Professional Documents
Culture Documents
استشراف المستقبل - أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعلات الدولية السيناريو نموذجا
استشراف المستقبل - أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعلات الدولية السيناريو نموذجا
مشاور صيفي*
جامعة أدرار -الجزائر
med20malak20@yahoo.fr
ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ
ممخص:
ُيعتبر موضوع استشراؼ المستقبؿ مف الحقوؿ المعرفية الصعبة والميمة في الدراسات اإلستراتيجية.
تبعا لطبيعة الظاىرة محؿ الدراسة
وتتـ عممية االستشراؼ وفؽ مناىج وتقنيات دقيقة ومحددة ،يختارىا الباحث ً
ويعد السيناريو التقنية األكثر توظيفاً في مجاؿ الدراسات المستقبمية واألسيؿ لمباحثيف
ولمقدرات البحثية المتاحةُ ،
كونيا -عمى عكس كؿ التقنيات األخرى -األبسط واألكثر شموالً لتحميؿ الظاىرة عبر كؿ االحتماالت الممكنة
الحدوث ،حيث إف السيناريو كذلؾ يقدـ عممية تجزئة وتفكيؾ لمظاىرة محؿ الدراسة إلى مكونات أبسط مما ُيسيّؿ
التعرؼ إلى تاريخ الظاىرة والكشؼ عف طبيعة التأثيرات المتبادلة ليذا التاريخ ومجموعة القوى التي ش ّكمتو.
كممات مفتاحية :الدراسات المستقبمية .السيناريو .البدائؿ الممكنة .التنبؤ المستقبمي .التقنيات والمناىج.
Abstract:
The subject of future foresight is one of the difficult and important files in strategic
studies, where the foresight process is carried out according to precise and specific methods
and techniques, chosen by the researcher according to the nature of the phenomenon under
study and the available research capabilities, and the technical scenario is the most
employed in the field of future studies. It is easier for researchers because it is - unlike all
other techniques - the simplest and most comprehensive to analyze the phenomenon through
all possible possibilities, as the scenario also presents a process of fragmentation and
dismantling of the phenomenon under study into simpler components, which facilitates the
identification of the history of the phenomenon and the detection of the nature of the mutual
effects of this history and the set of forces that shaped it.
Keywords: future studies. scenario. possible alternatives. future prediction. techniques and
approaches.
*المؤلف المرسل
استشراف المستقبل :أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعالت الدولية مشاور صيفي
-السيناريو نموذجا-
مقدمة
أضحت التحوالت والتغيرات المستقبمية في العالقات الدولية مف بيف االىتمامات الرئيسية لدارسي العالقات
الدولية ،ذلؾ أف التغير أضحى السمة الرئيسية التي تميز ىذا الحقؿ مف حقوؿ المعرفة اإلنسانية .وىذا ىو
السبب الذي دفع البعض إلى االعتقاد بأف "سرعة التغير نتيجة التطور التكنولوجي أصبحت تشكؿ االىتماـ
الرئيسي لمقادة السياسييف ولعامة الناس في كؿ مكاف.
فالتحوالت التي تط أر عمى الدولة القومية وعمى النظاـ الدولي تجعؿ الحاجة ممحة لتوفير معرفة عممية
يمكف االعتماد عمييا لمعرفة المستقبؿ ،واذا كانت ىذه المعرفة ضرورية لتحديد طبيعة التغير ولوضع طرؽ
وسبؿ التأثير في ىذا التغير ،فإف مشاكؿ التنبؤ بالمستقبؿ عويصة جدا .لذلؾ فإف خطورة واستعجاؿ المشاكؿ
والتحديات التي تواجو المجتمعات واألنظمة السياسية بمختمؼ أشكاليا ودرجات تقدميا سوؼ تدفع إلى التعجيؿ
بعممية البحث في ميداف نظرية العالقات الدولية عمى وضع األسس الفكرية والمعرفية لحقؿ فرعي يمكف تسميتو
بدراسة المستقبؿ أو االستشراؼ.
إذا كاف االستشراؼ يمثؿ مقارنة منظمة لتحديد واستكشاؼ أىـ التحوالت في العالقات الدولية ،فإف
مختمؼ نظريات ىذا الحقؿ لـ تتوصؿ إلى تحديد مكانتو أو اإلطار الفكري النظري الذي ينتمي إليو .وىو ما دفع
الميتميف بيذا الميداف إلى االنطالؽ في البحث عف األطر المنيجية والمعرفية التي تستجيب لخصوصيات ىذا
الحقؿ وتسمح مف تحقيؽ مآربو النظرية والعممية ،فدراسة المستقبؿ تمثؿ مقارنة شاممة ومتعددة المستوى لفيـ
تطور العالقات الدولية.
ومع ذلؾ فإف المحاوالت المنيجية والنظرية في ميداف االستشراؼ لـ تتمكف مف بناء نظرية مكتممة في
ىذا الميداف ،األمر الذي حتـ عمى الميتميف بمعرفة تطورات المستقبؿ عمى االستعانة في الكثير مف الحاالت
باألدوات المنيجية المستعممة في حقوؿ عممية أخرى وذلؾ بالرغـ مف عدـ مالءمتيا في بعض األحياف لطبيعة
االستشراؼ ،ولكف أىمية الموضوع تدفع باتجاه مواصمة البحث عف اإلطار المنيجي الكفيؿ بتوضيح التطورات
المستقبمية لمظواىر الدولية.
ف الدراسات المستقبمية كحقؿ معرفي ينتمي إلى تخصص العالقات الدولية يتميز بكونو يستخدـ مجموعة
مف التقنيات والمناىج العامة بشكؿ متداخؿ فيما بينيا بغية الوصوؿ إلى النتائج األكثر دقة ،ىذه التقنيات
والمناىج تختمؼ في مميزاتيا وأساليب توظيفيا فمنيا المعيارية والكمية ونماذج المحاكاة والنمذجة .والسيناريو مف
المناىج المعيارية (اإلرشادية) التي تعطي نوعا مف الوحدة المنيجية وتقدـ إمكانات بديمة لممستقبؿ وتوفر عرضاً
متنوعا لمخيارات المتاحة أماـ الفعؿ اإلنساني .يبحث ىذا المقاؿ في أساليب توظيؼ تقنية السيناريو وخطواتيا
في الدراسات المستقبمية وفوائد ذلؾ عمى فيـ الظاىرة المستقبمية؟
887
استشراف المستقبل :أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعالت الدولية مشاور صيفي
-السيناريو نموذجا-
يستبعد أيضا إمكانية استكشاؼ نوعية وحجـ التغيرات األساسية الواجب حدوثيا في مجتمع ما ،حتى يتكوف
مستقبمو عمى نحو معيف منشود"( .)3وىو ما يعني أف عممية االستشراؼ ال تتوقؼ عند حدود المستوى الثقافي
واألكاديمي النظري الذي ييتـ أساسا بتحديد بدائؿ المستقبؿ والعوامؿ المؤثرة في كؿ منيا ،بؿ يمتد إلى وصؼ
اإلمكانيات والوسائؿ الضرورية إلحداث التأثير المناسب عمى تمؾ البدائؿ حتى ال يتناقض حدوثيا وتطورىا مع
المصمحة الوطنية لمدولة.
تسعى نظرية العالقات الدولية كبقية نظريات العموـ اإلنسانية إلى توفير الوسائؿ المنيجية الكفيمة بتحسيف
إدراكنا وتحميمنا لظواىرىا في أي وقت وفي أي مكاف .لكف قوة ومقدرة ىذه النظريات عمى تفسير ظواىر
اجتماعية وقعت في بيئات وأزمنة مختمفة عف تمؾ التي أثرت عمى واضعي ىذه النظريات تتالشى منذ الوىمة
األولى مف محاولة إسقاطيا عمى ىذه الظواىر.لذلؾ فإنو إذا كاف مف المفروض عمى النظرية العامة في
العالقات الدولية–كما أكد كوينسي رايت Quincy Wright-أف تساىـ في فيـ،استشراؼ ،تقييـ ومراقبة
العالقات بيف الدوؿ واألوضاع العامة لمعالـ( ،)4فإنيا لحد اآلف لـ تتمكف وضع األسس العامة لتكويف نظرية
خاصة باالستشراؼ في العالقات الدولية .وما تـ تحقيقو في ىذا المجاؿ ىو استعارة بعض األدوات والتقنيات
المنيجية مف حقوؿ أخرى مثؿ العموـ االقتصادية.
إف االستشراؼ كذلؾ ىو فف وعمـ استكشاؼ المستقبؿ ألنو يوفر مناىج وتقنيات يمكف أف تساعدنا في
فيـ التوجيات والتعرؼ عمى الفرص وتجنب المخاطر ،كما يمكف لالستشراؼ أف يساعدنا عمى تفيـ التطورات
الممكنة في المستقبؿ ،وفي اتخاذ ق اررات أفضؿ ،وبمورة أىداؼ ذات قيمة وايجاد الوسائؿ لتحقيؽ ىذه األىداؼ.
واذا كانت عممية االستشراؼ تبحث عما يخبئ المستقبؿ؟( )5بتعبير "روبرت بالدوؾ" ،أو تستعرض "ممفات
المستقبؿ" ،عف طريؽ عرض "موجز في تاريخ السنوات الخمسيف المقبمة ،بتعبير "رتشارد واطسوف" ،عندما
تحدث عف أىـ السيناريوىات في السنوات الخمسيف المقبمة( .)6فإف "لورنس سميت""Laurence C. Smith
يتحدث في كتابو " العالـ في العاـ ،"The Word In 2050 " "2252عف أربع قوى توجو الحضارة في
( .)7
أما "إدوارد كورنيش"""Edward Cornishفيتحدث عف "االستشراؼ :مناىج استكشاؼ الشماؿ
المستقبؿ" .Futuring :The Exploration Of The Futur)8("،ويرى "إدوارد كورنيش" أنو حتى نفيـ ما يحصؿ
في العالـ بواسطة التوجيات السائدة و فيـ المستقبؿ عمينا أف نستخدـ السيناريوىات :وىي تخمينات حوؿ ماذا
يمكف أف يحصؿ في المستقبؿ ؟
وتبدو أىمية االستشراؼ في أنو استعداد لما يمكف مواجيتو في المستقبؿ ،واستباؽ لالستعداد الحتياجات
التخيؿ المثمر(.)9
ّ ذلؾ المستقبؿ ،كما أنو تنبيو عمى توقّع ما ال يمكف توقّعو وىو يمثؿ نوعاً مف
ويمكف القوؿ أف االستشراؼ ىو عبارة عف اجتياد عممي منظـ يرمي إلى صوغ مجموعة مف التنبؤات
المشروطة البعيدة عف أمور ال تكيف واالعتبارات الشخصية ،وىو يخضع لألساليب العممية التي تقوـ عمى تحميؿ
0111
استشراف المستقبل :أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعالت الدولية مشاور صيفي
-السيناريو نموذجا-
0111
استشراف المستقبل :أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعالت الدولية مشاور صيفي
-السيناريو نموذجا-
وقد دأب الباحثوف عمى تطوير مفيوـ السيناريو مستفيديف مف العموـ التطبيقية ،كما فعؿ ولياـ
قسـ األحداث المرتبطة بظاىرة معينة إلى نمطيف تحدث /ال تحدث ( Happen /Not
"رنفرو"( )W.Renfroوالذي ّ
، )Happenكما ىو في نظرية االحتماالت ،فعندما نمقي قطعة نقود فإف احتماؿ سقوطيا عمى أحد الوجييف
تصو اًر لدراسة السياسات الدولية،
ّ ىو % 52و عمى الوجو اآلخر .%52وقد أخذ "رنفرو" ىذه الفكرة ووضع
قسـ األحداث المترتبة عمى ىذه السياسات وتابع السيناريو عمى أساس(: )18
و ّ
.1تحديد األحداث المستقبمية المختمفة (حرب /سالـ ،نمو اقتصادي /كساد ،اتحاد /تفكؾ) وغيرىا مف ىذه
الثنائيات المختمفة.
.2تقييـ كؿ واحدة مف التصنيفات السابقة ثـ ترتيبيا عمى أساس النتائج المترتبة عمى التقييـ ،فعندما نضع
احتماؿ الحرب نحاوؿ أف نضع كؿ النتائج الممكنة المترتبة عمى ىذه الحرب ،ثـ ندرس كؿ النتائج المترتبة عمى
السالـ ...وىكذا .ثـ نقوـ بترتيب ىذه التصنيفات استنادا إلى النتائج مف خالؿ ما ىو االحتماؿ الذي تترتب عميو
أكبر األضرار ،ثـ االحتماؿ األقؿ منو ضررا ،إلى أف نصؿ إلى أفضؿ االحتماالت أو العكس ،أف نبدأ باألفضؿ
نزوال حتى األسوأ.
.3يتـ تحميؿ النتائج عمى قاعدة يحدث/ال يحدث بمعنى تحميؿ النتائج المترتبة في حالة حدوث الحرب مثال،
ثـ تحميؿ النتائج في حالة عدـ حدوث الحرب و بقاء الوضع عمى ما ىو عميو.
وفي دراسة أخرى وضعيا "آرثر واسكو" ( )Arthur Waskowمف معيد الدراسات السياسية في واشنطف
تـ وضع سيناريو إلنشاء قوة بوليسية دولية لمنع نشوب الحروب بيف الدوؿ مستقبال ،فاقترح إنشاء ثالث قوى
أمنية مختمفة لكي تحفظ السالـ الدولي في عالـ منزوع السالح .ثـ تخيؿ الباحث أزمة دولية ليدلؿ عمى كيفية
عمؿ ىذه القوة لمحيمولة دوف تطور األزمة إلى حرب ،وتخيؿ الباحث سمسمة مف األحداث مثؿ المظاىرات
واالضطرابات التي تؤثر عمى دولة مجاورة تسعى لمتدخؿ في األزمة و دولة ثالثة تيدد بالتدخؿ ،ثـ يبدأ يحدد
()19
كيفية عمؿ ىذه القوة البوليسية ودورىا وآثار تدخميا ...الخ.
واذا كاف السيناريو يربط بالحاضر ،بمعنى أننا ننطمؽ مف الوضع الحالي وجربنا أف نقرر كيؼ يمكف ليذا
الوضع أف يتطور ،اعتمادا عمى التوجيات السائدة .وىذا األسموب ،المعروؼ باإلسقاط ىو امتداد طبيعي
ألسموب تحميؿ التوجيات كما أنو وسيمة مفيدة لمبدء بالتفكير حوؿ المستقبؿ .إال أف ىناؾ مقاربة أخرى ال تبدأ
مف حيث نحف اآلف ،ولكف تبدأ باألحرى مف حيث نرغب أف نكوف في تاريخ ما في المستقبؿ .وحيث إف مثؿ
ىذا األسموب يرتبط بيدؼ أو معيار فإنو معروؼ باالستشراؼ المعياري ،أو بػ ػ ػ ػ ػػ" الستقراء إلى الوراء"؛ ألننا
نقوـ باالستقراء إلى الماضي مف وضع ممكف في المستقبؿ بدال مف البناء انطالقا مف الحاضر (.)22
ونبدأ في االستقراء إلى الوراء ،بافتراض ىدؼ أو حدث أو ظرؼ محدد في المستقبؿ ،ثـ نحاوؿ صياغة
تسمسؿ خطوات أو مراحؿ لتفسير كيؼ يمكف أف تحصؿ ىذه الخطوات في المستقبؿ المتخيؿ ،ويمكف استخداـ
0112
استشراف المستقبل :أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعالت الدولية مشاور صيفي
-السيناريو نموذجا-
االستقراء إلى الوراء لنقرر إذا كاف مف المحتمؿ حصوؿ اليدؼ أو الحدث المستقبمي في المستقبؿ المتَ َخيَّؿ،
()21
ولنقرر في نفس الوقت كيؼ نستطيع إنجاز ىدؼ نختاره
عموما ،تعطينا السيناريوىات أسموبا ممتا از لمتفكير بشكؿ منظـ حوؿ إمكانات المستقبؿ وتقييـ احتماالتيا
وامكانات تحقيقيا ،كما تعطينا مجاال لتقييـ االستراتيجيات التي يمكف استخداميا لتحقيؽ األىداؼ المختارة .لكف
تخيؿ السيناريوىات فيو ٍّ
تحد لقدرتنا اإلبداعية ،عمينا أف نأتي بأفكار عديدة حوؿ ماذا يمكف أف يحصؿ في
المستقبؿ ،إذ ال ي مكننا توقع أف يكوف المستقبؿ تك ار ار لمماضي .فالوتيرة الحالية لمتغير االجتماعي و التكنولوجي
تجعؿ مف األكيد تقريبا أف يكوف مستقبمنا مختمفا بشكؿ جذري عف ماضينا (.)22ألنو قد تحصؿ أوراؽ غرائبية في
مستقبمنا.
.8.5أهمية بناء السيناريو (:)67
.1أف السيناريو ينبينا إلى كافة المشكالت المحتممة الظيور ،لو وقع حدث ما أو أقدمنا عمى سموؾ معيف،
لذا نجد أنفسنا أماـ اختياريف :
إما أف نتخمى عمى الفكرة المطروحة أو االقتراح.
أو االستعداد لجعؿ المشكالت الناجمة عف الحدث المتوقع في حدىا األدنى.
.2أف السيناريو قد يساعدنا عمى تجنب الكارثة أو اقتناص الفرص المتاحة.
.3قد يؤدي السيناريو إلى تعبئة اآلخريف في التخطيط أو التقويـ لعمؿ ما ،فاألفراد يميموف إلى االنغماس
في وضع ما عندنا يجدوف أنفسيـ في مواجية وضع حاد.
.4أ ف االنشغاؿ ببناء السيناريو يؤدي إلى فؾ تعمقنا وارتباطنا بالماضي ،و ندرؾ أف المستقبؿ لف يكوف
تك ار ار لمماضي ،ولكنو يتيح سمسمة مف الخيارات أمامنا والتي قد يكوف بعضيا مدىشا لمغاية وبالتالي يصبح
السيناريو أداة لتشكيؿ المستقبؿ .عمى أف كتابة السيناريو تحتاج بشكؿ أساسي إلى كـ كاؼ مف المعمومات عف
الظاىرة ،لكي يتـ تحديد التداعيات المترتبة عمى كؿ سيناريو مف السيناريوىات.
.9.5فوائد السيناريو:
إف لتوظيؼ منيج السيناريو في الدراسات المستقبمية فوائد متنوعة يمكف إجماليا في النقاط التالية(:)24
التكيفية مف خالؿ االنتباه المسبؽ لما قد يتداعي نتيجة ظاىرة معينة ،أي أف السيناريو
ّ .1تعزيز القدرة
يساعد عمى التفكير في التخمي أو المواصمة في مسار معيف مف خالؿ التصور لمتداعيات.
ُ .2يضعؼ السيناريو مف درجة التصاقنا بالماضي وتأثيره فينا ،إذ ينبينا السيناريو إلى أف المستقبؿ ليس
تك ار اًر لمماضي بؿ لو قوانينو واحتماالتو التي قد تكوف مختمفة تماماً أو نوعاً ما ،وربما متطابقة أحياناً ومتنافرة
أحيانا أخرى.
0113
استشراف المستقبل :أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعالت الدولية مشاور صيفي
-السيناريو نموذجا-
يمكف التفكير باالستشراؼ عمى أنو فف تحويؿ معرفة الماضي إلى معرفة لممستقبؿ ،و يمكننا فعؿ ذلؾ
باستخداـ :ذاكرتنا ،و ذكاءنا ،و تخيمنا ....إلخ .و كذلؾ المناىج االستشرافية المعروفة .تاريخيا يمكف اعتبار
"ثوسيديديس" (- )Thocydidesأعظـ مؤرخ في العصر اإلغريقي -عمى أنو المستقبمي األوؿ ،ألنو لـ
يكتب التاريخ لسرد األحداث مف أجؿ إمتاع القارئ ،و لكف ليوفر دليال لممستقبؿ ،فقد كاف "ثوسيديديس" يعتقد
أف االستشراؼ ىو الميارة األىـ لدى اإلنساف عندما يريد اتخاذ الق اررات الميمة .و يرتكز االستشراؼ عمى حسف
في ىذا اإلطار معرفة ما حصؿ في الماضي ،ألف أحداثا مماثمة يمكف أف تحصؿ في المستقبؿ،
0114
استشراف المستقبل :أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعالت الدولية مشاور صيفي
-السيناريو نموذجا-
يقوؿ"ثوسيديديس"" :أنا لـ أكتب ألستجمب التصفيؽ المباشر ،ولكف لألجياؿ القادمة ،وسأكوف راضيا إذا وجد
طمبة ىذه األحداث ،أو غيرىا مف األحداث المماثمة ،...في سردي فائدة ليـ في المستقبؿ"(.)26
ومنذ أياـ "ثوسيديديس" يعود القادة السياسيوف كؿ مرة لمتاريخ ،كدليؿ ليـ في صنع الق اررات التي تصنع
مستقبؿ أمميـ ،ومف بيف الرؤساء األمريكييف كاف الرئيس "وودرو ولسوف" أستاذا في العموـ السياسية ،و كاف
يست ميـ التاريخ في محاضراتو ...و سواء تعمؽ األمر بقادة األمـ أو األعماؿ ،أو حتى األفراد أنفسيـ ،فإف
األشخاص سيجدوف استرشادا مفيدا بما فعمو القادة في الماضي و بعواقب تمؾ األفعاؿ ،و يمكف لمثؿ ىذه
المعرفة أف تكوف مفيدة لدرجة كبرى في اتخاذ الق اررات األفضؿ واألنسب في الظروؼ السائدة اليوـ ،لكف قد يجد
(.)27
أصحاب القرار المنشغموف بقضايا عديدة مف األسيؿ عمييـ العودة إلى عبر التاريخ
ال نحتاج إلى معرفة معمقة لمتاريخ لندرؾ أف أحداثا رىيبة فعال قد حدثت في الماضي ،ليذا عمينا أف
نطور وسائؿ لتجنب تكرارىا في المستقبؿ ،و دراسة
نفترض أف المزيد مف الرعب سيحدث في المستقبؿ إذا لـ ِّ
األحداث المرعبة الماضية ،ىي ربما الخطوة األولى لتجنب تكرارىا في المستقبؿ ،ألننا نستطيع البدء بالبحث
عف األدوات الفعَّالة لتجنب مثؿ ىذه األحداث أو لمتخفيؼ مف أضرارىا .وتقصي أحداث الماضي يمكف أف
يساعدنا كثي ار في المستقبؿ ألنو يمكف أف يساعد في تجنب كوارث المستقبؿ .واذا لـ نستطع منع الكوارث
بالكامؿ ربما استطعنا إيجاد طرؽ لمتخفيؼ مف احتماالت حدوثو(.)28
الخاتمة:
تبقى الدراسات المستقبمية مف المجاالت الصعبة والمستعصية عمى التحميؿ كونيا تتعامؿ مع زماف لـ
يصؿ بعد عكس الحاضر والماضي الذي يمكف الوصوؿ إلى تفاصيميما ،إال أف التسمح بمجموعة مف التقنيات
فحسف التوظيؼ والدراية
والضوابط المنيجية مف شأنو أف يخفؼ ىذا االستعصاء ويذلؿ العقبات أماـ الباحثيفُ ،
اء الكمية أو
الكافية بضوابط العمؿ خالؿ مراحؿ بناء السيناريوىات وعدـ إغفاؿ التقنيات األخرى المساعدة سو ً
الكيفية مف شانو أف يقود جيود الباحثيف إلى بناء السيناريو األقرب لمحدوث.
كما أف أحد مسمّمات الدراسات المستقبمية ىو عدـ استبعاد أي تصور ميما لدا غريباً ،السيما في مجاؿ
التكنولوجيات أو المجاالت االجتماعية أو السياسية ،وأي استبعاد لتصورات ما يكوف بعد تبني خطوات منيجية
دقيقة ،والمراجعة الدورية لالحتماالت المتوقعة لألحداث والظواىر ىي مصدر قوة الدراسات المستقبمية ألف
التغيرات الحاصمة عمى مستوى الواقع البد أف تكوف مقاربة ليذه االحتماالت الموضوعة.
والتدريب عمى استعماؿ مختمؼ تقنيات التنبؤ بالمستقبؿ ضرورة ممحة لمختمؼ الباحثيف في التخصصات
المخمفة و خاصة في العالقات الدولية ؛ باإلضافة إلى األىمية اإلستراتيجية لمتنبؤ بالمستقبؿ لصناعة تصورات
إستراتيجية لمدوؿ و الحكومات و حتى األفراد ،مف أجؿ صناعة مستقبؿ مدروس و مؤسس عمى رؤى عممية
0115
استشراف المستقبل :أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعالت الدولية مشاور صيفي
-السيناريو نموذجا-
قادرة عمى وضع صانع و متخذ القرار في العالقات الدولية في وضع مؤسس و قادر عمى صناعة المستقبؿ ،
ألنو إذا لـ تصنع مستقبمؾ فإف اآلخر ىو الذي يصنع لؾ ىذا المستقبؿ.
الهوامش:
1
الميدي المنجرة ،ندوة الجزائر حوؿ قضايا المستقبؿ اإلسالمي ،مركز دراسات المستقبؿ اإلسالمي بمساعدة مركز الدراسات
اإلستراتيجية الشاممة ،ماي ،1990ص .22
2
المرجع نفسو ،ص .08
3
د .إبراىيـ سعد الديف عبد اهلل وآخروف ،صور المستقبؿ العربي ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ،1982، ،ص .23
4د.إسماعيؿ صبري مقمد ،نظريات السياسة الدولية ،الكويت ،منشورات ذات السالسػؿ ،1987،ص.38
5
روبرت بالدوؾ ،ماذا يخبئ المستقبؿ؟ ،تعريب :أحمد الجميؿ ،مكتبة العبيكاف ،ط.2003 ،1
6
رتشارد واطسوف ،ممفات المستقبؿ :موجز في تاريخ السنوات الخمسيف المقبمة ،ترجمة :عمر سعيد األيوبي ،ىيئة أبو ظبي
لمسياحة والثقافة :مشروع "كممة" ،ط.2012 ،1
7
لورنست سميث ،العالـ في العاـ ،2050الدار العربية لمعموـ ناشروف ،ط.2012 ،1
8
إدوارد كورنيش ،االستشراؼ :مناىج استكشاؼ المستقبؿ ،ترجمة :حسف الشريؼ ،الدار العربية لمعموـ ناشروف ،مكتبة مدبولي،
ط ،2007 ،1ص .33
9
المرجع نفسو ،ص .39
10
قاسـ محمد النعيمي ،المستقبؿ واالقتصاد في الدراسات المستقبمية ،مجمة كمية التجارة واالقتصاد ،جامعة صنعاء ،عدد -15
، 16مف الموقعwww.26sep.net/newsweekarticle. :
11
رحيـ الساعدي ،مقدمة إلى عمـ الدراسات المستقبمية ،بيروت :دار الروافد الثقافية_ ناشروف ،ط ،2003 ،01ص .124
12
إبراىيـ العيسوي ،الدراسات المستقبمية ومشروع مصر ،2020القاىرة ،القاىرة :معيد التخطيط القومي2000 ،ـ ،ص .53
13
إدوارد كورنيش ،مرجع سابؽ ،ص .35
14
المرجع نفسو ،ص .36
15
المرجع نفسو ،ص .149
16
المرجع نفسو ،ص .155
17
وليد عبد الحي ،مدخؿ إلى الدراسات المستقبمية في العموـ السياسية ،المركز العممي لمدراسات السياسية ،ط ،2002 ،1ص
.119
18
المرجع نفسو ،ص .121
19
المرجع السابؽ ،ص 121
20
إدوارد كورنيش ،مرجع سابؽ،ص .158
21
المرجع نفسو ،ص .158
22
المرجع نفسو ص .167
23
وليد عبد الحي ،مدخؿ إلى الدراسات المستقبمية في العموـ السياسية ،مرجع سابؽ ،ص .123
0116
استشراف المستقبل :أساليب التنبؤ بالمستقبل في التفاعالت الدولية مشاور صيفي
-السيناريو نموذجا-
24
وليد عبد الحي ،مناىج الدراسات المستقبمية وتطبيقاتيا في العالـ العربي ،أبو ظبي :مركز اإلمارات لمدراسات والبحوث
االستراتيجية ،ط ،2007 ،01ص .26
25
المرجع نفسو ،ص .27
26إدوارد كورنيش ،مرجع سابؽ ،ص .208-187
27
المرجع السابؽ ،ص .209-208
0117