن الكائنات الحية أصلها واحد وتتغير عبر مليارات السنين لتصبح
تمام الختالف ،فأصل النسان والحيوان والنباتات واحد. ً
أنواعا كثيرة مختلفة َ
َ
( )3والرد عليها أيضا أن الواقع ضدها ،وعلم الوراثة تبطل قول ل َـمارك في عنق الزرافة ،وأما قول
دارون فإنها أصال مجرد دعوى بال بينة ،إذ ل بينة لوجود زرافة قصيرة العنق والرجل في الزمن
الول.
( )4فالصفات واملهارات والدب املكتسبة لن تورث ،وبرهان ذلك أشهر وأكثر من أن يذكر .فعلم
علماء من غير تعلم .وكذلك قوة القوياء وخبرةَ العلماء مكتسب بالتعلم ،ولم يكن أولدهم
والشعر َ
والعين وطول القامة عند الغربيين وق َ َ َ َ
صرها البشرة الخبراء وأدب الدباء ،بخالف ألوان
َ
عند الندونيسيين ،وصغر العين عند الصينيين ونحو ذلك من الصفات الوراثية غير املكتسبة.
18
ََ َ ََ ََ َ َ َ
()1 َيدل َعلى الت َوالد ،خذ َمثال: فال أما تشابه الخالئق 52
َ َ َ َ َ
()2 ف َهل تقول أن َك ابن القرد؟ َيا ملحد أن َت شبيه القرد 53
َ َ ََ َ
في النبت َوال َج َماد َوال َحي َوان فكم ت َرى الش َب َاه في الك َوان 54
َ َ َ
()3 ف َميزوا م َن الش َباه باسم َها َم َع اختالف َبين في كنه َها 55
َ َ َ َ
تثبت َرح َمة الله كي َيفي للتكيف الح َياء َوقد َرة 56
َ َ ب َوعده َل َها َ
ض َم َ
()4 في أرضه َمع كث َرة الفروق ان الرزق 57
َ َ َ َ
()5 َو َعكس َها لكي تكون ناج َيه َ 58بي َن الفصول َوالب َقاع ال َقاس َيه
( )1فإن تشبث أصحاب هذه النظرية بوجود الش َبه بين الخلوقات ،ثم زعموا بأنه يدل على التوالد،
بعضها يولد من بعض؛ فهذا الزعم على إطالقه باطل ،فهناك من الشباه ما سببه التوالد أي أن َ
وهناك ما لم يكن كذلك.
( )2ومثال ذلك أن نقول للملحد :أنت شبيه بالقرد من حيث الهيئة ،فهل تقول بأنك ابن القرد؟؟ إن
قال :ل ،فقد تناقض ،وإن قال :نعم ،فقد كذب وكابر.
ً
مولودا من ( )3فكم رأينا الشباه في هذا الكون بين الحيوانات والجمادات والنباتات ،وليس بعضها
بعض مع اختالف كنهها وخصائصها ،وبناء على هذه الخصائص اختلفت أسماءها ،وإل لجاز لنا
َ ً
بقرةَ ،
وهلم ًّ َ ً ً َ َ
النسان ً
جرا. إنسانا ،أو أن نسمي البقرة شاة والشاة والقرد قردا أن نسمي
( )4وأما قدرة الحياء على التكيف ،فال يدل على التطور املزعوم ،فضال عن أن يدل على عدم وجود
هللا .بل هو من أوضح الدلة على رحمة هللا الذي وعد الحياء كلها بأن رزقها عليه هو .فال بد أن
ً
يفي بوعده على كل حال مع تغير الزمنة والمكنة وما يتعلق بهما من توفر أسباب الحياة قلة
ً
وكثرة.
( )5ففي فصل الشتاء كان الجو بار ًدا بخالف الصيف ،وفي القحط قل املاء بخالف المطار ،وكذلك
وبحرا ،فالحياء تتكيف دائما لتنجو من شدة الفصول والبقاع في البقاع القاسية الختلفة ًّبرا ً
ً
أحياء ،فهو دليل وجود الخالق الرحيم املدبر الحكيم. فتبقى
19
الرد على نظرية االنفجار العظيم
َ ََ َ َ َ
()1 َباري دو َن َ
تكون الكوان َوبانف َجار بصدفة فإن 59
َ َ َ َ
()2 بالتدمير َج َاء َوالنف َجار أجب بأن الكون بالتدبير 60
َ َ َ َ َ ََ َ
()3 َم َع انتظام؟ ذا م َحال فاف َتكر! َوالصدفة فكيف يمكن تس َتمر 61
()4
َ َ َ
بـ(كيف؟) فـي َج َوابهم ،ل تخ َد َعن ال َ(من)؟َواح َذر َأخي َتغي َيرهم س َؤ َ 62
( )1ومن مقالت املالحدة :أن الكون تكون بالصدفة ) (Casualismأو بالنفجار العظيم ( The Big
،)Bangولم يخلقه خالق .وهذا أيضا مناقض للواقع واملعقول ً
معا.
( )2لنه لو كان الكون بالنفجار العظيم ،فإننا وجدنا الكون ً
دائما مدب ًرا أحسن تدبير ،والنفجار
إنما يأتي بالتدمير .ول يوجد انفجار يعقبه هذا الجمال الباهر في الرض من أشجار وأنهار وبشر
وحيوان ...فهذا ضرب من الخيال.
( )3وأما الصدفة فال يمكن أن تستمر وتتكر َر ،لن الستمرار ينافيها .فانتظام حركة الشمس والقمر
ً
وغروبا ،وتعاقب الليل والنهار ،والفصول الثنائية أو الرباعية ،وغيرها على وجه الستمرار، ً
طلوعا
يدل على وجود التدبير ،والتدبير يدل على وجود املدبر ً
حتما .وقوله( :فافتكر!) أي راجع أفكا َرك
وتأمل مرة أخرى!
( )4واحذر أن يلبس عليك املالحدة ،فسؤالنا لهم عن َ(من) صنع الكون؟ لكن جوابهم دائما عن
صنع الكون ...فالصدفة والنفجار العظيم والتطور وانتقاء الطبيعة وغيرها من املقالت َ(كيف) َ
ً
اللحادية؛ كلها بيان لكيفية الخلق -على فرض صحتها تنازل -بينما سؤالنا لهمَ :من الخالق؟ أو
َ َ َ
النفجار العظيم؟ َومن خلق التطو َر؟ ومن خلق
َ على حد تعبيرهمَ :من خلق الصدفة؟ َومن خلق
َ
الطبيعة؟
20
شبهة عدم انتصار المسلمين
()1 صروا؟ َف َما َلهم َع َلى ال َعدو َلم ين َ ان َرب املسلم َين َيقدر إن َك َ 63
َ َ َ َ َ َ
()2 نصر لدن َيا أو لدين فاف َه َما أجب بأن النص َر نو َعان ه َما 64
َ َ َ س َيلزمَ َوالثاني َأف َ
ضل َو َلي َ
من نصره لدينهم أن يحرموا ()3 65
َف َذا َق َ َ َ
ضاء هللا ف ــي ال َعبيد من ابتال ب َقتل ناو تشريد
َ
()4 66
ًّ
حقيقيا ،فلماذا لم ينصر املسلمين على أعدائهم؟ أين ربهم املزعوم؟ ( )1فإن يعتبر برب املسلمين رًّبا
نصيرا ل غالب لمره؟ قويا ً أليس رًّبا ً
عزيزا ًّ
( )2فالجواب من أوجه:
ً
أوَل :النتصار نوعان( :أ) انتصار في المور الدنيوية (ب) وانتصار في المور الدينية ،فإذا كان
الكالم عن انتصار "السلمين" فالكالم متوجه إلى دينهم ل إلى دنياهم ،لن الذي يميز املسلمين
عن غيرهم هو دينهم السالمي.
ثانيا :أفضل النتصارين هو النتصار في الدين ،وذلك لمور ،منها: (ً ) 3
أ -لنه انتصار النبياء على أعدائهم ،والنبياء أفضل البشر.
ب -لنه انتصار للعقيدة والق َيم ،والعقيدة والقيم هي التي تولد العدل والصالح في الدنيا،
فالكفر واللحاد يولدان الظلم والطغيان والفساد ،والعكس بالعكس.
ت -لن الدين يبقى إلى قيام الساعة والدنيا تذهب بموت النسان.
ث -لن الدين هو الذي يرفع النسان من أن يصير إلى أسفل سافلين.
ً
( )4ثالثا َ :ل يلزم من انتصار املسلمين في دينهم حرمانهم من البتالء في الدنيا ،من قتل أو تعذيب أو
تشريد ...بل البتالء سنة هللا وقضاءه في العباد ،لنه به يتميز املؤمن من الكافر واملنافق ،وبه
ترفع الدرجات وتكتب الحسنات وتمحى السيئات ،وتظهر الحقائق الخفية ،وكما قيل :وبضدها
تتبين الشياء.
21
َ َ ضعفهم دن ًيا َف َلي َ
َو َ
()1 َوقوة ال َعدو مثله فاعل َما س َدائ َما 67
َ َ ََ َ َ َ َ َ
()2 تلقوا الضرَبات قب َل فوزهم قد اش َت َهر من البطال أنهم 68
َ َ َ َ
()3 لم َين َته الس َباق عل ًما َجاز َما ل يعلم الغالب فـي الس َباق َما 69
َ َ َ َ
()4 َعلى ال َعدو َده ًرا َما نصرنا! َومنهم َمن َيقول :قد َد َعونا 70
دائما وقوة الكفار كذلك ،فاليام د َول والحرب سجال، ابعا َ :ضعف املسلمين في الدنيا ليس ً ( ) 1ر ً
وما دامت الدنيا باقية ولم تنتهي ،فال يمكن الحكم على أحد بالغلبة املطلقة أو النتصار
الحقيقي ،وإنما يعرف الغالب املنتصر إذا انتهى كل ش يء .فالغلبة الحاصلة للكفار في الدنيا إنما
ًّ
مستمرا. هي في زمن محدد أو لطائفة معينة أو في مكان خاص ،وليس ًّ
عاما شامال
( )2خامسا :من املعلوم أن البطال لم يفوزوا في أول المر بل يتعرضون أول للضربات والحن والذى
ً
ثم يفوزون في النهاية ،وإن ماتوا وهلكوا قبل كسر شوكة عدوهم فإنهم يبقون أبطال لتمسكهم
باملبادئ والقيم الصحيحة.
علما جاز ًما -بمجرد النظر إلى حصيلته الولية( )3سادسا َ :ل يمكن أن يعلم الغالب في أي سباق ً -
أثناء السباق قبل انتهائه ،لن املسبوق في أثناء السباق قد يكون ً
سابقا في نهايته .فالحكم على
اعنا مع الكفار ل ينتهيحاسما ،لن صر َ
ً ً
صحيحا املسلمين اليوم بأنهم مغلوب عليهم ،ليس ً
حكما
إل مع انتهاء الدنيا ،والدنيا لم تنته حتى الن.
خبرا لكان محذوفة مع اسمها ،و(جاز ًما) صفته ،والتقدير :وكان العلم (علما) منصوب ً وقوله ً
َ
علما جاز ًما.
بالغالب -بعد انتهاء السباقً -
ََ
و(الغالب) يعني كثير الغلبة ،وهو هنا بمعنى الغالب الفائز.
( )4ومنَشبهَالالحدةَأنهمَيقولونَ :نحن قد دعونا هللا كثيرا على أعدائنا فلم ينصرنا هللا حتى الن.
فهؤلء الفلسطينيون تحت احتالل اليهود منذ أكثر من ثمانين عاما ،وأهل الشام تحت سيطرة
النصيرية منذ عشرات السنين ،والقلية املسلمة في الصين والبورما والهند وغيرها مطهدون
موجودا؟ وملاذا لم يستجب لدعوات هؤلء املساكين ً مقهورون حتى الن ...فأين هللا إن كان
املظلومين؟؟
22
َ َ َ َفالنصر َلي َ
()1 فان َتف َمان َعه َو َوف شرطه س بالد َعاء َوح َده 71
َ َ َ َ َ َ َ َ َ َ
()2 فـي أغلب ال َـم َواقف فالحكم له يب له اك قد أج َوقل له :سو 72
َ َ
()3 ضرع ف َقط َمع حك َمته للم َت َ إن است َج َابه بال َـمش َيئه تشت َرط 73
َ ََ َ َ َ َ ََ
()4 س خاد َمك ل َـما أ َمر َت به ولي فأن َت َعبده َوه َو َربك فانتبه! 74
( )1فالجواب أن النصر ليس بالدعاء وحده ،بل هناك شروط يجب استيفاؤها وموانع يجب انتفاؤها.
فمن شروطه:
ُ ُ نص ُروا ْ ه ً
أ -نصرة املسلمين لدينهم بتحقيق التوحيد أول ،قال تعالى ﵟإن ت ُ
نص ۡرك ۡمﵞ [محمد]7 : ٱَّلل ي ِ
ب -إعداد القوة املادية (العسكرية) بحسب الزمان واملكان ،قال تعالى :ﵟوأع ُِّدوا ْ ل ُهم هما ۡ
ٱستط ۡعتُم مِن
ُ اط ٱلۡخ ۡيل تُ ۡرهِبُون بهِۦ ع ُد هو ه قُ ه
ٱَّللِ وع ُد هوك ۡم ﵞ [النفال]60 : ِ ِ ِ بر
ِ ِن
م و ٖ ةو
ْ ۡ ُ ْ ۡ ُ ْ ه
ِيعوا ٱَّلل ور ُسول ُهۥ ولا تنَٰز ُعوا فتفشلوا وتذهب
ﵟوأط ت -طاعة المير وعدم التنازع ،قال تعالى:
ُ ُ
يحك ۡمٌۖ ﵞ [النفال]46 : ِر
ُ ُ ُ ْ ُ ْ
ث -تقوى هللا والصبر واملصابرة ،قال تعالى :ﵟوِإن ت ۡصبِ ُروا وت هتقوا لا يض ُّرك ۡم ك ۡي ُده ۡم ش ۡي ًٔـاﵞ [آل عمران:
ه ُ ُۡ ْ هُ ْ ه ْ ُ ْ ۡ ْ ه
ٱصبِ ُروا وصاب ِ ُروا وراب ِ ُطوا وٱتقوا ٱَّلل لعلك ۡم تفل ُِحونﵞ [آل ﵟيأ ُّيها ٱلذِين ءامنوا
]120وقال أيضآَٰ :
عمران]200 :
ً
ومن موانع النصر عكس هذه الشروط .فإذا كان جميع الشروط مستوفاة وجميع املوانع منتفية،
فحينئذ يتحقق النصر في الدنيا والدين ،وإل فقد يتخلف في أحدهما أو في كالهما.
( )2أي أن عدم استجابة هللا لدعائك ليس دليال على عدم وجوده عز وجل ،لنه قد استجاب لدعاء
غيرك في أغلب املواقف ،فكان الحكم للغالب ،والنادر ل حكم له.
( )3فاستجابة الدعاء متعلق بمشيئة هللا املقرونة بحكمته ،وكانت الجابة للمؤمن املتضرع في دعائه
ۡ ُ ْ ٓ ۡ ُ ۡ
ل للمجرب الشاك .قال تعالى :ﵟبل إِيهاهُ ت ۡد ُعون فيكشِف ما ت ۡد ُعون إِل ۡيهِ إِن شاء ﵞ وقال أيضا :ﵟٱدعوا
ۡ ُ ۡ ًٔ
ك ۡم تض ُّر ٗعا و ُخفية ۚ ٞإِنه ُهۥ لا يح ُِّب ٱل ُم ۡعتدِينﵞ.
ر هب ُ
ً
تفضال ً ( )4فاعلم أنك بمنزلة العبد الذي يسأل سيده ً
وكرما، شيئا ،فكان للسيد أن يعطي إن شاء
كما أن له أن يمتنع عنه إظها ًرا لسلطانه وبحكمة ل تعلمها ،لنه ليس بمنزلة الخادم الذي ل بد
أن يطيع سيده ملا أمره به ،فانتبه!
23
َ َ
()1 َعج َيبه! َوحك َمة ب َرح َمته 75إن ام َت َنع أو أخ َر ال َج َابه
ً
( )1إن امتناع هللا عن الجابة أو تأخيره لها ،كانا رحمة لكم وبحكمة عجيبة .فكم من داع يدعو على
ٗ ۡ ۡ ٓ ۡ ُ ۡ َٰ ُ ه
نس ُن ع ُجولاﵞ.ٱلش ِر ُدعاءهُۥ بِٱلخيۡ ِرٍۖ وكان ٱل ِإ َٰنفسه بالشر وهو ل يشعر؟ قال تعالى :ﵟويدع ٱل ِإنسن ب ِ
( )2ومنَشبهَالالحد َة أنهم يقولون :إذا كان هللا سيعلم أن فالنا من الناس سيكون كافرا ظاملا ملحدا،
وهو ل يرض ى بالكفر والظلم واللحاد ،فلماذا خلقهم؟ ألم يكن قديرا أن ل يخلقهم مطلقا؟
( )3فالجوابَعليهاَمنَثالثةَأوجه َ:
ً
أوَل :إن هذا التسائل غريب ول عالقة له بنفي وجود هللا أصال .بل وجود املالحدة والكفار والظلمة
دليل على وجود هللا الخالق ،لنهم مخلوقون على كل حال .وأين التالزم بين علم هللا بوقوع الكفر
والظلم واللحاد منهم وبين عدم خلقه لهم؟ فهل إذا علم هللا ذلك أنه يجب عليه أل َ
يخلقهم ؟!؟
َ َ
( )4وثانيا :إن خلقه لهم يدل على كمال عدله وحكمته ،لن مقتض ى العدل أن يعاقب الجرم بعد
ً َ
قيامه بالجرام ،ل قبله .فالكافر مجرم بكفره ،فلو لم يخلق هذا الكافر أصال ،فإنزال العقوبة
مطلقا يقتض ي عدم وجود املؤمن مطل ًقا ،فأصبح هذا السؤال عليه ظلم .ثم إن عدم وجود الكافر ً
ً
لغيا ل معنى له.
ً
( )5وثالثا :لم يعاقب هللا الكافر إل بعد إقامة الحجة عليه بإنزال الكتب وإظهار اليات -أي
املعجزات -وإرسال الرسل ومنح العقل املميز بين الحق والباطل والخير والشر.
فالضمير في قوله (حجته) يرجع إلى هللا.
24
()1 َ َ
فالنار َحظه فكن َبص َيرا مخ َتا َرا كف َره َأ َب َ
ان
َ
َ 81وقد
الخاتمة
َ ٰ
()2 ل َنظم َي الصغير بانس َجام َ 82وال َحمد لِل َعلى إت َمامي
َ َ َ َ 83أب َياته َ(ف َجا) َوكن م َ
َعلى النبي الك َرم َوالول َيا ()3 صل َيا
َ َ
مب َينا مس َتوع ًبا ل َنظم َنا 84من َ
صحبه الك َرام َمع َمن كانا
( )1ور ً
ابعا :إن هللا وإن علم بكفر الكافر لكنه لم يجبره على الكفر ،بل خيره بين اليمان والكفر مع
بيانه لهم بعواقب كل منهما ،فوعد من آمن بالنعيم وأوعد من كفر بالجحيم ،فإذا اختار النسان
َ كافرا ً
بعد هذا التخيير والبيان أن يموت ً
ملحدا ،فقد أبان استحقاقه للجحيم دون عذر ،وهذا
من كمال عدله .
وقوله (أبان) أي أظهر ،والضمير املستتر فيه يرجع إلى الكافر.
( )2قوله (بانسجام) ،والنسجام املقصود هنا شامل لألفكار والتعبير ،فانسجام الفكار يعني ل
تناقض بين أفكارها ،وانسجام التعبير يعني وضوح ألفاظه ،ل تعقيد فيه ،وسهل التركيب.
( )3قوله (فجا) الفاء والجيم واللف من الحروف البجدية التي يعد بها الجمل .فالفاء يعني ثمانين،
واللف يعني و ًَ
احدا ،فالجموع.84 = 1+3+ 80 : والجيم يعني ثالثة
وملزيد البيان ،انظر الجدول:
ط = 9ي = 10 ح=8 ز=7 و=6 ه=5 ب= 2ج= 3د=4 أ=1
ق= 100ر=200 ف= 80ص=90 ع=70 ل= 30م= 40ن= 50س=60 ك= 20
ض= 800ظ= 900غ =1000 ت= 400ث= 500خ= 600ذ=700 ش=300
تم اختصار النظم مع التصحيح والتعليق عليه في يوم الحد الثالث من ذي الحجة عام 1443ه.
25
فهرسَالوضوعات َ
تمهيدَ1 .......................................................................................................................
مقدم َة2 .....................................................................................................................
صحةَالدينَاإلسالمي2 ...........................................................................................
مقدماتَعقليةَإلثباتَللاَ3 ...................................................................................
مشكلةَالشر 9 ..........................................................................................................
َلَظلمَفيَحكمَللاَوقدر َه 15....................................................................................
الردَعلىَنظريةَالتطورَ 18.......................................................................................
الردَعلىَنظريةَاَلنفجارَالعظيمَ 20.......................................................................
شبهةَعدمَانتصارَالسلمينَ 20...............................................................................
لاذاَخلقَللاَالكافر؟24..........................................................................................
الخاتمة 25.................................................................................................................
فهرسَالوضوعات 25..............................................................................................
مالحظات 25..............................................................................................................
26
مالحظات
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
..................................................................................................................................
27