Professional Documents
Culture Documents
عل ر
أب الضياف بئ ي
نوفل الحاج لطيف ،معهد ابن ي
السنة الدراسية2019-2018 :
بي الحقيقة والنمذجة فلسفيا مدخل إشكال :نف داللة النمذجة ومئرات االهتمام ن ن
بمئلة العلم ن
ي ي
ر ر ن ن
الت بدأت منذ آالف السني يف تكييف عقلنا أكث فأكث وعىل يقول بول النجفان" :تتمثل مهمة العلم ي
وننتم إليه بهدف فهمه ،ثم االنتقال أكث مع العالم المحيط بناتمثل يتالءم ر
ّ نحو دقيق مع الواقع وبناء
ي
من الفهم إىل التنبؤ ومن التنبؤ إىل العمل".
ن ّ
منهج يسىع من خالله اإلنسان إىل معرفة داللة
ي ولعل النظر يف داللة النمذجة العلمية عىل أنها مسار
الواقع من شأنه أن يكشف عن مدى قدرة المعرفة العلمية عىل االقثاب من الواقع بل والفعل والتحكم
ن فيه ومن ثمة الكشف عن ن ن
مثلة التجربة والنظرية يف بناء النماذج العلمية وآفاق االستفادة منها وتبعات
ذلك عىل الطبيعة واإلنسان.
ّ
تمشيا ،تفثض دراستها دراسة ال يمكن ،إذن ،تمثل داللة النمذجة العلمية إال بوصفها مسارا /حركة/
تكوينية ال تكتف بوصف النموذج بل تركز عىل عملية بناءه ومسار تكونه.
يكشف هذا المسار عن حركة جدلية تتفاعل فيها معطيات التجربة مع مسلمات النظرية حيث ن
يمثج
حول بدوره إىل رسم مسار موجه يحدد التجربة ن يف ضوء اض فيتشكل النموذج الذي يت ّ ن
الراهن باالفث ي
اض ّأيا يكن شكل ذلك التمثل ،وهو أيضا بناء ن
واقىع أو افث ي
ي الوقائع الشاذة .فالنموذج إنشاء تمثل لنسق
ّ
تجريبيا لتأويل تصميم أو تخطيط .ويمكن أن نعتث النموذج ،كذلك ،كصورة مثرة منطقيا ورياضيا أو
األنساق المادية او االفثاضية طلبا للفهم أو التأويل والتحكم.
العلم ن يف راهنيته عث المعاينة
ي وتتخذ هذه الحركة بعدا دالليا يكشف عن حوار النموذج مع الواقع
ن
الرياض يف بناء النموذج عث األكسمة ن التجريب ،وتتخذ بعدا تركيبيا يكشف عن البعد والتحقق
ي ي
والصورنة.
التمش عن غائية إجرائية تتحول بمقتضاها النمذجة إىل فعل وممارسة قصدية تهدف
ي وال يتفصل هذا
الت ينتجها المنمذج
التداول إىل تحقيق منفعة اإلنسان ذلك أن كل نموذج مشوع ،فالمعرفة ي
ي ن يف بعدها
مشوع ال يستقيم أمرها إال باقثانها بالفعل. ه معرفة -ر
ي
ه تمثالت للواقع تهدف عىل فهمه والفعل التحكم فيه. ه مسار بناء النماذج من حيث ي النمذجة ،إذن ،ي
وتشهد العلوم اليوم اكتساحا منقطع النظث لفعل النمذجة حيث يعمد العلماء إىل إنتاج نماذج متعددة.
مثلة النمذجة ن يف الممارسة العلمية؟
فما داللة النموذج؟ وما ه ن ن
ي
يفض ذلك إىل إثراء العلم أم إىل تفقثه؟ هل يؤدي تعددإذا كان واقع العلم قائما عىل تعدد النماذج ،فهل ن
ي
النماذج إىل اإلقرار بعجز العلم عن إدراك حقيقة الواقع نف ّ
كليته؟ ي
نن
التظي عىل قيمة العلم؟ هل يؤدي اإلقرار بارتباط الممارسة العلمية ببناء نماذج متعددة نضورة إىل
أال يمكن أن يكون تعدد النماذج عالمة نجاح العلم وعامل خصوبته؟
NAOUFEL 1
العلم ن
بي الحقيقة والنمذجة
هل تكتف النماذج بمعرفة الواقع أم تتعداها إىل الفعل والتحكم فيه؟ هل يمكن الفصل ن
بي مطلب
ن ن ن
ينف اهتمامه بمعرفته؟
المعرفة ومطلب الفعل؟ هل يف اهتمام النموذج بالتحكم يف الواقع ما ي
ن
المعت؟ التحكم عن تضخيم قيمة النجاعة عىل حساب مطلب أال يعث الرهان
ي
إذا كانت النماذج تتسم بالفاعلية والنجاعة فهل يؤدي ذلك إىل رفض كل موقف نقدي من النمذجة أم أن
ن
يعت نقد النمذجة رفضا
الوع بحدودها االبستيمولوجية وااليتيقية؟ هل ي
ي نجاحات النمذجة تفثض
جذريا لها؟
.1أبعاد النمذجة
ر ن
الدالل
ي أ .يف تالزم البعد الئ ي
كيب والبعد
ن ئ
ينش مواضيعه يف بحثه عنها ،إ نه يبلورها فهو ال يجدها كوقائع تمهيد :يقول جون إلمو "إن العلم إنما
قائمة الذات ذلك أن واقع العلم بناء" ،وعليه فإن النمذجة العلمية بوصفها مسارا تسىع إىل فهم الواقع
ن ن ببنائه ،وهذا البناء /اإلنشاء يمر عث وظيفية النموذج كتشكيل" ّ
القواني" ،وي هيكلها يف نفس الوقت يثبت
يجسد فيه ماديا ألفاظ العلم" ،عىل حد عبارة نوال ميلود وذلك باالنطالق من معطيات التجربة الذي " ّ
ّ ُ كبناء ّ
جدىل ،فالعلم كما
ي نحو عىل التجربة معطيات بدورها ه
ي حددها ت يتأسس عىل مسلمات نظرية
مبت أي أنه يتكون ن انج "يذهب إىل الواقع" ،وال ينطلق منه .فالواقع
العلم واقع يي يقول جيل غاستون غر ي
من وقائع راهنة وافثاضية.
ّ
ودالليا؟ الشكاليةّ :أية عالقة تحكم ارتباط النماذج بالواقع؟ وفيم ما تتجىل تلك العالقة تركيبيا
الت ن ّ
إن النموذج بناء ينشئه العالم وفق معايئ صورية وخئية بغاية حل مشكل معي ،وتتحدد المعرفة ي
ن
مستويي: ينتجها المنمذج ن يف
ّ ن
المستوى األول ،يف عالقة بالواقع :ال تسلم النماذج بوجود واقع ن يف ذاته يسىع العلم عىل اكتشافه أو
ادراكه أو معرفته ،بل تعتث أن الواقع هو ما يبنيه العالم بحسب مقتضيات تركيبية وداللية وتداولية
يفرضها منطق البناء والثكيب ال منطق التحليل.
رن
واالخئال .فعملية باسئاتيجية الهمال كاسثاتيجية تقوم عىل التبسيط ر وألجل ذلك اقثنت النمذجة
وف ذلك يقول باسكال نوفال: ن
النمذجة تبسيط لمعقد يصبح بمقتضاها أيش قابلية للوصف وللتأويل ،ي
بي عناض كثثة ،بل هو عىل األصح تعبث عن اسثاتيجية "ليس النموذج عالمة عىل عالقة مستحدثة ن
عي االعتبار جميع خصائص الوقائع ،بل مجموعة من معت هذا أن النموذج ال يأخذ نف ن اإلهمال" ،ن
ي
الثابتات دون غثها.
الت من ّ
إن الواقع الذي يبنيه النموذج ليس واقعا ثابتا او نهائيا بل واقعا متغثا ومتحوال بحسب الغايات ي
الت تنشأ حوله ،وبذلك نخرج عن منطق وحدة النماذج ي أجلها ينشأ النموذج ،وإذن بتعدد الواقع ،تتعدد
رّ النظرية والنموذج األوحد إىل منطق ر
كثة النظريات وتكث النماذج.
نهائ ،وأن الواقع الذي يبنيه المنمذج هو واقع النموذج وليس الواقع وتبعا لذلك :ال وجود لنموذج ئ
ي
أكث من نموذج (ومثال ذلك تعددبت بشأن ر المعىط ،أو الواقع كما هو .والتأكيد عىل النسق الواحد قد ُي ن
نماذج الذرة)...
NAOUFEL 2
العلم ن
بي الحقيقة والنمذجة
ن ن
الثاب ،يف عالقتها بالحقيقة :تتجاوز النمذجة التصورات القائمة عىل اعتبار الحقيقة مطابقة،
ي المستوى
ن ن
التالوضع الذي يرى يف العلم اكتشافا للقواني الحتمية ي
ي كما تقول بذلك الواقعية الساذجة أو التوجه
ن
تتحكم يف الظواهر وتفشها وبذلك ننتقل من براديغم االكتشاف إىل براديغم البناء ،ومن ثمة يفثض
النموذج مالئمته للواقع ال مطابقته له ،ومن براديغم المعرفة-الموضوع إىل براديغم المعرفة -ر
المشوع.
ن
وتتمث الت ُينتجها المنمذج بطابعها المؤقت :قابلية النموذج للتعديل والطوير باستمرار. ّن
تتمث المعرفة ي
ر
الجزب :االكتفاء ببعض العناض وإهمال أخرى.
ي أيضا بطابعها
عىل أنه ُيشثط نف النموذج تر ّ
كيبيا أن يكون متماسكا (ال يتضمن أي مثهنات متناقضة) ،وتاما (ال يتضمن ي
قضايا ال يقبل الثهنة أو الدحض) ،ومستقال (ال يتضمن مسلمات تحتاج أن تستنبط من مسلمات
ّ ّ
تمشيا برهانيا يمكن من الحكم عىل قضية بالصواب والخطأ) ومشبعا (ال يحتاج أخرى) ،وقطعيا (يتضمن
إىل استخدام مسلمات إضافية من خارج النسق).
وتبعا لذلك ترتبط مستويات صورنة النموذج بنوعية اللغة المستخدمة وقد تكون أدبية أو رمزية أو
كيفيا أو ّ
كميا ،رقميا أو معياريا .فخالل ّ رياضية-منطقية ،وبحسب اللغة المعتمدة يكون النموذج رمزيا،
تكون النموذج) يعمد العقل إىل بناء أنساق رمزية أو نماذج تكون بمثابة البناءاتعملية بناء النموذج (نسار ّ
والتخيل دون أن يكون نضبا من اللهو الفكري واللغو ّ التصورية المجردة وإمكانات للصورنة قوامها الحدس
الباطل الذي ال طائل من ورائه.
ويتعدد النموذج نف بعده الدالىل بحسب مقتضيات عالقته بالنسق الذي يمثله بحيث ّ ن
يتعي عىل النموذج ي ي
أن يتالءم معه .ثم إن النموذج ال ينفصل عن مجال صالحيته الت تتحدد نف عالقة بالمالحظ الذي ُي ّ
قر ي ي
وف عالقة بالزمان والمكان. وف عالقة بصنف األنساق الت يكون صالحا نف إطارها ن ن
ي ي ي بتلك الصالحية ي
بي مقاربات أخرى". وإن النموذج كما يقول نيكوال بولو ":الذي تم اثبات صالحيته ليس إال مقاربة من ن
وباختصار لم يعد العلم ن يف النمذجة معنيا باكتشاف الحقائق المطابقة للواقع ،بما هو معىط ،واحد،
افئاضيةواخئالية أو ر
رن يبت ويصنع نماذج تبسيطية ن
الوضع ،وإنما أصبح ي
ي وثابت كما ترسخ ن يف الئاديغم
العلم. ّ
العلمية وبنية القول تصورنا لشوط غث انفتاح الممارسة العلمية عىل النمذجة ّوخيالية .ولقد ّ
ي
ولقد أصبحت التجربة العلمية ،تبعا لذلك ،ن يف إطار النمذجة افثاضا باألساس باعتبارها ال تستند إىل
هأرضية علمية كالسيكية تنبع من مطابقة الفكر للواقع أو مطابقة الحقيقة للتجربة الحسية أو كما ي
ن
ه نضب من االصطناع والخيال الذي يتم مراقبته عن طريق الناظم أو الحاسب معطاة يف الواقع بل ي
حل ،والمشكل الذي نخلقه اآلىل .فاألمر بقدر ما يتعلق بظاهرة راهنة ،يتعلق أيضا بمشكل نبحث له عن ّ
ي
اض. ّ
والحل الذي نبنيه من أجل ذلك هو افث ن انطالقا من هذه الظاهرة
ي
ن
الت
يختث المنمذج نموذجه بتشغيله افثاضيا لتعديله وتطويره عند االقتضاء وذلك يف ضوء الغايات ي
ن ّن ن ُ
اض هاهنا هو القابل للتحقق دون أن يتوقع تحقيقها من إنشاء النموذج يف عالقة بسياق معي .فاالفث ي
الواقىع.
ي يتعارض مع
NAOUFEL 3
العلم ن
بي الحقيقة والنمذجة
وف الحقيقة تتعدد المعايث ن يف عالقة بالحكم عىل القيمة النظرية للنموذج وتأويلها تركي ّبيا ودالليا: ي
ن
الداخىل ،المالئمة ،التحقق ،المقبولية ،الدحض ،االحتمالية ،النسبية) ،وهو تعدد ي االنسجام ،االتساق
ّ ّ
حرر العلم من معايث العلمية الكالسيكية التحليلية :التفسث ،السببية ،الموضوعية ...وهذا التحرر
التداول للنمذجة .فالنموذج ليس مجرد بناء نظري صوري يعث عن فهمنا سيتعزز ر
أكث من خالل البعد
ي
فثيائية أو بيولوجية أو نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية ،وهو أيضا ليس مجرد صياغة للظواهر سواء كانت ن
ن
معرف غايته استكشاف الواقع عىل ي منهج بل هو كذلك نشاط
ي رياضية أكسيومية وال هو مجرد إجراء
نحو يسمح بضمان النجاعة ومزيد التحكم والفعل ،فالواقع ليس بسيطا بل هو مركب ،ولعل هذا ما
ن
ساعد عىل تطوير بعض العلوم يف ميدان االنسانيات مثل اللسانيات ،وعلوم الثبية والبيداغوجيا ،وعلوم
ن ن
اخثال االتصال والمعلوماتية ،والسبثنطيقا (علم التحكم يف األنساق والنظم) ،وباختصار ال يمكن
النمذجة كما يقول جون لويس لوموانيو ن يف الصورنة أو األكسمة.
التداول
ي ب .البعد
تمهيد :تطرح عالقة النماذج العلمية بالواقع صعوبات جمة حيث تتجاذبها مطالب سمتها الغالبة
التناقض :مطلب معرفة الواقع من جهة ومطلب التحكم والتأثئ فيه قصد تغيثه من جهة أخرى.
الشكالية :هل أن عالقة النموذج بالواقع عالقة معرفة وإدراك لحقيقته ام عالقة فعل وتحكم؟ هل ن يف
بي مطلب المعرفة ومطلب الفعل؟ هل يكون اهتمام النماذج بالتحكم نف الواقع؟ هل يمكن الفصل ن
ي
نن
للتظي عىل وظيفة العلم المعرفية؟ (التداوىل) للنموذج مداعاة التحكم البعد
ي ي
إذا كانت معايث الحكم عىل القيمة النظرية للنماذج متعددة ،وإذا كان تعدد ذاك قد خلص العلم من ربقة
المعايث الكالسيكية ،فإن المعايث العملية والتداولية –اإلنتاج ،اإلنتاجية ،المردودية ،الشعة ،االقتصاد
ن
الت تسبطن رهانات العقالنية األداتية ومعايثها خلصت العلم من يف الجهد ،الفاعلية ،التأوي ج ،الرب ح -...ي
مقتض الحياد الذي يفثض القطع مع الغايات. ن
ومن ثمة ،ال يتوقف إنشاء/بناء/صنع النماذج عند شوط إمكانها التصورية أو مدى مالءمتها للمعطيات
التجربة ،بل يتعدى ذلك إىل مستوى الممارسة والغاية والهدف الذي أنشأت من أجله حيث ال قيمة
لنموذج ال يقثن بالفعل .وبذلك تكتمل أبعاد النمذجة الثكيبية والداللية والتداولية.
ليست وظائف النموذج الثكيبية والداللية (التصورية والمعرفية واالستكشافية والتجريبية والتبسيطية
الحقيق هو الفعل ذاته ،وال ر ن
واالخثالية) منفصلة عن وظائفه العملية والخطابية وتحقيق التواصل إذ
ي
معب وال قيمة لنموذج ال يكون ناجعا وناجحا وفاعال. ن
مثايدة وبكفاءة عالية.وبذلك تتحدد قيمة النموذج نف قدرته عىل تحويل مشكل والتحكم فيه بنجاعة ن
ي
يعت التحكم هنا السيطرة عىل الوقائع أو األنساق بشكل يسمح بتوظيفها وتوجيهها والفعل والتأثث فيها. ن
و ي
وتنش أنساقا اصطناعية تمتلك القدرة عىل الفعل وال تأثث فيهائ تحاك األنساق الطبيعية ثم إن النماذج
ي
وف األدوار ال يت تؤديها (النماذج):ن ن ن
كافة .ويتجىل ذلك يف مستوى تحكم النماذج يف األغراض ي
الت تخدمها ي
تستعيد الذات دورها وفق منطق التفاعلية الذي يؤدي إىل تعدد النماذج بتعدد منظورات الذوات وغاياتها
ّ
والفاعلي ن يف األنساق (بناة النموذج ومستعملوه ومنجزوه المفثضون )...وهو ما مكن العلم عث النمذجة
ن
ه أصال معرفة الت تقود النموذج ي من االنفتاح عىل ممكنات أوفر للفهم والفعل والتحكم .فالمعرفة ي
NAOUFEL 4
العلم ن
بي الحقيقة والنمذجة
موجهة نحو الفعل ومن ثمة ال تقترص وظيفة النموذج عىل االستكشاف والتوقع بل تتجاوزها إىل وظائف
اجتماعية واقتصادية وسياسية ومعيارية بما يجعله قادرا عىل تغيث وجهة الواقع وفق غايات ومقاصد
المنمذج.
ن
إن تأثث النموذج يف الفرد أو المجموعة ال يمكن إنكاره عىل مستوى التمثالت والتصورات واألفكار فضال
ن
عن تأثثه يف الواقع وقابلية النموذج ذاته للتعديل والتطوير اعتبارا للقيم االجتماعية واالقتصادية
والوسائل التقنية والتكنولوجية المتاحة .وللنماذج أيضا عالقة مباشة بمختلف مراكز القرار حيث تساعد
عىل اتخاذ القرار وتهيؤ له.
ن
شئط يفالب تنتجها تحتكم إل النجاعة والفاعلية والتحكم وألجل ذلك ُي ر ر ر
إن المعرفة-المشوع ي
النموذج تداوليا أن يكون أداءه ثابتا ،وبسيطا ومرنا وقابال للتوظيف واالستعمال.
بي المعرفة والفعل عىل تجدر اإلشارة ال تفصل ابستيمولوجيا النمذجة بوصفها ابستيمولوجيا بنائية ن
وبي الواقع فالخريطة ليست األرض وأن الحقائق ليست كنوزا بي النموذج ن إىل أنه ّ ن
يتعي علينا أال نخلط ن
نكتشفها بل أفعاال نقوم بها وأبنية ننشئها.
التداوىل للنمذجة الفهم والفعل والتحكم وأن فاعلية النماذج ن يف عالقة بمشوع ما تقثن ي يعت البعد
ي
ن
ي ن يف النسق بي الجماعة العلمية والمتحكم ن بمشوع ما وبصالحيته النظرية والتجريبية مع االتفاق ن
مىل النموذج عىل قيمته التداولية. ومستع ي
بي األبعاد المعرفة والنظرية واألبعاد التطبيقية والنفعية هكذا ،إذن ،تكشف النمذجة عن ترابط وثيق ن
وف ذات السياق تلعب ابستيمولوجيا النماذج دورا رئيسيا ن يف بناء تصور جديد للواقع حيث لم ن
للنماذج ي
يعد واضع النموذج مجرد مالحظ محايد يقترص دوره عىل التجربة والقيس والحساب كما ن يف
شء معىط ،الكل ّ ن
االبستيمولوجيا الوضعية ،بل أصبح يتدخل بشكل يكاد يكون كليا يف بناء الواقع ،فال ي
منشأ عث تصميم نماذج تساعد ال فقط عىل فهم الواقع وإنما أيضا عىل التحكم والفعل فيه قصد تغيثه
والتحكم قيمة النمذجة ن يف بعديها
ي تطبيف
ي ي
وفق الغايات الت ُص ّممت من أجلها دون أن ن
ينف البعد ال ي
ّ ن
والدالىل .فثمة تالزم وترابط بي أبعادها يعش فكه.
ي كيت
الث ي
تصاغ النماذج بطريقة نموذجية بحيث تتالءم مع الواقع أو النسق الذي صيغت من أجله من خالل
الفعل والتحكم.
ر
جزب ومؤقت وقابل للتعديل باستمرار ،فهو إمكانية مفتوحة عل الدوام بما يكشف
ي كل نموذج هو
العلم بوجه خاص بما هو عقل منفتح، ر
عن القدرة البداعية للعقل البشي بوجه عام والعقل
ي
ن
وتاريج ومتطور... وجدل،
ي ي
NAOUFEL 5
العلم ن
بي الحقيقة والنمذجة
تتسم بالفاعلية والنجاعة ،فهل يؤدي ذلك إىل رفض كل موقف نقدي منها الشكالية :إذا كانت النماذج ّ
الوع بحدودها االبستيمولوجية وااليتيقية وتجنب تبعاتها السلبية عىل
ي أم أن نجاحات النمذجة تفثض
ن ن
يعت نقد النمذجة بالرصورة رفضها رفضا جذريا؟
الطبيعة وعىل اإلنسان؟ وهل ي
أ .الحدود االبستيمولوجية
ئ
نهائ ومكتمل.
-ال يثتب عن فاعلية النموذج ونجاعته االدعاء أنه ي
وع بعجز ن
-ما تعمد إليه النمذجة من اسثاتيجية اإلهمال وتبسيط واخثال وما يثتب عن ذلك من ي
كىل أو معرفة ّ
كلية بالواقع .وقد يؤول تبسيط الواقع من أجل فهمه إىل مزيد النمذجة عن إنتاج خطاب ّ
ي
ن ن
تعقيده ،بل قد يكون التبسيط ذاته يف كثث من األحيان من أجل أهداف وغايات أيديولوجية تستثمر يف
العلم .وعالوة عىل ذلك يبف النموذج تبسيطا لنظرية وليس مجرد تحويل لواقع معقد إىل نموذج مبسط،
بداع التخصص واالستقاللية (النماذج أكث تعقيدا من الواقع نفسهبل إن بعض النماذج تكون احينا ر
ي
اإلعالمية مثاال).
-إن القول بالصالحية النسبية للنماذج عىل أساس مبدأ إنشاء الواقع وافثاضه يجعل النمذجة بدل أن
تقربنا من الواقع ،تبعدنا عنه.
حيدتها النماذج التفسثية والموضوعية يسقط ن يف فخ التوظيف-العلم إذ يستعيد فكرة الغائية الت ّ
ي
اإليديولوج (تحكم رأس المال ن يف إنتاج النماذج).
ي
-تعدد النماذج قد يفقد العلم صلته بمطلب الحقيقة.
ّ يفض إليه من سجال تأويالت قد ينته بدوره إىل ّ -تعدد النماذج وما ن
علم أو تحد
ي ريبية تربك كل نشاط ي ي
من قيمته.
بي النماذج تحلقوتحول مفهوم الحقيقة بحسب النموذج من شأنه يخلق منافسة عقيمة ن ّ -ر
كثة النماذج
الرصر بواقع اإلنسان خاصة ن يف حقل العلوم اإلنسانية واالجتماعية القائمة عىل مبدأ التأويل كما من شأنه
ن
بي نموذج الوصف والنماذج الكمية أو النوعية بي مطلب التفسث ومطلب التأويل :ن أن يؤدي إىل التداخل ن
كما ن يف علم النفس أو علم االقتصاد عىل سبيل المثال.
التطبيف المرتبط بالعقالنية األداتية المالزمة لتعدد النماذج إىل إهمال
ي -قد يؤدي ثراء وازدهار الجانب
والتأسيش للعلم.
ي الجانب النظري
ّ
-ال تقدم النمذجة ن يف عالقة بمطلب التفسث والحقيقة خطابا تفسثيا بل خطابا تأويليا مادامت النمذجة
ع إنتاج الحقيقة. ّ ّ
تفهم بدل أن تفش وما دامت ال ي
تد
-النمذجة طريقة تستخدم العلم وليست علما :خاصة ن يف علم اإلعالمية كوسيط وأساس لالنتقال من
المطهر ألنها منغرسة ن يف رهانات مخصوصةّ حقل العلم إىل المجتمع ،فليست النمذجة صورة للعلم
وتابعة لجهات غث علمية مهما تكن بنيتها وضامة لغتها ألنها كما يمكن أن نغالط عث اللغة ،يمكن أن
يتخف وراء الموضوعية والحياد. ن نغالط عث النماذج فلم يعد للعلم أن
NAOUFEL 6
العلم ن
بي الحقيقة والنمذجة