You are on page 1of 13

‫ﺗﻄﺒﯿﻖ اﻟﻨﮭﺞ اﻟﻨﻔﺴﻲ‪ -‬اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬

‫ﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﻤﺪاﻓﻌﯿﻦ ﻋﻦ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن‬


‫مقدمة‬
Human rights defenders (HRDs) carry out their work in contexts
where multiple types
‫العنف بعدة‬ ‫ فيها‬of‫يقع‬violence occur.
‫في سياقات‬ ‫يؤدي المدافعون عن حقوق اإلنسان أعمالهم‬
‫ األمر الذي يؤثر حتما ً على المدافعين عن حقوق اإلنسان عاطفيا ً على‬.‫أشكال‬
The sense of risk or threat, and the fear or stress that this can
‫عنه‬inevitably
generate, ‫ وما ينجم‬،‫تهديد‬ ‫خطورة أو‬
affects human‫من‬rights
‫ يسببه‬defenders
‫ بما‬،‫العام كليهما‬ ‫الصعيد الشخصي و‬
emotionally,
both individually and collectively. .‫من خوف أو ضيق‬

Interventions with HRDs must ensure individual and collective


‫ينبغي أن تؤمن طرق التدخل لمساعدة المدافعين عن حقوق اإلنسان الرعاية‬
psychosocial care. This means, among other things, keeping the
principle‫من‬of‫“عدد‬do‫ إلى‬no
‫باالضافة‬
harm”-‫يعني‬
very‫ هذا‬much
.‫والمجموعات‬
in mind‫لألفراد‬ ‫االجتماعية‬
during our ‫النفسية‬
‫ الحرص الجاد على مراعاة مبدأ "منع الضرر" فيما نقدمه‬- ‫العناصر األخرى‬
interventions.
‫ من الضروري أن يبقى ميسرو هذه اإلجراءات على‬.‫من إجراءات للتدخل‬
It is essential that the facilitators of these processes are prepared
،‫استعداد للتعرف على أعراض الضغوط النفسية والعاطفية الفردية والجماعية‬
to identify symptoms of personal and collective emotional
distress,‫استجابة‬ ‫توفير‬
and that ‫ من‬have
they ‫يتمكنوا‬psychosocial
‫االجتماعية حتى‬accompaniment
‫بمهارات المرافقة النفسية‬
skills‫يتمتعوا‬
in ‫وأن‬
order to be able to provide an adequate response .‫ الوضع‬to ‫ونوعية‬ ‫يتناسب‬of‫كافية بما‬
this type
situation.

‫ضح بإيجاز ما نعنيه بالنهج النفسي‬


ّ ‫في هذا الدليل نو‬
In this booklet, we briefly explain what we mean by a psychosocial
‫ وأهم تداعياته على‬،‫ وعناصره الرئيسية‬،‫االجتماعي‬
approach, its main elements and its main implications for
protection work with human rights defenders.
.‫حماية المدافعين عن حقوق اإلنسان‬
2
‫ماهو النهج النفسي االجتماعي؟‬ ‫‪.1‬‬
‫نحن وباإلشارة إلى اجناسيو مارتن بارو] ‪ - [ Ignacio Martin Baró‬مرجعا ً‪ّ -‬‬
‫نعرف النهج النفسي االجتماعي كعدسة نسلط من خاللها الضوءعلى أثر‬
‫السياقات االجتماعية والسياسية على السالمة العاطفية للبشر بدالً عن تشخيص ومرضنة االستجابات المتعلقة بوضع صادم ما‪ ،‬تلك االستجابات تُرجع إلى‬
‫سياقها‪ ،‬وتعتبر جزءا ً من السياق االجتماعي والسياسي الذي تنشأ فيه‪.‬‬
‫أبعاد الصحة النفسية السليمة‬
‫يقوم النهج النفسي االجتماعي المقترح في هذاالدليل على‪:‬‬
‫عدم التطبيع مع العنف‪ ،‬والتوقف عن مرضنة ما ينتج حياله من ردات فعل اجتماعية وسياسية‪.‬‬ ‫•‬

‫التوعية بضرورة المطالبة بأوضاع أفضل وضمان حقوق اإلنسان بهدف خلق سياق يسمح بصحة‬ ‫•‬
‫نفسية أفضل‪.‬‬

‫مناقشة مختلف األبعاد التي تسمح بأوضاع أفضل للصحة النفسية‪ ،‬مثل الظروف العاطفية‪،‬‬ ‫•‬
‫والجسمانية‪ ،‬والذهنية والروحية واالقتصادية‪ ،‬على نحو شامل‪.‬‬

‫عوضا ً عن التأسيس لمقاربة فردية‪ ،‬والتي تعُنى بالسالمة الشخصية والرعاية الذاتية حصراً‪ ،‬نحتاج إلى التركيز على السياق الجمعي والظرفي‪ .‬فنتصور المقاربة النفسية االجتماعية عدسة من خاللها‪:‬‬

‫*نحدد‪ ،‬ونحلل ونواجه شتى آثار العنف السياسي االجتماعي على الفرد والمجتمع‬

‫*فهم الصيغ الفريدة التي يتبعها الناس في التأقلم‪ ،‬والمرونة‪ ،‬والتركيز على التأهيل واالستقاللية بدالً عن وجود مرض‪ ،‬أو إعادة انتاج الضحايا على المستوى الفردي أو الجمعي‬

‫‪3‬‬
‫‪ .2‬المبادئ والمعايير األساسية للمرافقة النفسية االجتماعية‬
‫مقاربة "منع الضرر" األخالقية‪ :‬الوقاية من احتماالت وقوع الخطر وتخفيفها‬
‫في جميع تدخالتنا‪.‬‬ ‫تجنب إعادة إيذاء الضحايا‪ :‬من المه ّم أن توفر عملية المرافقة الدعم والتمكين‪،‬‬
‫أهمية السياق‪ :‬نحن نحلل ردات الفعل‪ ،‬واآلثار الناتجة وفقا ً للسياق الذي تحدث‬ ‫وأن تخلو من خطاب العجز أو استحالة رفع الضرر‪.‬‬
‫فيه‪.‬‬ ‫تعزيز التكامل‪ :‬نحن نرسخ للتحليل متعدد التخصصات للوضع‪ ،‬ومشاركة‬
‫ليست معالجة نفسية‪ :‬على الرغم من أن المرافقة النفسية االجتماعية تهدف‬ ‫المعلومات‪ ،‬والمقترحات والتصورات المختلفة من مختلف المجاالت ذات الصلة‪.‬‬
‫للتصدي آلثار وتبعات األحداث الصادمة‪ ،‬وربما اتخذت طابعا ً عالجيا ً أو‬ ‫االعتماد على "االستجابة المرنة"‪ :‬نحن نعطي الناس الوقت لتغيير األوضاع‬
‫مساعداً على الشفاء‪ ،‬إال إنّها ليست مرافقة مرضية‪.‬‬ ‫الصادمة‪ ،‬وتنمية آليات التأقلم الخاصة بهم‪.‬‬
‫االحترام‪ ،‬المسؤولية والتحكم‪ :‬ينبغي تنفيذ عملية المرافقة باحترام عميق تجاه‬ ‫االنحياز األخالقي‪ :‬نحن نتخذ موقفا ً أخالقيا ً من تحليل السياق‪ ،‬وندعم الشخص‬
‫استقاللية األفراد والمنظمات ويمتد هذا االحترام إلى ما تقدمه هذه األطراف‬ ‫للمطالبة بحقوقه بدالً عن االكتفاء بالتنقيب في األعماق عن تفسير لما يتعرض له‬
‫من وقت وإمكانيات وقرارات‪ .‬من الضروري تجنب جميع مظاهر اإلكراه أو‬ ‫من معاناة‪.‬‬
‫التلقين أو التراتبية في العالقة‪.‬‬
‫هدف التغيير‪ :‬استصحابا ً للمبدأ السابق المتعلق باالنحياز‪ :‬نحن نتطلع إلى‬
‫تغيير الواقع‪ :‬عبر االلتزام بزيادة مستوى كفالة حقوق اإلنسان والدفاع عنها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫اآلثار النفسية االجتماعية للعنف‪ :‬ماذا نعني بتلك العبارة؟‬ ‫‪.3‬‬
‫اآلثار النفسية االجتماعية للعنف االجتماعي السياسي تشكّل جملة من الضغوط النفسية‪ ،‬والشعور بالفقد‪ ،‬واألذى‪ ،‬والتغييرات التي‬
‫يعانيها األفراد والمنظمات والمجتمع نتيجة لذلك العنف‪ .‬وتشيع في سياق الدفاع عن حقوق اإلنسان حاالت الصدمة والضغط‪.‬‬
‫الصدمة‬ ‫الضغط‬

‫الصدمة تجربة تشكل تهديداً لسالمة الفرد الجسدية أو النفسية‪ .‬وهي‬ ‫الضغط هو استجابة عادية لتح ٍد جسماني او عاطفي‪ ،‬ويحدث عندما يختل‬
‫ترتبط مع شيوع الفوضى واالرتباك أثناء الحدث المعني‪ ،‬وتجزؤ‬ ‫توازن متطلبات وضع ما مقارنة بالموارد المتاحة للتكيّف معه‪.‬‬
‫الذاكرة‪ ،‬غياب الشعور بالمعنى‪ ،‬والذعر‪ ،‬والتناقض الوجداني أو‬
‫الذهول‪.‬‬
‫وقد يكون الضغط النفسي حاداً (عندما يحدث بسبب مواقف خطيرة‪ ،‬أو‬
‫وقد يتعرض المدافعون لإلصابة بـ "صدمة ثانوية‪ ،‬أوغير مباشرة"‬ ‫تهديدات‪ ،‬أو اعتداءات) أو تراكميا ً (عندما يطرأ بسبب عوامل يومية‬
‫عندما يسمعون‪ ،‬أو يشاهدون أو يقرأون عن أحداث صادمة وقعت‬ ‫كفقر البيئة العملية‪ ،‬واإلفراط في العمل‪ ،‬وغيرها)‪.‬‬
‫آلخرين‪.‬‬ ‫"‬
‫إجهاد التعاطف" وهو أحد أنواع الضغط النفسي التي تشيع في أوساط‬
‫تحدث الصدمة غير المباشرة بسبب تأثر المساعد عميقا ً بتجربة الضحايا‬ ‫المناصرين‪ .‬وهو عبارة عن ‪.‬إرهاق عاطفي يحدث نتيجة لمرافقة‬
‫الذين يعمل معهم‪ .‬يسمع المدافعون قصصا ً مزعجة بانتظام‪ ،‬ويواجهون‬ ‫يمرون بتجارب قاسية‪.‬‬
‫أشخاص ّ‬
‫حاالت من العنف والفقر والنكبات‪ .‬وعليه فإن الصدمة الثانوية مالزمة‬
‫للعمل في مجال حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫وهناك أيضا ً اإلنهاك‪ ،‬وهو من تداعيات األوضاع الضاغطة‪ ،‬ويتميز‬
‫بحالة االنطفاء الجسدي‪ ،‬والعاطفي والذهني‪ .‬ومن أعراضه‪ :‬اإلرهاق‪،‬‬
‫ونحن نستخدم مفردة اإلسقاط النفسي فيما يتعلق بالصدمة غير المباشرة‬ ‫والشعور بالعجز‪ ،‬واليأس‪ ،‬والخواء العاطفي‪ ،‬أو اكتساب مواقف سلبية‬
‫لإلشارة إلى األثر الذي تتركه قصة الضحية في تجربة الشخص المرافق‬ ‫حيال العمل‪ ،‬والحياة‪ ،‬والناس‪.‬‬
‫الخاصة أو مشكالته‪ .‬على سبيل المثال قد يستدعي الحديث عن‬
‫االغتصاب أو الحزن على فقد شخص عزيز المستمع إلى تذ ّكر ما ّ‬
‫مر‬
‫تجربته الشخصية مع االستغالل أو الفقد‪.‬‬
‫عوامل الخطورة التي يواجهها المدافعون الحقوقيون‬ ‫‪.4‬‬
‫الدور المضاعف‪ :‬يعمل المدافعون الحقوقيون مع الضحايا اآلخرين ويقدمون لهم الدعم‪،‬‬ ‫ضغط العمل الزائد‪ ،‬والمسؤولية المفرطة‪ :‬نميل إلى الشعور بالذنب عندما نرغب في‬

‫ولكن في الوقت ذاته قد يكونوا هم أنفسهم من ضحايا االعتداءات‪.‬‬ ‫الراحة‪ ،‬أو االهتمام باحتياجاتنا الخاصة‪ ،‬مما يؤدي إلى متالزمة البطلة أو البطل الخارق‪.‬‬

‫الحساسية العالية تجاه الظلم‪ :‬الحساسية المرتفعة‪-‬يزيد من‬


‫ضبابية المكانة والسمعة المجتمعية‪ :‬في بعض‬
‫حدتها الشعور بالعجز الناجم عن ظاهرة اإلفالت من العقاب‪-‬‬ ‫المجتمعات يعتبر المدافعون عن حقوق اإلنسان أناسا ً يتسمون‬
‫بالشجاعة وااللتزام‪ ،‬وفي أوساط أخرى يرتبط نشاطهم باألعمال‬
‫التخريبية‪.‬‬
‫مما يؤدي لليأس‪.‬‬

‫العالقات العائلية الهشّة والمضطربة‪ :‬عادة ما‬ ‫ديناميكيات السلطة داخل المنظمات‪ :‬في حاالت عديدة‪ ،‬تفرز منظمات‬

‫يختار المدافع أال يشرك عائلته في أنشطته‬ ‫الدفاع عن حقوق اإلنسان أنماطا ً مؤذية من صراع القوى‪ ،‬وربما كانت‬

‫ليحميهم‪ ،‬ويجنبهم القلق‪ ،‬ويقيهم من المخاطر‪.‬‬ ‫ذات األنماط التي تحاول تغييرها خارج المنظمة‪ .‬فينتج عن هذا الصراع‬

‫يؤدي هذا األمر إلى تباعد عاطفي‪ ،‬بل وجسدي‬ ‫يقوض هيكلها المصمم كمساحة آمنة‪.‬‬
‫قدر كبير من التوتر‪ ،‬مما ّ‬

‫أحيانا ً‬
‫‪6‬‬
‫‪ .5‬أثر الخوف على األمن والسالمة‬
‫التمييز بين الخوف والمخاطرة‬
‫الحياة والقرارات األمنية‬ ‫يمكن الشعور بالخوف بال مخاطرة‪ ،‬والعكس‬
‫ما الخوف إال آلية للحماية في مواجهة الخطر‪ ،‬تساعدنا على اكتشاف‬ ‫صحيح!‬
‫التهديدات التي تعترضنا‪ ،‬واتخاذ ق اررات أفضل حول كيفية حماية أنفسنا‪ .‬وقد‬
‫من المهم للغاية معرفة المخاطر واستراتيجيات الحماية الممكنة للوعي‬
‫تمكن الكثير من الناس من النجاة بفضل الخوف‪.‬‬
‫بمخاوف المدافع المتعلقة بوضعه الخاص‪ .‬وسنحتاج أيضاً إلى تقييم مدى‬
‫ويشل‪ ،‬ويمتد إلى جميع مناحي حياة الفرد‪.‬‬ ‫إال إن الخوف قد يعزل أيضاً‪،‬‬ ‫جدوى استمرار أنشطة الدفاع عن الحقوق دون تجاوز الحد المقبول من‬
‫ّ‬
‫الخوف هو االستراتيجية األكثر فعالية للسيطرة االجتماعية‪ :‬وذلك باستغالله‬ ‫المخاطرة‪.‬‬
‫وتوظيفه لحل النظام االجتماعي وتفكيكه‪.‬‬
‫ولضمان ذلك‪ ،‬نعتمد على تحليل مخاطر موضوعي‪ ،‬يأخذ في الحسبان سير‬
‫حياة األفراد والمنظمات وحاجاتهم‪ ،‬ويضع الناس أنفسهم في قلب استراتيجيات‬
‫من المهم التمييز بين الخوف والمخاطرة‬
‫الحماية‪.‬‬
‫ق من اعتداء محتمل‪ .‬المخاطرة هي احتمال أن يحدث االعتداء‪ ،‬وهذا االحتمال يعتمد‬ ‫ينطوي الخوف على قل ٍ‬
‫على عدة عناصر يتحتم تحليلها معاً‪ :‬السياق‪ ،‬والفاعلون‪ ،‬والضحايا المحتملون‪ ،‬والقدرات‪ ،‬واألحداث السابقة‪،‬‬
‫إلخ‪.‬‬ ‫يرفض المدافعون في كثير من الحاالت االعتراف بالخوف‪ ،‬يحسبونه عالمة‬
‫‪.‬‬ ‫إن الخوف شعور قوي جداً قد‬‫على الضعف‪ ،‬أو عدم التزام‪ ،‬أو جبناً‪ .‬إال ّ‬
‫يشوه الواقع‪ ،‬إما بالمبالغة‪ ،‬أو بالشلل‪ ،‬أو اإلنكار‪ ،‬أو التبسيط‪ ،‬أو تعطيل‬
‫ّ‬
‫القدرة على النظرة الواسعة لجميع احتماالت المخاطر‪.‬‬

‫من الضروري التمييز بين الواقع واإلسقاط الناجم عن الخوف‪ .‬علينا محاولة‬
‫تحقيق التوازن العاطفي الذي ال يستخف بالمخاطرة‪ ،‬ولكن ال يجعل الشخص مرتبكا‬
‫عند الخوف‪ ،‬أو عاجزا عن التصرف‪.‬‬
‫‪ .6‬اكتشاف المرونة وتعزيزها‪ :‬عوامل التك ّيف‬
‫أن تر ّكز مقاربتنا لعمليات المرافقة على اكتشاف موارد األفراد والمجموعات وتقويتها‪ .‬ولفهم أشكال التأقلم والمرونة عند الناس‪ ،‬من الضروري‬
‫ينبغي ّ‬
‫أن نر ّكز على إعادة التأهيل واالستقاللية‪ ،‬بدالً عن التركيز على وجود علّة مرضية ما أو إيذاء الضحايا أو المجتمع مجددا‪ً.‬‬
‫ّ‬

‫المرونة هي القدرة على توظيف اآلليات التي تساعد‬


‫الفرد المدافع عن حقوق اإلنسان‪ ،‬أو المجموعة المدافعة‬

‫عندما نتحدث عن "التأقلم" نشير إلى االستجابات‬ ‫عن حقوق اإلنسان على تجنب االنهيار في مواجهة الشدائد‪.‬‬
‫واآلليات التي يستدعيها األشخاص في مواجهة‬ ‫من جانب آخر نحن نتحدث عن "المرونة" بصفتها القدرة على تجاوز الظروف القاسية‪،‬‬
‫الرعب والتجارب القاسية‪.‬‬
‫والضاغطة‪ ،‬والمؤلمة‪ ،‬التي تحفّز آليات التكيّف عند األفراد والجماعات كليهما‪.‬‬
‫يطور الناس آليات للتكيّف تسمح لهم‬
‫بوعي أو بدونه ّ‬
‫بتعديل االضطرابات التي أفرزتها تجاربهم القاسية‬ ‫وال تنحصر المرونة في القدرة على مجابهة آثار العنف‪ ،‬أو التعامل مع أعراض ما بعد‬
‫بهدف استعادة التوازن الصحي‬
‫الصدمة‪ ،‬ولكنها تعزيز شامل لألفراد والمجتمعات ليتحلّوا باإلبداع والمبادرة في‬
‫يظهر الناس أنواعا ً من استجابات التأقلم وفقا ً‬
‫لحاجاتهم الشخصية واالجتماعية‪.‬‬ ‫مواجهة هذه األوضاع‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ .7‬الرعاية الشخصية‬
‫من المهم وضع استراتيجيات للرعاية عند التعامل مع حاالت العنف السياسي المرهقة‪ ،‬والعديد من التحديات المستمرة‪ ،‬لتفادي آثار المعاناة ‪ ،‬أو تخفيفها والتعافي منها‪،‬‬
‫ولتوفير مساحات تدعم قدرات التأقلم والمرونة‪ .‬االلتزام بالرعاية كمحور مركزي‪ ،‬والتشجيع المستمر لتبني فلسفة للرعاية تسري في جميع ممارسات المنظمة وعالقاتها‬
‫وتقاليدها‪.‬‬
‫ماهي "الرعاية الذاتية"؟‬
‫الرعاية الذاتية تشير إلى تحديد وتنفيذ جميع األنشطة التي تُشبع مختلف نواحي تكاملنا‪ ،‬وتساعدنا على الراحة‪ ،‬واالعتزال‪ ،‬والتغذية‪ ،‬أو تقوية أنفسنا‪.‬‬
‫ال توجد صيغ قياسية للرعاية الذاتية‪ .‬على كل شخص إيجاد الطرق التي تناسبه للتأقلم‪ ،‬والتي قد تختلف من وقت آلخر‪ .‬االهتمام بأنفسنا يبدأ من القدرة على تحديد حاجاتنا‪،‬‬
‫وإدراك أننا ال نقدم الدعم فقط‪ ،‬بل نحتاج أن نتلقى الدعم بطريقة متوازنة لك ٍل من الفرد والمجتمع‪.‬‬

‫لإلنتباه عند الحديث عن الرعاية‬

‫إن رعاية الذات ينبغي أال تُفرض فرضا ً‪ ،‬بل يجب أن تكون متجذرة في التأمل النقدي لدى الفرد‬
‫َّ‬
‫والمجتمع كليهما‪ ،‬حيث توجد فكرة شائعة مفادها إنّنا برعاية أنفسنا نستطيع تحسين‬
‫مقاومة االعتداء بالعنف‪ ،‬وتحسين العمل على الدفاع عن الحقوق‪ ،‬وتمييز حاالت‬
‫الخطر والحماية بسهولة أكبر‪.‬‬

‫هناك جدل حول مفردة الرعاية الذاتية‪ ،‬ألنّها تشدد على الفرد بمعز ٍل عن المجتمع‪ ،‬أو البيئة‪،‬‬
‫‪9‬‬
‫بأن الفرد وحده المسؤول عن رعاية نفسه‪ ،‬وتوجيه اللوم بالتالي على من‬ ‫وتعطي انطباعا ً ّ‬
‫من الضروري أيضا ً عندما نتحدث عن الرعاية الذاتية‪. ،‬يعجزون عن الوفاء بتلك المسؤولية‬
‫أن نضع في الحسبان أن سالمة الفرد ال تعتمداً فقط على العوامل أو القرارات‬
‫الشخصية‪ .‬تتطلب المقاربة النفسية االجتماعية استراتيجيات شاملة تتناول شتى األبعاد‬
‫‪(.‬شخصية‪ ،‬جمعية‪ ،‬ومنهجية)‬
‫‪ .8‬الرعاية العامة‬
‫استراتيجيات رعاية الفريق‪/‬الرعاية المؤسسية‬
‫ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﻧظﻣﺎت ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن أن ﺗﺿﻊ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن إن اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺟزء ﻣن ﺑﻧود اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻷ ّﻧﮭﺎ رﻛﯾزة أﺳﺎﺳﯾﺔ أﯾﺿﺎ ً ﻟﻠﺷﻌور ﺑﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺗﺻرﻓﺎﺗﻧﺎ‪ ،‬واﺗﺳﺎﻗﻧﺎ‬
‫اﻟداﺧﻠﻲ‪ ،‬واﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪.‬‬

‫البد من أن تكون الرعاية جهداً جمعياً‪ ،‬وليس فرديا ً فقط‪ .‬وهذا يعني أن على المنظمات تأسيس ثقافة تنظيمية تحتضن ديناميات الدعم البنيوي والمتبادل‪ .‬بما في ذلك تقييم‬
‫عالئق القوى‪ ،‬وصنع القرارات الفردية والجمعية التي تراعي مصلحة الجميع‪ .‬وتشتمل هذه الثقافة أيضا ً على مدى مناقشة ما يختبره أعضاء المنظمة من مخاطرة ومعاناة‬
‫ومخاوف على مستوى جمعي‪ .‬فمن المهم التحقق من مدى الترويج لقصص التضحية ومواقفها‪ ،‬سوا ًء أكانت هناك نزعة لإلفراط في العمل‪ ،‬أو أنماط سامة في عالقات القوى‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫التحديات والقيود على الرعاية المؤسسية‬
‫حتى تكون الرعاية التنظيمية فعالة البد من أن‪:‬‬ ‫إن الرعاية التنظيمة هي دينامية مستمرة وتح ٍد قائم وال تخلو من الصعوبات والقيود‪ .‬من التحديات الشائعة التي تواجه‬‫َّ‬
‫تنفيذ االستراتيجيات والتدابير النفسية نجد‪:‬‬
‫• تغير السياق والصراعات الداخلية‪ ،‬والقيود المتعلقة بشؤون األفراد أو الموارد المالية‪ ،‬و تطبيع العنف‪ ،‬مقاومة التغيير‪،‬‬
‫والمشاعر الطارئة مثل الخوف أو الشعور بالذنب‪. .‬‬
‫• ضيق الوقت أثناء فترات العمل‪ ،‬وحجم العمل الزائد الذي يصعب معه وضع األدوات النفسية االجتماعية ضمن‬
‫ال تفرض من‬ ‫األولويات‪ .‬إذ تق ّل وتيرة تطبيقها تحديداً عندما تكون الحاجة إليها أشد إلحاحاً‪.‬‬
‫تسمح بدرجات‬ ‫األعلى إلى‬
‫مختلفة من‬ ‫األسفل في هرم‬ ‫• قد ال يتشارك األفراد في المنظمة الدرجة ذاتها من االهمية فيما يتعلق بالمقارنة‪ ،‬وقد تنشأ توترات مع من يحاولون‬
‫المشاركة‬ ‫المنظمة‬ ‫وضعها ضمن األولويات‪.‬‬
‫• الجوانب التي تدفع الناس لتح ّمل تبعات الضغط أو الخوف بدالً عن الحديث عنه مثل االعتقاد ّ‬
‫بأن تلقي الدعم يدل على‬
‫الضعف‪.‬‬
‫• سرعة معدل تغيير فرق العمل‪ ،‬والذي يسهل معه فقدان الذاكرة التأريخية لألدوات المتاحة والمعرفة بها‪.‬‬
‫إدماج نهج نفسي اجتماعي في أعمال الحماية هو‪:‬‬ ‫‪.9‬‬
‫ى عال من الضغط الذي توازيه تبعات‬
‫تحديد أثر السياق‪ :‬يتعرض المدافعون في سياقات العنف االجتماعي السياسي إلى مستو ً‬
‫عاطفية فردية أو جمعية تلقي بظاللها على إدارة األمن والسالمة‪.‬‬
‫فهم النطاق الواسع من اآلثار النفسية االجتماعية للعنف على األفراد والجماعات‪ :‬كن مستعدا ً لمناقشة المشكالت الشخصية‪،‬‬
‫والحظ طريقة تعامل كل فرد مع التهديد والمخاطرة‪ ،‬وافهم كيف يؤثر ذلك على حياة كل منهم‪.‬‬
‫تضمين مبدأ "منع الضرر" كأحد المباديء المو ِّ ّجهة في عملنا‪ :‬كن واعيا ً بإحتمال تكرار الحلقات الصادمة أو القاسية لدى‬
‫أن تقليل هذه المخاطر للحد األدنى من األهمية بمكان‪.‬‬ ‫بعض األشخاص المشاركين‪ .‬إذ ّ‬
‫معرفة العالقة بين األثر العاطفي والسالمة‪ :‬ضع في الحسبان أهمية المشاعر والخبرات السابقة عند تطوير خطط الحماية‪.‬‬
‫فهم إن الرعاية والحماية ال تتجزآن‪ :‬ينبغي أن تشتمل استراتيجيات الحماية الوقاية من اإلنهاك‪ ،‬والعناية اليومية‪ ،‬والسالمة‬
‫الجسمانية‪ ،‬والعاطفية‪ ،‬والمادية‪ ،‬والروحية‪ ،‬وال سيما عقب أوقات األزمة ضمن المجموعة‪.‬‬
‫وضع ما يلزم من ظروف الفرد والمجتمع لتنفيذ التدابير والبروتوكوالت في الحسبان‪ :‬قد تبدو خطة الحماية مثالية على الورق‪،‬‬
‫ولكنها تصبح أقل نفعا ً إن لم تتوفر المسؤولية الجماعية‪ ،‬أو ش ّحت الموارد‪.‬‬
‫مالحظة ديناميات العالقات‪ ،‬والتشبيك مع المنظمات األخرى‪ :‬مدى تماسك أو تفكك التحالفات يعتمد جزئيا ً على آليات التواصل‪،‬‬
‫وأنواع القيادة‪ ،‬وأساليب العمل المشترك‪ ،‬هي المناحي التي ركزت عليها المقاربة النفسية االجتماعية في عملها لدعم الترابط‬
‫الجماعي والشبكات‪.‬‬
‫الخالصة‬
‫لكل منظمة أو مجموعة تعمل من أجل الدفاع عن حقوق اإلنسان عالمها الخاص من األحداث التأريخية‪ ،‬واألهداف‪ ،‬والنضاالت‪ ،‬والتقاليد‪ ،‬واألساليب القيادية‪،‬‬
‫والمعاناة من العنف‪ ،‬ووجهات النظر تجاه العالم‪ ،‬والذي ال يتكرر وال يشبه غيره‪ .‬عند تضمين المقاربة النفسية ‪ -‬االجتماعية في العمل لحماية المدافعين عن حقوق‬
‫اإلنسان فليس ثمة وصفة تصلح للجميع‪ ،‬أو صيغة جاهزة مسبقاً‪.‬‬
‫تحتاج كل منظمة إلى نوع معين يناسبها من المصاحبة‪ ،‬له وتيرته‪ ،‬وأهدافه ومقاربته‪ ،‬اعتمادا ً على السياق االجتماعي السياسي‪ .‬ممارسة المصاحبة النفسية‪-‬‬
‫االجتماعية ال تتسم بالجمود‪ ،‬وال تتبع "أجندة" لها‪ .‬بل تتطور وفقا ً لواقع راسخ يطرأ من مساحات المشاركة مثل ورش العمل‪ ،‬أو عمليات المصاحبة‪.‬‬
‫المباديء والمفاهيم المفسرة في هذا الدليل تش ّكل أسسا ً لتضمين تصور نفسي‪-‬اجتماعي جديد في هذه العمليات‪ .‬إال ّ‬
‫إن المنظمات أو جماعات المدافعين هي المنوط‬
‫بها وضع اهتماماتها‪ ،‬وأولوياتها‪ ،‬وقدراتها في المحك‪ ،‬لرسم خارطة طريق تالئم احتياجاتها‪.‬‬

‫يتعين على أولئك الذين يعملون على تيسير هذه العمليات االضطالع‬
‫بدور تضمين هذا المنظور النفس‪-‬اجتماعي واالهتمام بأثر السياق‬
‫االجتماعي والسياسي على السالمة العاطفية لألفراد والجماعات الذين‬
‫نرافقهم‪ .‬بينما نلتزم دائما ً بمبدأ " منع الضرر"‪ ،‬علينا أيضا ً وضع أهمية‬
‫للمشاعر والتجارب السابقة عند تطوير خطط الحماية‪ .‬نحن ندرك ّ‬
‫إن‬
‫إن السالمة الجسدية‪،‬‬‫الرعاية والحماية أمران ال يتجزآن‪ ،‬ونفهم ّ‬
‫والعاطفية‪ ،‬والمادية والروحية هي جزء من استراتيجيات حماية‬
‫المدافعين عن حقوق اإلنسان والجماعات‪.‬‬
‫الحماية الدولية‪ 11 ،‬شارع دي ال ينيير‪ ،‬بروكسل ‪ ،B-1060‬بجليكا‪.‬‬
‫‪ISBN: 978-2-930539-92-8‬‬

‫مؤسسة أوك‪ ،‬مؤسسة فورد‪ ،‬صندوق سيجريد راوزينغ(‪ )SRT‬والوكالة الدولية السويدية للتعاون والتنمية (‪)SIDA‬‬

‫هيلينا مانريك‬
‫‪Helena Manrique‬‬

‫سارة باستور‪ ،‬زينيدي رودريغيز‪ ،‬ميريديث فيت‬

‫‪#astrocreativa‬‬

‫مركز الخليج لحقوق اإلنسان)‪(GCHR‬‬

‫ما لم يذكر خالف ذلك‪ ،‬هذا العمل مرخص بموجب‬


‫‪www.creativecommons.org/licenses/by-nc-nd/3.0/‬‬

You might also like