You are on page 1of 330

‫‪The Future of Happiness‬‬

‫‪5 Modern Strategies for Balancing Productivity‬‬


‫‪and Well - Being in the Digital Era‬‬

‫السعادة‬
‫مستقبل ّ‬
‫‪ 5‬استراتيجيات حديثة‪ ،‬لتحقيق التوازن‬
‫قمي‬
‫ّ‬ ‫الر‬
‫اإلنتاجية والرفاه في العصر ّ‬
‫ّ‬ ‫بين‬

‫إيمي بالنكسون‬
‫ترجمة‪ :‬مروان سعد الدين‬

‫‪© 2018 Qindeel printing, publishing & distrubtion‬‬


‫ال يجوز نشر أي جزء من هذا الكتاب‪ ،‬أو نقله على أي نحو‪ ،‬و بأي طريقة‪ ،‬سواء‬
‫أكانت إلكترونية أم ميكانيكية أم بالتصوير أم بالتسجيل أم خالف ذلك‪،‬‬
‫إال بموافقة الناشر على ذلك كتابة مقدمًا‪.‬‬

‫اآلراء الواردة في هذا الكتاب ال تعبر بالضرورة عن رأي الناشر‬

‫موافقة « المجلس الوطني لإلعالم» في دولة اإلمارات العربية المتحدة‬


‫رقم‪ MC-02- 01-5406521 :‬تاريخ ‪2018/2/6‬‬
‫‪ISBN: 978 - 9948 - 39 - 335 - 1‬‬

‫للطبــاعـة والنــشر والتــوزيـع‬


‫‪Printing, publishing & Distribution‬‬

‫ص‪ .‬ب‪ 47417 :‬شـــارع الشــيخ زايــــد‬


‫دبي ‪ -‬دولة اإلمارات العربية المتحدة‬
‫البريــد اإللكــتروني‪info@qindeel.ae :‬‬
‫الموقع اإللكتروني‪www.qindeel.ae :‬‬

‫جميع الحقوق محفوظة للناشر ‪2018‬‬

‫الطبعة األولى‪ :‬شباط ‪ /‬فبراير ‪ 2018‬م ‪ 1439 -‬هـ‬


‫اإلهــداء‬

‫�أهدي هذا الكتاب �إىل بناتي الثالث‪:‬‬


‫كري�ستيانا‪ ،‬وغابريال‪ ،‬وكوبي لني‪.‬‬
‫�أمتنى �أن يكون م�ستقبلكن م�شرق ًا مثل ابت�ساماتكن‪،‬‬
‫و�أن ت�ضفي ابت�ساماتكن البهجة على م�ستقبل اجلميع!‬
‫المحتويات‬

‫‪11‬‬ ‫استهالل‬
‫‪15‬‬ ‫تقديم المترجم‬
‫‪17‬‬ ‫الصعبة المعاصرة‬
‫المهمة ّ‬
‫ّ‬ ‫مدخل‪:‬‬
‫الف�صل الأول‬
‫قمي‬
‫الر ّ‬
‫الأ�سئلة الثالثة المهمة في الع�صر ّ‬
‫‪29‬‬ ‫إلى أين نتجه؟‬
‫‪29‬‬ ‫إغواء األضواء‬
‫‪37‬‬ ‫هل سنكون أفضل حاالً من دون التّقانة؟ قبل صندوق باندورا‬
‫‪45‬‬ ‫السعادة؟‬
‫كيف سيبدو شكل ّ‬
‫الف�صل الثاني‬
‫اال�ستراتيجيات الخم�س‬
‫لتحقيق التوازن بين الإنتاج ّية والرفاه‬

‫‪51‬‬ ‫اال�ستراتيجية رقم ‪ :1‬اتخاذ االحتياطات الالزمة‬


‫‪51‬‬ ‫وتوجهها بفاعلية؟‬
‫ّ‬ ‫كيف تركّز طاقتك‬
‫‪52‬‬ ‫التحدّ ي‪ :‬التخ ّلص من إلهاء التّقانة ّ‬
‫وتعودها‬
‫‪65‬‬ ‫االستراتيجية‪ :‬النية في الحفاظ على تركيزنا‬

‫‪91‬‬ ‫اال�ستراتيجية رقم ‪ّ :2‬‬


‫تعرف �إلى ذاتك‬
‫كيف يساعد تقويمك لنفسك في التخ ّلص من العوائق التي تعترض‬
‫‪91‬‬ ‫ثقتك بإمكاناتك؟‬
‫‪93‬‬ ‫تعرف إلى العوائق التي تعترض طريقك‬‫التحدّ ي‪ّ :‬‬
‫‪97‬‬ ‫االستراتيج ّية‪ :‬االهتمام بقراراتك المص ّغرة‬
‫‪123‬‬ ‫اال�ستراتيجية رقم ‪ :3‬د ّرب عقلك‬
‫‪123‬‬ ‫كيف ترتّب لبنات ٍ‬
‫ذهن أكثر ذكا ًء وسعادة؟‬
‫ذهنية صعبة ِ‬
‫المراس‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫التعامل مع‬ ‫التحدّ ي‪:‬‬
‫‪126‬‬
‫‪129‬‬ ‫االستراتيجية‪ :‬تحسين طريقة تفكيرك‬
‫‪155‬‬ ‫اال�ستراتيجية رقم ‪� :4‬إن�شاء بيئة لل�سعادة‬
‫‪155‬‬ ‫كيف نكون أكثر سعادة في منازلنا‪ ،‬وأماكن عملنا‪ ،‬ومجتمعاتنا؟‬
‫‪157‬‬ ‫التحدّ ي‪ :‬هل التّقانة صديقنا أم عدونا؟‬
‫االستراتيجية‪ :‬إعادة تصميم المساحات‪ ،‬واألماكن‪ ،‬واألسيجة بينها ‪159‬‬

‫‪229‬‬ ‫اال�ستراتيجية رقم ‪ :5‬االبتكار بوعي‬


‫كيف تستخدم قدرتك الفطرية في تكوين مستقبل التّقانة والسعادة؟ ‪229‬‬
‫‪230‬‬ ‫السعادة‬
‫التحدّ ي‪ :‬السعي لترقية ّ‬
‫‪234‬‬ ‫االستراتيجية‪ :‬إنشاء عالم جديد متوازن‬
‫‪265‬‬ ‫رسالة ختام ّية‬
‫‪269‬‬ ‫خالصة النقاط الرئيسة‬
‫‪273‬‬ ‫مسرد مصطلحات‬
‫‪277‬‬ ‫مراجع تكنولوجية‬
‫‪281‬‬ ‫الهوامش‬
‫‪305‬‬ ‫مسرد أسماء‬
‫‪319‬‬ ‫شكر وتقدير‬
‫‪325‬‬ ‫الكاتبة‬
‫‪327‬‬ ‫جود‪-‬ثنك‬
‫استهــالل‬

‫ســافرت إلــى أكثر مــن خمســين بلد ًا فــي األعــوام العشــرة الماضية؛‬
‫الســعادة واإلمكانــات البشــرية‪ .‬فــي‬ ‫فــي محاولــة لفهــم الصلــة بيــن ّ‬
‫ذلــك الوقــت‪ ،‬كنــت قــد شــهدت بــروز حركــة إيجاب ّيــة تنبثــق فــي‬
‫شــركاتنا ومدارســنا‪ ،‬ولكــن الحظــت أيض ـ ًا أن النّــاس يعانــون كثيــر ًا‪.‬‬
‫باتــت معــدالت االكتئــاب عاليــة علــى نحــو غيــر مقبــول‪ ،‬وقــد‬
‫‪11‬‬
‫تفشــت العزلــة مثــل ســرطان‪ ،‬ولــم يعــد التــداوي نافعــ ًا‪ .‬تنتشــر‬ ‫ّ‬
‫اضطرابــات التغذيــة والعنــف فــي مدارســنا‪ ،‬وتصــل حــاالت الطــاق‬
‫واالنتحــار إلــى معــدالت عاليــة‪ .‬يمكــن عكــس هــذه النزعــات‪،‬‬
‫ويجــب علينــا القيــام بهــذا‪ ،‬إذا أردنــا مجتمعــ ًا مزدهــر ًا‪.‬‬
‫الماســة إلــى ذلــك‪ ،‬إال أنــه يبــدو‬
‫ّ‬ ‫لكــن علــى الرغــم مــن حاجتنــا‬
‫أننــا قــد فقدنــا أهــم القــدرات اإلنســانية‪ :‬إمكانيــة منــح الدمــاغ فرصــة‬
‫للراحــة‪ ،‬وتركيــز اهتمامنــا علــى مــا نقــوم بــه‪ ،‬والســعي لمــا فيــه‬
‫ـور عالــم أفضــل‪ ،‬ومنــح عالقاتنــا األولويــة التــي‬ ‫خيــر النّــاس‪ ،‬وتصـ ّ‬
‫تســتحقها‪ .‬بوصفــي باحثـ ًا أراقــب النزعــات الســائدة‪ ،‬أظــن أننــا يجــب‬
‫أن نطــرح ســؤاالً أساســي ًا حيــن نشــرع فــي قــراءة هــذا الكتــاب وهــو‪:‬‬
‫للســعادة؟ أظــن أن إيمــي بالنكســون تقــدم أفضــل‬ ‫هــل هنــاك مســتقبل ّ‬
‫جــواب‪ ،‬يســتند إلــى البحــث‪ ،‬قــد رأيتــه عــن هــذا الســؤال‪ ،‬وعــن‬
‫إحــدى أكبــر التحديــات فــي العالــم المعاصــر‪.‬‬
‫نعيــش فــي ظــل ثورتيــن توأمـ ًا‪ :‬ثــورة تكنولوجيــة يعرفهــا الجميــع‪،‬‬
‫وتتيــح لنــا امتــاك هواتــف وســاعات ذكيــة‪ ،‬وثــورة إنســانية متواريــة‬
‫خلــف ذلــك التقــدّ م التكنولوجــي‪ .‬يمكننــا النظــر إلــى مــا يوجــد خلف‬
‫الســتارة‪ ،‬بفضــل تلــك التّقانــة جزئيــ ًا‪ ،‬لفهــم طريقــة عمــل العقــل‬
‫ـري فــي أثنــاء قيامنــا برســم لوحــة الحقيقــة‪ .‬لقــد أ ّدى هــذا إلــى‬
‫البشـ ّ‬
‫اإليجابــي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تطــورات مهمــة فــي مجــاالت علــم النفــس‬ ‫ّ‬ ‫حــدوث‬
‫والعلــوم العصبيــة‪ ،‬واالرتجــاع البيولوجــي‪ .‬وعنــد دمــج هــذه الحقــول‬
‫الثالثــة فــي الثــورة التكنولوجيــة‪ ،‬بدأنــا رؤيــة صــورة دقيقــة وواضحــة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫للقــدرات البشــرية فــي التاريــخ‪.‬‬
‫الســعادة‪ ،‬مــن الناحيــة العلميــة‪ ،‬خيــار ُيبنــى علــى‬
‫نــدرك اآلن أن (‪ّ )1‬‬
‫طريقــة اســتفادتنا مــن مواردنــا العقل ّيــة‪ ،‬وأن (‪ )2‬بمقدورنــا مراقبة انتشــار‬
‫الســعادة عبــر الشــبكات االجتماعيــة‪ ،‬وأن (‪ )3‬باســتطاعتنا اآلن قيــاس‬ ‫ّ‬
‫الســعادة فــي كل مجــاالت الحيــاة‪ .‬يمكــن أن تســاعدنا‬ ‫مــدى أهم ّيــة ّ‬
‫‪12‬‬
‫التّقانــة فــي تلــك الرحلــة لتحقيــق االســتفادة المثلــى مــن قدراتنــا‪.‬‬
‫بالنســبة إلــى أولئــك الذيــن ال يعلمــون األمــر‪ ،‬إيمــي بالنكســون‬
‫هــي شــقيقتي‪ ،‬التــي يــرد ذكرهــا علــى أنهــا «وحيــدة قــرن» فــي‬
‫مقربيــن منــذ والدتهــا‪ ،‬وقــد‬ ‫برنامجــي‪ .‬ال أزال وشــقيقتي صديقيــن ّ‬
‫لعبنــا كــرة القاعــدة للصغــار معــ ًا‪ ،‬وفزنــا ببطولــة الواليــة للنقــاش‬
‫العــام فــي تكســاس ســوية‪ ،‬وانتســب كالنــا إلــى جامعــة هارفــارد‪.‬‬
‫ـت مــن كامبريدج‬ ‫ـت د‪ .‬بوبــو الشــهير وأنجبــا أوالد ًا‪ ،‬انتقلـ ُ‬
‫تزوجـ ْ‬
‫عندمــا َ‬
‫إلــى تكســاس للعيــش فــي الشــارع نفســه الــذي تســكن أســرتها فيــه‪.‬‬
‫الســعادة إلى أشــخاص‬ ‫أردت تأســيس شــركة تقــدّ م أبحاثـ ًا عــن ّ‬ ‫ُ‬ ‫عندمــا‬
‫ـدت شــراك ًة لهــذا الغــرض مــع إحــدى أفضــل أصدقائــي‬ ‫آخريــن‪ ،‬عقـ ُ‬
‫(وأقــرب جيرانــي أيض ـ ًا)‪.‬‬
‫علــى امتــداد األعــوام العشــرة الماضيــة‪ ،‬كانــت إيمــي قــد ســاعدت‬
‫فــي إدارة مشــروعنا المشــترك‪ ،‬الــذي يعمــل اآلن مــع نحــو نصــف‬
‫الشــركات المدرجــة علــى قائمــة فورتشــين ‪ .100‬لقــد ســافرنا إلــى‬ ‫ّ‬
‫كل مــكان مع ـ ًا‪ :‬مــن لنــدن‪ ،‬للعمــل مــع معمارييــن لبنــاء مــدن أكثــر‬
‫الســعادة فــي‬
‫ســعادة‪ ،‬إلــى ناســا البتــكار وســائل لالســتفادة مــن ّ‬
‫إيصالنــا إلــى المريــخ‪ ،‬إلــى مراكــز اإلصابــات الدماغيــة إلجــراء‬
‫أبحــاث عــن الســبل التــي يســاعد بهــا العالــم االفتراضــي الجنــود‬
‫العائديــن مــن أرض المعركــة‪.‬‬
‫المفضلــة بـــ «أوبــرا وينفــري» الجالســة فــي‬
‫ّ‬ ‫ترتبــط إحــدى ذكرياتــي‬
‫باحتهــا الخلفيــة فــي مونتيســيتو‪ ،‬كاليفورنيــا‪ ،‬تنــادي بصــوت رخيــم عبــر‬
‫ـار فــي موقــع تصويــر «ســوبر ســول ســنداي» علــى «إيمــي وحيــدة‬ ‫مجهـ ٍ‬
‫القــرن» لتنضــم إليهــا فــي حديقتهــا مــن أجــل أن تعانقهــا فقــط‪ .‬دعــت‬
‫إيمــي بعــد ذلــك إلــى غــداء خــاص فــي منزلهــا؛ لتتحدثــا عــن العمــل‬
‫الــذي تقــوم بــه فــي أفريقيــا‪ .‬عندمــا تلتقــي إيمــي ‪ -‬وآمــل أن يتسـنّى لــك‬
‫ذلــك ‪ -‬ســوف تالحــظ مــا يجعلهــا شــخص ًا مم َّيــز ًا‪ .‬هــي مزيــج نــادر‬
‫‪13‬‬
‫مــن اللطــف‪ ،‬والطاقــة اإليجاب ّيــة‪ ،‬مقرو َن ْيــن بالخبــرة والحكمــة‪.‬‬
‫تُعــدُّ إيمــي إحــدى أولئــك األشــخاص الذيــن تنبثــق جاذبيتهــم مــن‬
‫استهالل‬

‫تواضعهــم‪ ،‬وســأقوم بالتباهــي نيابــة عنهــا؛ ألنهــا خجولــة بطبيعتهــا‪:‬‬


‫ليــس هنــاك أحــدٌ أفضــل مــن إيمــي لتأليــف هــذا الكتــاب؛ بشــهاداتها‬
‫التــي حصلــت عليهــا مــن هارفــارد وييــل‪ ،‬وشــغفها وخبرتهــا‬
‫فــي العمــل مديــر ًة تنفيذيــة لمؤسســة غيــر ربحيــة‪ ،‬وقدرتهــا علــى‬
‫االســتيعاب لكونهــا أمــ ًا حنونــ ًا لثــاث بنــات‪ ،‬ومعرفتهــا الواســعة‬
‫الشــركات‬‫ـدة مــن أشــهر ّ‬‫بوصفهــا إحــدى الشــركاء المؤسســين لواحـ ٍ‬
‫اإليجابــي فــي العالــم (تحــدّ د‬
‫ّ‬ ‫االستشــارية فــي مجــال علــم النفــس‬
‫إيمــي بد ّقــة مــا يمكــن أن تفعلــه أنــت فــي خضــم االنشــغال بالحيــاة‬
‫لالســتفادة مــن التّقانــة فــي تلبيــة احتياجاتنــا الحقيقيــة‪ :‬التواصــل‬
‫االجتماعــي‪ ،‬والمغــزى‪ ،‬والرفــاه)‪.‬‬
‫أكثــر مــا أحببتــه فــي هــذا الكتــاب هــو أنــه يتفــادى ِشــراك إدانــة‬
‫التّقانــة‪ ،‬أو االفتتــان الشــديد بهــا‪ .‬تقــدم إيمــي حالــة بحــث رائعــة‬
‫واألبــوة فــي أثنــاء أكبــر اضطــراب فــي‬
‫ّ‬ ‫عــن الريــادة‪ ،‬والعمــل‪،‬‬
‫الســعادة‪ ،‬وتحقيــق‬ ‫تاريــخ البشــرية‪ .‬تقــول إيمــي‪ :‬إن الحفــاظ علــى ّ‬
‫ٍ‬
‫أهــداف ذات مغــزى‪ ،‬واالســتمتاع بالحيــاة هــي البوصلــة الحقيقيــة‪.‬‬
‫تقــدّ م حســاب تفاضــل وتكامــل أكثــر وضوح ـ ًا للتّقانــة التــي ينبغــي‬
‫االســتفادة منهــا‪ ،‬وأماكــن اســتخدامها‪ ،‬ومتــى يجــب اجتنابهــا‪.‬‬
‫كنــت أظـ ُّن أننــي ســأكون فخــور ًا بكتابــة اســتهالل لعمــل شــقيقتي‪.‬‬
‫ـور بهــذا فعـاً‪ ،‬ولكــن ليــس هــذا هــو الشــعور الــذي يغمرنــي‬ ‫أنــا فخـ ٌ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫اآلن‪ ،‬وإنمــا الحمــاس‪ .‬أشــعر بالحمــاس؛ ألن هــذا الكتــاب قــد‬
‫يغ ّيــر حياتــك وحيــاة أســرتك نحــو األفضــل؛ الحمــاس مــن أجــل‬
‫الشــركات الضخمــة‪ ،‬والمــدارس الجريئــة التــي ســاعدتها إيمــي فــي‬ ‫ّ‬
‫نصــي‬
‫تحقيــق الرفــاه؛ الحمــاس بشــأن كلمــات صغيــرة فــي مســتند ّ‬
‫ســتحدث تغييــرات مجتمعيــة كبيــرة‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫إننــي متح ّيــز بنحــو ال يمكــن تبريــره‪ ،‬لكــن يمكننــي القــول بثقــة‬
‫دائمــ ًا إن إيمــي قــد باتــت خبيــرة رائــدة علــى مســتوى العالــم فــي‬
‫الســعادة والتّقانــة‪ ،‬وأنهــا ســتقف معكــم جنبـ ًا إلــى جنــب‬
‫العالقــة بيــن ّ‬
‫فــي طليعــة هــذه الحركــة‪ ،‬فــي أثنــاء ســعينا لضمــان مســتقبل طويــل‬
‫للســعادة‪.‬‬
‫ومشــرق ّ‬

‫�شون �أكور‬
‫ال�سعادة»‬
‫ال�سعادة‪ ،‬وكاتب «قبل ّ‬
‫باحث في مجال ّ‬
‫ال�سعادة»؛ الأف�ضل مبيع ًا وفق ًا ل�صحيفة نيويورك تايمز‬
‫و«�أف�ضلية ّ‬
‫تقديم املرتجم‬

‫عربــة ِعلــم النّفــس‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫تَصطح ُبنــا الكاتبـ ُة فــي رحلــة شــائقة علــى َمتــن َ‬
‫ـة عــن العالقــة‬ ‫ـة مو ّثقـ ٍ‬
‫ـات بحثيـ ٍ‬
‫اإليجابــي‪ ،‬التــي تجرهــا نتائــج دراسـ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بيــن النّــاس والتّقانــة‪ .‬تســتفيدُ فــي أثنــاء ذلــك مــن خبــرة واســعة فــي‬
‫ـة‪ ،‬تســهم فــي‬ ‫ـات مختلفـ ٍ‬ ‫ـات مــن جهـ ٍ‬
‫ـات وبيانـ ٍ‬
‫هــذا المجــال‪ ،‬ومعلومـ ٍ‬
‫«تزييــت» مس ـنّنات تلــك المركبــة‪ ،‬والوصــول بهــا إلــى مقصدهــا‪.‬‬
‫نمر على خمس مح ّطات رئيسة‪:‬‬
‫ُّ‬
‫التزود باألدوات الالزمة للتعامل مع الت ّقانة‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪15‬‬
‫متفحصة على أنفسنا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬إلقاء نظرة‬
‫تقديم المترجم‬

‫‪ -‬محاولة تدريب العقل على ما ينبغي فعله‪.‬‬


‫‪ -‬إنشاء بيئة مالئمة لنكون أكثر سعادة‪.‬‬
‫ترسخ النتائج‪.‬‬
‫‪ -‬اإلسهام في تقديم ابتكارات يمكن أن ّ‬
‫تقــدّ م الكاتبــة للقــارئ مقترحـ ٍ‬
‫ـات عمــا يجــب القيــام بــه للحــدِّ مــن‬
‫ســيطرة التّقانــة علــى حياتنــا‪ ،‬وتعزيــز األجــواء اإليجابيــة فــي محيطنــا‪،‬‬
‫الســعادة فــي بيوتنــا‪ ،‬ومقـ ّـرات عملنــا‪ ،‬واألماكــن التــي نتع ّلــم‬
‫وزيــادة ّ‬
‫ـهل عليه‬ ‫ٍ‬
‫فيهــا‪ .‬ترشــده إلــى تطبيقــات ومواقــع إلكترونيــة يمكــن أن تسـ ّ‬
‫تحقيــق غايتــه‪.‬‬

‫المترجم‬
‫مـدخــل‪:‬‬

‫امله ّمة الصّ عبة املعارصة‬

‫الســعادة فــي تاريــخ البشــر‪،‬‬


‫تعــدُّ التّقانــة أكبــر عقبــة أمــام تحقيــق ّ‬
‫هــذه هــي النتيجــة التــي قــد توصــل إليهــا كثيــرون فــي عالمنــا‪ .‬فــي‬
‫الواقــع‪ ،‬طرحــت مجلــة معهــد «ماساشوســتس» للتقانــة‪ ،‬وهــي‬
‫إحــدى مراكــز الثــورة التكنولوجيــة‪ ،‬ســؤاالً فــي ‪« :2005‬هــل التقــدّ م‬
‫‪17‬‬
‫التكنولوجــي واقــع ال محالــة‪ ،‬وإذا كان األمــر كذلــك‪ ،‬هــل ســنكون‬
‫ســرعنا العمليــة؟»‪ .‬أشــار الكاتــب إلــى «األميــش»‪:‬‬‫أكثــر ســعادة إن ّ‬
‫المهمة الصعبة المعاصرة‬

‫طائفــة مســيحية يعيشــون مــن دون تقانــة حديثــة مثــل الســيارات‬


‫ّ‬

‫واإلنترنــت‪ ،‬وشــرح أن معــدالت اكتئابهــم منخفضــة‪ ،‬ومســتويات‬


‫ّ‬

‫ســعادتهم مرتفعــة‪ ،‬فــي حيــن إن رضاهــم عــن حياتهــم ينافــس معــدّ ل‬


‫أبــرز األعضــاء فــي قائمــة فوربــس ‪.)1( 400‬‬

‫ســافرت إلــى أرجــاء مختلفــة مــن الكــرة األرضيــة‪ ،‬متحدثــ ًة‬


‫الســعادة والتّقانــة‪ .‬فــي الواقــع‪ ،‬كنــت قــد أنهيــت الــكالم مــع‬
‫عــن ّ‬
‫مجموعــة مــن ‪ 150‬رجــل أعمــال فــي ميونيــخ ‪-‬ألمانيــا‪ ،‬فــي أثنــاء‬
‫كتابــة هــذا النــص‪ .‬قبــل أن أبــدأ ذلــك‪ ،‬تبادلــت أطــراف الحديــث‬
‫ـات حديثــة العهــد‪ ،‬وقــد مــال أحدهــم‬‫مــع بعــض هــؤالء بشــأن نزعـ ٍ‬
‫نحــوي وقــال‪« :‬تُد ّمــر وســائل التواصــل االجتماعــي والتّقانــة‬
‫ســعادتنا‪ ،‬صحيــح؟»‪ .‬أحببــت كلمــة «صحيــح» فــي النهايــة؛ كأنهــا‬
‫النتيجــة الوحيــدة المالئمــة‪ .‬لكنهــا ليســت كذلــك فــي واقــع األمــر‪.‬‬
‫تصبــح تلــك العقبــات مد ّمــرة حيــن نتشــ ّبث بأنمــاط فاشــلة‪.‬‬

‫علــى الرغــم مــن إغــواء التفكيــر بحنيــن بشــأن الحيــاة قبــل الهاتــف‬
‫الذكــي‪ ،‬إال أن الحقيقــة تبقــى أن المراهقيــن ال يزالــون يتجاهلــون آبائهم‪،‬‬
‫ويتورطــون فــي المتاعــب نفســها كمــا فــي الســابق‪ .‬ال يــزال األطفــال‬ ‫ّ‬
‫يشــاهدون التلفــاز وقتــ ًا طويــاً‪ ،‬وال يأكلــون خضــار ًا كافيــة‪ .‬ال يــزال‬

‫مستقبل السعادة‬
‫قــادة األعمــال التجاريــة يشــعرون بأنهــم بحاجــة إلــى أكثــر مــن أربــع‬
‫وعشــرين ســاعة فــي اليــوم‪ .‬ال يــزال اآلبــاء يكافحــون لتحقيــق التــوازن‬
‫بيــن العمــل والحيــاة‪ .‬لقــد عانينــا مــن تلــك المشــكالت وقت ـ ًا طوي ـاً‪،‬‬
‫ولكــن الطــرق التــي نعالــج بهــا هــذه التحدّ يــات باتــت مختلفــة اليــوم‪.‬‬
‫ـي اآلن ‪ -‬ويبــدو‬ ‫لدينــا الكثيــر مــن الوســائل ‪ -‬عــدد كبيــر منهــا رقمـ ّ‬ ‫‪18‬‬
‫ال ‪ -‬تقريبـ ًا ‪ -‬تحديــد الوســيلة التــي يمكــن اســتخدامها بفاعليــة؛‬ ‫مســتحي ً‬
‫فهــي تــراوح بيــن باهظــة الثمــن إلــى المنزليــة‪ ،‬واألنيقــة إلــى الرتيبــة‪،‬‬
‫والخفيفــة إلــى الثقيلــة‪ .‬لكــن يبــدو واضحــ ًا أن تلــك الخصائــص ال‬
‫تحــدّ د طريقــة االســتفادة منهــا‪.‬‬

‫الســعادة‪ ،‬أبكــي حيــن أضحــك كثيــر ًا؛‬ ‫أنــا باحثــة فــي مجــال ّ‬
‫وأ ٌم انطوائيــة لثــاث بنــات‪ ،‬أعيــش فــي وســط فوضــى عارمــة بيــن‬
‫بيــت ألعــاب م ّطاطــي‪ ،‬وأعيــاد ميــاد مختلفــة‪ ،‬مــع أطفــال يح ّبــون‬
‫الحلويــات كثيــر ًا‪ .‬إننــي فنانــة انطباعيــة‪ ،‬تحــب البيانــات والجداول‪.‬‬
‫أنــا امــرأة عفويــة‪ ،‬يمكــن تصنيفــي ضمــن الفئــة (أ) أيض ـ ًا (تمــزح‬
‫أســرتي بشــأن عادتــي ســابق ًا با ّدخــار ‪ % 3‬مــن عالوتــي األســبوعية‬
‫ـب التّقانــة‪،‬‬
‫البالغــة ‪ 1‬دوالر‪ ،‬التــي خصصتهــا إلنقــاذ الحيتــان)‪ .‬أحـ ُّ‬
‫والطبيعــة‪ ،‬وأعــدُّ نفســي شــخصية رومانســية وعمليــة‪ .‬عشــت‬
‫بعــض األوقــات الســعيدة جــدًّ ا مــع بناتــي الجميــات الثــاث‪،‬‬
‫التــي يمكننــي اســترجاعها مــرار ًا وتكــرار ًا؛ ألننــي أتمتــع بســرعة‬
‫أســجلها باســتخدام هاتفــي‪ .‬لقــد أضعــت‬ ‫ّ‬ ‫بديهــة رائعــة تجعلنــي‬
‫أيضــ ًا لحظــات مهمــة مــع أســرتي؛ ألننــي كنــت مشــغولة مــع‬
‫ٍ‬
‫واحــد منــا تباينــات جميلــة تمنــح ثــرا ًء‬ ‫هاتفــي‪ .‬توجــد فــي كل‬
‫لطريقــة إدراكنــا للتحدّ يــات‪ ،‬ومعالجتنــا لهــا‪.‬‬

‫نعرف أن التّقانة موجودة لتبقى‪،‬‬


‫ويجب أن نتع ّلم كيف نعيش مع تعقيداتها‪ ،‬ال أن نهرب منها‪.‬‬

‫نعــرف أن التّقانــة موجــودة لتبقــى‪ ،‬ويجــب أن نتع ّلــم كيــف نعيــش‬


‫مــع تعقيداتهــا‪ ،‬ال أن نهــرب منهــا‪ .‬نحتــاج إلــى اســتراتيجية الســتخدام‬
‫تعــزز إمكاناتنــا‪ ،‬بــدالً مــن أن تعوقهــا‪ .‬يتكلــم هــذا‬
‫التّقانــة بطريقــة ّ‬
‫‪19‬‬
‫الكتــاب عــن إجــراء حســاب تفاضــل وتكامــل متــوازن يجــدي نفع ـ ًا‬
‫فــي العالــم المعاصــر‪ ،‬مــن أجــل التوصــل إلــى قــرار بشــأن دمــج‬
‫المهمة الصعبة المعاصرة‬

‫النزعــات الســائدة مــن التّقانــة فــي حياتنــا بطريقــة تزيــد مــن نجاحنــا‬
‫ّ‬

‫وســعادتنا‪ ،‬بــدالً مــن أن تكــون حجــر عثــرة فــي طريقنــا‪.‬‬


‫ّ‬

‫الحيــاة صعبـ ٌة جــدًّ ا فــي العالــم المعاصــر‪ ،‬الــذي قــد يبــدو أحيانـ ًا‬
‫الســعادة‬‫أي كتــاب يقــدّ م جوابــ ًا بســيط ًا عــن ّ‬ ‫مثــل ســيرك شــامل‪ّ .‬‬
‫والتّقانــة لــن يجــدي نفعـ ًا فــي عالــم متك ّلــف‪ ،‬فالنظــر إلــى المســتقبل‬
‫ـرف ال‬‫يبــدو ترفـ ًا فــي بعــض األحيــان‪ ،‬ولكــن يتبيــن فجــأة أن ذلــك تـ ٌ‬
‫تحمــل تبعاتــه؛ ألننــا إذا انتظرنــا أن يأتــي العالــم إلينــا‪ ،‬ســنجد‬
‫يمكننــا ّ‬
‫متأخريــن دائمــ ًا عــن أبنائنــا وتقانتهــم‪ .‬مــن دون أن نحــدّ د‬ ‫أنفســنا ّ‬
‫بنحــو واع التّقانــة المثلــى لحياتنــا وأعمالنــا‪ ،‬ســنحكم علــى أنفســنا‬ ‫ٍ‬
‫أي منافــع قــد‬ ‫باإلحبــاط‪ ،‬وسنســتنفد قدرتنــا علــى االســتفادة مــن ّ‬
‫تقدّ مهــا االبتــكارات الجديــدة لنــا‪ .‬مــا نحتاجــه فع ـ ً‬
‫ا هــو اســتراتيجية‬
‫للتفكيــر مســبق ًا بالجهــة التــي نرغــب أن نقصدهــا فعـاً‪ ،‬وكيــف نبنــي‬
‫ذلــك المســتقبل بمــا هــو موجــود لدينــا اآلن‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بنحو وا ٍع التّقانة المثلى لحياتنا وأعمالنا‪،‬‬ ‫من دون أن نحدّ د‬
‫سنحكم على أنفسنا باإلحباط‪،‬‬
‫أي منافع‬‫وسنستنفد قدرتنا على االستفادة من ّ‬
‫قد تقدّ مها االبتكارات الجديدة لنا‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫المثار‬
‫ا�ستراتيجية الجهد ُ‬
‫بــدأت جهــود تأليــف هــذا الكتــاب قبــل نحــو ثالثيــن عامــ ًا‪ ،‬علــى‬
‫الرغــم مــن أننــي لــم أكــن أعــرف ذلــك آنــذاك‪ .‬قضــى والــدي‪ ،‬الــذي كان‬
‫‪20‬‬
‫عالــم أعصــاب فــي جامعــة بايلــور‪ ،‬أعوام ـ ًا فــي دراســة اإلدراك والجهــد‬
‫المثــار (تقويــم وظيفــة عضــو عــن طريــق رصــد التّغييــر فــي النشــاط‬ ‫ُ‬
‫الكهربائــي باســتخدام مح ّفــزات مختلفــة)‪ .‬علــى الرغــم مــن حقيقــة قيامــه‬
‫أكثــر مــن مرة بوصــل أقطــاب كهربائيــة إلى رأســي ورأس شــقيقي لدراســة‬
‫أمــواج الدمــاغ (ال أتذكــر أننــي و ّقعــت اســتمارة الموافقــة يــا أبــي!)‪ ،‬إال‬
‫رت مــع شــون توحيــد‬ ‫أن والــدي شــعر بصدمــة كبيــرة (توريــة) حيــن قـ ّـر ُ‬
‫جهودنــا إلنشــاء جود‪-‬ثنــك (‪)GoodThink‬؛ إلثــراء حيــاة اآلخريــن بعلــم‬
‫أسســنا الشــركة فــي ‪ ،2007‬تر ّكــز عملهــا علــى‬ ‫ـي‪ .‬عندمــا ّ‬
‫النفــس اإليجابـ ّ‬
‫بالســعادة في أوقــات عصيبــة‪ ،‬باالســتفادة من‬ ‫مســاعدة أفــراد بــأن يشــعروا ّ‬
‫مبــادئ واســتراتيجيات مدّ عمــة بأبحــاث مو ّثقــة‪ ،‬مــن أجــل الحفــاظ علــى‬
‫تفاؤلهــم‪ .‬ســافرنا إلــى أكثــر مــن خمســين بلــد ًا‪ ،‬وشــاركنا هــذه األبحــاث‬
‫مــع كل مــن أراد ســماع رســالتنا؛ فتكلمنــا إلــى مزارعيــن فــي زيمبابــوي‪،‬‬
‫وتالميــذ فــي ســويتو‪ ،‬وأمريــكا الجنوبيــة‪ ،‬ومصرفييــن فــي وول ســتريت‪،‬‬
‫وحتــى قــادة فــي البيــت األبيــض‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬بــدأت األســئلة التــي‬
‫نســمعها فــي أثنــاء مناقشــاتنا تتغ ّيــر تدريجيـ ًا‪ .‬بــدالً مــن التشــكيك بمتانــة‬
‫االقتصــاد العالمــي‪ ،‬بدأنــا نســمع مخــاوف بشــأن الطــرق التــي تصــوغ بهــا‬
‫التّقانــة حياتنــا‪ ،‬وحيــاة األجيــال المســتقبلية‪:‬‬

‫السعادة مجاراة االبتكار؟»‪.‬‬


‫«هل بمقدور ّ‬
‫«هل سنكون أكثر سعادة من دون التّقانة؟»‪.‬‬
‫بالسعادة في ظل كل عوامل اإللهاء هذه؟»‪.‬‬‫«كيف يمكن أن نشعر ّ‬
‫«هل نستطيع تعليم أوالدنا وضع حدود مالئمة للتقانة؟»‪.‬‬

‫انبثــق هــذا الكتــاب مــن تلــك األحاديــث الواقعيــة مــع أفـ ٍ‬


‫ـراد مــن كل‬
‫أرجــاء المعمــورة‪ ،‬الذيــن ينتمــون إلــى مجموعــات اقتصاديــة مختلفــة‪،‬‬
‫وفئــات عمريــة شـتّى‪ .‬ال أظــن أننــي أبالــغ حيــن أقــول إن األجوبــة عــن‬
‫‪21‬‬
‫ســتعزز‬
‫ّ‬ ‫تلــك األســئلة سترســم معالــم عصرنــا‪ .‬إنهــا األســئلة التــي‬
‫ـتطور الكفــاءة فــي أماكــن العمــل‪،‬‬
‫التفاعــات األســرية المعاصــرة‪ ،‬وسـ ّ‬
‫مدخل‪ :‬المهمة الصعبة المعاصرة‬

‫المهمة الصعبة المعاصرة‬

‫وســتضع األســاس لتعامالتنــا وتواصلنــا مــع أصدقائنــا‪.‬‬


‫ّ‬

‫الســعادة بنــا‪ .‬عندمــا نفكــر علــى نحـ ٍ‬


‫ّ‬

‫ـو واع بشــأن‬ ‫يرتبــط مســتقبل ّ‬


‫ّ‬

‫أيــن؟ ومتــى؟ ولمــاذا؟ وكيــف نســتخدم التّقانــة؟ يمكــن أن نبــدأ‬


‫تكويــن أشــكال التبــادالت االجتماعيــة‪ ،‬وقــوى الســوق التــي تهيمــن‬
‫علــى ثقافتنــا‪ ،‬مــن أجــل إنشــاء مســتقبل نرغــب برؤيتــه حق ـ ًا‪.‬‬

‫ر�ؤية عن الحياة المتوازنة‬


‫فــي األعــوام الخمســة عشــر الماضيــة وحدهــا‪ ،‬تضاعــف عــدد‬
‫بــراءات االختــراع الممنوحــة مــن قبــل مكتــب الواليــات المتحــدة‬
‫لبــراءات االختــراع والعالمــات التجاريــة‪ ،‬إلــى أكثــر مــن ‪326.000‬‬
‫ـز مــن حياتنــا بســرعة كبيــرة‪ ،‬ولــم‬ ‫فــي كل عــام(‪ .)2‬تمــأ التّقانــة كل حيـ ٍ‬
‫يعــد بمقدورنــا اســتيعاب وتقويــم مــا قــد تعنيــه هــذه التّقانــة الجديــدة‬
‫بالنســبة إلينــا‪ .‬نكافــح لتحديــد التحديثــات األفضــل لنــا‪ ،‬خاصــة مــع‬
‫إصــدار تقاريــر كل يــوم تغ ّيــر الطريقــة التــي ُيفتــرض أن نتعامــل بهــا‬
‫مــع التّقانــة‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ُ ،‬يقــال لنــا اآلن‪:‬‬

‫ـوية‬
‫✓ ✓ضــع أجهزتــك عنــد مســتوى العيــن‪ ،‬حتــى تبقــى عنقــك سـ ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫وغيــر مائلــة‪.‬‬
‫✓ ✓اســترح عشــرين ثانيــة كل عشــرين دقيقــة‪ ،‬وانظــر إلــى شــيء‬
‫يبعــد عشــرين قدمــ ًا علــى األقــل (قاعــدة ‪.)20/20/20‬‬
‫✓ ✓قف وتحرك في المكان كل ‪ 1.5‬ساعة (‪.)3‬‬
‫✓ ✓فــي أثنــاء تلــك االســتراحات القصيــرة‪ ،‬ال تفقــد تركيــزك؛ ألن‬
‫‪22‬‬
‫اســتعادته ستســتغرق إحــدى عشــرة دقيقــة‪ ،‬وســيتضاعف علــى‬
‫األرجــح معــدل ارتكابــك لألخطــاء فــي تنفيــذ واجباتــك‪.‬‬

‫عندمــا كنــت أكتــب هــذه الفقــرة‪ ،‬تخ ّيلــت أننــي ســمعت صــوت‬
‫تشــارلي بــراون فــي ذهنــي ‪ ...‬واه‪ ،‬واه‪ ،‬واه‪ .‬فــي ســياق تأليــف هــذا‬
‫الكتــاب عــن تحقيــق التــوازن بيــن اإلنتاج ّيــة والرفــاه فــي العصــر‬
‫ـي‪ ،‬كنــت قــد قضيــت ســاعات فــي القــراءة عــن الطــرق التــي‬ ‫الرقمـ ّ‬
‫ّ‬
‫بتشــوه العمــود الفقــري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تبتلينــا بهــا التّقانــة باألمــراض ‪ -‬تصيبنــا‬
‫وتشــوش الرؤيــة‪ ،‬ومتالزمــة النفــق الرســغي ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫والصــداع‪ ،‬واألرق‪،‬‬
‫ولكــن برغــم هــذا‪ ،‬لــم أنــو إطالقـ ًا التخ ّلــي عــن التّقانــة فــي حياتــي‪.‬‬

‫فــي المــدة التــي أمضيتهــا فــي تأليــف هــذا الكتــاب‪ ،‬عملــت‬


‫أكثــر مــن ‪ 500‬ســاعة علــى الحاســوب‪ ،‬وقضيــت أكثــر مــن ‪80‬‬
‫ســاعة علــى تطبيقــات بحــث فــي هاتفــي‪ ،‬وقمــت بتنصيــب عشــرات‬
‫التطبيقــات الجديــدة واختبارهــا‪ ،‬وزرت مختــص العــاج الفيزيائــي‬
‫ســت مــرات بعــد شــعوري بألــ ٍم فــي ظهــري وعنقــي‪ .‬لــم تغــب‬
‫هــذه المفارقــة عــن ذهنــي بطبيعــة الحــال‪ ،‬فقــد كانــت لــدي هــذه‬
‫البيانــات والمعلومــات ســابق ًا‪ ...‬ولكــن تابعــت خــداع نفســي بأننــي‬
‫ســأكون االســتثناء الوحيــد للقاعــدة‪ .‬قــد يكــون جســمي مترهــ ً‬
‫ا‬
‫اآلن‪ ،‬إنمــا ســأخرج ألقــوم ببعــض النشــاط الحقــ ًا‪ ،‬وســيكون كل‬
‫شــيء بخيــر‪ ،‬صحيــح؟ صحيــح؟!‬

‫ـورت حاســة ســمع انتقائيــة (لقــد انتــاب‬ ‫الحقيقــة هــي أننــي قــد طـ ّ‬
‫شــك بشــأن هــذا طــوال أعــوام)‪ .‬أعــرف أن التّقانــة يمكــن‬ ‫ٌّ‬ ‫زوجــي‬
‫وضــارة فــي الوقــت نفســه‪ ،‬ولكــن ســئمت ســماع‬ ‫ّ‬ ‫أن تكــون مفيــدة‬
‫القصــة مــن طــرف واحــد فقــط‪ ،‬ممــا يجعلنــي أتجاهلهــا‪ .‬مــا أريــده‬
‫‪23‬‬
‫هــو رؤيــة شــاملة‪ ،‬ورصينــة لمــا قــد تبــدو عليــه حيــا ٌة متوازن ـ ٌة فــي‬
‫المســتقبل‪ ،‬مــن ثــم ســأو ُّد أن أعــرف كيــف يمكننــي محاكاتهــا‪.‬‬
‫مدخل‪ :‬المهمة الصعبة المعاصرة‬

‫المهمة الصعبة المعاصرة‬


‫ّ‬

‫خصصــت األعــوام القليلــة الماضيــة‬ ‫لهــذا الســبب‪ ،‬أيهــا األصدقــاء‪ّ ،‬‬


‫ّ‬

‫مــن حياتــي إلجــراء أبحــاث عــن تحقيــق التــوازن بيــن اإلنتاج ّيــة والرفــاه‬
‫ّ‬

‫ـي‪ .‬لقــد اختبــرت لهــذا الغــرض أدوات يمكــن ارتداؤها‪،‬‬ ‫الرقمـ ّ‬


‫فــي العصــر ّ‬
‫ومذكــرات إلكترونيــة‪ ،‬ومؤ ّقتــات تأ ّمــل‪ ،‬وأجهــزة تصحيــح قــوام الجســم‪،‬‬
‫أكثــر ممــا يمكننــي عــدّ ه‪ .‬قضيــت لهــذا الســبب أيضـ ًا ســاعات ال تُحصــى‬
‫الرقميــة»‪ ،‬مثــل غوغــل‪،‬‬ ‫فــي التّعــاون مــع شــركات بشــأن «الجبهــة ّ‬
‫ومختبــرات بالستيســتي (‪ ،)Plasticity‬ومركــز صحــة الدمــاغ‪ ،‬وهابيفــاي‬
‫ـزودت‪ ،‬فــي‬ ‫(‪ ،)Happyify‬التــي تســتخدم التّقانــة لتحســين الرفــاه‪ .‬لقــد تـ ّ‬
‫أثنــاء تلــك التجــارب‪ ،‬بمعرفــة ق ّيمــة‪ ،‬وســمعت قصصـ ًا تح ّفــز األفــكار‪ ،‬ال‬
‫أطيــق صبــر ًا لمشــاطرتها معكــم‪.‬‬
‫فــي الجــزء األول مــن هــذا الكتــاب‪ ،‬ســأطرح ثــاث أســئلة بالغــة‬
‫الســعادة‪ .‬ســأقدّ م‬
‫األهميــة‪ ،‬أســمعها معظــم الوقــت عــن مســتقبل ّ‬
‫فــي الجــزء الثانــي خمــس اســتراتيجيات لزيــادة إنتاجيتــك ورفاهــك‬
‫إلــى أقصــى حــد‪ ،‬التــي قــد حصلــت عليهــا مــن خبــراء ومبدعيــن‬
‫مــن كل أرجــاء العالــم‪ .‬هدفــي مــن هــذا الكتــاب هــو إلهــام طريقــة‬
‫والســعادة‪،‬‬
‫تفكيــر جديــدة؛ طريقــة تجعلنــا نمعــن التفكيــر فــي التّقانــة ّ‬
‫ـل بيــن االثنتيــن فــي المســتقبل‪.‬‬ ‫وتمنحنــا رؤي ـ ًة لتحقيــق تـ ٍ‬
‫ـوازن فاعـ ٍ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫لي�س هذا الكتاب للمخت�صين فقط‬
‫للمختصيــن فحســب‪ ،‬وإنّمــا‬
‫ّ‬ ‫جديـ ٌـر بالذكــر أن هــذا الكتــاب ليــس‬
‫لــكل شــخص يعانــي مــن العــدد المتزايــد لألجهــزة اإللكترونيــة‪،‬‬
‫التــي تتط ّلــب شــحن ًا كهربائيـ ًا وتجثــم علــى الطاولــة بجانبــه‪ .‬إنــه ّ‬
‫موجه‬
‫‪24‬‬
‫للمديريــن‪ ،‬والموظفيــن الذيــن يكافحــون لزيــادة إنتاجيتهــم‪ ،‬ولكــن‬
‫يجــدون أعينهــم تدمــع وظهورهــم تؤلمهــم بعــد قضــاء ســاعات مــن‬
‫التحديــق إلــى شاشــاتهم‪ .‬إنــه لألمهــات اللواتــي يمتلكــن مركبــات‪،‬‬
‫ويحببــن الطريقــة التــي تهــدّ ئ بهــا تلــك األجهــزة أطفالهــن‪ ،‬فــي أثنــاء‬
‫وجودهــن فــي الســيارة‪ ،‬أو مــكان عــام‪ ،‬ولكــن يضطــررن بعــد ذلــك‬
‫إلــى التعامــل مــع «نوبــة غضــب تكنولوجيــة» عنــد إغــاق الجهــاز‪.‬‬
‫الرقميــة‪ ،‬ويحتاجــون‬ ‫إنــه للمهنييــن الشــباب المهووســين بأدواتهــم ّ‬
‫ـتراتيجي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلــى االبتعــاد عنهــا بنحــو اسـ‬

‫ـجعك‬ ‫إذا أردت قــراءة هــذا الكتــاب كمــا تخ ّيلتــه فــي ذهنــي؛ أشـ ّ‬
‫علــى متابعــة التص ّفــح مــن البدايــة إلــى النهايــة‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬إذا‬
‫كنــت مهتمـ ًا بجانــب معيــن‪ ،‬يمكــن أن تنظــر إلــى فهــرس المحتويات‪،‬‬
‫وتختــار االســتراتيجية التــي تالئمــك‪ .‬هــل تعاني مشــكلة مــع انخفاض‬
‫نشــاطك البدنــي؟ هــل تشــعر باإلحبــاط بســبب هيمنــة التّقانــة علــى‬
‫مســاحات فــي عملــك أو منزلــك؟ هــل تبحــث عــن التســلية‪ ،‬وتقانــة‬
‫جديــدة إلنجــاز هــدف الرشــاقة‪ ،‬وتحســين طريقــة جلوســك أو‬
‫وقوفــك‪ ،‬أو إدارة وقتــك بنحــو أفضــل مــن قبــل؟ بغــض النظــر عــن‬
‫الشــخصية‪ ،‬يهــدف هــذا الكتــاب إلــى مســاعدتك علــى‬ ‫اهتماماتــك ّ‬
‫زيــادة وعيــك بشــأن التّقانــة فــي حياتــك‪ ،‬وجعلــك تتمتّــع بــإرادة‬
‫أقــوى بشــأن طريقــة دمــج (أو إلغــاء) التّقانــة فــي الحيــاة‪ ،‬مــن أجــل‬
‫زيــادة اإلنتاج ّيــة والرفــاه إلــى أقصــى حــد‪.‬‬

‫ف��ي ه��ذا الكت��اب‪� ،‬س��ترى �أق�س��ام ًا مو�س��ومة «اقتراح��ات‬


‫ق��د تجعل��ك �أكثر �س��عادة»‪ ،‬م��ع معلومات عملي��ة عن طريقة‬
‫تطبي��ق ه��ذه الأف��كار عل��ى �أر���ض الواق��ع‪.‬‬
‫ ‬
‫‪25‬‬
‫المهمة الصعبة المعاصرة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الف�صل الأول‬

‫األسئلة الثالثة املهمة‬


‫ي‬
‫يف العرص ال ّرقم ّ‬
‫إىل أين نتجه؟‬

‫إغواء األضواء‬

‫طــوال آالف األعــوام‪ ،‬كانــت صغــار الســاحف البحريــة ضخم ـ ُة‬


‫الــرأس قــد اعتمــدت علــى ضــوء القمــر والنجــوم المنعكــس علــى‬
‫ســطح المــاء لتجــد طريقهــا إلــى المحيــط بعــد أن تفقــس مباشــرة(‪.)1‬‬
‫تمــت هــذه العمليــة الرائعــة بنجــاح منقطــع النظيــر إلــى أن بــدأت‬ ‫ّ‬
‫‪29‬‬
‫تطــورات الواجهــة البحريــة علــى طــول ســاحل فلوريــدا بتغييــر‬ ‫ّ‬
‫بيئــة وأضــواء الموطــن الطبيعــي‪ .‬بــات أكثــر مــن نصــف الســاحف‬
‫الصغيــرة‪ ،‬التــي تجذبهــا أضــواء المصابيــح‪ ،‬يزحــف نحــو المدينــة فــي‬
‫أول بضــع دقائــق مــن حياتهــا مباشــرة نحــو الطريــق العــام‪ ،‬وغيرهــا‬
‫لتكــون قافلــة مــن الحيوانــات‬
‫ّ‬ ‫مــن الحيوانــات المفترســةالطبيعية‪،‬‬
‫المعرضــة للمــوت كل ليلــة‪ .‬فــي محاولــة لحــل هــذه المشــكلة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ســ َّن مجلــس مدينــة فــورت الودردال واحــد ًا مــن أكثــر قوانيــن‬
‫ـص القــرار علــى إطفــاء كل اإلضــاءة‬ ‫الضــوء تشــدّ د ًا فــي فلوريــدا‪ .‬نـ َّ‬
‫االصطناعيــة بحلــول ‪ 9‬مســاء‪ ،‬وفــرض تعتيــم علــى ‪ 45.000‬قــدم مــن‬
‫أمــاك الواجهــة البحريــة(‪ .)2‬علــى كل حــال‪ ،‬جابــه المجتمــع المحلــي‬
‫تلــك اإلجــراءات بالرفــض؛ ألســباب تتع ّلــق بالســامة والســياحة‪.‬‬
‫ـال فــي صــن ســنتينل‪« :‬مــا الــذي يجــب أن يحظــى‬ ‫ســأل كاتــب مقـ ٍ‬
‫باألولويــة؟ إغــراق أحــد أحيــاء المدينــة فــي الظــام‪ ،‬أو تــرك مصابيــح‬
‫الشــارع تــؤذي نوع ـ ًا مهــدد ًا بالخطــر؟»‪ .‬بقــي التوتــر ســيد الموقــف‬
‫حتــى ‪ ،2011‬حيــن جــرى طــرح مصابيــح صديقــة للســاحف فــي‬
‫ا منخفــض التكلفــة‪ ،‬فقــد ُصنعــت تلــك‬ ‫األســواق‪ .‬كان ذلــك حــ ً‬
‫المصابيــح الصديقــة للســاحف لتشــع ضــوء ًا بلــون الكهرمــان‬
‫(األصفــر)‪ ،‬وتميــزت بموجــة فريــدة غيــر مرئيــة لتلــك المخلوقــات‪.‬‬
‫منــذ ذلــك الوقــت‪ ،‬انخفــض معــدل فقــدان االتجــاه عنــد فقــس‬
‫البيــض فــي فــورت الودردال مــن ‪ ٪ 50‬إلــى صفــر(‪.)3‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫االرتباك نتيجة عدم الرتكيز‬
‫نحــن مثــل الســاحف البحريــة‪ ،‬ننجــذب إلــى األضــواء الســاطعة‬
‫فــي هاتفنــا‪ ،‬وجهازنــا اللوحــي‪ ،‬وحاســبنا المحمــول‪ ،‬وتلفازنــا‪ ،‬فــي‬
‫حيــن تصــاب عقولنــا‪ ،‬وأجســادنا باالرتبــاك حيــن نفقــد التركيــز‬
‫‪30‬‬
‫واإلحســاس باالتجــاه‪ .‬نجــد أنفســنا كل يــوم مذبذبيــن بيــن قيمــة‬
‫التّقانــة‪ ،‬وكلفتهــا علــى صحتنــا‪ ،‬إذ ال يمكــن إنــكار أننــا فــي غمــرة‬
‫ـو ســري ٍع معالــم الحيــاة اليوميــة‪،‬‬‫ثــورة رقم ّيــة مدهشــة‪ ،‬تُش ـكّل بنحـ ٍ‬
‫بوجــود أجهــزة تكنولوجيــة جديــدة تو ّفــر الوقــت‪ ،‬وتزيــد اإلنتاج ّيــة‪،‬‬
‫تعــزز تلــك األدوات‬ ‫ّ‬ ‫والكفــاءة‪ ،‬وســهولة التواصــل‪ .‬يجــب أن‬
‫مســتويات ســعادتنا‪ ،‬ولكــن يبــدو أن وراء األكمــة مــا وراءهــا‪ .‬فــي‬
‫الرقميــة مــع مســتويات قياســية جديــدة‬ ‫الواقــع‪ ،‬يتزامــن توقيــت الثــورة ّ‬
‫مــن الكآبــة‪ ،‬واالســتياء فــي الحيــاة‪.‬‬

‫منــذ ظهــور الحاســوب الشــخصي فــي الســبعينيات‪ ،‬كانــت‬


‫معــدالت االكتئــاب فــي أمريــكا قــد ازدادت عشــرة أضعــاف(‪ .)4‬وفــي‬
‫العقــود الثــاث األخيــرة‪ ،‬تضاعفــت معــدالت البدانــة لــدى الســكان‬
‫والمراهقيــن خاصــة أربــع مــرات (مراكــز مكافحــة األمــراض‪.)2012 ،‬‬
‫يعمــل زوجــي اختصاصيــ ًا فــي طــب المراهقيــن‪ ،‬ويــرى باســتمرار‬
‫هــذه النزعــة عــن كثــب‪ .‬يدخــل شــباب ومراهقــون حامليــن أجهزتهــم‬
‫إلــى عيادتــه‪ ،‬مــن دون أن يدركــوا العالقــة العكســية بيــن انخفــاض‬
‫نشــاطهم البدنــي وزيــادة الوقــت الــذي يقضونــه أمــام شاشــاتهم‪ .‬علــى‬
‫الرغــم مــن أن التّقانــة تقــدّ م منافــع كثيــرة فــي حياتنــا‪ ،‬إال أن تأثيرهــا‬
‫والســعادة غيــر معــروف تمامـ ًا بعــد‪ .‬لقــد قضينــا‬‫الصحــة ّ‬
‫ّ‬ ‫الضــار علــى‬
‫البشــري مــن دون تقانــة عاليــة‪ ،‬ولدينــا اآلن ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ٪ 99.9‬مــن الوجــود‬
‫بعــد انتشــارها الواســع ‪ -‬الكثيــر لنفعلــه مــن وجهــة نظــر فيزيولوجيــة‪/‬‬
‫عاطفيــة‪ .‬نشــهد حاليــ ًا وفــرة فــي األبحــاث الجديــدة عــن القلــق‬
‫تبــرر لنــا التراجــع‬
‫المرتبــط بالتّقانــة‪ ،‬والتفــكّك االجتماعــي‪ ،‬التــي ّ‬
‫خطــو ًة إلــى الخلــف‪ ،‬والتفكيــر بجدّ يــة بشــأن مــا نحــن مقبلــون عليــه‬
‫فــي المســتقبل‪ .‬يقضــي الجيــل األصغــر ســن ًا ســت ســاعات تقريبـ ًا كل‬
‫ا ربــع تجــارب حياتهــم‪ ،‬مقارنــة‬ ‫يــوم علــى هواتفهــم‪ ،‬ممــا يغ ّيــر فع ـ ً‬
‫‪31‬‬
‫بمــا قــد عرفنــاه فــي الماضــي‪.‬‬
‫إلى أين نتجه؟‬

‫تصبــح األجهــزة أصغــر حجمـ ًا وأكثــر تطــور ًا‪ ،‬فنأخذهــا معنــا إلــى‬
‫غــرف النــوم‪ ،‬ممــا يع ّكــر صفو وظيفــة بشــرية أساســية ‪ -‬النوم‪ .‬تشــرح‬
‫اختصاصيــة علــم النفــس الســريري «أمانــدا غامبــل» أن كثيــر ًا مــن‬
‫ـف علــى أنــه‬‫النّــاس قــد باتــوا يأخــذون أجهزتهــم إلــى الســرير ‪ -‬هاتـ ٌ‬
‫ســاعة من ّبــه‪ ،‬أو جهــاز لوحــي علــى أنــه كتــاب‪ ،‬أو حاســوب محمــول‬
‫علــى أنــه تلفــاز ‪ -‬ممــا يحــرم الدمــاغ مــن االســترخاء الضــروري‬
‫ـوش عقولنــا بأضــواء الشاشــة‬ ‫للنــوم(‪ .)5‬مثــل الســاحف البحريــة‪ ،‬تتشـ ّ‬
‫االصطناعيــة‪ ،‬التــي تح ّفــز الدمــاغ علــى إبقــاء الجســم مســتيقظ ًا‪،‬‬
‫ظن ـ ًا منهــا أن الضــوء يعنــي أن الوقــت نهــار‪ ،‬ممــا ُيحــدث فجــوة فــي‬
‫توازننــا اليومــي الطبيعــي‪ .‬نتيجــة ذلــك‪ ،‬تنتــج أدمغتنــا كميــات أقــل‬
‫مــن هرمــون الميالتونيــن‪ ،‬الــذي يســاعد فــي تنظيــم النــوم‪ ،‬ممــا يزيــد‬
‫الطيــن بلــة‪ .‬تمثــل هــذه المشــكلة خطــر ًا بنحــو خــاص علــى األطفــال‬
‫والمراهقيــن‪ ،‬الذيــن ال يزالــون فــي مرحلــة النمــو؛ ألن هــذا االرتبــاط‬
‫المكتســب يجعلهــم أكثــر ُعرضــة لألمــراض العقل ّيــة والنفســية مثــل‬
‫والمســكرات‪،‬‬ ‫القلــق‪ ،‬واالكتئــاب‪ ،‬واإلدمــان علــى الممنوعــات ُ‬
‫إضافــة إلــى مشــكالت جســدية مثــل ضعــف التح ّكــم بغلوكــوز الــدم‪،‬‬
‫وداء الســكري‪ ،‬واألرق‪.‬‬

‫يقضي ‪ ٪95‬من األمريكيين ساعتين أو أكثر كل يوم في استخدام جهاز‬

‫مستقبل السعادة‬
‫رقمي شخصي‪ ،‬وقد بدأت مجموعة جديدة من المضاعفات الطبية‬ ‫ّ‬
‫بالظهور للعيان حالي ًا‪.‬‬

‫يقضــي ‪ ٪95‬مــن األمريكييــن ســاعتين أو أكثــر فــي اســتخدام جهــاز‬


‫رقمــي شــخصي‪ ،‬وقــد بــدأت مجموعــة جديــدة مــن المضاعفــات‬ ‫ّ‬ ‫‪32‬‬
‫الطبيــة بالظهــور للعيــان حالي ـ ًا‪ .‬يعــدُّ «إبهــام الكتابــة» إصاب ـ ًة جديــد ًة‬
‫المتكــرر‪ ،‬وهــي تُعــزى‪ ،‬مثــل متالزمــة النفــق‬ ‫ّ‬ ‫ناتجــة عــن اإلجهــاد‬
‫الرســغي‪ ،‬إلــى اإلفــراط فــي الكتابة‪ ،‬وممارســة ألعــاب الفيديــو‪ .‬أضف‬
‫إلــى ذلــك‪ُ ،‬يصــاب ‪ ٪70‬مــن جيــل األلفيــة بأعــراض إجهــاد العيــن‬
‫ـي (هــذا أكثــر مــن جيــل الخمســينيات‪ ،‬الذيــن كانــت نســبتهم‬ ‫الرقمـ ّ‬
‫ّ‬
‫‪ ،٪ 57‬وجيــل الســتينيات بنســبة بلغــت ‪ .)٪63‬يتحــدث األطبــاء أيض ـ ًا‬
‫عــن زيــادة حــاالت آالم العمــود الفقــري‪ ،‬والتو ّتــر العضلــي‪ ،‬بســبب ما‬
‫اتُّفــق علــى تســميته «عنــق الكتابــة»‪ ،‬التــي تشــير إلــى متالزمــة اإلفــراط‬
‫فــي اســتخدام هــذه األجهــزة‪ .‬تحــدث اإلصابــة نتيجــة اإلجهــاد‬
‫المتكــرر‪ ،‬وميــل الــرأس إلــى األمــام ونحــو األســفل حيــن ينظــر‬ ‫ّ‬
‫الشــخص إلــى أجهــزة إلكترونيــة محمولــة أوقات ـ ًا طويلــة(‪ .)6‬أظهــرت‬
‫دراســة أجراهــا إيريــك بيبــر مــن جامعــة واليــة ســان فرانسيســكو‬
‫أن ‪ ٪84‬مــن الذيــن خضعــوا لالختبــار تحدّ ثــوا عــن بعــض األلــم‬
‫فــي اليــد والعنــق فــي أثنــاء الكتابــة(‪ .)7‬أضــف إلــى ذلــك‪ ،‬ظهــرت‬
‫علــى هــؤالء األفــراد عالمــات تو ّتــر أخــرى‪ ،‬مثــل حبــس األنفــاس‪،‬‬
‫وزيــادة معــدالت خفقــان القلــب‪ .‬يشــرح د‪ .‬كينيــث هانســراج؛ رئيــس‬
‫قســم جراحــة العمــود الفقــري فــي مركــز نيويــورك لجراحــة العمــود‬
‫الفقــري وإعــادة التأهيــل‪ ،‬أنــه عندمــا يكــون العمــود الفقــري بوضعيــة‬
‫طبيعيــة‪ ،‬يبلــغ وزن الــرأس نحــو عشــرة أرطــال إلــى اثنــي عشــر (‪1‬‬
‫رطــل = ‪ 0.4536‬كــغ)‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬عندمــا يميــل الــرأس إلــى‬
‫األمــام خمــس عشــرة درجــة فقــط‪ ،‬يصــل الــوزن الــذي يحملــه العنــق‬
‫إلــى ‪ 27‬رط ـاً‪ .‬إذا مــال الــرأس خمس ـ ًا وأربعيــن درجــة‪ ،‬يبلــغ الــوزن‬
‫يوضــح‬
‫تســعة وأربعيــن رط ـاً؛ وبزاويــة ســتين درجــة‪ ،‬ســتين رط ـاً‪ّ .‬‬
‫ا مــن ضغــط الــوزن علــى العضالت‬ ‫د‪.‬هانســراج‪« :‬تلــك الســتون رطـ ً‬
‫تتحمــل مــن عشــرة إلــى اثنــي عشــر‬ ‫ّ‬ ‫واألعصــاب التــي ُيفتــرض أن‬
‫ا مــن الضغــط‪ .‬قــد يــؤ ّدي مثــل ذلــك العــبء إلــى ضــرر كبيــر‬ ‫رط ـ ً‬
‫‪33‬‬
‫بمــرور الوقــت»(‪ .)8‬تحمــل أقــراص العنــق هــذا الثقــل اإلضافــي‪ ،‬ممــا‬
‫يسـ ّبب تنكّســها الباكــر قبــل عشــرين أو ثالثيــن عامـ ًا مــن المعتــاد‪ .‬قال‬
‫إلى أين نتجه؟‬

‫د‪ .‬جيمــس كارتــر؛ الرئيــس الســابق لمؤسســة أبحــاث العمــود الفقــري‬


‫األســترالية ‪ -‬موافقـ ًا علــى ذلــك ‪ -‬إن «عنــق الكتابــة» قــد يــؤ ّدي إلــى‬
‫تحــدّ ب فــي العمــود الفقــري بمقــدار أربعــة ســنتيمترات نتيجــة ميــل‬
‫الــرأس المتكـ ّـرر‪ ،‬وأن هــذه إحصائيــة متواضعــة‪ ،‬نظــر ًا إلــى أنــه قــد‬
‫شــاهد زيــاد ًة قدرهــا ‪ ٪50‬فــي عــدد المرضــى المراهقيــن مــن تالميــذ‬
‫المــدارس‪.‬‬

‫يبــدو أن نتائــج تغ ّي ِ‬
‫ــر أشــكال أجســادنا‪ ،‬تأ ّثــر ًا بــأدوات خارجيــة‪،‬‬
‫بعيــد ُة المــدى غيــر مبشــرة‪ .‬وجــدت أســتاذة هارفــارد إيمــي كــودي‬
‫أن ميــل الجســم نحــو الهاتــف قــد يوهــن ثقتــك بنفســك فــي مــكان‬
‫العمــل ‪ -‬يــؤذي التحــدّ ب ظهــرك‪ ،‬وتعــوق الوضعيــة الخطــأ فــي‬
‫الجلــوس أو الوقــوف قدرتــك علــى الــكالم بوضــوح وحــزم(‪ .)9‬بهــذا‬
‫ـور‬
‫المعــدّ ل‪ ،‬تخ ّيــل مــا ســيبدو عليــه الرســم اآلتــي علــى لوحــة «تطـ ّ‬
‫اإلنســان» الشــهيرة بعــد خمســين عامــ ًا ‪ -‬لــن نكــون نوعــ ًا يمشــي‬
‫منتصب ـ ًا باعتــدال‪ ،‬وإنمــا أشــكاال بشــرية محدّ بــة الظهــر‪ ،‬تميــل إلــى‬
‫األمــام‪ ،‬وتمســك هاتفــ ًا خلويــ ًا‪ ،‬وترســم علــى وجههــا ابتســامة‬
‫متك ّلفــة‪ .‬هــل هــذا مــا نريــد أن نصيــر عليــه؟‬

‫مستقبل السعادة‬
‫‪34‬‬

‫تطور الإن�سان المعا�صر كما يراه كيفين رينز (‪ShutterStock.com / )10‬‬

‫اختيار مغامرتنا‬
‫ا مهمــ ًا‬
‫تتقاطــع التّقانــة مــع حياتنــا باســتمرار‪ ،‬وال تشــكّل عامــ ً‬
‫فــي الحفــاظ علــى صحتنــا فقــط‪ ،‬وإنمــا أســباب معيشــتنا أيضـ ًا‪ .‬علــى‬
‫الرغــم مــن النوايــا الصادقــة‪ ،‬إال أن الثــورة التكنولوجيــة قد تركتنــا أكثر‬
‫عزلــة وأقــل اســتقرار ًا بطــرق عديــدة‪ .‬لــم يكــن خبــراء البرمجيــات‬
‫وتقانــة المعلومــات أكثــر انشــغاالً مــن قبــل فــي ســعيهم إلــى إيجــاد‬
‫طــرق أفضــل لمعالجــة الكميــات الضخمــة مــن البيانــات‪ .‬يجــد‬
‫أفــراد جيــل األلفيــة‪ ،‬وهــم مجموعــة ينبغــي أن يشــعروا باالرتيــاح مــع‬
‫ـي كبيــر‪ ،‬فــي حيــن‬‫هــذه التّقانــة‪ ،‬أنفســهم غالبـ ًا بمواجهــة عــبء رقمـ ّ‬
‫يشــعر اآلبــاء بالتوتّــر بشــأن هويتهــم اإللكترونيــة (عبــر اإلنترنــت)‪،‬‬
‫وخصوصيتهــم‪ .‬لقــد جمعنــا بيانــات كثيــرة‪ ،‬مــن دون أن نعــرف كيف ّيــة‬
‫اســتخدامها‪ ،‬أو حتــى إلــى أيــن يمكــن أن تصــل فــي نهايــة المطــاف‪.‬‬
‫ال ترتبــط البيانــات بحياتنــا اليوميــة علــى نحــو مباشــر؛ وعندمــا تبــرز‬
‫للعيــان‪ ،‬نجــد أنهــا مفاجــأة ســيئة فــي أغلــب األحيــان‪ ،‬علــى شــكل‬
‫انتحــال شــخصية‪ ،‬أو مشــكلة قانونيــة‪.‬‬

‫ـاس بالحزن‬ ‫ال أعــرف ماهيــة شــعورك‪ ،‬ولكــن ينتابنــي أحيانـ ًا إحسـ ٌ‬
‫بشــأن اعتمادنــا الكلــي علــى التّقانــة‪ .‬ال شــيء يعـ ّـزز ذلــك الشــعور‬
‫أكثــر مــن الجلــوس فــي مطعــم والنظــر حولــك إلــى «األســر»‪ ،‬التــي‬
‫يتنــاول أفرادهــا عشــاءهم معـ ًا‪ .‬أســتخد ُم «معـ ًا» علــى نحــو فضفاض؛‬
‫ا هــو أن ترى أربعة أو خمســة أشــخاص يجلســون‬ ‫ألن مــا يحــدث فعـ ً‬
‫‪35‬‬
‫إلــى الطاولــة نفســها‪ ،‬وكل منهــم يــأكل عشــاءه بمفــرده‪ ،‬وير ّكــز علــى‬
‫جهــاز إلكترونــي يحملــه بيــده‪ .‬كنــت قد ســمعت قصــة حديثــة العهد‪،‬‬
‫إلى أين نتجه؟‬

‫إلى أين نتجه؟‬

‫مــن مضيفــة فــي هيئــة اإلذاعــة الوطنيــة‪ ،‬عــن قيــام طفلهــا برســم‬
‫ا (آي‪-‬فــون) فــي يــده‪ .‬ضحكــت‬ ‫صــورة أســرية‪ ،‬يبــدو فيهــا حام ـ ً‬
‫امــرأة أخــرى‪ ،‬قابلتهــا فــي مؤتمــر حضرتــه‪ ،‬مــن أن ابنهــا لــم يرســم‬
‫حتــى وجههــا فــي لوحــة األســرة ‪ -‬رســمها علــى أنهــا حاســوب‬
‫محمــول! كانــت تلــك لحظــة االســتيقاظ بالنســبة إليهــا‪ .‬عندمــا أقــوم‬
‫بجوالتــي فــي أرجــاء البــاد‪ ،‬أرى موظفيــن فــي الصــف الخلفــي مــن‬
‫قاعــة المؤتمــر‪ ،‬مشــغولين بالشاشــات الالمعــة لحواســبهم الحمولــة‪،‬‬
‫يدونــون ملحوظــات مــن كالمــي عــن‬ ‫أو هواتفهــم الشــخصية (ربمــا ّ‬
‫ـور التّقانــة وقبولنــا هــذه التغييــرات‬
‫الســعادة؟ إننــي متفائلــة)‪ .‬مــع تطـ ّ‬
‫ّ‬
‫مــن دون تــر ّدد‪ ،‬أشــعر بالقلــق مــن تنحيــة ســعادتنا جانبـ ًا‪ ،‬وتراجعهــا‬
‫علــى قائمــة أولوياتنــا‪.‬‬
‫لقــد اقتحمــت التّقانــة حياتنــا فــي األعــوام الماضيــة‪ ،‬مثــل حصــان‬
‫بــري لــم يتــرك لنــا إال خياريــن‪ :‬القفــز علــى صهوتــه‪ ،‬والتشــ ّبث‬ ‫ّ‬
‫بــه بقــوة‪ ،‬أو تركــه يتجاوزنــا مســرع ًا (حتــى نــدرك أن هنــاك حبــ ً‬
‫ا‬
‫يجرنــا خلفــه بــأي حــال)‪ .‬بالنســبة إلــى‬ ‫مربوطــ ًا بكواحلنــا‪ ،‬وأنــه ّ‬
‫الذيــن امتطــوا الحصــان‪ ،‬يبــدو أنهــم قــد بــدؤوا يدركــون أن ال‬
‫فكــرة لديهــم عــن المــكان الــذي يقصــده ‪ ...‬لقــد أرهقهــم ركوبــه‬
‫وبأمــس الحاجــة إلــى‬
‫ِّ‬ ‫مــن دون ســرج‪ .‬نحــن عنــد تقاطــع طــرق ‪-‬‬
‫ـور التكنولوجــي‬ ‫الســعادة مجــاراة التطـ ّ‬
‫ســرج ولجــام‪ .‬كيــف تســتطيع ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫فــي حياتنــا؟ حتــى إذا كنــا نحــب التّقانــة الحديثــة‪ ،‬التــي تثيــر‬
‫البهجــة فينــا‪ ،‬نعــرف أن الوقــت قــد حــان لتو ّلــي زمــام األمــور‪ ،‬مــن‬
‫أجــل أن نتمكّــن مــن الســيطرة علــى الســرعة والقــوة الموجــودة‬
‫تحــت تصرفنــا‪ .‬بالنســبة إلــى أولئــك الذيــن يكافحــون للجــري مــع‬
‫الحصــان‪ ،‬ربمــا يتمنّــون اآلن أن «يكونــوا علــى الســرج‪ ،‬مــع سـ ٍ‬
‫ـوط‬
‫‪36‬‬
‫أي شــيء يمنحهــم بعــض الســيطرة الشــكلية؛ ألن « ُمهــر‬ ‫وركَاب»‪ ،‬أو ّ‬ ‫ِ‬
‫أي عالمــة علــى تخفيــف ســرعته‪ .‬حــان الوقــت‬ ‫التّقانــة» ال ُيظهــر ّ‬
‫لنختــار مغامرتنــا بأنفســنا‪ :‬هــل سنشــارك فــي هــذه الرحلــة الصعبــة‬
‫علــى أننــا مســتهلكون مغلوبــون علــى أمرنــا؟ أو ســنتو ّلى مســؤولية‬
‫اإلشــراف علــى مســتقبلنا‪ ،‬بــأن نشــارك فــي اإلبــداع بطريقــة تتقاطــع‬
‫بهــا تلــك االبتــكارات الجديــدة مــع عملنــا‪ ،‬وأســرنا‪ ،‬ومجتمعاتنــا؟‬

‫حتى إذا كنا نحب التّقانة الحديثة‪ ،‬التي تثير البهجة فينا‪،‬‬
‫نعرف أن الوقت قد حان لتو ّلي زمام األمور‪،‬‬
‫لنتمكّن من السيطرة على السرعة والقوة الموجودة تحت تصرفنا‪.‬‬
‫هل �سنكون �أف�ضل حا ًال من دون التّقانة؟‬
‫قبل �صندوق باندورا‬
‫هــل تتذ ّكــر «األيــام الخوالــي»‪ ،‬حيــن كنــا نُجــري مكالمــات عبــر‬
‫ســألت أخيــر ًا ابنتــي البالغــة مــن العمــر‬
‫ُ‬ ‫هواتــف مث ّبتــة بالجــدران؟‬
‫ثمانــي ســنوات عــن َطنِيــن الطلــب الهاتفــي‪ ،‬فحدّ قــت بــي مــن دون‬
‫أن تفهــم شــيئ ًا‪ .‬يمتلــك الــكل تقريب ـ ًا (وأمهاتهــم‪ ،‬وربمــا جدّ اتهــم)‬
‫أي وقــت‪.‬‬ ‫هاتف ـ ًا ذكي ـ ًا اآلن‪ ،‬ويتوقعــون إمكانيــة االتصــال بــك فــي ّ‬
‫إذا لــم تجــب علــى المكالمــة‪ ،‬يمكنهــم اســتخدام وســيلة تواصــل‬
‫نصيــة‪ ،‬بريــد إلكترونــي‪ ،‬االتصــال‬ ‫أخــرى‪ :‬بريــد صوتــي‪ ،‬رســالة ّ‬
‫بأشــخاص قــد يكونــون بقربــك‪ .‬وإذا فشــل كل شــيء آخــر‪ ،‬وكانــت‬
‫لديهــم القــدرة علــى ذلــك ألنــك اشــتركت فــي حســاب معهــم‬
‫‪37‬‬ ‫(تنحنــح بتر ّفــع)‪ ،‬قــد يتواصلــون معــك عبــر بينــج (أمــر تشــغيل‬
‫(أحــب فعــ ً‬
‫ا‬ ‫ُّ‬ ‫لفحــص االتصــال)؛ كأنــك منــارة إرشــاد ضائعــة‬
‫إلى أين نتجه؟‬

‫إلى أين نتجه؟‬

‫اهتمــام زوجــي بصحتــي‪ ،‬وحاجتــه إلــى جــواب فــوري عــن ذلــك‬


‫الســؤال المهــم جــدًّ ا‪« :‬هــل ســنأكل بقايــا الطعــام أو ســنخرج لتنــاول‬
‫العشــاء؟») ‪ -‬الــذي ســين ّبه كل مــن حولــي إلــى أننــي (أ) أحــاول‬
‫تفــادي شــخص مــا‪ ،‬أو (ب) أننــي قــد تركــت هاتفــي علــى وضعيــة‬
‫االهتــزاز‪ ،‬ووضعتــه فــي مــكان غيــر مالئــم‪.‬‬

‫لست شخصية تصدّ ق باألوهام‪،‬‬


‫ولكن في كل مرة أغادر فيها المنزل‪،‬‬
‫ينبثق صوت خافت في رأسي‪،‬‬
‫تنس ْي هاتفك! إذا تركته سيحدث شيء ما!»‪.‬‬
‫ويقول‪« :‬ال َ‬
‫طبعـ ًا‪ ،‬فــي المــرة الوحيــدة التــي تركــت فيهــا هاتفــي فــي المنزل‪،‬‬
‫مــت مركبــ ٌة ســيارتي‪ ،‬والذ الســائق بالفــرار‪ ،‬ولــم تكــن لــدي‬ ‫َصدَ ْ‬
‫وســيلة لإلبــاغ عــن الحادثــة‪ .‬عندمــا وصلــت إلــى البيــت واتصلــت‬
‫بالشــرطة‪ ،‬تل ّقيــت توبيخـ ًا لعــدم البقــاء فــي مــكان الحادثــة‪ ،‬وتقديــم‬
‫تقريــر عنهــا لرجــال األمــن فــور ًا‪ .‬شــعرت بالخــوف‪ ،‬خاصــة أننــي‬
‫أي احتمال‬ ‫أعــرف أن قانــون مورفــي ســاري المفعــول (إذا كان هنــاك ّ‬
‫لحــدوث خطــأ فإنــه ســيحدث حتمــ ًا)‪ .‬لســت شــخصية تصــدّ ق‬
‫باألوهــام‪ ،‬ولكــن فــي كل مــرة أغــادر فيهــا المنــزل‪ ،‬ينبثــق صــوت‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ـي هاتفــك! إذا تركتــه ســيحدث‬ ‫تنسـ ْ‬
‫خافــت فــي رأســي يقــول‪« :‬ال َ‬
‫شــيء مــا!»‪ .‬ســتصف الباحثــة‪ ،‬والخطيبــة‪ ،‬والكاتبــة برينيــه بــراون‬
‫«التــدرب علــى المأســاة»‪ ،‬أو تهيئــة‬
‫ّ‬ ‫هــذا بأنــه طريقــة دماغنــا فــي‬
‫أنفســنا ضــد نتائــج ســلبية محتملــة بتســمية أســوأ نتيجــة ممكنــة‪.‬‬
‫نظــن أحيانــ ًا أنــه إذا كان بمقدورنــا قــول النتيجــة أوالً‪ ،‬ســنتفادى‬
‫‪38‬‬
‫ســوء الطالــع‪ .‬لكــن األبحــاث تُظهــر أن هــذا الســلوك يشــير إلــى‬
‫ـزز نوع ـ ًا مــن االتكاليــة المكتســبة‪،‬‬ ‫ســوء التك ّيــف فــي الواقــع‪ ،‬ويعـ ّ‬
‫التــي تزيــد مــن احتمــال التوصــل إلــى تلــك النتيجــة‪ .‬ونتســاءل‬
‫الدوامــة‬
‫لمــاذا نقلــق بشــأن التّقانــة فــي حياتنــا؟ ‪ ...‬فــي هــذه ّ‬
‫المع ّقــدة التــي نعيــش فيهــا‪ ،‬يكــون ضروري ـ ًا أن نســتفيد بنحـ ٍ‬
‫ـو وا ٍع‬
‫مــن التّقانــة حتــى ال نصــاب باالتكاليــة‪ ،‬ونخشــى مــن أن نستنشــق‬
‫َن َفس ـ ًا مــن دون ذبذبــة إلكترونيــة بجانبنــا‪.‬‬

‫الدوامة المع ّقدة التي نعيش فيها‪،‬‬


‫في هذه ّ‬
‫ٍ‬
‫بنحو وا ٍع من التّقانة حتى ال نصاب باالتكالية‪،‬‬ ‫يكون ضروري ًا أن نستفيد‬
‫ونخشى من أن نستنشق َن َفس ًا من دون ذبذبة إلكترونية بجانبنا‪.‬‬
‫�سعادة �آلية‬
‫ا فــي جعــل حياتنــا مريحــة؛‬ ‫لقــد قطعــت التّقانــة شــوط ًا طويــ ً‬
‫فهــي تتم ّتــع بإمكانيــة تغييــر كل الســمات التــي تم ّيزنــا بوصفنــا بشــر ًا‪.‬‬
‫الســعادة‪ ،‬وطــول المــدة التــي نعيشــها‪،‬‬ ‫يتضمــن ذلــك كيف ّيــة تحقيــق ّ‬‫ّ‬
‫وحتــى طريقــة تواصلنــا‪.‬‬

‫ســأذكر هنــا مصطلــح «بعــد اإلنســانية» (حركــة فكريــة لتطويــر‬


‫اإلنســانية بوســاطة التّقانــة)‪ ،‬وهــي عبــارة تصــف الخطــوط‬
‫العريضــة لبعــض أفضــل أفــام الثقافــة الشــعبية ‪ -‬تيرمنيتــر‪،‬‬
‫ماتريكــس‪ ،‬إكــس ماكينــا‪ ،‬أفاتــار‪ .‬تعــدُّ بعــد اإلنســانية حركــة‬
‫تهــدف إلــى استكشــاف الطــرق التــي قد تســاعدنا بهــا االبتــكارات‬
‫التكنولوجيــة علــى تجــاوز حــدود قدراتنــا الطبيعيــة‪ ،‬وأن نصبــح‬
‫‪39‬‬
‫أشــخاص ًا خارقيــن بــكل مــا فــي الكلمــة مــن معنــى‪ .‬نــكاد نــرى‬
‫ـول إلــى حقيقــة‪ ،‬وهــذا بحــد ذاتــه‬ ‫تلــك األفــام المســتقبلية تتحـ ّ‬
‫إلى أين نتجه؟‬

‫إلى أين نتجه؟‬

‫تطــور شــيق ومخيــف فــي ٍ‬


‫آن معــ ًا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫هــل حلمــت يومــ ًا بــأن تكــون «تــوم كــروز» فــي «ماينورتــي‬


‫ريبــورت» وأن تطفــو عبــر المعلومــات فــي الجــو؟ اســتعد لمشــروع‬
‫تصممهــا غوغــل مــن أجــل «تفريــغ»‬ ‫أورا (‪ ،)Aura‬وهــي نظــارات ّ‬
‫ذكريــات يمكــن اســتحضارها الحقــ ًا‪ ،‬وتســمح للمســتخدمين‬
‫بالتواصــل بلغــات أجنبيــة‪ ،‬ومشــاهدة معلومــات ذات مغــزى عــن‬
‫البيئــة المحيطــة بهــم برؤيتهــم المحيطيــة (‪.)2( ،)1‬‬

‫هــل ف ّكــرت يومـ ًا أن يصبــح الشــرطي اآللــي‪ ،‬أو الرجــل الحديــدي‪،‬‬


‫حقيقــة؟ تختبــر لوكهيــد مارتــن حاليـ ًا «الحامــل العالمــي»؛ وهــو هيكل‬
‫خارجــي داعــم يرتديــه الجنــود‪ ،‬ويســاعدهم فــي حمــل مــا يصــل إلــى‬
‫وتحمــل تلــك‬ ‫ّ‬ ‫‪ 200‬رطــل فــي أثنــاء الجــري عشــرة أميــال فــي الســاعة‪،‬‬
‫األعبــاء وقت ـ ًا طوي ـاً‪ .‬تســمح ألعــاب فيديــو‪ ،‬مثــل «دعــاء الواجــب»‬
‫لالعبيــن باختبــار هــذا النــوع مــن التّقانــة نظريـ ًا‪ .‬ربمــا ظننــت أن الفيلــم‬
‫الموســوم بالخيــال العلمــي كان مجــرد حلــم يقظــة! ف ّكــر مجــدّ د ًا‪ .‬تو ّقع‬
‫راي كرزويــل‪ ،‬مديــر الهندســة فــي غوغــل‪ ،‬أن يصبــح البشــر هجنــاء‬
‫أي أنــه ســيكون بمقدورنــا اســتخدام‬ ‫بحلــول ثالثينيــات هــذا القــرن؛ ّ‬
‫التّقانــة بطريقــة تعـ ّـزز قدراتنــا‪ ،‬وتجعلنــا نتجــاوز حدودنــا الطبيعيــة(‪.)3‬‬
‫يتو ّقــع أن تســتطيع عقولنــا التواصــل علــى نحــو مباشــر مــع الحوســبة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الســحابية عبــر رقائــق نانومتريــة (روبوتــات فائقــة الصغــر تُصنــع مــن‬
‫جدائــل الحمــض النــووي الريبــي)‪ ،‬لتزيــد مــن ذكائنــا‪ .‬مــاذا قــد يكــون‬
‫مخيفــ ًا أكثــر مــن هــذا؟ مــن بيــن ‪ 147‬تو ّقعــ ًا‪ -‬قدّ مهــا كرزويــل فــي‬
‫تســعينيات القــرن الماضــي‪ ،‬بشــأن مــا قــد يحــدث فــي العــام ‪،2009‬‬
‫ـيف ذو حدّ يــن‪ .‬نســتفيد‬ ‫تح ّققــت نســبة ‪ ٪86‬منهــا‪ .‬يكتــب أن «التّقانــة سـ ٌ‬
‫‪40‬‬
‫مــن النــار فــي تدفئــة أجســادنا‪ ،‬وطهــي طعامنــا؛ ولكنهــا تحــرق منازلنــا‬
‫أيض ـ ًا‪ .‬لــكل تقانــة منافعهــا ومســاوئها»‪.‬‬

‫ـوق بشــأن فتــح صنــدوق بانــدورا‪ ،‬بالطريقــة‬ ‫نشــعر بالتر ّقــب والتشـ ّ‬
‫نفســها التــي نتو ّقــع بهــا مــا قــد يوجــد داخــل علبــة هدايــا‪ .‬ينتابنــا افتنــان‬
‫وذهــول فــي البدايــة‪ ،‬كمــا يحــدث حيــن نمـ ّـزق ورق التغليــف الجميــل‪،‬‬
‫ونمســك الغــرض الجديــد‪ ،‬الالمــع‪ ،‬فــي الداخــل‪ .‬تجعلنــا اإلثــارة‬
‫نغفــل عــن المخاطــر المحتملــة‪ ،‬ولكــن ذلــك البريــق يخفــت أخيــر ًا‪،‬‬
‫ونــرى أن محتويــات صنــدوق بانــدورا تحمــل معهــا خطــر ًا مســتتر ًا‪.‬‬
‫يبــدو أن هنــاك دائمـ ًا جانبـ ًا بشــع ًا مــن التّقانــة المســتقبلية‪ ،‬حين ســتتو ّلى‬
‫اآلالت زمــام المســؤولية‪ ،‬كمــا نــرى فــي أفــام الثقافــة الشــعبية مــا بعــد‬
‫اإلنســانية‪ .‬ينبغــي أن يخيفنــا هــذا‪ ،‬أو يقــرع جــرس اإلنــذار‪ ،‬أو يجعلنــا‬
‫نتوقــف علــى األقــل لنمعــن التفكيــر فــي مــا نحــن مقبلــون عليــه‪.‬‬
‫تطورنــا‬
‫نحــن نقتــرب مــن هاويــة امتــاك القــدرة علــى هندســة ّ‬
‫تحســن‬
‫منشــطات ذهنيــة (أقــراص ّ‬ ‫أي ّ‬‫باالســتفادة مــن مح ّفــزات إدراك؛ ّ‬
‫القــدرة المعرفيــة)‪ ،‬والهندســة الوراثيــة‪ ،‬وطــب النانــو(‪ .)4‬مــن الصعــب أال‬
‫نشــعر بالحمــاس بشــأن احتمــاالت أن نصبــح أكثــر ذكاء‪ ،‬وقــوة‪ ،‬وعافيــة‪،‬‬
‫مــن منــا يحــب أن يــرى العزيزيــن عليــه مرضــى‪ ،‬أو يعانــون‪ ،‬أو حتــى‬
‫تحــول المــرء إلــى إنســان خــارق‬
‫ّ‬ ‫ينســى مــن يكونــون؟ فجــأة‪ ،‬يبــدو‬
‫شــيئ ًا ممكنــ ًا ألول مــرة فــي تاريــخ البشــرية ‪ ...‬لكــن مــاذا يعنــي هــذا‬
‫ـورات مثــل هــذه ســعيدين فع ـاً؟‬ ‫للمجتمــع؟(‪ )5‬وهــل ســتجعلنا تطـ ّ‬

‫يشــرح نايــف الروضــان؛ الباحــث واألســتاذ فــي أوكســفورد‪ ،‬أن‬


‫البشــر مســتعدّ ون للســعادة‪ ،‬مــن ناحيتــي الوراثــة والكيميــاء العصبية‪،‬‬
‫ويرغبــون بــأن يشــعروا بهــا(‪ .)6‬يكتــب الروضــان فــي مقالــه حتميــة‬
‫مــا بعــد اإلنســانية؟ كيــف ســيؤ ّثر انبثــاق تقانــات اســتراتيجية جديــدة‬
‫‪41‬‬
‫علــى مســتقبل البشــرية‪ ،‬أن خمــس عوامــل رئيســة تح ّفــز ســلوكنا‪:‬‬
‫والســعادة‪ ،‬والفخــر‪ ،‬والديمومــة‪ .‬ســيجري تبنّــي‬ ‫القــوة‪ ،‬والربــح‪ّ ،‬‬
‫إلى أين نتجه؟‬

‫إلى أين نتجه؟‬

‫ـزز أ ّي ـ ًا مــن هــذه العوامــل الخمــس؛ ألن ذلــك ســيكون‬ ‫أي تقانــة تعـ ّ‬
‫ّ‬
‫مغريــ ًا للمشــاعر التــي تجعلنــا «ســعيدين»‪ .‬يدفعنــا هــذا الحافــز ‪-‬‬
‫«تتطــور ‪ -‬أو‬
‫ّ‬ ‫أكثــر فأكثــر ‪ -‬نحــو حقبــة مــا بعــد اإلنســانية‪ ،‬التــي‬
‫تتغ ّيــر ‪ -‬فيهــا التجربــة البشــرية علــى نحــو غيــر طبيعــي ‪ ...‬ال يتعلــق‬
‫األمــر بـــ «كيــف؟» أو «إذا؟»‪ ،‬وإنمــا «متــى؟» و«مــا هــي التكلفــة؟»‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن أن الروضــان يرســم لوحــة كئيبــة ‪ -‬إن لــم تكــن‬
‫مخيفــة صراحــة ‪ -‬عــن المســتقبل‪ ،‬إال أن النتائــج المتوقعــة لحقبــة‬
‫مــا بعــد اإلنســانية ال يمكــن أن تشــكّل كلهــا خطــر ًا علــى مســتقبلنا‪.‬‬
‫فــي الواقــع‪ ،‬تعــدُّ بعــض تلــك المخرجــات رائعــة جــدًّ ا‪ .‬علــى ســبيل‬
‫المثــال‪ ،‬تلقــى هيــو هيــر الثنــاء قبــل ثالثيــن عامــ ًا بوصفــه أفضــل‬
‫متســلق جبــال فــي أمريــكا‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬انطلــق الشــاب حيــن كان‬
‫فــي الســابعة عشــرة مــن العمــر‪ ،‬برفقــة صديــق لــه‪ ،‬فــي رحلــة تس ـ ّلق‬
‫علــى جبــل واشــنطن‪ ،‬الــذي تغ ّطيــه الثلــوج‪ .‬واجــه المتسـ ّلقان عاصفــة‬
‫ثلجيــة‪ ،‬جعلتهمــا يضــان الطريــق‪ ،‬ويذهبــان نحــو صــد ٍع بعيــد‪ .‬بعــد‬
‫قضائهمــا ثالثــة أيــام يتجــوالن فــي المنطقــة مــن دون أحذيــة ثلجيــة‪،‬‬
‫جــرى إنقاذهمــا بأعجوبــة‪ ،‬علــى الرغــم مــن معاناتهمــا مــن انخفــاض‬
‫حــاد فــي حــرارة جســديهما‪ .‬فــي األيــام اآلتيــة‪ُ ،‬بتــرت كلتــا ســاقي‬
‫وجــه ضربــة قاصمــة لمتس ـ ّلق الجبــال‪،‬‬ ‫هيــر مــن تحــت الركبــة‪ ،‬ممــا ّ‬
‫الشــخصية والمهنيــة‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬فــي الشــهور التــي‬ ‫مــن الناحيتيــن ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أعقبــت الحادثــة‪ ،‬بــدأ هيــر العمــل علــى صنــع ســاقين اصطناعيتيــن لــه‬
‫مــن المطــاط‪ ،‬والمعــدن‪ ،‬والبالســتيك‪ ،‬والخشــب فــي ورشــة محليــة‪.‬‬
‫عــاد بعــد خمــس شــهور إلــى جبــل واشــنطن‪ ،‬واســتأنف ممارســة‬
‫التس ـ ّلق‪ ،‬ممــا أثــار دهشــة نظرائــه‪ .‬يعمــل هيــر اآلن عضــو ًا فــي هيئــة‬
‫تدريــس معهــد ماساشوســتس للتقانــة‪ ،‬ومديــر ًا لمجموعــة أبحــاث‬
‫‪42‬‬
‫بيوميكاترونيــك (حقــل يجمــع الهندســة اإلحيائيــة‪ ،‬والميكانيكيــة‪،‬‬
‫يصمــم أطرافــ ًا‬
‫والكهربائيــة‪ ،‬واإللكترونيــة‪ ،‬والحاســوبية)‪ ،‬حيــث ّ‬
‫اصطناعيــة ذكيــة لرياضييــن قــد فقــدوا أحــد أعضائهــم(‪ .)7‬يشــتهر هيــر‬
‫بالمــزاح فــي المكتــب؛ بــأن كل شــخص آخــر يكبــر فــي العمــر‪ ،‬فــي‬
‫حيــن تصبــح ســاقاه أكثــر شــباب ًا!‬

‫علــى الرغــم مــن أن رغبتنــا بحمايــة الــذات تدفعنــا نحــو حلــول‬


‫تكنولوجيــة جديــدة‪ ،‬إال أن كثيريــن يع ّبــرون عــن قلقهــم بشــأن اآلثــار‬
‫الجســدية والنفســية حيــن نصبــح بشــر ًا هجنــاء‪ ،‬بعــد زرع قطــع معدنيــة‬
‫فينــا‪ ،‬أو وصلنــا بأعضــاء ُصنعــت بتقنيــة الطباعــة ثالث ّيــة األبعــاد‪،‬‬
‫والشــخصية للعيــش مــدة‬ ‫إلطالــة حياتنــا‪ ،‬مــا هــي اآلثــار البيئيــة ّ‬
‫أطــول؟ مــاذا ســيكون تأثيــر مــا بعــد اإلنســانية علــى المجتمــع؟ يكتب‬
‫تحســن التّقانــة رفــاه األفــراد‪ ،‬أو المجتمــع‪ ،‬أو‬
‫رافائيــل كالفــو‪« :‬إذا لــم ّ‬
‫الكوكــب‪ ،‬هــل يجــب أن تبقــى؟»(‪ .)8‬إذا كنــت مالــك شــركة‪ ،‬أو باحثـ ًا‪،‬‬
‫تتحمــل‬
‫ّ‬ ‫أو مهندســ ًا‪ ،‬أو مســؤوالً حكوميــ ًا‪ ،‬أو مواطنــ ًا‪ ،‬ينبغــي أن‬
‫مســؤولية المســاعدة فــي تقديــم جــواب علــى هــذا الســؤال‪ ،‬وتكويــن‬
‫الســعادة‪.‬‬
‫مســتقبل ّ‬

‫تنمية العقل‬
‫يشــرح المبتكــر ميــرون غريبتــز؛ فــي برنامجــه التفاعلــي الحالــي‪:‬‬
‫«الحواســيب رائعــة جــدًّ ا هــذه األيــام‪ ،‬لــذا ال نالحــظ كــم هــي‬
‫رهيبــة»‪ .‬يتذكّــر مــا حــدث معــه فــي ‪ ،2011‬حيــن زار مــع صديــق‬
‫مشــرب ًا‪ ،‬إنمــا لــم يســتطع تبــادل حديــث مفيــد معــه؛ ألن ذلــك‬
‫نصيــة‪ ،‬والــرد عليهــا‪ .‬شــعر غريبتــز‬
‫الصديــق انشــغل بتلقــي رســائل ّ‬
‫باإلحبــاط‪ ،‬ونظــر حولــه‪ ،‬فــرأى فــي إحــدى جوانــب القاعــة‬
‫‪43‬‬
‫مجموعــة مــن المراهقيــن المجتمعيــن حــول هاتــف‪ ،‬منشــغلين‬
‫بــه تمامــ ًا‪ ،‬ويضحكــون معــ ًا مــن صــور علــى موقــع أنســتغرام(‪.)9‬‬
‫إلى أين نتجه؟‬

‫إلى أين نتجه؟‬

‫قــال‪« :‬عندمــا أمعنــت التفكيــر فــي األمــر‪ ،‬أدركــت أن الجانــب‬


‫الســيئ مــن الموضــوع ال يتم ّثــل فــي المعلومــات ّ‬
‫الرقميــة‪ ،‬وإنمــا‬
‫ببســاطة بشاشــة العــرض‪ ،‬التــي تفصلنــي عــن صديقــي‪ ،‬وتجمــع‬
‫هــؤالء األوالد مع ـ ًا‪ .‬بــدا واضح ـ ًا أنهــم يجتمعــون بشــأن شــيء مــا‬
‫ـوروا معارفهــم االجتماعيــة‬ ‫يربطهــم مع ـ ًا‪ ،‬مثــل أســافنا‪ ،‬الذيــن طـ ّ‬
‫بســرد قصــص حــول موقــد النــار‪ .‬هــذا بالضبــط مــا يجــب أن تفعلــه‬
‫توســع دوائــر معارفنــا‪ .‬لكــن‬
‫األدوات ‪ -‬كمــا أظــن‪ -‬التــي يجــب أن ّ‬
‫أعتقــد أن الحواســيب اليــوم تفعــل العكــس تمامــ ًا‪.‬‬

‫إذا كنــت تبعــث بريــد ًا إلكترونيـ ًا إلــى زوجتــك‪ ،‬أو تؤلف ســمفونية‪،‬‬
‫أو تواســي صديقــ ًا فحســب‪ ،‬ســتفعل ذلــك بالطريقــة نفســها تمامــ ًا‪.‬‬
‫ـتنكب علــى تلــك المســتطيالت‪ ،‬وتضغــط علــى مفاتيــح‪ ،‬وقوائــم‪،‬‬ ‫سـ ُّ‬
‫ومزيــد مــن المســتطيالت‪ .‬أظــن أن هــذه هــي الطريقــة الخطــأ‪ ،‬وأننــا‬
‫يجــب أن تقــوم بذلــك علــى نحــو طبيعــي تمام ـ ًا‪ .‬يجــب أن نســتعمل‬
‫آالت تكـ ّـرس دورنــا فــي العالــم‪ ،‬وآليــات تســتفيد مــن مبــادئ علــم‬
‫األعصــاب لتعزيــز حواســنا‪ ،‬بــدالً مــن تجاوزهــا»‪.‬‬

‫المؤســس والمديــر التنفيــذي‬


‫ّ‬ ‫مضــى ميــرون غريبتــز قدمــ ًا‪ ،‬وصــار‬
‫تصمــم تجــارب واقــع معـ ّـزز‪ ،‬لتوســيع‬
‫لـــ «ميتــا» (‪ ،)Meta‬وهــي شــركة ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫نطــاق إنســانيتنا‪ ،‬ال الحــد منهــا عبــر اســتخدام النظــارات (تخ ّيــل نســخة‬
‫ثالث ّيــة األبعــاد مــن فيــس تايــم‪ ،‬يمكــن عبرهــا مشــاركة أغــراض رقم ّيــة‬
‫عبــر المســافة والوقــت‪ ،‬شــيء مثيــر للدهشــة!)‪.‬‬

‫بخــاف الواقــع االفتراضــي الــذي يســتخدم الــذكاء االصطناعــي‬


‫‪44‬‬
‫لتقديــم عالــم خيالــي‪ ،‬يتــم تصميــم الواقــع المعـ ّـزز لمســاعدة العقــل‬
‫المعــزز علــى‬
‫ّ‬ ‫البشــري علــى فهــم العالــم الحقيقــي‪ .‬يركّــز الواقــع‬
‫ّ‬
‫دمــاغ اإلنســان‪ ،‬بوصفــه المعالــج األســمى‪ ،‬وال يجعلــك تعـ ّـزز كميــة‬
‫المعلومــات التــي تتل ّقاهــا فقــط‪ ،‬وإنمــا جودتهــا فــي بيئتــك أيضــ ًا‪.‬‬
‫ســيكون ممكنـ ًا ربــط األجهــزة (أدوات يمكــن ارتداؤهــا‪ ،‬أو تناولها‪ ،‬أو‬
‫غرســها) بالقــدرات الطبيعيــة لجســمنا وعقلنــا البشــريين‪ .‬لكــن الهدف‬
‫هــو أن تكــون هــذه األشــياء شـ ّفافة‪ ،‬وال يمكــن حتــى مالحظتهــا‪ ،‬فــي‬
‫أثنــاء تحســينها جــودة هوائنــا‪ ،‬ودقــة بصرنــا‪ ،‬واإلنتاجيــة فــي عملنــا‪،‬‬
‫واألهــم‪ :‬نطــاق وعمــق البهجــة‪ ،‬التــي نشــعر بهــا فــي أثنــاء ســعينا‬
‫لتحقيــق تلــك اإلمكانــات‪.‬‬

‫يجــب أن نجــد طريقــة نتعايــش بهــا مــع التّقانــة‪ ،‬ونزدهــر معهــا‬


‫أيضــ ًا‪.‬‬
‫ال�سعادة؟‬
‫كيف �سيبدو �شكل ّ‬
‫الســعادة بأنهــا‪« :‬البهجــة التــي نشــعر بهــا‬‫عـ ّـرف اإلغريــق القدامــى ّ‬
‫فــي أثنــاء بــذل الجهــد لتحقيــق إمكاناتنــا»(‪ .)1‬علــى الرغــم مــن أننــي‬
‫الســعادة‬‫أحــب هــذا التعريــف (وأســتخدمه علــى أنــه األســاس لفهمــي ّ‬
‫فــي ســياق هــذا الكتــاب)‪ ،‬إال أن أمــور ًا كثيــرة قــد تغ ّيــرت فــي العالــم‬
‫منــذ أيــام اليونــان القديمــة‪ .‬نتيجــة ذلــك‪ ،‬تتط ّلــب االســتراتيجيات‬
‫الســعادة مقاربــة أكثــر د ّقــة‪ .‬توجــد أعــدا ٌد‬‫التــي نســتخدمها لتحقيــق ّ‬
‫الســعادة فــي الســوق اليــوم‪ ،‬إال أن بعض ـ ًا منهــا فقــط‬ ‫كبيــر ٌة مــن كتــب ّ‬
‫الســعادة فــي ســياق الضغــوط والمتط ّلبــات الفريــدة للعالــم‬ ‫تنظــر إلــى ّ‬
‫التكنولوجــي‪ ،‬الــذي نعيــش فيــه اليــوم‪ .‬يعــدُّ هــذا الكتــاب أول محاولــة‬
‫اإليجابــي‪ ،‬لمســاعدتنا فــي‬
‫ّ‬ ‫لتطبيــق مبــادئ وأبحــاث علــم النفــس‬
‫ـي‪.‬‬ ‫الرقمـ ّ‬ ‫كســب إحسـ ٍ‬
‫ـاس بالتــوازن بيــن اإلنتاج ّيــة والرفــاه فــي العصــر ّ‬
‫‪45‬‬

‫حذرنــي الجميــع حيــن شــرعت فــي تأليــف هــذا الكتــاب‪ « :‬إيمــي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫إلى أين نتجه؟‬

‫إلى أين نتجه؟‬

‫ال تتفلســفي كثيــر ًا‪ ،‬ليكــن كتابــك ســهالً‪ ،‬وعمليــ ًا‪ ،‬وإال ســتخيفين‬
‫الجميــع!» لكــن هــل تعرفــون؟ ســأمضي قدمـ ًا علــى ّ‬
‫أي حــال؛ ألننــي‬
‫أجــد متعـ ًة فــي متابعــة فكــرة مــا حتــى النهايــة‪ ،‬مثــل ق ّطــة تلعــب بكــرة‬
‫مــن الصــوف‪ .‬أضــف إلــى ذلــك‪ ،‬مــن ال يتســاءل إن كانــت الحيــاة‬
‫أفضــل فــي األيــام الخوالــي‪ ،‬قبــل أن نفتــح صنــدوق بانــدورا؟ بعــد‬
‫أي طريقــة إلعــادة الثــورة التكنولوجيــة إلــى‬ ‫أن فتحنــاه‪ ،‬هــل هنــاك ّ‬
‫الصنــدوق‪ ،‬وإغالقــه؟ ال يبــدو هــذا ممكنــ ًا‪ .‬لكــن اعتمــاد ًا علــى‬
‫نســخة األســطورة اإلغريقيــة التــي قــد ســمعتها‪ ،‬ربمــا تكــون نســيت‬
‫أنــه عندمــا فتحــت بانــدورا الصنــدوق أول مــرة‪ ،‬وأطلقــت الشــرور‬
‫واألوبئــة منــه إلــى العالــم‪ ،‬بقــي شــيء واحــد فقــط فــي القعــر‪ :‬األمــل‪.‬‬
‫أظـ ُّن حقـ ًا أن التّقانــة تتم ّتــع بإمكانيــة إنقاذنــا‪ ،‬علــى الرغــم مــن قدرتها‬
‫علــى إخــراج «الشــرور» منــا‪ .‬تتم ّثــل رغبتــي فــي أن أقلــب صنــدوق‬
‫التّقانــة ذاك رأس ـ ًا علــى عقــب‪ ،‬وأن أغربــل قطع ـ ًا كافيــة مــن األمــل‬
‫والســعادة‪ ،‬لتحســين مســتقبلنا‪.‬‬ ‫ّ‬

‫قمي‬
‫الر ّ‬
‫ا�ستراتيجيات �أ�سعد النّا�س في الع�صر ّ‬
‫قبــل أن أشــرع فــي تأليــف هــذا الكتــاب‪ ،‬لــو أن أحــد ًا طلــب منــي‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ٍ‬
‫عــال‬ ‫ٍ‬
‫بإحســاس‬ ‫أن أقــدّ م وصفــ ًا تفصيليــ ًا لشــخص أظــ ُّن أنــه يتمتّــع‬
‫قمــي‪ ،‬لتحدّ ثــت عــن شــخصية تعيــش ّ‬
‫بتقشــف ‪ -‬حيــاة‬ ‫ّ‬ ‫الر‬
‫بالعصــر ّ‬
‫تتميــز باالنضبــاط الذاتــي‪ ،‬واالبتعــاد عــن الملــذات الدنيويــة ‪ -‬فــي‬
‫ـكان نـ ٍ‬
‫ـاء‪ ،‬تســتغرق فــي التأمــل نهــار ًا‪ ،‬وتنــام قريــرة العيــن ليـاً‪ ،‬مــن‬ ‫مـ ٍ‬
‫كنــت مخطئــة تمامــ ًا!‬
‫ُ‬ ‫دون أجهــزة تزعجهــا‪ ...‬لقــد‬
‫‪46‬‬

‫ٍ‬
‫عــدد ال يحصــى مــن‬ ‫حظيــت منــذ ذلــك الوقــت بفــرص لقــاء‬
‫األفــراد فــي أرجــاء العالــم‪ ،‬مــن قلــب وادي الســليكون‪ ،‬إلــى منطقــة‬
‫ســمولفيل النائيــة فــي الواليــات المتحــدة؛ ومــن مديريــن يتمتّعــون‬
‫بقــدرات كبيــرة‪ ،‬ويشــرفون علــى موظفيــن علــى مــدار الســاعة‪،‬‬
‫إلــى أمهــات يالزمــن المنــازل‪ ،‬ويعتمــدن علــى أجهــزة إلكترونيــة‬
‫إلنجــاز أعمالهــن؛ ومــن أطفــال يحملــون آي‪-‬فــون فــي أيديهــم‪ ،‬إلــى‬
‫ٍ‬
‫أفــراد فــي أواخــر أعمارهــم‪ ،‬أتقنــوا حديثــ ًا طريقــة اســتخدام فــأرة‬
‫الحاســوب ‪ -‬وقــد تع ّلمــت اآلتــي‪ :‬األفــراد الذيــن ينعمــون بأفضــل‬
‫أي مــن هــذه الفئــات‪.‬‬‫إحســاس بالتــوازن والرفــاه قــد ينتمــون إلــى ّ‬
‫ربمــا يتم ّتــع هــؤالء بتجــارب مختلفــة جــدًّ ا مــع األجهــزة التكنولوجية‪،‬‬
‫ولكــن األفــراد األكثــر توازن ـ ًا فــي الحيــاة والذيــن يشــعرون بالرضــا‬
‫والســعادة‪ ،‬هــم أولئــك الذيــن يســتفيدون مــن خمــس اســتراتيجيات‬ ‫ّ‬
‫رئيســة‪ ،‬ال مــن أجــل العيــش فقــط‪ ،‬وإنمــا لتحقيــق النجــاح فعـ ً‬
‫ا فــي‬
‫ـي أيض ـ ًا‪:‬‬
‫الرقمـ ّ‬
‫العصــر ّ‬

‫✓ ✓ أوالً‪ ،‬يحافظون على تركيزهم بمواجهة عوامل اإللهاء‪.‬‬


‫✓ ✓ ثاني ـ ًا‪ ،‬يســتفيدون مــن التّقانــة ليعرفــوا أنفســهم علــى مســتوى‬
‫أكثــر عمق ـ ًا‪.‬‬
‫✓ ✓ثالثــ ًا‪ ،‬يعرفــون متــى وكيــف يســتخدمون التّقانــة لتدريــب‬
‫أدمغتهــم‪ ،‬واالســتفادة مــن كامــل إمكاناتهــم‪.‬‬
‫✓ ✓ رابعــ ًا‪ ،‬ين ّظمــون محيطهــم لتكويــن بيئــة تجعلهــم يشــعرون‬
‫بالســعادة‪.‬‬‫ّ‬
‫✓ ✓ خامس ًا‪ ،‬يبدعون إلثراء العالم حولهم‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الــرواد فــي صناعــة‬
‫ّ‬ ‫بيــن د ّفتــي هــذا الكتــاب‪ ،‬ســنلتقي بعــض‬
‫ـي‪ :‬أفــراد مثــل‬
‫الرقمـ ّ‬
‫التّقانــة‪ ،‬الذيــن يعملــون فــي طليعــة حقــل الرفــاه ّ‬
‫إلى أين نتجه؟‬

‫إلى أين نتجه؟‬

‫خافييــر فــي مختبــر الوســائط فــي معهــد ماساشوســتس للتقانــة‪ ،‬الــذي‬


‫بالتوحــد؛ ودان‬
‫ّ‬ ‫يختبــر «أطــراف التواصــل البديلــة» لألفــراد المصابيــن‬
‫مــن مختبــرات آي‪-‬موشــن (‪ ،)iMotion‬الــذي يســتخدم تحليــات‬
‫ٍ‬
‫ـركات علــى فهــم الزبائــن؛ وأوفــر مــن هابيفــاي‪،‬‬ ‫الوجــه لمســاعدة شـ‬
‫ـور إطــار عمــل لتحويــل تدريــب الدمــاغ المعرفــي إلــى‬ ‫الــذي قــد طـ ّ‬
‫الــرواد مهمــة جــدًّ ا فــي ضــوء‬
‫ّ‬ ‫ألعــاب رائعــة‪ .‬تعــدُّ رحلــة هــؤالء‬
‫الحاجــة المتزايــدة لفهــم الرفــاه‪ ،‬واإلنتاجيــة‪ ،‬والنجــاح فــي ٍ‬
‫كل‬
‫مــن مجالــي البحــث‪ ،‬والحيــاة الحقيقيــة‪ .‬آمــل أن تم ّثــل األبحــاث‬
‫والتجــارب الــواردة فــي هــذا الكتــاب إلهامـ ًا‪ ،‬وتحدّ يـ ًا لــك‪ ،‬للغــوص‬
‫عميقــ ًا فــي تفكيــرك‪ ،‬وأن تضــع هــذه االســتراتيجيات عــن جعــل‬
‫عالمــك أكثــر ســعادة موضــع تنفيــذ‪ ،‬وأن تشــارك األبحــاث خلــف‬
‫تلــك االســتراتيجيات مــع أصدقائــك‪ ،‬وزمالئــك‪ ،‬وحتــى أوالدك‪،‬‬
‫لتغييــر المســار الــذي نســلكه بشــأن متــى؟ وأيــن؟ ولمــاذا؟ وكيــف‬
‫نســتخدم التّقانــة لنزيــد رفاهنــا؟ حــان الوقــت اآلن الغتنــام هــذه‬
‫ا فــي العالــم‪ .‬إنهــا لحظــة‬ ‫ٍ‬
‫فــرق فعــ ً‬ ‫الفرصــة الســانحة‪ ،‬وإحــداث‬
‫الســعادة‪.‬‬
‫الحقيقــة فيمــا يخــص مســتقبل ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫‪48‬‬
‫الف�صل الثاين‬

‫االستراتيجيات الخمس‬
‫لتحقيق التوازن بين اإلنتاج ّية والرفاه‬
‫االستراتيجية رقم ‪1‬‬
‫اتخاذ االحتياطات الالزمة‬
‫وتوجهها بفاعلية‬
‫ّ‬ ‫كيف تر ّكز طاقتك‬

‫«يمكنك ر�ؤية ع�صر الحا�سوب في كل مكان‪،‬‬


‫با�ستثناء الإح�صائيات الإنتاج ّية»‪.‬‬
‫روبرت �سولو‪ ،‬حائز نوبل في االقت�صاد‬

‫‪51‬‬
‫عندمــا كنــت فــي السادســة مــن العمــر‪ ،‬وشــقيقي فــي الثامنــة‪،‬‬
‫عــاد أبــي إلــى المنــزل مــن إحــدى المؤتمــرات عــن العلــوم العصبيــة‬
‫ا أدوات تعليميــة عــن علــم الكهربــاء‪ .‬تذ ّكــروا أن تلــك الحقيبــة‬ ‫حامـ ً‬
‫ـم إرشــادات‬ ‫كانــت مــن الثمانينيــات‪ ،‬ولــم يكــن لزام ـ ًا آنــذاك أن تضـ َّ‬
‫مالئمــة للعمــر (تبلــغ ابنتــاي السادســة والثامنــة مــن العمــر اآلن‪،‬‬
‫ا قبــل أن أقــدّ م صنــدوق‬ ‫ويمكننــي القــول بثقــة إننــي ســأتر ّدد فعــ ً‬
‫بانــدورا مماثــل لهمــا‪ :‬أعنــي‪ ،‬حقيبــة علميــة)‪ .‬مثــل معظــم األوالد‪،‬‬
‫لــم أهتــم وشــقيقي بقــراءة كـ ّـراس التعليمــات (كتابــة صغيــرة‪ ،‬وكثيــر‬
‫مــن الجمــل الكاملــة)‪ .‬أفرغنــا ببســاطة حقيبــة األســاك واألدوات‪،‬‬
‫وبدأنــا اللعــب‪ .‬فــي وقــت قصيــر نســبي ًا‪ ،‬بــدأت المصابيــح تومــض‪،‬‬
‫واألصــوات تئــز‪ ،‬وباتــت حتــى البالونــات مملــوءة هــواء‪ .‬لكــن‬
‫يجــرب إحــدى‬ ‫ّ‬ ‫خطــرت لشــقيقي آنــذاك فكــر ٌة ن ّيــرةٌ‪ ،‬تم ّثلــت بــأن‬
‫المشــابك الكهربائيــة علــى مصبــاح يــدوي‪ .‬قــام بربــط أحــد طرفــي‬
‫المشــبك بمأخــذ المصبــاح‪ ،‬مــن ثــم وصــل األداة إلــى مقبــس كهربائي‬
‫فــي الجــدار‪ .‬لــم يحــدث شــيء‪ ،‬فتوقفنــا قليـاً‪ ،‬وقــد أصابنــا الدَّ َهــش‪.‬‬
‫فــي محاولــة أخيــرة لجعــل المصبــاح يتعــاون معنــا‪ ،‬قــام شــون بوصــل‬
‫خمنتــم ذلــك‪ ،‬حصلنا‬ ‫الجانــب اآلخــر مــن المشــبك بالمأخــذ‪ ،‬ونعــم‪ّ ،‬‬
‫علــى رد فعــل حيــن اكتملــت الــدارة‪ .‬ســمعنا فرقعــة عاليــة‪ ،‬و ُدفــع‬
‫المكــون مــن طابقيــن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫شــقيقي إلــى الخلــف ليرتمــي علــى ســريرنا‬
‫وقــد انتصــب شــعر رأســه‪ .‬جــاءت أمــي مســرعة إلــى الغرفــة بعــد‬
‫ســماعها الصــوت‪ ،‬وطلبــت معرفــة مــا يجــري‪ .‬قلنــا معـ ًا‪« :‬ال شــيء»‪،‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ـان مــن الجــدار المســود‪ ،‬ودار حــول‬ ‫وابتســمنا‪ ،‬فــي حيــن ارتفــع دخـ ٌ‬
‫رؤوســنا‪ ...‬لقــد تع ّلمنــا درس ـ ًا ق ّيم ـ ًا‪.‬‬

‫أحــب كونــي ترعرعــت فــي كنــف التّقانــة‪ ،‬إنهــا رائعــة‪ ،‬ومفيــدة‪،‬‬


‫ومسـ ّلية‪ .‬إنهــا قويــة جــدًّ ا أيضـ ًا‪ ،‬وتشـتّت االنتبــاه‪ ،‬وتكــون حتــى خطــرة‬
‫أحيانـ ًا‪ .‬تع ّلمــت وشــون مــن تجربتنــا بــأن ســلك ًا كهربائيـ ًا ثنائــي القطــب‬ ‫‪52‬‬

‫يســحب كميــة كبيــرة مــن الكهربــاء‪ ،‬وأنــه قــد يشــعل حرائــق أيضـ ًا‪ .‬فــي‬
‫القســم اآلتــي‪ ،‬ســأبحث فــي الطريقــة التــي تؤ ّثــر بهــا عوامــل اإللهــاء‬
‫اإللكترونيــة علــى ســعادتنا‪ ،‬وأقــدم طرق ـ ًا تســاعدكم فــي تطويــر « ُقطــب‬
‫ثالــث»‪ ،‬للحفــاظ علــى تركيزكــم فــي عالــم يتغ ّيــر بســرعة‪.‬‬

‫التحدي‪:‬‬
‫ّ‬
‫التخ ّل�ص من �إلهاء التّقانة وتع ّودها‬
‫ـود التّقانة»‪ ،‬ســتقول‬ ‫إذا طلبــت منــك تذكيــري بكلمــة مرتبطــة بـــ «تعـ ّ‬
‫علــى األرجــح «مراهقيــن»‪ ،‬قبــل حتــى أن أنهــي جملتــي‪ .‬ســيكون لهــذا‬
‫يبــرره حقــ ًا‪ .‬فــي دراســة أجرتهــا مؤسســة كومــن‬ ‫الــرأي الشــائع مــا ّ‬
‫ســينس (‪ )Common Sense‬فــي ‪ 2016‬علــى ‪ 1200‬مراهــق وآبائهــم‪ ،‬أقـ َّـر‬
‫ـود علــى أجهزتهــم المحمولــة(‪.)1‬‬ ‫‪ %50‬مــن األبنــاء بأنهــم يشــعرون بالتعـ ّ‬
‫علــى كل حــال‪ ،‬المشــكلة ال تخــص المراهقيــن فقــط‪ .‬فــي الدراســة‬
‫نفســها‪ ،‬أفــاد ‪ %27‬مــن اآلبــاء أيضـ ًا أنهــم يشــعرون بذلــك التعـ ّ‬
‫ـود‪ .‬قــال‬
‫‪ ٪77‬مــن اآلبــاء إن تلــك األجهــزة تشــتّت انتبــاه أبنائهــم المراهقيــن‪،‬‬
‫الذيــن ال يعيرونهــم اهتمامــ ًا حيــن يكونــون معــ ًا‪ .‬قــال ‪ %41‬مــن‬
‫المراهقيــن الشــيء نفســه عــن آبائهــم‪ .‬يــا للهــول! تمضــي الدراســة‬
‫قدمــ ًا لتقــول إن ‪ ٪48‬مــن اآلبــاء يشــعرون بــأن عليهــم الــرد علــى‬
‫النصيــة فــور ًا‪ .‬يقــول ‪ ٪69‬مــن اآلبــاء‬
‫بريدهــم اإللكترونــي ورســائلهم ّ‬
‫إنهــم يتو ّثقــون مــن أجهزتهــم كل ســاعة‪.‬‬

‫ـودون‬
‫إذا لــم تكــن أحــد هــؤالء األفــراد‪ ،‬الذيــن يعترفــون بأنهــم متعـ ّ‬
‫ـأخمن بأنــك تعــرف شــخص ًا يعانــي مــن تع ّلقــه بإحدى‬
‫علــى التّقانــة‪ ،‬سـ ّ‬
‫تلــك األجهــزة‪ ،‬ســوا ًء أكان يرغــب ‪ -‬أو ترغــب ‪ -‬بذلــك أو ال‪.‬‬
‫‪53‬‬

‫فــي أثنــاء كتابــة هــذا القســم‪ ،‬تذ ّكــرت أننــي دخلــت مكتبــي فــي‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫أحــد األيــام‪ ،‬فلفــت شــي ٌء انتباهــي‪ .‬أدرت رأســي والحظــت شــجرة‬


‫عيــد الميــاد تتــأأل فــي زاويــة الغرفــة‪ .‬ف ّكــرت فــي قــرارة نفســي أن‬
‫«الوقــت صــار منتصــف كانــون الثانــي! يجــب أن أزيلهــا‪ ،‬سيســتغرق‬
‫األمــر دقيقــة فقــط»‪ .‬عندمــا بــدأت تفكيــك الشــجرة‪ ،‬أدركــت أن تلــك‬
‫البقعــة الخاويــة ســتكون مكانـ ًا مثاليـ ًا فــي مكتبــي لوضع جهاز المشــي‬
‫المهمــل منــذ وقــت طويــل‪« .‬إنــه وقــت رائــع للشــروع فــي اتخــاذ‬
‫قــرارات العــام الجديــد!»‪ .‬كــدت أبــدأ قيــاس أبعــاد تلــك المســاحة‪،‬‬
‫حيــن تذ ّكــرت أنــه ُيفتــرض بــي أن أر ّكــز علــى الكتابــة‪ ...‬عــن عوامــل‬
‫اإللهــاء‪ .‬آه! تم ّثــل طــوق النجــاة مــن أجــل كتابــة هــذا القســم فــي‬
‫معرفتــي‪ ،‬التــي اســتقيتها مــن أبحاثــي‪ ،‬أننــي مثــل مالييــن الراشــدين‬
‫اآلخريــن‪ ،‬الذيــن يشــعرون بالحيــرة مــن أمرهــم‪ .‬فــي الواقــع‪ ،‬يــزداد‬
‫تشـتّت انتبــاه الراشــدين فــي عالمنــا ســريع الوتيــرة حاليـ ًا‪ .‬مهـاً‪ ،‬إلــى‬
‫أيــن أمضــي فــي هــذا؟ آه‪ ،‬صحيــح‪ .‬مــا هــي أكبــر عقبــة أمــام حفاظــك‬
‫علــى إنتاجيتــك‪ ،‬وتركيــزك؟ إنهــا عوامــل اإللهــاء‪.‬‬

‫�إلى الال نهاية وما بعدها‬


‫تعترضنــا عوامــل إلهــاء حتــى فــي تســليتنا أحيان ـ ًا‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪،‬‬
‫عمــا يعنيــه صــرف‬ ‫تعــدُّ جولــة «حكايــة لعبــة» فــي ديزنــي النــد مثــاالً جيــد ًا ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ـزودة‬ ‫الخطــا‪ .‬تضعــك الجولــة فــي قلــب مركبــة مـ ّ‬ ‫االنتبــاه فــي عالــم ســريع ُ‬
‫ـرد مــن فريقــك‪ .‬في أثنــاء الحركــة‪ ،‬تمأل أهــداف المعة‬ ‫ببندقيــة ليزريــة لــكل فـ ٍ‬
‫كل بوصــة مــن مجــال رؤيتــك‪ .‬عندمــا تبــدأ التســديد علــى تلــك األشــكال‪،‬‬
‫المتحركــة إلــى اتجــاه جديــد‪ ،‬وتظهــر أهــداف جديــدة فــي‬ ‫ّ‬ ‫تنعطــف المركبــة‬
‫كل مــكان حولــك‪ .‬تتم ّثــل صعوبــة اللعبــة فــي أن التســديد مســتحيل تقريب ـ ًا‬
‫‪54‬‬
‫فــي عربــة متأرجحــة‪ ،‬مــع ذلــك العــدد الكبيــر مــن األهــداف‪.‬‬

‫التّقانــة ممتعــة بصريــ ًا‪ ،‬مثــل جولــة فــي مدينــة ترفيهيــة‪ .‬إنهــا‬
‫رائعــة‪ ،‬ومغريــة‪ ،‬ومسـ ّلية‪ ،‬وتجعلــك تنســى تقريبـ ًا أن الهــدف مــن‬
‫تتصــرف أدمغتنــا‬
‫ّ‬ ‫الرحلــة هــو االســترخاء‪ ،‬واالســتمتاع بوقتــك‪.‬‬
‫بطريقــة وتركيــز تلقائييــن‪ ،‬للتعامــل مــع هــذه المجموعــة المح ّيــرة‬
‫مــن األهــداف‪ .‬المشــكلة هــي أننــا ال نملــك رؤيــة لكيفيــة دمــج‬
‫التّقانــة فــي حياتنــا‪ ،‬لــذا نشــعر دائم ـ ًا بأننــا مثــل بيــادق تائهــة فــي‬
‫لعبــة متغ ّيــرة باســتمرار‪ .‬نتابــع الحركــة؛ ألننــا علــى مســار يبــدو‬
‫أنــه ســيوصلنا إلــى مــكان مــا بســرعة‪ ،‬حتــى إذا لــم نكــن نعــرف‬
‫مقصدنــا‪ .‬إذا أردنــا الذهــاب إلــى «الالنهايــة ومــا بعدهــا»‪ ،‬يجــب‬
‫أن نكتشــف كيــف نتفاعــل مــع التّقانــة‪ ،‬علــى أن تكــون أقدامنــا‬
‫ثابتــة علــى أرضيــة صلبــة‪ ،‬ونوايانــا منــارة نسترشــد بهــا تحــت‬
‫ســماء مملــوءة بانفجــارات نجميــة تســتحوذ علــى انتباهنــا‪.‬‬
‫ت�أثير الإلهاء على التركيز‬
‫فــي ‪ ،2013‬عــرض المركــز الوطنــي لمعلومــات التّقانــة الحيويــة‬
‫دراسـ ًة أ ّكــدت أن ّ‬
‫متوســط مــدة االنتبــاه لــدى البشــر قــد انخفضــت إلــى‬
‫نحــو ثمـ ِ‬
‫ـان ثــوان (مــن اثنتــي عشــرة ثانيــة فــي ‪ .)2000‬فــي الوقت نفســه‪،‬‬
‫ال يــزال معــدّ ل وقــت التركيــز لــدى الســمكة الذهبيــة تســع ثــوان‪ .‬قــد‬
‫يبــدو هــذا الخبــر صادم ـ ًا‪ ،‬ولكــن هنــاك احتمــال بــأن تف ّكــر فــي شــيء‬
‫آخــر‪ ،‬وتنســى هــذه المعلومــة حيــن تفــرغ مــن قــراءة الفقــرة اآلتيــة‪.‬‬

‫في ‪ ،2013‬أفاد المركز الوطني لمعلومات التّقانة الحيوية‬


‫متوسط مدة االنتباه لدى البشر‬
‫أن ّ‬
‫قد انخفضت إلى نحو ِ‬
‫ثمان ثوان (من اثنتي عشرة ثانية في ‪.)2000‬‬

‫في الوقت نفسه‪ ،‬ال يزال معدّ ل االنتباه لدى السمكة الذهبية تسع ثوان‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫مــا أهم ّيــة هــذا؟ وفقـ ًا لـــ «ســايروس فوروغــي»؛ طالــب الدكتــوراه‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫فــي جامعــة جــورج ماســون‪ :‬دقيقــة إلهــاء واحــدة أكثــر مــن كافيــة‬
‫لمحــي ذاكرتــك قصيــرة األمــد(‪ .)2‬تــدوم معظــم التو ّقفــات فــي العالــم‬
‫الحقيقــي مــن عشــر دقائــق إلــى خمــس عشــرة دقيقــة‪ ،‬وهــذا بنــد‬
‫إحصائــي مزعــج؛ ألن إلهــا ًء مدتــه ‪ 2.8‬ثانيــة (الوقــت الــذي تســتغرقه‬
‫نصيــة قصيــرة) قــد يضاعــف مرتيــن معــدل الخطــأ فــي‬ ‫لقــراءة رســالة ّ‬
‫إنجــاز مهمــات متعاقبــة بســيطة‪ .‬قــد يــؤ ّدي إلهــاء مدتــه ‪ 4.4‬ثانيــة (مثــل‬
‫نصيــة) إلــى مضاعفــة معــدّ ل الخطــأ ثــاث مــرات‪ .‬تعــدُّ‬ ‫إرســال رســالة ّ‬
‫هــذه مشــكلة جدّ يــة حيــن تف ّكــر فــي عــادة التراســل فــي أثنــاء قيــادة‬
‫المركبــة(‪ .)3‬يتو ّقــف إنجازنــا لوظائفنــا مؤ ّقتــ ًا «عــدّ ة مــرات» حاليــ ًا‪،‬‬
‫وال تضــر عوامــل اإللهــاء عملنــا فقــط‪ ،‬وإنمــا قــد تعنــي أحيان ـ ًا الفــرق‬
‫بيــن النجــاح والفشــل أيضـ ًا(‪ .)4‬أضــف إلــى هــذا‪ ،‬قــد يكــون لتضاعــف‬
‫ـب تهــدّ د حيــاة النّــاس‪ ،‬ويحــدث هــذا‬
‫األخطــاء مرتيــن أو ثــاث عواقـ َ‬
‫تمام ـ ًا فــي مهــن عديــدة مثــل الطــب‪ ،‬أو الهندســة‪.‬‬

‫بــدأ علــم المقاطعــة (التوقــف المؤقــت) منــذ أكثــر مــن ‪ 100‬عــام‬


‫خلــت‪ ،‬حيــن تحــول اهتمــام الباحثيــن مــن صناعــة ٍ‬
‫آالت تو ّفــر اليــد‬ ‫ّ‬
‫العاملــة‪ ،‬مثــل األحزمــة الناقلــة فــي الثــورة الصناعيــة‪ ،‬إلــى ابتــكار‬
‫أدوات تخ ّفــف الجهــد الذهنــي‪ ،‬مثــل إدخــال البيانــات فــي الثــورة‬
‫التكنولوجيــة‪ .‬شــرع علمــاء النفــس فــي دراســة الطــرق التــي تؤ ّثــر‬

‫مستقبل السعادة‬
‫عمــال البــرق‪ ،‬الذيــن يجــب عليهــم نقــل‬ ‫بهــا المقاطعــة علــى إنتاج ّيــة ّ‬
‫شــخص إلــى‬‫ٌ‬ ‫مهمــة بســرعة‪ ،‬ووجــدوا أنــه عندمــا يتكلــم‬ ‫معلومــات ّ‬
‫المش ـ ّغلين‪ ،‬يرتكــب هــؤالء مزيــد ًا مــن األخطــاء؛ ألن أدمغتهــم تضطــر‬
‫إلــى «تغييــر القنــاة» بيــن العمــل والمحادثــة‪ .‬علــى الرغــم مــن أنــه‬
‫ال يمكــن تفــادي المقاطعــة‪ ،‬إال أن الباحثيــن عرفــوا أن الطريقــة التــي‬
‫‪56‬‬
‫العمــال هــي مفتــاح الحــل‪ .‬كانــت ناســا قــد‬ ‫يجــري بهــا التط ّفــل علــى ّ‬
‫لــرواد الفضــاء‪ ،‬أنــه عندمــا تشــتّت المقاطعــة‬ ‫عرفــت‪ ،‬عبــر برنامجهــا ّ‬
‫رواد الفضــاء‪ ،‬الذيــن يقومــون‬ ‫االنتبــاه‪ ،‬يمكــن أن تــؤ ّدي إلــى إربــاك ّ‬
‫بإجــراء تجــارب مختلفــة‪ ،‬وتجعلهــم يقترفــون أخطــاء جســيمة أيضـ ًا‪ .‬إذا‬
‫لــم تكــن المقاطعــة تصــرف االنتبــاه ك ّلي ـ ًا‪ ،‬قــد تمـ ُّـر مــرور الكــرام‪ ،‬وال‬
‫تسـ ّبب مزيــد ًا مــن المشــكالت‪ .‬فــي ‪ ،1989‬و ّظفــت ناســا الباحثــة مــاري‬
‫زيروينســكي البتــكار «المقاطعــة المثاليــة»‪ ،‬مــن أجــل التواصــل مــع‬
‫رواد فضــاء مشــغولين بإنجــاز مهمــات فــي المــدار الخارجــي‪ .‬عرفت أن‬ ‫ّ‬
‫األصــوات قــد تكــون مزعجــة جــدًّ ا‪ ،‬وعلمــت أيضـ ًا أن معظــم الرســائل‬
‫ـون مــن نصــوص وأرقــام‪ .‬للتفريــق بيــن‬ ‫التــي يتل ّقهــا ّ‬
‫رواد الفضــاء تتكـ ّ‬
‫«اإلشــارة والضوضــاء»‪ ،‬اســتخدمت رســم ًا بصري ـ ًا تتغيــر ألــوان حوافــه‬
‫بنــا ًء علــى نــوع المشــكلة التــي يجــري التعامــل معهــا‪ .‬تب ّيــن أن ذلــك‬
‫فاعــل جــدًّ ا فــي تحقيــق تواصــل فاعــل مــع أقــل مقاطعــة ممكنــة‪.‬‬
‫بعــد نحــو ثالثيــن عام ـ ًا‪ ،‬ال نــزال نجــري أبحاث ـ ًا بشــأن المقاطعــة‬
‫المثاليــة‪ ،‬علــى الرغــم مــن أن الرســائل هــذه المــرة تأتــي عبــر‬
‫أجهــزة محمولــة ‪ -‬أدوات يمكــن حملهــا باليــد ‪ -‬مثــل مشــروع‬
‫(‪)6 ،5‬‬
‫أورا‪ ،‬أو الســتر ســي ‪ -‬ثــرو (‪ ،)Laster SeeThrough‬أو آيســيس‬
‫‪ .Icis‬يمكــن عــرض رســائل عــن البيئــة الخارجيــة بنحــو متواصــل‪،‬‬
‫لــزوج مــن عدســات النظــارات‬ ‫ٍ‬ ‫باالســتفادة مــن الطبقــة الداخليــة‬
‫علــى أنهــا شاشــة؛ وال تُعــدُّ المعلومــات فــي هــذه الحــال بالضــرورة‬
‫«مقاطعــة مثاليــة»(‪ .)7‬بمعنــى آخــر‪ ،‬إذا كنــت تظ ـ ُّن أن التّقانــة تصــرف‬
‫جهــز نفســك لمســتوى جديــد تمام ـ ًا مــن اإللهــاء فــي‬ ‫االنتبــاه اآلن‪ّ ،‬‬
‫المســتقبل غيــر البعيــد‪ ،‬حيــن ســيكون بمقــدور أصحــاب العمــل‬
‫ـل رســائل عاجلــة لــك‪،‬‬ ‫«البقــاء أمــام وجهــك»‪ ،‬نظري ـ ًا وحرفي ـ ًا‪ ،‬لنَ ْقـ ِ‬
‫أو تزويــدك بأحــدث المعلومــات‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫انت�شار الإلهاء‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫تشــرح لينــدا ســتون؛ مديــرة البرمجيــات‪ ،‬التــي عملــت مــع ٍ‬


‫كل‬
‫مــن آبــل ومايكروســوفت‪ ،‬أننــا مشــغولون جــدًّ ا فــي متابعــة كل‬
‫أي شــيء‪ ،‬وهــي ظاهــرة تدعوهــا‬ ‫شــيء‪ ،‬ممــا يجعلنــا ال نركــز علــى ّ‬
‫بـــ «انتبــاه جزئــي متواصــل»‪ .‬أتمنــى لــو أن بمقدورنــا فقــط الحصــول‬
‫علــى مركــز مراقبــة مــن ناســا للحفــاظ علــى تركيزنــا! بــدالً مــن هــذا‪،‬‬
‫تمطرنــا الرســائل علــى نحــو ال يمكــن تمييــزه‪ ،‬ويعــرف المرســلون‬
‫تحولــت‬
‫أي رســالة‪ .‬لقــد ّ‬ ‫أن بمقدورنــا اختيــار توقيــت ومــكان فتــح ّ‬
‫دراســة‪ ،‬ركّــزت فــي البدايــة علــى كفــاءة المعلومــات‪ ،‬إلــى بحــث‬
‫تســويقي عالمــي‪ ،‬البتــكار األجهــزة األكثــر إثــارة لالنتبــاه التــي عرفهــا‬
‫اإلنســان‪ ،‬أصــوات إنــذار‪ ،‬وصفيــر‪ ،‬ونقــر‪ ،‬واهتــزاز‪.‬‬
‫✓ ✓ يجــد ‪ %67‬مــن مالكــي األجهــزة المحمولــة أنفســهم‬
‫ينظــرون إلــى هواتفهــم للتو ّثــق مــن ورود رســائل‪ ،‬أو‬
‫تنبيهــات‪ ،‬أو مكالمــات‪ ،‬حتــى إذا لــم تكــن هواتفهــم تــرن‬
‫أو تهتــز(‪.)8‬‬
‫✓ ✓ ينــام ‪ %44‬مــن مالكــي األجهــزة المحمولــة بوجــود‬
‫هواتفهــم إلــى جانــب أسـ ّـرتهم؛ ألنهــم يريــدون التو ّثــق‬
‫نصيــة‪ ،‬أو‬ ‫أي مكالمــات‪ ،‬أو رســائل ّ‬ ‫مــن عــدم إغفــال ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫تطــورات أخــرى فــي أثنــاء الليــل‪.‬‬
‫ّ‬
‫✓ ✓ يصــف ‪ %29‬مــن مالكــي األجهــزة المحمولــة هواتفهــم‬
‫بأنهــا شــيء «ال يمكنهــم تخ ّيــل العيــش مــن دونــه»‪.‬‬
‫✓ ✓ أفــاد ‪ %55‬مــن العامليــن أنهــم يتو ّثقــون مــن بريدهــم‬
‫اإللكترونــي بعــد ‪ 11‬مســاء‪ ،‬وقــال ‪ %6‬إنهــم تو ّثقــوا مــن‬
‫‪58‬‬
‫رســائلهم اإللكترونيــة فــي أثنــاء وجــود زوجاتهــم فــي‬
‫غــرف المخــاض!(‪.)9‬‬

‫يمكــن تصنيــف المقاطعــة اإللكترونيــة ضمــن فئــة «مبــدأ الشــك»‪،‬‬


‫الــذي صاغــه هايزنبــرغ‪ :‬كيــف تعــرف إن كان البريــد اإللكترونــي‪،‬‬
‫النصيــة‪ ،‬التــي تتل ّقاهــا تســتحق القــراءة إن لــم تفتحهــا‬ ‫أو الرســالة ّ‬
‫وتعــرف مــا جــاء فيهــا؟ هــذه مقاطعــة بحــد ذاتهــا! يتو ّثــق مســتخدمو‬
‫األجهــزة المحمولــة مــن هواتفهــم أكثــر مــن ‪ 150‬مــرة فــي اليــوم‪ ،‬فــي‬
‫متوســط تو ّثــق الموظــف العــادي لبريــده اإللكترونــي يبلــغ‬ ‫حيــن إن ّ‬
‫أي مــرة كل ثانيتيــن!(‪ )10‬كتــب كليــف تومســون‬ ‫ثالثيــن مــرة كل ســاعة‪ّ ،‬‬
‫فــي مجلــة نيويــورك تايمــز‪« :‬لــم تعــد المعلومــة مــورد ًا نــادر ًا‪ ،‬ولكــن‬
‫التركيــز هــو الشــيء النــادر»‪.‬‬
‫تشــعر غلوريــا مــارك؛ أســتاذة المعلوماتيــة فــي جامعــة كاليفورينــا‪،‬‬
‫إرفايــن‪ ،‬بالقلــق بشــأن نتائــج عوامــل اإللهــاء تلــك علــى العالــم‬
‫الحقيقــي‪ .‬تحــاول قيــاس تأثيــر أجهــزة التّقانــة العاليــة علــى ســلوكنا‪.‬‬
‫بــدأت منــذ ‪ 2004‬بإجــراء دراســة عــن موظفيــن فــي شــركتي تقانــة‬
‫تخرجــه مــن‬
‫حديثــة‪ .‬أقنعــت فيكتــور غونزاليــز؛ الطالــب الــذي أنهــى ّ‬
‫قســمها‪ ،‬بمراقبــة موظفيــن مختلفيــن طــوال أكثــر مــن ألــف ســاعة‪،‬‬
‫يتعرضــون لهــا‪ ،‬إضافــة‬ ‫ومالحظــة عــدد مــرات المقاطعــة التــي ّ‬
‫إلــى مــدة التركيــز مــن دون إزعــاج لديهــم‪ .‬عندمــا غربلــت غلوريــا‬
‫البيانــات‪ ،‬كانــت النتائــج «أســوأ كثيــر ًا ممــا قــد تخ ّيلتــه يومـ ًا»‪ .‬قضــى‬
‫أي مشــروع‬ ‫كل موظــف إحــدى عشــرة دقيقــة فقــط فــي العمــل علــى ّ‬
‫معيــن‪ ،‬قبــل أن ينتقــل إلــى المهمــة اآلتيــة‪ .‬سيســتغرق األمــر مــدة‬
‫معدّ لهــا خمــس وعشــرون دقيقــة للعــودة إلــى تلــك المهمــة‪ ،‬فــي كل‬
‫مــرة يتش ـتّت فيهــا انتبــاه الموظــف‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫وقــررت إجــراء تجربــة مدتهــا‬ ‫ّ‬ ‫أعجبنــي عمــل األســتاذة مــارك‪،‬‬
‫خمــس دقائــق‪ ،‬وعــدُّ المــرات التــي يتشـتّت فيهــا انتباهــي فــي حياتــي‪.‬‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫رن هاتــف‪ ،‬تســ ّلمت طــرد ًا بريديــ ًا‪،‬‬ ‫إليكــم مــا وجدتــه‪ :‬نبــح كلــب‪َّ ،‬‬
‫ـب ال‬ ‫ـف غريـ ٌ‬ ‫وصلــت رســالة إلــى الهاتــف تحمــل آخــر األخبــار‪ ،‬توقـ َ‬
‫ـت أمــي‪ ،‬ســت مقاطعات‬ ‫أعرفــه وطــرح ســؤاالً عــن الواي‪-‬فــاي‪ ،‬اتصلـ ْ‬
‫فــي خمــس دقائــق‪ .‬مــا هــو التأثيــر اإلجمالــي لعوامــل اإللهــاء هــذه؟‬
‫تخ ّليــت عــن محاولــة التركيــز؛ ألننــي شــعرت أن المكالمــة مــع أمــي‬
‫تســتحق األولويــة‪ ،‬وســأحاول مواصلــة العمــل مــن حيــث توقفــت‪...‬‬
‫الحقــ ًا‪ .‬تجعلنــا المقاطعــة نشــعر بــأن هنــاك حاجــة إلينــا‪ ،‬ويصبــح‬
‫ـود عليــه‪ .‬يمضــي تومســون قدمـ ًا‬ ‫ذلــك اإلحســاس مغريـ ًا‪ ،‬ويجعلنــا نتعـ ّ‬
‫ليشــرح أن‪« :‬الســبب الــذي يجعــل التغاضــي عــن كثيــر مــن حــاالت‬
‫ال هــو أنهــا مرتبطــة بالعالقــات‪ ،‬شــخص‪ ،‬أو‬ ‫المقاطعــة أمــر ًا مســتحي ً‬
‫شــيء مــا‪ ،‬ينادينــا‪ .‬لهــذا الســبب تنتابنــا مشــاعر مع ّقــدة بشــأن فوضــى‬
‫المكاتــب الحديثــة‪ .‬نشــعر بــأن متط ّلباتهــا تســتنزفنا‪ ،‬وأن نجاحنــا فــي‬
‫إنجــاز أعمالنــا ينعشــنا فــي الوقــت نفســه»‪.‬‬

‫الشــركات‪ ،‬مثــل رنســيبل‬ ‫اســتجابة لذلــك‪ ،‬ابتكــرت بعــض ّ‬


‫(‪ ،)Runcible‬مــا دعتــه «مضــاد الهاتــف الذكــي»‪ ،‬وهــو جهــاز‬
‫خلــوي كــروي الشــكل‪ ،‬يعمــل علــى حــل مشــكلة اإلفــراط فــي‬
‫تلقــي اإلشــعارات‪ ،‬وجعلهــا تقتصــر علــى معلومــات يمكــن معرفتهــا‬
‫بنظــرة خاطفــة‪ .‬ســيفيد هــذا فــي تجنيبــك النظــر باســتمرار إلــى‬

‫مستقبل السعادة‬
‫هاتفــك الذكــي(‪ .)11‬ســيكون بمقــدورك إجــراء المكالمــات‪ ،‬وتص ّفــح‬
‫اإلنترنــت‪ ،‬إنمــا مــن دون إغــراءات للتو ّثــق مــن وســائل التواصــل‬
‫االجتماعــي‪ ،‬أو بريــد العمــل؛ ألنــه ال توجــد تطبيقــات في الهاتــف(‪.)12‬‬
‫ـال علــى صفحــة مــال فــي شــبكة ســي إن إن (‪ )CNN‬إن هــذا‬ ‫يقــول مقـ ٌ‬
‫ا مغريــ ًا ألولئــك الذيــن يشــعرون «أن فصــل‬ ‫الجهــاز ســيكون بديــ ً‬
‫‪60‬‬
‫الهاتــف مــن مقبــس الكهربــاء‪ ،‬أو رميــه فــي النــار ببســاطة‪ ،‬ليــس‬
‫ّ‬
‫يحــذر المقــال المشــترين‬ ‫ا عمليــ ًا دائمــ ًا»(‪ .)13‬علــى كل حــال‪،‬‬‫حــ ً‬
‫المحتمليــن مــن وجــود تأثيــرات جانبيــة َعرضيــة لهــذا الجهــاز‪ ،‬مثــل‬
‫اســتمرار التو ّثــق بعصبيــة مــن ورود رســائل‪ .‬يبــدو أن عوامــل اإللهــاء‬
‫حال ـ ٌة ذهني ـ ٌة أكثــر مــن كونهــا قــوة خارجيــة‪.‬‬

‫مفارقة الإنتاج ّية‬


‫لقــد قبلنــا طــوال أعــوام فكــرة أن التّقانــة ُيفتــرض أن تســاعدنا‬
‫فــي أن نكــون أكثــر إنتاج ّيــة‪ ،‬حتــى نســتفيد مــن وقــت فــراغ أطــول‬
‫للقيــام بأمــور تجعلنــا ســعيدين‪ .‬سـ ِ‬
‫ـخ َر روبــرت ســولو؛ الحائــز علــى‬ ‫َ‬
‫جائــرة نوبــل فــي االقتصــاد‪ ،‬مــن ذلــك فــي ‪ ،1987‬قائ ـاً‪« :‬يمكنــك‬
‫رؤيــة عصــر الحاســوب فــي كل مــكان‪ ،‬باســتثناء اإلحصائيــات‬
‫اإلنتاج ّيــة»(‪ .)14‬يقبــل مجتمعنــا فكــرة أن التّقانــة الذكيــة تقــوم بأشــياء‬
‫رائعــة‪ ،‬ولكــن اســتخدام هــذه التّقانــة بــذكاء قضيــة أخــرى تمامــ ًا‪.‬‬
‫مجــرد اســتثمارها فــي تقانــة جديــدة‪ ،‬مثــل‬ ‫ّ‬ ‫الشــركات أن‬ ‫تكتشــف ّ‬
‫أنظمــة تســجيل البيانــات‪ ،‬أو برمجيــات إدارة المشــروعات‪ ،‬ال يعنــي‬
‫دمــج تلــك البرامــج فــي أنظمتهــا اإلداريــة‪ ،‬أو حتــى االســتفادة‬
‫منهــا(‪ .)15‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬فــي الحقــل الطبــي‪ ،‬يجــري تصميــم‬
‫أنظمــة تســجيل البيانــات لخفــض األخطــاء المرتبطــة بســوء الكتابــة‪،‬‬
‫أو أرشــفة المل ّفــات‪ .‬لكــن إذا حــدث خلــل فــي اإلنترنــت‪ ،‬قــد يتوقــف‬
‫عمــل المكتــب بأكملــه‪ ،‬ممــا يــؤ ّدي إلــى عكــس الفوائــد المتو ّقعــة‪.‬‬
‫عندمــا ال يتوافــق ابتــكار جديــد مــع الطريقــة التــي يعمــل بهــا النّــاس‬
‫حقــ ًا كل يــوم‪ ،‬قــد تخفــض التّقانــة اإلنتاج ّيــة ّ‬
‫والســعادة(‪.)16‬‬

‫يقبل مجتمعنا فكرة أن التّقانة الذكية تقوم بأشياء رائعة‪،‬‬


‫‪61‬‬
‫ولكن استخدام هذه التّقانة بذكاء قضية أخرى تمام ًا‪.‬‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫ال�سعادة‬
‫جرف ّ‬
‫تكــون التّقانــة ممتعــة أحيانـ ًا‪ ،‬وتســاعد علــى إفــراز اإلندورفيــن فــي‬
‫أي مرحلــة تجعلنــا عوامــل‬ ‫الجســم‪ ،‬وتعزيــز الدوباميــن‪ .‬لكــن فــي ّ‬
‫اإللهــاء‪ ،‬التــي تؤ ّثــر ســلب ًا علــى التركيــز‪ ،‬نفقــد االهتمــام بمــا نضعــه‬
‫أي مرحلــة ُيمســي اإللهــاء شــيئ ًا راســخ ًا‬
‫نصــب أعيننــا حقــ ًا؟ فــي ّ‬
‫يصــرف انتباهنــا تمام ـ ًا؟‬

‫ننشــغل أحيانــ ًا بعوامــل اإللهــاء‪ ،‬ويغفــل عــن بالنــا أنهــا ال تجعلنــا‬


‫بالســعادة مجــدد ًا‪ .‬نكــون مثــل «وايــل إي‪ .‬كايوتــي» فــي «لونــي‬ ‫نشــعر ّ‬
‫تيونــز»‪ ،‬ونجعــل أرجلنــا تركــض بســرعة كبيــرة‪ ،‬وتنقضــي لحظــة قبــل أن‬
‫مرحلة �إدراك‬
‫�أعلى نقطة‬ ‫معظمنا �أنه يجب �أن‬
‫�إنتاج ّية‬ ‫يتوقف‬

‫عمل مثالي‬

‫عمل رائع‬
‫�أكبر هدر‬
‫العائدات‬

‫عمل جيد‬ ‫للوقت‬

‫اال�ستثمار‪ :‬الوقت‪ ،‬الطاقة‪ ،‬الموارد‪� ،‬إلخ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الســعادة‪ .‬أؤ ّكــد لــك أن هــذا ال ينتهــي علــى‬
‫نــدرك أننــا قــد تجاوزنــا حافــة ّ‬
‫خيــر بالنســبة إلــى المســكين وايــل‪.‬‬

‫وفقـ ًا لـــ قانــون تناقــص الغ ّلــة (تراجــع اإلنتاج ّيــة)‪ ،‬تكــون كثيــر مــن‬
‫عوامــل اإللهــاء مفيــدة فــي الواقــع إلنتاجيتنــا وســعادتنا‪ ،‬إلــى حــدٍّ‬ ‫‪62‬‬
‫معيــن‪ .‬باســتثناء تلــك الحــاالت‪ ،‬يصبــح اإللهــاء ببســاطة هــدر ًا للوقــت‪،‬‬
‫ويــؤ ّدي فــي نهايــة المطــاف إلــى اســتنفاد جهودنــا‪ ،‬واإلضــرار بإنتاجيتنا‪.‬‬

‫فــي باكــورة زواجــي‪ ،‬لعبــت التّقانــة دور ًا مثيــر ًا لالهتمــام فــي‬


‫تكويــن عالقــة زوجــي بوبــو مــع أبــي‪ .‬لــم يكــن زوجــي ووالــدي‬
‫يحلمــان‪ ،‬حتــى بعــد زفافنــا‪ ،‬بــأن يســتطيعا التواصــل مــع بعضهمــا فــي‬
‫أي وقــت لتوطيــد العالقــة بينهمــا‪ .‬لكــن اكتشــفا‪ ،‬فــي أثنــاء حديثهمــا‬ ‫ّ‬
‫معــ ًا فــي أحــد األيــام‪ ،‬أن كليهمــا يحــب الشــطرنج‪ .‬قامــا بتنصيــب‬
‫يســمى «شــطرنج مــع األصدقــاء»‪ ،‬وهــو برنامــج متــاح عبــر‬ ‫ّ‬ ‫تطبيــق‬
‫شــبكة الواي‪-‬فــاي‪ ،‬للمشــاركة فــي مســابقة و ّديــة (وتبــادل أطــراف‬
‫الحديــث)‪ .‬اكتشــفت وأمــي بعــد ذلــك أن زوجينــا يتســلالن خلســة‬
‫لتنفيــذ حركــة الشــطرنج اآلتيــة‪ .‬فــي األســابيع الالحقــة‪ ،‬بــدآ يتكلمــان‬
‫عــدّ ة مــرات فــي اليــوم‪ ،‬وعـ ّـززا صداقتهمــا حقـ ًا‪ .‬النتيجــة‪ +1 :‬للتقانــة‪.‬‬
‫فــي البدايــة‪ ،‬كان اهتمامهمــا المشــترك‪ ،‬الــذي اكتشــفاه حديثــ ًا‬
‫آنــذاك‪ ،‬مصــدر ســعادة لهمــا‪ .‬لكــن بانقضــاء األســابيع‪ ،‬بــات‬
‫«الشــطرنج مــع األصدقــاء» هاجس ـ ًا‪ ،‬ولعــب كل مــن أبــي وبوبــو مــع‬
‫أفــراد آخريــن مــن كل أرجــاء العالــم مــن أجــل أن يصقــا مهاراتهمــا‪،‬‬
‫ويغلــب أحدهمــا اآلخــر‪ .‬نعــم‪ ،‬أصبحــا أكثــر براعــة واســتراتيجية‪،‬‬
‫ولكــن بــدأ ذلــك يؤ ّثــر ســلب ًا علــى عالقــات أخــرى فــي حياتهمــا‪،‬‬
‫ممــا جعلهمــا يعانيــان بعــض المشــكالت‪ .‬النتيجــة‪ -1 :‬للتقانــة‪.‬‬

‫فــي مرحلــة مــا‪ ،‬بــدأ كال الالع َب ْيــن يفقــد االهتمــام بمــا يجــري‪،‬‬
‫وانخفــض عــدد مــرات ممارســتهما اللعبــة‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬كان بوبــو‬
‫طــورا بحلــول ذلــك الوقــت انســجام ًا وفهمــ ًا متبادليــن‪،‬‬ ‫وأبــي قــد ّ‬
‫الشــخصية بينهمــا‪ .‬النتيجــة‪ +1 :‬للتقانــة‪.‬‬‫ســهل تمتيــن العالقــة ّ‬
‫ّ‬
‫الرقميــة‪ ،‬وبــدأ بوبــو‬ ‫لكــن بعــد ذلــك‪ ،‬اكتشــف أبــي ســودوكو ّ‬
‫‪63‬‬
‫متابعــة اختــال ضــال علــى آي‪-‬فــون‪ .‬النتيجــة‪ -1 :‬للتقانــة‪.‬‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫ـوق عليــه‬ ‫ـورت التّقانــة علــى أنهــا خصــم جيــد يجــب أن تتفـ ّ‬ ‫إذا تصـ ّ‬
‫ذكاء‪ ،‬ستخســر بالتأكيــد؛ ألن التّقانــة تعطــي وتأخــذ‪ ،‬وتتق ّلــب مــا بيــن‬
‫وجــزر‪ ،‬وتأتــي وتذهــب أيضــ ًا‪ .‬تظهــر فجــأة‪ ،‬وتتــرك النســخة‬ ‫ٍ‬ ‫مــدٍّ‬
‫الســابقة خلفهــا‪ ،‬مثــل لقــاءات مــع أشــخاص ســمجين فــي حفــل‬
‫عشــاء‪ ،‬حيــث يتس ـنّى لنــا وقــت بالــكاد لمصافحــة أحدهــم‪ ،‬وتعـ ّـرف‬
‫اســمه‪ ،‬قبــل أن ننتقــل إلــى الشــخص اآلتــي‪.‬‬

‫عالقــة الشــد وجــذب مــع التّقانــة لعبــة ال فائــز فيهــا؛ ألن التّقانــة‬
‫وســيط‪ ،‬وليســت العبـ ًا‪ .‬نضفــي علــى التّقانــة صفــات إنســانية‪ ،‬ممــا‬
‫يمنــح األجهــزة اإللكترونيــة‪ ،‬والــذكاء االصطناعــي‪ ،‬نفــوذ ًا علــى‬
‫الخيــارات التــي يجــب أن نتّخذهــا بأنفســنا‪ ،‬إن كان الخيــار لنــا‬
‫أصـاً‪ .‬نحــن هــم الالعبــون‪ ،‬وطالمــا صدّ قنــا أن ســلوكنا هــو المهــم‪،‬‬
‫ســنفوز فــي كل مــرة‪ .‬عندمــا ننســى ذلــك‪ ،‬نبــدأ فقــدان التركيــز‪،‬‬
‫ونصبــح أقــل فاعليــة‪.‬‬

‫عالقة الشد والجذب مع التّقانة لعبة ال فائز فيها؛‬


‫ألن التّقانة وسيط‪ ،‬وليست العب ًا‪.‬‬

‫االن�شغال بالهاتف‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ال نســتخدم أجهزتنــا المحمولــة للغايــة التــي ُصنعــت مــن أجلهــا‬
‫أحيان ـ ًا‪ .‬نتظاهــر بأننــا نســتعمل هواتفنــا للهــروب مــن محيطنــا‪ ،‬أو تفــادي‬
‫يســمى هــذا «االنشــغال بالهاتــف»‪ .‬كــم منــا يعبثــون‬‫ّ‬ ‫تفاعــات مع ّينــة ‪-‬‬
‫بهواتفهــم الخلويــة فــي المصاعــد لتجنّــب التواصــل البصــري مــع غريــب‬
‫‪64‬‬
‫(وال تقولــوا لــي إننــي الشــخص الوحيــد الــذي يفعــل هــذا؟)‪ .‬هــذا غيــر‬
‫ممكــن؛ ألن كل مــن فــي المصعــد تصلهــم رســائل إلكترونيــة عاجلــة‬
‫آن معــ ًا‪ .‬تنــص القواعــد االجتماعيــة فــي‬ ‫ينبغــي أن يتو ّثقــوا منهــا فــي ٍ‬
‫مجتمعنــا علــى أننــا يجــب أن نكــون مشــغولين دائم ـ ًا‪ ،‬أو نعطــي انطباع ـ ًا‬
‫بأننــا كذلــك‪ .‬ونحــن بارعــون جــدًّ ا فــي إرســال تلــك اإلشــارات‪ ،‬ولكــن‬
‫يحــدث ذلــك غالبــ ًا علــى حســاب تمتيــن أواصــر عالقاتنــا‪ ،‬التــي ال‬
‫تحظــى باهتمــا ٍم ٍ‬
‫كاف منــا؛ ألننــا نحــاول إســعاد اآلخريــن فقــط‪ .‬أقـ َّـرت‬
‫إحــدى المراهقــات‪ ،‬التــي التقيــت بهــا فعــاً‪ ،‬أنهــا تتظاهــر بمواصلــة‬
‫العمــل علــى هاتفهــا حيــن ينفــد الرصيــد‪ ،‬لتمنــح انطباع ـ ًا بأنهــا مشــغولة‬
‫جــدًّ ا فــي االتصــال بأصدقائهــا عبــر وســائل التواصــل االجتماعــي!‬
‫فــي دراســة حديثــة عــن مســتخدمي الهاتــف‪ ،‬قــال ‪ %54‬مــن الذيــن‬
‫شــملهم االســتطالع إنهــم ال يشــعرون بــأي حــرج فــي الــرد علــى‬
‫مكالمــات تردهــم فــي أثنــاء تناولهــم العشــاء خــارج المنــزل‪ .‬أكّــد‬ ‫ٍ‬
‫‪ %57‬منهــم أنهــم ســيجيبون حتــى فــي أثنــاء ذهابهــم إلــى دورة الميــاه‪.‬‬
‫األســوأ مــن ذلــك أن ‪ %33‬مــن المشــاركين قالــوا إنهــم ســير ّدون علــى‬
‫هواتفهــم الخلويــة فــي أثنــاء ممارســة العالقــة الزوجيــة (ممــا يمنــح‬
‫معنــى جديــد بالكامــل لمصطلــح «مكالمــة حميمــة»)(‪ .)17‬لكــن جدّ ي ـ ًا‪،‬‬
‫مــا هــي المكالمــة الهاتفيــة التــي قــد تكــون مهم ـ ًة جــدًّ ا للــرد عليهــا‬
‫فــي أثنــاء العالقــة الزوجيــة؟ تنطلــق أجــراس اإلنــذار فــي كل مــكان‬
‫لتعــود التّقانــة‪ ،‬وإشــارات غيــر لفظيــة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حولنــا‪ ،‬ونــرى مظاهــر بدنيــة‬
‫مــع انخفــاض التواصــل البصــري فــي الحديــث‪ .‬ال نعــرف كيــف نع ّلــم‬
‫أوالدنــا وضــع حــدود مالئمــة الســتخدام الهاتــف؛ ألننــا نجهــل ذلــك‬
‫بأنفســنا‪ .‬هنــاك خطــب مــا فينــا‪ ،‬وســنواجه قريبـ ًا مشــكلة شــائكة إذا لــم‬
‫نتع ّلــم كيــف نحقــق التــوازن فــي وســط هــذه الفوضــى‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫اال�ستراتيجية‪:‬‬
‫النية في الحفاظ على تركيزنا‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫بالســعادة‪،‬‬
‫يعــدُّ تفــادي اإللهــاء‪ ،‬أو التغلــب عليــه‪ ،‬مثــل التمتّــع ّ‬
‫خيــار ًا واعيــ ًا؛ يتط ّلــب إتقانــه عزيمــة وتدريبــ ًا‪ .‬فــي باقــي هــذا‬
‫القســم‪ ،‬سأشــاطركم بعــض الطــرق العمليــة‪ ،‬التــي يمكــن أن تجعلكــم‬
‫تحافظــون علــى تركيزكــم‪.‬‬

‫اجعل التح ّلي باالنتباه هدف ًا لك‬


‫كانــت غابــري؛ ابنتــي البالغــة مــن العمــر ســتة أعــوام‪ ،‬تعمــل بجــد‬
‫حقـ ًا لتع ّلــم القــراءة فــي اآلونــة األخيرة‪ .‬فــي إحــدى الليالي‪ ،‬أمســكت‬
‫الكتــاب الموســوم‪« :‬كيــف تكــون حاضــر ًا»‪ ،‬للكاتبــة رنــا ديوريــو‪،‬‬
‫وبــدأت القــراءة وهــي تنطــق كل حــرف بنحــو صحيــح ‪ ...‬ببــطء!‬
‫قضــت نحــو دقيقتيــن فــي قــراءة الغــاف‪ ،‬مــن ثــم اثنتيــن أخرييــن‬
‫فــي قــراءة صفحــة العنــوان (نســخة طبــق األصــل عــن الغــاف)‪ .‬فــي‬
‫البدايــة‪ ،‬كنــت أبتســم مــن مهاراتهــا المتواضعــة فــي القــراءة‪ ،‬والوقــت‬
‫الرائــع الــذي نقضيــه معـ ًا‪ .‬بعــد عشــر دقائــق مــن القــراءة فــي الكتاب‪،‬‬
‫كانــت قــد وصلــت إلــى الصفحــة الثانيــة فقــط‪ ،‬فــي حيــن كنــت أكافح‬
‫للحفــاظ علــى هدوئــي‪ .‬أردت أن أمســك الكتــاب وأقــرؤه‪ .‬لــم تكــن‬
‫المفارقــة غائبــة عــن ذهنــي‪ ،‬كنــت أبــذل جهــد ًا ألبقــى موجــودة وقتـ ًا‬
‫كافيـ ًا‪ ،‬مــن أجــل قــراءة كتــاب عــن ضــرورة أن يكــون المــرء حاضــر ًا‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫فــي الواقــع‪ ،‬بــدت قــراءة ابنتــي المتأنيــة مثــل صريــر مســامير علــى‬
‫لــوح معدنــي‪ ،‬ممــا اض ّطرنــي إلــى إجــراء حــوار داخلــي جــدّ ي بشــأن‬
‫مــدى صعوبــة جلوســي هنــاك‪ ،‬واإلصغــاء إليهــا‪.‬‬

‫مــن دون أن أمعــن التفكيــر فــي األمــر‪ ،‬أظــ ُّن أننــي أصبحــت‬
‫‪66‬‬
‫شــخص ًا ير ّكــز علــى إنجــاز المهمــة‪ ،‬بــدالً مــن الغــرق فــي التفاصيــل‬
‫الشــخصية صنــو إنتاجيتــي‪ ،‬وألكــون أكثــر‬ ‫العمليــة‪ .‬جعلــت قيمتــي ّ‬
‫إنتاج ّيــة‪ ،‬كان ينبغــي أن أتحــرك بســرعة‪ .‬لتحقيــق ذلــك‪ ،‬بــدا لزام ـ ًا‬
‫علــي إنجــاز عــدّ ة مهمــات فــي الوقــت نفســه‪ .‬كان ذلــك الكتــاب‬ ‫ّ‬
‫عــن ضــرورة أن يكــون المــرء حاضــر ًا يدعونــي للقيــام بمهمــة‬
‫واحــدة فقــط‪ ،‬علــى حســاب وضــع ابنتــي فــي الســرير فــي وقــت‬
‫مالئــم للنــوم‪ .‬بــدا أن الفشــل فــي فعــل ذلــك ســيمنعني مــن إنجــاز‬
‫مزيــد مــن المهمــات المتعــدّ دة‪ ،‬أ ّدى ذلــك بالمقابــل إلــى جعــل‬
‫قدمــي تهتــز بنحــو ال يمكــن الســيطرة عليــه فــي كل مــرة نظــرت فيهــا‬
‫إلــى الســاعة‪.‬‬

‫لــم أبــدأ حياتــي علــى هــذا النحــو‪ .‬تشــير قــراءة ابنتــي للكتــاب‬
‫بنحــو يثيــر الســخط إلــى أن األطفــال يولــدون حاضريــن‪ ،‬ويتع ّلمــون‬
‫مــن الراشــدين أال يكونــوا كذلــك‪ .‬أف! لقــد كبــرت ألصبــح مــا‬
‫تكونــت شــخصيتي عبــر سلســلة مــن الخيــارات‬ ‫أنــا عليــه‪ ،‬وقــد ّ‬
‫الالواعيــة‪ .‬اختــرت الركــض علــى درب اإلنتاج ّيــة منــذ وقــت‬
‫طويــل‪ ،‬وقــد اعتــدت عليــه تمامــ ًا‪ .‬بــدأت أشــعر أننــي يجــب أن‬
‫تعرفــت إلــى بضعــة‬
‫أتابــع الجــري حتــى بعــد أن ابتعــدت عنــه‪ .‬لقــد ّ‬
‫مشــتبه بهــم فــي هــذه المأســاة‪:‬‬

‫✓ ✓النظــام الدراســي‪ ،‬الــذي جعلنــي أشــارك فــي هــذا الســباق‬


‫مــن أجــل التعليــم‪.‬‬
‫✓ ✓المجتمــع عمومــ ًا‪ ،‬الــذي ع ّلمنــي أن اإلنجــازات هــي‬
‫مقيــاس الحيــاة التــي تســتحق العيــش‪.‬‬
‫سرعت ُخطا الحياة‪.‬‬‫✓ ✓التّقانة‪ ،‬التي قد ّ‬
‫✓ ✓لكــن المذنــب الحقيقــي هــو أنــا‪ .‬كان عــدم حضــوري خيــار ًا‪،‬‬
‫‪67‬‬
‫أتعمــد اتخــاذه أبــد ًا‪.‬‬
‫وقــرار ًا لــم ّ‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫الســؤال المهــم هــو‪ :‬إذا لــم تكــن لدينــا تقانــة‪ ،‬هــل ســنكون أكثــر‬
‫تركيــز ًا‪ ،‬وانتباه ـ ًا‪ ،‬وموثوقيــة‪ ،‬وإرادة؟ إذا تب ّيــن أن الجــواب هــو (ال)‪،‬‬
‫لــن تكــون التّقانــة هــي المشــكلة األساس ـ ّية ‪ .‬فــي الواقــع‪ ،‬قــد تكــون‬
‫التّقانــة جــزء ًا مــن الحــل ‪ ...‬لكــن فقــط إذا عقدنــا العــزم علــى تع ّلــم‬
‫طريقــة التح ّكــم بهــا‪.‬‬

‫إذا لم تكن لدينا تقانة‪ ،‬هل سنكون أكثر تركيز ًا‪ ،‬وانتباه ًا‪ ،‬وموثوقية‪ ،‬وإرادة؟‬
‫إذا تب ّين أن الجواب هو (ال)‪ ،‬لن تكون التّقانة هي المشكلة األساس ّية ‪.‬‬
‫في الواقع‪ ،‬قد تكون التّقانة جزء ًا من الحل ‪...‬‬
‫لكن فقط إذا عقدنا العزم على تع ّلم طريقة التحكّم بها‪.‬‬
‫اعتماد مقاربة ثالث ّية الأطراف‬
‫إذا أردت وصــل شــيء بمقبــس‪ ،‬يجــب أن يكــون هنــاك «تأريــض»‬
‫فــي المــكان‪ ،‬كمــا قــد تع ّلمــت وشــقيقي شــون مــن تجربتنــا‬
‫الكهربائيــة‪ ،‬التــي ذكرتهــا فــي بدايــة القســم الســابق‪ .‬يســمح لــك‬
‫وجــود «شــوكة التأريــض» بالســيطرة علــى قــوة عالــم التّقانــة بتركيــز‬
‫طاقتــك وتوجيههــا كمــا تريــد‪ .‬قــد تكــون شــوكة التأريــض مجموعــة‬
‫مــن المعتقــدات‪ ،‬أو تعويــذة‪ ،‬أو حتــى قائمــة مــن القواعــد التــي‬

‫مستقبل السعادة‬
‫تلتــزم بهــا‪ .‬بغــض النظــر عــن المصــدر‪ ،‬تصلــك «شــوكة التأريــض»‬
‫هــذه بمصــدر طاقتــك بقــوة أكبــر‪ ،‬وتســاعدك فــي تنســيق جهــودك‬
‫بطريقــة مثمــرة‪ .‬مــن دون هــذه الشــوكة‪ ،‬نكــون مثــل أســاك كهربائيــة‬
‫ـرض أشــخاص ًا آخريــن حولنا‬ ‫تنشــر الطاقــة فــي كل االتجاهــات‪ ،‬وتعـ ّ‬
‫للخطــر فــي أثنــاء ذلــك‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫مؤسســي شــركة التدريــب اإلداري‬ ‫تقــدم هيليــن كيــن؛ إحــدى ّ‬


‫«أوثنتيــك إمباكــت» (‪ ،)Authentic Impact‬نافــذة بصريــة علــى مــا‬
‫يبــدو عليــه هــذا األمــر فــي حياتنــا‪:‬‬

‫يحــوز صــوت تنبيــه ورود رســالة أو بريــد إلكترونــي علــى‬


‫اهتمامنــا‪ ،‬حتــى حيــن نعــرف أننــا يجــب أن نركّــز علــى المهمــة‬
‫التــي نؤ ّديهــا‪ .‬نختلــس نظــرة فــي أوقــات عصيبــة أو غيــر مالئمــة‪،‬‬
‫فــي أثنــاء القيــادة مثــاً‪ ،‬أو القــراءة ألطفالنــا وقــت النــوم‪ .‬نشــعر‬
‫بالذنــب نوعــ ًا مــا بشــأن هــذا‪ ،‬ونخبــر أنفســنا بجــرأة أننــا ننظــر‬
‫«هــذه المــرة فقــط»؛ ألننــا ننتظــر رســالة مهمــة‪ .‬حقــ ًا؟ بصــدق؟‬
‫بســبب التنافــر المعرفــي‪ ،‬تكــون قدرتنــا علــى خــداع الــذات متينــة‬
‫مثــل عالقــة حبنــا مــع اإللهــاء(‪.)18‬‬
‫التنافــر المعرفــي هــو التو ّتــر الذهنــي الــذي نشــعر بــه حيــن نف ّكــر‪،‬‬
‫أو نتصـ ّـرف وفقـ ًا لمعتقــدات‪ ،‬أو أفــكار‪ ،‬أو قيــم متناقضــة فــي الوقــت‬
‫نفســه‪ .‬إنــه انزعــاج ينتابنــا حيــن نقــدّ م نســخة مــن أنفســنا علــى‬
‫فيســبوك‪ ،‬ونعــرف أن الحقيقــة مختلفــة تمامــ ًا فــي الواقــع‪ .‬تصــف‬
‫برينيــه بــراون‪ ،‬األســتاذة فــي جامعــة هيوســتن‪ ،‬وكاتبــة محاســن‬
‫العيــوب‪ ،‬المصداقيــة بأنهــا «العــادة اليوميــة بتــرك مــا نفتــرض أننــا‬
‫عليــه‪ ،‬وقبــول مــا نحــن عليــه حقــ ًا»‪.‬‬

‫كلمــا نهلنــا مــن نفســنا األصليــة‪ ،‬بتنــا أبعــد عــن ذاتنــا المثاليــة‪.‬‬
‫هنــاك طريقــة لمنــع هــذا‪« :‬االبتعــاد عــن الهــدف»‪ ،‬يتم ّثــل فــي تثبيــت‬
‫أنفســنا علــى مجموعــة مــن المبــادئ اإلرشــادية‪ ،‬التــي تحدّ د ســلوكنا‬
‫وعاداتنــا‪ .‬بعــد بضعــة أعــوام مــن تأســيس جود‪-‬ثنــك‪ ،‬وجدنا أنفســنا‬
‫أكثــر انشــغاالً ممــا قــد تخيلنــا‪ .‬فــي ‪ 2009‬وحدهــا‪ ،‬ســافر شــون إلــى‬
‫‪69‬‬
‫أكثــر مــن خمســة وأربعيــن بلــد ًا إللقــاء محاضــرات عــن علــم‬
‫الســعادة‪ .‬اضطــر إلــى دخــول المستشــفى بعــد ذلــك بوقــت قصيــر‪،‬‬ ‫ّ‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫مبــرح فــي الظهــر‪ .‬لقــد أجهــد نفســه كثيــر ًا بالعمــل‪،‬‬ ‫بســبب ألــم ّ‬
‫وكان عليــه دفــع الثمــن‪.‬‬

‫كلما نهلنا من نفسنا األصلية‪،‬‬


‫بتنا أبعد عن ذاتنا المثالية‪.‬‬

‫مؤسســي الشــركة‪،‬‬ ‫أخــذت علــى عاتقــي‪ ،‬بوصفــي إحــدى ّ‬


‫وكونــي شــقيقته الصغــرى أيضـ ًا‪ ،‬إجــراء حديــث مهــم معه ســيغ ّير‬
‫حياتــه عــن األولويــات‪ ،‬والحــدود‪ .‬كانــت رغبــة شــون عارمــة‬
‫ـي مــع آخريــن‪،‬‬ ‫بشــأن مشــاركة أبحاثــه عــن علــم النفــس اإليجابـ ّ‬
‫وشــعر بأنــه مرغــم علــى قــول (نعــم) لــكل شــخص يريــد ســماع‬
‫رســالته‪ .‬أوضحــت بلباقــة أنــه إذا تداعــى مــن التعــب‪ ،‬لــن يســمع‬
‫أحــدٌ رســالته‪ .‬فــي الواقــع‪ ،‬نظــر النّــاس إليــه علــى أنــه قــدو ٌة‬
‫اإليجابــي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بشــأن طريقــة العيــش وفقــ ًا لمبــادئ علــم النفــس‬
‫أرادوا أن يتخــذ الخيــارات الصعبــة فــي الثقافــة المضــادة‪ .‬بدأنــا‬
‫لهــذا الســبب إجــراء بعــض التغييــرات البســيطة جــدًّ ا فــي طريقــة‬
‫إنجازنــا لألمــور‪.‬‬

‫كانــت إحــدى أبســط التغييــرات هــي كتابــة رســالة «غيــاب»‬

‫مستقبل السعادة‬
‫جديــرة بالثقــة‪ ،‬حيــن يســافر خــارج البلــدة‪ .‬بــدالً مــن الملحوظــة‬
‫الرتيبــة بأنــه «لــن يأتــي إلــى المكتــب حتــى االثنيــن»‪ ،‬بــدأ شــرح‬
‫مــا يقــوم بــه‪« .‬أنــا فــي إجــازة مــع أســرتي‪ ،‬وأحــاول قضــاء وقــت‬
‫أطــول معهــم مبتعــد ًا عــن التّقانــة مــدة أســبوع»‪ .‬فــي البدايــة‪،‬‬
‫خشــي أن يشــعر الشــركاء باالنزعــاج بســبب عــدم قدرتهــم علــى‬
‫‪70‬‬
‫التواصــل معــه‪ ،‬ولكــن رد الفعــل كان معاكس ـ ًا تمام ـ ًا‪ .‬تل ّقــى شــون‬
‫فيضـ ًا مــن رســائل البريــد اإللكترونــي (التــي قرأهــا بعــد اإلجــازة)‪،‬‬
‫التــي تشــكره علــى ممارســة مــا ينصــح بــه‪ ،‬والقيــام فعـ ً‬
‫ا بمــا يظــن‬
‫آخــرون أن علينــا جميعــ ًا القيــام بــه‪ ،‬وتشــجيع غيــره علــى فعــل‬
‫الشــيء عينــه بنفســه‪.‬‬

‫ـل وسـ ٍ‬
‫ـط يتّفــق مــع القيــم التــي يصــدّ ق بهــا‪،‬‬ ‫توصــل شــون إلــى حـ ٍ‬
‫ّ‬
‫وفضــل المصداقيــة‪ ،‬وتخصيــص وقــت لألســرة‪ ،‬علــى اإلنتاج ّيــة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وثيــق مــع‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫تواصــل‬ ‫وبقيــت الجــدوى كمــا يرغــب بهــا تمامــ ًا؛‬
‫المنظمــات التــي يشــاطرها رؤيتــه عــن التــوازن بيــن العمــل والحيــاة‪.‬‬
‫ال تكــون كل التســويات مجديــة وبســيطة علــى هــذا النحــو‪ ،‬ولكــن‬
‫عندمــا تســتند الخيــارات علــى العزيمــة‪ ،‬والتف ّكــر‪ ،‬يمكــن أن تطمئــن‬
‫إلــى أنــك لــن تنــدم علــى ذلــك الخيــار‪.‬‬
‫�أ�سئلة ينبغي التفكير فيها‪:‬‬
‫ـون‬
‫✓ ✓مــا هــي القيــم‪ ،‬والمبــادئ‪ ،‬والمعتقــدات‪ ،‬التــي تكـ ّ‬
‫الشــوكة الثالثــة لديــك؟‬
‫✓ ✓هــل الشــوكة الثالثــة متصلــة بإحــكام بالمقبــس‪ ،‬أو‬
‫أنــك تتــرك عوامــل أخــرى تســتنفد طاقتــك‪ ،‬وتعرقــل‬
‫جهــودك؟‬
‫✓ ✓هــل هنــاك أنشــطة مثــل تدويــن يوميــات‪ ،‬أو تفكّــر‪،‬‬
‫يمكــن أن تســاعد فــي جعــل خياراتــك اليوميــة منســجمة‬
‫مــع أولوياتــك؟‬

‫حدد غايتك‬
‫ّ‬
‫‪71‬‬
‫فــي ‪ ،2014‬تلقيــت دعــوة لقضــاء وقــت الغــروب مــع أوبــرا‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫فــي أثنــاء قيــام فريــق جود‪-‬ثنــك بتصويــر سلســلة مــن جزأيــن‬


‫بعنــوان «أســرار النّــاس الســعيدين»‪ ،‬مــن أجــل برنامــج ســوبر‬
‫ســول ســنداي‪ .‬عنــد نهايــة كل حلقــة‪ ،‬تطــرح أوبــرا علــى ضيوفهــا‬
‫سلســلة مــن األســئلة الســريعة‪ ،‬وفيهــا أمــور مثــل‪« :‬مــا هــو األمل؟‬
‫المفضــل لــدي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مــا هــو المعتقــد؟ مــا هــي الــروح؟»‪ .‬كان الســؤال‬
‫الــذي طرحتــه فــي برنامجهــا‪ ،‬هــو‪« :‬مــا الــذي تنــوي القيــام بــه؟»‪،‬‬
‫حيــن تبــدأ يومــك‪ ،‬ومــا الــذي تعيــش مــن أجلــه؟ ومــاذا تأمــل‬
‫أن تنجــز؟ مــن دون أن نحــدّ د هدفــ ًا واضحــ ًا‪ ،‬ننشــغل بســرعة‬
‫بمجموعــة مــن المهمــات‪ ،‬والقوائــم‪ ،‬واألولويــات‪ ،‬التــي يحدّ دهــا‬
‫أشــخاص آخــرون لنــا‪.‬‬
‫حين تبدأ يومك‪ ،‬ما الذي تعيش من أجله؟ وماذا تأمل أن تنجز؟‬
‫من دون أن نحدّ د هدف ًا واضح ًا‪،‬‬
‫ننشغل بسرعة بمجموعة من المهمات‪ ،‬والقوائم‪ ،‬واألولويات‪،‬‬
‫التي يحدّ دها أشخاص آخرون لنا‪.‬‬

‫قــوة العزيمــة‪ )1( :‬اختــر‬


‫أظــ ُّن أن هنــاك أربعــة طــرق لتفعيــل ّ‬
‫مغامرتــك بنفســك بنــا ًء علــى قيمــك وشــخصيتك‪ ،‬و(‪ )2‬افهــم نوايــا‬
‫اآلخريــن‪ ،‬و(‪ )3‬ر ّكــز علــى االنســجام مــع اآلخريــن‪ ،‬ال العزلــة عنهــم‪،‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫و(‪ )4‬ضــع أولوياتــك فــي طليعــة حياتــك‪ .‬لننظــر عــن كثــب إلــى ٍ‬
‫كل‬
‫مــن هــذه النقــاط األربــع‪.‬‬

‫اختر مغامرتك بنف�سك‪ :‬كيف تتفاعل مع التّقانة‬


‫‪72‬‬
‫تخ ّيــل فتــى يترعــرع فــي بلــدة صغيــرة‪ ،‬ويقضــي أيامــه فــي‬
‫االستكشــاف‪ ،‬والذهــاب إلــى المدرســة‪ ،‬ولقــاء النّــاس‪ .‬يــزداد‬
‫فهمــه للحيــاة كل يــوم‪ ،‬بمعنــى آخــر‪ ،‬يصبــح تفكيــره مرن ـ ًا‪ .‬عندمــا‬
‫يقــرر أن الوقــت قــد حــان لالنتقــال إلــى المدينــة الكبيــرة‪.‬‬‫يكبــر‪ّ ،‬‬
‫ينطلــق علــى الطريــق الترابــي إلــى حيــث ســيعيش مســتقبالً‪ .‬علــى‬
‫كل حــال‪ ،‬يجــد علــى الــدرب شــيئ ًا المع ـ ًا غريب ـ ًا‪ ،‬ويتســاءل إن كان‬
‫جــزء ًا مــن كميــن؟ أو شــيئ ًا عاديــ ًا مــن مشــهد طبيعــي؟ أو فرصــة‬
‫وليــدة المصادفــة؟‬

‫يمضــي كل واحـ ٍ‬
‫ـد منــا فــي مغامرتــه الخاصــة بــه‪ ،‬وقــد نجــد جميع ًا‬
‫أشــياء المعــة علــى الطريــق‪ .‬عندمــا نواجــه عنصــر ًا غيــر معــروف لنــا‬
‫علــى الــدرب‪ ،‬يكــون رد فعــل كثيريــن منــا عاطفيـ ًا‪ ،‬أو غريزيـ ًا‪ ،‬بنحــو‬
‫غيــر واع‪ .‬لكــن بعــد قــراءة هــذا الكتــاب بتم ّعــن‪ ،‬وزيــادة المعرفــة‬
‫ٍ‬
‫بنحــو وا ٍع بشــأن طريقــة‬ ‫بشــأن التّقانــة‪ ،‬ســتحظى بفرصــة االختيــار‬
‫أي حــد تريــد أن تكــون التّقانــة‬‫التفاعــل معهــا فــي المســتقبل‪ .‬إلــى ّ‬
‫جــزء ًا مــن حياتــك؟ مــا هــي حــدودك‪ ،‬ولمــاذا؟ كيــف تخ ّطــط لغربلــة‬
‫الضــارة؟ أمامــك خيــارات شــخصية ينبغــي‬ ‫ّ‬ ‫التقانــات المفيــدة مــن‬
‫أن تتخذهــا‪ ،‬وكل طريــق تــؤ ّدي إلــى مــكان مثيــر لالهتمــام‪ .‬الخطــأ‬
‫الوحيــد الــذي يمكــن أن تقترفــه علــى ذلــك الــدرب هــو أال تطــرح‬
‫هــذه األســئلة علــى اإلطــاق‪.‬‬

‫فــي مقابلــة مــع بزنــس إنســايد‪ ،‬شــرح بــن براســت‪-‬مكي‪ ،‬البالــغ‬


‫مــن العمــر خمســة وعشــرين عام ـ ًا‪ ،‬لمــاذا قـ ّـرر التخ ّلــي عــن هاتفــه‬
‫الخلــوي‪ ،‬وعــدم اســتخدامه منــذ أربعــة أعــوام‪:‬‬

‫مــاذا تغ ّيــر؟ أوالً‪ ،‬الحظــت بــدء ظهــور أعــراض ميــول قهريــة‪.‬‬


‫‪73‬‬
‫بــدأت أحــس بـــ «ح ّكــة» ‪ ...‬بــدأت أشــعر بأننــي «مق ّيــد»‪ ،‬إذا كنــت‬
‫تفهــم مــا أعنيــه‪ .‬بــات الهاتــف مصــدر مقاطعــة متواصلــة‪ .‬ال يهــم إن‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫كنــت أعــرف األشــخاص المتّصليــن‪ ،‬وأح ّبهــم؛ ألن مكالماتهــم تعــدُّ‬


‫ـوش علــى اإليقــاع الطبيعــي‬ ‫مقاطعــة‪ .‬الحظــت أن ذلــك يعوقنــي‪ ،‬ويشـ ّ‬
‫لمحادثاتــي‪ .‬الحظــت أن آخريــن يفعلــون الشــيء نفســه لــي‪ .‬فــي‬
‫«تصرفـ ًا ف ّظـ ًا» مــن الناحيــة االجتماعيــة‪ .‬قــدّ م ال ّنــاس‬
‫ّ‬ ‫البدايــة‪ ،‬كان هــذا‬
‫أي حــال‪ .‬لكــن لــم‬ ‫اعتذارهــم عــن المقاطعــة‪ ،‬إنمــا فعلــوا ذلــك علــى ّ‬
‫يــدم األمــر طوي ـاً‪ ،‬وبــات هــذا التصـ ّـرف مقبــوالً ومتوقع ـ ًا اآلن‪.‬‬

‫ع ّبــر صديقــان‪ ،‬حضــرا لزيارتــي فــي إحــدى عطــات نهاية األســبوع‪،‬‬


‫عــن هــذا الــرأي أيضـ ًا‪ .‬يعمــل رون وأنجليــن ّ‬
‫جراحيــن فــي كاليفورنيــا‪،‬‬
‫ولديهمــا ابنــان‪ .‬نظــر ًا إلــى جــدول أعمالهمــا المزدحــم‪ ،‬شــعر الزوجــان‬
‫بالحمــاس تجــاه فكــرة قضــاء عطلــة أســبوع مريحــة فــي منزلنــا فــي‬
‫داالس‪ .‬بعــد مالحقــة األطفــال حــول البيــت ثالثيــن دقيقــة‪ ،‬رميــت‬
‫نفســي أخيــر ًا علــى األريكــة لتبــادل أطــراف الحديــث مــع أنجليــن‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن وجــود خمســة أوالد يركضــون حــول المنــزل مثــل‬
‫أشــباح‪ ،‬بــدت أنجليــن هادئــة‪ ،‬فــي حيــن كنــت ‪ -‬مــن جهــة أخــرى‬
‫‪ -‬مثــل ُيســروع متعــب‪ ،‬قــد أصابتــه كهربــاء ســاكنة‪ .‬راقبــت أنجليــن‬
‫خلســة طــوال العطلــة؛ ألنهــا كانــت إحــدى معارفــي القالئــل الذيــن ال‬
‫يزالــون يســتخدمون شــيئ ًا تذكاريـ ًا مــن التســعينيات‪ :‬هاتفــا قابــا لل ّطــي‪.‬‬
‫مجمــع آبــل‬
‫علــى الرغــم مــن أنهــا تعيــش علــى بعــد بنايــة واحــدة مــن ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الجديــد فــي قلــب وادي الســليكون‪ ،‬إال أن أنجليــن تصــف خيارهــا ذاك‬
‫بأنــه «اعتــراض أخالقــي» علــى الهواتــف الذكيــة‪.‬‬

‫أي انتقــاد (عالمــة عــن غيرتــي‬ ‫حاولــت أال أوجــه إلــى أنجليــن ّ‬
‫ٍ‬
‫كتــاب‬ ‫مــن قدرتهــا علــى الجلــوس‪ ،‬وقــراءة أكثــر مــن صفحــة فــي‬
‫‪74‬‬
‫أي وقــت تريــد)‪ ،‬وســألتها ببســاطة عــن ســبب اختيارهــا‬ ‫تحملــه‪ ،‬فــي ّ‬
‫تغضــن وجــه‬ ‫عــدم الحصــول علــى هاتــف ذكــي‪ .‬كيــف تتد ّبــر أمرهــا؟ ّ‬
‫أنجليــن الهــادئ بابتســامة متك ّلفــة‪ ،‬وأقـ ّـرت أن زمالءهــا يكرهــون عــدم‬
‫قدرتهــم علــى التواصــل معهــا دائمـ ًا‪ ،‬وأضافــت أن الهواتــف الذكيــة ال‬
‫حت‪« :‬ال تقــدّ م شــيئ ًا أحتــاج إليــه‪ .‬وال أريــد أن يطلــب‬ ‫تســتهويها‪َ .‬شـ َـر ْ‬
‫ـدي هاتفــي باســتمرار ليكــون أداة شــخصية للترفيــه‪ ،‬أريــد أن يقــرأ‬ ‫ولـ َّ‬
‫أبنائــي الكتــب‪ ،‬ال أن يلعبــوا ألعاب ـ ًا‪ .‬أشــعر بالقلــق أحيان ـ ًا مــن تربيــة‬
‫طفــل قــد ال يســتطيع التك ّيــف اجتماعي ـ ًّا‪ ،‬إن لــم يكــن يحمــل هاتف ـ ًا‪،‬‬
‫ولكــن األمــر يبــدو جيــد ًا حتــى اآلن»‪.‬‬

‫ـررت تجربــة مقاربتهــا‪ .‬اصطحبــت ابنتــي‬ ‫أعجبنــي موقفهــا‪ ،‬وقـ ّ‬


‫غابــري‪ ،‬البالغــة مــن العمــر ســتة أعــوام‪ ،‬إلــى متجــر البقالــة بعــد‬
‫ــت الصغيــرة هاتفــي الخلــوي فــور‬ ‫ظهــر ذلــك اليــوم‪ ،‬وقــد طل َب ْ‬
‫التســوق فــي أثنــاء‬
‫ّ‬ ‫جلوســها فــي عربــة المشــتريات‪ .‬ســيكون‬
‫انشــغالها بذاتهــا أكثــر ســهولة ويســر ًا بالتأكيــد‪ ،‬ولكــن رفضــت‬
‫منحهــا هاتفــي‪ ،‬وناولتهــا كتابـ ًا عوضـ ًا عــن ذلــك‪ .‬تذ ّمــرت الفتــاة‬
‫قليــاً‪ ،‬ولكــن ســرعان مــا اســتغرقت فــي قــراءة الكتــاب‪ ،‬فــي‬
‫بــدأت دفــع‬
‫ُ‬ ‫تســوقي بســرعة كبيــرة‪ .‬عندمــا‬
‫ّ‬ ‫حيــن أنهيــت رحلــة‬
‫ظفــة بعفويــة‬ ‫الحســاب عنــد منضــدة أمينــة الصنــدوق‪ ،‬أثنــت المو ّ‬
‫علــى ابنتــي‪ ،‬التــي تقــرأ بــدالً مــن أن تحمــل جهــاز ًا إلكترونيــ ًا‪.‬‬
‫ـرون أمامهــا طــوال اليــوم‪ ،‬كل يــوم‪ ،‬في‬ ‫َشـ َ‬
‫ـر َحت أنهــا تــرى آبــا ًء يمـ ّ‬
‫حيــن يكــون أبناؤهــم منشــغلين بالنظــر إلــى شاشــات أجهزتهــم‬
‫(ابتســمت بارتبــاك)‪ .‬قالــت‪« :‬كنــا نلعــب خــارج المنــزل طــوال‬ ‫ُ‬
‫ســاعات فــي أثنــاء طفولتــي‪ ،‬فــي حيــن يجثــم األطفــال اآلن أمــام‬
‫أجهزتهــم المتصلــة بمقابــس الكهربــاء فــي الجــدار‪ ،‬وال يفارقونهــا‬
‫طالمــا بقيــت البطاريــة مشــحونة‪ .‬إذا طلبــت مــن األطفــال الخروج‬
‫‪75‬‬
‫واللعــب فــي الباحــة‪ ،‬يغــادرون وقتــ ًا كافيــ ًا لشــحن أجهزتهــم‬
‫فقــط»‪ .‬لقــد ســمعت هــذا الــرأي مــرار ًا وتكــرار ًا حيــن قابلــت‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫أشــخاص ًا فــي أثنــاء تأليــف هــذا الكتــاب‪ ،‬وإجــراء األبحــاث‬


‫المرتبطــة بــه‪ .‬مــا هــي القواعــد االجتماعيــة التــي نضعهــا عــن غيــر‬
‫قصــدٍّ منــا مــن أجــل المســتقبل‪ ،‬بعــدم التفكيــر بنحـ ٍ‬
‫ـو وا ٍع بشــأن‬
‫النتائــج النهائيــة ألفعالنــا؟‬

‫اكتشــفت فــي ســياق أبحاثــي أن معظــم األفــراد ينتمــون إلــى واحدة‬


‫ـرواد‪ ،‬والقانعــون‪ ،‬والمتر ّيثون‪.‬‬
‫مــن ثــاث أنــواع مــن الشــخص ّيات‪ :‬الـ ّ‬

‫الخصائص‬ ‫ّ‬
‫الشخص ّية‬
‫يح ّبــون أن يكونــوا فــي الطليعــة دائمـ ًا‪ ،‬ســوا ًء للحصــول‬ ‫الرواد‬
‫ّ‬
‫علــى المعلومــات‪ ،‬أو التم ّتــع بمكانــة اجتماعيــة مرموقــة‬
‫يهتّمــون إلــى حـ ٍ‬
‫ـد مــا بالتّقانــة الجديــدة‪ ،‬لكــن ينتظــرون‬ ‫القانعون‬
‫أن تصبــح المنتجــات شــائعة االســتخدام‪.‬‬
‫يفتقــرون إلــى الرغبــة‪ ،‬أو الحافــز‪ ،‬أو المــوارد الماديــة‬ ‫المتر ّيثون‬
‫لتجربــة تقانــات جديــدة‪.‬‬

‫ـوق البقالــة مــع ابنتي‪،‬‬


‫علــى الرغــم مــن العبــرة المســتقاة مــن تجربــة تسـ ّ‬
‫يجــب أن أعتــرف ‪ -‬بوصفــي رائــدة ‪ -‬أن اإلغــراء كان كبيــر ًا حيــن كتبــت‬
‫هــذا القســم لجعلــه مناشــدة لــكل المتر ّيثيــن‪ ،‬مــن أجــل أن يحاولــوا عيــش‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ٍ‬
‫رواد (فــي عقلــي الباطــن‪ ،‬ســمعت الكلمــات الرنّانة‬ ‫يــو ٍم واحــد علــى أنهــم ّ‬
‫لـــ «د‪ .‬ســوس» فــي كتابــه الرائــع لألطفــال بعنــوان‪« :‬البيــض األخضــر‬
‫جربهــا!‬
‫جربهــا! ّ‬ ‫ّ‬
‫المدخــن»‪« :‬أنــت ال تحبهــا‪ ،‬أو هــذا مــا تقولــه‪ّ .‬‬ ‫واللحــم‬
‫وقــد تح ّبهــا»)‪ .‬لكــن قاومــت ذلــك؛ ألن الجانــب األكثــر موضوعيــة منــي‬
‫يعــرف أنــه ال توجــد فئــة شــخصية أفضــل مــن األخــرى‪.‬‬
‫‪76‬‬

‫الشــخصيات الثــاث بمحاســن‬ ‫تتم ّيــز كل واحــدة مــن فئــات ّ‬


‫ـرواد أن يكونــوا فــي طليعــة النزعــات‬ ‫ـب الـ ّ‬‫ومســاوئ خاصــة بهــا‪ .‬يحـ ُّ‬
‫ـب‬ ‫ـول إلــى هوايــة مك ِّلفــة‪ .‬يحـ ُّ‬
‫الجديــدة‪ ،‬لكــن افتنانهــم بهــا قــد يتحـ ّ‬
‫القانعــون االنتظــار حتــى تصبــح التّقانــة الجديــدة أرخــص‪ ،‬وتخــف‬
‫أعطالهــا‪ ،‬ولكــن يجــدون أنفســهم يالحقــون النزعــات باســتمرار‪،‬‬
‫بــدالً مــن أن يســاهموا فــي ابتكارهــا‪ .‬فــي هــذه األثنــاء‪ ،‬قــد يو ّفــر‬
‫المتر ّيثــون الوقــت والمــال علــى التّقانــة‪ ،‬ولكــن يتخ ّلفــون غالبـ ًا عــن‬
‫النزعــات المجتمعيــة الســائدة‪ .‬علــى الرغــم مــن هــذا‪ ،‬قــد تصيــب‬
‫الحيــرة كل الفئــات الثــاث فــي أثنــاء محاولــة اســتخدام‪ ،‬أو حتــى‬
‫محاولــة تجاهــل‪ ،‬التقانــات (يقضــي أصدقائــي‪ ،‬الذيــن يصـ ّـرون علــى‬
‫اســتعمال الهاتــف القابــل للطــي بــدالً مــن األجهــزة الذكيــة‪ ،‬وقتــ ًا‬
‫نصيــة باســتخدام لوحــة مفاتيــح‬ ‫أطــول كثيــر ًا فــي كتابــة كل رســالة ّ‬
‫ـو مشـ ٍ‬
‫ـابه‪ ،‬قــد يصبــح أفــراد فئــات‬ ‫الحــروف واألرقــام القديمــة)‪ .‬بنحـ ٍ‬
‫الشــخصية الثــاث أكثــر تع ّلق ـ ًا بأجهزتهــم (حتــى أصدقائــي الـ ّ‬
‫ـرواد‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الذيــن يســتخدمون تطبيــق هيدســبيس (‪ )Headspace‬يوميــ ًا لتطويــر‬
‫قدراتهــم الذهنيــة)‪ .‬أضــف إلــى ذلــك‪ ،‬تُركّــز فئــات الشــخصيات‬
‫تلــك علــى مجــاالت مع ّينــة أحيان ـ ًا‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ :‬قــد يكــون‬
‫صديقــاي رون وأنجليــن متر ّيثيــن فيمــا يخــص التّقانــة فــي منزلهمــا‪،‬‬
‫ولكنهمــا رائــدان حيــن يتع ّلــق األمــر بغرفــة العمليــات‪ .‬يعــدُّ والــداي‪،‬‬
‫مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬رائديــن فــي مجــال التّقانــة الجديــدة فــي العمــل‪،‬‬
‫إنمــا متر ّيثــان بشــأن الخدمــات المصرفيــة اإللكترونيــة‪.‬‬

‫توجــد خلــف كل قائمــة مــن الخصائــص مجموعــة قيــم يتمتّــع‬


‫ـون‬ ‫بهــا المنتمــي لتلــك الفئــة‪ ،‬ووجهــات نظــر فريــدة فــي نوعهــا‪ ،‬تكـ ّ‬
‫خياراتهــم وأفعالهــم بوصفهــم مســتهلكين‪ .‬ســوا ًء أكان الحافــز ديني ـ ًا‪،‬‬
‫‪77‬‬
‫بنحــو واعٍ‪ ،‬أو الشــعور ًّيا فــي أحيــان‬‫ٍ‬ ‫أو أخالقيــ ًا‪ ،‬ترشــدنا قيمنــا‬
‫الشــخصية التــي تنتمــي إليهــا‪ ،‬تبــدأ تحديــد‬ ‫أخــرى‪ .‬عندمــا تعــرف فئــة ّ‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫تعــزز موقفــك‬ ‫أهدافــك للمضــي قدمــ ًا فــي تنفيذهــا‪ ،‬فــي عمليــة ّ‬


‫ومقاربتــك لبنــاء مجموعــة مهــارات أساســية‪ ،‬لزيــادة ســعادتك‬
‫الشــخص ّية؟ هــل‬ ‫ورفاهــك فــي المســتقبل‪ .‬ف ّكــر‪ :‬لمــاذا تتم ّتــع بتلــك ّ‬
‫تجــد أنــك تتبنّــى بعــض أشــكال التّقانــة‪ ،‬وترفــض أخــرى؟ يســاعدك‬
‫فهــم مــا يح ّفــزك علــى تعزيــز وجهــة نظــرك‪ ،‬وتوضيــح خيــارات‬
‫تتع ّلــق بالشــراء‪ ،‬والتفاعــل مــع التّقانــة فــي المســتقبل‪.‬‬

‫فهم غايات الآخرين‬


‫ومهمــا بالقدر‬
‫ًّ‬ ‫مهمــا أن تفهــم أهدافــك مــن اســتخدام التّقانــة‪،‬‬
‫يبــدو ًّ‬
‫نفســه أن تــدرك غايــات شــركات جمــع البيانــات أيض ـ ًا‪ ،‬وإال ســتجد‬
‫نفســك تعيسـ ًا جــدًّ ا بوصفــك ضحيــة تسـ ّـرب معلومــات ّ‬
‫حساســة‪ .‬فــي‬
‫عصــر البيانــات الضخمــة‪ ،‬الــذي تجــري كتابــة قانــون الخصوصيــة‬
‫نتوخــى الحــذر بشــأن مــن يحصــل علــى‬ ‫بشــأنه حاليــ ًا‪ ،‬يجــب أن ّ‬
‫معلومــات عنّــا؟ وأيــن تذهــب تلــك المعلومــات؟ وكيــف يتــم‬
‫ـجع علــى التو ّثــق مــن ثــاث إجــراءات لتعزيــز أمنــك‬
‫اســتخدامها؟ أشـ ّ‬
‫الشــخصي‪ :‬الخصوصيــة‪ ،‬والبحــث عــن أشــخاص‪ ،‬وكلمــات الســر‪.‬‬

‫الخ�صو�صي��ة‪ :‬تو ّثــق مــن إعــدادات خصوصيتــك علــى وســائل‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أي معلومــات تهمــك‪،‬‬ ‫التواصــل االجتماعــي‪ ،‬لضمــان عــدم مشــاركة ّ‬
‫إال مــع أشــخاص تعرفهــم وتثــق بهــم فعــاً‪ .‬وكــن ذلــك الشــخص‬
‫غريــب األطــوار‪ ،‬الــذي يقــرأ كل معلومــة عــن الخصوصيــة قبــل‬
‫أي مواقــع إلكترونيــة‪ ،‬أو شــراء خدمــات جديــدة‪ .‬إذا‬
‫االنضمــام إلــى ّ‬
‫واجهــت صعوبــة فــي العثــور علــى بيــان الخصوصيــة‪ ،‬أو لــم يكــن‬
‫‪78‬‬
‫موجــود ًا أص ـاً‪ ،‬فــا تنضــم إلــى الموقــع!‬

‫البح��ث ع��ن �أ�ش��خا�ص ‪ :‬هــل كنــت تعــرف أن عشــرات محــركات‬


‫البحــث‪ ،‬مثــل وايتبيجــز (‪ ،)whitepages.com‬وســبوكو (‪spokeo.‬‬
‫‪ ،)com‬وبيبولفاينــدر (‪ ،)peoplefinder.com‬تعمــل فــي مجــال جمــع‬
‫المعلومــات‪ ،‬وتبيــع معلومــات مل ّفــك‪ ،‬وفيهــا عنوانــك الحالــي‬
‫والســابق‪ ،‬وأرقــام هواتفــك‪ ،‬وحتــى قائمــة بأقــرب أفــراد أســرتك؟‬
‫تقــدّ م معظــم هــذه المواقــع طريقــة لعــدم إدراجــك ضمــن قوائهمــا‪،‬‬
‫ويســتحق هــذا بالتأكيــد بعضــ ًا مــن وقتــك‪.‬‬

‫كلم��ات ال�س��ر‪ :‬تعــدُّ راحــة البــال‪ ،‬ومعرفــة أن كلمــات ســرك بأمــان‪،‬‬


‫وبياناتــك محميــة‪ ،‬وملفاتــك اإللكترونيــة مصونــة‪ ،‬جــزء ًا مــن الســامة‬
‫ـي‪ .‬إذا انتابتــك هواجــس‪ ،‬ف ّكــر فــي االســتفادة مــن موقع‬
‫فــي عالــم رقمـ ّ‬
‫‪1‬باســورد (‪ ،)1Password.com‬أو آي‪-‬باســورد (‪،)iPassword.com‬‬
‫الحساســة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مصمــم للتعامــل بأمــان مــع بياناتــك اإللكترونيــة‬
‫ّ‬ ‫وكالهمــا‬

‫يتوخــى الحــذر بشــأن معلوماتــه‪ ،‬ولكــن‬ ‫يجــب علــى المــرء أن ّ‬


‫ليســت كل مواقــع جمــع البيانــات ســيئة‪ .‬أســهمت مواقــع التحذيــر‬
‫مــن األعاصيــر‪ ،‬والبحــث عــن حيوانــات أليفــة‪ ،‬وتطبيقــات الطــوارئ‬
‫الصحــة‪ ،‬فــي إيجــاد مســتوى جديــد مــن الســامة‬ ‫ّ‬ ‫الط ّبيــة‪ ،‬ومراقبــة‬
‫واألمــان‪ ،‬الــذي ال أريــد التخ ّلــي عنــه أبــد ًا اآلن‪ .‬فــي المســتقبل‪،‬‬
‫تطــور ًا‪ ،‬وســتقدّ م لــك‬
‫ّ‬ ‫ســتكون هــذه التطبيقــات أفضــل‪ ،‬وأكثــر‬
‫معلومــات مهمــة بطريقــة أكثــر يســر ًا‪.‬‬

‫لفهــم آليــة االســتفادة مــن البيانــات بطريقــة جيــدة فــي المســتقبل‪،‬‬


‫تواصلــت مــع تشــارلي كابــول‪ ،‬وديــان كيــل؛ مبتكــري تطبيــق‬
‫‪79‬‬
‫كرونــوس (‪ .)Chronos‬جــرى تصميــم هــذا البرنامــج ليكــون «أداة‬
‫مراقبــة فــي وقــت الخمــول»‪ ،‬ويقــوم بتســجيل تفاصيــل عــن الوقــت‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫الــذي تقضيــه مــع هاتفــك‪ ،‬والتطبيقــات التــي تســتخدمها‪ ،‬والمواقــع‬


‫اإللكترونيــة التــي تتص ّفحهــا بانتظــام‪ ،‬وغيرهــا‪ .‬كان الهــدف منــح‬
‫المســتخدمين صــور ًة عــن ســلوكهم‪ ،‬ليكونــوا أكثــر درايــة بشــأن‬
‫االســتفادة المثلــى مــن وقتهــم‪ .‬اســتحوذت «اليــف‪)Life360(»360‬‬
‫علــى كرونــوس‪ ،‬الــذي ســيكون جــزء ًا مــن تطبيــق مراقبــة اجتماعــي‬
‫المقربيــن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يهــدف إلــى تفعيــل التواصــل مــع األســرة‪ ،‬واألصدقــاء‬
‫شــرح تشــارلي وديــان أنهمــا اســتثمرا كثيــر ًا مــن الوقــت واألفــكار‬
‫فــي تطويــر سياســات الخصوصيــة‪ ،‬حتى يكــون بمقــدور المســتخدمين‬
‫الشــعور بالراحــة واألمــان مــن طريقــة اســتخدام بياناتهــم‪ ،‬ضمــان‬
‫تح ّكــم المســتخدمين ببياناتهــم دائمـ ًا‪ ،‬وقدرتهــم علــى االســتفادة منهــا‬
‫طــوال الوقــت‪ ،‬ووجــود شــفافية بشــأن طريقــة إدارة معلوماتهــم‪.‬‬
‫ا�ستخدام التّقانة لالن�سجام مع الآخرين‪ ،‬ال العزلة عنهم‬

‫يــؤ ّدي رنيــن الهاتــف‪ ،‬وتنبيهــات الرســائل الــواردة‪ ،‬والبريــد‬


‫النصيــة‬‫ّ‬ ‫اإللكترونــي الجديــد‪ ،‬وطنيــن إشــعارات الرســائل‬
‫المتواصــل‪ ،‬إلــى إصابتنــا باإلحبــاط بالتأكيــد‪ .‬تســاعدنا التّقانــة‬
‫فــي التواصــل مــع آخريــن بســرعة أكبــر‪ ،‬ولكنهــا تصبــح عبئــ ًا‬
‫معمقــة عــن‬‫يثقــل كاهلنــا أيضــ ًا‪ .‬بــدأ الباحثــون إجــراء دراســات ّ‬
‫والتطــور العاطفــي‪ ،‬علــى المــدى‬‫ّ‬ ‫الســعادة‪،‬‬
‫تأثيــر التّقانــة علــى ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الطويــل‪ .‬أجــرت جامعــة ســتانفورد دراســة عــن العــادات المرتبطــة‬
‫ـن بيــن ثمانيــة أعــوام واثنــي‬ ‫ٍ‬
‫باإلنترنــت لــدى فتيــات تــراوح أعمارهـ ّ‬
‫عشــر‪ُ .‬طلــب منهــن تص ّفــح الشــبكة الدوليــة نحــو خمــس ســاعات‪،‬‬
‫ذاتــي عــن مســتويات ســعادتهم‪ ،‬وراحتهــن‬ ‫ّ‬ ‫ثــم تقديــم تقويــم‬
‫االجتماعيــة(‪ .)19‬وجــدت الدراســة أنــه كلمــا قضــت الفتيــات وقت ـ ًا‬
‫‪80‬‬
‫أطــول أمــام الشاشــات‪ ،‬ازداد وصفهــن ألنفســهن بطــرق تشــير إلــى‬
‫أنهــن أقــل ســعادة‪ ،‬وقــدرة علــى التواصــل االجتماعــي‪ ،‬مقارنــة‬
‫بقريناتهــن الالتــي أمضيــن وقتــ ًا أقــل أمــام الشاشــات‪.‬‬

‫وجــدت دراســة أخــرى أن وجــود هاتــف خلــوي فــي أثنــاء‬


‫إجــراء حديــث مباشــر يخ ّفــف مــن مشــاعر األلفــة‪ ،‬والثقــة‪ ،‬وجــودة‬
‫العالقــة‪ ،‬حتــى إذا لــم يكــن الهاتــف قيــد االســتخدام(‪ .)20‬فــي كتابهــا‬
‫الموســوم «وحيــدون مع ـ ًا»‪ ،‬األكثــر بيع ـ ًا وفق ـ ًا لصحيفــة نيويــورك‬
‫مؤ ِّس َســة «مبــادرة معهــد‬
‫تايمــز‪ ،‬تع ّبــر الكاتبــة د‪ .‬شــيري تــوركل؛ َ‬
‫ماساشوســتس للتقانــة والــذات»‪ ،‬عــن مخــاوف بشــأن تعريــض‬
‫أنفســنا إلــى متاعــب‪ ،‬نحــن معتــادون تمامــ ًا علــى االتصــال عبــر‬
‫شــخصي‬
‫ّ‬ ‫مســتوى‬
‫ً‬ ‫األجهــزة‪ ،‬ونفقــد القــدرة علــى التواصــل علــى‬
‫أكثــر عمق ـ ًا فــي العالــم الحقيقــي‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن أن هــذه النتائــج ينبغــي أن تجعلنــا نتوقــف قليـاً‪،‬‬
‫إال أن هنــاك قصــة أخــرى يمكــن ســردها هنــا أيض ـ ًا‪ .‬تر ّكــز الحكايــة‬
‫علــى كيف ّيــة اســتخدام التّقانــة (وضــرورة ذلــك) لتحســين التواصــل‪.‬‬
‫المقســمة جغرافيــ ًا‪ ،‬التــي يمكنهــا التواصــل اآلن‬ ‫ّ‬ ‫فكّــر فــي األســر‬
‫عبــر ســكايب بتكلفــة زهيــدة؛ أو جنــود منتشــرين فــي بقــاع العالــم‪،‬‬
‫ويســتطيعون قــراءة قصص وقــت النــوم ألطفالهم باســتخدام فيســتايم؛‬
‫أو أبنـ ِ‬
‫ـاء ســجنا َء بمقدورهــم حالي ـ ًا التواصــل يومي ـ ًا مــع آبائهــم‪ ،‬بــدالً‬
‫مــن انتظــار أســابيع لتل ّقــي رســالة عاطفيــة‪ ،‬أو مكالمــة هاتفيــة قصيــرة‪.‬‬
‫ا عــن طــرق أخــرى مــن التواصــل‬ ‫ال تُعــدُّ نمــاذج االتصــال هــذه بديـ ً‬
‫التقليــدي‪ ،‬وإنمــا أســاليب جديــدة بالكامــل مــن االتصــال‪ ،‬التــي تقــدّ م‬
‫وســائل إضافيــة للحــوار وبنــاء العالقــات‪.‬‬

‫علــى الرغــم مــن وفــرة القصــص المبالــغ فيهــا عــن الضــرر الــذي‬
‫‪81‬‬
‫ـول الوقــت أمــام الشاشــات إلى‬ ‫تسـ ّببه التّقانــة للنســيج االجتماعــي‪ ،‬وتحـ ّ‬
‫أفضــل اعتمــاد مقاربة أكثــر اتزان ًا‪،‬‬
‫ـي‪ ،‬إال أنني ّ‬ ‫الرقمـ ّ‬
‫شــيء يشــبه المخــدّ ر ّ‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫واالســتعانة باســتمرار بالعلــم لفهــم النزعــات المنبثقــة حديثـ ًا‪ .‬عرفــت ‪-‬‬
‫علــى نحــو أثــار اهتمامــي ‪ -‬أن واحــدة مــن أوســع الدراســات انتشــار ًا‬
‫وحدّ ثــت‪ ،‬لتكشــف عــن حقائــق‬ ‫عــن االتصــال والتّقانــة قــد ُن ّقحــت‪ُ ،‬‬
‫جديــدة‪ .‬بحثــت الدراســة األصليــة‪ ،‬التــي أجراهــا روبــرت آي‪ .‬كــروت‬
‫مــن جامعــة كارنيجــي ميلــون فــي ‪ ،1998‬فــي اســتخدام اإلنترنــت مــن‬
‫ـة تضــم تالميــذ فــي المدرســة الثانويــة‪ .‬وجــد كــروت‬ ‫ـر متطوعـ ٍ‬‫قبــل أسـ ٍ‬
‫ّ‬
‫أنــه عندمــا يك ّثــف هــؤالء األشــخاص اســتخدامهم لإلنترنــت‪ ،‬يــزداد‬
‫إحباطهــم‪ ،‬وينخفــض مســتوى الدعــم االجتماعــي‪ ،‬والعافيــة النفســية‬
‫قــرر كــروت فــي ‪ 2002‬تكــرار التجربــة‬ ‫لديهــم(‪ .)21‬علــى كل حــال‪ّ ،‬‬
‫ـراد يرتبطــون‬ ‫نفســها‪ ،‬مــع تركيــز خــاص علــى تفاعــل الطــاب مــع أفـ ٍ‬
‫مقربيــن‪ ،‬أفــراد أســرة‪ ...‬إلــخ)‪ ،‬أو ضعيفة‬ ‫بهــم بصــات وثيقــة (أصدقــاء ّ‬
‫ـم كــروت بالفــوارق الدقيقــة فــي أســاليب قضــاء‬ ‫(غربــاء‪ ،‬معــارف)‪ .‬اهتـ َّ‬
‫الوقــت علــى اإلنترنــت‪ ،‬ووجــد أن الطــاب الذيــن يتفاعلــون مــع مــن‬
‫تربطهــم بهــم صــات وثيقــة أظهــروا انخفاضـ ًا فــي االكتئــاب‪ ،‬وتراجعـ ًا‬
‫فــي الشــعور بالوحــدة‪ ،‬وزيــادة فــي مســتوى الدعــم االجتماعــي(‪.)22‬‬

‫وجــدت دراســة أخــرى شــملت أكثــر مــن ‪ 600‬فــرد علــى اإلنترنــت‬


‫أن «‪ ٪50‬مــن هــؤالء المشــاركين قــد نقلــوا عالقـ ًة علــى اإلنترنــت إلــى‬
‫ـول كثيــر‬ ‫«الحيــاة الواقعيــة»‪ ،‬أو التقــوا الطــرف اآلخــر شــخصي ًا‪ .‬تحـ ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫مــن تلــك العالقــات اإللكترونيــة إلــى صــات وثيقــة تمام ـ ًا ‪ -‬أفــاد‬
‫تزوجــوا‪ ،‬أو خطبــوا‪ ،‬أو يعيشــون مــع‬ ‫‪ %22‬مــن المشــاركين أنهــم قــد ّ‬
‫شــخص التقــوا بــه عبــر اإلنترنــت‪ .‬أضــف إلــى ذلــك‪ ،‬أظهــرت متابعــة‬
‫المقربــة بقيــت‬‫ّ‬ ‫هــؤالء المشــاركين بعــد عاميــن أن تلــك الروابــط‬
‫ـتقرة بمــرور الوقــت مثــل العالقــات التقليديــة»(‪.)24(,)23‬‬
‫مسـ ّ‬ ‫‪82‬‬

‫يجــادل كيــث هامبتــون؛ األســتاذ المســاعد فــي التواصــل والسياســة‬


‫العامــة فــي جامعــة روتجــرز‪ ،‬أن فكــرة تفاعلنــا عبــر اإلنترنــت‪ ،‬أو‬
‫خارجــه‪ ،‬تع ّبــر عــن تقســيم زائــف‪ .‬بــات مقتنع ـ ًا‪ ،‬بعــد إجــراء دراســات‬
‫تقربنــا فــي الواقع‪،‬‬
‫عديــدة‪ ،‬أن وســائل التواصــل االجتماعــي‪ ،‬واإلنترنــت‪ّ ،‬‬
‫بعضنــا مــن بعــض عبــر اإلنترنــت‪ ،‬وخارجــه‪ .‬يقــول‪« :‬ال أظ ـ ُّن أن النّــاس‬
‫ـي مــن العالقــات‪ ،‬وإنمــا يضيفــون النمــوذج‬ ‫ينتقلــون نحــو شـ ٍ‬
‫ـكل إلكترونـ ٍ‬
‫تنوعــت‬‫قمــي مــن التواصــل إلــى عالقــات قائمــة فعــاً»‪ .‬كلمــا ّ‬ ‫ّ‬ ‫الر‬
‫ّ‬
‫وســائل التواصــل التــي يســتخدمها النّــاس‪ :‬هاتــف‪ ،‬بريــد إلكترونــي‪،‬‬
‫ـو مشـ ٍ‬
‫ـابه‪،‬‬ ‫شــخصي ًا‪ ،‬نــص‪ ،‬فيســبوك‪ ..‬باتــت عالقاتهــم أكثــر متانــة‪ .‬بنحـ ٍ‬
‫وجــدت دراســة أجراهــا مركــز بيــو لألبحــاث فــي ‪ ،2012‬وشــملت أكثــر‬
‫مــن ‪ 2200‬شــخص فــي الواليــات المتحــدة‪ ،‬أن ‪ ٪ 55‬مــن مســتخدمي‬
‫اإلنترنــت يقولــون إن رســائل البريــد اإللكترونــي قــد عـ ّـززت عالقاتهــم‬
‫مــع أفــراد أســرهم‪ ،‬فــي حيــن يقــول ‪ ٪66‬الشــيء نفســه عــن صالتهــم‬
‫مــع أصدقائهــم(‪ .)25‬ذكــر ‪ ٪60‬مــن المســتخدمين أن التواصــل عبــر البريــد‬
‫التحســن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإللكترونــي يعــدّ ســبب ًا رئيس ـ ًا فــي هــذا‬

‫مؤســس‬
‫كان تعزيــز التواصــل اإلنســاني هــو مــا دفــع بيتــر ســتيب؛ ّ‬
‫أوكــس (‪ ،)Oex Inc‬إلــى ابتــكار كامبفايــر (‪ ،)Campfire‬وهــو تطبيــق‬
‫مصمــم لتوطيــد العالقــات البشــرية باســتخدام الهواتــف‪ .‬يحاكــي‬ ‫ّ‬
‫البرنامــج تجربــة الجلــوس حــول نــار المخ ّيــم بيــن األصدقــاء (حيــث‬
‫الهواتــف علــى الطاولــة = نــار المخ ّيــم)‪ .‬يقــوم أحــد األفــراد‪ ،‬الــذي‬
‫يدعــى « ُموقــد النار»‪ ،‬بإشــعال شــرارة اللهــب األولــى‪ ،‬ويدعــو األصدقاء‬
‫اآلخريــن إلــى مــكان مــا لالســترخاء‪ ،‬والتواصــل وجه ـ ًا لوجــه‪ .‬كلمــا‬
‫طــال أمــد بقــاء هواتفكــم علــى الطاولــة‪ ،‬باتــت الشــعلة أقــوى‪ ،‬وزادت‬
‫النقــاط المكتســبة‪ .‬يشــرح بيتــر أن التطبيــق «يجعلــك تشــعر بأنــك تقضي‬
‫‪83‬‬
‫وقت ـ ًا فــي الخــارج‪ ،‬ولكــن علــى طاولــة فــي البيــت»‪.‬‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫عندمــا أطلــق بيتــر التطبيــق أول مــرة‪ ،‬أراد لــه أن يكــون وســيلة‬
‫ـمى ذلــك «اســتراحة‬ ‫لجعــل الشــباب يضعــون هواتفهــم جانبـ ًا (سـ ّ‬
‫تقانــة»)‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬أدرك بســرعة أن تلــك المقاربــة تفتقــر‬
‫إلــى البصيــرة‪ ،‬وال تنســجم مــع الهــدف األســمى لهــا‪ ،‬إيجــاد‬
‫طــرق لمســاعدة أشــخاص مــن كل األعمــار علــى التواصــل مــع‬
‫بعضهــم فــي عصــر الهاتــف الذكــي‪ ،‬الــذي تهيمــن عليــه مواقــف‬
‫«وحيــدون مع ـ ًا»‪ .‬بــدالً مــن االســتغناء عــن التّقانــة‪ ،‬أو تفاديهــا‪،‬‬
‫ـجع علــى إجــراء اتصــاالت‬ ‫ـهل‪ ،‬ويشـ ّ‬‫ـرر بيتــر إنشــاء تطبيــق يسـ ّ‬
‫قـ ّ‬
‫«مســتمرة» مــع األصدقــاء‪ ،‬وأفــراد األســرة‪ ،‬عبــر جرعــات يوميــة‬
‫مــن المكالمــات‪ ،‬مــدّ ة كل منهــا ثالثــون دقيقــة‪ ،‬علــى أن يتــم‬
‫تبــادل أطــراف الحديــث بشــأن مواقــف مــن الحيــاة العاديــة‪.‬‬
‫يصــدّ ق بيتــر أن الصــات القويــة تــؤ ّدي إلــى ديمومــة مشــاعر‬
‫الســعادة‪ ،‬وأن الروابــط الضعيفــة مهمــة أيضـ ًا؛ ألنهــا بذور وشــائج‬ ‫ّ‬
‫جديــدة‪ .‬يدافــع عــن ضــرورة التفكيــر فــي عالقاتنــا ‪ -‬بــدالً مــن‬
‫ـر‬
‫قطــع األواصــر الهزيلــة ‪ -‬فــي ســياق تنميــة التواصــل‪ ،‬وهــو أمـ ٌ‬
‫يعــدّ تحدي ـ ًا نوع ـ ًا مــا‪.‬‬

‫�ضع �أولوياتك في الطليعة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫هــل كنــت تعــرف أن ‪3=1+1‬؟ قــد يبــدو هــذا غريبــ ًا فــي الرياضيــات‪،‬‬
‫ابتي يديــك معــ ًا‪ ،‬ســترى‬
‫رأي يمكــن أن أثبتــه لــك‪ .‬إذا رفعــت ســ ّب ْ‬ ‫ولكنــه ٌ‬
‫اإلصبعيــن بوضــوح‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬إذا ّقربــت إحــدى السـ ّبابتين مــن أنفــك‪،‬‬
‫ور ّكــزت علــى اإلصبــع الــذي يتحـ ّـرك نحــوك‪ ،‬ســتبدأ رؤيــة ثــاث أصابــع‪.‬‬
‫تدعــى هــذه الحركــة الرائعــة «رؤيــة تجســيمية»‪ ،‬وتحــدث حيــن تحــاول‬
‫‪84‬‬
‫عينــاك تركيــز البصــر علــى اإلصبــع األقــرب إليــك‪ ،‬ممــا يــؤ ّدي إلــى تشــويش‬
‫كل مــا يوجــد فــي الخلفيــة‪ .‬تتغ ّيــر الرؤيــة مــن مكانيــة (رؤيــة األشــياء علــى‬
‫ـتو‪ ،‬أو أفقــي) إلــى وقتيــة (رؤيــة األشــياء نســبة إلــى المســافة)‪.‬‬‫ســطح مسـ ٍ‬

‫إنهــا التّقانــة نفســها التــي تســمح للنظــارات ثالث ّيــة األبعــاد بمنــح‬
‫عمــق للصــور المنبثقــة‪ ،‬وســتمكّن الشاشــات قريبـ ًا مــن تقديــم التأثيــر‬
‫نفســه مــن دون نظــارات باالســتفادة مــن رؤيــة تجســيمية متقدّ مــة‪.‬‬
‫ـمى أليوســكوبي (‪ )Alioscopy‬بمنافســة‬ ‫فــي الواقــع‪ ،‬فــازت شــركة تسـ ّ‬
‫االبتــكار الفرنســية العالميــة ‪ ،2030‬بتقديــم باكــورة الشاشــات ثالث ّيــة‬
‫األبعــاد مــن دون ن ّظــارات‪ .‬فــي المســتقبل القريــب‪ ،‬ســتكون اللوحــات‬
‫اإلعالنيــة وشاشــات الحواســيب أكثــر جاذبيــة‪ ،‬وســتعرض صــور ًا‬
‫تقفــز حرفي ـ ًا علينــا(‪ .)26‬شــكر ًا أيتهــا التّقانــة‪ .‬تخيفنــي مسلســات مثــل‬
‫«الموتــى الســائرون»‪ ،‬وســنرى قريب ـ ًا عروض ـ ًا مخيفــة أشــدُّ ترويع ـ ًا‪.‬‬
‫فــي ‪ ،2015‬حظيــت بفرصــة الذهــاب إلــى ميالنــو لزيــارة المعــرض‬
‫الدولــي إكســبو (‪ ،)Expo‬الــذي ُن ّظــم تحــت شــعار «تغذيــة الكوكــب‪،‬‬
‫لــدي فــي إكســبو‬
‫ّ‬ ‫المفضــل‬
‫ّ‬ ‫طاقــة مــن أجــل الحيــاة!»‪ .‬ركّــز القســم‬
‫وضــم متجــر ًا كبيــر ًا مــن المســتقبل‪ ،‬وســاقي ًا‬
‫َّ‬ ‫علــى مســتقبل الغــذاء‪،‬‬
‫آل ًّيــا‪ ،‬وحتــى مطبخــ ًا مســتقبل ًّيا‪ ،‬فيــه ثالجــة أخبرتنــي عــن نوعيــة‬
‫الطعــام الــذي يجــب أن أتناولــه بنــا ًء علــى عالماتــي الحيويــة‪ ،‬ومســح‬
‫بصمــة إصبعــي‪ .‬اختبــرت أيض ـ ًا ن ّظــارات أوكلــوس (‪ )Oculus‬للواقــع‬
‫االفتراضــي أول مــرة آنــذاك‪ ،‬واتخــذت ســبيلي فــي برنامــج أرشــدني‬
‫عبــر موســوعة ويكيبيديــا بصريــة ضخمــة مــن معلومــات التغذيــة عــن‬
‫كل شــيء صالــح لــأكل فــي مجــال رؤيتــي‪ .‬كانــت حداثــة الفكــرة‬
‫مس ـ ّلية ومغريــة جــدًّ ا‪ ،‬ولكــن عندمــا مضيــت قدم ـ ًا فــي ذلــك العالــم‪،‬‬
‫صــرت أقــل إدراك ًا لمــا يجــري فــي العالــم الخارجــي الحقيقــي‪ .‬كان‬
‫الحصــول علــى تلــك المعلومــات علــى حســاب تقديــري لذاتــي‪،‬‬
‫‪85‬‬
‫ـي أمــام العا ّمــة‪ ،‬وأنــا أضــع‬
‫وجعلنــي مرتاحــة جــدًّ ا‪ ،‬فــي التلويــح بذراعـ ِّ‬
‫تلــك النظــارة الضخمــة‪ .‬اختفــى اإلدراك الذاتــي؛ ألن الوعــي بشــأن‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫العالــم حولــي تالشــى تمام ـ ًا‪ .‬علــى الرغــم مــن أن تجربــة مثــل هــذه‬
‫قــد تكــون ممتعــة وقتـ ًا قصيــر ًا‪ ،‬إال أننــي لــم أرغــب فــي نهايــة المطــاف‬
‫فــي الحفــاظ علــى وعيــي فقــط‪ ،‬وإنمــا أســتخدم التّقانــة لزيــادة ذلــك‬
‫الوعــي‪ ،‬وفهــم العالــم أيض ـ ًا‪ .‬إلنجــاز ذلــك‪ ،‬ينبغــي أن أحافــظ علــى‬
‫تركيــزي بمواجهــة عوامــل اإللهــاء‪ ،‬وســيتط ّلب هــذا العمــل منــي وضــع‬
‫الصحيــة لتفاعلــي مــع التّقانــة فــي المســتقبل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بعــض الحــدود‬

‫�صح ّية‬
‫و�ضع حدود ّ‬
‫ٍ‬
‫شــق فــي‬ ‫تغمــر التّقانــة كل مناحــي حياتنــا‪ ،‬وتتدّ فــق عبــر كل‬
‫منازلنــا‪ ،‬ممــا يص ّعــب علينــا أن نر ّكــز علــى أشــياء أخــرى‪ .‬نتذبــذب‬
‫بيــن االنشــغال المســتمر بالتّقانــة‪ ،‬والرغبــة فــي فــك االرتبــاط تمام ـ ًا‬
‫عنهــا‪ .‬لكــن هنــاك خيــار ثالــث‪ ،‬ويتم ّثــل فــي تع ّلــم ترســيم حــدود‬
‫واضحــة فــي حياتنا‪ .‬هنــاك قــول مأثــور‪« :‬األســوار المتينة تعنــي جيران ًا‬
‫صالحيــن»‪ .‬عندمــا تضــع حــدود ًا مالئمــة الســتخدامك التّقانــة‪ ،‬تصبح‬
‫ا أفضــل فــي العمــل‪ ،‬وفــرد ًا صالحـ ًا مــن األســرة (وتمنعــك مــن‬ ‫زميـ ً‬
‫التلويــح بيديــك أمــام المــأ)‪.‬‬

‫اقتراحات قد تجعلك �أكثر �سعادة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫‪.1‬إغــاق التنبيهــات‪ .‬كتــب طونــي شــوارتز وجــان غوميــز‬
‫فــي كتابهمــا المعنــون بـــ «الطريقــة التــي نعمــل بهــا ال‬
‫ـد منــا بذخيــرة مــن اإلرادة‬ ‫تجــدي نفع ـ ًا»‪« :‬يحتفــظ كل واحـ ٍ‬
‫أي عمــل ينطــوي علــى تنظيــم‬ ‫واالنضبــاط‪ ،‬التــي يســتنزفها ّ‬
‫واع للــذات‪ ،‬ســوا ًء أكان االمتنــاع عــن تنــاول الحلــوى‪ ،‬أو‬ ‫‪86‬‬

‫حــل أحجيــة‪ ،‬أو القيــام بــأي شــيء آخــر يتط ّلــب جهــد ًا»‪ .‬إذا‬
‫ـوى خارقــة لمقاومــة أصــوات إشــعارات‬ ‫لــم تكــن تتم ّتــع بقـ ً‬
‫جــرى تصميمهمــا بمهــارة لتلفــت انتباهــك مهمــا ك ّلــف‬
‫ـد لنفســك معروفـ ًا‪ ،‬وأغلــق أكبــر عـ ٍ‬
‫ـدد ممكـ ٍ‬
‫ـن مــن‬ ‫األمــر‪ ،‬أسـ ِ‬
‫ٍ‬
‫أفــراد‬ ‫التنبيهــات‪ .‬فــي دراســة حديثــة‪ ،‬طلــب باحثــون مــن‬
‫ـغيل إشــعارات هواتفهــم‪ ،‬وإبقاءهــا فــي متنــاول أيديهــم‬ ‫تشـ َ‬
‫مــدة أســبوع واحــد‪ .‬فــي األســبوع اآلتــي‪ ،‬طلبــوا مــن هــؤالء‬
‫األشــخاص أنفســهم إغــاق تلــك اإلشــعارات‪ ،‬وإبعــاد‬
‫هواتفهــم عــن مرمــى أبصارهــم(‪ .)27‬وجــدت الدراســة أن‬
‫مســتويات الســهو‪ ،‬وفــرط النشــاط‪ ،‬قــد ارتفعــت لــدى هــؤالء‬
‫األفــراد فــي أثنــاء تل ّقــي هواتفهــم تلــك اإلشــعارات‪ ،‬ممــا‬
‫يشــير بالتالــي إلــى انخفــاض اإلنتاج ّيــة‪ ،‬والســامة النفســية‪.‬‬
‫‪.2‬الحــد مــن تف ّقــد مصــادر معلوماتــك‪ .‬خ ّفــف عــدد مــرات‬
‫تل ّقــي المعلومــات (بريــد إلكترونــي‪ ،‬وســائل تواصــل‬
‫ٍ‬
‫ثــاث فقــط فــي اليــوم‪.‬‬ ‫اجتماعــي‪ ،‬أخبــار‪ ،‬رياضــة) إلــى‬
‫وجــدت دراســة حديثــة أن الحــدَّ مــن التو ّثــق مــن البريــد‬
‫اإللكترونــي يخفــض التوتــر كثيــر ًا‪ ،‬ممــا يــؤ ّدي فــي نهايــة‬
‫المطــاف إلــى زيــادة تقديــر الــذات‪ ،‬والترابــط االجتماعــي‪،‬‬
‫وحتــى جــودة النــوم(‪.)28‬‬
‫‪.3‬منــح الدمــاغ وقتــ ًا لتثبيــت المعلومــات‪ .‬تســتفيد أدمغتنــا‬
‫مــن أوقــات الراحــة لتثبيــت وترســيخ كل المعلومــات التــي‬
‫تلقيناهــا فــي أثنــاء اليــوم‪ .‬إذا امتــأ كل وقــت فراغنــا بأعمــال‬
‫رقم ّيــة (تص ّفــح فيســبوك‪ ،‬الكتابــة علــى أنســتغرام‪ ،‬ممارســة‬
‫ألعــاب علــى هواتفنــا‪ ،‬أو حتــى قــراءة كتــب إلكترونيــة)‪ ،‬لــن‬
‫‪87‬‬ ‫يكــون لــدى الدمــاغ وقــت لمعالجــة المعلومــات الــواردة مــن‬
‫العالــم الخارجــي‪ ،‬وتثبيتهــا‪ ،‬وتكويــن ذكريــات طويلــة األمد‪.‬‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫ـي تــوم غيبســون‪« :‬يجــب أن نفهم‬ ‫الرقمـ ّ‬


‫ـتراتيجي ّ‬
‫ّ‬ ‫يكتــب االسـ‬
‫أن «الشــغل» مســتحيل مــن دون «اســتراحة»‪ ،‬وأن الوقــت‬
‫بيــن االثنيــن ينبغــي أن يكــون قصيــر ًا‪ :‬مثــل د ّقــات قلــب‪ ،‬أو‬
‫خطــوات عــدّ اء»(‪ .)29‬بــدالً مــن هــذا‪ ،‬جـ ّـرب أن تمنــح دماغــك‬
‫ـتراحات خاليــة مــن األجهــزة‪ ،‬لمســاعدته علــى اســتعادة‬ ‫ٍ‬ ‫اسـ‬
‫نشــاطه (قبــل النــوم‪ ،‬بعــد االســتيقاظ مباشــرة‪ ،‬عنــد القيــام‬
‫بنزهــة‪ ،‬أو حتــى فــي أثنــاء اللعــب)‪ ،‬وقدرتــه علــى التركيــز‪.‬‬
‫نصحــت مؤسســة النــوم الوطنيــة وعيــادة مايــو أن تمتنــع عــن‬
‫الرقميــة قبــل ســاعة مــن النــوم‪ ،‬إليقــاف‬‫اســتخدام األجهــزة ّ‬
‫تحريــر النواقــل العصبيــة‪ ،‬التــي تح ّفــز دماغــك‪ ،‬وتمنعــك مــن‬
‫الشــعور باالســترخاء الــذي يحتاجــه جســمك‪.‬‬
‫‪.4‬تفعيــل التدابيــر الوقائيــة‪ .‬بالنســبة إلــى الوالديــن‪ ،‬تعــدّ‬
‫قمي‪.‬‬
‫الر ّ‬‫الخصوصيــة واألمــان قضيتيــن مهمتين فــي العصــر ّ‬
‫كانــت مراقبــة اســتخدام األطفــال لإلنترنــت ‪ -‬حتــى وقــت‬
‫قريــب ‪ -‬عمليــة مرهقــة‪ ،‬وشــائكة‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬جعلــت‬
‫رات حديثــة العهــد‪ ،‬مثــل أداة تحويــل البيانــات كيــدز‬‫ـو ٌ‬‫تطـ ّ‬
‫واي‪-‬فــاي‪ ،‬هــذه العمليــة أكثــر ســهولة(‪ .)30‬فــي دقيقتيــن‬
‫فقــط‪ ،‬يمكــن تركيــب الجهــاز لمراقبــة كل أدوات أطفالــك‬
‫اإللكترونيــة‪ ،‬والتحكّــم فيهــا‪ ،‬إضافــة إلــى تلــك التــي‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ٍ‬
‫أوقــات لالتصــال‬ ‫يجلبهــا أصدقاؤهــم‪ .‬يمكنــك تحديــد‬
‫بشــبكة الواي‪-‬فــاي فــي منزلــك (فــي أثنــاء العشــاء‪ ،‬أو‬
‫أوقــات نــوم شــتّى ألوالد مختلفيــن)‪.‬‬
‫الشــخصية‬ ‫موا َطنــة رقم ّيــة مثاليــة‪ .‬حــدّ د بعــض المعاييــر ّ‬
‫‪َ .5‬‬
‫لقواعــد صارمــة مــن أجــل اســتخدام التّقانــة عنــد التفاعــل‬ ‫‪88‬‬
‫مــع آخريــن‪ :‬ارفــع بصــرك عــن حاســوبك حيــن يدخــل‬
‫شــخص الغرفــة‪ ،‬وانــزع ســماعاتك مــن أذنيــك لتلقــي عليــه‬
‫التح ّيــة‪ ،‬وأغلــق حاســوبك المحمــول فــي أثنــاء الحديــث‪.‬‬

‫نصحت مؤسسة النوم الوطنية وعيادة مايو‬


‫الرقمية قبل ساعة من النوم‪،‬‬
‫أن تمتنع عن استخدام األجهزة ّ‬
‫إليقاف تحرير النواقل العصبية‪ ،‬التي تح ّفز دماغك‪،‬‬
‫وتمنعك من الشعور باالسترخاء الذي يحتاجه جسمك‪.‬‬

‫حدد �أهدافك‬
‫ّ‬
‫إضافــة إلــى تثبيــت الحــدود والحفــاظ عليهــا‪ ،‬يمكــن أن تحدّ د أشــياء‬
‫تذ ّكــرك بصريـ ًا بأولوياتــك‪ .‬يشــرح شــون أكــور في «قبــل ّ‬
‫الســعادة»‪:‬‬
‫ير ّكــز الدمــاغ فــي عملــه علــى األهــداف‪ ،‬ويقــوم بنحــو ال إرادي‬
‫ٍ‬
‫غايــة مــا (الموعــد)‪ ،‬وإمكانيــة‬ ‫بتقديــر الوقــت الــازم لتحقيــق‬
‫إنجازهــا (حجــم الهــدف)‪ ،‬والجهــد المطلــوب (الزخــم) لذلــك ‪...‬‬
‫لكــن هــذه المتغ ّيــرات تقــوم أساسـ ًا علــى ّ‬
‫تصورنــا لتلــك المهمــة‪ .‬إذا‬
‫لــم يكــن بمقــدورك تو ّقــع المســتقبل‪ ،‬لــن تعــرف‪ ،‬علــى األرجــح‪،‬‬
‫متــى يمكــن أن تح ّقــق هدفــك‪ ،‬أو احتمـ َ‬
‫ـال إنجــازه‪ ،‬أو الجهــد الــازم‬
‫بتصــورك لموعــد إنهــاء المهمــة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لذلــك‪ .‬لكــن بمقــدورك التحكّــم‬
‫والجهــد المطلــوب للنجــاح‪.‬‬

‫أفضــل طريقــة لوضــع أولوياتــك فــي الطليعــة هــي عرضهــا بصريـ ًا‬
‫فــي مــكان تقضــي فيــه وقتـ ًا طويـاً‪ .‬قبــل بضعــة أعــوام‪ ،‬خطــر لــي أن‬
‫أدون أهدافــي‪ ،‬وأضعهــا فــي مــكان ظاهــر حق ًا فــي منزلي‪ ،‬لــذا اخترت‬ ‫ّ‬
‫جــدار ًا فــي مطبخــي‪ ،‬ودهنتــه بطــاء أســود مثــل ســبورة‪ .‬كتبــت عليــه‬
‫‪89‬‬
‫أمــر‬
‫قائمــة أهــداف أرغــب بإنجازهــا فــي الصيــف‪ ،‬وكلمــا كنــت ُّ‬
‫بجانبــه‪ ،‬أتذ ّكــر مــا أنــوي القيــام بــه‪ .‬تم ّثلــت الفائــدة اإلضافيــة لهــذا‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪1‬‬

‫العمــل فــي قيــام أفــراد أســرتي بتحديــد أهدافهــم أيضـ ًا‪ .‬بدأنــا تحميــل‬
‫بعضنــا المســؤولية عــن إنجــاز تلــك األمــور‪ .‬كانــت ابنتــي الكبــرى‬
‫تســألني كل يــوم‪« :‬هــل تع ّلمــت طريقــة الوقــوف علــى اليديــن يــا‬
‫أمــي؟»‪ ،‬ألرد‪ ،‬بانتقــاد‪« :‬ال‪ ،‬هــل ع ّلمتنــي ذلــك؟»‪ .‬مرحــى!‬

‫بــدأ حتــى الــزوار الذيــن يأتــون إلــى منزلنــا االســتفادة مــن ذلــك‪،‬‬
‫ووضعــوا قوائــم خاصــة بهــم أيضــ ًا! فــي عالمنــا المملــوء برســائل‬
‫التنبيــه واإلشــعارات الحاســوبية‪ ،‬يــؤ ّدي اللجــوء إلــى «أســلوب‬
‫قديــم»‪ ،‬وكتابــة األهــداف بنحــو ظاهــر للعيــان علــى لــوح‪ ،‬أو جــدار‪،‬‬
‫أو مــرآة‪ ،‬أو حتــى دفتــر ملحوظــات‪ ،‬إلــى زيــادة كبيــرة فــي احتمــاالت‬
‫أن تقــوم بإنجازهــا‪ .‬يقضــي وضــع أولوياتــك فــي طليعــة اهتمامــك‬
‫علــى عوامــل اإللهــاء‪ ،‬ويســاعدك فــي الحفــاظ علــى تركيــزك لتصبــح‬
‫الشــخص الــذي ترغــب بــأن تكــون عليــه‪.‬‬

‫خال�صة‬
‫علــى الرغــم مــن أن مــدة انتباهنــا قــد تكون أقــل مــن الســمكة الذهبية‪،‬‬
‫إال أن بمقدورنــا أن نتع ّلــم التخ ّلــص مــن عوامــل اإللهــاء‪ ،‬وزيــادة تركيزنــا‬
‫علــى أمــور تهمنــا فــي حياتنــا‪ .‬يســاعدنا هــذا فــي االســتفادة مــن وقتنــا‪،‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ـاط قــد نقــوم بــه(‪ .)31‬يجــب أن‬‫وجهدنــا‪ ،‬والعمــل بفاعليــة علــى أي نشـ ٍ‬
‫ّ‬
‫نســتفيد مــن الشــوكة الثالثــة لتحديــد (تأريــض) خياراتنــا بشــأن متــى؟‬
‫وأيــن؟ ولمــاذا؟ وكيــف نتعامــل مــع التّقانــة؟ ســيكون بمقدورنــا توجيــه‬
‫نشــاطنا نحــو االســتمتاع بمســتقبل أكثــر ســعادة‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫حافظ على تركيزك في غمرة التّغييربـ‪:‬‬
‫✓ ✓االســتفادة مــن «الشــوكة الثالثــة» (المبــادئ والقيــم‬
‫اإلرشــادية)‪ ،‬لتركّــز طاقاتــك‪.‬‬
‫✓ ✓التخفيف من عوامل اإللهاء لزيادة اإلنتاج ّية‪.‬‬
‫✓ ✓االختيــار الفاعــل لطريقــة اســتجابتك للتقانــة‪ :‬تر ّيــث‪،‬‬
‫أو اقتنــاع‪ ،‬أو ريــادة‪.‬‬
‫✓ ✓فهم نوايا اآلخرين‪ ،‬إضافة إلى تحديد أهدافك‪.‬‬
‫✓ ✓التركيــز علــى االنســجام مــع اآلخريــن‪ ،‬ال العزلــة‬
‫عنهــم‪.‬‬
‫✓ ✓وضع أولوياتك في طليعة اهتمامك‪.‬‬
‫✓ ✓عرض أهدافك في مكان ظاهر للعيان‪.‬‬
‫االستراتيجية رقم ‪2‬‬
‫تع ّرف إلى ذاتك‬
‫كيف ي�ساعد تقويمك لنف�سك‬
‫�إلى التخ ّل�ص من العوائق التي‬
‫تعتر�ض ثقتك ب�إمكاناتك‬

‫‪91‬‬
‫فــي اليونــان القديمــة‪ ،‬صــدّ ق الفالســفة بقــوة أن معرفــة الــذات هي‬
‫مفتــاح االســتفادة مــن اإلمكانــات البشــرية‪ ،‬فنقشــوا عبــارة «اعــرف‬
‫المبجــل‪ .‬منــذ ذلــك الوقــت‪ ،‬أمعــن‬
‫ّ‬ ‫نفســك» علــى جــدار معبــد أبولــو‬
‫فالســفة‪ ،‬ورجــال ديــن‪ ،‬وك ّتــاب‪ ،‬علــى حــدٍّ ســواء‪ ،‬التفكير فــي طبيعة‬
‫البشــرية‪ ،‬وإحساســنا بذاتنــا‪ .‬مــا هــي طبيعــة البشــر؟ كيــف يختبــر‬
‫البشــر األلــم؟ مــا هــي المشــاعر‪ ،‬ولمــاذا تنتابنــا؟ حتــى وقــت قريــب‪،‬‬
‫جــاءت معظــم االســتنتاجات مــن ملحوظــات خارجيــة‪ ،‬أو عمليــات‬
‫تف ّكــر‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬نمتلــك القــدرة اآلن ‪ -‬بفضــل التّقانــة ‪ -‬علــى‬
‫ربــط عالمينــا الخارجــي والداخلــي بطــرق لــم يكــن بمقدور ســقراط‪،‬‬
‫أو أفالطــون‪ ،‬تخ ّيلهــا‪.‬‬
‫تطورنــا مــن اســتخدام خواتــم عديمــة القيمــة لتحســين‬ ‫لقــد ّ‬
‫المــزاج‪ ،‬إلــى الكشــف عــن حالنــا الوجدانيــة‪ ،‬إلــى امتــاك تقانــة‬
‫حقيقيــة لفهــم مــا يجــري داخــل أجســادنا علــى مســتوى فكــري‪،‬‬
‫وعاطفــي‪ ،‬وحتــى جزيئــي(‪ .)1‬نحــن نشــهد حقبــة جديــدة يســتطيع‬
‫النّــاس فيهــا الحصــول علــى صــورة شــخصية‪ ،‬ولحظيــة‪ ،‬لمــا يوجــد‬
‫داخــل أجســادهم مــن أعضــاء‪ ،‬خاليــا‪ ،‬حمــض نــووي‪ ،‬وعالــم كامــل‬
‫مــن جزيئــات أعضــاء صغيــرة أخــرى‪ .‬بــات بمقدورنــا ‪ -‬باســتخدام‬
‫ا فــي الدمــاغ‪ ،‬لرؤيــة‬ ‫التصويــر بالرنيــن المغناطيســي ‪ -‬التحديــق فع ـ ً‬
‫كيــف تؤ ّثــر مح ّفـ ٌ‬
‫ـزات مثــل التو ّتــر علــى اتخــاذ القــرار‪ ،‬وأ ُّيهــا تــؤ ّدي‬
‫إلــى اســتجابات فيزيولوجيــة‪ ،‬مثــل زيــادة معــدّ ل خفقــان القلــب‪،‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫والتعــرق‪ ،‬والصــداع‪.‬‬
‫ّ‬

‫تطورنا من استخدام خواتم عديمة القيمة لتحسين‬


‫لقد ّ‬
‫المزاج‪ ،‬إلى الكشف عن حالنا الوجدانية‪ ،‬إلى امتالك‬
‫تقانة حقيقية لفهم ما يجري داخل أجسادنا على مستوى‬
‫‪92‬‬
‫فكري‪ ،‬وعاطفي‪ ،‬وحتى جزيئي‪.‬‬

‫لقــد ســاعدَ نَا العلــم فــي فهــم بعض نتائــج المح ّفــزات الســلب ّية‪،‬‬
‫ويفيدنــا حاليــ ًا فــي إدراك تأثيــرات المن ّبهــات اإليجاب ّيــة أيضــ ًا‪.‬‬
‫علــى ســبيل المثــال‪ ،‬صــار الرياضيــون اليــوم أضخــم‪ ،‬وأقــوى‪،‬‬
‫وأســرع مــن قبــل؛ ألنهــم قــد تع ّلمــوا شــحذ أبدانهــم‪ ،‬وأذهانهــم‪،‬‬
‫لالســتفادة المثلــى مــن إمكاناتهــم‪ .‬مــاذا لــو قمنــا بتبنّــي ذلــك‬
‫اإلصــرار واالنضبــاط نفســه لتطويــر عقولنــا‪ ،‬مــن مســتوى‬
‫عصبــون (خليــة عصبيــة)‪ ،‬إلــى مســتوى نظــام عصبــي بأكملــه؟‬
‫تمنحــك معرفــة الــذات قــوة كبيــرة‪ .‬فــي هــذه االســتراتيجية‬
‫الثانيــة‪ ،‬ســأعرض عليكــم كيــف يمكــن للتقانــة مســاعدتكم فــي‬
‫فهــم إمكاناتكــم بمنحكــم بيانــات دقيقــة عــن عاداتكــم‪ ،‬ومــن َثـ ّ‬
‫ـم‬
‫اســتخدام تلــك المعلومــات لتعزيــز ســامتكم‪.‬‬
‫التحدي‪:‬‬
‫ّ‬
‫تعرف �إىل العوائق التي تعرت�ض طريقك‬
‫ّ‬
‫علــى الرغــم مــن كوننــا بشــر ًا واســعي المعرفــة حالي ـ ًا‪ ،‬إال أننــا جميع ـ ًا‬
‫نتخــذ قــرارات غيــر مالئمــة مــن وقــت إلــى آخــر؛ قــرارات تعــوق اســتغاللنا‬
‫ألقصــى إمكاناتنــا‪ .‬يعــزى الســبب إلــى أننــا نفتقــر غالبــ ًا إلــى المعرفــة‬
‫عمــا يعــد‬
‫األساس ـ ّية بأنفســنا‪ ،‬والتــي تجعــل عقلنــا يش ـكّل نمــاذج مالئمــة ّ‬
‫ا جيــد ًا‪ ،‬أو س ـ ّيئ ًا‪ ،‬بالنســبة إلينــا‪.‬‬
‫عم ـ ً‬
‫المشــكلة أنــه تكــون لدينــا أحيانــ ًا معلومــات نظــ ُّن أنهــا كافيــة‬
‫لتمحيــص فكــرة مــا كمــا ينبغــي‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬عندمــا ننظــر إلــى‬
‫ٍ‬
‫فجــوات كبيــر ًة فــي عمل ّيــة تفكيرنــا‪.‬‬ ‫األمــر عــن كثــب‪ ،‬نكتشــف‬
‫تُعــرف هــذه الظاهــرة باســم «خــداع الحــواف» (وهــم بصــري)‪،‬‬
‫‪93‬‬ ‫وتســتند علــى التجريبيــة (االســتدالل) عمليــات معرفيــة تســاعد‬
‫علــى إنشــاء إحســاس ســريع بالعالــم‪ ،‬علــى الرغــم مــن أنهــا قــد‬
‫تكــون مغلوطــة‪ .‬لفهــم آليــة عمــل هــذه الظاهــرة‪ ،‬ألـ ِ‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫ـق نظــرة علــى‬


‫الصــور اآلتيــة‪ .‬عندمــا تنظــر إلــى كل صــورة‪ ،‬يبــدأ دماغــك فــي‬
‫إضافــة أشــكال وخطــوط‪ ،‬يتــراءى لــك أنهــا موجــودة‪ ،‬علــى الرغــم‬
‫مــن أنهــا ليســت كذلــك فــي الواقــع‪.‬‬
‫يعمــل الدمــاغ بالطريقــة نفســها فــي كل مــرة نواجــه فيهــا تحدّ ي ـ ًا‬
‫يســجل الدمــاغ معلومــات رئيســة عــن المهمــة‪ ،‬مــن ثــم‬ ‫ّ‬ ‫جديــد ًا‪.‬‬
‫يمــأ الفجــوات بمعرفــة وهميــة (متخ ّيلــة) ‪ -‬قــد تكــون دقيقــة‪ ،‬أو‬
‫ال ‪ -‬للحصــول علــى اســتنتاجات‪ .‬يتّضــح فــي معظــم الوقــت أننــا‬
‫مخطئــون تمام ـ ًا بشــأن مــا يجــري‪ .‬فــي الواقــع‪ ،‬تــراوح نســبة الخطــأ‬
‫بيــن ‪ %50‬إلــى ‪ .)3( %80‬ربمــا كنــت تفكّــر بهــذه الطريقــة بشــأن‬
‫زوجــك‪ ،‬وقــد بــات لديــك اآلن البرهــان العلمــي لهــذه المعضلــة!‬
‫لهــذا الســبب‪ ،‬يقــول علمــاء نفــس‪ ،‬وكتّــاب‪ ،‬مثــل دان أريلــي‪ ،‬إننــا‬
‫فــي الحقيقــة «غيــر منطقييــن علــى نحــو متو ّقــع» فــي عمليــة اتخــاذ‬
‫القــرار‪ .‬إذا أردت مثــاالً واقعي ـ ًا عــن طريقــة تفكيــرك علــى نحــو غيــر‬
‫منطقــي‪ ،‬اســأل والــد ًا‪ ،‬أو أخـ ًا‪ ،‬أو صديقـ ًا‪ ،‬أو حتــى حبيبـ ًا ســابق ًا‪ ،‬عــن‬
‫أي واحــد منهــم ســيكون ســعيد ًا بتزويــدك بقائمة‬ ‫ذلــك‪ .‬أنــا واثقــة بــأن ّ‬
‫تفصيليــة مــن األمثلــة‪( .‬ال تســأل نصفــك اآلخــر‪ ،‬ومــن األفضــل أن‬
‫تتركها‪/‬تتركيــه يصــدّ ق أنــك تظــن أنها‪/‬أنــه عقالنــي دائمــ ًا)‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫‪94‬‬

‫(‪)2‬‬
‫حواف خادعة ر�سمها بيتر هيرمز فوريان ‪� /‬شتر�ستوك‬

‫إذا أردنــا أن نتع ّلــم حقــ ًا التغ ّلــب علــى التحدّ يــات‪ ،‬واالســتفادة‬
‫المثلــى مــن إمكاناتنــا‪ ،‬يجــب أن نكتشــف كيــف نم ّيــز المعرفــة‬
‫الوهميــة فــي بيئتنــا‪ ،‬التــي تعــوق رأينــا الســديد‪ .‬يمكــن أن نبــدأ آنــذاك‬
‫فقــط فــي إعــادة تأطيــر عمليــات تفكيرنــا‪ ،‬لنســتطيع الشــروع فــي مــلء‬
‫الفجــوات حيــث نحتــاج إلــى مزيــد مــن الحقائــق‪ ،‬والمعلومــات‪،‬‬
‫التــي تجعلنــا نتخــذ قــرارات أكثــر حكمــة‪ .‬لشــرح الــدور الــذي تلعبــه‬
‫ـأقص عليكــم قصــة‪:‬‬
‫المعرفــة الوهميــة فــي حياتنــا‪ ،‬سـ ُّ‬
‫قبــل عاميــن‪ ،‬دعتنــي مجموعــة مــن الصديقــات إلــى االشــتراك‬
‫معهــن فــي ســباق نصــف الماراثــون فــي آوتربانكــس‪ .‬علــى الرغــم‬
‫مــن أننــي قــد كرهــت الجــري دائم ـ ًا‪ ،‬إال أننــي ظننــت أن المشــي لــن‬
‫ا إلــى قضــاء‬ ‫يكــون ســيئ ًا جــدًّ ا‪ .‬أضــف إلــى ذلــك‪ ،‬كنــت أتــوق فع ـ ً‬
‫عطلــة نهايــة أســبوع مــع الفتيــات‪ ،‬لــذا وافقــت مــن غيــر أن أمعــن‬
‫التفكيــر فــي األمــر‪ .‬بعــد أســبوع مــن التدريــب‪ ،‬قـ ّـررت «صديقاتــي»‬
‫أننــا يجــب أن نركــض فــي الســباق‪ ،‬بــدالً مــن المشــي‪ .‬مــاذا؟ شــعرت‬
‫بالفــزع‪ .‬لــم أكــن قــد ركضــت أكثــر مــن ميــل واحــد ســابق ًا‪ .‬فــي‬
‫المدرســة االبتدائيــة‪ ،‬عندمــا كنــت فــي الخامســة مــن العمــر‪ ،‬طلبــوا‬
‫ا واحــد ًا‪ ،‬وبعــد قطــع ربــع المســافة تقريبــ ًا‪،‬‬
‫منــي أن أركــض ميــ ً‬
‫كــدت أنهــار؛ ألننــي لــم أســتطع التن ّفــس‪ .‬منــذ ذلــك الوقــت‪ ،‬رفضــت‬
‫الجــري مهمــا ك ّلــف األمــر‪.‬‬
‫لكــن كانــت تلــك حجــر عثــرة ‪ -‬كمــا أفهــم األمــر اآلن ‪ -‬تســتند علــى‬
‫معلومــة واحــدة فقــط‪ :‬صعوبــة التن ّفس بعمــر الخامســة‪ .‬لم أعــرف إن كانت‬
‫‪95‬‬ ‫ـخصها‬ ‫تلــك نوبــة ربــو‪ ،‬أو أننــي قــد ولــدت برئــة واحــدة (حالــة لــم يشـ ّ‬
‫أي طبيــب فــي حياتــي)‪ ،‬أو أن ذلــك لــم يحــدث بســبب الركــض‪ .‬بــدأت‬ ‫ّ‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫تســجيل بيانــات محاولــة الجــري مجــدد ًا‪ ،‬باســتخدام تطبيــق ماب‪-‬مــاي‪-‬‬


‫َرن (‪ ،)MapMyRun‬الــذي حــدّ د موقعــي جغرافي ـ ًا فــي أول خمــس دقائــق‬
‫حصــة تدريــب لــي‪ ،‬الحظــت أننــي بــدأت‬ ‫مــن الركــض‪ .‬فــي أثنــاء أول ّ‬
‫ـجلت أيض ـ ًا‬
‫أتن ّفــس بصعوبــة عنــد ‪ 0.39‬ميــل (عنــد الدقيقــة الرابعــة)‪ .‬سـ ّ‬
‫طــول المــدة التــي قضيتهــا الســتعادة تن ّفســي الطبيعــي (ســت دقائــق)‪،‬‬
‫ـي‪ ،‬ومعــدل ضربــات قلبــي‪ ،‬واألحــوال الجويــة التــي‬ ‫وكيــف أشــعر بقدمـ َّ‬
‫أركــض فيهــا‪ .‬حاولــت ثانيـ ًة بعــد يوميــن‪ ،‬وركضــت الوقــت نفســه قبــل أن‬
‫ـجلت تلــك المعلومــات‪ .‬مــن ثــم فــي الجوالت‬ ‫تصبــح أنفاســي ثقيلــة‪ ،‬وسـ ّ‬
‫القليلــة اآلتيــة‪ ،‬بــدأ وقــت الجــري يطــول‪ ،‬وســرعتي تــزداد‪ ،‬وتن ّفســي يعــود‬
‫إلــى طبيعتــه فــي وقــت أقصــر‪ .‬امتلكــت فجــأة المعرفــة الحقيقيــة‪ :‬يمكننــي‬
‫الجــري أربــع دقائــق علــى األقــل مــن دون صعوبــة فــي التن ّفــس ‪ ،‬لكــن لــم‬
‫تكــن قدرتــي الكاملــة معروفــة بعــد‪.‬‬
‫بعــد ســتة أســابيع (فــي منتصــف مــدة تدريبــي)‪ ،‬تخ ّيلــوا أننــي‬
‫ركضــت خمســة أميــال فــي الجبــال‪ ،‬حيــن كنــت أقضــي إجازتــي‪.‬‬
‫ـول بيــن عشــية وضحاهــا‪،‬‬ ‫نعــم‪ ،‬هــذا صحيــح‪ .‬لــم يحــدث هــذا التحـ ّ‬
‫وقــد تط ّلــب مجموعــة مــن المعــارك الصغيــرة‪ ،‬والقــرارات الشــجاعة‪،‬‬
‫التــي جعلتنــي أعيــد التفكيــر فيمــا ظننــت أننــي كنــت أعرفــه عــن‬
‫نفســي‪ .‬بحلــول نهايــة وقــت التدريــب‪ ،‬وجــدت نفســي أنطلــق‬
‫مســرعة إلــى خــط نهايــة نصــف الماراثــون‪ ،‬واجتــاز مســافة ‪ 13.1‬ميــل‬
‫مــن دون توقــف!‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الفــذ إحــدى مح ّطــات الفخــر فــي حياتــي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يم ّثــل هــذا اإلنجــاز‬
‫ال ألننــي أنهيــت الســباق فقــط‪ ،‬وإنمــا ألننــي تغ ّلبــت علــى عقبــة‬
‫كــؤود قــد عانيــت منهــا طــوال أعــوام أيض ـ ًا‪ .‬غ ّيــر تقويمــي اإليجابـ ّ‬
‫ـي‬
‫لســلوكي‪ ،‬وحصولــي علــى مجموعــة‪ ،‬أو اثنتيــن‪ ،‬مــن البيانــات كل‬
‫شــيء فــي حياتــي‪.‬‬ ‫‪96‬‬

‫وتشــوه‬
‫ِّ‬ ‫تهــدّ د المعرفــة الوهميــة بعرقلــة عمليــة صنــع القــرار‪،‬‬
‫تصورنــا للحقيقــة‪ .‬تتــوارى هــذه األفــكار الهدّ امــة فــي أصغــر األفكار‪،‬‬
‫ّ‬
‫وأكثرهــا عزلــة فــي أذهاننــا‪ ،‬وفــي همســات الكــذب داخــل عقولنــا‪،‬‬
‫وبــذور الشــك المنتشــرة فــي كل مــكان‪ ،‬وتعوقنــا عــن االســتفادة مــن‬
‫كل إمكاناتنــا‪ .‬إن أهــم عامــل فــي اتخــاذ قــرارات أفضــل هــو قضــاء‬
‫ـون البيئــة المحيطة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وقــت كاف للتفكيــر بإمعــان فــي التفاصيــل التــي تكـ ّ‬
‫بنــا‪ .‬لقــد ســمعت علــى األرجــح بهــذه العبــارة‪« :‬مــن الصعــب رؤيــة‬
‫الغابــة بســبب األشــجار»‪ .‬يســتحق األمــر التوقــف قلي ـ ً‬
‫ا لنــدرك أنــه‬
‫لــن تكــون هنــاك غابــة مــن دون أشــجار‪.‬‬

‫وتشوه‬
‫ِّ‬ ‫تهدّ د المعرفة الوهمية بعرقلة عملية صنع القرار‪،‬‬
‫تصورنا للحقيقة‪.‬‬
‫ّ‬
‫نعـ ّـرف التفــاؤل فــي جود‪-‬ثنــك بأنــه «التصديــق بــأن ســلوكنا مهم»‪.‬‬
‫عندمــا نتشـ ّبث بهــذه الفكــرة‪ ،‬نبــدأ التح ّكــم بتلــك اللحظــات الصغيرة‪،‬‬
‫مدركيــن أنهــا ليســت مجــرد أفــكار عابــرة‪ ،‬وإنمــا خيــارات حاســمة‬
‫ُكــون مســتقبلنا‪ .‬يصيــر التّغييرمســتحي ً‬
‫ال مــن الناحيــة الفعليــة‪ ،‬حتــى‬ ‫ت ّ‬
‫تصــدّ ق أن ســلوكك ُيحــدث فرقــ ًا‪ .‬تحظــى بفرصــة كل يــوم التخــاذ‬
‫قــرار فاعــل بــأن ســلوكك مهــم فعـاً‪ ،‬مــن أجــل نجاحــك وســعادتك‪،‬‬
‫ليــس فــي المســتقبل البعيــد‪ ،‬وإنمــا حــاالً‪ ،‬وهنــا فــي حياتــك‪.‬‬

‫نعرف التفاؤل في جود‪-‬ثنك بأنه «التصديق بأن سلوكنا مهم»‪.‬‬


‫ّ‬
‫عندما نتش ّبث بهذه الفكرة‪ ،‬نبدأ التحكّم بتلك اللحظات‬
‫الصغيرة‪ ،‬مدركين أنها ليست مجرد أفكار عابرة‪ ،‬وإنما‬
‫ال من‬‫ُكون مستقبلنا‪ .‬يصير التّغييرمستحي ً‬
‫خيارات حاسمة ت ّ‬
‫الناحية الفعلية‪ ،‬حتى تصدّ ق أن سلوكك ُيحدث فرق ًا‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫اال�سرتاتيج ّية‪:‬‬
‫االهتمام بقراراتك امل�ص ّغرة‬
‫تبــادل أفــراد أســرتي‪ ،‬بمــرور الســنين‪ ،‬المــزاح بشــأن ح ّبــي‬
‫لجــداول برنامــج إكســل‪« .‬مرحبـ ًا إيمــي‪ ،‬ســنذهب إلــى دار العــرض‪،‬‬
‫هــل تريديــن تنظيــم جــدول بشــأن مــا ســنراه؟»‪ .‬مــن اإلنصــاف‬
‫القــول إننــي قــد كســبت هــذه الســمعة عبــر اســتخدامي للجــداول‬
‫ـول فــي حياتــي‪ ،‬وفيهــا إمكانيــة‬ ‫اإللكترونيــة فــي تقويــم كل نقطــة تحـ ّ‬
‫الــزواج‪ ،‬أو تغييــر مهنتــي‪ ،‬أو االنتقــال‪ ،‬أو حتــى إنجــاب طفــل ثالــث‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن هــذا أبـ ّـرر قضــاء ســاعات ال تُحصــى فــي المثابــرة‬
‫مهــم جــدًّ ا!»‪.‬‬ ‫«قــرار‬ ‫ٍ‬
‫واحــد منهــا‬ ‫علــى تلــك الخيــارات بــأن كل‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫علــى كل حــال‪ ،‬عندمــا يتع ّلــق األمــر بالقــرارات الصغيــرة فــي‬
‫بســرعة عــادة‪ .‬بوصفــي أ ًّمــا عاملــ ًة أعتنــي بثــاث‬ ‫ٍ‬ ‫حياتــي‪ ،‬أتخذهــا‬
‫ـي‪ ،‬ممــا يعنــي أن عمليــة‬ ‫بنــات وكلبيــن‪ ،‬أبــدأ يومــي غالبـ ًا مثــل ط ّيــار آلـ ّ‬
‫صنعــي للقــرار تتــم علــى مســار قــد ال يكــون األمثــل لوقتــي‪ ،‬أو طاقتي‪.‬‬
‫ـرارات مص ّغــر ًة بشــأن تأجيــل أعمــال مع ّينــة‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫أتخــذ بنحــو تلقائــي قـ‬
‫ـة هاتفيـ ٍ‬
‫ـة‪،‬‬ ‫التخ ّلــف عــن الحصــة التّدريبيــة مجــدد ًا‪ ،‬أو الــرد علــى مكالمـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الســماح لبناتــي بمشــاهدة برنامــج آخــر ألتم ّكــن مــن إنجــاز مــا أريــد‬ ‫أو ّ‬
‫القيــام بــه‪ .‬أفعــل هــذا مــن دون أن آخــذ بالحســبان التّأثيــرات المتداخلــة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الصغيــرة فــي حياتــي‪ .‬أدعــو هــذه اإلجــراءات بـــ‬ ‫لتلــك القــرارات ّ‬
‫«خيــارات مص ّغــرة»‪ ،‬وتعــدُّ َلبِنــات بنــاء العــادات‪ .‬تكــون الخيــارات‬
‫المص ّغــرة الســبب فــي انحــدارك الزلــق علــى ســفح جبــل‪ ،‬أو الصخــرة‬
‫التــي تمنحــك موطــئ قــدم ثابــت لمواصلــة تس ـ ّلق المرتفــع‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫تكون الخيارات المصغّرة السبب في انحدارك الزلق على‬
‫سفح جبل‪ ،‬أو الصخرة التي تمنحك موطئ قدم ثابت‬
‫لمواصلة تس ّلق المرتفع‪.‬‬

‫ـارة‪ ،‬أكبــر‬ ‫ٍ‬


‫الصغيــرة‪ ،‬التــي تبــدو غيــر مترابطــة أو ضـ ّ‬
‫تعــدُّ هــذه القــرارات ّ‬
‫العقبــات أمــام إنتاج ّيتنــا‪ ،‬وســعادتنا أيضـ ًا فــي نهايــة المطــاف‪ .‬يصــف ليــس‬
‫مكيــون؛ الرئيــس التنفيــذي لشــركة بريدكتابــل َسكســيس (‪Predictable‬‬
‫‪ ،)Success‬القــرارات المص ّغــرة بأنهــا «العامــل المهــم الــذي نتجاهلــه مــن‬
‫مدونتــه لموقــع «إنك‪.‬كــم» يشــرح أنّــه‬‫أجــل إدارة شــركة ناجحــة»‪ .‬فــي ّ‬
‫الصغيــرة التــي يتّخذهــا صغــار‬‫الشــركات مــن خــال القــرارات ّ‬ ‫ـوم غالبـ ًا ّ‬
‫ُي َقـ ّ‬
‫الموظفيــن‪ :‬االبتســامة‪ ،‬والنظــر إلــى العينيــن‪ ،‬واالهتمــام بالتفاصيــل‪،‬‬
‫وحضورهــم إلــى العمــل فــي الوقــت المحــدّ د‪ .‬يتخــذ الموظــف العــادي‬
‫بيــن ‪ 25‬و‪ 30‬قــرارا مص ّغــرا كل يــوم‪ .‬يضيــف مكويــن بلغــة األرقــام‪« :‬بالنســبة‬
‫إلــى شــركة يعمــل بهــا ‪ 10‬موظفيــن فقــط‪ ،‬هــذا يعنــي شــيئ ًا بيــن ‪300-250‬‬
‫حالــة نجاح‪-‬أو‪-‬فشــل تجــري كل يــوم‪ .‬إذا ُن ِّفــذت معظمهــا علــى النّحــو‬
‫الصحيــح‪ ،‬ســتكون مــن الرابحيــن؛ أمــا إذا فشــلت فــي ذلــك‪ ،‬فستخســر»(‪.)4‬‬
‫ّ‬
‫تبــدو القــرارات المص ّغــرة منفصلــة غالبـ ًا عــن النّزعــات األوســع انتشــار ًا؛‬
‫ألننــا نقنــع أنفســنا أنّهــا صغيــرة جــدًّ ا في ســياق أمــور أكبــر كثيــر ًا‪ ،‬وال تُحدث‬
‫فرق ـ ًا‪ .‬ال تكــون أكبــر القــرارات التــي نواجههــا فــي الحيــاة أحداث ـ ًا منعزلــة‬
‫ـلة مــن الخطــوات الصغيــرة‪ ،‬التــي نقــوم بهــا‬ ‫أبــد ًا‪ ،‬وإنمــا تتكــون عبــر سلسـ ٍ‬
‫ّ‬
‫ـعوري‪ ..‬يعـ ّـرف مالكولــم غالدويــل‬‫ـو واعٍ‪ ،‬أو الشـ ّ‬ ‫بمــرور الوقــت‪ ،‬ســوا ًء بنحـ ٍ‬
‫الســحر ّية‬
‫هــذا التّأثيــر التّراكمــي علــى أنــه «نقطــة ال ّتــوازن»‪ ،‬أو تلــك اللحظــة ّ‬
‫ـي العتبــة‪ ،‬أو الحــدّ ‪،‬‬
‫التــي تتجــاوز فيهــا فكــرة‪ ،‬أو نزعــة‪ ،‬أو ســلوك اجتماعـ ّ‬
‫ـار فــي الهشــيم(‪ .)5‬مثــل تأثيــر الفراشــة (يقــال إن جنــاح فراشــة‬ ‫وتنتشــر مثــل نـ ٍ‬
‫يخفــق فــي إحــدى جوانــب العالــم يمكــن أن ُيحــدث تغييــر ًا علــى الطــرف‬
‫‪99‬‬ ‫اآلخــر مــن الكــرة األرضيــة)‪ ،‬يكــون للقــرارات المص ّغــرة تأثيــر تراكمــي‬
‫توجههــا‪ ،‬ويش ـكّل بفاعليــة بيئــة مســتقبلنا(‪.)6‬‬ ‫يحــدّ د مســار ّ‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫ال تكون أكبر القرارات التي نواجهها في الحياة أحداث ًا منعزلة‬


‫تتكون عبر سلسلة من الخطوات الصغيرة‪ ،‬التي‬ ‫أبد ًا‪ ،‬وإنما ّ‬
‫شعوري‪..‬‬
‫ّ‬ ‫سواء ٍ‬
‫بنحو واعٍ‪ ،‬أو ال‬ ‫ً‬ ‫نقوم بها بمرور الوقت‪،‬‬

‫ال يكــون لقراراتــك المص ّغــرة تأثيــر مباشــر علــى نجاحــك فقــط‪ ،‬وإنما‬
‫علــى ثقافــة مؤسســتك أيضـ ًا‪ .‬إذا كنــت بيــن الـــ‪ %87‬مــن الموظفيــن فــي‬
‫العالــم الذيــن يشــعرون بالعزلــة عــن وظائفهــم‪ ،‬يمكــن علــى األقــل أن‬
‫ترتــاح حيــن تعلــم أ ّنــك لســت الوحيــد فــي هــذا(‪ .)7‬لكــن تخ ّيــل لحظــة مــا‬
‫ســيحدث إذا بــدأ ‪ %87‬مــن العالــم برؤيــة يــوم العمــل علــى أ ّنــه سلســل ٌة‬
‫ـخصي‬
‫ٍّ‬ ‫مــن القــرارات المص ّغــرة‪ ،‬أو الفــرص المتمايــزة إلجــراء تغييــر شـ‬
‫ـي فــي حياتهــم‪ ،‬إضافـ ًة إلــى ثقافــة وبيئــة العمــل‪.‬‬
‫إيجابـ ٍّ‬
‫كيــف تؤ ّثــر قراراتــك المص ّغــرة علــى مقـ ّـر عملــك‪ ،‬أو جماعتــك‪،‬‬
‫أو أســرتك؟ هــل يح ّفــز الخــوف‪ ،‬أم الحقائــق‪ ،‬خياراتــك؟ هــل تتذ ّمــر‬
‫بشــأن بيئتــك‪ ،‬أو تعمــل لتكــون أفضــل؟ فــي هــذه االســتراتيجية‪،‬‬
‫ســأصف أربــع طــرق الســتخدام التّقانــة‪ ،‬مــن أجــل مســاعدتك فــي‬
‫االهتمــام بقراراتــك المص ّغــرة‪ ،‬واالســتفادة المثلــى مــن إمكاناتــك‪.‬‬

‫هل �أنت مالئم لهذا؟‬


‫ٍ‬
‫معــروف ّ‬ ‫ٍ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أن‬ ‫نحــو‬ ‫أعلــن الفيلســوف القديــم بروتاغــوراس علــى‬
‫كل األشــياء»‪ ،‬ولكــن قــد تكــون العبــارة األكثــر‬ ‫«اإلنســان مقيــاس ّ‬
‫انضم‬‫َّ‬ ‫ـاني»‪.‬‬
‫كل األشــياء إنسـ ٌّ‬‫انســجام ًا مــع وقتنــا الحاضــر هــي «مقيــاس ّ‬
‫آالف األشــخاص المعجبيــن بهــذه الفكــرة‪ ،‬فــي أكثــر مــن ثالثيــن بلــد ًا‬
‫الكمــي للــذات»(‪Quantified( )8‬‬ ‫إلــى حركــة إلكترونيــة تدعــى «القيــاس ّ‬
‫‪ .)Self‬يلتــزم أفــراد هــذه المجموعــة بـــ «تســجيل بياناتهــم الحيويــة»‪ ،‬أو‬ ‫‪100‬‬
‫ـم مشــاركة نتائجهــم مــع العالــم‬ ‫الشــخصية‪ ،‬ومــن َثـ َّ‬
‫تدويــن معلوماتهــم ّ‬
‫فــي محاولــة لفهــم ال ّطبيعــة البشــر ّية علــى نحــو أفضــل(‪.)9‬‬

‫ٍ‬
‫معروف‬ ‫أعلن الفيلسوف القديم بروتاغوراس على ٍ‬
‫نحو‬
‫أن «اإلنسان مقياس ّ‬
‫كل األشياء»‪ ،‬ولكن قد تكون العبارة‬
‫األكثر انسجام ًا مع وقتنا الحاضر هي «مقياس ّ‬
‫كل‬
‫إنساني»‪.‬‬
‫ٌّ‬ ‫األشياء‬

‫ـجل بياناتــه الحيو ّيــة عوض ـ ًا عــن‬


‫لكــن‪ ،‬قــد تتســاءل‪ :‬مــن سيسـ ّ‬
‫أن يعيــش اللحظــة ببســاطة؟ ر ّبمــا تندهــش حيــن تعلــم الجــواب‪:‬‬
‫دونــت تلــك المعلومــات‬ ‫ٌ‬
‫احتمــال بــأن تكــون قــد ّ‬ ‫أنــت! هنــاك‬
‫فــي نمــوذج أو آخــر‪ ،‬فــي إحــدى مراحــل حياتــك‪ ،‬باســتخدام‬
‫ســاعة رياضيــة‪ ،‬أو عــدّ اد خطــا‪ ،‬أو جهــاز رشــاقة‪ ،‬أو حتّــى آي‪-‬‬
‫فــون ‪ -‬إنــه يعــدُّ الخطــوات اآلن! وفقــ ًا لدراســة أجراهــا معهــد‬
‫بيــو عــن اإلنترنــت‪ ،‬يقيــس ‪ %69‬مــن األمريكييــن مؤشــر ًا واحــد ًا‬
‫بالصحــة باســتعمال وســائل إلكترونيــة‪ ،‬وهــو‬ ‫ّ‬ ‫علــى األقـ ّ‬
‫ـل مرتبط ـ ًا‬
‫رقــم يرتفــع بســرعة(‪ .)10‬علــى الرغــم مــن أن تســجيل البيانــات‬
‫الشــخص ّية‪،‬‬ ‫الصحــة ّ‬
‫ّ‬ ‫الحيو ّيــة يســتخدم علــى نطـ ٍ‬
‫ـاق واسـ ٍع لمراقبــة‬
‫إال أنــه يمكــن االســتفادة مــن ذلــك لقيــاس جــودة الهــواء (تطبيــق‬
‫كوتــو ‪ ،)Koto Air‬أو اســتهالك ال ّطاقــة (تطبيــق نيســت ‪ ،)Nest‬أو‬
‫الذكريــات (ســبكتاكلز ‪ Spectacles‬مــن ســناب شــات)‪ .‬يعــدُّ‬ ‫ح ّتــى ّ‬
‫ـرد طريقة لدراســة نفســك‪،‬‬ ‫تســجيل البيانــات الحيو ّيــة‪ ،‬بإيجــاز‪ ،‬مجـ ّ‬
‫والعالــم مــن حولــك‪ ،‬بمــرور الوقــت‪.‬‬
‫كانــت بعــض ألمــع العقــول فــي العالــم قــد أشــارت إلــى فكــرة‬
‫تدويــن البيانــات الحيو ّيــة‪ ،‬قبــل وقــت طويــل مــن ظهــور الهواتــف‬
‫‪101‬‬ ‫الذكيــة والحواســيب‪ .‬كان معروفـ ًا عــن ليونــاردو دافنشــي أنــه يحمــل‬ ‫ّ‬
‫دائمــ ًا دفتريــن صغيريــن لتســجيل مالحظــات عــن نفســه‪ ،‬والعالــم‬
‫ٍ‬ ‫المحيــط بــه‪ .‬بنحـ ٍ‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫ـي‬
‫ـو مشــابه‪ ،‬احتفــظ بنجاميــن فرانكليــن بدفتــر يومـ ٍّ‬
‫ـخصية‪ ،‬ســتؤ ّدي إلــى‬‫ٍ‬ ‫لمتابعــة تقدّ مــه فــي التح ّلــي بثالثيــن فضيلـ ٍ‬
‫ـة شـ‬
‫تمتّعــه بالكمــال األخالقــي‪ .‬كتــب فرانكليــن‪ ،‬فــي ســيرته الذاتيــة التــي‬
‫خ ّطهــا بنفســه‪ُ « :‬دهشــت حيــن وجــدت نفســي مملــوء ًا عيوبــ ًا أكثــر‬
‫ممــا قــد تخ ّيلــت‪ ،‬لكــن شــعرت بالرضــا لــدى رؤيتهــا تتالشــى»‪.‬‬
‫لســت واثقــة بأنّنــي أريــد معرفــة عــدد عيوبــي األخالق ّيــة‪ ،‬أو نشــرها‬
‫علــى المــأ‪ ،‬ولكــن لحســن الحــظ هنــاك طــرق أخــرى لتســجيل‬
‫البيانــات الحيو ّيــة‪ ،‬واالســتفادة منهــا فــي إجــراء تقويــم ذاتــي‪.‬‬
‫ٍ‬
‫نهضة‬ ‫نحن محظوظون كفاية اليوم؛ ألننا نعيش في عصر‬
‫رقم ّية‪،‬تجدّ د ‪ّ -‬‬
‫بكل ما تعنيه الكلمة ‪ -‬الطريقة التي نفهم‪،‬‬
‫ونراقب فيها أنفسنا‪.‬‬
‫نحــن محظوظــون كفايــة اليــوم؛ ألننــا نعيــش فــي عصــر نهضــة‬
‫رقم ّيــة‪ ،‬تجــدّ د ‪ -‬بــكل مــا تعنيــه الكلمــة ‪ -‬الطريقــة التــي نفهــم‪ ،‬ونراقب‬
‫فيهــا أنفســنا‪ .‬علــى ُخطــا دافنشــي وفرانكليــن‪ ،‬يتقــدّ م عــدد مــن األفــراد‬
‫علــى ال ّطريــق أمــام باقــي النّــاس الكتشــاف فوائــد تســجيل البيانــات‬
‫الحيو ّيــة‪ ،‬ومعلومــات تحســين الحيــاة (فــك شــفرة مــا يجعلنــا أفضــل‬
‫كل مــن كريــس‬ ‫حــاالً)‪ .‬يبــرز بيــن أفضــل مسـ ّ‬
‫ـجلي البيانــات الحيو ّيــة ٌّ‬
‫دانســي‪ ،‬الــذي يســتخدم عــدد ًا مــن أجهــزة المراقبــة لتدويــن بيانــات عن‬
‫ـول معلوماتــه الحيو ّيــة إلــى‬ ‫نفســه(‪)11‬؛ ونيكــوالس فلتــون‪ ،‬الــذي قــد حـ ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫رســوم بيان ّيــة (وتثقيف ّيــة)(‪)12‬؛ ونابغــة التّســويق تيــم فيريــس‪ ،‬الــذي دمــج‬
‫االهتمــام المتزايــد باإلنتاج ّيــة مــع التلعيــب (ممارســة األلعــاب) لتأليــف‬
‫كتــاب صنّفتــه نيويــورك تايمــز ضمــن األعمــال األكثــر بيع ـ ًا‪ ،‬وبرنامــج‬
‫بعنــوان «أســبوع عمــل مــن أربــع ســاعات»‪ .‬تبنّــى هــؤالء األشــخاص‪،‬‬
‫أصحــاب األفــكار الن ّيــرة‪ ،‬نمــط حيــاة خــارج نطــاق المألــوف‪ ،‬لزيــادة‬
‫‪102‬‬
‫وعيهــم بذاتهــم‪ ،‬وتحســين معيشــتهم‪.‬‬
‫ال ينبغــي أن يســتغرق تســجيل البيانــات الحيويــة وقت ـ ًا طوي ـاً‪ ،‬أو أن‬
‫يكــون مع ّقــد ًا‪ ،‬وإنّمــا ببســاطة وســيل ًة لمتابعــة عاداتــك بطريقـ ٍ‬
‫ـة إلكترون ّية‪.‬‬
‫الفائــدة مــن القيــام بهــذا هــي أ ّنــك تلقــي نظــرة مؤتمتــة علــى معلوماتــك‪.‬‬
‫مــا يثيــر اهتمامــي بشــأن تســجيل هــذه البيانــات هــو احتمــال أن أشــهد‬
‫نهضــة فــي حياتــي‪ ،‬وأن اســتفيد مــن تلــك المعلومــات الصغيــرة إلجــراء‬
‫تغييــرات إيجاب ّيــة فــي طريقــة عيشــي‪ .‬يكتــب فيكتــور لــي؛ األســتاذ‬
‫المســاعد فــي جامعــة واليــة يوتــاه‪« :‬عندمــا تنظــر إلــى البيانــات عــن‬
‫نفســك‪ ،‬ال تــرى بالضــرورة نقاطـ ًا‪ ،‬أو خطوطـ ًا‪ ،‬أو فواصــل‪ ،‬وإنمــا وصفـ ًا‬
‫لتجربــة‪ ،‬أو نشــاط مألــوف لــك تمامــ ًا‪ ...‬إذا كانــت بيانــات تدريــب‬
‫ســتتذكّر مــا قــد شــعرت بــه فــي تلــك اللحظــات‪ .‬ســتتمتّع ببعــض‬
‫الخبــرة عــن طريقــة عمــل جســدك‪ ،‬ممــا يثيــر لديــك بعــض التو ّقعــات‪،‬‬
‫ويمنحــك حافــز ًا للتّفكيــر بتلــك المعلومــات»‪ .‬يســاعد الســياق فــي‬
‫الضــوء علــى أنمـ ٍ‬
‫ـاط قــد يكــون مــن الصعــب‬ ‫مــلء الفراغــات‪ ،‬وتســليط ّ‬
‫معرفتهــا‪ ،‬أو مالحظتهــا؛ ألنهــا متواريــة خلــف المشــاعر‪.‬‬

‫ما يثير اهتمامي بشأن تسجيل هذه البيانات هو احتمال أن‬


‫أشهد نهضة في حياتي‪ ،‬وأن استفيد من تلك المعلومات‬
‫الصغيرة إلجراء تغييرات إيجاب ّية في طريقة عيشي‪.‬‬

‫التحســن المتواصــل‬
‫ّ‬ ‫تابــع «لــي» الحقـ ًا بعــرض هــذه ال ّطريقــة عــن‬
‫فــي قاعــات مــدارس ثانويــة‪ ،‬لتطويــر البيانــات كمــا ينبغــي‪ ،‬وتزويــد‬
‫التالميــذ بـــ «نمــاذج أكثــر موثوق ّيــة مــن االســتقصاء»(‪ .)13‬طبع ًا‪ ،‬ليســت‬
‫البيانــات والتّقويمــات جديــدة علــى بيئــة الصــف‪ ،‬لكــن لــي يظــن أن‬
‫كل تلــك االختبــارات‪ ،‬والمعاييــر‪ ،‬ال تفــي بالغــرض‪ .‬يشــرح‪« :‬إذا‬
‫ركّزنــا الجهــود المرتبطــة بجمــع البيانــات علــى التّقويــم فقــط‪ ،‬مــن‬
‫‪103‬‬
‫تشــجع الطــاب علــى االســتفادة منهــا‪ ،‬ومنــح‬ ‫ّ‬ ‫دون تطويــر تقانــات‬
‫المتع ّلميــن معلومــات عــن تقدّ مهــم‪ ،‬لــن يكــون هــذا مفيــد ًا إلنجــاز‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫الهــدف الحقيقــي‪ ،‬أو لطالبنــا علــى حــدٍّ ســوا ًء»‪ .‬عوض ـ ًا عــن هــذا‪،‬‬
‫يدافــع عــن تعليــم التالميــذ لغــة تحليــل البيانــات (تحليــل القيــم‬
‫ـور البيانــات‪ ،‬وتعـ ّـرف األنمــاط)‪ ،‬وعمليــة التع ّلــم (كيف‬ ‫الشــا ّذة‪ ،‬وتصـ ّ‬
‫ولمــاذا تحــدث األمــور؟)‪.‬‬

‫تكون األبحاث عديمة الجدوى إن لم تنفع حياتنا‬


‫نقــول غالب ـ ًا فــي جود‪-‬ثنــك إن األبحــاث تكــون عديمــة الجــدوى‬
‫إن لــم تنفــع حياتنــا‪ .‬يعــدُّ ســتيفن كيتنــغ مثــاالً ممتــاز ًا علــى الطريقــة‬
‫التــي يمكــن فيهــا لتســجيل البيانــات الحيو ّيــة إنقــا ُذ حياتنــا‪ .‬شــارك‬
‫ســتيفن‪ ،‬حيــن كان طالبــ ًا جامعيــ ًا‪ ،‬فــي دراســة بحث ّيــة فــي ‪2007‬‬
‫بالرنيــن المغناطيســي‪ .‬شــعر بالفضــول بشــأن‬ ‫تضمنــت إجــراء فحــص ّ‬ ‫ّ‬
‫األوليــة(‪.)14‬‬
‫النتائــج‪ ،‬وطلــب االحتفــاظ بنســخة مــن تلــك البيانــات ّ‬
‫كشــفت الدراســة عــن وجــود شــذوذ بســيط فــي دمــاغ كيتنــغ‪ ،‬قــرب‬
‫مركــز الشــم‪ .‬تل ّقــى نصيحــة بإعــادة الفحــص بعــد بضعــة أعــوام‪ .‬فــي‬
‫‪ ،2010‬أجــرى ســتيفن صــورة أخــرى بالرنيــن المغناطيســي‪ ،‬لــم تكشــف‬
‫ـوه حميــد علــى‬ ‫ٍ‬
‫أي تغييــرات فــي حالتــه‪ ،‬ممــا يشــير إلــى أن ذلــك التشـ ّ‬ ‫ّ‬
‫ـم رائحــة‬‫األغلــب‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬الحــظ ســتيفن فــي ‪ 2014‬أنــه يشـ ُّ‬
‫خــل مــدة ثالثيــن ثانيــة كل يــوم‪ .‬طلــب إجــراء فحــص ثالــث بالرنيــن‬
‫التشــوه قــد نمــا إلــى ورم بحجــم‬‫ّ‬ ‫المغناطيســي‪ ،‬ليكتشــف آنــذاك أن‬

‫مستقبل السعادة‬
‫كــرة قاعــدة‪ .‬لحســن الحــظ‪ ،‬خضــع كيتنــغ بعــد شـ ٍ‬
‫ـهر تقريب ـ ًا لجراحــة‬
‫ناجحــة إلزالــة الــورم‪ ،‬وعــاد إلــى العمــل بعــد أقــل مــن أســبوع مــن‬
‫ذلــك‪ .‬للمســاعدة فــي دراســته الذات ّيــة‪ ،‬جــرى تصويــر كيتنــغ وعمليتــه‬
‫الجراحيــة‪ ،‬التــي اســتغرقت عشــر ســاعات‪ ،‬ليتم ّكــن مــن التع ّلــم مــن‬
‫تجربتــه‪ .‬درس ســتيفن كل الجوانــب المتع ّلقــة بســرطانه علــى أنــه‬
‫‪104‬‬
‫خريج ـ ًا يعمــل اآلن‬ ‫مشــكلة علميــة‪ ،‬ونجــح فــي إنقــاذ حياتــه‪ .‬بوصفــه ّ‬
‫فــي قســم الهندســة الميكانيكيــة فــي معهــد ماساشوســتس للتّقانــة‪،‬‬
‫الذاتيــة والت ّعلــم المتواصــل‪،‬‬‫يســتفيد ســتيفن مــن مقاربتــه فــي الدّ راســة ّ‬
‫لتحســين معرفــة اآلخريــن بهــذا الشــأن أيض ـ ًا‪.‬‬
‫لدينــا‪ ،‬مثــل ســتيفن‪ ،‬القــدرة واإلمكانيــة اآلن لدراســة أنفســنا علــى‬
‫عــدّ ة مســتويات باســتخدام أجهــزة محمولــة يمكــن أن تســاعد علــى‬
‫تســجيل معلومــات متع ّلقــة بصحتنــا‪ ،‬وإنتاجيتنــا‪ ،‬وســامتنا‪ ،‬وســعادتنا‬
‫أيضــ ًا‪ .‬يســاعد تســجيل البيانــات الحيو ّيــة علــى دراســة وربــط نقــاط‬
‫مختلفــة تتع ّلــق بالطــرق التــي تؤ ّثــر بهــا عوامـ ُـل غيــر مترابطــة ظاهري ـ ًا‪،‬‬
‫مثــل ال ّطقــس‪ ،‬وجــودة الهــواء‪ ،‬وحتــى التوقيت‪ ،‬علــى مزاجنــا وإنتاجيتنا‪.‬‬
‫تســهم هــذه المعرفــة فــي زيــادة وعينــا‪ ،‬وتســاعدنا فــي االبتعــاد عــن‬
‫أنمــاط ســلوك ســلبية الشــعور ّية نحــو مزيــد مــن الخيــارات اإليجاب ّيــة‬
‫والســعادة‪.‬‬
‫الواعيــة‪ ،‬التــي تدفعنــا فــي النهايــة نحــو مزيــد مــن النجــاح ّ‬
‫باالســتفادة مــن فضولنــا الفطــري‪ ،‬ورغبتنــا بحــل المشــكالت‪،‬‬
‫يمكــن أن يقــدّ م تســجيل البيانــات الحيويــة وســيلة ق ّيمــة لتعزيــز قدراتنــا‪،‬‬
‫وســعادتنا المســتقبلية‪ .‬وفق ـ ًا لدراســة أجرتهــا راكســبيس (‪)Rackspace‬‬
‫فــي ‪ ،2014‬بــات مو ّظفــون يضعــون أدوات قابلــة لالرتــداء أكثــر إنتاج ّيــة‬
‫بنســبة ‪ ،%8.5‬وزاد رضاهــم عــن وظائفهــم بنســبة ‪ .)15(% 3.5‬هــذا رائــع؛‬
‫ألن األجهــزة القابلــة لالرتــداء ال تغ ّيــر الســلوك علــى نحــو مباشــر‪،‬‬
‫وإنمــا تزيــد ببســاطة الوعــي والبصيــرة‪ .‬تقــدّ م تلــك األدوات نهجــ ًا‬
‫ـور علــى الصعيــد الشــخصي‪ ،‬وتحقيــق فوائــد‬ ‫واضح ـ ًا للموظفيــن للتطـ ّ‬
‫فــي حياتهــم المهن ّيــة أيض ـ ًا‪.‬‬

‫باالستفادة من فضولنا الفطري‪ ،‬ورغبتنا بحل المشكالت‪،‬‬


‫يمكن أن يقدّ م تسجيل البيانات الحيوية وسيلة ق ّيمة لتعزيز‬
‫قدراتنا‪ ،‬وسعادتنا المستقبلية‪.‬‬
‫‪105‬‬

‫تقدمك‬
‫تقومي ّ‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫ا بمــرور‬‫كيــف تعــرف إن كنــت أكثــر ســعادة فعــ ً‬


‫الوقــت؟ إن كان تعزيــز رفاهــك يــؤ ّدي فــي الواقــع إلــى‬
‫زيــادة إنتاجيتــك أو نجاحــك؟ علــى الرغــم مــن أن تطبيقــات‬
‫تضــم مقاييــس لمســاعدتك فــي متابعــة تقدّ مــك‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫كثيــرة‬
‫إليــك بعــض األســئلة اإلرشــادية لمســاعدتك فــي تقويــم‬
‫تطــور حالتــك‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪.1‬مــا هــي التغييــرات التــي قــد رأيتهــا فــي األســبوع‬
‫الماضــي؟ الشــهر؟ الســنة؟‬
‫‪ .2‬ماذا يمكن أن تتع ّلم من هذه التغييرات؟‬
‫توجهات غير معتادة؟‬ ‫‪.3‬هل الحظت ّ‬
‫أي نتائج أو ّ‬
‫‪.4‬مــا هــي المعلومــات اإلضافيــة التــي ســتكون معرفتهــا‬
‫مفيد ة ؟‬
‫‪.5‬مــا هــي الخطــوة (التّعديــل) التــي يمكــن أن تتخذهــا‬
‫لتحســين نتائجــك؟‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ّ‬
‫ن�شط معلوماتك من �أجل التّغيري‬
‫تعــدُّ المعلومــات إحــدى أهــم مصــادر التحفيــز والقــوة‪ .‬علــى كل‬
‫حــال‪ ،‬كمــا يقــول شــقيقي شــون فــي أحاديثــه غالبـ ًا‪« :‬المعلومــة وحدها‬
‫ال تُحــدث تغييــر ًا»‪ .‬ال تكــون البيانــات مفيــد ًة ومالئم ـ ًة إال حيــن تُقــدّ م‬
‫تبصــرة بشــأن عمليــة اتخــاذ القــرار‪ ،‬وتســاعدنا فــي معرفــة مــا ينبغــي‬ ‫‪106‬‬
‫فعلــه بتلــك المعلومــات‪ ،‬وتدفعنــا إلــى إنجــاز عمــل ذي مغــزى‪.‬‬

‫ال تكون البيانات مفيد ًة ومالئم ًة إال حين تُقدّ م تبصرة بشأن‬
‫عملية اتخاذ القرار‪ ،‬وتساعدنا في معرفة ما ينبغي فعله بتلك‬
‫المعلومات‪ ،‬وتدفعنا إلى إنجاز عمل ذي مغزى‪.‬‬
‫لــم يكــن بمقدورنــا‪ ،‬حتــى وقــت قريــب‪ ،‬إال جمــع البيانــات فقــط‪،‬‬
‫الســاعات‬ ‫عمــا نفعلــه بهــا‪ .‬بعــد طــرح ّ‬‫ولكــن لــم تكــن لدينــا فكــرة ّ‬
‫الذكيــة أول مــرة‪ ،‬كان ‪ ٪30‬مــن المســتخدمين فحســب ال يزالــون‬ ‫ّ‬
‫يرتدونهــا بعــد ثــاث شــهور مــن ذلــك‪ .‬لمــاذا؟ ألن المســتخدمين لــم‬
‫تزودهــم بهــا‪ .‬أتذ ّكــر‬
‫عمــا يفعلونــه بالبيانــات التــي ّ‬
‫تكــن لديهــم فكــرة ّ‬
‫ـم تطبيق ـ ًا لمتابعــة‬
‫حيــن أهدانــي زوجــي فــي عيــد الميــاد ســاع ًة تضـ ُّ‬
‫الرشــاقة‪ .‬فــي البدايــة‪ ،‬بــدا شــريط المعصــم البرتقالــي الســميك مثــل‬
‫ســوار مراقبــة إلكترونــي‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬التزمــت بتجربــة الســاعة‬
‫المفضلــة عنــدي هــي‬ ‫ّ‬ ‫شــهر ًا‪ ،‬وســرعان مــا تع ّلقــت بهــا‪ .‬كانــت الميــزة‬
‫فــي الواقــع تطبيــق رصــد النــوم‪ ،‬الــذي ســاعدني فــي رؤيــة معلومــات‬
‫بصريــة عــن ســبب إرهاقــي المتواصــل أول مـ ّـرة فــي حياتــي‪ .‬لــم أكــن‬
‫اســتيقظ لتهدئــة طفلــة تبكــي عــدّ ة مــرات فــي الليــل فقــط‪ ،‬وإنمــا‬
‫ـون‬‫ا لالســتغراق فــي النــوم كل مــرة أيض ـ ًا‪ ،‬ممــا يكـ ّ‬ ‫أقضــي وقت ـ ًا طوي ـ ً‬
‫حلقــة مفزعــة تجعلنــي خائــرة القــوى فــي اليــوم اآلتــي‪ .‬راجعــت‬
‫تطبيــق الســوار ألرى مــا يمكننــي فعلــه بشــأن تلــك المعلومــات‪ ،‬وقــد‬
‫عرضــت واجهــة المســتخدم البهيجــة جــدًّ ا معلومــة باهتــة عــن ضــرورة‬
‫النــوم وقتــ ًا أطــول؛ ألكــون أكثــر نشــاط ًا فــي اليــوم اآلتــي‪ .‬الغريــب‬
‫أننــي لــم أح ّطــم تلــك الســاعة فــور ًا‪ .‬عرفــت أيض ـ ًا أن هــذه البيانــات‬
‫المحــدودة ال تكشــف الصــورة كاملــة‪ .‬هــل كنــت أشــعر بالقلــق وأنــام‬
‫بنحــو متق ّطــع؟ هــل كنــت أحصــل علــى كفايتــي مــن األكســجين؟ كيــف‬
‫‪107‬‬ ‫تحســنت‬‫أ ّثــرت خياراتــي الغذائ َّيــة فــي اليــوم الســابق علــى نومــي؟ هــل ّ‬
‫جــودة نومــي بمــرور الوقــت؟ لــم تكــن هنــاك ببســاطة معلومــات كافيــة‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫يمكننــي االســتفادة منهــا‪ ،‬وكافحــت ألربــط النقــاط بعضهــا ببعــض‪.‬‬


‫تحســنت‬ ‫لحســن الحــظ‪ ،‬كانــت تطبيقــات مثــل فيت‪-‬بــت (‪ )Fitbit‬قــد ّ‬
‫كثيــر ًا فــي األعــوام األخيــرة‪ ،‬ولــم تعــد تقــدّ م البيانــات فقــط‪ ،‬وإنمــا‬
‫تفســرها لنــا أيض ـ ًا‪.‬‬
‫ّ‬
‫تقودنــا الموجــة اآلتيــة مــن التّقانــة واالبتــكار نحــو كســب معرفــة‬
‫عمليــة‪ ،‬بجمــع معلومــات مــن حياتنــا‪ ،‬ومــن َث ّ‬
‫ــم إحــداث تغييــرات‬
‫ســلوكية إيجابيــة(‪ .)16‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬يســتطيع تطبيــق «آد‪-‬أب»‬
‫ٍ‬
‫بيانــات مــن‬ ‫(‪( )Addapp‬قــل ذلــك عشــر مــرات بســرعة!) جمــع‬
‫أي هاتــف ذكــي لتقديــم اقتراحــات عــن حميتــي‬ ‫برامــج متعــدّ دة علــى ّ‬
‫الغذائ َّيــة‪ ،‬وحصصــي التدريبيــة‪ ،‬بنــا ًء علــى ســلوكي الســابق‪ .‬يعــرف‬
‫التطبيــق أن جــودة نومــي قــد تراجعــت‪ ،‬إلــى جانــب مســتوى نشــاطي‪.‬‬
‫علــى كل حــال‪ ،‬إذا اســتطعت مشــي ‪ 2000‬خطــوة إضافيــة كل يــوم‪،‬‬
‫ـئ فــي األســبوع‬‫ســيكون بمقــدوري زيــادة فــرص اســتمتاعي بنــو ٍم هانـ ٍ‬
‫القــادم‪ .‬هــذا هــو تحديــد ًا نــوع المعرفــة التــي يمكننــي االســتفادة منهــا!‬

‫تقودنا الموجة اآلتية من التّقانة واالبتكار نحو كسب‬


‫معرفة عملية‪ ،‬بجمع معلومات من حياتنا‪ ،‬ومن َث ّم إحداث‬
‫تغييرات سلوكية إيجاب ّية‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ـاز قابـ ٌـل لالرتــداء‪ ،‬يمكــن تثبيتــه‬
‫ســباير ســتون (‪ )Spire Stone‬جهـ ٌ‬
‫بالحــزام أو علــى الصــدر لقيــاس أنمــاط التن ّفــس‪ ،‬ومعرفــة إن كنــت‬
‫تشــعر باالســترخاء‪ ،‬أو التوتّر‪ ،‬أو تحاول التركيز‪ .‬يســتفيد ســباير ســتون‬
‫مــن عمــل عالــم النفــس االجتماعــي روي بوميســتر‪ ،‬الــذي كتــب مرة‪:‬‬
‫«عمليــة صنــع قــرار ج ّيــد ليســت ســمة شــخصية؛ ألن الحــال هــي التي‬
‫تتذبــذب»(‪ .)17‬يتابــع ليشــرح أن النّــاس األكثــر ضبطـ ًا للنّفــس ين ّظمــون‬ ‫‪108‬‬

‫ـهل عمليــة اتخــاذ‬ ‫ـوة إرادتهــم‪ ،‬وتسـ ّ‬


‫حياتهــم بطريقــة تحافــظ علــى قـ ّ‬
‫الصعبــة (حيــن تكــون جائع ـ ًا‪ ،‬أو غاضب ـ ًا‪،‬‬‫القــرار فــي أثنــاء األوقــات ّ‬
‫أو وحيــد ًا‪ ،‬أو متعب ـ ًا)‪ .‬نتيجــة ذلــك‪ ،‬يســاعد ســباير األفــراد فــي تع ّلــم‬
‫إطالــة أمــد تركيزهــم بجعلهــم يتخــذون القــرارات الصعبــة فــي بدايــة‬
‫الروتينيــة أو‬‫اليــوم‪ ،‬حيــن يتمتّعــون بطاقــة كافيــة‪ ،‬وتــرك المهمــات ّ‬
‫ا مــن‬ ‫البســيطة إلــى مــا بعــد الظهــر‪ .‬تتط ّلــب هــذه النصيحــة قليــ ً‬
‫تحســن كبيــر فــي مســتويات‬ ‫التخطيــط ليومــك‪ ،‬ولكــن قــد تــؤ ّدي إلــى ّ‬
‫إنتاجيتــك مــن دون أن تضطــر إلــى العمــل ســاعات أطــول(‪.)18‬‬
‫ٍ‬
‫حقــل معرفــي بــدأ ينبثــق‬ ‫تكــون تطبيقــات مثــل هــذه جــزء ًا مــن‬
‫ّ‬
‫حديثــ ًا ويدعــى «تقانــة اإلقنــاع»‪ ،‬التــي تستكشــف طرقــ ًا قــد تح ّثنــا‬
‫‪ -‬أو تدفعنــا ‪ -‬بهــا التّقانــة لتغييــر ســلوكنا علــى نحــو إيجابــي‪ .‬فــي‬
‫بدايــة التســعينيات‪ ،‬بــات طالــب الدكتــوراه فــي ســتانفورد ب‪ .‬ج‪ .‬فــوغ‬
‫معجبـ ًا بكــون «التّقانــة ‪ ...‬قنــاة لمســاعدة البشــر علــى إنجــاز أهدافهم‪،‬‬
‫المؤسســات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والتأثيــر علــى النّــاس ليعملــوا بنحــو أفضــل‪ ،‬وتغييــر‬
‫و ‪ -‬نعــم ‪ -‬تغييــر العالــم»(‪ .)19‬تابــع العمــل الحق ـ ًا لتأســيس مختبــر‬
‫تقانــة اإلقنــاع فــي ســتانفورد‪ ،‬الــذي يعمــل حاليـ ًا علــى مجموعــة مــن‬
‫تطبيقــات هــذه التّقانــة‪ ،‬وتــراوح بيــن تقديــم أمــازون توصيـ ٍ‬
‫ـات لــك‬
‫مهتمــا بهــا‪ ،‬إلى قيــام مايكروســوفت‬
‫بشــأن المنتجــات التــي قــد تكــون ًّ‬
‫بتزكيــة أصدقــاء لــك‪.‬‬
‫التوجــه‪ ،‬واســتمدّ ت أفــكار ًا‬
‫ّ‬ ‫اهتمــت شــركات تقانــة أخــرى بهــذا‬
‫مــن علــم النفــس واالقتصــاد الســلوكي لتكــون بمثابــة «عوامــل تأثيــر»‬
‫فــي تصميــم برامجهــا‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬و ّظفــت شــركة البرامــج‬
‫مصممــي‬ ‫ّ‬ ‫الصح ّيــة هابيــت ديزايــن (‪ )Habit Design‬فريقــ ًا مــن‬ ‫ّ‬
‫‪109‬‬ ‫األلعــاب‪ ،‬إضافــة إلــى مختصيــن مــن حملــة الدّ كتــوراه فــي الفلســفة‪،‬‬
‫منصــة اختبــار ســريري مد ّعــم باألد ّلــة‪ ،‬مــن أجــل تطويــر‬‫لتطويــر أول ّ‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫عــادات إيجاب ّيــة‪ ،‬ومســتدامة‪ .‬اســتطاعت هابيــت ديزايــن‪ ،‬باالســتفادة‬


‫مــن ورشــات عمــل إلكترونيــة‪ ،‬وتمرينــات ندّ يــة‪ ،‬وحوافــز مدمجــة‪،‬‬
‫إنجــاز معــدّ ل متابعــة مدهــش بلــغ ‪ %80‬بعــد ثــاث شــهور (مقارنــة‬
‫ببرامــج تقليديــة مثــل الحلقــات الدراســية‪ ،‬أو االستشــارات‪ ،‬التــي‬
‫تفقــد عــادة ‪ ٪80‬مــن المشــاركين فــي األيــام العشــرة األولــى‪ ،‬وفق ـ ًا‬
‫الرئيــس التّنفيــذي لشــركة هابيــت ديزايــن)‪ .20‬علــى‬ ‫لـــ مايــكل كيــم؛ ّ‬
‫ـابه‪ ،‬تســتخدم شــركة جاوبــون (‪ ،)Jawbone‬التــي تنتــج أدوات‬ ‫ـو مشـ ٍ‬‫نحـ ٍ‬
‫تســجيل بيانــات الرشــاقة‪« ،‬مدربــ ًا ذكيــ ًا» افتراضيــ ًا إلرســال رســائل‬
‫إلــى مســتخدمين‪ ،‬مــن أجــل مســاعدتهم علــى زيــادة المســافة التــي‬
‫يقطعونهــا مشــي ًا بنســبة ‪ ،٪27‬وتحســين نومهــم مــدة ثــاث وعشــرين‬
‫دقيقــة إضافيــة كل ليلــة(‪.)21‬‬
‫تقانــة اإلقنــاع موجــودة فــي كل مــكان حولنــا‪ ،‬وهــي تغ ّيــر فعــ ً‬
‫ا‬
‫ـور عاداتنــا‪ .‬طبع ـ ًا‪ ،‬ال تهــدف كل تقانــات‬ ‫طريقــة تفكيرنــا‪ ،‬ومســار تطـ ّ‬
‫تتحــرك فــي االتجــاه الصحيــح‪ .‬تنتــج التّقانــة‬ ‫ّ‬ ‫اإلقنــاع إلــى جعلــك‬
‫ـركات‬
‫ٌ‬ ‫حالي ـ ًا مزيــد ًا مــن األفــكار االســتهالكية القويــة‪ ،‬وســتواصل شـ‬
‫اســتثمار ّي ٌة اســتخدام تلــك المعلومــات لجعلــك تنفــق مزيــد ًا مــن‬
‫األمــوال‪ ،‬أو تبنّــي سـ ٍ‬
‫ـلوك مع ّيــن‪ .‬هــذا النــوع مــن التســويق فاعــل جــدًّ ا؛‬
‫ألنــه يســتهدف قراراتــك المص ّغــرة فــي لحظــات بحثــك عــن معلومــات‬
‫فــي بيئتــك؛ ويقــدّ م ببســاطة اقتراحــات تهــدف إلــى دفــع قراراتــك‬

‫مستقبل السعادة‬
‫فــي اتجــاه معيــن‪ .‬تخ ّيــل صعوبــة االلتــزام بميزان ّيتــك إذا اســتطاعت‬
‫لتجهــز‬
‫ّ‬ ‫المتاجــر أن تعــرف تلقائي ـ ًا مــا ّ‬
‫تفضلــه مــن األلــوان واألزيــاء‪،‬‬
‫نافــذة العــرض قبــل أن تدخــل إليهــا‪ .‬أو حــاول فقــط أن تتو ّقــف عــن‬
‫شــرب القهــوة إذا كان مطبخــك المؤتمــت فــي منزلــك الجديــد يعــرف‬
‫تتخــل عــن تلــك‬‫َّ‬ ‫أنــك تحــب كوبــ ًا دافئــ ًا منهــا فــي الصبــاح‪ ،‬ولــم‬
‫‪110‬‬
‫العــادة أبــد ًا‪.‬‬

‫� ّأ�س�س �ستيف مان (�إلى �أق�صى ي�سار ال�صورة) م�شروع الحو�سبة القابلة لالرتداء في معهد‬
‫ما�سا�شو�ست�س للتقانة‪ ،‬وكان �أول ع�ضو فيه �ألهمت هذه النماذج الأ ّول ّية الباكرة حق ً‬
‫ال‬
‫جديد ًا من الأبحاث‪)http://wearcam.org/nn.htm( .‬‬
‫تثيــر ســيناريوهات مثــل هــذه ســؤاالً‪ :‬إذا كانــت هنــاك شــركات‬
‫تنفــق المالييــن لجمــع بيانــات عنــك‪ ،‬ومعرفــة مــا تف ّكــر فيــه‪ ،‬لمــاذا‬
‫ال تســتخدم أنــت هــذا الكنــز الدّ فيــن مــن المعلومــات لتتقــدّ م عليهــا‬
‫تتحســن تقانــة اإلقنــاع فــي «معرفتــك‬ ‫ّ‬ ‫خطــوة واحــدة علــى األقــل؟‬
‫علــى نحــو أفضــل» عبــر جمعهــا بيانــات عنــك‪ ،‬ولكــن الحقيقــة هــي‬
‫أنهــا تعــرف عنــك أمــور ًا مــن قراراتــك الســابقة فحســب‪ ،‬ال مــا ترغــب‬
‫بــأن تصبــح عليــه فــي المســتقبل‪ .‬فــي كتابــه «تقانــة اإلقنــاع‪ :‬اســتخدام‬
‫الحواســيب لتغييــر مــا نف ّكــر فيــه ونفعلــه» يحــرص فــوغ علــى بيــان‬
‫أن التّقانــة ال ينبغــي أن تكــون قســر ّية إطالقــ ًا‪ ،‬وأنــه يجــب أن يكــون‬
‫لدينــا دائمـ ًا دور فاعــل فــي كيــف‪ ،‬ومتــى‪ ،‬وأيــن‪ ،‬ولمــاذا نــدع العالــم‬
‫ـي يدخــل حياتنــا؟ (فــي االســتراتيجية رقــم ‪ ،3‬ســأطلعك علــى‬ ‫الرقمـ ّ‬
‫ّ‬
‫خصيصـ ًا لـــ «دفعــك» نحــو اتخــاذ مزيــد‬ ‫المصممــة ّ‬
‫ّ‬ ‫بعــض التطبيقــات‬
‫مــن الخيــارات اإليجاب ّيــة فــي حياتــك)‪ .‬عندمــا نمعــن التفكيــر بطريقــة‬
‫‪111‬‬
‫تكــون قراراتنــا‪ ،‬نصبــح أكثــر‬ ‫ّ‬ ‫اســتخدامنا للتّقانــة والمعلومــات التــي‬
‫فطنــة بشــأن محاولتنــا االســتفادة مــن كل إمكاناتنــا‪.‬‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫متفح�صة عليك‬
‫ّ‬ ‫نظرة‬
‫اصطحبــت ابنــة شــقيقي قبــل بضعــة شــهور إلــى متحــف بــروت‬ ‫ُ‬
‫ـع عــن تقانــة النّانــو‪ ،‬حيــث‬
‫ـرض رائـ ٌ‬
‫للعلــوم فــي داالس‪ .‬كان هنــاك عـ ٌ‬
‫تفحــص جنــاح فراشــة ضئيلــة تحــت مجهــر ضخــم‪ .‬لرؤيــة‬ ‫يمكنــك ّ‬
‫تــدور ببســاطة دوالبــ ًا صغيــر ًا مخصصــ ًا‬
‫ّ‬ ‫تفاصيــل أكثــر وضوحــ ًا‪،‬‬
‫لألطفــال‪ ،‬وهــذا مــا فعلتــه الصغيــرة بابتهــاج عــدّ ة مــرات‪ ،‬ممــا جعــل‬
‫وتتضخــم‪ .‬بــدا أنــه ال توجــد نهايــة لقــدرات التكبيــر‬ ‫ّ‬ ‫الصــورة تكبــر‬
‫حيــن ر ّكــز المجهــر علــى أصغــر الجزيئــات فــي كل خليــة‪ .‬كان العمــق‬
‫والتفاصيــل مدهشــين حق ـ ًا! علــى الرغــم مــن أننــا كنــا ننظــر إلــى أدق‬
‫الجســيمات الموجــودة فــي حشــرة‪ ،‬إال أن المعــرض جعلنــي أمعــن‬
‫التفكيــر بشــأن مــدى تعقيــد وروعــة ال ّطبيعــة البشــر ّية‪ .‬عندمــا تقضــي‬
‫وقتـ ًا فــي التف ّكــر بطريقــة عمــل عقلنــا وجســدنا معـ ًا‪ ،‬يمكن أن تكتشــف‬
‫للتبصــر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مصــادر ش ـتّى‬
‫إذا كان بمقــدور عقولنــا تــرك بصمــة خاصــة بها‪ ،‬كمــا تفعــل أناملنا‪،‬‬
‫المعرفــات‬ ‫ـج فريـ ٍ‬
‫ـد مــن‬ ‫كيــف ســيبدو شــكلها؟ يتم ّتــع ٌ‬
‫كل منــا بمزيـ ٍ‬
‫ِّ‬
‫(محــدّ دات الهويــة)‪ ،‬ويتم ّثــل ذلــك فــي طريقــة تفكيرنــا‪ ،‬وتصرفنــا‬
‫الحقـ ًا‪ .‬حتــى وقــت قريــب‪ ،‬لــم يكــن بمقدورنــا تقديــم غيــر تخمينات‬

‫مستقبل السعادة‬
‫المعرفــات‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬إذا كان بمقــدوري التّلويح‬ ‫ّ‬ ‫فقــط عــن هــذه‬
‫بعصــا ســحرية ووضــع تقريــر أمامــك يطلعــك علــى كل مــا ينبغــي أن‬
‫تعرفــه عــن عقلــك وجســدك‪ ،‬هــل ســيكون بمقــدورك أن تتعـ ّـرف إلــى‬
‫نفســك؟ الجــواب ال‪ ،‬علــى األرجــح؛ ألننــا لــم نمتلــك إطالق ـ ًا هــذا‬
‫النــوع مــن المعلومــات لتقديــم تلــك الصــورة الكاملــة عــن أنفســنا‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫علــى كل حــال‪ ،‬يمنحنــا اقتــران ال ّثــورة التكنولوجيــة بأخــرى معرفيــة‬
‫وســيل ًة جديــد ًة فاعلــة يمكننــا اســتخدامها فــي محاولتنــا االســتفادة مــن‬
‫كل إمكاناتنــا‪ .‬يمكننــا اآلن‪ّ ،‬‬
‫ألول مـ ّـرة فــي التاريــخ‪ ،‬النظـ ُـر إلــى مــا يوجــد‬
‫خلــف الســتارة المعرفيــة لرؤيــة طريقــة عمــل أذهاننــا‪ .‬عندمــا ننظــر إلــى‬
‫أجســادنا وعقولنــا‪ ،‬يمكننــا فــي الواقــع االنتقــال إلــى مســتوى أعلــى مــن‬
‫الفهــم لـــ «بصمــة عقلنــا» الفريــدة‪ ،‬التــي تضــم عمليــات التفكيــر‪ ،‬والنّوايا‪،‬‬
‫واألهــداف‪ ،‬واالهتمامــات‪ .‬بدأنــا حاليــ ًا ربــط تقانــات جديــدة بهــذه‬
‫الدرايــة‪ ،‬وصرنــا نتمتّــع بالقــدرة علــى معرفــة أنفســنا وتوجيــه أفعالنــا‬
‫بعمــق أكبــر‪ ،‬وتكويــن ســعادتنا المســتقبلية أيض ـ ًا بطــرق أكثــر جــدوى‪.‬‬

‫يمنحنا اقتران ال ّثورة التكنولوجية بأخرى معرفية وسيل ًة‬


‫جديد ًة فاعلة يمكننا استخدامها في محاولتنا االستفادة من‬
‫كل إمكاناتنا‪.‬‬
‫يعــدُّ اســتخدام األجهــزة القابلــة لالرتــداء إحــدى أفضــل الطــرق‬
‫لكســب هــذه المعرفــة عــن تعقيــدات حياتــك اليوميــة‪ .‬تأتــي هــذه‬
‫األدوات بــكل األشــكال واألحجــام اليــوم‪ ،‬مــن ســاعات إلــى ثيــاب‪،‬‬
‫ومــن ملحقــات أحذيــة إلــى قالئــد‪ .‬لقــد ابتكــر باحثــون مــن معهــد‬
‫ماساشوســتس للتّقانــة نمــاذج ّأوليــة لوشــام مؤقتــة‪ ،‬وحتــى ملصقــات‬
‫فنيــة لألظافــر‪ ،‬يمكــن أن تعمــل وســيط ًا لهواتــف ذكيــة‪ ،‬وأجهــزة‬
‫رقم ّيــة أخــرى(‪ .)23( ،)22‬مــع انتشــار معــدّ ات وأجهــزة جديــدة فــي‬
‫األســواق‪ ،‬مــن الســهل تو ّقــع ارتفــاع احتمــاالت زيــادة اإلنتاج ّيــة‪،‬‬
‫وتحســين القــدرات الرياض ّيــة‪ ،‬ومنــع اإلصابــات‪ ،‬وكســب معرفــة‬
‫الصح ّيــة‪ ،‬وحتــى معرفــة توقيــت تقديــم فكــرة‬‫ّ‬ ‫مسـ ّبقة بشــأن القــرارات‬
‫مــا إلــى مديــرك أو زوجــك بنــا ًء علــى مزاجهمــا‪ .‬فــي أثنــاء تأليــف‬
‫هــذا الكتــاب‪ ،‬كنــت أدرك تمامـ ًا أنــه ســيكون عتيقـ ًا نوعـ ًا مــا بحلــول‬
‫وقــت نشــره؛ ألن الســوق قــد شــهدت زيــادة بنســبة ‪ %44‬فــي عــدد‬
‫‪113‬‬ ‫األجهــزة القابلــة لالرتــداء العــام الماضــي‪ .‬بــدالً مــن مقاومــة تلــك‬
‫النزعــة‪ ،‬تحـ ّـرر مــن التك ّلــف لحظـ ًة‪ ،‬وتخ ّيــل مــا ســيكون عليــه األمــر‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪2‬‬

‫حيــن تكتشــف بســرعة األجوبــة علــى األســئلة اآلتيــة‪ :‬هــل يصــل‬


‫تو ّتــرك إلــى مســتويات حرجــة؟ هــل تشــرب مــاء كفايــة؟ مــاذا يخــرج‬
‫مــع عرقــك؟ كيــف هــو شــعورك؟‬
‫مــاذا إن فهمــت نفســك جيــدً ا؟ لتعــرف متــى يــزداد التوتّــر فــي‬
‫حياتــك‪ ،‬وتحــدّ د متــى يمكــن أن تُصــاب بصــداع نصفــي‪ ،‬أو نوبــة‬
‫هلــع؟ يســاعد د‪ .‬جويــل إهرنكرانــز مــن مركــز إنترماونتــن الطبــي‬
‫فــي تطويــر واختبــار أداة جديــدة ترتبــط بالهاتــف الذكــي؛ لمراقبــة‬
‫مســتويات الكورتيــزول لــدى الشــخص فــي البيــت‪ ،‬وهــو إجــراء‬
‫يك ّلــف عــادة خمســين دوالر ًا لــكل ع ّينــة‪ ،‬وقــد يســتغرق الحصــول‬
‫علــى نتائجــه أســبوع ًا تقريبـ ًا‪ .‬عوضـ ًا عــن هــذا‪ ،‬يســتخدم الحــل الــذي‬
‫يقدّ مــه إهرنكرانــز أنبوبــ ًا صغيــر ًا ثمنــه أقــل مــن خمــس دوالرات‬
‫لجمــع وتحليــل عينــات لعــاب فــي وقــت قصيــر‪ ،‬وتقديــم نتائــج‬
‫بجــودة مخبر ّيــة فــي خمــس دقائــق فقــط‪ .‬تنطــوي مراقبــة الكورتيــزول‬
‫علــى دالالت بعيــدة المــدى؛ ألن مســتوياته العاليــة تؤ ّثــر علــى قــدرة‬
‫الجســم فــي التعافــي مــن اإلصابــات‪ ،‬ومكافحــة العــدوى‪ ،‬وفقــدان‬
‫الــوزن‪ .‬بالنســبة إلــى مرضــى الس ـكّري‪ ،‬تعــدُّ مســتويات الكورتيــزول‬
‫أســاس‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫عامــل‬ ‫المفتــاح لتنظيــم مســتويات اإلجهــاد والتوتّــر‪ ،‬وهــي‬
‫فــي مكافحــة المــرض والســيطرة عليــه‪ .‬قــد يســمح لنــا هــذا التطبيــق‬
‫البســيط (غيــر المتوفــر حاليــا للجمهــور) بمعرفــة الوقــت الــذي يصــل‬

‫مستقبل السعادة‬
‫فيــه اإلجهــاد والتوتّــر إلــى مســتويات خطــرة‪ ،‬ويقتــرح لنــا أوقاتــ ًا‬
‫للحصــول علــى اســتراحة‪ ،‬أو التوقــف للتأ ّمــل(‪.)24‬‬
‫مــاذا إن اســتطعت إلقــاء نظــرة علــى كميــة المــاء التــي تســتهلكها‬
‫حقــ ًا؟ أطلقــت شــركة هالــو ويرابلــز (‪ )Halo Wearables‬أداة قابلــة‬
‫لالرتــداء تدعــى أش‪ ،)H1( 1‬التــي تبــدو مثــل ســاعة ذكيــة‪ ،‬ولكــن‬ ‫‪114‬‬
‫تُســتعمل لمراقبــة «إماهــة» المســتخدم‪ .‬تقيــس أش‪ 1‬درجــة حــرارة‬
‫الجلــد‪ ،‬والرطوبــة‪ ،‬وحــرارة الهــواء‪ ،‬لتمنــح المســتخدم قيمــة‬
‫نســبية عــن إماهــة جســده باالســتفادة مــن ّ‬
‫مؤشــر ذي ثالثــة ألــوان؛‬
‫هــي األخضــر‪ ،‬واألصفــر‪ ،‬واألحمــر‪ :‬المنطقــة الخضــراء تُعلــم‬
‫الخزانــات مملــوءة‪ ،‬فــي حيــن أن المنطقــة الصفــراء‬‫المســتخدمين أن ّ‬
‫ـذر المنطقــة‬‫تُبلــغ المســتخدمين بضــرورة ملئهــا فــي أســرع وقــت‪ .‬تحـ ّ‬
‫الخزانــات فارغــة(‪ .)25‬بالنســبة إلــى‬
‫الحمــراء المســتخدمين بــأن ّ‬
‫الرياض ّييــن الذيــن يقــرؤون هــذا‪ ،‬سيسـ ّـرون حيــن يعرفــون أن شــركة‬‫ّ‬
‫طــورت لصاقــة صغيــرة ومرنــة‬ ‫كنــزن إيكــو (‪ )Kenzen ECHO‬قــد ّ‬
‫تســتخدم قطــرة عــرق واحــدة لتحليــل مؤشــرات (واصمــات) حيو ّيــة‬
‫ضرور ّيــة‪ ،‬مثــل الصوديــوم والبوتاســيوم‪ ،‬للمســاعدة فــي تحســين‬
‫األداء والتّعافــي‪ ،‬والحمايــة مــن اإلصابــات(‪.)26‬‬
‫أو مــاذا إن اســتطعت فهــم مشــاعرك علــى مســتوى أكثــر عمقــ ًا؟‬
‫صممتــه عصبــة مــن الباحثيــن فــي‬ ‫مود‪-‬ميتــر(‪ ،)Mood Meter‬الــذي ّ‬
‫عاطفــي يــدوم مــدى الحيــاة»‪ .‬يســاعدك‬‫ٍّ‬ ‫تطبيــق لبنــاء «ذكاء‬
‫ٌ‬ ‫ييــل‪،‬‬
‫التطبيــق فــي الحصــول علــى معلومــات ذاتيــة عــن مزاجــك باســتخدام‬
‫تعــرف مشــاعرك‪،‬‬ ‫برنامــج المســطرة (‪ ،)Ruler‬الــذي يعمــل علــى ّ‬
‫ـورو التطبيق‬ ‫وفهمهــا‪ ،‬وتصنيفهــا‪ ،‬والتعبيــر عنهــا‪ ،‬وتنظيمهــا‪ .‬يقــول مطـ ّ‬
‫عــن هــذا البرنامــج إنــه «هبــة الوعــي الذاتــي عــن نفســك‪ ،‬واآلخريــن»‪.‬‬
‫أي مــن هــذه‬ ‫ا اســتخدام ّ‬ ‫أردت فعــ ً‬
‫ُ‬ ‫رائــع‪ ،‬صحيــح؟! طبعــ ًا‪ ،‬إذا‬
‫التّقانــات‪ ،‬لــن أنفــق ثــروة صغيــرة فقــط‪ ،‬وإنمــا ســأضطر إلــى اختــراع‬
‫حقيبــة جديــدة تُث ّبــت علــى خصــري؛ ألضــع فيهــا كل هــذه األجهــزة‪.‬‬
‫لكــن ذلك الوضــع ســيتغ ّير علــى األغلــب؛ ألن األدوات القابلــة لالرتداء‬
‫تخــرج اآلن مــن ســنوات مراهقتهــا صعبــة المــراس فــي دورة حيــاة‬
‫‪115‬‬ ‫الضخمــة فــي الســيارات‬ ‫االبتــكار‪ .‬كمــا تغ ّيــر شــكل ووظيفــة الهواتــف ّ‬
‫مــن حقبــة الثمانينيــات‪ ،‬ســتتغير األجهــزة القابلــة لالرتــداء‪ .‬لقــد قطعنــا‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪2‬‬

‫ا حتــى اآلن‪ ،‬كمــا هــو واضــح مــن هــذه الصــورة الظريفــة‬ ‫شــوط ًا طويـ ً‬
‫مــن ‪ 1993‬لمجموعــة مــن الباحثيــن فــي معهــد ماساشوســتس للتّقانــة‪،‬‬
‫المزوديــن بنمــاذج أوليــة لــأدوات القابلــة لالرتــداء‪ .‬بــدا الباحثــون‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ـماعات كبيــرة‪ ،‬وســترات ســميكة‪ ،‬وأحزمــة عريضــة؛ كأنهم‬ ‫المثقليــن بسـ ّ‬
‫مهمــة سـ ّـرية‪.‬‬
‫فرقــة صائــدي أشــباح‪ ،‬أو وحــدة مــن جيــش مارقيــن فــي ّ‬
‫كانــت تلــك األجهــزة الباكــرة نمــاذج ّأول ّيــة لبعــض أكثــر األدوات‬
‫ـور ًا حالي ـ ًا‪ .‬يظهــر إلــى أقصــى يســار الصــورة ســتيف‬ ‫المحمولــة تطـ ّ‬
‫ـور ّأول نظــام واقــع معـ ّـزز قابــل لالرتــداء فــي ‪،1974‬‬
‫مــان‪ ،‬الــذي طـ ّ‬
‫و ُيعــرف علــى نطــاق واســع باســم «أبــو األدوات الحاســوبية القابلــة‬
‫ـجلت واحدة‬ ‫لالرتــداء»‪ .‬كان متّصـ ً‬
‫ا عــن بعــد بآلــة تصويــر‪ ،‬والتــي سـ ّ‬
‫مــن أوائــل «الســيلفي» الجماعيــة(‪ .)27‬منــذ التقــاط هــذه الصــورة‪ ،‬تابــع‬
‫مــان العمــل ليبتكر عــدّ ة تقانــات مدهشــة‪ ،‬وفيهــا آي‪-‬تــاب (‪Eye+Tap‬‬
‫عيــن زجاجيــة رقم ّيــة )‪ ،‬ومايند‪-‬ميــش (‪« MindMesh‬قبعــة تفكيــر»‬
‫تســمح للمســتخدم بوصــل عــدّ ة أجهــزة إلــى رأســه مثــل آلــة تصويــر‪،‬‬
‫واســتخدامها علــى أنهــا «عيــن)‪ ،‬والتصويــر بالمــدى الديناميكــي‬
‫العالــي (‪ :HDR‬تقنيــة تســمح آللــة التصويــر بالتقــاط ثــاث صــور فــي‬
‫الوقــت نفســه‪ ،‬بإضــاءة ســاطعة‪ ،‬ومعتدلــة‪ ،‬ومعتمــة‪ ،‬مــن ثــم دمــج‬
‫الصــور لتقديــم نســخ مختلفــة مــن الظــال والســطوع)(‪.)29( ،)28‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫عندمــا كنــت أعمــل علــى هــذا الكتــاب‪ ،‬حظيــت بشــرف وامتيــاز‬
‫التّواصــل مــع مــان عبــر البريــد اإللكترونــي فــي أثنــاء نقاشــه إحــدى‬
‫آخــر إبداعاتــه‪ .‬يدعــى المشــروع ميتــا‪ ،‬ويقــدّ م أول نظــارة واقــع معـ ّـزز‬
‫تجــاري(‪ .)30‬لــن تكــون النظــارة ضمــن ميزانيــة‬ ‫ّ‬ ‫ســتتوافر علــى نطــاق‬
‫معظمنــا‪ ،‬إذ ســيبلغ ســعرها ‪ 949‬دوالر ًا‪ ،‬ولكــن تو ّفرهــا فــي األســواق‬
‫يشــير إلــى أن الواقــع المعـ ّـزز بــات حقيقــة فع ـاً‪ ،‬ال تقانــة مســتقبل ّية‪.‬‬ ‫‪116‬‬
‫مؤســس ميتــا ومديرهــا التنفيــذي ميــرون غريبتــز فــي برنامجــه‬ ‫يشــرح ّ‬
‫التلفــازي‪« :‬فــي األعــوام القليلــة القادمــة‪ ،‬ستشــهد البشــر ّية تغييــر ًا مهم ًا‪،‬‬
‫الرقم ّيــة علــى‬‫كمــا أظــن‪ .‬ســنبدأ وضــع طبقــة كاملــة مــن المعلومــات ّ‬
‫العالــم الحقيقــي‪ .‬تخ ّيــل للحظــة فقــط مــا قــد يعنيــه هــذا للروائ ّييــن‪،‬‬
‫ومصممــي الديكــور الداخلــي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وجراحــي الدمــاغ‪،‬‬ ‫والرســامين‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫وربمــا كل مــن يوجــد هنــا اليــوم‪ .‬أظــن أن مــا يجــب أن نفعلــه نحــن‬
‫‪ -‬بوصفنــا مجتمعــ ًا ‪ -‬هــو محاولــة بــذل جهــد لتخ ّيــل كيــف يمكننــا‬
‫توســع التجربــة اإلنســانية‪،‬‬ ‫التعامــل مــع هــذا الواقــع الجديــد بطريقــة ّ‬
‫بــدالً مــن تحويــل واقعنــا إلــى ألعــاب‪ ،‬أو فوضــى بتلــك المعلومــات‬
‫الرقميــة»‪ .‬بعــد االنتهــاء مــن اختبــار تلــك االبتــكارات‪ ،‬ســتصبح أكثــر‬ ‫ّ‬
‫بســاط ًة وأناقــ ًة‪ ،‬وســتتوافر علــى نطــاق واســع بالطريقــة نفســها التــي‬
‫دمجــت فيهــا الهواتــف الذك ّيــة البريــد اإللكترونــي‪ ،‬والهواتــف‪ ،‬وآالت‬
‫التصويــر‪ .‬صبــر ًا يــا أصدقائــي‪ ،‬فاألمــر يســتحق االنتظــار!‬
‫تأتي أفضل االبتكارات في المجتمع غالب ًا من التغييرات‬
‫الصغيرة جدًّ ا في طرق عملنا أو سبل حياتنا‪.‬‬
‫تأتــي أفضــل االبتــكارات فــي المجتمــع غالبــ ًا مــن التغييــرات‬
‫ـت خطــو ًة باتجاه‬‫الصغيــرة جــدًّ ا فــي طــرق عملنــا أو ســبل حياتنــا‪ .‬قطعـ ُ‬
‫المســتقبل القريــب فــي الربيــع الماضــي‪ ،‬حيــن تلقيــت دعــوة لالنضمام‬
‫إلــى مؤسســة إكســبرايز (‪ ،)XPRIZE‬والعمــل علــى تقديــم «رؤى»‬
‫ٍ‬
‫لواحــدة مــن أحــدث مبادراتهــا‪ .‬كانــت تلــك منافسـ ًة ق ّيمـ ًة جائزتهــا ‪10‬‬
‫ـا لخفــض مخاطــر اإلصابــة‬ ‫مالييــن دوالر‪ ،‬وسـتُمنح لفريــق يقــدم حـ ًّ‬
‫ٍ‬
‫ألفــراد مــن شــرائح‬ ‫الشــخصية‬ ‫الصحــة ّ‬ ‫بمــرض عضــال‪ ،‬وتحســين‬
‫ّ‬
‫ســكان ّية مختلفــة‪ ،‬وموجوديــن فــي بقــاع ش ـتّى فــي الكــرة األرضيــة‪.‬‬
‫إذا بــدا هــذا بعيــد المنــال‪ ،‬تذ ّكــر منافســات إكســبرايز الماضيــة‪ ،‬التــي‬
‫أ ّدت إلــى إنشــاء مشــروعات ناجحــة لخصخصــة الســفر إلــى الفضــاء‪،‬‬
‫‪117‬‬ ‫وتحســين كفــاءة اســتهالك الوقــود فــي أثنــاء الســفر بالســيارة‪ ،‬وحتــى‬
‫تنظيــف البقــع الناجمــة عــن تسـ ّـرب النفــط‪.‬‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪2‬‬

‫الشــخص ّية؟ جســدية‪ ،‬أو ذهن ّيــة‪ ،‬أو‬ ‫الصحــة ّ‬


‫ّ‬ ‫لكــن مــا هــي أزمــة‬
‫الصح ّيــة «قابلــة للحــل» فع ـاً؟ بوجــود‬ ‫عاطف ّيــة؟ وهــل هــذه األزمــة ّ‬
‫ٍ‬
‫لحــل واحــدأن‬‫ٍّ‬ ‫عوامــل كثيــرة تتداخــل فــي األزمــة‪ ،‬كيــف يمكــن‬
‫ُّ‬
‫الحــل‬ ‫ُيحــدث فرقــ ًا؟ بمواجهــة هــذا الهــدف الضخــم‪ ،‬تط ّلــب‬
‫المنشــود أن نف ّكــر علــى نطــاق أضيــق بشــأن أهدافنــا الصحيــة‪ .‬بــدالً‬
‫صح ّيــة حكوم ّيــة أو خاصــة واســعة النطــاق‪،‬‬ ‫مــن إطــاق مبــادرة ّ‬
‫أردنــا تمكيــن األفــراد مــن اتخــاذ قــرارات أفضــل مــن تلقــاء أنفســهم؛‬
‫ُدهش حيــن نعرف‬ ‫بمنحهــم معلومــات وآراء خاصــة بشــخص ّياتهم‪ .‬سـن َ‬
‫تبصــر؛ إ ّمــا نتيجــة نقــص فــي‬
‫عــدد القــرارات التــي نتّخذهــا مــن دون ّ‬
‫عقالنــي بــأن األمــور ســتكون بخيــر فــي‬
‫ٍّ‬ ‫المعلومــات‪ ،‬أو أمــل غيــر‬
‫نهايــة المطــاف‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬نقبــل تنــاول فيتامينــات متعــدّ دة‬
‫يوميــ ًا مــن دون أن نعــرف األنــواع التــي تحتاجهــا أجســادنا فعــاً‪.‬‬
‫هــذا مفهــوم تمامـ ًا؛ ألنــه ال توجــد طريقــة حتــى اآلن للحصــول علــى‬
‫هــذه المعلومــة مــن دون أخــذ ع ّينــة مــن الــدم‪ .‬لكــن تخ ّيــل أن يصبــح‬
‫لدينــا فــي المســتقبل القريــب جــدًّ ا جهــاز فحــص محمــول باليــد‪ ،‬مثل‬
‫الــذي يظهــر فــي فيلــم ســتار تريــك‪ ،‬ويمكــن أن تمـ ّـرره أمــام جبينــك‬
‫أي الفيتامينــات التــي يحتاجهــا‬ ‫(مثــل ميــزان حــرارة لحظــي) لتعــرف ّ‬
‫ثــم االســتفادة مــن تلــك المعلومــات لتحديــد‬ ‫جســمك‪ ،‬ومــن ّ‬
‫خياراتــك الغذائ َّيــة فــي أثنــاء اليــوم‪ .‬بســيط جــدًّ ا‪ ،‬إنمــا فاعـ ٌـل تمام ـ ًا‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫مفصلــة‪ ،‬ســيكون بمقــدور‬ ‫عندمــا يصبــح لدينــا بيانــات شــخصية ّ‬
‫ا فــي ذلــك الوقــت‪،‬‬ ‫األفــراد االســتفادة مــن معلومــات مهمــة لهــم فعـ ً‬
‫ال بعــد فــوات األوان‪ ،‬إلحــداث تغييــر عميــق ودائــم‪.‬‬
‫قمــي‪ ،‬ويمكــن أن تنفــع تقانــة مثــل هــذه‬
‫ّ‬ ‫الر‬
‫نعيــش فــي العصــر ّ‬
‫لنعــرف ذاتنــا علــى نحــو أفضــل مــن الداخــل والخــارج فــي ٍ‬
‫آن مع ـ ًا‪.‬‬ ‫‪118‬‬
‫عندمــا نمتلــك معرفــة أفضــل عــن أنفســنا‪ ،‬نبــدأ التفكيــر علــى نحــو‬
‫أكثــر ذكاء‪ ،‬ونتّخــذ خيــارات أفضــل بشــأن طــرق االســتفادة مــن كل‬
‫إمكاناتنــا‪ ،‬واالســتمتاع فــي نهايــة المطاف بســعادة أكبــر في المســتقبل‪.‬‬

‫التفكري خارج نطاق التّقانة‬


‫لقــد أوضحــت فــي هــذا القســم كل الطــرق التــي يمكــن أن‬
‫تســاعدنا بهــا التّقانــة فــي فهــم أنفســنا‪ ،‬واتخــاذ قراراتنــا‪ .‬علــى كل‬
‫حــال‪ ،‬جديـ ٌـر ّ‬
‫بالذكــر هنــا أن التّقانــة مجـ ّـرد أداة لمســاعدتنا‪ ،‬ال الحــل‬
‫لــكل مشــكالتنا‪.‬‬

‫مجرد أداة لمساعدتنا‪ ،‬ال الحل لكل مشكالتنا‪.‬‬


‫التّقانة ّ‬
‫قــد تندهــش حيــن تســمعني ‪ -‬أنــا التــي أصــف نفســي بأننــي متفائلة‬
‫رقميـ ًا ‪ -‬أقــول إن التّقانــة ليســت الحــل النهائــي‪ .‬لكــن أهــم جــزء فــي‬
‫التفكيــر علــى نطــاق ضيــق ربمــا يتم ّثــل فــي التوقــف عــن التفكّــر‬
‫أحيانــ ًا‪ .‬اســتعارت ابنتــي غابــري‪ ،‬البالغــة مــن العمــر ســتة أعــوام‪،‬‬
‫جهــازي اآلي‪-‬فــون منــذ بعــض الوقــت‪ ،‬وقــد ســمعتها مصادفــة‬
‫تســأل ســيري‪« :‬مــن هــو الــرب؟»‪ .‬ر ّدت األخيــرة بالقــول‪« :‬ســؤال‬
‫ا بســيط ًا‪ ،‬إنمــا‬
‫ووجهتهــا إلــى ويكيبيديــا‪ .‬كان هــذا تفاعــ ً‬ ‫رائــع»‪ّ ،‬‬
‫مدهش ـ ًا أيض ـ ًا؛ ألن هــذا الســؤال هــو أحــد أقــدم األســئلة‪ ،‬وأكثرهــا‬
‫إثــارة للنّقــاش‪ ،‬علــى مــر العصــور‪ ،‬وقــد ر ّدت ســيري عليــه فــي طرفــة‬
‫بالســعادة لقبــول جــواب ســيري مــن‬ ‫عيــن‪ .‬كانــت غابــري ستشــعر ّ‬
‫ـزت الفرصــة لتشــجيعها‬ ‫دون أن تمعــن التفكيــر فــي األمــر‪ ،‬ولكــن انتهـ ُ‬
‫شــرحت أن التّقانــة أداة رائعــة‬
‫ُ‬ ‫علــى طــرح مزيــد مــن األســئلة‪.‬‬
‫للتع ّلــم‪ ،‬وأن علينــا أن نضــع هــذه المعلومــات فــي ســياقها الصحيــح‪،‬‬
‫‪119‬‬
‫الشــخصية أيض ـ ًا‪ .‬فــي وقــت مــا مــن حديثــي‬ ‫وأن ندعمهــا بالتجربــة ّ‬
‫ـول معهمــا‪ ،‬بــدأت األعيــن تفقــد بريــق االهتمــام‪ ،‬ولكــن الفائــدة‬ ‫المطـ ّ‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪2‬‬

‫تح ّققــت كمــا آمــل‪.‬‬


‫يجــب أن نســتفيد فــي أثنــاء محاولــة فهــم أنفســنا مــن أفضــل‬
‫ـري‪ .‬قــد‬ ‫حاســوب خــارق جــرى إبداعــه حتــى اآلن ‪ ...‬العقــل البشـ ّ‬
‫يعنــي هــذا التو ّقــف وعــزل أنفســنا عن محيطنــا‪ ،‬والنظــر إلــى الغيوم‪،‬‬
‫والتأ ّمــل فــي بعــض أروع أســئلة الحيــاة‪ .‬ســيعني هــذا التواصــل مــع‬
‫مشــاعرنا‪ ،‬واإلصغــاء إلــى جوارحنــا‪ ،‬أو محاولــة كســب الحكمــة‬
‫عبــر الصــاة أو التأ ّمــل‪ .‬أنــا واثقــة بــأن بعــض العلمــاء سيشــعرون‬
‫ـن أن البشــر أســمى مــن‬ ‫بخيبــة األمــل حيــن أكتــب هــذا‪ ،‬ولكــن أظـ ُّ‬
‫مجــرد كتلــة مــن الخاليــا العصبيــة المتشــابكة والنشــطة‪ .‬نشــعر‬
‫بأشــياء مختلفــة ‪ -‬لســنا مجــرد آالت تعمــل وفقــ ًا لخوارزميــات‬
‫متقدّ مــة‪ ،‬وإنمــا نخــرج عــن نطــاق مــا تخبرنــا بــه البيانــات لنم ّيــز مــا‬
‫نشــعر بأنــه صحيــح‪ .‬هنــاك قلــب فــي صميــم معرفتنــا ألنفســنا‪ ،‬وهو‬
‫مــا يجعلنــا بشــر ًا‪ ،‬وأفضــل مــن اآلالت‪ ،‬وحتــى مــن التّقانــة التــي‬
‫ابتكرناهــا لنعــرف أنفســنا علــى نحــو أفضــل‪ .‬قــد نــدرك الفصــل‬
‫األخيــر مــن معرفتنــا ذاتنــا حيــن نف ّكــر بعقولنــا‪ ،‬ونشــعر بقلوبنــا‪.‬‬

‫هناك قلب في صميم معرفتنا ألنفسنا‪ ،‬وهو ما يجعلنا بشر ًا‪،‬‬


‫وأفضل من اآلالت‪ ،‬وحتى من التّقانة التي ابتكرناها لنعرف‬
‫أنفسنا على نحو أفضل‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫تحــدّ د قراراتنــا المص ّغــرة مــا نكــون عليــه بوصفنــا أفــراد ًا‪.‬‬
‫الســعادة‪ ،‬ســنجد تقانــة فــي‬
‫عندمــا نرنــو بأنظارنــا إلــى مســتقبل ّ‬
‫أي ٍ‬
‫أثــر ســتتركه عقولنــا خلفنــا؟ إذا نظرنــا‬ ‫متنــاول يدنــا‪ ،‬ولكــن ّ‬
‫إلــى تفاصيــل حياتنــا‪ ،‬يمكــن أن نــرى أن القــرارات المص ّغــرة‬
‫التــي نتخذهــا تمنحنــا بصائــر بشــأن طريقــة إجــراء تغييــرات فــي‬ ‫‪120‬‬

‫معيشــتنا‪ .‬حــان الوقــت اآلن لالســتفادة مــن هــذه المعلومــات مــن‬


‫ـول المنشــود‪ ،‬بتدريــب عقولنــا علــى اســتخدام‬ ‫أجــل إنجــاز التحـ ّ‬
‫ـي لتحقيــق كل إمكاناتنــا فــي العمــل‪،‬‬‫مبــادئ علــم النفــس اإليجابـ ّ‬
‫الشــخصية‪.‬‬ ‫والبيــت‪ ،‬وفــي حياتنــا ّ‬

‫خال�صة‬
‫معرفــة الــذات قــوة‪ ،‬يســاعدنا االهتمــام بقراراتنــا المص ّغــرة‬
‫فــي حياتنــا‪ ،‬وتوخــي الحــرص فــي أثنــاء اتخاذهــا‪ ،‬علــى تفــادي‬
‫العراقيــل التــي تحــدُّ مــن تفكيرنــا‪ ،‬واتخــاذ قــرارات أفضــل‬
‫فــي المســتقبل‪ .‬تســاعدنا التّقانــة الجديــدة علــى فهــم أجســادنا‬
‫وعقولنــا علــى مســتوى أكثــر تفصيــاً‪ ،‬وتمكّننــا مــن اتخــاذ‬
‫قــرارات مص ّغــرة أفضــل بشــأن المســتقبل‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬يجــب‬
‫أن نســتفيد مــن أفضــل حاســوب خــارق جــرى إبداعــه حتــى‬
‫البشــري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اآلن‪ ...‬العقــل‬
‫تعرف ذاتك بـ‪:‬‬
‫ّ‬
‫✓ ✓تمييــز اآلراء الســلب ّية‪ ،‬التــي قــد تجعــل قطــار نوايــاك‬
‫يخــرج عــن س ـكّته‪.‬‬
‫✓ ✓االهتمــام بقراراتــك المص ّغــرة‪ ،‬لفهــم المجــاالت‬
‫التــي قــد يكــون فيهــا لتغييــرات صغيــرة تأثيــرات‬
‫كبيــرة عليــك‪.‬‬
‫✓ ✓مراقبــة التقــدّ م فــي حياتــك لتحديــد نقــاط النجــاح‪،‬‬
‫للتحســن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والقضايــا التــي توجــد فيهــا فســحة‬
‫‪121‬‬
‫استراتيجية ‪1‬‬

‫استراتيجية ‪2‬‬
‫االستراتيجية رقم ‪3‬‬
‫د ّرب عقلك‬

‫كيف تر ّتب لبنات ٍ‬


‫ذهن‬
‫ذكاء و�سعادة‬
‫�أكثر ً‬

‫‪123‬‬
‫كنــت مقتنعـ ًة فــي أثنــاء طفولتــي أن أبــي يذهــب إلــى العمــل ل ّلعــب‬
‫فقــط‪ .‬كان والــدي أســتاذ علــم األعصــاب فــي جامعــة بايلــور‪ ،‬ومكتبــه‬
‫مملــوء أغراضـ ًا فاقعــة األلــوان الختبــار الــذكاء‪ ،‬وكتبـ ًا لـــ م‪ .‬ك‪ .‬إيشــر‬
‫الحســي‪ .‬كانــت هنــاك غرفــة معزولــة صوتي ـ ًا مغ ّطــاة‬‫ّ‬ ‫لدراســة اإلدراك‬
‫بمــادة إســفنجية زرقــاء؛ ظننــت أنّهــا مــن أجــل التماريــن الرياض ّيــة‬
‫(لكــن عرفــت الحقــ ًا أنهــا لدراســة الموجــات الدماغيــة فــي أثنــاء‬
‫المفضلــة فــي المكتــب هــي مختبر الحاســوب‬ ‫ّ‬ ‫النــوم)‪ .‬كانــت فســحتي‬
‫المســمى «قاعــة العمــل»‪ ،‬أو «قاعــة اللعــب»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فــي آخــر الــرواق‬
‫وتوجــد فــي تلــك الحجــرة الصغيــرة مــن المكتــب ثــاث حواســيب‬
‫مــزودة بأحــدث تقانــة فــي الســوق‪ .‬فــي ‪ ،1985‬عندمــا كنــت فــي‬ ‫ّ‬
‫الخامســة فقــط مــن العمــر (ســأتركك تحســب عمــري)‪ ،‬أتذ ّكــر أننــي‬
‫كنــت جالسـ ًة فــي حضــن أبــي‪ ،‬أتع ّلــم منــه طريقــة مــلء شاشــة جهــاز‬
‫ـم طباعتهــا باســتخدام‬ ‫ٍ‬
‫الســياج‪ ،‬مــن ثـ ّ‬
‫مــاك كالســيك بأشــكال تشــبه ّ‬
‫طابعــة نقطيــة بــدت مــن عالــم آخــر آنــذاك‪ ،‬مــا أصابنــي بالدّ هــش‪.‬‬
‫فــي األعــوام القليلــة اآلتيــة‪ ،‬اعتــاد أبــي اصطحابنــا إلــى مكتبــه فــي‬
‫الصيــف فــي أثنــاء تدريــس الصفــوف‪ ،‬ممــا أتــاح لنــا وقتــ ًا طويــ ً‬
‫ا‬
‫للعبــث بأشــياء حولنــا‪.‬‬
‫أجــرت بايلــور عــدّ ة تحديثــات منتظمــة للتقانــة فــي ذلــك الوقــت‪،‬‬
‫وجلبــت حواســيب وطابعــات وبرمج ّيــات جديــدة إلــى ذلــك‬
‫مجــرد أحــاج ممتعــة ينبغــي‬
‫ّ‬ ‫ا أن الحواســيب‬‫المكتــب‪ .‬ظننــا فعــ ً‬
‫تتجمــد‬ ‫ح ّلهــا‪ ،‬وكنــا نضغــط علــى كل قائمــة مهمــات وأزرار حتــى‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ّ‬
‫الشاشــة‪ ،‬مــن ثــم نطفــئ الحاســوب ونتسـ ّلل إلــى خــارج الغرفــة؛ كأن‬
‫شــيئ ًا لــم يكــن‪.‬‬
‫مــا لــم نعرفــه فــي ذلــك الوقــت هــو أننــا مــن أفــراد جيــل جديــد‬
‫أدوات لالستكشــاف والمغامــرة‪ ،‬وأن‬ ‫ٌ‬ ‫الحواســيب‬
‫َ‬ ‫يترعــرع مصدّ قــ ًا أن‬
‫ـم فــي تطويــر‬‫ـو ٌن مهـ ٌّ‬
‫ذهن ّيــة الفضــول واالســتقصاء هــي فــي الواقــع مكـ ّ‬ ‫‪124‬‬

‫القــدرة علــى فهــم المعلومــات واالبتــكار‪ .‬عندمــا ننظــر إلــى المســتقبل‪،‬‬


‫نــدرك اآلن أن المعرفــة المتناميــة بشــأن الطريقــة التــي يمكــن للتّقانــة أن‬
‫ـي وتعزيــزه‪ ،‬ســتتضافر مــع‬ ‫تســاعدنا فيهــا علــى فهــم ســلوكنا اإليجابـ ّ‬
‫قدرتنــا علــى االســتفادة مــن كل إمكاناتنــا‪.‬‬
‫ال أحــد يفهــم هــذا أفضــل مــن إدارة وطــاب مختبــر معهــد‬
‫ماساشوســتس للتّقانــة فــي كامبريــدج‪ ،‬الذيــن يهدفــون إلــى تهيئــة العا ّمــة‬
‫لقبــول اإلمكانــات القادمــة‪ .‬فــي ربيــع ‪ ،2016‬ســنحت لــي فرصــة زيــارة‬
‫رقمــي حديــث‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منشــأة مختبــر الوســائط الشــبيه بالمتحــف‪ ،‬أو ملعــب‬
‫هنــاك مختبــر كامــل يدعــى روضــة الحيــاة المديــدة ‪ -‬بنــاء مملــوء بصمات‬
‫توســع نطــاق مــا‬ ‫ومخصــص «لتطويــر تقانــات جديــدة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملونــة ‪-‬‬
‫أصابــع ّ‬
‫تجولــت بيــن الطوابــق‬ ‫يســتطيع النّــاس تصميمــه‪ ،‬وابتــكاره‪ ،‬وتع ّلمــه»(‪ّ .)1‬‬
‫وشــاهدت المعروضــات المختلفــة‪ ،‬وشــعرت أننــي مثــل طفــل فــي متجــر‬
‫ـي‪ ،‬يرنــو ببصــره إلــى تماثيــل تعــرض أحــدث األدوات القابلــة‬ ‫حلــوى رقمـ ّ‬
‫توضــح «حــال» ســوق األســهم ّأوالً بــأول‪،‬‬ ‫لالرتــداء‪ ،‬وأجــرام ملو ٍ‬
‫نــة ّ‬ ‫ّ‬
‫وأرغفــة رائعــة مــن الخبــز المصنــوع مــن نقــاط بيكســل «قابلــة لــأكل»‪.‬‬
‫حظيــت حتــى بفرصــة تجريــب إحــدى النمــاذج القديمــة مــن نظــارات‬
‫غوغــل‪ ،‬وأنــا واثقــة تمامــ ًا بأنهــا جعلتنــي أبــدو حــوالء حيــن حاولــت‬
‫القــراءة واالســتجابة لمؤ ّثــرات بصريــة فــي الجــزء األيمــن األعلــى مــن‬
‫مجــال رؤيتــي (أدركــت آنــذاك مــا قصــده المنتقــدون حيــن قالــوا بــازدراء‪:‬‬
‫«ألــم غوغــل المبـ ّـرح»‪ ،‬ولمــاذا أوقفــت غوغــل المشــروع إلعــادة التفكيــر‬
‫فــي تصميمــه)‪.‬‬
‫عندمــا كنــت فــي مختبــر الوســائط‪ ،‬التقيــت خافيــر هرنانديــز؛‬
‫طالــب الدكتــوراه فــي مجموعــة الحوســبة الوجدان ّيــة (العاطف ّيــة)‪،‬‬
‫ســتكون بهــا التّقانــة مســتقبل‬
‫ّ‬ ‫لمعرفــة رأيــه فــي الطريقــة التــي‬
‫‪125‬‬ ‫ـور مقيــاس المــزاج فــي‬ ‫ـق طـ ّ‬‫الســعادة‪ .‬كان هرنانديــز عضــو ًا فــي فريـ ٍ‬
‫ّ‬
‫ا ليكــون تطبيقــ ًا‬ ‫معهــد ماساشوســتس للتّقانــة‪ ،‬الــذي ُص ّمــم أصــ ً‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫يمــر‬
‫ُّ‬ ‫يقــوم الحــال النّفســ ّية للنّــاس فــي حــرم المعهــد(‪ .)2‬عندمــا‬‫ّ‬
‫ٍ‬
‫أفــرا ٌد فــي واحــدة مــن أربــع مواقــع لـــ «مقيــاس المــزاج» فــي ذلــك‬
‫المــكان‪ ،‬يمكنهــم رؤيــة أنفســهم علــى شاشــة كبيــرة‪ ،‬فــي حيــن‬
‫تح ّلــل خوارزميــة حاســوب ّية ابتســامتهم‪ .‬ســتظهر صورتهــم علــى‬
‫الفــور بوجــه متك ّلــف أو بشــوش‪ .‬جــرى جمــع البيانــات بعــد ذلــك‬
‫علــى مــدى عشــرة أســابيع الستكشــاف النزعــات‪ ،‬موضــع التســاؤل‪،‬‬
‫يحســن‬‫مثــل‪« :‬هــل يتكــدّ ر المــزاج فــي منتصــف الفصــل؟»‪ ،‬و«هــل ّ‬
‫بالســعادة؟ و«هــل األشــخاص فــي أحــد‬ ‫الطقــس الدافــئ الشــعور ّ‬
‫األقســام أكثــر ســعاد ًة مــن أقســام ُأ َخــر؟»‪.‬‬

‫تعــدُّ االبتســامات مقياســ ًا واحــد ًا فقــط ّ‬


‫للســعادة‪ ،‬وقــد اســتهدف‬
‫المشــروع رســم «لوحــة حيــة عــن المجتمــع‪ ،‬والحصــول علــى بصمـ ٍ‬
‫ـة‬ ‫ّ‬
‫ثابــت وأوقــات مختلفــة»(‪ .)3‬يــدرس هرنانديــز اآلن‬ ‫ٍ‬ ‫ــة فــي موقــع‬‫عاطفي ٍ‬
‫ّ‬
‫كيف ّيــة اســتخدام المستشــعرات الحيويــة علــى أنهــا «أداة تواصــل بديلــة»‬
‫ٍ‬
‫مشــكالت فــي هــذا‬ ‫ٍ‬
‫أفــراد يعانــون مــن‬ ‫للمســاعدة فــي تحســين فهــم‬
‫صعبــة مــن اضطرابــات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بحــاالت‬ ‫المجــال‪ ،‬مثــل أولئــك المصابيــن‬
‫التوحــد(‪ .)5( ،)4‬بمراقبــة ر ِّد فعــل الفــرد تجــاه التو ّتــر والقلــق بمــرور‬
‫ّ‬ ‫طيــف‬
‫الوقــت‪ ،‬يســتطيع اآلبــاء والمر ّبــون البــدء بتحديــد وتو ّقــع العوامــل التــي‬
‫تثيــر نوبــات الغضــب أو إيــذاء النفــس‪ ،‬مــا ســيعدُّ خطــو ًة رئيســ ًة إلــى‬
‫للروعــة!‬‫األمــام بالنســبة إلينــا جميع ـ ًا‪ .‬يــا ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫قمــي قــد يثيــر اإلعجــاب‬ ‫ّ‬ ‫الر‬
‫علــى الرغــم مــن أن الملعــب ّ‬
‫والدّ هــش معـ ًا‪ ،‬إال أنــه يم ّثــل تحدّ يــات جديــدة أيضـ ًا؛ يجــب أن نتع ّلــم‬
‫التغ ّلــب عليهــا‪ .‬فــي االســتراتيجية الســابقة‪ ،‬تكلمنــا عــن خــروج قطــار‬
‫عمليــة صنــع القــرار عــن سـكّته‪ ،‬أو حملنــا نحــو وجهتنــا المتم ّثلــة فــي‬
‫االســتفادة مــن كل إمكاناتنــا‪ ،‬واستكشــفنا طرقـ ًا جديــدة تســاعدنا بهــا‬ ‫‪126‬‬
‫التّقانــة علــى تحديــد خياراتنــا‪ .‬تتو ّغــل االســتراتيجية فــي هــذا القســم‪،‬‬
‫علــى كل حــال‪ ،‬بعمــق أكبــر فــي مجــال اســتخدام تقانــة اإلقنــاع وعلــم‬
‫آن معـ ًا لتطويــر طــرق تفكيرنــا‪ ،‬وإحــداث تغييـ ٍ‬
‫ـر‬ ‫النفــس اإليجابــي فــي ٍ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫ملمــوس مــن أجــل تحقيــق نمــو مســتدا ٍم‪ .‬سأشــاطرك‪ ،‬علــى نحــو‬ ‫ٍ‬
‫أكثــر تحديــد ًا‪ ،‬خمــس مهــارات يمكنــك اســتخدامها لزيــادة مســتوى‬
‫ســعادتك بفاعليــة‪ ،‬وســأطلعك علــى بعــض األدوات‪ ،‬والتّطبيقــات‪،‬‬
‫المفضلــة لــدي لمســاعدتك علــى ذلــك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واآلالت‬

‫التحدي‪:‬‬
‫ّ‬
‫ذهنية �صعبة المِرا�س‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫التعامل مع‬
‫تطــور «ذهنيــة‬
‫ّ‬ ‫المدربــة جــرا ًء يافعــة‪ ،‬والتــي‬
‫ّ‬ ‫تشــبه العقــول غيــر‬
‫خاصــة بهــا» يــؤ ّدي إلــى حــدوث سلســلة مــن النتائــج المتعاقبــة‪.‬‬
‫بالنســبة إلــى أولئــك الذيــن قــد اقتنــوا جــرو ًا (أو ر ّبــوا طفــاً)‪،‬‬
‫ســيفهمون مــدى روعــة األمــر حيــن يظهــر وميــض فــي عينــي ذلــك‬
‫المخلــوق الرائــع أول مــرة‪ .‬أتذكّــر صبــاح اليــوم الــذي جــرى فيــه‬
‫ـد ألســرتنا‪ .‬كنــت متأخرة‬ ‫ـرو جديـ ٍ‬
‫ـهر تقريبـ ًا مــن اقتنــاء جـ ٍ‬
‫ذلــك بعــد شـ ٍ‬
‫عــن العمــل‪ ،‬والكلبــة تقــوم بجولتهــا الصباحيــة المعتــادة لتجــد البقعــة‬
‫أنجــزت‬
‫ْ‬ ‫المثاليــة مــن أجــل لفــت االنتبــاه إليهــا‪ .‬فــي اللحظــة التــي‬
‫ـت نحوهــا فــور ًا ألرفعهــا عــن األرض‪ ،‬فنظــرت‬ ‫فيهــا المهمــة‪ ،‬اندفعـ ُ‬
‫عينــي‪ ،‬وابتعــدت بســرعة لتتفادانــي!‬ ‫َّ‬ ‫كتلــة الفــرو الرائعــة تلــك إلــى‬
‫لــم تفعــل هــذا فحســب‪ ،‬وإنمــا راقبتهــا باندهــاش‪ ،‬تتجــاوز ســياجي‬
‫وتندفــع إلــى حديقــة جارتــي الموحلــة بقفــزة غــزال نشــيط‪ .‬الحقتهــا‪،‬‬
‫خــال مــن المــرح‪ ،‬وحاولــت‬ ‫ٍ‬ ‫وو ّبختهــا‪ ،‬وتحدّ ثــت بصــوت حــاز ٍم‬
‫ـى فــي تلــك اللحظــة‬ ‫حتــى إقناعهــا بالمجــيء معــي‪ .‬لكــن أدركــت بأسـ ً‬
‫أننــي لــم أك ّلــف نفســي عنــاء تعليــم الجــرو أن أمــر االســتدعاء المهــم‬
‫‪127‬‬
‫جــدًّ ا «تعالــي» يعنــي «تعالــي إلــى هنــا فــور ًا!»‪ .‬كنــت قــد افترضــت‬
‫أنهــا ســتبقى دائمـ ًا تلــك الكتلــة اللطيفــة مــن الفــرو الزغــب‪ ،‬إال أننــي‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫أســأت تقديــر نمــو عقــل الكلبــة‪ ،‬والحاجــة إلــى العنايــة بالتّدريــب‪.‬‬


‫ـابه‪ ،‬نفشــل بتدريــب أذهاننــا علــى «المجــيء» حيــن‬ ‫ـو مشـ ٍ‬‫علــى نحـ ٍ‬
‫ـتتصرف‬‫ـي‪ ،‬وسـ ّ‬ ‫نســتدعيها‪ ،‬مفترضيــن أن عقولنــا تعمــل مثــل ط ّيــار آلـ ّ‬
‫مــن تلقــاء نفســها لمــا فيــه مصلحتنــا‪ .‬لكــن‪ ،‬كمــا نعــرف جميعـ ًا مــن‬
‫الشــخصية‪ ،‬عندمــا تبــرز تحدّ يــات أمامنــا‪ ،‬ال تكــون أجســادنا‬ ‫التجربــة ّ‬
‫مدربــة جيــد ًا دائمــ ًا لالســتجابة إلــى مثــل تلــك األوامــر‪ .‬تتو ّلــى‬ ‫ّ‬
‫أجســامنا زمــام األمــور أحيان ـ ًا‪ ،‬وتلجــأ إلــى رد فعــل «الكـ ّـر والفـ ّـر»‪،‬‬
‫ـول عقولنــا إلــى وضعيــة‬ ‫وبــدالً مــن التصـ ّـرف لمــا فيــه مصلحتنــا‪ ،‬تتحـ ّ‬
‫الهــروب‪ .‬شــرح إكنــاث إســواران؛ أحــد أشــهر المعلميــن الروحانييــن‬
‫ٍ‬
‫نحــو‬ ‫فــي القــرن العشــرين‪ ،‬التّنافــر بيــن أجســادنا وعقولنــا علــى‬
‫ظريـ ٍ‬
‫ـف فــي كتابــه الموســوم بـــ « َت َف ُّكــر»‪:‬‬
‫لنفتــرض أننــي خرجــت فــي صبــاح أحد األيــام‪ ،‬وشـغّلت ســيارتي‪،‬‬
‫ثــم قدتهــا إلجــراء حــوار عــن التف ّكــر فــي ميلبيتــاس؛ جنوبــي ســان‬
‫فرانسيســكو‪ .‬عندمــا أتجــاوز جســر البوابــة الذهبيــة‪ ،‬تنحــرف ســيارتي‬
‫شــرق ًا نحــو الطريــق ‪ .80‬أحــاول تدويــر المقــود‪ ،‬ولكــن أواجــه مقاومـ ًة‬
‫ـج قائ ـاً‪« :‬ميلبيتــاس! ُيفتــرض‬ ‫عنيف ـ ًة‪ ،‬آليــة التوجيــه تتجاهلنــي‪ ،‬فأحتـ ُّ‬
‫أن نذهــب إلــى ميلبيتــاس!»‪ .‬لكــن الســيارة تهــدر بتعجــرف‪« :‬رينــو!‬
‫رينــو! ســنذهب إلــى رينــو!»‪ .‬مــن ثــم أظــن أننــي أســمعها تقرقــر‪:‬‬
‫«لمــاذا ال تجلــس فــي الخلــف‪ ،‬وتســتمتع بالرحلــة؟»‪ .‬هــل ســنوافق‬

‫مستقبل السعادة‬
‫علــى ذلــك؟ بالطبــع ال‪ ،‬ليــس مــن ســياراتنا‪ .‬لكــن معظمنــا يقبــل‬
‫األمــر مــن دماغــه‪ .‬مــن الناحيــة النظريــة‪ ،‬ســنو ُّد أن يصغــي عقلنــا إلينــا‬
‫طوعـ ًا‪ ،‬ولكنــه ال يفعــل فــي الواقــع؛ ألننــا لــم نع ّلمــه كيــف يفعــل هــذا‬
‫فــي المقــام األول(‪.)6‬‬

‫‪128‬‬
‫ال نع ّلم عقولنا كيف تصغي إلينا طوع ًا؛ ألننا ال نعرف أن‬
‫هذا ممكن أصالً‪ ،‬أو ال فكرة لدينا عن طريقة فعل ذلك‪.‬‬

‫ال نع ّلــم عقولنــا كيــف تصغــي إلينــا طوعــ ًا؛ ألننــا ال نعــرف‬
‫أن هــذا ممكــن أصــاً‪ ،‬أو ال فكــرة لدينــا عــن طريقــة فعــل‬
‫ذلــك‪ .‬لحســن الحــظ‪ ،‬كانــت األبحــاث فــي مجــال علــم النفــس‬
‫االجتماعــي فــي العقديــن الماضييــن قــد كشــفت أن تدريــب‬
‫ا شــكلها ووظيفتهــا‬ ‫عقولنــا ليــس ممكن ـ ًا فقــط‪ ،‬وإنمــا يغ ّيــر فع ـ ً‬
‫بتحســين ال ّلدونــة العصبيــة (يمكنــك‪ ،‬فــي الواقــع‪ ،‬تعليــم كلــب‬
‫عجــوز خدعـ ًا جديــدة)‪ ،‬وتوســيع المــادة الرماديــة (كثافــة الخاليــا‬
‫الدماغيــة المســؤولة عــن ســرعة الحركــة‪ ،‬والتع ّلــم‪ ،‬واإلحســاس‬
‫باألشــياء حولــك)‪ ،‬وتقويــة الشــبكات العصبيــة أيضــ ًا (الطــرق‬
‫التــي يتكلــم عبرهــا الدمــاغ مــع نفســه وباقــي الجســم)(‪.)8( ،)7‬‬
‫أفضــل مــا فــي األمــر هــو أنــه ال ُيفتــرض أن تكــون عالــم أعصاب‪،‬‬
‫متطــورة‪ ،‬لتبــدأ فــي تدريــب عقلــك‪ .‬فــي‬
‫ّ‬ ‫أو بحوزتــك معــدّ ات‬
‫الصفحــات القليلــة اآلتيــة‪ ،‬ســأطلعك علــى عــدّ ة مصــادر مجانيــة‪،‬‬
‫أو منخفضــة التكلفــة‪ ،‬لتباشــر هــذه العمليــة‪ .‬حــان الوقــت للبــدء‬
‫أي شــيء آخــر‪،‬‬‫فــي تدريــب أدمغتنــا اآلن‪ ،‬وكمــا هــي الحــال مــع ّ‬
‫ـر عاجلــه‪.‬‬
‫ـر البـ ِّ‬
‫خيـ ُ‬

‫اال�ستراتيجية‪:‬‬
‫تح�سين طريقة تفكيرك‬
‫السعادة هي الجواب الذي نسعى إليه‪ ،‬سيكون‬
‫إذا كانت ّ‬
‫‪129‬‬ ‫تحسين طريقة التّفكير هي الخوارمز َّية التي تجعلنا نتمتّع بها‪.‬‬

‫الســعادة هــي الجــواب الذي نســعى إليه‪ ،‬ســيكون تحســين‬ ‫إذا كانــت ّ‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫طريقــة التفكيــر هــي الخوارمز َّيــة التــي تجعلنــا نتم ّتــع بهــا‪ .‬فــي علــم‬
‫التحســن‬
‫ّ‬ ‫النفــس‪ُ ،‬يســتخدم تعبيــر «مــا وراء المعرفــة» لوصــف هــذا‬
‫فــي العقل ّيــة‪ ،‬ويم ّثــل ببســاطة إدراك المــرء لطريقــة تفكيــره‪ .‬وجــدت‬
‫دراسـ ٌة حديثـ ٌة عــن الوعــي فــي مــكان العمــل أن القــدرة علــى االبتعــاد‬
‫عــن ردود أفعــال تلقائيــة معتــادة (ردود الكـ ّـر والفـ ّـر تلــك) تعــدُّ مؤشــر ًا‬
‫جيــد ًا علــى االنســجام فــي العمــل وتحقيــق الرفــاه(‪ .)9‬علــى ســبيل‬
‫المثــال‪ ،‬إذا كنــت تشــعر غالب ـ ًا بــأن دمــك يبــدأ الغليــان حيــن تســمع‬
‫ـال عبــر الهاتــف‪ ،‬تمنحــك ما‬ ‫ـوت عـ ٍ‬ ‫ا فــي آخــر القاعــة يتكلــم بصـ ٍ‬ ‫زميـ ً‬
‫ـف ‪ -‬ربمــا ســحب‬ ‫ـل مختلـ ٍ‬ ‫وراء المعرفــة والوعــي قــو ًة الختيــار رد فعـ ٍ‬
‫نفــس عميــق‪ ،‬أو اســتغالل الفرصــة للخــروج مــن المــكان‪ ،‬أو اإلصغــاء‬
‫المفضلــة لديــك‪ .‬ينتــج عــن ذلــك الوعــي أيضـ ًا تأثيـ ٌـر‬ ‫ّ‬ ‫إلــى الموســيقى‬
‫إيجابــي مرتبــط بالعمــل‪ ،‬ومســتويات أعلــى مــن االنســجام‪ ،‬وزيــادة‬ ‫ٌّ‬
‫الرأســمال النفســي (األمــل‪ ،‬والتّفــاؤل‪ ،‬والمرونــة‪ ،‬والفاعليــة الذاتيــة)‪،‬‬
‫مؤشــرات علــى النجــاح فــي العمــل‪ .‬علــى وجــه التحديــد‪،‬‬ ‫وكلهــا ّ‬
‫تكــون إنتاج ّيــة العقل ّيــة اإليجاب ّيــة والمرنــة أعلــى بنســبة ‪ ،%31‬وإبداعهــا‬
‫أكثــر بثالثــة أضعــاف‪ ،‬وانســجامها مــع اآلخريــن أفضــل بعشــر مـ ّـرات‬
‫المتحجــرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مــن طريقــة التفكيــر‬

‫تكون إنتاج ّية العقل ّية اإليجاب ّية والمرنة أعلى بنسبة ‪،٪31‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫وإبداعها أكثر بثالثة أضعاف‪ ،‬وانسجامها مع اآلخرين‬
‫المتحجرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مرات من طريقة التفكير‬
‫أفضل بعشر ّ‬
‫لفهــم مــدى أهم ّيــة طريقــة التّفكيــر‪ ،‬تخ ّيــل نفســك فــي وســط‬
‫ـة والثلــج ينهمــر عليــك مــن كل االتجاهــات‪ .‬كل كســفة‬ ‫ـة عاتيـ ٍ‬
‫عاصفـ ٍ‬
‫أي لحظــة‬ ‫ثلــج تراهــا هــي معلومــة صغيــرة تــدور حولــك‪ ،‬وفــي ّ‬ ‫‪130‬‬

‫مع ّينــة هنــاك إحــدى عشــرة ندفــة ثلجيــة تحيــط بــك‪ .‬لكــن لــدى‬
‫ـج واحــدٌ فقــط‪ ،‬ممــا يعنــي أن بمقــدوره التركيز‬ ‫ـري معالـ ٌ‬
‫الدمــاغ البشـ ّ‬
‫علــى أربعيــن معلومــة فــي الوقــت ذاتــه‪ ،‬وهــذه أربعــون كســفة ثلــج‬
‫فــي عاصفــة هوجــاء‪ .‬ومــا هــي المعلومــات التــي يركّــز الدمــاغ‬
‫عليهــا؟ مــا اكتشــفه العاملــون فــي جود‪-‬ثنــك‪ ،‬وباحثــون آخــرون في‬
‫ـي‪ ،‬هــو أنــه كلمــا زاد عمــل الدمــاغ علــى‬ ‫مجــال علــم النفــس اإليجابـ ّ‬
‫مؤ ّثــرات التو ّتــر‪ ،‬واإلزعــاج‪ ،‬والشــكاوى‪ ،‬والتهديــدات‪ ،‬يصبــح أقــل‬
‫تفحــص العالــم مــن حولــه بحثــ ًا عــن أشــياء إيجاب ّيــة‬ ‫قــدرة علــى ّ‬
‫نعــرف أنهــا تســاعد فــي توجيهنــا نحــو تحقيــق إمكاناتنــا (تذ ّكــر أن‬
‫الســعادة بأنهــا البهجــة التــي نشــعر بهــا فــي أثنــاء‬
‫يعرفــون ّ‬ ‫اإلغريــق ّ‬
‫بــذل الجهــد لتحقيــق إمكاناتنــا)‪.‬‬
‫تُصنّــف عوامــل التوتّــر‪ ،‬واإلزعــاج‪ ،‬والشــكاوى‪ ،‬والتهديــدات‬
‫فــي الفئــة الســلب ّية‪ ،‬أو مــا تدعــوه كارول دويــك أســاس «العقل ّيــة‬
‫الســيكولوجية‬ ‫ال ّثابتــة»(‪ .)11‬فــي كتابهــا الموســوم بـــ «طريقــة التّفكيــر‪ّ :‬‬
‫الجديــدة للنجــاح» تشــرح دويــك أنــه عندمــا نقــول أشــياء مــن قبيــل‬
‫«لســت بارع ـ ًا فــي الرياضيــات»‪ ،‬أو «لســت شــخص ًا اجتماع ًّيــا»‪ ،‬أو‬
‫«لســت ظريف ـ ًا جــدًّ ا»‪ ،‬يظ ـ ُّن هــؤالء األفــراد علــى نحــو خاطــئ أن‬
‫مهاراتهــم الفطريــة تحــدّ د نجاحهــم فــي الحيــاة؛ كأن النجــاح نتيجــة‬
‫حتميــة‪ .‬دعنــي أخبــرك أمــر ًا‪ :‬إذا أخبرتنــي ابنتــي الكبــرى أنهــا ال‬
‫تســتطيع مســاعدتي فــي غســل األطبــاق ألنهــا ال تجيــد ذلــك‪،‬‬
‫ســأقول علــى األغلــب‪« :‬أغلقــي فمــك اآلن‪ ،‬فقــد حــان وقــت‬
‫متحجــرة؛ ألنهــم‬
‫ّ‬ ‫التع ّلــم»‪ .‬نحــن ال نقبــل أن تكــون عقل ّيــات أوالدنــا‬
‫يافعــون‪ ،‬ونتو ّقــع منهــم أن يتع ّلمــوا‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬عندمــا نصبــح‬
‫نبــرر مواقفنــا بشــأن الحيــاة‪ ،‬ونســتفيد مــن تجاربنــا‬ ‫أكبــر عمــر ًا‪ّ ،‬‬
‫الماضيــة لنخفــي الشــعور ًّيا عقل ّيــة ثابتــة‪ ،‬حتــى إذا كانــت مواقفنــا‬
‫‪131‬‬
‫الصحــة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫غيــر مفيــدة‪ ،‬وال أســاس لهــا مــن‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫عرفهــا‬
‫ـذي التفــاؤل‪ ،‬مــن ناحيــة أخــرى‪« ،‬عقل ّيــة متناميــة»‪ ،‬التــي ّ‬ ‫يغـ ّ‬
‫ديــوك بأنهــا االعتقــاد بــأن بمقدورنــا تطويــر قدراتنــا األساســ ّية عبــر‬
‫نتفحــص العالــم بحثــ ًا عــن أشــياء‬ ‫المثابــرة والعمــل الجــاد‪ .‬عندمــا ّ‬
‫إيجاب ّيــة‪ ،‬يمكــن أن نبــدأ تحويــل حــاالت فشــلنا‪ ،‬وضعفنــا‪ ،‬ومخاوفنــا‬
‫تمهــد الطريــق أمــام‬
‫فــي الماضــي إلــى مصــدر نمــو محتمــل‪ ،‬عمليــة ّ‬
‫ســعادة طويلــة األمــد‪ .‬فــي الواقــع‪ ،‬اكتشــفت الباحثــة باربرا فريدريكســون‬
‫أن النّــاس الســعداء يختبــرون غالبــ ًا «تيــار ًا صاعــد ًا» حيــن يشــعرون‬
‫بالغبطــة‪ :‬يحــب هــؤالء النّــاس تطويــر مهــارات جديــدة تــؤ ّدي إلــى‬
‫الســعادة‪ ،‬ممــا يطلــق عمليــة‬ ‫نجاحــات جديــدة‪ ،‬وينتــج عنهــا مزيــد مــن ّ‬
‫تكـ ّـرر نفســها(‪ .)12‬أريــد أن أكــون فــي ذلــك التّيــار الصاعــد! لكــن الــكالم‬
‫صعــب طبعــ ًا‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ســهل والتّنفيــذ‬
‫ا�ستخدام تقانات يمكنها �إحداث‬
‫تح ّول في تدريب الدماغ‬
‫يم ّثل تصديق الفرد ألهمية سلوكه جوهر عملية تدريبه لدماغه‪.‬‬

‫يم ّثــل تصديــق الفــرد ألهميــة ســلوكه جوهــر عمليــة تدريبــه لدماغــه‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن أن هــذه الفكــرة ليســت جديــدة ‪ -‬لقــد ســبقني كثيـ ٌـر‬
‫مــن العلمــاء‪ ،‬ورجــال الديــن‪ ،‬وقــادة الفكــر إلــى تبنّــي هــذا الــرأي ‪ -‬إال‬

‫مستقبل السعادة‬
‫قمــي فتــح آفاقــ ًا جديــدة لفهــم كيــف يمكــن أن نكــون‬ ‫الر ّ‬
‫أن العصــر ّ‬
‫اســتراتيجيين فــي اســتخدامنا للتّقانــة مــن أجــل تدريــب الدمــاغ لتعزيــز‬
‫اإليجابــي فــي حياتنــا‪ .‬قابلــت أخيــر ًا جيــن مــوس؛ إحــدى‬‫ّ‬ ‫الســلوك‬‫ّ‬
‫الســعادة فــي العمــل‪،‬‬‫مؤسســي مختبــرات بالستيســيتي‪ ،‬وكاتبــة تحريــر ّ‬ ‫ّ‬
‫التــي تعــدُّ رائــد ًة فــي هــذا المجــال‪ ،‬ألعــرف المزيــد عــن مقاربتهــا ‪:‬‬
‫(‪)13‬‬
‫‪132‬‬
‫إيمي‪ :‬لماذا قر ِ‬
‫رت إنشاء شركة تركّز على تدريب الدّ ماغ؟‬ ‫ّ‬
‫جيــن‪ :‬بــدأت مــع زوجــي جيــم محاولــة تزويــد مليــار شــخص‬
‫بــأدوات مالئمــة لعيــش حيــاة أكثــر ســعادة وإنجــاز ًا‪ ،‬بعــد إصابــة جيــم‬
‫بالشــلل الكامــل فــي أيلــول ‪ .2009‬مزحنــا بشــأن كوننــا مســتثمرين‬
‫ـق تمامـ ًا‪ .‬قبــل أن يمــرض جيــم‪،‬‬ ‫بالمصادفــة‪ ،‬ولكــن هــذا الــكالم دقيـ ٌ‬
‫كان العــب الكــروس كنديـ ًا محترفـ ًا نــال ميداليــة ذهبيــة‪ .‬لكــن عندمــا‬
‫نــادر جعلــه ال يقــوى علــى المشــي‪ ،‬وجــد نفســه‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بمــرض‬ ‫ُأصيــب‬
‫مرغم ـ ًا علــى مواجهــة تحــدّ جديــد؛ أن يتع ّلــم مجــدد ًا كيــف يحقــق‬
‫جديــدة مــن دون رياضــة محترفيــن‪ .‬عــرف‬ ‫ٍ‬ ‫إنجــاز ًا مهم ـ ًا فــي حيـ ٍ‬
‫ـاة‬
‫كالنــا ذلــك مع ـ ًا؛ ألننــا واجهنــا األمــر ســو ّي ًا‪ .‬كنــا قــد أنجبنــا طف ـ ً‬
‫ا‬
‫واحــد ًا آنــذاك‪ ،‬وننتظــر آخــر قريبـ ًا‪ ،‬وبتنــا ‪ -‬بوصفنــا والديــن ‪ّ -‬‬
‫نتحمــل‬
‫مســؤولية التح ّلــي باإليجابيــة والفاعليــة مــن أجــل ولدينــا‪.‬‬
‫اســتقينا عبــر ًا كثيــرة مــن هــذه التجربــة بمــرور األعــوام‪ ،‬ولكــن‬
‫ســم ًة واحــد ًة مهمــة جــدًّ ا مــن تعافــي جيــم أصابتنــا بالدهــش‪ .‬قــال‬
‫أطبــاء زوجــي إنــه قــد ال يتمكــن مــن المشــي مجــدد ًا أبــد ًا‪ ،‬كمــا أ ّنــه‬
‫مســاعدة فــي ذلــك‪ .‬لكــن جيــم‬ ‫ٍ‬ ‫إذا اســتطاع الســير‪ ،‬ســيحتاج إلــى‬
‫خــرج مــن المستشــفى مشــي ًا علــى قدميــه بعــد ســتة أســابيع فقــط‪،‬‬
‫قبــل بضعــة أيــام مــن والدة طفلنــا الثانــي‪ .‬كان مــا تع ّلمنــاه أن جيــم‬
‫ـور‪ ،‬عبــر عملــه فــي عالــم الرياضــة وخبرتــه فــي علــم النفــس‬ ‫قــد طـ ّ‬
‫الرياضــي‪ ،‬مرونــة‪ ،‬وتفــاؤالً‪ ،‬وعقليــ ًة ناميــ ًة‪ ،‬وأمــاً‪ ،‬وقائمــ ًة مــن‬
‫الصفــات الرائعــة التــي ال تنتهــي‪ .‬سيســاعده هــذا التدريــب علــى‬
‫للشــفاء‪ ،‬فــي حيــن إن أفضــل تأثيـ ٍ‬
‫ـر‬ ‫الرشــاقة النفســية فــي أثنــاء تماثلــه ّ‬
‫ّ‬
‫لذلــك ســيكون قدرتنــا علــى تحويــل اضطــراب مــا بعــد الصدمــة إلــى‬
‫نمــو مــا بعــد اإلصابــة‪.‬‬
‫تكنولوجــي لتعزيــز‬ ‫ٍ‬
‫حــل‬ ‫ِ‬
‫اختــرت التّركيــز علــى‬ ‫إيمــي‪ :‬لمــاذا‬
‫‪133‬‬ ‫ٍّ‬
‫الســعادة واألداء؟‬
‫ّ‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫جيــن‪ :‬قــد ينظــر البعــض إلــى اقتــران التّقانــة ّ‬


‫والســعادة علــى أنهــا‬
‫عالقــة غريبــة‪ ،‬ولكنهــا فــي الواقــع ضروري ـ ٌة جــدًّ ا فــي مهمتنــا‪ .‬كانــت‬
‫إمكانيــة التواصــل واســع النطــاق عبــر وســائل رقم ّيــة خــارج مجــال‬
‫قدراتنــا قبــل عشــرين عامـ ًا‪ .‬لقــد رأينــا تقدّ مـ ًا كبيــر ًا جــدًّ ا‪ ،‬مــن الحمــام‬
‫الزاجــل إلــى التراســل الفــوري‪ ،‬فــي وســائل االتصــال فــي الـــ ‪ 150‬عامـ ًا‬
‫قمــي‬
‫الر ّ‬‫يســجل التاريــخ أن التّعــاون االجتماعــي ّ‬ ‫ّ‬ ‫األخيــرة‪ .‬لكــن‪ ،‬قــد‬
‫هــو أحــد أكبــر العوائــق فــي نمــاذج تواصلنــا فــي القــرن الماضــي؛‬
‫آن معـ ًا لصحتنــا‪ .‬لقــد عرفنــا مــن بيانــات‬ ‫ـاون مفيــدٌ وضــار فــي ٍ‬
‫وهــو تعـ ٌ‬
‫ٌ‬
‫مختبــرات بالستيســيتي أن التّدخــات اإليجاب ّيــة عبــر وســائل إلكترونيــة‬
‫والســعادة عمومـ ًا‪ ،‬بنســبة ‪%30‬‬ ‫يمكــن أن تعـ ّـزز ســامة العقــل والجســد‪ّ ،‬‬
‫ـب يــدوم‬‫فــي عشــرة أيــام فقــط‪ .‬تخ ّيلــي أنــه بمقدورنــا اآلن تقديــم تدريـ ٍ‬
‫عشــرة أيــام ألي شــخص يمتلــك حاســوب ًا أو جهــاز ًا محمــوالً‪ .‬باتــت‬
‫أي وقــت مضــى‪.‬‬ ‫ســرعة تواصلنــا واســتيعابنا للمعلومــات أكبــر مــن ّ‬
‫لكــن مــع التقــدّ م الســريع للتّقانــة‪ ،‬وتوفيرهــا تلــك الفوائــد واســعة‬
‫النّطــاق لنــا‪ ،‬نكتشــف أنهــا تفــرض تهديــد ًا بإمكانيــة االتّــكال كثيــر ًا‬
‫أدرك وجيــم ذلــك‪ ،‬وقــد ابتكرنــا‬ ‫ُ‬ ‫عليهــا مــن أجــل تحقيــق ســعادتنا‪.‬‬
‫نشــاطات غيــر إلكترونيــة فــي التطبيــق لتذكيرنــا أن الوقــت قــد حــان‬
‫لالبتعــاد عــن التّقانــة‪ .‬ربمــا يبــدو ســاخر ًا أن يذكّرنــا تطبيقنــا بالتوقــف‬

‫مستقبل السعادة‬
‫عــن اســتخدام التّقانــة‪ ،‬وأن ننهــض ونتم ّطــى‪ ،‬أو نعقــد اجتماع ًا فــي أثناء‬
‫للســعادة الح ّقــة (االعتــدال)‪.‬‬ ‫المشــي‪ .‬لكــن هــذه صفــة بالغــة األهميــة ّ‬
‫إيمــي‪ :‬عنــد أخــذ العمــل بالحســبان‪ ،‬نجــد أن المــرء يتعامــل مــع‬
‫تدربــي دماغــك‪ ،‬وتحافظــي في‬ ‫التّقانــة كثيــر ًا كل يــوم‪ .‬كيــف يمكــن أن ّ‬
‫الشــخصية؟‬ ‫ـاس متـ ٍ‬
‫ـوازن بالرفــاه فــي حياتــك ّ‬ ‫الوقــت نفســه علــى إحسـ ٍ‬
‫‪134‬‬
‫جيــن‪ :‬حاولــت وجيــم تطبيــق هــذه المبــادئ نفســها فــي حياتنــا األســرية‪.‬‬
‫نتنــاول العشــاء معــ ًا كل ليلــة مــن دون برنامــج تلفزيونــي ُيعــرض فــي‬
‫الخلفيــة‪ ،‬أو تقانــة علــى الطاولــة‪ ،‬وال نــرد حتــى علــى المكالمــات الهاتفيــة‪.‬‬
‫حوار‬
‫يع ّبــر الجميــع عــن أفكارهــم فــي أثنــاء تنــاول الطعــام‪ ،‬وينتــج عــن هــذا ٌ‬
‫رائـ ٌع جــدًّ ا عــن اليــوم الــذي قضــاه كل منــا‪ .‬يجيــد ولدانــا إبــداء آرائهــم؛ ألننا‬
‫نمــارس هــذا كل يــوم‪ ،‬وهمــا يعرفــان أن لديهمــا تقريــر ًا يقدّ مانــه إلــى األم‬
‫عمــا ينبغــي أن يشــكرا اللــه عـ َّـز وجـ َّـل عليــه فــي أثنــاء تنــاول العشــاء‪،‬‬
‫واألب ّ‬
‫لحظــات أخــرى مــن حياتهمــا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لــذا يجــب أن يحــدّ دا تلــك العوامــل فــي‬
‫يمــارس كالهمــا الرقــص الرياضــي أيضــ ًا‪ ،‬وبالنســبة إلــى أولئــك الذيــن‬
‫أي قلــق‬ ‫ال يعرفــون الوقــت الــذي يســتغرقه ذلــك‪ ،‬أقــول إنــه يقضــي علــى ّ‬
‫بشــأن اإلفــراط فــي التعامــل مــع التّقانــة‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬نتس ـ ّلى بالتأكيــد‬
‫مــع التّقانــة أيضـ ًا‪ .‬يخــرج جيــم وابنــي كثيــر ًا بحثـ ًا عــن البوكيمــون فــي ح ّينــا‪،‬‬
‫ويهتمــان بمشــاطرة كل مــا يلتقطانــه!‬
‫الســلوك‬‫ذكّرنــي حديثــي مــع جيــن أن التّغييرالحقيقــي والمســتدام فــي ّ‬
‫المؤشــرات وتحســينها‪ ،‬وإنمــا عمليــة‬ ‫ّ‬ ‫ليــس إجــرا ًء عقيمــ ًا لمراقبــة بعــض‬
‫غربلــة شــخصية تمامـ ًا عبــر تجاربــك الواقعيــة‪ ،‬ومخاوفــك ونزعاتــك وآمالك‬
‫التحــول‬
‫ّ‬ ‫للعثــور علــى أفضــل الطــرق للمضــي قدمــ ًا إلــى األمــام‪ .‬يحصــل‬
‫الحقيقــي حيــن نربــط التّغييــر فــي العقــل بتغييـ ٍـر آخـ َـر يطــال القلــب‪ .‬إذا أردنــا‬
‫ـد لتحقيــق كل إمكاناتنــا‪ ،‬ســنحتاج إلــى كل المســاعدة التــي‬ ‫ا بــذل جهـ ٍ‬‫فع ـ ً‬
‫يمكننــا الحصــول عليهــا‪ ،‬وقــد تكــون تقانــات تســتطيع إحــداث تحـ ّـول مثــل‬
‫مختبــرات بالستيســيتي وســيل ًة رائعـ ًة لتســهيل النمــو وإنجــاز مــا ينبغــي فعلــه‪.‬‬

‫التحول الحقيقي حين نربط التّغيير في‬


‫ّ‬ ‫يحصل‬
‫آخر يطال القلب‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بتغيير َ‬ ‫العقل‬

‫‪135‬‬
‫�إ�ضفاء ت�أثيرك الخا�ص على العملية‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫ســنحت لــي الفرصــة‪ ،‬فــي أثنــاء تأليــف هــذا الكتــاب‪ ،‬الختبــار‬


‫الرفــاه‪ ،‬وقــد‬ ‫ٍ‬
‫عــدد مــن التّقانــات الجديــدة‪ ،‬التــي تهــدف إلــى زيــادة ّ‬
‫أدليــت بدلــوي بشــأنها‪ .‬أدركــت ســريع ًا أننــي ســأحتاج إلــى إضافــة‬
‫ســاعة تقريبــ ًا مــن روتينــي الصباحــي حتــى «أتك ّيــف» كل يــوم مــع‬
‫أدواتــي المختلفــة القابلــة لالرتــداء‪ .‬ســأكون بحاجــة أيضـ ًا إلــى ســاعة‬
‫أخــرى مــن روتينــي المســائي لتحميــل نتائجــي ومتابعــة تقدّ مــي‪.‬‬
‫متحــرك مــن األجهــزة‬
‫ّ‬ ‫أتحــول حرفيــ ًا إلــى إنســان ّ‬
‫آلــي‬ ‫ّ‬ ‫يمكــن أن‬
‫القابلــة لالرتــداء لزيــادة معرفتــي‪ ...‬أو كمــا تقــول إحــدى صديقاتــي‬
‫العزيــزات‪ :‬يمكننــي أداء اليوغــا فحســب‪ .‬إنهــا وجهــة نظــر ســديدة‪.‬‬
‫لمــاذا نحتــاج إلــى كل تلــك اآلالت لزيــادة وعينــا بأنفســنا؟ إذا‬
‫ا مــع أنفســنا ألــن نعــرف تمامــ ًا ماهيــة شــعورنا؟‬ ‫انســجمنا فعــ ً‬
‫ليــس الهــدف مــن تدريــب الدمــاغ هــو اســتبداله بآخــر‪ ،‬إنــه لتعزيــز‬
‫تركيــزك ووعيــك بمــا يحــاول جســدك إبالغــك بــه طــوال الوقــت‪ .‬علــى‬
‫ســبيل المثــال‪ ،‬يؤلمنــي ظهــري غالب ـ ًا بعــد الجلــوس سـ ٍ‬
‫ـاعات طويل ـ ًة‬
‫إلــى مكتبــي‪ .‬أعــرف أن وضعيــة جلوســي ليســت مثاليــة‪ ،‬ولكــن ذهنــي‬
‫قــررت تجريــب‬ ‫بــدأ يتشــتّت وجســدي يتراخــى منــذ وقــت طويــل‪ّ .‬‬
‫مصمميــن لتحســين وضعيــة الجســم‪ :‬لومو‪-‬ليفــت‬ ‫ّ‬ ‫جهازيــن مختلفيــن‬
‫(‪ ،)Lumo-Lift‬وهــو مر ّبــع مغناطيســي صغيــر ُيث ّبــت بالقميــص أو‬
‫الصــدار؛ وأب‪-‬رايــت (‪ ،)Upright‬وهــو أدا ٌة قابل ـ ٌة لالرتــداء تُث ّبــت إلــى‬

‫مستقبل السعادة‬
‫اهتــز كال الجهازيــن‬‫َّ‬ ‫ظهــرك بمــادة الصقــة ومشــبك فيلكــرو(‪.)15( ،)14‬‬
‫ا حيــن اخت ّلــت وضعيــة جســدي لتذكيــري أن أجلــس باســتقامة‪،‬‬ ‫قليــ ً‬
‫وهــذا مــا فعلتــه األداتــان مــن دون توقــف فــي أول بضــع دقائــق‪.‬‬
‫علــى كل حــال‪ ،‬تع ّلمــت فــي نهايــة المطــاف مــن أخطائــي‪ .‬فــي ثالثــة‬
‫ـر بضــرورة تعديــل‬ ‫ـات طويلـ ًة مــن دون تذكيـ ٍ‬ ‫أيــام‪ ،‬اســتطعت قضــاء أوقـ ٍ‬
‫‪136‬‬
‫الوضعيــة‪ .‬ســاعدني هــذان الجهــازان القابــان لالرتــداء علــى تحســين‬
‫ـة فــي عقلــي‬ ‫ـرة عضليـ ٍ‬ ‫معرفتــي بنفســي‪ ،‬وشــد عضالتــي‪ ،‬وإحــداث ذاكـ ٍ‬
‫ـدة فيــه‪ .‬علــى الرغــم مــن أن الهــدف مــن هــذه‬ ‫ـة جديـ ٍ‬‫ـرق عصبيـ ٍ‬‫بفتــح طـ ٍ‬
‫األجهــزة هــو كســب عــادة جديــدة مســتدامة‪ ،‬إال أن هــذه األدوات القابلة‬
‫تدخــات قصيــرة األمــد لتحقيــق نتائــج طويلــة األجــل‪.‬‬ ‫لالرتــداء تعــدُّ ّ‬

‫ســتجادل صديقتــي‪« :‬لكــن يــا إيمــي‪ ،‬يمكنــك أداء تماريــن اليوغــا‬


‫لتقويــة عضــات ظهــرك وتحســين وعيــك الذاتــي»‪ ،‬وهــي محقــة‬
‫تمامـ ًا فــي هــذا‪ .‬ألكــون صادقـ ًة‪ ،‬أقـ ُّـر أننــي أعــرف فوائــد اليوغــا منــذ‬
‫ســنين‪ ،‬إنمــا لــم ألتــزم إطالقـ ًا بممارســتها‪ .‬مــا يجــدي نفعـ ًا مــع أحــد‬
‫األشــخاص قــد ال يكــون أفضــل حــل لشــخص آخــر أحيان ـ ًا‪ .‬تشــرح‬
‫يجــرب الطــاب اســتراتيجيات جديــدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كارول دويــك‪« :‬يجــب أن‬
‫وأن يحاولــوا الحصــول علــى معلومــات مــن آخريــن حيــن يصلــون‬
‫إلــى طريــق مســدودة‪ .‬هــم بحاجــة إلــى هــذه الذخيــرة مــن المقاربــات‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪ -‬ال بــذل جهــود كبيــرة فقــط ‪ -‬مــن أجــل التع ّلــم والتطـ ّ‬
‫ـور»(‪ .)16‬قــد‬
‫يعنــي هــذا أنــه إذا كان هدفــي تحســين وقفتــي‪ ،‬ربمــا أحتــاج إلــى أداء‬
‫ـدرب علــى وضعيــة الجســم بمســاعدة التّقانــة‪.‬‬ ‫اليوغــا‪ ،‬والتـ ّ‬
‫تــدرب‬
‫ّ‬ ‫عندمــا تبــدأ التفكّــر فــي المجــاالت التــي ترغــب بــأن‬
‫دماغــك عليهــا‪ ،‬تذ ّكــر أن تضــع نصــب عينيــك تبنّــي ســلوك جديــد‬
‫فــي حياتــك تشــعر بالحمــاس بشــأنه‪ ،‬مــن ثــم ممارســته بشــغف‬
‫باالســتفادة مــن كل المــوارد المتوافــرة لديــك‪.‬‬

‫الإعداد لإحداث تغيير �إيجابي م�ستدام‬


‫نســأل طــوال الوقــت فــي جود‪-‬ثنــك عــن طريقــة «االلتــزام» بإحــداث‬
‫تغييــر إيجابــي فــي عاداتنــا‪ .‬شــعرت بالحمــاس حيــن التقيــت فــي ‪2012‬‬
‫‪137‬‬ ‫مؤسســي هابيفــاي‪ .‬تقــع مكاتــب الشــركة فــي موقــع‬ ‫أوفــر ليدنــر؛ أحــد ّ‬
‫ـتراتيجي قبالــة متجــر ديــن آنــد ديلــوكا (‪ّ )Dean and Deluca‬‬
‫الشــهير‬ ‫ّ‬ ‫اسـ‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫فــي نيويــورك (ال عجــب أنهــم ســعداء)‪ ،‬وينتابــك حيــن تدخــل المكتــب‬
‫بالشــركات النّاشــئة (يتكامــل مــع المســاحة‬ ‫ذلــك الشــعور الخــاص ّ‬
‫الخضــراء الصغيــرة)‪ .‬تضــم قاعــة االجتماعــات التــي التقيــت أوفــر فيهــا‬
‫مجموع ـ ًة مــن الهواتــف العتيقــة والحديثــة‪ ،‬ممــا يضفــي جاذبيــة علــى‬
‫ـدرب المعرفــي للدمــاغ‪ .‬شــرح ليدنــر لــي‬ ‫ٍ‬
‫شــركة فــي طليعــة مجــال التـ ّ‬
‫تطبيــق متوافــر علــى اإلنترنــت والهواتــف الخلويــة‪ ،‬وهــو‬‫ٌ‬ ‫أن هابيفــاي‬
‫يســاعد النّــاس علــى تحســين ســامتهم العاطفيــة‪ ،‬وتنميــة مرونتهــم‪،‬‬
‫وزيــادة معرفتهــم‪ ،‬وجعلهــم يشــعرون بســعادة دائمــة عبــر نشــاطات‬
‫وألعــاب مدعومــة بنتائــج بحثيــة(‪.)17‬‬
‫تهــدف هابيفــاي فــي عملهــا إلــى تطويــر التدريــب المعرفــي‬
‫للدمــاغ‪ ،‬إنمــا تر ّكــز بنحـ ٍ‬
‫ـو خـ ٍ‬
‫ـاص علــى تقديــم حلــول مد ّعمــة باألد ّلــة‬
‫الصحــة النفســية‪ .‬يظ ـ ُّن كثيـ ٌـر مــن النّــاس أن مور ّثاتهــم‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫لتحســين‬
‫البيئــة الخارجيــة‪ ،‬هــي مــن يحــدّ د ســعادتهم‪ ،‬ولكــن يتب ّيــن أن أفكارنــا‬
‫وأفعالنــا تتحكّــم بنحــو ‪ %40‬مــن ســعادتنا‪ ،‬فــي حيــن تؤ ّثــر ظروفنــا‬
‫علــى ‪ ،%10‬ويبقــى النصــف اآلخــر وراثي ـ ًا(‪ .)18‬مــن الصعــب أن تغ ّيــر‬
‫مورثاتــك وظروفــك‪ ،‬ولكــن يمكنــك تدريــب دماغــك علــى أن يكــون‬
‫أكثــر ســعادة‪.‬‬

‫من الصعب أن تغ ّير مورثاتك وظروفك‪ ،‬ولكن يمكنك‬

‫مستقبل السعادة‬
‫تدريب دماغك على أن يكون أكثر سعادة‪.‬‬
‫تعــاون ليدنــر مــع تومــر بِن‪-‬كيكــي؛ شــريكه فــي العمــل منــذ وقـ ٍ‬
‫ـت‬
‫منصــة مــن أجــل تطويــر ودراســة الطــرق التــي ترفــع‬
‫ـل‪ ،‬البتــكار ّ‬ ‫طويـ ٍ‬
‫بهــا مجموعــة مهــارات رئيســة مســتويات ســعادة الفــرد علــى المــدى‬
‫الطويــل‪ .‬اســتعرض هنــا بعــض الوســائل التــي تســتخدمها هابيفــاي‬ ‫‪138‬‬
‫للمســاعدة فــي تدريــب الدمــاغ‪:‬‬
‫✓ ✓تحتــاج إلــى مســاعدة فــي التركيــز علــى األمــور‬
‫اإليجاب ّيــة؟ تُع ّلــم لعبــة تدعــى أب‪-‬ليفــت (‪Uplift‬‬
‫تفحــص البيئــة بحث ـ ًا‬
‫رفــع المعنويــات) دماغــك علــى ّ‬
‫وتحســن بالتالــي مزاجــك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عــن العوامــل اإليجاب ّيــة‪،‬‬
‫وتخ ّفــف مــن التفكيــر الســلبي‪ .‬ترتفــع مناطيــد فــي‬
‫الجــو‪ ،‬ويمكــن أن تضغــط علــى كلمــات مثل «فــرح» أو‬
‫«مشــرق»‪ ،‬فــي حيــن ينبغــي أن تتجاهــل كلمــات مثــل‬
‫«انتقــاد» أو «غضــب»‪.‬‬
‫✓ ✓تبحــث عــن كلمــة للتخ ّلــص مــن التو ّتــر؟ اختــر نشــاط‬
‫ســيرينتي ســين (‪ Serenity Scene‬مشــهد الطمأنينــة)‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ـخص يشــعر باإلرهــاق مــن قائمــة‬ ‫الــذي يعــدُّ مثاليـ ًا لشـ‬
‫طويلــة للمهمــات التــي يجــب عليــه إنجازهــا‪ .‬يمكــن‬
‫أن تســاعد تدريبــات االســترخاء هــذه النّــاس علــى‬
‫الشــعور بالراحــة‪ ،‬والتخفيــف مــن القلــق‪ ،‬والحصــول‬
‫علــى شــحنة جديــدة مــن ال ّطاقــة (تســتند علــى أبحــاث‬
‫عــن فحوصــات دماغيــة)‪.‬‬
‫✓ ✓تريــد ألعابـ ًا مالئمــة ألطفالك؟ تشــبه نيغاتيــف نوكداون‬
‫(‪ Negative Knockdown‬الضربــة القاضيــة للســلبية)‬
‫لعبــة الطيــور الغاضبــة‪ ،‬حيــث تســتخدم مقالعـ ًا صغيــر ًا‬
‫لتدميــر كلمـ ٍ‬
‫ـات تصــف أكبــر التحدّ يــات التــي واجهتهــا‬
‫فــي ذلــك اليــوم‪.‬‬

‫المنصــة بانتظــام‪ ،‬قــال ‪%86‬‬


‫ّ‬ ‫بعــد شــهرين مــن اســتخدام تلــك‬
‫مــن المســتخدمين إنهــم يشــعرون بســعادة أكبــر‪ .‬يؤكّــد هــذا الرقــم‬
‫‪139‬‬
‫اإلحصائــي المثيــر لإلعجــاب أن بمقــدور التّقانــة إحــداث تغييــر‬
‫إيجابــي فــي حياتنــا‪ ،‬ممــا يســمح لنــا باالرتقــاء فــوق مســتوى‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫موروثاتنــا وبيئتنــا لالســتفادة مــن كل إمكاناتنــا‪.‬‬

‫خم�س مجموعات من المهارات‬


‫لت�شذيب طريقة تفكيرك‬
‫المتنوعــة التــي‬ ‫ٍ‬
‫مجموعــات مــن المهــارات‬ ‫يمكنــك تطويــر‬
‫ّ‬
‫والســعادة‪ ،‬بالطريقــة نفســها التــي‬
‫بالرفــاه ّ‬
‫تحســن شــعورك الكلــي ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫الصالــة الرياض ّيــة لتدريــب مجموعــات عضلي ـ ًة‬‫قــد تذهــب بهــا إلــى ّ‬
‫مختلفــة‪ .‬هنــاك عــدد مــن العــادات اإليجاب ّيــة المختلفــة التــي يمكــن‬
‫تطويرهــا‪ ،‬وقــد أحببــت إطــار عمــل مــن هابيفــاي‪ُ ،‬يعــرف اختصــار ًا‬
‫ٍ‬
‫مجموعــات مــن المهــارات‬ ‫بأحــرف (س‪-‬ش‪-‬ب‪-‬ع‪-‬ت)‪ ،‬لتطويــر‬
‫والشــكر‪ ،‬واالستبشــار‪،‬‬ ‫ّ‬
‫تشــذب طريقــة تفكيــرك‪ :‬االســتمتاع‪ّ ،‬‬ ‫التــي‬
‫والعطــاء‪ ،‬والتّعاطــف‪.‬‬
‫اال�ستمتاع‬
‫يعــدُّ االســتمتاع طريقـ ًة ســريع ًة وســهل ًة لتعزيــز التَّفــاؤل‪ ،‬وتخفيــف‬
‫التو ّتــر والمشــاعر الســلب ّية‪ .‬إنــه ممارســة التف ّكــر ومالحظــة األشــياء‬
‫ـي إلطالــة لحظــة الغبطــة‬ ‫الجيــدة مــن حولــك‪ ،‬وقضــاء وقــت إضافـ ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫وتكثيفهــا‪ ،‬وجعــل تجربــة ممتعــة تــدوم أطــول وقــت ممكــن‪ .‬ســوا ًء‬
‫تع ّلــق األمــر بتحضيــر وجبــة طعــام‪ ،‬أو التوقــف لإلعجــاب بغــروب‬
‫تتمهل‪،‬‬
‫الشــمس‪ ،‬أو إبــاغ صديــق عــن أخبــارك المفرحــة؛ الفكــرة أن ّ‬
‫وتســتوعب مــا يجــري‪ ،‬وتســتمتع بالتجربــة‪ .‬ســيتحول األمــر إلــى ٍ‬
‫عادة‬ ‫ّ‬
‫ــرف لــن ترغــب بخرقــه علــى اإلطــاق‪.‬‬ ‫فــي نهايــة المطــاف‪ ،‬و ُع ٍ‬
‫‪140‬‬
‫يظهــر بحــث أجــراه فريــد بريانــت؛ األســتاذ فــي جامعــة لويــوال فــي‬
‫شــيكاغو أن أولئــك الذيــن يســتمتعون بوقتهــم بانتظــام أكثــر ســعادةً‪،‬‬
‫وتفــاؤالً‪ ،‬وقناع ـ ًة بالحيــاة مــن اآلخريــن‪ .‬يصــف بريانــت االســتمتاع‬
‫ثالثــي الزوايــا‪ ،‬ويعنــي أن بمقدورنــا االســتمتاع بالماضــي‬ ‫ّ‬ ‫بأنــه‬
‫الذكريــات)‪ ،‬والمســتقبل (عبــر تو ّقــع حــدوث أمــور‬ ‫(باســترجاع ّ‬
‫إيجاب ّيــة)‪ ،‬والحاضــر (بممارســة التفكّــر)‪.‬‬
‫اال�س��تمتاع‪ :‬ممارســة التفكّــر ومالحظــة األشــياء الجيــدة‬
‫إضافــي إلطالــة لحظــة الغبطــة‬
‫ّ‬ ‫مــن حولــك‪ ،‬وقضــاء وقــت‬
‫وتكثيفهــا‪،‬وجعــلتجربــةممتعــةتــدومأطــولوقــتممكــن‪.‬‬

‫ـذب نحــو‬
‫هنــاك عــدّ ة تقنيــات لالســتمتاع‪ ،‬وقــد تجــد أنــك منجـ ٌ‬
‫بعــض منهــا دون األخــرى‪ .‬إضافــ ًة إلــى ّ‬
‫منصــة هابيفــاي‪ ،‬التــي‬ ‫ٍ‬
‫الســعادة الخمــس‬
‫تســاعدك نشــاطاتها وألعابهــا علــى بنــاء كل مهــارات ّ‬
‫المفضلــة لدي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المذكــورة الحقـ ًا‪ ،‬إليــك بعــض التّطبيقــات واألجهــزة‬
‫التــي تســاعدك علــى ممارســة فــن االســتمتاع‪:‬‬

‫تطبيقات و�أجهزة لممار�سة فن اال�ستمتاع‬


‫«عضويــة فــي قاعــة رياضيــة للدمــاغ»‪ .‬يقــدّ م‬ ‫هيدسبيس‬
‫هــذا التطبيــق اقتراحــات متعــدّ دة لتف ّكــر هادف‪.‬‬
‫‪Headspace‬‬
‫يقــدّ م هــذا التطبيــق تنبيهـ ٍ‬
‫ـات لطيف ًة لمســاعدتك‬ ‫ريمايندفولنس‬
‫فــي البقــاء متي ّقظـ ًا فــي أثنــاء يومــك المزدحم‪.‬‬ ‫‪Remindfulness‬‬
‫عصبــة رأس قابلــة لالرتــداء يمكــن أن تقيــس‬ ‫ميوز‬
‫مســتوى هــدوء الشــخص‪ .‬الهــدف مــن ميــوز‬
‫‪Muse‬‬
‫هــو اســتخدام االرتجــاع البيولوجــي لتدريــب‬
‫الدمــاغ‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫يجمــع تطبيــق مؤشــر إنســايت مقياس ـ ًا للتف ّكــر‬ ‫إنسايت‬
‫مــع دليــل للتد ّبــر‪ .‬اســتمتع بتفكّــر هــادف‪،‬‬
‫‪Insight‬‬
‫واعثــر علــى أشــخاص آخريــن فــي منطقتــك‬
‫استراتيجية ‪2‬‬

‫استراتيجية ‪3‬‬

‫يفعلــون الشــيء نفســه‪.‬‬


‫يرشــدك تطبيــق مايندفولنــس ترينينــغ عبــر عــدد‬ ‫مايندفولنس ترينينغ‬
‫مــن تدريبــات وأســاليب التف ّكــر لتعزيــز الوعــي‬
‫‪Mindfulness Training‬‬
‫النفســي والســامة الجســدية‪.‬‬

‫ال�شكر‬
‫يعــدُّ تقديــر األمــور التــي يفعلهــا آخــرون لنــا‪ ،‬وشــكرهم‬
‫الشــافي فــي وقتنــا‬‫عليهــا‪ ،‬تصرفــ ًا بســيط ًا يم ّثــل اإلكســير ّ‬
‫ً‬
‫وثقــة بالنفــس حيــن نعــرف أن‬ ‫نمتلــئ تفــاؤالً‬
‫ُ‬ ‫الحاضــر(‪.)19‬‬
‫هنــاك أشــخاص ًا آخريــن موجــودون مــن أجلنــا‪ .‬يخ ّفــف هــذا‬
‫ويعمــق‬
‫ّ‬ ‫مــن رغباتنــا بالحصــول علــى «المزيــد» مــن كل شــيء‪،‬‬
‫عالقاتنــا مــع أحبائنــا‪ .‬عندمــا نع ّبــر عــن إقرارنــا بفضــل شــخص‬
‫مــا‪ ،‬نحصــل علــى لطــف وشــكر بالمقابــل‪ .‬فــي دراســات أجراهــا‬
‫ـخاص‬
‫ٌ‬ ‫ـي‪ ،‬كتــب أشـ‬ ‫مارتــن ســليغمان؛ أبــو علــم النفــس اإليجابـ ّ‬
‫رســائل تقديــر آلخريــن لــم يشــكروهم كمــا ينبغــي فــي أوقــات‬
‫الســعادة‪ ،‬وانخفاضــ ًا فــي‬ ‫ً‬
‫فوريــة فــي ّ‬ ‫ســابقة‪ ،‬والحظــوا زيــاد ًة‬
‫أعــراض االكتئــاب‪ .‬يعــدُّ بــوب إيمونــز؛ أســتاذ علــم النفــس فــي‬
‫جامعــة كاليفورنيــا ‪ -‬ديفيــز‪ ،‬باحثـ ًا رائــد ًا فــي مجــال التعبيــر عــن‬
‫اإلقــرار بالفضــل‪ ،‬وكاتــب شــكر ًا!‪ :‬كيــف يمكــن لعلــم العرفــان‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ـن أن الجميــع يجــب أن‬ ‫الجديــد أن يجعلــك أكثــر ســعادة؟(‪ .)20‬يظـ ُّ‬
‫ـة جــدًّ ا‪« :‬أوالً‪ :‬قــد‬
‫الشــكر؛ ألن الفوائــد مهمـ ٌ‬ ‫يحاولــوا التعبيــر عــن ّ‬
‫الســعادة بنحــو‬‫الشــكر إلــى زيــادة مســتويات ّ‬ ‫يــؤ ّدي التعبيــر عــن ّ‬
‫ٍ‬
‫ـاعات فــي‬ ‫‪ .%25‬ثانيـ ًا‪ :‬ليــس هــذا أمــر ًا صعبـ ًا‪ .‬إن قضــاء ثــاث سـ‬
‫كتابــة يوم ّيــات تع ّبــر عــن العرفــان لمــا جــرى فــي ثالثــة أســابيع‬
‫‪142‬‬
‫قــد يكــون لــه تأثيــر يمتــد ســتة شــهور‪ ،‬إن لــم يكــن مــدة أطــول‪.‬‬
‫صح ّيــة أخــرى‪ ،‬مثــل‬ ‫الشــكر تأثيــرات ّ‬ ‫ثالث ـ ًا‪ :‬يرافــق التعبيــر عــن ّ‬
‫النــوم وقت ـ ًا أطــول وبجــودة أفضــل»(‪.)21‬‬

‫ال�ش��كر‪ :‬إن تقديــر األمــور التــي يفعلهــا آخــرون لنــا‪ ،‬وشــكرهم‬


‫عليهــا‪ ،‬يزيدنــا تفــاؤالً وثقـ ًة بالنفس‪.‬‬

‫جديـ ٌـر بالذكــر هنــا أن هنــاك عــدد ًا مــن التّطبيقــات التــي تســاعدك‬
‫الشــكر‪ ،‬ولكــن تبقــى عبــارات الشــكر‬ ‫علــى تطويــر ومراقبــة عــادة ّ‬
‫اللفظيــة والبدنيــة فاعلــة بالمقــدار نفســه‪ ،‬إن لــم يكــن أكثــر‪:‬‬
‫تطبيقات للتعبير عن ال�شكر‬
‫تطبيــق «يوميــة الشــكر» وســيل ٌة خاصــ ٌة تمامــ ًا‬ ‫غراتيتيود جورنال‬
‫لتســجيل مــا تشــعر بــه مــن عرفــان بالكلمــات‬ ‫‪Gratitude Journal‬‬
‫والصــور‪.‬‬
‫هــذه طريقــة جميلــ ٌة وســهل ٌة لتدويــن عبــارات‬ ‫غراتيتيود ‪365‬‬
‫شــكر خاصــة بــك‪.‬‬ ‫‪Gratitude 365‬‬
‫ممتــع‪ ،‬يترافــق مــع مشــاركة‬
‫ٌ‬ ‫تطبيــق اجتماعــي‬
‫ٌ‬ ‫هابير‬
‫إيجاب ّيــة‪ .‬يح ّفــز علــى توثيــق اللحظــات ّ‬
‫الســعيدة‬ ‫‪Happier‬‬
‫الصغيــرة فــي يومــك‪.‬‬

‫اال�ستب�شار‬
‫الشــعور باألمــل‪ ،‬واإلحســاس بأهميــة مــا تفعلــه‪ ،‬والتح ّلــي بالتَّفــاؤل‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫ـى‬
‫تظهــر دراســة بعــد أخــرى أن النّــاس الذيــن يعــدّ ون أن لوجودهــم معنـ ً‬
‫هــم أكثــر ســعاد ًة وقناعــ ًة بحياتهــم مــن اآلخريــن(‪ .)22‬يمكــن أن تشــعر‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫أنــت أيضــ ًا بأنــك أكثــر تفــاؤالً بشــأن مســتقبلك وإمكاناتــك‪ .‬ومــن ال‬
‫يريــد هــذا؟ التفــاؤل الواقعــي ميــزة فضلــى‪ ،‬ويجعــل إمكانيــة إنجــاز‬
‫أهدافــك تبــدو أكثــر ســهول ًة‪ ،‬والتغ ّلــب علــى تحدّ ياتــك أقــل صعوبــة‪.‬‬
‫بيــت القصيــد‪ :‬لــن تشــعر بأنــك أكثــر توفيق ـ ًا فقــط‪ ،‬وإنمــا ســتكون أكثــر‬
‫نجاحــ ًا أيضــ ًا‪ .‬يرتبــط مســتوى األمــل لــدى الشــخص بجــودة إنجــازه‬
‫قوتــه فــي‬
‫ـات أن اســتفادة المــرء مــن نقــاط ّ‬ ‫لمهماتــه‪ .‬لقــد وجــدت دراسـ ٌ‬
‫الحيــاة العاديــة تخ ّفــف التو ّتــر‪ ،‬وتعـ ّـزز احتــرام الــذات‪ ،‬وتزيــد النّشــاط‪.‬‬
‫اكتشــفت دراســة أخــرى أن مســتويات ســعادة المشــاركين‪ ،‬الذيــن ُطلــب‬
‫الســت‬
‫الشــهور ّ‬ ‫منهــم تخ ّيــل مســتقبلهم بطريقــة تفاؤليــة‪ ،‬قــد ازدادت فــي ّ‬
‫الالحقــة للتّجربــة‪ .‬يعـ ّـزز تصديــق أن أهدافــك فــي متنــاول اليد اإلحســاس‬
‫الســعادة‪.‬‬
‫بــأن هنــاك معنــى وغايــة لحياتــك؛ عامــان مهمــان لتحقيــق ّ‬
‫اال�ستب�ش��ار‪ّ :‬‬
‫الشــعور باألمــل‪ ،‬واإلحســاس بأهميــة مــا تفعلــه‪،‬‬
‫والتح ّلــي بالتَّفــاؤل‪.‬‬

‫والمنصــات لمســاعدتك فــي أثنــاء بــذل‬


‫ّ‬ ‫إليــك بعــض التّطبيقــات‬
‫الجهــد لالســتفادة مــن كل إمكاناتــك‪:‬‬

‫تطبيقات من �أجل اال�ستب�شار‬

‫مستقبل السعادة‬
‫مج ّلــة‪ ،‬وموقــع إلكترونــي‪ ،‬ومــورد بشــأن مــا نســعى‬ ‫لِف هابي‬
‫إليــه دائمـ ًا‪ :‬عــش حيــاة ســعيدة‪.‬‬ ‫‪Live Happy‬‬
‫يضــع هــذا التّطبيــق العيــش بســعادة فــي طليعــة‬ ‫لِف إنتنشونالي‬
‫‪ Live Intentionally‬أهــداف حياتــك‪ ،‬ويســاعدك علــى تحديــد أفعالــك‬
‫ومراقبتهــا مــن أجــل تطويــر الــذات‪.‬‬ ‫‪144‬‬

‫خاصــة بمــكان العمــل‪ ،‬وهــي‬


‫منصــة اجتماعيــة ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالستيسيتي البس‬
‫الســعادة‬
‫مصممــة للمســاعدة فــي قيــاس وتعزيــز ّ‬
‫ّ‬ ‫‪Plasticity Labs‬‬
‫الشــركات‪.‬‬‫فــي ّ‬
‫منصــة إلكترونيــة تقــدّ م دروس ـ ًا للشــركات لتدريــب‬ ‫ّ‬ ‫بوتنشا البس‬
‫مو ّظفيهــا علــى تقنيــات ُمث َبتــة علميــ ًا لمســاعدتهم‬
‫ٍ‬ ‫‪Potentia Labs‬‬
‫عــادات اجتماعيــة‪ ،‬وعاطفيــة‪ ،‬ومهنيــة‬ ‫فــي بنــاء‬
‫يحتاجــون إليهــا للتغ ّلــب علــى العوائــق‪ ،‬كبيرهــا‬
‫وصغيرهــا‪ .‬ترشــد هــذه المقاربــة ‪ -‬التــي يجــري‬
‫المتدربيــن عبــر خبــرات‬ ‫عرضهــا خطــو ًة بخطـ ٍ‬
‫ـوة ‪-‬‬
‫ّ‬
‫متراكمــة‪ ،‬وتســاعدهم علــى تجريــب مــا قــد تع ّلمــوه‬
‫فــي أثنــاء ذلــك‪ ،‬وال يســتغرق كل هــذا أكثــر مــن‬
‫ثــاث دقائــق فــي اليــوم‪.‬‬
‫العطاء‬
‫ـول‪ .‬مــن الواضح‬ ‫ال يحتــاج كل مــا يتع ّلــق بالعطــاء إلــى تفكير مطـ ّ‬
‫أنــك تجعــل شــخص ًا أكثــر ســعادة حيــن تمنحــه شــيئ ًا مــا‪ .‬لكــن مــا‬
‫ال تعرفــه هــو أن المانــح ‪ -‬ال المتل ّقــي ‪ -‬يجنــي مزيــد ًا مــن ال ّثمــار‬
‫ـات عديــد ٌة أن تعاملــك مــع اآلخريــن بلطــف‬ ‫أيض ـ ًا(‪ .)23‬تظهــر دراسـ ٌ‬
‫ال يجعلــك تشــعر بأنــك أقــل توتّــر ًا‪ ،‬وعزلــ ًة‪ ،‬وحنقــ ًا فحســب‪،‬‬
‫وإنمــا أكثــر ســعادةً‪ ،‬وانســجام ًا مــع العالــم‪ ،‬وانفتاحـ ًا علــى تجــارب‬
‫جديــدة أيضــ ًا‪ .‬فــي إحــدى الدراســات الشــهيرة‪ ،‬طلبــت ســونيا‬
‫ب القيــام بخمســة أفعــال خير عشــوائية كل‬ ‫ـا ِ‬‫ليبوميرســكاي مــن الطـ ّ‬
‫أســبوع‪ ،‬طــوال ســتة أســابيع‪ .‬عانــت المجموعــة المرجعيــة (التــي‬
‫تصرفــات لطيفــة) مــن انخفــاض فــي الشــعور‬ ‫لــم يقــم أفرادهــا بــأي ّ‬
‫بالرفــاه‪ ،‬فــي حيــن أظهــر أولئــك الذيــن قامــوا بأعمــال معــروف‬ ‫ّ‬
‫‪145‬‬ ‫الســعادة‪ .‬وجــد ملحــق لهــذه الدراســة أننــا‬ ‫زيــادة قدرهــا ‪ %42‬فــي ّ‬
‫نكــون أكثــر ســعادة أيضــ ًا حيــن ننفــق أمــواالً علــى أشــخاص‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫آخريــن‪ ،‬مقارنـ ًة بإنفــاق ذلــك المــال علــى أنفســنا‪ .‬اكتشــفت دراســة‬


‫فــي ‪ 2006‬أن التفكيــر فــي أعمــال خيــر قــد فعلناهــا مــع أشــخاص‬
‫آخريــن يمكــن أن يرفــع معنوياتنــا‪ .‬يعــدُّ ســتيفن بوســت؛ اختصاصي‬
‫ومؤســس‬ ‫ّ‬ ‫األخــاق الحيويــة فــي جامعــة كيــس ويســترن ريزيــرف‪،‬‬
‫معهــد أبحــاث الحــب غيــر المحــدود‪ ،‬رائــد ًا فــي دراســة اإليثــار‬
‫والتراحــم‪ .‬يظهــر بحثــه أننــا عندمــا نهــب أشــياء عــن طيــب خاطــر‪،‬‬
‫يتأثــر كل شــيء بذلــك مــن القناعــة بالحيــاة‪ ،‬إلــى تقديــر ّ‬
‫الــذات‪،‬‬
‫وصحــة األبــدان‪ .‬تتراجــع نســبة الوف ّيــات‪ ،‬وينخفــض االكتئــاب‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الرفــاه والتّوفيــق فــي العمــل‪.‬‬‫ويــزداد ّ‬
‫ـدي لتعزيــز‬
‫المفضلــة لـ ّ‬
‫ّ‬ ‫قــد تكــون القائمــة اآلتيــة مــن التّطبيقــات هــي‬
‫فضيلــة اإليثــار فــي حياتــك‪ .‬بفضــل شــراكات ومصــادر فاعلــة‪ ،‬يشــهد‬
‫ـات صغيـ ٍ‬
‫ـرة مــن الوقــت‪ ،‬أو‬ ‫ـة يكــون فيهــا لهبـ ٍ‬
‫عالــم اإليثــار ثــور ًة بطريقـ ٍ‬
‫ـرات كبيــرة‪.‬‬
‫المهــارة‪ ،‬أو المــال تأثيـ ٌ‬

‫ٍ‬
‫بلطــف ال يجعلــك تشــعر‬ ‫العط��اء‪ :‬تعاملــك مــع اآلخريــن‬
‫بأنــك أقــل توتّــر ًا‪ ،‬وعزلــ ًة‪ ،‬وحنقــ ًا فحســب‪ ،‬وإنمــا أكثــر‬
‫تجــارب‬
‫َ‬ ‫ســعادةً‪ ،‬وانســجام ًا مــع العالــم‪ ،‬وانفتاحــ ًا علــى‬
‫ٍ‬
‫جديــدة أيضــ ًا‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫المفضلة لدي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫إليك‬
‫تطبيقات من �أجل ال�سخاء‬
‫يهــدف هــذا التّطبيــق إلــى نشــر أفعــال الخيــر في‬ ‫باي إت فورورد‬
‫ا عشــوائي ًا»‪،‬‬
‫كل مــكان‪ .‬ســيقترح البرنامــج «فعـ ً‬
‫‪Pay It Forward‬‬
‫مثــل التنــازل عــن مقعــدك علــى متــن قطــار‬
‫مزدحــم‪ ،‬أو مشــاركة تعليــق مح ّفــز لآلخريــن‪.‬‬ ‫‪146‬‬

‫متابعــة ومشــاركة أعمــال الخيــر التــي قمــت‬ ‫ريبيل‬


‫بهــا فــي العالــم‪ ،‬أو تســجيل المأثــرة لنفســك‪،‬‬
‫‪Ripil‬‬
‫واالســتفادة مــن ريبيــل علــى أنــه يوم ّيــات‬
‫البــر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شــخصية ألعمــال‬
‫تطبيــق يقــدّ م لــك تحدّ يــات يوميــة مــن أفعــال‬ ‫ديدتاغز‬
‫الخيــر‪.‬‬
‫‪Deedtags‬‬
‫وتــروج لهــا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الســعادة‬
‫تيســر ّ‬ ‫شــبكة المركز ّيــة ّ‬ ‫بي‪-‬هابي‬
‫ـول االبتســامات والــردود التــي تتل ّقاهــا مــن‬ ‫تتحـ ّ‬ ‫‪BeHappy‬‬
‫المشــاركين إلــى نقــود يجــري تحويلهــا إلــى‬
‫مؤسســات خير ّيــة‪.‬‬‫ّ‬
‫ٍ‬
‫منظمــة غيــر ربحيــة‬ ‫تحــول عشــرة ســنتات إلــى‬ ‫تشاريتي مايلز‬
‫ّ‬
‫تحدّ دهــا بنفســك مقابــل كل ابتســامة تتل ّقاهــا‪،‬‬
‫وخمسـ ًة وعشــرين ســنت ًا مقابــل كل ابتسـ ٍ‬ ‫‪Charity Miles‬‬
‫ـامة ترســلها‪.‬‬
‫مؤسســات‬
‫يعمــل هــذا التّطبيــق مــن غوغــل مــع ّ‬ ‫ون داي‬
‫الضــوء علــى‬ ‫الصغــر لتســليط ّ‬ ‫خير ّيــة بالغــة ّ‬
‫ٍ‬ ‫من ّظمـ ٍ‬
‫ـات غيـ ِ‬ ‫‪One Day‬‬
‫ـر ربحيــة مختلفــة كل يــوم‪ ،‬ويقترح‬
‫التبــرع بــدوالر واحــد‬
‫ّ‬ ‫علــى المســتخدمين‬
‫يفضلونهــا‪ ،‬وتضخيــم تأثيــر ذلــك‬‫للقضيــة التــي ّ‬
‫مقارنــة مــع مــا يتبـ ّـرع بــه أصدقاؤهــم‪.‬‬
‫اســتخدم تطبيــق فيــدي لعــرض صــورة مــن‬ ‫فيدي‬
‫طعامــك علــى وســائل التّواصــل االجتماعــي‪،‬‬
‫‪Feedie‬‬
‫تبرع ـ ًا‬
‫وســتقدّ م مطاعــم مشــاركة فــي البرنامــج ّ‬
‫للمســاعدة فــي تغذيــة تالميــذ أيتــام وعرضــة‬
‫للخطــر فــي جنــوب أفريقيــا‪.‬‬
‫يعمــل هــذا التّطبيــق مثــل ون داي تقريبــ ًا‪،‬‬ ‫إنستيد‬
‫تبرعــات صغيــرة تُحــدث‬ ‫ـجع علــى تقديــم ّ‬ ‫ويشـ ّ‬ ‫‪Instead‬‬
‫فرق ـ ًا كبيــرا‪ .‬يقتــرح إنســتيد التبـ ّـرع بمبلــغ ‪ 3‬أو‬
‫ً‬
‫‪ 5‬دوالرات‪ ،‬ويلهمــك تقديــم ٍ‬
‫هبــة مــن دون أن‬
‫‪147‬‬ ‫تتأ ّثــر ماليــ ًا‪.‬‬
‫مــع هــذا التطبيــق‪ ،‬يمكــن أن تتواصــل مــع‬ ‫جيف‪-‬جاب‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫ـرق فــي مجتمعــك‪ .‬اعثــر‬ ‫أصدقائــك إلحــداث فـ ٍ‬


‫‪GiveGab‬‬
‫ـوع محليــة رائعــة‪ ،‬وشــاهد أيــن‬
‫علــى فــرص تطـ ّ‬
‫يتطــوع اآلخــرون‪ ،‬وشــارك تجاربــك معهــم‪.‬‬‫ّ‬
‫تطــوع‪ ،‬وكــن نصيــر ًا ألعمــال‬
‫ّ‬ ‫اكتشــف فــرص‬ ‫نورم‪-‬سوشال فيالنثروبي‬
‫الخيــر التــي تحبهــا‪.‬‬ ‫‪Norm-Social‬‬
‫‪Philanthropy‬‬
‫اجمــع فواتيــر عشــائك فــي الخــارج حتــى آخــر‬ ‫سبير ‪Spare‬‬
‫دوالر لمكافحــة الجــوع فــي مدينتــك‪.‬‬

‫تطبيــق هبــات خير ّيــة علــى آي‪-‬فــون يســمح‬ ‫جيف‪-‬موب‬


‫للمســتخدمين بتقديــم مبالــغ صغيــرة مــن‬
‫‪GiveMob‬‬
‫المــال (‪ 10-5‬دوالرات) إلــى ّ‬
‫مؤسســات خير ّيــة‬
‫نصيــة‪.‬‬
‫معروفــة عبــر رســائل ّ‬
‫تبرعــات اجتماعيــة تعــرض‬
‫انضــم إلــى شــبكة ّ‬ ‫إمبوسيبل‬
‫طلباتــك علــى أشــخاص آخريــن قــد يكــون‬
‫‪Impossible‬‬
‫بمقدورهــم تلبيتهــا‪ ،‬وشــاهد طلبــات ربمــا‬
‫تســتطيع أنــت تحقيقهــا‪.‬‬

‫مقابــل كل صــورة تشــاركها عبــر دونيــت آي‬ ‫دونيت آي فوتو‬


‫فوتــو‪ ،‬تقــدّ م جونســون آنــد جونســون دوالر ًا‬
‫‪Donate a Photo‬‬
‫واحــد ًا لجهــة ترغــب أنــت بمســاعدتها‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫التعاطف‬
‫ٍ‬
‫كثيــرة مختلفــة‪ .‬إنهــا‬ ‫ٍ‬
‫بمعــان‬ ‫التّعاطــف كلمــ ٌة بليغــ ٌة تقتــرن عــاد ًة‬
‫القــدرة علــى االهتمــام بأشــخاص آخريــن‪ ،‬وتخ ّيــل وفهــم أفكارهــم‪ ،‬أو‬
‫تصرفاتهــم‪ ،‬أو آرائهــم‪ ،‬بمــا فيهــا تلــك المختلفــة عــن آرائنــا‪ .‬إذا كنــت‬ ‫ّ‬
‫تهتــم بشــأن العالقــات فــي حياتــك‪ ،‬ومــن ال يفعــل؟ ســيكون لتع ّلــم‬
‫‪148‬‬
‫جمــة‪ .‬عندمــا نتعاطــف مــع النّــاس‪ ،‬نصبــح أقــل‬ ‫مهــارة التعاطــف فوائــد ّ‬
‫انتقــاد ًا‪ ،‬أو إحباطــ ًا‪ ،‬أو حنقــ ًا‪ ،‬أو قنوطــ ًا‪ ،‬ونــزداد صبــر ًا‪ .‬نو ّطــد أيضــ ًا‬
‫ا إلــى وجهــات‬ ‫المقربيــن منــا‪ .‬عندمــا نصغــي فعـ ً‬ ‫ّ‬ ‫الروابــط مــع أولئــك‬‫ّ‬
‫نظــر اآلخريــن‪ ،‬سيســتمعون علــى األرجــح إلــى مــا نقولــه‪ .‬يعــدُّ بنــاء‬
‫الســعادة‪ ،‬وفق ـ ًا لمــا يقولــه‬
‫ا جوهري ـ ًا فــي تحقيــق ّ‬ ‫عالقــات قويــة عام ـ ً‬
‫إد داينــر ومارتــن ســليغمان‪ ،‬فــي حيــن يفيــد التعاطــف فــي تقويــة تلــك‬
‫الروابــط فــي حياتــك‪ .‬كان ريتشــارد دافيدســون؛ أســتاذ علــم النّفــس‬ ‫ّ‬
‫ـف مهــار ٌة‬‫فــي جامعــة ويسكنسون‪-‬ماديســون‪ ،‬أول مــن ب ّيــن أن التعاطـ َ‬
‫يمكــن أن يتع ّلمهــا الجميــع؛ ألن الدمــاغ يتغيــر باســتمرار متأ ّثــر ًا بعوامــل‬
‫ـث‬ ‫ـابه‪ ،‬يمكــن تع ّلــم التّعاطــف ّ‬
‫الذاتــي أيضـ ًا‪ .‬يشــير بحـ ٌ‬ ‫ـو مشـ ٍ‬
‫بيئيــة‪ .‬بنحـ ٍ‬
‫أجرتــه كريســتين نيــف‪ ،‬وهــي رائــدة فــي هــذا المجــال‪ ،‬إلــى أن النّــاس‬
‫ـف ج ّيــد مــع ذواتهــم يعيشــون حيــا ًة أكثــر صحـ ًة‬ ‫الذيــن يتمتعــون بتعاطـ ٍ‬
‫وإنتاجي ـ ًة مــن أولئــك الذيــن ُيكثــرون مــن النّقــد الذاتــي‪.‬‬
‫التعاط��ف‪ :‬القــدرة علــى االهتمــام بأشــخاص آخريــن‪،‬‬
‫تصرفاتهــم‪ ،‬أو آرائهــم‪ ،‬وفيهــا‬
‫وتخ ّيــل وفهــم أفكارهــم‪ ،‬أو ّ‬
‫تلــك المختلفــة عــن آرائنــا‪.‬‬

‫الستكشــاف تطبيقــات تســاعد فــي تعزيــز اإلحســاس بالتعاطــف‪،‬‬


‫تو ّثــق مــن القائمــة اآلتيــة‪:‬‬

‫تطبيقات من �أجل التعاطف‬


‫تعــرف مشــاعر مختلفــة‬ ‫ّ‬ ‫تطبيــق يمكنــه‬
‫ٌ‬ ‫موديز‬
‫المطــورون أن‬
‫ّ‬ ‫يتصــور‬
‫ّ‬ ‫فــي كالم النّــاس‪.‬‬
‫‪Moodies‬‬
‫هــذا التّطبيــق قــد يســاعد األفــراد فــي فهــم‬
‫مشــاعرهم‪ ،‬وتمييــز مشــاعر اآلخريــن‪،‬‬
‫‪149‬‬ ‫ومراقبــة تلــك األحاســيس بمــرور الوقــت‪،‬‬
‫الشــخص يكــذب أو‬ ‫وحتــى معرفــة إن كان ّ‬
‫ال‪.‬‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫ابتكــره المم ّثــل رايــن ويلســون (دوايــت‬ ‫سول بانكيك‬


‫فــي البرنامــج الكوميــدي ذا أوفيــس‪،‬‬
‫‪SoulPancake‬‬
‫الــذي ُيعــرض علــى شاشــة إن بــي ســي)‪،‬‬
‫وهــو مــكان يســتطيع النّــاس االلتقــاء فيــه‬
‫والحديــث عــن أمــور تهمهــم فع ـاً‪ ،‬مثــل‬
‫الروحانيــة‪ ،‬أو الدّ يــن‪ ،‬أو المــوت‪ ،‬أو‬
‫الحــب‪ ،‬أو شــريك الحيــاة‪ ،‬أو اإلبــداع‪ ،‬أو‬
‫أي شــيء آخــر قــد تفكّــر فيــه‪.‬‬
‫ّ‬

‫يعــرض هــذا التّطبيــق فهرســ ًا للصــور‬ ‫هيومانز أوف نيويورك‬


‫إلــى جانــب قصـ ٍ‬
‫ـص يســردها ســكان مدينــة‬
‫‪Humans Of New York‬‬
‫نيويــورك بهــدف زيــادة الوعــي بالتّعاطــف‬
‫حــول العالــم‪.‬‬
‫مصمــم لتقويــة الشــبكات‬ ‫ّ‬ ‫هــذا التطبيــق‬ ‫كامبفاير‬
‫ـجعك وأصدقــاؤك علــى‬ ‫االجتماعيــة‪ ،‬ويشـ ّ‬
‫‪Campfire‬‬
‫وضــع هواتفكــم جانبــ ًا لتطويــر عالقــات‬
‫حقيقيــة‪ .‬عندمــا تتفاعــل مــع آخرين‪ ،‬يشــغل‬
‫هاتفــك لعبــة‪ ،‬وتكســب نقاط ـ ًا أكثــر كلمــا‬
‫قضيــت وقتــ ًا أطــول بعيــد ًا عــن جهــازك‬
‫المحمــول‪.‬‬

‫ديمومة التّغييرالإيجابي‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الســعادة» كيــف ع ّلــم الفــارس‬ ‫يصــف شــون في«أفضليــة ّ‬
‫األســطوري «زورو» تلميــذ ًا يافعــ ًا ومتهــور ًا إتقــان اســتعمال الســيف‬
‫بتدريبــه أوالً فــي حلقــة صغيــرة‪ .‬وبعــد أن اكتســب خبــرة فــي القتــال‬
‫يوســع الطالــب نطــاق العمــل وينتقــل إلــى صقــل‬ ‫ضمــن تلــك الحلقــة‪ّ ،‬‬
‫ـارات أخــرى أكبــر‪ ،‬مثــل التأرجــح علــى الحبــال وال ّثريــات‪ .‬ظهــر‬‫مهـ ٍ‬ ‫‪150‬‬

‫مسلســل زورو فــي حقبــة التّلفــاز األبيــض واألســود‪ ،‬لــذا كيــف يمكــن‬
‫قمــي‪ ،‬مشــتّت‬ ‫ٍ‬
‫الر ّ‬ ‫لذلــك الفــارس أن يتعامــل مــع تلميــذ فــي العصــر ّ‬
‫ـزة مختلفــة‪ ،‬ومهــووس بجهــاز استشــعار تحليــل‬ ‫األفــكار ومثقــل بأجهـ ٍ‬
‫األدوات مختلفـ ًة‪ ،‬ولكــن أتخ ّيــل أن‬
‫ُ‬ ‫التّأرجــح علــى ســيفه؟ ربمــا تكــون‬
‫أي تغييــر‪.‬‬
‫اســتراتيجيته األساسـ ّية فــي تحــدّ ي العالــم لــن يطــرأ عليهــا ّ‬

‫اقتراحات قد تجعلك �أكثر �سعادة‬


‫‪ .1‬البــدء بنطــاق ض ّيــق‪ .‬قــد يبــدو مغريـ ًا أن تجـ ّـرب كل تطبيق‪،‬‬
‫أو أداة قابلــة لالرتــداء‪ ،‬أو جهــاز جديــد يمكــن أن تحصــل‬
‫عليــه‪ ،‬ولكــن الطريقــة األكثــر فاعليــة إلحــداث تغييــر‬
‫إيجابــي مســتدام فــي حياتــك هــو البــدء بنطــاق ض ّيــق‪.‬‬
‫باالســتفادة مــن مبــادئ حلقــة زورو‪ ،‬أنصــح أن تختــار‬
‫مجموعــة مهــارات واحــدة ترغــب بتعزيزهــا‪ ،‬وممارســة‬
‫تلــك المهــارات واحــد ًا وعشــرين يومــ ًا علــى األقــل‬
‫(أقصــر مــدّ ة لكســب عــادة)‪ .‬حــدّ د أهدافـ ًا صغيرة وســهلة‪،‬‬
‫مــن ثــم زد مســتوى الصعوبــة بعــد أن تتقــن كل مجموعــة‬
‫حــدة‪ ،‬وال تندهــش إذا اكتشــفت أنــك بحاجــة إلــى‬ ‫ٍ‬ ‫علــى‬
‫ـود علــى شــيء مــا‪ .‬يقــول باحثــون‪،‬‬ ‫ِ‬
‫مزيــد مــن الوقــت للتعـ ّ‬
‫مثــل د‪ .‬كريســتين كارتــر مــن مركــز العلــوم النّافعــة (‪Good‬‬
‫‪ ،)Science‬إن أغلبنــا يحتــاج إلــى أكثــر مــن تســعين يوم ـ ًا‬
‫الكتســاب عــادة مســتدامة‪.‬‬
‫جديــر بالقــول إن زورو لــم يبــدأ‬
‫ٌ‬ ‫‪ .2‬اختيــار األداة المالئمــة‪.‬‬
‫‪151‬‬
‫تعليــم تلميــذه القتــال باســتخدام مطرقــة ثقيلــة‪ ،‬وإنمــا‬
‫ٍ‬
‫تغييــرات‬ ‫ٍ‬
‫شــديد أدا ًة مالئمــ ًة إلحــداث‬ ‫ٍ‬
‫بحــرص‬ ‫اختــار‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫ـو مشـ ٍ‬
‫ـابه‪ ،‬إذا أردنــا إحــداث تغييــر‬ ‫صغيـ ٍ‬
‫ـرة وتدريجيــة‪ .‬بنحـ ٍ‬
‫فــي حياتنــا‪ ،‬يجــب أن نجــد األداة المناســبة لفعــل ذلــك‪.‬‬
‫قــد يعنــي هــذا تجريــب عــدّ ة تطبيقــات مختلفــة‪ ،‬مــن ثــم‬
‫اختيــار إحداهــا وااللتــزام باســتخدامها‪.‬‬
‫‪ .3‬معرفــة توقيــت المضــي قدمــ ًا‪ .‬كانــت إحــدى أقــوى‬
‫تكتيــكات زورو فــي القتــال هــي توقيــت تغييــر‬
‫األســلوب‪ ،‬والتمركــز فــي موقــع جديــد‪ .‬علــى الرغــم‬
‫المطوريــن ســيحبون أن تصبــح‬ ‫ّ‬ ‫مــن أن كثيــر ًا مــن‬
‫تطبيقاتهــم جــزء ًا مدمج ـ ًا مــن حياتنــا اليوميــة‪ ،‬إال أننــي‬
‫أفضــل التفكيــر فــي تقنيــات كســب العــادات علــى أنهــا‬ ‫ّ‬
‫تدخــات قصيــرة األمــد‪ .‬أحــب وجــود أدوات قابلــة‬ ‫ّ‬
‫لالرتــداء لمســاعدتي علــى تحســين وضعيــة جســمي‪،‬‬
‫ولكــن ال أريــد حقــ ًا أن أرتبــط بــأي جهــاز باقــي‬
‫عمــري‪ .‬شــعاري هــو‪ :‬إحــداث تغييــر‪ ،‬والحفــاظ عليــه‪،‬‬
‫ثــم االنتقــال إلــى المرحلــة اآلتيــة‪.‬‬

‫ٌ‬
‫قادة د ّربوا عقولهم‬

‫مستقبل السعادة‬
‫المتفوقيــن‪ ،‬وإنما‬
‫ّ‬ ‫ليــس تدريــب الدمــاغ هوايـ ًة خاصـ ًة باألشــخاص‬
‫متدربـ ًا فــي العطلــة‬
‫اســتراتيجية ريــادة‪ .‬ســوا ًء أكنــت رئيسـ ًا تنفيذيـ ًا‪ ،‬أو ّ‬
‫الصيفيــة‪ ،‬أو مو ّظفـ ًا فــي شــركة‪ ،‬أو طالــب دراســات عليــا‪ ،‬أو رياض ّيـ ًا‪،‬‬
‫أو حتــى والــد ًا‪ ،‬ستكتشــف أن مجموعــات المهــارات التدريبيــة هــذه‬
‫هــي لبنــات التّغييراإليجابــي للعــادات فــي حياتــك‪ .‬يمكننــي طبعــ ًا‬ ‫‪152‬‬

‫الحجــة علــى أن تدريــب الدمــاغ عمليــ ٌة فرديــ ٌة فــي نهايــة‬ ‫ّ‬ ‫تقديــم‬
‫الــذات‪ ،‬وتحســين‬ ‫تعــزز الرغبــة بالحفــاظ علــى ّ‬ ‫المطــاف‪ ،‬وأنهــا ّ‬
‫القــدرات‪ .‬لكــن هنــاك حج ـ ٌة جماعي ـ ٌة أيض ـ ًا بشــأن تدريــب العقــل‪.‬‬
‫مؤسســة‪ ،‬أو فريــق‪ ،‬أو أســرة‪ ،‬تكــون الوحدة‬ ‫ســوا ًء أكنــت عضــو ًا فــي ّ‬
‫الكليــة بخير‪/‬منتجــة ‪/‬ناجحة‪/‬ســعيدة حيــن يتمتّــع جميــع أفرادهــا‬
‫بذلــك‪ .‬عندمــا تلتــزم بتدريــب دماغــك بالطــرق التــي أوضحتهــا آنف ـ ًا‪،‬‬
‫لــن تشــعر أنــت فقــط بســعادة أكبــر‪ ،‬وإنمــا ســتتغير الجماعــة حولــك‬
‫إلــى األفضــل أيض ـ ًا؛ ألن بيننــا جميع ـ ًا وشــائج مختلفــة غيــر مرئيــة‪.‬‬

‫عندما تلتزم بتدريب دماغك بالطرق التي أوضحتها آنف ًا‪ ،‬لن‬
‫تشعر أنت فقط بسعادة أكبر‪ ،‬وإنما ستتغير الجماعة حولك‬
‫إلى األفضل أيض ًا‪.‬‬
‫نعــم‪ ،‬في هــذا الكتــاب الذي يحــث علــى التّرابــط‪ ،‬والتّواصل‪ ،‬واســتخدام‬
‫التّقانــة بإيجابيــة‪ ،‬أؤكّــد أن أقــوى الروابــط التــي تجمعنــا مــع بعضنــا غيــر‬
‫منظــورة فــي الواقــع‪ .‬إذا كنــت ال تصدّ قنــي‪ ،‬جـ ّـرب هــذه المحاولــة التــي لــن‬
‫تســتغرق أكثــر مــن دقيقــة واحــدة‪ :‬فــي المـ ّـرة اآلتيــة التــي تقــف فيهــا فــي‬
‫صــف ســتاربكس‪ ،‬ابــدأ النظــر إلــى ســاعتك بعصبيــة‪ ،‬وتنهــد مــرار ًا وبصـ ٍ‬
‫ـوت‬ ‫ّ‬
‫ـوان فقــط‪ ،‬ســترى أكثــر مــن نصــف األشــخاص الواقفيــن فــي‬ ‫عــال‪ .‬فــي ثـ ٍ‬
‫التصــرف الــذي يع ّبــر عــن التوتّــر(‪ .)24‬نعــم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الصــف معــك يق ّلــدون ذلــك‬
‫ـعور بالســوء‪ .‬لنفعــل شــيئ ًا صالح ـ ًا اآلن‪ :‬فــي اجتمــاع‬‫ينبغــي أن ينتابــك شـ ٌ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫العمــل القــادم‪ ،‬ادخــل القاعــة بابتســامة كبيــرة علــى وجهــك‪ ،‬وتو ّثــق مــن‬
‫ـخص بذلــك الوجــه البشــوش والــودود‪ .‬أضمــن‬ ‫إلقــاء التحيــة علــى كل شـ ٍ‬
‫ـذي خاليــا عصبيــة تعمــل‬ ‫لــك أن تُغ ّيــر المــزاج فــي تلــك الغرفــة كلهــا‪ .‬تغـ ّ‬
‫مثــل المــرآة هــذا الشــعور فــي دماغنــا‪ ،‬وتجعلنــا نتواصــل بنحــو غيــر مرئــي‬
‫دربــت‬‫الســعادة‪ .‬إذا ّ‬‫مــع بعضنــا‪ ،‬وتمنحنــا قــدر ًة الشــعور ّية (وواعيـ ًة) لنشــر ّ‬
‫‪153‬‬
‫دماغــك علــى التركيــز علــى اإليجابيــات‪ ،‬ســتبدأ بنحـ ٍ‬
‫ـو وا ٍع (والشــعور ًّيا كمــا‬
‫آمــل) بنشــر اإليجاب ّيــة إلــى أولئــك الموجوديــن حولــك‪.‬‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫دربت دماغك على التركيز على اإليجابيات‪ ،‬ستبدأ‬ ‫إذا ّ‬


‫ٍ‬
‫بنحو وا ٍع (والشعور ًّيا كما آمل) بنشر اإليجاب ّية إلى أولئك‬
‫الموجودين حولك‪.‬‬

‫الســعادة خيــار شــخصي‪ ،‬وال عالقة‬ ‫نتكلــم غالبـ ًا فــي جود‪-‬ثنــك عــن أن ّ‬
‫بمورثاتنــا وبيئتنــا‪ .‬علــى الرغــم مــن هــذا‪ ،‬هنــاك أدوات حولنــا يمكــن أن‬ ‫لهــا ّ‬
‫تعـ ّـزز جهودنــا‪ ،‬وهنــاك طــرق يمكــن أن نؤ ّثــر بهــا علــى بيئتنــا لتســهيل تبنّــي‬
‫ذلــك الخيــار‪ .‬فــي القســم اآلتــي‪ ،‬ســأطلعك علــى بعــض الوســائل التــي‬
‫ـعادة أكبــر فــي البيــت‪ ،‬ومقــر العمــل‪،‬‬ ‫الشــعور بسـ ٍ‬‫يمكــن أن تســاعدك علــى ّ‬
‫واألماكــن التــي تتع ّلــم وتعيــش فيهــا‪.‬‬
‫خال�صة‬
‫ـي أن بمقدورنــا‬‫رات حديثـ ٌة فــي علــم النفــس اإليجابـ ّ‬
‫ـو ٌ‬‫تكشــف تطـ ّ‬
‫تدريــب أدمغتنــا لتحســين مســتوى ســعادتنا وإنجازنــا باســتخدام‬
‫إطــار عمــل (س‪-‬ش‪-‬ب‪-‬ع‪-‬ت)‪ .‬يتم ّثــل العامــل الرئيــس فــي‬
‫إحــداث تغييــر إيجابــي مســتدام فــي حياتنــا فــي تعـ ّـرف مجموعــة مــن‬
‫المهــارات المســتهدفة‪ ،‬والتــدرب علــى كســب كل عــادة علــى حـ ٍ‬
‫ـدة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وتقويــم التقــدّ م المنجــز فــي أثنــاء ذلــك‪ ،‬وجعــل التّغييــر «راســخ ًا»‬

‫مستقبل السعادة‬
‫بتحديــد أهــداف بســيطة‪ ،‬وواقعيــة‪ ،‬وذات مغــزى‪.‬‬

‫د ّرب عقلك بـ‪:‬‬


‫✓ ✓تطوير طريقة تفكير متفائلة لتعزيز نموك‪.‬‬
‫‪154‬‬
‫✓ ✓اســتخدام إطــار عمــل (اســتمتاع‪ ،‬شــكر‪ ،‬استبشــار‪،‬‬
‫عطــاء‪ ،‬تعاطــف) لتع ّلــم مهــارات جديــدة مــن أجــل‬
‫تحســين طريقــة تفكيــرك‪.‬‬
‫✓ ✓االســتفادة مــن التّقانــة فــي دعــم نجاحــك‪ ،‬ومراقبــة‬
‫تقدّ مــك‪.‬‬
‫االستراتيجية رقم ‪4‬‬
‫إنشاء بيئة للسعادة‬

‫كيف نكون �أكثر �سعادة في منازلنا‪،‬‬


‫و�أماكن عملنا‪ ،‬ومجتمعاتنا‬

‫‪155‬‬
‫الســبب الــذي جعلنــا نشــتري‬ ‫إذا ســألتني‪ ،‬أو ســألت زوجــي‪ ،‬عــن ّ‬
‫ـق عليــه‪ :‬أكيــاس‬‫بيتنــا الحالــي‪ ،‬ســتحصل علــى جــواب واضــح متّفـ ٍ‬
‫أقــر أن هــذا لــم‬
‫الفــول (أكيــاس قماشــية يمكــن الجلــوس عليهــا)‪ُّ .‬‬
‫الســبب الوحيــد لشــرائنا المنــزل‪ ،‬ولكــن بعــد إلقــاء نظــرة علــى‬
‫يكــن ّ‬
‫نحــو ‪ 100‬مســكن فــي منطقــة داالس‪ ،‬وقعنــا فــي حــب هــذا البيــت‬
‫وتقدّ منــا بطلــب لشــرائه‪ ،‬بشــرط واحــد‪ :‬بقــاء أكيــاس الفــول‪ .‬مــا‬
‫الــذي يم ّيــز تلــك األكيــاس ح ّقـ ًا؟ ببســاطة شــديدة‪ ،‬الحجــم ّ‬
‫والراحــة‪.‬‬
‫ـوة علــى جانــب كيــس طــري ودافــئ على شــكل‬ ‫تخيــل االســتمتاع بغفـ ٍ‬
‫ّ‬
‫دب أســود؛ مــن دون البراثــن القاتلــة‪ ،‬والرغبــة بالتدميــر‪ .‬عندمــا رأت‬
‫بناتنــا األكيــاس فــي غرفــة جلــوس المنــزل المحتمــل‪ ،‬صــرن العبــات‬
‫أي والــد صالــح‪،‬‬‫جمبــاز‪ ،‬وقفــزن عليهــا مــرار ًا بســرعة خطــرة‪( .‬مثــل ّ‬
‫اضطــررت إلــى أن أختبــر بنفســي أمــان تلــك الحــركات البهلوانيــة‬
‫لضمــان الجــودة)‪.‬‬
‫عندمــا انتقلنــا إلــى المنــزل‪ ،‬عقــدت العــزم علــى إزالــة أغطيــة‬
‫أثاثنــا القماشــي الجديــد للتخ ّلــص مــن الوبــر وشــعر الكلــب الباقــي‬
‫مــن أيــام المالكيــن الســابقين‪ ،‬ظنــ ًا منــي أن هــذا ســيكون قــرار ًا‬
‫حصيف ـ ًا مــن والــدة تهتــم ببناتهــا‪ .‬ن ّظفــت األغطيــة بحــرص بهــواء‬
‫نشــافة الثيــاب‪ ،‬مــن‬ ‫ســاخن مــن مج ّفــف شــعر حتــى ال تنكمــش فــي ّ‬
‫ثــم بــدأت أضعهــا علــى األكيــاس بحجــم الدببــة‪ .‬أخطــأت مرتيــن‬
‫ـد فقــط‪،‬‬ ‫ـخص واحـ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫فــي تقديراتــي‪ .‬أوالً‪ ،‬لــم تكــن تلــك مهم ـ ًة لشـ‬
‫لــذا طلبــت المســاعدة مــن زوجــي علــى الرغــم مــن اعتراضــه علــى‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ذلــك (نعــم‪ ...‬هــل كان قــد اقتــرح أال أزيــل األغطيــة وأغســلها؛ ألن‬
‫وضعهــا مجــدد ًا ســيكون صعب ـ ًا جــدًّ ا؟)‪ .‬بــدا ســوء التقديــر الثانــي‬
‫توكيــد ًا لمخــاوف زوجــي‪ .‬لــم أتو ّقــع أن تكــون تلــك األكيــاس‬
‫المرنــة دبب ـ ًة مــن دون أســنان‪ ،‬إذ أن الزمــام المنزلــق علــى األغطيــة‬
‫كان يفتقــر إلــى عــدّ ة أســنان هنــا وهنــاك‪ ،‬ممــا جعــل التقــاء المفتــاح‬
‫‪156‬‬
‫بالقفــل مســتحيالً‪ .‬ســحبنا وجذبنــا‪ ،‬وقفزنــا ودفعنــا‪ ،‬ولكــن فــي كل‬
‫مــرة أحرزنــا فيهــا تقدّ مـ ًا‪ ،‬خــرج الزمــام منتصــر ًا فــي نهايــة المطــاف‪.‬‬
‫لــم يكــن بمقــدوري التراجــع آنــذاك‪ ،‬فقــد ألزمــت نفســي بكســوة‬
‫تلــك األكيــاس مجــدد ًا‪ ،‬فــي حيــن كبحــت بناتــي بالــكاد فرحتهــن‬
‫قــررت‬ ‫بشــأن اللعــب بهــا‪ ،‬فعزمــت علــى النجــاح فــي األمــر‪ّ .‬‬
‫ٍ‬
‫قســط مــن‬ ‫ومتعرقيــن‪ ،‬وغاضبيــن ‪ -‬نيــل‬ ‫وزوجــي ‪ -‬محبطيــن‪،‬‬
‫ّ‬
‫الضخــم‪ ،‬والعــب‬ ‫الراحــة فــي النهايــة ومحاولــة االســتعانة بجارنــا ّ‬
‫كــرة القــدم الســابق‪ ،‬لمؤازرتنــا‪ .‬بعــد ســاعة‪ ،‬تغلبنــا نحــن ال ّثالثــة‬
‫بنجــاح علــى األغطيــة‪ ،‬وجلســنا بحــرص علــى األكيــاس مرهقيــن‪.‬‬
‫تقــدم األقســام اآلتي ـ ُة إرشـ ٍ‬
‫ـادات بشــأن الطــرق التــي يمكنــك بهــا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أنــت أيض ـ ًا‪ ،‬إيجــاد عريــن ســعادة بذلــك الحجــم الكبيــر‪.‬‬
‫التحدي‪:‬‬
‫ّ‬
‫هل التّقانة �صديقنا �أو عدونا؟‬
‫علــى الرغــم مــن أنــك قــد ال تصــارع كيسـ ًا ضخمـ ًا بحجــم دب في‬
‫الصــراع ال يختلــف كثيــر ًا ّ‬
‫عمــا نواجهــه‬ ‫أي وقــت قريــب‪ ،‬إال أن هــذا ّ‬ ‫ّ‬
‫كل يــوم حيــن يتع ّلــق األمــر باالســتفادة مــن ســيل التّقانــة العــارم‬
‫بنجــاح فــي حياتنــا؛ مــن دون أن يغمرنــا ويتح ّكــم بنــا‪.‬‬
‫نشــعر غالبــ ًا بأننــا ملتزمــون بتحقيــق «نجــاح» مــع كل تقــدّ م فــي‬
‫التّقانــة‪ ،‬ربمــا بســبب االســتثمار الــذي نضعــه فيهــا‪ ،‬أو مطالبــة صاحب‬
‫العمــل لنــا بذلــك‪ ،‬أو بســبب خــوف غيــر مبـ ّـرر مــن أن يــؤ ّدي عــدم‬
‫عمــا يجري‬ ‫تبنّــي تلــك التّقانــة إلــى جعلنــا نســبح ضــد التيــار (ننفصــل ّ‬
‫حولنــا)‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬إذا كان هنــاك جهــاز أو برنامــج جديــد ومفيد‪،‬‬
‫‪157‬‬ ‫ٍ‬
‫ـخص منــا‪ .‬فــي الواقــع‪ ،‬قــد‬ ‫فهــذا ال يعنــي أنــه جديــد ومفيــد لــكل شـ‬
‫ـلبي علــى ســعادتنا‪ ،‬وتجعلنــا نفقــد‬ ‫يكــون لبعــض التّقانــات تأثيـ ٌـر سـ ّ‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫التــوازن الهــش بيــن اإلنتاج ّيــة والرفــاه‪.‬‬


‫ـرس جديــد علــى البيئة‪.‬‬ ‫ف ّكــر فــي التأثيــر الــذي قــد ُيحدثــه حيـ ٌ‬
‫ـوان مفتـ ٌ‬
‫تعرضــت إيفرجليديــز (محميــة طبيعيــة لألراضــي‬ ‫فــي العقــد األخيــر‪ّ ،‬‬
‫جمــة مــن األصلــة البورميــة‪،‬‬ ‫االســتوائية) فــي فلوريــدا إلــى مخاطــر ّ‬
‫التــي تعــدُّ مفترس ـ ًا دخي ـ ً‬
‫ا علــى تلــك البيئــة‪ ،‬و ُيظ ـ ُّن أنهــا وصلــت إلــى‬
‫المنطقــة عبــر التجــارة مــع دول أجنبيــة(‪ .)1‬تُعــرف هــذه األفاعــي البالــغ‬
‫طولهــا ثالثــة وعشــرين قدمــ ًا‪ ،‬ووزنهــا ‪ 200‬رطــل‪ ،‬بأنهــا مفترســات‬
‫ســا َّمة؛ ألنهــا تتر ّبــع علــى قمــة الهــرم الغذائــي‪ ،‬ويمكــن أن تــأكل كل‬
‫شــيء؛ مــن األرانــب إلــى التماســيح‪ .‬قــد تكــون النتيجــة كارثيــة علــى‬
‫النظــام البيئــي بر ّمتــه عنــد إدخــال نــوع واحــد فقــط مــن الكائنــات الح ّيــة‬
‫إلــى إحــدى المواطــن الطبيعيــة‪ ،‬كمــا هــو مو ّثــق فــي كل أرجــاء العالــم‪.‬‬
‫على كل حال‪ ،‬إذا كان هناك جهاز أو برنامج جديد ومفيد‪ ،‬فهذا‬
‫ٍ‬
‫شخص منا‪ .‬في الواقع‪ ،‬قد يكون‬ ‫ال يعني أنه جديد ومفيد لكل‬
‫سلبي على سعادتنا‪ ،‬وتجعلنا نفقد التوازن‬ ‫ّ‬ ‫لبعض التقانات تأثير‬
‫الهش بين اإلنتاج ّية والرفاه‪.‬‬

‫علــى كل حــال‪ ،‬عندمــا نط ّبــق هــذه االســتعارة التكنولوجيــة‬


‫علــى األنــواع العدوانيــة‪ ،‬ســأجادل أن التّقانــة بحــد ذاتهــا لــن‬
‫تكــون هــي المفتــرس‪ ،‬وأن التهديــد ينبثــق فــي الواقــع مــن طريقــة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫تفكيرنــا وخياراتنــا‪ .‬لقــد كتــب ويليــام شكســبير‪« :‬مــا مــن حسـ ٍ‬
‫ـن‬
‫التفكيــر هــو الــذي يجعــل األمــر كذلــك»(‪.)2‬‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫قبيــح‪ ،‬ولكــن‬ ‫وال‬
‫نعــرف مــن االســتراتيجية رقــم ‪ 3‬أن بمقــدور التّقانــة إضافــة قيمــةٍ‬
‫كبيـ ٍ‬
‫ـرة إلــى حياتنــا‪ ،‬وتوســيع آفــاق تفكيرنــا‪ ،‬وتعزيــز نمونــا‪ ،‬وزيــادة‬
‫تماســك نســيجنا المجتمعــي‪ .‬لكــن نعــرف أيضــ ًا مــن حياتنــا‬
‫ـرب طريقــة عيشــنا‪ ،‬فــي حيــن أن‬ ‫اليوميــة أن بعــض التّقانــات تخـ ّ‬ ‫‪158‬‬

‫بعضهــا اآلخــر قــد يكــون مح ّفــز ًا لنــا (وتقانــة واحــدة قــد تكــون‬
‫ذات وجهيــن لنوعيــن مختلفيــن مــن النّــاس!)‪ .‬بــدالً مــن محاولــة‬
‫ـزل عــن التّقانــة فــي حياتنــا‪ ،‬يجــب أن نتفــادى إدخــال‬‫العيــش بمعـ ٍ‬
‫أشــياء إلــى بيئتنــا تق ّلــل مــن ســعادتنا‪ ،‬وال تفيدنــا فــي تحقيــق‬
‫أهدافنــا الكبــرى‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بمعزل عن التّقانة في حياتنا‪ ،‬يجب أن‬ ‫بدالً من محاولة العيش‬
‫نتفادى إدخال أشياء إلى بيئتنا تق ّلل من سعادتنا‪ ،‬وال تفيدنا في‬
‫تحقيق أهدافنا الكبرى‪.‬‬

‫توضــح االســتراتيجية رقــم ‪ 4‬طريقــة إنشــاء إطــار مكانــي ّ‬


‫للســعادة‬ ‫ّ‬
‫ـي يســمح لــكل أجــزاء حياتك‬‫أعرفــه بأنــه نظــا ٌم بيئـ ٌّ‬
‫فــي حياتــك‪ ،‬الــذي ّ‬
‫‪ -‬الرقميــة وغيرهــا ‪ -‬بالتعايــش واالزدهــار‪ .‬بعــد جمــع أبحـ ٍ‬
‫ـاث مــن‬ ‫ّ‬
‫اإليجابــي‪ ،‬والفيزيــاء‪ ،‬والتعليــم‪ ،‬والتصميــم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حقــول علــم النفــس‬
‫ـص إعــادة التفكيــر بشــأن المســاحات واألماكن‬ ‫سأشــاطرك أفــكارا تخـ ُّ‬
‫التــي تعيــش‪ ،‬وتعمــل‪ ،‬وتتع ّلــم فيهــا‪.‬‬

‫اال�ستراتيجية‪:‬‬
‫�إعادة ت�صميم الم�ساحات‪،‬‬
‫والأماكن‪ ،‬والأ�سيجة بينها‬
‫لل�سعادة الم�ستقبلية‬
‫�إف�ساح المجال ّ‬
‫مؤسســي إنتــل‪ ،‬مــا ُيعــرف‬‫فــي ‪ ،1965‬عــرض غــوردون مــور؛ أحــد ّ‬
‫اآلن بقانــون مــور‪ :‬ســيتضاعف عــدد وســرعة الرقائــق المص ّغــرة كل‬
‫‪159‬‬
‫عاميــن أو نحــو ذلــك‪ .‬كانــت هــذه القاعــدة العامــة قــد باتــت أساس ـ ًا‬
‫لصناعــة الحوســبة فــي األعــوام الخمســين الماضيــة‪ .‬علــى كل حــال‪،‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫أقــرت صناعــة أشــباه الموصــات العالميــة رســمي ًا‬ ‫فــي آذار ‪َّ ،2016‬‬
‫ســتتحول‬
‫ّ‬ ‫أن قانــون مــور يشــارف علــى نهايتــه‪ .‬عوضــ ًا مــن ذلــك‪،‬‬
‫الحوســبة إلــى مــا ُيعــرف بـــ «اســتراتيجية أكثــر مــن مــور»‪ :‬بــدالً مــن‬
‫جعــل الرقائــق المص ّغــرة أفضــل وتــرك التطبيقــات تعمــل وفق ـ ًا لمــا‬
‫هــو متوافــر‪ ،‬ســتبدأ الصناعــة وضــع مواصفــات التطبيقــات‪ ،‬ومــن‬
‫ثــم تحديــد الرقائــق الالزمــة لعملهــا(‪ .)3‬هــذا يعنــي أساس ـ ًا أن التّقانــة‬
‫أســية‪ .‬فــي الواقــع‪،‬‬ ‫التجاريــة المتوافــرة بكثــرة تــكاد تصــل إلــى نســب ّ‬
‫ُيتو ّقــع نمــو ســوق األجهــزة القابلــة لالرتــداء بنســبة ‪ %44‬بحلــول نهاية‬
‫‪ ،2016‬وأن يســتمر هــذا النمــو بمعــدّ ل ســنوي مر ّكــب بنســبة ‪ %28‬فــي‬
‫األعــوام الخمســة اآلتيــة(‪ .)4‬الحمــد للــه أننــي قــد انتهيــت مــن هــذا‬
‫الكتــاب قبــل نهايــة ‪!2016‬‬
‫مــاذا يعنــي هــذا لــي ولــك؟ إنــه يعنــي أننــا بحاجــة إلــى إيجــاد‬
‫مســاحات فــي أماكــن تواجدنــا لــأدوات واألجهــزة الجديــدة التــي‬
‫ســتدخل الســوق ‪ -‬وحياتنــا ‪ -‬قريبــ ًا‪.‬‬

‫ظهور ميدو�سا ‪...‬‬


‫أنــت تعيــش يومـ ًا رائعـ ًا‪ ،‬مثمــر ًا علــى الصعيــد المهنــي‪ ،‬وخاليـ ًا‬

‫مستقبل السعادة‬
‫مــن الهمــوم علــى الصعيــد الشــخصي‪ .‬تفتــح بــاب خزانتــك‬
‫لتُخــرج منهــا شــيئ ًا‪ ،‬مــن ثــم تلمــح بطــرف عينــك مــا يبــدو أنــه‬
‫ـرك‪.‬‬ ‫جحــر أفــا ٍع متشــابكة بحراشــفها الالمعــة تحــت الضــوء المتحـ ّ‬
‫يخفــق قلبــك بقــوة‪ ،‬وتمعــن التفكيــر فــي األمــر‪ :‬الكــر أو الفــر؟‬
‫هــل يجــب أن تغلــق بــاب الخزانــة فــي أقــرب وقــت ممكــن‪ ،‬أو‬
‫ـرر أن تقتــرب مــن الخزانــة‪ ،‬وأن تفعــل هــذا‬ ‫تتقصــى الحقيقــة؟ تقـ ّ‬
‫ّ‬ ‫‪160‬‬
‫أي لحظــة‪.‬‬ ‫ببــطء حتــى يكــون بمقــدورك تجنّــب الخطــر فــي ّ‬
‫عمــا تقــوم بــه حيــن تنتقــل أفــكارك مــن الذعــر‬ ‫تتوقــف فجــأة ّ‬
‫والهيجــان‪ ،‬إلــى اإلحبــاط والغضــب‪ .‬يتب ّيــن أن األفاعــي التــي تظهر‬
‫لناظريــك علــى أنهــا رأس ميدوســا هــي فــي الواقــع كــر ٌة مــن‬
‫أســاك الحواســيب المهملــة‪ ،‬التــي تهــدّ د بتحويلــك إلــى حجــر إن‬
‫واصلــت التحديــق إليهــا‪ .‬لكــن بــدالً مــن هــذا‪ ،‬تتابــع النظــر فاغــر ًا‬
‫فمــك؛ ألن األفاعــي تفتنــك‪ ،‬ولهــا أســماء‪ :‬يو‪-‬إس‪-‬بــي (الناقــل‬
‫التسلســلي)‪ ،‬والســلك النــاري‪ ،‬وكبــل الطابعــة‪ ،‬وكبــل ثنائــي‬
‫المأخــذ‪ .‬ترتبــط تلــك األفاعــي بعــدّ ة أجهــزة عتيقــة الطــراز ‪ -‬آلــة‬
‫قمــي الشــخصي‬ ‫ّ‬ ‫الر‬
‫الرقميــة القديمــة‪ ،‬ذلــك المســاعد ّ‬ ‫التصويــر ّ‬
‫مــن طــراز بالــم بايلــوت (‪ ،)Palm Pilot‬والطابعــة النقطيــة مــن أيــام‬
‫الجــدّ ة‪ ،‬وآي فــون ‪ 3‬المح ّطــم‪ .‬هــذا ليــس رأس ميدوســا‪ ،‬كمــا قــد‬
‫ـخ قــد أوجدتــه بيديــك‪.‬‬ ‫تخ ّيلــت بــادئ األمــر‪ ،‬وإنمــا مسـ ٌ‬
‫الرقمي��ة‪ :‬يج��ب �أن تتخ ّل���ص م��ن تل��ك‬
‫ن�صيح��ة لمح ّب��ي تكدي���س الأجه��زة ّ‬
‫التّقان��ة ف��ي حيات��ك‬
‫فــي منزلــي‪ ،‬كان رأس ميدوســا يبقــى عــادة فــي علبــة واحــدة‬
‫تضخــم ذلــك الــرأس‪،‬‬‫ّ‬ ‫فــي خزانتــي‪ .‬لكــن فــي العاميــن األخيريــن‪،‬‬
‫ومــأ أدراج طاولتــي‪ ،‬والخزانــة فــي الطابــق األعلــى‪ ،‬والعل َّيــة‪،‬‬
‫وحتــى المــرآب‪ .‬أحــاول التظاهــر بــأن تلــك الــرؤوس غيــر‬
‫موجــودة‪ ،‬لكــن فــي كل مــرة أجدهــا مصادفــة بيــن يــدي‪ ،‬أشــعر‬
‫بالحنــق‪ ،‬وحتــى اإلحبــاط‪.‬‬
‫كــم منكــم ال يــزال يمتلــك تلفــاز ًا قديمـ ًا ثقيـاً؟ ربمــا تف ّكــرون‪:‬‬
‫مــن األفضــل أن أحتفــظ بــه؛ ألننــي قــد أحتــاج إلــى ذلــك التلفــاز‬
‫الضخــم مجــدد ًا يوم ـ ًا مــا؟ أو قــد تكونــون أكثــر منطقيــة مــن ناحيــة‬
‫شــخص ال يمكنــه اقتنــاء‬
‫ٌ‬ ‫الخيــري‪ ،‬وتقولــون‪ :‬ربمــا ســيو ُّد‬
‫ّ‬ ‫العمــل‬
‫‪161‬‬
‫ـاز الحصــول علــى هــذه القطعــة الضخمــة مــن البالســتيك التــي‬ ‫تلفـ ٍ‬
‫ٍ‬
‫واقعيــة‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫لصدمــة‬ ‫تحتــل نصــف غرفــة الجلــوس؟ حــان الوقــت‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫التبرعــات‪ ،‬مثــل جيــش الخــاص‪ ،‬أجهــزة تلفــاز‬ ‫لــن تقبــل مراكــز ّ‬


‫ُصنعــت قبــل ‪.2006‬‬
‫يجعلنــا التــوق إلــى الماضــي نتخــذ قــرارات غيــر منطقيــة‬
‫إطالقــ ًا فيمــا يخــص جمــع أجهــزة تقنيــة قديمــة‪ .‬فــي األيــام‬
‫الخوالــي‪ ،‬كان يجــري تصميــم منتجــات غاليــة الثمــن لتــدوم‬
‫العمــر كلــه‪ .‬لكــن مــع تســارع التّقانــة اآلن‪ ،‬تصيــر آالت التصويــر‪،‬‬
‫والهواتــف‪ ،‬والحواســيب المحمولــة‪ ،‬عتيقــ ًة فــي خمســة أعــوام‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أغــراض نقتنيهــا ألســباب مختلفــة‪ ،‬قــد‬ ‫نكافــح للتخ ّلــص مــن‬
‫تكــون مفيــدة‪ ،‬أو نكــون بحاجــة إليهــا‪ ،‬أو لهــا قيمــة عاطفيــة‪ ،‬أو‬
‫تســاوي ثــروة صغيــرة‪ .‬نعانــي ممــا أدعــوه «متالزمــة التخ ّلــي عــن‬
‫األغــراض»‪ ،‬ونشــعر بأنــه يجــب علينــا االحتفــاظ بتلــك األشــياء‪،‬‬
‫حتــى لــو لــم نكــن قــد لمســناها منــذ أســابيع‪ ،‬أو شــهور‪ ،‬أو أعــوام‪،‬‬
‫أو حتــى عقــود (أشــرطة التســجيل‪ ،‬هــل ال يــزال أحــدٌ يمتلكهــا؟)‪.‬‬

‫ٍ‬
‫أغراض نقتنيها ألسباب مختلفة‪ ،‬قد تكون‬ ‫نكافح للتخ ّلص من‬
‫مفيدة‪ ،‬أو نكون بحاجة إليها‪ ،‬أو لها قيمة عاطفية‪ ،‬أو تساوي ثروة‬
‫صغيرة‪ .‬نعاني مما أدعوه «متالزمة التخ ّلي عن األغراض»‪.‬‬

‫فــي الواقــع‪ ،‬وجــد باحثــون فــي ييــل أخيــر ًا أن التخ ّلــي عــن بعــض‬

‫مستقبل السعادة‬
‫األشــياء قــد يــؤذي دماغــك فعــاً‪ .‬حــدّ دوا منطقتيــن فــي الدمــاغ‬
‫مســؤولتين عــن األلــم الجســدي‪ ،‬وهمــا القشــرة الحزاميــة األماميــة‪،‬‬
‫«تتضــرران» اســتجاب ًة للتخ ّلــي عــن أشــياء‬ ‫ّ‬ ‫وفــص الجزيــرة‪ ،‬اللتيــن‬
‫تمتلكهــا وتشــعر بأنــك مرتبــط بهــا(‪ .)5‬إنهــا المناطــق نفســها مــن الدماغ‬
‫ـدي مــن جــرح أحدثتــه ورق ـ ٌة‪ ،‬أو‬ ‫التــي تتعــب حيــن تشــعر بألــم جسـ ٍّ‬
‫ـوة سـ ٍ‬
‫ـاخنة جــدًّ ا‪ .‬عندمــا يتع ّلــق األمــر باألمــور البدنيــة‪ ،‬قــد‬ ‫تنــاول قهـ ٍ‬ ‫‪162‬‬

‫يــؤ ّدي مجــرد لمــس ذلــك الغــرض إلــى جعلــك أكثــر تع ّلقـ ًا بــه‪ .‬فــي‬
‫إحــدى الدراســات‪ ،‬منــح الباحثــون المشــاركي َن أكوابــ ًا مــن القهــوة‬
‫ويتفحصوهــا قبــل المشــاركة فــي مــزاد(‪.)6‬‬ ‫ّ‬ ‫وطلبــوا منهــم أن يلمســوها‬
‫عمــل الباحثــون علــى تنويــع األوقــات التــي يمســك المشــاركون فيهــا‬
‫األكــواب للتو ّثــق مــن إمكانيــة وجــود تأثيــر للوقــت علــى مقــدار‬
‫المــال الــذي ســينفقونه علــى أكــواب مماثلــة فــي المــزاد‪ .‬أبــدى‬
‫المشــاركون الذيــن حملــوا األكــواب أوقاتــ ًا أطــول اســتعداد ًا لدفــع‬
‫مبالــغ أعلــى بنســبة ‪ %60‬فــي أثنــاء الشــراء مقارنـ ًة بالمشــاركين الذيــن‬
‫حملــوا أكوابهــم أوقات ـ ًا أقصــر‪ .‬اســتنتجت الدراســة أنــه كلمــا طــال‬
‫ـرض مــا‪ ،‬تصبــح قيمتــه أعلــى بالنســبة إليــك‪.‬‬ ‫أمــد لمــس غـ ٍ‬

‫تضيــف التّقانــة نوعيــن جديديــن مــن المضاعفــات إلــى متالزمــة‬


‫التخ ّلــي عــن األغــراض‪ .‬أوالً‪ ،‬يكــون صعب ـ ًا التخ ّلــي عــن ٍ‬
‫أداة أنفقنــا‬
‫ـد فقط‪ ،‬لنكتشــف بعــد ذلــك أن قيمتها‬ ‫عليهــا ‪ 600‬دوالر قبــل عــام واحـ ٍ‬
‫قــد تراجعــت كثيــر ًا مــع ظهــور النســخة الجديــدة منهــا‪ .‬ثانيـ ًا‪ ،‬تحمــل‬
‫حساســة جــدًّ ا‪ ،‬وال نكــون واثقيــن بطريقــة‬‫هــذه األدوات معلومــات ّ‬
‫المكونــة مــن تلــك‬
‫ّ‬ ‫التخ ّلــص منهــا بأمــان‪ .‬تتكــدّ س رؤوس ميدوســا‪،‬‬
‫األدوات واآلالت‪ ،‬فــي زوايــا وخزائــن داكنــة‪ ،‬ويثبــت وجودهــا بحــد‬
‫ذاتــه فــي منازلنــا أن التع ّلــق بالماضــي ال يــزال موجــود ًا‪ ،‬ينتابنــا خـ ٌ‬
‫ـوف‬
‫عنــد محاولــة التخ ّلــي عنهــا‪.‬‬

‫الوا�شي الذكي المراوغ‬


‫الرقم ّيــة‬ ‫حتــى إذا كان بمقدورنــا التخ ّلــي عــن بعــض األدوات ّ‬
‫فــي بيوتنــا‪ ،‬لــن يمنعنــا هــذا مــن اقتنــاء مجموعــات رائعــة أخــرى‪.‬‬
‫يكــون صعبـ ًا مقاومــة إغــواء تقانــة جديــدة تعــد بمزيــد مــن اإلنتاج ّيــة‪،‬‬
‫والســعادة‪ .‬نجــد أنفســنا‪ ،‬مثــل هاري بوتــر‪ ،‬الــذي لعب دور‬ ‫والكفــاءة‪ّ ،‬‬
‫‪163‬‬
‫الباحــث عــن الكــرة الذهبيــة فــي مباريــات هوغوارتــس كوينديتــش‪،‬‬
‫ـي‪ ،‬ونطــارد أغراض ـ ًا ذهب ّيــة المعــة‪ ،‬تقدّ مهــا‬ ‫فــي خضــم كفـ ٍ‬
‫ـاح ملحمـ ٍّ‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫لنــا التّقانــة الجديــدة‪ ،‬التــي يبــدو أنهــا تتقــدّ م علينــا فــي كل مــرة‬
‫نقتــرب فيهــا مــن اإلمســاك بهــا‪ .‬نــرى القيمــة فــي مجــاراة التّقانــة‬
‫الجديــدة‪ ،‬ولكــن ال يبــدو أن نهايــة اللعبــة تلــوح فــي األفــق‪ .‬نف ّكــر‪:‬‬
‫ربمــا ستســاعدني هــذه األداة فــي عــدم تنظيــف بيتــي مجــدد ًا‪..‬‬
‫قبــل بضــع ســنوات‪ ،‬أهــدى والــداي إلــى شــقيقي مكنسـ ًة كهربائيـ ًة‬
‫آل ّيــة مــن العالمــة التجاريــة رومبــا بمناســبة عيــد الميــاد (أظــن أنهمــا‬
‫كانــا يحــاوالن اإلدالء بتصريــح مــن نــو ٍع مــا)‪ .‬يتباهــى موقــع رومبــا‬
‫اإللكترونــي باآلتــي‪:‬‬
‫رومبــا شــريكتك مــن أجــل بيــت أنظــف ‪ ...‬متــى يكــون لديــك أعبــاء‬
‫كثيــرة تقــوم بهــا‪ ،‬وال يوجــد متّســع مــن الوقــت لهــا؟ دائمـ ًا تقريبـ ًا‪ .‬لكــن‬
‫تخ ّيــل أن تحظــى بمســاعدة إضافيــة للقيــام بالتنظيــف اليومــي‪ ،‬وإنجــاز‬
‫صممنــا اآللــة مــع األخــذ بالحســبان مــا تحتــاج إليــه أنت‬
‫المزيــد كل يــوم‪ّ .‬‬
‫وبيتــك‪ ،‬ونحــن هنــا للمســاعدة‪ .‬أنــت والمكنســة اآلليــة‪ ،‬أفضــل مع ـ ًا‪.‬‬
‫كتب أحد المستخدمين رأيه على موقع أمازون‪:‬‬
‫‪ 9‬تشرين الثاني ‪ ... 2014‬بدنتون‪*****...‬‬

‫ال مكن�سة بعد اليوم!!!‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أحببتهــا‪ ،‬أحببتهــا‪ ،‬أحببتهــا‪ .‬ال أضطــر إلــى قضــاء وقــت فــي‬
‫تنظيــف األرضيــات كل يــوم‪ .‬لــن أقلــق بشــأن مــا يوجــد تحــت‬
‫الســرير أو األريكــة‪ .‬تنجــز كل شــيء مــن أجلــي‪ .‬هــذا ســهل جــدًّ ا!‬
‫اض َغــط علــى زر التنظيــف فقــط‪ ،‬وســتقوم بالعمــل كلــه‪.‬‬
‫‪164‬‬
‫يجــب أن أقــول إننــي شــعرت ببعــض الغيــرة‪ .‬كنــت أنــا‪ ،‬التــي لديهــا‬
‫ابنتــان‪ ،‬وكلبــان‪ ،‬وهـ ّـرة‪ ،‬وزوج‪ ،‬بحاجــة إلــى ذلــك المســاعد اآللــي‪ ،‬ال‬
‫بتلهــف إلــى‬
‫شــقيقي األعــزب‪ ،‬الــذي يســافر طــوال الوقــت‪ .‬نظــرت ّ‬
‫علبــة رومبــا‪ ،‬التــي بقيــت مغلقــة طــوال عاميــن‪ ،‬فــي خزانــة شــقيقي‬
‫(أو جزيــرة الدمــى المهملــة)‪ ،‬وتســاءلت عــن إمكانيــة إخراجهــا خلســة‬
‫وإعادتهــا بعــد يــوم واحــد مــن دون أن يالحــظ شــيئ ًا‪ .‬مــن ثــم اختفــت‬
‫اآللــة فــي أحــد األيــام‪ .‬لــم يســتخدمها إطالق ـ ًا‪ ،‬وقــد قدّ مهــا هديــة إلــى‬
‫مد ّبــرة منزلــه (يــا للمفارقــة!)‪ ،‬التــي صــارت صديقــة لألســرة‪.‬‬
‫لمــاذا لــم تحــل رومبــا مشــكالت شــقيقي فــي تدبيــر شــؤون بيتــه؟ لــم‬
‫خصــص شــقيقي‬ ‫تكــن المشــكلة مــع رومبــا تتع ّلــق بالتّقانــة نفســها‪ ،‬فقــد ّ‬
‫وقتــ ًا الســتخدام أداة أخــرى فــي حياتــه اليوميــة‪ .‬اإلعــان عــن التّقانــة‬
‫فاعـ ٌـل جــدًّ ا؛ ألنــه يســتهدف رغباتنــا فــي المقــام األول‪ :‬أن نكســب مزيــد ًا‬
‫مــن الوقــت‪ ،‬ونكــون أكثــر إنتاج ّيــة‪ ،‬ونجــد ســعادة أكبــر‪ .‬قــد نقبــل تلــك‬
‫الفكــرة‪ ،‬ولكــن التّقانــة لــن تســهم فــي ســعادتنا أو إنتاج ّيتنــا إال إذا أفســحنا‬
‫لهــا مجــاالً فــي حياتنــا‪ ،‬ســتجعل ميدوســا أقــوى فقــط حتــى ذلــك الوقــت‪.‬‬

‫اإلعالن عن التّقانة فاعل جدًّ ا؛ ألنه يستهدف رغباتنا في المقام‬


‫األول‪ :‬أن نكسب مزيد ًا من الوقت‪ ،‬ونكون أكثر إنتاج ّية‪ ،‬ونجد‬
‫سعادة أكبر‪ .‬قد نقبل تلك الفكرة‪ ،‬ولكن التّقانة لن تسهم في‬
‫سعادتنا أو إنتاج ّيتنا إال إذا أفسحنا لها مجاالً في حياتنا‪.‬‬

‫االفتقار �إلى م�ساحة كافية‬


‫الرقميــة إلــى إرهــاق‬ ‫يــؤ ّدي اإلفــراط فــي اســتخدام األدوات ّ‬
‫دماغــك‪ ،‬مثــل جســدك تمام ـ ًا‪ .‬ســوا ًء أكانــت األجهــزة فــي خزانتــك‪،‬‬
‫ـلبي‬
‫أو علــى طاولــة مكتبــك‪ ،‬أو داخــل علبــة‪ ،‬قــد يكــون لهــا تأثيــر سـ ّ‬
‫‪165‬‬
‫علــى قدرتــك علــى التركيــز ومعالجــة المعلومــات‪ .‬فــي الواقــع‪،‬‬
‫أجــرى فريــق مــن الباحثيــن فــي جامعــة كاليفورنيــا دراسـ ًة أخيــر ًا على‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫اثنتيــن وعشــرين أســرة فــي لــوس أنجلــوس‪ ،‬ووجــدوا (ينطبــق هــذا‬


‫بنحــو خــاص علــى األمهــات) أن هرمونــات التو ّتــر ترتفــع فــي أثنــاء‬
‫الوقــت الــذي يقضونــه فــي التعامــل مــع أغراضهــم(‪ .)7‬هــذا بالضبــط‬
‫مــا اكتشــفه علمــاء أعصــاب فــي جامعــة برينســتون؛ حيــن درســوا‬
‫إنجــاز أشــخاص لمهماتهــم فــي بيئــة منظمــة‪ ،‬مقارنــة بفعــل ذلــك فــي‬
‫ـال مــن الفوضــى‪ .‬أظهــرت نتائــج الدراســة أن الضوضــاء فــي البيئــة‬ ‫حـ ٍ‬
‫المحيطــة بــك تؤ ّثــر ســلب ًا علــى انتباهــك‪ ،‬ممــا يــؤ ّدي إلــى انخفــاض‬
‫األداء‪ ،‬وزيــادة التوتّــر(‪ .)8‬قــد يصبــح حتــى حجــم علبــة الــوارد‬
‫اإللكترونيــة ســبب ًا فــي تكديــر مزاجنــا‪ .‬تُجهــد الضوضــاء حواســك‪،‬‬
‫بنحــو مشــابه لمــا يفعلــه القيــام بعــدّ ة مهمــات معـ ًا لدماغــك‪ ،‬وتُضعف‬
‫قدرتــك علــى التفكيــر بنحـ ٍ‬
‫ـو إبداعــي(‪.)9‬‬
‫ٍ‬
‫بنحو مالئم‪ ،‬إال أن التغ ّير السريع للتّقانة‬ ‫نتوق إلى تنظيم حياتنا‬
‫يتركنا في حيرة من أمرنا ويمنع عنا ذلك اإلحساس بالترتيب‪.‬‬
‫نحاول دائم ًا إضفاء روتين على عاداتنا الجديدة من دون ترتيب‬
‫تلك العادات وفق ًا ألهميتها في حياتنا‪.‬‬

‫نتــوق إلــى تنظيــم حياتنــا بنحـ ٍ‬


‫ـو مالئــم‪ ،‬إال أن التغ ّيــر الســريع للتّقانــة‬
‫يتركنــا فــي حيــرة مــن أمرنــا‪ ،‬ويمنــع عنــا ذلــك اإلحســاس بالترتيــب‪.‬‬
‫نحــاول دائمـ ًا إضفــاء روتيــن علــى عاداتنــا الجديــدة مــن دون ترتيــب تلك‬

‫مستقبل السعادة‬
‫العــادات وفقـ ًا ألهميتهــا فــي حياتنــا‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬قمــت بتنصيــب‬
‫تطبيقــات خاصــة بالتمرينــات الرياض ّيــة أكثــر مــن حاجتــي الفعليــة‪ ،‬ومــن‬
‫ـأي منهــا‪ .‬أســتخدم التّقانــة علــى أنهــا دعامـ ٌة‪،‬‬‫دون أن ألتــزم فــي الواقــع بـ ٍ‬
‫وآمــل إن وجــدت ذلــك التطبيــق المنشــود‪ ،‬أن يكــون هنــاك تغييـ ٌـر يــدوم‬
‫مــدى الحيــاة‪ .‬يشــبه هــذا إلــى حـ ٍ‬
‫ـد كبيـ ٍـر التفكيـ َـر بــأن دعام ـ ًة ســتجعلك‬
‫‪166‬‬
‫تمشــي مجــدد ًا‪ ،‬بــدالً مــن مســاعدتك علــى البقــاء منتصب ـ ًا‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عــادات أفضــل؟‬ ‫التبصــر إلــى كســب‬ ‫لمــاذا ال يــؤ ّدي كل هــذا ّ‬
‫نجــري أحيان ـ ًا مــن دون تــر ّدد نحــو نافــورة التّقانــة مــن أجــل المتعــة‬
‫فقــط‪ ،‬مثــل أطفــال فــي يــوم صيفــي حــار‪ .‬لكــن بعــد لحظــات‪ ،‬نــدرك‬
‫عمــا نفعلــه الحقــ ًا‪ .‬قــد‬ ‫أن ثيابنــا مب ّللــة تمامــ ًا‪ ،‬وأن ال فكــرة لدينــا ّ‬
‫يمنحنــا قضــاء لحظــة فــي التفكيــر مليــ ًا فــي أفعالنــا وقتــ ًا‪ ،‬ويجنّبنــا‬
‫مشــكالت علــى المــدى البعيــد‪.‬‬

‫متى تت�ش ّبب بها‪ ،‬ومتى تتخ ّلى عنها؟‬


‫هــل نتــرك التّقانــة تقودنــا بســرعة كبيــرة‪ ،‬وتجعلنــا نشــعر بالذنــب‬
‫فــي كل مــرة ننظــر فيهــا إلــى مقبــرة األدوات قديمــة الطــراز‪ ،‬التــي ال‬
‫نملــك فكــرة عمــا ينبغــي أن نفعلــه بهــا؟ أو هــل نتح ّكــم بجــدول التّقانــة‬
‫فــي حياتنــا‪ ،‬ونث ّبــت أنفســنا فــي الصــورة األكبــر‪ ،‬ونســتخدم األدوات‬
‫التكنولوجيــة بــذكاء لالســتفادة مــن كل إمكاناتنــا؟ نحتــاج إلــى نظــام‬
‫عملــي لمعرفــة متــى يســتحق األمــر دمــج تقانــة جديــدة فــي حياتنــا‪،‬‬
‫ومتــى نتخ ّلــى عنهــا (التّقانــة) قبــل أن تخــرج األمــور عــن نطاق الســيطرة‪.‬‬
‫فــي العمــل‪ ،‬نحــدّ د أفضــل االســتراتيجيات باســتخدام تحليــات‬
‫الجــدوى االقتصاديــة (المــردود‪ :‬مقارنــة المنافــع بالتكاليــف)‪ .‬لكــن‬
‫الشــخصية‪ ،‬ليــس هنــاك ببســاطة وقــت أو طاقــة الســتخدام‬ ‫فــي حياتنــا ّ‬
‫معــادالت تحــدّ د إن كانــت «كانــدي كــراش» مفيــدة لصحتنــا العقل ّيــة‬
‫ا بفعــل هــذا‪ .‬أضــف إلــى ذلــك‪ ،‬نعــرف‬ ‫وإنتاجيتنــا‪ ،‬وال نرغــب أص ـ ً‬
‫مــن االقتصــاد الســلوكي أن البشــر ليســوا منطقييــن تمامــ ًا دائمــ ًا‬
‫(البــأس‪ ،‬ليســوا حتــى قريبيــن مــن ذلــك)‪ .‬فــي الواقــع‪ ،‬يشــرح دانيــال‬
‫كانمــان؛ األســتاذ فــي برينســتون وكاتــب إحــدى األعمــال األكثــر‬
‫‪167‬‬ ‫بيعــ ًا وفــق نيويــورك تايمــز‪ ،‬أن البشــر يتمتّعــون بنظاميــن مختلفيــن‬
‫ٍ‬
‫متــأن‪،‬‬ ‫للتفكيــر‪ .‬األول ســريع‪ ،‬وبدهــي‪ ،‬وعاطفــي؛ والثانــي أبطــأ‪،‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫وأكثــر عقالنيــة‪ .‬عندمــا تتباطــأ عمليــات تفكيرنــا‪ ،‬نصبــح أكثــر إدراك ًا‬
‫لنزعاتنــا المعرفيــة غيــر المنطقيــة‪ ،‬ومــن ثــم يمكــن أن نبــدأ باتخــاذ‬
‫وســعنا هــذا النطــاق‪ ،‬ســنجد أننــا عندمــا ننطلــق‬ ‫قــرارات أفضــل‪ .‬إذا ّ‬
‫الرقميــة فــي حياتنــا‪ ،‬يجــب أن‬ ‫فــي رحلــة التخ ّلــص مــن الفوضــى ّ‬
‫نكافــح إلبطــاء عمليــات تفكيرنــا بشــأن التّقانــة التــي نريــد «دمجهــا‬
‫أو التخ ّلــص منهــا» فــي حياتنــا‪ ،‬ممــا يجعلنــا نفســح المجــال أمــام‬
‫ســعادة أكبــر فــي المســتقبل‪.‬‬

‫قاعدة «حق ًا؟!»‬


‫مــن أجــل إبطــاء عمليــات تفكيرنــا‪ ،‬نحتــاج إلــى قاعــدة راســخة‬
‫ســري‬
‫لنقــرر مــا ينبغــي فعلــه بشــأن فوضــى التّقانــة فــي حياتنــا‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫الصغيــر هــو أننــي أعانــي فوضــى عارمــة فــي منزلــي‪ .‬قبــل بضعــة‬
‫أعــوام‪ ،‬كنــت أحــاول تنظيــم بيتــي قبــل عرضــه للبيــع‪ ،‬وقــد عانيــت‬
‫ا بشــأن تحديــد مــا يجــب التخ ّلــص منــه‪ .‬كان شــقيقي موجــود ًا‬ ‫فع ـ ً‬
‫بالمصادفــة فــي المنــزل ذلــك اليــوم‪ ،‬وبــدأ يالحقنــي فــي أرجائــه‬
‫بطريقــة مزعجــة‪ ،‬قائ ـاً‪« :‬حق ـ ًا يــا إيمــي؟ هــل تحتاجيــن إلــى هــذا‬
‫بيــدي‪ .‬علــى الرغــم مــن‬
‫ّ‬ ‫حقــ ًا؟»‪ .‬حالفــه الحــظ ألننــي لــم أخنقــه‬
‫هــذا‪ ،‬تــر ّدد صــدى ســؤاله فــي رأســي فــي أغلــب األوقــات‪ ،‬وبــدأ‬
‫يثمــر فــي الواقــع‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أقــدّ م لــك اآلن قاعــدة «حقـ ًا؟!»‪ :‬هــل تجعلني هــذه التّقانــة أكثر‬
‫ســعادة و‪/‬أو إنتاج ّيــة حق ـ ًا؟ علــى ســبيل المثــال‪ ،‬هــل يســاعدني‬
‫وجــود حاســوب محمــول فــي الصــف فــي زيــادة تركيــزي‪ ،‬أو‬
‫أنــه يشــتّت انتباهــي؟ هــل يجعلنــي تــرك هاتفــي الخلــوي علــى‬
‫المنضــدة أفضــل حــاالً‪ ،‬أو أننــي أشــعر بحاجــة إلــى التو ّثــق مــن‬ ‫‪168‬‬
‫كل إشــعار وتنبيــه؟ هــل يمنحنــي النــوم بجانــب هاتفــي علــى‬
‫الســرير فكــرة واضحــة عــن عــادات نومــي‪ ،‬أو يجعلنــي آوي إلــى‬
‫متأخــرة؛ ألننــي أربــط نومــي بالحصــول علــى معلومــات‬ ‫الفــراش ّ‬
‫عــن نفســي مــن ذلــك الجهــاز؟ ينبثــق جمــال قاعــدة «حقـ ًا؟!» مــن‬
‫أنهــا تقــدّ م لــك مجموعــة واســعة مــن األجوبــة‪ ،‬التــي قــد تختلــف‬
‫مــن يــوم إلــى آخــر‪.‬‬
‫فــي كتابهــا الموســوم بـــ «ســحر الترتيــب»‪ ،‬تع ّلــم مــاري‬
‫القــراء‬
‫ّ‬ ‫كونــدو؛ الكاتبــة اليابانيــة المبدعــة ومستشــارة التنظيــف‪،‬‬
‫«طريقــة مــاري الثوريــة» فــي تنظيــم الفوضــى‪ :‬ضــع يديــك‬
‫أي شــيء تمتلكــه‪ ،‬وتســاءل إن كان ذلــك الغــرض‬ ‫ببســاطة علــى ّ‬
‫«يتألــق بهجــة»(‪ .)10‬علــى الرغــم مــن أننــي أحــب هــذه المقاربــة‪،‬‬
‫إال أننــي أنقــل هــذا الســؤال إلــى مســتوى أعلــى؛ ألننــا عندمــا‬
‫نمــزج العمل‪/‬البيت‪/‬الدراســة‪/‬اللعب فــي حياتنــا‪ ،‬يصيــر لبعــض‬
‫األغــراض فائــدة خــارج نطــاق نشــر الغبطــة فقــط‪ .‬علــى ســبيل‬
‫المثــال‪ ،‬هنــاك أوقــات أمــارس فيهــا إحــدى تلــك األلعــاب علــى‬
‫بالســعادة‪ ،‬وأوقــات ألعــب فيهــا‬ ‫هاتفــي؛ ألنهــا تجعلنــي أشــعر ّ‬
‫ألن االســتراحة الذهنيــة تجعلنــي أكثــر إنتاج ّيــة فعـاً‪ ،‬وأوقــات ال‬
‫بالســعادة أو اإلنتاج ّيــة بســبب اللعــب‪ .‬عندمــا أدركــت‬ ‫أشــعر فيهــا ّ‬
‫الســعادة» مثــل وايــل إي‪ .‬كايوتــي‪،‬‬ ‫أننــي أكاد أســقط عــن «جــرف ّ‬
‫عرفــت أن الوقــت قــد حــان للحــد مــن ذلــك النشــاط فــي حياتــي‪،‬‬
‫أو إلغائــه تمامـ ًا‪ ،‬وكمــا هــو حــال المثــال الســابق عــن قيــام زوجي‬
‫وأبــي بممارســة لعبــة الشــطرنج اإللكترونيــة مع ـ ًا‪ ،‬أحتــاج أحيان ـ ًا‬
‫إلــى تدخــل أصدقائــي وأفــراد أســرتي لمســاعدتي فــي الرؤيــة‬
‫حيــن أكاد أتجــاوز الحافــة‪.‬‬

‫‪169‬‬ ‫وجــدت دراســ ٌة حديثــ ٌة أن األفــراد الذيــن يتو ّثقــون مــن بريدهــم‬
‫اإللكترونــي ثــاث مــرات فقــط فــي اليــوم‪ ،‬تنخفــض لديهــم مســتويات‬
‫ٍ‬ ‫التوتّــر إلــى ٍ‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫كبيــر‪ ،‬ممــا يرفــع بالمقابــل مســتوى ســامتهم فــي‬ ‫حــد‬


‫متنوعــة مــن المجــاالت‪.‬‬ ‫مجموعــة ّ‬
‫ـو مشـ ٍ‬
‫ـابه‪ ،‬وجــدت دراس ـ ٌة أخــرى أنــه كلمــا زاد تو ّثــق الفــرد‬ ‫بنحـ ٍ‬
‫مــن وســائل التواصــل االجتماعــي‪ ،‬تنخفــض إيجاب ّيــة مزاجــه(‪.)11‬‬
‫يشــرح أحــد المســتخدمين لتلــك الوســائل‪« :‬علــى الرغــم مــن أن‬
‫فيســبوك يخ ّفــف مــن تو ّتــري‪ ،‬إال أننــي أشــعر أننــي أهــدر وقتــي فــي‬
‫متابعــة هــذا الموقــع االجتماعــي‪ .‬عندمــا أجــد نفســي أقضــي نصــف‬
‫ســاعة أو أكثــر فــي متابعتــه‪ ،‬أظــن أن هــذا يش ـتّت االنتبــاه‪ ،‬وال يفيــد‬
‫اإلنتاج ّيــة»(‪ .)12‬إن التمتّــع بهــذا النــوع مــن الوعــي الذاتــي وضبــط‬
‫التبصــر هــو بالضبــط‬
‫ّ‬ ‫ـادر‪ ،‬ولكــن هــذا المســتوى مــن‬
‫ـر نـ ٌ‬ ‫النفــس أمـ ٌ‬
‫للســعادة فــي حياتنــا‪.‬‬
‫مــا نحتــاج إليــه إليجــاد بيئــة ّ‬
‫التنظيم واالهتمام بالتفا�صيل‬
‫نعــرف أن «اســتراتيجية أكثــر مــن مــور» ســتكون ســارية المفعــول قريب ـ ًا‪،‬‬
‫لــذا حــان الوقــت لنبــدأ فــي إيجــاد مســاحات فــي حياتنــا‪ ،‬وتصميــم أنظمــة‬
‫للتعامــل مــع هــذا الوضــع‪ .‬يعــد علــم النفــس الغشــتالي (اإلدراكــي الســلوكي)‬
‫فرعـ ًا مــن علــم النفــس التقليــدي‪ ،‬ويحــاول أن يفهــم كيــف نتخ ّيــل تصـ ّـورات‬
‫ذات مغــزى‪ ،‬ونحافــظ عليهــا فــي عالــ ٍم تســوده الفوضــى‪ .‬بمعنــى آخــر‪،‬‬
‫ـي فــي حياتنــا‪،‬‬‫الرقمـ ّ‬
‫يفهــم علمــاء النفــس الســلوكي اإلدراكــي تأثيــر اإللهــاء ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ويعملــون علــى تطبيــق فكــرة تدعــى‪« :‬قانــون برغنانتــس» (‪)Law of Pragnanz‬‬
‫[أو قانــون االتســاق] لتخفيــف التوتّــر‪ .‬يقــول قانــون برغنانتــس إننــا نميــل‬
‫إلــى تصنيــف تجاربنــا بطريقــة منتظمــة‪ ،‬ومرتّبــة‪ ،‬ومتناســقة‪ ،‬وبســيطة‪ ،‬وأن‬
‫أفضــل طريقــة لخفــض التوتّــر هــي إزالــة المح ّفــزات مــن مجــال رؤيتنــا‪.‬‬
‫ـزء مــن نفســي‪ ،‬وهــو الجانــب الــذي يحــب‬ ‫تنطبــق نظريــة غشــتالت علــى جـ ٍ‬
‫برنامــج إكســل‪ ،‬ويريــد أن تكــون حياتــي مرتّبــة‪ ،‬حتــى إذا كنــت أعــرف أنهــا‬ ‫‪170‬‬

‫ـتتحول إلــى فوضــى حيــن تعــود بناتــي مــن المدرســة إلــى البيــت‪ ،‬ويتــوق‬ ‫سـ ّ‬
‫إلــى «األيــام التــي كانــت فيهــا حياتــي من ّظمــة»‪.‬‬

‫يقول قانون برغنانتس إننا نميل إلى تصنيف تجاربنا بطريقة‬


‫منتظمة‪ ،‬ومرتّبة‪ ،‬ومتناسقة‪ ،‬وبسيطة‪ ،‬وأن أفضل طريقة لخفض‬
‫التوتّر هي إزالة المح ّفزات من مجال رؤيتنا‪.‬‬
‫الرقميــة‬‫أظــن أن هــذا هــو ســبب محبتــي لبرامــج ترتيــب الصــور ّ‬
‫مثــل شــترفالي؛ ألنهــا تر ّتــب ذخيرتــي مــن الصــور الفوضويــة ســابق ًا‪،‬‬
‫وتســمح لــي بالبحــث عــن لحظاتــي الثمينــة وفق ـ ًا للتاريــخ‪ ،‬أو كلمــات‬
‫اســتبدلت ذاكــر ًة رقم ّيــة‬
‫ُ‬ ‫مفتاحيــة‪ ،‬أو «وجــوه»‪ ،‬أو «أماكــن»‪ .‬لقــد‬
‫بذاكرتــي الطبيعيــة‪ ،‬وهــي أكثــر تنظيم ـ ًا‪ .‬الســؤال المهــم الحقيقــي هــو‪:‬‬
‫لمــاذا أحتفــظ بــكل ذلــك؟ هــل هــو الخــوف مــن أن تكبــر بناتــي مــن‬
‫دون أن تكــون هنــاك طريقــة لالحتفــاظ بتلــك الذكريــات؟ أو أن ابنتــي‬
‫ٍ‬
‫صــور لشــقيقتيها أكثــر‬ ‫الثالثــة ستتســاءل يومــ ًا مــا عــن ســبب وجــود‬
‫منهــا؟ أو ربمــا ســيرغب شــخص آخــر فــي فلــك أســرتي برؤيــة هــذه‬
‫ّ‬
‫بالترشــح للرئاســة‬ ‫الصــور فــي المســتقبل؟ أو أن إحــدى بناتــي ســترغب‬
‫يومـ ًا مــا‪ ،‬وســأتل ّقى توبيخـ ًا لعــدم احتفاظــي بصـ ٍ‬
‫ـور مــن ســنواتها الباكرة‬
‫مــن أجــل المكتبــة الرئاســية؟‬
‫بيــت القصيــد أننــا ال نســتطيع االحتفــاظ بــكل شــيء؛ ألن هــذا ليــس‬
‫ممكن ـ ًا مــن الناحيــة الماديــة‪ ،‬ولــن يجعلنــا نشــعر بســعادة أكبــر‪ .‬جديـ ٌـر‬
‫متفــق عليــه‪ ،‬ولكــن‬
‫ٌ‬ ‫أمــر‬
‫بالمالحظــة هنــا أن عرقلــة الفوضــى لــأداء ٌ‬
‫تحملهــم‬
‫ـورك للفوضــى هــو المهــم فعـاً؛ ألن النّــاس مختلفــون فــي ّ‬ ‫تصـ ّ‬
‫لعــدم الترتيــب‪ .‬بالنســبة إلــى أشــخاص مثــل ســتيف جوبــز‪ ،‬يكــون مقـ ً‬
‫ا‬
‫مــن الفوضــى ُملهمـ ًا ومحفــز ًا لإلنتــاج(‪ .)13‬يــرى مثــل هــؤالء األشــخاص‬
‫‪171‬‬ ‫ا علــى الخمــول‪ ،‬ومؤشــر ًا علــى عــدم وجــود‬ ‫المكتــب النظيــف دليــ ً‬
‫يفضــل أشــخاص مثــل غراهــام‬ ‫فكــرة أو عمــل فيــه‪ .‬مــن ناحيــة أخــرى‪ّ ،‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫هيــل؛ مؤســس تــري هوغــر (‪ ،)TreeHugger‬البســاطة المطلقــة‪ُ .‬عــرف‬


‫عــن هيــل أنــه قايــض قصــره البالــغ ثمنــه مليــون دوالر بشــقة مســاحتها‬
‫‪ 420‬قدمـ ًا مربعـ ًا‪ ،‬ال يوجــد فــي مطبخهــا إال األساســيات فقــط‪ :‬اثنــا عشــر‬
‫وأوان أخــرى‪ .‬ستســاعدك الســكنى فــي البيئــة المثاليــة لــك بعــد أن‬‫ٍ‬ ‫طبقـ ًا‪،‬‬
‫ا للتخ ّلــص مــن‬ ‫تتعـ ّـرف نفســك جيــد ًا فــي تحديــد مــا تحتــاج إليــه فع ـ ً‬
‫بالســعادة‪.‬‬
‫الفوضــى‪ ،‬والعيــش فــي مــكان يجعلــك تشــعر ّ‬
‫عندمــا تســتعيد الســيطرة علــى الخزائــن واألدراج فــي بيتــك‪ ،‬تذ ّكــر‬
‫ـث عــن إبـ ٍ‬
‫ـرة فــي‬ ‫أن هدفــك هــو التنظيــم واالهتمــام بالتفاصيــل‪ ،‬نبحـ ُ‬
‫كومــة قــش‪ .‬أول قاعــدة أساســية تتع ّلــق بالتنظيــم هــي التخ ّلــص مــن‬
‫كل األغــراض غيــر الضروريــة‪ .‬ال يعــدُّ حــذف الرســائل اإللكترونيــة‬
‫غيــر المرغــوب فيهــا نشــاط ًا مؤ ّثــر ًا؛ ألن تلــك الرســائل ســتزعجنا‬
‫يومــ ًا بعــد آخــر‪ ،‬ودقيقــة إثــر أخــرى‪ ،‬مثــل «الموتــى الســائرون»‪.‬‬
‫ســيحذف برنامــج بريــدك اإللكترونــي علــى األرجــح محتويــات ملــف‬
‫الرســائل غيــر المرغــوب فيهــا كل ثالثيــن أو تســعين يومـ ًا‪ ،‬لذا ســتهدر‬
‫وقتــك فــي قــراءة كل رســالة‪ .‬ينظــر كل شــخص منــا إلــى علبــة الــوارد‬
‫ليتو ّثــق مــن ورود رســائل مــن أشــخاص حقيقييــن‪ ،‬ال نشــرات إعالنيــة‬
‫مزعجــة‪ ،‬ويجــب أن يحــدّ د بالطريقــة نفســها أكبــر أو أهــم شــيء فــي‬
‫البيئــة المحيطــة بــه للتعامــل معــه والعمــل عليــه‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الفو�ضى الملمو�سة‪� :‬إنجاز الترتيب‬
‫علــى الرغــم مــن أن هــذه العمليــة قــد تبــدو شــا ّقة‪ ،‬إال أن تخصيص‬
‫يــوم أو حتــى عطلــة نهايــة أســبوع للتخ ّلــص مــن الفوضــى قــد يتــرك‬
‫أثــر ًا بالغ ـ ًا علــى مقبــرة أدواتــك التكنولوجيــة‪ّ .‬‬
‫قســم األدوات التــي ال‬
‫تســتخدمها إلــى أربــع أكــوام‪ :‬بيــع‪ ،‬تبـ ّـرع‪ ،‬إعــادة تدويــر‪ ،‬احتفــاظ‪.‬‬ ‫‪172‬‬

‫اقتراحات قد تجعلك �أكثر �سعادة‬


‫‪ .1‬الغربلــة والترتيــب‪ .‬ابــدأ بترتيــب أغراضــك فــي‬
‫كومتيــن علــى األرضيــة‪ :‬تلــك التــي ال تــزال‬
‫تســتخدمها أو تحتاجهــا‪ ،‬وتلــك التــي لــم تعــد بحاجــة‬
‫إليهــا حقــ ًا‪ .‬قاعدتــي العامــة األساســ ّية هــي أننــي‬
‫إذا لــم أســتخدم شــيئ ًا فــي العاميــن الماضييــن‪ ،‬لــن‬
‫أحتاجــه علــى األرجــح‪ .‬نعــم‪ ،‬هــذا يعنــي التخ ّلــي‬
‫عــن مــودم الطلــب الهاتفــي القديــم (ثــق بــي‪ ،‬لــن‬
‫يعــود هــذا الطــراز أبــد ًا)‪.‬‬
‫‪ .2‬تحديــد الفائــض عــن الحاجــة‪ّ .‬‬
‫تفحــص كومــة األشــياء‬
‫التــي «تحتــاج» إليهــا للتو ّثــق مــن عــدم وجــود نســخ‬
‫متعــدّ دة مــن الجهــاز أو المقبــس ذاتــه‪ .‬نعــم‪ ،‬قــد يكــون‬
‫ـبكة واحـ ٍ‬
‫ـد مفيــد ًا‪ ،‬ولكــن خمســة عشــر كب ـ ً‬
‫ا‬ ‫ســلك شـ ٍ‬
‫إســراف مــن دون شــك‪.‬‬
‫ٌ‬
‫‪ .3‬تمالــك نفســك‪ .‬مــن أجــل التخفيــف مــن الفوضــى‬
‫فــي المســتقبل‪ ،‬ضــع «األدوات التــي تحتــاج إليهــا»‬
‫فــي علــب ومســاحات تخزيــن صغيــرة‪ .‬دعنــي أقــول‬
‫ذلــك الجــزء األخيــر مجــدد ًا‪ :‬علــب ومســاحات تخزيــن‬
‫صغيــرة‪ .‬كمــا نعــرف مــن قوانيــن الديناميــكا الحراريــة‪،‬‬
‫تتمــدّ د الجســيمات لتمــأ الحيــز الموجــود فيــه‪ ،‬لــذا‬
‫ســيكون منطقيــ ًا أن تســاعد المســاحات الصغيــرة‬
‫فــي احتــواء تلــك الفوضــى‪ .‬تفــادى اســتخدام علــب‬
‫المقــوى؛ ألنهــا تم ّثــل قوتــ ًا للصراصيــر‬
‫ّ‬ ‫الكرتــون‬
‫‪173‬‬
‫وحشــرات أخــرى‪ .‬اســتخدم مســتوعبات نظيفــة (لهــا‬
‫أغطيــة‪ ،‬إذا اســتطعت العثــور عليهــا) حتــى تتمكــن مــن‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫إيجــاد علبــة ميدوســا بســهولة‪ ،‬حتــى إذا لــم يكــن لديــك‬


‫لصاقــة يمكــن أن تكتــب عليهــا مــا يوجــد داخــل ذلــك‬
‫الصنــدوق الصغيــر‪.‬‬
‫قســم كومتــك مــن «األغــراض‬ ‫‪ .4‬ترتيــب المهمــات‪ّ .‬‬
‫ـرع‪،‬‬
‫التــي ال حاجــة لهــا» إلــى ثــاث علــب‪ :‬بيــع‪ ،‬أو تبـ ّ‬
‫أو إعــادة تدويــر‪ .‬بالنســبة إلــى األشــياء التــي ترغــب‬
‫ـدت أن إحــدى أســرع الحلــول يتم ّثــل فــي‬‫ببيعهــا‪ ،‬وجـ ُ‬
‫أخــذ تلــك األغــراض إلــى أقــرب مركــز لشــركة بســت‬
‫بــاي (‪ ،)Best Buy‬التــي تعــرض شــراء قائمــة واســعة‬
‫النطــاق مــن األشــياء بســعر مقبــول‪ .‬يمكنــك االســتفادة‬
‫حتــى مــن موقــع الشــركة اإللكترونــي لحســاب قيمــة‬
‫تلــك األغــراض‪ ،‬والحصــول علــى تقديــر تقريبــي‬
‫لمــا ســتجنيه مقابلهــا‪ .‬إذا لــم يتــم بيــع شــيء بســهولة‪،‬‬
‫التبــرع بــه أو إعــادة تدويــره أيضــ ًا‪ .‬حــاول‬
‫ّ‬ ‫يمكنــك‬
‫أال ترمــي اإللكترونيــات جانبــ ًا‪ ،‬إذا كان هــذا ممكنــ ًا‪.‬‬
‫وفقــ ًا لألمــم المتحــدة‪ ،‬تخ ّلــص العالــم مــن نحــو ‪46‬‬
‫مليــون طــن مــن اإللكترونيــات فــي ‪ ،2014‬وكانــت‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الواليــات المتحــدة وحدهــا مســؤولة عــن ‪ 7.7‬مليــون‬
‫مــن تلــك األطنــان(‪ .)14‬مــن أجــل العثــور علــى منظمــة‬
‫فــي منطقتــك تقبــل التّقانــة‪ ،‬تو ّثــق مــن إي‪-‬ســتيواردز‬
‫(‪)e-Stewards.org‬؛ وهــو موقــع إلكترونــي غيــر ربحــي‬
‫التبــرع‬
‫ّ‬ ‫يقــدّ م بعــض المعلومــات الرائعــة عــن طــرق‬
‫باألشــياء‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬يجــري تحويــل الهواتف‬ ‫‪174‬‬

‫الخلويــة القديمــة‪ ،‬التــي قــد تظـ ّن أن ال أحد يرغــب بها‪،‬‬


‫إلــى خطــوط خدمــة لمســاعدة نسـ ٍ‬
‫ـاء يعانيــن مــن العنــف‬
‫المنزلــي‪ .‬ملحوظــة‪ :‬قبــل التخ ّلــص مــن تلــك األشــياء‪،‬‬
‫حساســة بحــذف البيانات‬ ‫أي معلومــات ّ‬ ‫تو ّثــق مــن إزالــة ّ‬
‫عليهــا بنحــو آمــن‪( .‬إذا لــم تكــن واثقــ ًا بطريقــة فعــل‬
‫هــذا‪ ،‬ابحــث فــي «حــذف» ‪ +‬جهــازك الخــاص علــى‬
‫غوغــل‪ .‬أو اعثــر علــى أقــرب مراهــق لمســاعدتك‪ .‬إذا‬
‫فشــل كل شــيء آخــر‪ ،‬يمكنــك االســتفادة مــن خدمــات‬
‫«تدميــر القــرص الصلــب» الفوريــة‪ ،‬التــي تقدّ مهــا مــدن‬
‫عديــدة‪ ،‬أو يمكنــك حتــى إرســال بريــد إلكترونــي‬
‫لحــذف البيانــات عــن أجهزتــك عبــر خدمــات‬
‫إلكترونيــة مثــل شيب‪-‬ن‪-‬شــرد(‪.)Ship,N,Shred( )15‬‬
‫‪ .5‬تحكّــم بالمــكان الخــاص بــك‪ .‬رتّــب مــكان عملــك‬
‫ـري بــكل األعمــال التــي‬ ‫حتــى يكــون لديــك تذكيـ ٌـر بصـ ٌ‬
‫ـد خاصــة للتخ ّلــص‬ ‫قــد أنجزتهــا(‪ .)16‬ثبــت األســاك بع َقـ ٍ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مــن مشــكلة «تشــابك الكابــات»‪ ،‬وزيــادة الترتيــب فــي‬
‫مجــال رؤيتــك‪ .‬قــد ال تبــدو هــذه الخطــوة ضروريــة‬
‫حيــن تف ّكــر باألعمــال األخــرى التــي يجــب أن تنجزهــا‪،‬‬
‫ولكنهــا طريقــ ٌة مهمــ ٌة إلبقــاء عملــك منظمــ ًا‪ ،‬وتفــادي‬
‫الفوضــى العارمــة التــي يبــدو أن األســاك تنشــرها مــن‬
‫تلقــاء نفســها بقليــل مــن االهتــزاز‪.‬‬
‫‪ .6‬اســتمتع بانتصــارك‪ .‬أخيــر ًا‪ ،‬اســحب نفس ـ ًا عميق ـ ًا وتم ّتــع‬
‫بتلــك المســاحة!‬

‫‪175‬‬
‫فــي أثنــاء تأليــف هــذا الكتــاب‪ ،‬قـ ّـررت تنفيــذ فكــرة «تنظيــم مقبــرة‬
‫التّقانــة»‪ ،‬وتع ّلمــت بعــض الــدروس الق ّيمــة مــن أجــل ذلــك‪ .‬أوالً‪،‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫ســتحتاج علــى األرجــح إلــى منــح نفســك مزيــد مــن حريــة العمــل‪.‬‬
‫كنــت أفكّــر فــي إفــراغ خزائــن كاملــة فــي عطلــة نهايــة األســبوع‪،‬‬
‫أي حــال‪ ،‬إذ تبيــن أن لــدي‬ ‫ولكــن ذلــك لــم يكــن ليحــدث علــى ّ‬
‫الكثيــر مــن الخــردة التــي ينبغــي فرزهــا‪ .‬إذا كنــت تعانــي المشــكلة‬
‫نفســها‪ ،‬يجــب أن تــدرك أن المهمــة قــد تتط ّلــب وقتــ ًا أطــول ممــا‬
‫تتو ّقــع‪ .‬تنصــح مــاري كونــدو بــأن طريقتهــا تســتغرق ســتة شــهور‬
‫ـص مــن‬‫علــى األقــل لتؤتــي ثمارهــا‪ .‬يمكــن أن تجعــل عمليــة التخ ّلـ ِ‬
‫الفوضــى ممتعــ ًة بتوثيــق العمــل الــذي تقــوم بــه‪ ،‬وهــذا تحديــد ًا‬
‫مــا فعلتــه‪ .‬باالســتفادة مــن حلقــة زورو التــي تكلمنــا عنهــا فــي‬
‫رف صغيــر فــي البدايــة‪ ،‬ومــن‬ ‫ثت بــدرج أو ٍّ‬‫االســتراتيجية رقــم ‪ ،3‬تشـ ّب ُ‬
‫ثــم دافعــت عنــه بقــوة ضــد متط ّفليــن صغــار‪ ،‬مثــل بقايــا أقــام تلويــن‬
‫وعلــب عصيــر تفــاح فارغــة‪ .‬هــذه المســاحة لــي! عندمــا تخ ّيــل عقلــي‬
‫أننــي أحــرزت نصــر ًا‪ ،‬كســبت طاقــة متجــدّ دة للتعامــل مــع مشــروعات‬
‫أكبــر‪ ،‬وحــدّ دت حلقــة زورو واحــد ًة فــي كل مــرة‪ .‬عندمــا بدأت أشــعر‬
‫كــررت الجملــة التــي تح ّفزنــي‪« :‬اختيــار ّ‬
‫الســعادة‬ ‫بالتعــب مجــدد ًا‪ّ ،‬‬
‫بــدالً مــن الهزيمــة»‪ ،‬واحتفلــت بتقدّ مــي حتــى ذلــك الوقــت‪.‬‬
‫كان درســي الثانــي أن تع ُّلــم حــذف البيانــات علــى أنــواع مختلفــة‬
‫مــن األجهــزة المع ّطلــة هــو الجــزء األكثــر اســتنفاد ًا للوقــت فــي هــذه‬
‫العمليــة‪ .‬إذا كان لديــك صديــق‪ ،‬أو تعــرف خدمــة يمكــن أن تسـ ّـرع هــذه‬

‫مستقبل السعادة‬
‫العمليــة بتحويــل الصــور‪ ،‬أو الفيديوهــات‪ ،‬أو الشــرائح إلــى الشــكل‬
‫ـي‪ ،‬اســتفد منهــا بــكل الوســائل!‬‫الرقمـ ّ‬
‫ّ‬
‫ـم مثــل التخ ّلــص من أشــياء ال‬ ‫أخيــر ًا‪ ،‬عرفــت أن إنشــاء نظــام للغربلــة مهـ ٌ‬
‫تريدهــا‪ .‬قــد ال أكــون مســتعدة للتخ ّلــص مــن آلــة التصويــر الضخمــة تلــك‪،‬‬
‫لكــن بــدأت علــى األقــل مشــروعي لرقمنــة الفيديوهــات‪ ،‬وبعــد االنتهــاء‬ ‫‪176‬‬

‫بالســعادة لالفتــراق عنهــا‪ .‬نظــر ًا‬


‫مــن هــذه األفــام القليلــة الباقيــة‪ ،‬سأشــعر ّ‬
‫إلــى ســرعة تبــدّ ل التّقانــة فــي حياتنــا‪ ،‬ســتكون هــذه العمليــة لغربلــة أماكــن‬
‫تخزيــن األدوات التكنولوجيــة جــزء ًا مســتمر ًا فــي حياتنــا‪ ،‬ولكــن البــدء بهــا‬
‫اآلن ســيجعلها أكثــر ســهول ًة فــي المســتقبل‪.‬‬

‫فو�ضى الحا�سوب‪ :‬تفريغ م�ساحة‬


‫حــان الوقــت اآلن لمعالجــة الفوضــى علــى حاســوبك‪ .‬يــؤ ّدي وجــود‬
‫أشــياء أكثــر مــن الــازم علــى جهــازك إلــى إبطــاء النظــام بر ّمتــه‪ ،‬ويعــدُّ‬
‫تفريــغ مســاحة علــى جهــازك إحــدى أســرع االســتراتيجيات لتعزيــز‬
‫إنتاجيتــك‪ .‬بــدالً مــن التعامــل مــع كثيــر مــن الملفــات الصغيــرة‪ ،‬ر ّكــز‬
‫علــى المــواد األكثــر تأثيــر ًا (أفــام‪ ،‬تطبيقــات‪ ،‬صــور‪ ،‬موســيقى)‪ ،‬التــي‬
‫تشــغل مســاحة كبيــرة مــن ذاكــرة الحاســوب‪.‬‬
‫اقتراحات قد تجعلك �أكثر �سعادة‬
‫‪ .1‬اســتخدم الســحابة‪ .‬و ّفــر علــى نفســك عنــاء التســاؤل عــن‬
‫إمكانيــة فقــدان ملفاتــك فــي حــال انهيــار نظــام الحاســوب‪،‬‬
‫أو إصابتــه بعطــل كهربائــي‪ ،‬أو تح ّطمــه علــى الســالم (لقــد‬
‫اختبــرت هــذه الحــاالت الثــاث حتــى اآلن‪ ،‬يــا للحســرة!)‪.‬‬
‫اســتخدم خدمــة عبــر اإلنترنــت تدعــم حاســوبك بنحــو تلقائي‪،‬‬
‫ـدي دعــم مضاعــف‬ ‫حتــى ال تضطــر إلــى التفكيــر فــي األمــر‪ .‬لـ ّ‬
‫اآلن؛ ألن بعــض الخدمــات جيــدة الســتعادة النظــام بأكملــه‪،‬‬
‫وأخــرى أفضــل للوصــول إلــى ملفــات مع ّينــة‪ .‬اســتخدم‬
‫ودرب‪-‬بوكــس‬ ‫كاربونايــت (‪ )Carbonite‬للدعــم الرئيــس‪ُ ،‬‬
‫(‪ )Dropbox‬للدعــم اإلضافــي‪ .‬أقــوم أيضــ ًا بتخزيــن الصــور‬
‫علــى شــترفالي (‪ ،)Shutterfly‬وأفــام الفيديــو علــى فيمــو‬
‫‪177‬‬
‫(‪ .)Vimo‬قــد تبــدو هــذه مبالغــة بالنســبة إليــك‪ ،‬إال أن الفائــدة‬
‫هــي أننــي أعــرف أن ملفاتــي بأمــان‪ ،‬ويمكننــي الوصــول إليهــا‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫بســهولة (ال مزيــد مــن البحــث فــي عــدّ ة أجهــزة خارجيــة‪،‬‬


‫أو حواســيب‪ ،‬للعثــور علــى صــورة واحــدة!)‪ .‬هــذه العمليــة‬
‫تعنــي أن بمقــدوري حــذف الملفــات التــي تجعــل حاســوبي‬
‫بطيئ ـ ًا‪ ،‬ممــا يعنــي بالمقابــل إنجــاز ًا أكثــر‪ ،‬وإحباط ـ ًا أقــل‪.‬‬
‫‪ .2‬تخ ّلــص مــن الملفــات كبيــرة الحجــم‪ .‬أحــب ترتيــب‬
‫األشــياء علــى حاســوبي وفق ـ ًا للحجــم‪ ،‬مــن ثــم حــذف‬
‫أكبــر عــدد ممكــن مــن المــواد التــي يتجــاوز حجمهــا‬
‫‪ 500‬ميغابايــت‪ .‬إذا لــم أكــن أرغــب بحــذف إحــدى تلــك‬
‫الملفــات‪ ،‬ســأحاول نقلهــا إلــى مســاحة تخزيــن خارجيــة‬
‫درب‪-‬بوكــس)‪.‬‬ ‫(مثــل آي‪-‬كالود أو ُ‬
‫‪ .3‬تحديــد األشــياء غيــر الضروريــة‪ .‬هنــاك عــدد مــن‬
‫التطبيقــات المجانيــة‪ ،‬وأخــرى مدفوعــة الثمــن‪ ،‬التــي‬
‫يمكنــك تشــغيلها علــى حاســوبك لتســاعدك فــي حــذف‬
‫متكــررة مــن الملفــات نفســها (مثــل مــاك كليــن‬
‫ّ‬ ‫نســخ‬
‫ســويبر ‪ .)Mac CleanSweeper‬الجميــل فــي هــذه البرامــج‬
‫أن بمقــدورك تشــغيلها واالبتعــاد عنهــا‪ ،‬فــي حيــن يقــوم‬
‫حاســوبك بــكل العمــل نيابــ ًة عنــك!‬

‫مستقبل السعادة‬
‫‪ .4‬أرشــفة البريــد اإللكترونــي القديــم‪ .‬إذا لــم تقــرأ‪ ،‬أو تنظــر‪،‬‬
‫ـي أكثــر مــن شــهر أو اثنيــن‪ ،‬فمــا هــي‬ ‫إلــى بريـ ٍ‬
‫ـد إلكترونـ ٍ‬
‫فــرص أن تعــود إليــه مجــدد ًا وتتعامــل معــه فــي وقــت‬
‫فراغــك فــي المســتقبل؟! أقــوم بأرشــفة رســائل البريــد‬
‫اإللكترونــي األقــدم مــن شــهر واحــد‪ ،‬حتــى أســتطيع رؤيــة‬
‫البريــد الــوارد حديث ـ ًا والعاجــل‪ ،‬والتركيــز عليــه‪ .‬إذا أردت‬ ‫‪178‬‬
‫رؤيــة تلــك الرســائل القديمــة مجــدد ًا‪ ،‬أعــرف أنهــا ال تــزال‬
‫موجــودة علــى حاســوبي ويمكننــي دائم ـ ًا العثــور عليهــا‪.‬‬
‫‪ .5‬تنظيــف ســطح المكتــب لراحــة البصــر‪ .‬أخيــر ًا‪ ،‬انقــل‬
‫كل مــا يوجــد علــى شاشــة ســطح المكتــب إلــى مج ّلــد‬
‫الوثائــق‪ ،‬أو إلــى مج ّلــدات من ّظمــة فــي نظــام تخزيــن‬
‫درب‪-‬بوكــس‪ .‬ال تش ـتّت فوضــى ســطح‬ ‫خارجــي مثــل ُ‬
‫المكتــب االنتبــاه فقــط‪ ،‬وإنمــا تجعــل التفكيــر أصعــب‬
‫اســد لنفســك معروفــ ًا‪ ،‬وابــدأ مــن جديــد!‬‫ِ‬ ‫أيضــ ًا‪.‬‬

‫فو�ضى الإ�شعارات‪ :‬التخ ّل�ص من عوامل الإلهاء‬


‫يعــزز تنظيــم المســاحات مــن حولنــا إنتاج ّيتنــا‪ ،‬وكفاءتنــا‪،‬‬
‫كمــا ّ‬
‫تحســن‬
‫وإبداعنــا‪ ،‬يــؤ ّدي تخليــص ذهننــا مــن عوامــل اإللهــاء إلــى ّ‬
‫وظيفــة عقلنــا ومزاجنــا بنحــو عــام‪ .‬إذا لــم تقــم بإزالــة جــذور‬
‫المشــكلة‪ ،‬ســتنمو مجــدد ًا‪ ،‬وتســ ّبب لــك التوتّــر والقلــق‪ .‬عندمــا‬
‫تجــد طرق ـ ًا إليقــاف ســيل التنبيهــات والمعلومــات‪ ،‬ســتحظى بمزيــد‬
‫مــن الوقــت لعيــش حيــاة أكثــر إنتاج ّيــة وإبداع ـ ًا‪ ،‬وســينخفض لديــك‬
‫مســتوى التوتّــر! (‪.)18( ،)17‬‬

‫اقتراحات قد تجعلك �أكثر �سعادة‬


‫‪ .1‬إلغــاء اشــتراك مــا ال ضــرورة لــه‪ .‬يمكنــك االســتفادة مــن‬
‫خدمــة مثــل أنــرول‪ -‬مــي (‪ ،)Unroll.me‬أو االعتيــاد ببســاطة‬
‫علــى ضغــط رابــط «إلغــاء اشــتراكي» فــي أدنــى رســائل البريــد‬
‫اإللكترونــي الترويجيــة التــي تــرد إلــى علبــة الــوارد‪.‬‬
‫‪ .2‬أتمتــة األمــور العاديــة‪ .‬و ّفــر الوقــت والجهــد بالســماح‬
‫لخدمــات إلكترونيــة بمســاعدتك فــي إنجــاز مهمــات‬
‫‪179‬‬
‫متكــررة‪ ،‬مثــل دفــع الفواتيــر أو تحديــث الحاســوب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ـوش اإلشــعارات غيــر الضروريــة‬ ‫‪ .3‬إغــاق التنبيهــات‪ .‬تشـ ّ‬
‫ِ‬
‫اقــض‬ ‫علــى تركيــزك‪ ،‬وتبطــئ عملــك‪ ،‬وتزيــد توتّــرك‪.‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫خمــس دقائــق إلغــاق أكبــر عــدد مــن التنبيهــات علــى‬


‫هاتفــك أو حاســوبك‪ ،‬وو ّفــر علــى نفســك ســاعات مــن‬
‫اإلحبــاط واالنزعــاج الحقــ ًا‪.‬‬
‫‪ .4‬ق ّلــص دائــرة معارفــك‪ .‬حافــظ علــى صداقــات األشــخاص‬
‫الذيــن ترغــب بهــم حقـ ًا فــي وســائل التواصــل االجتماعــي‬
‫(يمكــن أن تبقــى صديقـ ًا ألولئــك األفــراد اآلخريــن‪ ،‬إنمــا‬
‫مــن دون أن تظهــر منشــوراتهم لديــك)‪.‬‬

‫أريــد أن أؤكــد هنــا علــى أن الهــدف ليــس الوصــول إلــى حــال‬


‫ثابتــة مــن الهــدوء‪ ،‬والنظافــة‪ ،‬والترتيــب المثالــي فــي أثنــاء قيامــك‬
‫بعمليــة التخ ّلــص مــن الفوضــى فــي حياتــك العاديــة ّ‬
‫والرقميــة‪ .‬عــدم‬
‫الترتيــب جــزء مــن الحيــاة‪ ،‬كمــا تع ّلمنــي بناتــي يوميــ ًا‪ ،‬وسيســتمر‬
‫وتنصــب‬‫األمــر علــى هــذا المنــوال‪ ،‬ســتكدّ س مزيــد ًا مــن األغــراض‪ّ ،‬‬
‫ا عــن‬ ‫تطبيقــات جديــدة‪ ،‬وتتلقــى رســائل إلكترونيــة جديــدة‪ ،‬فضــ ً‬
‫أخــرى غيــر مرغــوب فيهــا أص ـاً‪ .‬لكــن فــي فوضــى الحيــاة‪ ،‬يمكــن‬
‫خيــار يجــب أن تمارســه‪ ،‬حتــى فــي وســط‬ ‫ٌ‬ ‫أن تكــون ســعيد ًا‪ ،‬وهــو‬
‫االضطــراب والبلبلــة‪ .‬الهــدف مــن قاعــدة «حق ـ ًا؟!» هــو مســاعدتك‬
‫علــى تو ّلــي زمــام األمــور بنفســك لالســتفادة مــن كل إمكاناتــك فــي‬
‫كل خطــوة علــى الطريــق‪ ،‬ومنحــك مزيــدا مــن المســاحة اللتقــاط‬

‫مستقبل السعادة‬
‫األنفــاس والعيــش فــي الحاضــر‪ ،‬وإيجــاد إطــار عمــل أكثــر نفعــ ًا‬
‫وطريقــة تفكيــر جديــدة للتعامــل مــع التّقانــة الناشــئة‪.‬‬

‫ت�صميم الأماكن لل�شعور ب�سعادة �أكبر‬


‫‪180‬‬

‫كســبنا صفــة العولمــة بفضــل التّقانــة‪ ،‬وعلــى الرغــم مــن أننــا بشـ ٌـر‬
‫فانــون‪ ،‬إال أننــا لــم نعــد مقيديــن بحــدود الوقــت والمــكان‪ .‬يعمــل‬
‫بعــض النّــاس فــي مكاتــب‪ ،‬فــي حيــن يــزاول آخــرون أعمالهــم فــي‬
‫البيــت‪ ،‬أو أماكــن مشــتركة‪ ،‬أو حتــى مقاهــي‪ .‬ندخــل إلــى «ســحابة»‬
‫إلكترونيــة ونخــرج منهــا بسالســة ويســر‪ ،‬مــع وجــود نصــف ممتلكاتنا‬
‫فــي العالــم المــادي‪ ،‬ونصفهــا اآلخــر فــي عالــم افتراضــي‪ .‬تتداخــل‬
‫األماكــن التــي نعيــش‪ ،‬ونعمــل‪ ،‬ونتع ّلــم فيهــا أكثــر فأكثــر‪ ،‬وينبغــي‬
‫الســعادة فــي العصــر الحديــث‪.‬‬ ‫تصورنــا لمــا تبــدو عليــه ّ‬
‫علينــا تجديــد ّ‬
‫ـي ســونيا ليبوميرســكاي فــي كتابهــا‬‫كشــفت عالمــة النفــس اإليجابـ ّ‬
‫الســعادة أن ‪ %10‬فقــط مــن ســعادتنا تتع ّلــق بظــروف‬
‫الموســوم بـــ كيف ّيــة ّ‬
‫بتصورنــا للعالــم(‪ .)19‬هــذا‬
‫ّ‬ ‫خارجيــة‪ ،‬فــي حيــن إن ‪ %90‬منهــا ترتبــط‬
‫شــخصي‪ ،‬وأن ذلــك الخيــار‬
‫ٌ‬ ‫خيــار‬
‫ٌ‬ ‫الســعادة‬
‫البحــث الرائــع يعنــي أن ّ‬
‫ُيبــرز نتائــج باهــرة بشــأن إنتاج ّيتنــا ونجاحنــا‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬بتنــا نــدرك‬
‫اآلن أن بمقدورنــا التأثيــر بنحــو أفضــل علــى هــذا الخيــار لتشــجيع‬
‫اإليجابــي‪ .‬عندمــا نستكشــف طرقــ ًا لتصميــم أماكــن تجعلنــا‬
‫ّ‬ ‫الســلوك‬
‫نشــعر بســعادة أكبــر فــي المســتقبل‪ ،‬يجــب أن نفكــر بشــأن االســتفادة‬
‫مــن بيئتنــا لتمهيــد الســبل أمــام النمــو‪ ،‬ومنحنــا إحساسـ ًا أكبــر بالســرور‪.‬‬
‫يف الكليــة‪ ،‬ســاعد زوجــي يف إجــراء دراســة بحثيــة رائعــة عــن نتائــج‬
‫ـراد يعانــون مــن داء هنتنغتــون‪ .‬راقــب الباحثــون فئران ـ ًا‬‫إثــراء البيئــة عــى أفـ ٍ‬
‫معاجلــة وراثي ـ ًا لإلصابــة بأعــراض هــذا املــرض مــدة تزيــد عــن اثنــي عــر‬
‫متنوعــة (متاهــات‪ ،‬أنشــطة‪،‬‬ ‫أســبوع ًا‪ .‬جــرى وضــع نصــف الفئــران يف بيئــة ّ‬
‫حمــاكاة)‪ ،‬والنصــف اآلخــر يف بيئــة تفتقــر إىل ذلــك‪ .‬كــا تو ّقعــت دراســة‬
‫ســابقة‪ ،‬ركضــت الفئــران يف البيئــة األكثــر تنوع ـ ًا برسعــة أكــر‪ ،‬وأظهــرت‬
‫ذكاء أفضــل؛ ولكــن فريــق البحــث الــذي شــارك فيــه زوجــي نقــل الدراســة‬
‫‪181‬‬ ‫املتنوعــة (فظيــع! أعــرف)‪.‬‬ ‫إىل مســتوى أعــى بفتــح أدمغــة الفئــران يف البيئــة ّ‬
‫ال عىل مســتوى‬ ‫عرفــوا نتيجــة ذلــك أن أدمغــة تلــك احليوانــات قــد تغـ ّـرت فع ً‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫خلــوي‪ :‬انخفــض تركيــز الربوتــن املــريض يف الدمــاغ‪ .‬أبطــأ إثــراء البيئــة يف‬
‫ـور داء هنتنغتــون‪ ،‬وهــذه نتيجــة بحثيــة مهمــة كشــفت قــوة تأثــر‬ ‫الواقــع تطـ ّ‬
‫البيئــات يف تكويــن أدمغتنــا وســلوكنا(‪ .)21( ,)20‬مــا أح ّبــه يف هــذه الدراســة هــو‬
‫أن تغيــر البيئــة ببســاطة مــدة اثنــي عــر أســبوع ًا يــؤ ّدي إلــى تغييــر بنيــوي‬
‫ويحســن أداءنــا! فــي الصفحــات اآلتيــة‪ ،‬ســأطلعك علــى‬ ‫ّ‬ ‫فــي أدمغتنــا‪،‬‬
‫ـوع علــى األماكــن التــي تعيــش‪،‬‬ ‫بعــض االســتراتيجيات العمليــة إلضفــاء تنـ ّ‬
‫وتعمــل‪ ،‬وتتعلــم فيهــا مــن أجــل زيــادة ســعادتك وإنتاجيتــك‪.‬‬

‫�أين نعي�ش؟‬
‫عندمــا كنــت فــي المدرســة اإلعداديــة‪ ،‬كان أبــي وأمــي يعمــان‬
‫بــدوام كامــل‪ .‬كنــت أمشــي مــع شــقيقي إلــى البيــت بعــد االنتهــاء مــن‬
‫الدراســة‪ ،‬وندخــل المنــزل بمفردنــا‪ ،‬ونرمــي حقيبتينــا المدرســيتين‬
‫جانبـ ًا‪ ،‬ونتنــاول وجبــة خفيفــة‪ ،‬ونجلــس علــى األريكــة‪ ،‬ونشـ ّغل التلفــاز‬
‫طبعــ ًا‪ .‬كان كل هــذا يحــدث بســرعة؛ ألن جتســونز (‪)The Jetsons‬‬
‫ســ ُيعرض علــى التلفــاز عنــد الرابعــة بعــد الظهــر (ولــم تكــن هنــاك‬
‫خدمــة مشــاهدة البرامــج الحقـ ًا‪ ،‬تخ ّيــل!)‪ .‬حفظنــا كل حلقــة عــن ظهــر‬
‫قلــب‪ ،‬ولكــن ذلــك لــم يمنعنــا مــن مشــاهدتها مــرار ًا وتكــرار ًا ‪ ...‬حتــى‬
‫نســمع صــوت المــرآب ُيفتــح‪ .‬اعتدنــا أن نقفــز عــن األريكــة ‪ -‬بانضبــاط‬
‫عســكري ‪ -‬وننطلــق لتنفيــذ أعمالنــا‪ ،‬فنغلــق التلفــاز‪ ،‬ونرتّــب وســائد‬

‫مستقبل السعادة‬
‫األريكــة‪ ،‬ونمســح بعــض األشــياء هنــا وهنــاك ليبــدو أننــا قــد أنجزنــا‬
‫بعــض األعمــال المنزليــة‪ .‬لكــن والــدي كان يدخــل الغرفــة دائمـ ًا ويــرى‬
‫الصــورة التــي تُعــرض فــي نهايــة المسلســل علــى جهــاز التلفــاز القديــم‪،‬‬
‫ممــا يجعلنــا نفشــل فــي إخفــاء األمــر‪.‬‬
‫أتمنّــى لــو أن الحــظ أســعفني بكلمــات مالئمــة آنــذاك ألشــرح‬ ‫‪182‬‬
‫ببحــث مــن أجــل كتــاب ســأؤلفه يومــ ًا مــا فــي‬ ‫ٍ‬ ‫ألبــي أننــي أقــوم‬
‫المســتقبل (ال يســعني االنتظــار ألضــع نســخة مــن هــذا الكتــاب بيــن‬
‫يديــه ليكــون برهان ـ ًا عــن ذلــك)‪ .‬مــا لــم أعرفــه آنــذاك هــو أن قــاد ًة‬
‫فــي المجــاالت السياســية‪ ،‬واالجتماعيــة‪ ،‬وحتــى التجاريــة‪ ،‬كانــوا‬
‫ـون رؤيــة‬ ‫يشــاهدون ذا جتســونز فــي منازلهــم أكثــر مــن مــرة‪ ،‬ممــا كـ ّ‬
‫جماعيــة عــن المســتقبل‪.‬‬
‫ُعــرض مسلســل ذا جتســونز األصلــي فــي ‪ ،1963‬بعــد وقــت قصيــر‬
‫مــن نهايــة الحــرب البــاردة وتأســيس ناســا فــي ‪ .1958‬بــدا األمريكيــون‬
‫متفائليــن وخائفيــن فــي ٍ‬
‫آن مع ـ ًا بشــأن المســتقبل‪ ،‬ممــا أفســح مجــاالً‬
‫لظهــور مــا بــات ُيعــرف باســم «العصــر الذهبــي للمســتقبل ّية»‪ .‬كان‬
‫وقتــ ًا تم ّيــز بعــروض فنيــة عــن أحــام تقنيــة خياليــة بشــأن الحيــاة‬
‫فــي المســتقبل(‪ .)22‬يشــرح دانــي غرايــدون؛ كاتــب الدليــل الرســمي‬
‫للمسلســل والمقيــم فــي لنــدن‪« :‬تزامــن [ذا جتســونز] مــع تلــك‬
‫المــدة مــن التاريــخ األمريكــي التــي ســاد فيهــا أمــل متجــدّ د‪ ،‬بدايــة‬
‫الســتينيات‪ ،‬وحقبــة مــا بعــد فيتنــام‪ ،‬حيــن تو ّلــى كينيــدي الســلطة‪ .‬كان‬
‫ـذاب جــدًّ ا بشــأن األســرة النوويــة مــع احتمــال ازدهــار‬ ‫هنــاك شــيء جـ ّ‬
‫القيــم الفاضلــة فــي المســتقبل‪ .‬أظــ ُّن أنــه انســجم مــع روح الثقافــة‬
‫األمريكيــة فــي ذلــك الوقــت»‪ .‬بعــد عقديــن‪ُ ،‬عــرض ذا جتســونز‬
‫ا جديــد ًا (أنــا فيهــم) إلــى رؤاه عــن‬
‫مجــدد ًا باأللــوان‪ ،‬وجــذب جي ـ ً‬
‫المســتقبل غيــر البعيــد‪.‬‬
‫آخــرون بفكــرة المســتقبلية أيضــ ًا‪ .‬فــي ‪،1957‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫فنانــون‬ ‫اهتــم‬
‫ابتكــر الفنــان آرثــر ريدبــوغ رســوم ًا متحركــة بعنــوان «أقــرب ممــا‬
‫نظــن» عرضــت أجهــزة ن ّفاثــة‪ ،‬وأقــراص طعــام‪ ،‬وســيارات طائــرة‪،‬‬
‫وغيرهــا(‪ .)23‬فــي ذلــك العــام نفســه‪ ،‬عرضــت ديزنــي مونســاتنو‬
‫‪183‬‬ ‫(‪ :)Monsanto‬منــزل المســتقبل؛ مبنــى مســتقل‪ ،‬يشــبه ســفينة‬
‫مصنــوع بالكامــل مــن البالســتيك‪ .‬جــرى تزويــد‬
‫ٌ‬ ‫فضائيــة محدّ بــة‪،‬‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫بيــت المســتقبل بأثــاث عصــري وأدوات مــن عصــر الفضــاء مثــل‬


‫المصممــون أن يصبــح حقيقــة قبــل انتهــاء‬ ‫ّ‬ ‫الميكروويــف‪ ،‬وتو ّقــع‬
‫األلفيــة‪ .‬المدهــش أن ذا جتســونز‪ ،‬وريدبــوغ‪ ،‬وديزنــي رســموا بد ّقــة‬
‫تقانــات باتــت معروفــة لنــا جميعـ ًا اآلن‪ ،‬وفيهــا أجهــزة تلفــاز بشاشــة‬
‫مســ ّطحة‪ ،‬واتصــاالت فيديــو‪ ،‬وأخبــار تفاعليــة‪ ،‬وســاعات من ّبــه‬
‫ناطقــة‪ ،‬وحتــى ســاعات ذكيــة(‪.)24‬‬
‫مــن الصعــب معرفــة إن كانــت تلــك العــروض الفنيــة عــن‬
‫المســتقبل قــد أنتجــت بشــرى تح ّققــت ذاتيـ ًا‪ ،‬أو أنهــا كانــت ببســاطة‬
‫ســابقة لعصرهــا‪ .‬قــد ال نعــرف إطالقـ ًا الجــواب علــى ســؤال البيضة‬
‫والدجاجــة هــذا‪ ،‬ولكــن مــا نعلمــه حقـ ًا هــو أن الثــورة التكنولوجيــة‬
‫تغ ّيــر األماكــن التــي نعيــش فيهــا بطــرق جوهريــة‪.‬‬
‫بيوتنا‬
‫شــعرت بصدمــة حيــن عرفــت أن ديزنــي النــد قــد هدمــت‬
‫ـح أن بيوتنــا‬
‫مونســانتو‪ :‬منــزل المســتقبل فــي الخريــف الماضــي‪ .‬واضـ ٌ‬
‫قــد صــارت مــن ذلــك المســتقبل‪ ،‬وأكثــر «ذكاء» مــن قبــل‪ .‬يجــري‬
‫التح ّكــم بــكل شــيء مــن اإلضــاءة‪ ،‬إلــى الســتائر‪ ،‬إلــى األمــن‪ ،‬إلــى‬
‫أحــواض الســباحة بالضغــط علــى ٍ‬
‫زر فــي الهاتــف الذكــي‪ ،‬لــذا يبــرز‬
‫جهــز نفســك للســرعة الكبيــرة؛ ألن‬ ‫ســؤال‪ :‬مــاذا قــد نــرى الحق ـ ًا؟ ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫هنــاك شــائعة بــأن أحــدث نســخ المســتقبل مــن ديزنــي ســتكون‬
‫رحلــة افتراضية‪-‬واقعيــة علــى متــن ســفينة فضائيــة‪ :‬ميلينيــوم فالكــون‬
‫(‪ )Millennium Falcon‬تحديــداً(‪ .)25‬لــن تكــون الرحلــة نســخة محدّ ثــة‬
‫مــن منــزل المســتقبل (إنهــا فــي الواقــع جــزء مــن موضــوع حــرب‬
‫نجــوم جديــدة)‪ ،‬ولكــن تســتمر ديزنــي فــي دفــع حــدود مخيلتنــا‬
‫إلــى آفــاق جديــدة بتقديــم لمحــة عــن حيـ ٍ‬
‫ـاة بيــن المجـ ّـرات‪ ،‬يعيــش‬ ‫‪184‬‬

‫فيهــا بشــر وآليــون‪ .‬قــد نحــب التجربــة الرائعــة قصيــرة األمــد‪ ،‬ولكــن‬
‫هــل نريــد أن يبــدو المســتقبل علــى تلــك الحــال فع ـاً؟ هــل ســتتغير‬
‫أشــكالنا فــي القريــب العاجــل مــن هــان ســولو الوســيم‪ ،‬ونمســي أكثــر‬
‫شــبه ًا باآللييــن علــى متــن الســفن الفضائيــة فــي وول‪-‬آي؟‬
‫ال مــن أ ّمــي وأبــي ع ّبــر عــن مشــاعر مشــابهة‬‫المثيــر لالهتمــام أن ك ً‬
‫حيــن زارا منــزل مونســانتو أول مــرة فــي الخمســينيات‪ .‬فــي ذلــك‬
‫الوقــت‪ ،‬كان والــداي مراهقيــن يعيشــان فــي أناهايــم‪ ،‬كاليفورنيــا‪،‬‬
‫ويعمــان فــي ديزنــي‪ .‬كانــت والدتــي مرشــدة جــوالت‪ ،‬ووالــدي بائــع‬
‫مث ّلجــات يســتمتع بالتو ّثــق مــن عــدم مــرور أميــرة بجانبــه مــن دون أن‬
‫تحصــل علــى غمــزة وبعــض بضاعتــه‪ .‬عندمــا ســألتهما عــن انطباعهمــا‬
‫عــن منــزل مونســانتو‪ ،‬ذكــر كالهمــا أنهمــا قامــا بزيارتــه مــرة أو اثنتيــن‬
‫فــي مئــات المــرات التــي قــد ذهبــا فيهــا إلــى المتنــزه‪ .‬شــرحا أن منــزل‬
‫ا إنمــا مــن دون جــدوى‪،‬‬ ‫مونســانتو كان رائعـ ًا‪ ،‬وأن كل شــيء بــدا صقيـ ً‬
‫ويفتقــر إلــى اللــون والحيويــة‪ .‬أراد والــداي‪ ،‬مثــل كثيــر مــن الســائحين‪،‬‬
‫أي‬
‫إلقــاء نظــرة علــى المســتقبل‪ ،‬ولكــن لــم يكــن لديهمــا فــي الواقــع ّ‬
‫اهتمــام بالعيــش هنــاك‪.‬‬
‫ـزودة بتلــك األدوات الغريبــة التــي عرضها‬ ‫نعيــش حاليـ ًا فــي منــازل مـ ّ‬
‫ـور عــدم‬
‫منــزل مونســانتو وتدعــى ميكروويــف‪ ،‬وال يســتطيع معظمنــا تصـ ّ‬
‫وجودهــا فــي حياتنــا اليــوم‪ .‬ســتمتلئ بيوتنــا قريب ـ ًا بالجيــل اآلتــي مــن‬
‫ٍ‬
‫آالت لــم يكــن ممكن ـ ًا تخ ّيلهــا ســابق ًا‪ .‬ســنحت لــي فرصــة إلقــاء نظــرة‬
‫علــى «مطبــخ المســتقبل» فــي إكســبو ‪ 2015‬فــي ميــان‪ ،‬وشــاهدت‬
‫تقانــة تثيــر الدهشــة‪ ،‬مثــل ثالجــة تســتخدم بصمــات أصابعــك لتقتــرح‬
‫صح ّيــة شــخصية‪ ،‬وخزانــة مــؤن‬ ‫مــا يجــب أن تأكلــه بنــا ًء علــى بيانــات ّ‬
‫تخبــرك بالمــواد الغذائ َّيــة التــي تــكاد تنفــد حتــى يكــون بمقــدورك جلــب‬
‫‪185‬‬ ‫جربــت نظــارة أوكلــوس‪ ،‬ومشــيت فــي عالــم افتراضــي‪،‬‬ ‫المزيــد منهــا‪ّ .‬‬
‫أي مزرعــة أو محيــط تأتــي كل مــادة غذائيــة فــي المطبــخ‪.‬‬ ‫وعرفــت مــن ّ‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫ســتدمج بيوتنــا فــي المســتقبل العالميــن الواقعــي واالفتراضــي‪،‬‬


‫وتربــط كل شــيء معــا عبــر واي‪-‬فــاي ليصبــح جــزء ًا من هذه الشــبكة‬
‫توجــه حياتنــا وتدعــى «إنترنــت األشــياء»‪ .‬الفكــرة وراء‬
‫الرائعــة‪ ،‬التــي ّ‬
‫هــذا التبــدّ ل هــي أن أتمتــة وجمــع المهمــات والمعلومــات فــي بيئتنــا‬
‫يــؤ ّدي إلــى تعزيــز األمــان‪ ،‬وتوفيــر الطاقــة‪ ،‬والتخ ّفيــف مــن القلــق‪.‬‬
‫علــى ســبيل المثــال‪ ،‬تتباهــى تطبيقــات آبــل المنزليــة الجديــدة بأنهــا‬
‫تمنــح المســتخدمين القــدرة علــى «التح ّكــم بمجموعــة رائعــة مــن‬
‫األدوات الذكيــة مــن مــكان واحــد‪ ،‬وفيهــا كل شــيء؛ مــن أجــراس‬
‫األبــواب إلــى األقفــال‪ ،‬إلــى آالت تنظيــم الحــرارة‪ ،‬ومصابيــح‬
‫اإلنــارة‪ ،‬إلــى أجهــزة ضبــط الرطوبــة والترفيــه»(‪ .)26‬هــل نســيت‬
‫قفــل بابــك حيــن غــادرت بيتــك؟ ال تقلــق‪ ،‬ســيوصد منزلــك الذكــي‬
‫البــاب بعــد مغادرتــك‪ ،‬ويطفــئ اإلنــارة‪ ،‬وربمــا حتــى يعــدّ ل درجــة‬
‫الحــرارة الداخليــة لتوفيــر تكاليــف الطاقــة‪ .‬فــي الواقــع‪ ،‬يمكــن أن‬
‫تــر ّد علــى مــن يطــرق بابــك باســتخدام برنامــج رينــغ فيديــو (‪Ring‬‬
‫‪ ،)Video‬الــذي يســمح لــك برؤيــة الشــخص الــذي يقــف أمامــه‬
‫والحديــث معــه مــن مــكان بعيــد‪.‬‬
‫تبــدو المنــازل الذكيــة رائعــة ومفيــدة بالتأكيــد‪ ،‬ولكــن مــا أريــده‬
‫فــي الواقــع فــي نهايــة المطــاف هــو بيــت ذكــي وســعيد حقــ ًا‪ .‬ال‬

‫مستقبل السعادة‬
‫يم ّثــل امتــاك مزيــد مــن األجهــزة‪ ،‬واألســاك‪ ،‬والتطبيقــات الحــل‬
‫المنشــود‪ .‬بــدالً مــن ذلــك‪ ،‬أريــد أن أدمــج أجهزتــي‪ ،‬وأرغــب أن‬
‫تجعــل األجهــزة التــي امتلكهــا حياتــي أفضــل‪ ،‬وأن تعمــل بهــدوء‬
‫فــي الخلفيــة حتــى ال أضطــر إلــى التفكيــر بهــا‪.‬‬

‫ٍ‬
‫بأسالك ظاهرة للعيان‪،‬‬ ‫ال تكون أكثر األماكن سعاد ًة مترابطة‬ ‫‪186‬‬
‫وإنما بوشائج عاطفية وشخصية عميقة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بأســاك ظاهــرة للعيــان‪،‬‬ ‫ال تكــون أكثــر األماكــن ســعاد ًة مترابطــة‬
‫وإنمــا بوشــائج عاطفيــة وشــخصية عميقــة‪ .‬علــى الرغــم مــن أننــي أوافــق‬
‫علــى أن هنــاك وقت ـ ًا ومكان ـ ًا مالئميــن لفصــل القابــس مــن أجــل إعــادة‬
‫وصلــه مجــدد ًا‪ ،‬إال أن هنــاك طرقــ ًا يمكننــا فيهــا االســتفادة مــن التّقانــة‬
‫أشــجعك علــى‬ ‫ّ‬ ‫والســعادة‪.‬‬
‫الراهنــة فــي بيوتنــا لتعزيــز ُعــرى االرتبــاط ّ‬
‫تفــادي طريــق مــن يظنــون أن باســتطاعتهم العيــش مــن دون تقانــة؛ ألننــي‬
‫ال أرى أن بمقدورنــا إلغــاء التّقانــة مــن حياتنــا‪ ،‬وال أظــن أننــا يجــب أن‬
‫الســعادة‪ .‬عوضــ ًا عــن هــذا‪ ،‬يمكــن أن نفكّــر‬ ‫نتخ ّلــص منهــا لنجــد ّ‬
‫مجــدد ًا فــي الطــرق التــي نتواصــل فيهــا بعضنــا مــع بعــض باســتخدام‬
‫التجمــع‬
‫ّ‬ ‫التّقانــة‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬إذا كان أفــراد أســرتك يح ّبــون‬
‫أمــام التلفــاز‪ ،‬اضبــط شاشــة التو ّقــف لتعــرض صــور األســرة علــى شــكل‬
‫ســجل مشــترك‪ ،‬فيحظــى الجميــع بفرصــة متجــدّ دة لعيــش أهــم تجــارب‬
‫الحيــاة مع ـ ًا‪ .‬أو إذا كان كل أفــراد أســرتك يســتخدمون وســائل التواصــل‬
‫االجتماعــي‪ ،‬اســتخدم إنســتغرام أو فيســبوك للتعبيــر عــن آرائكــم مــن‬
‫أجــل تدريــب عقولكــم جماعيـ ًا علــى مزيــد مــن التفــاؤل‪ ،‬أو أطلــق وســم ًا‬
‫لمتابعــة مقاالتــك بمــرور الوقــت (‪#‬أبنــاء ســعيدون)‪ .‬ال ينبغــي أن يكــون‬
‫تصميــم بيتــك مــن أجــل منحــك ســعادة أكبــر مع ّقــد ًا أو مكلف ـ ًا‪ ،‬وإنمــا‬
‫يعنــي أن تكــون متزنـ ًا وواعيـ ًا بشــأن مــا قــد يمنحــك أعلــى مســتوى مــن‬
‫الســرور فــي بيئتــك‪.‬‬

‫جماعاتنا‬
‫تؤ ّثــر األماكــن الموجــودة حولنــا علــى حياتنــا‪ ،‬ولكــن ثقافــة االرتباط‬
‫بتلــك األماكــن أكثــر تأثيــر ًا علينــا‪ .‬وال أحــد يفهــم هــذا أفضــل مــن‬
‫هابيتــات فــور هيومانيتــي (مســاكن للبشــر ‪،)Habitat for Humanity‬‬
‫‪187‬‬
‫التــي لديهــا رؤيــة عــن المســتقبل‪ :‬ال ينبغــي أن يبقــى أحــدٌ مــن دون‬
‫أسســها الرئيــس‬ ‫مــكان يعيــش فيــه‪ .‬عملــت تلــك المؤسســة‪ ،‬منــذ ّ‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫متطوعيــن لبنــاء أكثــر مــن ‪ 800.000‬منــزل‬‫جيمــي كارتــر فــي ‪ ،1976‬مــع ّ‬


‫نصــور برنامجــ ًا مــع أوبــرا عــن‬
‫ّ‬ ‫فــي كل أرجــاء العالــم‪ .‬عندمــا كنــا‬
‫الســعادة‪ ،‬حظيــت بفرصــة الحديــث مــع جوناثــان ركفــورد؛ الرئيــس‬ ‫ّ‬
‫التنفيــذي لـــ «هابيتــات فــور هيومانتــي»‪ ،‬بشــأن عوامــل النجــاح الكبيــر‬
‫لمنظمتــه‪ ،‬وشــرح أنهــم ال ير ّكــزون علــى بنــاء منــازل فقــط‪ ،‬وإنمــا علــى‬
‫إيجــاد بيئــات للســعادة أيض ـ ًا‪ .‬إذا حــاول قنــدس‪ ،‬مث ـاً‪ ،‬بنــاء ســدٍّ علــى‬
‫طريــق عــام ســريعة‪ ،‬ســتكون النتائــج كارثيــة‪ .‬عوضـ ًا عــن هــذا‪ ،‬يحتــاج‬
‫القنــدس إلــى نظــام بيئــي متكامــل مــن أجــل النجــاح فــي مهمتــه‪ ،‬وفيــه‬
‫جــدول آمــن‪ ،‬وأخشــاب كثيــرة‪ ،‬وغــذاء مالئــم لــه‪ .‬بالطريقــة نفســها‪،‬‬
‫تســعى هابيتــات إلــى إيجــاد ذلــك النظــام البيئــي لألســر المعــوزة‪،‬‬
‫إضافــة إلــى كل الشــريحة المجتمعيــة المحيطــة بهــا‪ ،‬التــي سـ ُيبنى ذلــك‬
‫المنــزل قريبـ ًا منهــا‪ .‬يســاهم مالكــو المنــازل المســتقبليين بـــ ‪ 400‬ســاعة‬
‫مــن «الجهــد والعمــل» لبنــاء بيوتهــم الخاصــة‪ ،‬إضافــة إلــى تشــييد بيوت‬
‫متطوعــون فــي المجتمــع علــى المنــازل‬‫أســر أخــرى فــي الحــي‪ .‬يعمــل ّ‬
‫جنب ـ ًا إلــى جنــب مــع األســر المحتاجــة‪ .‬تبــذل هابيتــات جهــود ًا حثيثــة‬
‫العمــال كل‬‫مــن أجــل تقويــة صلــة الموظفيــن بالمهمــة‪ .‬عندمــا يغــادر ّ‬
‫يــوم‪ ،‬يــرون الفتــات بجانــب المصاعــد تقــول‪« :‬بفضــل جهودكــم‪ ،‬لــدى‬
‫‪ 481‬شــخص ًا إضاف ّي ـ ًا مــكان للنــوم الليلــة»‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫علــى الرغــم مــن أن نمــوذج هابيتــات فــور هيومانتــي فاعــل جــدًّ ا فــي‬
‫الســعادة المســتقبلية‪ ،‬إال أننــا نحظــى بفرصــة أيضـ ًا إليجــاد‬
‫بنــاء مجتمعــات ّ‬
‫ثقافــة ترابــط فــي حينــا‪ .‬يهــدف حقــل انبثــق حديثــ ًا‪ ،‬ويدعــى «التّقانــة‬
‫المدنيــة» إلــى فعــل هــذا تحديــد ًا‪ ،‬وتطويــر األدوات ّ‬
‫الرقميــة لمــا فيــه المنفعة‬
‫ا تنظيــم مســتقبل األماكــن التــي نعيــش فيهــا ‪ -‬ال‬ ‫العا ّمــة(‪ .)27‬إذا أردنــا فع ـ ً‬
‫أن نكــون مجــرد ســائحين يلقــون نظــرة عليــه مــن بعيــد ‪ -‬ســيكون الوقــت‬ ‫‪188‬‬
‫قــد حــان لالســتفادة مــن هــذه الفرصــة وعقــد العــزم علــى إنشــاء مجتمــع‬
‫متســق‪ .‬ســأتكلم بمزيــد مــن التفصيــل فــي القســم اآلتــي عــن طريقــة ترتيــب‬
‫األماكــن التــي نعيــش فيهــا والمســاهمة بنحـ ٍ‬
‫ـو وا ٍع فــي التّغييراإليجابــي‪.‬‬

‫�أين نعمل؟‬
‫ت�أثير غوغل‬
‫ال يضمــن تنــاول وجبــة سوشــي مجانيــة‪ ،‬وتل ّقــي رســالة مــن‬
‫الســعادة‬
‫محــب‪ ،‬واالســتمتاع بقيلولــة طويلــة تحــت أشــعة الشــمس ّ‬
‫لــك‪ ،‬ولكــن هــذه األمــور تســاعد بالتأكيــد‪ .‬هــذه هــي فلســفة غوغــل‪،‬‬
‫التــي تضــع نصــب عينيهــا «إنشــاء أكثــر أماكــن العمــل ســعاد ًة وإنتاجي ًة‬
‫فــي العالــم»‪.‬‬
‫فــي ‪ ،2005‬تواصــل الري بيــج؛ المديــر التنفيــذي فــي غوغــل‪،‬‬
‫مــع المهنــدس المعمــاري كاليــف ويلكينســون لمناقشــة إعــادة‬
‫تصميــم مقــر غوغــل فــي وادي الســليكون‪ .‬يظ ـ ُّن ويلكينســون دائم ـ ًا‬
‫أن «المقصــورات هــي األســوأ؛ مثــل مــزارع الدجــاج‪ .‬إنهــا مخزيــة‪،‬‬
‫ومم ّلــة‪ ،‬وتثيــر شــعور ًا بالعزلــة»‪ .‬أقنــع ويلكينســون وفريقــه غوغــل‬
‫باالنتقــال مــن النمــوذج التقليــدي لتصميــم المكاتــب إلــى مــكان‬
‫عمــل أكثــر مرونـ ًة وتجــدّ د ًا ينســجم مــع عالمتهــم التجاريــة‪ ،‬وتحويــل‬
‫الباقــي إلــى تاريــخ‪ .‬تشــتهر غوغــل اآلن بأماكــن عملهــا المرحــة‪،‬‬
‫حيــث توجــد مكاتــب علــى شــكل ســيارات ألعــاب كهربائيــة‪،‬‬
‫وأكشــاك هاتــف‪ ،‬فيديــو حمــراء‪ ،‬وقاعــات مؤتمــرات داخــل حجــر‬
‫نــرد ملــون عمــاق‪ ،‬وأنابيــب لالنتقــال بيــن الطوابــق‪ ،‬والمزيــد؛‬
‫وعندمــا أقــول المزيــد‪ ،‬أعنــي غــرف تدليــك‪ ،‬وآالت بيانــو ضخمــة‪،‬‬
‫وخدمــات مجانيــة مثــل تجميــل الحواجــب وجلســات اليوغــا(‪.)28‬‬
‫‪189‬‬
‫وكذلــك بإمكانــك أن تــأكل كل السوشــي المتوفــر‪.‬‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫فــي ‪ ،2014‬زرت مقــر الشــركة فــي ماونتــن فيــو أول مــرة‪ ،‬فــي أثنــاء‬
‫العمــل علــى مشــروع استشــاري‪ .‬كنــت أتو ّقــع مــا رأيتــه‪ ،‬ولكــن ذلــك‬
‫لــم يمنعنــي مــن إبــداء حماســي فــي أثنــاء تجــاوز المطابــخ المص ّغــرة‬
‫ـتراتيجي فــي كل أرجــاء المــكان بحيــث‬
‫ّ‬ ‫الموزعــة بنحــو اسـ‬
‫ّ‬ ‫العديــدة‪،‬‬
‫لــم أبتعــد أبــد ًا أكثــر مــن ‪ 100‬قــدم عــن مراكــز تنــاول وجبــات طازجــة‬
‫دراجــات غوغــل الهوائيــة‬ ‫وصحيــة‪ .‬بعــد الغــداء‪ ،‬ركبــت إحــدى ّ‬
‫ـول فــي أرجــاء ذلــك الصــرح الضخــم‪ ،‬ورأيــت حوض‬ ‫المجانيــة للتجـ ّ‬
‫الســباحة‪ ،‬المملــوء بموظفيــن يســتمتعون بلعــب كــرة المــاء‪ .‬ال عجــب‬
‫أن موظفــي غوغــل ســعيدون!‬
‫بالنســبة إلــى أحــد أولئــك الذيــن عملــوا فــي مكاتــب تقليديــة‪ ،‬قــد‬
‫يتســاءل مشــكك ًا عــن مقــدار العمــل الــذي ُينجــز فعـ ً‬
‫ا فــي تلــك البيئــة‪.‬‬
‫صممــت مكاتــب لمؤسســات مثــل‬ ‫تشــرح لوريــن جيرميــا‪ ،‬التــي قــد ّ‬
‫ودرب‪-‬بوكــس‪ ،‬ولوموســيتي (‪ ،)Lumosity‬أن تلك‬ ‫غوغــل‪ ،‬وفيســبوك‪ُ ،‬‬
‫الشــركات تــدرك أنــه «ال يمكــن االســتغناء عــن أصحــاب المواهــب‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وقــد ربطــوا نجــاح الشــركة بمــدى ســعادة النّــاس فــي مــكان العمــل»‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن مقارنــة «تجربــة» مكاتــب غوغــل بالســكن الطالبــي‪،‬‬
‫إال أنــه توجــد خلــف ذلــك األثــاث الرائــع والمرافــق المدهشــة فلســف ٌة‬
‫تنظيميـ ٌة تقــول إن المكتــب يمكــن ‪ -‬ويجــب ‪ -‬أن يكــون مكانـ ًا ملهمـ ًا‬
‫ومح ّفــز ًا للعامليــن‪ .‬المبانــي المريحــة رائعــة‪ ،‬ولكــن مــا يوجــد فــي‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الداخــل أكثــر أهم ّيــة بالتأكيــد‪.‬‬
‫يعــرف الســلو بــوك؛ نائــب الرئيــس التنفيــذي لشــؤون المــوارد‬
‫األولــي الــذي تثيــره غوغــل ليــس كافيــ ًا‬ ‫البشــرية‪ ،‬أن اإلعجــاب ّ‬
‫لضمــان بقــاء الموظفيــن علــى األمــد البعيــد‪ .‬يقــول‪« :‬ليــس مفاجئـ ًا‬
‫أن يبــدأ نوغلــرز (موظفــو غوغــل الجــدد) العمــل مملوئيــن تفــاؤالً‬ ‫‪190‬‬
‫وإثــارة‪ ،‬ولكــن شــعلة تلــك النزعــة الحماســية تخبــو بمــرور الوقت‪.‬‬
‫أخبرهــم مازحــ ًا فــي أغلــب الوقــت أن عليهــم تمالــك أنفســهم؛‬
‫ألنهــم لــن يكونــوا ســعيدين هنــا أكثــر مــن يومهــم األول‪ .‬ســيتراجع‬
‫ذلــك بمــرور الوقــت! قــد تكــون شــعرت بذلــك فــي عملــك‬
‫الخــاص‪ :‬اليــوم األول ممتــاز‪ ،‬ولكــن اليــوم األول بعــد األلــف‬
‫ليــس رائعــ ًا تمامــ ًا»‪ .29‬يصــف بــوك مــا ُيعــرف فــي علــم النفــس‬
‫للســعادة»‪ ،‬أو النزعــة للعــودة إلــى المســتوى‬ ‫بأنــه «الحلقــة المفرغــة ّ‬
‫ٍ‬
‫الســعادة بغــض النظــر عــن وقــوع أحــداث إيجاب ّيــة أو‬
‫األساســي مــن ّ‬
‫ـلبية رئيســة‪ ،‬أو تغييـ ٍ‬
‫ـرات كبيــرة فــي الحيــاة‪.‬‬ ‫سـ ٍ‬

‫المدون ِس ْيد فينش هذه التجربة ساخر ًا‪:‬‬


‫ّ‬ ‫يحاكي‬
‫إذ ًا تحصــل علــى وظيفــة رائعــة‪ ،‬وتمضــي أســبوعك األول‬
‫فــي ســكموغل‪ .‬إنــه مــكان مدهــش جــدًّ ا‪ .‬تشــعر بأنــك عــدت‬
‫إلــى الكليــة! تقضــي وقــت الغــداء فــي المقهــى وتلتقــي أصدقــاء‬
‫دراجــات هوائيــة فــي أثنــاء االســتراحة‪ ،‬وتتل ّقــى‬ ‫جــدد‪ ،‬وتركــب ّ‬
‫كميــات كبيــرة مــن المعــدّ ات الجديــدة مثــل ماك‪-‬بــوك‪ ،‬وشاشــة‬
‫رائعــة‪ ،‬وهاتــف جديــد‪ .‬تف ّكــر‪« :‬يــا إلهــي‪ ،‬هــذا رائــع»‪ .‬مــن ثــم‬
‫يبــدأ العمــل فــي األســبوع الثانــي‪ .‬كنــت تعــرف أن هــذا ســيحدث‪،‬‬
‫ولكــن األســبوع األول كان مسـ ّلي ًا جــدًّ ا‪ ،‬مــا يجعلــك تنســى األمــر‬
‫بر ّمتــه‪ .‬وكمــا يحــدث غالبـ ًا‪ ،‬تنفــد حبــوب اإلفطــار بنكهــة القرفــة‬
‫المفضلــة لديــك ‪ -‬مــن مقهــى ســكموغل‪ ،‬فــي أثنــاء أســبوعك‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫األول مــن العمــل الحقيقــي‪ .‬عندمــا تســأل العامليــن فــي المطبــخ‬
‫إن كانــوا يخ ّططــون لجلبهــا قريبـ ًا‪ ،‬يقولــون إنهــم لــن يقدّ مــوا هــذا‬
‫النــوع مــن الحبــوب بعــد اآلن؛ ألنــه تبيــن أن الرئيــس التنفيــذي‬
‫يعانــي مــن حساســية مــن الغلوتيــن‪ .‬أنــت لــم تبــدأ العمــل فــي‬
‫ـر بالتأكيــد‪.‬‬‫ســكموغل لتنــاول حبــوب مجانيــة‪ ،‬ولكــن هــذا ال يضـ ُّ‬
‫‪191‬‬
‫مجــدد ًا‪ ،‬هــذا ليــس أمــر ًا مهمــ ًا‪ ،‬ولكــن مســتوى ســكموغل‬
‫ا فــي تصنيفــك(‪.)30‬‬ ‫انخفــض قلي ـ ً‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫األولــي‪،‬‬
‫شــعرت بالفضــول بشــأن ديمومــة تأثيــر اإلعجــاب ّ‬ ‫ُ‬
‫وبــدأت فــي ‪ 2014‬مشــروع ًا بحثيــ ًا مــع ألكــس تشانســون‪ ،‬وهــو‬
‫اختصاصــي محاســبة فــي غوغــل‪ ،‬الــذي ُك ّلــف بمرافقــة الموظفين‬
‫الجــدد‪ .‬شــرح ألكــس لــي أن كثيــر ًا مــن «النوغلــرز»‪« :‬يظنّــون‬
‫بالســعادة‬
‫أنهــم إذا حصلــوا علــى عمــل فــي غوغــل‪ ،‬سيشــعرون ّ‬
‫دائمـ ًا»‪ ،‬ولكــن هــذه النزعــة ّ‬
‫األوليــة تتالشــى بســرعة حيــن تتضــح‬
‫الحقيقــة‪ .‬للتخفيــف مــن هــذا التأثيــر بفاعليــة‪ ،‬أعــاد ألكــس‬
‫اإليجابــي‬
‫ّ‬ ‫تصميــم برنامــج التك ّيــف ليضــم مبــادئ علــم النفــس‬
‫مثــل اإلقــرار بالفضــل والتفكّــر‪ .‬وضعنــا معــ ًا اســتبانة لقيــاس‬
‫ســعادة «النوغلــرز» فــي شــهرهم األول مــن التدريــب‪ ،‬وســجلنا‬
‫بيانــات كل أســبوع لمراقبــة الفــروق فــي المواقــف والتو ّقعــات‪.‬‬
‫فــي نهايــة األســابيع األربــع‪ ،‬شــهدنا فــي الواقــع زيــادة قدرهــا ‪٪8‬‬
‫فــي عــدد «النوغلــرز» الذيــن يشــعرون أن غوغــل مــكان رائــع‬
‫للعمــل‪ .‬يشــرح تشانســون أن التدريــب ســاعد كمــا يبــدو علــى‬
‫نقــل «النوغلــرز» مــن نطــاق التفكيــر فــي «كيــف تجعلنــي غوغــل‬
‫ٍ‬
‫مزيــد مــن «مــاذا يمكــن أن أفعــل لزيــادة الرفــاه‬ ‫ســعيد ًا؟»‪ ،‬إلــى‬
‫فــي غوغــل؟»‪.‬‬
‫أ ّكــدت دراســة بحثيــة جديــدة هــذه الفرضيــة‪ ،‬التــي قدّ مهــا الســلو‬

‫مستقبل السعادة‬
‫بلــوك فــي مقــال لــه نشــرته مجلــة هارفــارد بزنــس ريفيــو‪ ،‬وكشــفت‬
‫يعرفــون أنفســهم بأنهــم قانعــون يكونــون أكثــر‬‫أن «الموظفيــن الذيــن ّ‬
‫منعــة ضــد التأثيــرات الســلب ّية لعــدم اإلحســاس بالرضا‪ ،‬وأن شــعورهم‬
‫بالســعادة يــدوم مــدة أطــول»(‪ .)31‬أخيــر ًا‪ ،‬نقــل مختبــر االبتكار في قســم‬
‫ّ‬
‫المــوارد البشــرية فــي غوغــل هــذه الفكــرة إلــى مســتوى آخــر‪ ،‬وأطلــق‬
‫مــا يأمــل بــأن يكــون دراســة تمتــد قرن ـ ًا تهــدف إلــى فهــم تأثيــرات‬ ‫‪192‬‬
‫الســعادة»(‪.)32‬‬
‫الســعادة علــى العمــل‪ ،‬وتأثيــرات العمــل علــى ّ‬ ‫ّ‬

‫تفهم غوغل أن البيئة يمكن أن تؤ ّثر على سعادتنا‪،‬‬


‫ولكن ال تحسم أمرها‪.‬‬

‫تفهــم غوغــل أن البيئــة يمكــن أن تؤ ّثــر علــى ســعادتنا‪ ،‬ولكــن ال‬


‫المقربيــن مــرة فــي شــركة تقانــة‬
‫ّ‬ ‫تحســم أمرهــا‪ .‬عمــل أحــد أصدقائــي‬
‫ضخمــة حاولــت نســخ بيئــة غوغــل بإنشــاء منزلــق لالنتقــال مــن طابــق‬
‫إلــى آخــر‪ ،‬ووضــع مناضــد كــرة طاولــة فــي مســاحات مكشــوفة‪ .‬علــى‬
‫كل حــال‪ ،‬يصــف صديقــي تجربتــه فــي تلــك الشــركة بأنهــا واحــدة‬
‫مــن أســوأ البيئــات التــي قــد عمــل فيهــا‪ ،‬بســبب عــدم االنســجام بيــن‬
‫تفضــل أن يكــون لديــك‪ :‬عمالــة إيجاب ّيــة‬
‫المديريــن والموظفيــن‪ .‬مــاذا ّ‬
‫عمــال عادييــن فــي مبنــى رائــع؟ (إنــه‬
‫ومنســجمة فــي مبنــى عــادي‪ ،‬أو ّ‬
‫ســنفضل‬
‫ّ‬ ‫نــوع مــن األســئلة الماكــرة؛ ألنــه إذا كان لنــا الخيــار فعــاً‪،‬‬
‫ٌ‬
‫وجــود قــوى عاملــة رائعــة فــي مبنــى رائــع!)‪.‬‬
‫يكــون األفــراد ثقافــة الشــركة‪ .‬يتمتّــع كل شــخص‪ ،‬ســوا ًء أكان‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫بخيــار فــي تكويــن البيئــة التــي يعمــل‬ ‫مديــر ًا أو موظــف اســتقبال‪،‬‬
‫ـار دائم ـ ًا‬
‫فيهــا عبــر طريقــة تفكيــره‪ ،‬وأفعالــه‪ .‬قــد ال يكــون لدينــا خيـ ٌ‬
‫بشــأن جــدول أعمالنــا‪ ،‬أو أولوياتــه‪ ،‬ولكــن هنــاك أشــياء فاعلــة يمكننــا‬
‫القيــام بهــا لكســب إحســاس بالســيطرة علــى ســعادتنا فــي العمــل‪.‬‬

‫سواء أكان مدير ًا‬


‫ً‬ ‫يكون األفراد ثقافة الشركة‪ .‬يتمتّع كل شخص‪،‬‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫بخيار في تكوين البيئة التي يعمل فيها عبر‬ ‫أو موظف استقبال‪،‬‬
‫طريقة تفكيره‪ ،‬وأفعاله‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫اقتراحات قد تجعلك �أكثر �سعادة‬
‫ـي‪،‬‬
‫الرقمـ ّ‬
‫ـتراتيجي‪ .‬فــي العصــر ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬فصــل المقبــس علــى نحــو اسـ‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫يتو ّقــع معظــم أصحــاب العمــل مــن الموظفيــن أن يبقــوا علــى‬


‫اتصــال بأعمالهــم عبــر البريــد اإللكترونــي‪ ،‬أو الهاتــف‪ ،‬أو‬
‫النصيــة‪ ،‬أو الفوريــة‪ ،‬أو كل مــا ورد آنف ـ ًا‪ .‬قــد يس ـ ّبب‬
‫الرســائل ّ‬
‫هــذا الوابــل المتواصــل مــن االتصــاالت إحباطــ ًا بنحــو ال‬
‫ُيصــدّ ق‪ ،‬إن لــم تكــن لــه آثــار ســلبية علــى اإلنتاج ّيــة‪ .‬علــى‬
‫الرغــم مــن أن العزلــة الكاملــة عــن البريــد اإللكترونــي أو‬
‫الهاتــف قــد ال تبــدو منطقيــة فــي عالــم األعمــال اليــوم‪ ،‬إال‬
‫أن االبتعــاد عــن التّقانــة‪ ،‬وإن يكــن وقت ـ ًا قصيــر ًا فقــط‪ ،‬ســيزيد‬
‫تركيــزك‪ ،‬ممــا يــؤ ّدي إلــى زيــادة قدرهــا ‪ %75‬فــي نجــاح‬
‫التّعــاون مــع آخريــن‪ ،‬و‪ % 88‬فــي كفــاءة التع ّلــم‪ ،‬و‪ %42‬فــي‬
‫فاعليــة التواصــل االجتماعــي(‪.)33‬‬
‫االبتعاد عن التّقانة‪ ،‬وإن يكن وقت ًا قصير ًا فقط‪ ،‬سيزيد‬
‫تركيزك‪ ،‬مما يؤ ّدي إلى زيادة قدرها ‪ ٪75‬في نجاح التّعاون‬
‫مع آخرين‪ ،‬و‪ ٪88‬في كفاءة التع ّلم‪ ،‬و‪ ٪42‬في فاعلية‬
‫التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫وإذن مــن جانــب مديــرك‪ ،‬فكّــر فــي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بمرونــة‬ ‫إذا حظيــت‬
‫إنشــاء رســالة قصيــرة مؤتمتــة للــرد علــى أشــخاص آخرين‬
‫فــي شــركتك‪ ،‬تشــرح فيهــا مــا تفعلــه ومتــى ســتعود (مثالً‪:‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أنــا بعيــد عــن بريــدي اإللكترونــي إلنهــاء هــذا المشــروع‪،‬‬
‫ـرت ســابق ًا أن شــون اســتخدم‬ ‫وســأعود بعــد ســاعة)‪ .‬ذكـ ُ‬
‫هــذه المقاربــة فــي شــركتنا حيــن كان يحــاول الوفــاء‬
‫بمواعيــد إنجــاز مشــروعات مع ّينــة‪ ،‬أو يغــادر فــي إجــازة‪،‬‬
‫وقــد جعلــت تلــك اإلشــارة أفــراد الفريــق يشــعرون براحــة‬
‫‪194‬‬
‫البــال؛ ألننــا عرفنــا كيــف نغ ّيــر توقعاتنــا لتلقــي ر ٍّد منــه‪.‬‬
‫ســرون فــي‬ ‫قــد تندهــش مــن عــدد الموظفيــن الذيــن س ُي ّ‬
‫الواقــع مــن رغبتــك فــي زيــادة مســتوى تركيــزك (الذيــن‬
‫يســتفيدون حتــى مــن مبادرتــك تلــك للتواصــل مــع‬
‫اآلخريــن؛ ألنهــم يرغبــون خفيــة فــي فعــل الشــيء نفســه)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫اســتراحات‬ ‫‪ .2‬إبعــاد الهاتــف عنــك‪ .‬إضافــة إلــى نيــل‬
‫مــن البريــد اإللكترونــي‪ ،‬يمكنــك أيضــ ًا إخفــاء هاتفــك‬
‫نصيــة‪ ،‬أو بريــد‬
‫الخلــوي‪ .‬لــن تجعلــك رؤيــة كل رســالة ّ‬
‫إلكترونــي‪ ،‬أو تنبيــه مــن وســائل التواصــل االجتماعــي‬
‫حيــن ورودهــا أكثــر ســعادة‪ ،‬أو تزيــد إنتاجيتــك بالتأكيــد‪.‬‬
‫تظهــر دراسـ ٌة حديثـ ٌة أن مجــرد وجــود هاتــف خلــوي قــد‬
‫يخفــض إنتاجيتــك وانتباهــك‪ ،‬فــي أثنــاء إنجــاز مهمــات‬
‫صعبــة مــن الناحيــة المعرفيــة(‪ .)34‬مــن أجــل التركيــز علــى‬
‫عملــك‪ ،‬أبعــد هاتفــك الخلــوي عــن مرمــى بصــرك (ضعه‬
‫فــي حقيبتــك‪ ،‬أو خلــف شاشــة حاســوبك‪ ،‬أو فــي درج)‪.‬‬
‫إذا لــم يكــن هــذا ممكن ـ ًا‪ ،‬أوقــف علــى األقــل التنبيهــات‬
‫ـماعات رأس‬ ‫غيــر الضروريــة‪ .‬يمكنــك أيض ـ ًا أن تضــع سـ ّ‬
‫عازلــة للضوضــاء لمســاعدتك علــى التركيــز‪.‬‬
‫تظهر دراس ٌة حديث ٌة أن مجرد وجود هاتف خلوي قد‬
‫يخفض إنتاجيتك وانتباهك‪ ،‬في أثناء إنجاز مهمات صعبة‬
‫من الناحية المعرفية‪.‬‬
‫‪ .3‬تحويــل مــكان عملــك إلــى روضــة‪ .‬يرتكــب كثيــر مــن‬
‫األشــخاص خطــأ محاولــة الكــدح فــي العمــل إلــى أن‬
‫‪195‬‬ ‫يحيــن وقــت الذهــاب إلــى المنــزل حيــث «حياتهــم‬
‫الحقيقيــة»‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬تكشــف األبحــاث أن‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫الشــخصية فــي العمــل مفيــد‬ ‫االســتثمار فــي مســاحتك ّ‬


‫لســعادتك وصحتــك‪ ،‬وقــد يزيــد أيض ـ ًا إنتاجيتــك بنســبة‬
‫‪ .)35( %15‬وجــدت إيمــي رزنيفســكاي؛ األســتاذ المســاعد‬
‫فــي الســلوك التنظيمــي فــي كليــة اإلدارة فــي جامعــة ييــل‪،‬‬
‫أن األفــراد الذيــن يرتبطــون بعملهــم علــى مســتوى أعمــق‬
‫ـو عــا ٍم فــي عملهــم‬‫مــن اآلخريــن يكونــون أكثــر رضــا بنحـ ٍ‬
‫وحياتهــم‪ .‬إذا كنــت تعمــل فــي حجــرة خاصــة أو مــكان‬
‫مشــترك مــع آخريــن‪ ،‬امنــح نفســك وقتــ ًا لتجــد طرقــ ًا‬
‫صغيــرة لوصــل حياتــك المنزليــة بحياتــك المهنيــة‪ ،‬ســوا ًء‬
‫أكان ذلــك عبــر الصــور‪ ،‬أو الفــن علــى الجــدران‪ ،‬أو شــيء‬
‫ـد‬ ‫أكثــر قابليــة للنقــل مثــل مف ّكــرة يوميــة‪ .‬مــن أجــل مزيـ ٍ‬
‫مــن الراحــة‪ ،‬اجلــب نبات ـ ًا إلــى العمــل لتخفيــف التو ّتــر‪،‬‬
‫وخفــض ضغــط الــدم‪ ،‬والشــعور بمزيــد مــن اليقظــة(‪.)36‬‬

‫تكشف األبحاث أن االستثمار في مساحتك ّ‬


‫الشخصية في العمل‬
‫مفيدة لسعادتك وصحتك‪ ،‬وقد تزيد أيض ًا إنتاجيتك بنسبة ‪٪15‬‬
‫‪ .4‬تن ّفــس الحيــاة فــي مــكان عملــك‪ .‬إحــدى أفضــل الســبل‬
‫للتأثيــر علــى شــعورك بشــأن بيئــة عملــك هــي أن تبــدأ‬
‫اليــوم بالتفكّــر‪ .‬هــذا يعنــي أشــياء شــتّى ألشــخاص‬

‫مستقبل السعادة‬
‫مختلفيــن‪ ،‬ولكــن مــن أجــل هــذا التمريــن‪ ،‬إليــك مــا‬
‫ِ‬
‫اقــض‬ ‫اقترحــه عليــك‪ :‬عندمــا تصــل إلــى المكتــب‪،‬‬
‫دقيقتيــن قبــل أن تشـ ّغل حاســوبك‪ ،‬وأغلــق عينيــك ور ّكــز‬
‫علــى الشــهيق والزفيــر‪ .‬ال يســهم اقتطــاع بضــع دقائــق مــن‬
‫وقتــك للجلــوس بصمــت والتن ّفــس بتركيــز فــي تغييــر‬ ‫‪196‬‬
‫الطريقــة التــي تــرى فيهــا عملــك فقــط‪ ،‬وإنمــا في تحســين‬
‫الدقــة (بنســبة ‪ ،%10‬وفقــ ًا لبعــض االختبــارات)‪ ،‬وزيــادة‬
‫ســعادتك‪ ،‬وخفــض مســتوى تو ّتــر اآلخريــن فــي فريقــك‪،‬‬
‫حتــى إذا لــم يســتغرقوا فــي التف ّكــر(‪ .)37‬يــؤ ّدي هــذا الهــدوء‬
‫فــي بدايــة اليــوم إلــى راحــة ذهنــك‪ ،‬فتبــدأ العمــل بنشــاط‬
‫«أي قضيــة ســأعالج أوالً؟»‪.‬‬ ‫بــدالً مــن طريقــة تفكيــر ّ‬
‫يمكــن أن تفعــل هــذا أيضـ ًا حيــن تعــود إلــى مكتبــك مــن الغــداء‬
‫(مــن المفيــد نيــل اســتراحة للغــداء بــدالً مــن تنــاول الطعــام‬
‫خلــف الطاولــة يومــ ًا بعــد آخــر‪ ،‬حتــى إذا كانــت نزهــة قصيــرة‬
‫فقــط حــول المبنــى لتعزيــز اإليجاب ّيــة مــن الوجــود فــي الخــارج‪،‬‬
‫بعيــد ًا عــن التّقانــة والعمــل)‪ .‬ليــس ســه ً‬
‫ال خــرق ثقافــة مــكان‬
‫العمــل بتنــاول الغــداء إلــى الطاولــة‪ ،‬والبقــاء حتــى وقــت متأخــر‪،‬‬
‫وتفويــت الســاعة الســعيدة (وقــت تخفيــض أســعار المطاعــم) من‬
‫أجــل إنهــاء مشــروع تعمــل عليــه! يجــب أن نتخ ّلــص بنحـ ٍ‬
‫ـو وا ٍع‬
‫مــن عــادات كســبناها عــن والدينــا‪ ،‬أو أســاتذتنا‪ ،‬أو مديرينــا‪ .‬إذا‬
‫كانــت الثقافــة فــي مــكان عملــك ال تــزال تســتخدم مقاربــة حجــر‬
‫الرحــى‪ ،‬يجــب أن تُقــدم علــى تلــك الخطــوة الشــجاعة إلجــراء‬
‫هــذه التغييــرات الصغيــرة (والمســموحة قانونــ ًا!) بالحصــول‬
‫علــى اســتراحات مدتهــا خمــس عشــرة دقيقــة‪ ،‬وتنــاول الغــداء‬
‫فــي الخــارج أو بعيــد ًا عــن طاولتــك علــى األقــل‪ ،‬والبــدء بالكــد‬
‫بعــد قضــاء دقيقتيــن فــي التن ّفــس كل صبــاح‪.‬‬
‫‪ .5‬إنتــاج ثقافــة التواصــل‪ .‬عندمــا نتكلــم عــن عــادات غــداء‬
‫العمــل‪ ،‬لــن تصــدّ ق عــدد النّــاس الذيــن التقيــت بهــم‬
‫وقالــوا إنهــم يأكلــون الغــداء بمفردهــم كل يــوم‪ .‬فــي أفضليــة‬
‫‪197‬‬
‫الســعادة‪ ،‬يكتــب شــون أن الدعــم االجتماعــي يعــدُّ إحــدى‬ ‫ّ‬
‫أقــوى مؤشــرات ســعادتك طويلــة األمــد‪ .‬تُب ّيــن إحــدى‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫لــدي أن الدعــم االجتماعــي يــدل‬


‫ّ‬ ‫المفضلــة‬
‫ّ‬ ‫اإلحصائيــات‬
‫علــى طــول الحيــاة التــي ستعيشــها مثــل مؤشــرات البدانــة‪،‬‬
‫وضغــط الــدم المرتفــع‪ ،‬والتدخيــن‪ .‬يــا للروعــة! يشــرح‬
‫مخصــص لتنــاول الطعــام‪،‬‬
‫بعــض النّــاس أنــه ال يوجــد مــكان ّ‬
‫أو أنهــم يأكلــون الغــداء فــي عجلــة مــن أمرهــم ليصلــوا إلــى‬
‫المنــزل فــي أقــرب وقــت ممكــن‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬يع ّبــر‬
‫هــؤالء األفــراد أنفســهم عــن عــدم الرضــا بشــأن نقــص‬
‫التواصــل فــي المكتــب‪.‬‬
‫ُّ‬
‫يدل الدعم االجتماعي على طول الحياة التي ستعيشها مثل‬
‫مؤشرات البدانة‪ ،‬وضغط الدم المرتفع‪ ،‬والتدخين‪.‬‬
‫عــرف أصحــاب العمــل أهم ّيــة انســجام القــوى العاملــة‪،‬‬
‫وقــد بــدؤوا تضميــن أســئلة فــي اســتباناتهم الســنوية‬
‫بشــأن الدعــم االجتماعــي الــذي يتلقــاه موظفيهــم‪ .‬علــى‬
‫قررنــا فــي جود‪-‬ثنــك دراســة مــا ســيحدث إذا‬ ‫كل حــال‪ّ ،‬‬
‫عكســنا تلــك األســئلة‪ .‬بــدالً مــن الســؤال عــن مقــدار‬
‫الدعــم الــذي يتلقــاه الموظفــون‪ ،‬بدأنــا نطــرح علــى‬
‫العامليــن أســئلة مثــل‪ :‬هــل تســاعد اآلخريــن حيــن‬

‫مستقبل السعادة‬
‫يجــدون أنفســهم مثقليــن بأعبــاء عملهــم؟ هــل تبــادر‬
‫إلــى تقديــم دعــم اجتماعــي؟ هــل يــراك النّــاس شــخص ًا‬
‫يمكنهــم الحديــث معــه؟ وبعــد توزيــع هــذه االســتمارة‬
‫علــى آالف الموظفيــن‪ ،‬وجدنــا أن العامليــن الذيــن‬
‫قدّ مــوا دعمـ ًا اجتماع ًّيــا آلخريــن أكثــر ارتباطـ ًا بأعمالهــم‬
‫بعشــرة أضعــاف‪ ،‬ويزيــد تلقيهــم الدعــم بالمقابــل بنســبة‬ ‫‪198‬‬

‫‪%40‬عــن اآلخريــن‪.‬‬
‫إذا أردت إنشــاء ثقافــة ترابــط وانســجام‪ ،‬ســيعود أمــر‬
‫فعــل هــذا إليــك وحــدك‪ .‬ابــدأ بالســاعة الســعيدة بعــد‬
‫ا إلــى الغــداء‪ ،‬واعــرف أســماء كل‬ ‫وادع زميــ ً‬
‫ُ‬ ‫العمــل‪،‬‬
‫ـدرب علــى إلقــاء التحيــة‬ ‫الموظفيــن بالقــرب منــك‪ ،‬وتـ ّ‬
‫علــى اآلخريــن فــي المبنــى‪ .‬تعــدُّ هــذه الممارســات‬
‫ـون‬‫البســيطة أســاس إنشــاء ثقافــة ترابــط وانســجام‪ ،‬وتكـ ّ‬
‫فــي نهايــة المطــاف ميثاقـ ًا اجتماع ًّيــا ّ‬
‫للســعادة فــي مــكان‬
‫أي شــخص‪،‬‬ ‫العمــل فــي المســتقبل‪ .‬وتذكّــر‪ ،‬يســتطيع ّ‬
‫وفيهــم األدنــى مكانــة علــى الســلم المهنــي‪ ،‬ممارســة‬
‫هــذه العــادات‪.‬‬
‫�إذا كنت مدير ًا ‪...‬‬
‫علــى الرغــم مــن كــون الموظفيــن مســؤولين أساسـ ًا عــن ســعادتهم‬
‫فــي العمــل‪ ،‬إال أن المديريــن يســتطيعون التأثيــر علــى ثقافــة الشــركة‬
‫الشــركات‬ ‫بتشــجيع البيئــة التــي تعـ ّـزز ســعادة العامليــن‪ .‬اســتخدمت ّ‬
‫طــوال أعــوام نظامـ ًا هرميـ ًا لتوزيــع المكاتــب‪ ،‬إذا اســتلمت مكتبـ ًا لــه‬
‫نوافــذ عنــد الزاويــة‪ ،‬ســتعرف أنــك قــد وصلــت إلــى مبتغــاك‪ .‬يتســاءل‬
‫ـزود بنوافــذ تمتــد مــن‬
‫العاملــون اليــوم‪ :‬مــا نفــع المكتــب الجيــد‪ ،‬المـ ّ‬
‫ـظ إطالقـ ًا بوقــت لتنظــر مــن النافذة‬
‫الســقف إلــى األرضيــة‪ ،‬إذا لــم تحـ َ‬
‫وتســتمتع بالمنظــر الجميــل لزيــادة تفكيــرك اإلبداعــي؟‬
‫الشــركات‬‫يصــدّ ق المعمــاري كاليــف ويلكينســون أن كثيــر ًا مــن ّ‬
‫مقراتهــا‪.‬‬
‫األمريكيــة يجــب أن تحــذو حــذو غوغــل فــي تصميــم ّ‬
‫وجــدت دراســة أجرتهــا مانجمنــت تــوداي (‪)Management Today‬‬
‫‪199‬‬
‫أن ‪ %94‬مــن المشــاركين عــدّ وا أماكــن عملهــم رمــز ًا لتقديرهــم مــن‬
‫قبــل أصحــاب عملهــم‪ ،‬لكــن ‪ %39‬منهــم فقــط ظنّــوا أن مكاتبهــم قــد‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫ُص ّممــت مــن أجــل راحــة النّــاس‪ .‬وجــد ‪ %25‬مــن موظفــي المكاتــب‬
‫األمريكييــن أن أماكــن عملهــم كئيبــة أو مثيــرة لإلحبــاط(‪ .)38‬يتابــع‬
‫أي‬
‫ويلكينســون‪« :‬تتبــدّ ل الطريقــة التــي نعمــل بهــا‪ ،‬ولكــن ال يطــرأ ّ‬
‫تغييــر ُيذكــر علــى عاداتنــا‪ .‬إذا أردنــا أن يعمــل النّــاس بطريقــة مختلفــة‪،‬‬
‫التحــول»(‪.)39‬‬
‫ّ‬ ‫يجــب أن نســاعدهم علــى إجــراء ذلــك‬
‫مؤســس سوســيومتريك سوليوشــنز (‪Sociometric‬‬
‫يشــرح بن ويبــر؛ ّ‬
‫‪ )Solutions‬فــي بوســطن‪ ،‬أن‪« :‬أكبــر دافــع لــأداء فــي صناعــات مع ّقدة‬
‫الصدفــة‪ .‬مــن أجــل حــدوث هذا‪،‬‬ ‫مثــل البرمجيــات هــو التفاعــل وليــد ّ‬
‫تحتــاج أيض ـ ًا إلــى وجــود مجتمــع فاعــل حولــك‪ .‬هــذا يعنــي أنــه إذا‬
‫أصابــك إرهــاق‪ ،‬ســتجد شــخص ًا يســاعدك‪ ،‬ويمــد لــك يــد العــون‪.‬‬
‫إذا كان لديــك أصدقــاء‪ ،‬ســتكون أكثــر ســعادة‪ ،‬ووالء‪ ،‬وإنتاجيــة‪ .‬تنظــر‬
‫غوغــل إلــى هــذا بطريقــة ُك ّليــة‪ .‬إنهــا نقيــض فرضيــة نمــوذج المعمــل‬
‫القديــم‪ ،‬حيــث يعــدُّ النّــاس مجــرد مسـنّنات فــي آلــة»‪.‬‬
‫عمــا يعــد «ثقافــة جيدة‬
‫علــى الرغــم مــن عــدم وجــود اتفــاق شــامل ّ‬
‫للشــركة»‪ ،‬إال أنــه ال يمكــن إنــكار أن تصميــم مــكان العمــل يلعــب‬
‫دور ًا فــي التأثيــر علــى ســلوك الموظفيــن‪ .‬ال تســتطيع كل شــركة ‪ -‬وال‬
‫الشــركات الباحثــة عن‬ ‫تريــد ‪ -‬أن تكــون غوغــل‪ ،‬ولكــن بالنســبة إلــى ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫التدخــات إليجــاد تغييــر فــي ثقافتهــا‪ ،‬إليــك بعــض أفضــل‬ ‫ّ‬ ‫أســرع‬
‫االســتراتيجيات لتحقيــق رفــاه الموظفيــن‪ ،‬التــي يمكــن ألي شــركة‪،‬‬
‫أي حجــم‪ ،‬تطبيقهــا‪.‬‬
‫مــن ّ‬

‫اقتراحات قد تجعلك �أكثر �سعادة‬


‫‪200‬‬
‫‪ .1‬التشــجيع علــى التفاعــل بيــن األقســام‪ .‬أعــد ترتيــب األثاث‬
‫فــي مكتبــك لتشــجيع موظفي قســم المحاســبة علــى المرور‬
‫بجانــب القســم القانونــي‪ .‬ضــع الفتــات علــى ّعــدة مداخــل‬
‫تشــجع الموظفيــن علــى اســتخدام البوابــة‬ ‫ّ‬ ‫ومخــارج‬
‫الرئيســة‪ .‬قــد يكــون لتبديــل ترتيــب المكتــب أو الطــاوالت‬
‫تأثيــر كبيــر فــي الواقــع علــى ســهولة التواصــل ضمــن‬
‫المكتــب بزيــادة اللقــاءات ال َع َرضيــة‪ .‬فــي دراســة حديثــة‪،‬‬
‫قــال ‪ %60‬مــن المشــاركين فــي اســتبانة أجراهــا مجلــس‬
‫المكاتــب البريطانــي إن العمــل فــي مــكان غيــر تقليــدي قــد‬
‫والمصمــم ديفيــد‬
‫ّ‬ ‫حســن إنتاجيتهــم(‪ .)40‬أخبــر المعمــاري‬‫ّ‬
‫ـهل التفاعــات بين‬ ‫روكويــل بلومبــرغ بزنــس أن منشــآته تسـ ّ‬
‫الموظفيــن بإيجــاد «جــداول نشــاطات» داخــل المكتــب‪.‬‬
‫الشــركات أن تعمــل علــى «توســيع األروقــة‪،‬‬ ‫يقتــرح علــى ّ‬
‫كل منهــا ‪ ...‬إذا أردت تشــجيع‬ ‫ووضــع مكافــأة فــي نهايــة ٍ‬
‫حريــة الحركــة فــي إحــدى المكاتــب‪ ،‬ضــع فيــه نوعــ ًا‬
‫مــن العالمــات‪ .‬كانــت تلــك شــيئ ًا متعــارف عليــه‪ ،‬مبـ ّـردة‬
‫مــاء‪ ،‬أو قــد تكــون ســاعة جداريــة‪ .‬لكــن قــد تكــون اآلن‬
‫مجــرد قاعــة مؤتمــرات»(‪ .)41‬تقــدّ م قاعــات االجتماعــات‬
‫مصممــة‬‫ّ‬ ‫المفتوحــة فســح ًة للقــاءات عفويــة أيض ـ ًا‪ .‬تفخــر‬
‫الديكــور لوريــن جيرميــا بابتــكار مســاحات أكثــر مــن كافيــة‬
‫يشــجع وجــود أكثــر مــن قاعــة اجتماعــات‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫للتعــاون‪.‬‬
‫تجمــع واحــدة‪ ،‬الموظفيــن علــى اللقــاء والعمــل‬ ‫منطقــة ّ‬
‫مع ـ ًا بســهولة‪.‬‬
‫‪ .2‬االســتثمار فــي رفــاه الموظفيــن‪ .‬قــد يبــدو هــذا أمــر ًا‬
‫‪201‬‬ ‫بســيط ًا‪ ،‬ولكــن كمــا يقــول شــقيقي غالبــ ًا‪« :‬ال تكــون‬
‫الشــركات تقديــم‬ ‫الحصافــة صفــة عا ّمــة دائم ـ ًا»‪ .‬تســتطيع ّ‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫صح ّيــة فــي المكتــب‪ ،‬وتحفيــز الموظفيــن علــى‬ ‫أغذيــة ّ‬


‫ٍ‬
‫كــراس مريحــة‬ ‫التحــرك بحريــة فــي المكاتــب‪ ،‬وتقديــم‬ ‫ّ‬
‫لهــم‪ ،‬مــا يــؤ ّدي إلــى توفيــر أمــوال تُصــرف علــى الرعايــة‬
‫الصحيــة علــى المــدى الطويــل‪ .‬أضــف إلــى ذلــك‪ ،‬يكــون‬ ‫ّ‬
‫الموظفــون األفضــل صحــ ًة أكثــر ســعادةً‪ ،‬واألهــم أكثــر‬
‫إنتاج ّيــة أيضــ ًا(‪ .)42‬يشــرح ألكــس هاســام أن «تصميــم‬
‫المكاتــب ال يحمــي النّــاس مــن آالم الظهــر فقــط‪ ،‬وإنمــا‬
‫يؤ ّثــر علــى مقــدار إنجازاتهــم‪ ،‬ومبادرتهــم‪ ،‬ورضاهــم‬
‫المهنــي بنحــو عــام أيضــ ًا ‪ ...‬قــد يكــون لــكل هــذا‬
‫أي حجــم‪ ،‬إال أن‬ ‫تأثيــر كبيــر بالنســبة إلــى شــركات مــن ّ‬
‫الموظفيــن ال يف ّكــرون ‪ -‬إال نــادر ًا ‪ -‬فــي النتائــج النفســية‬
‫للطريقــة التــي يتعاملــون بهــا مــع أماكــن عملهــم‪ .‬يمكــن‬
‫زيــادة رفــاه الموظفيــن وإنتاجيتهــم بأقــل تكلفــة ممكنــة‪،‬‬
‫إذا أولينــا مزيــد ًا مــن االهتمــام الحتياجاتهــم»(‪.)43‬‬
‫قـ ّـررت ســيغنا (‪ )Cigna‬اعتمــاد مقاربــة مبتكــرة لتحقيــق الرفاه‪،‬‬
‫وقدّ مــت «اســتراحة مدتهــا دقيقتــان» فــي حجيرتهــا المشــهورة‬
‫جــدًّ ا للراحــة(‪ُ .)44‬يدعــى الموظفــون للجلــوس علــى كرســي‬
‫وثيــر يشــبه البيضــة‪ ،‬وتجربــة نظــارات أوكولــوس للواقــع‬

‫مستقبل السعادة‬
‫االفتراضــي‪ ،‬وقضــاء دقيقتيــن فــي التفكّــر لتخفيــف التوتّــر‬
‫ومنــح أذهانهــم بعــض الراحــة قبــل العــودة إلــى العمــل‪ .‬إذا‬
‫لــم تكــن ميزانيتــك تســمح بهــذا‪ ،‬ف ّكــر فــي بعــض المبــادرات‬
‫الشــخصية األخــرى منخفضــة التكلفــة التــي يمكنــك القيــام‬ ‫ّ‬
‫بهــا فــي المكتــب (وشــاطرني ذلــك عبــر وســائل التواصــل‬
‫‪202‬‬
‫مدونــة تقانــة‬
‫االجتماعــي ألتمكــن مــن نشــر الخبــر علــى ّ‬
‫الســعادة ‪.)HappyTechBlog.com‬‬ ‫ّ‬
‫‪ .3‬إيجــاد بيئــة تســاعد علــى االبتــكار‪ .‬إذا أردت أن يكــون‬
‫الموظفــون أكثــر ابتــكار ًا‪ ،‬يجــب أن تســاعدهم مكاتبهــم‬
‫علــى ذلــك‪ .‬قــد يعنــي هــذا تبديــل طاولــة وكرســي ببعض‬
‫الملونــة‪ ،‬أو اســتبدال مصبــاح ســاطع‬
‫ّ‬ ‫الوســائد األرضيــة‬
‫غيــر تقليــدي بضــوء الســقف الباهــت‪ .‬أو يمكنــك تقليــد‬
‫نمــوذج «المكاتــب المشــتركة» مــن ديلويــت (‪،)Deloitte‬‬
‫حيــث ال يســتخدمون الطــاوالت إال عنــد الحاجــة إليهــا‬
‫فقــط‪ .‬عوضـ ًا عــن ذلــك‪ ،‬لــدى ديلويــت ‪ 1000‬منضــدة لـــ‬
‫‪ 2500‬موظــف‪ ،‬وتقــدّ م مقاعــد مريحــة أو مقاهــي يمكــن أن‬
‫يســتخدمها العاملــون متــى مــا أرادوا ذلــك‪ .‬جــرى اعتمــاد‬
‫هــذه الفلســفة‪ ،‬التــي تدعــى «طريقــة جديــدة فــي العمــل»‪،‬‬
‫إلبعــاد النّــاس عــن مواقعهــم الثابتــة‪ ،‬وطــرق التفكيــر‬
‫المتز ّمتــة‪ ،‬وتشــجيعهم علــى إنشــاء عالقــات جديــدة‪،‬‬
‫الصدفــة‪ ،‬واالســتخدام األمثــل‬
‫وتحفيــز تفاعــات وليــدة ّ‬
‫للمســاحات المتوافــرة(‪.)45‬‬
‫يشــجع إبــراز عمــل‬‫ّ‬ ‫‪ .4‬عــرض أفضــل أفــكار موظفيــك‪.‬‬
‫أحــد الموظفيــن عامليــن آخريــن علــى الظفــر بذلــك‬
‫مجمــع مختبــر الوســائط فــي معهــد‬ ‫ّ‬ ‫الشــرف‪ .‬قــدّ م‬
‫صممــه فوميهيكــو ماكــي‪،‬‬ ‫ماساشوســتس للتّقانــة‪ ،‬الــذي ّ‬
‫هــذه الفكــرة لتحويــل مســاحة صناعيــة مثقلــة بالتّقانــة‬
‫إلــى عــرض علنــي يشــبه مــا تقدّ مــه المتاحــف‪ ،‬حيــث‬
‫يســتطع المــرء مشــاهدة المســتقبل ينكشــف للعيــان‬
‫‪203‬‬
‫أمامــه‪ .‬كان الهــدف تحقيــق أفضــل شــفافية ممكنــة‬
‫للســماح بمزيــد مــن التّعــاون‪ ،‬والتنافــس‪ ،‬واالبتــكار‪،‬‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫وبنــاء ديموقراطيــة أفضــل مــن قبــل(‪ .)46‬يقــول ديمتريــس‬


‫بابانيكــوالو؛ أحــد العامليــن فــي مختبــر الوســائط‬
‫حاليــ ًا‪« :‬يعــدُّ مختبــر الوســائط قفيــر ًا ضخمــ ًا يشــهد‬
‫نشــاط ًا منقطــع النظيــر‪ ،‬وعمليــة تع ّلــم غيــر تقليديــة‪،‬‬
‫ويجمــع أفــكار ًا‪ ،‬وأشــخاص ًا‪ ،‬وتقانــة‪ ،‬ومــوارد لتجســيد‬
‫أكثــر المشــروعات غرابــ ًة بنحــو تعاونــي‪ .‬يشــتهر‬
‫المــكان بأنــه يخــرق الحــدود الصارمــة‪ ،‬ويبــدو أحيان ـ ًا‬
‫مثــل ســفينة فضــاء مــن الخيــال العلمــي‪ ،‬وفــي أحيــان‬
‫أخــرى مثــل روضــة أطفــال تســودها الفوضــى‪ ،‬وفــي‬
‫أوقــات غيرهــا مثــل متحــف بدائــي»(‪.)47‬‬
‫�أين نتع ّلم؟‬
‫تخ ّيــل مــدارس المســتقبل‪ ،‬التــي تســتحوذ فيهــا الصفــوف علــى‬
‫ـورت طالبـ ًا يجلســون فــي قاعــة‪ ،‬ف ّكــر‬ ‫اهتمــام التالميــذ بالكامــل‪ .‬إذا تصـ ّ‬
‫مجــدد ًا‪ .‬يقــول مقــال فــي نشــرة ذي إيــج (‪ّ ،)The Age‬‬
‫ومقرهــا ملبــورن‬
‫فــي اســتراليا‪« :‬فــي القــرن اآلتــي‪ ،‬لــن تكــون المــدارس التــي نعرفهــا‬
‫اآلن موجــودة‪ .‬ســتظهر مكانهــا مراكــز مجتمعيــة تعمــل ســبعة أيــام فــي‬
‫األســبوع‪ ،‬وأربع ـ ًا وعشــرين ســاعة فــي اليــوم‪ .‬إذا كنــت تجــد صعوبــة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫قــررت وزارة‬ ‫فــي تخ ّيــل هــذا االنتقــال‪ ،‬لــن تكــون وحيــد ًا فــي هــذا‪ّ .‬‬
‫التربيــة فــي اســتراليا فــي الواقــع إنشــاء مدرســة افتراضيــة تدعــى «ابتدائيــة‬
‫ســاحل البحــر» لتكــون نموذجــ ًا لطريقــة العمــل بهــذا األســلوب(‪.)48‬‬
‫يشــرح مديــر مدرســة ســاحل البحــر بالوكالــة أن «[التّقانــة] قــد غ ّيــرت‬
‫بــؤرة االهتمــام مــن تدريــس األطفــال إلــى تع ّلــم األطفــال»‪.‬‬
‫‪204‬‬
‫مؤسســة أكاديميــة فيوجــن (‪)Fusion‬‬ ‫توافــق ميشــيل روز غيلمــان؛ ّ‬
‫فــي الواليــات المتحــدة‪ ،‬علــى هــذا الــرأي‪ .‬فــي ‪ ،1989‬كانــت غيلمــان‬
‫مع ّلمــة بارعــة ترغــب بتغييــر العالــم‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬عندمــا بــدأت‬
‫التدريــس‪ُ ،‬أصيبــت باإلحبــاط بســرعة بســبب نقــص العامليــن فــي‬
‫المــدارس‪ ،‬وضعــف تمويلهــا‪ ،‬ورتابتهــا‪ .‬الحظــت إهمــال الجانبيــن‬
‫العاطفــي واالجتماعــي فــي حيــاة الطــاب‪ ،‬ممــا يــؤ ّدي إلــى خمولهــم‬
‫بــدالً مــن ازدهارهــم‪ .‬أطلقــت لهــذا الســبب مشــروع ًا نموذجيـ ًا للتعليــم‬
‫تحــول فــي نهايــة المطــاف إلــى‬ ‫ّ‬ ‫الخــاص واإلرشــاد النفســي‪ ،‬الــذي‬
‫أكاديميــة فيوجــن‪« :‬مجتمــع تعليــم ثــوري حيــث تفتــح العالقــات‬
‫اإليجاب ّيــة‪ ،‬وغــرف الــدرس التــي تضــم مع ّلم ـ ًا وتلميــذ ًا واحــد ًا فقــط‪،‬‬
‫آفــاق اإلمكانــات األكاديميــة لــدى كل طالــب‪ ،‬وتُوجــد فرصــ ًا لنمــو‬
‫عاطفــي واجتماعــي»‪ .‬تمتلــك فيوجــن اآلن شــبكة مــن المــدارس‬
‫الخاصــة اإلعداديــة والثانويــة المجــازة للصفــوف مــن الســادس حتــى‬
‫الثانــي عشــر‪ ،‬وتقــدّ م دروســ ًا فــي التع ّلــم الذاتــي‪ ،‬ومناهــج معدّ لــة‬
‫لتالئــم اهتمامــات كل طالــب‪ ،‬ونقــاط قوتــه‪ ،‬والتحدّ يــات التــي‬
‫يواجههــا‪ ،‬وأســلوبه فــي تلقــي المعرفــة‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن أن نمــوذج فيوجــن فــي صفــوف معلــم وتلميــذ‬
‫ا لتلبيــة احتياجــات أســاليب التعليــم الفريــدة‪ ،‬وال‬ ‫مصمــم فعـ ً‬
‫ّ‬ ‫واحــد‬
‫ا شــامالً‪ ،‬إال أن فكــرة التع ّلــم الذاتــي مــن قبــل الطــاب تبــدو‬
‫تعــد حـ ً‬
‫ـي العالمــي‬
‫الرقمـ ّ‬
‫رائعــة‪ .‬تنشــر مؤسســات مثــل صنــدوق المواطــن ّ‬
‫أفضــل الممارســات واألفــكار الن ّيــرة بيــن مر ّبيــن فــي دول مختلفــة‪،‬‬
‫وتســاعدهم علــى تطويــر بيئــات تعليميــة حديثــة فــي مدارســهم‬
‫وصفوفهــم تســهم فــي إرشــاد التالميــذ نحــو تو ّلــي زمــام تعليمهــم‪،‬‬
‫وتطويــر تفكيــر نقــدي ضــروري لنموهــم واســتقالليتهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مفتوحــة‬ ‫ٍ‬
‫مســاحات‬ ‫يركّــز تصميــم «مراكــز التع ّلــم» حاليــ ًا علــى‬
‫‪205‬‬
‫للتعليــم‪ ،‬وتعــاون أكبــر بيــن التالميــذ‪ .‬بالطريقــة نفســها التــي تغ ّيــرت‬
‫بهــا حجــرات المكاتــب التقليديــة إلــى مســاحات مشــتركة بيــن‬
‫استراتيجية ‪3‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫ـتتحول صفــوف المقاعــد إلــى غــرف ص ّفيــة متن ّقلــة مــع‬ ‫العامليــن‪ ،‬سـ ّ‬
‫متجوليــن‪ .‬عندمــا زرت مؤسســة إكس‪-‬برايــز (‪،)XPRIZE‬‬ ‫ّ‬ ‫مدرســين‬‫ّ‬
‫أتذ ّكــر رؤيــة مح ّطــة عمــل بعيــدة تتحـ ّـرك فــي أرجــاء المكتــب؛ كانت‬
‫حاســوب ًا ذاتــي الحركــة علــى عجــات يتح ّكــم فيهــا شــخص علــى‬
‫الطــرف اآلخــر مــن العالــم‪ ،‬الــذي كان «يــزور» المكتــب للتعــاون‬
‫مــع المنظمــة بشــأن إحــدى المشــروعات‪ .‬بعــد عــدّ ة شــهور فقــط‪،‬‬
‫ـمى قاعــة إيفانــز فــي كليــة‬
‫تجولــت فــي المبنــى الحديــث جــدًّ ا المسـ ّ‬‫ّ‬
‫اإلدارة فــي جامعــة ييــل‪ ،‬ورأيــت أشــياء مماثلــة ‪ -‬كان الفــرق الوحيــد‬
‫ـاب آخريــن فــي كليــات‬ ‫هــو أن التالميــذ يجــب أن يتعاونــوا مــع طـ ٍ‬
‫األعمــال حــول العالــم علــى كل مشــروع لتع ّلــم طــرق اإلبحــار فــي‬
‫محيــط االقتصــاد العالمــي‪.‬‬
‫علــى الرغــم مــن أن أفضــل عامــل فــي تقانــة غرفــة الــدرس هــو‬
‫‪ -‬وســيبقى دائم ـ ًا ‪ -‬المع ّلــم‪ ،‬إال أن التّقانــة تســتطيع بالتأكيــد تقويــة‬
‫هــذه الروابــط اإلنســانية‪ .‬يســمح التع ّلــم عــن بعــد للطــاب بحضــور‬
‫صفــوف لــدى بعــض أفضــل المع ّلميــن فــي العالــم‪ .‬علــى ســبيل‬ ‫ٍ‬
‫المثــال‪ ،‬تقــدّ م جامعــة ييــل اآلن خدمــة «ييــل اإللكترونيــة» لعمــوم‬
‫النّــاس مجانــ ًا‪ ،‬وتتيــح إمكانيــة التواصــل مــع كليــات مرموقــة فــي‬
‫مواضيــع شـتّى‪ ،‬تــراوح بيــن الكيميــاء العضويــة‪ ،‬إلــى نظريــة اللعــب‪،‬‬
‫الشــعر الحديــث (يمكنــك زيــارة‪.)www.coursera.org/yale :‬‬ ‫إلــى ِ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ـول جامعــات أخــرى إلــى هــذا النمــوذج بســرعة أيض ـ ًا‪ ،‬وتقــدّ م‬ ‫تتحـ ّ‬
‫خدمــة فريــدة فــي نوعهــا لالطــاع علــى مجموعــة موضوعــات‪،‬‬
‫والتواصــل مــع األســاتذة‪.‬‬

‫على الرغم من أن أفضل عامل في تقانة غرفة الدرس هو ‪-‬‬


‫وسيبقى دائم ًا ‪ -‬المع ّلم‪ ،‬إال أن التّقانة تستطيع بالتأكيد تقوية‬ ‫‪206‬‬

‫هذه الروابط اإلنسانية‪ .‬يسمح التع ّلم عن بعد للطالب بحضور‬


‫صفوف لدى بعض أفضل المع ّلمين في العالم‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫تســهل التّقانــة أيضــ ًا التع ّلــم مــن الزمــاء‪ .‬فــي الجيــش‪ ،‬جــرى‬
‫ّ‬
‫تخصصيــة ط ّبيــة إلكترونيــة لمســاعدة عامليــن معزوليــن‪،‬‬
‫إنشــاء شــبكة ّ‬
‫مثــل أطبــاء يعملــون فــي جــزر نائيــة‪ ،‬أو فــي غواصــات‪ ،‬أو دول‬
‫أجنبيــة‪ .‬يســتطيع هــؤالء العاملــون المعزولــون إرســال أســئلة عبــر‬
‫صح ّيــة رئيســة للحصــول علــى‬
‫هــذه الشــبكة إلــى زمــاء فــي مراكــز ّ‬
‫نصائــح ومســاعدة ط ّبيــة إلنقــاذ األرواح‪.‬‬
‫تقــدّ م التّقانــة مزيــد ًا مــن الفــرص لــكل أنــواع الطــاب الراغبيــن‬
‫ٍ‬
‫كبيــر مــا يمكــن للمع ّلــم أن يفعلــه‪ .‬فــي‬ ‫وتعــزز إلــى ٍ‬
‫حــد‬ ‫ّ‬ ‫بالتع ّلــم‪،‬‬
‫تمــرن‬
‫ّ‬ ‫برنامــج التدريــب الطبــي العســكري الــذي أنجــزه بوبــو‪،‬‬
‫األطبــاء علــى ســيناريوهات طارئــة باســتخدام تماثيــل عــرض‬
‫مــزود بقلــب‪،‬‬ ‫كل منهــا‬ ‫ٍ‬
‫حــد ال ُيصــدّ ق‪ٌ ،‬‬ ‫(مانيــكان) واقعيــة إلــى‬
‫ّ‬
‫ونبــض‪ ،‬وأصــوات تن ّفــس‪ ،‬وحتــى عــروق‪ .‬يســتطيع مـ ّ‬
‫ـدرب يتح ّكــم‬
‫بلوحــة الســلكية رئيســة تغييــر صفــات كل تلــك األعضــاء لمحــاكاة‬
‫أوضــاع مختلفــة‪.‬‬
‫علــى الجانــب التعليمــي‪ ،‬تقــدّ م مؤسســات بحثيــة اآلن تغذيــة‬
‫راجعــة مــن إحصائيــات حيو ّيــة فوريــة لمســاعدة المحاضريــن أو‬
‫المدرســين علــى صقــل معلوماتهــم وأســلوب عملهــم‪ .‬علــى ســبيل‬ ‫ّ‬
‫المثــال‪ ،‬يمكــن أن تخبرنــا تقانــة التغذيــة الراجعــة الحيويــة عــن مــدى‬
‫اهتمــام الحضــور بمــا يقــال‪ ،‬ودرجــة ثبــات أعينهــم علــى األســتاذ‪،‬‬
‫وأي القصــص تثيــر االندهــاش أو الفــرح‪ ،‬وأي محتــوى يجعــل‬
‫المســتمعين يشــعرون باإلحبــاط أو االرتبــاك‪.‬‬
‫‪207‬‬ ‫لفهــم آليــة عمــل هــذه التّقانــة‪ ،‬التقيــت ديــن هايلــن مــن مختبــر آي‪-‬‬
‫موشــنز (‪ )i-Motions‬فــي بوســطن لتجريــب ذلــك البرنامــج بنفســي‪.‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫يســتخدم برنامــج آي‪-‬موشــنز آلــة تصويــر حاســوبية بســيطة‪ ،‬ويســتطيع‬


‫متابعــة مــا تنظــر إليــه العينــان فــي كل األوقــات‪ ،‬مــن أجــل «قــراءة»‬
‫المشــاعر علــى الوجــه لحظــة بلحظــة‪( .‬إذا أردت تجربــة هــذا البرنامــج‬
‫بنفســك‪ ،‬يمكنــك تنصيــب تطبيــق أفدكس‪-‬مــي (‪ )Affdex-me‬مجان ـ ًا‪،‬‬
‫واختبــار طريقــة تحليلــه لمــا تشــعر بــه باســتخدام ‪ 40.000‬نقطــة بيانــات‬
‫مختلفــة علــى وجهــك‪ .‬يمكنــك زيــارة‪.http://bit.ly/affdexme :‬‬
‫الشــركات والتســويق‬ ‫تــراوح إمكانــات هــذا البرنامــج بيــن تدريــب ّ‬
‫إلــى ممارســة األلعــاب وإعــادة التأهيــل الط ّبــي‪ .‬أجــرى زوجــي أبحاثــ ًا‬
‫الصحــي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عــن األمــراض التنكّســية العصبيــة فــي الكليــة ومركــز التدريــب‬
‫وأوضــح أن هــذا البرنامــج قــد ُيحــدث ثــورة فــي طريقــة تفاعــل النّــاس‬
‫المصابيــن بــداء باركنســون مــع العالــم المحيــط بهــم‪ .‬يعــدُّ هــذا المــرض‬
‫(الشــلل الرعاشــي) اضطرابــ ًا حركيــ ًا‪ ،‬وقــد يعانــي المصــاب بــه أحيانــ ًا‬
‫الســعادة‪،‬‬ ‫وضع ـ ًا صعب ـ ًا؛ ألن عضــات وجهــه ال تع ّبــر عــن مشــاعر مثــل ّ‬
‫أو الحــزن‪ ،‬أو الفكاهــة‪ ،‬أو حتــى اإلحبــاط‪ ،‬ممــا يــؤ ّدي بالمقابــل إلــى‬
‫ـور لــو أن بمقــدور النّــاس‬
‫إحســاس بالعزلــة‪ ،‬وســوء فهــم اآلخريــن لــه‪ .‬تصـ ّ‬
‫المصابيــن بــداء باركنســون اســتخدام هــذا البرنامــج لجعــل وجوههــم تع ّبــر‬
‫عــن فرحهــم‪ ،‬ومخاوفهــم‪ ،‬وغضبهــم‪ .‬تخ ّيــل ثــراء وعمــق التفاعــل الــذي‬
‫ســيكونون طرف ـ ًا فيــه!‬

‫مستقبل السعادة‬
‫يفهــم الن وايــز؛ المســؤول الســابق عــن اتحــاد مــدارس مقاطعــة‬
‫ســاراتوغا‪ ،‬ك ً‬
‫ال مــن التحدّ يــات والفــرص التــي تجلبهــا التّقانــة إلــى غرفة‬
‫الــدرس‪ .‬تخــدم المدرســة العا ّمــة‪ ،‬الواقعــة فــي قلــب وادي الســليكون‪،‬‬
‫أبنــاء مديريــن مــن غوغــل‪ ،‬وفيســبوك‪ ،‬وآبــل‪ ،‬وشــركات أخــرى‪ .‬يــرى‬
‫يوميـ ًا أطفــاالً يحملــون أجهــزة اتصــال مختلفــة‪ ،‬إنمــا يجــدون صعوبــة‬
‫فــي التواصــل والتعبيــر عــن أنفســهم فــي قاعــة الصــف‪ .‬التقيــت الن‬ ‫‪208‬‬
‫أول مــرة فــي ‪ ،2013‬حيــن وصــل إلــى جود‪-‬ثنــك لســماع شــون يتكلــم‬
‫فــي إحــدى المؤتمــرات‪ .‬أتذ ّكــر أننــي ف ّكــرت فــي ذلــك الوقــت‪« :‬هــذا‬
‫المتحمســين لعلــم النفــس ومرب ًّيــا‬
‫ّ‬ ‫ـم حق ـ ًا!»‪ .‬بوصفــه أحــد‬
‫الرجــل مهـ ٌ‬
‫فاضــا‪ ،‬يعــدُّ الن أحــد أســعد النّــاس الذيــن يمكــن أن تلتقــي بهــم‬
‫(بعــد أعــوام فــي التعليــم‪ ،‬ال يــزال يبــث الحمــاس فــي كل مــا يفعلــه‪،‬‬
‫وفيــه إقامــة حفــل شــواء أســبوعي لــكل موظفــي مكتــب المقاطعــة‬
‫فــي فصــل الصيــف!)‪ .‬يشــارك‪ ،‬كمــا يبــدو‪ ،‬فــي كل نشــاط رئيــس عــن‬
‫اإليجابــي‪ ،‬مــن المشــاركة‬
‫ّ‬ ‫تداخــل التّقانــة‪ ،‬والتعليــم‪ ،‬وعلــم النفــس‬
‫فــي أبحــاث مــع جامعــة بريتــش كولومبيــا‪ ،‬إلــى تطوير‪/‬تنقيــح منهــاج‬
‫ماينــد‪-‬أب (‪ )Mind-Up‬مــع مؤسســة غولــدي هــاون (‪،)Goldi Hawn‬‬
‫إلــى تصميــم تطبيــق لتعزيــز مرونــة المراهقيــن مــع مؤسســة دوروثــي‬
‫باتــن (‪.)Dorothy Batten‬‬
‫المفضلــة مــع مؤسســة غولــي هــاون‬ ‫ّ‬ ‫كانــت إحــدى مشــروعاته‬
‫برنامــج بعنــوان تاكســي دوغ (كلــب ســيارة األجــرة)‪ ،‬الــذي يعــدُّ‬
‫نســخة تلفازيــة عــن كتــاب األطفــال الشــهير ريدينــغ ريبنــو (قــوس‬
‫قــزح القــراءة) للمم ّثــل ليفــار بورتــون‪ .‬يســتخدم برنامــج تاكســي دوغ‬
‫أفالمـ ًا ممتعــة و ُدمـ ً‬
‫ـى تفاعليــة لتعليــم تطويــر الــذات (الوعــي الذاتــي‪،‬‬
‫وإدارة الــذات‪ ،‬والوعــي االجتماعــي‪ ،‬ومهــارات العالقات‪ ،‬ومســؤولية‬
‫اتّخــاذ القــرار) لتالميــذ المــدارس االبتدائيــة‪ ،‬وتعزيــز مهــارات تنفيذية‬
‫مثــل حــل المشــكالت‪ ،‬والتركيــز‪ ،‬وضبــط النفــس(‪ .)49‬أهــم جــزء مــن‬
‫برنامــج تاكســي دوغ هــو التّعــاون بيــن التّقانــة‪ ،‬ووســائل إعــام‪،‬‬
‫ومدرســين‪ ،‬وباحثيــن مــن الطــراز األول إلرســاء أسســه علــى أرضيــة‬ ‫ّ‬
‫صلبــة وإثبــات أنــه يمكــن تعليــم هــذه المهــارات بفاعليــة‪ .‬عندمــا‬
‫نســعى إلــى تصميــم أماكــن لتكــون فــي طليعــة التعليــم فــي العصــر‬
‫ـي‪ ،‬لــن يكــون الحــل مرتبط ـ ًا بالمــكان (أيــن؟)‪ ،‬وإنمــا طريقــة‬ ‫الرقمـ ّ‬‫ّ‬
‫‪209‬‬
‫عملنــا مع ـ ًا (كيــف؟) لكســب المعرفــة مــن كل ق ّطــاع‪.‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫بناء �أ�سوار غير مرئية‬


‫فــي أثنــاء نشــأتي‪ ،‬قضيــت معظــم أعــوام تكويــن شــخصيتي‬
‫فــي تكســاس قبــل لقائــي بزوجــي وعقــد قراننــا‪ ،‬وارتباطنــا بحياتــه‬
‫العســكرية‪ .‬ربمــا تكــون قــد ســمعت أن أهــل تكســاس يح ّبــون‬
‫أرضهــم‪ ،‬ومشــهورون بالدفــاع الشــرس عــن ممتلكاتهــم‪ .‬إذا التقطــت‬
‫جويــة لحــي فــي إحــدى الضواحــي‪ ،‬قــد تظــ ُّن فــي الواقــع‬ ‫صــورة ّ‬
‫أنهــا إعــان لمتجــر كونتينــر (‪ .)Container‬يمكــن أن تتخ ّيــل مــدى‬
‫التّغييرالــذي شــعرنا بــه حيــن انتقلنــا إلــى فيرجينيــا‪ ،‬ووجدنــا أنفســنا‬
‫فــي حــي مــن دون أســيجة‪ .‬تتداخــل باح ـ ٌة فــي األخــرى‪ ،‬وال توجــد‬
‫إال خطــوط بيــن المنــازل تظهــر نتيجــة اختــاف توقيــت جـ ِّـز العشــب‪.‬‬
‫فــي البدايــة‪ ،‬بــدا هــذا األمــر غريبــ ًا‪ ،‬ولكــن بعــد انقضــاء بعــض‬
‫الوقــت بــدأت أحــب االنفتــاح والحريــة التــي ترافــق مثــل ذلــك‬
‫الترتيــب‪ ،‬وكذلــك كلبتُنــا‪ .‬فــي أســابيع قليلــة‪ ،‬بــدأت الكلبــة ‪-‬حســنة‬
‫ـول فــي أماكــن بعيــدة عــن البيــت‪ ،‬وقــد أح ّبــت بنحـ ٍ‬
‫ـو‬ ‫الســلوك ‪ -‬تتجـ ّ‬
‫ـفت ســريع ًا أن معظــم‬ ‫ـاص زيــارة الــكالب األخــرى فــي الحــي‪َ .‬‬
‫اكتشـ ْ‬ ‫خـ ٍ‬
‫الــكالب األخــرى تواجــه أســوار ًا غيــر مرئيــة تبقيهــا فــي حــدود أراضــي‬
‫مالكيهــا‪ ،‬فــي حيــن لــم تلتــزم هــي بذلــك‪ .‬كانــت تنطلــق باســتمرار عبــر‬
‫الحــدود الخفيــة إلزعــاج الــكالب األخــرى‪ ،‬مــن ثــم تعــود إلــى باحتنــا‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أي مشــكلة‪ .‬فــي البدايــة‪ ،‬بــدا األمــر ممتع ـ ًا ومس ـ ّلي ًا‪،‬‬
‫قبــل أن تقــع فــي ّ‬
‫ولكــن اكتشــفنا ســريع ًا أنهــا تالحــق ســاعي البريــد‪ ،‬وتباغــت أم ٍ‬
‫هــات‬ ‫ّ‬
‫ـات يمشــين مــع أطفالهــن‪ ،‬وتذهــب إلــى مناطــق بعيــدة وال تعــرف‬ ‫آمنـ ٍ‬
‫كيــف تعــود إلــى المنــزل‪ .‬نعــم‪ ،‬أعتــرف‪ :‬كنــا هــؤالء الجيــران‪.‬‬
‫نحــن نتع ّلــم مــن أخطائنــا لحســن الحــظ‪ .‬هنــاك قــول مأثــور‪« :‬األســوار‬ ‫‪210‬‬
‫المتينــة تعنــي جيرانــ ًا صالحيــن»‪ ،‬لــذا بــدأت فــور ًا العمــل علــى إنشــاء‬
‫ســياج غيــر مرئــي‪ ،‬وقــد تع ّلمــت فــي أثنــاء تلــك العمليــة شــيئ ًا رائع ـ ًا‪ :‬ال‬
‫يضطــر معظــم أصحــاب األســوار غيــر المرئيــة إلــى تشــغيل أنظمــة التنبيــه‬
‫كلــب مــكان الحــدود‪ ،‬لــن يتجاوز‪/‬تتجــاوز‬ ‫ٌ‬ ‫لديهــم؛ ألنــه عندمــا يعــرف‬
‫الخــط مجــدد ًا‪ .‬علــى الرغــم مــن أن البشــر أكثــر تعقيــد ًا قليــاً‪ ،‬إال أن‬
‫بمقدورنــا االســتفادة مــن مبــدأ «الســور غيــر المرئــي» نفســه لوضــع حــدود‬
‫صح ّيــة الســتخدام التّقانــة‪ ،‬التــي يمكــن أن تســاعدنا علــى تفــادي إغراءاتهــا‪،‬‬
‫ّ‬
‫وابتعادنــا عــن المتاعــب‪ ،‬وتــؤ ّدي إلــى زيــادة ســعادتنا علــى المــدى الطويل‪.‬‬

‫تحديد مكان ال�سياج‬


‫إحــدى أكبــر التحدّ يــات التــي تواجــه بنــاء ســياج غيــر مرئــي هــي‬
‫تحديــد مكانــه‪ .‬تكلمــت أخيــر ًا مــع إحــدى األمهــات التــي تتعـ ّـرض‬
‫النصيــة البنهــا‬
‫إلــى ضغــط كبيــر مــن أندادهــا لمراقبــة الرســائل ّ‬
‫أي عـ ٍ‬
‫ـذر لعــدم الثقــة بــه‪،‬‬ ‫المراهــق‪ .‬علــى الرغــم مــن أنــه لــم يمنحهــا ّ‬
‫أي والــدة مســؤولة ينبغــي أن تراقــب‬ ‫إال أن صديقــات األم أكّــدن أن ّ‬
‫رســائل ولدهــا‪ ،‬خشــية أن ينشــر مــواد ممنوعــة‪ ،‬أو يقــع ضحيــ ًة‬
‫لمجرمــي اإلنترنــت أو مزعجيــن مــن العالــم االفتراضــي‪.‬‬
‫كانــت فــي إحــدى الليالــي مســتلقية علــى ســريرها تقــرأ علــى أي‪-‬‬
‫بــاد خاصتهــا‪ ،‬وعرفــت أن تحديثـ ًا إلحــدى أنظمــة التشــغيل قــد بــات‬
‫النصيــة البنهــا علــى جهازهــا‪.‬‬
‫ـخ مــن الرســائل ّ‬ ‫يســمح لهــا بتل ّقــي نسـ ٍ‬
‫ف ّكــرت فــي قــرارة نفســها أن تلــك هبــة مــن اللــه‪ ،‬وأنــه يريحهــا مــن‬
‫معضلــة أخالقيــة بشــأن مراقبــة نصــوص ابنهــا‪ .‬مــع ورود تنبيــه بعــد‬
‫آخــر إلشــعارات الرســائل‪ ،‬خضعــت األم لإلغــراء وبــدأت قــراءة‬
‫أقــر ابنهــا أن لديــه امتحانــ ًا فــي اليــوم‬
‫فحواهــا‪ .‬دهشــت األم حيــن َّ‬
‫‪211‬‬ ‫اآلتــي‪ ،‬ولكــن لــم يــدرس بعــد (ولــم يخ ّطــط حتــى لذلــك!)‪ .‬تــر ّددت‬
‫عمــا ينبغــي عليهــا فعلــه بشــأن تلــك‬ ‫األم‪ ،‬وحاولــت ســؤال زوجهــا ّ‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫ا أي‪-‬فــون خاصتــه‪ .‬فــي‬ ‫المعلومــة‪ ،‬حيــن دخــل ابنهــا الغرفــة حام ـ ً‬


‫تلــك اللحظــة تحديــد ًا‪ ،‬صــدر عــن كال الجهازيــن رني ـ ٌن يشــير إلــى‬
‫ورود رســالة‪ .‬أدرك االبــن مــا يجــري‪ ،‬وواجــه والدتــه باألمــر‪ .‬نظــرت‬
‫األم‪ ،‬التــي تشــعر بثقــل الضغــط مــن أقرانهــا‪ ،‬وتنتابهــا مخــاوف‬
‫تجهــم‬
‫األمومــة‪ ،‬وأزمــة ضميــر‪ ،‬إلــى عينــي ابنهــا وأنكــرت فعلتهــا‪ّ .‬‬
‫وجــه الفتــى وبــدأ ينســحب مــن الغرفــة‪ ،‬إنمــا ليــس بســرعة كافيــة؛‬
‫ممــا جعــل األم تالحــظ االنزعــاج وخيبــة األمــل علــى وجهــه‪.‬‬
‫أدركــت األم فــي تلــك اللحظــة أنهــا هــي مــن خــان ثقتــه بهــا‪،‬‬
‫فذهبــت إلــى غرفتــه واعتــذرت فــور ًا‪ .‬أقـ َّـر االبــن‪« :‬ال أصــدّ ق أنــك‬
‫كذبــت علــي‪ ،‬ولكــن أنــا ســعيد حق ـ ًا ألنــك جئــت لتتكلمــي معــي»‪.‬‬
‫تعانقــا بعــد حديــث طويــل عــن الحــدود والتو ّقعــات‪ ،‬مــن ثــم قالــت‬
‫األم مبتســمة‪« :‬ســتدرس مــن أجــل االمتحــان‪ ،‬أليــس كذلــك؟»‪.‬‬
‫ضحــك االبــن وقــال‪« :‬أمــي‪ ،‬أنــا أدرس دائمـ ًا‪ ،‬ولكــن مــن المســتحيل‬
‫أن يعــرف أصدقائــي ذلــك!»‪.‬‬
‫ـي‪،‬‬
‫الرقمـ ّ‬
‫فــي غيــاب كتيــب إرشــادات خــاص باألبويــن فــي العصــر ّ‬
‫نتع ّثــر جميعـ ًا فــي محاولــة إنشــاء حــدود تدل علــى الحــب‪ ،‬إنمــا تتمتع‬
‫بالمتانــة أيض ـ ًا‪ .‬ال يكــون كل اآلبــاء محظوظيــن كفايــة بابــن يســتحق‬
‫الثقــة‪ ،‬وليــس كل األبنــاء محظوظيــن كفايــة بــأم تهتــم كثيــر ًا بترجيــح‬
‫ك ّفــة العالقــة علــى القواعــد‪ .‬هــذا يعنــي أنــه كلمــا أســرعنا فــي التعبيــر‬

‫مستقبل السعادة‬
‫صراحــة عــن تو ّقعاتنــا بعضنــا مــن بعــض‪ ،‬إضافــة إلــى نتائــج عــدم‬
‫تحقيــق تلــك التط ّلعــات‪ ،‬ســتتراجع الخالفــات بيننــا‪.‬‬
‫قبــل ثالثــة أعــوام‪ ،‬بــدأت المدرســة العامــة التــي ترتادهــا ابنتــي‬
‫برنامجــ ًا لتســليم كل تلميــذ فــي الصفيــن الرابــع والخامــس جهــاز آي‬
‫‪ -‬بــاد ليكــون جــزء ًا مــن منهــاج تعليمــي‪ .‬وفق ـ ًا آلبــاء بعــض الطــاب‬ ‫‪212‬‬

‫جمــة؛ ألن‬‫فــي المدرســة‪ ،‬تم ّيــز العــام األول مــن البرنامــج بمشــكالت ّ‬
‫النصيــة فــي الصــف‪،‬‬ ‫الطــاب كانــوا يدردشــون باســتخدام الرســائل ّ‬
‫ويبقــون مســتيقظين حتــى وقــت متأخــر نتيجــة اللعــب علــى تلــك‬
‫األجهــزة‪ .‬بحلــول العــام الثالــث‪ ،‬أدركــت المدرســة أنــه ينبغــي وضــع‬
‫قيــود صارمــة‪ ،‬فحــدّ ت مــن أنــواع التطبيقــات التــي يمكــن تنصيبهــا‪،‬‬
‫ا علــى‬ ‫ودربــت التالميــذ أســبوع ًا كامــ ً‬
‫وأزالــت خاصيــة الدردشــة‪ّ ،‬‬
‫الرقميــة» إليضــاح التو ّقعــات المرجــوة منهــم‪ .‬قيــل للطــاب‬‫«المواطنــة ّ‬
‫أي مفاجآت‪،‬‬ ‫مسـ ّبق ًا إن آبائهــم ســيراقبون رســائلهم‪ ،‬حتــى ال تكــون هنــاك ّ‬
‫وقــد ح ّقــق البرنامــج نجاحــ ًا منقطــع النظيــر منــذ ذلــك الوقــت‪.‬‬
‫قــد يتط ّلــب تثبيــت هــذه الحــدود إجــراء بعــض التجــارب‪ ،‬ويتســ ّبب‬
‫بحــدوث بعــض األخطــاء‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬ســيجنّبك قضــاء بعــض الوقــت‬
‫فــي بنــاء هــذه «األســوار غيــر الرســمية»‪ ،‬أو تحديــد التو ّقعــات لنفســك‬
‫واآلخريــن مــن حولــك‪ ،‬الكثيــر مــن المتاعــب علــى المــدى الطويــل‪،‬‬
‫ويؤســس إلنشــاء عالقــات أفضــل فــي حياتــك‪.‬‬
‫ّ‬

‫تع ّلم حدود ًا جديدة‬


‫عندمــا تقـ ّـرر بنــاء ســياج جديــد‪ ،‬البــد أن تــدرك أن العملية ســتنطوي‬
‫علــى بعــض التجــارب واألخطــاء‪ ،‬وكثيــر مــن التكــرار قبــل أن تصبــح‬
‫تلــك الحــدود واضحــة‪ ،‬وحتــى القبــول بهــا‪ .‬علــى الرغــم مــن أن‬
‫يتعرضــون إلــى انتقــادات حــا ّدة بســبب اهتمامهــم الشــديد‬ ‫المراهقيــن ّ‬
‫الرقميــة (الشــباب الذيــن قــد ترعرعــوا مــع التّقانة)‪،‬‬‫بالتّقانــة واألجهــزة ّ‬
‫إال أنهــم أكثــر ذكاء وقابليــة للتع ّلــم ممــا كنــا عليــه فــي مثــل عمرهــم‪.‬‬
‫ـاش ضمــن مجموعــة بحثيــة ن ّظمــه مركــز بيــو بعنــوان «مشــروع‬ ‫فــي نقـ ٍ‬
‫اإلنترنــت وحيــاة األمريكييــن» فــي ‪ ،2013‬أشــار بعــض المراهقيــن‬
‫‪213‬‬ ‫إلــى أنهــم ال يحبــون زيــادة ظهــور الراشــدين‪ ،‬والمشــاركة المفرطــة‪،‬‬
‫المجهــدة علــى فيســبوك(‪ .)50‬اختــار ‪ %60‬مــن المراهقيــن‬ ‫و«الدرامــا» ُ‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫الحفــاظ علــى خصوصيــة مواقعهــم‪ ،‬فــي حيــن أبــدى ‪ %74‬ارتياحهــم‬


‫الشــديد لخاصيتــي إلغــاء الصداقــة وحظــر األفــراد مــن صفحاتهــم‪.‬‬
‫بالمقارنــة‪ ،‬ترعــرع أبنــاء جيلــي ‪ -‬وآباؤنــا ‪ -‬وهــم يتمتّعــون بحريــة‬
‫كاملــة للتعامــل مــع التّقانــة؛ ألنــه لــم يكــن لدينــا خيــار آخــر‪ .‬كنــت فــي‬
‫الرابعــة عشــرة مــن العمــر حيــن بــدأت أمريــكان أوناليــن (‪ )AOL‬شــحن‬
‫أقــراص مدمجــة مجانيــة لبرنامجهــا الخــاص باالتصــال عبــر اإلنترنــت‪.‬‬
‫عندمــا لــم يكــن هنــاك عــرض لمسلســل ذا جتســونز فــي األصيــل بعــد‬
‫العــودة مــن المدرســة‪ ،‬كنــت أقضــي ســاعة الستكشــاف طريقــة عمــل‬
‫ـي)‪ ،‬ومــا يعنيــه «اإلنترنــت»‪ .‬تع ّلمــت بســرعة‬ ‫الرقمـ ّ‬‫المــودم (المرســل ّ‬
‫المجانيــة لإلنترنــت هــي ثالثــون يوم ـ ًا فقــط‪ ،‬ولكــن‬ ‫أن مــدة التجربــة ّ‬
‫أمريــكان أوناليــن بــدأت ترســل لــي قرص ـ ًا مدمج ـ ًا مجاني ـ ًا جديــد ًا كل‬
‫شــهر‪ .‬كان بمقــدوري‪ ،‬مــع بعــض اإلزعــاج‪ ،‬وقليــل مــن الصبــر‪ ،‬وكثيــر‬
‫ـم األذان‪ ،‬تص ّفــح الشــبكة الدوليــة قــدر‬‫مــن ضوضــاء المــودم الــذي يصـ ُّ‬
‫مــا أريــد‪ ،‬وإن يكــن ببــطء‪ .‬يمكننــي القــول إننــي قــد تع ّلمــت كل شــيء‬
‫عمــا يجــري؛ ألنهمــا كانــا يتع ّلمــان‬ ‫تقريبـ ًا‪ .‬لــم يكــن لــدى والـ ّ‬
‫ـدي فكــرة ّ‬
‫أيض ـ ًا مثلــي (أو ربمــا عــدّ ة مئــات مــن الميغابايــت خلفــي)‪.‬‬
‫لقــد بــات اإلنترنــت أكثــر تطــور ًا وتنوع ـ ًا منــذ ذلــك الوقــت‪ ،‬إال أن‬
‫ســيطرتنا علــى ذلــك المحتــوى ليســت بالمســتوى المطلــوب‪ .‬تكلمــت‬

‫مستقبل السعادة‬
‫مؤســس فايبرنتيكــس (‪ ،)Fibernetics‬إحــدى أكبــر‬ ‫مــع جــون ســتيكس؛ ّ‬
‫ال مــن الطلبــات‬ ‫شــركات االتصــاالت فــي كنــدا‪ ،‬الــذي تل ّقــى ســي ً‬
‫المعرف‬
‫ّ‬ ‫لمســاعدة شــرطة الخ ّيالــة الكنديــة الملكيــة فــي تحديــد عناويــن‬
‫قمــي لمجرميــن علــى اإلنترنــت‪ .51‬عندمــا ســمع جــون قصــة فتــى‬ ‫الر ّ‬ ‫ّ‬
‫معــوق ذهنيـ ًا يبلــغ مــن العمــر ســتة أعــوام‪ ،‬الــذي تص ّفــح مصادفــة موقع ًا‬
‫إلكترونيـ ًا للراشــدين وعانــى شــعور ًا بالذنــب والخجــل‪ ،‬عــرف أن عليــه‬ ‫‪214‬‬
‫أن يفعــل شــيئ ًا مــا‪ .‬ابتكــر جــون جهــاز ًا جديــد ًا يدعــى كيــدز واي‪-‬فــاي‬
‫ـزود الوالديــن بطريقــة بســيطة إلدارة محتــوى وأجهــزة‬ ‫(‪ )Kids Wi-Fi‬ليـ ّ‬
‫دراجــة‬‫عــدّ ة أفــراد مــن األســرة‪ .‬يشــرح‪« :‬لــن تســمح البنــك بركــوب ّ‬
‫هوائيــة مــن دون ارتــداء خــوذة‪ ،‬لمــاذا قــد تســمح لــه بتص ّفــح اإلنترنــت‬
‫ـمت إجــراءات وقايــة‪ ،‬مثــل كيــدز واي‪-‬فــاي‪،‬‬ ‫رسـ َ‬
‫مــن دون حمايــة؟»‪َ .‬‬
‫أســوار ًا جديــدة غيــر مرئيــة إلعــادة الســيطرة إلــى يــدي الوالديــن تعتبــر‬
‫ـول فــي التوقيــت الصحيــح كمــا يبــدو‪.‬‬ ‫نقطــة تحـ ّ‬
‫يتم ّيــز الجيــل الجديــد مــن اآلبــاء بكونــه أكثــر فطنــة بشــأن إغــراء‬
‫التّقانــة ومخاطرهــا‪ ،‬نعــرف أن الحــدود مهمــة ألبنائنــا‪ ،‬حتــى إذا لــم‬
‫أي‬
‫نكــن قــد رســمناها بعــد ألنفســنا‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬نعــرف ّ‬
‫ٍ‬
‫التطبيقــات مفيــد ٌة لعقــول أوالدنــا‪ ،‬وأيهــا تع ّلــم ســلوك ًا ال نريــده‪.‬‬
‫يمكننــا معرفــة متــى يتعـ ّـرض أبناؤنــا إلــى خطــر الســقوط عــن جــرف‬
‫الســعادة‪ ،‬ولهــذا نعــرف متــى يجــب إطفــاء األجهــزة التــي بحوزتهــم‬ ‫ّ‬
‫(يبقــى قيامنــا بهــذا فعــ ً‬
‫ا مســألة أخــرى)‪ .‬إذا أردنــا البقــاء علــى‬
‫بعــد عــدّ ة ميغابايــت أمــام أوالدنــا‪ ،‬يجــب أن نفهــم البرامــج التــي‬
‫يســتخدمونها‪ ،‬وأن نختبرهــا فعـاً‪ ،‬مــن أجــل تحقيــق فائــدة مضاعفــة‪،‬‬
‫يمكننــا مشــاطرتهم تجربــة ولغــة عا ّمتيــن للمســاعدة فــي تكويــن‬
‫عالمهــم المتغ ّيــر‪.‬‬

‫معرفة متى نتجاوز الخط‬


‫تصبــح شــواحن أجهزتنــا حبــال ُسـ ّـرة إلكترونيــة أحيان ـ ًا‪ ،‬ممــا قــد‬
‫يجعلنــا نشــعر بقلــق شــديد حيــن نفصلهــا عــن المقبــس‪ .‬أتذ ّكــر أول‬
‫مــرة رأيــت فيهــا شاشــة التوقــف الســوداء علــى حاســوبي المحمــول‬
‫فــي كليــة األعمــال شــعرت أننــي قــد اختبــرت مراحــل الحــزن‬
‫‪215‬‬
‫الســبعة بعــد خســارة شــخص أحبــه‪ .‬لــو أنــك عرفتنــي فــي ذلــك‬
‫ـعرت‬
‫الوقــت‪ ،‬لظننــت أن منزلــي كلــه قــد احتــرق عــن بكــرة أبيــه‪ .‬شـ ُ‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫بالغضــب ألننــي فقــدت كل ملحوظاتــي ومشــروعاتي الدراســية‪ ،‬وقــد‬


‫غمرنــي الشــعور باألســى بشــأن خســارة صــوري‪ ،‬التــي كانــت عزيــزة‬
‫ـي‪ .‬بعــد أن تخ ّلصــت مــن االكتئــاب الــذي شــعرت بــه‬ ‫جــدًّ ا بالنســبة إلـ ّ‬
‫ـرت امــرأة عمليــة‪ ،‬أحتفــظ بثــاث نســخ مــن الوثائــق‬ ‫مــدة قصيــرة‪ ،‬صـ ُ‬
‫الخاصــة بــي‪ ،‬وأشــتري أرخــص حاســوب محمــول فــي الســوق‪.‬‬
‫عندمــا أنظــر للخلــف إلــى تلــك التجربــة‪ ،‬أدرك أن رد فعلــي‬
‫ـي علــى خســارتي كان مفهوم ـ ًا‪ ،‬إنمــا ليــس مقبــوالً‪ .‬ال‬‫األولـ ّ‬
‫العاطفــي ّ‬
‫أريــد أن يكــون لجهــازي الجامــد ذلــك النفــوذ علــي‪ ،‬لــذا يجــب أن‬
‫أفعــل شــيئ ًا بشــأن هــذا األمــر‪ .‬ال يعــدُّ وضــع حــدود علــى اســتخدامنا‬
‫التّقانــة ضروريـ ًا إلنتاجيتنــا فقــط‪ ،‬وإنمــا صحتنــا أيضـ ًا‪ .‬ال أحــد يعــرف‬
‫هــذا أفضــل مــن ليفــي فليكــس؛ الــذي وضــع بعمــر الرابعــة والعشــرين‬
‫اســتراتيجية ومحتــوى رقمييــن لشــخصيات مثــل جينيفــر لوبيــز‪ ،‬وجيني‬
‫مكارثــي‪ ،‬ومؤسســات مثــل الجمعيــة األمريكيــة للمتقاعديــن‪ ،‬و«أنقذوا‬
‫األطفــال»‪ ،‬إضافــة إلــى الروائيــة ج‪ .‬ك‪ .‬رولينــغ‪ .‬شــعر فليكس بالشــغف‬
‫والحمــاس لتحقيــق النجــاح‪ ،‬إال أنــه وجــد نفســه فــي المستشــفى وهــو‬
‫يعانــي مــن نزيــف داخلــي نتيجــة مــا دعــاه «الوصفــة المثاليــة لإلرهــاق‬
‫التكنولوجي‪-‬االجتماعــي‪ :‬ســبعون ســاعة مــن العمــل كل أســبوع‪،‬‬
‫والتو ّتــر‪ ،‬والنــوم فــي المكتــب»‪ .‬بعــد خســارة ‪ %67‬مــن دمــه ومواجهــة‬
‫قــرر فليكــس تــرك وظيفــة أحالمــه واالســتمتاع‬ ‫المــوت الوشــيك‪ّ ،‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الرقميــة بحقيبــة ظهــر‪ ،‬وبــاع كل مــا‬ ‫بعطلــة‪ .‬اســتعاض عــن أجهزتــه ّ‬
‫يملكــه‪ ،‬وخــرج مــع صديــق للســفر حــول العالــم‪ .‬عــادا بعــد عاميــن‪،‬‬
‫وزيــارة اثنــي عشــر بلــد ًا‪ ،‬وقضــاء عطلــة مدتهــا عشــرة أيــام فــي مــكان‬
‫ليؤسســا كامــب غرونديــد (‪)Camp Grounded‬؛ مــكان «يلجــأ‬ ‫منعــزل‪ّ ،‬‬
‫إليــه الراشــدون لالبتعــاد عــن أجهزتهــم‪ ،‬وقضــاء إجــازة‪ ،‬واالســتمتاع‬
‫‪216‬‬
‫بحريــة األطفــال مجــدد ًا»‪ .‬يقدّ مــان خدمــة تخييــم مــن يــوم واحــد إلــى‬
‫ّ‬
‫تتضمــن ممارســة أكثــر مــن خمســين لعبــة لتعزيــز إبداعــك‬ ‫ّ‬ ‫أســبوع‪،‬‬
‫ـجلوا لــي دور ًا! فــي الواقــع‪ ،‬لــدي نحــو‬
‫وزيــادة ســرورك الداخلــي‪َ .‬سـ ِّ‬
‫خمســين مراهقـ ًا منشــغلين بتطبيــق سناب‪-‬شــات‪ ،‬أو ُّد أن يشــاركوا فــي‬
‫هــذا النشــاط أيضـ ًا‪ .‬عندمــا أمعــن التفكيــر فــي األمــر‪ ،‬قــد أشــارك فــي‬
‫أســابيع تخييــم مختلفــة‪.‬‬
‫ا قصيــر األمــد فقــط‪ .‬ال أظن‬ ‫قــد يبــدو هــذا رائعـ ًا‪ ،‬إال أنــه يقــدّ م حـ ً‬
‫أن االبتعــاد عــن التّقانــة حـ ٌـل ج ّيــدٌ علــى المــدى الطويــل‪ ،‬وال أعتقــد‬
‫أنــه شــيء يســتطيع معظمنــا القيــام بــه فعـاً! ال يكــون النــأي بالنفــس‬
‫ا عملي ـ ًا‪ ،‬أو حتــى مفيــد ًا‪ .‬بالنســبة‬‫عــن أجهزتنــا أســبوع ًا واحــد ًا ح ـ ً‬
‫إلــى بعــض المهنييــن مثــل األطبــاء‪ ،‬قــد تكــون إمكانيــة التواصــل‬
‫معهــم عبــر الهاتــف مســألة حيــاة أو مــوت‪ .‬فيمــا يتع ّلــق بأســر الولــد‬
‫أي وســيلة تواصــل قضيــة حيــاة أو‬ ‫الواحــد‪ ،‬ســيكون افتقادهــم إلــى ّ‬
‫مــوت أيض ـ ًا‪ ،‬أو خطــرة علــى األقــل فــي حــال حصــول أمــر طــارئ‪.‬‬
‫بالنســبة إلــى أولئــك الذيــن يرغبــون باالبتعــاد عــن التّقانــة قليـاً‪ ،‬أظ ُّن‬
‫تزودهــم ببعــض الهــواء‬ ‫ا أن برامــج مثــل كامــب غرونديــد قــد ّ‬ ‫فعــ ً‬
‫الطلــق‪ ،‬وتســاعدهم فــي حــل مشــكالت توتّرهــم‪ ،‬وتمنحهــم نظــرة‬
‫جديــدة علــى الحيــاة‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬كمــا أعــرض فــي ســياق هــذا‬
‫الكتــاب‪ ،‬أجــادل أن التّقانــة ليســت مــاد ًة ســام ًة ينبغــي أن نتخ ّلــص‬
‫منهــا؛ إنهــا أداة‪ ،‬وهــي أدا ٌة يجــب أن نتع ّلــم كيــف نســتخدمها بفاعليــة‪.‬‬

‫ليست التّقانة ما ّد ًة سام ًة ينبغي أن نتخ ّلص منها؛ إنها أداة‪ ،‬وهي‬
‫أدا ٌة يجب أن نتع ّلم كيف نستخدمها بفاعلية‪.‬‬

‫عنــد ابتــكار العجلــة أول مــرة ‪ -‬قبــل وقــت طويــل ‪ -‬أتخ ّيــل أنــه كان‬
‫هنــاك انفجــار مشــابه مــن األفــكار واإلمكانــات الجديــدة‪ .‬جــرى وضــع‬
‫‪217‬‬ ‫العجــات علــى كل شــيء‪ ،‬وغ ّيــر البشــر آنــذاك بيئتهــم إلــى األبــد‪ .‬نعــم‪،‬‬
‫ـات علــى ســفح منحــدر‬ ‫أخمــن حــدوث بعــض الفوضــى عنــد نــزول عربـ ٍ‬
‫ّ‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫قبــل ابتــكار مكابــح العجــات‪ .‬نعــم‪ ،‬لــم يكــن رجــل الكهــف بحاجــة‬
‫إلــى اســتراحة مــن العجلــة‪ ،‬ولــم يشــعر أحــدٌ بحنيــن آنــذاك إلــى «األيــام‬
‫الخوالــي» قبــل العجــات‪ .‬عوضـ ًا عــن هــذا‪ ،‬تع ّلــم البشــر تحقيــق تــوازن‬
‫أفضــل للعجــات‪ .‬ونتيجــة ذلــك‪ ،‬باتــت العجلــة جــزء ًا مــن حيــاة تتقــدّ م‬
‫إلــى األمــام‪.‬‬
‫بتعودنــا المتزايــد‬
‫أظـ ُّن أننــا إذا نظرنــا إلــى القضيــة الرئيســة الخاصــة ّ‬
‫ـي‪ ،‬إذا جــاز التّعبيــر‪.‬‬
‫الرقمـ ّ‬ ‫للتّقانــة‪ ،‬ســنجد أن هنــاك فيـ ً‬
‫ا فــي ســيركنا ّ‬
‫ذلــك الفيــل هــو عــدم قدرتنــا علــى وضــع حــدود فــي هــذا المجــال‬
‫غيــر المعــروف مــن التواصــل المســتمر‪ .‬ربمــا نهــرب مــن مديــر‬
‫ال يتوقــف عــن إمطارنــا برســائل بريــد إلكترونيــة فــي عطلــة نهايــة‬
‫األســبوع‪ ،‬أو صديــق يراســلنا باســتمرار‪ ،‬أو علبــة وارد تن ّبهنــا بنحــو‬
‫ـات بشـ ٍ‬
‫ـرية علــى‬ ‫متواصــل أننــا متأخــرون فــي كل شــيء‪ .‬نضفــي صفـ ٍ‬
‫أجهزتنــا اإللكترونيــة؛ كأنهــا خصــوم يطاردوننــا‪ ،‬لكــن األمــر يســتحق‬
‫التوقــف للتفكيــر بشــأن مــا يثيــر ذلــك الحافــز للهــرب مــن أدواتنــا‪.‬‬
‫ـجعنا مدربــة الحيــاة كلســي هــارت بــروك علــى معرفــة المخــاوف‬ ‫تشـ ّ‬
‫الكامنــة خلــف الدوافــع المختلفــة لســلوكنا‪ .‬هــل تشــعر بالقلــق إذا لــم‬
‫النصيــة‪ ،‬وأنــك قــد تزعــج أحــد ًا بذلــك؟ أو‬
‫تجــب علــى تلــك الرســالة ّ‬
‫هــل تســتخدم البريــد اإللكترونــي علــى أنــه طريقــة لتفــادي المواجهــة‬
‫وجهــ ًا لوجــه؟ هــل تواظــب علــى التو ّثــق مــن وســائل التواصــل‬

‫مستقبل السعادة‬
‫االجتماعــي خوفــ ًا مــن أن يفوتــك شــيء مــا؟ تعــدُّ معرفــة جــذور‬
‫دوافعــك أول خطــوة فــي إحــكام ســيطرتك علــى التقانــة‪.‬‬

‫ا�ستراتيجي‬
‫ّ‬ ‫ف�صل المقب�س على نحو‬
‫‪218‬‬
‫خرجــت مــن ســتاربكس أبــدو مثــل زومبــي (ميــت حــي) مجــدد ًا‪.‬‬
‫كنــت أعمــل علــى حاســوبي المحمــول بجــدّ منــذ بضــع ســاعات‪ ،‬وقــد‬
‫شــعرت بالملــل والتعــب مــن التحديــق إلــى شاشــتي واإلجابة على ســيل‬
‫ـي قليـ ً‬
‫ا لتتك ّيــف‬ ‫ال ينقطــع مــن رســائل البريــد اإللكترونــي‪ .‬أغلقــت عينـ َّ‬
‫الســاطعة‪ ،‬وبحثــت عــن مفاتيــح سـ ّيارتي فــي حيــن‬ ‫مــع شــمس تكســاس ّ‬
‫ـدي‪ ،‬وحاســوبي باألخــرى‪.‬‬ ‫كنــت أحمــل كراميــل فرابتشــينو بإحــدى يـ ّ‬
‫لســت واثقــة إن كانــت الحــرارة أو الكافييــن هــي مــن جعلتنــي أرى‬
‫الســراب‪ ،‬ولكــن تخ ّيلــت آنــذاك أن جهــازي ينزلــق بحركــة بطيئــة مــن‬
‫ذراعــي ويتح ّطــم علــى اإلســمنت‪ .‬انتابتنــي لحظــة واحــدة فقــط‬
‫َّ‬ ‫بيــن‬
‫بالســعادة؛ كأننــي قــد خرجــت منتصــرة مــن‬ ‫شــعور بالراحــة‪ ،‬وحتــى ّ‬
‫صــراع ملحمــي بيــن أضــداد‪ .‬لكــن فكّــرت فــور ًا فــي عــدد الصــور‪،‬‬
‫واألفــكار‪ ،‬وكذلــك وثائــق العمــل التــي سأخســرها إن حــدث ذلــك‪،‬‬
‫فأمســكت حاســوبي بقــوة أكبــر قلي ـاً‪.‬‬
‫قــدت الســيارة إلــى المنــزل محبطــة قليــاً‪ ،‬ودخلــت البيــت‬
‫بتثاقــل‪ ،‬وألقيــت حقيبــة حاســوبي علــى أقــرب كرســي‪ .‬كنــت أعــرف‬
‫أننــي لســت الوحيــدة التــي «أنهكتهــا التّقانــة»‪ .‬كانــت إحــدى بناتــي‬
‫الجميــات والذكيــات تجلــس علــى األريكــة تشــاهد نتفلكــس‬
‫(‪)Netflix‬؛ فــي حيــن تجلــس الثانيــة بجانبهــا تلعــب علــى آي‪-‬فــون‬
‫مــن دون أن تكتــرث بــأي شــيء آخــر‪ ،‬وتســترخي الثالثــة علــى وســادة‬
‫ضخمــة تقــرأ واجبهــا المدرســي عــن فنــون اللغــة علــى جهــاز آي‪-‬باد‪،‬‬
‫ـاد علــى وجههــا (ال عجــب أن ســتيف جوبــز ال يســمح أبــد ًا‬ ‫والملــل بـ ٍ‬
‫ألبنائــه باللعــب علــى هــذه األجهــزة!)‪ .‬فــي تلــك األثنــاء‪ ،‬كان زوجــي‬
‫يجلــس إلــى طاولــة المطبــخ‪ ،‬مشــغوالً بالكتابــة علــى حاســوب عملــه‪،‬‬
‫وهاتفــه مث ّبــت بيــن وجنتــه وذقنــه‪ ،‬والجدّ يــة بادي ـ ٌة علــى محيــاه‪.‬‬
‫عندمــا لــم يلحــظ أحــدٌ وجــودي‪ ،‬وجــدت مقبس ـ ًا قــرب طاولــة‬
‫‪219‬‬ ‫المطبــخ وأخرجــت حاســوبي المحمــول لشــحن بطاريتــه‪ .‬أيــن كانــت‬
‫الســعادة فــي وســط كل تلــك الدّ وائــر الكهربائيــة؟‬
‫ّ‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫يمكــن أن أخبركــم أن الســاعات القليلــة اآلتيــة فــي منزلــي لــم‬


‫تنقــض علــى مــا يــرام فــي تلــك الليلــة‪ .‬حدثــت نوبــات غضــب‬ ‫ِ‬
‫صــك األســنان عنــد فصــل جهــاز مــن قبــل‬ ‫ّ‬ ‫تكنولوجيــة (مــن نــوع‬
‫وتجهــم الوالــدان‪ ،‬وذهــب الجميــع إلــى النــوم فــي‬
‫ّ‬ ‫زومبــي مص ّغــر)‪،‬‬
‫وقــت متأخــر‪ .‬الحقيقــة أنــه ال يمكــن إلقــاء اللــوم علــى األجهــزة‪،‬‬
‫ـة لتوفيــر وقــت‬‫وإنمــا األبويــن (آه! اإلقــرار بهــذا مؤلــم)‪ .‬فــي محاولـ ٍ‬
‫إضافــي للعمــل‪ ،‬جلبــت وزوجــي مــن دون قصــد منــا جليســات‬ ‫ّ‬
‫أطفــال رقم ّيــة ‪.‬‬
‫أشــاطرك هــذه اللمحــة الباهتــة مــن حياتــي؛ ألنــك قــد تكــون‬
‫واجهــت موقف ـ ًا مماث ـاً‪ .‬عوض ـ ًا عــن االنشــغال المتواصــل بأجهزتنــا‪،‬‬
‫ـس الحاجــة أحيانـ ًا إلــى التواصــل بعضنــا مــع بعــض‪ ،‬وجــدت‬ ‫نكــون بأمـ ِّ‬
‫دراســة حديثــة أن األطفــال يجــب أن يوقفوا أجهزتهــم عن العمــل بانتظام‬
‫ليفهمــوا الحــدود الواضحــة بيــن العالميــن االفتراضــي والحقيقــي(‪ .)52‬إذا‬
‫ـور القشــرة األماميــة الجبهيــة؛ المنطقــة الدماغيــة المســؤولة عــن‬ ‫لــم تتطـ ّ‬
‫التحفيــز‪ ،‬بنحــو كامــل حتــى منتصــف العشــرينيات‪ ،‬ينبغــي أال يندهــش‬
‫اآلبــاء إذا اكتشــفوا أن األبنــاء المشــغولين بهواتفهــم الذكيــة يفتقــرون‬
‫إلــى الســيطرة علــى االندفــاع (االنفعــاالت)‪ ،‬ويكونــون أكثــر عرضــة‬
‫ـود التّقانــة(‪ .)53‬الحقيقــة هــي أننــا نحتــاج جميع ـ ًا إلــى تلــك الحــدود‬
‫لتعـ ّ‬
‫فــي حياتنــا وأماكــن عملنــا أكثــر مــن قبــل‪ .‬هنــاك شــيء غيــر طبيعــي‬

‫مستقبل السعادة‬
‫بالتأكيــد فــي دخولــي المنــزل ووصــل حاســوبي الشــخصي بالمقبــس‬
‫الكهربائــي قبــل معانقــة زوجــي وبناتــي‪ .‬يجــب أن نتع ّلــم إدارة أجهزتنــا‪،‬‬
‫ال اســتخدامها فقــط‪.‬‬
‫عوضـ ًا عــن االبتعــاد عــن أجهزتنــا‪ ،‬أدافــع عــن طريقــة أدعوهــا «فصــل‬
‫ـتراتيجي»‪ .‬ألثبــت لــك أن التّقانــة أداة‪ ،‬ال مــا ّدة‬
‫ّ‬ ‫المقبــس علــى نحــو اسـ‬ ‫‪220‬‬
‫ســا ّمة‪ ،‬سأســتخدمها لمســاعدتك فــي إحــكام ســيطرتك علــى أجهزتــك‪.‬‬
‫هدفنــا هــو التحكّــم بدوافعنــا‪ ،‬والتح ّلــي بالجدّ يــة بشــأن متــى‪ ،‬وأيــن‪،‬‬
‫ولمــاذا‪ ،‬وكيــف نســتخدم التقانــة؟‬

‫اقتراحات قد تجعلك �أكثر �سعادة‬


‫نصــب تطبيــق إنســتانت (‪ )Instant‬أو‬ ‫‪ .1‬معرفــة اإلحصائيــات‪ِّ .‬‬
‫مومنــت (‪ )Moment‬لتعــرف عــدّ د المــرات التــي تش ـ ّغل فيهــا‬
‫هاتفــك كل يــوم‪ .‬يتو ّثــق الشــخص العــادي مــن هاتفــه ‪150‬‬
‫مــرة يوميـ ًا‪ .‬إذا اســتغرقت كل عمليــة إلهــاء دقيقــة واحــدة فقــط‬
‫(تقديــر متفائــل حقــ ًا)‪ ،‬ســيعني هــذا قضــاء ‪ 2.5‬ســاعة مــن‬
‫دون جــدوى كل يــوم‪ .‬هــذا يعنــي ‪ 912.5‬ســاعة فــي العــام‪،‬‬
‫أو نحــو ثمانيــة وثالثيــن يوم ـ ًا كل ســنة‪ .‬هــل تــرى المشــكلة؟‬
‫قــد يكــون األكثــر إزعاج ـ ًا هــو أننــي علمــت أخيــر ًا أن شــركة‬
‫خلــوي رائــدة تعــرض علــى زبائنهــا خصمــ ًا قــدره خمســة‬
‫حملــوا تطبيــق يســمح‬ ‫دوالرات مــن فواتيرهــم الشــهرية إذا ّ‬
‫بعــرض إعالنــات قصيــرة فــي كل مــرة يفتحــون فيهــا هواتفهم‪،‬‬
‫ممــا قــد يزيــد مــدة اإللهــاء بطريقــة ّأســية‪ .‬تزيــد معرفــة‬
‫اإلحصائيــات وعيــك‪ ،‬ممــا يســمح لــك باعتمــاد إجــراءات‬
‫وقائيــة بشــأن طريقــة قضــاء وقتــك واســتهالك طاقتــك‪.‬‬

‫يتو ّثق الشخص العادي من هاتفه ‪ 150‬مرة يومي ًا‪ .‬إذا استغرقت‬
‫كل عملية إلهاء دقيقة واحدة فقط (تقدير متفائل حق ًا)‪ ،‬سيعني‬
‫هذا قضاء ‪ 2.5‬ساعة من دون جدوى كل يوم‪ .‬هذا يعني ‪912.5‬‬
‫ساعة في العام‪ ،‬أو نحو ٍ‬
‫ثمان وثالثين يوم ًا كل سنة‪.‬‬
‫‪221‬‬

‫‪ .2‬معرفــة حــدودك‪ .‬ال ينبغــي أن تغلــق أجهــزة التّقانــة دائمـ ًا‪،‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪4‬‬

‫كل مــا تحتاجــه أحيانـ ًا هــو أن تعــرف كيــف تضــع حــدود ًا‬
‫الســعادة‪ .‬كمــا ناقشــنا‬ ‫وقيــود ًا حتــى ال تقــع مــن جــرف ّ‬
‫فــي االســتراتيجية رقــم ‪ ،1‬يخضــع كل تطبيــق نســتخدمه‬
‫إلــى قانــون تناقــص الغ ّلــة‪ ،‬ممــا يعنــي أنــه يمكــن‬
‫اإلفــراط فــي اســتعمال أكثــر البرامــج فائــدة‪ .‬إذا شــرعت‬
‫داخلــي حيــن تــكاد تســقط مــن‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫شــعور‬ ‫فــي مالحظــة‬
‫الســعادة‪ ،‬يمكــن أن تع ّلــم نفســك االبتعــاد‬ ‫حافــة جــرف ّ‬
‫عــن ذلــك الســلوك فــي حيــن ال تــزال الفرصــة ســانحة‪.‬‬
‫حمــل‬ ‫لمعرفــة التطبيقــات التــي تُفــرط فــي اســتعمالها‪ّ ،‬‬
‫تطبيــق بريــك (‪ )Break‬المجانــي لتعلــم عــدد المــرات‬
‫التــي تســتخدم فيهــا تطبيقــات أو برامــج مختلفــة(‪.)54‬‬
‫إضافــة إلــى الحــد مــن اســتعمال الهاتــف‪ ،‬يمكــن أن تطلــق‬
‫لخيالــك العنــان بشــأن وضــع حــدود الســتعمال التّقانــة فــي‬
‫مجــاالت أخــرى مــن حياتــك‪ ،‬مثــل االمتنــاع عــن التّقانــة‬
‫سيحســن إنتاجيتــك ومزاجــك فــي المســتقبل‬ ‫فــي الليــل‪ ،‬ممــا ّ‬
‫أيضــ ًا‪ .‬يمكــن أن تضــع حــدود ًا أيضــ ًا لعــدد النّــاس الذيــن‬
‫يتابعونــك علــى تويتــر‪ ،‬أو عــدد الكتــب اإللكترونيــة والســمعية‬
‫التــي تشــتريها‪ ،‬أو التطبيقــات التــي تحتفــظ بهــا‪ .‬عوضــ ًا‬

‫مستقبل السعادة‬
‫عــن محاولــة اســتهالك كل شــيء خوفــ ًا مــن ضيــاع فرصــة‬
‫االســتفادة منــه‪ ،‬تع ّلــم الحصــول فقــط علــى مــا يمكنــك‬
‫اســتهالكه واالســتمتاع بــه فع ـاً‪ .‬تقــول أمــي دائم ـ ًا‪« :‬مقابــل‬
‫كل دميــة جديــدة تحصليــن عليهــا‪ ،‬يجــب أن تســتغني عــن‬
‫أخــرى قديمــة إلفســاح مجــال للوافــد الجديــد»‪ .‬يشــاهدني‬
‫بوبــو أحطــم اآلي‪-‬فــون الخــاص بــي قبــل إصــدار النمــوذج‬ ‫‪222‬‬
‫الجديــد منــه‪ .‬إننــي أفســح المجــال فحســب! غمــزة‪ ،‬غمــزة‪.‬‬
‫(آمــل أال يســتفيض فــي الحديــث عــن هــذا فــي الكتــاب)‪.‬‬
‫حمــل تطبيــق أنبلوغــد (‪)Unplugged‬‬ ‫‪ .3‬معرفــة نقــاط ضعفــك‪ّ .‬‬
‫آلي‪-‬فــون أو أوفتايــم (‪ )Offtime‬لألندرويــد لتعزيــز إرادتك‬
‫يشــجع‬
‫ّ‬ ‫فــي وضــع الهاتــف جانبــ ًا بيــن الفينــة واألخــرى‪.‬‬
‫تطبيــق أنبلوغــد علــى وضــع هاتفــك بوضعيــة الطيــران‬
‫مــدة قصيــرة مــن أجــل زيــادة التركيــز أو التواصــل مــع‬
‫اآلخريــن بفاعليــة أكبــر‪ .‬يضــع تطبيــق أوفتايــم قائمــة بيضــاء‬
‫باالتصــاالت التــي ســترغب بالــرد عليها فــي وقــت راحتك‪،‬‬
‫مثــل زوجــك أو أبنائــك‪ ،‬فــي حيــن يغلــق كل التطبيقــات‬
‫نصيــة‪ ،‬أو بريــد‬
‫األخــرى‪ ،‬أو يحظــر مكالمــات‪ ،‬أو رســائل ّ‬
‫إلكترونــي خــارج نطــاق الالئحــة(‪ .)55‬نعــرف أن مجــرد‬
‫وجــود هاتــف خلــوي إلــى جانبــك ‪ -‬حتــى إذا لــم تلمســه‬
‫‪ -‬يخفــض إنتاجيتــك ويضعــف قدرتــك علــى التواصــل مــع‬
‫أشــخاص آخريــن(‪.)57( ،)56‬‬
‫ا فــي كوريــا أن‬ ‫وجــدت دراســة حديثــة شــملت ‪ 450‬عامــ ً‬
‫األشــخاص الذيــن يحصلــون علــى اســتراحات قصيــرة مــن‬
‫العمــل مــن دون هواتفهــم الخلويــة يشــعرون بنشــاط أكبــر‪،‬‬
‫أفــراد يحملــون هواتفهــم فــي‬‫ٍ‬ ‫وإرهــاق عاطفــي أقــل‪ ،‬مــن‬
‫اســتراحاتهم‪ ،‬بغــض النظــر عــن اســتخدامهم لهــا أو ال!(‪ )58‬قــد‬
‫تكــون هــذه اســتراتيجية فاعلــة لالســتفادة مــن اســتراحة الغداء‬
‫للشــعور بالنشــاط مجــدد ًا‪ ،‬أو التواصــل مــع األصدقــاء‪ .‬فــي‬
‫الســعادة‪ ،‬يدعــو شــون هــذا المبــدأ بقاعــدة «العشــرين‬ ‫أفضليــة ّ‬
‫ثانيــة»؛ ألنــك تحــاول زيــادة طاقــة التنشــيط باالبتعــاد عــن‬
‫‪223‬‬
‫هاتفــك عشــرين ثانيــة‪ ،‬وهــي المــدة التــي يقـ ّـرر فيهــا دماغــك‬
‫عــاد ًة أن مــا يقــوم بــه عــبء ثقيــل عليــه‪ ،‬وأنــه يجــب أن يتوقف‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫عــن ذلــك (هاهــا! إليــك هــذا أيهــا الدمــاغ الكســول!)‪.‬‬


‫(‪Live‬‬ ‫حمــل تطبيــق لِــف إنتنشــونالي‬ ‫‪ .4‬معرفــة نوايــاك‪ّ .‬‬
‫ـدون صراحــة كيــف تــو ُّد أن تســتخدم التّقانــة‬
‫‪ )Intentionally‬لتـ ّ‬
‫فــي المســتقبل‪ .‬مثــاً‪ ،‬يمكــن أن تكتــب‪:‬‬
‫أنوي استخدام هاتفي على أنه أداةٌ‪ ،‬ال وسيلة هروب‪.‬‬
‫أنــوي التو ّثــق مــن بريــدي اإللكترونــي مــرة واحــدة فقــط فــي‬
‫اليــوم‪.‬‬
‫أنوي إغالق هاتفي وقت تناول العشاء مع األسرة‪.‬‬
‫أنوي النظر إلى عيون النّاس‪ ،‬بدالً من شاشتي‪.‬‬
‫إذا لــم تحــدّ د نوايــا واضحــة مــن أجــل المضــي قدمــ ًا إلــى‬
‫ويعــزز‬
‫ّ‬ ‫األمــام‪ ،‬ســيلجأ دماغــك إلــى الذاكــرة العضليــة‬
‫العــادات الســابقة‪ .‬يلتــزم األشــخاص الذيــن يقومــون بتدويــن‬
‫أهدافهــم بإنجازهــا بنســبة ‪ ٪42‬أعلــى مــن اآلخريــن(‪.)59‬‬
‫كمــا ذكــرت ســابق ًا‪ ،‬ف ّكــر فــي أن تبــدأ يومــك (عطلــة نهايــة‬
‫األســبوع أيضـ ًا) بقضــاء دقيقتيــن قبــل حتــى أن تلمــس هاتفــك‬
‫أو حاســوبك‪ ،‬واالســتمتاع بتلــك «االســتراحة الخاليــة مــن‬

‫مستقبل السعادة‬
‫التّقانــة» فــي بدايــة اليــوم‪.‬‬

‫إذا لم تحدّ د نوايا واضحة من أجل المضي قدم ًا إلى األمام‪،‬‬


‫سيلجأ دماغك إلى الذاكرة العضلية ويعزّز العادات السابقة‪.‬‬
‫يلتزم األشخاص الذين يقومون بتدوين أهدافهم بإنجازها بنسبة‬
‫‪ ٪42‬أعلى من اآلخرين‪.‬‬ ‫‪224‬‬

‫ر�ؤية م�شتركة عن الم�ستقبل‬


‫لقــد أزالــت الثــورة التكنولوجيــة الحــدود أمــام التفاعــات‬
‫وغيــرت متــى‪ ،‬ولمــاذا‪ ،‬وأيــن‪ ،‬وكيــف نقــول األشــياء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫البشــرية‪،‬‬
‫نعــرف أن التّقانــة موجــودة لتبقــى‪ ،‬لــذا يجــب أن نكــون مشــاركين‬
‫فاعليــن فــي إعــادة كتابــة قواعــد اســتخدامنا لهــا مــن أجــل التواصــل‪،‬‬
‫وتحديــد المســاحات واألماكــن التــي نعيــش‪ ،‬ونعمــل‪ ،‬ونتع ّلــم فيهــا‪.‬‬
‫ويمكــن أن تبــدأ بهــذا فــي زاويتــك الخاصــة مــن هــذا العالــم‪.‬‬
‫نعرف أن التّقانة موجودة لتبقى‪ ،‬لذا يجب أن نكون مشاركين‬
‫فاعلين في إعادة كتابة قواعد استخدامنا لها من أجل التواصل‪،‬‬
‫وتحديد المساحات واألماكن التي نعيش‪ ،‬ونعمل‪ ،‬ونتع ّلم فيها‪.‬‬
‫بــدالً مــن الســعي نحــو مســتقبل يم ّثــل فيــه ذا جتســونز المعيــار‬
‫الذهبــي ألســلوب العيــش‪ ،‬يمكــن أن نتجــاوز حتــى تلــك الرؤيــة‪.‬‬
‫ـئ يســهم في ســمو البشــرية‬ ‫ـتقبل دافـ ٍ‬
‫بمقدورنــا المشــاركة فــي بنــاء مسـ ٍ‬
‫ـهل‬‫بإيجــاد فســحة فــي حياتنــا للعيــش والتن ّفــس‪ ،‬وإنشــاء أماكــن تسـ ّ‬
‫انبثــاق أفضــل مــا فــي التفاعــات اإلنســانية والتّعــاون بيــن البشــر‪،‬‬
‫وبنــاء أســوار ســعادة لتعزيــز التواصــل‪ ،‬وتحقيــق التــوازن فــي حياتنــا‪.‬‬

‫مقتطف من مد ّونة كري�ستين كارتر؛‬


‫ال�سعادة‬
‫م�ؤلفة‪ :‬البقعة الجميلة وزيادة ّ‬
‫إذا لــم تكــن تتم ّتــع بــإرادة صلبــة‪ ،‬لــن تســتطيع عــاج نفســك‬
‫ـود هاتفــك الذكي‪/‬بريــدك اإللكتروني‪/‬اإلنترنــت مــن‬ ‫مــن تعـ ّ‬
‫أول مــرة‪ .‬تشــير األبحــاث إلــى أن ‪٪88‬مــن النّــاس قــد فشــلوا‬
‫‪225‬‬
‫فــي تطبيــق قــرار جديــد اتخــذوه‪ .‬اســتناد ًا إلــى خبرتــي بوصفــي‬
‫ومدربــة‪ ،‬يخفــق ‪ ٪100‬مــن النّــاس الذيــن يحاولــون‬ ‫ّ‬ ‫إنســانة‬
‫خفــض وقــت بقائهــم أمــام شاشــاتهم فــي تلــك المحــاوالت‪.‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫إذا كنــت تعانــي مــن مشــكلة فصــل المقبــس هــذه‪ ،‬مــن المهــم‬
‫أال تشــعر بالقلــق أو تستســلم لالنتقــاد الذاتــي‪ .‬عوضــ ًا عــن‬
‫هــذا‪ ،‬ســامح نفســك‪ ،‬وذكّرهــا أن العثــرات جــزء مــن العمليــة‪،‬‬
‫وأن الشــعور بالذنــب أو الســوء بشــأن تصرفاتــك لــن يزيــد‬
‫فــرص نجاحــك فــي المســتقبل‪.‬‬
‫إذا لــم تكــن تنجــح فــي فصــل المقبــس‪ ،‬مــن المهــم أن تحــدّ د‬
‫ماهيــة المشــكلة‪ .‬قــد يكــون هــذا واضحـ ًا بجــاء‪ ،‬ولكــن مــن‬
‫أجــل أن تكــون أكثــر نجاح ـ ًا فــي الغــد‪ ،‬يجــب أن تعــرف مــا‬
‫هــي أســباب تع ّثــرك‪ .‬مــا هــو اإلغــراء الــذي يمكنــك التخ ّلــص‬
‫منــه؟ هــل كنــت تشــعر بالتوتّــر‪ ،‬أو التعــب‪ ،‬أو الجــوع حيــن‬
‫فشــلت‪ ،‬إذا كان هــذا صحيح ـ ًا‪ ،‬كيــف يمكنــك منــع ذلــك فــي‬
‫المــرة اآلتيــة؟ اكتشــف األمــر‪ ،‬وضــع خ ّطــة محــدّ دة لمــا يجــب‬
‫أن تفعلــه إذا وجــدت نفســك فــي وضــع مشــابه مجــدد ًا‪ .‬مــاذا‬
‫ســتفعل بنحـ ٍ‬
‫ـو مختلــف؟ مــاذا قــد تع ّلمــت مــن تلــك الهفــوة؟‬
‫األهــم هــو أن تريــح نفســك فــي أثنــاء هــذه العملية‪ .‬لتشــجيع‬
‫أنفســنا علــى مواصلــة العمــل بشــأن نوايانــا الجيــدة‪ ،‬يجــب‬
‫أن نشــعر باألمــان والطمأنينــة‪ .‬عندمــا نقــع ضحيــة التوتّــر‪،‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫تحــاول عقولنــا إنقاذنــا بتفعيــل نظــام الدوباميــن فــي‬
‫أجســادنا‪ ،‬وهــي مــادة كيميائيــة تســهم فــي جعــل عوامــل‬
‫اإلغــراء أكثــر جذبـ ًا لنــا‪ .‬ف ّكــر فــي هــذا حيــن يدفعــك عقلك‬
‫نحــو شــيء مريــح ‪ ...‬مثــل زر الغفــوة عوض ـ ًا عــن الجــري‬
‫فــي الصبــاح‪ ،‬وحلقــات البصــل عوضــ ًا عــن الخضــار‪ ،‬أو‬
‫‪226‬‬
‫ركــوب ســيارة أجــرة مريحــة للذهــاب إلــى العمــل بــدالً‬
‫دراجــة هوائيــة أقــل راحــة‪ .‬يكــون أفضــل شــيء يمكننــا‬ ‫مــن ّ‬
‫فعلــه أحيانـ ًا لمســاعدة أنفســنا علــى فصــل المقبــس هــو نيــل‬
‫صح ّيــة قبــل أن يتو ّلــى‬ ‫ٍ‬
‫قســط مــن الراحــة الوقائيــة بطــرق ّ‬
‫دماغنــا زمــام األمــور‪.‬‬

‫خال�صة‬
‫يتط ّلــب تد ّفــق ســيل التّقانــة الجديــد فــي حياتنــا وجــود فســحة‬
‫جســدية وذهنيــة الســتخدام تلــك األدوات بنحـ ٍ‬
‫ـو مالئ ـ ٍم‪ ،‬وبطريقــة‬
‫الســعادة‪ .‬تركّــز االســتراتيجية رقــم ‪ 4‬علــى االســتفادة مــن‬‫تعــزز ّ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫مختلفــة لتنظيــم ذلــك‪ ،‬واســتعادة الســيطرة علــى حياتنــا‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫طــرق‬
‫إضافــة إلــى وضــع حــدود وقيــود فاعلــة علــى اســتخدامنا للتّقانــة‪.‬‬
‫�إن�شاء بيئة لل�سعادة بـ‪:‬‬
‫ال بالتخ ّلــص‬
‫للســعادة مســتقب ً‬
‫✓ ✓إيجــاد فســحة فــي حياتــك ّ‬
‫مــن الفوضــى فــي بيئتــك وذهنــك‪.‬‬
‫✓ ✓تصميــم األماكــن التــي نعيــش‪ ،‬ونعمــل‪ ،‬ونتع ّلــم فيهــا‪،‬‬
‫لتمنحنــا ســعادة أكبــر‪.‬‬
‫✓ ✓بنــاء أســوار ســعادة الســتخدام التّقانــة‪ ،‬قبــل أن يقــع‬
‫الســعادة‪.‬‬
‫المــرء مــن حافــة جــرف ّ‬

‫‪227‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬
‫االستراتيجية رقم ‪5‬‬
‫االبتكار بوعي‬

‫كيف ت�ستخدم قدرتك الفطرية‬


‫وال�سعادة‬
‫في تكوين م�ستقبل التّقانة ّ‬

‫‪229‬‬
‫أتذ ّكــر أننــي ذرفــت دمــوع الدّ هــش والفــرح حيــن رأيت برنامــج تيد‬
‫أول مــرة‪ ،‬الــذي تحــدّ ث عــن فتــى فــي العاشــرة مــن عمــره يدعــى لوك‬
‫ماســيال‪ .‬ولــد الصبــي بـــ «سنســنة» مشــقوقة (تشـ ّقق العمــود الفقري)‪،‬‬
‫وخضــع إلــى ســت عشــرة عمليــة جراحيــة مختلفــة فــي عمــره القصير‪.‬‬
‫كانــت مثانتــه تعانــي ُق ُصــور ًا حــا ّد ًا‪ ،‬والبــول يتراكــم فــي كليتيــه‪ ،‬ممــا‬
‫قــد يــؤ ّدي إلــى إصابتــه بفشــل كلــوي‪ .‬عندمــا بــدا الوضــع عضــاالً‪،‬‬
‫تل ّقــت أســرة لــوك مكالمــة مــن د‪ .‬أنطونــي أتــاال‪ ،‬أخبرهــم فيهــا عــن‬
‫جراحــة تجريبيــة جديــدة لــزرع مثانــة مصنوعــة بتقانــة ثالث ّيــة األبعــاد‬
‫مــن خاليــا جذعيــة تركيبيــة‪ .‬لــم تنجــح الجراحــة فقــط‪ ،‬وإنمــا جعلــت‬
‫الفتــى يتعافــى ويســتمتع بحياتــه أيض ـ ًا‪ .‬يبلــغ عمــر لــوك اليــوم ثالثــة‬
‫وعشــرين عامـ ًا‪ ،‬وهــو طالــب جامعــي وعضــو فــي فريــق المصارعــة‪.‬‬
‫شــرح د‪ .‬أتــاال فــي برنامــج تيــد أن البــدء بزراعــة األعضــاء يعــود إلــى‬
‫‪ ،1938‬إال أنــه بفضــل تعــاون علمــاء أعصــاب‪ ،‬وباحثيــن‪ ،‬ومبتكريــن‪،‬‬
‫ومموليــن‪ ،‬اســتطاع معهــد ويــك فوريســت (‪ )Wake Forest‬لل ّطــب‬ ‫ّ‬
‫التجديــدي أن يطبــع بنجــاح مثانــة لــوك‪ ،‬إلــى جانــب عــدّ ة أعضــاء‬
‫أخــرى منــذ ذلــك الوقــت‪.‬‬
‫هــذا رائــع! عندمــا أف ّكــر فــي العالــم الــذي ســتترعرع فيــه بناتــي‬
‫اليافعــات‪ ،‬يبــدو المســتقبل مشــرق ًا بنحــو ال ُيصــدّ ق‪ ،‬وينتابنــي أمــل‬
‫بــأن الحيــاة ســتكون أفضــل لهــن علــى جبهــات مختلفــة‪ .‬أحــب رؤيــة‬
‫قصــص عــن التّقانــة الملهمــة‪ ،‬وأشــاركها باســتمرار مــع أصدقائــي‬ ‫ٍ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫علــى وســائل التواصــل االجتماعــي‪ .‬تُســتخدم قصــص التّقانــة هــذه‬
‫تكملــة ألحــام ذا جتســونز بوجــود ســيارات تطيــر للتخ ّلــص مــن‬
‫زحــام الســير‪ ،‬وآلييــن يســتطيعون طــي الغســيل لــك‪ .‬لكــن الســؤال‬
‫التطــورات العالــم مكانــ ًا‬
‫ّ‬ ‫المهــم جــدًّ ا هــو‪ :‬هــل ســتجعل هــذه‬
‫ـورات‬ ‫أكثــر ســعادة‪ ،‬أو راحــة؟ إذا كان الجــواب (ال)‪ ،‬هــل هنــاك تطـ ّ‬
‫ســتجعله هكــذا حقــ ًا؟‬ ‫‪230‬‬

‫االســتراتيجية رقــم ‪ 5‬دعــو ٌة لــك للعمــل علــى االبتــكار بوعــي‬


‫والتحرك‬ ‫عمــا يمكــن للتّقانــة فعلــه لتعزيــز ســعادتك‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫وتفــان‪ ،‬االبتعــاد ّ‬
‫عوضـ ًا عــن هــذا باتجــاه الطريــق التــي يمكــن أن تســاعد فيهــا بفاعليــة‬
‫فــي تكويــن مســتقبل التّقانــة لجعــل العالــم أكثــر ســعادة‪ .‬أدعــوك‬
‫إلــي فــي التفكيــر بشــأن مــا نريــد أن يبــدو عليــه شــكل‬‫ّ‬ ‫لالنضمــام‬
‫المســتقبل‪ ،‬وكيــف يمكننــا االســتفادة مــن التّقانــة الراهنــة‪ ،‬وكيــف‬
‫نســتطيع اســتخدام نفوذنــا لتغييــر العالــم حولنــا‪.‬‬

‫ال�سعادة‬
‫التحدي‪ :‬ال�سعي لترقية ّ‬
‫ّ‬
‫انظــر حولــك ‪ ...‬مــن هاتفــك إلــى حاســوبك إلــى ســ ّيارتك‪،‬‬
‫لدينــا تقانــة فــي حياتنــا العاديــة كانــت ســتصيبنا بالذهــول قبــل‬
‫عشــرة أعــوام‪ .‬لــو كنــا نتم ّتــع بالقــدرة علــى رؤيــة المســتقبل وعرفنــا‬
‫أن ســكايب ســيمنحنا يوم ـ ًا مــا القــدرة علــى التواصــل الفــوري مــع‬
‫أصدقائنــا وأفــراد أســرنا فــي كل أرجــاء العالــم‪ ،‬لقلنــا بالتأكيــد إن‬
‫التّقانــة ســتزيد ســعادتنا بنحــو اســتثنائي‪ .‬لكــن تُظهــر اإلحصائيــات أن‬
‫معــدّ الت االكتئــاب قــد تضاعفــت فــي تلــك األعــوام العشــرة‪ .‬علــى‬
‫ـورات رائعــة فــي كل مجــال مــن المعرفــة‪ ،‬إال أن‬ ‫الرغــم مــن ظهــور تطـ ّ‬
‫التّقانــة لــم تجعلنــا فــي الواقــع أكثــر ســعادة‪.‬‬
‫بقــدرة علــى التأثيــر علــى مســتويات‬ ‫ٍ‬ ‫تتمتّــع التّقانــة بالتأكيــد‬
‫«الســعادة‬
‫الســعادة أن‪ّ :‬‬ ‫ســعادتنا‪ ،‬ولكــن شــون يكتــب فــي أفضليــة ّ‬
‫خيــار يجــب أن نعمــل علــى إنجــازه بفاعليــة بصقــل‬ ‫ٌ‬ ‫خيــار؛ وهــي‬
‫الســعادة وســيلة‪ ،‬ال غايــة‪ .‬إنهــا‬
‫طريقــة تفكيــر متفائلــة فــي الحاضــر»‪ّ .‬‬
‫أداة‪ ،‬ال نتيجــة ثانويــة؛ وطريقــة تفكيــر‪ ،‬ال خالصــة‪ .‬يعــدُّ انتظــار تقانــة‬
‫‪231‬‬ ‫المســتقبل لتجعلنــا ســعداء وصفــة لخيبــة األمــل؛ ألننــا فــي كل مــرة‬
‫الســعادة‪.‬‬
‫نقــوم فيهــا بالترقيــة‪ ،‬ســتظهر لنــا نســخة جديــدة مــن ّ‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫السعادة وسيلة‪ ،‬ال غاية‪ .‬إنها أداة‪ ،‬ال نتيجة ثانوية؛ وطريقة تفكير‪،‬‬
‫ّ‬
‫ال خالصة‪ .‬يعدُّ انتظار تقانة المستقبل لتجعلنا سعداء وصفة‬
‫لخيبة األمل؛ ألننا في كل مرة نقوم فيها بالترقية‪ ،‬ستظهر لنا‬
‫السعادة‪.‬‬‫نسخة جديدة من ّ‬
‫ي�شرح جاكوب وي�سبرغ في كتابه المو�سوم «من�شغلون بنحو بائ�س»‬
‫لقــد طغــت متط ّلبــات االقتصــاد الناشــئ علــى طموحــات التصميــم‬
‫ٍ‬
‫ـري حتــى اآلن‪ .‬ليــس هنــاك أمـ ٌـل بفــرض ســيطرة مــن ّ‬
‫أي‬ ‫ـي البشـ ّ‬
‫الرقمـ ّ‬‫ّ‬
‫نــوع‪ ،‬مــا دام بمقــدور مهندســي البرمجيــات تقديــم منتجــات مجانيــة‬
‫جذابــة مباشــرة إلــى األوالد‪ ،‬واآلبــاء الذيــن يعــدّ ون مسـ ِ‬
‫ـتخدمين ُمجبرين‬ ‫ّ‬
‫ُ‬
‫علــى أمرهــم‪ .‬ال يمكــن أن ندافــع عــن أنفســنا ضــد توابــع الكابتولوجــي‬
‫البشــري] (التّقانــة التــي تجــذب‬
‫ّ‬ ‫[اســتخدام التّقانــة لتعديــل الســلوك‬
‫اهتمامــك) بــأن نطلــب بلطــف التخفيــف مــن اآلالت المغريــة(‪.)1‬‬
‫ـل مــن اإلحبــاط عنــد قــراءة عنــوان‬ ‫علــى الرغــم مــن شــعورنا بقليـ ٍ‬
‫كتــاب ويســبرغ‪ ،‬إال أننــي أرفــض تصديــق أننــا «منشــغلون بنحــو‬
‫بائــس»‪ ،‬ونخــوض فــي المــاء نحــو مصيرنــا المحتــوم‪ .‬ال يمكــن‬
‫أن نجلــس مرتاحيــن ونأمــل أن يدفعنــا اقتصــاد يهيمــن عليــه قانــون‬
‫العــرض والطلــب فــي االتجــاه الصحيــح‪ ،‬ينبغــي أن نســتخدم قدراتنــا‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الفطريــة لدفــع الســوق فــي االتجــاه الــذي نرغــب بــه‪ ،‬وإبالغــه عــن‬
‫المــكان الــذي نريــد الوصــول إليــه عبــر خياراتنــا الواعيــة‪.‬‬
‫قبــل عشــرين عامـ ًا‪ ،‬كان االعتقــاد الســائد فــي الحوســبة الوجدانيــة‬
‫والرفــاه) أننــا إذا أردنا‬
‫الصحــة ّ‬ ‫ّ‬ ‫(فــرع مــن علــوم الحاســوب ير ّكــز علــى‬
‫أن نصيــر أكثــر ذكا ًء‪ ،‬يجــب أن نتخ ّلــص مــن المشــاعر التــي تُحــدث‬
‫‪232‬‬
‫انحيــاز ًا فــي عمليــة صنــع القــرار‪ .‬يشــرح رافائيــل كالفــو؛ األســتاذ فــي‬
‫جامعــة ســيدني ومديــر مختبــر الحوســبة اإليجاب ّيــة‪:‬‬
‫تعــزز رفاهنــا بفاعليــة‪ ،‬ســ ُيعزى‬
‫الرقميــة ّ‬ ‫إذا لــم تكــن التّقانــات ّ‬
‫الســبب ببســاطة إلــى أننــا لــم نأخــذ ذلــك بالحســبان فــي دورة تصميــم‬
‫التّقانــة‪ .‬لقــد ســهونا عــن ذلــك لعــدّ ة أســباب‪ ،‬وفيهــا موقــف تاريخــي‬
‫لــدى المهندســين وعلمــاء الحاســوب يجعلنــا أكثــر راحــة حيــن‬
‫ســمات يصعــب قياســها‪ ،‬وإن تكــن ذات قيمــة كبيــرة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫نبتعــد عــن‬
‫الرفــاه تقليدي ـ ًا‬
‫مــن التأثيــرات النفســية‪ .‬بمعنــى آخــر‪ :‬لــم يتــم إغفــال ّ‬
‫ٍ‬
‫بنحــو وا ٍع مــن حســاباتنا أيضــ ًا بســبب‬ ‫فحســب‪ ،‬وإنمــا اســتثناؤه‬
‫المشــ ّقة التــي ترافقــه فــي إرث هــذه الصناعــة(‪.)2‬‬
‫نفهــم اآلن أن الــذكاء االصطناعــي يصبــح أقــوى بالــذكاء العاطفــي‪،‬‬
‫مــا يســاعد علــى تو ّقــع الســلوك المحفــوف بالخطــر ومنــع األلــم‪.‬‬
‫يجــب أن تكــون التّقانــة متممــ ًا‪ ،‬ال بديــاً‪ ،‬للمشــاعر والتفكيــر‪،‬‬
‫وســيكون بنــاء إحســاس بالتعاطــف فــي تقانتنــا هــي الجبهــة اآلتيــة‬
‫التــي ينبغــي العمــل عليهــا‪ .‬فــي آذار ‪ ،2016‬أقــام معهــد ماساشوســتس‬
‫للتّقانــة هاكاثــون (مناســبة لتطويــر البرمجيــات) لتصميــم مســتقبل‬
‫الحساســة للمشــاعر‪ ،‬والمســاعدة فــي إعــادة «البشــر» إلــى‬
‫ّ‬ ‫األجهــزة‬
‫مجــال التصميــم اإلنســاني‪.‬‬
‫كان هــذا التركيــز علــى المشــاعر والقيــم يوصــف بأنــه‬
‫ٍ‬
‫بنحــو اســتثنائي عبــر فــرو ٍع‬ ‫«مرغــوب»‪ ،‬ولكنــه بــدأ ينتشــر اآلن‬
‫وجامعــات مختلفــة‪ .‬تشــرح جــوان رينهــارد؛ المستشــارة‬ ‫ٍ‬ ‫معرفي ٍ‬
‫ــة‬ ‫ّ‬
‫الســلوكية فــي المملكــة المتحــدة‪ ،‬التــي‬ ‫فــي فريــق الدّ راســات ّ‬
‫تُعــرف أيضـ ًا باســم «وحــدة الترغيــب»‪ ،‬أن المســؤولين الحكومييــن‬
‫قــد بــدؤوا حاليـ ًا رؤيــة منافــع التصميــم الهندســي المح ّفــز للتفكيــر‬
‫‪233‬‬ ‫علــى كل مــن تقديــم الخدمــات‪ ،‬وتقــدّ م األ ّمــة‪ .‬بنــا ًء علــى النمــوذج‬
‫الــذي قدّ متــه مملكــة بوتــان‪ ،‬يقيــس اقتصاديــون‪ ،‬وسياســيون‪،‬‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫الســعادة‬
‫وراســمو سياســات فــي كل أرجــاء العالــم اآلن «إجمالــي ّ‬
‫الوطنيــة»‪ ،‬إضافــة إلــى إجمالــي الناتــج المحلــي‪ ،‬لرســم صــورة‬
‫ٍ‬
‫بنحــو‬ ‫للصحــة والنجــاح فــي إحــدى البــاد(‪.)3‬‬ ‫ّ‬ ‫أكثــر وضوحــ ًا‬
‫ـابه‪ ،‬بــدأت شــركات مثــل آبــل فــي طــرح أســئلة عــن تقانتهــا‪،‬‬ ‫مشـ ٍ‬
‫مثــل «هــل ســتجعل الحيــاة أفضــل؟ هــل تســتحق اإلنتــاج؟»‪.‬‬
‫يشــهد هــذا المجــال نقلــة نوعيــة‪ ،‬ال فــي التّقانــة فقــط‪ ،‬وإنمــا فــي‬
‫الرفــاه أيضــ ًا‪.‬‬ ‫طريقــة التفكيــر العالميــة بشــأن ّ‬

‫سحري‬
‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫بنحو‬ ‫بدالً من أن نتمنّى تقاطع طريق المعلومات السريع‬
‫مع الدرب السهل‪ ،‬دعونا ِ‬
‫نبن شبك ًة عالم ّي ًة تكون ّ‬
‫السعادة فيها‬
‫هي الخطة الرئيسة منذ البداية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بنحــو‬ ‫بــدالً مــن أن نتمنّــى تقاطــع طريــق المعلومــات الســريع‬
‫الســعادة‬ ‫ـحري مــع الــدرب الســهل‪ ،‬دعونا نبـ ِ‬
‫ـن شــبك ًة عالميــة تكون ّ‬ ‫سـ ٍ‬
‫ـف عــن قــول‪« :‬أتمنّــى أن‬ ‫فيهــا هــي الخطــة الرئيســة منــذ البدايــة‪ .‬لنكـ َّ‬
‫يصمــم‬‫ـخص مــا تطبيق ـ ًا يفعــل كــذا وكــذا»‪ ،‬أو «أرغــب أن ّ‬ ‫يبتكــر شـ ٌ‬
‫ـخص مــا جهــاز ًا يمكــن أن يحـ َّـل هــذه المشــكلة» ونتوقــف عنــد‬ ‫شـ ٌ‬
‫هــذه النقطــة‪ .‬عوض ـ ًا عــن ذلــك‪ ،‬دعونــا نبحــث بنحــو اسـ ّ‬
‫ـتباقي عــن‬
‫نوحــد أفكارنــا معــ ًا‬ ‫طــرق لجعــل العالــم مكانــ ًا أفضــل‪ ،‬ومــن َث ّ‬
‫ــم ّ‬
‫البتــكار حلــول ناجعــة‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫اال�ستراتيجية‪:‬‬
‫�إن�شاء عالم جديد متوازن‬
‫ـخص فــي الحيــاة اليــوم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫عمــا قــد يجعلــك أســعد شـ‬ ‫إذا ســألتك ّ‬ ‫‪234‬‬

‫عمــا‬
‫قــد تقــول‪ :‬أســرتك‪ ،‬أصدقــاؤك‪ ،‬إيمانــك‪ .‬لكــن إذا ســألتك ّ‬
‫ـتتفوه علــى األرجــح بشــيء مثــل‬ ‫الســعادة‪ ،‬سـ ّ‬ ‫ســيبدو عليــه مســتقبل ّ‬
‫آلــي شــخصي لمســاعدتك علــى ترتيــب حياتــك (ســتكون‬ ‫ّ‬ ‫حيــازة‬
‫آلــي يشــبه برادلــي كوبــر‪ ،‬وال مانــع‬ ‫ّ‬ ‫أمنيتــي علــى األغلــب امتــاك‬
‫لــدى زوجــي طالمــا أنــه ســيكون شــبيه ًا بـــ «كيــت أبتــون»)‪ .‬علــى كل‬
‫حــال‪ ،‬تعانــي أذهاننــا مــن انفصــام غريــب بيــن مــا نظ ـ ُّن أنــه يجعلنــا‬
‫بالســعادة فعـاً‪ ،‬وهــو مــا يدعــوه العلمــاء‬‫ســعداء‪ ،‬ومــا يجعلنــا نشــعر ّ‬
‫بأثــر التح ّيــز‪ .‬وذلــك التح ّيــز يجعلنــا نفقــد توازننــا‪.‬‬

‫نظن أنه يجعلنا سعداء‪،‬‬


‫تعاني أذهاننا من انفصام غريب بين ما ُّ‬
‫بالسعادة فعالً‪ ،‬وهو ما يدعوه العلماء بأثر‬
‫وما يجعلنا نشعر ّ‬
‫التح ّيز‪ .‬وذلك التح ّيز يجعلنا نفقد توازننا‪.‬‬
‫مــن جهــة أخــرى‪ ،‬نكافــح لنحظــى برؤيــة عــن العالــم تحقــق توازن ًا‬
‫قمــي جديــدة‬
‫ّ‬ ‫الر‬ ‫جيــد ًا بيــن التّقانــة ّ‬
‫والرفــاه؛ ألن تحدّ يــات العصــر ّ‬
‫رؤى عــن الحيــاة فــي عالــم مــا‬‫كلهــا علينــا‪ .‬لقــد منحتنــا هوليــوود ً‬
‫بعــد المرحلــة المقبلــة (ماتريكــس‪ ،‬مــاد ماكــس‪ ،‬إكويليبريــوم‪ ،‬أفاتــار‪،‬‬
‫ٍ‬
‫خــال‬ ‫إيجابــي‬ ‫وايــل‪-‬إي)‪ ،‬ولكــن نفتقــر إلــى أمثلــة عــن مســتقبل‬
‫ّ‬
‫مــن الكــوارث‪ .‬لمــاذا؟ ألن المســتقبل ســيكون ممــاً‪ ،‬يفتقــر إلــى‬
‫النــزاع المركــزي الــذي يتم ّيــز بحبكــة بائســة‪ .‬إذا لــم تكــن تلــك‬
‫الرؤيــة الكارثيــة هــي نــوع العالــم الــذي نرغــب العيــش فيــه‪ ،‬يجــب‬
‫نؤســس لمســتقبل مختلــف وأفضــل كثيــر ًا‪ .‬عوضــ ًا عــن إنشــاء‬ ‫أن ّ‬
‫ـد شــجاعٍ‪ ،‬كمــا قــال الكاتــب ألــدوس هكســلي فــي روايتــه‬ ‫عالـ ٍم جديـ ٍ‬
‫الملهمــة فــي ‪ ،1931‬ينبغــي أن نجتهــد لتأســيس عالــم جديــد متــوازن‪.‬‬

‫ٍ‬
‫جديد شجاعٍ‪ ،‬كما قال الكاتب ألدوس‬ ‫عوض ًا عن إنشاء عال ٍم‬
‫‪235‬‬
‫هكسلي في روايته الملهمة في ‪ ،1931‬ينبغي أن نجتهد لتأسيس‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫عالم جديد متوازن‪.‬‬

‫فــي ‪ ،1974‬كســب المغامــر الفرنســي فيليــب بوتــي ســمعة عالميــة‬


‫ـدود بيــن برجــي مركــز التجــارة العالمــي فــي‬ ‫ـل مشـ ٍ‬ ‫لســيره علــى حبـ ٍ‬
‫مدينــة نيويــورك‪ .‬بعــد أن قطــع المســافة ذهابــ ًا وإيابــ ًا (ليــس مــرة‬
‫واحــدة فقــط‪ ،‬وإنمــا ثمانــي مــرات!)‪ ،‬اســتلقى علــى الســلك‪ ،‬علــى‬
‫ارتفــاع ‪ 1350‬قدمـ ًا فــوق حشــد صاخــب مــن الجماهيــر‪ ،‬ونــال قســط ًا‬
‫تحولــت قصتــه الحق ـ ًا إلــى فيلــم‬ ‫مــن الراحــة‪ .‬يشــرح بوتــي‪ ،‬الــذي ّ‬
‫ســينمائي ضخــم بعنــوان الســير‪ ،‬أن كل شــيء حولــه قــد تالشــى فــي‬
‫أثنــاء تلــك المغامــرة باســتثناء الســلك ونفســه‪ ،‬وأنــه شــعر بالســكينة‬
‫والطمأنينــة الح ّقــة ألول مــرة فــي حياتــه آنــذاك‪.‬‬
‫تبــدو تجربــة بوتــي ســعيدة‪ ،‬إنمــا ليســت ســامية‪ .‬إنهــا تحقــق نوعـ ًا‬
‫مــن االنســجام المثالــي مــع العالــم المحيــط‪ ،‬الــذي تســعى كل األديان‬
‫الســعادة فــي العصــر‬‫ـو مثالــي رؤيتــي عــن ّ‬‫ـح بنحـ ٍ‬
‫إلــى تحقيقــه‪ ،‬ويوضـ ّ‬
‫ـد منــا أن يجــد‪ ،‬وســط الســيرك‬ ‫الرقمــي‪ .‬أتخيــل أن بمقــدور كل واحـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ـي‪ ،‬وأن يــوازن‬‫الرقمـ ّ‬ ‫المفضلــة علــى الســلك ّ‬
‫ّ‬ ‫ـي حولنــا‪ ،‬بقعتــه‬
‫الرقمـ ّ‬
‫ّ‬
‫أتصــور أن‬
‫ّ‬ ‫والســعادة علــى الجانــب اآلخــر‪.‬‬ ‫التّقانــة علــى جانــب ّ‬
‫أدوات لمســاعدتنا علــى‬‫ٍ‬ ‫االســتراتيجيات فــي هــذا الكتــاب قــد تكــون‬
‫اســتعادة توازننــا حيــن نــكاد نفقــده‪ .‬يشــرح المغامــر جيــد كينــدار‪-‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫مارتــن (الــذي أ ّدى دور البديــل فــي المجازفــات عــن الممثــل جوزيف‬
‫غوردون‪-‬ليفيــت فــي الســير)‪« :‬أعــرف مــا ســيحدث إن ز ّلــت قدمــي‬
‫‪ -‬أعــرف أننــي يجــب أن أفعــل هــذا‪ ،‬وذاك‪ .‬يخطــر فــي ذهنــي مائــة‬
‫مثــال قبــل أن أســقط فع ـاً»‪.‬‬
‫هــذا هــو نــوع ســرعة البديهــة التــي أتــوق إلــى التم ّتــع بهــا حيــن‬ ‫‪236‬‬
‫أســتخدم التّقانــة‪ .‬نظــر ًا إلــى عــدم وجــود شــبكة أمــان لإلنترنــت‪،‬‬
‫ســأكون مســؤولة بمفــردي عــن مصيــري‪ .‬أريــد أن أعــرف متــى أكــون‬
‫علــى الســلك (فــي اســتخدامي للتّقانــة)‪ ،‬ومتــى أبــدأ فقدان اإلحســاس‬
‫ـوم وضعــي مجــدد ًا فــي‬ ‫بالتــوازن‪ .‬أرغــب أن أعلــم كيــف أعــدّ ل أو أقـ ّ‬
‫أي ظــرف‪ ،‬ال مــن أجــل النجــاة فقــط‪ ،‬وإنمــا لتحقيــق النجــاح علــى‬ ‫ّ‬
‫الســلك أيض ـ ًا‪.‬‬

‫نظر ًا إلى عدم وجود شبكة أمان لإلنترنت‪،‬‬


‫سأكون مسؤولة بمفردي عن مصيري‪.‬‬

‫لدينــا القــدرة علــى أن نصبــح مغامــري المســتقبل فــي الســير علــى‬


‫األســاك باســتخدام االســتراتيجيات التــي قــد أوضحتهــا حتــى اآلن‬
‫فــي هــذا الكتــاب‪ :‬اتخــاذ االحتياطــات الالزمــة (فــي هــذه الحــال‪،‬‬
‫وتعــرف‬
‫ّ‬ ‫كلمــا كنــت أقــرب إلــى األرض‪ ،‬كان الوضــع أفضــل)‪،‬‬
‫للســعادة حولنــا‪ ،‬واالبتــكار‬
‫الــذات‪ ،‬وتدريــب العقــل‪ ،‬وإنشــاء بيئــة ّ‬
‫ٍ‬
‫بنحــو واع‪ .‬حــان الوقــت اآلن لتنفيــذ حركــة اســتدارة‪ ،‬والتفكيــر‬
‫بشــأن الطريقــة التــي يمكنــك بهــا تحقيــق التــوازن فــي المســتقبل بيــن‬
‫الســعادة والتّقانــة بوصفــك مســاهم ًا‪ ،‬ومســتهلك ًا‪ ،‬ووســيط ًا واعيــ ًا‪.‬‬
‫ّ‬

‫م�ساهمين يتمتّعون بالوعي‬


‫ـو‬‫أول طريقــة يمكــن أن نســاهم بهــا فــي االبتــكار هــي التّعــاون بنحـ ٍ‬
‫مدربــة‬
‫واعٍ‪ ،‬وهــي فكــرة عرفتهــا أول مــرة مــن كلســي هــارت بــروك؛ ّ‬
‫الحيــاة التــي تح ّفــز النّــاس علــى تحويــل أفكارهــم إلــى حقيقة‪ .‬تشــرح‬
‫أن المســاهم الواعــي ال يعنــي شــخص ًا عادي ـ ًا‪ ،‬أو متــر ّدد ًا‪ ،‬أو مشــارك ًا‬
‫‪237‬‬ ‫فــي العمــل علــى الــورق فقــط‪ .‬يتط ّلــب التّعــاون الواعــي أن تكــون‬
‫ا فــي مجموعــة يكـ ّـرس أفرادهــا وقتهــم لالســتفادة مــن‬ ‫مســاهم ًا فاعـ ً‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫أفكارهــم‪ ،‬ووقتهــم‪ ،‬ومهاراتهــم لتغييــر العالــم‪ .‬هــذا هــو مســتقبل‬


‫الســعادة‪ ،‬وأريــد أن أطلعــك علــى أربــع أدوار مختلفــة يمكــن أن‬ ‫ّ‬
‫تؤ ّديهــا إلنجــاز ذلــك‪ :‬المســاهمة فــي المعرفــة الجماعيــة‪ ،‬وإيجــاد‬
‫ـي‪ ،‬وتكويــن المســتقبل مــن‬ ‫الرقمـ ّ‬
‫ـري ّ‬ ‫حافـ ٍ‬
‫ـز للتغييــر‪ ،‬والعمــل الخيـ ّ‬
‫المجــال الخــاص بــك‪.‬‬

‫الم�ساهمة في المعرفة الجماعية‬


‫فــي اقتصــاد المعرفــة‪ ،‬يصيــر التّعــاون العملــة النهائيــة‪ .‬تســتطيع‬
‫الرقميــة إنجــاز عــدّ ة مهمــات بتكلفــة أقــل‪ ،‬وســرعة‬ ‫المجتمعــات ّ‬
‫الشــركات أو المنظمــات التقليديــة بـــ «تقديــم» مشــروعات‬ ‫أكبــر مــن ّ‬
‫تعتمــد علــى الحكمــة الجماعيــة‪ .‬لقــد غ ّيــرت اســتراتيجية «التعهيــد‬
‫الجماعــي» (حشــد المصــادر المجتمعيــة)‪ ،‬أو الحصــول علــى أفــكار‬
‫ومســاهمات مــن مجموعــة كبيــرة مــن النّــاس‪ ،‬بيئــة التّعــاون‪.‬‬
‫فــي كتابــه األكثــر بيع ـ ًا الموســوم االقتصــاد التّعاونــي‪ ،‬يقــدّ م دون‬
‫تابســكوت لوحــة عــن الطبيعــة المتغ ّيــرة للتعــاون‪« .‬فــي األعــوام‬
‫القليلــة الماضيــة‪ ،‬أســتُعيض عــن التّعــاون التقليــدي ‪ -‬فــي قاعــة‬
‫اجتماعــات‪ ،‬أو عبــر مكالمــة هاتفيــة‪ ،‬أو حتــى مركــز كمــا نعرفــه‬
‫ٍ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫بتعــاون علــى نطــاق واســع»(‪ .)4‬ســأعرض عليــك بعــض األمثلــة‬ ‫‪-‬‬
‫المعروفــة عــن الطــرق التــي قــد أســهم تبــادل المعلومــات بهــا بيــن‬
‫ـي فــي زيــادة المعرفــة المشــتركة للجميــع‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫الجماهيــر عبــر تعــاون رقمـ ّ‬

‫منــذ ‪ ،2005‬أســهم أكثــر مــن ‪40.000‬‬ ‫✓ ✓خرائــط غوغــل‪:‬‬


‫شــخص فــي رســم خرائــط أكثــر مــن ‪ 28‬مليــون ميــل‬ ‫‪238‬‬
‫مــن الطــرق فــي ‪ 194‬بلــد ًا(‪.)5‬‬

‫✓ ✓يلــب (‪ :)Yelp‬أســهم أكثــر مــن ‪ 69‬مليــون مســتخدم فــي‬


‫تقديــم نحــو ‪ 108‬مليــون رأي بشــأن شــركات ومطاعــم‬
‫مح ّليــة فــي الربــع الثانــي مــن ‪ 2016‬وحــده‪.‬‬

‫✓ ✓كيك‪-‬ســتارتر (‪ :)Kickstarter‬منــذ ‪ ،2011‬جمــع أكثــر‬


‫مــن ‪ 11‬مليــون شــخص ‪ 2.6‬مليــار دوالر لتمويــل‬
‫‪ 111.197‬مشــروع ًا(‪.)6‬‬

‫✓ ✓كاليمــت كــو‪-‬الب (‪ :)Climate CoLab‬حتــى هــذا‬


‫التاريــخ‪ ،‬جعلــت كاليمــت كــو‪-‬الب أكثــر مــن ‪10.000‬‬
‫شــخص مــن كل أنحــاء العالــم يجتمعــون لتقديــم‬
‫حلــول لمشــكالت التّغييرالمناخــي(‪.)7‬‬
‫�إيجاد حافز للتّغيير‬
‫ٍ‬
‫مزيــج‬ ‫قمــي بدافــع‬
‫ّ‬ ‫الر‬
‫يتصــرف المســاهمون فــي التّعــاون ّ‬ ‫ّ‬ ‫قــد‬
‫مــن اإليثــار‪ ،‬والغــرور‪ ،‬أو حتــى رغبــة بالشــهرة‪ ،‬ولكــن جهودهــم‬
‫يتحســن بســرعة أكبــر(‪.)8‬‬‫ّ‬ ‫تفيدنــا جميعــ ًا‪ ،‬وتســمح لالبتــكار بــأن‬
‫فــي االســتراتيجية رقــم ‪ ،4‬أشــرت إلــى انبثــاق حقــل جديــد يدعــى‬
‫«التّقانــة المدنيــة»‪ ،‬الــذي يهــدف إلــى تعزيــز قــوة ونفــوذ األرقــام‬
‫(المعــروف باســم «التأثيــر االجتماعــي») مــن أجــل الدفــع باتجــاه‬
‫وتحمــل المســؤولية فــي أماكــن عملنــا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مزيــد مــن ّ‬
‫الشــفافية‪ ،‬والكفــاءة‪،‬‬
‫وحكوماتنــا‪ ،‬ومجتمعاتنــا‪ ،‬ومدارســنا‪ .‬تســمح التّقانــة المدنيــة ألصغــر‬
‫األفــكار فــي أبعــد بقــاع العالــم بجــذب االهتمــام الــازم إليهــا وإحداث‬
‫التّغييرالمنشــود‪ .‬لكــن تغييــر األنظمــة ال يحــدث بيــن عشــية وضحاهــا‪،‬‬
‫ويتط ّلــب تعاونــ ًا قويــ ًا للمســاعدة فــي تبديــل قواعــد راســخة‪.‬‬
‫‪239‬‬
‫أدرك الرئيــس بــاراك أوبامــا أن كثيــر ًا مــن الخدمــات األساســ ّية‬
‫التــي تقدّ مهــا الحكومــة (وفيهــا تلــك المتع ّلقــة بشــؤون المحاربيــن‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫القدامــى‪ ،‬والرعايــة الصحيــة‪ ،‬والقــروض الطالبيــة‪ ،‬والهجــرة) تســتند‬


‫الرقميــة األمريكيــة فــي ‪2014‬‬‫فأســس الخدمــة ّ‬ ‫إلــى أنظمــة عتيقــة‪ّ ،‬‬
‫لتوظيــف أفضــل أصحــاب المهــارات التكنولوجيــة لتحســين تصميــم‬
‫الرقميــة فــي البــاد(‪.)9‬‬
‫وفائــدة أهــم الخدمــات ّ‬
‫مضــى أوبامــا قدم ـ ًا ليشــرح‪« :‬مــا أدركنــاه هــو أن بمقدورنــا بنــاء‬
‫خاصــة‪ ،‬أو مكتــب تقانــة مــن الطــراز األول داخــل‬ ‫مهمــات ّ‬ ‫فريــق ّ‬
‫الحكومــة لمســاعدة اإلدارات المختلفــة‪ .‬لقــد أطلقنــا عليــه اســم‬
‫الرقميــة األمريكيــة‪ ...‬وهــم ُيحدثــون فرقــ ًا كبيــر ًا»‪.‬‬
‫الخدمــات ّ‬
‫ـة للحديــث مع أحــد هــؤالء النجــوم‪ ،‬وتدعــى فيفيان‬ ‫حظيــت بفرصـ ٍ‬
‫غروبــارد التــي تبلــغ مــن العمــر ســبعة وعشــرين عامـ ًا‪ ،‬وســاعَدَ ت فــي‬
‫الرقميــة األمريكيــة فــي البيــت األبيــض‪ .‬فيفيــان‬ ‫تأســيس الخدمــات ّ‬
‫ألب وأ ٍّم كولومبييــن‪ ،‬كان والداهمــا الجئيــن فــي كوبــا‪ ،‬وتمتلــك‬ ‫ابنـ ٌة ٍ‬
‫رؤيــة فريــدة مــن نوعهــا بشــأن طــرق الحصــول علــى مــوارد مختلفــة‬
‫الســعادة في المســتقبل‬ ‫فــي أمريــكا‪ .‬تقــول إن بعــض النّــاس يظنّــون أن ّ‬
‫مرتبطــة بامتــاك ســيارة تســا ذاتيــة القيــادة‪ ،‬أو مســاعد شــخصي‬
‫ـور ترف ـ ًا‪،‬‬
‫ـي‪ ،‬إال أن كثيــر ًا آخريــن يعــدّ ون هــذه األدوات فائقــة التطـ ّ‬
‫آلـ ّ‬
‫ال ضــرورة‪ .‬شــرحت‪« :‬إن امتــاك فيت‪-‬بــت (‪ )Fitbit‬لمراقبــة روتيــن‬
‫نومــك شــي ٌء لطيــف‪ ،‬ولكــن معرفــة أن أوالدك وأســرتك فــي مــكان‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أمــر فــي غايــة األهميــة‪ .‬ولألســف ال يشــعر‬ ‫آمــن للنــوم فــي الليــل ٌ‬
‫الجميــع بذلــك األمــان‪ .‬بالنســبة إلــى كثيــر مــن األفــراد‪ ،‬تكــون إمكانية‬
‫الحصــول بســهولة علــى خدمــات أساســية مثــل الرعايــة الصحيــة‪ ،‬أو‬
‫بالســعادة»‪.‬‬ ‫قســائم غذائيــة‪ ،‬هــي الدّ افــع المهيمــن ّ‬
‫للشــعور ّ‬
‫‪240‬‬
‫السعادة في المستقبل مرتبطة بامتالك سيارة‬
‫يظن بعض النّاس أن ّ‬‫ُّ‬
‫آلي‪ ،‬إال أن كثير ًا آخرين‬
‫تسال ذاتية القيادة‪ ،‬أو مساعد شخصي ّ‬
‫التطور ترف ًا‪ ،‬ال ضرورة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يعدّ ون هذه األدوات فائقة‬

‫علــى الرغــم مــن أن الحكومــة االتحاديــة تنفــق ‪ 84‬مليــار دوالر‬


‫ســنوي ًا علــى التّقانــة‪ ،‬إال أننــا ال نحصــل علــى خدمــات تســاوي هــذه‬
‫كثيــر مــن أنظمتنــا عتيــق‪ ،‬أو‬
‫ٌ‬ ‫القيمــة أي‪ :‬أقــل كثيــر ًا فــي الواقــع‪.‬‬
‫الرقميــة‬
‫بطــيء‪ ،‬أو أكل الدهــر عليــه وشــرب‪ .‬تعمــل إدارة الخدمــات ّ‬
‫األمريكيــة عبــر مشــروعات تعاونيــة لتجديــد الطريقــة التــي نتفاعــل بها‬
‫مــع الحكومــة‪ ،‬وتجلــس فيفيــان علــى كرســي فــي الصــف األمامــي‬
‫مــن هــذا المشــروع‪.‬‬
‫ٍ‬
‫عــدد مــن‬ ‫علــى الرغــم مــن أن فيفيــان قــد ســاعدت فــي‬
‫المشــروعات التــي اكتســبت أولويــة رئاســية‪ ،‬وفيهــا خدمــة إســعاف‬
‫الصحيــة الحكوميــة‪ ،‬إال أن شــغفها يبقــى مع ّلقــ ًا بمكافحــة‬
‫ّ‬ ‫الرعايــة‬
‫ٍ‬
‫التهريــب باســتخدام التّقانــة‪ .‬قالــت إن مشــكالت فــي الميزانيــة‪،‬‬
‫والبيروقراطيــة‪ ،‬ونقــص التواصــل قــد أوهــن الجهــود التــي ُبذلــت‬
‫بنوايــا حســنة‪ ،‬مــا أوجــد ثغـ ٍ‬
‫ـرات فــي التصــدّ ي لهــذه الظاهــرة‪ .‬إذا كان‬
‫علــى أجهــزة تطبيــق القانــون االختيــار بيــن تكليــف ضابــط بتص ّفــح‬
‫اإلنترنــت بحث ـ ًا عــن منشــورات مشــبوهة‪ ،‬أو إرســال ذلــك الضابــط‬
‫إلــى الشــارع‪ ،‬ســترجح ك ّفــة الخيــار األخيــر فــي كل مــرة‪ .‬لكــن‬
‫هنــاك أد ّلــة ق ّيمــة لتحديــد حلقــات التهريــب ال ننتبــه إليهــا‪ ،‬وهنــا‬
‫يأتــي الــدور علــى التّقانــة لتســاعدنا فــي مــلء تلــك الفجــوات‪ .‬فــي‬
‫‪ ،2012‬ســاعدت فيفيــان فــي إطــاق مشــروع «التّقانــة ضــد التّهريــب»‬
‫فــي البيــت األبيــض‪ ،‬الــذي جمــع خبــراء مــن الق ّطــاع الخــاص (مثــل‬
‫غوغــل وبالنتيــر(‪ ،)Plantir‬والقطــاع غيــر الربحــي (مثــل فير‪-‬غيرلــز‬
‫(‪ )FairGirls‬ومشــروع بوالريــس (‪ ،)Polaris‬ووكاالت حكوم ّيــة (مثــل‬
‫‪241‬‬
‫إدارة األطفــال واألســر)‪ .‬تم ّثلــت مهمتهــم فــي إيجــاد حلــول منخفضة‬
‫التكلفــة وســهلة التطبيــق لمحاربــة االتجــار بالبشــر عبــر التّعــاون‪.‬‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫فــي النهايــة‪ ،‬حــدّ د الخبــراء ثــاث أولويــات للمضــي قدم ـ ًا‪ :‬تمكيــن‬
‫الناجيــن مــن الحصــول علــى خدمــات يحتاجونهــا (وفيهــا خيــارات‬
‫المعالجــة مــن األذى الذهنــي والبدنــي‪ ،‬إضافــة إلــى خيــارات إزالــة‬
‫النــدوب والوشــوم المســتخدمة لوســم الضحايــا)‪ ،‬وتحســين طــرق‬
‫اســتخدام أجهــزة تطبيــق القانــون للتّقانــة لغربلــة كميــات ضخمــة‬
‫مــن البيانــات‪ ،‬وتحســين مشــاركة المعلومــات عبــر منظمــات مختلفــة‬
‫(مثــل أمــن المطــارات والهجــرة) لتحديــد الضحايــا والقضــاء علــى‬
‫حلقــات التهريــب‪.‬‬
‫قمــي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الر‬
‫مــن بيــن كل التحدّ يــات التــي نواجههــا فــي العصــر ّ‬
‫تجعلنــي مشــروعات تعــاون مثــل هــذه أشــعر بأمــل بالمســتقبل‪ :‬أمـ ٍ‬
‫ـل‬
‫بأننــا ســنرى اختراق ـ ًا فــي جريمــة‪ ،‬وأمـ ٍ‬
‫ـل بــأن تــؤ ّدي زيــادة ّ‬
‫الشــفافية‬
‫ـل بــأن يحظــى‬‫فــي الحكــم إلــى حصولنــا علــى خدمــات أفضــل‪ ،‬وأمـ ٍ‬
‫عما‬
‫الضحايــا بالعــدل والعــاج المالئــم‪ .‬بدأنــا نــرى اآلن فقــط لمحــة ّ‬
‫ســتعنيه هــذه األنــواع مــن التغييــرات ألســلوب الحكــم‪ ،‬ولكننــا نصــل‬
‫جديــد بشــأن الطريقــة التــي نحــل بهــا مشــكالتنا‪ .‬مضــى‬ ‫ٍ‬ ‫إلــى حــدٍّ‬
‫ـجع ًا بنجاح مشــروعات مثــل التــي اقترحتها‬ ‫الرئيــس أوبامــا قدمـ ًا‪ ،‬متشـ ّ‬
‫فيفيــان‪ ،‬إلقامــة مهرجــان فــي الباحــة الجنوبيــة للبيــت األبيــض‪ ،‬لجمع‬
‫مبتكريــن‪ ،‬ومبدعيــن‪ ،‬ومن ّظميــن لمناقشــة تطويــر طــرق تعاوننــا مــن‬
‫أجــل تحســين حيــاة النّــاس فــي كل أنحــاء العالــم(‪.)10‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ـدن فــي كل أرجــاء المعمــورة باستكشــاف الطــرق التــي‬ ‫بــدأت مـ ٌ‬
‫يمكــن للتّقانــة أن تغ ّيــر بهــا البينــة التّحتيــة‪ ،‬وتقديــم الخدمــات‪،‬‬
‫لالســتفادة المثلــى مــن المــوارد العا ّمــة‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬ركّبــت‬
‫مــزود‬
‫ّ‬ ‫مدينــة برشــلونة أخيــر ًا ‪ 1100‬عمــود إنــارة ذكــي‪ٌ ،‬‬
‫كل منهــا‬
‫بصمامــات ثنائيــة باعثــة للضــوء (ليــد)‬
‫بخدمــة واي‪-‬فــاي‪ ،‬ومصابيــح ّ‬ ‫‪242‬‬
‫ـارة والمركبــات‪ ،‬وحتــى‬ ‫تنطفــئ تلقائيـ ًا حيــن تخلــو الشــوارع مــن المـ ّ‬
‫حساســات تقيــس جــودة الهــواء‪ .‬نتيجــة ذلــك‪ ،‬يقــول المســؤولون فــي‬ ‫ّ‬
‫إن اســتهالك الطاقــة قــد انخفــض بنســبة ‪ ،%30‬مــا أ ّدى‬‫برشــلونة حاليـ ًا ّ‬
‫إلــى توفيــر ‪ 37‬مليــون دوالر حتــى اآلن(‪ .)11‬تل ّقــت مدينــة داالس شــهادة‬
‫تقديــر مــن البيــت األبيــض فــي ‪ 2015‬بعــد إطــاق «قســم االبتــكار‬
‫فــي داالس»‪ ،‬الــذي يضــم مختبــر حيــاة لتجربــة مفاهيــم المدينــة‬
‫الذكيــة‪ ،‬ومركــز ريــادة أعمــال لتنميــة األفــكار الجديــدة‪ ،‬و«تحالــف‬
‫االبتــكار فــي داالس» الــذي يجمــع شــركاء مــن القطاعيــن العــام‬
‫والخــاص لتنفيــذ حلــول فــي أرجــاء المدينــة(‪.)12‬‬
‫تبنّــت مدينــة بوســطن مقاربــة مختلفــة قليــ ً‬
‫ا للتفكيــر فيمــا يمكــن‬
‫للتّقانــة أن تفعلــه لتغييــر البيئــة الحضريــة بتدشــين «سيتي‪-‬ســكور‬
‫داشــبورد» (لوحــة نتيجــة المدينــة ‪ ،)CityScore Dashboard‬وهــو موقــع‬
‫مهماتهــا‪،‬‬‫مخصــص للجمهــور يعــرض طريقــة أداء المدينــة لــكل ّ‬ ‫إنترنــت ّ‬
‫بــدء ًا مــن توقيــت اســتجابة قســم اإلطفــاء‪ ،‬إلــى نســب االلتــزام بالــدوام‬
‫المدرســي‪ ،‬باســتخدام رقــم واحــد فقــط (جيــد إذا ارتفــع‪ ،‬وســيئ إذا‬
‫آني‪،‬‬ ‫انخفــض)(‪ .)13‬بعــد الحصــول علــى بيانــات مــن أقســام مختلفــة بنحـ ٍ‬
‫ـو ّ‬
‫يســتطيع العمــدة وفريقــه تلبيــة احتياجــات المدينــة بســرعة‪ .‬علــى ســبيل‬
‫المثــال‪ ،‬عنــد إطــاق برنامــج نتيجــة المدينــة فــي ‪ 15‬كانــون الثانــي ‪،2016‬‬
‫كان معــدّ ل نظــام اســتجابة الطــوارئ الط ّبيــة يصــل إلــى خمــس دقائــق‬
‫وتســع وخمســين ثانيــة مــن أول اتصــال إلــى وصــول عربــة اإلســعاف إلى‬
‫الموقــع‪ .‬فــي الشــهور الثــاث التاليــة‪ ،‬صــار وقــت االســتجابة أطــول‪ ،‬مــا‬
‫جعــل نتيجــة المدينــة تنخفــض‪ .‬أدرك العمــدة مارتــي والــش أن هنــاك‬
‫مشــكلة‪ ،‬وذهــب إلــى رئيــس خدمــة الطــوارئ الطبيــة للحصــول علــى‬
‫عمــا يجــري‪ ،‬وعــرف أن عــدد الزائريــن والمقيميــن‬ ‫مزيــد مــن المعلومــات ّ‬
‫فــي المدينــة قــد ارتفــع فــي األعــوام القليلــة الماضيــة‪ ،‬مــا أ ّدى إلــى زيــادة‬
‫‪243‬‬
‫فــي اتصــاالت ‪( 911‬الطــوارئ)‪ .‬علــى كل حــال‪ ،‬لــم تكــن ميزانيــة خدمــة‬
‫المتخصصيــن‬‫ّ‬ ‫الطــوارئ قــد ازدادت لتســمح لهــا بتوظيــف مزيــد مــن‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫بطــب الطــوارئ واســتبدال ســيارات اإلســعاف المتهالكــة‪ .‬منــح العمــدة‬


‫متخصص ـ ًا‬
‫ّ‬ ‫آنــذاك أولويــة فــي الميزانيــة اآلتيــة للمدينــة لتدريــب عشــرين‬
‫جديــد ًا‪ ،‬وشــراء عشــر عربــات إســعاف بديلــة(‪.)14‬‬
‫علــى الرغــم مــن أن التّغييرعلــى مســتوى مدينــة‪ ،‬أو دولــة‪ ،‬أو أ ّمــة‬
‫قــد يبــدو عســير ًا‪ ،‬إال أن مــا يســتحق الذكــر هــو أن أقــوى التّعاونيــات‬
‫ٍ‬
‫بشــخص بمفــرده لديــه فكــرة مم ّيــزة‪ ،‬وقــام‬ ‫فــي العالــم قــد بــدأت‬
‫بتصـ ّـرف وحيــد‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬فــي حــي أوك هيلــز فــي داالس‪،‬‬
‫عــرف جيســون روبرتــس أن أنظمــة البنــاء العتيقــة مــن ‪ 1941‬تثيــر‬
‫الشــركات مــن إجــراء تحســينات علــى‬ ‫مشــكلة فــي الحــي‪ ،‬وتمنــع ّ‬
‫واجهــات محالهــا (مث ـاً‪ :‬زرع زهــور علــى رصيــف المشــاة يتط ّلــب‬
‫رخصــة تكلفتهــا ‪ 1000‬دوالر)‪ .‬أنشــأ روبرتــس موقعــ ًا إلكترونيــ ًا‬
‫متطوعيــن إلــى قضيتــه‪ ،‬وأطلــق عليــه اســم «مبــادرة بنــاء‬ ‫ّ‬ ‫لجــذب‬
‫المتطوعيــن شــرح ًا فــي‬
‫ّ‬ ‫أفضــل»(‪ .)15‬ن ّظــم بالتّعــاون مــع فريقــه مــن‬
‫أوك هيلــز لعــدّ ٍد مــن كبــار مســؤولي البلديــة‪ ،‬هدفــه تجميــل الحــي‪،‬‬
‫وخــرق أكبــر عــدد ممكــن مــن القواعــد فــي يــوم واحــد‪ .‬دعــوا بعــد‬
‫ذلــك وجهــاء مــن المجتمــع للمشــاركة فــي أحـ ٍ‬
‫ـداث فــي ذلــك اليــوم‪،‬‬
‫وب ّينــوا عــدد القوانيــن التــي لــم يلتزمــوا بهــا‪ ،‬وســبب قيامهــم بذلــك‪.‬‬
‫شــعر عــدد مــن الوجهــاء بصدمــة مــن وجــود تلــك القواعــد العتيقــة‪،‬‬
‫وأ ّدى ذلــك الشــرح البســيط إلــى تجديــد ناظمــة البنــاء فــي المدينــة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫وإنعــاش حــي بأســره‪ .‬لقــد نُســخت مبــادرة «بنــاء أفضــل» اآلن فــي‬
‫مــدن أخــرى فــي أرجــاء المعمــورة‪ ،‬وهــي تكســب زخمــ ًا جديــد ًا‬ ‫ٍ‬
‫باســتمرار مــع عــرض أفضــل الممارســات عبــر منتــدى إلكترونــي‬
‫وكراســات إرشــادية‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ٍ‬
‫بشخص بمفرده‬ ‫بدأت أقوى التّعاونيات في العالم‬ ‫‪244‬‬

‫بتصرف وحيد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لديه فكرة مم ّيزة‪ ،‬وقام‬

‫قمي‬
‫الر ّ‬
‫الخيري ّ‬
‫ّ‬ ‫العمل‬
‫دور آخــر يمكــن أن تؤ ّديــه بوصفــك متعاون ـ ًا واعي ـ ًا يتم ّثــل‬ ‫هنــاك ٌ‬
‫تعرفــت فيهــا إلــى‬ ‫قمــي‪ .‬أتذكــر أول مــرة ّ‬
‫ّ‬ ‫الر‬
‫الخيــري ّ‬
‫ّ‬ ‫فــي العمــل‬
‫جمعيــات خير ّيــة رقم ّيــة فــي حزيــران ‪ ،2005‬وبــدت التجربــة رائعــة‪.‬‬
‫كنــت قــد انتقلــت مــع زوجــي تــو ًا إلــى بلوكســي فــي الميسيســبي‪ ،‬فــي‬
‫أول مهمــة عســكرية لــه‪ .‬فــي ذلــك الوقــت‪ ،‬كنــت ال أزال أدرس فــي‬
‫بتخصصــي فــي‬ ‫ّ‬ ‫كليــة إدارة األعمــال‪ ،‬ويجــب أن أنهــي تدريبـ ًا مرتبطـ ًا‬
‫ـدرب مــع يوناتيــد واي (‪United‬‬ ‫أثنــاء الصيــف‪ .‬قـ ّـررت لهذا الســبب التـ ّ‬
‫‪ )Way‬فــي غولفبــورت‪ ،‬حيــث ك ّلفونــي بالمســاعدة فــي تحديــث البنية‬
‫التحتيــة للمنظمــة بتطويــر أنظمــة جديــدة للهبــات عبــر اإلنترنــت‪،‬‬
‫وإجــراءات الطــوارئ‪ ،‬والتخطيــط المســتدام‪ .‬لــم تكــن لــدي فكــرة‬
‫عــن الســرعة التــي ســتخضع فيهــا جهــودي لالختبــار‪ .‬أتمنــى أن يكون‬
‫بمقــدوري القــول إن عملــي فــي ذلــك الصيــف كان جــزء ًا مــن مبــادرة‬
‫اســتجابة ضروريــة‪ ،‬ولكــن عندمــا ضــرب إعصــار كاترينــا المنطقــة‬
‫فــي ‪ 29‬آب‪ ،‬عرفــت أن المقترحــات التــي قدّ متهــا‪ ،‬إضافــة إلــى مكتبــي‬
‫وخزانــة المل ّفــات بأكملهــا‪ ،‬قــد طافــت فــي المحيــط‪.‬‬
‫التزمــت بمــا أتذكّــره بشــأن اإلجــراءات المتّبعــة‪ ،‬واتصلــت‬
‫باألفــراد اآلخريــن فــي فريقــي‪ ،‬ألعــرف فقــط أن الجميــع يواجــه‬
‫أزمــة وأن مديرتنــا التنفيذيــة مفقــودة (اســتطعنا االتصــال بهــا بعــد‬
‫بضعــة أيــام‪ ،‬وكانــت بخيــر)‪ .‬شــعرت بيــأس شــديد‪ ،‬كان يفتــرض أن‬
‫تكــون المنظمــة محــور ًا لالســتجابة للكــوارث فــي المنطقــة‪ ،‬ولكــن‬
‫‪245‬‬ ‫مهمتنــا ضعفــت كثيــر ًا‪ .‬فــي تلــك المرحلــة الحرجــة‪ّ ،‬‬
‫تدخلــت عــدّ ة‬
‫مجموعــات إنســانية رقم ّيــة مــن كل أرجــاء المعمــورة‪ ،‬وســاعدت‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫فــي تجديــد بنيتنــا التحتيــة لالتصــاالت‪ ،‬ومــلء ال ّثغــرات حيــث لــم‬


‫نســتطع ببســاطة فعــل ذلــك‪.‬‬
‫ـزات سـ ٍ‬
‫ـريعة منــذ‬ ‫لقــد حســنت التّقانــة االســتجابة للكــوارث بقفـ ٍ‬
‫ّ‬
‫إعصــار كاترينــا‪ .‬فــي وقــت األزمــة‪ ،‬تســتطيع المنظمــات الخيريــة‬
‫الرقميــة المســاعدة فــي غربلــة حجــم كبيــر مــن المحتــوى الــذي‬ ‫ّ‬
‫جويــة‪،‬‬
‫تقدّ مــه أطــراف مختلفــة (نصــوص‪ ،‬وصــور ضوئيــة‪ ،‬وصــور ّ‬
‫وأفــام فيديــو‪ ،‬وغيرهــا) حتــى يســتطيع العاملــون فــي مجــال اإلغاثــة‬
‫التركيــز علــى فعــل مــا يجيــدون القيــام بــه‪ :‬تقديــم المســاعدة‪ .‬يعمــل‬
‫المتطوعــون‪ ،‬بالشــراكة مــع منظمــات إنســانية‪ ،‬فــي تحليل تلك‬
‫ّ‬ ‫هــؤالء‬
‫البيانــات‪ ،‬وتحديــد األولويــات‪ ،‬ووضــع قواعــد جديــدة للعمليــات‪،‬‬
‫وإنشــاء مواقــع إلكترونيــة وجماعــات لتقديــم معلومــات ضروريــة‪.‬‬
‫مــن صنــدوق اليونيســيف لالبتــكار فــي التعليــم‪ ،‬إلــى مبــادرة النّبــض‬
‫العالمــي فــي جاكرتــا مــن األمــم المتّحــدة‪ ،‬إلــى مركــز االبتــكار‬
‫آيهــوب (‪ )iHub‬فــي نيروبــي‪ ،‬تقــدّ م منظمــات كثيــرة طرقــ ًا يســتطيع‬
‫فيهــا أفــرا ٌد مــدَّ يــد العــون إلــى المحتاجيــن‪.‬‬
‫الرقميــة مــن وقتهــا ومهاراتهــا التقنيــة‪،‬‬ ‫تســتفيد تلــك الجهــات ّ‬
‫الشــخصية‪ ،‬للمســاعدة فــي تحليــل الكــم الكبيــر‬ ‫إضافــة إلــى شــبكاتها ّ‬
‫مــن المعلومــات لــوكاالت اإلغاثــة اإلنســانية الرســمية الموجــودة فــي‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الميــدان‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬عندمــا وقــع زلــزال نيبــال‪ ،‬ســاهم أكثــر‬
‫ـوع فــي تحســين جــودة خرائــط الشــوارع المفتوحــة من‬ ‫مــن ‪ 7500‬متطـ ّ‬
‫ويكيبيديــا حتــى يكــون بمقــدور العامليــن فــي مجــال اإلغاثة اســتطالع‬
‫المنطقــة بكفــاءة واســتخدام صــور األقمــار االصطناعيــة لتحديــد‬
‫ـو مشـ ٍ‬
‫ـابه‪ ،‬تتو ّلــى‬ ‫األقاليــم التــي تأ ّثــرت بالكارثــة فــي ذلــك البلــد‪ .‬بنحـ ٍ‬
‫جمعيــة هيومانتــي رود (‪ )Humanity Road‬وفريــق عمــل ســتاند‪-‬باي‬ ‫‪246‬‬
‫المتطوعيــن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )Standby‬تقديــم معلومــات اجتماعيــة والتنســيق بيــن‬
‫فــي حيــن تجســر مجموعــات أخــرى‪ ،‬مثــل مترجمــون بــا حــدود‪،‬‬
‫الفجــوات اللغويــة الشــفهية والكتابيــة(‪.)17( ،)16‬‬
‫ال يجــب عليــك أن تقطــع العالــم لتقديــم خدمــة إنســانية رقم ّيــة ‪.‬‬
‫يمكنــك إنجــاز عمــل يتــرك أثــر ًا كبيــر ًا مــن داخــل الحــي الذي تســكن‬
‫فيــه‪ .‬عندمــا انتقلــت إلــى منزلــي الجديــد فــي داالس‪ ،‬علمــت أن نســبة‬
‫كبيــرة مــن الســكّان يســتخدمون تطبيــق نكســتدور (بيــت الجيــران‬
‫نــوع مــن الكشــك االجتماعــي االفتراضــي‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪ )NextDoor‬علــى أنــه‬
‫ُدهشــت حيــن رأيــت كيــف أضافــت هــذه المنصــة االجتماعيــة‬
‫وأثــرت العالقــات فيــه‪،‬‬‫َ‬ ‫المجانيــة والبســيطة عمقــ ًا إلــى مجتمعنــا‪،‬‬
‫ّ‬
‫وســمحت بمســتوى مختلــف تمام ـ ًا مــن الدعــم االجتماعــي‪ .‬ينشــر‬
‫ٍ‬
‫طليقــة‪ ،‬ومراهقيــن‬ ‫المســتخدمون‪ ،‬كل يــوم‪ ،‬إشــعارات عــن كالب‬
‫ٍ‬
‫وأســر معــوزة‪ ،‬وغيــر ذلــك‪ .‬فــي أحــد األيــام‬ ‫يقــودون برعونــة‪،‬‬
‫ـار آخــر‪،‬‬
‫المشــهودة‪ ،‬انهــار رجــل علــى رصيــف قريــب‪ ،‬ووجــده جـ ٌ‬
‫لكــن لــم يجــد معــه مــا يثبــت هويتــه‪ .‬اتصــل الجــار بالطــوارئ‪ ،‬ونشــر‬
‫بعــد ذلــك وصفـ ًا للرجــل إلبــاغ أســرته‪ .‬تــم العثــور علــى األســرة في‬
‫خمــس دقائــق‪ ،‬ونُقــل الرجــل بأمــان إلــى المستشــفى‪.‬‬
‫ســوا ًء أكنــت تخــدم المجتمــع فــي حديقتــك الخلفيــة أم عبــر‬
‫رقمــي نموذجــ ًا‬
‫ّ‬ ‫خيــري‬
‫ّ‬ ‫التطــوع لتقديــم عمــل‬
‫ّ‬ ‫العالــم‪ ،‬قــد يكــون‬
‫رائعــ ًا مــن التّعــاون الواعــي‪.‬‬

‫االبتكار من داخل مجالك الخا�ص‬


‫تتم ّثــل جماليــة المســاهمة الواعيــة فــي االبتــكار بــأن األمــر ال‬
‫‪247‬‬ ‫يســتلزم مهنــدس حاســوب أو مبرمجــ ًا إلحــداث فــرق‪ ،‬يمكــن أن‬
‫تبتكــر مــن ضمــن نطــاق اختصاصــك‪ .‬ألشــرح هــذا‪ ،‬ســأخبركم‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫قصصـ ًا رائعــة عــن ثــاث أفــراد تو ّلــوا زمــام المبــادرة فــي مجتمعاتهم‬
‫إلحــداث تغييــر جــذري فيهــا‪.‬‬

‫دوك هندلي‬
‫دوك هندلــي هــو مؤســس منظمــة تدعــى وايــن تــو وتــر (‪Wine to‬‬
‫نظيــف ألشــخاص معوزيــن‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ،)Water‬التــي تهــدف إلــى تقديــم ٍ‬
‫مــاء‬
‫فــي أرجــاء العالــم‪ .‬يشــرح دوك‪« :‬عندمــا خطــرت لــي فكــرة إنشــاء‬
‫واين‪-‬تو‪-‬وتــر‪ ،‬كانــت التجربــة العمليــة الوحيــدة التــي أتمتّــع بهــا‬
‫الســاقي المحــب لركــوب الدّ راجــات‬ ‫هــي العمــل فــي مشــرب»‪ .‬كان ّ‬
‫الناريــة‪ ،‬صاحــب بصيــرة مميــزة‪ .‬يقــول‪« :‬حلمــت ببنــاء منظمــة‬ ‫ّ‬
‫تكافــح المــوت واألمــراض المرتبطــة بالمــاء باســتخدام وســائل‬
‫أي شــخص آخــر‪ .‬بــدأت جمــع المــال إليقــاف ّ‬
‫تفشــي‬ ‫مختلفــة عــن ّ‬
‫هــذا الوبــاء بأفضــل طريقــة أعرفهــا‪ ،‬وهــي ســكب الشــراب وعــزف‬
‫الموســيقى»(‪ .)18‬اســتطاع فــي وقــت قصيــر اســتخدام وســائل التواصــل‬
‫االجتماعــي لمســاعدة أفــراد فــي أنحــاء العالــم علــى تحويــل حفالتهم‬
‫إلــى مناســبات للحصــول علــى التمويــل الــازم لمشــروعه‪ .‬خدمــت‬
‫منظمــة دوك‪ ،‬منــذ تأسيســها فــي ‪ ،2004‬أكثــر مــن ‪ 400.000‬شــخص‬
‫فــي أربعــة وعشــرين بلــد ًا‪ .‬فــي ‪ ،2009‬حصــل دوك هندلــي علــى لقــب‬

‫مستقبل السعادة‬
‫«بطــل» مــن شــبكة ســي إن إن‪ ،‬ويتكلــم اليــوم مــع جماهيــر فــي كل‬
‫أرجــاء المعمــورة ويقــول‪« :‬إذا وجــدت أنــك شــغوف بشــيء مــا‪ ،‬لــن‬
‫أهتــم بمــن تكــون؛ ألنــك س ـتُحدث فرق ـ ًا»‪.‬‬

‫مايكل بريت�شارد‬ ‫‪248‬‬

‫شــعر مايــكل بريتشــارد بــأن عليــه مواجهــة أزمــة الميــاه أيضــ ًا‪،‬‬
‫ولكــن مقاربتــه للمشــكلة كانــت بطريقــة مختلفــة تمامــ ًا‪ .‬يتذكــر‬
‫مايــكل مشــاهدته التغطيــة التلفزيونيــة لمأســاتي تســونامي آســيا‬
‫وإعصــار كاترينــا‪ ،‬وشــعوره بالحــزن مــن حشــود الالجئيــن الذيــن‬
‫ـربة مــن المــاء النظيــف‪ .‬انتــاب مايــكل مزيــج‬ ‫ينتظــرون مــن أجــل ُشـ ٍ‬
‫مــن الشــعور بالغضــب واإلحبــاط نتيجــة بــطء وكاالت اإلغاثــة فــي‬
‫وقــرر أن يفعــل شــيئ ًا بشــأن ذلــك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫االســتجابة لتلــك الكارثتيــن‪،‬‬
‫ابتكــر قــارورة «منقــذ الحيــاة»‪ ،‬التــي تبــدو مثــل حقيبــة رياضيــة‪،‬‬
‫(مصمــم لمنــع مــرور‬
‫ّ‬ ‫تتضمــن غشــاء تنقيــة يعمــل بتقانــة النانــو‬
‫ّ‬ ‫ولكــن‬
‫المقــززة للنفــس»‬
‫ّ‬ ‫الفيروســات) لجعــل «حتــى ميــاه المســتنقعات‬
‫ـوان معــدودة‪ .‬إلثبــات فاعليــة الجهــاز‪ ،‬أجــرى‬ ‫قابلــة للشــرب فــي ثـ ٍ‬
‫مايــكل مقابلــة تلفزيونيــة عــرض فيهــا علــى الهــواء مباشــرة آليــة عمــل‬
‫الصحــي‬
‫ّ‬ ‫ال مــن مصنــع لمعالجــة ميــاه الصــرف‬‫القــارورة‪ .‬ســكب ســائ ً‬
‫فــي «منقــذ الحيــاة»‪ ،‬وأضــاف إليــه كميــة صغيــرة مــن بــراز أرنــب‪،‬‬
‫خــض القــارورة‪ ،‬وشــرب المــاء النظيــف المع ّقــم الــذي‬ ‫َّ‬ ‫مــن ثــم‬
‫خــرج منهــا(‪ .)19‬بدّ لــت قــارورة «منقــذ الحيــاة»‪ ،‬التــي ابتكرهــا مايــكل‬
‫بريتشــارد‪ ،‬نمــاذج المســاعدة التقليديــة لتقديــم مــاء نظيــف بطريقــة‬
‫أســرع وكفــاءة أكبــر‪.‬‬

‫�آلي ويلبورن‬
‫باتــت آلــي ويلبــورن‪ ،‬طالبــة الســنة النهائيــة في مدرســة نانســموند‪-‬‬
‫ســوفولك الثانويــة فــي فيرجينيــا‪ ،‬مفتونة بفكــرة الطباعــة ثالث ّيــة األبعاد‬
‫حصــة دراســية قبــل عــام بعنــوان مدخــل إلــى التصميــم(‪.)20‬‬ ‫فــي أثنــاء ّ‬
‫‪249‬‬
‫كانــت آلــي‪ ،‬التــي تبلــغ الســابعة عشــرة مــن عمرهــا آنــذاك‪ ،‬تتص ّفــح‬
‫اإلنترنــت فــي الصيــف اآلتــي حيــن رأت مصادف ـ ًة مجموعــة تدعــى‬
‫متطوعيــن لتقديــم أيــدي وأذرع‬ ‫ّ‬ ‫تــدرب‬ ‫إي‪-‬نيبــل (‪)e-NABLE‬‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫ّ‬
‫اصطناعيــة‪ ،‬مصنوعــة بتقانــة الطباعــة ثالث ّيــة األبعــاد‪ ،‬إلــى المحتاجيــن‬
‫إليهــا‪ .‬شــعرت بحمــاس شــديد حيــن علمــت المزيــد عــن األعضــاء‬
‫االصطناعيــة مــن بعــض المرضــى فــي مركــز هامبتــون الطبــي‪ .‬عملــت‬
‫المتخصصــة فــي العلــوم‪ ،‬والتّقانــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫آلــي مــع إليزابيــث جوينــر؛‬
‫والهندســة‪ ،‬والرياضيــات فــي نانسموند‪-‬ســوفولك‪ ،‬لجمــع ‪50.000‬‬
‫دوالر مــن أجــل إنشــاء أكاديميــة صيفيــة لتدريــس علــم اإلنســان‬
‫ـاب نحــو اثنتــي‬‫اآللــي‪ ،‬وتك ّللــت جهودهمــا بالنجــاح حيــن أنجــز طـ ٌ‬
‫عشــرة يــدا اصطناعيــة‪.‬‬
‫اســتفاد كل هــؤالء األفــراد الثالثــة مــن أعمالهــم التّعاونيــة الواعيــة‬
‫إلنجــاز مــا ال يســتطيع شــخص واحــد القيــام بــه بمفــرده‪ .‬يعــدُّ هــؤالء‬
‫ٍ‬
‫منــارات لغيرهــم بالتأكيــد‪ ،‬وإن تكــن علــى‬ ‫المبتكــرون المدنيــون‬
‫جــزر معزولــة‪ .‬نظـ ُّن أنــه ال توجــد طريقــة ليكــون لنــا ذلــك النــوع مــن‬
‫يوضــح دوك هندلــي‪« :‬ســتكون جهــودي نقطــة فــي‬ ‫التأثيــر‪ ،‬لكــن كمــا ّ‬
‫دلــو‪ ،‬ولكــن لــو أننــي لــم أخــط تلــك الخطــوة؛ ألن المشــكلة كبيــرة‬
‫أي شــيء اآلن»‪.‬‬
‫جــدًّ ا‪ ،‬لــم نكــن لننجــز ّ‬
‫إذ ًا‪ ،‬مــا هــي األفــكار التــي تــراودك لجعــل المســتقبل أكثــر‬
‫إشــراق ًا؟ هــل تــود أن تكــون مبتكــر ًا مدنيـ ًا؟ إذا كنــت مهتمـ ًا بالتّعــاون‬

‫مستقبل السعادة‬
‫مــع آخريــن علــى مشــروع قائــم‪ ،‬إليــك بعــض التطبيقــات والمواقــع‬
‫تجربهــا‪:‬‬
‫لــدي‪ ،‬التــي يمكنــك أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫المفضلــة‬
‫ّ‬ ‫اإللكترونيــة‬

‫�أن تكون مبتكر ًا واعي ًا‬


‫أبلــغ عــن قضايــا مثــل ُح َفــر شــوارع أو‬ ‫سي‪-‬كليك‪-‬فيكس ببلك‪-‬ستاف‬ ‫‪250‬‬
‫‪ See Click Fix Public Staff‬الفتــات طريــق تحتــاج إلــى إصــاح فــي‬
‫مدينتــك‬
‫قــدّ م عريضــة‪ ،‬واكســب دعمــ ًا لقضايــا‬ ‫تشينج ‪Change.org‬‬
‫مختلفــة‪.‬‬
‫كير ‪Care2.com‬‬
‫اعمــل علــى بنــاء جماعــة متماســكة فــي‬ ‫نكست‪-‬دور ‪NextDoor‬‬
‫ح ّيــك‪.‬‬ ‫بير ‪Peer.by‬‬
‫مجموعتي فيسبوك‬

‫اســتثمر فــي مشــروعات عا ّمــة عبــر‬ ‫ستز‪-‬إنفستر‬


‫جمــع تمويــل جماعــي‪ ،‬وبنــاء عالقــات‬
‫‪CitizInvestor.com‬‬
‫مــع أشــخاص فــي محيطــك‪.‬‬
‫نيبور ‪Neighbor.ly‬‬
‫م�ستهلكون يتمتّعون بالوعي‬
‫ٍ‬
‫بنحــو وا ٍع هــي أن‬ ‫الطريقــة الثانيــة التــي يمكننــا االبتــكار بهــا‬
‫نكــون مســتهلكين يتمتّعــون بالوعــي‪ .‬قــد ال يكــون شــراء منتجــات‬
‫عضويــة الخيــار األرخــص لنــا؛ لكــن يجــادل كثيــرون أن المــرء‬
‫صح ّيــة أكثــر مــن ذلــك مرتبطــة بتنــاول كثيــر مــن‬
‫يدفــع تكاليــف ّ‬
‫األغذيــة التقليديــة والمعالجــة‪ .‬قد ال يمنحك االســتثمار المســؤول‬
‫اجتماعي ـ ًا أفضــل عائــد علــى الــورق فــي مجــال األربــاح الكل ّيــة‪،‬‬
‫ـث حديــث أن‬ ‫ولكــن نحــن أكثــر قيمــة مــن أموالنــا‪ .‬أوضــح بحـ ٌ‬
‫طريقــة إنفاقنــا للمــال تؤ ّثــر علــى ســعادتنا أكثــر ّ‬
‫ممــا ننفــق مالنــا‬
‫عليــه‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫الرقمية‬
‫�إدارة ب�صمتنا ّ‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫بالطريقــة نفســها التــي تســعى بهــا حــركات الحفــاظ علــى‬


‫البيئــة إلــى زيــادة الوعــي العالمــي بشــأن بصمــة الكربــون‪،‬‬
‫يمكــن لمنظمــات حمايــة المســتهلك أن تزيــد وعــي المســتهلكين‬
‫الرقميــة بتثقيفهــم عــن تأثيــرات مشــترياهم علــى‬
‫بشــأن بصمتهــم ّ‬
‫الســوق(‪ .)21‬ال يــدرك معظــم المســتهلكين أن التطبيقــات التــي‬ ‫ّ‬
‫نشــتريها‪ ،‬واأللعــاب التــي نلعبهــا‪ ،‬واآلالت التــي نســتثمر فيهــا‪،‬‬
‫واألحاديــث التــي نتبادلهــا عبــر وســائل التواصــل االجتماعــي‪،‬‬
‫مطوريــن ومســتثمرين عــن نــوع المحتــوى‬ ‫ترســل رســائل إلــى ّ‬
‫نفضلــه‪ ،‬والمنتجــات التــي نرغــب الحصــول عليهــا‪ .‬نعــم‪،‬‬ ‫الــذي ّ‬
‫ـدر أمــواالً؛ ولــدى المســتهلكين قــوة متزايــدة للتأثيــر‬
‫البيانــات تـ ُّ‬
‫علــى قــوى الســوق‪.‬‬
‫تعزيز الم�س�ؤولية االجتماعية‬
‫اإليجابــي‪ ،‬وهــي تزيــد‬
‫ّ‬ ‫لقــد باتــت التّقانــة قــوة مح ّفــزة للتغييــر‬
‫الشــركات‪ .‬صــار المســتهلكون اليــوم أكثر‬ ‫معرفــة المســتهلك وشــفافية ّ‬
‫الشــركات‪ ،‬ويعرفــون أن لديهــم خيــارات مختلفــة‬ ‫درايــة بممارســات ّ‬
‫بشــأن طــرق إنفــاق أموالهــم‪ .‬وفق ـ ًا الســتطالع أجرتــه مؤسســة كــون‬
‫لالتصــاالت فــي ‪ ،2015‬يأخــذ ثمانيــة مــن كل عشــرة مســتهلكين فــي‬
‫العالــم المســؤولية االجتماعيــة للشــركات بالحســبان حيــن يقـ ّـررون‬

‫مستقبل السعادة‬
‫للتســوق (‪ ،)%84‬أو‬
‫ّ‬ ‫مــا يريــدون شــراءه أو المــكان الــذي يقصدونــه‬
‫المنتجــات أو الخدمــات التــي يوصــون بهــا أشــخاص ًا آخريــن (‪،)%82‬‬
‫الشــركات التــي يرغبــون برؤيتهــا تقــوم بأعمــال فــي مجتمعاتهــم‬ ‫أو ّ‬
‫(‪ ،)%84‬أو األماكــن التــي يح ّبــون أن يعملــوا بهــا (‪ .)22()%79‬تقــوم ‪%93‬‬
‫مــن أكبــر شــركات العالــم بتقديــم تقاريــر رســمية حاليـ ًا عــن مبادراتها‬
‫‪252‬‬
‫المتع ّلقــة بالمســؤولية االجتماعيــة للشــركات(‪.)CSR( )24( ،)23‬‬

‫يأخذ ثمانية من كل عشرة مستهلكين في العالم المسؤولية‬


‫يقررون ما يريدون‬
‫االجتماعية للشركات بالحسبان حين ّ‬
‫للتسوق (‪ ،)٪84‬أو المنتجات‬
‫ّ‬ ‫شراءه أو المكان الذي يقصدونه‬
‫أو الخدمات التي يوصون بها أشخاص ًا آخرين (‪ ،)٪82‬أو‬
‫ّ‬
‫الشركات التي يرغبون برؤيتها تقوم بأعمال في مجتمعاتهم‬
‫(‪ ،)٪84‬أو األماكن التي يح ّبون أن يعملوا بها (‪.)٪79‬‬

‫ال يعنــي االســتهالك بوعــي أن هــذا شــي ٌء جيــدٌ للعالــم فقــط‪،‬‬


‫وإنمــا قــد يكــون مفيــد ًا لــك أيضــ ًا‪ .‬ال يجعلــك الرضــا عــن شــراء‬
‫شــيء مــا ســعيد ًا علــى المــدى القصيــر فحســب‪ ،‬وإنمــا يعـ ّـزز فضيلــة‬
‫ٌ‬
‫أبحــاث إلــى وجــود «حلقــة تغذيــة‬ ‫اإليثــار لديــك كذلــك(‪ .)25‬تشــير‬
‫راجعــة إيجاب ّيــة» بيــن اإلنفــاق االجتماعــي (اإلنفــاق لمــا فيــه خيــر‬
‫والرفــاه‪ ،‬التــي يمكــن أن تكــون وســيلة فاعلــة لتحقيــق‬ ‫اآلخريــن) ّ‬
‫يشــجع‬
‫ّ‬ ‫الســعادة‪ ،‬مــا‬
‫ســعادة مســتدامة‪ :‬يزيــد اإلنفــاق االجتماعــي ّ‬
‫بالمقابــل علــى مزيــد مــن هــذا اإلنفــاق‪ .‬إذا أردت أن تكــون مســتهلك ًا‬
‫تتحمــل مســؤولية اجتماعيــة‪ ،‬إليــك بعــض األفــكار البســيطة جــدًّ ا‪،‬‬ ‫ّ‬
‫تجربهــا‪:‬‬
‫التــي يمكــن أن ّ‬

‫اقتراحات قد تجعلك �أكثر �سعادة‬


‫‪ .1‬التو ّثــق مــن مصــادر منتجاتــك‪ .‬اعــرف مــن أيــن تأتــي‬
‫منتجاتــك‪ ،‬ومــن يصنعهــا‪ ،‬وكيــف تجــري االســتفادة مــن‬
‫األرباح‪ .‬تســتطيع تطبيقات مثــل غود‪-‬غايــد (‪،)GoodGuide‬‬
‫وإيكو‪-‬هابيتــود (‪ ،)Echohabitude‬وبيوكــوت (‪)Buycott‬‬
‫‪253‬‬
‫رمــز شــريطي (باركــود) بســرعة‬ ‫تفحــص ٍ‬ ‫مســاعدتك فــي ّ‬
‫للتو ّثــق مــن خلفيــة الشــركة قبــل أن تشــتري منتجـ ًا منهــا(‪.)26‬‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫إذا لــم يكــن الرمــز الشــريطي متوافــر ًا‪ ،‬يمكنــك أن تبحــث‬


‫أيضـ ًا عــن المنتــج أو الشــركة فــي غوغــل أو مكتــب جــودة‬
‫األعمــال (‪.Better Business Bureau )27‬‬
‫‪ .2‬الشــراء المؤ ّثــر‪ .‬عندمــا يكــون هــذا ممكنــ ًا‪ ،‬اشــتر‬
‫منتجــات مــن شــركات لدعــم ثــاث قيــم رئيســة (شــراء‬
‫يفيــد االقتصــاد‪ ،‬والبيئــة‪ ،‬والمجتمــع)(‪ .)28‬تتبنّــى تلــك‬
‫الشــركات عــادة خطــة مســؤولية اجتماعيــة‪ ،‬وقــد تكــون‬ ‫ّ‬
‫حتــى مصنّفــة ضمــن الفئــة (ب)‪ ،‬مــا يشــير إلــى اعتمادهــا‬
‫معاييــر عاليــة المســتوى لــأداء االجتماعــي والبيئــي‪،‬‬
‫ّ‬
‫والشــفافية العا ّمــة‪ ،‬والمحاســبة القانونيــة(‪.)29‬‬
‫تضحــي‬
‫ّ‬ ‫الشــركات قــد‬‫علــى الرغــم مــن أن هــذه ّ‬
‫باألربــاح قصيــرة األمــد للمحافظــة علــى قيمهــا‪ ،‬إال أنهــا‬
‫تبنــي وال ًء لعالمتهــا التجاريــة بيــن المســتهلكين‪ ،‬الذيــن‬
‫يرغبــون أن يعرفــوا أيــن تذهــب أموالهــم‪ ،‬وتزيــد مــن‬
‫قدرتهــا علــى رفــد فريــق عملهــا بكفــاءات ممتــازة‪ .‬تقــول‬
‫مؤسســة ومديــرة إيكو‪-‬هابيتــود‪ ،‬وهــي‬ ‫كريســتين دريبســا؛ ّ‬
‫تتحمــل مســؤولية اجتماعيــة‪« :‬كلمــا‬ ‫ّ‬ ‫ســوق إلكترونيــة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أســرعنا فــي إنفــاق أموالنــا بطريقــة أفضــل‪ ،‬سنسـ ّـرع مــن‬
‫ـول فــي االقتصــاد ‪ ...‬يتع ّلــق األمــر بالطلــب‪،‬‬‫رؤيــة التحـ ّ‬
‫التحــول فــي مــا يبحــث النّــاس‬
‫ّ‬ ‫وقــد بدأنــا رؤيــة ذلــك‬
‫عنــه‪ ،‬ويهتمــون بــه»(‪.)30‬‬
‫‪ .3‬االســتثمار فــي االبتــكار لمــا فيــه المصلحــة العا ّمــة‪ .‬إن‬
‫‪254‬‬
‫أفضــل حــل يمكــن أن تقدّ مــه لجعــل العالــم مكانـ ًا أفضــل‬
‫هــو االســتثمار فــي االبتــكار‪ .‬ســوا ًء أكان لديــك دوالر‬
‫الخيــري‬
‫ّ‬ ‫واحــد أو مليــون‪ ،‬يمكــن أن تســهم فــي العمــل‬
‫اليــوم بفضــل مواقــع تمويــل جماعيــة مثــل كيفــا (‪،)Kiva‬‬
‫وكيك‪-‬ســتارتر (‪ ،)Kickstarter‬وكراودرايز (‪،)Crowdrise‬‬
‫وإندي‪-‬غوغــو (‪ .)Indiegogo‬يســاعد االســتثمار فــي‬
‫مشــروعات تتّفــق مــع قيمــك واهتماماتــك فــي إيجــاد‬
‫كاف إلحــداث تغييــر إيجابــي‪ ،‬ويعــدّ مؤشــر ًا‬ ‫رأســمال ٍ‬
‫ٍ‬
‫لمبتكريــن ومســتثمرين آخريــن علــى وجــود طلــب علــى‬
‫مشــروعات ومنتجــات مشــابهة‪.‬‬
‫منص ـ ًة للتغييــر‪.‬‬
‫‪ .4‬اســتخدام وســائل التواصــل االجتماعــي ّ‬
‫إيجابــي‪ ،‬وانتقــد‬ ‫ٍ‬
‫شــركات تلتــزم بإحــداث تغييــر‬ ‫امتــدح‬
‫ّ‬
‫أخــرى تعانــي مشــكالت فــي النزاهــة‪ .‬انشــر تعليقــات‬
‫عــن المنتجــات‪ ،‬وشــارك فــي مواقــع النقــاش‪ ،‬واكتــب‬
‫مدونــات تع ّبــر فيهــا عــن آرائــك‪ .‬يمكنــك أيض ـ ًا متابعــة‬
‫ّ‬
‫صفحــات وســائل التواصــل االجتماعــي لمنظمــات تتّفــق‬
‫مــع قيمــك‪ ،‬واالطــاع دائم ـ ًا علــى القضايــا الرئيســة فــي‬
‫هــذا المجــال‪.‬‬

‫التحفيز الواعي‬
‫الطريقــة الثالثــة التــي يمكــن أن نبتكــر فيهــا بوعــي هــي أداء دور‬
‫المح ّفــز فــي المجتمــع عبــر تقديــم نمــوذج ُيحتــذى‪ ،‬واإلســهام فــي‬
‫التحــول المنشــود‪ ،‬ومســاعدة اآلخريــن‪ ،‬وتكثيــف العطــاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إجــراء‬
‫‪255‬‬
‫فــي معظــم الحــاالت‪ ،‬تح ّقــق أفعالنــا ثــاث غايــات‪ :‬تعـ ّـزز ســعادتنا‪،‬‬
‫تســهل‬
‫ّ‬ ‫وتلهــم اآلخريــن اتخــاذ إجــراءات مماثلــة‪ ،‬وتوجــد بيئــة‬
‫استراتيجية ‪5‬‬

‫الســعادة للجميــع‪.‬‬
‫ّ‬

‫إيجابي‬
‫ّ‬ ‫نمذجة ال�سلوك االجتماعي ال‬
‫اإليجابــي مثــاالً ُيحتــذى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عندمــا يصبــح الســلوك االجتماعــي‬
‫ســيتمتّع المبتكــرون بالقــدرة علــى أن يصيــروا مح ّفزيــن فــي المجتمــع‬
‫مــن أجــل زيــادة اإليثــار والتعاطــف‪ ،‬والمعاملــة بالمثــل‪ .‬فــي تجربــة‬
‫«العجلــة المثقوبــة» الشــهيرة فــي ‪ ،1966‬درس باحثــون إمكانيــة تو ّقــف‬
‫دراجــات ناريــة لمســاعدة «ســيدة فــي محنــة» علــى جانــب‬ ‫راكبــي ّ‬
‫ـب أصــاب عجلــة مركبتهــا‪ .‬كان نصــف الســائقين‬ ‫الطريــق نتيجــة ثقـ ٍ‬
‫قــد رأوا مشــهد ًا تمثيليــ ًا عــن شــاب يســاعد فتــاة قبــل ذلــك‪ ،‬فــي‬
‫الدراجــات‪ .‬وجــدت‬ ‫حيــن لــم يشــاهده النصــف اآلخــر مــن راكبــي ّ‬
‫اإليثــاري‬
‫ّ‬ ‫إيجابــي زاد كثيــر ًا الســلوك‬
‫ّ‬ ‫الدراســة أن وجــود نمــوذج‬
‫لهــؤالء الســائقين(‪ .)31‬فــي الواقــع‪ ،‬يمكــن لمشــاهدة فعــل خيــر أن‬
‫ُيطلــق سلســلة مــن أعمــال المــروءة‪ .‬فــي ‪ ،2012‬قـ ّـررت زبونــة‪ ،‬فــي‬
‫أثنــاء انتظــار دورهــا أمــام نافــذة طلبــات مقهــى تيــم هورتــون‪ ،‬أن تدفع‬
‫حســاب الزبــون خلفهــا فــي الصــف‪ .‬شــعر ذلــك الزبــون بالدهــش‬
‫وقــرر أن يدفــع عــن الزبــون التالــي أيضــ ًا‪ ،‬ونتــج عــن‬ ‫ّ‬ ‫والســرور‪،‬‬
‫ذلــك سلســلة ســخاء شــملت ‪ 226‬زيون ـ ًا فــي المتجــر فــي الســاعات‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الثــاث اآلتيــة(‪ .)32‬وقعــت حادثــة مشــابهة فــي ‪ 2014‬فــي ســتاربكس‪،‬‬
‫وشــملت ‪ 378‬زبونـ ًا وامتــدت أكثــر مــن إحــدى عشــرة ســاعة‪ .‬فــي كل‬
‫ـي‬ ‫مــن هاتيــن الواقعتيــن‪ ،‬أ ّدى فعــل إيثــار واحــد إلــى نشــوء تأثيــر موجـ ّ‬
‫امتــد إلــى خــارج نطــاق النّــاس الواقفيــن فــي الصــف ‪ -‬انتشــرت‬
‫هــذه القصــص عبــر اإلنترنــت‪ ،‬وألهمــت آخريــن أن يكونــوا مح ّفزيــن‬
‫‪256‬‬
‫فــي مجتمعاتهــم‪( .‬لمتابعــة تأثيــرك‪ ،‬تو ّثــق مــن تطبيــق ريبيــل (‪)Ripil‬‬
‫أو نوبلــي (‪ ،)Nobly‬الــذي يســمح لــك برصــد ومشــاركة أعمــال الخير‬
‫التــي تح ّفزهــا فــي المجتمــع حولــك)‪.‬‬

‫وجدت الدراسة أن وجود نموذج إيجابي زاد كثير ًا السلوك‬


‫اإليثاري لهؤالء السائقين‪ .‬في الواقع‪ ،‬يمكن لمشاهدة فعل خير‬
‫أن ُيطلق سلسلة من أعمال المروءة‪.‬‬

‫ا عاديــ ًا‪ ،‬أو‬


‫ســوا ًء أكنــت مديــر ًا تنفيذيــ ًا‪ ،‬أو قائــد فريــق‪ ،‬أو عامــ ً‬
‫الســلوك االجتماعــي طريقــة‬ ‫والــد ًا يلــزم المنــزل‪ ،‬قــد تكــون نمــاذج ّ‬
‫فاعلــة جــدًّ ا فــي تحفيــز األفــراد حولــك‪ .‬فــي كتابــه الموســوم األخــذ‬
‫والعطــاء‪ ،‬الــذي صنّفتــه نيويــورك تايمــز بيــن األكثــر بيعـ ًا‪ ،‬يكتــب آدم‬
‫غرانــت األســتاذ فــي وارتــون‪« :‬أكبــر مصــدر تحفيــز غيــر مســتثمر بعد‬
‫هــو تقديــم خدمــة إلــى أشــخاص آخريــن‪ ،‬والتركيــز علــى أن مســاهمة‬
‫عملنــا فــي حيــاة اآلخريــن يمكــن أن يجعلنــا أكثــر إنتاج ّيــة مــن مجــرد‬
‫التفكيــر بمســاعدة أنفســنا»‪.‬‬
‫ين ّفــذ غرنــت مــا يحـ ُّ‬
‫ـض عليــه‪ :‬وافــق مـ ّـرة علــى كتابــة ‪ 100‬رســالة‬
‫توص ّيــة للطــاب‪ ،‬وهــي مهمــة قــد يجدهــا كثيــر مــن األســاتذة عســيرة‪.‬‬
‫عوض ـ ًا عــن أن يف ّكــر فــي الرســائل علــى أنهــا عمــل مزعــج‪ ،‬قـ ّـرر أن‬
‫ـدة منهــا فرصـ ًة لمســاعدة آخريــن علــى تحقيــق أحالمهم‪.‬‬ ‫يعــدَّ كل واحـ ٍ‬
‫علــى الرغــم مــن أن هــذا يبــدو ســاذج ًا‪ ،‬إال أن غرانــت يــدرك أن هــذا‬
‫التّغييرفــي طريقــة التفكيــر ليــس محــض إيثــار يحصــل علــى شــيء‬
‫بالمقابــل‪ ،‬حيــث إن الطــاب يحضــرون لــه هدايــا بانتظــام‪ ،‬ويشــكرونه‬
‫فــي رســائل عبــر البريــد اإللكترونــي‪ ،‬ويمتدحــون شــخصه‪.‬‬
‫إذا كان ال يــزال لديــك شــك بشــأن قيمــة العطــاء فــي المكتــب‪،‬‬
‫‪257‬‬ ‫يمضــي غرانــت قدمــ ًا ليشــرح تجربــة بســيطة حــاول مــن خاللهــا‬
‫إثبــات فاعليــة تأطيــر إنجــاز العمــل‪ ،‬وبــدأ فــي بيئــة صعبــة‪ :‬مراكــز‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪5‬‬

‫اتصــاالت جامعيــة‪ .‬تتم ّثــل مهمــة مراكــز االتصــاالت األساس ـ ّية فــي‬
‫تمويــل المنــح الجامعيــة‪ ،‬لــذا أحضــر غرانــت شــخص ًا اســتفاد ســابق ًا‬
‫مــن إحــدى المنــح ليتكلــم مــع المتّصليــن عشــر دقائــق فقــط بشــأن مــا‬
‫أحدثتــه تلــك المنحــة مــن تغييــر فــي حياتــه‪ ،‬وألهمتــه العمــل مع ّلم ـ ًا‬
‫مــع تيتــش فــور أمريــكا (‪ .)Teach for America‬يتذكــر غرانــت أنــه قــد‬
‫شــعر بصدمــة بمــدى فاعليــة التجربــة‪ :‬بعــد شــهر مــن ذلــك‪ ،‬ارتفــع‬
‫معــدّ ل الوقــت الــذي يقضيــه العاملــون علــى الهاتــف بنســبة ‪%142‬‬
‫وازدادت العائــدات بنســبة ‪.)33(% 171‬‬
‫ـي عبــر أقــوال وأفعــال‬
‫تفيــد نمذجــة الســلوك االجتماعــي اإليجابـ ّ‬
‫ٍ‬
‫قــدوة لآلخريــن‪ ،‬وتغ ّيــر فــي الواقــع الهرمونــات فــي‬ ‫فــي تقديــم‬
‫وتكــون ســلوكنا علــى مســتوى فيزيولوجــي عصبــي‪ .‬فــي‬ ‫ّ‬ ‫دمنــا‪،‬‬
‫ـاب‬ ‫ـون مــن طـ ٍ‬‫دراســة ُأجريــت فــي كانــون األول ‪ ،2015‬طلــب باحثـ ٌ‬
‫مشــاهدة إعــان خدمــة عا ّمــة‪ .‬قبــل مشــاهدة الفيديــو‪ُ ،‬حقــن نصــف‬
‫المشــاركين بأوكسيتوســين (هرمــون ُيطلــق فــي الــدم حيــن يربــت‬
‫المــرء علــى كلــب‪ ،‬أو يعتنــي بنبتــة‪ ،‬أو يقيــم عالقــة زوجيــة‪ ،‬أو يشــاهد‬
‫فيــدو عاطفــي علــى يو‪-‬تيــوب)‪ ،‬فــي حيــن لــم ُيمنــح النصــف اآلخــر‬
‫شــيئ ًا‪ .‬قــدّ م المشــاركون الذيــن ُحقنــوا بذلــك الهرمــون أمــواالً أكثــر‬
‫بنســبة ‪ ،%56‬وشــملت تلــك الهبــات قضايــا أكثــر بنســبة ‪ ،%57‬وقالــوا‬
‫إنهــم أكثــر اهتمام ـ ًا بأولئــك الذيــن يظهــرون فــي الفيلــم بنســبة ‪.%17‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫«مــس أوتــار القلــب» يعــدُّ‬
‫َّ‬ ‫علــى الرغــم مــن أننــا نعــرف ســلف ًا أن‬
‫اســتراتيجية فاعلــة فــي اإلعــان‪ ،‬إال أن هــذا البحــث يكشــف أن‬
‫بالســعادة» يغ ّيــر فــي الواقــع‬
‫نمذجــة النشــاطات التــي تجعلــك «تشــعر ّ‬
‫ســلوك المشــاهدين بدفعهــم نحــو خيــارات إيجابيــة(‪.)34‬‬
‫يحســن ســلوك اإليثــار حصيلــة عملنــا‪ .‬وجــدت‬ ‫أضــف إلــى ذلــك‪ّ ،‬‬ ‫‪258‬‬
‫دراســة أجرتهــا جود‪-‬ثنــك أن أفــراد ًا يقدّ مــون دعمـ ًا اجتماعيـ ًا آلخرين‬
‫يكونــون أكثــر انســجام ًا فــي عملهــم‪ ،‬ويزيــد احتمــال حصولهــم علــى‬
‫ترقيــة بنســبة ‪ %40‬فــي األعــوام األربــع اآلتيــة‪ .‬قــد يكــون فهــم آليــة‬
‫تعزيــز االســتجابة الفيزيولوجيــة العصبيــة إحــدى أهــم عوامــل جاذبيــة‬
‫القيــادة التــي لــم تُســتغل بعــد‪ ،‬وســيكون أولئــك الذيــن يفهمــون كيف‬
‫يســتفيدون مــن هــذا التأثيــر أكثــر توقيــر ًا وفاعليــة بالتأكيــد‪.‬‬

‫تح ّول في عر�ض الأخبار‬


‫يســتطيع المبتكــرون أن يكونــوا مح ّفزيــن عبــر وســائل التواصــل‬
‫االجتماعــي أيضــ ًا‪ .‬فــي تجربــة مثيــرة للجــدل‪ ،‬عدّ لــت فيســبوك‬
‫محتــوى األخبــار ألكثــر مــن مليــون مســتخدم لتعــرض مزيــد ًا مــن‬
‫المنشــورات اإليجاب ّيــة‪ ،‬أو الســلب ّية‪ .‬علــى الرغــم مــن الشــكوك التــي‬
‫أحاطــت بتلــك الطريقــة‪ ،‬إال أن نتائــج الدراســة كانــت باهــرة‪ :‬دفعــت‬
‫ٍ‬
‫إخباريــة أشــخاص ًا إلــى نشــر‬ ‫ٍ‬
‫تغذيــة‬ ‫رؤيــة منشــورات إيجاب ّيــة فــي‬
‫تحديثــات إيجاب ّيــة بأنفســهم‪ ،‬فــي حيــن دفعــت األخبــار الســلب ّية إلــى‬
‫نشــر مزيــد مــن التحديثــات الســلبية(‪.)35‬‬
‫تتكــون آراؤنــا نتيجــة لمــا نقــرؤه بــكل معنــى الكلمــة‪ .‬أدركــت‬
‫الصحافيــة رشــاناه بالدويــن هــذا‪ ،‬وأرادت تغييــر التغطيــة اإلخباريــة‬
‫فــي موطنهــا إنغلــود فــي إيلينــوي‪ ،‬الــذي يعــدُّ أحــد أحيــاء شــيكاغو‪.‬‬
‫ـور وســائل اإلعــام إنغلــود غالبـ ًا علــى أنها مرتـ ٌ‬
‫ـع للجريمــة‪ ،‬إال أن‬ ‫تصـ ّ‬
‫بالدويــن تعــرف أن هنــاك وجهـ ًا آخــر ّ‬
‫للقصــة‪ ،‬وهــي ملتزمــة بمشــاركة‬
‫أخبــار األعمــال الصالحــة فــي بلدتهــا مــع العالــم‪ .‬تشــرح فــي إحــدى‬
‫مقاالتهــا‪« :‬ســيؤ ّثر الخطــر الكامــن فــي روايــة واحــدة ســلبية‪ ،‬يجــري‬
‫‪259‬‬ ‫ســردها مــرار ًا وتكــرار ًا علــى مســامع الجماهيــر‪ ،‬بشــأن حــي واحــد‪،‬‬
‫ـلبي بالتأكيــد علــى أولئــك الذيــن يعيشــون فــي تلــك المنطقة‪،‬‬
‫ـو سـ ّ‬‫بنحـ ٍ‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪5‬‬

‫القصــة‬
‫إضافــة إلــى كل شــخص آخــر‪ .‬بيــت القصيــد‪ :‬تصيــر تلــك ّ‬
‫جــزء ًا مــن وعــي الفــرد‪ ،‬إذا لــم يكــن هنــاك شــيء يدحضهــا»(‪.)36‬‬
‫تصــف ميشــيل جيــان؛ مذيعــة أخبــار ســابق ًا علــى قنــاة ســي بــي‬
‫ـي اآلن‬ ‫مختصــة فــي علــم النفــس اإليجابـ ّ‬
‫ّ‬ ‫تحولــت إلــى‬
‫إس‪ ،‬التــي ّ‬
‫(وزوجــة شــقيقي أيضـ ًا)‪ ،‬مقاربــة بالدويــن بأنهــا «صحافــة ّ‬
‫تحوليــة»‬
‫ـوالت إيجاب ّيــة)‪ .‬فــي كتابهــا األكثــر‬‫(تتم ّتــع بقــدرة علــى إجــراء تحـ ّ‬
‫التحوليــة‬
‫ّ‬ ‫بيع ـ ًا الموســوم «بــث الســعادة»‪ ،‬تحــدّ د جيــان الصحافــة‬
‫وجذابــة‪ ،‬وتركّــز علــى الحلــول‪ ،‬لتغطيــة‬ ‫ّ‬ ‫بأنهــا «مقاربــة فاعلــة‪،‬‬
‫األنبــاء‪ .‬تســعى إلــى إبــاغ العا ّمــة باألخبــار وتقديــم األدوات‬
‫الضروريــة لتحقيــق تقــدّ م ملمــوس»‪ .‬تالحــظ جيــان أن التغطيــة‬
‫اإلعالميــة تركّــز غالبــ ًا علــى القصــص «اإليجاب ّيــة» و«الســلب ّية»‪،‬‬
‫ولكــن الحكايــة الحقيقيــة تكــون أكثــر تعقيــد ًا مــن ذلــك‪« .‬الصحافــة‬
‫التحوليــة هــي الطريــق الثالثــة التــي تقــول‪« :‬ســنغ ّطي أخبــار ًا جدّ يــة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ولكــن ســنفعل هــذا بطريقــة تجعلــك تشــعر بــأن أفعالــك مهمــة»‪.‬‬
‫إنهــا تم ّثــل دعــوة ممكنــة للعمــل‪ ،‬وتجعــل النّــاس يشــعرون أنهــم‬
‫جــزء مــن العمليــة‪ .‬لديهــا هــدف أســمى مــن مجــرد إبالغــك عــن‬
‫األمــور الســيئة فــي العالــم»‪.‬‬
‫التحوليــة ليســت أكثــر قبــوالً فقــط‪ ،‬وإنمــا أكثــر جاذبيــة‬
‫ّ‬ ‫الصحافــة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫أيض ـ ًا‪ .‬فــي دراســة عــن وســائل اإلعــام أجرتهــا جيــان مــع آريانــا‬
‫هافينغتــون وشــون أكــور (زوجهــا)‪ ،‬وجــدت ميشــيل أنــه عندمــا‬
‫ـاش عــن حلــول ممكنــة أو واقعيــة بعــد متابعــة‬ ‫يســتمع النّــاس إلــى نقـ ٍ‬
‫ـار عــن مشــكلة مــا‪ ،‬تزيــد نســبة حــل المشــكالت بشــأن قضايــا‬ ‫أخبـ ٍ‬
‫بتحس ٍ‬
‫ــن‬ ‫ّ‬ ‫منفصلــة الحقــ ًا بمعــدّ ل ‪ .%20‬قــال النّــاس إنهــم يشــعرون‬
‫أيض ـ ًا بعــد أن ير ّكــزوا علــى الحلــول بــدالً مــن التفكيــر مطــوالً فــي‬ ‫‪260‬‬
‫ـاس بالفاعليــة بشــأن قضيــة‬‫المشــكالت‪ .‬يذكّرنــا هــذا أن تعزيــز إحسـ ٍ‬
‫مــا قــد يؤ ّثــر إيجابــ ًا علــى مشــاعرنا بشــأنها‪ ،‬وعلــى طــرق مقاربتنــا‬
‫مجـ ٍ‬
‫ـاالت أخــرى مــن الحيــاة أيض ـ ًا‪.‬‬
‫الثالثــي نفســه أن األشــخاص الذيــن‬
‫ّ‬ ‫فــي دراســة ســابقة‪ ،‬وجــد‬
‫يتعرضــون إلــى ثــاث دقائــق فقــط مــن األخبــار الســلب ّية فــي الصبــاح‬
‫ّ‬
‫الباكــر يــزداد لديهــم احتمــال الشــعور بــأن يومهــم ســيئ بنســبة ‪%27‬‬
‫بعــد ســت إلــى ثمانــي ســاعات‪ .‬يــؤ ّدي اســتبدال القصــص اإليجاب ّيــة‬
‫تحســن مشــاعر النّــاس؛ ألنهــم يــرون أنهــم يتمتّعــون‬ ‫بالس ـ ّلبية إلــى ّ‬
‫بالقــوة لجعــل هــذا العالــم مكانـ ًا أفضــل للجميــع‪ .‬هــذا تأثيــر عميــق‪،‬‬
‫خاصــة ألولئــك الذيــن يح ّبــون االســتيقاظ باكــر ًا وقــراءة أهــم خمــس‬
‫قصــص إخباريــة قبــل حتــى الخــروج مــن الســرير‪ .‬تشــرح جيــان أن‬
‫الهــدف ليــس التو ّقــف عــن مشــاهدة األخبــار‪ ،‬وإنمــا انتقــاء المصــادر‬
‫اإلخباريــة التــي ترشــدك إلــى طريقــة التعامــل مــع األنبــاء الســلب ّية‪،‬‬
‫والتصــرف حيالهــا‪ .‬إذا لــم تكــن هــذه المصــادر متوافــرة‪ ،‬يمكــن‬ ‫ّ‬
‫أن تقــرأ دائمــ ًا قصصــ ًا إخباريــة عبــر عدســة مــا يمكنــك القيــام بــه‬
‫بشــأن الوضــع‪ ،‬وأن تكــون «قــدوة» بالتفاعــل عبــر وســائل التواصــل‬
‫ومدونــات‬‫ّ‬ ‫االجتماعــي إلطــاق حديــث بشــأنه‪ ،‬وكتابــة منشــورات‬
‫تر ّكــز علــى الحلــول الممكنــة‪.‬‬

‫إيجابي‬
‫ّ‬ ‫تر�سيخ ال�سلوك ال‬
‫الطريقــة الثالثــة التــي يكــون بهــا المبتكــرون مح ّفزيــن يتمتّعــون‬
‫اإليجابــي عبــر التّقانــة‪ .‬يبــدو‬
‫ّ‬ ‫بالوعــي هــي ترســيخ الســلوك‬
‫الخريــج مــن برنامــج تقانــة اإلقنــاع فــي ســتانفورد‬
‫تريســتان هاريــس‪ّ ،‬‬
‫‪261‬‬
‫والمهنــدس الســابق فــي غوغــل‪ ،‬مقتنع ـ ًا بــأن التّقانــة تســتطيع تعزيــز‬
‫القيــم اإلنســانية ‪ -‬مثــل مفهــوم «قضــاء وقــت ممتــع» ‪ -‬فــي تصميــم‬
‫تصــور ًا لنســخة مــن‬
‫ّ‬ ‫تقانــة المســتهلك‪ .‬علــى ســبيل المثــال‪ ،‬قــدّ م‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪5‬‬

‫جيميــل قــد تفتتــح بســؤالك عــن الوقــت الــذي ترغــب بــأن تقضيــه‬
‫علــى البريــد اإللكترونــي فــي ذلــك اليــوم‪ ،‬وتذكّــرك حيــن تقتــرب‬
‫المــدّ ة مــن نهايتهــا‪ .‬أضــف إلــى ذلــك‪ ،‬يريــد إعــادة تصميــم تطبيقــات‬
‫التراســل التركيــز علــى المفيــد منهــا‪ ،‬وتنحيــة عوالــم اإللهــاء جانب ـ ًا‪،‬‬
‫مخصصــة أساســ ًا للتحكّــم‬ ‫ّ‬ ‫ويدعوهــا «تطبيقــات التفكّــر»‪ ،‬وهــي‬
‫بالتطبيقــات التــي نعمــل عليهــا‪.‬‬

‫تصور ًا لنسخة من جيميل قد تفتتح بسؤالك عن الوقت‬


‫قدّ م ّ‬
‫الذي ترغب بأن تقضيه على البريد اإللكتروني في ذلك اليوم‪،‬‬
‫وتذكّرك حين تقترب المدّ ة من نهايتها‪.‬‬
‫عندمــا نزيــد وعينــا بشــأن تفاعــل التّقانــة فــي حياتنــا‪ ،‬يجــب أن‬
‫الســعادة بالطــرق التــي‬
‫يتحمــل كل منــا مســؤولية تكويــن مســتقبل ّ‬ ‫ّ‬
‫نتعــاون‪ ،‬ونســتهلك‪ ،‬ونتصـ ّـرف بهــا علــى أننــا مح ّفزيــن‪ .‬كتــب الرئيس‬
‫أوبامــا فــي نســخة حديثــة مــن مجلــة وايــرد (‪ ،)Wired‬أنــه مــن أجــل‬
‫التغ ّلــب علــى التحدّ يــات التــي نواجههــا فــي المســتقبل‪:‬‬
‫لــن نكــون بحاجــة إلــى الخبــراء فــي معهــد ماساشوســتس للتّقانــة‬
‫الصحــة الوطنيــة األمريكيــة فقــط‪ ،‬وإنمــا إلــى‬
‫ّ‬ ‫فــي ســتانفورد أو معاهــد‬

‫مستقبل السعادة‬
‫األم فــي فيرجينيــا الغربيــة التــي تقــوم بإصــاح طابعــة ثالث ّيــة األبعــاد‪،‬‬
‫والفتــاة عنــد الطــرف الجنوبــي مــن شــيكاغو التــي تتع ّلــم الترميــز‪،‬‬
‫والحالــم فــي ســان أنطونيــو الــذي يريــد مســتثمرين لتطبيقــه الجديــد‪،‬‬
‫واألب فــي داكوتــا الشــمالية الــذي يتع ّلــم مهــارات جديــدة ليســتطيع‬
‫المســاعدة فــي قيــادة الثــورة الخضــراء‪ .‬ســنتغ ّلب بهــذه الطريقــة علــى‬
‫ـد منــا مــن أجــل كل‬ ‫التحدّ يــات التــي نواجههــا‪ :‬بتحريــر قــوة كل واحـ ٍ‬
‫ّ‬ ‫‪262‬‬
‫ـد منــا‪ .‬ال مــن أجــل أولئــك المحظوظيــن فحســب‪ ،‬وإنمــا مــن‬ ‫واحـ ٍ‬
‫أجــل الجميــع(‪.)37‬‬
‫هــذه هــي قــوة الخيــال اإلبداعــي والجماعــي‪ .‬كان هدفــي مــن‬
‫هــذا الكتــاب هــو تمكيــن كل شــخص مــن التفكّــر فــي موقعــه‬
‫والتبصــر بشــأن المــكان الــذي ســينتهي بــه الحــال إليــه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الحالــي‪،‬‬
‫والحلــم بمــا قــد يبــدو عليــه شــكل المســتقبل‪ .‬أنــا متفائلــة أنــه‬
‫ســيكون بمقــدورك العثــور علــى طريــق أفضــل إلــى األمــام بغــض‬
‫النظــر عــن التحدّ يــات التــي تواجههــا‪ .‬أتطلــع قدم ـ ًا إلــى مســتقبل‬
‫الســعادة‪ ،‬وســأراك هنــاك‪.‬‬ ‫ّ‬
‫خال�صة‬

‫الســعادة بالطريقــة التــي نتفاعــل بهــا مــع التّقانــة‬


‫يتش ـكّل مســتقبل ّ‬
‫اليــوم‪ .‬ترســل أفكارنــا‪ ،‬وأفعالنــا‪ ،‬وحتــى مشــترياتنا رســائل مهمــة إلــى‬
‫ـوري تقانــات جديــدة‪ .‬يمكــن أن نســاعد فــي إعــادة‬ ‫مســتثمرين ومطـ ّ‬
‫بنــاء مســتقبلنا حيــن نتح ّلــى بالوعــي ونقـ ّـرر كيــف نتعامــل مــع التّقانــة‬
‫فــي الحاضــر‪.‬‬

‫االبتكار بوعي بـ‪:‬‬


‫✓ ✓التخ ّيل الفاعل للعالم الذي ترغب به‪.‬‬
‫✓ ✓االســتفادة مــن التّقانــة الحاليــة لتكــون متعاونــ ًا‪،‬‬
‫‪263‬‬ ‫ومســتهلك ًا‪ ،‬ومح ّفــز ًا واعيــ ًا‪.‬‬
‫✓ ✓اســتخدام عالقاتــك لنمذجــة ســلوك اجتماعــي إيجابــي‪،‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫استراتيجية ‪5‬‬

‫ـي‪ ،‬ونشــر قصــص مح ّفــزة‪.‬‬ ‫وإحــداث أثـ ٍ‬


‫ـر موجـ ّ‬

‫ ‬
‫ر�سالة ختام ّية‬

‫تصــوري لنهايــة الكتــاب أن أقــدّ م صــور ًة ثالث ّيــة األبعــاد‬


‫ّ‬ ‫كان‬
‫ـخص يرفــع إبهاميــن إلــى األعلــى ويهنئــك‬ ‫ٍ‬ ‫مرســومة بخــط اليــد لشـ‬
‫‪265‬‬
‫بإنهــاء قــراءة هــذا العمــل‪ .‬لكــن مــن أجــل المضــي قدمــ ًا‪ ،‬نحتــاج‬
‫أحيانـ ًا إلــى إلقــاء نظــرة إلــى الــوراء‪ .‬لــذا عوضـ ًا عــن ذلك‪ ،‬سأســتعين‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫ٍ‬
‫بتقليــد قديــ ٍم‪ ،‬أو شــيء مــن المدرســة القديمــة كمــا يقولــون‪ :‬لقــد‬
‫كتبــت لــك رســالة تح ّفــزك علــى متابعــة دربــك‪ .‬إلــى مح ّبــي تويتــر‬
‫والنصــوص المختصــرة‪ ،‬ســيكون هــذا مزعج ـ ًا لكــم علــى األرجــح‬
‫(أكثــر مــن ‪ 140‬حرف ـ ًا‪ ،‬ومــن دون صــور تعبيريــة‪ ...‬ســتكونون بخيــر‬
‫أيهــا األصدقــاء)‪ ،‬ولكــن ســأحاول اإليجــاز‪.‬‬

‫صديقــي العزيــز (وأنــت صديقــي فعـ ً‬


‫ا بعــد أن قــرأت كل قصصي‪،‬‬
‫وقوائمــي‪ ،‬واقتراحاتي)‪.‬‬

‫ال أحــب الخاتمــة الطويلــة‪ ،‬خاصــة أن هــذه هــي البدايــة فقــط‪،‬‬


‫ولكــن أريــد أن أشــكرك‪ .‬أتقــدم إليــك بجزيــل الشــكر علــى إبــداء‬
‫إلــي فــي هــذه الرحلــة‬ ‫كاف بشــأن المســتقبل‪ ،‬واالنضمــام‬ ‫حــرص ٍ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫لتحفيــز اإلمكانــات‪ ،‬وإجــراء أبحــاث‪ ،‬واالشــتراك فــي تجربــة فكريــة‬
‫لجعــل المســتقبل أكثــر إشــراق ًا‪ .‬لقــد استكشــفنا فــي ســياق هــذا‬
‫المهمــات الحديثــة الصعبــة‪ ،‬وقــد شــاطرتك خمــس‬ ‫ّ‬ ‫الكتــاب تحدّ يــات‬
‫اســتراتيجيات لمســاعدتك فــي تحقيــق التــوازن بيــن اإلنتاج ّيــة والرفــاه‬
‫ـي بـــ‪:‬‬
‫الرقمـ ّ‬
‫فــي العصــر ّ‬
‫ ‪ -‬اتخاذ االحتياطات الالزمة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫تعرف إلى ذاتك‬
‫ ‪ّ -‬‬
‫ ‪ -‬تدريب عقلك‬

‫للسعادة‬
‫ ‪ -‬إنشاء بيئة ّ‬
‫ ‪ -‬االبتكار بوعي‬ ‫‪266‬‬

‫أي هــذه االســتراتيجيات التــي‬


‫ســتكون قــد حــدّ دت علــى األرجــح ّ‬
‫يجــب أن تعمــل عليهــا فــور ًا‪ ،‬وآمــل أن تبــدأ وضــع هــذه االقتراحــات‬
‫العمليــة موضــع التنفيــذ حــاالً‪ .‬ليــس غــد ًا‪ ،‬أو األســبوع القــادم‪ ،‬أو حين‬
‫تحظــى بفرصــة لشــراء مف ّكــرة شــكر‪ .‬ال تتط ّلــب هــذه االســتراتيجيات‬
‫شــيئ ًا باســتثناء ذهنيــة منفتحــة ورغبــة جدّ يــة بجعــل العالــم مــن حولــك‬
‫مكانـ ًا أفضــل للعيــش‪.‬‬

‫إذا كنــت تقــرأ هــذا الكتــاب‪ ،‬والمســتقبل ال يــزال مســتقبالً‪ ،‬البــأس‬


‫بذلــك‪ .‬ال يــزال هنــاك وقــت مــن أجــل تحقيــق التــوازن بيــن التّقانــة‬
‫والســعادة‪ .‬إذا كنــت تقــرأ هــذا والمســتقبل هــو الحاضــر اآلن‪ ،‬ينبغــي‬
‫ّ‬
‫أن أؤ ّلــف كتابــ ًا آخــر إذ ًا! أو يجــب أن أعــود إلــى الماضــي وأقــوم‬
‫بإجــراء بعــض التعديــات الجوهريــة‪.‬‬
‫إذا كنــت تــو ُّد االســتمرار في التع ّلم بشــأن المــوارد واالســتراتيجيات‬
‫قمي‪،‬‬
‫الر ّ‬
‫العصريــة لتحقيــق التــوازن بيــن اإلنتاج ّيــة والرفــاه فــي العصــر ّ‬
‫والســعادة ‪HappyTechBlog.‬‬ ‫أرجــو أن تتو ّثــق مــن مدونتــي للتّقانــة ّ‬
‫‪ .com‬إذا وجــدت أنــك تواجــه فشــاً‪ ،‬أو إخفاقــ ًا‪ ،‬أو عثــرة علــى‬
‫الطريــق‪ ،‬نــل قســط ًا مــن الراحــة‪ :‬نحــن فــي هــذا مع ـ ًا‪ .‬اقــرأ األقســام‬
‫المفضلــة لديــك مــن الكتــاب إلنعــاش ذهنــك‪ .‬مــن ثــم شــارك قصــة‬ ‫ّ‬
‫نجاحــك معــي عبــر موقــع إيمي‪-‬بالنكســون‪ .‬كــوم ‪amyblankson.‬‬
‫‪ .com/share‬ال يســعني االنتظــار ألســمع منــك‪ ،‬وأرى كيــف يمكننــا‬
‫مع ـ ًا أن نواصــل تكويــن مســتقبل ّ‬
‫الســعادة‪.‬‬

‫مع أطيب التمنّيات‬

‫‪267‬‬
‫�إيمي‬
‫رسالة ختامية‬
‫خال�صة النقاط الرئي�سة‬

‫اال�ستراتيجية رقم ‪ :1‬اتخاذ االحتياطات الالزمة‬


‫وتوجهها بفاعلية‬
‫ّ‬ ‫كيف تر ّكز طاقتك‬

‫علــى الرغــم مــن أن مــدة انتباهنــا قــد تكــون أقــل مــن الســمكة الذهبيــة‪،‬‬
‫إال أن بمقدورنــا أن نتع ّلــم التخ ّلــص مــن عوامــل اإللهــاء‪ ،‬وزيــادة تركيزنــا‬
‫علــى أمــور تهمنــا فــي حياتنــا‪ .‬يســاعدنا هــذا فــي االســتفادة مــن وقتنــا‪،‬‬
‫وجهدنــا‪ ،‬والعمــل بفاعليــة علــى أي نشـ ٍ‬
‫ـاط قــد نقــوم بــه‪ .‬يمكــن أن نزيــد‬ ‫ّ‬
‫مــن وعينــا لتحديــد خياراتنــا بشــأن متــى؟ وأيــن؟ ولمــاذا؟ وكيــف نتعامــل‬
‫‪269‬‬ ‫ـون هــذه المهــارات الشــوكة الثالثــة التــي يمكــن أن نث ّبــت‬ ‫مــع التقانــة؟ تكـ ّ‬
‫نوجــه طاقتنــا نحــو إيجــاد مســتقبل أكثــر ســعادة‪.‬‬
‫بهــا أنفســنا‪ ،‬وتجعلنــا ّ‬
‫حافظ على تركيزك في غمرة ال ّتغييربـ‪:‬‬
‫✓ ✓االســتفادة مــن «الشــوكة الثالثــة» (المبــادئ والقيــم اإلرشــادية)‪،‬‬
‫لتر ّكــز طاقاتــك‪.‬‬
‫✓ ✓ التخفيف من عوامل اإللهاء لزيادة اإلنتاج ّية‪.‬‬
‫✓ ✓االختيــار الفاعــل لطريقــة اســتجابتك للتقانــة‪ :‬تر ّيــث‪ ،‬أو اقتنــاع‪،‬‬
‫أو ريــادة‪.‬‬
‫✓ ✓ فهم نوايا اآلخرين‪ ،‬إضافة إلى تحديد أهدافك‪.‬‬
‫✓ ✓ التركيز على االنسجام مع اآلخرين‪ ،‬ال العزلة عنهم‪.‬‬
‫✓ ✓ وضع أولوياتك في طليعة اهتمامك‪.‬‬
‫اال�ستراتيجية رقم ‪ّ :2‬‬
‫تعرف ذاتك‬
‫كيف ي�ساعد تقويمك لنف�سك‬
‫في التخ ّل�ص من العوائق التي تعتر�ض ثقتك ب�إمكاناتك‬
‫معرفــة الــذات قــوة‪ ،‬يســاعدنا االهتمــام بقراراتنــا المص ّغــرة فــي حياتنــا‪،‬‬
‫وتوخــي الحــرص فــي أثنــاء اتخاذهــا‪ ،‬علــى تفــادي العراقيــل التــي تحــدُّ‬
‫مــن تفكيرنــا‪ ،‬واتخــاذ قــرارات أفضــل فــي المســتقبل‪ .‬تســاعدنا التّقانــة‬
‫الجديــدة علــى فهــم أجســادنا وعقولنــا علــى مســتوى أكثــر تفصيــاً‪،‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫وتمكّننــا مــن اتخــاذ قــرارات مص ّغــرة أفضــل بشــأن المســتقبل‪ .‬علــى كل‬
‫حــال‪ ،‬يجــب أن نســتفيد مــن أفضــل حاســوب خــارق جــرى إبداعــه حتــى‬
‫البشــري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اآلن ‪ ...‬العقــل‬

‫تع ّرف ذاتك بـ‪:‬‬


‫✓ ✓تمييــز اآلراء الســلب ّية‪ ،‬التــي قــد تجعــل قطــار نوايــاك يخــرج عــن‬
‫‪270‬‬
‫سـكّته‪.‬‬
‫✓ ✓االهتمــام بقراراتــك المص ّغــرة‪ ،‬لفهــم المجــاالت التــي قــد يكون‬
‫فيهــا لتغييــرات صغيــرة تأثيــرات كبيــرة عليك‪.‬‬
‫✓ ✓مراقبــة التقــدّ م فــي حياتــك لتحديــد نقــاط النجــاح‪ ،‬والقضايــا‬
‫للتحســن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التــي توجــد فيهــا فســحة‬

‫اال�ستراتيجية رقم ‪ :3‬د ّرب عقلك‬


‫ذكاء و�سعادة‬
‫ذهن �أكثر ً‬
‫كيف ترتّب لبنات ٍ‬

‫اإليجابــي أن بمقدورنــا‬
‫ّ‬ ‫رات حديثــ ٌة فــي علــم النفــس‬
‫تطــو ٌ‬
‫ّ‬ ‫تكشــف‬
‫تدريــب أدمغتنــا لتحســين مســتوى ســعادتنا وإنجازنــا باســتخدام إطــار‬
‫عمــل (س‪-‬ش‪-‬ب‪-‬ع‪-‬ت)‪ .‬يتم ّثــل العامــل الرئيــس فــي إحــداث‬
‫تغييــر إيجابــي مســتدام فــي حياتنــا فــي تعـ ّـرف مجموعــة مــن المهــارات‬
‫ـادة علــى حـ ٍ‬
‫ـدة‪ ،‬وتقويــم التقــدّ م‬ ‫المســتهدفة‪ ،‬والتــدرب علــى كســب كل عـ ٍ‬
‫ّ‬
‫ـخا» بتحديــد أهــداف بســيطة‪،‬‬ ‫المنجــز فــي أثنــاء ذلــك‪ ،‬وجعــل التّغيير«راسـ ً‬
‫وواقعيــة‪ ،‬وذات مغــزى‪.‬‬
‫د ّرب عقلك بـ‪:‬‬
‫✓ ✓ تطوير طريقة تفكير متفائلة لتعزيز نموك‪.‬‬
‫✓ ✓ اســتخدام إطــار عمــل (اســتمتاع‪ ،‬شــكر‪ ،‬استبشــار‪ ،‬عطــاء‪،‬‬
‫تعاطــف) لتع ّلــم مهــارات جديــدة مــن أجــل تحســين طريقــة‬
‫تفكيــرك‪.‬‬
‫✓ ✓ االستفادة من التّقانة في دعم نجاحك‪ ،‬ومراقبة تقدّ مك‪.‬‬

‫اال�ستراتيجية رقم ‪� :4‬إن�شاء بيئة لل�سعادة‬


‫كيف نكون �أكثر �سعادة في منازلنا‪ ،‬و�أماكن عملنا‪ ،‬ومجتمعاتنا‬
‫‪271‬‬ ‫يتط ّلــب تد ّفــق ســيل التّقانــة الجديــد فــي حياتنــا وجــود فســحة جســدية‬
‫الســعادة‪.‬‬
‫وذهنيــة الســتخدام تلــك األدوات بنحــو مالئــم‪ ،‬وبطريقــة تعـ ّـزز ّ‬
‫خالصة النقاط الرئيسة‬

‫ـرق مختلفـ ٍ‬
‫ـة لتنظيــم ذلــك‪،‬‬ ‫تر ّكــز هــذه االســتراتيجية علــى االســتفادة مــن طـ ٍ‬
‫واســتعادة الســيطرة علــى حياتنــا‪ ،‬إضافــة إلــى وضــع حــدود وقيــود فاعلــة‬
‫علــى اســتخدامنا للتّقانــة‪.‬‬
‫�إن�شاء بيئة لل�سعادة بـ‪:‬‬
‫ال بالتخ ّلــص مــن‬
‫للســعادة مســتقب ً‬
‫✓ ✓ إيجــاد فســحة فــي حياتــك ّ‬
‫الفوضــى فــي بيئتــك وذهنــك‪.‬‬
‫✓ ✓ تصميــم األماكــن التــي نعيــش‪ ،‬ونعمــل ونتع ّلــم فيهــا‪ ،‬لتمنحنــا‬
‫ســعادة أكبــر‪.‬‬
‫✓ ✓ وضــع قيـ ٍ‬
‫ـود علــى اســتخدامنا للتّقانــة قبــل أن نصــل إلــى مرحلــة‬
‫تناقــص الغ ّلــة‪.‬‬
‫اال�ستراتيجية رقم ‪ :5‬االبتكار بوعي‬
‫كيف ت�ستخدم قدرتك الفطرية‬
‫وال�سعادة‬
‫في تكوين م�ستقبل التّقانة ّ‬
‫الســعادة بالطريقــة التــي نتفاعــل بهــا مــع التّقانــة اليــوم‪.‬‬
‫يتشـكّل مســتقبل ّ‬
‫ترســل أفكارنــا‪ ،‬وأفعالنــا‪ ،‬وحتــى مشــترياتنا رســائل مهمــة إلــى مســتثمرين‬
‫ومطــوري تقانــات جديــدة‪ .‬يمكــن أن نســاعد فــي إعــادة بنــاء مســتقبلنا‬ ‫ّ‬
‫حيــن نتح ّلــى بالوعــي ونقـ ّـرر كيــف نتعامــل مــع التّقانــة فــي الحاضــر‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫االبتكار بوعي بـ‪:‬‬
‫✓ ✓ التخ ّيل الفاعل للعالم الذي ترغب به‪.‬‬
‫✓ ✓ االســتفادة مــن التّقانــة الحاليــة لتكــون متعاونــ ًا‪ ،‬ومســتهلك ًا‪،‬‬
‫ومح ّفــز ًا واعيــ ًا‪.‬‬
‫✓ ✓ اســتخدام عالقاتــك لنمذجــة ســلوك اجتماعــي إيجابــي‪،‬‬
‫‪272‬‬
‫وإحــداث ٍ‬
‫أثــر موجــي‪ ،‬ونشــر قصــص مح ّفــزة‪.‬‬
‫م�سرد م�صطلحات‬

‫الحوســبة الوجدانيــة (‪ :)Affective Computing‬دراســة وتطويــر‬


‫وتفســر‪ ،‬وتعالــج‪ ،‬وتحاكــي مشــاعر إنســانية‪.‬‬
‫تتعــرف‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أنظمــة يمكــن أن‬

‫التّقانــة المدنيــة (‪ :)Civic Technology‬أدوات رقم ّيــة تســتخدم لدعم‪،‬‬


‫أو تحفيــز‪ ،‬أو تســهيل المصلحــة العا ّمة(‪.)1‬‬

‫مســاحات مشــتركة (‪ :)Collisionable Spaces‬أماكــن يمكــن أن تؤ ّدي‬


‫إلــى حــدوث لقــاءات عفويــة عبــر تصميــم المكاتــب وترتيــب األعمــال‬
‫لتحقيــق هــذه الغايــة‪.‬‬

‫انتبــاه جزئــي متواصــل (‪ :)Continuous partial attention‬عمليــة‬


‫ٍ‬
‫لعــدد مــن مصــادر المعلومــات الــواردة‪ ،‬ولكــن علــى‬ ‫االنتبــاه المتزامــن‬
‫‪273‬‬
‫مســتوى ســطحي(‪.)2‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫الرقميــة (‪ :)Digital Humanitarians‬أفــرا ٌد يقدّ مــون‬ ‫أعمــال الخيــر ّ‬


‫خدمــات إغاثــة ودعــم إلكترونيــة إلــى مجتمعــات تأ ّثــرت ســلب ًا بأحـ ٍ‬
‫ـداث‬
‫كارثيــة(‪.)3‬‬

‫دوباميــن (‪ :)Dopamine‬ناقــل عصبـ ّ‬


‫ـي يســاعد فــي التحكــم بمركـ َـز ْي‬
‫والســعادة فــي الدمــاغ(‪.)4‬‬
‫المتعــة ّ‬
‫عقل ّيــة ثابتــة (‪ :)Fixed Mindset‬حالــة ذهنيــة تجعــل النّــاس يصدّ قــون‬
‫أن قدراتهــم األساسـ ّية ‪ ،‬مثــل ذكائهــم أو مهارتهــم‪ ،‬هــي ســمات ثابتــة منــذ‬
‫الــوالدة(‪.)5‬‬

‫الخــوف مــن أن يفوتــك شــيء مــا (‪« :)FOMO‬الخــوف مــن أن تغفــل‬


‫شــيئ ًا» فــي مناســبة معينــة(‪.)6‬‬
‫التلعيــب (‪ :)Gamification‬مفهــوم تطبيــق آليــات اللعــب وتقنيــات‬
‫تصميــم األلعــاب لتحفيــز النّــاس علــى إنجــاز أهدافهــم(‪.)7‬‬

‫فــرع مــن علــم‬


‫ٌ‬ ‫علــم النفــس الغشــتالي (‪:)Gestalt psychology‬‬
‫ـورات ذات‬
‫النفــس التقليــدي يحــاول فهــم الطريقــة التــي نتخ ّيــل بهــا تصـ ّ‬
‫مغــزى فــي عالــم تســوده الفوضــى‪.‬‬
‫ً‬
‫متالزمــة التخ ّلــي عــن األغــراض (‪:)GOT: Guilt over Things‬‬
‫الشــعور بأننــا يجــب أن نحتفــظ باألشــياء‪ ،‬حتــى إن لــم نكــن قــد لمســناها‬

‫مستقبل السعادة‬
‫منــذ أســابيع‪ ،‬أو شــهور‪ ،‬أو أعــوام‪ ،‬أو حتــى عقــود‪.‬‬

‫عقل ّيــة ناميــة (‪ :)Growth Mindset‬حالــة ذهنيــة تجعــل النّــاس‬


‫يصدّ قــون أنــه يمكــن تطويــر قدراتهــم األساســ ّية عبــر العمــل الجــاد(‪.)8‬‬

‫الســعادة (‪ :)Happiness‬البهجــة التــي نشــعر بهــا فــي أثنــاء بــذل الجهد‬


‫ّ‬
‫لتحقيــق إمكاناتنا‪.‬‬ ‫‪274‬‬

‫أفضليــة الســعادة (‪ :)Happiness Advantage‬حالــة مثلــى يعمــل‬


‫ٍ‬
‫خــال مــن الســلب ّية‪ ،‬أو‬ ‫جــو إيجابــي‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫الدمــاغ فيهــا بنحــو أفضــل فــي‬
‫التوتّــر(‪.)9‬‬
‫جــرف الســعادة (‪ :)Happiness Cliff‬الحافــة التــي تم ّثــل أقصــى حـ ٍ‬
‫ـد‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫نســتمتع فيــه بإلهــاء مــا‪ ،‬ونكــون غالبــ ًا منشــغلين تمامــ ًا بإنجــاز مهمــة‬
‫مع ّينــة‪ ،‬مــا يجعلنــا نســتمتع بالتوقــف بعــض الوقــت‪ ،‬قبــل أن نــدرك أن‬
‫عوامــل اإللهــاء لــم تعــد تجعلنــا نشــعر بالســعادة‪.‬‬

‫المعرفــة الوهميــة ‪ -‬المتخ ّيلــة (‪ :)Illusory Knowledge‬معلومــات‬


‫تســاعدنا علــى فهــم العالــم بســرعة‪ ،‬علــى الرغــم مــن وجــود ثغــرات قــد‬
‫تــؤ ّدي إلــى افتراضــات خاطئــة‪.‬‬
‫قانــون االتســاق (‪ :)Law of Pragnans‬مبــدأ فــي علــم النفــس‬
‫ويفســرون صــور ًا غامضــة أو مع ّقــدة‬
‫الغشــتالي يقــول إن النّــاس يتخ ّيلــون ّ‬
‫بأبســط شــكل ممكــن(‪.)10‬‬

‫اقتراحــات مفيــدة (‪ :)Lifehacks‬نصائــح موجــزة تزيــد اإلنتاج ّيــة‬


‫والرفــاة فــي حيــاة المــرء‪.‬‬
‫ّ‬
‫تدويــن البيانــات الحيويــة (‪ :)Lifelogging‬طريقــة لدراســة العالــم مــن‬
‫حولــك بمــرور الوقــت بتوثيــق البيانــات ّ‬
‫الشــخصية‪.‬‬

‫آراء سـ ّلبية (‪ :)Limiting Beliefs‬أفــكار ســتعيق اســتفادتك مــن كامــل‬


‫إمكاناتــك‪.‬‬

‫قــرار مص ّغــر (‪ :)Microdecision‬اختيــار صغيــر تتخــذه يوميـ ًا‪ ،‬ويكــون‬


‫لــه تأثيــر كبيــر علــى حياتــك‪.‬‬
‫‪275‬‬
‫بصمــة العقــل (‪ :)Mindprint‬دمغــة فريــدة فــي نوعهــا لعمليــات المــرء‬
‫الفكر ّيــة‪ ،‬ونوايــاه‪ ،‬وأهدافــه‪ ،‬واهتماماته‪.‬‬
‫مسرد مصطلحات‬

‫قانــون مــور (‪ :)Moore,s Law‬فــي ‪ ،1965‬تو ّقــع غــوردون مــور؛ أحــد‬


‫مؤسســي إنتــل‪ ،‬أن يتضاعــف عــدد وســرعة الرقائــق المص ّغــرة كل عاميــن‬
‫ّ‬
‫أو نحــو ذلــك‪.‬‬

‫قانــون أكثــر مــن مــور (‪ :)More than Moor,s Law‬تو ّق ٌ‬


‫ــع بــأن‬
‫تســتخدم صناعــة الحوســبة تطبيقـ ٍ‬
‫ـات لتحديــد الرقائــق المطلوبــة لتشــغيلها‬
‫فــي المســتقبل(‪.)11‬‬

‫التفاؤل (‪ :)Optimisn‬التصديق بأن سلوكنا مهم‪.‬‬

‫ا عصبيـ ًا‬
‫أوكسيتوســين (‪ :)Oxytocin‬هرمــون قــوي التأثيــر يعمــل ناقـ ً‬
‫فــي الدمــاغ‪ ،‬و ُيعــرف أيضـ ًا باســم «هرمــون العنــاق»‪.‬‬
‫تقانــة اإلقنــاع (‪ :)Persuasive Technology‬حقــل أبحــاث متعــدّ د‬
‫االختصاصــات يركّــز علــى تصميــم‪ ،‬وتطويــر‪ ،‬وتقويــم تقانــات تفاعليــة‬
‫تســتهدف تغييــر مواقــف أو ســلوك المســتخدمين عبــر اإلقنــاع والنفــوذ‬
‫االجتماعــي‪ ،‬ولكــن ليــس عبــر اإلكــراه أو الخــداع(‪.)12‬‬

‫قانــون تناقــص الغ ّلــة (‪ :)Law of Diminishing Returns‬المرحلــة‬


‫التــي تكــون فيهــا الفائــدة المكتســبة أقــل مــن الوقــت أو الجهــد المســتثمر‬
‫فيهــا(‪.)13‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫اإليجابــي (‪ :)Prosocial Behaviors‬الســلوك‬
‫ّ‬ ‫الســلوك االجتماعــي‬
‫المخصــص لمســاعدة اآلخريــن(‪.)14‬‬
‫ّ‬ ‫عــي‬
‫التطو ّ‬
‫ّ‬
‫الكم ّيــة (‪ :)Quantified Self‬حركــة لدمــج التّقانــة ببيانــات‬
‫الــذات ّ‬
‫يجــري الحصــول عليهــا مــن جوانــب الحيــاة اليوميــة للشــخص علــى‬
‫شــكل ُمدخــات مختلفــة(‪.)15‬‬ ‫‪276‬‬

‫قاعــدة «حقـ ًا؟!» (‪ :)Really?! Rule‬اختبــار مصداق ّيــة لتحديــد ضرورة‬


‫ٍ‬
‫بغــرض مــا‪ .‬يســأل المــرء نفســه‪« :‬هــل تجعلنــي هــذه التّقانــة‬ ‫االحتفــاظ‬
‫أكثــر ســعادة و‪/‬أو إنتاج ّيــة حق ـ ًا؟»‪.‬‬

‫الرؤيــة التجســيمية (‪ :)Stereopsis‬إدراك العمــق حيــن يتل ّقــى الدمــاغ‬


‫تحفيــز ًا بصري ـ ًا مــن كلتــا العينيــن مع ـ ًا(‪.)16‬‬

‫التحوليــة (‪ :)Transformative journali8sm‬مقاربــة فاعلة‬ ‫ّ‬ ‫الصحافــة‬


‫ّ‬
‫وجذابــة‪ ،‬تر ّكــز علــى الحلــول‪ ،‬لتغطيــة األنبــاء(‪.)17‬‬
‫مراجع تكنولوجية‬

1password.com 1password
Addapp.io Addapp
Affectiva.com AffdexMe
Anonofficial.com Anonymous
Behppy.com BeHppy
Betterblock.org Better Block
Breakfree-app.com BreakFree
Buycott.com Buycott
Campfireapp.io Campfire
Care2.com Care2
277
Change.org Change
Charitymiles.org Charity Miles
‫مراجع تكنولوجية‬

Getchronos.com Chronos
Citizinvestor.com CitizInvestor
Boston.gov/cityscore CityScore
Crowdrise.com Crowdrise
Deedtags.com Deedtags
Donateaphoto.com Donate a Photo
Kenzen.com ECHO
Ecohabitude.com Ecohabitude
Enablingthefuture.org e-NABLE
E-stewards.org e-Stewards
Wethefeedies.com Feedie
Fitbit.com Fitbit
Givegab.com GiveGab
Givemobapp.org GiveMob
Globaldigitalcitizen.org Global Digital Citizen
Foundation
Goodguide.com Goodguide
Gratitude365app.com Gratitude 365
Getgratitude.co Gratitude Journal
Halowearables.com H1

‫مستقبل السعادة‬
Habitbull.com HabitBull
Habitica.com Habitica
Habitify.co Habitify
Happier.com Happier
Happify.com Happify
Headspace.com Headspace
278
Apple.com/ios/home Home
Humanityroad.org Humanity Road
Humansofnewyork.com Humans of New York
Laforgeoptical.com Icis
iMotions.com iMotions
Indiegogo.com Indiegogo
Insighttimer.com Insight Timer
Instantapp.today Instant
Instead.com Instead
iPassword.com ipassword
Apple.com iWatch
Jawbone.com Jawbone
Kickstarter.com Kickstarter
Kidswifi.com KidsWifi
Kiva.org Kiva
Koto.io Koto Air
Laster.fr/products/seethru Laster SeeThru
Life360.com )Life36 ) formerly Chronos
Iconlifesaver.com LifeSaver
Lifesum.com LifeSum
Livehappy.com LiveHappy
Liveintentionallyapp.com Live Intentionally
Lumobodytech.com Lumo Lift
Mapmyrun.com MapMyRun
Getameta.com Meta
Mindapps.se Mindfulness Training
279 Inthemoment.io Moment
Beyondverbal.com Moodies
‫مراجع تكنولوجية‬

Moodmeterapp.com MoodMeter
Choosemuse.com Muse Headband
Myfitnesspal.com MyFitnessPal
Narrativeapp.com Narrative Clip
Neighbor.ly Neighbor.ly
Nest.com Nest
Nextdoor.com NextDoor
Nobly.com Nobly
Thenormapp.com Norm-Social Philanthropy
Oculus.com Oculus
Offtime.co Offtime
Onetoday.google.com One Today
Openstreetmap.org OpenStreetMap
Opentimeapp.com OpenTime
Peerby.com Peerby
Plasticitylabs.com Plasticity Labs
Potentialabs.com Potentia
Productiveapp.io Productive
Projectaura.com Project Aura
Publicstuff.com PublicStuff

‫مستقبل السعادة‬
Quantifiedself.com Quantified Self
Realizd.com RealizD
Remindfulnessapp.com Remindfulness
Ripil.com Ripil
iRobot.com Roomba
Mono.hm Runcible 280
Seeclickfix.com SeeClickFix
Shutterfly.com Shutterfly
Spectacles.com Snapchat Spectacles
Soulpancake.com Soul Pancake
Sparenyc.org Spare
Spire.io Spire Stone
Standbytaskforce.org Standby Task Force
Translatorswithoutborders.org Translators without Borders
Unpluggedtime.com Unplugged
Uprightpose.com Upright
Wayoflifeapp.com Way of Life
Winetowater.org Wine to Water
Coursera.org/yale Yale Online
‫الهوام�ش‬

‫مقدمة‬
‫ّ‬
‫والسـعادة»‪ .‬مجلـة التّقانـة فـي معهـد‬
‫ّ‬ ‫‪.1‬جيمـس سـورويكي‪« ،‬التّقانـة‬
‫ماساشوسـتس للتقانـة‪https://www.technologyreview. .2005 .‬‬
‫‪./com/s/403558/technology-and-happiness‬‬
‫‪.2‬تقريـر‪« .‬إحصائيات بـراءات االختـراع األمريكية»‪ ،‬مكتب الواليـات المتحدة‬
‫لبـراءات االختـراع والعالمـات التجاريـة‪https://www.uspto.gov/ .2015 ،‬‬
‫‪.web/offices/ac/ido/oeip/taf/us_stat‬‬
‫قمـي»‪ .‬مجلـس الرؤيـة‪ 6 .‬كانـون الثانـي ‪.2016‬‬
‫الر ّ‬‫‪.3‬تقريـر‪« .‬إجهـاد العيـن ّ‬
‫‪.https://www.thevisioncouncil.org/digital-eye-strain-report-2016‬‬
‫�إلى �أين نتجه؟‬
‫‪281‬‬
‫‪«.1‬معلومـات عن السلاحف البحريـة‪ :‬التهديدات مـن اإلضـاءة االصطناعية»‪،‬‬
‫موقع هيئة حماية السلاحف البحرية‪ .‬تص ّفح ‪ 3‬شـباط ‪http://www.< .2016‬‬
‫‪>conserveturtles.org/seaturtleinformation.php?page=lighting‬‬
‫‪«.2‬مـا هي توقـف؟»‪ .‬موقع حمايـة ومراقبة السلاحف البحرية‪ .‬تص ّفح ‪ 3‬شـباط‬
‫‪.http://www.seaturtleop.com/index.php/what-is-s-t-o-p .2016‬‬
‫‪.3‬تقريـر‪« .‬مبـادرة اإلضـاءة الحميـدة للسلاحف البحرية»‪ .‬موقع قسـم الحقوق‬
‫فـي جامعـة فلوريـدا‪ .‬نيسـان ‪http://www.law.ufl.edu/_pdf/ .2014‬‬
‫_‪academics/clinics/conservation-clinic/Legal_and_Biological‬‬
‫‪.Introduction.pdf‬‬
‫«التعـرض للضـوء االصطناعـي مـن األجهـزة اإللكترونيـة‬
‫ّ‬ ‫‪.4‬كريـس ويلـر‪،‬‬
‫يشـوش أنمـاط النـوم‪ ،‬ويسـ ّبب انخفـاض الميالتونيـن‪ ،‬وصعوبـة فـي النوم‪.‬‬
‫ّ‬
‫موقـع مديكال ديلي‪ 1 .‬تمـوز ‪http://medicaldaily.com/exposure- .2013‬‬
‫‪artificial-light-electronics-disrupts-sleep-pattern-causes-‬‬
‫‪decreased-melatonin-and-247286‬‬
‫‪.5‬أمانـدا ل‪ .‬غامبـل‪ ،‬أنجيلا ل‪ .‬دروزاريـو‪ ،‬ديلويـن ج‪ .‬بارتلت‪ ،‬شـون ويليامز‪،‬‬
‫يـو صـن بيـن‪ ،‬رونالـد ر‪ .‬غرونسـتين‪ ،‬وناثانيـال س‪ .‬مارشـال‪« .‬أنمـاط نـوم‬
‫المراهقيـن‪ ،‬واسـتخدام التّقانـة وقـت النـوم‪ :‬نتائـج دراسـة هيئـة اإلذاعـة‬
‫االسـترالية للنوم العميـق»‪ .‬بلس ون ‪ .)2014( 11 .9‬ملـف‪/1371-10 :‬يومية‬
‫‪.0111700‬‬
‫‪.6‬هـل أنت مصـاب بمتالزمـة «عنـق الكتابـة؟»‪ .‬موقع هيلـث إكستشـينج‪ .‬تص ّفح‬
‫‪ 5‬آذار ‪http://www.healthxchange.com.sg/healthyliving/ .2016‬‬
‫‪HealthatWork/Pages/Could-You-Have-Text-Neck-Syndrome.aspx‬‬
‫‪«.7‬أنمـاط نفسـية فيزيولوجيـة في أثنـاء التراسـل عبـر الهواتف الخلوية‪ :‬دراسـة‬
‫أوليـة»‪ .‬مجلـة علـم النفـس الفيزيولوجي التطبيقـي واالرتجـاع البيولوجي‪1 .‬‬‫ّ‬

‫مستقبل السعادة‬
‫آذار ‪-http://www.link.springer.com/article/10.1007/s10484 .2009‬‬
‫‪1-9078-009‬‬
‫‪.8‬مـات سـالون‪« ،‬رقبة الكتابـة ومشـكالت تكنولوجية أخـرى»‪ .‬المركـز الصحي‬
‫إلدارة األلـم‪ .‬موقـع ويـب إم‪-‬دي‪ 26 .‬تشـرين الثانـي ‪http://www. .2014‬‬
‫‪webmd.com/pain-management/news/20141124/text-neck‬‬
‫‪.9‬إيمـي كـودي‪« ،‬هاتفـك المحمـول يضـر جسـمك ‪ -‬ومزاجـك»‪ .‬نيويـورك‬
‫تايمـز‪ 12 .‬كانـون األول ‪/13/12/http://www.nytimes.com/2015 .2015‬‬ ‫‪282‬‬
‫‪opinion/sunday/your-iphone-is-ruining-your-posture-and-your-‬‬
‫‪mood.html?_r=0‬‬
‫للتطور»‪ .‬موقع شترسـتوك‪ .‬تص ّفـح ‪ 16‬أيلول‬
‫ّ‬ ‫‪.10‬كيفيـن رينز‪« ،‬رسـم توضيحـي‬
‫‪http://www.shutterstock.com/pic-70386574.html .2016‬‬

‫هل �سنكون �أف�ضل حا ًال من دون التّقانة؟‬


‫‪.1‬دانـي سـتيبن‪« .‬نظـرة علـى نظـارة غوغـل‪ ،‬ومعلومـات عنهـا»‪ .‬موقـع ميك‪-‬‬
‫يـوز‪-‬أوف‪ 23 .‬كانـون األول ‪http://www.makeuseof.com/tag/ .2013‬‬
‫‪/google-glass-review-and-giveaway‬‬
‫‪ .2‬موقع كروشال‪ .‬تص ّفح ‪ 5‬آذار ‪http://www.Crucial.com .2016‬‬
‫‪.3‬ديفيـد غولدمان‪« .‬أحدث تقانـات ‪ ،2015‬وما بعدها»‪ .‬صفحة مال على شـبكة‬
‫سي إن إن‪ .‬تص ّفح ‪ 21‬آذار ‪http://money.cnn.com/galleries/2012/ .2012‬‬
‫‪html?iid=EL.7/technology/1203/gallery.coolest-tech-2015‬‬
‫‪.4‬أبيغيـل توكـر‪« .‬كيف نصبح مهندسـي تقدّ منا؟»‪.‬موقع سميثسـونيان‪ 1 .‬نيسـان‬
‫‪www.smithsonianmag.com/science-nature/how-to-become- .2012‬‬
‫‪the-engineers-of-our-own-evolution-122588963/?no-ist‬‬
‫‪.5‬جيمـس بـروس‪« .‬أربـع تقانـات يمكـن أن تغ ّيـر العالـم»‪ .‬موقـع ميك‪-‬يـوز‪-‬‬
‫أوف‪ 30 .‬تشـرين األول ‪http://www.makeuseof.com/tag/4- .2011‬‬
‫‪/technologies-change-world‬‬
‫‪.6‬نايـف الروضـان‪« .‬حتميـة مـا بعـد اإلنسـانية؟ كيـف سـيؤ ّثر انبثـاق تقانـات‬
‫اسـتراتيجية جديـدة علـى مسـتقبل البشـرية؟»‪ .‬مدونـة سـي‪-‬إس‪-‬إس‪29 .‬‬
‫تشـرين األول ‪http://isnblog.ethz.ch/security/inevitable- .2013‬‬
‫‪transhumanism-how-emerging-strategic-technologies-will-affect-‬‬
‫‪the-future-of-humanity‬‬
‫‪.7‬كوسـتادين كوشـليف‪« .‬تقليـل مـرات التو ّثـق مـن البريـد اإللكترونـي يخ ّفف‬
‫البشـري‪ .‬موقـع سـاينس دايركـت‪1 .‬‬
‫ّ‬ ‫التوتّـر»‪ .‬الحواسـيب فـي السـلوك‬
‫شـباط ‪http://www.sciencedirect.com/science/article/pii/ .2015‬‬
‫‪S0747563214005810‬‬
‫‪.8‬رافائيـل أ‪ .‬كالفـو‪ ،‬ودوريـان بيترز‪ .‬الحوسـبة اإليجاب ّيـة‪ :‬تقان ٌة من أجـل الرفاه‪،‬‬
‫وتحقيـق اإلمكانـات البشـرية‪ .‬كامبريـدج‪ ،‬ماساشوسـتس‪ .‬مطبعـة معهـد‬
‫‪283‬‬
‫ماساشوسـتس للتقانـة‪.2014 ،‬‬
‫معـزز»‪ .‬موقع‬
‫سـماعة واقع ّ‬ ‫‪.9‬ميـرون غريبتـز‪« .‬لمحة علـى المسـتقبل عبر ّ‬
‫الهوامش‬

‫تيـد‪ 1 .‬آذار ‪https://www.ted.com/talks/meron_gribetz_a_ .2016‬‬


‫_‪glimpse_of_the_future_through_an_augmented_reality‬‬
‫‪headset/transcript?language=en#t-1072‬‬

‫ال�سعادة؟‬
‫كيف �سيبدو �شكل ّ‬
‫‪.1‬أرسـطو‪ .‬علـم األخلاق‪ .‬نسـخة من ّقحـة‪ّ ،‬‬
‫حررهـا هــ‪ .‬راكهـام‪ .‬مكتبـة لـوب‬
‫لألعمـال الكالسـيكية‪ .‬كامبريـدج‪ ،‬معهـد ماساشوسـتس للتقانـة‪ :‬مطبعـة‬
‫جامعـة هارفـارد‪.1934 ،‬‬

‫اال�ستراتيجية رقم ‪ :1‬اتخاذ االحتياطات الالزمة‬


‫«تعـود التّقانة‪ :‬المخـاوف‪ ،‬وإيجاد التوازن»‪ .‬موقع كومن سـينس‪ .‬تص ّفح ‪ 15‬آذار‬
‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫‪https://www.commonsensemedia.org/research/technology- .2016‬‬
‫‪.addiction-concern-controversy-and-finding-balance‬‬
‫‪.2‬آرت ماركمـان‪« .‬كيـف يمكـن لعوامـل اإللهـاء أن تزعجـك»‪ .‬الدوافـع الخف ّيـة‪.‬‬
‫موقـع سـيكولوجي تـوداي‪ 18 .‬آذار ‪https://www.psychologytoday. .2014‬‬
‫‪.com/blog/ulterior-motives/201403/how-distraction-can-disrupt-you‬‬
‫‪.3‬مـاري مـادن‪ ،‬وأمانـدا لنهـارت‪« .‬المراهقـون واإللهـاء أثنـاء القيادة‪ :‬الرسـائل‬
‫النصيـة‪ ،‬والـكالم‪ ،‬واسـتخدامات أخـرى للهاتـف الخلـوي‪ ،‬خلـف المقود»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مركـز بيـو لألبحـاث‪ 16 .‬تشـرين الثانـي ‪http://www.pewinternet. .2009‬‬
‫‪/teens-and-distracted-driving/16/11/org/2009‬‬
‫‪.4‬بـوب سـوليفان‪ ،‬وهيـو تومبسـون‪« .‬مقاطعـة الدمـاغ»‪ .‬مجلـة نيويـورك تايمز‬
‫سـنداي‪ 4 .‬أيار ‪opinion//05/05/http://www.nytimes.com/2013 .2013‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫‪sunday/a-focus-on-distraction.html‬‬
‫‪.5‬موقع السـتر تكنولوجيز‪ .‬تص ّفح ‪ 13‬أيلول ‪http://laster.fr/products/ .2016‬‬
‫‪/seethru‬‬
‫‪.6‬موقـع الفـورج أوبتـكال‪ .‬تص ّفـح ‪ 13‬أيلـول ‪http://www. .2016‬‬
‫‪/laforgeoptical.com‬‬
‫‪«.7‬تفـادي غيـر المتو ّقـع»‪ .‬موقـع غوغـل غلاس‪ 28 .‬أيـار ‪https:// .2016‬‬
‫‪284‬‬
‫_‪developers.google.com/glass/design/principles#avoid_the‬‬
‫‪unexpected‬‬
‫‪.8‬آرون سـميث‪« .‬أفضـل (وأسـوأ) ترابـط خلـوي»‪ .‬مركـز بيـو لألبحـاث‪30 .‬‬
‫تشـرين الثانـي ‪http://www.pewinternet.org/Reports/2012/ .2012‬‬
‫‪Best-Worst-Mobile.aspx‬‬
‫‪.9‬ديفيـد كيليهر‪« .‬دراسـة‪ % 81 :‬من الموظفيـن األمريكيين يتو ّثقـون من بريدهم‬
‫اإللكترونـي الخـاص بالعمـل خـارج سـاعات الـدوام»‪ .‬موقـع توك‪-‬تيـك‪-‬‬
‫تو‪-‬مـي‪ 21 ،‬أيـار ‪http://www.gfi.com/blog/survey-81-of-u-s- .2013‬‬
‫‪/employees-check-their-work-mail-outside-work-hours‬‬
‫‪.10‬مـاري ميكـر‪ ،‬وليانغ وو‪« .‬مؤتمر نزعـات اإلنترنت»‪ 29 .‬أيـار ‪http:// .2013‬‬
‫‪www.slideshare.net/kleinerperkins/kpcb-internet-trends-2013‬‬
‫‪«.11‬األمـر يحـدث اآلن‪ :‬اطلب مسـب ًقا منتج رنسـيبل الخاص بيومـك الحالي»‪.‬‬
‫موقـع مونهـوم‪ .‬تص ّفـح ‪ 15‬أيلـول ‪ .2015‬رنسـيبل‪http://mono.hm/ .‬‬
‫‪runcible.html‬‬
‫‪«.12‬رنسـيبل ‪ -‬مصـادر مفتوحـة مضـادة الهواتف الذكيـة»‪ .‬موقع إنـدي غوغو‪.‬‬
‫‪ 22‬تمـوز ‪/#https://www.indiegogo.com/projects/runcible--2 .2016‬‬
‫‪.13‬هيـذر كيلـي‪« .‬هاتـف بقيمـة ‪ 499$‬ألشـخاص يكرهـون الهاتـف»‪ .‬صفحـة‬
‫مـال علـى شـبكة سـي إن إن‪ 15 .‬حزيـران ‪http://money.cnn. .2016‬‬
‫‪technology/runcible-phone/index.html/15/06/com/2016‬‬
‫‪.14‬روبـرت سـولو‪« .‬مـن األفضـل أن ّ‬
‫نتوخـى الحـذر»‪ .‬مجلـة كتـب نيويـورك‬
‫تايمـز‪ 12 .‬تمـوز ‪ ،1987‬الصفحـة ‪.36‬‬
‫‪.15‬آالن إنـي‪ ،‬ولـود دي برابانديـر‪« .‬المسـتقبل مخيـف‪ .‬قـد يسـاعدنا التفكيـر‬
‫بنحو إبداعي»‪ .‬بي‪-‬سـي‪-‬جي بيرسبكتيف‪ 9 .‬تشـرين األول ‪https:// .2013‬‬
‫_‪www.bcgperspectives.com/content/commentary/innovation‬‬
‫‪/future_scary_thinking_creatively_help‬‬
‫‪.16‬دينـا غيردمـان‪« .‬كيـف يمكـن أن تخ ّفـف سـجالت المرضـى اإللكترونيـة‬
‫إنتاج ّيـة الطبيـب»‪ 26 .‬آذار ‪ .2014‬كليـة هارفـارد لألعمـال‪ ،‬دراسـة عمليـة‪.‬‬
‫‪http://hbswk.hbs.edu/item/how-electronic-patient-records-can-‬‬
‫‪slow-doctor-productivity‬‬
‫‪.17‬ل‪ .‬ز‪ .‬غراندرسـون‪« .‬هـل تتذكّـر رقم هاتـف والدتك؟»‪ .‬صفحة رأي على شـبكة‬
‫‪285‬‬
‫سـي إن إن‪ 30 .‬أيلـول ‪opinion//25/09/http://www.cnn.com/2012 .2012‬‬
‫‪/granderson-technology-phones‬‬
‫الهوامش‬

‫‪.18‬هيلين كين‪« .‬ركّز ‪ -‬إما أن تسـتخدمه أو تخسـره»‪ .‬موقع ماي أوثنتك إمباكت‪.‬‬
‫‪ 5‬نيسان ‪focus-/04/http://www.myauthenticimpact.com/2016 .2016‬‬
‫‪/use-it-or-lose-it‬‬
‫‪.19‬روي بـي وآخـرون‪« .‬االسـتفادة مـن اإلعلام‪ ،‬والتواصـل وجهـ ًا لوجـه‪،‬‬
‫ومهمـات اإلعلام المتعـدّ دة‪ ،‬والرفـاه االجتماعـي لـدى الفتيـات‪ ،‬اللواتـي‬
‫تـراوح أعمارهـن بيـن ‪ 12-8‬عامـ ًا»‪ .‬علـم النفـس التنمـوي ‪:)2012( 48‬‬
‫‪.336 -327‬‬
‫‪.20‬أ‪ .‬ك‪ .‬برزيبيلسـكي‪ ،‬ون‪ .‬وينسـتاين‪« .‬هل يمكنك التواصـل معي اآلن؟ كيف‬
‫يؤ ّثـر وجـود تقانـة االتصال الخلـوي على جـودة التواصـل وجهـ ًا لوجه؟»‪.‬‬
‫والشـخصية‪.246-237 :)2013( 30 .‬‬ ‫دوريـة العالقـات االجتماعية ّ‬
‫السـعادة»‪ .‬موقـع نوتيل‪.‬‬
‫‪.21‬آدم بيـور‪« .‬مـا الـذي ال تسـتطيع التّقانـة تعليمنا عن ّ‬
‫‪ 17‬أيلـول ‪what-technology-/2050/http://nautil.us/issue/28 .2015‬‬
‫‪cant-change-about-happiness‬‬
‫والتطـور المعرفـي»‪ .‬موقـع جامعـة‬
‫ّ‬ ‫‪.22‬جـون بـارغ‪« .‬التلقائيـة فـي التحفيـز‬
‫ييـل‪ .‬تص ّفـح ‪ 17‬آب ‪http://www.yale.edu/acmelab/articles/ .2016‬‬
‫‪Internet_and_Social_Life.pdf‬‬
‫‪.23‬مـارك أتريـدج‪ ،‬وإيليـن بيرشـايد‪ ،‬وجيفـري أ‪ .‬سمبسـون‪« .‬تو ّقـع اسـتقرار‬
‫العالقـة مـن كال الشـريكين‪ ،‬مقارنـة باسـتقرارها مـن طـرف واحـد»‪ .‬دورية‬
‫علـم النفـس الشـخصي واالجتماعـي ‪ ،69‬العـدد ‪.68-254 :)1995( 2‬‬
‫ملـف‪254-2-69-3514-0022/1037-10 :‬‬
‫‪.24‬تشـارلز ت‪ .‬هيـل‪ ،‬وزيك روبين‪ ،‬وليتيتيـا آن بيبالو‪« .‬االنفصـال قبل الزواج‪:‬‬
‫نهايـة ‪ 103‬عالقة»‪ .‬دوريـة قضايا اجتماعية ‪ ،32‬العـدد ‪.68-147 :)1976( 1‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫ملف‪/111-10:‬ج‪.1976-4560-1540.‬ت ب ‪ .02485‬إكس‪.‬‬
‫الرقميـة»‪ .‬موقـع مركـز بيـو‬
‫‪.25‬كاثريـن زيكهـر‪ ،‬وآرون سـميث‪« .‬الفـروق ّ‬
‫لألبحاث‪ 13 .‬نيسان ‪/13/04/http://www.pewinternet.org/2012 .2012‬‬
‫‪/digital-differences‬‬
‫‪.26‬موقع إليوسكوبي‪ .‬تص ّفح ‪ 15‬نيسـان ‪http://www.alioscopy.com/ .2016‬‬
‫‪en/principles.php‬‬
‫‪286‬‬
‫‪.27‬كوسـتادين كوشـليف‪ ،‬وإليزابيـث و‪ .‬دن‪« .‬تقليـل مـرات التو ّثـق مـن البريـد‬
‫البشـري‪ .‬موقـع‬
‫ّ‬ ‫اإللكترونـي يخ ّفـف التوتّـر»‪ .‬الحواسـيب فـي السـلوك‬
‫سـاينس دايركـت‪ 1 .‬شـباط ‪http://www.sciencedirect.com/ .2015‬‬
‫‪science/article/pii/S0747563214005810‬‬
‫‪ .28‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪.29‬تـوم غيبسـون‪« .‬نحن لسـنا عمليـات متسلسـلة»‪ .‬موقـع ميديـوم‪ .‬تص ّفح ‪31‬‬
‫تمـوز ‪https://medium.com/better-humans/f0858a0cda88 .2016‬‬
‫‪.30‬موقـع كيـدز واي‪-‬فـاي‪ .‬تص ّفـح ‪ 8‬تشـرين الثانـي ‪http://www. .2016‬‬
‫‪kidswifi.com‬‬
‫‪.31‬ميهاي تشيكسـنتميهاي‪ .‬التدفق النفسـي‪ :‬الخبرة اإلنسـانية المثلى‪ .‬نيويورك‪،‬‬
‫هاربر ورو‪.1990 ،‬‬

‫اال�ستراتيجية رقم ‪ّ :2‬‬


‫تعرف ذاتك‬
‫‪.1‬بيـان صحفـي‪« .‬يتو ّقـع مركـز البيانـات الدولـي أن تتجـاوز قيمـة الشـحنات‬
‫العالميـة مـن األدوات القابلـة لالرتـداء مبلـغ ‪ 200‬مليـون دوالر فـي ‪،2019‬‬
‫نتيجـة النمـو القـوي للطلـب علـى السـاعات الذكيـة»‪ .‬موقـع أبحـاث مركـز‬
‫البيانـات الدولـي‪ 17 .‬كانـون األول ‪https://www.idc.com/getdoc. .2015‬‬
‫‪jsp?containerId=prUS40846515‬‬
‫‪.2‬بيتـر هيرمـز فوريـان‪« .‬حـواف خادعـة»‪ .‬موقـع شترسـتوك‪ .‬تص ّفح ‪ 7‬تشـرين‬
‫الثانـي ‪http://www.shutterstock.com/pic-456101923.html .2016‬‬
‫‪.3‬جوزيـف و‪ .‬ألبـا‪ ،‬وج‪ .‬ويسـلي هتشنسـون‪« .‬قيـاس المعرفـة‪ :‬مـا يعرفـه‬
‫المسـتهلكون‪ ،‬ومـا يظنـون أنهـم يعرفونـه»‪ .‬دورية أبحـاث المسـتهلكين ‪،27‬‬
‫رقـم ‪ .56-123 :)2000( 2‬ملـف‪.314317/10.1086 :‬‬
‫‪.4‬ليـس مكيـون‪« .‬العامل المهم الـذي نتجاهله إلدارة شـركة ناجحـة»‪ .‬موقع إنك‪.‬‬
‫‪ 22‬تشـرين األول ‪http://www.inc.com/les-mckeown/secret-to- .2013‬‬
‫‪success-this-is-it.html‬‬
‫‪.5‬مالكولـم غالدويـل‪ .‬نقطة التوازن‪ :‬كيف تسـتطيع أشـياء صغيـرة إحداث فرق‬
‫كبير‪ .‬بوسـطن‪ :‬ليتل‪ ،‬بـراون‪.2000 ،‬‬
‫‪.6‬خطـاب‪ .‬إ‪ .‬ن‪ .‬لورنـز (‪« .)1972‬إمكانيـة التو ّقـع‪ :‬هـل ُيحـدث خفـق جناحي‬
‫‪287‬‬
‫فراشـة فـي البرازيـل إعصـار ًا فـي تكسـاس؟»‪ .‬الملتقـى السـنوي رقـم ‪139‬‬
‫للرابطـة األمريكيـة للعلـوم المتقدّ مـة‪ 29 .‬كانـون األول ‪.1972‬‬
‫الهوامش‬

‫‪.7‬تقريـر‪« .‬حـال العمل العالمي»‪ .‬موقع مؤسسـة غالـوب‪http://www. .2014 .‬‬


‫‪gallup.com/services/178517/state-global-workplace.aspx‬‬
‫الكمي للـذات‪ .‬تص ّفـح ‪ 8‬أيار‬
‫الكمـي للـذات»‪ .‬موقـع القيـاس ّ‬
‫‪«.8‬عـن القيـاس ّ‬
‫‪/http://quantifiedself.com/about .2015‬‬
‫مدونة اليفسـتريم‪ .‬تص ّفـح ‪ 17‬أيار ‪.2016‬‬
‫‪«.9‬تسـجيل البيانـات الحيويـة»‪ .‬موقع ّ‬
‫‪/http://lifestreamblog.com/lifelogging‬‬
‫الصحـة»‪ .‬اإلنترنـت والتّقانة‪ .‬موقع‬
‫ّ‬ ‫‪.10‬سـوزانا فوكـس‪ ،‬وميف دوغـان‪« .‬مراقبة‬
‫مركـز بيو لألبحـاث‪ 28 .‬كانـون الثانـي ‪http://www.pewinternet. .2013‬‬
‫‪org/Reports/2013/Tracking-for-Health.aspx‬‬
‫لا هـو أنـت‪ ،‬بضعـة أعـوام‬ ‫‪.11‬سـامانثا مورفـي كيلـي‪« .‬اإلنسـان األكثـر تواص ً‬
‫المتنـور‪ ،‬أو وعينـا‬
‫ّ‬ ‫فقـط مـن اآلن‪ :‬هـل يم ّثـل كريـس دانسـي مسـتقبلنا‬
‫الذاتـي الفريـد؟»‪ .‬موقـع ماشـابل‪ 21 .‬آب ‪http://mashable. .2014‬‬
‫‪/most-connected-man/21/08/com/2014‬‬
‫‪.12‬موقع فلترون‪ .‬تص ّفح ‪ 8‬أيار ‪http://feltron.com/info.html .2016‬‬
‫الكمـي‬
‫يتحسـنون مـع البيانـات؟»‪ .‬موقـع القيـاس ّ‬
‫ّ‬ ‫‪.13‬إرنسـتو راميـرز‪« .‬هـل‬
‫للـذات‪ 19 .‬تشـرين الثانـي ‪/11/http://quantifiedself.com/2014 .2014‬‬
‫‪/quantifying-classroom‬‬
‫ٌ‬
‫«فضـول بشـأن الدمـاغ‪ :‬طالـب الدراسـات العليا سـتيفن‬ ‫‪.14‬كيفـن ليونـاردي‪.‬‬
‫كيتنـغ يتبنّـى مقاربة حل المشـكلة فيما يخص سـرطان دماغـه»‪ .‬موقع أخبار‬
‫معهد ماساشوسـتس للتقانة‪ 1 .‬نيسـان ‪http://news.mit.edu/2015/ .2015‬‬
‫‪student-profile-steven-keating-0401‬‬
‫‪«.15‬السـحابة البشـرية في العمل‪ :‬دراسـة عن تأثيـر التقانات القابلـة لالرتداء في‬

‫مستقبل السعادة‬
‫مـكان العمل»‪ .‬موقع راكسـبيس المملكة المتحدة‪ 1 .‬نيسـان ‪https:// .2014‬‬
‫‪www.rackspace.co.uk/sites/default/files/Human%20Cloud%20‬‬
‫‪at%20Work.pdf‬‬
‫‪.16‬إيـان لـي‪« .‬مشـكالت فـي المعلوماتيـة ّ‬
‫الشـخصية‪ :‬القصص غير المنشـورة‬
‫عـن الفشـل‪ ،‬والعبـر المسـتقاة منـه»‪ .‬موقـع بيرسـونال إنوفورماتكـس‪14 .‬‬
‫أيلـول ‪http://www.personalinformatics.org .2013‬‬
‫‪288‬‬
‫‪.17‬جـون تيرنـي‪« .‬هـل تعانـي مـن إعيـاء اتخـاذ القـرار؟»‪ .‬مجلـة نيويـورك‬
‫تايمـز‪ ،‬آب ‪ ،2011‬م‪-‬م‪/21/08/http://www.nytimes.com/2011 .-33‬‬
‫‪magazine/do-you-suffer-from-decision-fatigue.html?_r=0‬‬
‫‪«.18‬االسـتمتاع بالعمـل مجدد ًا»‪ .‬موقع سـباير‪ .‬تص ّفـح ‪ 15‬أيـار ‪https:// .2015‬‬
‫‪www.spire.io/enjoy-work‬‬
‫‪.19‬ب‪ .‬ج‪ .‬فـوغ‪« .‬أفـكار عـن تقانـة اإلقنـاع»‪ .‬موقـع مختبـر سـتانفورد لتقانـة‬
‫اإلقنـاع‪ 1 .‬تشـرين الثانـي ‪http://captology.stanford.edu/ .2010‬‬
‫‪resources/thoughts-on-persuasive-technology.html‬‬
‫‪.20‬نانيـت بايرنـز‪« .‬التّقانة واإلقنـاع»‪ .‬موقع مجلـة معهد ماساشوسـتس للتقانة‪.‬‬
‫‪ 23‬آذار ‪https://www.technologyreview.com/s/535826/ .2015‬‬
‫‪/technology-and-persuasion‬‬
‫«مـدرب ذكـي إلـى جانبـك»‪ .‬موقـع جاوبـون‪ 28 .‬كانـون الثانـي ‪.2015‬‬
‫ّ‬ ‫‪.21‬‬
‫‪/https://jawbone.com/blog/smart-coach-side‬‬
‫‪«.22‬ظفـر إلكترونـي‪ :‬األنامـل علـى أنهـا سـطح إدخـال»‪ .‬موقـع مختبـر معهـد‬
‫ماساشوسـتس للتقانـة‪ .‬تص ّفـح ‪ 15‬أيـار ‪/http://nailo.media.mit.edu .2015‬‬
‫‪.23‬مـات مكفارالنـد‪« .‬هـذا الوشـم الـذي يتحكّـم بالهاتـف الذكـي قـد يكـون‬
‫لمحـة مـن المسـتقبل»‪ .‬صفحة مـال علـى موقـع سـي إن إن‪ 15 .‬آب ‪.2016‬‬
‫‪/technology/mit-tattoo/15/08/http://money.cnn.com/2016‬‬
‫يطـورون تقانـة وتطبيقـات هواتف ذكية لتشـخيص‬‫‪.24‬جـس غوميـز‪« .‬باحثـون ّ‬
‫الصحيـة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومراقبـة أمـراض الغـدّ ة الكظريـة»‪ .‬موقـع إنترماونتـن للرعايـة‬
‫‪smartphones-/08/https://intermountainhealthcare.org/blogs/2014‬‬
‫‪/diagnose-adrenal-gland-diseases‬‬
‫تتعـرق»‪ .‬موقـع تقانات قابلـة لالرتداء‪ 17 .‬شـباط‬
‫‪.25‬مـاي نغويـن‪« .‬سـنجعلك ّ‬
‫‪we-will-/02/http://www.wearable-technologies.com/2016 .2016‬‬
‫‪/make-you-sweat‬‬
‫‪.26‬وي غـاو وآخـرون‪« .‬مصفوفـات استشـعار قابلـة لالرتـداء ومدمجـة بالكامـل‬
‫إلجـراء تحاليـل فوريـة للعـرق»‪ .‬نيتشـر ‪ ،529‬رقـم ‪.14-509 :)2016( 7587‬‬
‫ملـف‪/10.1033 :‬طبيعـة‪.16521‬‬
‫‪.27‬سـتيف مـان‪« .‬موجات قصيـرة‪ ،‬وأصـوات خافتـة‪« :‬آراء» في التواتـر الزمني‬
‫تطـورات فـي إسـتراتيجيات وتطبيقـات الرؤيـة اآلليـة‬‫مـع التطبيقـات»‪ّ .‬‬
‫‪289‬‬ ‫(‪ .128-99 ،)1992‬ملـف‪.0006_9789814355841/10.1142 :‬‬
‫المعـزر ثالثـي‬
‫ّ‬ ‫‪.28‬سـتيف مـان وآخـرون‪« .‬الحوسـبة القابلـة لالرتـداء‪ ،‬الواقـع‬
‫الهوامش‬

‫األبعـاد‪ ،‬استشـعار حركـة التصوير‪/‬الفيديـو‪ ،‬وحجبهـا»‪ .‬وقائـع المؤتمـر‬


‫الدولـي العاشـر عن التفاعـل الملمـوس‪ ،‬والراسـخ‪ ،‬والنموذجـي ‪.2015 -‬‬
‫ملـف‪.2677199.2683590/10.1145 :‬‬
‫متطـورة مـن أجـل مسـتقبل‬
‫ّ‬ ‫معـزز اسـتثنائي‪ :‬تقانـة‬
‫‪.29‬سـتيف مـان‪« .‬واقـع ّ‬
‫البشـرية»‪ .‬مجلـة اإللكترونيـات االسـتهالكية مـن معهـد مهندسـي الكهرباء‬
‫واإللكترونيـات‪ .97-92 :)2015( 4 ،‬ملـف‪.2015.2463312/10.1190 :‬‬
‫‪.30‬موقع ميتا‪ .‬تص ّفح ‪ 5‬آذار ‪http://getameta.com .2015‬‬

‫اال�ستراتيجية رقم ‪ :3‬د ّرب دماغك‬


‫‪.1‬موقـع اليفلونـغ كيندرغارتـن‪ .‬تص ّفـح ‪ 5‬آذار ‪https://llk.media.mit. .2015‬‬
‫‪edu‬‬
‫‪.2‬خافيـر هرنانديز‪ ،‬ومحمد (إحسـان) حـق‪ ،‬وويل دريفو‪ ،‬وروزالينـد و‪ .‬بيكارد‪.‬‬
‫«مقياس المزاج»‪ ،‬وقائع مؤتمر رابطة مكائن الحوسـبة في ‪ 2012‬عن الحوسـبة‬
‫الشاملة ‪ -‬االجتماع ‪ .2012 ،12‬ملف‪.2370216.2370264/10.1145 :‬‬
‫‪«.3‬مقيـاس المـزاج‪ :‬عدُّ االبتسـامات في الهواء الطلـق»‪ .‬وقائع المؤتمـر الدّ ولي‬
‫عن الحوسـبة ّ‬
‫الشـاملة‪ .‬أيلول ‪.2012‬‬
‫‪.4‬خافيـر هرنانديـز‪ ،‬وأكيـن سـانو‪ ،‬ومريـم زيسـوك‪ ،‬وجـان دبـري‪ ،‬وماثيـو‬
‫وتصور بيانـات فيزيولوجيـة طولية‬
‫ّ‬ ‫غودويـن‪ ،‬وروزالينـد و‪ .‬بيـكارد‪« .‬تحليـل‬
‫لا فـي الحاجـز األذينـي»‪ .‬موجـز دراسـة ل ّلقـاء الدولـي‬
‫ألطفـال يعانـون خل ً‬
‫التوحـد ‪ .2013‬سـان سيباسـتيان‪ ،‬إسـبانيا‪ 4 - 2 :‬أيـار‪.2013 ،‬‬
‫ّ‬ ‫ألبحـاث‬
‫‪.5‬خافيـر هرنانديـز‪ ،‬وإيان ريوبو‪ ،‬وأغاتـا روزغا‪ ،‬وغريغوري د‪ .‬أبـوود‪ ،‬ووزاليند‬
‫لتعـرف سـهولة التّواصل‬‫و‪ .‬بيـكارد‪« .‬االسـتفادة مـن نشـاط كهربائيـة الجلـد ّ‬
‫لـدى األطفـال في أثنـاء تفاعلات اجتماعية»‪ .‬المؤتمـر الدولي عن الحوسـبة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫الشـاملة‪ .‬سـياتل‪ ،‬واشـنطن‪ :‬أيلول ‪.317-307 ،2014‬‬‫ّ‬
‫‪.6‬إكنـاث إسـواران‪ .‬التفكّـر‪ :‬إرشـادات حصيفـة لحيـاة اسـتثنائية‪ .‬بيتالومـا‪،‬‬
‫كاليفورنيـا‪ :‬مطبعـة نيلجيـري‪.1978 ،‬‬
‫‪.7‬سـو مكغريفـي‪« .‬ثمانيـة أسـابيع لعقـل أفضـل‪ :‬دراسـة تفكّـر تُظهـر تغييـرات‬
‫مرتبطـة بالوعـي‪ ،‬والتوتّـر»‪ .‬دوريـة هارفارد‪ 21 .‬كانـون الثانـي ‪http:// .2011‬‬
‫‪eight-weeks-to-a-better-/01/news.harvard.edu/gazette/story/2011‬‬
‫‪/brain‬‬ ‫‪290‬‬

‫‪.8‬سـكوت بـاري كوفمـان‪« .‬التّدريـب علـى التّفكيـر االسـتداللي يزيـد فاعليـة‬


‫الدمـاغ المرتبطـة بالمعرفـة عاليـة المسـتوى»‪ .‬مجلة سـاينتفك أمريـكان‪18 .‬‬
‫آذار ‪http://blogs.scientificamerican.com/beautiful-minds/ .2013‬‬
‫‪reasoning-training-increases-brain-connectivity-associated-with-‬‬
‫‪high-level-cognition‬‬
‫اإليجابـي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.9‬بيتـر مالينوسـكي‪ ،‬وهـوي جيـا ليـم‪« .‬التفكّـر فـي العمـل‪ :‬التأثيـر‬
‫المنسـق‪ ،‬واالنسـجام الوظيفي‪،‬‬
‫تسـهل العالقة بيـن التد ّبر ّ‬
‫واألمـل‪ ،‬والتّفـاؤل ّ‬
‫والرفاه»‪ .‬مايندفولنـس ‪ .62-1250 :)2015( 6‬ملف‪/10.1007 :‬س‪-12671‬‬
‫‪.5-0388-015‬‬
‫السعادة‪ .‬نيويورك‪ :‬برودواي للكتاب‪.2010 ،‬‬
‫‪ .10‬شون أنكور‪ .‬أفضلية ّ‬
‫السـيكولوجية الجديـدة للنّجـاح‪.‬‬ ‫‪.11‬كارول س‪ .‬دويـك‪ .‬طريقـة التّفكيـر‪ّ :‬‬
‫نيويـورك‪ :‬دار رانـدوم للنشـر‪.2006 ،‬‬
‫‪.12‬باربرا ل‪ .‬فريدريكسـون‪« .‬النّظرية األوسـع انتشار ًا للمشـاعر اإليجاب ّية»‪ .‬علم‬
‫العافية‪ .39-216 ،2015 ،‬ملـف‪.9780198567523.003.0008/10.1093 :‬‬
‫‪http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1693418/‬‬
‫‪pdf/15347528.pdf‬‬
‫‪.13‬موقـع مختبـر بالستيسـيتي‪ .‬تص ّفـح ‪ 10‬تشـرين األول ‪http:// .2016‬‬
‫‪plasticitylabs.com‬‬
‫‪.14‬موقع لومو ليفت‪ .‬تص ّفح ‪ 15‬آذار ‪http://lumolift.com .2015‬‬
‫‪.15‬موقع أب‪-‬رايت‪ .‬تص ّفح ‪ 15‬آذار ‪http://upright.com .2015‬‬
‫‪.16‬كارول دويـك‪« .‬كارول دويـك تتك ّلـم مجـدد ًا عـن «العقليـة النّاميـة»‪.‬‬
‫إديوكيشـن ويـك‪ 22 .‬أيلـول ‪http://www.edweek.org/ew/ .205‬‬
‫‪carol-dweck-revisits-the-growth-mindset./23/09/articles/2015‬‬
‫‪html‬‬
‫بـت تطبيقـ ًا يزعـم أنـه يجعـل ‪ % 86‬مـن المسـتخدمين‬
‫«جر ُ‬
‫‪.17‬كريسـتينا سـتيربنز‪ّ .‬‬
‫أكثـر سـعادة‪ .»...‬بزنـس إنسـايدر‪ 20 .‬تشـرين األول ‪http://www. .2016‬‬
‫‪businessinsider.com/i-tried-a-startup-thats-supposed-to-make-me-‬‬
‫‪10-86-happier-heres-how-it-works-2015‬‬

‫‪291‬‬
‫السـعادة‪ :‬مقاربـة علميـة لتعيـش الحيـاة التـي‬
‫‪.18‬سـونيا ليبوميرسـكاي‪ .‬نهـج ّ‬
‫تريدهـا‪ .‬نيويـورك‪ :‬بنغويـن‪.2008 ،‬‬
‫‪.19‬ديريـك كاربنتـر‪« .‬العلـم خلـف اإلقـرار بالفضـل (وكيـف يمكـن أن أغ ّيـر‬
‫الهوامش‬

‫حياتـي)»‪ .‬هابيفـاي ديلـي‪ 22 .‬أيلـول ‪http://my.happify.com/hd/ .2015‬‬


‫‪the-science-behind-gratitude‬‬
‫‪.20‬روبـرت أ‪ .‬إيمونـز‪ .‬شـكر ًا!‪ :‬كيـف يمكـن لإلقـرار بالفضل أن يجعلـك أكثر‬
‫سـعادة‪ .‬نيويـورك‪ :‬هوغتون ميلفيـن‪.2008 ،‬‬
‫ُ‬
‫«قـول شـكر ًا» أكثـر سـعادة»‪ .‬هفنغتـون‬ ‫‪.21‬ألفـارو فرنانديـز‪« .‬كيـف يجعلـك‬
‫بوسـت‪ 18 .‬تشـرين الثانـي ‪http://www.huffingtonpost.com/ .2011‬‬
‫‪?alvaro-fernandez/how-saying-thanks-will-ma_b_76344.html‬‬
‫الرفـاه‪،‬‬
‫حمـال أوجـه‪ّ :‬‬
‫‪.22‬مايـكل ف‪ .‬سـتيغر‪ ،‬وتـود ب‪ .‬كاشـدان‪ .‬المعنـى ّ‬
‫والمغـزى المتبـدّ ل فـي الحيـاة»‪ .‬مجلة علـم النفـس االجتماعـي ‪ ،8‬العدد ‪2‬‬
‫(‪ .15-103 :)2013‬ملـف‪.17439760.2013.771208/10.1080 :‬‬
‫‪«.23‬علـم العطـاء‪ :‬لمـاذا يكـون الكـرم مفيـد ًا لـك؟»‪ .‬هابيفـاي ديلـي‪ 15 .‬آذار‬
‫‪/http://my.happify.com/hd/science-of-giving-infographic .2015‬‬
‫المتموج‪ :‬العدوى العاطفية وتأثيرها على سـلوك‬
‫ّ‬ ‫‪.24‬سـيغال ج‪ .‬بارسـيد‪« .‬األثر‬
‫المجموعة»‪ .‬فصلية أدمنسـتريتف ساينس‪.75-644 :)2002( 4 - 47 ،‬‬

‫اال�ستراتيجية رقم ‪� :4‬إن�شاء بيئة لل�سعادة‬


‫‪.1‬لـورا برادلـي‪« .‬أفـا ٍع فـي التبـن»‪ .‬يـو إس نيـوز آنـد ورلـد ريبـورت‪21 .‬‬
‫تمـوز ‪/21/07/http://www.usnews.com/news/articles/2014 .2014‬‬
‫‪invasive-pythons-threaten-florida-everglades‬‬
‫‪ .2‬ويليام شكسبير‪ ،‬هاملت‪ .‬سايروس هوي‪ .‬نيويورك‪ :‬و‪ .‬و‪ .‬نورتون‪.1996 ،‬‬
‫‪.3‬م‪ .‬ميتشـل والـدروب‪« .‬انخفـاض عـدد الرقائـق المص ّغـرة فـي قانـون مـور»‪.‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫نيتشـر‪ 9 .‬شـباط ‪http://www.nature.com/news/the-chips-are- .2016‬‬
‫‪down-for-moore-s-law-1.19338‬‬
‫‪.4‬بيـان صحفـي‪« .‬يتو ّقـع مركـز البيانـات الدولـي أن تتجـاوز قيمـة الشـحنات‬
‫العالميـة مـن األدوات القابلـة لالرتـداء ‪ 200‬مليـون دوالر فـي ‪،2019‬‬
‫قـوي فـي سـوق السـاعات الذكيـة»‪ .‬موقـع أبحـاث مركـز‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بنمـو‬ ‫مدفوعـة‬
‫البيانـات الدولـي‪ 17 .‬كانـون األول ‪https://www.idc.com/getdoc. .2015‬‬
‫‪jsp?containerId=prUS40846515‬‬ ‫‪292‬‬

‫‪.5‬كيلـي مكغونيغـال‪« .‬لمـاذا يكـون التخ ّلـص مـن الفوضـى صعبـ ًا؟»‪ .‬موقـع‬
‫سـيكولوجي تـوداي‪ 7 .‬آب ‪http://www.psychologytoday.com/ .2012‬‬
‫‪blog/the-science-willpower/201208/why-it-s-hard-let-go-clutter‬‬
‫‪.6‬جيمـس ولف‪ ،‬وهـال ر‪ .‬أركس‪ ،‬ووليـد مهنّا‪« .‬قوة ال ّلمسـة‪ :‬فحـص تأثير مدة‬
‫التالمـس الجسـدي علـى تقويم األشـياء»‪ .‬جدجمنت آند ديسـيجن ميكينغ ‪.3‬‬
‫‪ ،6‬آب ‪.82-476 ،2008‬‬
‫‪.7‬غراهـام هيـل‪« .‬العيـش مع أشـياء أقـل؛ أقـل كثيـر ًا»‪ .‬نيويـورك تايمـز‪ 9 .‬آذار‬
‫‪opinion/sunday//10/03/http://www.nytimes.com/2013‬‬ ‫‪.2016‬‬
‫‪living-with-less-a-lot-less.html?pagewanted=2&_r=0&hp‬‬
‫‪.8‬إريـن دوالند‪« .‬وجـد علماء أن الفوضى تؤ ّثر سـلب ًا على قدرتـك على التركيز‪،‬‬
‫ومعالجـة المعلومـات»‪ .‬موقـع أنكلوتـر‪ 29 .‬آذار ‪http://unclutterer. .2011‬‬
‫‪scientists-find-physical-clutter-negatively-/29/03/com/2011‬‬
‫‪/affects-your-ability-to-focus-process-information‬‬
‫‪.9‬ليـو ويدريتـش‪« .‬مـاذا يفعـل تعـدّ د المهمـات بأدمغتنـا»‪ .‬موقـع بفـر أب‪26 .‬‬
‫حزيـران ‪http://blog.bufferapp.com/what-multitasking-does- .2012‬‬
‫‪to-our-brains‬‬
‫‪.10‬مـاري كوندو‪ .‬سـحر الترتيب لتغييـر الحياة‪ :‬الفن اليابانـي للتنظيم والتخ ّلص‬
‫من الفوضى»‪ .‬نيويـورك‪ :‬دار راندوم‪.2014 ،‬‬
‫‪.11‬يـران وانـغ‪ ،‬ومليسـا نيـا‪ ،‬وغلوريـا مـارك‪ ،‬وسـتيفاني م‪ .‬رايـخ‪ ،‬ومـارك‬
‫وارشـوير‪« .‬إقبـال عصـر (رقميـ ًا)»‪ .‬وقائـع المؤتمـر الثامـن عشـر لرابطـة‬
‫مكائـن الحوسـبة عن تعزيز الحواسـيب للتعاون االجتماعـي والمهني ‪،15 -‬‬
‫‪ .2015‬ملـف‪.2675133.2675271/10.1145 :‬‬
‫‪ .12‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪.13‬بينلـوب غريـن‪« .‬قـول نعـم للفوضـى»‪ .‬نيويـورك تايمـز‪ 21 .‬كانـون األول‬
‫‪garden/21mess./21/12/http://www.nytimes.com/2006‬‬ ‫‪.2006‬‬
‫‪html?pagewanted=all‬‬
‫‪.14‬ك‪ .‬ب‪ .‬بالديـه‪ ،‬وف‪ .‬وانـغ‪ ،‬ور‪ .‬كوهر‪ ،‬وج‪ .‬هويسـمان‪« .‬مرصـد المخ ّلفات‬
‫اإللكترونيـة العالميـة ‪ .»2014 -‬جامعة األمـم المتحدة‪ .‬بـون‪ ،‬ألمانيا‪.2015 ،‬‬
‫‪293‬‬
‫‪.15‬موقـع شيبن‪-‬ن‪-‬شـرد‪ .‬تص ّفح ‪ 8‬تشـرين الثانـي ‪http://shipnshred. .2016‬‬
‫‪>com‬‬

‫‪.16‬جـوردي ليبي‪-‬مكغـرو‪« .‬كيـف تن ّظم حياتـك ّ‬


‫الرقمية في ‪ 20‬دقيقـة أو أقل»‪.‬‬
‫الهوامش‬

‫موقـع تـوداي‪ 4 .‬تشـرين الثانـي ‪http://www.today.com/health/ .2015‬‬


‫‪how-feng-shui-your-digital-life-20-minutes-or-less-t53386‬‬
‫‪.17‬ميكائيـل تشـو‪« .‬كيف تؤ ّثر الفوضى عليـك (وماذا يمكن أن تفعل بشـأنها)»‪.‬‬
‫موقـع كـرو‪ 24 .‬كانـون الثانـي ‪https://ooomf.com/blog/how- .2014‬‬
‫‪/clutter-effects-you-and-what-you-can-do-about-it‬‬

‫‪.18‬جوشـوا بيكـر‪ 25« .‬مجـاالً مـن الفوضـى ّ‬


‫الرقميـة التـي ينبغـي التخفيـف‬
‫منهـا»‪ .‬موقـع بيكمينـغ مينماليسـت‪ 11 .‬حزيـران ‪http://www. .2010‬‬
‫‪becomingminimalist.com/25-areas-of-digital-clutter-to-‬‬
‫‪/minimalize‬‬
‫السـعادة‪ :‬مقاربـة علميـة لتعيـش الحيـاة التـي‬
‫‪.19‬سـونيا ليبوميرسـكاي‪ .‬كيف ّيـة ّ‬
‫تريدهـا‪ .‬نيويـورك‪ :‬مطبعـة بنغويـن‪.2008 ،‬‬
‫‪.20‬كاروليـن بـن‪ ،‬وآخـرون‪« .‬إثـراء البيئـة يخ ّفـف التنكّـس الفصـي الجبهـي‬
‫الصدغـي‪ ،‬إنمـا ال يؤ ّثر علـى التعبير الجينـي في فأر مصاب بـداء هنتنغتون»‪.‬‬
‫مجلة نورباثولوجي آند إكسـبرمنتال نورولوجي‪ ،‬رقـم ‪.27-817 :)2010( 8‬‬
‫ملـف‪0/10.1097 :‬ب‪013‬إ‪3187‬إي‪-‬آ‪167‬ف‪.‬‬
‫‪.21‬ت‪ .‬ل‪ .‬سـبايرس‪« .‬إثـراء البيئـة يخ ّفـف مـن آثـار نقـص البروتيـن فـي‬
‫فـأر مصـاب بـداء هنتنغتـون‪ ،‬مـا يشـير إلـى وجـود آليـة مع ّينـة لإلصابـة‬
‫بالمـرض»‪ .‬مجلـة نوروسـاينس ‪ ،24‬رقـم ‪ .76-2270 :)2004( 9‬ملـف‪:‬‬
‫‪/10.1523‬ج‪-‬نورسـاي‪.2004 .03-1658 .‬‬
‫‪.22‬مـات نوفـاك‪ 50« .‬عامـ ًا من ذا جتسـونز‪ :‬لمـاذا ال يـزال المسلسـل مهم ًا؟»‪.‬‬
‫مجلـة سميثسـونيان‪ 19 .‬أيلـول ‪http://www.smithsonianmag. .2012‬‬
‫‪com/history/50-years-of-the-jetsons-why-the-show-still-‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫‪/matters-43459669‬‬
‫‪.23‬ريتشـل ماكو‪ ،‬وجاريد روزنبوم‪« .‬أقرب مما نظن»‪ 26 .‬شـباط ‪http:// .2011‬‬
‫‪arthur-radebaugh.blogspot.com/p/closer-than-we-think.html‬‬
‫‪.24‬جينيفـر دودلي‪-‬نيكلسـون‪« .‬رؤيـة ذا جتسـونز» عـن ‪ 51‬عام ًا اآلتية»‪ .‬شـبكة‬
‫األخبـار االسـترالية‪ 23 .‬أيلـول ‪http://www.news.com.au/ .2013‬‬
‫‪technology/the-jetsons8217-vision-of-the-future-51-years-ago-‬‬
‫‪1226725268775-spoton/story-e6frfro0‬‬ ‫‪294‬‬

‫‪«.25‬تقويـم ديزنـي أللعاب المحمـول الجديـد‪ ،‬والطرق الجديـدة لتجربة حرب‬


‫مطـوري األلعاب ‪ .»2016‬موقع شـركة والـت ديزني‪30 .‬‬
‫النجـوم فـي مؤتمر ّ‬
‫آذار ‪https://thewaltdisneycompany.com/disney-previews- .2016‬‬
‫‪new-mobile-games-new-ways-to-experience-star-wars-at-2016-‬‬
‫‪/game-developers-conference‬‬
‫‪.26‬لـورا كولودنـي‪« .‬لماذا تريد آبل أن تكون المركز الرئيـس للتطبيقات الذكية»‪.‬‬
‫تيك‪-‬كرنـش‪ 13 .‬حزيـران ‪/13/06/http://techcrunch.com/2016 .2016‬‬
‫‪/why-apple-wants-to-be-the-smart-homes-nerve-center‬‬
‫الحضـري؟»‪ .‬سـيفيك هـول‪ 1 .‬أيـار‬
‫َ‬ ‫‪.27‬لورين‪-‬إليـن مـكان‪« .‬لكـن مـا هـو‪،‬‬
‫‪/http://civichall.org/civicist/what-is-civic‬‬ ‫‪.2015‬‬
‫‪.28‬سـوزان البـار‪« .‬مكتـب غوغـل الجديـد فـي لنـدن حديقـة مالهـي ممتعـة‬
‫لألطفـال‪ :‬إنـه وقـت بصمـات األصابـع!»‪ .‬فاسـت‪-‬كوديزاين‪ 27 .‬كانـون‬
‫الثانـي ‪http://www.fastcodesign.com/1663112/google- .2011‬‬
‫‪london-s-new-office-is-a-happy-kiddie-funhouse-slideshow‬‬
‫‪.29‬السـلو بـوك‪« .‬دقيقتـان لجعلـك أكثر سـعادة فـي العمـل‪ ،‬والحيـاة ‪ ...‬وفي‬
‫العطلات»‪ .‬موقـع لينكـدإن‪ 24 .‬تشـرين الثانـي ‪https://www. .2014‬‬
‫‪24454816-twominutes-to--linkedin.com/pulse/20141124163631‬‬
‫‪make-you-happier-at-work-in-life-and-over-the-holidays?trk-Sp‬‬
‫‪lashRedir=true&forceNoSplash=true‬‬
‫‪.30‬سـيد فنـش‪« .‬الدخـل اإلضافـي مـن الوظيفـة الحلـم لـن يجعلـك سـعيد ًا»‪.‬‬
‫موقع ذا هسـتل‪ 14 .‬أيلـول ‪http://thehustle.co/fancy-job-perks- .2015‬‬
‫‪wont-make-you-happy‬‬
‫‪.31‬السـلو بـوك‪« .‬مقاربـة غوغـل العلميـة لتحقيـق التوازن بيـن العمـل والحياة‬
‫(وأكثر)»‪ .‬هارفـارد بزنس ريفيو‪ 27 .‬آذار ‪/03/https://hbr.org/2014 .2014‬‬
‫‪googles-scientific-approach-to-work-life-balance-and-much-‬‬
‫‪more‬‬
‫‪ .32‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪.33‬دراسـة عـن أماكـن العمل فـي الواليـات المتحدة فـي ‪ .2013‬جنسـلر‪ 13 .‬تموز‬
‫‪http://www.gensler.com/research-insight/research/the-2013- .2013‬‬
‫‪295‬‬ ‫‪us-workplace-survey-1‬‬
‫‪.34‬بيـل ثورنتـون‪ ،‬وأليسـون فايـرس‪ ،‬ومايجـا روبنـز‪ ،‬وإريـك رولينـز‪« .‬مجـرد‬
‫الهوامش‬

‫وجـود هاتـف محمول قد يشـتّت االنتباه»‪ .‬سوشـال سـيكولوجي ‪ ،45‬العدد‬


‫‪ .88-479 :)2014( 6‬ملـف‪/9335-1864/10.1027 :‬أ‪.000216‬‬
‫‪«.35‬اسـتبانة مديـري الماليـة ‪ -‬أوروبـا»‪ .‬تقريـر‪ .‬كليـة اإلدارة والمجتمـع‪،‬‬
‫تيـاس‪ .‬كيـو‪2016--http://www.cfosurvey.org/2016q2/Q2 .2013 2‬‬
‫‪EuropeSummaryEnglish.pdf‬‬
‫‪.36‬عيسى البوسكاي‪« .‬إنجاز المزيد»‪ .‬مجلة إنك‪ .‬نيسان ‪.2013‬‬
‫‪.37‬ألفريـد و‪ .‬كاسـزنياك‪ ،‬وديفيـد م‪ .‬ليفـي‪ ،‬ومارليـن أوسـترغرين‪ ،‬وجاكـوب‬
‫والتبصـر علـى الصـداع المزمـن‪ ،‬والتوتّـر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫و‪ .‬وبـروك‪« .‬تأثيـرات التفكّـر‬
‫والمشـاعر السـلب ّية لـدى مع ّلمـي المـدارس الثانويـة»‪ .‬اجتماعـات بشـأن‬
‫أي ‪ .)21‬تورنتـو (‪ 30-28‬أيـار ‪.)2012‬‬ ‫واجهـة الرسـوم التصويريـة (ج ّ‬
‫تورنتـو‪ ،‬أونتاريـو‪ :‬جمعيـة معالجـة البيانـات الكنديـة‪ :‬الصفحـات ‪.52-45‬‬
‫‪«.38‬تأثيـر تصميـم المكتـب علـى اإلنجـاز المهنـي»‪ .‬تقريـر‪ .‬لجنـة الهندسـة‬
‫المعماريـة وبيئـة البنـاء‪.2011 ،‬‬
‫‪.39‬كاي سـارجنت‪« .‬لـم ترتكـب غوغـل خطـأ‪ :‬نظرة أعمـق على تطبيـق «وابو»‬
‫بشـأن المكاتـب المفتوحـة»‪ .‬مجلـة ورك‪-‬ديزايـن‪ 7 .‬كانـون الثانـي ‪.2015‬‬
‫‪google-didnt-get-wrong-deeper-/01/http://workdesign.com/2015‬‬
‫‪look-recent-wapo-piece-open-offices‬‬
‫‪«.40‬ما يريـده العاملون»‪ .‬تقريـر‪ .‬المكتب البريطاني للمكاتب‪ 30 .‬نيسـان ‪2013‬‬
‫_‪ttp://www.bco.org.uk/Research/Publications/What_Workers‬‬
‫‪Want2013.aspx‬‬
‫‪.41‬كينـان مايـو‪« .‬خمسـة دروس من بـرودواي إلصلاح الحياة فـي المكاتب»‪.‬‬
‫موقـع بـرودواي‪ 8 .‬تمـوز ‪http://www.bloomberg.com/news/ .2013‬‬
‫‪five-broadway-lessons-for-fixing-office-life/08-07-articles/2013‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫‪.42‬صوفيـا برين‪ ،‬وشـانا ليبوفتز‪« .‬لماذا يشـعر موظفـو غوغل بسـعادة غامرة؟»‪.‬‬
‫موقـع غريتسـت‪ 28 .‬أيـار ‪http://greatist.com/happiness/ < .2013‬‬
‫‪>healthy-companies-google‬‬
‫والسـعادة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الصحـة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يحسـن‬
‫ّ‬ ‫‪.43‬جامعـة إكزتـر‪« .‬تصميـم مـكان عملـك‬
‫واإلنتاجيـة»‪ .‬سـاينس ديلـي‪ 8 .‬أيلـول ‪www.sciencedaily.com/ .2010‬‬
‫‪htm.100907104035/09/releases/2010‬‬
‫‪296‬‬
‫‪«.44‬اقـض دقيقتـان من الراحـة في حجيرة اسـترخاء سـيغنا االفتراضيـة»‪ .‬موقع‬
‫ذيـس إز سـتوري‪ 2 .‬شـباط ‪http://thisisstory.com/take-a-two- .2016‬‬
‫‪/minute-staycation-in-the-cigna-virtual-relaxation-pod‬‬
‫‪.45‬تـوم رانـدال‪« .‬أذكـى بنـاء فـي العالـم»‪ .‬موقـع بلومبـرغ‪ 23 .‬أيلـول ‪.2015‬‬
‫‪http://www.bloomberg.com/features/2015-the-edge-the-worlds-‬‬
‫‪/greenest-building‬‬
‫‪.46‬موقـع مكـي وشـركاه‪ :‬منـزل العمـارة والتخطيـط‪ .‬تص ّفـح ‪ 16‬آب ‪.2016‬‬
‫‪/http://www.maki-and-associates.co.jp‬‬
‫‪.47‬إليزابيـث تريشـكو‪ ،‬وزينوفيـا تولـودي‪ .‬مختبـر الوسـائط فـي معهـد‬
‫ماساشوسـتس للتّقانـة‪ :‬الهندسـة المعماريـة علـى أنهـا كائـن حـي»‪ .‬موقـع‬
‫شـيفت بوسـطن‪ 16 .‬كانـون األول ‪http://blog.shiftboston. .2011‬‬
‫‪mit-media-lab-architecture-as-a-living-organism/12/org/2011‬‬
‫‪.48‬شـارون كرومويـل‪« .‬مدرسـة المسـتقبل»‪ .‬موقـع إديوكيشـن ورلـد‪.1998 .‬‬
‫‪http://www.educationworld.com/a_curr/curr046.shtml#sthash.‬‬
‫‪mplXzgO7.nD6SuHa9.dpuf‬‬
‫‪.49‬موقـع البرنامـج التعليمـي تاكسـي دوغ‪ .‬تص ّفـح ‪ 3‬آذار ‪http:// .2016‬‬
‫‪taxidogedu.org‬‬
‫‪.50‬مـاري ماديـن‪ ،‬وأماندا لنهارت‪ ،‬وسـاندرا كورتـزي‪ ،‬ويورس جاسـر‪ .‬وميف‬
‫دوغـان‪ ،‬وأرون سـميث‪ ،‬وميريديث بيتـون‪« .‬المراهقون‪ ،‬ووسـائل التواصل‬
‫االجتماعـي‪ ،‬والخصوصيـة»‪ .‬تقريـر‪ .‬مركـز أبحـاث بيـو‪ 21 .‬أيـار ‪.2013‬‬
‫‪teens-social-media-and-/21/05/http://www.pewinternet.org/2013‬‬
‫‪/privacy‬‬
‫‪.51‬صفحة كيدز واي‪-‬فاي‪ .‬تص ّفح ‪ 8‬تشرين الثاني ‪http://kidswifi.com .2016‬‬
‫‪.52‬ليـراز مارجليـت‪« .‬هـذا مـا يفعلـه قضـاء وقـت أمـام الشاشـات بأدمغـة‬
‫األطفـال حق ًا»‪ .‬موقع سـيكولوجي توداي‪ 17 .‬نيسـان ‪https://www. .2016‬‬
‫‪psychologytoday.com/blog/behind-online-behavior/201604/‬‬
‫‪what-screen-time-really-does-kids-brains‬‬
‫‪.53‬بريـان ك‪ .‬تشـن‪« .‬مـا هـو العمـر المالئـم لحصـول طفـل علـى هاتـف‬
‫ذكـي؟»‪ .‬نيويـورك تايمـز‪ 20 .‬تمـوز ‪http://www.nytimes. .2016‬‬
‫‪technology/personaltech/whats-the-right-age-/21/07/com/2016‬‬
‫‪297‬‬ ‫_‪to-give-a-child-a-smartphone.html?em_pos=small&emc=edit‬‬
‫‪ml_20160721&nl=well-family&nl_art=4&nlid=74046621&ref‬‬
‫‪=headline&te=1&_r=0‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫الهوامش‬

‫‪.54‬موقع بريك‪-‬فري‪ .‬تص ّفح ‪ 5‬أيلول ‪www://breakfree-app.com .2016‬‬


‫‪.55‬سـاره بيريـز‪« .‬تطبيـق جديد يدعـى أوف‪-‬تايم يسـاعدك على فصـل المقبس‬
‫مـن دون أن تحـذف شـيئ ًا»‪ .‬موقـع تيك‪-‬كرنـش‪ 1 .‬تشـرين األول ‪.2014‬‬
‫‪a-new-app-called-offtime-/01/10/http://techcrunch.com/2014‬‬
‫‪?/helps-you-unplug-without-missing-out‬‬
‫‪.56‬أ‪ .‬ك‪ .‬برزيبيلسـكي‪ ،‬ون‪ .‬وينسـتاين‪« .‬هل يمكنك التواصـل معي اآلن؟ كيف‬
‫يؤ ّثـر وجـود تقانـة تواصل خلـوي على جـودة اللقاء وجهـ ًا لوجـه؟»‪ .‬مجلة‬
‫والشـخصية ‪ ،30‬العـدد ‪ .46-237 :)2012( 3‬ملف‪:‬‬ ‫العالقـات االجتماعيـة ّ‬
‫‪0265407512453827/10.1177‬‬
‫‪.57‬بيـل ثورنتـون‪ ،‬وأليسـون فايـرس‪ ،‬ومايجـا روبنـز‪ ،‬وإريـك رولينـز‪« .‬مجـرد‬
‫وجـود هاتـف محمول قـد يشـتّت االنتبـاه»‪ .‬مجلة علـم النفـس االجتماعي‬
‫‪ ،45‬العـدد ‪ .88-479 :)2014( 6‬ملـف‪.000216/9335-1864/10.1027 :‬‬
‫‪.58‬هونغجـي ري‪ ،‬وسـودونغ كيـم‪« .‬تأثيرات الفشـل في اسـتعادة النشـاط على‬
‫العمـل‪ :‬مقارنـة تجريبيـة بيـن اسـتراحتين «تقليديـة» وأخـرى باسـتخدام‬
‫البشـري ‪.67-160 :)2016( 57‬‬
‫ّ‬ ‫«هاتـف ذكـي»‪ .‬الحواسـب فـي السـلوك‬
‫ملـف‪/10.1016 :‬ج‪.‬س‪-‬هــ‪-‬ب‪.2015.11.56 .‬‬
‫‪.59‬غايـل ماثيـوز‪« .‬دراسـة بحثيـة عـن األهـداف»‪ .‬جـرى تقديـم البحـث فـي‬
‫المؤتمـر الدولـي السـنوي التاسـع لوحـدة دراسـات علـم النفس فـي معهد‬
‫أثينـا للتربيـة واألبحـاث‪ 28 .‬أيـار ‪http://www.dominican.edu/ .2015‬‬
‫‪academics/ahss/undergraduateprograms/psych/faculty/assets-‬‬
‫‪gail-matthews/researchsummary2.pdf‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫اال�ستراتيجية رقم ‪ :5‬االبتكار بوعي‬
‫‪.1‬جاكـوب ويسـبرغ‪« .‬منشـغلون بنحـو بائـس»‪ .‬قائمة نيويـورك ريفيـو للكتب‪.‬‬
‫‪ 25‬شـباط ‪we-/25/02/http://www.nybooks.com/articles/2016 .2016‬‬
‫‪/are-hopelessly-hooked‬‬
‫‪.2‬رافائيـل أ‪ .‬كالفـو ودوريـان بيتـرز‪ .‬الحوسـبة اإليجاب ّيـة‪ :‬تقانـ ٌة من أجـل الرفاه‬
‫وتحقيـق اإلمكانات البشـرية‪ .‬كامبريـدج‪ :‬مطبعة معهد ماساشوسـتس للتّقانة‪،‬‬
‫‪.2014‬‬ ‫‪298‬‬

‫‪.3‬جـون ف‪ .‬هليويـل‪ ،‬وريتشـارد اليـارد‪ ،‬وجيفـري سـاكس‪ ،‬وآخـرون‪ .‬تقريـر‬


‫السـعادة العالمـي ‪ .2012‬نيويـورك‪ :‬شـبكة حلـول التنميـة المسـتدامة‪.2013 ،‬‬
‫ّ‬
‫‪.4‬دون تابسـكوت وأنطونـي د‪ .‬ويليامـز‪ .‬االقتصـاد التّعاوني‪ :‬كيف يغ ّيـر التّعاون‬
‫الجماعي كل شـيء‪ .‬نيويـورك‪ :‬بورتفوليو‪.2006 ،‬‬
‫‪.5‬تـوم تشـيفرز‪« .‬قصـة خرائـط غوغـل»‪ .‬صحيفـة تلغـراف المملكـة المتحدة‪.‬‬
‫‪http://www.telegraph.co.uk/technology/‬‬ ‫‪ 4‬حزيـران ‪.2013‬‬
‫‪google/10090014/the-story-of-google-maps.html‬‬
‫‪.6‬صفحـة كيك‪-‬سـتارتر‪ .‬تص ّفـح ‪ 1‬تشـرين الثانـي ‪https://www. .2015‬‬
‫‪kickstarter.com/about‬‬
‫‪.7‬صفحـة كاليمـت كـو‪-‬الب‪ .‬تص ّفـح ‪ 1‬تشـرين الثانـي ‪http:// .2015‬‬
‫‪climatecolab.org‬‬
‫‪.8‬فيليـب إيفانـز وباتريـك فـورث‪ .‬خريطة «عوامـل اإللهـاء»‪ :‬اإلبحار فـي عال ٍم‬
‫قمـي‪ .‬موقع ديجيتـال ديسـربت‪ 1 .‬حزيـران ‪http:// .2015‬‬
‫الر ّ‬
‫مـن التشـويش ّ‬
‫‪digitaldisrupt.bcgperspectives.com‬‬
‫الرقمية األمريكيـة‪ .‬موقع البيت األبيض‪ .‬تص ّفح ‪ 1‬آب ‪https:// .2016‬‬
‫‪.9‬الخدمـة ّ‬
‫‪www.whitehouse.gov/participate/united-states-digital-service‬‬
‫‪.10‬جيسـون غولدمـان‪« .‬إعلان البيـت األبيـض لمهرجـان تنظيـم األفـكار ‪،‬‬
‫والفنـون‪ ،‬والمبـادرات»‪ .‬موقـع البيـت األبيـض‪ 1 .‬أيلـول ‪https:// .2016‬‬
‫‪announcing-south-/01/09/www.whitehouse.gov/blog/2016‬‬
‫‪south-lawn-white-house-festival-ideas-art-and-action‬‬
‫‪.11‬روكسـان باتـل‪« .‬إنترنـت كل أمـورك»‪ 20 .‬تمـوز ‪http:// .2016‬‬
‫‪t h e p h i l a d e l p h i a c i t i z e n . o rg / i n t e r n e t - o f - t h i n g s - f r e e -‬‬
‫‪/w i f i p h i l a d e l p h i a‬‬
‫‪.12‬جينيفر سـاندرز‪ .‬موقع تحالف االبتكار فـي داالس‪ 26 .‬أيلول ‪http:// .2016‬‬
‫‪new-dallas-/23/9/www.dallasinnovationalliance.com/news/2016‬‬
‫‪innovation-alliance-initiatives-highlighted-by-white-house‬‬
‫‪.13‬زنينجـور إنوميـكا‪« .‬مـا هـي نتيجـة بوسـطن اليـوم؟ المدينـة تطلـق منصـة‬
‫بيانـات لمراقبة تقدّ م الخدمـات»‪ .‬موقع إذاعة وبور‪ 15 .‬كانـون الثاني ‪.2016‬‬
‫‪boston-cityscore-dashboard/15/01/https://www.wbur.org/2016‬‬
‫‪«.14‬نتيجـة المدينـة»‪ .‬موقـع مدينـة بوسـطن‪ .‬تحديـث ‪ 14‬تشـرين األول ‪.2016‬‬
‫‪299‬‬
‫‪https://www.boston.gov/cityscore‬‬
‫‪.15‬موقـع مؤسسـة بيتـر بلـوك‪ .‬تص ّفـح ‪ 14‬تشـرين األول ‪http:// .2016‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫الهوامش‬

‫‪betterblock.org‬‬
‫الرقميـة للكـوارث‬
‫‪.16‬هيـذر ليسـون‪« .‬كيـف تسـتجيب األعمـال الخيريـة ّ‬
‫العالمية»‪ .‬هفنغتون بوست‪http://www.huffingtonpost.com/heather- .‬‬
‫_‪leson/how-digital-humanitarians_b_9101950.html?utm‬‬
‫_‪hp_ref=whats-orking&utm_content=30768729&utm‬‬
‫‪medium=social&utm_source=facebook‬‬
‫‪.17‬موقـع هيومانتـي رود‪ .‬تص ّفـح ‪ 10‬تشـرين األول ‪http:// .2016‬‬
‫‪/humanityroad.org‬‬
‫‪.18‬موقـع وايـن تـو وتـر‪ .‬تص ّفـح ‪ 10‬تشـرين األول ‪http://www. .2016‬‬
‫‪/winetowater.org‬‬
‫‪.19‬مايـكل بريتشـارد‪« .‬كيـف تجعـل الميـاه اآلسـنة قابلـة للشـرب»‪ .‬موقـع‬
‫تيـد‪ 1 .‬آب ‪https://www.ted.com/talks/michael_pritchard_ .2009‬‬
‫‪invents_a_water_filter/transcript?language=en‬‬
‫‪.20‬مايـك كونـورز‪ .‬طالبـة فـي نانسموند‪-‬سـوفولك تحضـر صفـ ًا فـي الطباعـة‬
‫ثالث ّيـة األبعـاد‪ ،‬وتصنـع أطرافـ ًا اصطناعيـة لمسـاعدة األطفـال»‪ .‬موقـع‬
‫فيرجينيـا بايلـوت‪ 19 .‬آب ‪http://pilotonline.com/news/local/ .2016‬‬
‫‪education/nansemond-suffolk-student-takes-a--d-printing-class-‬‬
‫‪5f81399e1837.html-8704-5456-19a1-on/article_badf3d56‬‬
‫‪«.21‬حمايـة المسـتهلك بوعـي»‪ .‬موقـع مركـز حلـم أمريكـي جديـد‪ .‬تص ّفـح‬
‫‪ 14‬آب ‪https://www.newdream.org/programs/beyond- .2016‬‬
‫‪consumerism/rethinking-stuff/conscious-consumerism‬‬
‫‪.22‬إليزابيـث و‪ .‬دون‪ ،‬والرا ب‪ .‬أكنيـن‪ ،‬ومايـكل أ‪ .‬نورتـون‪« .‬اإلنفـاق‬

‫مستقبل السعادة‬
‫والسـعادة‪ :‬اسـتخدام المـال لمسـاعدة آخريـن علـى‬
‫اإليجابـي ّ‬
‫ّ‬ ‫االجتماعـي‬
‫اإليفاء بالتزاماتهم»‪ .‬مجلة كرنت دايركشـنز إن سـيكولوجيكال سـاينس ‪:23‬‬
‫‪ .47-41 :)2014( 41‬ملـف‪.0963721413512503/10.1177 :‬‬
‫‪«.23‬تيـارات التغييـر‪ :‬دراسـة كيـه بـي إم جـي عـن تقريـر مسـؤولية ّ‬
‫الشـركات‬
‫‪ .».2015‬هولنـدا‪ :‬هايماركـت نتـورك ليمتـد‪ ،‬تشـرين الثانـي ‪.2015‬‬
‫‪.24‬وايتنـي دايلـي‪« .‬يسـتطيع مسـتهلكون عالميـون تقديـم تضحيـات شـخصية‬
‫لمعالجـة قضايا بيئيـة اجتماعية»‪ .‬كـون لالتصاالت‪ 27 .‬أيـار ‪http:// .2015‬‬ ‫‪300‬‬
‫‪www.conecomm.com/news-blog/2015-cone-ebiquity-csr-study-‬‬
‫‪press-release‬‬
‫«السـعادة تجـري‬
‫‪.25‬الرا ب‪ .‬أكنيـن‪ ،‬وإليزابيـث و‪ .‬دون‪ ،‬ومايـكل أ‪ .‬نورتـون‪ّ .‬‬
‫فـي حركـة دائريـة‪ :‬دليـل عـن حلقـة تغذيـة راجعـة إيجاب ّيـة بيـن اإلنفـاق‬
‫والسـعادة»‪ .‬مجلـة هابينـس سـتديز ‪ 24( 13‬نيسـان‬ ‫اإليجابـي ّ‬
‫ّ‬ ‫االجتماعـي‬
‫‪.55-347 :)2011‬‬
‫‪«.26‬إرسـال غود‪-‬غايـد إلـى هاتفك»‪ .‬موقـع غود‪-‬غايد‪ .‬تص ّفـح ‪ 20‬آب ‪.2016‬‬
‫‪http://www.goodguide.com/about/mobile‬‬
‫‪.27‬موقع مكتب جودة األعمال‪ .‬تص ّفح ‪ 20‬أيار ‪www.bbb.org .2016‬‬
‫‪«.28‬تقريـر ‪ 2015‬عـن مسـؤولية ّ‬
‫الشـركات االجتماعيـة فـي الواليـات المتحدة‪:‬‬
‫قـادة المسـؤولية االجتماعية فـي أمريكا»‪ .‬معهـد ريبيوتيشـن‪ 1 .‬أيلول ‪.2015‬‬
‫‪https://www.reputationinstitute.com/CMSPages/GetAzureFile.‬‬
‫‪aspx?path=~%5Cmedia%5Cmedia%5Cdocuments%5C2015-us-‬‬
‫‪csr-reptrak-report.pdf&hash=da63ddNotes2086acee5a803dc962‬‬
‫‪e9f093d17ce1f8f0f2d9823c9639274e2e7a3e2220d&ext=.pdf‬‬
‫‪.29‬موقع شـركات (ب)‪ .‬تص ّفح ‪ 10‬أيلـول ‪http://www.bcorporation. .2016‬‬
‫‪net‬‬
‫محركـة فـي ثـورة وعـي‬
‫‪.30‬نورمـان روزنبـرغ‪« .‬التّقانـة علـى أنهـا قـوة ّ‬
‫اجتماعـي»‪ .‬موقـع ديـل‪ 30 .‬حزيـران ‪http://www.techpageone. .2015‬‬
‫‪co.uk/downtime-uk-en/tech-driving-force-socially-conscious-‬‬
‫‪/revolution‬‬
‫‪.31‬جيمـس هــ‪ .‬بريـان ومـاري آن تيسـت‪« .‬سـيدة فـي محنـة‪ :‬تجربـة العجلـة‬
‫المثقوبـة»‪ .‬سلسـلة نشـرات أبحـاث خدمـة االختبـارات التعليميـة ‪،1966‬‬
‫العـدد ‪ .I-7 :)1966( 2‬ملـف‪/10.1002 :‬ج‪8504.1966-2333.‬ت‪-‬ب‬
‫‪.00542‬إكـس‪.‬‬
‫‪.32‬ميلينـا سـفتكوف ومايكل ماسـي‪« .‬علم «الدفع إلـى األمام»‪ .‬نيويـورك تايمز‬
‫اإللكترونيـة‪ 14 .‬آذار ‪/16/03/http://www.nytimes.com/2014 .2014‬‬
‫‪opinion/sunday/the-science-of-paying-it-forward.html?_r=1‬‬
‫‪.33‬سـوزان دومينـوس‪« .‬هـل يكمن سـر التقـدّ م فـي العطـاء؟»‪ .‬نيويـورك تايمز‬
‫اإللكترونيـة‪ 27 .‬آذار ‪/31/03/http://www.nytimes.com/2013 .2013‬‬
‫‪301‬‬ ‫‪magazine/is-giving-the-secret-to-getting-ahead.html?_r=0‬‬
‫‪.34‬بـي ينـغ ليـن‪ ،‬ونعومـي سـباركس غـروال‪ ،‬وكريسـتوف كوريـن‪ ،‬ووالتـر د‪.‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫الهوامش‬

‫يعـزز تأثيـر إعالنـات الخدمـة‬


‫جونسـون‪ ،‬وبـول ج‪ .‬زاك‪« .‬األوكسايتوسـين ّ‬
‫العامـة»‪ .‬بلـوس ون ‪ ،8‬العـدد ‪ .)2013(2‬ملـف‪/10.1371 :‬جورنـال‪.‬‬
‫بـون‪.0056934.‬‬
‫أي‪ .‬غيلـوري‪ ،‬وجيفري ت‪ .‬هانكوك‪« .‬أد ّلة تجريبية‬
‫‪.35‬آدم د‪ .‬أ‪ .‬كرامـر‪ ،‬وجيمي ّ‬
‫عـن عـدوى عاطفيـة واسـعة النطـاق عبـر وسـائل التواصـل االجتماعـي»‪.‬‬
‫أعمـال األكاديميـة الوطنيـة للعلـوم ‪ ،111‬العـدد ‪.90-8788 :)2014( 24‬‬
‫ملـف‪/10.1073 :‬بنـاس‪.1320040111.‬‬
‫‪.36‬رشـاناه بالدويـن‪« .‬بلـى‪ ،‬لدينـا جريمـة‪ ،‬ولكـن تصويـر األحيـاء الحضريـة‬
‫علـى أنهـا مـكان ميـؤوس منـه يزيـد الطيـن ب ّلـة»‪ .‬موقـع ذا ريبورتـز‪1 .‬‬
‫نيسـان ‪http://www.thereporters.org/letter/yes-weve-got- .2016‬‬
‫_‪crime/?utm_content=28117268&utm_medium=social&utm‬‬
‫‪source=facebook#more-1126‬‬
‫‪.37‬بـاراك أوبامـا‪« .‬الرئيـس أوبامـا‪ :‬لمـاذا الحاضر هـو أفضل وقـت للعيش؟»‪.‬‬
‫وايـرد‪ 12 ،‬تشـرين األول ‪.2016‬‬
‫م�سرد م�صطلحات‬
‫‪.1‬هولـي روسـون غيلمـان‪« .‬مسـتقبل التّقانـة المدنيـة»‪ 20 .‬نيسـان ‪.2015‬‬
‫بروكينغـز‪/20/04/https://www.brookings.edu/blog/techtank/2015 .‬‬
‫‪/the-future-of-civic-technology‬‬
‫‪.2‬لينـدا سـتون‪« .‬االنتبـاه الجزئـي المسـتمر»‪ .‬موقـع لينـدا سـتون‪ .‬تص ّفـح ‪24‬‬
‫تشـرين األول ‪https://lindastone.net/qa/continuous-partial- .2016‬‬
‫‪/attention‬‬
‫الرقميـة‪ .‬تص ّفـح ‪ 24‬تشـرين األول ‪http:// .2016‬‬
‫‪.3‬موقـع األعمـال الخيريـة ّ‬
‫‪digitalhumanitarians.com‬‬

‫مستقبل السعادة‬
‫‪.4‬إيميلـي دينـز‪« .‬فتيـل الدوباميـن»‪ .‬موقع سـيكولوجي تـوداي‪ 13 .‬أيـار ‪.2011‬‬
‫‪https://www.psychologytoday.com/blog‬‬
‫‪.5‬موقع معجم أوربان‪ .‬تص ّفح ‪ 24‬تشـرين األول ‪http://mindsetonline. .2016‬‬
‫‪/com/whatisit/about‬‬
‫‪>http://www.urbandictionary.com/define.php?term=fomo .6‬‬
‫مدونـة‬
‫‪.7‬بريـان بـورك‪« .‬جارتنـر تعيـد تعريـف التلعيـب»‪ 24 .‬نيسـان ‪ّ .2014‬‬ ‫‪302‬‬
‫جارتنـر‪gartner-/04/04/http://blogs.gartner.com/brian_burke/2014 .‬‬
‫‪/redefines-gamification‬‬
‫‪.8‬كارول دويـك‪« .‬مـا هـي العقل ّيـة؟»‪ .‬موقع مايندسـت اإللكترونـي‪ .‬تص ّفح ‪24‬‬
‫تشـرين األول ‪/http://mindsetonline.com/whatisit/about .2016‬‬
‫تعزز‬
‫اإليجابـي ّ‬
‫ّ‬ ‫‪.9‬شـون أكـور‪ .‬أفضليـة السـعادة‪ :‬سـبع مبـادئ من علـم النفـس‬
‫النجـاح واإلنجـاز فـي العمل‪ .‬نيويـورك‪ :‬بـرودواي للكتـب‪.2010 ،‬‬
‫التصـور البصـري ومبادئ الغشـتالت»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪.10‬سـتيفن برادلـي‪« .‬مبـادئ التصميـم‪:‬‬
‫موقع مجلة سماشـنغ‪ 28 .‬آذار ‪https://www.smashingmagazine. .2014‬‬
‫‪design-principles-visual-perception-and-the-/03/com/2014‬‬
‫‪/principles-of-gestalt‬‬
‫‪.11‬م‪ .‬ميتشـل والـدروب‪« .‬الرقائـق تتراجـع في قانون مـور»‪ .‬نيتشـر ‪ ،530‬العدد‬
‫‪ .47-144 :)2016( 7589‬ملـف‪.530144/10.1037 :‬‬
‫‪.12‬موقـع بيرسويسـف ‪ .2016‬تص ّفـح ‪ 24‬تشـرين األول ‪http:// .2016‬‬
‫‪persuasive2016.org‬‬
‫‪«.13‬تناقـص الغ ّلـة ‪ /‬اقتصـاد ‪ /‬بريتانيكا‪.‬كوم»‪ .‬تص ّفح ‪ 24‬تشـرين األول ‪.2016‬‬
‫‪.https://www.britannica.com/topic/diminishing-returns‬‬
‫‪.14‬نانسـي إيزنبـرغ‪ ،‬وريتشـارد أ‪ .‬فابـس‪ ،‬وتريسـي ل‪ .‬سـبينارد‪« .‬التنميـة‬
‫المجتمعيـة اإليجاب ّيـة»‪ .‬كت ّيـب علـم نفـس األطفـال (‪ .)2007‬ملـف‪:‬‬
‫‪.9780470147658 /10 . 1002‬تشبسـي ‪.0311‬‬
‫«تعـرف ذاتـك‪ :‬متابعـة كل جانب مـن الحيـاة‪ ،‬من النـوم إلى‬
‫ّ‬ ‫‪.15‬غـاري ولـف‪.‬‬
‫المـزاج إلـى األلم‪ .»365/7/24 ،‬موقـع وايرد‪ 22 .‬حزيـران ‪https:// .2009‬‬
‫‪/lbnp-knowthyself/06/www.wired.com/2009‬‬
‫‪.16‬إيـان ب‪ .‬هـاورد‪ ،‬وبريـان ج‪ .‬روجـرز‪ .‬الرؤيـة الثنائيـة والرؤيـة التجسـيمية‪.‬‬
‫نيويـورك‪ :‬مطبعـة جامعـة أوكسـفورد‪.1995 ،‬‬
‫السـعادة‪ :‬علـم إحداث تغييـر إيجابي مسـتدام والحفاظ‬
‫‪.17‬ميشـيل جيالن‪ .‬بث ّ‬
‫عليه‪ .‬داالس‪ ،‬تكسـاس‪ :‬بن‪-‬بيلا للكتب‪.2015 ،‬‬

‫‪303‬‬
‫الهوامش‬
‫م�سرد �أ�سماء‬

Susan Cain ‫سوزان كني‬


Neil Pasricha ‫نيل بارسيكا‬
Cathy Caprino ‫كاثي كابرينو‬
Dr. Bobo ‫ بوبو‬.‫د‬
Oprah Winfrey ‫أوبرا وينفري‬
Shawn Achor ‫شون أكور‬

305
Charlie Brown ‫تشاريل براون‬
James Surowiecki ‫جيمس سورويكي‬
Amanda Gamble ‫أماندا غامبل‬
Erik Pepper ‫إيريك بيرب‬
Kenneth Hansraj ‫كينيث هانرساج‬
James Carter ‫جيمس كارتر‬
Amy Cuddy ‫إيمي كودي‬
Kevin Renes ‫كيفني رينز‬
Brene Brown ‫برينيه براون‬
Tom Cruise ‫توم كروز‬
Ray Kurzweil ‫راي كرزويل‬
Nayef Al-Rodhan ‫نايف الروضان‬
Hugh Herr ‫هيو هري‬
Rafael Calvo ‫رافائيل كالفو‬
Meron Gribetz ‫مريون غريبتز‬
Chris Weller ‫كريس ويلر‬
Angela L. D'Rpzario ‫ دروزاريو‬.‫أنجيال ل‬
Delwyn J. Bartlett ‫ بارتليت‬.‫ديلوين ج‬
Shaun Williams ‫شون ويليامز‬
Yu Sun Bin ‫يو صن بني‬
Ronald R. Grunstein ‫ غرونستني‬.‫رونالد ر‬
Nathaniel S. Marshall ‫ مارشال‬.‫ناثانيال س‬

‫مستقبل السعادة‬
Matt Salone ‫مات سالون‬
Danny Stieben ‫داين ستيبن‬
David Goldman ‫ديفيد غولدمان‬
Abigail Tucker ‫أبيغيل توكل‬
James Bruce ‫جيمس بروس‬
306
Kostadin Kushlev ‫كوستادين كوشليف‬
Dorian Peters ‫دوريان بيرتز‬
Aristotle ‫أرسطو‬
H. Rackham ‫ راكهام‬. ‫هـ‬
Robert Solow ‫روبرت سولو‬
Syrus Foroughi ‫سايروس فوروغي‬
Mary Czerwinski ‫ماري زيروينسكي‬
Linda Stone ‫ليندا ستون‬
Heisenberg (Werner) )‫هايزنربغ (فرينر‬
Clive Thompson ‫كليف تومسون‬
Gloria Mark ‫غلوريا مارك‬
Victor Gonzalez ‫فيكتور غونزاليز‬
Wile E. Coyote ‫ كايويت‬.‫وايل إي‬
Rana DiOrio ‫رنا ديوريو‬
Helen Kain ‫هيلني كني‬
Ben Brast-McKie ‫مكي‬-‫بن براست‬
Dr. Suess ‫ سوس‬.‫د‬
Charlie Kubal ‫تشاريل كوبال‬
Dylan Keil ‫ديالن كيل‬
Sherry Turkle ‫شريي توركل‬
Robert E. Kraut ‫ كروت‬.‫روبرت إي‬
Keith Hampton ‫كيث هامبتون‬
Peter steppe ‫بيرت ستيب‬
Tony Schwartz ‫طوين شوارتز‬
Jean Gomes ‫جان غوميز‬
Tom Gibson ‫توم غيبسون‬
307
Art Markman ‫آرت ماركامن‬
Mary Madden ‫ماري مادن‬
‫مسرد أسماء‬

Amanda Lenhart ‫أماندا لنهارت‬


Bob Sullivan ‫بوب سوليفان‬
Hugh Thompson ‫هيو تومبسون‬
Aaron Smith ‫آرون سميث‬
David Kelleher ‫ديفيد كيليهر‬
Mary Meeker ‫ماري ميكر‬
Liang Wu ‫ليانغ وو‬
Heather Kelly ‫هيذر كييل‬
Alan Iny ‫آالن إين‬
Luc de Brabandere ‫لوك دي براباندير‬
Dina Gerdeman ‫دينا غريدمان‬
L.Z. Granderson ‫ غراندرسون‬.‫ ز‬.‫ل‬
Roy Pea ‫روي يب‬
A. K. Brzybylski ‫ برزيبيلسكي‬.‫ ك‬.‫أ‬
N. Weinstein ‫ وينستاين‬.‫ن‬
Adam Piore ‫آدم بيور‬
John Bargh ‫جون بارغ‬
Mark Attridge ‫مارك أتريدج‬
Ellen Berscheid ‫إيلني بريشايد‬

‫مستقبل السعادة‬
Jeffry A. Simpson ‫ سمبسون‬.‫جيفري أ‬
Charles T. Hill ‫ هيل‬.‫تشارلز ت‬
Zick Rubin ‫زيك روبني‬
Lititia Anne Peplau ‫ليتيتيا آن بيبالو‬
Kathryn Zickuhr ‫كاثرين زيكهر‬
308
Elizabeth W. Dunn ‫ دن‬.‫إليزابيث و‬
Mihlay Csikszentmilalyi ‫ميهاي تشيكسنتميهاي‬
Socrates ‫سقراط‬
Plato ‫أفالطون‬
Peter Hermes Furian ‫بيرت هريمز فوريان‬
Dan Ariely ‫دان أرييل‬
Les McKeown ‫ليس مكيون‬
Malcolm Gladwell ‫مالكومل غالدويل‬
Protagoras ‫بروتاغوراس‬
Leonardo da Vinci ‫ليوناردو دافنيش‬
Benjamin Franklin ‫بنجامني فرانكلني‬
Chris Dancy ‫كريس دانيس‬
Nicholas Felton ‫نيكوالس فلتون‬
Tim Ferriss ‫تيم فرييس‬
Vector Lee ‫فيكتور يل‬
Steven Keating ‫ستيفن كيتنغ‬
Roy Baumeister ‫روي بوميسرت‬
BJ Fogg ‫ فوغ‬.‫ ج‬.‫ب‬
Michael Kim ‫مايكل كيم‬
Joel Ihrenkranz ‫جويل إهرنكرانز‬
Steve Mann ‫ستيف مان‬
Joseph W. Alba ‫ ألبا‬.‫جوزيف و‬
J. Wesley Hutchinson ‫ ويسيل هتشنسون‬.‫ج‬
E. N. Lorenz ‫ لورنز‬.‫ ن‬.‫إ‬
Susannah Fox ‫سوزانا فوكس‬
Maeve Duggan ‫ميف دوغان‬
309
Samantha Murphy Kelly ‫سامانثا موريف كييل‬
Ernesto Ramirez ‫إرنستو رامريز‬
‫مسرد أسماء‬

Kevin Leonardi ‫كيفن ليوناردي‬


Ian Li ‫إيان يل‬
John Tierney ‫جون تريين‬
Nanette Byrnes ‫نانيت بايرنز‬
Matt McFarland ‫مات مكفارالند‬
Jess Gomez ‫جس غوميز‬
My Nguyen ‫ماي نغوين‬
Wei Gao ‫وي غاو‬
M. C. Escher ‫ إيرش‬.‫ ك‬.‫م‬
Javier Hernandez ‫خافري هرنانديز‬
Eknath Easwaran ‫إكناث إسواران‬
Carol Dweck ‫كارول دويك‬
Barbara Frederickson ‫باربرا فريدريكسون‬
Jen Moss ‫جني موس‬
Ofer Leidner ‫أوفر ليدنر‬
Tomer Ben-Kiki ‫كيكي‬-‫تومر بن‬
Fred Bryant ‫فريد بريانت‬
Martin Seligman ‫مارتن سليغامن‬
Bob (Robert) Emmons ‫بوب (روبرت) إيمونز‬

‫مستقبل السعادة‬
Sonja Lyubomirsky ‫سونيا ليبومريسكاي‬
Stephen Post ‫ستيفن بوست‬
Ed Diener ‫إد داينر‬
Richard Davidson ‫ريتشارد دافيدسون‬
Kristin Neff ‫كريستني نيف‬
310
Rainn Wilson ‫راين ويلسون‬
Christine Carter ‫كريستني كارتر‬
Mohammed (Ehsan) Houqe ‫حممد (إحسان) حق‬
Will Drevo ‫ويل دريفو‬
Rosalind W. Picard ‫ بيكارد‬.‫روزاليند و‬
Akane Sano ‫أكني سانو‬
Miriam Zisook ‫مريم زيسوك‬
Jean Deprey ‫جان دبري‬
Mathew Goodwin ‫ماثيو غودوين‬
San Sebastian ‫سان سيباستيان‬
Ian Riobo ‫إيان ريوبو‬
Agata Rozga ‫أغاتا روزغا‬
Gregory D. Abowd ‫ أبوود‬.‫غريغوري د‬
Sue McGreevey ‫سو مكغريفي‬
Scott Barry Kaufman ‫سكوت باري كوفامن‬
Peter Malinowski ‫بيرت مالينوسكي‬
Hui Jia Lim ‫هوي جيا ليم‬
Christina Sterbenz ‫كريستينا ستريبنز‬
Derrick Carpenter ‫ديريك كاربنرت‬
Alfaro Fernandez ‫ألفارو فرنانديز‬
Michael F. Steger ‫ ستيغر‬.‫مايكل ف‬
Todd B. Kashdan ‫ كاشدان‬.‫تود ب‬
Sigal G. Barsade ‫ بارسيد‬.‫سيغال ج‬
William Shakespeare ‫ويليام شكسبري‬
Gordon Moore ‫غوردون مور‬
Daniel Kahneman ‫دانيال كانامن‬
311
Marie Kondo ‫ماري كوندو‬
Steve Jobs ‫ستيف جوبز‬
4 ‫استراتيجية‬

‫مسرد أسماء‬

Graham Hill ‫غراهام هيل‬


Danny Graydon ‫داين غرايدون‬
Arthur Radebaugh ‫آرثر ريدبوغ‬
Han Solo ‫هان سولو‬
Jimmy Carter ‫جيمي كارتر‬
Jonathan Reckford ‫جوناثان ركفورد‬
Larry Page ‫الري بيج‬
Clive Wilkinson ‫كاليف ويلكينسون‬
Lauren Geremia ‫لورين جريميا‬
Laszlo Bock ‫السلو بوك‬
Sidd Finch ‫سيد فنش‬
Alex Chanson ‫ألكس تشانسون‬
Amy Wrzesniewski ‫إيمي رزنيفسكاي‬
Ben Waber ‫بن ويرب‬
David Rockwell ‫ديفيد روكويل‬
Alex Haslam ‫ألكس هاسالم‬
Fumihiko Maki ‫فوميهيكو ماكي‬
Dimitris Papanikolaou ‫ديمرتيس بابانيكوالو‬
Michelle Rose Gilman ‫ميشيل روز غيلامن‬

‫مستقبل السعادة‬
Dane Hylen ‫دين هايلن‬
Lane Weiss ‫الن وايز‬
Goldie Hawn ‫غولدي هاون‬
Dorothy Batten ‫دوروثي باتن‬
LeVar Burton ‫ليفار بورتون‬
312
John Stix ‫جون ستيكس‬
Levi Felix ‫ليفي فليكس‬
Jennifer Lopez ‫جينيفر لوبيز‬
Jenny McCarthy ‫جيني مكارثي‬
J. K. Rowling ‫ رولينغ‬.‫ ك‬.‫ج‬
Kelci Hart Brock ‫كليس هارت بروك‬
Laura Bradley ‫لورا براديل‬
M. Mitchell Waldrop ‫ ميتشل والدروب‬.‫م‬
Kelly McGonigal ‫كييل مكغونيغال‬
James Wolf ‫جيمس ولف‬
Hal R. Arkes ‫ أركس‬.‫هال ر‬
Waleed Muhanna ‫وليد مهنّا‬
Erin Doland ‫إرين دوالند‬
Leo Widrich ‫ليو ويدريتش‬
Yiran Wang ‫يران وانغ‬
Melissa Niiya ‫مليسا نيا‬
Gloria Mark ‫غلوريا مارك‬
Stephanie M. Reich ‫ رايخ‬.‫ستيفاين م‬
Mark Warschauer ‫مارك وارشوير‬
Penelope Green ‫بينلوب غرين‬
C. P. Balde ‫ بالديه‬.‫ ب‬.‫ك‬
F. Wang ‫ وانغ‬.‫ف‬
R. Kuehr ‫ كوهر‬.‫ر‬
J. Huisman ‫ هويسامن‬.‫ج‬
Jordi Lippe-McGraw ‫مكغرو‬-‫جوردي ليبي‬
Miakel Cho ‫ميكائيل تشو‬
313
Joshua Becker ‫جوشوا بيكر‬
Caroline Benn ‫كارولني بن‬
4 ‫استراتيجية‬

‫مسرد أسماء‬

T. L. Spires ‫ سبايرس‬.‫ ل‬.‫ت‬


Matt Novak ‫مات نوفاك‬
Rachel Mackow ‫ريتشل ماكو‬
Jared Rosenbaum ‫جاريد روزنبوم‬
Jennifer Dudley-Nicholson ‫نيكلسون‬-‫جينيفر دوديل‬
Lora Kolodny ‫لورا كولودين‬
Laurenellen McCann ‫إلني مكان‬-‫لورين‬
Suzanne Labarre ‫سوزان البار‬
Bill Thornton ‫بيل ثورنتون‬
Alyson Faires ‫أليسون فايرس‬
Maija Robbins ‫ماجيا روبنز‬
Eric Rollins ‫إريك رولينز‬
Issie Lapowsky ‫عيسى البوسكاي‬
Alfred W. Kaszniak ‫ كاسزنياك‬.‫ألفريد و‬
David M. Levy ‫ ليفي‬.‫ديفيد م‬
Marilyn Ostergren ‫مارلني أوسرتغرين‬
Jacob O. Wobbrock ‫ وبروك‬.‫جاكوب و‬
Kay Sargent ‫كاي سارجنت‬
Keenan Mayo ‫كينان مايو‬

‫مستقبل السعادة‬
Sophia Breene ‫صوفيا برين‬
Shna Lebowitz ‫شانا ليبوفتز‬
Tom Randall ‫توم راندال‬
Elizabeth Tereshko ‫إليزابيث تريشكو‬
Zenovia Toloudi ‫زينوفيا تولودي‬
314
Sharon Cromwell ‫شارون كرومويل‬
Sandra Cortesi ‫ساندرا كورتزي‬
Ures Gasser ‫يورس جارس‬
Meredith Beaton ‫مرييديث بيتون‬
Liraz Margalit ‫لرياز مارجليت‬
Brian X. Chen ‫ تشن‬.‫بريان ك‬
Sarah Perez ‫ساره برييز‬
A. K. Przybylski ‫برزيبيلسكي‬. ‫ ك‬.‫أ‬
Hongjai Rhee ‫هونغجي ري‬
Sudong Kim ‫سودونغ كيم‬
Gail Matthews ‫غايل ماثيوز‬
Luke Massella ‫لوك ماسيال‬
Anthony Atala ‫أنطوين أتاال‬
Jacob Weisberg ‫جاكوب ويسربغ‬
Joanne Reinhard ‫جوان رينهارد‬
Bradley Cooper ‫براديل كوبر‬
Kate Upton ‫كيت أبتون‬
Aldous Huxley ‫ألدوس هكسيل‬
Philippe Petit ‫فيليب بويت‬
Jade Kindar-Martin ‫مارتن‬-‫جيد كيندار‬
Joseph Gordon-Levitt ‫ليفيت‬-‫جوزيف غوردون‬
Don Tapscott ‫دون تابسكوت‬
Barack Obama ‫باراك أوباما‬
Vivian Graubard ‫فيفيان غروبارد‬
Marty Walsh ‫ماريت والش‬
Jason Roberts ‫جيسون روبرتس‬
315
Doc Hendley ‫دوك هنديل‬
Michael Pritchard ‫مايكل بريتشارد‬
4 ‫استراتيجية‬

‫مسرد أسماء‬

Allie Wilburn ‫آيل ويلبورن‬


Elizabeth Joyner ‫إليزابيث جوينر‬
Kristen Drapesa ‫كريستني دريبسا‬
Adam Grant ‫آدم غرانت‬
Rashanah Baldwin ‫رشاناه بالدوين‬
Michelle Gielan ‫ميشيل جيالن‬
Arianna Huffington ‫آريانا هافينغتون‬
Tristan Harris ‫تريستان هاريس‬
John F. Helliwell ‫ هليويل‬.‫جون ف‬
Richard Layard ‫ريتشارد اليارد‬
Jeffrey Sachs ‫جيفري ساشس‬
Anthony D. Williams ‫ ويليامز‬.‫أنطوين د‬
Tom Chivers ‫توم تشيفرز‬
Philip Evans ‫فيليب إيفانز‬
Patrick Forth ‫باتريك فورث‬
Jason Goldman ‫جيسون غولدمان‬
Roxanne Patel ‫روكسان باتل‬
Jennifer Sanders ‫جينيفر ساندرز‬
Zeninjor Enwemeka ‫زنينجور إنوميكا‬

‫مستقبل السعادة‬
Heather Leson ‫هيذر ليسون‬
Mike Connors ‫مايك كونورز‬
Lara B. Aknin ‫ أكنني‬.‫الرا ب‬
Michael I. Norton ‫ نورتون‬.‫مايكل أ‬
Whitney Dailey ‫وايتني داييل‬
316
Norman Rozenberg ‫نورمان روزنربغ‬
James H. Bryan ‫ براين‬.‫جيمس هـ‬
Mary Ann Test ‫ماري آن تيست‬
Milena Tsvetkov ‫ميلينا سفتكوف‬
Michael Macy ‫مايكل مايس‬
Susan Dominus ‫سوزان دومينوس‬
Pei-Ying Lin ‫ينغ لني‬-‫يب‬
Naomi Sparks Grewal ‫نعومي سباركس غروال‬
Christophe Morin ‫كريستوف مورين‬
Walter D. Johnson ‫ جونسون‬.‫والرت د‬
Paul J. Zak ‫ زاك‬.‫بول ج‬
Adam D. I. Kramer ‫ كرامر‬.‫ أ‬.‫آدم د‬
Jamie E. Guillory ‫ غيلوري‬.‫جيمي إي‬
Jeffery Hancock ‫جيفري هانكوك‬
Hollie Russon Gilman ‫هويل روسون غيلامن‬
Emily Deans ‫إيمييل دينز‬
Brian Burke ‫بريان بورك‬
Steven Bradley ‫ستيفن براديل‬
Nancy Eisenberg ‫نانيس إيزنربغ‬
Richard A. Fabes ‫ فابس‬.‫ريتشارد أ‬
Tracy L. Spinard ‫ سبينارد‬.‫ترييس ل‬
Gary Wolf ‫غاري ولف‬
Ian P. Howard ‫ هاورد‬.‫إيان ب‬
Brian J. Rogers ‫ روجرز‬.‫بريان ج‬

317
‫مسرد أسماء‬
‫�شكر وتقدير‬

‫يعــدُّ هــذا الكتــاب فسيفســاء بصريــة ألعــوا ٍم مــن اآلراء‪ ،‬واألفــكار‪،‬‬


‫والتد ّبــر‪ ،‬واألحــام التــي شــاركتها مــع أصدقائــي‪ ،‬وأفــراد أســرتي فــي‬
‫حياتــي‪ .‬أتقــدّ م بالشــكر الجزيــل لــكل مــن ســكب ح ًّبــا وطاقــة علــى هــذا‬
‫المشــروع معــي‪ .‬ال تســتطيع الكلمــات وحدهــا التعبيــر عــن مــدى تقديــري‪،‬‬
‫ولكنهــا ســتكون بدايــة علــى األقــل‪.‬‬
‫بوبــو‪ :‬أنــت صخرتــي‪ ،‬وســندي‪ ،‬ومصــدر إلهامــي‪ ،‬وأفضــل أصدقائــي‪.‬‬
‫لــم يكــن هــذا الكتــاب ليبصــر النــور مــن دونــك‪ .‬كانــت أفــكارك‪،‬‬
‫‪319‬‬ ‫وتشــجيعك‪ ،‬ونقــدك‪ ،‬وتعديالتــك أكثــر مــن رائعــة‪ .‬علــى كل حــال‪،‬‬
‫أي شــيء آخــر‪.‬‬ ‫يســعدني تصديقــك الراســخ بإمكاناتــي وقدراتــي أكثــر مــن ّ‬
‫عندمــا بــدأت أفقــد اإللهــام‪ ،‬ســاعدتني فــي اســتعادته مجــدد ًا؛ وعندمــا‬
‫فقــدت توازنــي‪ ،‬أعدتنــي مجــدد ًا إلــى الشــوكة الثالثــة؛ وعندمــا أردت أن‬
‫أرمــي حاســوبي المحمــول علــى الجــدار فــي أثنــاء عمليــة الكتابــة‪ ،‬ذكّرتنــي‬
‫بلطــف أن أحتفــظ بنســخة مــن ملفاتــي أوالً‪ .‬علــى الرغــم مــن أنــك كنــت‬
‫تعمــل علــى كتابــك‪ ،‬إال أنــك آثــرت تنحيــة ذلــك جانبـ ًا لتفســح لــي مجــاالً‬
‫أب فــي العالــم»‪ .‬فــي‬ ‫للســفر والكتابــة‪ ،‬وكنــت طــوال الوقــت «أفضــل ٍ‬
‫أثنــاء كل ذلــك‪ ،‬بــان حبــك لــي‪ ،‬وال تســعفني الكلمــات للتعبيــر عــن عمــق‬
‫شــكري لــك‪.‬‬
‫شــجعتني علــى الخــروج مــن شــرنقتي‪ ،‬واقعيــ ًا‬ ‫ّ‬ ‫شــون‪ :‬شــكر ًا ألنــك‬
‫ومجازيـ ًا‪ .‬لــو أنــك لــم تفعــل هــذا‪ ،‬لــم أكــن ألدرك أبــد ًا أننــي وحيــد قــرن‪.‬‬
‫لتؤ ّســس‪ ،‬ولــم يكــن هــذا الكتــاب ليصبــح حقيقــة‪.‬‬ ‫لــم تكــن جود‪-‬ثنــك ُ‬
‫ا مــن صميــم قلبــي لتشــجيعي علــى أن أكــون خطيبــة وكاتبــة‪،‬‬‫شــكر ًا جزيـ ً‬
‫وعلــى حبــك لــي علــى أننــي شــقيقة وشــريكة فــي مغامــرات حياتــك أكثــر‬
‫أي شــيء آخــر‪.‬‬
‫مــن ّ‬
‫كريســتينا‪ ،‬وغابريــا‪ ،‬وكوبــي ليــن‪ :‬كتبــت هــذا الكتــاب مــن أجلكــن‪،‬‬
‫حتــى يكــون المســتقبل أكثــر إشــراق ًا للجميــع‪ .‬لكــن فــي أثنــاء الكتابــة‪،‬‬
‫رددتــن الكثيــر بالمقابــل‪.‬‬
‫جــري إلــى حفــات راقصــة حيــن كنــت‬ ‫كريســتينا‪ ،‬شــكر ًا علــى ّ‬
‫أجلــس إلــى حاســوبي وقتـ ًا طويـاً‪ .‬غابريــا‪ ،‬شــكر ًا علــى تح ّيتــك الدائمــة‬

‫مستقبل السعادة‬
‫باحتضانــي حيــن أعــود مــن رحلــة‪ ،‬ســوا ًء أغبــت عــدّ ة أيــام للمشــاركة فــي‬
‫نقــاش‪ ،‬أو عــدّ ة دقائــق فــي ســتاربكس‪ ،‬فقــد شــعرت أننــي محــط محبتــك‬
‫دائم ـ ًا‪ .‬كوبــي اليــن‪ ،‬شــكر ًا علــى اهتمامــك بمشــاعري وســرعة بديهتــك‬
‫ـت ســعيدة؟»‪ ،‬حيــن كان ذهنــي يشــرد‪ ،‬ويملــؤه‬ ‫بســؤالك‪« :‬مامــا‪ ،‬هــل أنـ ِ‬
‫عرفــت كيــف تعيديننــي إلــى الحاضــر بصوتــك‬ ‫ِ‬ ‫الشــك‪ ،‬أو اإلحبــاط‪.‬‬
‫‪320‬‬
‫العــذب وحركاتــك اللطيفــة‪.‬‬
‫أمــي وأبــي‪ :‬ربيتمانــي وشــون لنكــون متفائليــن دائمــ ًا‪ ،‬علــى الرغــم‬
‫مــن التحدّ يــات الكثيــرة التــي واجهتماهــا فــي حياتكمــا‪ .‬شــكر ًا علــى‬
‫التشــجيع المتواصــل‪ ،‬وتذكيرنــا أن بمقدورنــا تحقيــق كل مــا نضعــه نصــب‬
‫أعيننــا‪ ،‬ووجودكمــا الدائــم لدعمنــا حيــن أطلقنــا مشــروعاتنا المختلفــة‪.‬‬
‫أبــي‪ ،‬شــكر ًا علــى إدهاشــنا (حرف ًّيــا ومجاز ًّيــا) عبــر أبحاثــك فــي علــم‬
‫األعصــاب‪ ،‬والســماح لنــا بغــزو مختبــرك بيــن الحيــن واآلخــر (ربمــا قــد‬
‫أي شــيء قــد نكــون كســرناه؟)‪ .‬أمــي‪ ،‬شــكر ًا‬ ‫حــان الوقــت لالعتــذار عــن ّ‬
‫ـب الكتابــة‪ ،‬والســاعات الكثيــرة التــي قضيتهــا فــي تعليمــي‬
‫علــى منحــي حـ ّ‬
‫قصــة لجعلهــا تنبــض بالحيــاة‪.‬‬ ‫كيــف أحـ ّـرر وأصقــل ّ‬
‫ميشــيل‪ :‬منــذ أول لقــاء لنــا وتناولنــا طبــق مــن العنبيــة إلــى اللحظــة‬
‫التــي شــهدت فيهــا زواجــك مــن شــقيقي‪ ،‬صــرت جــزء ًا نفيســ ًا مــن‬
‫حياتــي‪ .‬روحــك المتفائلــة‪ ،‬ورؤيتــك للعالــم مصــدر إلهــام لــي‪ .‬شــكر ًا‬
‫علــى تشــجيعك‪ ،‬وحكمتــك‪ ،‬ودعمــك المتواصــل فــي أثنــاء تأليــف هــذا‬
‫الكتــاب‪.‬‬
‫تشــاندرا‪ :‬مثــل مــاك حــارس‪ ،‬دخلــت حياتــي فــي اللحظــة المالئمــة‪،‬‬
‫ـجعتي‪ ،‬وعلى‬ ‫وزودتنــي بأفــكارك الن ّيــرة‪ .‬شــكر ًا علــى كونــك ّ‬
‫مدربتــي ومشـ ّ‬ ‫ّ‬
‫تحميلــي المســؤولية وعــدم الســماح لــي بتقديــم أعــذار مختلفــة‪ ،‬ومنحــي‬
‫أي شــيء آخــر‪َ -‬دفعـ ًة للســير علــى هــذا الــدرب‪.‬‬
‫‪ -‬أكثــر مــن ّ‬
‫جينــي‪ ،‬وهولــي‪ ،‬وفريــق مكتــب ســبيكرز‪ :‬ال أتخ ّيــل العمــل مــع فريـ ٍ‬
‫ـق‬
‫مثيــل الهتمامكــم بالتفاصيــل‪ ،‬وأفكاركــم‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫أفضــل منكــم‪ .‬ليــس هنــاك‬
‫ـول إلــى الخطابــة والكتابــة‪ ،‬لــم تغفلوا شــيئ ًا‪،‬‬
‫ودعمكــم‪ .‬عندمــا قـ ّـررت التحـ ّ‬
‫وقــد أحطتــم رحلتــي بالمحبــة وقمتــم بتشــجيعي علــى طــول الطريق‪ .‬لســتم‬
‫شــركاء رائعيــن فقــط‪ ،‬وإنمــا أصدقــاء عزيزيــن أيض ـ ًا‪.‬‬
‫غليــن وفريــق بن‪-‬بيــا للكتــب‪ :‬شــكر ًا علــى منحــي فرصــة بوصفــي‬
‫‪321‬‬
‫كاتبــة مبتدئــة‪ ،‬وإرشــادي نحــو هــذا الموضــوع الــذي قــد صــار عمــل‬
‫حياتــي‪ .‬أشــعر بالحمــاس بشــأن تقديــم هــذا البحــث عبــر الكتابــة عنــه‪،‬‬
‫وأع ّبــر عــن شــكري العميــق لهــذه الفرصــة‪.‬‬
‫شكر وتقدير‬

‫ديبــي‪ ،‬وفــي‪ ،‬وبريــان‪ :‬شــكر ًا علــى مســاعدتكم وخبرتكــم فــي التحريــر‬


‫لجعــل هــذا الكتــاب يبصــر النــور‪ .‬اهتمامكــم بالتفاصيــل‪ ،‬والمحتــوى‬
‫مدهــش‪ ،‬وهــذا الكتــاب رائــع بفضلكــم!‬
‫جيمــي وفريــق مجموعــة «ورثــي» اإلعالميــة‪ :‬شــكر ًا علــى مســاعدتكم‬
‫قــر ٍاء فــي كل أرجــاء المعمــورة‪ ،‬حتــى‬
‫فــي إيصــال هــذا الكتــاب إلــى ّ‬
‫أتمكــن مــن مشــاركة هــذا البحــث معهــم!‬
‫أليكســيس‪ :‬منــذ أول مــرة التقينــا فيهــا‪ ،‬كنــت فــي ص ّفــي دائمـ ًا وصدّ قت‬
‫بقدراتــي‪ .‬لقــد اشــتركنا فــي كثيــر مــن أوقــات اليســر والعســر فــي الحيــاة‪،‬‬
‫زودتنــي فيهــا كلهــا بكلمــة تشــجيع أو فكــرة لتجربتهــا‪ .‬أحــب رؤيــة‬ ‫وقــد ّ‬
‫إبداعــك يتحــول إلــى حقيقــة‪ ،‬واتطلــع قدم ـ ًا إلــى مشــاهدة مــا ســتفضي‬
‫إليــه مغامراتــك أنــت أيضـ ًا!‬
‫حنّــا‪ :‬شــكر ًا علــى ٍّ‬
‫كل مــن إبداعــك فــي التصميــم ودعمــك لــي‪ .‬أخشــى‬
‫أن أقــول المزيــد‪ ،‬وســأدع اآلخريــن يكتشــفون مــدى روعــة عملك‪.‬‬
‫جيــن‪ :‬شــكر ًا علــى مســاعدتك فــي ترتيــب الكلمــات‪ ،‬واأللــوان‪،‬‬
‫عمــا يجــول فــي خاطــري‪ .‬فــي وســط عمليــة إطــاق‬ ‫والصــور للتعبيــر ّ‬
‫عالمتــك التجاريــة‪ ،‬منحتنــي بســخاء بعضـ ًا مــن وقتــك ومهارتــك لتحويــل‬
‫هــذا المشــروع إلــى حقيقــة‪ ،‬حتــى أســتطيع مشــاركة رؤيتــي وأبحاثــي مــع‬
‫أشــخاص آخريــن‪.‬‬
‫ميغــان‪ :‬صديقــة الكتابــة فــي ســتاربكس‪ ،‬هــل تعرفيــن مــدى أهميتــك‬

‫مستقبل السعادة‬
‫لعمليــة التأليــف؟ جلســت معــي يومــ ًا بعــد آخــر لمســاعدتي علــى عــدم‬
‫التأجيــل‪ ،‬وقــد ألهمتنــي بتخصيــص جــزء مــن وقتــك لعمليــة الكتابــة هــذه‪.‬‬
‫ال يســعني االنتظــار لقــراءة كتابــك قيــد الطباعــة فــي المســتقبل القريــب جدًّ ا!‬
‫جــان‪ :‬صديقتــي غيــر المتوقعــة‪ .‬لقــد دخلــت حياتــي وأســعدت كل مــن‬
‫تواصــل معــك‪ .‬تدهشــني روحــك اإليثاريــة والمعطــاءة كل يــوم‪ ،‬واســتمد‬ ‫‪322‬‬
‫أفــكاري مــن مصداقيتــك الرائعــة‪ .‬التــي لــم تخــش جســر الثغــرة حيــن‬
‫وتدخلــت فــي الوقــت المالئــم دائمــ ًا حيــن‬
‫ّ‬ ‫كنــت أكافــح لفعــل ذلــك‪،‬‬
‫بــدأ الشــك ينتابنــي‪ ،‬وســاعدتني فــي التغ ّلــب علــى عقبــات ذهنيــة‪ .‬شــكر ًا‬
‫ا ألنــك هب ـ ٌة لــي ولــكل أفــراد أســرتي‪.‬‬
‫جزي ـ ً‬
‫كلســي وجــوردان‪ :‬شــكر ًا علــى مســاعدتي فــي التغ ّلــب علــى «يجــب»‬
‫و«ينبغــي» فــي حياتــي‪ ،‬فقــد اســتطعت إيــاء اهتمــام أكبــر بشــخصيتي‬
‫واالبتــكار بحريــة‪ .‬دفعنــي حبكمــا ووجودكمــا فــي حياتــي إلــى األمــام‪،‬‬
‫كمــا أن صداقتكمــا لــي ولــكل أســرتي هبــة مــن اللــه‪.‬‬
‫كاثــي وكريــغ‪ :‬لقــد ســلكت حياتنــا مســارات متوازيــة أعوام ـ ًا عديــدة‪،‬‬
‫وقــد كنتمــا موجوديــن مــع كل خطــوة علــى الطريــق‪ .‬لقــد ضحكنــا علــى‬
‫وقائــع مع ـ ًا‪ ،‬وبكينــا علــى أحـ ٍ‬
‫ـداث غيــر متوقعــة فــي الحيــاة‪ ،‬وع ّبرنــا عــن‬
‫اإلحبــاط‪ ،‬واشــتركنا فــي ذكريــات خاصــة‪ .‬شــكر ًا علــى إثــراء حياتــي‪،‬‬
‫وحيــاة أســرتي أيض ـ ًا‪.‬‬
‫فتيــات مخ ّيــم التدريــب‪ :‬شــكر ًا علــى إلهامــي (إرغامــي؟) علــى جــري‬
‫نصــف الماراثــون‪ ،‬فقــد ســاعدني هــذا علــى إدراك أن بمقــدوري إنجــاز‬
‫أكثــر ممــا أتو ّقــع‪ .‬شــكر ًا علــى قطــع المســافة معــي فــي أثنــاء تأليــف هــذا‬
‫الكتــاب (ويــا كاثــي‪ ،‬ال أزال أشــعر باألســف ألننــي تجــاوزت خــط النهايــة‬
‫مــن دونــك)‪.‬‬
‫ســتيفاني وإيميلــي‪ :‬أشــكركما علــى صبركمــا وح ّبكمــا‪ ،‬حتــى حيــن‬
‫اختفيــت أوقاتـ ًا طويلــة فــي أثنــاء الكتابــة‪ ،‬وعــدم تخ ّليكمــا عنــي فــي أثنــاء‬
‫ـي‪.‬‬
‫ذلــك كلــه‪ .‬صداقتكمــا تعنــي العالــم بالنســبة إلـ ّ‬
‫أســرة بالنكســون‪ :‬أشــكركم علــى كونكــم مالئكــة ســفري‪ ،‬وحرصكــم‬
‫وتضرعكــم مــن أجلــي‪ ،‬وتشــجيعي طــوال‬
‫ّ‬ ‫ـي‪،‬‬
‫ـي‪ ،‬وإصغائكــم إلـ ّ‬
‫الدائــم علـ ّ‬
‫الوقــت‪.‬‬
‫أســرة هامونــد‪ :‬شــكر ًا علــى اصطحابــي فــي أول رحلــة للتخ ّلــص مــن‬
‫‪323‬‬
‫ـود التّقانــة إلــى بحيــرة شاســتا‪ ،‬وإلهامــي بإبداعكــم‪ .‬جعلتني مســاعدتكم‬
‫تعـ ّ‬
‫فــي القــراءة والتحريــر بحمــاس منقطــع النظيــر أشــعر بمحبتكــم الكبيــرة‬
‫لــي‪.‬‬
‫استراتيجية ‪4‬‬

‫شكر وتقدير‬

‫ـي‪ :‬لمشــاركة قصصكــم‪ ،‬وأفكاركــم‪ ،‬وتطبيقاتكــم‪،‬‬


‫كل أصدقائــي ومتابعـ َّ‬
‫وغيرهــا‪ .‬ال تتوقفــوا عــن إرســالها!‬
‫الكاتبة‬

‫تعــدُّ إيمــي بالنكســون خبيــرة رائــدة علــى مســتوى العالــم‬


‫اإليجابــي والتّقانــة‪ .‬هــي الشــخص‬
‫ّ‬ ‫بشــأن الصلــة بيــن علــم النفــس‬
‫الوحيــد التــي أطلــق عليهــا رئيســان (الرئيــس جــورج دبليــو‪ .‬بــوش‬
‫والرئيــس بيــل كلينتــون) لقــب «نقطــة ضــوء» إلطالقهــا حركــ ًة‬
‫مفوهــة ومستشــارة‬ ‫اإليجابــي‪ .‬إيمــي خطيبــة ّ‬
‫ّ‬ ‫لتفعيــل التّغييرالثقافــي‬
‫المعــة‪ ،‬وقــد عملــت مــع منظمــات مثــل غوغــل‪ ،‬وناســا‪ ،‬والجيــش‬
‫ٍ‬
‫إحســاس‬ ‫األمريكــي‪ ،‬ومؤسســة إكس‪-‬برايــز‪ ،‬للمســاعدة فــي نشــر‬
‫‪325‬‬
‫ـي‪ .‬حصلــت إيمــي علــى إجازتهــا الجامعيــة‬ ‫الرقمـ ّ‬
‫بالرفــاه فــي العصــر ّ‬
‫مــن هارفــارد والماجســتير مــن كليــة اإلدارة فــي ييــل‪ .‬ظهــرت أخيــر ًا‬
‫الســعادة‪ .‬إيمــي مؤلفــة‬‫خاصــة عــن ّ‬‫فــي برنامــج أوبــرا فــي حلقــة ّ‬
‫كتــاب لألطفــال بعنــوان التأثيــر الموجــي‪ ،‬وأم لثــاث بنــات يذك ّْرنهــا‬
‫يوم ًّيــا بأهميــة إيجــاد مســتقبل أكثــر ســعادة للجميــع‪.‬‬
‫عن جود‪-‬ثنك‬

‫جود‪-‬ثنــك مؤسســة استشــارات وأبحــاث تطبيقيــة تعمــل مــع‬


‫منظمــات ومؤسســات إلنشــاء أماكــن عمــل أكثــر إيجاب ّيــة وإنتاج ّيــة‪.‬‬
‫‪327‬‬
‫مزيدٌ من ال�سعادة؟‬

‫الســعادة‪ ،‬تُظهــر ميشــيل جيــان؛ مقدّ مــة األخبــار ســابق ًا‬‫فــي بــث ّ‬
‫تحولــت إلــى باحثــة فــي علــم النفــس‬ ‫علــى قنــاة ســي بــي إس‪ ،‬التــي ّ‬
‫االجتماعــي‪ ،‬كيــف أن تغييــر مــا تنشــره يبــدّ ل موقفــك جذر ًّيــا‪ ،‬وتدعــم‬
‫ذلــك بقصــص مدهشــة وأبحــاث رائعــة‪.‬‬
‫قــد يــؤ ّدي تغييــر مــا تب ّثــه إلــى تغييــر حياتــك‪ ،‬وحيــاة اآلخريــن‬
‫حولــك‪ ،‬وتحقيــق مــا تصبــو إليــه‪ .‬ســيعرض لــك بـ ُّ‬
‫ـث الســعادة طريقــة‬
‫القيــام بهــذا!‬

‫‪329‬‬ ‫السعادة على‪:‬‬


‫بث ّ‬‫سيساعدك ُّ‬

‫تحصيــن عقلــك ضــد التوتّــر والســ ّلبية بتحدّ يــات تتو ّثــق مــن‬
‫مراجع‬
‫استراتيجية‬
‫الهوامش‬
‫مسرد‬
‫شكر‬
‫خالصة‬

‫الحقائــق‪.‬‬
‫مصطلحات‬‫وتقدير‬
‫أسماء‪4‬‬
‫تكنولوجية‬
‫النقاط‬

‫إعــادة صياغــة أنمــاط التفكيــر الواهنــة‪ ،‬وتحويلهــا إلــى مح ّفــز‬


‫للمرونــة والنمــو‪.‬‬
‫الرئيسة‬ ‫‪5‬‬

‫التعامل مع أشخاص سلبيين بطريقة تق ّلل من تأثيرهم‪.‬‬


‫إيجــاد ثقافــة إيجاب ّيــة فــي العمــل‪ ،‬والحفــاظ عليهــا‪ ،‬ونشــر التفــاؤل‬
‫بيــن الجميع‪.‬‬

‫‪BROADCASTINGHAPPINESS.COM‬‬

You might also like