You are on page 1of 10

‫التربية على القيم‬

‫مقدمة‬
‫نظ را للتح والت االجتماعي ة واالقتص ادية والثقافي ة ال تي يعرفه ا المجتمع المغ ربي‪،‬‬
‫فقد أضحت في عصرنا الحالي الحاجة ملحة لترسيخ مجموعة من القيم التي تعتبر حجر‬
‫األس اس في بن اء الف رد والمجتمع‪ ،‬ووجب االهتم ام بمنظوم ة القيم وإ ع ادة تش كيلها عن د‬
‫اإلنسان المعاصر‪ ،‬وإ ذا كانت التربية هي وسيلة المجتمع في تحقيق تقدمه الحضاري من‬
‫خالل تش كيل شخص ية الف رد وتأص يل هويت ه إليج اد م واطن ص الح منتج‪ ،‬ق ادر على‬
‫المس اهمة في تط وير المجتمع بش كل ينس جم م ع القيم والمث ل العلي ا له ذا المجتمع‪ ،‬فإنها في‬
‫جوهره ا عملي ة قيمي ة ته دف إلى تعليم النش ء المه ارات العلمي ة واالجتماعي ة والقيم‬
‫واالتجاهات وأنماط السلوك التي تخلق منهم مواطنين صالحين‪ .‬لذلك عمل الميثاق الوطني‬
‫للتربي ة والتك وين على ترس يخ منظوم ة القيم في السياس ة التربوي ة الوطني ة‪ ،‬ونص على‬
‫التربي ة على القيم‪" ،‬والعم ل على إنج اح المتعلم في الحي اة وتأهيله للتواف ق م ع محيط ه في‬
‫كل فترات ومراحل تربيته وتكوينه‪ ،‬وذلك بفضل ما يكتسبه من كفايات ضرورية لتحقيق‬
‫النج اح والتواف ق ض من منظوم ة من القيم ِ الوطني ة والعقدي ة والكوني ة"‪( .‬بوعص ب‪،‬‬
‫‪.)2016‬‬
‫فالتربي ة على القيم الف رد تس عى لبن اء الف رد الص الح ال ذي ينف ع نفس ه ومجتمع ه‪،‬‬
‫وينطلق في عمله من قيم راسخة توجهه إلى الطريق السليم‪ ،‬الشيء الذي يؤهله للمساهمة‬
‫في تنمية وإ صالح المجتمع الذي ينتمي إليه‪.‬‬
‫تعريف القيم (‪)Valeur‬‬
‫يتسم هذا المفهوم بتعـدد الـدالالت واالسـتعماالت‪ ،‬وبـاختالف األهـداف والمرجعيـات‪،‬‬
‫وذلـك بحسـب تعـدد زوايـا النظـر إليـه‪ ،‬وبحسـب اخـتالف المـذاهب الفكريـة‪ ،‬والتيـارات‬
‫الثقافيـة‪ ،‬والتوجهـات الدينيـة‪ .‬ممـا يجعلـه موضـوع تع ارض وص راع دائمين‪ .‬أفض ى إلى‬
‫وجود تعاريف كثيرة للقيم؛ نذكر منها‪:‬‬
‫قومت الشيء تقويما‪،‬‬
‫القيم‪ ،‬وفق معاجم اللغة‪ ،‬هي جمع قيمة‪ ،‬و"أصل القيمة الواو‪ ،‬ومنه‪َ :‬‬
‫وأصله أنك تقيم هذا مكان ذاك"‪.‬‬
‫لغة‪ :‬ورد في معجم مقاييس اللغة البن فارس مادة (قوم)‪ :‬يقال‪ :‬قام بهذا األمر‪ ،‬إذا اعتنقه‪.‬‬
‫ومن الباب‪ :‬قومت الشيء تقويما‪ ...‬وأصل القيمة الواو‪ ،‬وأصله أنك تقيم هذا مكان ذلك‪.‬‬
‫وفي لسان العرب‪ :‬القيمة‪ :‬واحدة القيم‪ ،‬وأصله الواو ألنه يقوم مقام الشيء‪.‬‬
‫القيمة اسم هيئة وتعرف في لسان العرب بأنها‪" :‬واحدة القيم وأصله الواو ألنه يقوم‬
‫مق ام الش يء‪ ،‬والقيم ة ثمن الش يء ب التقويم‪ ،‬نق ول تق اوموه فيم ا بينهم"‪( .‬ابن منظ ور‪،‬‬
‫‪1300‬ه)‪.‬‬
‫وقيمة الشيء في اللغة العربية قدره‪ ،‬يقال قيمة المرء ما يحسنه‪ ،‬والشيء القيم هو‬
‫م ا ل ه من قيم ة عالي ة‪ ،‬وتع ني القيم المكان ة الرفيع ة والمنزل ة العالي ة كم ا ج اء في محكم‬
‫التنزيل (فيها كتب قيمة) (سورة البينة اآلية‪ )3 :‬أي ذات قيمة عالية‪.‬‬
‫وفي القاموس المحيط‪ :‬وردت القيمة بكسر القاف أنها "واحدة القيم‪ ،‬وما له قيمة إذا‬
‫لم ي دم على ش يء‪ ،‬ومن ه قول ه تع الى‪( :‬ع ذاب مقيم) س ورة الش ورى‪ ،‬اآلي ة ‪ .45‬وقول ه‬
‫تعالى‪ :‬إن المتقين في مقام أمين‪ .‬سورة الدخان‪ ،‬اآلية ‪.)51‬‬
‫وقيل "أقمت الشيء وقومته فقام بمعنى استقام" (ابن منظور‪1300 ،‬هـ)‪ ،‬و"االستقامة‬
‫وهي اعتدال الشيء واستواؤه" (منظور‪1300 ،‬هـ)‪.‬‬
‫ويقص د ب القيم في المعجم ال تربوي مجموع ة من القواع د والمق اييس الص ادرة عن‬
‫جماع ة م ا‪ ،‬ويتخ ذونها مع ايير للحكم على األعم ال واألفع ال‪ ،‬ويك ون له ا ق وة االل تزام‬
‫والضرورة العمومية‪ ،‬ويعتبر أي خروج عنها بمثابة انحراف عن الجماعة ومثلها"‪.‬‬
‫من هنا نستخلص أن مادة "قوم" استعملت في اللغة العربية للداللة على معان منها‪:‬‬
‫قيمة الشيء وثمنه؛‬ ‫‪-‬‬
‫المكانة والمنزلة؛‬ ‫‪-‬‬
‫الثبات والدوام واالستمرار؛‬ ‫‪-‬‬
‫االستقامة واالعتدال‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أم ا في االص طالح فق د تب اينت التعريف ات الدال ة على مص طلح القيم حس ب اختالف‬
‫الباحثين والمفكرين في انتماءاتهم العلمية المختلفة‪.‬‬
‫القيم في علم النفس هي عب ارة عن "األحك ام ال تي يص درها الف رد بالتفضيل أو ع دم‬
‫التفضيل للموضوعات أو األشياء‪ ،‬وذلك في ضوء تقييمه أو تقديره لها"‪( .‬خليفة‪.)1992 ،‬‬
‫ويتم ذلك من خالل تفاعله بمعارفه وخبراته مع اإلطار االجتماعي الحضاري الذي‬
‫يعيش فيه فتكون القيم إذن‪ ،‬هي ذلك المحك الذي يحكم بمقتضاه ويحدد على أساسه ما هو‬
‫مرغوب فيه أو مفضل وما هو غير مرغوب فيه‪.‬‬
‫والقيم عند الفالسفة تطلق على "كل ما له شأن في التصور وفي الفعل لدى األفراد"‬
‫(العوا‪ .)1986 ،‬ويطلق لفظ القيمة من الناحية الموضوعية على "ما يتميز به الشيء من‬
‫صفات تجعله مستحقا للتقدير كثيرا أو قليال‪ ،‬فإن كان مستحقا للتقدير بذاته كالحق والخير‬
‫والجم ال‪ ،‬ك انت قيمت ه مطلق ة‪ ،‬وإ ن ك ان مس تحقا للتق دير من أج ل غ رض معين كالوثائق‬
‫التاريخية‪ ،‬والوسائل التعليمية‪ ،‬كانت قيمته إضافية"‪( .‬صليبا‪.)1982 ،‬‬
‫مفهوم التربية على القيم‬
‫أم ا التربي ة على القيم فهي عملي ة تنش ئة األف راد على أس س ومع ايير تجع ل منهم‬
‫مواط نين ص الحين‪ ،‬ف اعلين متش بعين بقيم الع دل والس لم والمس اواة واح ترام االختالف‬
‫والتع ايش م ع اآلخ ر‪ ...‬وغيره ا من القيم ال تي تس اهم في بن اء اإلنس ان ال ذي يعت بر اللبن ة‬
‫األساس في بناء المجتمع‪.‬‬
‫والتربي ة على القيم تعت بر أح د األدوار األساس ية للمدرس ة وأح د الم داخل األساس ية‬
‫للتربي ة والتك وين‪ ،‬إض افة إلى األدوار األخ رى كنق ل المعرف ة اإلنس انية وإ ع داد االف راد‬
‫للمجتمع الحالي والمجتمعات المستقبلية‪ .‬وهي ليست مهمة المدرسة وحدها‪ ،‬بل ال بد من‬
‫تظافر جهود عدة مؤسسات تتحمل هذه المسؤولية‪ ،‬وتأتي في مقدمتها األسرة التي تعتبر‬
‫اللبن ة األولى في بن اء الف رد‪ ،‬فيه ا يكتس ب الطف ل قيم ه اإليجابي ة األولى‪ ،‬نظ را ألن الطف ل‬
‫يكتس ب من والدي ه الكث ير من الع ادات واألخالق والمف اهيم واألفك ار‪ ،‬باإلض افة إلى إخوت ه‬
‫وباقي أفراد أسرته‪ .‬وهي البيئة الثقافية األولى التي يكتسب منها الطفل لغته وقيمه وتؤثر‬
‫في تكوين ه الجس مي والنفس ي واالجتم اعي والعق دي‪ .‬إال أن ه ذه األس رة إذا ك ان يس ودها‬
‫الجهل واألمية‪ ،‬فإن ذلك سيحول دون تأدية واجبها على الوجه األكمل‪ ،‬لذلك فإن المدرسة‬
‫هي ال تي تتحم ل المس ؤولية العظمى باعتباره ا المس ؤولة عن إع داد الف رد المتمث ل للقيم‬
‫وال ذي س يكون ب دوره عض وا ف اعال في أس رته في س بيل المش اركة الفعال ة في بن اء أف راد‬
‫متش بعين ب القيم الس امية‪ .‬كم ا ال يجب إغف ال دور وس ائل اإلعالم‪ ،‬باعتباره ا الم ؤثر األول‬
‫واألق وى عن د اإلنس ان وخصوص ا الطف ل‪ ،‬إض افة إلى دور جمعي ات المجتم ع الم دني‪،‬‬
‫واألحزاب في بناء اإلنسان المواطن الفاعل‪ ،‬وتربيته على القيم الوطنية واإلنسانية عموما‪.‬‬
‫القيم في الوثائق الرسمية‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين‬ ‫‪-1-1‬‬
‫أك د الميث اق الوط ني للتربي ة والتك وين في القس م المتعل ق بالمب ادئ األساس ية أن من‬
‫المرتك زات الثابت ة أن نظ ام التربي ة والتك وين للمملك ة المغربي ة يهت دي "بمب ادئ العقي دة‬
‫اإلسالمية وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف باالستقامة والصالح‪ ،‬المتسم باالعتدال‬
‫والتسامح‪ ،‬الشغوف بطلب العلم والمعرفة‪ ،‬في أرحب آفاقهما‪ ،‬والمتوقد لالطالع واإلبداع‪،‬‬
‫والمطبوع بروح المبادرة اإليجابية واإلنتاج النافع"‪.‬‬
‫وتم التأكي د على القيم في مبحث الغاي ات الك برى أيض ا‪ ،‬وعلى أن نظ ام التربي ة‬
‫والتك وين ينبغي أن ينهض بوظائف ه كامل ة تج اه األف راد والمجتم ع بم ا في ذل ك "تنش ئة‬
‫األطفال على االندماج االجتماعي‪ ،‬واستيعاب القيم الدينية والوطنية والمجتمعية‪ ...‬ومنحهم‬
‫فرصة اكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهلهم لالندماج في الحياة العملية‪...‬‬
‫وفي عنص ر حق وق وواجب ات األف راد والجماع ات تم التأكي د على ض رورة إعط اء‬
‫الم ربين "المتعلمين المث ال والق دوة في المظه ر والس لوك واالجته اد والفض ول الفك ري‬
‫والروح النقدية البناءة‪".‬‬
‫‪ -1-2‬الرؤية االستراتيجية ‪2030/2015‬‬
‫لقد نصت الرؤية االستراتيجية لإلصالح ‪ 2015/2030‬في الرافعة الثامنة عشر "ترسيخ‬
‫مجتم ع المواطن ة والديمقراطي ة والمس اواة" على م دخل القيم بش كل واض ح وص ريح‪ .‬كم ا‬
‫سجلت أنه على الرغم من االهتمام الذي أولته المدرسة المغربية للتربية على القيم وحقوق‬
‫اإلنس ان والمواطن ة‪ ،‬فق د "اس تمرت الس لوكات الالمدني ة في االنتش ار‪ ،‬ك الغش والعن ف‬
‫واإلضرار بالبيئة والملك العام داخل المؤسسات التعليمية والتكوينية وفي محيطها"‪.‬‬
‫ل ذلك دعت إلى "جع ل التربي ة على القيم الديموقراطي ة والمواطن ة الفاعل ة وفض ائل‬
‫الس لوك الم دني‪ ،‬والنه وض بالمس اواة ومحارب ة ك ل أش كال التمي يز‪ ،‬خي ارا اس تراتيجيا ال‬
‫محيد عنه‪ ،‬يتم تصريفه على المستويات األربعة التالية‪:‬‬
‫مستوى النهج التربوي؛‬ ‫‪-‬‬
‫مستوى البنيات التربوية واآلليات المؤسساتية؛‬ ‫‪-‬‬
‫مستوى الفاعلين التربويين؛‬ ‫‪-‬‬
‫مستوى عالقة المؤسسة التربوية بالمحيط‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وق د بينت بش كل دقي ق م ا ينبغي فعل ه على ك ل مس توى‪ .‬ومن ض من م ا دعت إلي ه‬
‫على مستوى النهج التربوي‪" :‬إدماج المقاربة القيمية والحقوقية في صلب المناهج وال برامج‬
‫والوس ائط التعليمي ة‪ ،‬م ع العم ل على التجس يد الفعلي‪ ،‬ثقاف ة وس لوكا‪ ،‬للقيم المتقاس مة‪،‬‬
‫والس لوك الم دني‪ ،‬والممارس ة الديموقراطي ة داخ ل البيئ ة المدرس ية والجامعي ة والتكويني ة‪،‬‬
‫وك ذا حس االنتم اء إلى ال وطن في تالحم مقوم ات هويت ه ومكوناته ا العربي ة واإلس المية‬
‫واألمازيغي ة والص حراوية الحس انية وغ نى رواف دها اإلفريقي ة واألندلس ية والعبري ة‬
‫والمتوسطية‪ ،‬كما ورد في تصدير الدستور‪".‬‬
‫‪-1-3‬القيم في تقرير‪ 4‬المجلس األعلى للتربية‪ 4‬والتكوين‬
‫‪ -‬إدماج التربية على القيم ضمن المناهج والبرامج والتكوينات؛‬
‫‪ -‬اعتماد الوسائط المتعددة والفضاء الرقمي في برامج وأنشطة التربية على القيم؛‬
‫‪ -‬اع ادة االعتب ار للحي اة المدرس ية والجامعي ة بش كل يس هم في تحقي ق أه داف التربي ة على‬
‫القيم؛‬
‫‪ -‬إرساء آليات للوساطة وتدبير الخالفات وفك التوترات بالحوار والتفاوض؛‬
‫‪ -‬تعزي ز من اهج التك وين األس اس والمس تمر للف اعلين ال تربويين بوح دات ق ارة في التربي ة‬
‫على القيم؛‬
‫‪ -‬تجديد صيغ الشراكة والتعاون بين المدرسة ومحيطها الخارجي؛‬
‫‪ -‬دعم البحث التربوي في مجال قضايا القيم؛‬
‫‪ -‬إعداد ميثاق تربوي تعاقدي وطني للتربية على القيم؛‬
‫‪ -‬بلورة إطار مرجعي لمنظومة القيم المدرسية‪.‬‬
‫المدرس ومسؤولية تنمية القيم لدى المتعلمين‬
‫تتجلى مسؤولية المدرس في تنمية القيم لدى المتعلمين فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬حرص ه على إض فاء الص بغة القيمي ة على م ا يقدم ه للمتعلم من مع ارف ومعلوم ات‪،‬‬
‫وتوض يح ط رق اس تفادة اإلنس انية منه ا‪ ،‬ويوج ه المتعلم إلى معياري ة الس لوك االجتم اعي‪،‬‬
‫والتفاعل مع قضايا المجتمع الخارجي ومشكالته؛‬
‫‪ -‬استخدام المدرس استراتيجيات تدريس جديدة مثل حلقات العصف الذهني‪ ،‬مجموعات‬
‫المناقش ة‪ ،‬التعلم التع اوني‪ ،‬الخ برات الميداني ة‪ ،‬التعلم ال ذاتي‪ ،‬ال دراما وتمثي ل األدوار‪،‬‬
‫اس تخدام ح ل المش كالت‪ ،‬وذل ك كل ه من أج ل تنمي ة وتك وين مف اهيم علمي ة ص حيحة‪ ،‬تول د‬
‫قناعات فكرية لدي المتعلم حول الدالالت الوظيفية لمفاهيم العلم‪ ،‬وأهميتها في دعم عوامل‬
‫ارتقاء البشر؛‬
‫‪ -‬حسن استثمار برامج اإلذاعة المدرسية من قبل المعلم في تنمية االنتماء الوطني وتعليم‬
‫المواطن ة الص الحة‪ :‬من خالل استعراض ه للقيم والص فات الوطني ة في ال برامج‪ ،‬وتعري ف‬
‫المتعلم أس س الح وار البن اء‪ ،‬والمش اركة في تنمي ة البيئ ة والمجتم ع المحلي‪ ،‬والتع رف على‬
‫المشكالت والمساهمة في إيجاد حلول لها‪ ،‬والتدريب على مناقشة موضوعات الشأن العام؛‬
‫‪ -‬مناقش ة الم درس لبعض القض ايا االجتماعي ة أو المش كالت المختلف ة في ثناي ا الحص ة‬
‫والموجودة في المجتمع والتي يتعايش معها المتعلم‪ ،‬وتعريفهم بأبعادها وتأثيراتها المختلفة‬
‫على الفرد والمجتمع‪ ،‬مثل قضية األمية والتسرب من التعليم‪ ،‬انتشار األمراض المتوطنة‪،‬‬
‫انتشار الفقر وسوء التغذية‪ ،‬انتشار أطفال الشوارع‪ ،‬وغيرها؛‬
‫‪ -‬تحقيق المدرس مبدأ العدالة في التعامل مع المتعلمين وكل ما يخص شؤونهم‪ ،‬حيث إن‬
‫تحقيق العدالة يزيد من مستوي الثقة بين المتعلم والمدرس‪ ،‬وبين المتعلم والمجتمع‪ ،‬وتقبلهم‬
‫نس ق القيم االجتماعي ة‪ ،‬فتتفت ق ن وازع الحب‪ ،‬والتع اون‪ ،‬واالل تزام ب الواجب‪ ،‬واالنتم اء‬
‫والوالء للمجتمع وللوطن‪ ،‬وبالتالي يزداد الوعي بالمسؤولية االجتماعية والوطنية لديه‪.‬‬
‫أهمية التربية على القيم‬
‫‪ -1‬تكتسي القيم والتربية على فضائلها أهمية قصوى بالنسبة للمجتمع‪ ،‬لكونها تُعتبر أحد‬
‫مرتك زات الحي اة اإلنس انية في جانبيه ا الف ردي واالجتم اعي‪ .‬ل ذلك‪ ،‬تع د التربي ة على القيم‬
‫مس ؤولية متقاس مة تض طلع به ا المدرس ة‪ ،‬إلى ج انب األس رة ووس ائل اإلعالم‪ ،‬وب اقي‬
‫المؤسسات التي تؤدي وظائف ذات صلة بالتربية والتثقيف والتأطير‪ .‬ذلك أن التأكيد على‬
‫الدور المركزي للمدرسة في هذا الشأن اعتبارا لمكانتها في حياة كل فرد‪ ،‬وبالنظر للفترة‬
‫الزمنية التي يقضيها فيها‪ ،‬ال يعني تخلي باقي فعاليات وهيئات المجتمع عن القيام بمهامها‪،‬‬
‫بقدر ما هو تأكيد على تكامل األدوار مع اختالف الوظائف‪.‬‬
‫‪ -2‬يع د االرتق اء بالتربي ة على القيم رس الة تربوي ة تف رض ذاته ا بإلح اح على المجتمع ات‬
‫المعاص رة‪ .‬غ ير أن االض طالع به ا يس ائل بالدرج ة األولى المنظوم ات التربوي ة‪ ،‬ويجع ل‬
‫مسؤوليتها مركزية‪ ،‬ودورها حاسما ودائم الراهنية‪.‬‬
‫‪ -3‬تشكل القيم تفضيالت جماعية ومعيارية‪ ،‬تحيل على أساليب للوجود والتصرف‪ ،‬يرى‬
‫فيها األفراد أو الجماعات أمثلة عليا‪ ،‬توجد في عمق الحياة اليومية‪ ،‬وفي الفكر والخطاب‪،‬‬
‫والس لوك والممارس ة‪ ،‬وتُعت بر في الكث ير من األحي ان مص درا للق رارات واألحك ام العملي ة‪.‬‬
‫فهي تمثل نسقا مرجعيا ثالثيا‪ :‬بعضها يأخذ شكل نماذج متوخاة‪ ،‬وآفاقا للفعل‪ ،‬رغم كونها‬
‫تبدو مثالية بعيدة المنال داخل الواقع كالمساواة؛ وبعضها يمثل مبادئ فعلية للسلوك ألجل‬
‫ت دبير الحي اة الفعلي ة‪ ،‬كالنزاه ة‪ ،‬والتس امح‪ ،‬واالس تقامة؛ فيم ا يك ون بعض ها اآلخ ر مع ايير‬
‫عملي ة عام ة للحكم على الممارس ة‪ ،‬أو التجدي د‪ ،‬أو التغي ير‪ ،‬من قبي ل المص لحة والفعالي ة‬
‫والنجاعة‪.‬‬
‫‪ -4‬انطالق ا مم ا س بق‪ ،‬تش كل القيم مب ادئ ومع ايير متقاس مة لتوجي ه المف اهيم والتمثالت‬
‫واألحك ام (التقييم ات) والس لوكات والمواق ف واالتجاه ات والمس وغات ال تي يتم إض فاؤها‬
‫على الفك ر والممارس ة والس لوك‪ .‬وتش غل موق ع المرجعي ات الم ؤطرة والموجه ة لغاي ات‬
‫العيش المشترك‪ .‬كما ترتبط بسيرورة الواقع البشري وبدينامية المجتمعات وتحوالتها‪.‬‬
‫‪ -5‬تنه ل القيم من مختل ف مرجعي ات المجتم ع الديني ة والتاريخي ة والسياس ية والثقافي ة‬
‫والحقوقي ة‪ ،‬ومن رواف ده المحلي ة والوطني ة واإلقليمي ة والعالمي ة‪ ،‬وتش كل ب ذلك الح افز‬
‫الض امن للتعبئ ة المس تدامة من أج ل تعزي ز الهوي ة واالنتم اء‪ ،‬والتعري ف به ا وص يانتها‬
‫وال دفاع عنه ا‪ ،‬وتثمين العم ل اإلنس اني‪ ،‬م ع ض مان التفاع ل م ع الحض ارات والثقاف ات‬
‫األخ رى‪ ،‬واس تثمار غ نى االختالف والتن وع في بن اء المش ترك اإلنس اني‪ .‬إلى ج انب ذل ك‪،‬‬
‫تُع د القيم ش رطا ً أساس يا لبن اء المجتم ع الم واطن وال ديمقراطي‪ ،‬وللنه وض ب الحقوق‬
‫والحريات وصيانتها‪ ،‬وللتطور المجتمعي واالرتقاء اإلنساني لألفراد والجماعات‪.‬‬
‫أهمية التربية على القيم ودورها في تكوين األفراد‬
‫ينطل ق المجلس األعلى للتربي ة والتك وين والبحث العلمي‪ ،‬في تقري ره عن "التربي ة‬
‫على القيم بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي" من اعتب ارات أساسية‪ ،‬في‬
‫مق دمتها‪ - :‬األهمي ة الخاص ة ال تي تكتس يها منظوم ة القيم والتربي ة عليه ا‪ ،‬مم ا يجعله ا في‬
‫ص ميم انش غاالت الدول ة والمجتمع‪ ،‬وفي ص لب النق اش العم ومي ح ول المدرس ة وأدواره ا‬
‫االجتماعية والثقافية والتأهيلية؛‬
‫‪ -‬كونها تمثل أحد مداخل تكوين وتأهيل الرأسمال البشري وتنميته بشكل مستدام وفرصة‬
‫موص ولة لمس اءلة وتعمي ق النظ ر في ق درة المنظوم ة التربوي ة على التنش ئة واإلدم اج‬
‫القيمي؛‬
‫‪ -‬كون تعزيز التربية على القيم يعد رافعة لالضطالع األمثل بمختلف وظائف المنظومة‬
‫التربوي ة‪ ،‬واالرتق اء بج ود ‪ē‬ا على المس تو‪ʮ‬ت التنظيمي ة والمؤسس اتية والبش رية والتربوي ة‬
‫والمادية؛‬
‫‪ -‬ك ون آثار التربي ة على القيم التهم مي ادين التعليم والتك وين والتأهي ل والبحث فق ط‪ ،‬ب ل‬
‫تمتد أيضا إلى عمق التنمية البشرية والبيئية‪ .‬وهو ما تؤكده التقارير الوطنية والدولية حول‬
‫التنمية البشرية حينما تعتبر أن تعزيز المنظومة القيمية‪ ،‬بكامل أبعادها األخالقية والسياسية‬
‫والحقوقية والبيئية‪ ،‬لدى األفراد والجماعات والمؤسسات االجتماعية‪ ،‬يشكل أحد المسارات‬
‫القوي ة والوازن ة في الرف ع من مؤش رات النم و االقتص ادي‪ ،‬وتحس ين أوض اع األف راد‪،‬‬
‫واالرتق اء المس تمر بمؤش رات التنمي ة البش رية والبيئي ة في عالقته ا باإلنص اف والمس اواة‪،‬‬
‫وتحقي ق الديمقراطي ة‪ ،‬ومحارب ة التهميش والهشاش ة"‪( .‬المجلس األعلى للتربي ة والتك وين‬
‫والبحث العلمي‪.)2017 ،‬‬
‫تنبع‪ 4‬أهمية التربية على القيم‪ ،‬من كونها تسهم في‪:‬‬
‫‪ -‬تمكين المنظوم ة من تعزي ز االض طالع بإح دى وظائفه ا األساس ية المتمثل ة في التنش ئة‬
‫االجتماعية والتربية؛‬
‫‪ -‬مس اعدتها على االرتق اء بج ودة نس قها التكوي ني في تكام ل بين بن اء وتنمي ة المه ارات‬
‫وترسيخ القيم؛‬
‫‪ -‬تيس ير ق درة المدرس ة على تمكين المتعلمين والخ ريجين من ان دماجهم السوس يو‪-‬ثق افي‬
‫والقيمي؛‬
‫‪ -‬تطوير أساليب عملها التربوي ونظام العالقات داخل فضاءاتها‪ ،‬وبين مؤسسات التربية‬
‫والتكوين والبحث وبين محيطها‪ ،‬على نحو يرسخ البعد القيمي وثقافة الحقوق والواجبات؛‬
‫‪ -‬جع ل المنظوم ة التربوي ة رافع ة من رافع ات االرتق اء بمجتم ع تس وده منظوم ة القيم‬
‫المنص وص عليه ا في الدس تور"‪( .‬المجلس األعلى للتربي ة والتك وين والبحث العلمي‪ ،‬ين اير‬
‫‪.)2017‬‬
‫ومن بين القيم التي تعمل المدرسة المغربية على غرسها في نفوس األفراد‪:‬‬
‫‪ -‬ترسيخ الهوية المغربية الحضارية‪ ،‬والوعي بتنوع وتفاعل وتكامل روافدها؛‬
‫‪ -‬تكريس حب الوطن وتعزيز الرغبة في خدمته؛‬
‫‪ -‬تنمية الوعي بالواجبات والحقوق؛‬
‫‪ -‬التربية على المواطنة وممارسة الديمقراطية؛‬
‫‪ -‬التشبع بروح الحوار والتسامح وقبول االختالف؛‬
‫‪ -‬ترسيخ قيم المعاصرة والحداثة‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫يعد المدرس طرفا فاعال في ترسيخ القيم اإليجابية في المنه اج الدراسية والبرامج‬
‫التربوية في كل المحطات واألنشطة‪ .‬ولهذا البد من تكثيف اللقاءات التربوية والتأطيرية‬
‫والتكويني ة قص د تحس يس المدرس ين بأهمي ة م دخل القيم وكيفي ة توظيف ه في الحص ص‬
‫الدراسية وفي أنشطة الحياة المدرسية‪ .‬كما ينبغي العمل على االنفتاح على الحياة المدرسية‬
‫من خالل اق تراح أنش طة موازي ة ت ربي المتعلم على قيم اإلب داع والتع اون والتواص ل‬
‫والحوار والمبادرة وغيرها من القيم اإليجابية‪.‬‬

You might also like