You are on page 1of 70

‫أفكا ٌر يف رسم املسار‬

‫املهني‬

‫إعداد‪ :‬د‪ .‬فادي عمروش‬


‫فهرس املحتويات‬

‫‪7‬‬ ‫مقد ٌ‬
‫مة‬ ‫ّ‬

‫‪9‬‬ ‫ما هو املسار املهني؟‬

‫‪11‬‬ ‫الشغف‬ ‫ُ‬


‫تعريف َّ‬

‫‪15‬‬ ‫املهني‬
‫ّ‬ ‫الشغف واملسار‬
‫بني ّ‬

‫‪23‬‬ ‫الشغف‬
‫دور امليول يف حتديد َّ‬

‫‪29‬‬ ‫الشغف أم االجتهاد؟!‬


‫ّ‬

‫‪33‬‬ ‫دور يف ال َّنجاح يف احلياة املهن َّية؟‬ ‫ّ‬


‫للحظ ٌ‬ ‫هل‬

‫‪37‬‬ ‫هل تتحكَّ م بنا "اجلينات"؟‬

‫‪41‬‬ ‫السعادة املهن َّية‬


‫َّ‬

‫‪47‬‬ ‫متى نبدأ ببناء املسار املهني؟‬

‫‪49‬‬ ‫كيف تفكر تصميم َّياً ملسارك املهني؟‬

‫‪67‬‬ ‫ٌ‬
‫خامتة‬

‫‪69‬‬ ‫املراجع‬
‫مقد ٌ‬
‫مة‬ ‫ّ‬

‫ال يخفى عىل أحدٍ أنَّنا نعيش اليوم يف عال ٍم ميل ٍء بما ال حرص له من املهن‪ ،‬واألعمال املتنوِّعة‪ ،‬األمر‬
‫الذي يجعل الكثري من النّاس ‪َّ -‬‬
‫الشباب عىل وجه الخصوص‪ -‬يف حري ٍة من أمرهم‪ ،‬فيشعرون‬

‫حقيقي يف ساعة االختيار بني املئات من املسارات املهنيّة التي يمكنهم العمل فيها‪ ،‬ومع‬
‫ٍّ‬ ‫راب‬
‫ط ٍ‬ ‫باض ِّ‬

‫الس َ‬
‫مة األبرز يف عمليّة االختيار تلك‪،‬‬ ‫االنفجار الكبري يف ثورة املعلومات واالتِّصاالت؛ يصبح التَّشتُّت َّ‬

‫نجاح يف صورتها النِّهائيَّة‪ ،‬دون‬


‫ٍ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وما تعرضه من قصص‬
‫ِّ‬ ‫إذ ساهمت مواقع التَّواصل‬
‫الخوض يف التَّفاصيل التي سبقت ذلك النَّجاح يف جعل الكثري من َّ‬
‫الشباب متحمّ سا ً للخوض يف غمار‬

‫عمل ّ ٍ‬
‫معني‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫ٍ‬
‫شذرات من لقاءات ضمن "مؤسسة نيوفريستي التعليمية" قمت‬ ‫تم بناء هذا الكتيب بمثابة‬

‫باجراءها مع املبدع إيّاد يعقوب‪ ،‬نقل فيها عصارة خربته العمليّة البحتة يف مواضيع رنَّانةٍ مثل‬
‫ظ‪ ،‬ودور الجينات‪ ،‬والقدرات‪ ،‬وما إىل ذلك‪ ،‬هذه العبارات التي يكثر بيعها ّ‬
‫والّتويج‬ ‫ّ‬
‫الشغف‪ ،‬والح ِّ‬

‫لها ح ّتى أصبحت وهماً‪ ،‬وخداعا ً للعامَّة‪.‬‬

‫درس إياد يعقوب املاجستري والدكتوراه يف السلوك التنظيمي واإلدارة وعلم النفس يف جامعة بريديو‪،‬‬

‫وسان فرانسيسكو وهارفارد‪ ،‬كما أنّه زميل باحث يف معهد التدريب يف جامعة هارفارد‪ ،‬وباحث يف‬

‫ومدرب ملؤسيس الرشكات‪.‬‬


‫ّ‬ ‫برنامج فولربايت‪،‬‬

‫قاد إياد املوارد البرشية والتدريب يف عدة رشكات تقنية يف وادي سيليكون تجاوزت قيمتها السوقية‬

‫مليارات الدوالرات‪ ،‬كما أرشف وصمم عدة تدريبات يف ستانفورد وبوردو واألمم املتحدة‪ ،‬وتوج ذلك‬

‫‪7‬‬
‫مقدمة‬

‫حاليا ً بأنّه يعمل رئيسا ً لقسم أبحاث علوم النفس السلوكية يف ‪ Sounding Board‬حيث يركز يف‬

‫عمله عىل ربط العلم باملمارسة يف مجال التنمية القيادية‪.‬‬

‫َّ‬
‫املعقد‪ ،‬وتعميق البسيط ليكون سلسالً وافياً‪ ،‬وكافيا ً ملن وقف عىل‬ ‫حاولت قدر اإلمكان تبسيط‬

‫صميمي‪ ،‬وتسليط‬
‫ِّ‬ ‫بخطوات‪ ،‬وإرشادات عمليَّةٍ الستيعاب التَّفكري التَّ‬
‫ٍ‬ ‫مفّتق طرق العمل‪ ،‬وأنهيناه‬
‫ّ‬
‫الضوء عىل أه ّميته يف تحسني حياتنا االجتماعيّة‪ ،‬واملهنيّة‪.‬‬

‫مكان عبارة "اتّبع شغفك"‪ ،‬ولكن يف الحقيقة يتوجّ ب علينا التَّفكري مل ّيا ً قبل اتّباع‬
‫ٍ‬ ‫تحارصنا يف ك ِّل‬
‫كثب‪ ،‬وعلينا اال ّ‬
‫طالع عىل‬ ‫املهني عن ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشغف‪ ،‬فالب ّد من معرفة كيفيَّة تحديد شغفنا‪ ،‬وبناء مسارنا‬

‫تجارب أولئك النَّاجحني عن ٍ‬


‫قرب ملعرفة كيف نجحوا‪ ،‬ال أن نكتفي بما وصل إلينا من قصص‬

‫بمجرد اتِّباعهم لشغفهم‪ ،‬وعملهم يف األشياء التي يحبّونها‪.‬‬


‫ّ‬ ‫نجاحهم الذي ّ‬
‫تحقق‬

‫وأبحاث علميّةٍ ‪ ،‬ومن‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ودراسات‪،‬‬ ‫معلومات‪ ،‬ونتائجَ مستخلص ًة من ٍ‬
‫كتب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫سنعرض يف هذا الكتيِّب‬

‫مناسب لك ٍّل‬
‫ٍ‬ ‫مهني‬
‫ٍّ‬ ‫مسار‬
‫ٍ‬ ‫تجارب واقعيَّةٍ كذلك‪ ،‬لنصل به معكم إىل أفضل ال ّ‬
‫طرائق‪ ،‬وأنجحها يف بناء‬

‫االجتماعي‪ ،‬ودون‬
‫ِّ‬ ‫منَّا‪ ،‬دون تحي ٍّز‪ ،‬أو تأث ّ ٍر باملعلومات َّ‬
‫الزائفة التي تعرضها لنا وسائل التَّواصل‬
‫االنسياق وراء قصص النَّجاح التي تصلنا بصور ٍة مضلّلةٍ ‪ ،‬بعيدا ً عن الخوض يف تفاصيلها ّ‬
‫املعقدةِ‪،‬‬

‫ناجح بأفضل الخطوات‪،‬‬


‫ٍ‬ ‫مهني‬
‫ٍّ‬ ‫مسار‬
‫ٍ‬ ‫املهني‪ ،‬وكيف يمكننا بناء‬
‫ّ‬ ‫وسنقوم بتوضيح مفهوم املسار‬
‫كما سنتكلّم عن مفهوم ّ‬
‫الشغف‪ ،‬وما يشري إليه هذا املصطلح‪ ،‬وكيف يتوجّ ب علينا أن نتعامل معه‪،‬‬

‫ٍ‬
‫إرشادات حول كيفيَّة‬ ‫وسنرشح أه ِّميَّة االجتهاد مقابل الح ِّ‬
‫ظ‪ ،‬وظروف البيئة املحيطة‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫استثمار املواهب َّ‬
‫الشخصيَّة يف تطوير مسريتنا املهنيّة‪ ،‬وسنتط ّرق كذلك إىل مفهوم َّ‬
‫السعادة املهنيّة‪،‬‬
‫الرضا عن ذواتنا من خالل تصميم حياتنا املهنيّة َّ‬
‫بالشكل املناسب واملالئم‬ ‫وكيف يمكننا تحقيق ِّ‬
‫لشخصيّتنا‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ما هو املسار املهني؟‬

‫املهني"؛ ألنَّه املحور الذي‬


‫ّ‬ ‫َّ‬
‫بالضبط بمُصطلح "املسار‬ ‫يف البداية‪ ،‬علينا معرفة ما الذي نقصده‬

‫سيدور حوله مجمل ما سنتحدّث عنه‪ ،‬وترتبط به جميع املحدّدات التي سنتناولها يف بحثنا هذا‪.‬‬

‫واسع للتَّعبري عن مختلف األعمال التي من املمكن أن‬


‫ٍ‬ ‫نطاق‬
‫ٍ‬ ‫املهني عىل‬
‫ِّ‬ ‫يُستخدم مصطلح املسار‬
‫الجامعي‪ ،‬أم كنّا نعمل بها ألنّنا ِّ‬
‫نحقق بها‬ ‫ِّ‬ ‫نقوم بها‪ ،‬سواء أكانت هذه األعمال مرتبط ًة باختصاصنا‬

‫املهني للتَّعبري عن العمل الذي نقوم به لتوفري‬


‫َّ‬ ‫بشكل‪ ،‬أو بآخر‪ ،‬كما أنَّنا نستخدم املسار‬
‫ٍ‬ ‫ذاوتنا‬

‫احتياجاتنا املا ِّديّة األساسيَّة‪ ،‬والذي يو ِّفر لنا دخالً مال ّيا ً كافيا ً ملصاريفنا املختلفة‪ ،‬واملتنوّ عة مثل‬

‫سداد الفواتري‪ ،‬وما إىل ذلك‪.‬‬

‫ِ‬
‫مجتمعني‬ ‫املهني من خالل هذا التَّعريف إىل قسمني أساسيَّني يش ِّكالن‬
‫َّ‬ ‫ويمكننا أن ّ‬
‫نقسم املسار‬

‫الخاص بك ٍّل منّا‪:‬‬


‫َّ‬ ‫املهني‬
‫َّ‬ ‫املسا َر‬

‫‪ -‬العمل أو املهنة "‪"Job‬‬

‫مجال من املمكن أن ّ‬
‫يحقق لنا الدَّخل املادّيَّ الذي نحتاجه خالل‬ ‫ٍ‬ ‫يف هذا القسم يمكننا العمل يف أيِّ‬

‫املهني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فّت ٍة محدّدةٍ‪ ،‬والذي نستعني به للوصول إىل القسم اآلخر من املسار‬

‫‪ -‬الهويَّة املهنيّة "‪"Career‬‬

‫ملجرد أنَّه ِّ‬


‫يحقق لنا دخالً ما ِّديّاً‪ ،‬أو يضمن لنا‬ ‫مجال ّ‬
‫ٍ‬ ‫أمّ ا يف هذا القسم ال يتوجّ ب علينا العمل يف أيِّ‬
‫وفر ًة مالي ًَّة‪ ،‬إذ يتوجّ ب علينا أن نحسن انتقاء الخيارات املناسبة لنا تماماً‪ ،‬وعىل َّ‬
‫كافة األصعدة‪ ،‬وهذا‬

‫‪9‬‬
‫املهني؟‬
‫ّ‬ ‫ماهو املسار‬

‫ما سنتكلّم عنه بالتَّفصيل الحقاً‪.‬‬

‫عمل مهما بدا بسيطاً‪ ،‬أو‬


‫ٍ‬ ‫فعىل سبيل املثال‪ :‬يمكن أن نعمل خالل فّتة الدِّراسة الجامعيَّة يف أيِّ‬

‫تخصصنا‪ ،‬وذلك لنتم ّكن من تدبري املصاريف املاليَّة التي تساعدنا يف متابعة‬
‫ُّ‬ ‫مهما كان بعيدا ً عن‬

‫اإليجابي علينا الحقاً‪ ،‬ألنَّه سيُكسبنا‬


‫ُّ‬ ‫الدِّراسة الجامعيَّة‪ ،‬وهذا العمل بك ِّل تأكي ٍد سيكون له التَّأثري‬

‫بشكل‪ ،‬أو بآخر مجموع ًة من املهارات التي نحن بحاجة إليها فعل ّيا ً يف سوق العمل عىل اختالف‬
‫ٍ‬
‫مهننا املستقبليَّة‪.‬‬

‫ِّ‬
‫ويحقق أقىص درجات‬ ‫طبع لدينا نداء الحياة "‪ "Calling‬هو الهدف األسمى الذي ِّ‬
‫يحقق ال َّذات‪،‬‬ ‫وبال َّ‬

‫طبع يستوي هذا النَّوع من العمل مع باقي األعمال يف تحقيق ال َّذات‪.‬‬


‫والرضا لإلنسان‪ ،‬وبال َّ‬ ‫َّ‬
‫السعادة‪ِّ ،‬‬

‫ِّ‬
‫ويحقق ذاتك‪ ،‬وتستغرق يف ك ِّل تفاصيله‪ ،‬وتشعر باملتعة‪،‬‬ ‫نداء الحياة هو العمل الذي تسعد به‪،‬‬
‫والحماس أثناء أدائه‪ ،‬فال تعتربه هويَّ ًة مهن َّي ًة‪ ،‬أو عمالً‪ ،‬بل جزءا ً من حياتك ِّ‬
‫يحقق لك وجودك‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الشغف‬ ‫ُ‬
‫تعريف َّ‬

‫وقت ما‪ ،‬أو ربَّما يف أوقات كثرية العبارة ال ّتالية‪"Find your passion" :‬‬
‫من املؤ َّكد أنَّنا سمعنا يف ٍ‬
‫أو بالعربيَّة‪" :‬اتّبع شغفك" أو "ابحث عن شغفك"‪ ،‬قبل الخوض يف تعريف ّ‬
‫الشغف‪ ،‬ومعرفة مدى‬
‫اريخي واللّغوي ملصطلح ّ‬
‫الشغف‪ ،‬وذلك‬ ‫ِّ‬ ‫السياق التَّ‬
‫السابقة الب ّد لنا من العودة إىل ِّ‬
‫صحَّ ة العبارات َّ‬

‫صحيح بما يتوافق مع استخداماته املعارصة يف عالم األعمال‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫لنتم َّكن من تعريفه‬

‫بشكل ٍ‬
‫الفت بعد‬ ‫ٍ‬ ‫إ َّن استخدام مصطلح َّ‬
‫"الشغف" يف مجال العمل ليس استخداما ً قديماً‪ ،‬إنَّما برز‬

‫مؤسس رشكة "آبل" خالل حفل تخريج‬ ‫الخطاب التَّحفيزيِّ َّ‬


‫الشهري الذي قام به "ستيف جوبز" ِّ‬
‫طالب جامعة "ستانفورد" العريقة يف الواليات املتَّحدة األمريكيَّة‪ ،‬إذ كان يوجّ ه ال ُّ‬
‫طالب‬ ‫دفعةٍ من َّ‬

‫عبارات عديد ٍة ليؤ ِّكد عىل‬


‫ٍ‬ ‫يف خطابه إىل أه ِّمية أن يعملوا يف املجاالت التي يحبّونها‪ ،‬وأشار إىل ذلك يف‬

‫أنَّه يتوجّ ب عليهم اتِّباع شغفهم‪ ،‬أو َّ‬


‫السري وراء حدسهم‪ ،‬أو ما يحبِّونه‪ ،‬ومن ذلك العبارة التي قال‬

‫فيها‪:‬‬

‫الحق أنَّه ال يُقدَّر ٍ‬


‫بثمن"‬ ‫وقت ٍ‬ ‫"معظم ما صادفته كان نتيجة اتِّباعي لفضويل وحديس‪ ،‬وقد ّ‬
‫تبني يف ٍ‬

‫وكذلك قوله‪" :‬يجب أن تجد ما تحبَّه"‬

‫ري ج َّدا ً يف نطاق العمل‪ ،‬واملسار‬


‫بشكل كب ٍ‬
‫ٍ‬ ‫بعد ذلك أصبح استخدام كلمة ّ‬
‫الشغف "‪ "Passion‬شائعا ً‬

‫السياق اللغوي ال نجد أ َّن كلمة َّ‬


‫الشغف تستخدم يف نطاق العمل باللغة العربيَّة‬ ‫املهني‪ ،‬وح ّتى يف ّ‬
‫ّ‬
‫بقدر استخدامها يف نطاق العالقات‪ ،‬ولذلك سنحاول تعريف َّ‬
‫الشغف كما يُستخدم بكونه مصطلحا ً‬

‫املهني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يف نطاق العمل واملسار‬

‫‪11‬‬
‫تعريف َّ‬
‫الشغف‬
‫ّ‬
‫الشغف‪ :‬هو أن تكون مح َّبا ً لعملك الذي تقوم به لدرجةٍ عاليةٍ ج ّداً‪ ،‬تدفعك إىل ال ّتفاني يف ذلك العمل‬

‫لدرجةٍ تُسمّى فيها شغوفا ً بالعمل‪ .‬سننطلق اآلن لنناقش فكرة حبّ العمل عن ٍ‬
‫قرب‪ ،‬وذلك لنعرف‬
‫ما املقصود َّ‬
‫بالضبط بحبّنا للعمل‪ ،‬وكيف يمكن أن نع َّد أنفسنا محبِّني للعمل‪.‬‬

‫يف الحقيقة ال تأثري للعمل نفسه يف حبّنا له‪ ،‬ولكن التَّأثري األكرب هو لكيفيّة قيامنا بذلك العمل‪ ،‬لذلك‬

‫يُستحسن أن نسأل عن العمل بـ "كيف نعمل؟" بدال ً من أن نسأل عنه بـ "ماذا نعمل؟"‬

‫بشكل مبارش بطريقة قيامنا بالعمل‪ ،‬والتي من املمكن أن تؤدّي إىل حبِّ العمل‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫فحبّنا للعمل يتعلّق‬

‫عمل ما أنَّنا نحبّه قبل أن‬


‫الَّضوري أن نفهم أنَّه من الخطأ الحكم عىل ٍ‬
‫أو ربّما كرهه‪ ،‬ولذلك من َّ‬

‫ملجرد اهتمامنا بها‪ ،‬فاالهتمام‬


‫نوع من األعمال َّ‬
‫نجرب العمل فيه‪ ،‬إذ ال يمكننا الحكم عىل حبّنا أليِّ ٍ‬
‫ِّ‬
‫قرب‪ ،‬ومل َّد ٍة زمنيَّةٍ كافيةٍ‬ ‫ال يمكن أن يساهم بالحكم َّ‬
‫الصحيح بقدر ما نحتاج إىل تجربة العمل عن ٍ‬
‫دؤوب‪ ،‬وذلك استنادا ً إىل املصادر املوثوقة‬
‫ٍ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫أشهر من التَّ ّ‬
‫عرف إىل العمل‬ ‫ٍ‬ ‫يجب ّأال تق ّل عن ثالثة‬

‫مجرد االكتفاء بما نسمعه عن العمل من‬


‫ّ‬ ‫التي تمنحنا املعلومات الدَّقيقة حول العمل‪ ،‬وليس‬

‫ّتتّب علينا خوض التَّجربة الكافية يف هذا‬


‫األشخاص الذين يعملون به‪ ،‬ويحبّونه فعالً‪ ،‬ث ّم بعد ذلك ي َ‬
‫الَّسيع‪ ،‬إذ يقع الكثريون يف ِّ‬
‫فخ الحكم َّ‬
‫الَّسيع عىل األعمال التي يعدّون أنفسهم‬ ‫العمل لتجنُّب الحكم َّ‬
‫عمل جدي ٍد بال َّ‬
‫طريقة ذاتها‪،‬‬ ‫يتبني لهم الحقا ً أ َّن هذا الحكم كان خاطئاً‪ ،‬ليبحثوا عن ٍ‬
‫شغوفني بها‪ ،‬ثم ّ‬

‫والتي تؤدِّي يف الغالب إىل نتائج شبيهةٍ ‪.‬‬

‫نتيجة له‪ّ ،‬‬


‫فالشغف ال يمكن‬ ‫ٌ‬ ‫يتبني لنا أن ّ‬
‫الشغف ليس سببا ً للعمل بل هو‬ ‫استنادا ً إىل الكالم ّ‬
‫السابق‪ّ ،‬‬

‫الزمن‪ ،‬وإنَّما هو نتيجة ممارسة يش ٍء ما‪ ،‬وبذل جه ٍد فيه‪ ،‬وبالتَّايل يتكون لدينا‬
‫أن يبدأ بلحظةٍ من َّ‬
‫شغف يف ذلك َّ‬
‫الَّشء ملا نحصل عليه من عوائد ربَّما تكون عوائد ما ِّديَّة ملموسة‪ ،‬أو عوائد معنويَّة‬ ‫ٌ‬

‫‪12‬‬
‫تعريف َّ‬
‫الشغف‬

‫غري ملموسةٍ تدفعنا إىل االستمرار يف العمل‪ ،‬والتعلّق به‪ ،‬فبقدر ما نستثمر يف العمل‪ ،‬ونلتزم به؛‬
‫وإنجازات ّ‬
‫تحفز لدينا شغف االستمرار بهذا العمل‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بقدر ما نحصل عىل عوائد‪،‬‬

‫انطالق للعمل‪ ،‬واستثمار املهارات‪ ،‬بل‬


‫ٍ‬ ‫بحال من األحوال نقطة‬
‫ٍ‬ ‫ومنه فإ َّن َّ‬
‫الشغف ال يمكن اعتباره‬

‫هو نتيج ٌة الستثمار مهاراتنا يف العمل‪ ،‬وعليه فإ َّن الخطأ الكبري يف عبارة "‪"Find your passion‬‬
‫ألن ّ‬
‫الشغف ال يمكن إيجاده إنَّما يتوجّ ب علينا بناؤه من خالل العمل‪،‬‬ ‫يكمن يف كلمة "‪َّ ،"Find‬‬

‫وتنمية املهارات‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫املهني‬
‫ّ‬ ‫الشغف واملسار‬
‫بني ّ‬

‫الخاص به‪ ،‬وكذلك مصطلح َّ‬


‫الشغف‪ ،‬وكيفيَّة استخدامه يف نطاق‬ ‫ِّ‬ ‫املهني‪ ،‬واملدلول‬
‫ِّ‬ ‫تعرفنا إىل املسار‬
‫ّ‬
‫العمل‪ ،‬واآلن ننتقل إىل الفكرة األهم‪ ،‬وهي كيف يمكن نستخدم ّ‬
‫الشغف يف بناء مسار مهني ناجح‪.‬‬

‫أدق‪ ،‬ال يمكن أن نع َّد ّ‬


‫الشغف‪،‬‬ ‫يف الحقيقة ال يمكن فصل ّ‬
‫الشغف عن املسار املهن ِّي‪ ،‬أو بمعنى ّ‬

‫بشكل ّ‬
‫معقدٍ‪ ،‬ويصعب‬ ‫ٍ‬ ‫هني شيئني مستقلَّني عن بعضهما البعض‪ ،‬وذلك ألنَّهما مّتاكبان‬
‫واملسار امل ّ‬
‫مجال ما‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫الفصل بينهما‪ ،‬ومن الجدير باالهتمام العودة إىل ال ّ‬
‫ظروف التي جعلتنا نحبُّ العمل يف‬

‫بعمل ما‪ ،‬وصنعت لدينا اهتماما ً بذلك‬


‫ٍ‬ ‫ظروف التي جعلتنا نعتقد أنَّنا نحبُّ القيام‬
‫أدق ال ُّ‬
‫وبمعنى ّ‬

‫واع سواء من قبل األهل‪ ،‬أو املجتمع‪ ،‬أو حتَّى‬


‫بشكل غري ٍ‬
‫ٍ‬ ‫العمل‪ ،‬ففي الحياة املهنيَّة ت َّم توجيهنا‬
‫عمل محدّد ٍة دون أن ندرك ما هو َّ‬
‫الَّشء الذي نحبّه فعل ّياً‪ ،‬لذلك‬ ‫الجامعة نحو االهتمام بمجاالت ٍ‬
‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫انحياز ما هي األشياء التي من املمكن أن نحبّها‬
‫ٍ‬ ‫موضوعي ودون‬
‫ٍّ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫علينا أن نعرف‬

‫حقيقي‪.‬‬
‫ٍّ‬

‫يف البداية من امله ّم ج ّدا ً أن نهت َّم باملهارات التي تتيح لنا خيارات متعدّد ٍة يف العمل‪ ،‬ومن ث ّم علينا‬
‫االستثمار يف أنفسنا من خالل إتقان تلك املهارات َّ‬
‫بالشكل األمثل‪ ،‬سيجعلنا ذلك قادرين عىل القيام‬

‫التعرف إليها من خالل اآلخرين‪ ،‬ث ّم نستطيع‬


‫ّ‬ ‫مجرد‬
‫ّ‬ ‫بتجربةٍ ‪ ،‬واختبار األعمال عن قرب بدال ً من‬

‫اكتشاف مدى حبّنا للعمل الذي قمنا بتجربته‪ ،‬و معرفة مدى مالئمته لنا‪ ،‬وكذلك مدى شغفنا به‪.‬‬

‫كيف يمكننا معرفة املهارات التي نحن بحاجةٍ إىل تنميتها‪ ،‬واستثمار وقتنا بتعلُّمها؟‬

‫‪15‬‬
‫املهني‬
‫ّ‬ ‫بني َّ‬
‫الشغف واملسار‬

‫الحقيقة أ َّن ّ‬
‫السوق هو الذي يحدّد املهارات الهامَّة‪ ،‬واملطلوبة يف ك ّل فّت ٍة زمنيَّةٍ ‪ ،‬ولكن تبقى هناك‬

‫الَّضورية يف كا َّفة‬
‫بعض الثّوابت التي يمكن البناء عليها‪ ،‬ونعني بتلك الثَّوابت مجموعة املهارات َّ‬

‫األوقات واألعمال‪ ،‬والتي نحتاج إليها يف عمليَّة تعلّم املهارات التَّ ّ‬


‫خصصيّة يف األعمال التي تش ّكل‬

‫املهني الحقاً‪ ،‬ويمكن تقسيم هذه املهارات إىل قسمني أساسيَّني هما‪:‬‬
‫ِّ‬ ‫مسارنا‬

‫السلوكية "‪ "Behavioral Skills‬ويطلق عليها أيضا ً "‪ ،"Soft Skills‬وربّما تكون هذه‬
‫املهارات َّ‬

‫التَّسمية غري صحيحةٍ أل ّن هذه املهارات تع ُّد من املهارات َّ‬


‫الصعبة التي تحتاج إىل م ّد ٍة زمنيّةٍ طويلةٍ‬

‫لتعلّمها‪ ،‬كما أ َّن تعلّمها ال يت ُّم إال باملمارسة وتراكم الخربة‪ ،‬إذ يمكن ع ّد هذه املهارات من املهارات‬

‫القيادية "‪ ،"Leadership Skills‬ومن أه ّمها‪ :‬مهارات االتِّصال‪ ،‬والتَّخطيط‪ ،‬ووضع األهداف‬

‫العاطفي‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫‪،‬ومهارات ال َّذكاء‬

‫املهارات ال ّتقنيّة "‪ "Technical Skills‬ويمكن أن نطلق عليها املهارات التَّحليليَّة‪ ،‬مثل مهارات‬
‫ح ِّل املشاكل‪ ،‬وال ّتفكري النّاقد‪ ،‬واتِّخاذ القرارات‪ ،‬وهذا النَّوع من املهارات هو الذي يميِّز َّ‬
‫الشخص يف‬

‫طويل من‬
‫ٍ‬ ‫وقت‬ ‫بيئة العمل‪ ،‬ألنَّه يمكن أن يُع َّد من "القدرات" التي يمتلكها ّ‬
‫الشخص من خالل ٍ‬
‫املمارسة والتعلُّم‪ ،‬كما أنّها تصبُّ فيما يمكن اعتباره "‪ّ "Career Capital‬‬
‫للشخص‪ ،‬أو ما يمكننا‬

‫املهني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أن نس ّميه رأس املال‬

‫واآلن يبقى ُّ‬


‫السؤال األهم‪:‬‬

‫الساَبق كيف نبحث عن ّ‬


‫الش َغف يف أعمالنا املختلفة؟‬ ‫يف ضوء الكالم ّ‬

‫‪16‬‬
‫املهني‬
‫ّ‬ ‫بني َّ‬
‫الشغف واملسار‬

‫السؤال بعد الحديث عن تنمية املهارات‪ ،‬والحاجة امللحَّ ة لتجربة العمل‪،‬‬ ‫من َّ‬
‫الَّضوري طرح هذا ُّ‬

‫وذلك لعدم الوقوع يف إطالق أحكا ٍم مستعجلةٍ ‪ ،‬وغري دقيقةٍ ‪ ،‬ولكن كيف نستطيع معرفة أنّنا‬

‫بعمل ما بعد تجربته بالفعل؟‬


‫ٍ‬ ‫شغوفون‬

‫الش َغف!"‬
‫إ َّن اإلجابة عىل ذلك بسيط ٌة‪" :‬ابحث عن الغاية بدال ً من ّ‬

‫ببساطةٍ شديدةٍ‪ ،‬الغاية هي ما يدفعنا إىل العمل وال ّتضحية‪ ،‬وربَّما املعاناة‪ ،‬وذلك يف سبيل الوصول‬
‫بشكل أفضل سنق ّد ِم مثاال ً‬
‫ٍ‬ ‫إىل ما نريد ونرغب‪ ،‬وليس حبّ ما نقوم به دوماً‪ ،‬ولتوضيح هذه الفكرة‬

‫بسيطا ً من ممارسة ال ّرياضة‪:‬‬

‫لو افّتضنا أنّنا نمارس ال ّرياضة للحفاظ عىل صحتنا‪ ،‬وكذلك لتجنُّب بعض األمراض التي من‬
‫املمكن أن تصيبنا يف املستقبل‪ ،‬فهذا يعني أنَّنا نتح َّمل َّ‬
‫مشقة ممارسة ال ّرياضة‪ ،‬والتَّعب الذي يصيبنا‬

‫خاللها يف سبيل الغاية‪ ،‬أو الهدف بعيد املدى‪ ،‬وهو تجنّب األمراض‪ ،‬وسنقوم يف سبيل ذلك بال َّذهاب‬

‫إىل نادي ال ِّرياضة‪ ،‬وتح ُّمل التَّكاليف املا ّديّة أيضاً‪ ،‬وك ّل ذلك لتحقيق الغاية الذي نمارس ال ّرياضة‬

‫املش ّقات‪ ،‬وذلك األلم ّ‬


‫ملجرد أنَّنا نحبُّ ال ِّرياضة‪ ،‬أو أنَّنا نحبُّ‬ ‫من أجلها‪ ،‬ويف املقابل لن نتح ّمل ك َّل تلك َ‬

‫التَّواجد يف نادي ال ِّرياضة مع األصدقاء‪ ،‬ويف حال وجود ذلك الحبّ فعالً الذي نعدّه عامالً مساعدا ً‬

‫عىل تح ُّمل األلم يف سبيل الغاية‪ ،‬ولكنَّه ليس َّ‬


‫السبب الذي نتح َّمل األلم من أجله‪.‬‬

‫ٍ‬
‫هدف‬ ‫طر إىل البقاء يف مهنةٍ ربَّما ال نحبَّها كثرياً‪ ،‬ولكنَّنا نعمل بها بسبب وجود غايةٍ ‪ ،‬أو‬
‫وعليه قد نض َّ‬

‫مرشوع آخر‪ ،‬ولكن ذلك املرشوع بحاجةٍ إىل غطا ٍء ماديٍّ ّ‬


‫توفره لنا‬ ‫ٍ‬ ‫من املمكن أن يكون انتقاال ً إىل‬

‫تلك املهنة‪ ،‬ولهذا نتألّم يف سبيل الهدف‪ ،‬أو الغاية‪ ،‬ولسنا نعمل ما نحبّه فحسب!‬

‫‪17‬‬
‫املهني‬
‫ّ‬ ‫بني َّ‬
‫الشغف واملسار‬

‫ويف تفسري ماهيَّة األلم‪ ،‬ودوره يف دفعنا إىل إنجاز املزيد‪ ،‬نستعرض بعضا ً مما كتبه "مارك‬

‫مانسون" يف كتابه "فن الالمباالة" حول مفهوم األلم‪:‬‬

‫"األل ُم مفي ٌد لنا بقدر ما نكرهه"‬

‫"تعلّم كيف تتح ّمل األلم الذي تختاره‪ ،‬عندما تختار قيم ًة جديد ًة فإنّك تختار إدخال نوع جديد من‬
‫قررت فعله مُرحّ با ً‬
‫األلم إىل حياتك‪ ،‬استمتع بهذا األلم‪ ،‬تذوَّقه‪ ،‬افتح ذراعيك مُرحِّ با ً به‪ ،‬ث َّم افعل ما َّ‬
‫بوجود األلم‪".‬‬

‫يسهب "مانسون" يف فكرة أ َّن ما يق ِّرر نجاحك ليس اإلجابة عن سؤال‪" :‬ما الذي تريد أن تستمتع‬

‫به؟" بل اإلجابة عن األسئلة املتعلّقِ ة باأللم من قبيل‪:‬‬

‫"ما األلم الذي تريده يف حياتك؟ وما الذي تظ ُّن أنَّك مستع ٌّد للكفاح من أجله؟ وأيضاً‪ ،‬ما هو األلم‬

‫الذي ترغب يف تحمّله؟"‬

‫األمريكي "وليام جيمس"‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ونتيجة ملا سبق نستلهم املعنى ملقولة الفيلسوف‪ ،‬وعالم النّفس‬

‫"األلم هو مفتاح اإلبداع‪ ،‬وطريق العبقريَّة"‬

‫السابقة‪ ،‬هل هناك حلو ٌل عمل ّي ٌة لتحديد ما الذي يجب أن نعمل‬


‫تعرفنا إىل ك ّل األفكار َّ‬
‫اآلن‪ ،‬وبعد أن َّ‬
‫فيه َّ‬
‫بالضبط؟‬

‫املهني هو ذلك العمل الذي يع ًّد‬


‫ّ‬ ‫املهني‪ ،‬تحدّثنا أ َّن املقصود باملسار‬
‫ّ‬ ‫بالعودة إىل تعريفنا للمسار‬
‫دخل بالنّسبة لنا‪ ،‬وبنا ًء عليه َّ‬
‫فإن املوضوع يرتبط بمجموعةٍ من العوامل‪ ،‬ويع ُّد املال من أه ِّم‬ ‫مصدر ٍ‬
‫بشكل أكرب‪ ،‬ال ب َّد من معرفة أ َّن النَّاس ينظرون إىل املال من وجهات‬
‫ٍ‬ ‫تلك العوامل‪ ،‬ولتوضيح األمر‬

‫‪18‬‬
‫املهني‬
‫ّ‬ ‫بني َّ‬
‫الشغف واملسار‬

‫نسبي‪ ،‬فالبعض يرى للمال األهميَّة الكبرية يف مجال العمل‪ ،‬والبعض اآلخر‬
‫ٍّ‬ ‫وبشكل‬
‫ٍ‬ ‫نظر مختلفةٍ ‪،‬‬
‫ٍ‬
‫الرضا الذي تو ِّفره له‪ ،‬وقد نجد‬ ‫ال يرى له أهم ّي ًة كبري ًة مقارن ًة بأه ِّمية بيئة العمل‪ ،‬ومدى َّ‬
‫الراحة أو ِّ‬
‫قدر جيّدٍ من املال‪ ،‬ولك َّن ذلك العمل ليس من األعمال التي يرى‬
‫من يعمل يف مهنةٍ يحصل منها عىل ٍ‬
‫ً‬
‫واسعة فيها‪ ،‬وعليه نستعرض حقيبة األعمال "‪ ،"Portfolio Of Jobs‬والتي تتكوّ ن‬ ‫أ َّن له خرب ًة‪،‬‬

‫من ثالثة أنواع من العمل عىل النَّحو التَّايل‪:‬‬

‫والكاف لس ِّد النَّفقات‪،‬‬


‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫نتكسب من خالله املال الالزم‪،‬‬ ‫● ‪ :Money Market‬وهو العمل الذي‬

‫وتحمُّ ل أعباء املعيشة‪.‬‬

‫ً‬
‫بصمة لنا يف حياة‬ ‫● ‪ :Impact Market‬وهو العمل الذي نؤثِّر من خالله يف املجتمع‪ ،‬و نّتك‬

‫اآلخرين من حولنا‪.‬‬

‫● ‪ :Expression Market‬وهو ذلك النّوع من العمل الذي نؤدِّيه بهدف التَّعبري عن ذواتنا‪ ،‬فهو‬

‫يع ُّد امتدادا ً لشخصيَّتنا وأفكارنا‪ ،‬ولذلك نجد أ َّن أكثر األشخاص الذين يعملون ضمن هذا‬

‫ّ‬
‫واملوسيقيني وغريهم‪.‬‬ ‫النّطاق هم ال ُكتَّاب‪ ،‬أو الفنَّانون مثل َّ‬
‫الرسامني‪،‬‬

‫ولنتم ّكن من املوازنة بني األنواع الثّالثة من األعمال َّ‬


‫السابقة علينا أن نختار ما الذي نريد عمله يف‬

‫ضوء املحدّدات الثّالثة ال ّتالية‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫املهني‬
‫ّ‬ ‫بني َّ‬
‫الشغف واملسار‬

‫دخل ماديٍّ ‪ ،‬فكلّما كان العمل‬


‫ٍ‬ ‫● حاجة ّ‬
‫السوق‪ :‬وهي ما يحتاجه العالم‪ ،‬وما يمكن أن يؤدِّي إىل‬
‫يحقق دخالً ماديّا ً أكرب كانت له ٌ‬
‫قيمة أكرب يف ّ‬
‫السوق‪ ،‬والعكس بالعكس‪.‬‬ ‫الذي نقوم به ِّ‬

‫● الكفاءة‪ :‬ويقصد بها املهارات‪ ،‬والقدرات التي نمتلكها‪ ،‬والتي تلبِّي بدورها حاجة ُّ‬
‫السوق‪،‬‬

‫ولذلك يجب علينا معرفة املهارات والقدرات التي نمتلكها فعالً‪ ،‬وذلك لتنميتها بما يتوافق مع‬

‫الصفر يف كا َّفة األوقات‪ ،‬بل علينا‬


‫السوق‪ ،‬ومن الجدير بال ّذكر أنَّنا لسنا بحاجةٍ للبدء من ِّ‬
‫حاجة ُّ‬
‫أن ِّ‬
‫ننقب عن نقاط قوَّتنا ومهاراتنا املوجودة فعالً‪ ،‬الستثمارها بما يعود علينا بالفائدة يف أقرص‬

‫ممكن‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وقت‬

‫‪20‬‬
‫املهني‬
‫ّ‬ ‫بني َّ‬
‫الشغف واملسار‬

‫ملل‪ ،‬ومن‬
‫باستمرار دون ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫والشغف‪ ،‬وهو ما يجعلنا نعمل‬ ‫● املتعة‪ :‬وهنا نشري إىل الحبِّ ‪،‬‬

‫السابقة مع بعضها البعض‪ ،‬فمن املمكن أن نحبّ عمالً معيَّنا ً‪ ،‬ولكنَّه‬ ‫ّ‬
‫الَّضوري مقارنة العوامل ّ‬
‫ال ِّ‬
‫يحقق لنا دخالً ما ّديّا ً‪ ،‬وقد نمتلكك مهار ًة ما‪ ،‬ولكنّها ليست ذات قيمةٍ سوقيّةٍ ‪.‬‬

‫متجانس‪ ،‬ومتوائ ٍم بني املحدّدات الثّالثة َّ‬


‫السابقة‪ ،‬يجعل اختيارنا‬ ‫ٍ‬ ‫مزيج‬
‫ِ‬ ‫إ ّن القدرة عىل صناعة‬
‫ُعزز لدينا معرفة األعمال التي نستطيع اختبارها ّ‬
‫بدقةٍ ‪ ،‬دون هدر‬ ‫املهني أكثر وضوحاً‪ ،‬كما ي ّ‬
‫ِّ‬ ‫ملسارنا‬

‫الكثري من الوقت‪ ،‬والجهد يف تجارب غري مناسبةٍ لنا‪.‬‬

‫املهني‪ ،‬نحاول أن نستحَّض بعض األفكار من الكاتب‬


‫ّ‬ ‫وعند الحديث عن البحث عن َّ‬
‫الشغف يف املسار‬
‫"‪ "Ken Robinson‬يف كتابه ّ‬
‫الشهري "‪ "The Element‬أي "العنرص"‪ ،‬والذي يرى فيه ّ‬
‫أن علينا‬
‫البحث عن العنرص الخاص بنا بدال ً من البحث عن َّ‬
‫الشغف‪.‬‬

‫خيص‪ ،‬ويعني بذلك‬


‫ِّ‬ ‫بالشغف َّ‬
‫الش‬ ‫طبيعيَّة َّ‬
‫ويقصد بالعنرص أنَّه تلك النّقطة التي تلتقي فيها املوهبة ال َّ‬

‫ِّ‬
‫ويوضح ذلك بقوله‪:‬‬ ‫أ َّن العنرص هو ذلك َّ‬
‫الَّشء الذي تجيده‪ ،‬وتحبُّ فعله يف ذات الوقت‪،‬‬

‫"‪"Your element has two important features: Aptitude and Passion‬‬

‫َّ‬
‫الخاصة‬ ‫الخاص به‪ ،‬ويقوم بتحليل مجموعةٍ من القصص‬
‫ّ‬ ‫يعتقد الكاتب أن لك ٍّل منَّا العنرص‬

‫بتجارب األشخاص النَّاجحني‪ ،‬ومن ث َّم يقوم بربط نتائج تلك ال ّتحليالت بمفهوم العنرص‪ ،‬ث َّم ينتهي‬

‫إىل النَّتائج التَّالية‪:‬‬

‫‪ .1‬لك ٍّل منَّا عنرصٌ واح ٌد عىل األق ِّل‪ ،‬وقد يكون للبعض مجموع ٌة متعدّدةٌ من العنارص‪.‬‬

‫الخاص بك‪ ،‬ال بأس يف ذلك ما دمت قادرا ً عىل‬


‫ِّ‬ ‫مغاير للعنرص‬
‫ٍ‬ ‫مجال‬
‫ٍ‬ ‫‪ .2‬من املمكن أن تعمل يف‬

‫الخاص بك كهوايةٍ ‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫تنمية العنرص‬

‫‪21‬‬
‫املهني‬
‫ّ‬ ‫بني َّ‬
‫الشغف واملسار‬

‫رصاعات‪ ،‬أو ح ّتى‬


‫ٌ‬ ‫الخاص بك‪ ،‬فال يعني ذلك أنَّه لن تكون لديك‬
‫ِّ‬ ‫‪ .3‬عندما تعثر عىل العنرص‬

‫إحباطات‪ ،‬ولكن بخالف ممارستك لألنشطة األخرى‪ ،‬فإنَّك عند ممارسة األنشطة املتعلِّقة‬

‫بالرضا ح ّتى عند التَّعامل مع املشكالت‪.‬‬


‫الخاص بك ستشعر ِّ‬
‫ِّ‬ ‫بالعنرص‬

‫الخاص بهم يعدُّون أكثر إلهاما ً من غريهم‪،‬‬


‫ِّ‬ ‫‪ .4‬األشخاص الذين استطاعوا الوصول إىل العنرص‬

‫ٍ‬
‫مستويات أعىل يف العمل‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫ويحققون‬

‫الخاص بهم‪ ،‬ولكنّه موجّ ٌه‬


‫ّ‬ ‫يساعد هذا الكتابُ النَّاس عا ّم ًة يف معرفة األنشطة التي تش ِّكل العنرص‬

‫بشكل أكرب ألولئك الذين لم يتم َّكنوا بعد من تحديد أهدافهم ومعرفة األعمال املناسبة لهم‪.‬‬
‫ٍ‬

‫متسارع‪ ،‬فقدرتنا عىل الوصول إىل‬


‫ٍ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫ٍّ‬
‫متغري‬ ‫أخرياً‪ ،‬من امله ّم ج ّدا ً أن ندرك أنّنا نعيش يف عال ٍم‬
‫املهني املناسب الذي قد نستثمر به طاقتنا وجهدنا‪ ،‬و الذي ّ‬
‫يحقق لنا دخالً ماديّا ً جيّداً‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫املسار‬

‫ري م ّما تعلّمناه يف املايض‪ ،‬وذلك يف سبيل تعلُّم أشياء‬ ‫ِّ‬


‫التخيل عن كث ٍ‬ ‫ليست بأكثر أه ِّميّة من قدرتنا عىل‬

‫غريات التي تطرأ عىل عالم األعمال‪ ،‬فربّما ما تعلَّمناه يف املايض‪ ،‬ونعمل به اليوم‬
‫جديد ٍة تناسب التَّ ّ‬
‫لن يكون ذا أهميَّة كبرية يف املستقبل‪ ،‬وهذه نتيج ٌة لحقيقة ّ‬
‫أن َعاملنا ليس عاملا ً ثابتاً‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الشغف‬
‫دور امليول يف حتديد َّ‬

‫املهني؟‬
‫ِّ‬ ‫الشخصيّة دو ٌر يف تحديد ّ‬
‫الش َغف‬ ‫هل للميول َّ‬

‫عمل ما‪ ،‬ولكن ذلك األثر‬ ‫الشخصيَّة‪ ،‬واملهنيَّة أثرا ً يف حصول َّ‬
‫الشغف اتجاه ٍ‬ ‫أن للميول َّ‬
‫من املؤ ّكد ّ‬

‫ط ٌر بكيفيَّة استثمارنا‪ ،‬وتنميتنا لهذه امليول‪ ،‬قد يكتشف أحدهم أنَّه يمتلك ميوال ً كبري ًة يف مجال‬
‫مؤ َّ‬

‫الكتابة والتَّعبري‪ ،‬ولكنَّه ال يبذل أدنى جه ٍد يف تنمية مهاراته اللُّغوية‪ ،‬وال ِّ‬
‫يحقق نجاحا ً يف دراسة‬

‫قواعد النَّحو واإلمالء وغريها‪ ،‬وال يسعى كذلك إىل تطوير أساليبه يف الكتابة والعرض‪ ،‬فهل يمكن‬

‫املهني؟‬
‫ّ‬ ‫خيص دو ٌر ها ٌّم يف مساره‬
‫ِّ‬ ‫بعد ذلك أن يكون مليوله َّ‬
‫الش‬

‫َّ‬
‫ولكن هذه امليول ليست‬ ‫َّ‬
‫الخاصة به‪،‬‬ ‫شخص لديه امليول املهنيَّة‪ ،‬و يملك َّ‬
‫الشخصيّة‬ ‫ٍ‬ ‫بال ّتأكيد ال‪ ،‬فك ّل‬

‫سوى "مادَّة خام" ال يمكن أن تصنع شيئا ً وحدها دون أن ندفع بأنفسنا باتّجاهها‪ ،‬ونصقل‬

‫مهاراتنا بما يتوافق معها‪.‬‬

‫الشخص َّية يساعدنا يف إيجاد األشياء التي تمنحنا "التَّد ُّفق"‪ ،‬أي األشياء التي يؤدِّي‬
‫إ َّن معرفة امليول َّ‬

‫طرائق العمليَّة‪،‬‬ ‫عرف إىل امليول َّ‬


‫الشخصيَّة بال ّ‬ ‫فعلها إىل زيادة حيويَّتنا‪ ،‬ولذلك من امله ٍّم محاولة التَّ ُّ‬
‫ومنها "اختبارات امليول املهنيَّة‪ ،‬واختبارات تحديد َّ‬
‫الشخصيَّة"‬

‫الرغم من أنَّه ال توجد‬ ‫ً‬


‫قريبة من الواقع بنسبةٍ كبريةٍ‪ ،‬وعىل ُّ‬ ‫ً‬
‫نتيجة‬ ‫يمكن الختبارات امليول أن تعطينا‬

‫اختبارات دقيقة ‪ ،%100‬ولكن تبقى هذه االختبارات ذات نتائج جيِّد ٍة نسب َّياً‪ ،‬تساعدنا هذه‬

‫بشكل أكرب من غريها‪ ،‬ومن ث َّم ترشدنا إىل حقل‬


‫ٍ‬ ‫الصفات التي نميل إليها‬
‫االختبارات عىل معرفة ِّ‬

‫للصفات التي نحصل فيها عىل النَّسبة األعىل‪ ،‬ويمكن االعتماد عىل هذه النّتائج‬
‫األعمال املناسب ِّ‬

‫‪23‬‬
‫دور امليول يف تحديد َّ‬
‫الشغف‬

‫املهني‬
‫ِّ‬ ‫تقريبي مع مجموعةٍ من العوامل األخرى التي تساعدنا مجتمع ًة يف اختيار املسار‬
‫ٍّ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬
‫األنسب‪ ،‬تتعدَّد اختبارات امليول‪ ،‬وتتنوَّع يف طريقة تحليلها‪ ،‬وتبعا ً ملصمِّمي تلك االختبارات‪،‬‬

‫اختبار منها‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫وتوجُّ هاتهم‪ ،‬وفيما ييل سنستعرض أه َّم االختبارات‪ ،‬ونسهب يف رشح أه ّم‬

‫اختبار ‪MBTI‬‬

‫يفّتض هذا االختبار وجود ‪ 16‬نوعا ً للشخصيّات‪ ،‬ويقوم باختبار َّ‬


‫الشخص عرب طرح مجموعةٍ من‬
‫األسئلة‪ ،‬ومن ث َّم تحديد نوع‪ ،‬أو نمط َّ‬
‫الشخصيَّة الخاص به‪ ،‬وتكمن أه ّميَّته يف كونه يساعدنا عىل‬

‫والسلبيَّات يف تكويننا النَّفيس م َّما‬


‫بشكل أفضل‪ ،‬وكذلك تحديد اإليجابَيّات َّ‬
‫ٍ‬ ‫التعرف إىل شخصيَّتنا‬
‫ُّ‬
‫السلَبي َّة التي يجب أن نتالفاها‪،‬‬
‫يساعدنا يف معرفة النّقاط اإليجابيَّة التي يجب أن نستغلَّها‪ ،‬والنّقاط ّ‬

‫أو نقوم بتحسينها‪.‬‬

‫اختبار هوالند ‪Holland‬‬

‫الرئيسة يف شخصيَّة الفرد‪ ،‬ومقارنتها‬


‫السمات َّ‬
‫يقوم اختبار هوالند للميول املهنيَّة بالكشف عن ِّ‬

‫مهن معيّنةٍ ‪ ،‬ومن ث َّم يقوم بتحديد مدى‬


‫بالسمات التي يجب أن تتوافر يف شخصيَّة من يعمل يف ٍ‬
‫ِّ‬

‫السمات مع بعضها البعض لتحديد املهن األنسب‪ ،‬أو األقرب إىل شخصيَّة الفرد‪ ،‬يُع ّد‬
‫تقارب هذه ِّ‬
‫بشكل ّ‬
‫أدق‬ ‫ٍ‬ ‫ٌّ‬
‫مختص بتحديد امليول املهنيَّة‬ ‫هذا االختبار من االختبارات الهامّة‪ ،‬والدّقيقة نسب ّياً‪ ،‬وهو‬

‫بشكل عامٍّ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الصفات ّ‬
‫الشخصيّة‬ ‫من االختبارات التي تقوم عىل تحديد ّ‬

‫‪24‬‬
‫دور امليول يف تحديد َّ‬
‫الشغف‬

‫اختبار ‪Strengths Profile‬‬

‫يهت ُّم هذا االختبار بتحديد نقاط القوَّة لدى األفراد‪ ،‬وذلك ليتم استثمارها يف تطوير املو َّ‬
‫ظفني‪،‬‬

‫بشكل فعَّ ٍ‬
‫ال‬ ‫ٍ‬ ‫فمعرفة نقاط القوَّة يف شخصيَّتنا يساهم يف استغاللها من خالل العناية بها‪ ،‬وتنميتها‬

‫بشكل أكثر فاعليَّة‪ ،‬يقوم هذا االختبار عىل أن هنالك ‪ 60‬نقطة من نقاط‬
‫ٍ‬ ‫ليتم استثمارها يف العمل‬

‫القوّ ة التي تُصنَّف ضمن خمس ٍ‬


‫فئات رئيسةٍ ‪.‬‬

‫واآلن ننتقل إىل االختبار الحديث‪ ،‬ويع ُّد األه ّم من بني اختبارات تحليل َّ‬
‫الشخصيَّة‪ ،‬وتحديد امليول‪،‬‬

‫وهو‬

‫اختبار ‪: OCEAN‬‬

‫يشري هذا االختبار إىل وجود خمسة نماذج شخصيّة كربى (‪ )Big 5 Personality Types‬تندرج‬
‫تحتها جميع شخص ّياَت النَّاس‪ ،‬وهذه َّ‬
‫الشخصيات َّ‬
‫مقسمة‪ ،‬وفق اآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬االنفتاح ‪ Openness‬ويشري االختبار إىل أ َّن األشخاص الذي تكون لديهم درجات يف هذه ِّ‬
‫الصفة‬

‫الصفات‪ ،‬فإنَّهم غالبا ً ما يتَّسمون باإلبداع‪ ،‬والفضول اتِّجاه العالم من‬


‫أعىل من غريها من ِّ‬

‫حولهم‪ ،‬كما أنَّهم يتَّسمون بسعة الفكر‪ ،‬وإعمال الخيال‪.‬‬

‫الحي‪ ،‬وتعني أ َّن‬


‫ّ‬ ‫لصفة أيضا ً َّ‬
‫الضمري‬ ‫َّ‬
‫الضمري ‪ Conscientiousness‬ويطلق عىل هذه ا ِّ‬ ‫‪.2‬‬
‫الصفة بنسبةٍ أكرب من غريها يميلون نحو َّ‬
‫الّتكيز عىل‬ ‫األشخاص الذين تتوافر فيهم هذه ِّ‬
‫األهداف‪ ،‬ويجتهدون يف إتمام املهمات املوكلة إليهم يف العمل َّ‬
‫بدقةٍ ‪ ،‬وجودة ٍعالية‪ٍ.‬‬

‫‪25‬‬
‫دور امليول يف تحديد َّ‬
‫الشغف‬

‫السمة بأنَّها تُ ِّ‬


‫عرب عن اجتماعيَّة األشخاص‪،‬‬ ‫‪ .3‬االنبساط ‪ Extraversion‬يشري االختبار إىل هذه ِّ‬

‫العاطفي‪ ،‬إذ يتَّصف األشخاص الذين يحرزون نقاطا ً أعىل يف هذه‬


‫ِّ‬ ‫ومدى قدرته عىل التَّعبري‬

‫السمة بأنَّهم يتَّسمون براحةٍ أكرب يف املواقف االجتماعيَّة املختلفة‪.‬‬


‫ِّ‬

‫‪ .4‬القبول ‪ Agreeableness‬يتَّسم األشخاص املصنَّفون بأ َّن لديهم درجات أعىل يف هذه ِّ‬
‫السمة‬
‫بأنَّهم ِّ‬
‫يحققون قبوال ً واسعا ً لدى اآلخرين‪ ،‬وذلك ألنّهم يقدّمون املساعدة إىل اآلخرين‪ ،‬ويهتمّون‬
‫بمن حولهم‪ ،‬مما ِّ‬
‫يعزز ثقة اآلخرين بهم‪.‬‬

‫‪ .5‬العصبيَّة ‪ Neuroticism‬غالبا ً ما يعاني األشخاص الذين لديهم درجات أعىل يف هذه ِّ‬
‫الصفة‬

‫العاطفي‪ ،‬باإلضافة لكونهم مزاجيّني‪ ،‬ورسيعي االنفعال‪ ،‬ويعانون من‬


‫ِّ‬ ‫من غياب االستقرار‬

‫القلق يف معظم األوقات‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫دور امليول يف تحديد َّ‬
‫الشغف‬

‫شخص يف َّ‬
‫الشخصيات الخمس‬ ‫ٍ‬ ‫ما يميِّز هذا االختبار من غريه من االختبارات‪ ،‬أنَّه يفّتض وجود ك ّل‬

‫شخص لديه‬
‫ٍ‬ ‫شخص عىل أنَّه ينتمي لشخصيَّة االنفتاح فقط‪ ،‬بل ك ّل‬
‫ٍ‬ ‫مجتمعة‪ ،‬فال يمكن تصنيف‬

‫السابقة‪ ،‬ولكن بنس ٍب متفاوتةٍ ‪ ،‬وعليه يقوم االختبار بتحديد تلك النَّسب‪،‬‬ ‫جميع سمات َّ‬
‫الشخصيَّات َّ‬

‫السابقةٍ ‪ ،‬ولذلك فهو يساعد يف‬ ‫شخص يقع بني طريف القطبني لك ِّل شخصيَّةٍ من َّ‬
‫الشخصيَّات ّ‬ ‫ٍ‬ ‫فك ّل‬
‫للشخص ث َّم األقل‪ ،‬فاألقل‪ ،‬وذلك ملساعدة َّ‬
‫الشخص يف تجنُّب‬ ‫الشخصيَّة األكثر مالءمة بالنِّسبة َّ‬
‫تحديد َّ‬

‫إصدار األحكام الخاطئة عىل نوع شخصيَّته‪ ،‬وكذلك ال ّتنبّؤ بالخيارات املهنيّة‪ ،‬واألكاديميّة املناسبة‬

‫تقريبي‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬

‫ما سبق يُع ّد رشحا ً مخترصا ً لالختبار‪ ،‬وبيانا ً موجزا ً لسمات ك ِّل شخصيَّةٍ من َّ‬
‫الشخصيات الخمس‬

‫بشكل أكرب عن هذا االختبار‪ ،‬كما يُنصح بإجرائه من خالل‬


‫ٍ‬ ‫التي تنطوي ضمنه‪ ،‬ويمكن البحث‬

‫املواقع التي تتيحه عىل شبكة االنّتنت‪.‬‬

‫السؤال التَّايل بعد تحديد امليول‪:‬‬


‫واآلن يأتي ّ‬

‫املهني؟"‬
‫ِّ‬ ‫"ما الخطوة التي يجب أن أقوم بها بعد تحديد امليول‪ ،‬والتي تساعدني يف بناء مساري‬

‫عامل من‬
‫ٍ‬ ‫مجرد‬
‫َّ‬ ‫أرشنا إىل فكرة أ َّن تحديد امليول َّ‬
‫الشخصيَّة‪ ،‬واملهنيَّة من خالل االختبارات هي‬

‫ناجح‪ ،‬ولذلك نحن بصدد االنتقال إىل الفكرة‬


‫ٍ‬ ‫مهني‬
‫ٍّ‬ ‫مسار‬
‫ٍ‬ ‫العوامل التي تساعدنا يف اختيار‪ ،‬وبناء‬

‫املهني أال وهو "االجتهاد"‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ري يف بناء املسار‬
‫بشكل كب ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ذات األهميَّة الكربى‪ ،‬والعامل الذي يُعتمد عليه‬

‫‪27‬‬
‫الشغف أم االجتهاد؟!‬
‫ّ‬

‫مسار‬
‫ٍ‬ ‫يُغفِ ُل الكثريون فكرة االجتهاد‪ ،‬والعمل الجاد عند الحديث عن رضورة إيجاد َّ‬
‫الشغف لبناء‬

‫وكأن معرفة اإلنسان لألشياء التي يحبُّها‪ ،‬أو التي يميل إليها‪ ،‬أو التي تُشعره‬
‫َّ‬ ‫ناجح‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫مهني‬
‫ٍّ‬
‫املهني!‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫كافية لبناء مساره‬ ‫بالسعادة حني يقوم بها تع ُّد‬
‫َّ‬

‫املهني األفضل يرتكز عىل مجموعةٍ من العوامل األساسيَّة‪ ،‬والتي الش ّك ّ‬


‫أن أهمَّ ها هو‬ ‫ِّ‬ ‫إ ّن بناء املسار‬

‫نعرف االجتهاد عىل أنَّه املثابرة‪ ،‬وبذل الجهد يف أثناء العمل‪ ،‬والحفاظ عىل العمل‬
‫االجتهاد‪ ،‬يمكننا أن ّ‬
‫الجا ّد‪ ِ،‬واملستم ِّر للوصول إىل النَّتائج املطلوبة يف العمل‪.‬‬

‫يأتي االجتهاد مقابل مغالطة البحث عن األعمال التي نحبّها‪ ،‬إذ ترتكز فكرة االجتهاد عىل أنَّه من‬

‫ٍ‬
‫والكاف عند القيام به‪ ،‬ويرى الباحثون‬ ‫عمل طاملا أنَّنا نبذل الجهد الالزم‪،‬‬
‫املمكن التميّز فعالً يف أيِّ ٍ‬
‫ومن بينهم "‪ "Cindi May‬وهي أستاذةٌ جامع َّي ٌة لعلم النَّفس يف كلِّية "تشارلستون"‪ ،‬أنَّه بدال ً من‬
‫الّتكيز عىل االجتهاد واملثابرة‪ ،‬إذ ترى هذه الباحثة أ َّن َّ‬
‫الشغف‪،‬‬ ‫البحث عن َّ‬
‫الشغف يجب َّ‬

‫تقسم النَّاس‬
‫واالهتمامات يمكن الوصول إليها‪ ،‬أو اكتسابها من خالل العمل‪ ،‬والتَّجربة‪ ،‬كما أنَّها ِّ‬

‫من ناحية طريقة التَّفكري إىل قسمني أساسيَّني‪ ،‬األوَّل‪ :‬أصحاب "العقليَّة الثَّابتة"‪ ،‬والثّاني‪ :‬أصحاب‬

‫أن أصحاب العقليَّة املتنامية يعتقدون أنَّه بمقدورهم تطوير مواطن‬


‫"العقل َّية املتنامية"‪ ،‬وتر ّكز عىل َّ‬

‫شغفهم‪ ،‬واهتماماتهم ‪-‬عىل خالف أصحاب العقليَّة الثَّابتة‪ ،-‬وذلك من خالل "التَّجربة‪ ،‬واالستثمار‬

‫والنِّضال" ‪-‬بحسب وصفها‪ ،-‬كما أنَّها تعتقد أ َّن أصحاب العقليَّة املتنامية ال يجب أن يمنعهم‬

‫والسعي لتطوير ال َّذات فيه‪ ،‬وتقول يف إيضاح‬


‫مجال آخر‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬ ‫مجال ما من محاولة استكشاف‬
‫ٍ‬ ‫النجاح يف‬

‫ذلك‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫َّ‬
‫الشغف أم االجتهاد؟!‬

‫"من الحكمة أن يسجِّ ل َّ‬


‫طالب الجامعات يف مجموعةٍ متنوّ عةٍ من املق ّررات الدِّراسيَّة‪ ،‬و أن يبحثوا‬

‫َّ‬
‫الخاصة‬ ‫عن مجموعةٍ من فرص التعلُّم التَّجريبيَّة‪ ،‬بما يف ذلك تلك التي تمت ُّد خارج دائرة األمان‬

‫بهم"‬

‫السابق يجب أن ندرك أنَّنا قادرون بالفعل عىل تعلُّم‪ ،‬وممارسة أشياء ال نحبّها‪ ،‬وما‬
‫ويف ظ ِّل الكالم ّ‬

‫يوقفنا عن تعلُّمها هي قناعاتنا‪ ،‬وأحكامنا املسبقة‪ ،‬ولكن ما رضورة تعلُّم هذه األشياء؟‬

‫ال توجد رضورة دوما ً لتعلُّم‪ ،‬أو ممارسة أشياء نكرهها‪ ،‬ولكن علينا أن ِّ‬
‫نغري من قناعاتنا حول هذا‬
‫ري علينا‪ ،‬وربَّما نكون مض َّ‬
‫طرين يف بعض األحيان لتلبية‬ ‫األمر أل َّن العالم الذي نعيش فيه له تأث ٌ‬
‫الخاصة‪ ،‬أو املهنيَّة علينا حلّها‪ ،‬وهذا ما يض ّ‬
‫ط َرنا يف‬ ‫َّ‬ ‫متطلّباته‪ ،‬وكذلك سنواجه مشاكل يف حياتنا‬

‫نهاية املطاف إىل تعلُّم‪ ،‬وعمل األشياء التي نعتقد أنَّنا نكرهها‪.‬‬

‫وعند الحديث عن أهميَّة االجتهاد ال يمكن أن نغفل عىل اإلطالق ما يقوله الكاتب "‪،"Cal Newport‬‬

‫ري يف مجال االنضباط ال َّذاتي‪ ،‬وتحقيق إنتاجيَّةٍ عاليةٍ ج ّدا ً يف العمل‪،‬‬


‫بشكل كب ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وهو من املشهورين‬
‫وهو مؤلِّف كتاب"‪َّ "Deep Work‬‬
‫الشهري‪ ،‬والذي يتحدَّث فيه عن أهميَّة العمل العميق يف زيادة‬

‫اإلنتاجيَّة‪ ،‬ويف نطاق االجتهاد ألَّف "نيوبورت" كتابا ً ها ّما ً أصبح من الكتب ذائعة ِّ‬
‫الصيت يف مجال‬

‫املهني‪ ،‬وهو "‪"So Good They Can’t Ignore You‬‬


‫ِّ‬ ‫بناء املسار‬

‫ٌ‬
‫شغف‪ ،‬وحبٌّ‬ ‫يقوم الكاتب يف هذا الكتاب بنقض فرضيَّة "أ َّن َّ‬
‫السعادة املهنيَّة يجب أن يسبقها‬
‫وأن العمل الب َّد أن يوافق شغفا ً يف النَّفس" كما أنَّه يفّتض أ َّن َّ‬
‫الشغف يف العمل عاد ًة ما‬ ‫للعمل‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬
‫نتيجة إلتقاننا‪ ،‬وتم ّكننا من مهارات عملنا‪ ،‬وليس سببا ً لذلك‪ ،‬كما أنَّه‬ ‫يكون نادراً‪ ،‬ويأخذ وقتاً‪ ،‬وأنَّه‬
‫يُح ِّذر من أ ّن اتّباع َّ‬
‫الشغف يف البحث عن املهنة‪ ،‬أو العمل املناسب‪ ،‬هو مغامرةٌ خطريةٌ من املمكن‬

‫أن نخَّس فيها الكثري من الوقت‪ ،‬واملال‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫َّ‬
‫الشغف أم االجتهاد؟!‬

‫مجرد اتِّباع َّ‬


‫الشغف يجب االهتمام باكتساب املهارات النَّادرة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وير ِّكز الكاتب عىل أنَّه بدال ً من‬

‫واملطلوبة‪ ،‬والتي يُم ِّكننا امتالكها من فرض وجودنا يف العمل الذي نقوم به‪ ،‬ويقول‪ :‬إنَّه ليس من‬

‫الصحيح‪،‬‬ ‫الصحيحة‪ ،‬ولك ّن ّّ امله ّم فعالً هو إتقانك لوظيفتك َّ‬


‫بالشكل َّ‬ ‫امله ِّم وجودك يف الوظيفة َّ‬

‫ويضيف‪ :‬إ َّن اكتسابنا للمهارات القيِّمة‪ ،‬والعمل بج ٍّد واجتها ٍد‪ ،‬سيولِّد لدينا ما يمكن أن نسمِّ يه رأس‬

‫الوظيفي "‪ ،"Career Capital‬والذي يعني امتالكنا ملجموعةٍ من املهارات النَّادرة‪،‬‬


‫ِّ‬ ‫املال املهن ِّي‪ ،‬أو‬

‫والقيِّمة يف سوق العمل‪.‬‬

‫أفكار رئيسةٍ ‪:‬‬


‫ٍ‬ ‫ويمكن تلخيص ما ورد يف الكتاب بأربع‬

‫ري أ َّن َّ‬


‫الشغف ما هو إال نتيجة الكفاءة والج ِّد يف العمل‪،‬‬ ‫بشكل كب ٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪ .1‬ال تتّبع شغفك!‪ :‬يناقش الكاتب‬

‫الفت ملقولة "اتّبع شغفك"‪ ،‬ويرى أنَّه من الواجب أن يكون بديلها أنَّه‬
‫بشكل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ويقف معارضا ً‬

‫املهني بأن يكون أكثر اهتماماً‪ ،‬واجتهادا ً يف جمع املهارات‬


‫ِّ‬ ‫يتوجَّ ب عىل من يريد بناء مساره‬

‫الن ّّادرة‪ ،‬والتي هي يف الوقت نفسه ذات قيمةٍ وحاجةٍ يف سوق العمل‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التخيل عنك‪ :‬يقدِّم الكاتب يف هذه القاعدة ما‬ ‫‪ .2‬كن جيّدا ً للغاية حتّى يُصبحوا غري قادرين عن‬
‫أن عىل َّ‬
‫الشخص يف بداية مساره‬ ‫الوظيفي‪ ،‬والتي تعني َّ‬
‫ِّ‬ ‫املهني‪ ،‬أو‬
‫ِّ‬ ‫يس ِّميه نظريَّة رأس املال‬

‫املهني أن يقوم ببناء املهارات التي تحدَّثنا عنها‪ ،‬وتكون عمليّة البناء من خالل "املمارسة‬
‫ِّ‬
‫املتع ّمدة" (‪ ،)Deliberate Practice‬والتي تعني املواظبة باستمرار‪ ،‬وال ّتمرين عىل أداء‬

‫مهار ٍة معيّنةٍ بغرض امتالكها‪ ،‬والتألّق فيها‪ ،‬وليس َّ‬


‫مجرد تشكيل معرفةٍ بسيطةٍ عنها‪ ،‬إذ يجب‬
‫ً‬
‫عميقة ومتج ّذر ًة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫الخاصة بهذه املهارة‬ ‫أن يكون التَّمرين من َّ‬
‫ظما ً وطويل األمد لتصبح القدرات‬

‫لجعلنا قادرين عىل ممارستها بشك ٍل غري عاديٍّ ‪ ،‬وبعد إتمام الخطوة املتعلِّقة بتنمية املهارات‪،‬‬

‫املهني‪ ،‬سينتهي بنا األمر إىل حبِّ العمل الذي نقوم به‪ ،‬كما أنَّه سيكون‬
‫ّ‬ ‫وتشكيل رأس املال‬

‫‪31‬‬
‫َّ‬
‫الشغف أم االجتهاد؟!‬

‫بمقدورنا االنتقال إىل تجربة األعمال التي نعتقد أنها تو ِّفر لنا ِّ‬
‫الرضا أو َّ‬
‫السعادة دون الخوف‬

‫دخل ٍ‬
‫كاف‪ ،‬فاملهارات التي نمتلكها تجعلنا قادرين عىل العمل يف أيّ‬ ‫ٍ‬ ‫من عدم إمكان َّية تحقيق‬

‫مكان‪.‬‬
‫ٍ‬
‫الّتقية‪ :‬يشري "نيوبورت" إىل أنَّه من املقبول رفض عروض َّ‬
‫الّتقية يف العمل‪،‬‬ ‫‪ .3‬بإمكانك رفض َّ‬

‫والتي يمكن أن تؤدّي إىل تحسني مستوى الدَّخل‪ ،‬وذلك للحفاظ عىل مستوى التح ُّكم يف حياتك‪،‬‬

‫ويربط ذلك بأنَّك إذا عملت بجدٍّ‪ ،‬واجتها ٍد لفّت ٍة طويلةٍ ‪ ،‬واستطعت الوصول إىل املرحلة التي‬
‫ُّ‬
‫يستحق األمر مبادلة هذه املرحلة مقابل املزيد من املال‪.‬‬ ‫تحبَّ فيها عملك‪ ،‬فنادرا ً ما‬

‫‪ .4‬ف ِّكر قليالً‪ ،‬واعمل كثرياً‪ :‬يشري إىل أنَّه بدال ً من كثرة التَّفكري يف املجال الذي يجب عليك العمل‬

‫فيه‪ ،‬أو املجال الذي يمكن أن تحبَّه‪ ،‬عليك العمل باجتها ٍد من خالل الخطوات َّ‬
‫السابقة يف بناء‬

‫وبمجرد التم ُّكن من تلك املهارات من خالل املمارسة املتع ّمدة‪ ،‬سيصبح بإمكانك أن‬
‫َّ‬ ‫املهارات‪،‬‬

‫إن ذلك "سيصبح مصدرا ً لشغفك"‪.‬‬


‫تكتشف مه َّمتك املحدِّدة لحياتك املهنيَّة‪ ،‬وهنا يقول‪ّ :‬‬

‫وهكذا نرى أ ّن الكاتب "كال نيوبروت" ير ّكز يف ج ِّل أفكاره عىل أ َّن االجتهاد هو العامل األه ّم عىل‬

‫املهني‪ ،‬ويك ِّرر الفكرة التي يتحدَّث عنها عن بناء املهارات عىل أنَّها‬
‫ِّ‬ ‫اإلطالق خالل عمليَّة بناء املسار‬

‫أسايس لالجتهاد‪ ،‬والعمل الجا ِّد‪.‬‬


‫ٌّ‬ ‫ٌ‬
‫هدف‬

‫الرغم من أ َّن االجتهاد يبقى العامل األهم‪ ،‬إال أنَّنا يجب ّأال نغفل العوامل األخرى‪ ،‬ولو كانت‬
‫وعىل ّ‬

‫أهميّتها ال تع ُّد كبري ًة نسب ّيا ً مقارن ًة باالجتهاد‪ ،‬إال أنَّها تبقى عوامل ذات تأث ٍ‬
‫ري يف مسارنا املهن ِّي‪،‬‬
‫ولك ِّل العوامل صلة وثيقة ببعضها البعض‪ ،‬لذلك يجب أن نراعي استثمار َّ‬
‫كافة تلك العوامل‬

‫للوصول إىل األفضل‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫دور يف ال َّنجاح يف احلياة املهن َّية؟‬ ‫ّ‬
‫للحظ ٌ‬ ‫هل‬

‫ظ‪ ،‬أو القدر‪ ،‬ويربطونه بال ُّ‬


‫ظروف املالئمة‪ ،‬وربَّما ينسب النجاح‬ ‫يرى كثريون أ َّن النَّجاح مرتب ٌ‬
‫ط بالح ِّ‬

‫إىل الفرص التي تو َّفرت للناجحني‪ ،‬وعىل اختالف املصطلحات التي نطلقها عىل الح ِّ‬
‫ظ‪ ،‬أو ما يف‬

‫الخفي‪ ،‬أو الذي ال نستطيع التح ُّكم به والذي يدفعنا‬


‫ِّ‬ ‫معناه‪ ،‬يبقى املدلول واحداً‪ ،‬ونعني به ذلك األمر‬

‫معني دون إراد ٍة منّا‪.‬‬


‫باتِّجا ٍه ّ ٍ‬

‫مختلفة‪ ،‬ومتنوّ ع ًة‪ ،‬ولكنَّنا يمكن أن‬


‫ً‬ ‫ٍ‬
‫تعريفات‬ ‫وتبعا ً آلراء النّاس حول مفهوم الح ِّ‬
‫ظ‪ ،‬فقد نجد له‬

‫ظ عىل أنّه "التقاء الفرصة مع ال ّتحضري املسبق"‬


‫عرف الح ّ‬
‫نلجأ إىل أحد ال ّتعريفات ال ّتقليديّة‪ ،‬والتي تُ ّ‬
‫وبمعنى ّ‬
‫أدق‪ ،‬هو اقتناص الفرصة حني تلوح باألفق‪.‬‬

‫َّ‬
‫املتوقع حارض ًة بمفهوم "الفرصة"‪ ،‬ويبقى‬ ‫الخفي‪ ،‬أو غري‬
‫ِّ‬ ‫ويف كلتا العبارتني تبقى فكرة العامل‬

‫ظاهر حارضا ً بمفهوم "ال ّتحضري"‪ ،‬أو "الجاهزيّة"‬


‫كذلك العامل ال ّ‬

‫ويمكن أن ِّ‬
‫نلخص ما يه ّمنا اتجاه عامل الح ّ‬
‫ظ ِبما ييل‪:‬‬

‫خفي ‪-‬وهو الفرصة‪ ،-‬وال نستطيع التح ّكم به‪،‬‬


‫ٌّ‬ ‫طاملا أ َّن الح َّ‬
‫ظ يتكوّ ن من شيئني اثنني‪ ،‬أحدهما‬

‫ملموس ‪-‬وهو التَّحضري‪ ،-‬ويمكننا أن نقوم بَّش ٍء اتجاهه‪ ،‬فيجد ُر بنا االهتمام بالتَّحضري‬
‫ٌ‬ ‫والثّاني‬

‫املناسب‪ ،‬واملالئم للفرص املحتملة‪ ،‬والتي من املمكن أن تأتي‪.‬‬

‫ظ يف حياتنا إال أنَّنا يجب أن نتجاهل ذلك تماما ً خالل فّتة‬


‫الرغم من معرفتنا بوجود الح ِّ‬
‫عىل ّ‬
‫التَّحضري‪ ،‬واالستعداد والبناء‪ ،‬ونعني بهذا التَّجاهل أن نعتقد أنَّنا نستطيع تحديد مصرينا باالجتهاد‬

‫‪33‬‬
‫هل للحظ دور يف النجاح يف الحياة املهنية؟‬

‫والعمل الجاد‪َّ ،‬‬


‫وأن نجاحنا يف الحياة يرتبط بذلك فقط‪ ،‬فلكي ننجح علينا أن نعمل‪ ،‬ونجتهد دون‬
‫بسيط‪ ،‬وهو أ َّن هذا هو َّ‬
‫الَّشء الوحيد الذي يمكننا التَّح ّكم به‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫لسبب‬
‫ٍ‬ ‫اعتبار آخر‪ ،‬وذلك‬
‫ٍ‬ ‫أيِّ‬

‫ظ عىل أنَّه الفرصة التي من املمكن أن تأتي ذات يو ٍم‪ ،‬فهذا ال يعني َّ‬
‫بالَّضورة‬ ‫لو تعاملنا مع الح ِّ‬

‫أنَّنا لن نفعل شيئا ً حيال ذلك‪ ،‬نعم‪ ،‬نحن ال نستطيع التح ُّكم بالفرص‪ ،‬أو األمور املستقبليَّة أو حتَّى‬

‫نخصص جزءا ً من اإلعداد‪ ،‬والتَّحضري للبقاء عىل مقربةٍ‬


‫ِّ‬ ‫ظروف التي تحيط بنا‪ ،‬ولكنَّنا يجب أن‬
‫ال ُّ‬

‫من الفرص‪ ،‬يمكننا أن نتواجد يف دوائر العالقات املهنيَّة التي تتعلَّق بمجال عملنا‪ ،‬يجب أن نسعى‬

‫للتشبيك مع أصحاب العمل واألشخاص املتميزيِّن مهن َّيا ً‪ ،‬يمكن أن نشارك يف الفعاليَّات املهنيَّة عىل‬

‫وسائل التَّواصل‪ ،‬وكذلك أن نبقى متواجدين عىل شبكات التَّواصل املهنيَّة املختلفة‪ ،‬وإال كيف سينتبه‬

‫اآلخرون إىل وجودنا؟‬

‫علينا أن نكون مستعدِّين للتعايش مع حقيقة أ َّن ال ُّ‬


‫ظروف من املمكن أن تقف يف طريقنا‪ ،‬وتجربنا‬
‫نغري مسارنا‪ ،‬ال تأتي ال ّ‬
‫ظروف دوما ً يف صالحنا‪ ،‬بل من املمكن أن تعرقلنا بالفعل فال‬ ‫عىل أن ِّ‬

‫نستطيع عمل يش ٍء اتجاهها!‬

‫‪34‬‬
‫هل للحظ دور يف النجاح يف الحياة املهنية؟‬

‫ظ ال يعني ك ّل يش ٍء‪ ،‬من املمكن أن تأتي ال ُّ‬


‫ظروف يف صالحنا‪ ،‬فتعطينا‬ ‫ال داعي ألن نك ّرر أ َّن الح َّ‬

‫دفع ًة إىل األمام‪ ،‬لك ّن ذلك ليس كافياً‪ ،‬لن يكون للفرصة أيّ معنى إذا لم نكن عىل استعدادٍ فعيل ٍّ‬
‫الغتنامها‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫هل تتحكَّ م بنا "اجلينات"؟‬

‫الخلْقيَّة" التي يُولد بها اإلنسان‪ ،‬تلك‬ ‫ُعرب مصطلح الجينات عن "ا َمللَكات َّ‬
‫الشخصيَّة" أو "املواهب َ‬ ‫ي ّ‬

‫الصفات موجودةٌ بالفعل لدى ك ٍّل منا عىل اختالفها‪،‬‬


‫الصفات التي تجعله مميَّزا ً فيها عن غريه‪ ،‬وهذه ِّ‬
‫ِّ‬
‫وتفاوت نسبتها‪ ،‬ولكن ما يه ّمنا من األمر‪ ،‬هل تتح َّكم بنا جيناتنا؟ أو بمعنى ّ‬
‫أدق‪ ،‬هل تحكم علينا‬

‫مسار محدَّدٍ دون غريه؟‬


‫ٍ‬ ‫جيناتنا بأن نتَّجه يف‬

‫ذكرنا سابقا ً فكرة امليول َّ‬


‫الشخصيَّة‪ ،‬وكيف يمكن تحديدها‪ ،‬واالستفادة منها‪ ،‬وعند الحديث عن‬

‫بشكل‪ ،‬أو بآخر‪ ،‬ولكنَّنا‬


‫ٍ‬ ‫الجينات أو امللكات َّ‬
‫الشخص َّية فنحن هنا نتحدَّث عن فكر ٍة مرتبطةٍ بامليول‬

‫نعني بها بالتَّحديد تلك ِّ‬


‫الصفات التي ولدنا بها‪ ،‬وأصبحت جزءا ً من تكوين شخصيّتنا دون أيّ‬

‫خارجي‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫ري‬
‫تأث ٍ‬

‫ير ّكز البعض‪ ،‬ومنهم الكاتب "مالكوم جالدويل" عىل أ َّن للجينات الدَّور األه ّم يف تحقيق النَّجاح يف‬

‫املهني‪ ،‬ويجعل هذا االفّتاض العم َل‪ ،‬وبذ َل الجهد أمرين ليس لهما قيمة!‬
‫ِّ‬ ‫املسار‬

‫وملعرفة الدَّور الفعيل ِّ الذي تلعبه الجينات يف عمليَّة النَّجاح سنقف مع الكاتب "‪،"David Epstein‬‬

‫السؤال التَّايل‪Nature or ?" :‬‬


‫والذي ألّف كتاب "‪ "The Sport Gen‬يتمحور الكتاب حول ّ‬

‫سؤال ها ٍّم مفاده‪ :‬أيُّ من هذين األمرين هو‬


‫ٍ‬ ‫طبيعة‪ ،‬أم التَّنشئة؟" مشريا ً إىل‬
‫‪ "Nurture‬بمعنى "ال َّ‬

‫الصفات التي نُخلق بها‪ ،‬أم هي األمور التي ّ‬


‫نتدرب َعىل‬ ‫السبب يف النَّجاح والتَّميّز؟ أهي ال َّ‬
‫طبيعة أم ِّ‬ ‫َّ‬

‫أدائها؟!‬

‫‪37‬‬
‫هل تتح َّكم بنا "الجينات"!‬

‫يذهب الكاتب إىل البيانات التي تشري إىل أ َّن بعض األشخاص لديهم القدرة الجينيَّة التي تساعدهم‬

‫يف جعل املمارسة لبعض األنشطة أكثر فاعليَّة من أولئك الذين يقومون باملمارسة ث َّم ال تؤدِّي‬

‫ممارستهم تلك إال لبعض التَّحسينات الهامشيَّة‪ ،‬ويُستد ُّل عىل ذلك األمر من خالل ممارسة األنشطة‬
‫ال ِّرياضيَّة‪ ،‬إذ يرب ُز دور امللكات َّ‬
‫الشخصية يف أنَّها َّ‬
‫السبب الذي نرى فيه شخصني يقومان باتِّباع‬

‫أسايس‬
‫ٍّ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫خطط تدريبيَّةٍ متطابقةٍ تماماً‪ ،‬ومن ث َّم نشاهد نتائج مختلف ًة لك ٍّل منهما‪ ،‬ويعزو ذلك‬
‫ٍ‬
‫الشخصيَّة تدعم َّ‬
‫الشخص يف الوصول إىل نتائج أفضل‪ ،‬ويف إجابته عىل سؤال‬ ‫إىل أ َّن امللكات َّ‬

‫طبيعة أم التَّنشئة" يقول‪ :‬إن إحداهما عديمة الفائدة دون األخرى!‬


‫"ال َّ‬

‫بشكل متشابكٍ كما يشري قول‬


‫ٍ‬ ‫درجات عاليةٍ من الكفاءة‪ ،‬الب َّد من استغالل هاتني النُّقطتني‬
‫ٍ‬ ‫ولبلوغ‬

‫"ابستني"‪:‬‬

‫‪“A braid of nature and nurture so intricately and thoroughly intertwined as to‬‬

‫”‪become a single vine.‬‬

‫طبيعة‪ ،‬والتَّنشئة‪ ،‬كما لو أنَّنا نريد أن نصنع منهما "جديل ًة"‪،‬‬


‫ويعني بذلك أنَّه يجب الجمع بني ال َّ‬

‫َّ‬
‫ومعقدٍ‪ ،‬حتى تصبحا وكأنَّهما يش ٌء واحدٌ‪.‬‬ ‫شامل‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫وذلك ليت َّم الدَّمج بينهما‬

‫والب َّد من الوقوف قليالً مع ما قاله الكاتب‪ ،‬وما ورد يف كالمنا َّ‬
‫السابق حول االجتهاد‪:‬‬

‫طبيعة والتَّنشئة ال أهميَّة إلحداهما دون األخرى هي‬


‫أوالً‪ :‬الفكرة التي تحدَّث عنها الكاتب عن أن ال َّ‬

‫فكرةٌ نسبية‪ ،‬وال يمكن تعميمها إال يف اتّجا ٍه واحدٍ‪ ،‬أال وهو أنَّه ال فائدة للطبيعة دون التَّنشئة‪ ،‬فال‬

‫لشخص االستفادة من موهبةٍ طبيعيَّةٍ قد ُخلقت معه إذا لم يتعهَّ دها باملمارسة والتَّدريب‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫يمكن‬
‫ولكن هل بالفعل ال فائدة للتنشئة دون ال َّ‬
‫طبيعة؟‬

‫‪38‬‬
‫هل تتح َّكم بنا "الجينات"!‬
‫ثانياً‪ :‬قد يكون الكاتب "كال نيوبورت" متحِ يّزا ً بعض َّ‬
‫الَّشء حينما حرص فكرة النَّجاح باالجتهاد‬

‫ولكن ذلك ال يُقلِّل من قيمة االجتهاد عىل ك ِّل ٍ‬


‫حال‪ ،‬وبمقارنة أفكار الكاتبني "نيوبورت" و‬ ‫َّ‬ ‫فقط‪،‬‬

‫بمجال ما‪ ،‬يمكن‬


‫ٍ‬ ‫يتبني لنا أ َّن األشخاص الذين ليست لديهم أفضليَّة يف ِّ‬
‫الصفات الجينيَّة‬ ‫"ابستني" َّ‬
‫أن ينجحوا يف هذا املجال من خالل املمارسة والتَّدريب املكثَّفني‪ ،‬ولك َّن ذلك لن يؤ ِّدي َّ‬
‫بالَّضورة إىل‬

‫التَّميُّز‪ ،‬أو إىل أرقا ٍم قياسيّةٍ بسبب غياب "وقود االنطالق"‪ ،‬أو "الدّفعة األوَّليَّة"‪ ،‬وال يعني ذلك بأيِّ‬

‫إنجاز يف هذا املجال‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫حال أنَّهم غري قادرين عىل تحقيق‬
‫ٍ‬

‫الصفات واملواهب َّ‬


‫الشخصيَّة‪،‬‬ ‫أخرياً‪ :‬يمكن االستفادة من أفكار "ابستني" يف معرفة أه ِّميَّة تنمية ِّ‬

‫وتعهُّ دها بالتَّدريب املكثَّف‪ ،‬والعمل الجا ِّد للوصول إىل نتائج مميَّزةٍ‪ ،‬وتحقيق النَّجاح يف نطاق‬

‫العمل‪ ،‬ويمكن أن نختم بالعبارة التي تقول‪:‬‬

‫"‪"Hard work is Talent‬‬

‫والصرب عىل املمارسة املتعمّ دة لتحقيق‬


‫َّ‬ ‫فليس ك ّل النَّاس قادرين فعل َّيا ً عىل االلتزام بالعمل الجادِّ‪،‬‬

‫النَّتائج التي يرغبون فيها‪.‬‬

‫لننتقل اآلن إىل الحديث عن أحد املفاهيم َّ‬


‫الشائعة يف الحياة املهنيَّة‪ ،‬والتي يتحدَّث عنها الكثريون‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫السعادة املهن َّية‬
‫َّ‬

‫الرضا‬ ‫"السعادة املهنيَّة" أو بمعنى َّ‬


‫أدق‪ ،‬تحقيق ِّ‬ ‫َّ‬ ‫املهني تدور عمل َّيا ً يف فلك‬
‫ِّ‬ ‫لع َّل فكرة بناء املسار‬

‫السعادة‪ ،‬لنتم َّكن من تحديد معناه‬ ‫عن ال َّذات من خالل العمل‪ ،‬ولذلك الب َّد من التَّ ُّ‬
‫وقف عند مفهوم َّ‬
‫َّ‬
‫بالضبط‪ ،‬وكذلك لنستطيع معرفة كيف يمكننا تحقيق َّ‬
‫السعادة يف حياتنا املهنيَّة‪.‬‬

‫السعادة مجموع ًة مختلف ًة من املدلوالت‪ ،‬واملعاني‪ ،‬ولذلك يجب‬


‫يف البداية يمكن أن يكون ملصطلح َّ‬

‫املهني‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫بالسعادة عندما نطلقها يف إطار العمل‬ ‫أن نحدِّد َّ‬
‫بالضبط ما الذي نقصده َّ‬

‫يمكن تقسيم َّ‬


‫السعادة إىل قسمني مختلفني‪:‬‬

‫َّ‬
‫ولكن املتعة‪ ،‬أو‬ ‫السعادة بمفهوم املتعة‪ ،‬ويُقصد بها الحالة التي نشعر فيها بمتعةٍ معيَّنةٍ ‪،‬‬
‫األوَّل‪َّ :‬‬
‫شعور َّ‬
‫مؤق ٍت ال يلبث أن يزول‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫السعادة يف هذا النَّوع هي عبارةٌ عن‬
‫َّ‬

‫الرضا عن الذَّات‪ ،‬وهذا النَّوع هو األكثر أهمِّ يَّة بالنِّسبة لنا‪ ،‬ألنَّه يتجاوز‬ ‫الثَّاني‪َّ :‬‬
‫السعادة بمفهوم ِّ‬
‫السعادة طويلة األمد‪.‬‬ ‫الشعور َّ‬
‫املؤقت إىل املرحلة التي يمكن أن نعيش فيها حال ًة من َّ‬ ‫مرحلة ُّ‬

‫الشعور َّ‬
‫املؤقت باملتعة‪ ،‬يكون نتيج ًة إلفراز مادَّة الدُّوبامني‬ ‫ُعرب عن ُّ‬ ‫النَّوع األوَّل من َّ‬
‫السعادة‪ ،‬والذي ي ِّ‬

‫بأعمال معيّنةٍ ‪ ،‬كما أ َّن‬


‫ٍ‬ ‫يف الدِّماغ‪ ،‬وهي ما َّدةٌ كيميائي ٌَّة تمنحنا ُّ‬
‫الشعور باملتعة أو َّ‬
‫السعادة عند القيام‬

‫عرف إىل أشياء جديدةٍ‪ ،‬ويُع ُّد هذا النَّوع من‬ ‫إفرازها ي ِّ‬
‫ُحفزنا عىل القيام بمزي ٍد من هذه األعمال‪ ،‬أو التَّ ُّ‬
‫ُّ‬
‫التحفز من خالل الدُّوبامني‬ ‫السعادة مهمَّ ا ً ورضوريَّا ً الستمرار اإلنجاز يف العمل‪ ،‬فبقاؤنا يف حالة‬
‫َّ‬

‫ُعرب عن مفهوم َّ‬


‫السعادة‬ ‫هو العامل الذي يدفعنا إىل إنجاز املزيد‪ ،‬ولك َّن هذا النوع من َّ‬
‫السعادة ال ي ِّ‬

‫السعادة املهنيَّة من خالل النَّوع الثّاَني‪ ،‬والذي ي َ‬


‫ُقصد به‬ ‫يف الحياة املهنيِّة‪ ،‬إذ يمكن اإلشارة إىل َّ‬

‫‪41‬‬
‫َّ‬
‫السعاد املهنيَّة‬

‫الرضا عن أنفسنا وع َّما نقوم به‪ ،‬ولو كان ذلك سيتسبَّب لنا باملصاعب‪ ،‬أو العقبات‪ ،‬ويف هذا‬
‫تحقيق ِّ‬
‫تعرضنا له من أفكار الكاتب "مارك مانسون" يف كتابه ُّ‬
‫"فن الالمباالة" حول‬ ‫الصدد نتذ َّكر ما َّ‬
‫َّ‬

‫مفهوم األلم‪ ،‬والذي يُرافق الكثري من األعمال التي علينا القيام بها‪ ،‬لذلك ال يتوجَّ ب علينا االعتقاد‬
‫بأنَّنا يجب أن نعيش بحالةٍ من "املتعة" الدَّائمة‪ ،‬فمن ال َّ‬
‫طبيعي أن نواجه يف العمل الكثري من‬
‫املواقف‪ ،‬والعقبات التي ال نشعر معها بتلك املتعة َّ‬
‫املؤقتة‪ ،‬ولكن يف الحقيقة يجب أن نسعى لتحقيق‬

‫الوظيفي‪ ،‬ويمكن ذلك من خالل تو ُّفر مجموعةٍ من العنارص يف بيئة‬


‫ِّ‬ ‫املهني‪ ،‬أو‬
‫ِّ‬ ‫الرضا‬
‫حالة من ِّ‬
‫العمل‪:‬‬

‫● العدل‪ :‬ويقصد به أن تتو َّفر املساواة بني املو َّ‬


‫ظفني يف بيئة العمل‪.‬‬

‫● التَّضامنيَّة‪ :‬أن يكون هناك تعاو ٌن فعّ ا ٌل بني املو َّ‬


‫ظفني لتحقيق أهداف العمل‪.‬‬

‫الصحيِّة‪ ،:‬وذلك بأن يسود العم َل ج ٌّو من املنافسة البنَّاءة‪ ،‬والتي تهدف إىل‬
‫● التَّنافسيَّة ِّ‬

‫تحقيق األفضل‪.‬‬

‫ظفني باحّتام‪ ،‬وأن تُثمِّ ن‬ ‫ً‬


‫مريحة‪ ،‬وذلك بأن تُعامل املو َّ‬ ‫● التَّقدير‪ :‬يجب أن تكون بيئة العمل‬

‫إنجازاتهم‪.‬‬

‫بيعي أال تتو َّفر جميع العنارص َّ‬


‫السابقة يف العمل‪ ،‬ولكن وجود الح ِّد األدنى منها بنسبةٍ جيِّد ٍة‬ ‫ط ِّ‬ ‫من ال َّ‬

‫يجعل العمل الذي نقوم به عمالً قيِّماً‪ ،‬وبالتَّايل يزيد من نسبة رضا العاملني فيه‪.‬‬

‫والرضا يمكن أن نستعرض نموذج "‪ "PERMA‬الذي طوَّره العالم‬ ‫ويف ضوء الحديث عن َّ‬
‫السعادة‪ِّ ،‬‬
‫اإليجابي‪ ،‬ويتألَّف هذا النَّموذج‬
‫ِّ‬ ‫مؤسيس ما يُعرف بعلم النَّفس‬
‫"‪ ،"Martin Seligman‬وهو أحد ِّ‬

‫‪42‬‬
‫َّ‬
‫السعاد املهنيَّة‬

‫بالرضا‪ ،‬وهذه‬ ‫ً‬


‫ومليئة ِّ‬ ‫من خمسة عنارص يمكن أن تساعد النَّاس عىل جعل حياتهم ذات معنى‪،‬‬

‫العنارص هي‪:‬‬

‫‪ .1‬املشاع ُر اإليجابيَّة (‪ :)Positive Emotion‬يقوم هذا العنرص عىل رضورة َّ‬


‫الّتكيز عىل املشاعر‬

‫اإليجابيَّة يف كا َّفة األوقات‪ ،‬والتي تعني قدرتنا عىل البقاء متفائلني‪ ،‬وأن ننظر إىل أحداث املايض‪،‬‬

‫منظور بنَّا ٍء‪ ،‬وتُع ُّد هذه املشاعر اإليجابيَّة من األمور ذات األهميَّة الكبرية‪ ،‬ألنَّها‬
‫ٍ‬ ‫واملستقبل من‬
‫من املمكن أن تساعدنا عىل االستمتاع يف حياتنا اليوميَّة‪ ،‬وعىل تخ ِّ‬
‫طي العقبات التي تواجهنا‬

‫من خالل الحفاظ عىل النَّظرة التَّفاؤلية حيا َل النَّتائج النِّهائيَّة‪.‬‬

‫‪ .2‬االرتباط ‪ :Engagement‬ويعني هذا أنَّنا بحاجةٍ ملا يمكن أن يربطنا باألعمال التي نقوم بها‪،‬‬

‫وأن يدفعنا ذلك االرتباط إىل االنغماس يف املهمَّة‪ ،‬أو النَّشاط الذي نقوم به حتَّى نصل إىل حالة‬

‫"التَّد ُّفق" الذي ينمِّي ذكاءنا وقدراتنا العاطفيَّة‪.‬‬

‫‪ .3‬العالقات ‪ :Relation‬تُع ُّد الحاجة للعالقات االجتماعيَّة حاج ًة أساسي ًَّة بالنِّسبة لنا‪ ،‬فالعالقات‬
‫ٌ‬
‫كائنات‬ ‫االجتماعيَّة مثل التَّواصل والحبِّ ‪ ،‬هي رضوريّ ٌة ج ّدا ً لجعل حياتنا ذات معنى‪ ،‬فنحن‬

‫اجتماع ّي ٌة نعيش مع اآلخرين‪ ،‬ويرتبط بعضنا بالبعض‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫َّ‬
‫السعاد املهنيَّة‬

‫‪ .4‬الغاية أو املغزى ‪ :Meaning‬تساعدنا األهداف‪ ،‬والغاية من األعمال التي نقوم بها عىل َّ‬
‫الشعور‬

‫بالرضا يف املهام التي نؤدِّيها‪ ،‬فعند معرفة َّ‬


‫السبب‪ ،‬أو الغاية التي نقيض وقتنا يف العمل من‬ ‫ِّ‬
‫الرضا‪ ،‬ويمكن أن يزداد ذلك ُّ‬
‫الشعور كلَّما كانت أهدافنا أو أعمالنا‬ ‫أجلها نشعر بمزي ٍد من ِّ‬

‫وغايات عميقةٍ ‪ ،‬أو ذات تأث ٍ‬


‫ري يف املجتمع من حولنا‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫معان‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ذات‬

‫‪ .5‬اإلنجازات ‪ :Accomplishments‬إ َّن تحقيق اإلنجازات يساعدنا يف عيش حيا ٍة ذات معنى‪،‬‬

‫وعندما نقوم ببذل الجهد لتحقيق األهداف التي نحدِّدها يتولَّد لدينا شعو ٌر ِّ‬
‫بالرضا‪ ،‬ويزداد‬
‫هذا ُّ‬
‫الشعور عند تحقيق هذه األهداف يف نهاية املطاف‪.‬‬

‫متكامل‪ ،‬يؤدِّي إىل دفع أنفسنا للوصول إىل حالةٍ‬


‫ٍ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫إ َّن االهتمام بالعنارص الخمسة َّ‬
‫السابقة‬

‫الرضا الذي نسعى إليه من خالل النَّموذج‬


‫تُعرف باالزدهار النَّفيس "‪ ،"Flourish‬وهي جوهر ِّ‬
‫َّ‬
‫السابق‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫َّ‬
‫السعاد املهنيَّة‬

‫‪45‬‬
‫متى نبدأ ببناء املسار املهني؟‬

‫املهني‪ ،‬ولكن يف الحقيقة َّ‬


‫إن مرحلة‬ ‫ِّ‬ ‫غالبا ً ما يع ُّد الكثريون َّ‬
‫أن فّتة الجامعة هي فّتة بناء املسار‬

‫املهني‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الدِّراسة الجامعيَّة ال يمكن اعتبارها سوى الخطوة األوىل يف مرحلة البداية يف بناء املسار‬
‫ُّ‬
‫التوقف عند بعض النّقاط الهامَّة‪:‬‬ ‫وبما أنَّنا نتحدَّث عن البداية فال ب َّد من‬

‫تعليمي‪ ،‬وليس‬
‫ٌّ‬ ‫املهني‪ :‬يف الواقع إ َّن دور الجامعات هو دو ٌر‬
‫ِّ‬ ‫أوالً‪ :‬الجامعة ليست مركزا ً للتأهيل‬

‫الرغم من أنَّنا ندرس يف الجامعة حتَّى نعمل مُستقبالً ضمن مجال االختصاص‬
‫دورا ً مهن َّياً‪ ،‬فعىل ّ‬
‫بالَّضورة أ َّن الجامعة تصن ُع منَّا أفرادا ً َّ‬
‫مؤهلني لدخول سوق العمل‬ ‫الذي تعلّمناه‪ ،‬لك ّن ذلك ال يعني ّ‬

‫باقتدار‪ٍ.‬‬

‫ري‪ ،‬كما أنَّه من امله ِّم التعمُّ ق يف‬


‫بشكل كب ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ثانياً‪ :‬علينا االهتمام ببناء املهارات خالل املرحلة الجامعيَّة‬

‫املهني تكمن يف بعض املواد دون‬


‫ِّ‬ ‫كا َّفة املواد التي ندرسها‪ ،‬فقد تكون األهميَّة بالنَّسبة إلينا يف مجالنا‬

‫األخرى‪ ،‬لذلك يجب أال نهمل أيّا ً منها‪.‬‬

‫الجامعي‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫تخصصه‬ ‫الجامعي ليس أمرا ً حتميَّاً‪ :‬يعتقد البعض أنَّه ملز ٌم بالعمل يف‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫التخصص‬ ‫ثالثاً‪:‬‬

‫حتَّى لو لم يجد فيه الفرصة املناسبة له يف ضوء ما قمنا باستعراضه‪ ،‬وبنا ًء عىل ذلك يمكن أن يتعثّر‬

‫يف حياته املهنيّة‪ ،‬ويواجه الكثري من العقبات‪ ،‬ويف الحقيقة أنَّه من املمكن أال نجد الفرصة املالئمة‬

‫مجال‬
‫ٍ‬ ‫الجامعي‪ ،‬وهذا بال َّ‬
‫طبع ال يعني نهاية األمر‪ ،‬إذ يمكننا االنتقال إىل العمل ضمن‬ ‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫لتخصصنا‬

‫صات أخرى‪ ،‬وهذا ال يعني أنَّنا خَّسنا وقتنا يف أثناء تعلُّمنا التَّ ُّ‬
‫خصص الذي درسناه‪،‬‬ ‫بتخص ٍ‬
‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫مرتبط‬

‫ّ‬
‫تخصصنا السابق‪.‬‬ ‫إذ يمكننا البناء‪ ،‬واالستفادة من بعض الجوانب يف‬

‫‪47‬‬
‫متى نبدأ ببناء املسار املهني؟‬

‫يف معظم األحيان تتَّسم مرحلة الجامعة‪ ،‬واملرحلة التي تليها مبارش ًة ب َّ‬
‫الضياع عند معظم النَّاس‪،‬‬

‫طبيعي ج ّداً‪ ،‬ومن األفضل أن نصف هذه املرحلة بمصطلح "االستكشاف" بدال ً من‬
‫ُّ‬ ‫وهذا األمر‬

‫"الضياع"‪ ،‬ألنَّها يف الحقيقة مرحل ٌة نقوم فيها بالبحث عن ذواتنا‪ ،‬واستقصاء األعمال املناسبة لنا‪،‬‬
‫َّ‬

‫وبنا ًء عىل ذلك ال يجب أن نشعر بأ َّن هذه الحالة التي نم ُّر بها هي حال ٌة سيّئ ٌة‪ ،‬بل عىل العكس تماماً‪،‬‬

‫بعمق ألنَّها تش ِّكل وعينا للمراحل التي تليها كما أنَّها تع ُّد حجر األساس لك ِّل‬
‫ٍ‬ ‫يجب أن نعيشها‬

‫املراحل التَّالية‪.‬‬

‫علينا مالحظة أنَّنا نعيش اليوم فيما يعرف بعالم "اقتصاد املهارات"‪ ،‬ويعني ذلك أ َّن املهارات التي‬

‫ناجح‪ ،‬ولذلك علينا‬


‫ٍ‬ ‫مهني‬
‫ٍّ‬ ‫مسار‬
‫ٍ‬ ‫نمتلكها هي التي تساعدنا يف إيجاد العمل املناسب‪ ،‬وتساهم يف بناء‬

‫أن تعدُّد املعارف واملهارات أصبحت رضور ًة ملحَّ ًة يف عالم اليوم‪ ،‬وليست َّ‬
‫مجرد رفاهٍ‪،‬‬ ‫أن نعي فكرة َّ‬

‫أو ٍ‬
‫ترف فكريٍّ ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫كيف تفكر تصميم َّياً ملسارك املهني؟‬

‫التَّفكري التَّصميمي ‪ Design Thinking‬هو طريق ٌة جديدةٌ يف التَّصميم وإيجاد الحلول ضمن إطار‬
‫العمل َّ‬
‫والرشكات النَّاشئة‪ ،‬يتبعها الفرد إلدارة‪ ،‬وتعزيز فكره‪ ،‬وذلك من خالل تطبيق أساسيَّات هذه‬

‫صميمي منهج َّي ًة لتوليد الحلول االبتكاريَّة‬


‫ِّ‬ ‫طريقة عىل عمله‪ ،‬وطريقة تفكريه‪ ،‬ويع ُّد التَّفكري التَّ‬
‫ال ِّ‬

‫طرائق التَّقليديَّة عن حلِّها‪.‬‬


‫للتح ِّديات التي تعجز ال َّ‬

‫تصميم الحياة املهنيَّة‪:‬‬

‫صميمي إىل زيادة اإلنتاجيَّة‪ ،‬وزيادة جودة األداء وتحسينه‪ ،‬والوصول إىل درجةٍ‬
‫ُّ‬ ‫يسعى التَّفكري التَّ‬

‫وتحقق صحَّ ًة نفسي ًَّة لإلنسان من خالل‬


‫ِّ‬ ‫طمأنينة تضمن حيا ًة اجتماع َّي ًة مناسب ًة‪،‬‬
‫الرضا وال ّ‬
‫من ِّ‬
‫وضع منهجيَّةٍ مبتكر ٍة يف ح ِّل املشاكل ومعالجتها‪ ،‬لتوافق النَّتائج رغبات‪ ،‬واحتياجات أيٍّ منا‪ ،‬ممَّ ا‬

‫املؤرقة أحياناً‪.‬‬ ‫ي ِّ‬


‫ُيَّس حياتنا ويسهِّ ل الكثري من تفاصيلها ِّ‬

‫‪49‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫صميمي عىل حياتنا العمليِّة‪ ،‬فقد قام أستاذان من جامعة ستانفورد‬


‫ِّ‬ ‫يمكن تطبيق فكرة التَّفكري التَّ‬

‫هما‪ :‬بيل بورنيت‪ -‬ديف إيفانز بتأليف كتاب (‪ )DESIGNING YOUR LIFE‬يف ‪20‬سبتمرب‬

‫عمر‪ ،‬أو مرحلةٍ ‪،‬‬ ‫‪ِّ ،2016‬‬


‫يوضحان فيه كيفيَّة بناء‪ ،‬أو تصميم حيا ٍة يمكن االزدهار فيها ‪ ،‬يف أيِّ ٍ‬
‫صميمي لبناء حيا ٍة مُرضيةٍ ‪ ،‬وذات مغزى‪ ،‬ث َّم نرشا كتابا ً آخر‬
‫ِّ‬ ‫ويبيِّنان كيفيَّة استخدام التَّفكري التَّ‬

‫(‪ .)DESIGNING YOUR WORK‬يتناوالن فيه فكرة االنتقال إىل استخدام طرق التفكري‬

‫التصميمي يف تصميم العمل‪.‬‬

‫‪ -1‬العقليَّة ‪: MINDSET‬‬

‫إ َّن األشخاص ذوي العقليَّة الثَّابتة ‪ Fixed mindset‬يعتقدون أ َّن القدرات ثابت ٌة‪ ،‬أمَّ ا أولئك الذين‬

‫لديهم عقليَّة النُّمو ‪ Growth mindset‬فيعتقدون أ َّن القدرات يمكن تطويرها‪ ،‬وبالتَّايل يكونون‬

‫أكثر ازدهارا ً وتطوُّراً‪.‬‬

‫تلخص كارول دويك عاملة النَّفس يف جامعة ستانفورد تأثري العقليَّة الثَّابتة وعقليَّة النُّمو عىل حياتنا‬
‫ِّ‬

‫كك ٍّل يف كتابها (‪ )Mindset: The New Psychology of Success‬الذي ِّ‬


‫توضح فيه َّ‬
‫أن تفكرينا‬

‫ونظرتنا إىل قدرتنا‪ ،‬ومواهبنا هي من تحكم مسريتنا يف تحقيق اإلنجازات يف مجاالت حياتنا املهنيَّة‪،‬‬

‫وهوايات يوميَّةٍ ‪ ،‬إن عقليَّتنا الثَّابتة تعرقل نموَّنا‪،‬‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رياضات‪،‬‬ ‫والدِّراسيَّة كلّها‪ ،‬بل تتح َّكم يف عاداتنا من‬

‫وتطوّ رنا حتَّى يقتنع اإلنسان أ َّن الفنان يولد فناناً‪ ،‬والكاتب يولد كاتباً‪ ،‬ربَّما تؤث ِّ ُر الجينات‪ ،‬وتعطي‬

‫تفضيالً لهذا عىل ذاك‪ ،‬لكن االجتهاد هو الداَّفع األوَّل‪ ،‬لذلك نرى أصحاب عقليَّة النُّمو ال يرضون‬
‫ِّ‬
‫وتحفزهم للمزيد‪ ،‬واملزيد من‬ ‫بمستوى قدراتهم‪ ،‬ويسعون دوما ً إىل تحد ٍ‬
‫ِّيات أكرب تصقل مهاراتهم‪،‬‬

‫النَّجاح‪ ،‬إن اعتناقك لعقليَّة النُّمو هو خطوةٌ أوىل يف سبيل تصميم حياتك املهنيَّة وتطوير ذاتك‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫صميمي بتحسني رؤيتنا لألمور ويعالج املغالطات املنطقيَّة التي نقع بها‪ ،‬ومن‬
‫ُّ‬ ‫يسهم التَّفكري التَّ‬

‫أه ِّم النَّصائح التي يطرحها علينا‪:‬‬

‫خذ خطو ًة إىل الوراء لكي تقفز لألمام‪:‬‬

‫إن خطو ًة‬ ‫ال يعني ذلك التَّ ُّ‬


‫أخر‪ ،‬وال يجب أن نقيس نجاحنا باآلخرين‪ ،‬بل بأنفسنا وأهدافنا املاضية‪َّ ،‬‬

‫إىل الوراء تتيح قفز ًة كبري ًة إىل األمام‪ ،‬فالنجاح عبارة عن طريق ميل ٍء بالعقبات‪ ،‬والتَّحديات‪ ،‬وليس‬

‫طريقا ً مستقيما ً فاللحظة التي تشعر فيها ُّ‬


‫بالرجوع إىل الوراء قد تكون لحظة االنطالق يف طريق‬
‫طريق بني نقطتني هو الخ ُّ‬
‫ط املستقيم‪ ،‬أمَّ ا يف الحياة العمليَّة فإ َّن‬ ‫ٍ‬ ‫النَّجاح‪ ،‬ومن املعروف أ َّن أقرب‬

‫حقيقي‪ ،‬وتمي ٍُّز‬


‫ٍّ‬ ‫طريق بني نقطتي البداية والنَّجاح‪ ،‬هو ال َّ‬
‫طريق الذي يوجد فيه بذل جهدٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أقرب‬

‫خطط مدروسةٍ وتنفيذها‪ ،‬وذلك بإعمال الفكر وبذل طاقةٍ كبري ٍة يف سبيل الوصول إىل‬
‫ٍ‬ ‫بوضع‬
‫تتعرض لعقبةٍ يف مسار النَّجاح فأنت تسري يف ال َّ‬
‫طريق‬ ‫َّ‬ ‫أشهر‪ ،‬ولم‬
‫ٍ‬ ‫الهدف‪ ،‬فإن أمضيت ثالثة‬

‫الخاطئ‪.‬‬

‫‪Success‬‬ ‫‪Success‬‬

‫‪What people think it looks like‬‬


‫‪What it really looks like‬‬

‫‪51‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫املغالطات املنطقيَّة‪" :‬أأختار هذا أم ذاك؟"‬

‫يمكن لإلنسان اكتشاف هذه املغالطات‪ ،‬عندما يكون يف حالة فيزيولوجيَّةٍ تامَّةٍ ‪ ،‬ويمتلك فطر ًة‬
‫ً‬
‫سليمة‪ ،‬وهذا لألسف ال يوافق إال حاالت َّ‬
‫الّتكيز الفائق‪ ،‬أو التَّأ ُّمل التَّا ِّم لذلك غالبا ً ما نقع باملغالطات‬

‫ٍ‬
‫بسيط للمغالطات املنطقيَّة يمكن القول‪ :‬هي األخطاء التي تحدث يف املنطق‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وكتعريف‬ ‫املنطقيَّة‪،‬‬

‫أي ما يخالف العقل واملنطق‪.‬‬

‫مسار أفضل التِّباعه يف ‪IT‬؟ هل هو علوم املعطيات ‪data‬‬


‫ٍ‬ ‫مثالً عندما يُطرح عليك سؤاال ً كالتايل‪ :‬أيُّ‬

‫‪ science‬أم الذكاء الصنعي ‪artificial intelligence‬؟ عند التَّدقيق يف ُّ‬


‫السؤال املطروح‪ ،‬تالحظ‬

‫وجود مغالطةٍ منطقيَّةٍ واضحةٍ ‪ ،‬إذ ت َّم تحديد ك ِّل علوم ‪ IT‬يف مسارين فقط‪ ،‬وذلك يؤدِّي إىل إحاطة‬
‫خيص‪ ،‬يطلق عىل ال َّ‬
‫طريقة‬ ‫ِّ‬ ‫الفكر بخيارين ال ثالث لهما‪ ،‬وهذا األمر يُحجِّ م مساحة الفكر‪ ،‬والعمل َّ‬
‫الش‬

‫املتَّبعة ‪ ،either or false dilemma‬ويف اللحظة التي توضع بني خيارين ‪ A‬أو ‪ B‬حاول أن تف ِّكر‪،‬‬

‫خيارات أخرى ألنَّك حتما ً ستجد‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫وتُ ِّ‬
‫جرب‪ ،‬وتبحث عن‬

‫يف هذه الحالة يمكن التَّغلُّب عىل املغالطة‪ ،‬أو عىل األق ِّل إضعافها عرب النَّظر يف االحتماالت األخرى‪،‬‬

‫أو ربَّما عرب النَّظر إىل مجموعة االحتماالت األخرى كامل ًة‪.‬‬

‫ابن اسّتاتيجيَّا ً "‪: "Build Your Way Forward‬‬


‫طط اسّتاتيجيَّاً‪ِ ،‬‬
‫ال تخ ِّ‬

‫طةٍ ِّ‬
‫لتوقع املستقبل‪ ،‬والتَّح ُّكم به‪ ،‬وهذا ما يسمَّى "التَّخطيط‬ ‫أغلب الناس يعتقدون أنَّه يجب وضع خ َّ‬

‫الشكل‪ ،‬كما يحدث اآلن يف أكرب‪ ،‬وأه ِّم َّ‬


‫الرشكات إذ يت ُّم تَّسيح‬ ‫االسّتاتيجي" لكن األمور ال تسري بهذا َّ‬
‫ِّ‬
‫االسّتاتيجي يف عملها‪ ،‬ولكن‬
‫َّ‬ ‫ظفني نتيجة وباء كورونا‪ ،‬رغم أ َّن هذه َّ‬
‫الرشكات تتَّبع التَّخطيط‬ ‫املو َّ‬

‫‪52‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬
‫يكمن ُّ‬
‫توقع‪ ،‬وتصوُّر املستقبل دون التَّخطيط له ودون خسارة الوقت‪ ،‬والجهد‪ ،‬حتَّى عند تعلُّم يش ٍء‬

‫جدي ٍد يجب عليك التَّخطيط ملعرفة ما يجب عليك تعلُّمه‪ ،‬ومعرفة ما إذا كان مناسبا ً أم ال؟ وهذا يتَّبع‬

‫خاصةٍ بك‪ ،‬وليس التَّخطيط فقط‪ .‬عىل سبيل املثال‪ ،‬كيف يمكنك تعلُّم‬
‫َّ‬ ‫طريقة بناء اسّتاتيجيَّةٍ‬

‫وقت؟ يمكنك ذلك ببساطة بالتَّجربة‬


‫اختصاص ما‪ ،‬والتَّع ُّمق فيه إىل جانب عملك الدَّائم دون خسارة ٍ‬

‫املستمرة ِّلبناء نموذج أويل ‪.prototype‬‬

‫والسلع‪ ،‬أو الخدمات والعمل‪ ،‬أمَّ ا تطبيقه عىل‬


‫ِّ‬ ‫يمكن اعتماد هذه اآلليَّة عىل مستوى املنتجات‪،‬‬
‫مستوى الحياة العمليَّة فيكون صعبا ً نوعاً‪ ،‬ولكن نتائجه جيِّدةٌ ج ًّدا ً ومفيدةٌ‪ ،‬هذه ال َّ‬
‫طريقة تعتمدها‬

‫رشكات كثريةٌ حول العالم الختبار منتجها الجديد‪ ،‬أكان جيِّدا ً أم ال؟ فعند تصميم ٍ‬
‫منتج جدي ٍد يحتاج‬ ‫ٌ‬

‫ممكن‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫نموذج أوَّ يل ٍّ بأرسع ٍ‬
‫وقت‬ ‫ٍ‬ ‫إىل كلفةٍ عاليةٍ ‪ ،‬وموارد كث ٍرية‪ ،‬دائما ً تتَّجه َّ‬
‫الرشكات لفكرة بناء‬
‫وبأق ِّل تكلفةٍ ممكنةٍ ‪ ،‬واختباره مع مجموعةٍ مختار ٍة من َّ‬
‫الزبائن‪ ،‬أو من يعرفون بالفئة املستهدفة‬

‫الراجعة منهم عن النَّموذج األوَّ يل ِّ‪،‬‬


‫ملعرفة مدى جودة املنتج من خالل ردود أفعالهم‪ ،‬وأخذ التَّغذية َّ‬
‫وبذلك تكون َّ‬
‫الرشكة قادر ًة عىل تحسني املنتج وتطويره‪ ،‬تساعد هذه اآلليَّة يف معرفة أخطاء املنتج‪،‬‬

‫إن النَّموذج األوَّ يل ِّ‬


‫حقيقي‪َّ .‬‬
‫ٍّ‬ ‫الختبار‬
‫ٍ‬ ‫فصانعه ال يمكنه اكتشاف األخطاء املوجودة فيه ما لم يُخضعه‬
‫أفضل من الخطط املوضوعة فنعدّه إصدارا ً تجريب َّيا ً‬
‫ٍ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫عات للمستقبل‬ ‫‪ prototype‬يعطي ُّ‬
‫توق ٌ‬

‫لحصد إيجابيَّات وسلبيات النَّموذج ‪،‬وتحسينه قبل تصديره إىل ُّ‬


‫السوق‪ ،‬أو تنفيذه‪.‬‬

‫إن بناءك لنموذج أوَّ يل ٍّ لحياتك التَّعليميَّة‪ ،‬أو املهنيَّة لتجنُّب خسارة الوقت‪ ،‬والجهد يف تطوير جوانب‬

‫ال تناسبك‪ ،‬يطوِّر من رؤيتك‪ ،‬ويمنحك تفكرياً‪ ،‬أوسع بما يجب عليك القيام به يف املستقبل القريب‪،‬‬

‫والبعيد لتسهيل دخولك يف سوق العمل‪ ،‬ويمنحك القدرة عىل اكتشاف ال َّذات فيما إذا كانت معرفتك‬

‫مناسب ًة‪ ،‬أو يجب اكتساب خربة ٍأكرب‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫اإلدراك ليس الواقع بل هو أه ٌّم من الواقع‬

‫ال يه ُّم فعالً ما يجري عىل أرض الواقع‪ ،‬بل امله ّم هو ما يفهمه‪ ،‬ويراه النَّاس عن الواقع‪ ،‬إذ ّ‬
‫إن لك ِّل‬

‫شخص‬
‫ٍ‬ ‫الخاص‪ ،‬ويدرك الحياة من وجهة نظره للواقع‪ ،‬وبالتَّايل َّ‬
‫يتغري الواقع نفسه من‬ ‫ّ‬ ‫فر ٍد تصوّ ره‬
‫يتغري بحسب تأييد ك ّل جماعةٍ له‪ ،‬أو معارضتها إيَّاه‪ ،‬وهذا َّ‬
‫ألن الجميع‬ ‫إىل آخر‪ ،‬بل إ َّن املوقف ذاته َّ‬

‫ُختلف‪ ،‬إال أ َّن الواقع ال يهت ُّم كثريا ً بتصوّ راتنا‪ .‬الواقع ال َّ‬
‫يتغري ليتكيَّف مع‬ ‫ٍ‬ ‫بشكل م‬
‫ٍ‬ ‫ينظر إىل الواقع‬

‫وجهات نظرنا‪ ،‬يبقى الواقع كما هو عليه‪.‬‬

‫الصورة التي تقدِّمها للنَّاس‪ ،‬لكن ال يمكننا التَّحكم بما يأخذه النَّاس من‬
‫ما يمكن التَّح ُّكم به هو ُّ‬

‫السرية ال َّذاتيَّة‪.‬‬
‫وكانعكاس لهذا األمر عىل الواقع فلتأخذ مثال ِّ‬
‫ٍ‬ ‫انطباع عنك‪،‬‬
‫ٍ‬

‫السرية ال َّذاتيَّة يُقدّر بحوايل ‪ٍ 10 – 6‬‬


‫ثوان‪ ،‬وكلَّما‬ ‫إ َّن الوقت الذي يقضيه مسؤولو التَّوظيف لقراءة ِّ‬
‫الزمنيَّة أقرص‪ ،‬بسبب ازدياد عدد ال َّ‬
‫طلبات‪،‬‬ ‫كانت َّ‬
‫الرشكة ذات سمعةٍ ‪ ،‬وأه ِّميةٍ أكرب كانت الفّتة َّ‬

‫ِّيات كبريةٌ أمام مسؤويل التَّوظيف باختيار أشخاص من ذوي ِّ‬


‫املؤهالت املطلوبة‬ ‫وبالتَّايل هناك تحد ٌ‬

‫السرية ال َّذاتيَّة‪،‬‬ ‫ٍ‬


‫كلمات مفتاحيَّة يف ِّ‬ ‫ري ج ًّداً‪ ،‬وذلك عن طريق تركيزهم عىل األقل عىل عرش‬ ‫ٍ‬
‫بوقت قص ٍ‬

‫‪54‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫فلذلك يتوجَّ ب عىل األشخاص االهتمام أكثر بما يقدِّمونه يف سريتهم ال َّذاتيَّة‪ ،‬لكي يتم َّكنوا من عكس‬
‫ومؤهالتهم التي تناسب َّ‬
‫الرشكة التي تقدَّموا إليها‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫صور ٍة صحيحةٍ ‪ ،‬وواضحةٍ عن مهاراتهم‪،‬‬

‫متفائ ٌل‪ ،‬أم متشائمٌ؟ ال يهمّ‪ ...‬األهم هو مواجهة الواقع بثقةٍ‬

‫ببعض دون أن يؤثِّر ذلك عىل حياتك‬


‫ٍ‬ ‫ينبغي أن ترى الواقع بأصدق صورةٍ‪ ،‬وتربط املعطيات بعضها‬
‫ً‬
‫قريبة تكون قادرا ً عىل التح ُّكم فيها‪ ،‬أي ال تكن متفائالً‪ ،‬أو متشائما ً‬ ‫املهنيَّة‪ ،‬أي‪ :‬ضع أهدافا ً مرحل َّي ًة‬

‫بل كن عقالن َّياً‪ ،‬وواقع َّيا ً بثقةٍ ‪.‬‬

‫ال تهتم بشغفك‪ ،‬ابحث عن مساهمتك‬

‫رحالت ع َّد ٍة من التَّجارب‪ ،‬وهي ثمرةٌ لتعلُّمك‬


‫ٍ‬ ‫الشغف هو نقط ُة نهايةٍ يمكن أن تصل إليها بعد‬
‫إ َّن َّ‬

‫لَّش ٍء ما وعملك فيه‪ ،‬ومن ث َّم تبني حبَّك لعملك‪ ،‬وتصل إىل ما يسمَّى َّ‬
‫بالشغف‪ ،‬وهذا املوضوع له‬

‫أمور يحب القيام بها‪ ،‬يقف‬


‫سلبي كبريٌ عىل العديد من األشخاص‪ ،‬فبعضهم عند امتالكه عدَّة ٍ‬
‫ٌّ‬ ‫تأثريٌ‬
‫طريق سوف يسلك‪ ،‬أو نرى أ َّن بعض األشخاص ال يملكون شغفا ً‬
‫ٍ‬ ‫يف حري ٍة من أمره‪ ،‬وال يعرف أيّ‬

‫أمر ربَّما ال‬ ‫معني‪ ،‬وعند إلزامك لهم بأن يتَّبعوا شغفهم‪ ،‬فإنَّك بهذه ال َّ‬
‫طريقة تجربهم عىل اتِّباع ٍ‬ ‫بأمر َّ ٍ‬
‫ٍ‬
‫يناسبهم‪ ،‬لذلك يجب فهم معنى َّ‬
‫الشغف بطريقةٍ مختلفةٍ ‪ ،‬والعمل عىل أساس الفهم َّ‬
‫الصحيح له‪.‬‬

‫ٍ‬
‫اكتشاف ملا حوله‪ ،‬ومعرفة الكثري من جوانب الحياة‪ ،‬وليس‬ ‫إن اإلنسان يف بداية عمره يعيش مرحلة‬
‫ً‬
‫كاملة عن تفاصيله‪،‬‬ ‫بعمل ما عىل أساس أ َّن لديه شغفا ً به‪ ،‬وهو يف الحقيقة ليس لديه معرفة‬
‫ٍ‬ ‫االلتزام‬
‫فالسؤال هنا كيف يمكن أن تملك شغفا ً بمهنةٍ ما‪ ،‬وأنت ال تعرف عنها سوى الوجه ال َّ‬
‫ظاهريِّ منها؟‬ ‫ُّ‬

‫لذلك تعلَّم‪ ،‬واكتسب معرف ًة كبري ًة ع ّما حولك‪ ،‬وخذ نصيبا ً وافيا ً من املعرفة ع َّما ترغب بتعلُّمه‪ ،‬و‬

‫‪55‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫ً‬
‫مرحلة أخري ًة ‪ out come‬وليس منطلقا ً ‪starting‬‬ ‫من ث َّم ومع مرور الوقت يُبنى شغفك به‪ ،‬ويكون‬

‫‪. point‬‬

‫فإن كان لديك رغب ًة يف إطالق مرشوعك الخاص‪ ،‬أو تصميم ٍ‬


‫عمل ما فاألفضل أن ت ّتبع ما تميل إليه‪،‬‬

‫نموذج أوَّ يل ٍّ وتجربته‪ ،‬ويف حال وجود خطأٍ ما يمكنك تصحيحه‪ ،‬وتجاوزه والتَّعلُّم منه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وابدأ ببناء‬
‫ويف حال فشلت يف هذا الجانب من العمل يكون قد أصبح لديك بعض املعرفة به‪ ،‬ولم تهدر وقتا ً‬

‫جانب جديدٍ‪ ،‬مستعينا ً‬


‫ٍ‬ ‫كبريا ً بال فائدةٍ‪ ،‬ويكون لك القدرة لالنتقال إىل تجربةٍ أخرى الكتشاف‬

‫األسايس‪ ،‬وهي نتيج ٌة تبنى وأنت يف طريقك‬


‫ُّ‬ ‫بمعرفةٍ مسبقةٍ عمّ ا ستواجه‪ ،‬فالفائدة هي الهدف‬

‫للوصول إىل هدفك‪.‬‬

‫بمسار َّ ٍ‬
‫معني‪ ،‬وال تحديد مستقبله عىل أساس‬ ‫ٍ‬ ‫السابعة عرش ال يتوجَّ ب عليه االلتزام‬
‫اإلنسان بعمر َّ‬

‫اختصاص ما‪ ،‬من مبدأ أ َّن لديه شغفا ً به‪ ،‬لذلك قامت بعض الجامعات منها جامعة‬
‫ٍ‬ ‫دراسة‬

‫ستانفورد بتطبيق طريقة ‪ "Undeclared majors‬التَّ ُّ‬


‫خصصات غري املعلنة" تقوم بتدريس مواد‬

‫العلوم املختلفة (الفيزياء‪ ،‬وعلم النَّفس‪ ،‬والكهرباء‪ ،‬والتَّسويق‪ )....‬يف السنتني األوىل والثَّانية‪ ،‬وبعدها‬
‫يتعرف الطالب إىل ما يحبّونه ومع ذلك ال يسمَّى شغفاً‪َّ ،‬‬
‫الشغف يأتي من الخربة‪،‬‬ ‫من خالل التَّجربة َّ‬
‫وليس الدِّراسة‪.‬‬

‫اقلق أقل‪ ،‬واعمل أكثر‪:‬‬

‫هدف‪ ،‬فمن يعمل أكثر ليس لديه ٌ‬


‫وقت للقلق‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫حوِّل طاقة القلق النَّفسيَّة التي لديك إىل ٍ‬
‫عمل مفي ٍد ذي‬

‫عىل سبيل املثال طاقة الهاتف يمكن إنهاؤها بحضور محارض ٍة مفيدةٍ‪ ،‬أو هدرها باللعب فقط‪ ،‬لذلك‬

‫‪56‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫أنت من يحدد أين تستهلك وقتك وطاقتك‪ ،‬واعلم أنَّك عندما تقوم بعملك عىل أكمل وجهٍ ‪ ،‬فليس عليك‬

‫السلبيَّة التي ربما تحصل ألنَّها خارج سيطرتك‪.‬‬


‫القلق من األمور َّ‬

‫حقيقي ‪deliberate‬‬
‫ٍّ‬ ‫تدريب‬
‫ٍ‬ ‫كن مُدركا ً أن املوهبة ال تولد مع اإلنسان‪ ،‬و إنَّما تُصنع نتيجة مرور‬

‫‪ practice‬عليها ملدَّة عرشة آالف ساعةٍ ‪ ،‬بعدها سّتتقي إىل مرتبة املحّتف ‪ kobe bryant ،‬محّتف‬

‫السلة‪ ،‬ومع التَّدريب والعمل بج ٍّد أصبح‬


‫كرة السلة الذي كان ال يملك املقوّمات الجسديَّة لالعبي كرة َّ‬

‫محّتفا ً فيها‪ ،‬وهو الذي يقول‪" :‬ليس لديَّ أي يش ٍء مشّتك مع األشخاص الكساىل الذين يلومون‬

‫اآلخرين عىل عدم نجاحهم‪ ،‬األشياء العظيمة تأتي من العمل الجا ّد واملثابرة‪ ،‬ال مكان لألعذار"‬

‫ِّيات‪ ،‬وبيئ ٌة مساعدةٌ)‬


‫خيارات شخص َّي ٌة‪ ،‬وبيئة ٌداعم ٌة (بيئة تحد ٍ‬
‫ٌ‬ ‫النَّجاح‬

‫" يحتاجُ النَّجاح إىل امتالك أمرين أساسيَّني‪ :‬الخيارات َّ‬


‫الشخصيَّة‪ ،‬والبيئة الدَّاعمة"‬

‫أشخاص لديهم إعدا ٌد مثايل ٌّ‬


‫ٌ‬ ‫أكثر النَّاس فرص ًة لتحقيق النَّجاح هم "‪ "The mighty middle‬هم‬

‫بشكل ٍ‬
‫كاف‪ ،‬ويملكون البيئة الدَّاعمة الحقيقيَّة التي لها‬ ‫ٍ‬ ‫ليصلوا إىل النَّجاح‪ ،‬ولديهم ما يساعدهم‬

‫جانبان‪:‬‬

‫وظروف ماليَّةٍ‬
‫ٍ‬ ‫‪-1‬بيئ ٌة مساعدةٌ ‪ :too much support‬يتم فيها الدَّعم عن طريق وجود عدالةٍ ‪،‬‬

‫وأشخاص يدفعوك إىل األمام ويزوِّدونك بالحماس‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫مناسبةٍ ‪،‬‬

‫‪-2‬بيئة تحدِّيات ‪ :too much challenge‬عند وجود أشخاص منافسني لك‪ ،‬يعطونك رأيهم‬

‫الرصيح بما تقوم به كنقد بنّاء‪.‬‬

‫كبري‪ ،‬يجب عليك التَّأكد دائما ً أنَّك عندما تقوم بعملك عىل‬
‫بشكل ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫داعمة‬ ‫بيئة تشارك املعرفة هي ٌ‬
‫بيئة‬ ‫ٌ‬

‫أكمل وجهٍ ‪ ،‬وتتعلَّم ك َّل جدي ٍد فيه‪ ،‬وتطوّ ره عن طريق التَّشعُّ ب باالختصاصات األخرى وأخذ ما يغني‬

‫‪57‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫الحقيقي لن يذهب هباءً‪ ،‬بل سينعكس‬


‫ِّ‬ ‫أن هذا سوف يثمر‪ ،‬وأ َّن جهدك‬
‫معرفتك‪ ،‬وأداءك‪ ،‬فاعلم َّ‬

‫ري جداً‪.‬‬
‫وعلمي كب ٍ‬
‫ٍّ‬ ‫مهني‬
‫ٍّ‬ ‫عليك بمردو ٍد مادِّيٍّ ‪ ،‬وتطوّ ر‬

‫َّ‬
‫تتحىل بما ييل‪:‬‬ ‫ولتحقيق النَّجاح يف وقت األزمات يجب أن‬

‫● املسؤوليَّة ‪ :Responsibility‬أنت مسؤو ٌل عن إنجاز عمالً معيِّنا ً‪ "،‬كن مسؤوالً" عن‬

‫خياراتك املهنيَّة لّتتقي إىل مرحلةٍ أعىل من الخيارات‪.‬‬

‫● االرتباط ‪ :Accountable‬افهم أ َّن عملك مؤث ِّ ٌر عىل بقيَّة أعضاء الفريق‪ ،‬وغريك سيتأ َّذى‬

‫من إهمالك‪ ،‬وعدم قيامك بواجباتك املهنيَّة‪ ،‬والعكس صحيحٌ ‪ ،‬وهذا يدعى املساءلة املتبادلة‬

‫عمل تعمل بطرائق فعَّ الة‪.‬‬


‫‪ ، mutual accountability‬وهو أقوى مفهو ٍم لبناء فرق ٍ‬

‫● امللكيَّة ‪ :Ownership‬ال يوجد أعذا ٌر‪ ،‬وأنت املسؤول عن املخرجات‪ ،‬ولتتطوَّع إلنجاز‬

‫ومعلن عن ك ِّل جزئيَّةٍ من املهمَّة‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫مبارش‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫املهمَّة يف حال لم تكن مسؤوال ً‬

‫‪58‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫ال تهتم باملنافسة عىل العمل‪ ،‬بل يجب أن تنافس ذاتك عىل أن تقدِّم دائما ً أفضل ما لديك‪ ،‬ألنَّه ويف‬
‫الوقت ذاته هناك من يفعل هذا َّ‬
‫الَّشء ليصل إىل النَّجاح‪ ،‬أي املنافسة عىل االستثمار بالنفس‪ ،‬وبما‬

‫تتفوَّق به وبما يناسبها‪.‬‬

‫‪ -2‬املهارات ‪Skills‬‬

‫صميمي هي املهارات‪ ،‬تختلف املهارة عن املعرفة‪ ،‬فاملعرفة تأتي من‬


‫ِّ‬ ‫الجزء الثَّاني من التَّفكري التَّ‬

‫مر ًة بعد أخرى‬


‫القراءة‪ ،‬واالستماع واملشاهدة‪ ،‬يف حني أ َّن املهارة تعتمد عىل املمارسة‪ ،‬وتكرار العمل َّ‬
‫وصوال ً إىل أداء املهمَّة بوقت ومجهو ٍد أق َّل‪ ،‬وبجود ٍة أعىل‪ ،‬وال يصل اإلنسان إىل مستوى احّتايف ٍّ من‬

‫املهارة إال عن طريق املمارسة‪ ،‬والتَّدريب‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫ويرتبط تطويرنا ملهاراتنا‪ ،‬وارتقاؤنا بها بطريقة تفكرينا‪ ،‬ونظرتنا نحو األمور‪ ،‬كما ذكرنا نقالً‬

‫عن كتاب كارول دويك‪ ،) ( Mindset: The New Psychology of Success‬فاإلنسان قد يتمتَّع‬
‫املهني‪ ،‬وتقنعه أ َّن املهارات تُخلق مع َّ‬
‫الشخص وال يستطيع تطويرها‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫بعقليَّةٍ ثابتةٍ تعيق تطوره‬

‫الصورة النِّهائيَّة للمحّتفني دون تفك ٍ‬


‫ري‬ ‫َّ‬
‫ويتوقف عن أداء أي تمارين‪ ،‬أو تدريبات‪ ،‬ويرى ُّ‬ ‫فيستسلم‪،‬‬

‫اق الذي سلكه‬ ‫طويل الذي مروا فيه‪ ،‬أ َّما أصحاب عقليَّة النُّمو فريون دائما ً الدَّرب َّ‬
‫الش َّ‬ ‫طريق ال َّ‬
‫بال َّ‬

‫املاهرون واملحّتفون حول العالم‪ ،‬ويسعون دائما ً القتفاء أثرهم‪ ،‬واالقتداء بهم‪ ،‬ومقارنة مستوى‬

‫مهارتهم الحاليَّة بما كانوا عليه يف املايض ليتأ َّكدوا أنَّهم عىل درب النُّم ِّو َّ‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫إذا كان االنسان يؤمن بأنَّه عىل مسا ٍر متصاعدٍ‪ ،‬فإنَّه قاد ٌر عىل أن ين ِّمي أيَّ مهار ٍة لديه‪ ،‬وإذا نظر‬

‫إىل نفسه عىل أنَّه محدو ٌد فلن يتم َّكن من بناء‪ ،‬أو تطوير أيّ مهارةٍ‪ ،‬وسيصل إىل مرحلةٍ لن يكون‬

‫أن هذا حدّه‪ ،‬وال يمكنه التَّطوُّر‪،‬‬


‫معني‪ ،‬أل َّن عقله اقتنع بفكر ٍة َّ‬
‫بموضوع َّ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫حينها قادرا ً عىل االستمرار‬

‫أو زيادة مهاراته‪.‬‬

‫تّتدَّد يف سوق العمل عبارة "العرش آالف ساعة تعلُّ ٍم" كح ٍّد أدنى للوصول إىل مستوى احّتايف ٍّ يف‬

‫مجال‪ ،‬وهي عبارةٌ صحيح ٌة إىل ح ٍّد ما لكن مع ضوابط بالتَّأكيد‪ ،‬فال ب َّد من الجمع يف أثناء تعلُّم‬
‫ٍ‬ ‫أيِّ‬

‫ٍ‬
‫معارف‬ ‫هذه املهارة بني املعرفة النَّظريَّة‪ ،‬والتَّدريب العميلِّ‪ ،‬وينبغي االحتكاك باملؤثِّرين‪ ،‬وبناء شبكة‬
‫احّتافيَّةٍ ‪ ،‬دون هذه ُّ‬
‫الرشوط ستكون ‪ 10‬آالف ساعة يُهدر فيها الوقت‪ ،‬أو ستحصل عىل مهار ٍة‬

‫ناقصةٍ دون ش ٍّك‪ ،‬باإلضافة ملا ذكرنا يبقى العنرص األه ُّم هو املرشد‪ ،‬أو ِّ‬
‫املدرب الذي يوجِّ هك إىل‬
‫ال َّ‬
‫طريق َّ‬
‫الصحيح‪ ،‬ويقوِّم أخطاءك‪ ،‬وعثراتك‪ ،‬ويدفعك إىل األمام‪ ،‬ويرشدك خالل رحلتك حيت‬

‫ومالحظات مفيد ًة‪ ،‬ستخلق مع التَّدريب إنجازا ً مبهرا ً خالل فّت ٍة أقرص من‬
‫ٍ‬ ‫ً‬
‫راجعة‬ ‫ً‬
‫تغدية‬ ‫يستخدم‬

‫فّتة التَّعلُّم ال َّذ ِّ‬


‫اتي بالتَّأكيد‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫ٍ‬
‫توظيف‪ ،‬أو حجم املبيعات‪ ،‬وقدرته‬ ‫يقاس مستوى املهارة بالنَّتائج‪ ،‬والعائد منها عىل شكل عروض‬

‫الوظيفي‪ ،‬والتَّأثري يف مجال عمله ليُعرف كاحّتايف ٍّ ضمن دائرته‬


‫ِّ‬ ‫والصعود يف ُّ‬
‫السلم‬ ‫ُّ‬ ‫عىل الّتَّقي‪،‬‬

‫بشكل مبارش باملهارة التي يسعى إىل تحقيقها‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫االجتماعيَّة واملهنيَّة‪ ،‬يرتبط اسمه‬

‫ٍ‬
‫هدف له هو قرا ٌر‬ ‫وقت محدَّدٍ بمثابة‬ ‫ختاماً‪ ،‬إ ّن اتخاذ ال َّشخص قرار إيجاد فرصة ٍ‬
‫عمل خالل ٍ‬

‫خاطئٌ‪ ،‬ألن َّ ُه ال يسيطر عىل فرص العمل‪ ،‬ولكن لديه َّ‬


‫السيطرة عىل عدد االتِّصاالت التي سوف‬

‫املرات التي يكون فيها قادرا ً عىل تقديم نفسه بطريقةٍ صحيحةٍ ‪ ،‬ومناسبةٍ ‪.‬‬
‫يجريها‪ ،‬وعىل َّ‬

‫أه ُّم املهارات املطلوبة حاليّا ً‬

‫هناك دراس ٌة قام بها ‪ ،National Association of colleges and employers‬عىل ‪ 600‬رشكة‬

‫استمرت لـ ‪ 4‬سنوات‪ ،‬انتهت إىل أ َّن أكثر املهارات املطلوبة للعمل يف هذه الفّتة هي‪:‬‬

‫● االحّتافيَّة‪ ،‬وأخالقيَّات العمل (‪)%97.5‬‬

‫● التَّفكري النَّقديُّ وح ُّل املشكالت(‪)%96.3‬‬

‫والكتابي (‪)%91.6‬‬
‫ُّ‬ ‫فهي‪،‬‬ ‫● التَّواصل َّ‬
‫الش ُّ‬

‫فريق (‪)%90‬‬
‫ٍ‬ ‫● التَّعاون‪ ،‬والعمل ضمن‬

‫● تطبيقات تقانة املعلومات (‪)%72‬‬

‫● القيادة (‪)%55.9‬‬

‫● إدارة املهنة ‪.)%45( career management‬‬


‫وتنطبق هذه النَّتائج عىل جميع َّ‬
‫الرشكات حول العالم‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫وثمَّة دراس ٌة أخرى تمَّت عن طريق ‪ IBM‬يف ‪ 2018-2016‬لتحديد أه ِّمية املهارات عرب َّ‬
‫الزمن‪،‬‬
‫مختلف‪َّ ،‬‬
‫والرشكات مختلف ٌة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫السابقة‪ ،‬علما ً َّ‬
‫أن َّ‬
‫الزمن‬ ‫توصلت إىل نتائج قريبةٍ من الدِّراسة َّ‬
‫َّ‬

‫ملر ٍة واحدةٍ‪ ،‬أو حضور ورشة ٍ‬


‫عمل‪ ،‬أو‬ ‫تدريب َّ‬
‫ٍ‬ ‫َّ‬
‫إن هذه املهارات ال يمكن الوصول إليها من خالل‬

‫تدريبي‪ ،‬بل بالجمع بني ك ٍّل ممَّ ا سبق‪ ،‬والتِّكرار‪ ،‬والتَّم ُّرن‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫كورس‬
‫ٍ‬ ‫كتاب‪ ،‬أو حضور‬
‫ٍ‬ ‫قراءة‬

‫واملمارسة‪ ،‬وإصالح األخطاء حتَّى الوصول إىل االحّتافيَّة‪ ،‬وتحقيق املستوى املرغوب يف ك ِّل مهارةٍ‪.‬‬

‫‪ -3‬األدوات ‪:Tool Set‬‬

‫ك ُّل ما ذُكر سابقا ً نقا ٌ‬


‫ط تساعدك عىل فه ٍم جدي ٍد لألمور‪ ،‬واكتشاف األشياء‪ ،‬واآلن سنبدأ بالتَّطبيق‪،‬‬

‫وهي أه ُّم مرحلةٍ من مراحل التَّعلُّم سوا ًء أكان أكاديم ّيا ً أم مهن ّياً‪.‬‬

‫وثائق تسويق َّي ٌة شخص َّي ٌة‪ ،‬تهدف إىل عرض مهارات املتقدِّم‪ ،‬واإلنجازات‬
‫ٌ‬ ‫السري ال َّذاتيَّة هي‬
‫إ َّن ِّ‬

‫البارزة‪ ،‬وخربة العمل إىل أقىص حدٍّ‪.‬‬

‫أبحاث‪َّ ،‬‬
‫تبني‬ ‫ٍ‬ ‫أشخاص‪ ،‬وما وجدته يف‬
‫ٍ‬ ‫ومن خالل خربتي َّ‬
‫الشخصيَّة‪ ،‬وقراءة املقاالت‪ ،‬وما سمعته من‬
‫أ َّن الوقت الذي يستغرقه َّ‬
‫الشخص املسؤول عن التَّوظيف ليأخذ قرارا ً مبدئ ّيا ً هو ‪ٍ 6‬‬
‫ثوان تقريباً‪،‬‬

‫السرية ال َّذاتيَّة‬
‫املؤسسة‪ ،‬أو العمل‪ ،‬أو البلد‪ .‬لذا فإ َّن قراءة ِّ‬
‫َّ‬ ‫ويمكن زيادته‪ ،‬أو انقاصه بحسب‬

‫السرية ال َّذ َّ‬


‫اتي‪،‬‬ ‫يستغرق فّت ًة قصري ًة جداً‪ ،‬ومن ث َّم يجب أن ي ِّ‬
‫ُغري هذا األمر من تفكريك حول كتابة ِّ‬
‫ثوان فعَّ ً‬
‫الة‪ ،‬ومؤثّر ًة يف مسؤويل التَّوظيف؟‬ ‫َّ‬
‫الخاصة بك بـ ‪ٍ 6‬‬ ‫السرية ال َّذاتيَّة‬
‫فكيف تجعل قراءة ِّ‬

‫إن سريتك ال َّذاتيَّة هي أداة التَّواصل بينك وبني َّ‬


‫الرشكة‪ ،‬كي يتَّخذوا القرار بشأن توظيفك‪ ،‬أو‬ ‫ِّ‬

‫وبخاصة َّ‬
‫أن جميع‬ ‫َّ‬ ‫رفضك‪ ،‬ألنَّه ال يمكن للرشكات أن تقابل ك َّل األشخاص املتقدِّمني إىل العمل‪،‬‬

‫شخص جديدٍ‪ .‬لذلك يجب أن تكون‬


‫ٍ‬ ‫قرار بتوظيف‬ ‫َّ‬
‫الرشكات أصبحت قائم ًة عىل توفري املوارد التِّخاذ ٍ‬

‫‪62‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬
‫ومخصص ٌة َّ‬
‫للرشكة التي تريد‬ ‫َّ‬ ‫مبدع‬
‫ٍ‬ ‫السرية الذاَّتيِّة واضح ًة مخترص ًة خالية من األخطاء بمحتوى‬
‫ِّ‬

‫العمل فيها‪.‬‬

‫وخاص ًة عند التَّقدُّم لقطاعات َّ‬


‫املؤسسات‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أسايس‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫تُستخدم الـ ‪ Resume‬يف الواليات املتَّحدة‬

‫أو األعمال‪ ،‬أ َّما عند التَّقدُّم لوظائف أكاديميَّة‪ ،‬أو تعليميَّة‪ ،‬أو علميَّة‪ ،‬أو طبِّية‪ ،‬أو بحثيَّة‪ ،‬يت ُّم‬

‫استخدام الـ‪ . CV‬ولكن يف باقي دول العالم يطلب أصحاب العمل الحصول عىل سري ٍة ذاتيَّةٍ ‪CV‬‬

‫صورة مرفقةٍ ) بدال ً من ‪.Resume‬‬


‫ٍ‬ ‫(غالبا ً مع‬

‫السري ال َّذاتيَّة ‪ CV‬أطول من ‪،Resume‬‬ ‫السرية ال َّذاتيَّة َّ‬


‫ملخصا ً للخربات واملهارات‪ ،‬وتعد ِّ‬ ‫تقدِّم ِّ‬

‫وتتض َّمن املزيد من املعلومات ال سيما التَّفاصيل املتعلِّقة بالخلفيَّة األكاديميَّة‪ ،‬والبحثيَّة للفرد‪ ،‬إذ‬

‫صفحات عىل األق ِّل‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫تكون مكوَّن ًة من صفحتني‪ ،‬أو ثالث‬

‫معلومات مستفيض ًة عن الخلفيَّة األكاديميَّة‪ ،‬بما يف ذلك خربة‬


‫ٍ‬ ‫السري ال َّذاتيَّة (‪)CV‬‬
‫تتض َّمن ِّ‬

‫التَّدريس‪ ،‬والدَّرجات العلميَّة‪ ،‬واألبحاث‪ ،‬والجوائز‪ ،‬واملنشورات‪ ،‬والعروض التَّقديميَّة‪ ،‬واإلنجازات‬

‫األخرى‪.‬‬

‫ملخصا ً للسرية ال َّذاتيَّة مكوَّنا ً من صفحةٍ واحدةٍ‪،‬‬


‫ظمات الكبرية يف البداية َّ‬
‫يف بعض األحيان‪ ،‬تطلب املن َّ‬

‫ِّ‬
‫ومؤهالت الفرد‬ ‫امللخص وسيل ًة لنقل مهارات‪،‬‬ ‫عندما َّ‬
‫تتوقع مجموع ًة كبري ًة من املتقدِّمني‪ ،‬إذ يكون َّ‬

‫بَّسعةٍ ‪َّ ،‬‬


‫ودقةٍ ‪.‬‬

‫أما ‪ Resume‬يجب أن تكون موجز ًة قدر اإلمكان‪ ،‬وتقدِّم َّ‬


‫ملخصا ً لتعليمك‪ ،‬وتاريخ عملك‪ ،‬وبيانات‬

‫نقطي‬
‫ٍّ‬ ‫السري ال َّذاتيَّة قوائم ذات تعدا ٍد‬
‫اعتمادك وإنجازاتك‪ ،‬ومهاراتك األخرى‪ ،‬وغالبا ً ما تتض َّمن ِّ‬

‫إلبقاء املعلومات موجزة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫كلمات ممكنةٍ ‪ ،‬ومحاولة‬


‫ٍ‬ ‫إ َّن االختصار أه ّم خاصيَّةٍ يف كتابة ‪ ،Resume‬أي إيصال الفكرة بأق ِّل‬

‫إيصال أهم األفكار ال كلّها‪ ،‬وهذه مهارةٌ تأتي من التَّدريب‪.‬‬

‫السرية الذَّاتيَّة و ‪Resume‬‬


‫‪ -‬أساسيَّات كتابة ِّ‬

‫يجب أن تتض َّمن سريتك ال َّذاتيَّة اسمك‪ ،‬ومعلومات االتِّصال بك‪ ،‬والتَّعليم‪ ،‬واملهارات والخربة‪ ،‬أمَّا‬
‫املعلومات َّ‬
‫الشخصية فليست رضوريَّة إال إذا طُلبت منك‪ ،‬باإلضافة إىل ذكر األساسيَّات‪ ،‬وتشتمل‬

‫السرية الذاتية الخربة البحثيَّة‪ ،‬والتَّدريس‪ ،‬واملعلومات األخرى ذات ِّ‬


‫الصلة بالعمل الذي تتقدَّم إليه‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫هناك بعض االعتبارات التي يجب عليك اعتمادها عند كتابة سريتك ال َّذاتيَّة‪ ،‬سواء كانت ‪ CV‬أم‬

‫‪ ،Resume‬وهي أن تكون السريِّة ال َّذاتيَّة‪:‬‬

‫● واضحة ‪.Clear‬‬

‫● خالية من األخطاء ‪.Clean‬‬

‫● مخترصة‪ ،‬أي نكتب الكلمات املفيدة التي نريد إيصالها ‪.Concise‬‬

‫● اإلبداع باملحتوى ‪.Creative‬‬

‫● التَّخصيص حسب الجهة املقدَّمة إليها ‪.Customized‬‬

‫السرية ال َّذاتيَّة‪،‬‬ ‫ً‬


‫متطابقة مع املوقف‪ ،‬هذا هو األكثر أه ِّمية عند كتابة ِّ‬ ‫يجب أن تكون سريتك ال َّذاتيَّة‬
‫إذ يجب أن تتأ َّكد من إبراز مستوى تعليمك‪ ،‬وخرباتك يف العمل‪ ،‬ومهاراتك التي لها ٌ‬
‫صلة بالوظيفة‬
‫املتقدَّم إليها‪ ،‬فمثالً إذا كنت تتقدَّم للحصول عىل وظيفةٍ يف مجال ‪َّ ،Graphic Design‬‬
‫يفضل أن‬

‫رابط ألعمالك عىل ‪ behance‬مثالً‪.‬‬


‫تذكر مهاراتك املرتبطة بهذا املجال أوَّ ال ً أو وضع ٍ‬

‫‪64‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫السرية ال َّذاتيَّة بما يتناسب مع هذا العمل‬ ‫عمل ما‪ ،‬يجب أن ِّ‬
‫تغري بمحتوى ِّ‬ ‫ويف ك ِّل َّ‬
‫مر ٍة تتقدَّم فيها إىل ٍ‬
‫سوا ًء حذفا ً ‪ ،‬أو إضاف ًة‪.‬‬

‫االجتماعي‪ ،‬وخلق دائر ٍة احّتافيَّةٍ‬


‫ِّ‬ ‫منصات التَّواصل‬
‫َّ‬ ‫السرية ال َّذاتيَّة الحاليَّة هي تواجدك عىل‬
‫إ َّن ِّ‬

‫الرشيق عن العمل‪.‬‬
‫وتعرف بإنجازاتك‪ ،‬وهذا ما سنتحدَّث عنه يف البحث َّ‬
‫ِّ‬ ‫تُ ِّ‬
‫عرفك‪،‬‬

‫الرشيق عن عمل‪ٍ:‬‬
‫البحث َّ‬

‫مرشوع مدخ ٌل‪ ،‬ومخرجٌ ‪ ،‬وعمل َّي ٌة‪ ،‬وهي عمل َّي ٌة تسلسل َّي ٌة للوصول إىل املخرجات‪ ،‬وإذا حصل‬
‫ٍ‬ ‫لك ِّل‬
‫خل ٌل ما فإنَّه ال يظهر إال يف الخطوة األخرية‪ ،‬وتصبح عندئ ٍذ مض َّ‬
‫طرا ً للعودة إىل البداية من جديدٍ‪،‬‬

‫أ َّما مع الـ‪ Agility‬فاألمر يختلف قليالً‪ ،‬بدور ٍة رسيعةٍ مدَّتها خمسة أيَّا ٍم تجنّبا ً لهدر الوقت‪ ،‬يكون‬

‫بخطط خمسيَّةٍ متتاليةٍ ‪ ،‬م َّما‬


‫ٍ‬ ‫هدف صغريٌ‪ ،‬ويكرب الهدف تدريج َّيا ً‬
‫ٌ‬ ‫هناك مخرجٌ ‪ ،‬ومنتجٌ ‪ ،‬أي هناك‬

‫يزيد من نسبة نجاح املرشوع‪ ،‬وتزداد مصداقيته‪.‬‬

‫كيف تطبِّق ذلك؟‬

‫ططا ً‪ ،‬وتضع هدفا ً "يف نهاية األسبوع كأن تقول مثالً‪ " :‬يف نهاية األسبوع‬
‫أن تبدأ أسبوعك مخ ِّ‬

‫سأكون قد أنجزت هدفا ً محدَّداً‪ ،‬وسيكون لديَّ مخرجٌ خالل خمسةِ أيَّا ٍم" فهذه الخمسة أيَّا ٍم سوف‬
‫الصحيح‪ ،‬وتسري وفق الخ َّ‬
‫طة أم ال‪ ،‬وك ّل يو ٍم يوجد‬ ‫تساعد يف معرفة ما إذا كنت عىل املسار َّ‬

‫‪ checkpoints‬ملراقبة تقدُّمك نحو الهدف‪.‬‬

‫األسبوعي‪ ،‬اخّت شخصا ً يكون مسؤوال ً‬


‫ِّ‬ ‫ولنزيد احتماليَّة نجاحك بخ َّ‬
‫طتك األسبوعيَّة‪ ،‬ولتحقيق هدفك‬

‫عنك‪ ،‬ولتكن مسؤوال ً عنه ‪ ،accountability partner‬م َّما يخلق نوعا ً من َّ‬
‫الرقابة ‪،‬والتقييم ألهدافك‬

‫ومستوى إنجازك‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫كيف تُف ّكر تصميميَّا ً ملسار املهني؟‬

‫خ َّ‬
‫طة ‪ 90‬يوما ً‬

‫ٌ‬
‫توصيف واضحٌ ملا أنت عليه اآلن قبل البدء بهذا االلتزام‪ ،‬وتحديد للموارد‬ ‫هنا يجب أن يكون لديك‬

‫التي تمتلكها‪ ،‬واالسّتاتيجية التي ست ّتبعها للوصول إىل الهدف‪ ،‬فلو كنت تستهدف تحسني ُّ‬
‫الصورة‬

‫َّ‬
‫املنصات التي ستبدأ‬ ‫الحاليَّة‪ ،‬وتعلُّم مهار ٍة جديدةٍ‪ ،‬والعمل خالل ‪ 90‬يوما ً فقط‪ ،‬عليك تحديد‬

‫ومنصات العمل التي تستهدفها‪ ،‬ومن ث َّم حدِّد ما تحتاج من‬


‫َّ‬ ‫بالتَّواجد فيها‪ ،‬واملهارة التي تستهدفها‬
‫ِّ‬
‫لتحقق هدفك يف الحصول عىل فرصة عمل ٍيف النِّهاية‪.‬‬ ‫موارد تعليميَّة‪ ،‬وقدِّر الجهد الالزم‬

‫من األمور الهامَّة هو االحتكاك باملؤثِّرين القادرين عىل إرشادك‪ ،‬وتوجيهك‪ ،‬وتقديم تغذيةٍ راجعةٍ‬

‫ط‪ ،‬والوصول إىل درجةٍ من التَّواصل‬ ‫لخ ّ‬


‫طتك‪ ،‬ومساعدتك باقّتاحاتهم‪ ،‬وخرباتهم عىل طول الخ ِّ‬

‫االحّتايف ِّ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫ٌ‬
‫خامتة‬

‫املهني مرحل ٌة ذات أه ِّميَّةٍ كبري ٍة بالنِّسبة لك ٍّل منَّا‪ ،‬لذلك علينا التَّأني فيها‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫مرحل ُة بناء املسار‬
‫والحرص عىل حسن التَّعامل معها بأفضل ال َّ‬
‫طرائق‪ ،‬واألساليب‪ ،‬ويكون ذلك باالعتماد عىل األبحاث‬
‫للتعرف إىل ما يناسبنا‪ ،‬ويدعم رسالتنا يف الحياة‪ ،‬كما أنَّه من َّ‬
‫الَّضوريِّ‬ ‫ُّ‬ ‫العلميَّة‪ ،‬والقراءة الجادَّة‬

‫بالصرب والعزيمة‪ ،‬وأن نواظب عىل العمل الجادِّ‪ ،‬واملستم ِّر للوصول إىل أفضل النَّتائج‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫نتحىل‬ ‫أن‬

‫وتحقيق النَّجاح الذي نصبوا إليه‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫املراجع‬

‫املراجع العربية‪:‬‬

‫‪ .1‬نيوفريستي‪ ،2020( .‬ديسمرب ‪ .)19‬بناء املسار املهني يف الحياة‪ ،‬لقاء حواري بني فادي‬

‫عمروش وإياد يعقوب‪] .‬ملف فيديو[‪ .‬تم االسّتجاع من الرابط‪:‬‬

‫‪https://www.youtube.com/watch?v=T3g9S_1kyQg‬‬

‫‪ .2‬نيوفريستي‪ ،2020( .‬أبريل ‪ .)19‬تصميم العمل والحياة والبحث عن الوظائف يف زمن‬

‫األزمات‪ .‬لقاء حواري بني فادي الشلبي وإياد يعقوب‪ ] .‬ملف فيديو[ ‪ .‬تم االسّتجاع من‬

‫الروابط‪:‬‬

‫‪https://youtu.be/4ofXsHVoPig‬‬

‫‪https://youtu.be/ktClO7rHUBA‬‬

‫‪https://youtu.be/Q2M7_ACzdD0‬‬

‫‪ .3‬عبد الرزاق‪ ،‬نرية‪ ،2020( .‬مارس ‪ .)10‬ترتكز شخصياتنا يف األغلب عىل خمس سمات أساسية‪،‬‬

‫تعرف عليها ‪.‬موقع عربي بوست‪.‬‬

‫‪ .4‬صالح‪ ،‬سلمى‪ ،2020( .‬أغسطس ‪ .)25‬ما هو اختبار الشخصية ‪MBTI.‬موقع أراجيك‪.‬‬


‫‪ .5‬عمروش‪ ،‬فادي‪ ،2020( .‬أكتوبر ‪ .)20‬ابحث عن املغزى‪ ،‬وليس ّ‬
‫الشغف ‪.‬موقع أراجيك‪.‬‬

‫‪ .6‬عمروش‪ ،‬فادي‪ ،2020( .‬أكتوبر ‪ .)10‬بني الحظ واالجتهاد يف الحياة ‪.‬موقع أراجيك‪.‬‬

‫‪ .7‬عمروش‪ ،‬فادي‪ ،2021( .‬يناير ‪ .)14‬الدوبامني‪ ،‬كلما نلته طلبت املزيد ‪.‬موقع أراجيك‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫املراجع‬

:‫املراجع األجنبية‬

1. Stanford. (2008, March 8). Steve Jobs' 2005 Stanford Commencement

Address. [Video File]. Retrieved from:

https://www.youtube.com/watch?v=UF8uR6Z6KLc

2. Jain, Anant. (2018, April 29). So Good They Can’t Ignore You. Medium

Website.
3. May, Cindi. (2018, October 9). Life Advice: Don’t Find Your Passion.

SCIENTIFIC AMERICAN Website.


4. Cherry, Kendra. (2021, February 20). The Big Five Personality Traits.

Verywell Mind Website.


5. Pascha, Mariana. (2021, January 21). The PERMA Model: Your Scientific
Theory of Happiness. Positive Psychology Website.

6. Fazeli Fard, Maggie. (2013, August 5). Nature or nurture? A new book

looks at sports and genetics. The Washington Post Website.

7. HICKMAN, ADAM & CLAIRE EVANS, MARY. (2019, January 17). How

CliftonStrengths Compares With Strengths Profile. Gallup Website.

8. Marinkovic, Andres. (2017, May 24). Book Review — The Element.

Medium Website.

70

You might also like