You are on page 1of 44

‫الحقيبـــة التكوينيـــة لمشـــروع‪:‬‬

‫دعـــم االرتقـــاء بقيـــم التســـامح والســـلوك المدنـــي‬


‫والمواطنـــة والوقايـــة مـــن الســـلوكيات المشـــينة‬
‫في الوسط المدرسي‬

‫‪APT2C‬‬
‫‪Appui à la promotion de la tolérance, du civisme‬‬
‫‪et de la citoyenneté en milieu scolaire et à la‬‬
‫‪prévention des comportements à risques‬‬

‫دليل التلعيب‬ ‫‪7‬‬


‫المحتويات‬
‫‪04‬‬ ‫ ‬
‫مقدمة‬
‫‪07‬‬ ‫‪ .1‬األهداف العامة‬
‫ ‬
‫‪06‬‬ ‫‪ .2‬األهداف اخلاصة‬
‫‪08‬‬ ‫ ‬
‫أوال‪ .‬أهمية المواكبة التلعيبية‬
‫‪11‬‬ ‫ ‬
‫ثانيا‪ .‬مفهوم التلعيب‬
‫‪14‬‬ ‫ ‬
‫ثالثا‪ .‬استراتيجية التلعيب‬
‫‪17‬‬ ‫ ‬
‫رابعا‪ .‬التلعيب والسلوك‬
‫‪18‬‬ ‫‪ .1‬التلعيب تصميم للسلوك‬
‫‪20‬‬ ‫‪ .2‬التلعيب تشكيل للسلوك‬
‫‪24‬‬ ‫‪ .3‬أمناط الالعبني وأنواع السلوك‬
‫‪29‬‬ ‫‪ .4‬نظرية أوكتاليزيس ‪ Octalysis‬ومحفزات السلوك‬
‫‪34‬‬ ‫‪ .5‬وظيفية التلعيب ‬
‫‪36‬‬ ‫ ‬
‫‪.6‬المنظومة التلعيبية‬
‫‪4‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫إن توليد املتعة‪ ،‬وحب املغامرة‪ ،‬والتنافس اجلماعي‪ ،‬والبحث‬


‫عن االنسجام‪ ،‬والتعاون‪ ،‬واكتشاف مميزات الفريق‪ ،‬وحب‬
‫مقدمة‬
‫الظهور بصورة إيجابية‪ ،‬وحتصيل املصداقية‪ ،‬واللعب‪ ،‬ولعبة‬
‫الفيديو‪ ،‬عناصر يف قلب استراتيجية جعل تكويننا أكثر‬ ‫أصبح من املسلم به أن للتلعيب آثارا إيجابية على التحفيز‬
‫حتفيزا وذا جاذبية أكبر‪ ،‬مما يستوجب شروطا متهيدية ينبغي‬ ‫بالوسط املدرسي‪ ،‬وأنه يعود بالنفع على املتعلم(ة)‪ ،‬الذي يتعلم‬
‫توفرها وهي‪:‬‬ ‫أشياء ووقائع مفيدة‪ ،‬ويكتسب مهارات وقدرات جديدة‪ ،‬ومن‬
‫معرفة الفئة املستهدفة والقرب منها من خالل‪:‬‬ ‫ثم فإن التلعيب يزيد من املتعة والتحفيز والشغف التي قد‬
‫يفتقدها املتعلم (ة)‪ ،‬ويُو ِّلد لديه نفس االنخراط واالنغمار‬
‫¨اكتشاف بؤر اهتمام املتعلم (ة)؛‬
‫الذي يعيشه أثناء اللعب‪ ،‬عندما يطلب منه أداء مهمة معينة‪.‬‬
‫¨معرفة احتياجاته (ها)؛‬
‫يقوم التلعيب على استعمال عناصر وتقنيات اللعب يف بيئة‬
‫¨إدراك طبيعة طموحاته (ها)؛‬ ‫تعلمية‪ ،‬مواكبة للطفرة الرقمية‪ ،‬مثل املكافأة‪ ،‬السيناريو وحبكة‬
‫¨معرفة محفزاته (ها) الفعلية؛‬ ‫القصة‪ ،‬التغذية الراجعة‪ ،‬العمل يف فريق‪ ... ،‬جتعل العمل‬
‫¨خلق أجواء الثقة املتبادلة؛‬ ‫مرحا وممتعا يدعم الفكر السليم‪ ،‬والسلوك القومي؛ فليس‬
‫التلعيب هو اللعب‪ ،‬بل إنه استعمال لعناصر اللعب لغرضي‬
‫¨بناء الثقة يف النفس‪.‬‬
‫التحفيز واملشاركة الفعالة إلجناز عمل ما‪ ،‬وليس التلعيب‬
‫العلم باملعطيات واملتغيرات السياقية من خالل‪:‬‬ ‫كذلك هو اللعب اجلاد ‪ ،Serious game‬الذي ال يستعمل إال‬
‫¨الوعي بالتعامل مع األجيال املختلفة التي تتوارد على‬ ‫األلعاب من أجل التعلم‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫للفائدة املرجوة‪ ،‬إذا ما اعتمد أسلوبا تطبيقيا ُي ِّرس‪ ،‬وال‬ ‫املدرسة سنة بعد سنة‪ ،‬وحتوالتها النفسية واالجتماعية‬
‫يُل ِّقن فقط‪ ،‬حيث خلص النموذج الشهير ‪،10/20/70‬‬ ‫والسلوكية؛ فإيقاع التغيير صار سريعا بشكل ملفت وجب‬
‫الذي ساد يف مجاالت التدريب والتأهيل يف السنوات‬ ‫رصده واستحضاره‪.‬‬
‫األخيرة‪ .‬استنادا إلى بحث مايكل م‪ .‬لومباردو ‪Michael M.‬‬ ‫¨التعامل مع اجليل األلفي ‪ ،Millénial‬وهم من ولدوا من‬
‫‪ Lombardo‬وروبرت دبليو آيشينغر ‪،Robert W. Eichinger‬‬ ‫سنة ‪ 1980‬إلى ‪ ،2000‬والذين يشكلون الطاقة العملية‬
‫إلى أن مصادر تنمية الفرد وتعلمه تتوزع بحسب النسب‬ ‫واحليوية اليوم‪ ،‬حيث إنهم ما يقارب ‪ 50%‬من الساكنة‬
‫التالية‪:‬‬ ‫النشطة يف العالم‪ ،‬وهم يف ارتفاع يتوقع أن يبلغ يف أفق‬
‫‪ ٪ 70 -‬مصدرها من التجربة العملية؛‬ ‫‪ 2025‬إلى ‪75%‬؛‬

‫‪ ٪ 20 -‬تتم من خالل مالحظة احمليط ومتابعة األشخاص‬ ‫¨استحضار مميزات أضحت خصيصة هذا اجليل وهي‪:‬‬
‫ومراقبتهم؛‬ ‫‪ -‬الشغف باقتسام جتاربه احلياتية عبر مواقع التواصل‬
‫‪ ٪ 10 -‬تأتي من الدورات واحملاضرات والبرامج النظامية؛‬ ‫االجتماعي؛‬
‫مما يستوجب خلق فضاء تعليمي باحلياة املدرسية تقوم‬ ‫‪ -‬التعويل على الكسب التكنولوجي والرقمي املعاصر‬
‫برامجه التدريبية والتكوينية للمتعلم (ة)‪ ،‬على أسس التجربة‬ ‫بخصوص تسهيل عيشه وحياته؛‬
‫والتطبيق واملمارسة‪ ،‬إذ ُي ِّكن من‪:‬‬ ‫‪ -‬السعي إلى التغيير بشكل سريع عبر كبسة أو نقرة‬
‫¨تشجيع املتعلم (ة) على تطبيق ما تلقاه من مضامني‬ ‫زر‪ ،‬ومن ثم قلة الصبر ونفاد التحمل‪.‬‬
‫بشكل شخصي؛‬ ‫إبداع مضامني عملية قابلة للتطبيق من خالل‪:‬‬
‫¨منحه (ها) احلرية يف إبداع تلك املضامني؛‬ ‫¨اإلقرار بأن التعلم يكون أكثر فاعلية وتأثيرا وحتصيال‬
‫‪6‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫¨االجتهاد يف تزويد املُواكِ بني مبقاربة عملية تستجيب‬ ‫¨متكينه (ها) من خالل التمارين العملية من تبني القيم‬
‫ملتطلبات هذه املصفوفة الراهنة‪ ،‬وتتميز بالتكيف املستدمي‬ ‫املنشودة‪ ،‬والقدرة على التعبير عنها وتبليغها للغير‪.‬‬
‫مع املتغيرات املتسارعة التي تطبع وجدان وذهن وواقع‬ ‫¨تقومي منتوجه (ها) يف بيئة آمنة تسودها الثقة اإليجابية‬
‫وخيال املتعلم (ة)؛‬ ‫من أجل مزيد من التحسني والتجويد واإلتقان‪.‬‬

‫¨معرفة اإلمكانات التربوية والتمهيرية الهائلة التي‬ ‫فالتلعيب أداة قوية تخدم أهدافا متنوعة ومدروسة‪ ،‬وميكن أن‬
‫تتيحها التسلية واأللعاب‪ ،‬وتوفير دعامة تأطيرية للورشات‬ ‫تكون يف هذا السياق دعامة أساسية يف تغيير السلوك املشني‬
‫بالوسط املدرسي‪ ،‬إذ السلوك املشني يف سياق املصفوفة‬
‫من أجل تغيير سلوكي يواكب مستجدات املصفوفة الرقمية‬
‫الرقمية الراهنة يف حاجة إلى أنواع جديدة من التدخل تنبني‬
‫الراهنة؛‬
‫على التفاعل واملواكبة املستمرة ُ‬
‫وامل َّينة‪ ،‬بعيدا عن لغة القهر‬
‫¨االستئناس بوظيفية التعاطي مع وسائل االتصال‬ ‫والقسر واإلحراج‪....‬فالسؤال الكبير هو كيف جنعل املتعلم(ة)‬
‫الرقمية‪ ،‬وألعاب الفيديو‪ ،‬وغيرها‪ ،‬ببناء قدرات لدى‬ ‫يعمل على تغيير سلوكه املشني أو اخلطر‪ ،‬بقناعة ذاتية ومتلك‬
‫املتعلم (ة)‪ ،‬تؤهله إلنتاج مضامني إيجابية تخدم انتظاراته‬ ‫شخصي؟‬
‫وتلبي حاجياته؛‬ ‫‪ .1‬األهداف العامة‬
‫¨تقوية الروابط التفاعلية بني املواكِ ب واملوا َكب‪ ،‬من خالل‬ ‫¨الوعي بالدخول يف عصر ومصفوفة رقمية جديدة‪،‬‬
‫املقاربة التلعيبية التي تضمن التوعية والتمنيع‪ ،‬والتبني‬ ‫لها ضوابطها‪ ،‬ومقتضياتها وآثارها بشكل يكاد يقطع مع‬
‫الشخصي للسلوك‪ ،‬والتحفيز على اإلبداع؛‬ ‫املألوف يف املصفوفات السابقة؛‬
‫‪7‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫‪ .2‬األهداف اخلاصة‬

‫¨جعل تكويننا جذابا ومحفزا من أجل جلب انتباه املتعلم‬


‫(ة) أوال‪ ،‬ثم إيصال الرسائل التثقيفية ثانيا‪ ،‬ويف هذا‬
‫السياق مثال‪ ،‬تش ُّرب قيم املواطنة وتغيير السلوك املشني‬
‫بالوسط املدرسي؛‬
‫¨النجاح يف توليد التحفيز املطلوب‪ ،‬الذي يعتبر هدفا‬
‫مركزيا يف العملية التلعيبية‪ ،‬فهو الرغبة التي يشعر بها فرد‬
‫ما‪ ،‬يف إجناز مهمة أو عمل ما‪،‬‬
‫¨متكني ُ‬
‫املفَّز‪/‬املتعلم (ة)‪ ،‬من املشاركة وااللتزام‬
‫واالنخراط بقوة يف عمله‪ ،‬واالستفادة من إجنازه‪ ،‬حيث إنه‬
‫يكون قادرا على الشعور بـ‪:‬‬
‫ ‪-‬النجاح يف مهمته املقترحة‪( ،‬املهمة ال تكون شديدة‬
‫البساطة)؛‬
‫ ‪-‬وحرية االختيار بخصوصها (ال يخضع إلمالء طرف‬
‫ثالث)؛‬
‫ ‪-‬الوعي بتعلم أشياء جديدة تُفيده بشكل شخصي‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫فألعاب الفيديو مثال‪ ،‬من أهم األلعاب‪ ،‬التي يرجع إليها‬ ‫أوال‪ .‬أهمية المواكبة التلعيبية‬
‫الفضل يف حتقيق التعلم باللعب ‪ ،Gamelearn‬ملعدالت إجناز‬
‫جتاوزت نسبة ‪ 90٪‬لدى أكثر من ‪ 100000‬متعلم عبر القارات‬ ‫أظهرت دراسة سيتزمان تريسي ‪ ، Sitzmann, Traci‬أن اللعب‬
‫اخلمس‪ ،‬فهي فعالة جدا؛ ألنها جتمع بني محتوى ذي جودة‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬أصبح أداة تعلم فعالة جدا‪ ،‬إذ يعتبر التعلم‬
‫عالية‪ ،‬وعمل تطبيقي بامتياز‪ ،‬مما يتيح للمتعلم (ة)‪ ،‬فرصة‬ ‫القائم على األلعاب ‪ game-based learning‬أفضل طريقة‬
‫(((‬
‫للتعلم من خالل جتربته اخلاصة‪.‬‬ ‫للتعلم‪ ،‬مقارنة بالتكوين التقليدي(((‪ ،‬فهو‪:‬‬
‫تدخل املواكبة التلعيبية ضمن املواكبة الرقمية للمتعلم (ة)‬ ‫¨يزيد من ثقة املتعلم بنفسه‪ ،‬بنسبة ‪ 20٪‬تقري ًبا؛‬
‫بصفة عامة‪ ،‬والتي تنبع أهميتها من خالل‪:‬‬
‫¨يغني املعارف املفاهيمية‪ ،‬بنسبة ‪٪ 11‬؛‬
‫¨التحدي التقني والرقمي الذي نعيشه يف سياقنا‬
‫¨يساعد على تذكر ما يتم تعلمه‪ ،‬بنسبة ‪90٪‬؛‬
‫الراهن‪ ،‬إذ وجب التعامل مع التقدم املتسارع احلاصل يف‬
‫ميادين البرمجيات وعلوم احلاسوب‪ ،‬بشكل يقظ ومتابع‪،‬‬ ‫¨يحفز املعارف العملية‪ ،‬بنسبة ‪٪ 20‬؛‬
‫وإال سنفقد لغة االتصال بناشئة اليوم‪ ،‬حيث تصير هذه‬ ‫¨يتيح جناعة تصل إلى ‪ 300٪‬من املهام املنجزة(((‪.‬‬
‫املوا َكبة قادرة على تنمية القدرات واملهارات‪ ،‬مستفيدة من‬ ‫‪(1) Sitzmann, Traci. “A Meta-Analytic Examination of the Instructional‬‬
‫اإلمكانات التكنولوجية‪ ،‬باعتبارها أدوات مساعدة على‬ ‫‪Effectiveness of ComputerBased Simulation Games.” Personnel‬‬
‫‪Psychology, 64. 2011.‬‬
‫احلياة‪ ،‬وليس باعتبارها هي كل احلياة‪.‬‬ ‫((( أنظر مزيد التفاصيل يف نشرة بصيغة ‪( e-book‬ص‪ )25‬لثالثني‬
‫استراتيجية ناجحة من أجل ضمان مشاركة ناجعة وفعالة يف التكوين ‪ ،‬يحتل‬
‫¨مراعاة الفروق التربوية والثقافية بني املجتمعات‬ ‫فيها التلعيب مكان الصدارة‪:‬‬
‫‪https: //www.game-learn.com30- /strategies-infaillibles-pour-‬‬
‫((( نفسه‪ ،‬ص‪.62.‬‬ ‫‪ameliorer-lengagement-votre-formation-ebook/‬‬
‫‪9‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫املنتجة للتكنولوجيا واملجتمعات املستخدمة واملستهلكة لها‪،‬‬


‫وتضارب املنظومات القيمية‪ ،‬حيث تتطلب العملية التربوية‬
‫وعيا عميقا بالسياقات املختلفة من أجل العمل على التمنيع‬
‫وليس التحصني‪ ،‬إذ يستحيل وضع أسوار تعيق حرية‬
‫املتعلم (ة) املبحر‪ ،‬وتكبح طاقته االستكشافية‪ ،‬وموهبته‬
‫االستطالعية؛ ومن ثم ال ميكن يف الزمن الراهن‪ ،‬تأطير‬
‫االنفتاح الثقايف الذي توفره التكنولوجيا‪ ،‬إال بتزويد املتعلم‬
‫(ة) مبصفاة نقدية تضمن له إبحارا حضاريا وقيميا آمنا؛‬
‫¨استيعاب املواكبة التلعيبية الفعالة‪ ،‬ملعاني التأطير‪،‬‬
‫والتوجيه‪ ،‬والتقومي‪ ،‬فهي مصاحبة وسير مشترك جنبا إلى‬
‫جنب‪ ،‬إذ املتعلم (ة) وليد ما ميكن أن نطلق عليه اليوم‬
‫«اجليل الرقمي اجلديد»‪ ،‬جيل له مواصفاته اخلاصة‪،‬‬
‫ومكوناته احملددة لشخصيته‪ ،‬وميوالته‪ ،‬وجميع سلوكه‪ ،‬وهي‬
‫مواصفات ومكونات يف تغير مستمر وسريع البد من يقظة‬
‫حتيينية بخصوصها‪ ،‬ومراعاتها وأخذها بعني االعتبار؛‬
‫¨اشتمال مفهوم املواكبة التلعيبية على مجموعة من‬
‫معاني القرب من املوا َكب‪ ،‬وفهم نظرته لذاته ولغيره‪ ،‬وللعالم‬
‫وي ِّكن‬
‫أجمع‪ ،‬فاللعب يبرز املكنون‪ ،‬ويظهر منط السلوك‪ُ ،‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫¨اضمحالل احلدود التقليدية بني الصغير والكبير‪،‬‬ ‫من التفاعل الذي يضمن املصاحبة واملتابعة‪ ،‬واملساندة‬
‫والقاصر والراشد يف املواكبة التلعيبية‪ ،‬ولذلك وجب َمق َدرة‬ ‫والدعم مبختلف أشكاله النفسية والتربوية واالجتماعية‬
‫والتي تشخص واقع احلال املوجود‪ ،‬والدعم املستشرف‬
‫كل ذلك وتكييفه بعلم‪ ،‬وبحسب الفئات العمرية‪،‬‬ ‫‪Dosage‬‬
‫لألفق املنشود؛‬
‫فمراحل التعليم حلقات مترابطة‪ ،‬ينبني على أساسها ما يلي‬
‫¨اعتبار املواكبة التلعيبية‪ ،‬مصاحبة وتوجيه متفاعل بني‬
‫من مختلف مراحل النمو‪ ،‬ومن ثم فلضمان شباب متوازن‬ ‫املواكِ ب واملوا َكب‪ ،‬يفرز خطة عمل متكن املوا َكب من إبصار‬
‫معطاء‪ ،‬وقادر على املضي يف طريقه لبناء مستقبله الفردي‬ ‫املعيقات‪ ،‬وإبداع احللول يف الوضعيات الرقمية املختلفة‬
‫واجلماعي‪ ،‬مبسؤولية وأمانة‪ ،‬إذ البد من العمل الدؤوب‬ ‫التي يواجهها وهو مبفرده أمام اللوحة‪/‬الشاشة‪ ،‬فهي‬
‫واحلازم واملستبصر الذي يرتكز على مواكبة راشدة‪ ،‬يقظة‪،‬‬ ‫عملية إيقاظ للضمير احلي الذي يحترم ذكاء املتعلم (ة)‪،‬‬
‫ويجعله واعيا مبكاسبه التي تعود بالنفع عليه هو ذاته قبل‬
‫تستدمج بنسقية ما يظهر من مستجدات‪ ،‬نحو نفع أمثل‬
‫غيره‪ ،‬فهي حتميل للمسؤولية‪ ،‬وليست نوعا من الوصاية‬
‫للناشئة ومجتمعها؛‬ ‫الفوقية‪ ،‬التي تؤدي يف املصفوفة الرقمية الراهنة إلى شيوع‬
‫¨مراعاة املواكبة التلعيبية خلصوصية اجليل الرقمي‬ ‫كثير من السلوكات املَشينة؛‬

‫اجلديد‪ ،‬فهي تزوده مبجموعة من املهارات‪ ،‬والقدرات‪،‬‬ ‫¨تنمية املواكبة التلعيبية للملكات النقدية لدى املتعلم(ة)‪،‬‬
‫حيث تستحضر سعة اطالعه‪ ،‬يف زمن أصبحت فيه املعلومة‬
‫واملعارف‪ ،‬وقواعد السلوك من خالل التلعيب مبفهومه‬
‫متاحة بنقرة على زر تلج به إلى عوالم الشبكة الرقمية‪ ،‬مما‬
‫التربوي الواسع كما سيتم بيانه‪ ،‬وباعتبار أن اللعب يف‬ ‫يقي من رد فعل عنيف أو سلوك مشني‪ ،‬من جراء الغفلة عن‬
‫العالم الرقمي بات يوازي الفعل يف العالم احلقيقي‪.‬‬ ‫مثل هذه املتغيرات التمثلية‪ ،‬واملعرفية؛‬
‫‪11‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫ثانيا‪ .‬مفهوم التلعيب‬


‫إن التلعيب أو اللوعبة‪ ،‬ترجمات للمصطلح اإلجنليزي‬
‫‪ ،Gamification‬حيث أصبح التلعيب منذ سنة ‪ 2017‬متصدرا‬
‫للمشهد اإلعالمي والتعليمي والتسويقي ومختلف مناشط‬
‫احلياة؛ فقد شاع استعماله وتوظيفه يف عالم التربية والتعليم‪،‬‬
‫من أجل مواكبة للناشئة والشباب‪ ،‬تراعي مقتضيات املصفوفة‬
‫الرقمية الراهنة(((‪.‬‬
‫برهن يوهان هويزينجا ‪ ،Johan Huizinga‬على أن اللعب عنصر‬
‫أساسي يف تكوين املجتمعات واحلضارة (‪ ،)1949/1938‬إذ‬
‫يكون التلعيب من هذا املنظور ممارسة متجذرة يف السلوك‬

‫((( يعتبر كتاب التلعيب بواسطة التصميم‪ :‬تطبيق ميكانيكا األلعاب يف‬
‫الويب وتطبيقات الهاتف اجلوال ‪Gamification by Design: Implementing‬‬
‫‪ ، Game Mechanics in Web and Mobile Apps‬لكاتبيه جيب زيشيرمان‬
‫‪ ، Gabe Zichermann‬وكريستوفر كننغهام ‪، Cristopher Cunningham‬‬
‫واح ًدا من أكثر مصادر التلعيب ذيوعا وشهرة يف هذا السياق ‪ ،‬كما هو بني‬
‫وجلي يف كل من موق ع ‪ ،co.Gamification‬التابع لشركة زيشيرمان �‪Zicher‬‬
‫‪ ، mann‬واملؤمتر الكبير حول التلعيب الذي ينعقد سنو ًيا يف سان فرانسيسكو‬
‫منذ سنة ‪.2011‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫على نطاق واسع وبشكل مكثف إال يف النصف الثاني من سنة‬ ‫البشري(((‪ ،‬عرفت تنظيرا جديدا وتعاطيا كبيرا يف العصر‬
‫‪2010‬؛ كما ميكن العثور على أصول استخدامه يف شركة‬ ‫الرقمي الراهن‪ ،‬حيث نشأ ومنا التلعيب يف أحضان صناعة‬
‫استشارات بريطانية ‪ ،‬كوندرا احملدودة ‪ ،Conundra Ltd‬والتي‬ ‫الوسائط الرقمية‪.‬‬
‫تأسست سنة ‪ 2003‬من قبل نيك بيلنج ‪ ،Nick Pelling‬مصمم‬ ‫فالتلعيب صيرورة عامة تُفهم فيها األلعاب والتجارب املرحة‪،‬‬
‫متخصصا يف مجال التلعيب(((‪.‬‬
‫ً‬ ‫األلعاب ‪ ،‬الذي كان‬ ‫باعتبارها نشاطات لها أبعاد مجتمعية وثقافية‪ ،‬فقد اعتمد‬
‫بينت جني ماكغونيغال ‪ ،Jane McGonigal‬أن التلعيب‪ ،‬ليس‬ ‫روجر كايلويس ‪ ،Roger Caillois‬على األنثروبولوجيا‪ ،‬وعلم‬
‫مجرد منجم ذهب جديد للمصممني ورجال األعمال‪ ،‬بل‬ ‫األحياء‪ ،‬ودراسة األساطير‪ ،‬من أجل بيان كيف أن اللعب يطبع‬
‫أيضا أداة قادرة على تغيير العالم‪ ،‬بل هو مفهوم يصف‬ ‫هو ً‬ ‫سلوك أي نوع من الكائنات احلية‪ ،‬وال يقتصر فقط على النوع‬
‫عص ًرا جدي ًدا‪ ،‬حيث ُيكِ ُن لالعبني استخدام مهاراتهم يف حل‬ ‫البشري(((‪.‬‬
‫املشكالت بشكل جماعي‪ ،‬والتعامل مع القضايا االجتماعية‬
‫وقد اكتسح التلعيب نطاقات واسعة من النشاط االجتماعي‪،‬‬
‫والسياسية يف العالم احلقيقي‪ .‬وليس فقط حال لأللغاز يف‬
‫وشاع بحكم ترويجه من قبل رواد التسويق واملصممني على‬
‫اللعبة الرقمية‪ ،‬إذ وف ًقا لرؤية ماكجونيجال ‪ ،‬ميكن ملصممي‬
‫مدى السنوات القليلة املاضية‪ ،‬مما أدى إلى عدد كبير من‬
‫اللعبة أن يصبحوا الرواد االجتماعيني اجلدد‪ ،‬ويصير‬
‫التعريفات املتعلقة به‪ ،‬حيث يرجع تاريخ استخدام التلعيب‬
‫((( اقترح كل من سيباستيان ديتردينج ‪ ، Deterding Sebastian‬وريال خالد‬ ‫ألول مرة و بشكل موثق‪ ،‬إلى سنة ‪ ،2008‬غير أنه لم ينتشر‬
‫‪ ، Rilla Khaled‬ولينارت ناكه ‪ ، Nacke Lennart‬ودان ديكسون ‪، Dixon Dan‬‬
‫ً‬
‫تاريخا مبدئ ًيا للمصطلح‪ ،‬أنظر‪:‬‬ ‫‪(1) Huizinga, Johan. 1955 / 1938. Homo Ludens: A Study of the‬‬
‫‪Deterding, Sebastian, Dan Dixon, Rilla Khaled and Lennart Nacke.‬‬ ‫‪Play Element in Culture.Boston:Beacon Press.‬‬
‫‪2011. “From Game Design Elements to Gamefulness: Defining‬‬ ‫‪(2) Caillois, Roger. 1961. Man, Play and Games. New York: Free‬‬
‫‪Gamification.” In Proceedings of the 15th،International Academic.‬‬ ‫‪Press of Glencoe.‬‬
‫‪13‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫إن التلعيب هو بذل اجلهد يف توظيف دعائم اللعب وعناصره‬ ‫املواطنون مثل العبني يف احلياة الواقعية‪ ،‬فالتلعيب أداة‬
‫خارج نطاقه األصلي‪ ،‬وجتريبها يف مجاالت حياتية حيث‬ ‫محورية ُت ِّكن من التغيير الطموح بشكل كبير(((‪.‬‬
‫صار التلعيب اليوم‪ ،‬الكلمة املفتاحية‪ ،‬جليل من رواد األعمال‬ ‫إذا كان تطبيق التلعيب موجو ًدا منذ عقود‪ ،‬فإن ما استقر‬
‫االجتماعية والسياسية‪ ،‬وخبراء التسويق‪ ،‬والتربية والتعليم‪.‬‬ ‫عليه االصطالح حديث الوالدة‪ ،‬حيث إن هناك العديد من‬
‫الشركات التي قامت على أساسه‪ ،‬فمنذ عام ‪ ،2015‬عرفت‬
‫مجموعة ‪ Octalysis‬زيادة هائلة يف الشركات عبر العالم‪ ،‬والتي‬
‫تستثمر مبالغ كبيرة يف تعلم وتنفيذ تصاميم التلعيب‪ ،‬كما‬
‫تزايد االهتمام لدى مجموعة من اخلبراء مثل صاحب نظرية‬
‫‪ Octalysis‬يو كاي شو ‪ ،Yu-Kai Chou‬وأندريه مارتشيسكي‬
‫‪ ،Andrzej Marczeski‬و يوريس بيردا ‪ Joris Beerda‬الشغوفني‬
‫بالتلعيب وجوهره احلقيقي‪.‬‬
‫فالتلعيب مصطلح يشهد اليوم منواً هائ ً‬
‫ال يف جميع أنحاء‬
‫العالم ويف مختلف القطاعات‪ ،‬كما كان عليه احلال مصطلح‬
‫مواقع التواصل االجتماعي ‪ Social Media‬فيما مضى‪.‬‬

‫((( الواقع املكسور‪ :‬ملاذا جتعلنا األلعاب أفضل وكيف ميكن أن تغير العالم‬
‫‪Reality Is Broken: Why Games Make Us Better and How They Can‬‬
‫‪Change the World.Penguin Publishing Group. 2011,p7.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫ثالثا‪ .‬استراتيجية التلعيب‬


‫¨الترتيب‪ :‬الذي يرفع منسوب حتفيز املشاركني‪،‬‬
‫الذين يدخلون يف املنافسة‪.‬‬ ‫تقوم استراتيجية التلعيب عموما على تلبية حاجات التحفيز‬
‫¨التحديات‪ :‬وهي أهداف أو مهام صغرى‬ ‫واجلاذبية وجلب اهتمام املتعلم (ة)‪ ،‬بحيث يتلقى يف سياق‬
‫جتعل املتعلم (ة) على احملك‪.‬‬ ‫احلياة املدرسية خصوصا‪ ،‬الرسائل التثقيفية يف قالب‬
‫جديد يتناغم مع ما يتلقاه من مضامني قيمية يف الفصل‬
‫¨الشارات‪ :‬وهي املكافآت الشخصية إذ هي‬
‫الدراسي‪ ،‬بحيث يكون أمام نوع جديد يختلف عن منهجية‬
‫أكثر الطرق فعالية الجتذاب املتعلم (ة)‪.‬‬ ‫التلقني واالمتحان‪ ،‬وهو ما يجعل احلياة املدرسية بنواديها‬
‫¨املستويات‪ :‬حيث يتقدم املتعلم (ة)‪ ،‬ويصل إلى‬ ‫فضاء لتفتق القدرات اإلبداعية‪ ،‬ومزيد خلق التعلق والشغف‬
‫مستويات تشجعه على املتابعة‪.‬‬ ‫باملؤسسة التعليمية ككل‪.‬‬
‫متكن االستراتيجية التلعيبية من جعل التكوين أو التدريب‪،‬‬
‫هل التلعيب مجرد إضافة النقاط والشارات إلى التجربة؟‬ ‫نوعا من املغامرة التي يخوضها املتعلم (ة)‪ ،‬بحيث يتم حتويل‬
‫يعتبر معظم الناس أن التلعيب ليس إال نقاطا وشارات‪،‬‬ ‫حتد شخصي‪ ،‬من‬ ‫التعلم لديه‪ ،‬إلى اكتشاف ذاتي‪ ،‬ينبني على ٍّ‬
‫وترتيبا على موقع الويب‪ ،‬مما يسبب سوء فهم كبير للعملية‬ ‫خالل املنافسة اجلماعية‪ ،‬فهو يعيش جتربة جتمع بني اإلمتاع‬
‫التلعيبية‪ .‬وهو ما يذكر مبا حصل زمن ظهور وسائل التواصل‬ ‫والتسلية والتثقيف ‪.‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬حيث اعتقد كثير من الناس(وحتى اليوم)‪ ،‬أن‬ ‫تدعم استراتيجية التلعيب حتقيق التغييرات السلوكية‬
‫التسويق عبر وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬هو مجرد إنشاء‬ ‫املرجوة‪ ،‬وغرس القيم املنشودة‪ ،‬من خالل دينامية تقوم على‬
‫ملف شخصي على تويتر أو فايسبوك‪.‬‬ ‫أربع عناصر‪:‬‬
‫‪15‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫إن التلعيب استراتيجية وأداة يف نفس اآلن‪ ،‬يستدمج العناصر‬


‫املرحة يف لعبة ما‪( ،‬ما يسمى مبيكانيكا اللعبة أو تقنيات‬
‫تصميم األلعاب)‪ ،‬ويستخدمها يف العالم احلقيقي‪ .‬وبالرغم‬
‫من أن الشارات ولوحات الصدارة هي جزء من التلعيب‪ ،‬إال‬
‫أنها ال تعكس جوهره األساسي‪ ،‬فالتلعيب يستخدم ميكانيكا‬
‫وتقنيات اللعب‪ ،‬إلشراك الناس وتعبئتهم‪ ،‬من خالل محركاتهم‬
‫التحفيزية اجلوهرية ‪.Core Drives‬‬
‫ليس وجود لوحة املتصدرين يف مواقع الويب‪ ،‬دليل على‬
‫التلعيب‪ ،‬إذ ال أحد يهتم بها يف الواقع‪ ،‬فهي تبدو فقط‬
‫شيئا زائدا يفتقد إلى القدرة على استثارة محركات التحفيز‬
‫العميقة‪.‬‬
‫يبدأ التلعيب حقيقة مع محركات التحفيز العميقة‪ ،‬ويبدأ‬
‫بطرح أداتي االستفهام‪ ،‬ملاذا؟ وكيف؟ بدالً من االستفهام حول‬
‫ماذا؟ ويستثير حقاً دوافع سلوك األشخاص ويحفزهم‪.‬‬
‫حتتوي جميع األلعاب يف نهاية املطاف‪ ،‬على عناصر اللعبة‪،‬‬
‫ولكن معظمها بدون أي فائدة تذكر‪ ،‬حيث إن عددا قليال‬
‫منها يحظى بالنجاح‪ ،‬فمجرد التوفر على شارات‪ ،‬ال يعني‬
‫‪16‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫يف العالم احلقيقي‪ ،‬على أنه فعل ممل ومزعج ومنهك وبدون‬ ‫أن محركات التحفيز العميقة قد استثيرت‪ ،‬وبالتالي ال ميكن‬
‫فائدة تذكر‪ ،‬يف حني يفضل هؤالء األطفال التضحية بنومهم‪،‬‬ ‫اجلزم بأنه قد مت خوض جتربة تلعيبية حقيقية‪ ،‬فما هو‬
‫والتعرض للعقاب من طرف ذويهم‪ ،‬يف سبيل لعبهم‪.‬‬ ‫التلعيب إذا لم يكن بإمكانه حتفيز املستخدمني أو املشاركني‬
‫ملاذا يقدم األطفال والشباب على مثل هذه املخاطرة؟‬ ‫فعال؟‬

‫ألن لديهم تصورا كليا عن سبب قيامهم بذلك اللعب‪ ،‬والذي‬ ‫هل ميكن للتلعيب أن يقوم فعال بالتحفيز؟‬
‫مينحهم إياه الترقي يف املستويات‪:‬‬ ‫يشعر الكثير من الناس‪ ،‬أن الناشئة قد ابتليت اليوم‪ ،‬بعوائد‬
‫¨فهم متحمسون للترقي بشخصياتهم اخليالية‪ ،‬مثال‪،‬‬ ‫سيئة‪ ،‬فهم ال يرغبون يف القيام بواجباتهم املنزلية‪ ،‬ويفتقدون‬
‫من املستوى ‪ 18‬إلى املستوى ‪19‬؛‬ ‫لكثير من االنضباط‪ ،‬وليس لديهم أي إصرار أو مثابرة عند‬
‫مواجهة التحديات؛ غير أن األمر يختلف عندما يتعلق باللعب‪،‬‬
‫¨أو يرغبون يف احلصول على قوة إضافية ‪+5‬؛‬
‫حيث نندهش لتصرفاتهم الغريبة‪ ،‬إذ يستيقظ أغلبهم يف جوف‬
‫¨أو ليكونوا رمبا‪ ،‬قادرين على هزمية زعيم الوحوش‪،‬‬ ‫الليل ُخفية عن والديه‪ ،‬من أجل اللعب واالرتقاء بأبطالهم‬
‫مبجرد وصولهم إلى املستوى ‪.20‬‬
‫وشخصياتهم اخليالية‪ ،‬والسمو بها من مستوى إلى آخر أعلى‬
‫¨أو إنهم يرغبون بقدر كاف يف جتاوز العقبات التي تقف‬ ‫منه حتفزهم الرغبة يف النجاح والتفوق والتألق‪ ،‬فمن خاض‬
‫يف طريقهم‪ ،‬مهما كانت طبيعة العمل الذي يودون القيام‬ ‫من قبل‪ ،‬جتربة لعب ألعاب األدوار ‪Role-Playing Games‬‬
‫به‪ ،‬وبشكل سريع‪.‬‬ ‫‪ ،RPGs‬يعرف الكثير عن التدرج والترقي يف املستويات‪،‬‬
‫¨أو يعشقون اإلحساس بالتطور واإلجناز والشعور‬ ‫حيث إن فعال ما‪ ،‬يف عالم اللعب‪ ،‬مثل قتل نفس الوحوش‪،‬‬
‫بالفخر والتقدم وإثبات الذات‪.‬‬ ‫مرا ًرا وتكرا ًرا‪ ،‬يف نفس املكان‪ ،‬لساعات طوال‪ ،‬ينظر إليه‬
‫‪17‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫¨ييسر املهام الثقيلة على النفس بإضفاء أوصاف املرح‬ ‫رابعا‪ .‬التلعيب والسلوك‬
‫عليها؛‬
‫¨يجعل من االستمرار يف اإلجناز أكثر متعة؛‬ ‫إن التلعيب يف سياق هذا الدليل‪ ،‬هو استعمال آليات اللعب من‬
‫أجل تغيير السلوك املشني‪ ،‬ومواكبة التغيير‪ ،‬فكمثال عن هذه‬
‫¨يُقْدِ ُر على خلق روح الفريق؛‬ ‫اآلليات او العناصر‪:‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬فإن فعالية التلعيب يف التغيير السلوكي ترجع إلى‬ ‫¨كسب نقاط من أجل احلصول على املكافأة؛‬
‫أنه‪:‬‬
‫¨الترقي يف املستويات من أجل إبراز التقدم؛‬
‫قادر على جذب االنتباه واحملافظة على االهتمام لدى فئة‬
‫¨إظهار اإلجناز من خالل النتيجة؛‬
‫صارت اليوم «رهينة» الهواتف الذكية ووسائل التواصل‬
‫االجتماعي‪.‬‬ ‫¨تنظيم املنافسة؛‬

‫يعتمد على رافعات التعاون بدل الدخول يف تنافس محموم‪،‬‬ ‫¨توضيح األهداف التي ينبغي بلوغها من خالل الفريق؛‬
‫حيث يكون اإلجناز قائما على التقدم السليم من خالل أهداف‬ ‫¨وهو ما يجعل التلعيب أداة فعالة يف تغيير السلوك‪،‬‬
‫واضحة متنح املعنى الضائع‪ ،‬أو املفقود‪.‬‬ ‫حيث إنه‪:‬‬
‫يقوم على مجموعة من مؤشرات التقومي أو القياس الذاتي‬ ‫¨يجلي مكاسب التقدم مما يشجع املشارك على مزيد‬
‫‪ ،Quntified-self‬وهي مؤشرات تتميز بجمعها بني املرح‪،‬‬ ‫االستمرار؛‬
‫وكونها منظورة وبارزة للعيان‪ ،‬مما يجعل املشارك أكثر‬ ‫¨مينح التلعيب املعنى الذي يدفع املشارك إلى بيان النفع‬
‫انخراطا والتزاما‪.‬‬ ‫الذي يجنيه من تغيير سلوكه؛‬
‫‪18‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫فخرجوا بنظريات ما زالت تعرف تطويراً منهجياً ومفاهيمياً‬ ‫التركيز على املسالك التي تؤدي إلى بلوغ تلك النتائج‪ ،‬وليس‬
‫ظهرت ثماره يف مختلف مناحي تطبيق منطق التلعيب‪ ،‬وال‬ ‫النتائج يف حد ذاتها‪ ،‬وهو ما ميكن تلخيصه يف مبدأ‪« ،‬إذا‬
‫أدل على ذلك من تزايد ظهور التطبيقات املبتكرة‪ ،‬التي تأخذ‬ ‫قمت مبا طلب منك يف التطبيق التلعيبي‪ ،‬فإن فرص بلوغك‬
‫بلب الناشئة وعقولها‪ ،‬حيث تسهم يف تطور منسوب تفاعلهم‬ ‫ّ‬ ‫لألهداف تكون قوية»‪.‬‬
‫وتواصلهم وابتكارهم ‪.‬‬
‫(((‬
‫‪ .1‬التلعيب تصميم للسلوك‬
‫‪Conception axée‬‬ ‫إن التلعيب تصميم يركز على اإلنسان‬
‫إن التلعيب هو استخدام لعناصر اللعب‪ ،‬بقصد حتقيق هدف‬
‫‪ ،sur l’humain‬ويقوم بدمج عناصر املرح واملتعة واجلاذبية‬
‫معني‪ ،‬وهو التأثير يف السلوك بالترقي به من دركات السلبية‬
‫والتحفيز املتوفرة يف األلعاب‪ ،‬وتطبيقها على أنشطة حقيقية؛‬
‫وات ُِّخ َذ بدي ً‬ ‫إلى درجات اإليجابية‪ ،‬فللعب ميكانيكية محددة تقوم أوالً‪،‬‬
‫ال عن التصميم القائم على الوظيفة ‪conception‬‬
‫على التحدي‪ ،‬وأخيراً على التقييم‪ ،‬فالسلوك يقوم يف أصله‬
‫‪ ، axée sur la fonction‬مجرد ًة عن اإلنسان؛ يف حني يسعى‬
‫على الدافعية إليه‪ ،‬سواء كان مصدر الدافع خارجيا أو منبعثا‬
‫التصميم القائم على اإلنسان إلى االرتقاء به إلى أبعد احلدود‪،‬‬
‫من الداخل‪ ،‬حيث تبدأ الرحلة من أجل بلوغ الهدف؛ والذي‬
‫فهو ليس كفاءة خالصة‪ ،‬تخدم نظاما ‪ système‬معينا فقط‪،‬‬
‫يتطلب التمكن من مهارات تضمن نيله‪ ،‬ومحفزات تشحذ‬
‫تسويقا كان‪ ،‬أو صناعة‪ ،‬أو غيرهما‪ ....‬؛ كما هو احلال يف‬
‫الطلب يف الظفر به(((‪ ،‬فالدافع‪ ،‬ومطلب التمكن‪ ،‬واحملفز‪،‬‬
‫مصنع على سبيل املثال‪ ،‬حيث يفترض التصميم القائم على‬
‫عناصر تلعيب رصدها أهل االختصاص يف علم النفس‬
‫الوظيفة ‪ -‬يف معزل عن اإلنسان ‪ ،-‬أن العمال يقومون بعملهم‬
‫السلوكي‪ ،‬وعلوم البرمجيات‪ ،‬وغيرها من العلوم ذات الصلة‪،‬‬
‫بشكل آلي‪ ،‬ومطالبني بإجناز مهامهم بشكل سريع‪ ،‬يف حني‬
‫‪(1) Sari Gilbert, Designing Gamified Systems. Meaningful Play in‬‬
‫‪(2) Burke, B. Gamify: How gamification motivates people to do‬‬ ‫‪Interactive Entertainment, Marketing and Education, Focal Press‬‬
‫‪extraordinary things, Routledge, New York, 2014.p15;p89.‬‬ ‫‪,2016.p41.p60.p87.‬‬
‫‪19‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫يضع التصميم الذي يركز على اإلنسان يف أولوياته الوظيفية‪،‬‬


‫مشاعر‪ ،‬ومخاوف وآمال ورغبات‪ .‬حيث إن محفزاتهم العميقة‬
‫هي التي جتعلهم يريدون أو ال يريدون القيام بأعمالهم‪ ،‬إذ‬
‫االرتقاء مبشاعرهم ودوافعهم‪ ،‬يضمنان انخراطا كبيرا‬
‫(((‬
‫ومشاركة فعالة‪.‬‬
‫إن صناعة األلعاب كانت أول من خبر‪ ،‬وأتقن التصميم الذي‬
‫يستهدف اإلنسان‪ ،‬فال تتوخى األلعاب إال جذبه وإرضا َءهُ‪،‬‬
‫حيث إن هناك أهدافا يف األلعاب‪ ،‬مثل قتل التنني أو إنقاذ‬
‫األميرة‪ ،‬ولكنها جميعها ليست إال ذريعة إلبقاء الالعب يف‬
‫حالة ترفيه مستمرة‪ ،‬وبالتالي فإن األلعاب قد أمضت عقو ًدا‬
‫يف تعلم كيفية إتقان صنعة التحفيز واملشاركة‪ ،‬وهو ما جعل‬
‫منها اليوم مصدر تعلم واستلهام من خبراتها يف تغيير السلوك‪.‬‬
‫لقد حقق التلعيب نتائج مذهلة يف طرق اكتساب املعلومة‬
‫اجلديدة‪ ،‬والتأثر بها‪ ،‬واقتسامها‪ ،‬وما يترتب عليها من‬
‫تغييرات سلوكية بصفة عامة‪ .‬حيث تتمتع األلعاب بقدرة‬
‫مدهشة على احلفاظ على استمرارية انخراط والتزام‬
‫‪(1) Ferrera, J.. Playful Design: Creating Game Experiences in‬‬
‫‪Everyday Interfaces. Rosenfeld Media. 2012.p12.‬‬
‫‪20‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫‪ engagement‬املشاركني ملدة زمنية طويلة‪ ،‬وبناء العالقات‬


‫والثقة بينهم‪ ،‬وتطوير إمكاناتهم اإلبداعية‪ ،‬غير أنه لألسف‪،‬‬
‫يتم التركيز يف الشائع من األلعاب على مجرد الهروب من‬
‫مواجهة الواقع‪ ،‬حيث يتحول إلى عبث وهدر للوقت‪ ،‬يف ما ال‬
‫يعود بأي نفع على الذات والغير؛ فكثير من الناس يعتقدون‬
‫خط ًأ‪ ،‬أن التلعيب هو األلعاب بشكل كلي أو جزئي‪ ،‬مما أدى يف‬
‫األغلب إلى اخللط بني اللعب والعبث والتلعيب‪ ،‬ولذلك ينبغي‬
‫أن ال يحجب عنا ما تراكم عن اللعب من معان سلبية‪ ،‬مرادفة‬
‫لضياع الوقت أو مجرد تسلية وترفيه يف أحسن األحوال‪ ،‬ما‬
‫لعناصره ودعائمه املذكورة‪ ،‬إذا ما وظفت بعلم ورشد وإبصار‪،‬‬
‫من آثار إيجابية يف تشكيل السلوك‪ ،‬وتغييره بشكل يجمع بني‬
‫املتعة والتحصيل‪.‬‬

‫‪ .2‬التلعيب تشكيل للسلوك‬

‫يصنف ‪ ،B.J. Fogg‬خبير اإلعالميات‪ ،‬الذي اشتهر بنظريته‬


‫حول تصميم السلوك‪ ،‬املختصرة بنموذج ‪ ،Fogg‬منذ سنة‬
‫‪ ،1998‬ثالثة عناصر يجب توفرها من أجل جناح العملية‬
‫التلعيبية‪ ،‬وهي الزناد‪ /‬الشرارة؛ ومطلب التمكن‪ /‬القدرة؛‬
‫‪21‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫والدافع‪ ،‬فإذا ما غاب عنصر من بني هذه العناصر الثالثة‬


‫تفشل املقاصد املتوخاة من االستراتيجية التلعيبية‪ ،‬فهي‬
‫تشتغل بشكل متضافر ومتواشج‪ ،‬من أجل تبني سلوك معني(((‪:‬‬

‫(‪)Trigger‬‬ ‫أ‪ .‬الزناد‬


‫هو عنصر اإلثارة األول الذي يحث على تبني سلوك معني‪،‬‬
‫ويؤثر يف العنصرين اآلخرين‪ ،‬وهما القدرة واحلافز‪ ،‬وبغيابه‬
‫يفشل تصميم السلوك‪ ،‬وهو اآلخر ثالثة انواع‪:‬‬

‫يعمل على تيسير إتيان فعل أو تبني‬ ‫(‪:)Facilitator‬‬ ‫‪ -‬امليسر‬


‫سلوك معني حني حضور احلافز وغياب القدرة‪.‬‬
‫‪ -‬الشرارة (‪ :)Spark‬تعمل حينما تتوفر القدرة على إتيان فعل‪،‬‬
‫أو تبني سلوك معني‪ ،‬ويغيب احلافز‪.‬‬

‫تعمل حينما يتوفر احلافز والقدرة على‬ ‫(‪:)Signal‬‬ ‫‪ -‬اإلشارة‬


‫إتيان فعل أو تبني سلوك معني‪ ،‬حيث تكون لها وظيفة تذكيرية‪.‬‬
‫‪(1) Fogg, BJ. (2009). A Behaviour Model for Persuasive Design.‬‬
‫‪Persuasive Technology Lab, Stanford University.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫(‪)Motivation‬‬ ‫ب‪ .‬الدافع‬


‫يلخص البواعث والدوافع الكامنة التي يتم الشعور بها‪،‬‬
‫وتستحثه إلتيان فعل أو تبني سلوك معني‪.‬‬
‫( ‪) Ability‬‬ ‫ج‪ .‬مطلب التمكن‬
‫هي التم ّكن من الوسائل املؤدية‪ ،‬إلتيان فعل أو تبني سلوك‬
‫معني‪ ،‬كاملال‪ ،‬والقدرة البدنية‪ ،‬أو الذهنية‪ ،‬والوقت‪...‬‬
‫فشبكة السلوك (‪ )Behavior Grid‬التي صممها ‪ ،Fogg‬هي‬
‫مبثابة صورنة مجردة لديناميات التغيير السلوكي املتصل‬
‫باملصفوفة الرقمية املعاصرة‪ ،‬انطالقا من أنواع األزندة‬
‫املثيرة واملؤثرة يف السلوك‪ ،‬وعملية حتريك الدوافع واحلوافز‪،‬‬
‫والبحث عن الوسائل من أجل االقتدار على إجناز وإمتام‬
‫وإتيان فعل أوسلوك معني‪ ،‬بحيث أصبح اجلوالن الرقمي‬
‫فضاء‪ ،‬لتجميع املعلومات اخلاصة باألفراد ورصد توجهاتهم‬
‫وميوالتهم للسعي إلى تزويدهم مبنتوجات مادية أو معنوية‪،‬‬
‫تستجيب لرغباتهم بحسب الفئات املختلفة‪ ،‬وأمناط السلوك‬
‫املرغوب تبنيه‪ ،‬وليست الناشئة مبنأى عن هذه االستراتيجية‬
‫السلوكية الرقمية املتغيرة باستمرار‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬
‫‪24‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫و املستكشف واملنافس‪ ،‬واملتعاون‪ ،‬بناء على تفضيل املضامني‪،‬‬ ‫‪ .3‬أمناط الالعبني وأنواع السلوك‪:‬‬
‫واحملتويات‪ ،‬والتفاعل‪.‬‬
‫وفقا لتصنيف ريتشارد بارتل ‪ ،Bartle Taxonomy‬الذي‬
‫ولقد متت االستفادة من االجتهادين التصنيفيني‪ ،‬لتصبح‬ ‫اللعبني تتحدد يف أربعة‪،‬‬ ‫قدمه سنة ‪1996‬؛ فإن أمناط َّ‬
‫خطاطة أمناط الالعبني كالتالي‪:‬‬ ‫وهي املستكشف‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬واملقاتل‪ ،‬واملنجز‪ ،‬بناء على‬
‫أ‪ .‬املصارع‪:‬‬ ‫تفضيالتهم وترجيحاتهم‪ ،‬من حيث العالقة بالعالم واآلخر‪،‬‬
‫يحفزه اختبار مهاراته ومراكمتها‪ ،‬ويجد جاذبية يف أنظمة‬ ‫انفتاحاً‪ ،‬واكتشافاً‪ ،‬واقتساماً‪ ،‬أو انغالقاً‪ ،‬واستئثاراً‪،‬‬
‫الترتيب اخلارجية‪ ،‬وآلية املجموع الصفري للعبة ‪zero-sum‬‬ ‫وتباهيا((( ‪ ،‬غير أن هذا النموذج الرباعي قد مت تعديله من‬
‫‪ ،game‬فهذه البنيات تعكس حوار املصارع الداخلي ووجهة‬ ‫طرف كثيرين تبعا للتنظيرات املختلفة يف مجاالت األلعاب‬
‫نظره‪ ،‬كما يسعى املصارع دوما لتطوير مهاراته‪ ،‬وجلب االنتباه‬ ‫والتحفيز والسلوك‪ ،‬ومن بينهم مصممة األلعاب‪ ،‬إميي جو كيم‬
‫لتفوقه وبراعته‪ ،‬ومعرفة موقعه ضمن املجموعة‪.‬‬ ‫‪ ،Amy Jo Kim‬حيث حافظت على الصيغة الرباعية وتصرفت‬
‫فاملصارع يقدر التمكن‪ ،‬والتحكم‪ ،‬وبناء العالقات‪ ،‬عن طريق‬ ‫يف مضامني أمناط الالعبني‪ ،‬رأينا أنها تالئم أكثر املجال‬
‫املنافسة الودية‪ .‬غير أن هذا النوع من الشخصية قد ينحرف‬ ‫التربوي والتعليمي(((‪ ،‬حيث أصبحت األمناط هي املبدع‪،‬‬
‫عن مسار بنائه اإليجابي‪ ،‬إلى نوع من العدوانية والنزوع الباحث‬
‫‪(1) R. Bartle (1996), “Hearts, Clubs, Diamonds, Spades: Players‬‬
‫عن التميز‪ ،‬والفوز بأي طريقة مما جعل بعض املنظرين يف‬ ‫‪Who Suit Muds”, Journal of MUD Research, Vol. 1, No. 1, Pp.‬‬
‫‪19.”Accessed April 7,2014.http://www.mud.co.uk/richard/hcds.‬‬
‫نظريات التلعيب يسمونه قاتال‪.‬‬ ‫‪htm#1.‬‬
‫‪(2) Amy Jo Kim, Smart Gamification, 2011 // https://www.youtube.‬‬
‫فهو يسعى إلى االعتراف واإلعجاب‪ ،‬وال يقدر إال ما يحصله‬ ‫‪com/watch?v=F4YP-hGZTuA‬‬
‫‪- Smart Gamification, Seven Core Concepts for Creating Compelling‬‬
‫من امتيازات ال ميتلكها غيره‪.‬‬ ‫‪Experiences.” 2011, Accessed March 27, 2014.‬‬
‫‪25‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫كما يتميز املنجز بتقدير الفكر األصيل‪ ،‬واالبداع‪ ،‬والعمل‬ ‫فاملصارع يبحث عن املركز األول‪ ،‬وال يعتبر إجنازه صاحلا إال‬
‫باملقارنة مع اآلخرين‪ .‬مما مييزه عن املنجز الذي يتعامل مع‬
‫الدؤوب‪ ،‬وتوقيع أسلوبه اخلاص‪ ،‬ويطلب من وضعه اإلجنازي‬
‫اإلجناز بشكل مجرد‪.‬‬
‫االعتراف‪ ،‬ويتغيى التأثير من خالل مهاراته اإلبداعية‪.‬‬
‫ب‪ .‬املنجز‪:‬‬
‫هو من يريد البعد الفحوي‪ ،‬من كل فعل يأتيه ساعياً إلى‬
‫النجاح يف كل شيء‪ ،‬إمتاما وحتقيقا له‪ ،‬مريدا للتفوق املستمر‬
‫على نفسه فهو النموذج األولي للمنافس‪ ،‬حيث يتوفر املنجز‬
‫يف لعبة ما على جميع أنواع الشخصيات إلى أقصى حد‪.‬‬
‫ويعرف املسارات عن ظهر قلب‪ ،‬ويجمع األشياء االفتراضية‬
‫واملكافآت‪ .‬وطاملا أنه لم يفعل كل شيء‪ ،‬فإنه ال يعرف امللل‬
‫إذ ميكنه تكرار ومعاودة احملاولة إلى أجل غير مسمى‪ ،‬إذا كان‬
‫موعودا مبكافأة جديدة‪ .‬فاملنجز عنيد‪ ،‬ال يبرح نشاطه آلخر‪،‬‬
‫حتى يحصل على جميع ما يريده‪ .‬إذ دافعه البحث عن فرص‬
‫للتعبير عن الذات‪ .‬وعن األدوات والنظم التي متكنه من عيش‬
‫جتربته بشكل مشخص ومتفرد‪ .‬مستخدما املتاح له من أدوات‬
‫جلعل األشياء مثار إعجاب ومحاكاة من اآلخرين‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫ج‪ .‬املستكشف‪:‬‬
‫يحفزه اكتساب املعرفة‪ ،‬واختراق احلدود‪ ،‬وإيجاد الثغرات‪،‬‬
‫ومعرفة القواعد التي حتكم مختلف الفضاءات‪ ،‬ومراكمة‬
‫املعرفة القيمة‪ ،‬واملعلومات الدقيقة‪ ،‬والتصميم الذكي‪ ،‬وبناء‬
‫عالقات من خالل التبادل املعريف‪ .‬كما ميكنه أن يشارك‬
‫متعته االستكشافية مع اآلخرين‪ ،‬غير أن الغالب عليه الرضى‬
‫مبساره االنفرادي‪ ،‬فاملستكشف كاملنجز‪ ،‬مهتم بالفحوى‬
‫واملضمون‪ .‬غير أن حافزه يبقى هو املتعة يف اكتشاف مزيد‬
‫من احملتويات اجلديدة‪.‬‬
‫كما يتميز املستكشف باختبار كل ما يقدم له‪ ،‬وذو حساسية‬
‫خاصة للقصص وأشكال اجلماليات‪ ،‬ومن ثَ َّم فشخصيته تنطلق‬
‫‪.early‬‬ ‫‪adopter‬‬ ‫مع كل جديد؛ ألنه املتبنى صاحب السبق‬
‫حيث يغدو املستكشف منجزاً‪ ،‬وسفيراً للتطبيقات التي تتوالد‬
‫يف كل حلظة وحني‪ ،‬والتي يه ّمنا منها يف هذا السياق العوائد‬
‫السلوكية‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫د‪ .‬املتعاون‪:‬‬
‫يحفزه العمل مع اآلخرين من أجل هدف أكبر‪ ،‬فهم جميعا‬
‫يحبون «الفوز معا» وقياس النجاح باعتباره أثره اجلماعي؛ إذ‬
‫املتعاون يجد متعته من خالل املشاركة يف مجموعات وفِ َرق‪،‬‬
‫وتكوين شراكات‪ ،‬فاملتعاون يقدر العمل اجلماعي‪ ،‬والتعلم‬
‫املشترك‪ ،‬وبناء العالقات عبر املهام املشتركة‪.‬‬
‫إن دافع املتعاون هو التفاعل االجتماعي الذي هو مقدم عنده‬
‫على احملتوى‪ .‬فما يثيره هو اللقاءات واالتصال اإلنساني‪،‬‬
‫والبحث عن العالقات االجتماعية‪ .‬ومن ثَ ّم س ّمي املتعاون‬
‫اجتماعيا‪ ،‬وهذا الوصف ال يعني أنه ال يلقي باالً للمهام التي‬
‫تتطلبها اللعبة‪ ،‬بل على العكس من ذلك‪ ،‬فإن املتعاون يكون‬
‫احلاجيات‪ ،‬بل خلقها‪ ،‬واصطناع البرامج الكفيلة التي تتسلل‬ ‫أ ّول من يريد أن يحقق أشياء عظيمة بأداء عظيم‪ ،‬يتجاوز‬
‫إلى أعماق الرغبات‪ ،‬لتستثير الفعل بشكل لطيف‪ ،‬ال يقاس إال‬ ‫فيه نفسه‪ ،‬باإلرادة لتحقيق األهداف التي من شأنها تعزيز‬
‫من خالل اآلثار املوجودة الشاخصة يف السلوكات الظاهرة‪،‬‬ ‫دوافعه‪.‬‬
‫والتي ال ميلك من افتقد للرؤية املؤطرة لكل هذا الكسب‬ ‫فتغيير السلوك وطرائق توجيهه‪ ،‬والتأثير فيه أضحى صناعة‬
‫الرقمي الهائل‪ ،‬إال أن يبقى مشدوهاً مستغرباً‪ ،‬أو رافضاً‬ ‫وعلماً مدروساً جتاوز املناهج التلقينية واملباشرة الكثيفة‪،‬‬
‫معترضاً‪ ،‬أو حازماً منجزاً‪ ،‬يجتهد يف إبداع برامج مواكبة‪،‬‬ ‫واعتمد بلوغ األهداف السلوكية املبتغاة من خالل دراسة‬
‫‪29‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫تغتنم الفرص الكبرى‪ ،‬وغير املسبوقة‪ ،‬التي تتيحها املصفوفة‬


‫الرقمية املعاصرة(((‪.‬‬
‫إن الناشئة اليوم تتمتع بذكاء كبير‪ ،‬وامتالك ملهارات الفعل يف‬
‫الواقع من خالل العالم االفتراضي‪ ،‬وجتربتها احلياتية تزداد‬
‫غنى مع التدفق املعلوماتي الغزير‪ ،‬ويسر حتصيله‪ ،‬ولديها‬
‫إحساس بتملك مفاتيح العالم‪ ،‬فهي‪ ،‬أي الناشئة‪ ،‬بكبسة على‬
‫زر لوحتها الرقمية تظفر باإلجابات عن أسئلتها املطروحة‪.‬‬

‫‪ .4‬نظرية أوكتاليزيس ‪ Octalysis‬ومحفزات السلوك‬

‫انطلق صاحب النظرية يو‪ -‬كي شو (((‪ ،YU-KAI CHOU‬من‬


‫معاجلة أصل املسألة السلوكية باعتماده على البحث يف‬

‫((( ملزيد االطالع عن امناط الالعبني وكيفيات صياغة السلوك انطالقا من‬
‫العلم باحملركات التحفيزية الكامنة‪ ،‬راجع‪،‬‬
‫‪- Yee, N. Motivations for Play in Online Games. CyberPsychology‬‬
‫‪and Behavior , 2006,9(6).‬‬
‫‪- Zicherman, G. & Linder, J. Game-Based Marketing: Inspire‬‬
‫‪Customer Loyalty Thorugh Rewards, Challenges, and Contests.‬‬
‫‪2010, John Wiley & Sons, Inc.‬‬
‫((( أنظر تفاصيل نظريته وبرامجه التدريبية ودروسه التكوينية يف التلعيب‬
‫على موقعه ‪https://yukaichou.com‬‬
‫‪30‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫كما هو معتاد يف اللعب‪.‬‬ ‫األسباب والدوافع واحملفزات‪ ،‬حيث تبرز نظرية أوكتاليزيس(((‪،‬‬
‫‪:Development and Accomplishment‬‬ ‫ب‪ .‬التطور واإلجناز‬ ‫إمكانات التلعيب الوظيفية‪ ،‬بتقسيمها التحفيز إلى ثمان‬
‫محركات أساسية‪ ،‬تتضمن عناصر املعنى امللحمي واالتصال‪،‬‬
‫وهو تنمية املهارات واملواهب من أجل حتقيق الهدف‪ ،‬والظفر‬
‫والتمكني اإلبداعي والتغذية الراجعة‪ ،‬والندرة ونفاذ الصبر‪،‬‬
‫مبستوى ُي ِّكن من هزمية الزعيم النهائي‪ ،‬على وجه التقريب‪.‬‬
‫وما إلى ذلك‪ ،‬كما أنها تتيح ألي كان إنشاء شيء أكثر جاذبية‪.‬‬
‫‪Empowerment of‬‬ ‫ج‪ .‬التمكني من اإلبداع والتغذية الراجعة‬
‫كما يعتمد هذا اإلطار العملي التلعيبي القبعة البيضاء مقابل‬
‫‪:Creativity & Feedback‬‬
‫القبعة السوداء ‪ White Hat vs Black Hat‬والدماغ األمين‬
‫باحملاولة الدائمة‪ ،‬ومواجهة الفشل‪ ،‬ومعاودة الكرة بشكل‬ ‫مقابل احملركات األساسية للدماغ األيسر ‪Right Brain vs‬‬
‫مختلف‪ ،‬واستخدام اإلبداع‪ ،‬وتقليب النظر يف إمكانات النجاح‬ ‫‪ ،Left Brain Core Drives‬باإلضافة إلى مراحل التجربة‬
‫من عدمها‪ ،‬وفهم أسباب كل ذلك‪.‬‬ ‫األربعة يف مسار الالعب‪ ،‬وأمناط الالعبني األربعة حسب‬
‫د‪ .‬امللكية واحليازة ‪:Ownership and Possession‬‬ ‫بارتل ‪.Bartle‬‬
‫فالشعور بامتالك شيء ما‪ ،‬يزيد من التشبت والتعلق به‪،‬‬ ‫‪:Epic Meaning and Calling‬‬ ‫أ‪ .‬املعنى امللحمي واالتصال‬
‫ويقوي الرغبة يف امتالك املزيد‪ ،‬أو االقتصار على جتويد ما‬ ‫مينح الالعب االنطباع بفعل شيء عظيم‪ ،‬وأنه قد اختير‬
‫بحوزته‪.‬‬ ‫ملصير خاص حيث إن األمر يف مجمله‪ ،‬يتعلق بإنقاذ العالم‬
‫‪Social influence and‬‬ ‫هـ‪ .‬التأثير االجتماعي والترابط‬
‫((( راجع كتاب يو‪ -‬كي شو املرجعي التلعيب العملي‪ :‬ما وراء النقاط‪ ،‬الشارات‬
‫‪:Relatedness‬‬ ‫ولوحات املتصدرين‬
‫‪Actionable Gamification – Beyond Points, Badges, and‬‬
‫وقاعدته‪ ،‬هو أنك إذا أردت ما لدى اآلخرين‪ ،‬فكن جز ًءا من‬ ‫‪Leaderboards, Createspace Independent Publishing Platform, 2015‬‬
‫‪31‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫املجموعة وادخل يف منافسة عناصرها‪.‬‬


‫‪:Scarcity and Impatience‬‬ ‫و‪ .‬الندرة ونفاد الصبر‬
‫حيث يتم اعتبار أن عمرك العقلي ال يتجاوز أربع سنوات‪،‬‬
‫وبالتالي فإذا ما مت منعك من شيء تريده؛ فإن رغبتك فيه‬
‫ستزيد‪ ،‬وخصوصا إذا كان هذا املنتج ناد ًرا‪.‬‬
‫‪Unpredictability‬‬ ‫ز‪ .‬عدم القدرة على التنبؤ وحب االستطالع‬
‫‪:and Curiosity‬‬

‫ماذا سيحدث يف الفصل التالي من الكتاب؟ من هذه الشخصية‬


‫اجلديدة الغريبة؟ ما هو مصير البطل (ة)؟‬
‫‪:Loss and Avoidance‬‬ ‫ح‪ .‬اخلسارة واالجتناب‬
‫وهي الرغبة يف عدم فقدان ما مت كسبه‪ ،‬خاصة بعد اجلهد‬
‫الذي بذل يف جتويده وحتسينه‪.‬‬
‫ثم يصنف يو – كي شو هذه الدوافع إلى عدة مجموعات‪:‬‬
‫¨داخلية‪ :‬حيث ال حاجة إلى الدافع اخلارجي للرغبة يف‬
‫التعبير عن إبداعه؛‬
‫‪32‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫ولذلك قدم رؤيته للدوافع واحملفزات املختلفة من خالل‬ ‫¨خارجية‪ :‬حيث يقبل على القيام بالفعل من أجل املكافأة؛‬
‫ثمن ‪ ،octogonal‬يسمى منطقيا «أوكتاليزس»‬‫رسم بياني ُم َّ‬ ‫¨إيجابية‪ :‬مجموعة القبعة البيضاء ‪ ،white hat‬سأكون‬
‫‪ .Octalysis‬يجمع بني ثمانية محركات حتفيزية أساسية‪.‬‬ ‫أفضل إذا قمت بالفعل؛‬
‫‪ ،black‬سأكون‬ ‫‪hat‬‬ ‫¨سلبية‪ :‬مجموعة القبعة السوداء‬
‫أسوأ إذا لم أقم بالفعل؛‬
‫وهكذا نصل إلى نظام مركب‪ ،‬يالئم تصنيف الالعبني عند‬
‫ريتشارد بارتل ‪ ،Richard Bartle‬فلدى مختلف فئات الالعبني‬
‫دوافعهم اخلاصة‪ ،‬غير أنهم يف تطور وف ًقا للمرحلة التي‬
‫يصلون إليها (اكتشاف املُنتج‪ ،‬والتملك‪ ،‬والضبط)‪.‬‬
‫يؤيد يو‪-‬كي شو‪ ،‬املبدأ الذي ال يقف عند مجرد النقاط‬
‫والشارات ولوحة املتصدرين‪ .‬وهو واضح من عنوان كتابه‬
‫التلعيب العملي‪ :‬ما وراء النقاط‪ ،‬الشارات ولوحات املتصدرين‪،‬‬
‫فنظام ‪ PBS‬وهو اختصار باالجنليزية لـ (النقاط‪/‬الشارات‪/‬‬
‫لوحة املتصدرين) ليس كاف ًيا‪.‬‬
‫إذا سألت العبا عن سبب متعته ومرحه يف اللعبة؛ فإنه لن‬
‫يجيبك بأن السبب يف ذلك هو النقاط‪ ،‬بل يعزوه لوجود حت ّد‪،‬‬
‫يجعله يُش ِّغل إبداعه‪ ،‬ويشعر بالتالي بالرضى عن نفسه‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬
‫‪34‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫بشغف وبدون أي كلل أو ملل‪ ،‬حيث يصبح سلوكا ُمت ََش َّربا‪،‬‬ ‫خامسا‪ .‬وظيفية التلعيب‬
‫كما العادة املستحكمة‪ ،‬أو ما شابه اإلدمان ‪-‬يف سياق التلبس‬
‫بالسلوك املَشني الذي يتهدد صحة العقل وسالمة الوجدان‪،-‬‬ ‫إن استعمال التلعيب يف البرامج التكوينية‪ ،‬يعطي للمشارك‬
‫القدرة على االستمرار يف التعلم‪ ،‬ويقيه من الوقوع يف الضجر‬
‫كما يعزز بناء الثقة لدى املتعلم (ة)‪ ،‬ويحسن أداءه‪.‬‬
‫وامللل؛ ألنه يتعلم وهو يف متعة‪ ،‬مما يجعل منه أداة فعالة‬
‫التلعيب ممارسة وتطبيق‬ ‫يف تغيير السلوك ومترير الرسائل التثقيفية املرجوة‪ ،‬وهو ما‬
‫يقوم التلعيب على املمارسة حيث إن محتوى الدرس تطبيقي‬ ‫يتطلب ذكاء وإبداعا عند التخطيط للتطبيق التلعيبي‪ ،‬الذي‬
‫بامتياز‪ ،‬مما يكسب املتعلم (ة)‪ ،‬مهارات مختلفة بشكل عملي‪،‬‬ ‫نسعى إلى َس ْك ِب مضامني وقيم من خالله؛ فاملشارك يحصل‬
‫وتساعد عناصر التلعيب على حتفيز املتعلم‪ ،‬الذي يضاعف‬ ‫على نتائج طيبة باعتماده عمليات تغذية راجعة‪ ،‬من أجل‬
‫مزيد من التقدم يف لعبته‪ :‬لوحة املنافسة ‪ /‬مستويات اخلبرة‪/‬‬
‫من جهده‪ ،‬من أجل التمكن من أداء أكبر عدد ممكن من املهام‪،‬‬
‫مكافآت افتراضية‪.‬‬
‫فاملتعلم يكتسب املهارة بشكل أفضل عن طريق تنفيذها‪.‬‬
‫التلعيب جتربة ممتعة وجذابة‬
‫التلعيب تغيير للسلوك‬
‫إن تقنيات التلعيب مثل القصة‪ ،‬والترتيب والشارات‬
‫ميكن استثمار الوسائل التلعيبية‪ ،‬يف مترير رسائل تثقيفية‪،‬‬ ‫والتحديات أو املستويات‪ ،‬جتعل من التعلم جتربة فريدة‬
‫بإنتاج مضامني هادفة تعالج قضايا سلوكية مختلفة‪ ،‬تسكب‬ ‫وممتعة للمتعلم(ة)‪ ،‬ومن ثم أضحى مقاربة تعليمية آسرة‬
‫يف قوالب تلعيبية تكون أبلغ أثرا من أنواع اخلطاب التواصلي‬ ‫وجذابة؛ إذ بفضل املغامرة التي يُقدح زندها لدى املتعلم(ة)‪،‬‬
‫املباشر‪.‬‬ ‫يصير التعلم شأنا يبعث البهجة واملرح‪ ،‬يقبل عليه املتعلم(ة)‬
‫‪35‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫فليس هدف التلعيب مجرد جعل العمل «مرحا»‪ ،‬أو تسلية‪ ،‬بل‬ ‫التلعيب أهداف مرئية‬
‫هو نوع من التدريب‪ ،‬الذي مينح معنى لألهداف مما يجعل‬ ‫إن جعل األهداف مرئية بوضوح يف العملية التلعيبة‪ ،‬ميكن‬
‫املشارك‪ُ ،‬منْتجا ويزيد مشروعه رغبة ومتلكا(((‪.‬‬ ‫املتعلم من التبني الشخصي للعمل الذي يقوم به‪ ،‬حيث إنه‬
‫يستفيد من أي دقيقة يقضيها يف التعلم‪ ،‬ويعتبرها خبرة تعينه‬
‫على حتقيق التقدم يف البرنامج‪ ،‬فالتلعيب يقدم « وعودا» من‬
‫أجل تشجيع املتعلم‪:‬‬
‫¨فهو يتعلم ألنه يفهم بأن التلعيب أداة لنجاحه وليس ألنه‬
‫مجرد مرح مطلوب لذاته؛‬
‫¨متكني املتعلم من التركيز واحملافظة على االستمرار يف‬
‫إجنازه‪ ،‬هما مفتاحا بلوغه لألهداف املرسومة؛‬
‫¨إن حتويل الفرص واللقاءات التدريبية والتكوينية‪ ،‬إلى‬
‫فضاءات للمتعة واملغامرة‪ ،‬من خالل االستراتيجية التلعيبية‪،‬‬
‫كفيل بإغناء اإلطار التقليدي للتعلم وتطويره‪ ،‬والذي يختزل‬
‫إمكانات العملية التعليمية‪ ،‬يف مجرد الدروس واالختبارات‪،‬‬
‫‪(1) Deterding et al. From Game Design Elements to Gamefulness:‬‬ ‫وهو ما قد يفوت قدح زند شرارة كامنة لدى املتعلم (ة)‪،‬‬
‫‪Defining “Gamification”. MindTrek’11, September 28-30, 2011,‬‬
‫‪Tampere, Finland.‬‬ ‫كانت يف حاجة للكشف عنها‪ ،‬من خالل التلعيب الذي أثبت‬
‫‪-Ferrera, J. Playful Design: Creating Game Experiences in Everyday‬‬
‫‪Interfaces. 2012, Rosenfeld Media.‬‬ ‫جناعته وفعاليته باستثماره للذكاءات املتعددة واملتنوعة‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫هل لتغيير سلوك مشني؟‬ ‫سادسا‪.‬المنظومة التلعيبية‬


‫هل إلصالح خلل ما؟ أم إضافة شيء جديد وإشباع‬
‫منوذج أندري مارجيفسكي (((‪ ،Andrzej Marczewski‬الذي‬
‫رغبة ما؟‬ ‫ينطلق من طرح األسئلة اجلوهرية التالية‪ ،‬والتي ميكن أن‬
‫تكون مساعدة عند التفكير يف التطبيق التلعيبي‪ ،‬الذي تتسع‬
‫فيه اإلمكانات اإلبداعية‪،‬‬
‫ماذا؟ (األفعال)‬
‫ما هي املشكلة التي نحاول حلها؟‬
‫هل هي املشاركة واالنخراط‪ ،‬هل هي الدافع؟‬
‫يجب أن نكون على معرفة تامة بالنشاط (األنشطة)‪،‬‬
‫الذي سنقوم بتلعيبه‪.‬‬
‫ملاذا؟ (األهداف)‬
‫ملاذا استخدام التلعيب؟‬

‫بصيغة ‪ Pdf‬بعنوان ‪The Intrinsic Motivation‬‬ ‫((( أنظر دراسته وحتميلها‬


‫‪ RAMP‬يف موقع‪:‬‬
‫‪https://www.gamified.uk/gamification-framework/the-‬‬
‫‪intrinsic-motivation-ramp/‬‬
‫‪37‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫من؟ (املشاركون)‬
‫من هي الفئة املستهدفة؟‬
‫يجب أن نضع يف االعتبار أنواع املشاركني أو املستخدمني‬
‫الذين يستهدفهم املنتج التلعيبي‪ ،‬ألن ذلك سيساعد‬
‫على تطوير حل أفضل على املدى الطويل‪.‬‬
‫املشوش يحفزه التغيير‬
‫اخليري يحفزه القصد‬
‫االجتماعي حتفزه العالئقية‬
‫الالعب حتفزه املكافأة‬
‫املنجز يحفزه التمكن‬

‫ما هي إذن‪ ،‬العناصر واألفكار التي ستدعم بشكل‬ ‫املتحرر حتفزه االستقاللية‬
‫أفضل املنظومة التلعيبية؟‬ ‫كيف؟ (النظام)‬
‫هل سيتم استخدام املكافآت؛ أم االعتماد فقط على‬ ‫إن اإلجابة عن األسئلة السابقة‪ ،‬يحدد ما يجب القيام‬
‫احملفزات اجلوهرية‪.‬‬ ‫به لبدأ العملية أو املنظومة التلعيبية‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫الدافع اجلوهري‬
‫العالئقية (‪)Relatedness‬‬ ‫غال ًبا ما يكون الدافع اجلوهري هو أفضل طريقة‬
‫نوع املستخدم‪ :‬اجتماعي‬ ‫لتعزيز املشاركة‪.‬‬
‫االحتياجات‪ :‬وضع اجتماعي‪ ،‬روابط اجتماعية‪ ،‬انتماء‪.‬‬
‫كل حافز يتعلق بأحد أنواع املشاركني أو املستخدمني‬
‫أوالالعبني‪.‬‬
‫االستقاللية (‪)Autonomy‬‬
‫نوع املستخدم‪ :‬متحرر‬ ‫العالئقية‪ ،‬االستقاللية‪ ،‬التمكن‪ ،‬القصد‪.‬‬
‫االحتياجات‪ :‬إبداع‪ ،‬حرية اختيار‪ ،‬مسؤولية‪.‬‬

‫التمكن (‪)Mastery‬‬
‫نوع املستخدم‪ :‬منجز‬
‫االحتياجات‪ :‬تعلم‪ ،‬بناء الشخصية‪ ،‬مستويات‪.‬‬

‫القصد (‪)Purpose‬‬
‫نوع املستخدم‪ :‬اخليري (املتطوع)‬
‫االحتياجات‪ :‬إيثار‪ ،‬معنى‪ ،‬سبب‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫التغذية الراجعة وميكانيكا اللعب‬


‫ﺍﻟﺘﻐﺮﻴ‬
‫ﻣﻨﺼﺔ اﻻﺑﺘﻜﺎر‬ ‫الرغبة يف استخدام النقاط‪ ،‬والشارات‪ ،‬ولوحات‬
‫اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ‪ /‬ﺻﻮت‬
‫ﻋﺪة اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ‬ ‫املتصدرين‪ ،‬وآليات أخرى للتغذية الراجعة‪،‬‬
‫ﻣﺠﻬﻮﻟﻴﺔ اﻟﻬﻮﻳﺔ‬
‫ﶈﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ‬ ‫واملكافآت‪ ،‬تقدم مشاركة وانخراطا قصيري املدى‪.‬‬

‫ﻣﺘﻔ ﺸﺎف‬
‫ﻓﻮﺿﻰ‬

‫اﺧﺘ ﻬﻠﺔ ‪ -‬ﻼﻟﻴﺔ‬


‫ولذلك ينبغي استخدام األدوات املالئمة إلشراك‬

‫دوات ﻣﻐﻠﻖ ﺟﺌﺔ‬

‫ﻣﻜﺎﻓﺂ ﺎرات ﺳﺘﻜ‬


‫ﻣﺤﺘ ﺧﻔﻴﺔ ﺮﻋﺔ‬
‫ﺍﻟﻘ ﺟﺎدة‬
‫ﻣﺘﻌ ﻌﻨﻰ‬

‫ﺘﻌﺔ ﺳ ﺳﺘﻘ‬
‫ﻣﺸﻮش‬
‫ﺼﺪ‬

‫ﻮى ﻣﻔﺎ‬

‫ا‬
‫ا اﻗﺘ‬
‫ﺔ‬

‫ﻹﻫﺪ‬
‫ا ﺮﻋﺎﻳﺔ ﺎﺳﻢ‬
‫ﳌ‬

‫األنواع املناسبة من املستخدمني‪.‬‬


‫اﻟ‬

‫ﻣ ﺍﻻ‬
‫ﺘﺨﺼﻴ ﺪاع‬
‫اء ‪ /‬اﻟ ﺮﻓﺔ‬
‫ﺴﺎم‬

‫اﻹﺑ‬
‫ﺺ‬

‫ﻴ‬
‫ت‬
‫ﺗﻐﻴﻴﺮ‬
‫اﳌﻌ‬
‫ﺘﻘ‬

‫ﺤﺮر‬
‫ﺧﻴ‬

‫ﻟﻴﺔ‬

‫أ‬
‫اﻟ‬
‫ﺮي‬

‫ﻗ‬

‫ﻣﺘ‬
‫ﺼﺪ‬

‫ﻘﻼ‬
‫ﲤﻜﻦ اﺳﺘ‬
‫ﻘﻴﺔ‬
‫ﻋﻲ‬

‫ﻼﺋ‬

‫ﺠﺰ‬
‫ﺎت ‪ /‬ﺎﺋﻴﺔ‬
‫ﻢ ‪ /‬ﻣﻬ ﻣﻬﺎم ﻘﺪم‬
‫ﻋ‬
‫ﺘﻤﺎ‬

‫ﻨﻬ‬

‫ﻣﻜﺎﻓﺄة‬
‫ﻳﺪة‬
‫ﺗ‬
‫ﻟ‬
‫ﻨ‬
‫ا ﳊﺎﻟﺔ ا ﺟﺘﻤﺎﻋ ﻔﺮق‬

‫ا‬
‫اﳌﺠ إﻣﺘﺎع اﻟ ﻘﻴﺔ‬

‫ﺪ‬
‫ﻣ‬
‫ﺷﺒ ﻮﻋﺎت ﺎس‬

‫ﻣﺴﺘ رك‬

‫ﺟ‬

‫ت‬
‫اﺟ‬
‫ا ﻜﺔ ا ‪ /‬اﻟ‬
‫ﻴﺔ‬

‫ﺎ‬
‫ﻼﺋ‬

‫اﳌﻌﺎ‬
‫ﻨ‬

‫ﻣﺘﻌﺔ ﺷﻬﺎ رات‬


‫ﺿﻐﻂ ف اﺟﺘﻤ ﻋﻴﺔ‬

‫ﻳ‬
‫ﻻﻋﺐ‬
‫ﻮﻳ‬

‫ﻤﻜـﻦ ﲢﺪ‬
‫ﺻﻌﺒﺔ دات‬
‫ﻋ‬
‫ﻣ اﺟﺘﻤﺎ ﻋﻲ‬

‫ﺎ‬
‫ﺟﺘﻤﺎ‬
‫ﻨﺎﻓﺴﺔ ﻋﻲ‬

‫‪-‬‬
‫ﺎ‬
‫ﻛﺘﺸﺎ ﻻ‬

‫ﻤ‬

‫ﺗﻌﻠ‬

‫ﻣﻜﺎﻓﺄﺓ‬
‫ﺗ‬

‫ﻧﻘﺎط‬
‫اﳌﻜﺎﻓﺂت اﳌﺎدﻳﺔ ‪ /‬اﳉﻮاﺋﺰ‬
‫ﻟﻮﺣﺎت اﻟﺘﺼﺪر‬
‫اﻟﺸﺎرات ‪ /‬اﻹﳒﺎزات‬
‫اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻻﻓﺘﺮاﺿﻲ‬
‫‪40‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬

‫رحلة املستخدم‬
‫إلقاء نظرة على رحلة املستخدم‬
‫وانسيابها من خالل شد الرحال‬
‫وبناء العادة وأخيراً إتقانها‬
‫والتمكن منها‪.‬‬
‫عند استخدام املكافآت‪ ،‬ينبغي‬
‫التفكير يف كيفية مالءمتها لهذه‬
‫الرحلة‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫دليل التلعيب ‪APT2C /‬‬

‫املشاركة ‪ /‬حلقات التغذية الراجعة‬


‫تنمي حلقة التغذية الراجعة اإليجابية شي ًئا ما‪ ،‬يف‬
‫حني تؤدي حلقة التغذية الراجعة السلبية إلى تقليص‬
‫شيء ما‪.‬‬
‫باستخدام حلقات التغذية الراجعة وحتديد أهداف‬
‫صغرى‪ ،‬ونقاط فحص‪ ،‬ميكن دعم املستخدمني‪،‬‬
‫وجعلهم أكثر مشاركة من مجرد انتظار أن يقوموا بفعل‬
‫ما مرا ًرا وتكرا ًرا بدون تغذية راجعة أو فرصة سانحة‬
‫«للفوز» على اإلطالق‪.‬‬
‫ختـامـا‬
‫¨إعداد التحليالت اخلاصة بالعملية التلعيبية؛‬
‫¨جتريب العملية التلعيبية مع الفئة (اجلمهور) املستهدفة؛‬
‫¨معاودة التحسينات والتجويدات‪ ،‬بناء على التغذية‬
‫الراجعة؛‬
‫¨إصدار املنتج التلعيبي؛‬
‫¨تلك هي احللقة املستمرة لدورة حياة كاملة من احلل‬
‫التلعيبي‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫‪ / APT2C‬دليل التلعيب‬
APT2C

You might also like