You are on page 1of 7

‫العلم ن‬

‫بي الحقيقة والنمذجة‬

‫عل‬ ‫ر‬
‫أب الضياف بئ ي‬
‫نوفل الحاج لطيف‪ ،‬معهد ابن ي‬
‫السنة الدراسية‪2019-2018 :‬‬

‫بي الحقيقة والنمذجة فلسفيا‬ ‫مدخل إشكال‪ :‬نف داللة النمذجة ومئرات االهتمام ن ن‬
‫بمئلة العلم ن‬
‫ي ي‬
‫ر‬ ‫ر‬ ‫ن ن‬
‫الت بدأت منذ آالف السني يف تكييف عقلنا أكث فأكث وعىل‬ ‫يقول بول النجفان‪" :‬تتمثل مهمة العلم ي‬
‫وننتم إليه بهدف فهمه‪ ،‬ثم االنتقال‬ ‫أكث مع العالم المحيط بنا‬‫تمثل يتالءم ر‬
‫ّ‬ ‫نحو دقيق مع الواقع وبناء‬
‫ي‬
‫من الفهم إىل التنبؤ ومن التنبؤ إىل العمل"‪.‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫منهج يسىع من خالله اإلنسان إىل معرفة داللة‬
‫ي‬ ‫ولعل النظر يف داللة النمذجة العلمية عىل أنها مسار‬
‫الواقع من شأنه أن يكشف عن مدى قدرة المعرفة العلمية عىل االقثاب من الواقع بل والفعل والتحكم‬
‫ن‬ ‫فيه ومن ثمة الكشف عن ن ن‬
‫مثلة التجربة والنظرية يف بناء النماذج العلمية وآفاق االستفادة منها وتبعات‬
‫ذلك عىل الطبيعة واإلنسان‪.‬‬
‫ّ‬
‫تمشيا‪ ،‬تفثض دراستها دراسة‬ ‫ال يمكن‪ ،‬إذن‪ ،‬تمثل داللة النمذجة العلمية إال بوصفها مسارا‪ /‬حركة‪/‬‬
‫تكوينية ال تكتف بوصف النموذج بل تركز عىل عملية بناءه ومسار تكونه‪.‬‬
‫يكشف هذا المسار عن حركة جدلية تتفاعل فيها معطيات التجربة مع مسلمات النظرية حيث ن‬
‫يمثج‬
‫حول بدوره إىل رسم مسار موجه يحدد التجربة ن يف ضوء‬ ‫اض فيتشكل النموذج الذي يت ّ‬ ‫ن‬
‫الراهن باالفث ي‬
‫اض ّأيا يكن شكل ذلك التمثل‪ ،‬وهو أيضا بناء‬ ‫ن‬
‫واقىع أو افث ي‬
‫ي‬ ‫الوقائع الشاذة‪ .‬فالنموذج إنشاء تمثل لنسق‬
‫ّ‬
‫تجريبيا لتأويل‬ ‫تصميم أو تخطيط‪ .‬ويمكن أن نعتث النموذج‪ ،‬كذلك‪ ،‬كصورة مثرة منطقيا ورياضيا أو‬
‫األنساق المادية او االفثاضية طلبا للفهم أو التأويل والتحكم‪.‬‬
‫العلم ن يف راهنيته عث المعاينة‬
‫ي‬ ‫وتتخذ هذه الحركة بعدا دالليا يكشف عن حوار النموذج مع الواقع‬
‫ن‬
‫الرياض يف بناء النموذج عث األكسمة‬ ‫ن‬ ‫التجريب‪ ،‬وتتخذ بعدا تركيبيا يكشف عن البعد‬ ‫والتحقق‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫والصورنة‪.‬‬
‫التمش عن غائية إجرائية تتحول بمقتضاها النمذجة إىل فعل وممارسة قصدية تهدف‬
‫ي‬ ‫وال يتفصل هذا‬
‫الت ينتجها المنمذج‬
‫التداول إىل تحقيق منفعة اإلنسان ذلك أن كل نموذج مشوع‪ ،‬فالمعرفة ي‬
‫ي‬ ‫ن يف بعدها‬
‫مشوع ال يستقيم أمرها إال باقثانها بالفعل‪.‬‬ ‫ه معرفة‪ -‬ر‬
‫ي‬
‫ه تمثالت للواقع تهدف عىل فهمه والفعل التحكم فيه‪.‬‬ ‫ه مسار بناء النماذج من حيث ي‬ ‫النمذجة‪ ،‬إذن‪ ،‬ي‬
‫وتشهد العلوم اليوم اكتساحا منقطع النظث لفعل النمذجة حيث يعمد العلماء إىل إنتاج نماذج متعددة‪.‬‬
‫مثلة النمذجة ن يف الممارسة العلمية؟‬
‫فما داللة النموذج؟ وما ه ن ن‬
‫ي‬
‫يفض ذلك إىل إثراء العلم أم إىل تفقثه؟ هل يؤدي تعدد‬‫إذا كان واقع العلم قائما عىل تعدد النماذج‪ ،‬فهل ن‬
‫ي‬
‫النماذج إىل اإلقرار بعجز العلم عن إدراك حقيقة الواقع نف ّ‬
‫كليته؟‬ ‫ي‬
‫نن‬
‫التظي عىل قيمة العلم؟‬ ‫هل يؤدي اإلقرار بارتباط الممارسة العلمية ببناء نماذج متعددة نضورة إىل‬
‫أال يمكن أن يكون تعدد النماذج عالمة نجاح العلم وعامل خصوبته؟‬

‫‪NAOUFEL‬‬ ‫‪1‬‬
‫العلم ن‬
‫بي الحقيقة والنمذجة‬

‫هل تكتف النماذج بمعرفة الواقع أم تتعداها إىل الفعل والتحكم فيه؟ هل يمكن الفصل ن‬
‫بي مطلب‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ينف اهتمامه بمعرفته؟‬
‫المعرفة ومطلب الفعل؟ هل يف اهتمام النموذج بالتحكم يف الواقع ما ي‬
‫ن‬
‫المعت؟‬ ‫التحكم عن تضخيم قيمة النجاعة عىل حساب مطلب‬ ‫أال يعث الرهان‬
‫ي‬
‫إذا كانت النماذج تتسم بالفاعلية والنجاعة فهل يؤدي ذلك إىل رفض كل موقف نقدي من النمذجة أم أن‬
‫ن‬
‫يعت نقد النمذجة رفضا‬
‫الوع بحدودها االبستيمولوجية وااليتيقية؟ هل ي‬
‫ي‬ ‫نجاحات النمذجة تفثض‬
‫جذريا لها؟‬

‫‪.1‬أبعاد النمذجة‬
‫ر‬ ‫ن‬
‫الدالل‬
‫ي‬ ‫أ‪ .‬يف تالزم البعد الئ ي‬
‫كيب والبعد‬
‫ن‬ ‫ئ‬
‫ينش مواضيعه يف بحثه عنها‪ ،‬إ نه يبلورها فهو ال يجدها كوقائع‬ ‫تمهيد‪ :‬يقول جون إلمو "إن العلم إنما‬
‫قائمة الذات ذلك أن واقع العلم بناء"‪ ،‬وعليه فإن النمذجة العلمية بوصفها مسارا تسىع إىل فهم الواقع‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ببنائه‪ ،‬وهذا البناء‪ /‬اإلنشاء يمر عث وظيفية النموذج كتشكيل" ّ‬
‫القواني"‪ ،‬وي هيكلها يف نفس الوقت‬ ‫يثبت‬
‫يجسد فيه ماديا ألفاظ العلم"‪ ،‬عىل حد عبارة نوال ميلود وذلك باالنطالق من معطيات التجربة‬ ‫الذي " ّ‬
‫ّ ُ‬ ‫كبناء ّ‬
‫جدىل‪ ،‬فالعلم كما‬
‫ي‬ ‫نحو‬ ‫عىل‬ ‫التجربة‬ ‫معطيات‬ ‫بدورها‬ ‫ه‬
‫ي‬ ‫حددها‬ ‫ت‬ ‫يتأسس عىل مسلمات نظرية‬
‫مبت أي أنه يتكون‬ ‫ن‬ ‫انج "يذهب إىل الواقع"‪ ،‬وال ينطلق منه‪ .‬فالواقع‬
‫العلم واقع ي‬‫ي‬ ‫يقول جيل غاستون غر ي‬
‫من وقائع راهنة وافثاضية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ودالليا؟‬ ‫الشكالية‪ّ :‬أية عالقة تحكم ارتباط النماذج بالواقع؟ وفيم ما تتجىل تلك العالقة تركيبيا‬
‫الت‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫إن النموذج بناء ينشئه العالم وفق معايئ صورية وخئية بغاية حل مشكل معي‪ ،‬وتتحدد المعرفة ي‬
‫ن‬
‫مستويي‪:‬‬ ‫ينتجها المنمذج ن يف‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫المستوى األول‪ ،‬يف عالقة بالواقع‪ :‬ال تسلم النماذج بوجود واقع ن يف ذاته يسىع العلم عىل اكتشافه أو‬
‫ادراكه أو معرفته‪ ،‬بل تعتث أن الواقع هو ما يبنيه العالم بحسب مقتضيات تركيبية وداللية وتداولية‬
‫يفرضها منطق البناء والثكيب ال منطق التحليل‪.‬‬
‫رن‬
‫واالخئال‪ .‬فعملية‬ ‫باسئاتيجية الهمال كاسثاتيجية تقوم عىل التبسيط‬ ‫ر‬ ‫وألجل ذلك اقثنت النمذجة‬
‫وف ذلك يقول باسكال نوفال‪:‬‬ ‫ن‬
‫النمذجة تبسيط لمعقد يصبح بمقتضاها أيش قابلية للوصف وللتأويل‪ ،‬ي‬
‫بي عناض كثثة‪ ،‬بل هو عىل األصح تعبث عن اسثاتيجية‬ ‫"ليس النموذج عالمة عىل عالقة مستحدثة ن‬
‫عي االعتبار جميع خصائص الوقائع‪ ،‬بل مجموعة من‬ ‫معت هذا أن النموذج ال يأخذ نف ن‬ ‫اإلهمال"‪ ،‬ن‬
‫ي‬
‫الثابتات دون غثها‪.‬‬
‫الت من‬ ‫ّ‬
‫إن الواقع الذي يبنيه النموذج ليس واقعا ثابتا او نهائيا بل واقعا متغثا ومتحوال بحسب الغايات ي‬
‫الت تنشأ حوله‪ ،‬وبذلك نخرج عن منطق وحدة‬ ‫النماذج ي‬ ‫أجلها ينشأ النموذج‪ ،‬وإذن بتعدد الواقع‪ ،‬تتعدد‬
‫رّ‬ ‫النظرية والنموذج األوحد إىل منطق ر‬
‫كثة النظريات وتكث النماذج‪.‬‬
‫نهائ‪ ،‬وأن الواقع الذي يبنيه المنمذج هو واقع النموذج وليس الواقع‬ ‫وتبعا لذلك‪ :‬ال وجود لنموذج ئ‬
‫ي‬
‫أكث من نموذج (ومثال ذلك تعدد‬‫بت بشأن ر‬ ‫المعىط‪ ،‬أو الواقع كما هو‪ .‬والتأكيد عىل النسق الواحد قد ُي ن‬
‫نماذج الذرة‪)...‬‬

‫‪NAOUFEL‬‬ ‫‪2‬‬
‫العلم ن‬
‫بي الحقيقة والنمذجة‬

‫ن ن‬
‫الثاب‪ ،‬يف عالقتها بالحقيقة‪ :‬تتجاوز النمذجة التصورات القائمة عىل اعتبار الحقيقة مطابقة‪،‬‬
‫ي‬ ‫المستوى‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الت‬‫الوضع الذي يرى يف العلم اكتشافا للقواني الحتمية ي‬
‫ي‬ ‫كما تقول بذلك الواقعية الساذجة أو التوجه‬
‫ن‬
‫تتحكم يف الظواهر وتفشها وبذلك ننتقل من براديغم االكتشاف إىل براديغم البناء‪ ،‬ومن ثمة يفثض‬
‫النموذج مالئمته للواقع ال مطابقته له‪ ،‬ومن براديغم المعرفة‪-‬الموضوع إىل براديغم المعرفة‪ -‬ر‬
‫المشوع‪.‬‬
‫ن‬
‫وتتمث‬ ‫الت ُينتجها المنمذج بطابعها المؤقت‪ :‬قابلية النموذج للتعديل والطوير باستمرار‪.‬‬ ‫ّن‬
‫تتمث المعرفة ي‬
‫ر‬
‫الجزب‪ :‬االكتفاء ببعض العناض وإهمال أخرى‪.‬‬
‫ي‬ ‫أيضا بطابعها‬
‫عىل أنه ُيشثط نف النموذج تر ّ‬
‫كيبيا أن يكون متماسكا (ال يتضمن أي مثهنات متناقضة)‪ ،‬وتاما (ال يتضمن‬ ‫ي‬
‫قضايا ال يقبل الثهنة أو الدحض)‪ ،‬ومستقال (ال يتضمن مسلمات تحتاج أن تستنبط من مسلمات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تمشيا برهانيا يمكن من الحكم عىل قضية بالصواب والخطأ) ومشبعا (ال يحتاج‬ ‫أخرى)‪ ،‬وقطعيا (يتضمن‬
‫إىل استخدام مسلمات إضافية من خارج النسق)‪.‬‬
‫وتبعا لذلك ترتبط مستويات صورنة النموذج بنوعية اللغة المستخدمة وقد تكون أدبية أو رمزية أو‬
‫كيفيا أو ّ‬
‫كميا‪ ،‬رقميا أو معياريا‪ .‬فخالل‬ ‫ّ‬ ‫رياضية‪-‬منطقية‪ ،‬وبحسب اللغة المعتمدة يكون النموذج رمزيا‪،‬‬
‫تكون النموذج) يعمد العقل إىل بناء أنساق رمزية أو نماذج تكون بمثابة البناءات‬‫عملية بناء النموذج (نسار ّ‬
‫والتخيل دون أن يكون نضبا من اللهو الفكري واللغو‬ ‫ّ‬ ‫التصورية المجردة وإمكانات للصورنة قوامها الحدس‬
‫الباطل الذي ال طائل من ورائه‪.‬‬
‫ويتعدد النموذج نف بعده الدالىل بحسب مقتضيات عالقته بالنسق الذي يمثله بحيث ّ ن‬
‫يتعي عىل النموذج‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أن يتالءم معه‪ .‬ثم إن النموذج ال ينفصل عن مجال صالحيته الت تتحدد نف عالقة بالمالحظ الذي ُي ّ‬
‫قر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وف عالقة بالزمان والمكان‪.‬‬ ‫وف عالقة بصنف األنساق الت يكون صالحا نف إطارها ن‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫بتلك الصالحية ي‬
‫بي مقاربات أخرى"‪.‬‬ ‫وإن النموذج كما يقول نيكوال بولو‪ ":‬الذي تم اثبات صالحيته ليس إال مقاربة من ن‬

‫وباختصار لم يعد العلم ن يف النمذجة معنيا باكتشاف الحقائق المطابقة للواقع‪ ،‬بما هو معىط‪ ،‬واحد‪،‬‬
‫افئاضية‬‫واخئالية أو ر‬
‫رن‬ ‫يبت ويصنع نماذج تبسيطية‬ ‫ن‬
‫الوضع‪ ،‬وإنما أصبح ي‬
‫ي‬ ‫وثابت كما ترسخ ن يف الئاديغم‬
‫العلم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫العلمية وبنية القول‬ ‫تصورنا لشوط‬ ‫غث انفتاح الممارسة العلمية عىل النمذجة ّ‬‫وخيالية‪ .‬ولقد ّ‬
‫ي‬
‫ولقد أصبحت التجربة العلمية‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬ن يف إطار النمذجة افثاضا باألساس باعتبارها ال تستند إىل‬
‫ه‬‫أرضية علمية كالسيكية تنبع من مطابقة الفكر للواقع أو مطابقة الحقيقة للتجربة الحسية أو كما ي‬
‫ن‬
‫ه نضب من االصطناع والخيال الذي يتم مراقبته عن طريق الناظم أو الحاسب‬ ‫معطاة يف الواقع بل ي‬
‫حل‪ ،‬والمشكل الذي نخلقه‬ ‫اآلىل‪ .‬فاألمر بقدر ما يتعلق بظاهرة راهنة‪ ،‬يتعلق أيضا بمشكل نبحث له عن ّ‬
‫ي‬
‫اض‪.‬‬ ‫ّ‬
‫والحل الذي نبنيه من أجل ذلك هو افث ن‬ ‫انطالقا من هذه الظاهرة‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الت‬
‫يختث المنمذج نموذجه بتشغيله افثاضيا لتعديله وتطويره عند االقتضاء وذلك يف ضوء الغايات ي‬
‫ن‬ ‫ّن‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫اض هاهنا هو القابل للتحقق دون أن‬ ‫يتوقع تحقيقها من إنشاء النموذج يف عالقة بسياق معي‪ .‬فاالفث ي‬
‫الواقىع‪.‬‬
‫ي‬ ‫يتعارض مع‬

‫‪NAOUFEL‬‬ ‫‪3‬‬
‫العلم ن‬
‫بي الحقيقة والنمذجة‬

‫وف الحقيقة تتعدد المعايث ن يف عالقة بالحكم عىل القيمة النظرية للنموذج وتأويلها تركي ّبيا ودالليا‪:‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫الداخىل‪ ،‬المالئمة‪ ،‬التحقق‪ ،‬المقبولية‪ ،‬الدحض‪ ،‬االحتمالية‪ ،‬النسبية)‪ ،‬وهو تعدد‬ ‫ي‬ ‫االنسجام‪ ،‬االتساق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حرر العلم من معايث العلمية الكالسيكية التحليلية‪ :‬التفسث‪ ،‬السببية‪ ،‬الموضوعية‪ ...‬وهذا التحرر‬
‫التداول للنمذجة‪ .‬فالنموذج ليس مجرد بناء نظري صوري يعث عن فهمنا‬ ‫سيتعزز ر‬
‫أكث من خالل البعد‬
‫ي‬
‫فثيائية أو بيولوجية أو نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية‪ ،‬وهو أيضا ليس مجرد صياغة‬ ‫للظواهر سواء كانت ن‬
‫ن‬
‫معرف غايته استكشاف الواقع عىل‬ ‫ي‬ ‫منهج بل هو كذلك نشاط‬
‫ي‬ ‫رياضية أكسيومية وال هو مجرد إجراء‬
‫نحو يسمح بضمان النجاعة ومزيد التحكم والفعل‪ ،‬فالواقع ليس بسيطا بل هو مركب‪ ،‬ولعل هذا ما‬
‫ن‬
‫ساعد عىل تطوير بعض العلوم يف ميدان االنسانيات مثل اللسانيات‪ ،‬وعلوم الثبية والبيداغوجيا‪ ،‬وعلوم‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫اخثال‬ ‫االتصال والمعلوماتية‪ ،‬والسبثنطيقا (علم التحكم يف األنساق والنظم)‪ ،‬وباختصار ال يمكن‬
‫النمذجة كما يقول جون لويس لوموانيو ن يف الصورنة أو األكسمة‪.‬‬

‫التداول‬
‫ي‬ ‫ب‪ .‬البعد‬
‫تمهيد‪ :‬تطرح عالقة النماذج العلمية بالواقع صعوبات جمة حيث تتجاذبها مطالب سمتها الغالبة‬
‫التناقض‪ :‬مطلب معرفة الواقع من جهة ومطلب التحكم والتأثئ فيه قصد تغيثه من جهة أخرى‪.‬‬
‫الشكالية‪ :‬هل أن عالقة النموذج بالواقع عالقة معرفة وإدراك لحقيقته ام عالقة فعل وتحكم؟ هل ن يف‬
‫بي مطلب المعرفة ومطلب الفعل؟ هل يكون‬ ‫اهتمام النماذج بالتحكم نف الواقع؟ هل يمكن الفصل ن‬
‫ي‬
‫نن‬
‫للتظي عىل وظيفة العلم المعرفية؟‬ ‫(التداوىل) للنموذج مداعاة‬ ‫التحكم‬ ‫البعد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫إذا كانت معايث الحكم عىل القيمة النظرية للنماذج متعددة‪ ،‬وإذا كان تعدد ذاك قد خلص العلم من ربقة‬
‫المعايث الكالسيكية‪ ،‬فإن المعايث العملية والتداولية –اإلنتاج‪ ،‬اإلنتاجية‪ ،‬المردودية‪ ،‬الشعة‪ ،‬االقتصاد‬
‫ن‬
‫الت تسبطن رهانات العقالنية األداتية ومعايثها خلصت العلم من‬ ‫يف الجهد‪ ،‬الفاعلية‪ ،‬التأوي ج‪ ،‬الرب ح‪ -...‬ي‬
‫مقتض الحياد الذي يفثض القطع مع الغايات‪.‬‬ ‫ن‬

‫ومن ثمة‪ ،‬ال يتوقف إنشاء‪/‬بناء‪/‬صنع النماذج عند شوط إمكانها التصورية أو مدى مالءمتها للمعطيات‬
‫التجربة‪ ،‬بل يتعدى ذلك إىل مستوى الممارسة والغاية والهدف الذي أنشأت من أجله حيث ال قيمة‬
‫لنموذج ال يقثن بالفعل‪ .‬وبذلك تكتمل أبعاد النمذجة الثكيبية والداللية والتداولية‪.‬‬
‫ليست وظائف النموذج الثكيبية والداللية (التصورية والمعرفية واالستكشافية والتجريبية والتبسيطية‬
‫الحقيق هو الفعل ذاته‪ ،‬وال‬ ‫ر‬ ‫ن‬
‫واالخثالية) منفصلة عن وظائفه العملية والخطابية وتحقيق التواصل إذ‬
‫ي‬
‫معب وال قيمة لنموذج ال يكون ناجعا وناجحا وفاعال‪.‬‬ ‫ن‬

‫مثايدة وبكفاءة عالية‪.‬‬‫وبذلك تتحدد قيمة النموذج نف قدرته عىل تحويل مشكل والتحكم فيه بنجاعة ن‬
‫ي‬
‫يعت التحكم هنا السيطرة عىل الوقائع أو األنساق بشكل يسمح بتوظيفها وتوجيهها والفعل والتأثث فيها‪.‬‬ ‫ن‬
‫و ي‬
‫وتنش أنساقا اصطناعية تمتلك القدرة عىل الفعل وال تأثث فيها‬‫ئ‬ ‫تحاك األنساق الطبيعية‬ ‫ثم إن النماذج‬
‫ي‬
‫وف األدوار ال يت تؤديها (النماذج)‪:‬‬‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫كافة‪ .‬ويتجىل ذلك يف مستوى تحكم النماذج يف األغراض ي‬
‫الت تخدمها ي‬
‫تستعيد الذات دورها وفق منطق التفاعلية الذي يؤدي إىل تعدد النماذج بتعدد منظورات الذوات وغاياتها‬
‫ّ‬
‫والفاعلي ن يف األنساق (بناة النموذج ومستعملوه ومنجزوه المفثضون‪ )...‬وهو ما مكن العلم عث النمذجة‬
‫ن‬
‫ه أصال معرفة‬ ‫الت تقود النموذج ي‬ ‫من االنفتاح عىل ممكنات أوفر للفهم والفعل والتحكم‪ .‬فالمعرفة ي‬

‫‪NAOUFEL‬‬ ‫‪4‬‬
‫العلم ن‬
‫بي الحقيقة والنمذجة‬

‫موجهة نحو الفعل ومن ثمة ال تقترص وظيفة النموذج عىل االستكشاف والتوقع بل تتجاوزها إىل وظائف‬
‫اجتماعية واقتصادية وسياسية ومعيارية بما يجعله قادرا عىل تغيث وجهة الواقع وفق غايات ومقاصد‬
‫المنمذج‪.‬‬
‫ن‬
‫إن تأثث النموذج يف الفرد أو المجموعة ال يمكن إنكاره عىل مستوى التمثالت والتصورات واألفكار فضال‬
‫ن‬
‫عن تأثثه يف الواقع وقابلية النموذج ذاته للتعديل والتطوير اعتبارا للقيم االجتماعية واالقتصادية‬
‫والوسائل التقنية والتكنولوجية المتاحة‪ .‬وللنماذج أيضا عالقة مباشة بمختلف مراكز القرار حيث تساعد‬
‫عىل اتخاذ القرار وتهيؤ له‪.‬‬
‫ن‬
‫شئط يف‬‫الب تنتجها تحتكم إل النجاعة والفاعلية والتحكم وألجل ذلك ُي ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫إن المعرفة‪-‬المشوع ي‬
‫النموذج تداوليا أن يكون أداءه ثابتا‪ ،‬وبسيطا ومرنا وقابال للتوظيف واالستعمال‪.‬‬
‫بي المعرفة والفعل عىل تجدر اإلشارة‬ ‫ال تفصل ابستيمولوجيا النمذجة بوصفها ابستيمولوجيا بنائية ن‬
‫وبي الواقع فالخريطة ليست األرض وأن الحقائق ليست كنوزا‬ ‫بي النموذج ن‬ ‫إىل أنه ّ ن‬
‫يتعي علينا أال نخلط ن‬
‫نكتشفها بل أفعاال نقوم بها وأبنية ننشئها‪.‬‬
‫التداوىل للنمذجة الفهم والفعل والتحكم وأن فاعلية النماذج ن يف عالقة بمشوع ما تقثن‬ ‫ي‬ ‫يعت البعد‬
‫ي‬
‫ن‬
‫ي ن يف النسق‬ ‫بي الجماعة العلمية والمتحكم ن‬ ‫بمشوع ما وبصالحيته النظرية والتجريبية مع االتفاق ن‬
‫مىل النموذج عىل قيمته التداولية‪.‬‬ ‫ومستع ي‬
‫بي األبعاد المعرفة والنظرية واألبعاد التطبيقية والنفعية‬ ‫هكذا‪ ،‬إذن‪ ،‬تكشف النمذجة عن ترابط وثيق ن‬
‫وف ذات السياق تلعب ابستيمولوجيا النماذج دورا رئيسيا ن يف بناء تصور جديد للواقع حيث لم‬ ‫ن‬
‫للنماذج ي‬
‫يعد واضع النموذج مجرد مالحظ محايد يقترص دوره عىل التجربة والقيس والحساب كما ن يف‬
‫شء معىط‪ ،‬الكل‬ ‫ّ ن‬
‫االبستيمولوجيا الوضعية‪ ،‬بل أصبح يتدخل بشكل يكاد يكون كليا يف بناء الواقع‪ ،‬فال ي‬
‫منشأ عث تصميم نماذج تساعد ال فقط عىل فهم الواقع وإنما أيضا عىل التحكم والفعل فيه قصد تغيثه‬
‫والتحكم قيمة النمذجة ن يف بعديها‬
‫ي‬ ‫تطبيف‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وفق الغايات الت ُص ّممت من أجلها دون أن ن‬
‫ينف البعد ال‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫والدالىل‪ .‬فثمة تالزم وترابط بي أبعادها يعش فكه‪.‬‬
‫ي‬ ‫كيت‬
‫الث ي‬
‫تصاغ النماذج بطريقة نموذجية بحيث تتالءم مع الواقع أو النسق الذي صيغت من أجله من خالل‬
‫الفعل والتحكم‪.‬‬
‫ر‬
‫جزب ومؤقت وقابل للتعديل باستمرار‪ ،‬فهو إمكانية مفتوحة عل الدوام بما يكشف‬
‫ي‬ ‫كل نموذج هو‬
‫العلم بوجه خاص بما هو عقل منفتح‪،‬‬ ‫ر‬
‫عن القدرة البداعية للعقل البشي بوجه عام والعقل‬
‫ي‬
‫ن‬
‫وتاريج ومتطور‪...‬‬ ‫وجدل‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫‪ .2‬النمذجة ومطلب الحقيقة‬


‫تمهيد‪ :‬تتباين المواقف بشأن فاعلية النماذج ونجاعتها ن‬
‫بي منترص للنمذجة بوصفها عالمة عىل تطور‬
‫العقل العلم ونجاحاته ن‬
‫وبي رافض لها بوصفها عالمة انزياح عن شوط العلم وغاياته‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪NAOUFEL‬‬ ‫‪5‬‬
‫العلم ن‬
‫بي الحقيقة والنمذجة‬

‫تتسم بالفاعلية والنجاعة‪ ،‬فهل يؤدي ذلك إىل رفض كل موقف نقدي منها‬ ‫الشكالية‪ :‬إذا كانت النماذج ّ‬
‫الوع بحدودها االبستيمولوجية وااليتيقية وتجنب تبعاتها السلبية عىل‬
‫ي‬ ‫أم أن نجاحات النمذجة تفثض‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫يعت نقد النمذجة بالرصورة رفضها رفضا جذريا؟‬
‫الطبيعة وعىل اإلنسان؟ وهل ي‬
‫أ‪ .‬الحدود االبستيمولوجية‬
‫ئ‬
‫نهائ ومكتمل‪.‬‬
‫‪-‬ال يثتب عن فاعلية النموذج ونجاعته االدعاء أنه ي‬
‫وع بعجز‬ ‫ن‬
‫‪-‬ما تعمد إليه النمذجة من اسثاتيجية اإلهمال وتبسيط واخثال وما يثتب عن ذلك من ي‬
‫كىل أو معرفة ّ‬
‫كلية بالواقع‪ .‬وقد يؤول تبسيط الواقع من أجل فهمه إىل مزيد‬ ‫النمذجة عن إنتاج خطاب ّ‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫تعقيده‪ ،‬بل قد يكون التبسيط ذاته يف كثث من األحيان من أجل أهداف وغايات أيديولوجية تستثمر يف‬
‫العلم‪ .‬وعالوة عىل ذلك يبف النموذج تبسيطا لنظرية وليس مجرد تحويل لواقع معقد إىل نموذج مبسط‪،‬‬
‫بداع التخصص واالستقاللية (النماذج‬ ‫أكث تعقيدا من الواقع نفسه‬‫بل إن بعض النماذج تكون احينا ر‬
‫ي‬
‫اإلعالمية مثاال)‪.‬‬
‫‪-‬إن القول بالصالحية النسبية للنماذج عىل أساس مبدأ إنشاء الواقع وافثاضه يجعل النمذجة بدل أن‬
‫تقربنا من الواقع‪ ،‬تبعدنا عنه‪.‬‬
‫حيدتها النماذج التفسثية والموضوعية يسقط ن يف فخ التوظيف‬‫‪-‬العلم إذ يستعيد فكرة الغائية الت ّ‬
‫ي‬
‫اإليديولوج (تحكم رأس المال ن يف إنتاج النماذج)‪.‬‬
‫ي‬
‫‪-‬تعدد النماذج قد يفقد العلم صلته بمطلب الحقيقة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يفض إليه من سجال تأويالت قد ينته بدوره إىل ّ‬ ‫‪-‬تعدد النماذج وما ن‬
‫علم أو تحد‬
‫ي‬ ‫ريبية تربك كل نشاط‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫من قيمته‪.‬‬
‫بي النماذج تحلق‬‫وتحول مفهوم الحقيقة بحسب النموذج من شأنه يخلق منافسة عقيمة ن‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬ر‬
‫كثة النماذج‬
‫الرصر بواقع اإلنسان خاصة ن يف حقل العلوم اإلنسانية واالجتماعية القائمة عىل مبدأ التأويل كما من شأنه‬
‫ن‬
‫بي نموذج الوصف والنماذج الكمية أو النوعية‬ ‫بي مطلب التفسث ومطلب التأويل‪ :‬ن‬ ‫أن يؤدي إىل التداخل ن‬
‫كما ن يف علم النفس أو علم االقتصاد عىل سبيل المثال‪.‬‬
‫التطبيف المرتبط بالعقالنية األداتية المالزمة لتعدد النماذج إىل إهمال‬
‫ي‬ ‫‪-‬قد يؤدي ثراء وازدهار الجانب‬
‫والتأسيش للعلم‪.‬‬
‫ي‬ ‫الجانب النظري‬
‫ّ‬
‫‪-‬ال تقدم النمذجة ن يف عالقة بمطلب التفسث والحقيقة خطابا تفسثيا بل خطابا تأويليا مادامت النمذجة‬
‫ع إنتاج الحقيقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تفهم بدل أن تفش وما دامت ال ي‬
‫تد‬
‫‪-‬النمذجة طريقة تستخدم العلم وليست علما‪ :‬خاصة ن يف علم اإلعالمية كوسيط وأساس لالنتقال من‬
‫المطهر ألنها منغرسة ن يف رهانات مخصوصة‬‫ّ‬ ‫حقل العلم إىل المجتمع‪ ،‬فليست النمذجة صورة للعلم‬
‫وتابعة لجهات غث علمية مهما تكن بنيتها وضامة لغتها ألنها كما يمكن أن نغالط عث اللغة‪ ،‬يمكن أن‬
‫يتخف وراء الموضوعية والحياد‪.‬‬ ‫ن‬ ‫نغالط عث النماذج فلم يعد للعلم أن‬

‫‪NAOUFEL‬‬ ‫‪6‬‬
‫العلم ن‬
‫بي الحقيقة والنمذجة‬

‫ب‪ .‬الحدود الفلسفية (االيتيقية)‬


‫رّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫والثعة الثجماتية المقثنة بتكث النماذج الذي ال حدود له داخل‬ ‫‪-‬تضخم مطلب النجاعة والفاعلية‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الكىل‪ :‬رغم أن‬
‫النسق الواحد وبي األنساق‪ ،‬قابله تهميش لمطلب المعت والقيم اإلنسانية يف بعديهما ي‬
‫بي النظريات والتطبيقات التقنية عىل أساس الفاعلية‬ ‫النمذجة أكسبت العلم جدته وأصالته إذ يربط ن‬
‫تغيب ا ن‬
‫لمعت‬ ‫أضف عليه ديناميكية جديدة‪ ،‬بيد أن هذه الديناميكية ذاتها كثثا ما ّ‬ ‫والنجاعة وهو ما ن‬
‫ن‬
‫المعت والداللة والقيمة‪،‬‬ ‫ن‬
‫الميتافثيقية بينما واقع اإلنسان هو واقع‬ ‫وتستبعد القيمة وخاصة األخالقية أو‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫تقت يعمل العلم فقط عىل إيجاد حلول لمشكالته‬ ‫وهو واقع يتشكل رمزيا وال يمكن اخثاله يف واقع ي‬
‫التقنية وكأن مشكالت اإلنسان اليوم مجرد مشكالت تقنية‪.‬‬
‫بديهيا المراهنة عىل تطور العلم بتعدد النماذج النظرية والصناعية كسبيل لتحقيق األفضل إنسانيا‬ ‫ّ‬ ‫‪-‬ليس‬
‫ّ‬
‫وايتيقيا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫إيديولوج أو‬
‫ي‬ ‫يعت انخراط النمذجة يف مشوع‬ ‫‪ -‬يف عالقة بغايات النموذج‪ :‬اهتمام المنمذج بالغايات قد ي‬
‫ن‬
‫الت تحقق ها النماذج ال تحصنها من النقد‬ ‫وبالتاىل فإن الخدمات المعرفية والعلمية ي‬
‫ي‬ ‫السياش‬
‫ي‬ ‫يف خدمة‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وف اإلنسان وإىل نضورة تخليص العلم‬ ‫الفلسف الذي يسىع إىل فضح إرادة السيطرة والتحكم يف الطبيعة ي‬‫ي‬
‫لوج ومن تحويله إىل أداة ن يف خدمة كل أداة‪.‬‬ ‫ن‬
‫األدائ ومن انخراطه يف التثير اإليديو ي‬
‫ي‬ ‫من هيمنة الطابع‬
‫‪-‬تطرح النمذجة العلمية تحديات كبثة عىل الفكر المعاض إذ تجثه عىل مراجعة عالقة المعرفة العلمية‬
‫بتطبيقاتها‪ ،‬بل إنها تدفعه إىل إعادة تعريف مفهوم العقل ذاته نظرا إىل ما آل إليه واقع العلم ن يف النمذجة‬
‫العلم والجانب المعياري وهوما قد يؤدي إىل تعسف ن يف فرض معايث قيمية‬ ‫ي‬ ‫بي الجانب‬ ‫من تداخل ن‬
‫تنته إىل فرض‬‫ي‬ ‫ه بدورها إىل إعادة نظر ونقد إذ أن المبالغة ن يف القول بنجاعة وفاعلية النماذج‬ ‫تحتاج ي‬
‫ن‬
‫عقالنية أداتية تبالغ يف تضخيم قيم النجاعة والمصلحة والمنفعة عىل حساب قيم أخرى (الحرية‪/‬‬
‫العدالة‪ /‬اإلنصاف‪.)...‬‬
‫‪-‬قد يؤدي تغيث المسارات الطبيعية إىل إخالل بالتوازنات الطبيعية للظواهر خاصة ن يف مجال المناخ‬
‫الفعىل‬ ‫وف مجال االقتصاد الذي استبدل الواقع‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫(ظاهرة االنحباس الحراري مثاال) والبيئة بصفة عامة‪ ،‬ي‬
‫اض)‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ض وما أفرزه من أزمات مالية متتالة (مخاطر هيمنة االفث ي‬ ‫بالواقع االفثا ي‬
‫‪-‬امتداد مطلب التحكم من تطوي ع الطبيعة إىل تطوي ع اإلنسان كما تؤكده السيثنطيقا وما يفثضه ذلك‬
‫من نضورة تحمل العلماء ورجال السياسة مسؤولياتهم تجاه العالم (الطبيعة) وتجاه اإلنسان حت ال‬
‫نسقط ن يف مأزق "الالمسوؤلية المعممة" عىل حد عبارة إدغار موران‪.‬‬
‫ن‬
‫وااليتيف اعتبارا إىل أن العقل‬
‫ي‬ ‫االبستيمولوج‬
‫ي‬ ‫وف نهاية المطاف‪ :‬تحتاج النمذجة باستمرار إىل النقد‬ ‫ي‬
‫اإليديولوج من ناحية أخرى‪ ،‬ألنه إذا كان‬ ‫ن‬
‫ولتحصي العلم من التوظيف‬ ‫العلم بنية مفتوحة‪ ،‬من ناحية‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الطابع المركب للظواهر يفثض انفتاح العلم والنمذجة العلمية وقابليتها للتعديل باستمرار‬
‫ابستيمولوجيا‪ ،‬فإن العلم يفثض أيضا أن يوجه خدمة لإلنسان ايتقيا‪.‬‬
‫العلم ن يف ضوء ابستيمولوجيا النمذجة قد حرر العلم من أزماته ويوفر له‬ ‫ي‬ ‫وإذا كان التعدد المالزم للقول‬
‫ّ‬
‫اإليديولوج‪ ،‬وهو ما يدعو إىل نضورة‬
‫ي‬ ‫أدوات فعل وتحكم‪ ،‬فإنه ن يف المقابل ورط العلم فيل لعبة التوظيف‬
‫توجيه العلم ن يف خدمة انتظارات اإلنسان المتعددة‪ .‬وإذا كانت تعدد النماذج عالمة عىل خصوبة العقل‬
‫ّ‬
‫وكونيا‬ ‫ينبىع تأطث هذا التعدد وايتيقيا واستثماره إنسانيا‬‫العلم وقدرته عىل الخلق واإلبداع‪ ،‬فإنه ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪NAOUFEL‬‬ ‫‪7‬‬

You might also like