‫ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺨﺺ‪:‬‬

‫ﺇﻥ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺷﺎﺋﻜﺔ‪ ،‬ﻭ ﺫﻟﻚ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻳﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﻟﻪ‪ ،‬ﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ‪،‬‬
‫ﺇﺫﺍ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻳﻒ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺳﻨﺠﺪ ﻓﻲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻹﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺒﺮﻭﺯ ﻭ‬
‫ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻣﻌﺠﻢ ﻻﻻﻧﺪ ﻓﻘﺪ ﻣﻨﺤﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ‪ :‬ﻣﻌﻨﻰ ﻃﺒﻴﻌﻲ)ﺍﻟﺠﺴﺪ (‪ ،‬ﻣﻌﻨﻰ ﻣﻌﻨﻮﻱ )ﺍﻟﻌﻘﻞ (‪ ،‬ﻭ ﻣﻌﻨﻰ‬
‫ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ )ﺍﻟﺤﻖ ﻭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ (‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻓﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺗﻔﻴﺪ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﻭﺟﻮﻫﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻓﻤﺎ‬
‫ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺨﺺ‪ ،‬ﻭ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﺛﺎﺑﺘﺎ؟ ﺃﻳﻦ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﺨﺺ؟ ﻫﻞ ﻫﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻡ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ؟ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ‬
‫ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻭ ﻳﻤﻨﺤﻪ ﻗﻴﻤﺔ ﻭ ﺗﻤﻴﺰﺍ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ؟ ﻭ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﺳﺲ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ‬
‫ﻟﻠﺸﺨﺺ؟ ﺑﺄﻱ ﻣﻌﻨﻰ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ اﻟﺸﺨﺺ ﻛﺬﺍﺕ ﺣﺮﺓ ﻭ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ؟ ﺃﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺣﺮﻳﺘﻪ‬
‫ﻣﺸﺮﻭﻃﺔ ﺑﺄﻭﺿﺎﻉ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ؟ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭ ﺍﻷﻭﻝ‪ :‬ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻭ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ‪ :‬ﻳﺤﻴﻞ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻋﺎﺩﺓ ﻋﻠ ﺍﻟﻔﺮﺩ‬
‫ﻭ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ ﻭ ﻣﺪﻟﻮﻻﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺜﻼ‪ :‬ﻓﺎﻟﻔﺮﺩ ‪ Individu‬ﻳﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﻳﺔ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺗﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴﺰ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺓ‪ ،‬ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺨﺺ‬
‫‪ Personne‬ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ‪ Personna،‬ﻭ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻨﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﺪﻳﻪ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻣ ﺃﺟﻞ‬
‫ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺪﻭﺭ ﻣﻌﻴﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﺎﻡ ﻭﻣﺸﺘﺮﻙ‪ ،‬ﻫﻜﺬﺍ ﻳﺼﺢ ﺍﻟﻘﻮﻝ‪“ :‬ﻋﻠﻰ‬
‫ﺃﻥ ﻟﻜﻞ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺸﺨﺺ‪ ”،‬ﻭ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ ﺣﺴﺐ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ‬
‫ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﺇﻳﻤﺎﻧﻮﻳﻞ ﻛﺎﻧﻂ‪“ :‬ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﻮﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﻤﻠﺔ ﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﺎ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺎ ﻭ‬
‫ﺃﺧﻼﻗﻴﺎ‪ a.”.‬ﻓﻤﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﻫﻮ ﻫﻮﻳﺘﻪ‪ ،‬ﺇﺫﻥ ﻛﻴﻒ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ‪a‬‬
‫ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ؟ ﻭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﺨﺺ؟ ﻫﻞ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺃﻡ‬
‫ﻣﺘﻐﻴﺮﺓ؟ ﺗﺮﻛﻴﺐ‪ :‬ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻫﻮﻳﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﺫﺍﺗﺎ ﺗﻌﻲ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻲ ﺗﻤﻴﺰﻫﺎ ﻋﻦ‬
‫ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺳﺎﺱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ‪ ،‬ﺃﻭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ‪ …،‬ﺃﻱ ﺃﻥ ﻟﻬﺎ ﻣﻨﺒﻌﻴﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﻴﻦ‪،‬‬
‫ﺇﻣﺎ ﻣﺼﺪﺭ ﻓﻄﺮﻱ ﻃﺒﻴﻌﻲ‪ ،‬ﺃﻭ ﺁﺧﺮ ﻣﻜﺘﺴﺐ ﺛﻘﺎﻓﻲ‪ ،‬ﻭ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﺄﺛﺮ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻄﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ‪ ،‬ﺃﻻ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺑﺎﺣﺘﻜﺎﻛﻪ ﺑﻬﺎ؟‬
‫ﺍﻟﻤﺤﻮﺭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻗﻴﻤﺔ‪:‬‬
‫ﻳﺘﺄﻟﻒ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻭ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﻳﺘﻮﺍﺟﺪﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﺗﻤﺎﻳﺰ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﻤﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬
‫ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻷﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﺠﻤﺎﺩ‪ ،‬ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﻞ‬
‫ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﺤﻞ ﺍﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺭﻏﻢ ﻭﺿﻮﺡ ﺫﻟﻚ‪ ،‬ﻧﺠﺪ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ‪ ،‬ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ‬
‫ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻛﺎﺋﻨﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺳﻠﺐ ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺠﺮﺩ‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺃﺩﺍﺓ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺘﺤﺪﺩ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﺨﺺ؟ ﻫﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺫﺍﺗﻪ؟ ﺃﻡ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻨﻪ؟‬
‫ﺗﺮﻛﻴﺐ‪:‬‬
‫ﻧﺨﻠﺺ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻋﻼﺀ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺟﺎﻋﻼ ﻣﻨﻪ ﻛﺎﺋﻨﺎ‬
‫ﺳﺎﻣﻴﺎ ﻛﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ‪ ،‬ﻭ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺑﺪﺍ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﺴﻌﻴﺮ‪ ،‬ﺃﻱ ﺫﻭ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺜﻠﻰ ﺗﻌﻠﻮ ﻭ‬
‫ﻻ ﻳﻌﻼ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﺒﻮﺃ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺸﺎﺀ؟ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻫﻞ ﻫﻮ ﺣﺮ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ؟‬
‫ﺍﻟﻤﺤﻮﺭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ‪:‬‬
‫ﺇﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﻮﻟﺪ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﻭ ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻨﻪ ﻗﻴﻤﻪ ﻭ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮﻩ‪ ،‬ﻓﻴﺼﺒﺢ ﺟﺰﺀﺍ ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﺇﻥ ﺗﺠﺎﻭﺯﻩ ﺃﻭ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﻤﺮﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻢ‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﻌﺮﺿﻪ ﻟﻠﻌﻘﺎﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ‪ ،‬ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﺩ‬
‫ﻣﺆﻃﺮ ﺑﺤﺪﻭﺩ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﺠﺎﻭﺯﻫﺎ‪ ،‬ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﺩﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻮﺿﻊ‬
‫ﺗﺴﺎﺅﻝ ﻫﻞ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺫﺍﺕ ﺣﺮﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺼﺪﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻝ؟ ﺃﻡ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺇﺷﺮﺍﻃﺎﺕ ﻭ‬
‫ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﺗﻘﻴﺪ‬
‫ﺗﺮﻛﻴﺐ‪:‬‬
‫ﻳﻜﺸﻒ ﺇﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﻭ ﺍﻟﻤﻌﻘﺪ ﻟﻠﺸﺨﺺ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺄﺭﺟﺢ‬
‫ﺑﻴﻦ ﻛﻔﺘﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﻴﻦ‪ ،‬ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺗﻨﻤﻴﻄﻪ ﻭ ﺗﻘﻴﻴﺪﻩ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺮﻭﻡ ﺇﺧﺮﺍﺟﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺷﺮﻧﻘﺔ ﺍﻻﻧﻐﻼﻕ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ‪.‬‬
‫ﻋﺮﺽ ﻷﻫﻢ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ النض‬
‫ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺸﺨﺺ ‪Personne‬‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺫﺍﺕ ﻭﺍﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻋﺎﻗﻠﺔ‪ ،‬ﻣﻔﻜﺮﺓ‪ ،‬ﺣﺮﺓ‪ ،‬ﻭ ﻣﺴﺆﻭﻟﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ‪Identité‬‬
‫ﻳﺪﻝ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﺇﻣﺎ ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻣﻊ ﺫﺍﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻫﻲ ﻫﻲ‪ ،‬ﻭ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻤﻴﺰ ﺍﻟﺬﺍﺕ‬
‫ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻬﻮﻳﺔ ﺇﺫﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﻭﺣﺪﺓ ﻭ ﺍﺧﺘﻼﻑ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ‪Valeur‬‬

‫ﺻﻔﺔ ﺃﻭ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻧﻘﻮﻡ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻬﺪﻑ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺧﻄﺄﻩ ﻣﻦ ﺻﻮﺍﺑﻪ‪ ،‬ﺟﻤﺎﻟﻪ ﻣﻦ‬
‫ﻗﺒﺤﻪ‪ ،‬ﺃﻭ ﺧﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺷﺮﻩ‪.‬‬
‫ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ‪Liberté‬‬
‫ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻓﻜﺮﺍ ﻭ ﺗﺼﺮﻓﺎ ﻭ ﻋﺪﻡ ﺧﻀﻮﻋﻬﺎ ﻷﻳﺔ ﺇﻛﺮﺍﻫﺎﺕ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ‬
‫ﺗﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻛﺮﺍﻩ ﻭ ﺍﻻﻟﺰﺍﻡ‪ ،‬ﻭ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻧﻮﺍﻉ‪ :‬ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ )ﺷﺮﻭﻕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭ ﻏﺮﻭﺑﻬﺎ (‪ ،‬ﻭ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ )ﻣﻦ‬
‫ﺟﺪ ﻭﺟﺪ (‪ ،‬ﻭ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ )ﺃ= ﺏ ‪ /‬ﺏ=ﺝ‪ ،‬ﺇﺫﻥ ﺃ=ﺝ (‪.‬‬