You are on page 1of 5

‫اخلصوصية والكونية‬

‫األستاذ‪ :‬زهري بوستّة‬ ‫متهيد‬


‫يف احلاجة إىل الكوين‪ :‬هل فعال ميثل الكوين ضرورة؟ هل البّد من االخنراط يف الكوين؟‬
‫× حاجة حضارية‪ - :‬توق اإلنسان إىل الكلّي وانشداده إىل املطلق‪.‬‬
‫‪ -‬كل حضارة أو ثقافة حتتاج اعرتاف اآلخر احلضاري أو الثقايف‬
‫× حاجة سياسية‪ :‬حتقيق مشروع السلم الدائم يقتضي ‪ -‬اعتبار اآلخر صديقا وليس عدوا‬
‫‪ -‬االعرتاف بقيم اآلخر (احلضاري ‪ -‬الثقايف ‪ -‬الديين)‬
‫‪ -‬التعايش مع اآلخر املغاير واملختلف‪ :‬إنشاء دستور كوين على أرض اجلميع‪.‬‬
‫× حاجة أخالقية‪ - :‬إنتاج قانون أخالقي كوين أو إيتيقا كونية‬
‫‪ -‬احرتام اإلنسانية يف اإلنسان‪ :‬اخلصائص أداة متيز ال متايز‬
‫‪ -I‬يف داللة اخلصوصية‬
‫‪ -‬اخلصوصية‪:‬‬
‫التفرد والتميّز‬
‫‪ .‬تعين اخلصوصيّة ّ‬
‫ختص ومتيز جمموعة بشريّة لتكون عنوان اختالفها عن بقيّة اخلصوصيّات‪.‬‬
‫السمات واخلصائص املاديّة واملعنويّة (حضارية‪ ..‬ثقافية‪ )..‬اليت ّ‬
‫‪ .‬مجلة ّ‬
‫‪ -‬اهلوية‪:‬‬
‫‪ ǂ‬الداللة‬
‫‪ -‬ترمجة لسؤال "من أان؟" أو "من حنن؟"‪ :‬مطلب إنساين‪.‬‬
‫← هل هي معطى ماقبلي‪ ،‬اثبتة‪ ،‬متعالية‪ ،‬مطلقة أم متعيّنة يف الزمن تتج ّذر يف أبعاده وتتأثر أبحداثه؟‬
‫‪ -‬معرفة من أان؟ من حنن؟ معرفة املوقع واملوضع واألفق واإلطار‪ :‬التزام ال إنتماء‬
‫تتأصل داخل اخلصوصية‪ :‬ال هوية خارج اخلصوصية‪.‬‬ ‫‪ّ -‬‬
‫‪ -‬التزام بسياق ثقايف‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬سياسي‪ ≠( ..‬إنتماء) "األفق الذي بداخله ميكنين أن أختذ موقفا" ‪ -‬اتيلور‬
‫تصور‪/‬موقف إهنا ما حن ّققه ونبدعه‪ /‬نكتسبه‪.‬‬
‫‪ -‬اهلوية ليس معطى أو قدرا‪ ،‬ليست مورواث بل هي ّ‬
‫‪ -‬اهلوية اإلنسانية مرّكب جيمعين بذايت ويصلين ابآلخرين‪.‬‬
‫‪ ǂ‬أزمة اهلوية‬
‫‪ -‬فقدان جذري لليقني‪.‬‬
‫‪ -‬عجز (املرء) عن معرفة من يكون‪.‬‬
‫‪ -‬غياب كل اإلحداثيات واحمل ّددات والقيم واملعايري‪.‬‬
‫‪ -‬العجز عن إختاذ موقف‪.‬‬
‫‪ -‬شكل حاد من الضياع والتيه والفراغ‪" :‬ما يصفه الناس ابلقول إهنم ما عادوا يعرفون قط من يكونون" "جتربة مؤملة ومرعبة" ‪ -‬اتيلور‬
‫‪ ǂ‬حل أزمة اهلوية‬
‫التمسك ابخلصوصية واالعتزاز هبا واحملافظة عليها‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪ -‬االلتزام األخالقي والروحي‪.‬‬
‫← ضرورة احلفاظ على اهلوية‪.‬‬ ‫‪ -‬االخنراط ضمن أفق‪ /‬إطار يضفي داللة ومعىن وقيمة على األشياء‪.‬‬
‫تصور خاص للوجود‪.‬‬
‫‪ -‬متلّك ّ‬
‫‪ -‬العيش يف تناغم مع الذات‪.‬‬
‫هل أن القول بضرورة اخلصوصية يقضي ابلقطع مع اخلصوصيات األخرى؟ هل يفضي االعتزاز ابالنتماء احلضاري إىل القول بدونية اآلخر؟‬
‫هل أن احلفاظ على اخلصوصية يكمن يف االنغالق عليها أم يف االنفتاح على اآلخر؟ هل أن اآلخر ابلضرورة غريبا أو عدوا أو جحيما؟‬
‫‪1‬‬
‫‪ -II‬يف جتديل العالقة بني اخلصوصية والكونية‪ :‬حدود القول ابخلصوصية أو خماطر النظرة اآلحادية للخصوصية‬
‫"ال ميكن أن يكون اإلنسان ينال الكمال إال ابجتماعات مجاعة كثرية متعاونني‪ ،‬يقوم كل واحد لكل واحد ببعض ما حيتاج إليه يف قوامه"‪ -‬الفارايب‬
‫االجتماع اإلنساين ضروري ألنّه ال بقاء لإلنسان إال به" ‪ -‬الفارايب‬‫"إ ّن ِ‬
‫"اخلري األفضل والكمال األقصى إمنا ينال أوال ابملدينة" ‪ -‬الفارايب‬
‫‪ -‬إنّنا نكتشف أنفسنا يف اآلخر املخالف ال يف الشبيه املماثل‪.‬‬
‫← غاية االجتماع اإلنساين حتقيق الفضيلة وإدراك السعادة‪ :‬الفاضل= السعيد‬
‫‪ -1‬صراع اخلصوصيات‬
‫التعصب‬
‫يرد إىل ّ‬
‫يعود التوتر القائم بني اخلصوصيات إىل عدم تواصلها وتقارهبا وتعاوهنا الذي ّ‬
‫التعصب‬
‫ّ‬ ‫‪ǂ‬‬
‫‪ -‬ميزة إنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬كل موقف‪/‬حكم وثوقي يعتقد يف امتالكه احلقيقة املطلقة‪ّ :‬‬
‫التعصب الثقايف هو النظر لثقافة ما ابعتبارها الثقافة الوحيدة اليت متتلك شروط االكتمال‪.‬‬
‫التعصب خطريا هو ارتباطه ابلعمل على تكريس هذا احلكم يف الواقع عرب إرغام وفرض موقفه على اآلخر املختلف ثقافيا‪.‬‬
‫‪ -‬ما جيعل من ّ‬
‫شرع للعنف‪ .‬فاالنغالق على اخلصوصيّة هو تشريع للعنف وهتديد للكوين‬ ‫التعصب على التسلّط وانعدام التسامح ورفض االختالف ممّا يُ ّ‬
‫‪ -‬يقوم ّ‬
‫التعصب العرقي (اجلنس اآلري أرقى من األجناس األخرى‪ :‬هتلر ‪ +‬اليهود شعب هللا احملتار)‬
‫التعصب الديين (التطرف والتش ّدد) أو ّ‬
‫اإلنساين مثل ّ‬
‫كل أشكال العنف والنزاعات العنصرية واالنغالق والتقوقع وامليل‬
‫التعصب منبع ّ‬
‫التعصب الديين والعرقي والثقايف‪ ،‬ولكن يبقى ّ‬
‫‪ -‬ميكن التمييز بني ّ‬
‫لرفض االختالف ورفض اآلخر ورفض احلوار والتشريع للهيمنة على اآلخرين‪.‬‬
‫التعصب‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ǂ‬تبعات‬
‫‪ -‬الشوفينية‪ /‬الطائفية‪ :‬اإلفراط والشطط واملغاالة واملبالغة‪ ...‬يف الوطنية‪ ..‬يف االنتصار أو التشيع لثقافة‪...‬‬
‫‪ -‬نشأة فكرة املركزية اإلثنية‪.‬‬
‫التفوق (≠ عقد النقص) وال اع ْجارفاة من جهة أخرى‪.‬‬
‫صلاف ّ‬‫‪ -‬القول ابالستعالء واخلُياالء والعُ ْجب والغُُرور من جهة والعنجهية والتا غاطُْرس و ا‬
‫‪ -‬تربير كل أشكال العنف‪.‬‬
‫‪ -‬رفض اآلخر وفرض اخلصوصية‪.‬‬
‫التعصب‬
‫ّ‬ ‫التحرر من‬
‫‪ّ ǂ‬‬
‫(تفرق)‪.‬‬
‫(يوحد) وجتلّيات خمتلفة ّ‬
‫‪ -‬القول ابلعقل الكوين‪ :‬عقل واحد ّ‬
‫‪ -‬اعتبار االختالف أمر طبيعي واقع‪.‬‬
‫‪ -‬إقامة التواصل على أساس احلوار والنقد‪ :‬الفلسفة متثل أرضا وأفقا للحرية والفيلسوف ينشغل ابملواقف ال أبصحاهبا‪(.‬فولتري)‬
‫التعصب ال يعين التخلّي عن اخلصوصية بل احلفاظ عليها يف ظل احرتام اآلخر‪.‬‬
‫‪ -‬االعرتاف لآلخر حبق االختالف واإلقرار له ابلندية‪ :‬جتاوز ّ‬
‫ية‪/‬متوحشة‪/‬مهجية‪( .‬اهلمجية ليست واقعا فعلّيا وإمنا نظرة تصنيفية لآلخر) (شرتاوس)‬
‫ّ‬ ‫متحضرة‪/‬مثقفة أو بربر‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬رفض تصنيف الشعوب‪:‬‬
‫‪ -‬إدانة كل أشكال الرفض واإلقصاء واالستبعاد واالستهجان والتهميش والتحقري والعنف‪ :‬مقاومة العنف ابلالعنف‪( .‬غاندي)‬
‫‪ -‬إقرار مبدأ التعايش احلكيم أو حكمة العيش معا وتكريس مبدأ التسامح‪( ..‬موران)‬
‫‪ -‬اعتبار العيش مع اآلخرين واجب‪( .‬كونت)‬
‫‪ -‬املراهنة على اإلنسان‪ :‬النظر لإلنسان مبا هو غاية ال وسيلة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -2‬االختالف‪ :‬من عائق إىل شرط‬
‫‪ ǂ‬يف داللة االختالف‬
‫‪ .‬أن يكون كل واحد خمتلفا عن غريه دون أن يكون يف ذلك مفاضلة‪ :‬التمييز بني التميّز والتمايز‪.‬‬
‫التنوع والتع ّدد‪ ،‬ت ّنوع وتع ّدد يف مستوى اللغات والثقافات‪ ..‬والتمايز الذي حييل على "اخلصوصية" اللغوية أو الثقافية‪..‬‬
‫‪ .‬يفيد االختالف بداية ّ‬
‫تنوع داخل الثقافة الواحدة ما بني اجملتمعات واجلهات والطوائف‪.‬‬
‫يتوزع االختالف "الثقايف" على مستويني‪ :‬اختالف بني الثقافات املختلفة و ّ‬
‫‪ّ .‬‬
‫يتعني االختالف كاعرتاف حبق اآلخر يف أن يكون مغايرا وأن مغايرته (تتجلّى يف احتفاظه خبصوصيته) ال متثل عائقا أمام إمكان االلتقاء به وحتقيق‬
‫‪ّ .‬‬
‫التواصل معه بناء على االختالف هو الضامن لكونية "الثقافة" اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ .‬يفيد "االعرتاف املتبادل بني الذوات الفردية أو اجلماعية حبق كل واحد أن يكون خمتلفا عن غريه دون أن يكون يف ذلك مفاضلة‪ ،‬وميثل ذلك‬
‫أساسا للتعامل بني الثقافات"‪.‬‬
‫تصورين لالختالف‪ - :‬االختالف يه ّدد اهلوية‪ :‬االعتقاد املقيت الذي جيعل منه خالف‪.‬‬
‫‪ .‬وجود ّ‬
‫‪ -‬االختالف عامل إثراء ‪ :‬ليس االختالف هو املشكل بل نفي االختالف‬
‫‪ ǂ‬االختالف شرط التواصل‬
‫تصور جديد لعالقة الوحدة ابلكثرة‪ :‬وحدة الكثرة وكثرة الوحدة ‪ +‬رفض وحدة التجانس وكثرة االنغالق‪.‬‬ ‫‪ -‬إعالن ّ‬
‫‪ -‬دعوة لتأسيس واقع ‪ -‬أفق إنساين جديد يُق ّدم فيه اإلنساين على الفردي والكوين على اخلصوصي واجلدل على القطيعة‪.‬‬
‫‪ -‬القول ابهلويّة املرّكبة (متع ّددة املنابع‪ :‬وحدة متكثّرة) تنسيبا للفكرة القائلة أب ّن كل وحدة اختزالية إقصائية ابلضرورة‪( .‬الفكر املرّكب‪ :‬موران)‬
‫بتنوع وتع ّدد الثقافات‪ :‬ال وجود لثقافة لكل الثقافات (ال توجد جمموعة لكل اجملموعات الرايضية يف منطق رسل)‬ ‫‪ -‬اإلقرار ّ‬
‫‪ -‬رفض مقولة املفاضلة بني الثقافات‪ :‬إدعاء املركزية ‪ +‬فرض اهلوية ‪ +‬طمس هوية اآلخر‬
‫‪ -‬االختالف شرط (احلوار) اللقاء بني الثقافات‪ :‬تبين مبدأ االختالف والدفاع عنه‪.‬‬
‫‪ -‬االختالف أوال عامل حترير من التشابه والتماثل والتجانس من جهة والنرجسية والتعايل من جهة أخرى‪ ،‬واثنيا عامل إثراء وإغناء‪.‬‬
‫فك عزلة اخلصوصية (االنغالق) واالنفتاح على اآلخر‪ ← .‬مراعاة مبدأ ال إفراط وال تفريط‪.‬‬
‫‪ -‬اإلقرار بضرورة ّ‬
‫← االنفتاح ضمن احلد األدىن من االتصال (وإالّ فقدان األصالة)‪.‬‬ ‫‪ -‬ضرورة الوعي مبخاطر االنفتاح‪ :‬االنسالخ‪ ...‬االغرتاب‪...‬‬
‫‪ -3‬التواصل‪ :‬الصورة ‪ -‬املق ّدس‬
‫‪ ǂ‬الصورة‪:‬‬
‫‪ -‬ال خيتلف إ ثنان يف أن حضارتنا اليوم (وعصران اليوم) حضارة الصورة‪.‬‬
‫‪ -‬الصورة ضرورية مبا هي نظام رمزي ‪ /‬أداة تواصل‪" .‬الصورة وسيلة بشر ال وسائل هلم" ‪ -‬ديرباي‬
‫‪ -‬الصورة وسيلة للحفاظ على اهلوية‪" .‬الصورة‪ ...‬ابختصار‪ :‬وسيلة حقيقية للبقاء" ‪ -‬ديرباي‬
‫‪ -‬الصورة نظرة العصر‪ :‬ال توجد صورة يف ذاهتا بل أهنا تتأثر ابلعوامل احمليطة هبا‪.‬‬
‫تردد بني أن تكون عامل وحدة أو أن تكون عامل فرقة‪.‬‬ ‫‪ -‬الصورة هلا أتثري على البشر‪ّ :‬‬
‫‪ ǂ‬املق ّدس‪:‬‬
‫‪ -‬ضرورة (حاجة إىل) املق ّدس‪ :‬ال ختلو حضارة من املق ّدس ← جمال املشرتك مع اختالف متظهراته‪.‬‬
‫تنوع املق ّدس‪ :‬املق ّدس الديين‪ ...‬االجتماعي‪ ...‬الرمزي‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫التفوق عليهم بل يشكين معهم يف جتربة تواصل تضفى املعىن على الوجود‪.‬‬
‫‪ -‬إ ّن املق ّدس وإن كان مييّزين عن اآلخرين‪ ،‬فإنّه ال يهبين ّ‬
‫‪ -‬رفض املفاضلة بني األداين‪.‬‬
‫التحرر من عنف املق ّدس‪.‬‬
‫حتول املق ّدس (االختالف الديين) من عامل شقاق إىل عامل وفاق‪ّ :‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫حتول الدين إىل أساس احلوار وقوام التواصل احلضاري‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫أال ميكن أن يكون االنفتاح أش ّد خطرا على اخلصوصية؟ إذا كان االنغالق موت طبيعي‪ -‬بطيء ‪ .‬أال ميكن أن نعترب االنفتاح موت عنيف؟‬
‫أال يعين اختزال اإلنساين فيما هو كوين استخفاف ابهلوية؟ هل جيب جتاوز اخلصوصي حنو الكوين؟‬
‫‪3‬‬
‫هل الدعوة إىل الكونية دعوة بريئة؟‬ ‫‪ - III‬الكوين بني اإليتيقي والتوظيف اإليديولوجي‪:‬‬
‫‪ -1‬شروط حت ّقق مطلب الكوين‬
‫الكونية ‪ /‬الكوين‪:‬‬
‫‪ .‬مشروع حقوقي‪ ،‬قيمي وإيتيقي حبيث جيب أن نتمثلها يف مقابل العوملة‪.‬‬
‫‪ .‬وحدة البشرية على أساس ثقايف بل وحىت على أساس لغوي‪ :‬اختزال اإلنساين فيما هو كوين‪.‬‬
‫احلرية‪ .‬لذلك ُع َّد الكوين‬
‫‪ .‬ما هو مشرتك إنساينّ (مطلب إنساين)‪ ،‬حييل على جمموع القيم واملبادئ اإلنسانيةّ السامية كالعدالة وحقوق اإلنسان و ّ‬
‫تنوع واختالف خصوصيّاهتم‪.‬‬ ‫وحد البشر رغم ّ‬ ‫الفضاء أو األفق املشرتك الذي حيمل اخلصائص املشرتكة اليت تُ ّ‬
‫التنوع والتع ّدد هو أساس "اهلوية املرّكبة" (موران‪ )،‬فيكون لقاء الثقافات املختلفة‬
‫‪ .‬املقابل للعوملة حبيث تتأسس العالقة بني الثقافات على أساس أن ّ‬
‫التنوع الذي حيمل داخله إمكان التقاطع مع اآلخر الثقايف فيما حتمله كل ثقافة إنسانية‬ ‫ليس على أساس التماثل بينها بل على أساس االعرتاف هبذا ّ‬
‫من قيم كونية تشرتك فيها مع بقية الثقافات‪.‬‬
‫‪ .‬هناك تباين بني ما هو كائن من كونية اقتصادية تُراهن على املصلحة االقتصادية أي على اجملتمعات االستهالكية‪ ،‬وبني ما جيب أن يكون من‬
‫اخلصوصيات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تنوع واختالف‬
‫كونية إنسانية (منشودة) تُراهن على وحدة القيم اإلنسانية املُشرتكة وعلى ّ‬
‫‪ .‬وجود داللتني متقابلتني للكوينّ‪:‬‬
‫‪ -‬كوينّ نتوق إليه مبا هو الكوينّ الثّاوي للقيم اإلنسانيّة لذلك جند أنفسنا مدفوعني للعمل على االخنراط فيه والدفاع عنه‪ ،‬بل وإىل السعي إلنقاذه‪:‬‬
‫كونية االختالف‪ :‬كوين احلياة (كوين إيتيقي)‬
‫يتوجب علينا أن ننقذ أنفسنا منه‪ ،‬مبا هو الكوينّ القائم على فكرة احلضارة ‪ /‬الثقافة النموذج أو مبا هي جوهر‬
‫‪ -‬كوين آخر مغاير‪ ،‬هو كوينّ إمرباييل‪ّ ،‬‬
‫يتوجب إكسابه صفة الكلّي وخاصيّة اإلنساين ليكون "الكوين اإلنساين"‪ :‬كونية املماثلة‪ :‬كوين املوت (كوين إيديولوجي)‬
‫الكوين الذي ّ‬
‫‪ -2‬خماطر اخللط بني العاملي والكوين‬
‫‪ ǂ‬يف ح ّد العوملة‬
‫املوحد الذي يكون قرية كوكبية‪ ،‬عامل تنعدم فيه احلدود‪" :‬إمرباطورية الفوضى"‪ -‬مسري أمني‬
‫‪ -‬مفهوم خاليف‪ )+( :‬تفيد العوملة معىن العامل املتّحد و ّ‬
‫(‪ )-‬تتح ّدد مبا هي منبع املشاكل الراهنة حيث ترتبط ابتّساع اهلوة بني األان واآلخر‪ ...‬الشمال واجلنوب‪.‬‬
‫‪ .‬تدويل االقتصاد ووسائل اإلعالم والسياحة‪...‬‬
‫مربره من‬
‫‪ .‬يتمثل مشروع العوملة يف العمل على توحيد مجيع الثقافات اإلنسانية يف ثقافة واحدة من خالل عوملة االقتصاد واإلعالم‪ .‬جيد هذا املشروع ّ‬
‫التنوع املفضي للصراع‪ ،‬ومن جهة أخرى اعتبار أن‬
‫جهة يف العمل على جتاوز النزاع بني خمتلف الثقافات من خالل توحيدها يف ثقافة واحدة وجتاوز ّ‬
‫الثقافة الغربية (األمريكية) أساس هذا املشروع التوحيدي ابلنظر لكون قيم هذه الثقافة (احلرية‪ ،‬الدميقراطية‪ )...‬قيما كونية وأن هذه الثقافة قد أثبتت‬
‫جناعتها من خالل القدر الكبري من الرفاهية الذي حققته ألفرادها‪ ،‬ما جيعلها املؤهلة لتحقيق الرفاهية على صعيد العامل‪.‬‬
‫‪ .‬عوملة النجاعة خدمة للقوى املتفوقة اقتصادي وعسكراي‪.‬‬
‫← بيّنت السياسات الفعلية والوقائع الراهنة أن مشروع العوملة‪ ،‬مشروع سلطوي يهدف للهيمنة على اإلنسانية وتسخري مواردها لصاحل هذه الثقافة‬
‫من خالل تنميط الوجود اإلنساين يف ثقافة االستهالك كقيمة عليا‪.‬‬
‫‪ ǂ‬تبعات‬
‫وإما بنظام املصاحل واملنافع املتح ّققة‪.‬‬
‫‪ -‬متدية اإلنسان وتشييئه‪ ،‬فكل شيء يقاس ّإما ابلربح املادي ّ‬
‫‪ -‬قتل اخلصوصيات‪ :‬املسخ والتشويه‪.‬‬
‫‪ .‬رفص االختالف وإقرار االنصهار والدمج العنيف‪.‬‬
‫‪ .‬استئصال كل القيم‪ :‬االرتقاء هبا إىل درجة الصفر بتخفيف تعريفاهتا‪.‬‬
‫‪ -‬قتل الثقافة املؤهلة للسيطرة واهليمنة‪ :‬التعميم والتجريد‪.‬‬
‫تتحول إىل ثقافة اجلميع وتفقد خصوصيتها‪.‬‬
‫‪ .‬تفقد الثقافة جذورها وأصالتها‪ّ ...‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬هالك الكوين‪ :‬إعالن هناية كونية القيم‪.‬‬
‫‪ .‬انتصار الفكر الواحد‪ :‬تسطيح الواقع وقولبة اآلراء ‪ +‬تنميط الوجود‪ /‬إرساء التماثل وإلغاء االختالف‪.‬‬
‫‪ .‬الرتويج لثقافة االستهالك من جهة وثقافة النموذج (فرض منوال ثقايف)‪ :‬ثقافة الرجل األبيض‪...‬‬
‫‪ .‬االستخفاف ابلقيم الروحية‪ :‬تسليع وتبضيع القيم (القيم = البضائع) واختزال الوجود يف اجلانب املادي‪.‬‬
‫‪ .‬سلعنة اجلهد البشري‪ :‬سيطرة مبدأ النجاعة واملردودية‪.‬‬
‫‪ .‬تكريس مرجعية العقل األدايت‪ :‬املراهنة على الربح واملصاحل ال على اإلنسان‪.‬‬
‫‪ ǂ‬يف اختالف العوملة عن الكوين‬
‫‪ -‬تشابه خادع بني العاملي والكوين‪ :‬إماطة اللثام على هذا التداخل‪ :‬ملاذا العوملة ليست الكونية؟‬
‫ب ‪ -‬أل ّن املصري ليس واحدا‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬أل ّن داللة العوملة ختتلف عن داللة الكوين‪:‬‬
‫‪ +‬العوملة أضحت قدرا أو واقعا ال ميكن اإلفالت منه أو العيش خارجه‪.‬‬ ‫‪+‬ترتبط العوملة ابجملال التقين االقتصادي‪.‬‬
‫توجه السلوك أو الغاايت املنشودة‪+ .‬الكوين يف حالة تالشي وانداثر‪.‬‬
‫‪+‬ترتبط الكونية ابلقيم وابملعايري اليت ّ‬
‫‪ ǂ‬كيفية اخلالص من وهم العوملة‬
‫التمسك ابخلصوصية‪.‬‬
‫‪ -‬اإلبقاء على ّ‬
‫← إنقاذ العوملة بتصحيح مسارها أو البحث عن عوملة بديلة‪.‬‬ ‫‪ -‬الفصل بني األصولية واألصالة‪.‬‬
‫‪ -‬رفض االنصياع واالستسالم لإليديولوجيات املسيطرة‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫‪ .‬ال يؤدي االنتشار الكوين للنموذج االقتصادي على الصعيد العاملي ابلضرورة إىل اغرتاب ثقايف وذوابن يف اهلوايت وإلغاء للتنوع يف اخلصوصيات‪:‬‬
‫انتقال السلع االستهالكية من جمتمع إىل آخر مل حيدث تغيريا مهما يف الثقافة األساسية للمجتمع املستهلكة‪ +.‬انتشار وسائل وتقنيات االتصال مل‬
‫خيلق اندماج كل اجملتمعات يف قيم الغرب‪ .‬لذا علينا "أن نعرف من حنن قبل أن يكون إبمكاننا معرفة مصاحلنا"‪ -‬هنتنغتون‬
‫← بدل التخمني آلليات حلسم الصدام بني الثقافات حري بنا البحث عن وسائط ايتيقية قادرة على حتقيق مصاحلة بني اهلوايت‪.‬‬
‫‪ .‬استئناف النظر يف مجلة من املفاهيم‪ :‬اإلنساين‪ ...‬اهلوية‪ ...‬الوحدة‪ ...‬اآلخر‪ ...‬االختالف‪ ...‬الكونية‪ ...‬العوملة‬
‫‪ .‬حتمية اخلروج من الصراع الومهي بني أسر اخلصوصية احملنطة ومتاهة العوملة ّ‬
‫املتوحشة‪ :‬إنشاء كونية تراهن على اإلنسان (غاية ال وسيلة)‬
‫‪ .‬إرساء كونية بديلة (كومسوبوليتية جديدة) تق ّدس اإلنسانية وتناهض كل سلوك عدائي للغري وتدرأ كل أشكال االختزالية واملركزية البغيضة‪ ،‬وتبقي‬
‫التنوع يف الوحدة"‪ -‬موران‬
‫التنوع و ّ‬
‫تشرع للعيش معا‪" .‬الوحدة يف ّ‬
‫على االختالف وتنادي ابلتثاقف بني اخلصوصيات املختلفة و ّ‬
‫ظل النظر إىل الغريية على أهنا بنية تكوينية لإلنية‪.‬‬
‫← إ ّن اهلوية اإلنسانية املنشودة هي تقاطع وتالقح بني عدة هوايت متنافرة يف ّ‬
‫"هوية األان ترجع إىل مقولة الوجود ال إىل مقولة االمتالك" ‪ -‬اريك فروم‬
‫التنوع والتع ّدد واحلفاظ على االختالف والتباين (القضاء على هذه املفاهيم لن يضمن حتقيق حضارة عاملية هلا معىن)‬‫‪ .‬ينبغي اإلبقاء على ّ‬
‫وتكريس مبدأ التعايش معا داخل حضارة كونية يكمن حت ّققها يف تفاعالهتا القصوى اخلالّقة‪ - .‬سرتوس‬
‫← إقامة حتالف بني الثقافات يسمح لكل ثقافة ابلتفاعل مع الثقافات األخرى من دون أن تفرط يف هويتها‪.‬‬
‫‪ .‬إقامة عوملة بديلة تفرتض إبداع ثقافة عاملية بديلة فيها لكل خصوصية مكاان حيث يكون االلتقاء الفاعل والوفاء لألصول شروط التواصل مع‬
‫الغريية واخنراط اهلوية يف الكوين‪ :‬استبدال عوملة الثقافة (اإلنسان) بثقافة (أنسنة) العوملة‪" .‬إ ّن الثقافة احليّة الوفية ألصوهلا وتلك اليت تكون يف نفس‬
‫الوقت يف حالة إبداع‪ ...‬هي وحدها القادرة على حتمل مالقاة الثقافات األخرى"‪ -‬ريكور‬
‫‪ .‬نشر قيم احلق والتسامح والتضامن والسلم وحب اخلري للجميع‪ ،‬وحماربة العنف ابلالعنف وليس بعنف مضاد‪ ،‬والنزوع حنو الكوين وجتاوز فكرة‬
‫االنغالق حنو االنفتاح‪ ،‬تلك النزعات االنفصالية ال تساهم يف تشكيل اهلوية بل يف سكونيتها‪.‬‬
‫مبجرد أن ترغب يف االنفصال جتف متاما"‪ - .‬غاندي‬
‫"إ ّن قطرة املاء تشارك يف عظمة احمليط حىت وإن مل تكن تعي ذلك‪ ،‬لكن ّ‬
‫‪ .‬إحالل العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫‪5‬‬

You might also like