‫اﻹﻧّﻴّﺔ و اﻟﻐﻴﺮﻳّﺔ‬

‫اﻟﺟﺳد ﺑﯾن اﻹﻗﺻﺎء و اﻹﻋﺗراف‬

‫أن ﻟﻲ ﺟﺳد أم أﻧّﻧﻲ ﺟﺳد ؟‬
‫ھل ّ‬

‫اﻓﻼطون‬
‫ﻣﺎرﻟوﺑوﻧﺗﻲ‬ ‫دﯾﻛﺎرت‬

‫ﺳﺑﯾﻧوزا‬
‫ھوﺳرل‬
‫ﻧﯾﺗﺷﮫ‬

‫ﻣﺣرز ﺑن ﺻﺎﻟﺢ‬
 ‫ﺗوطﺋﺔ‬

‫ﻟﻣ ﺎذا ﻋﻠﯾﻧ ﺎ أن ﻧﻌﯾ د ﻓ ﻲ ﻛ ّل ﻣ ّرة ط ر ح اﻟﺳ ؤال ﺣ ول اﻹﻧﺳ ﺎن ؟ ﻟﻣ ﺎذا ﻋﻠﯾﻧ ﺎ أن ﻧراﺟ ﻊ‬
‫أﺣﻛﺎﻣﻧ ﺎ و ﻣﺳ ﻠّﻣﺎﺗﻧﺎ و أن ﻧﻠ ﺞ ﻋ واﻟم ﺟدﯾ دة و ﻧﺳ ﺑر أﻏ وار ﺗﺟﺎھﻠﻧﺎھ ﺎ ﻋﻠّﻧ ﺎ ﻧﺳ ﺗوﻓﻲ‬
‫ﻧﮭﻣﻧ ﺎ اﻟﻣﻌرﻓ ﻲ و ﻧﻧﺗﮭ ﻲ إﻟ ﻰ ﺗﻌرﯾ ف ﺟ ﺎﻣﻊ ﻣ ﺎﻧﻊ ﻟﮭ ذا اﻟﻛ ﺎﺋن ﻋﻠ ﻰ ﺣ دّ ﺗﻌﺑﯾ ر اﻟﻣﻧﺎطﻘ ﺔ‬
‫اﻟﻘ داﻣﻰ ؟ ﻟﻣ ﺎذا ﻋﻠﯾﻧ ﺎ أن ﻧﻌﻠّ ﻖ أﺣﻛﺎﻣﻧ ﺎ ﺣ ول اﻹﻧﺳ ﺎن و أن ﻧﺗﺳ ﻠّﺢ ﺑﻌﻘﻼﻧﯾّ ﺔ ﻣﺗﻔﺗّﺣ ﺔ‬
‫ﺗﺻوراﺗﻧﺎ و ﻓﮭﻣﻧﺎ ﻟﻺﻧﺳﺎن ؟‬
‫ّ‬ ‫ﺗرﻓﻊ ﻟواء اﻹﺳﺗﻌداد ﻟﺗﻐﯾﯾر ﺗﻌﺎرﯾﻔﻧﺎ و‬
‫ھ ﻲ أﺳ ﺋﻠﺔ ﺗﺳ ﻧد رﻏﺑﺗﻧ ﺎ اﻟﺟﺎﻣﺣ ﺔ ﻓ ﻲ اﻟوﻗ وف ﻋﻠ ﻰ ﺗﻌرﯾ ف ﻟﻺﻧﺳ ﺎن و ﻟﻛ ن أﯾﺿ ﺎ ھ ﻲ‬
‫أﺳ ﺋﻠﺔ ﺗﺳﺗﺣﺿ ر ﻣﺳ ﺎرا ﺗﺎرﯾﺧﯾّ ﺎ أھ ّم ﻣﻣﯾّزاﺗ ﮫ أﻧّ ﮫ ﺣرﻛ ﺔ ﻟوﻟﺑﯾّ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺣ دّ ﺗﻌﺑﯾ ر‬
‫"ﻻﺑ ﺎرﯾﯾر " ﯾدﻓﻌ ﮫ ﺛ ﺎﻟوث ‪ :‬اﻟﻧﻘ د و اﻟﻣﺣﺎﻓظ ﺔ و اﻟﺗّﺟ ﺎوز ﻧﻘ د ﻟﻠﺳ ﺎﺑﻖ و ﻣراﺟﻌ ﺔ ﻟ ﮫ ‪,‬‬
‫ﻣﺣﺎﻓظ ﺔ ﻋﻠ ﻰ ﺑﻌ ض ﻣ ﺎ ﻣ ﺎ ﻗدّﻣ ﮫ اﻟﺳ ﺎّﺑﻖ و اﻧط ﻼق ﻣﻧ ﮫ و ﻟﻛ ن ﺗﺟ ﺎوز ﻟﺗﺄﺳ ﯾس ﻓﮭ م‬
‫ﺗﻣر ھ ذا‬
‫ﺟدﯾ د و ﺗﻌرﯾ ف ﻣﺗﺟ دّد ‪...‬ھ ذا ھ و اﻹﻧﺳ ﺎن اﻟ ذي ارﺗ ﺑط ﺗﻌرﯾﻔ ﮫ ﺑﺗﻐﯾّ ر ﻣﺳ ّ‬
‫ﻋرﻓ ﮫ اﻟ دﯾن و ﺣ ﺎول ﻓﮭﻣ ﮫ اﻟﻣﺧﯾ ﺎل اﻟﻌﻔ وي اﻹﺟﺗﻣ ﺎﻋﻲ و ﻋ ّﻣ ﻖ‬ ‫اﻟﻛ ﺎﺋن اﻟﻣر ّﻛ ب اﻟ ذي ّ‬
‫ﻓﮭﻣ ﮫ اﻟﻌﻠ م و ﺗﻔﺎﻋﻠ ت ﻛ ّل ھ ذه اﻟﺗّﺻ ّورات ﻟﺗط رح ﻟﻧ ﺎ ﻣوﺿ وﻋﺎ ﻣﻌﻘّ دا ﻣﺗﻌ دّد اﻷﺑﻌ ﺎد‬
‫ﻛ ّل ﯾﻘ دّم ﺗﻔﺳ ﯾرا و ﻓﮭﻣ ﺎ و ﻛ ّل ﯾﻘﺗط ﻊ ﺟ زء ﯾﻌﺗﺑ ره ﻣ ﺎ ﯾﺧﺗ زل اﻹﻧﺳ ﺎﻧﻲ ﻓ ﻲ اﻹﻧﺳ ﺎن و‬
‫ﻛ ّل ﯾﺑﺳ ط ﺣﺟﺟ ﮫ و ﺑراھﯾﻧ ﮫ ﻓ ﻲ ﻣﺣﺎوﻟ ﺔ ﻟﺣﺳ م ﺳ ﺟﺎل ﯾﺑ دو أﻧّ ﮫ ﻟ ن ﯾﻧﺗﮭ ﻲ ﺳ واء‬
‫اﻋﺗﺑ ﺎرا ﻟﺗﺎرﯾﺧﯾّ ﺔ ھ ذا اﻟﻛ ﺎﺋن و ﺗط ّوره او ﻹدراﻛﻧ ﺎ ﻟﻔردﯾّﺗ ﮫ و اﺳ ﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗﻧﻣﯾط ﮫ داﺧ ل‬
‫ﻗﺎﻟ ب واﺣ د ﯾﺟﻣ ﻊ اﻟﻣﺧﺗﻠ ف و اﻟﻣﺗﻧ ّوع اﻟﻣﺗﻌﻠّ ﻖ ﺑ ﺎﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷ ري ‪ .‬ﻟﻛ ن ﻋﻠ ﻰ اﻷﻗ ل‬
‫ﯾﺑ دو ﻣ ن اﻹﺟراﺋ ﻲ أن ﻧﺧﻔّ ف ھ ذا اﻟﺗّﺑ ﺎﯾن و أن ﻧﻔ ّﻛ ر ﻓ ﻲ اﻹﻧﺳ ﺎن داﺧ ل اﻟﻣﺷ ﺗرك‬
‫اﻹﻧﺳ ﺎﻧﻲ و أن ﻧﺧﻔّ ف ﻣ ﺎ ﯾﺑ دو ﻣﺗﺑﺎﻋ دا و ﻣ ﺎ ﯾﻠ وح ﻣﺗﻧﺎﻗﺿ ﺎ ﻓ ﻲ ﻣﺷ روع وﺣ دة ﺗ رى‬
‫ﺳ ﯾﺎق اﻟ ذي ﻗ د ﯾﺿ ﻣن ﻟﻧ ﺎ ﺣ دّا أدﻧ ﻰ ﻣ ن اﻹﺻ طﻼح‬ ‫اﻹﻧﺳ ﺎن ﻓ ﻲ ﻛﻠّﯾﺗ ﮫ و ﺗﻛﺷ ف ﻟﻧ ﺎ اﻟ ّ‬
‫ﯾﻘوﻣ ﮫ ذاﺗﯾّ ﺎ و ﻣ ﺎ ﯾﻛﺷ ف ﻟﻧ ﺎ ﻋ ن دﻗﺎﺋﻘ ﮫ اﻟﻣﻌﻠﻧ ﺔ‬ ‫ﺣ ول ﻣﺎھﯾّﺗ ﮫ أو ﻟﻧﻘ ل ﺣ ول إﻧّﯾّﺗ ﮫ و ﻣ ﺎ ّ‬
‫و اﻟﺧﻔﯾّ ﺔ و اﺳ ﺗدﻋﺎء اﻹﻧّﯾ ﺔ ﯾﻔ ﺗﺢ أﻣﺎﻣﻧ ﺎ ﻣﺟ ﺎل اﻟﺗّﻔﻛﯾ ر ﻓ ﻲ ﻣ ﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﮭ ﺎ او ﻣ ﺎ ﯾﺗﺑ ﺎﯾن ﻣﻌﮭ ﺎ‬
‫أو ﻣ ﺎ ﯾﺳ ﺎﻋدﻧﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺗﺣدﯾ دھﺎ ﺑ ﺎﻟﺧﻠف و ﻧﻌﻧ ﻲ ﺑ ذﻟك اﻟﻐﯾرﯾّ ﺔ و ﻧﻛ ون ھﻧ ﺎ ﻗ د و ّﺟﮭﻧ ﺎ‬
‫ﺳ ؤاﻟﻧﺎ ﺣ ول اﻹﻧﺳ ﺎن وﺟﮭ ﺔ ﺟدﯾ دة ﺗﺟ دّل ﺑ ﯾن اﻹﻧّﯾّ ﺔ و اﻟﻐﯾرﯾّ ﺔ ﺑ ﯾن ﻣ ﺎ ﯾﺗﺣ دّد ذاﺗﯾّ ﺎ و‬
‫ﻣ ﺎ ﯾﻧﻔ ﺗﺢ و ﻋﻠ ﻰ اﻟﻣﻐ ﺎﯾر و اﻟﻣﺧﺗﻠ ف ﺑ ﯾن ﻣ ﺎ ﯾﻛﺗﻔ ﻲ ﺑﺎﻟ ذّاﺗﻲ و ﻣ ﺎ ﯾﺷ ﺗرط اﻟﻣﻘﺎﺑ ل و‬
‫اﻟﻣﺧﺗﻠف ﻋﻠّﻧﺎ ﻧﺳﺗوﻓﻲ ھ ّﻣﻧﺎ اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ھذا اﻟﻐرﯾب ‪,‬‬
‫و ھﻧ ﺎ ﯾﺗﻘ دّم اﻟﺟﺳ د ﻛط رف داﺧ ل اﻟﻣﻌﺎدﻟ ﺔ اﻷﻧﺛرﺑوﻟوﺟﯾّ ﺔ ﯾظﮭ ر ﺑﺎﺧﺗﻔﺎﺋ ﮫ ﺣﯾﻧ ﺎ و‬
‫ﯾﻔ رض ﻣﻛﺎﻧﺗ ﮫ ﺣﯾﻧ ﺎ آﺧ ر ﯾﺳ ﺗدﻋﻰ ﻟﯾﻘﺻ ﻰ و ﯾﮭ ّﻣ ش و ﯾﻌ ود ﻛﺧط ﺈ ارﺗﻛﺑﻧ ﺎه و ﻛ ذﻧب‬
‫ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﺗّوﺑﺔ و اﻋﺗراف ﯾﺗﺣﺗّم ﻋﻠﯾﻧﺎ إﻻﻧﮫ ﻋﻠّﻧﺎ ﻧﺑﻠﻎ ﻧﺟﺎة و ﻧﻛﻔّر ﻋن ﺧطﯾﺋﺔ ‪.‬‬
‫ھﻛ ذا إذن ﺳ ﯾﻘودﻧﺎ اﻟﺟﺳ د داﺧ ل اﻟﻔﻠﺳ ﻔﺔ ﻓ ﻲ رﺣﻠ ﺔ ﺗ راوح ﺑ ﯾن اﻟﺗّﻧﺎﺳ ﻲ و اﻟﺗّﺟﺎھ ل و‬
‫اﻹﺣﺗﻘﺎر و ﺑﯾن اﻟﺗّراﺟﻊ و اﻟﻣراﺟﻌﺔ ‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻟﺟﺳد ذﻟك اﻵﺧر‬
‫‪ -2‬اﻟﺟﺳد ذﻟك اﻟ ّ‬
‫ﺷرﯾك‬

‫‪ -3‬اﻟﺟﺳد ذﻟك اﻟوﺳﯾط‬

‫‪ -4‬اﻟﺟﺳد ذﻟك اﻟﺑدﯾل‬

‫أن ﻟ ﻲ ﺟﺳ د أم أﻧّﻧ ﻲ ﺟﺳ د ؟ ھ ل اﻟﺟﺳ د‬

‫و داﺧ ل ﻛ ّل ھ ذه اﻟﻣراﺣ ل ﯾﻘودﻧ ﺎ ﺳ ؤال ‪ :‬ھ ل ّ‬
‫ﻣﻠﻛﯾﺔ ﺗﻌود ﻟﻸﻧﺎ أم أﻧّﮫ اﻷﻧﺎ ﻓﻲ ﺣدّ ذاﺗﮫ ؟‬

‫اﻟﺟﺳد ذﻟك اﻵﺧر‬

‫ﻟ م ﯾﻛ ن اﻟﻧّظ ر ﻟﻠﺟﺳ د ﻗ ﺎدرا ﻋﻠ ﻰ اﻟ ﺗّﺧﻠّص ﻣ ن ﺛﻘ ل اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘ ﺎ‬

‫ﺣوﻟﮭ ﺎ إﻟ ﻰ‬‫و ﻟ م ﯾﻛ ن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧ ﮫ أن ﯾﺗﺣ ّرر ﻣ ن ﺻ ورة وﺿ ﻊ أوﻟ ﻰ أﺳﺳ ﮭﺎ أﻓﻼط ون و ّ‬
‫إرث ﻣﻘ دّس ﻻ ﯾﻣﻛ ن اﻟﺗّﻔﻛﯾ ر ﺧﺎرﺟ ﮫ ﺑ ل ﻛ ﺎن ﯾﻣﺛﺎﺑ ﺔ اﻋﺗﻘ ﺎد ﯾﺗﺣ ّرك داﺧ ل اﺣﻛ ﺎم‬
‫اﻟﺗّﻣ ﺎﯾز و اﻟﺗّﻔﺎﺿ ل ‪ ,‬ﯾﺣﺿ ر اﻟﺟﺳ د ﻟﯾﻛ ون ذﻟ ك اﻵﺧ ر اﻟ ذي ﻋﻠﯾﻧ ﺎ ﺗﺟﻧّﺑ ﮫ و اﺣﺗﻘ ﺎره و‬
‫ھ ذا ﻋﻧ دﻣﺎ ﻧ دﺧل ﻣﮭ ّﻣ ﺔ ﻓﮭ م اﻹﻧﺳ ﺎن و ﺗﻌرﯾﻔ ﮫ ﻟﻧﺳ ﻠّم ﻟ ﮫ ﺑﺎﻟﻌﻘ ل ﻛﻣﯾ زة و ﺑ ﺎﻟﻧّﻔس‬
‫ﻛﺧﺎﺻ ﯾّﺔ و ﺑ ﺎﻟوﻋﻲ ﻛﻣﻘ ّوم ھ ذا اﻟﺗّو ّﺟ ﮫ رﻓﻌ ﮫ أﻓﻼط ون ﻓ ﻲ ﻣﺣ ﺎورة " اﻟﻔﯾ دون " ﺗﻠ ك‬
‫اﻟﻣﺣ ﺎورة اﻟﺗ ﻲ ﺗ روي آﺧ ر ﻟﺣظ ﺎت ﺷ ﮭﯾد اﻟﻌﻘ ل ﻛﻣ ﺎ ﺻ ﻧﻔﺗﮫ اﻟﻔﻠﺳ ﻔﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾّ ﺔ و اﻟﺗ ﻲ‬
‫ﻛ ﺎن ﻓﯾﮭ ﺎ ﯾﻧﺗظ ر ﻣوﺗ ﺎ ﻟ م ﯾﺣ ﺎول ﺗﺟﻧّﺑ ﮫ ﺑ ل ﺷ ّرع ﻟﺗﻘﺑّﻠ ﮫ ﻛﻧﻌﻣ ﺔ ﺗﺣ ّرر اﻟ ﻧّﻔس ﻣ ن أدران‬
‫ﺷ رور و اﻷوھ ﺎم و ﻣ ن دوره ﻓ ﻲ اﻟرذاﺋ ل و‬ ‫اﻟﺟﺳ د و ﻣ ن اﻧدﻓﺎﻋ ﮫ ﻧﺣ و اﻟﻣﻠ ذّات و اﻟ ّ‬
‫اﻟزﯾ ف ‪ ,‬ھ ﻲ ﺻ ورة ﺗﻌ ود ﻟﻸﺻ ل ‪ ,‬ﻟﻌ ﺎﻟم اﻟﻣﺛ ل أﯾ ن ﻛﺎﻧ ت اﻟ ﻧّﻔس ﺗﻌ رف و ﺗﻌﻠ م ﻛ ّل‬ ‫ّ‬
‫اﻷﺷ ﯾﺎء و ھ ﻲ أﯾﺿ ﺎ ﺗوﺟﯾ ﮫ اﻟﺗّﮭﻣ ﺔ ﻟﻠﺟﺳ د اﻟ ذي ﻣ ﺎ إن اﻟﺗﺣﻣ ت ﺑ ﮫ اﻟ ﻧّﻔس ﺣﺗ ﻰ ﻧﺳ ﯾت‬
‫و ﺳ ﻘطت ﺗﺣ ت ﺳ ﻠطﺗﮫ و اﻟﺣﻛ ﯾم ھ و اﻟ ذي ﯾﺟﺎھ د و ﯾﺻ ﺎرع اﻟﺟﺳ د ‪" :‬اﻟﻣﻌرﻓ ﺔ ﺗ ذ ّﻛر‬
‫و اﻟﺟﮭ ل ﻧﺳ ﯾﺎن " ﻓﻔ ﻲ آﺧ ر ﻛﻠﻣﺎﺗ ﮫ ﻟﺗﻠﻣﯾ ذه " ﺳ ﯾﻣﯾﺎس " ﻓ ﻲ ﻣﺣ ﺎورة اﻟﻔﯾ دون ﯾﻛﺷ ف‬
‫ﺳ ﻘراط أن اﻟﺧﺿ وع ﻟﻠﺟﺳ د ھ و ﻣﺣﺎﺻ رة ﻟﻠ ﻧّﻔس و اﻟﻔﯾﻠﺳ وف اﻟﺣﻘﯾﻘ ﻲ ھ و اﻟ ذي‬
‫درب ﻋﻠ ﻰ اﻟﻣ وت ھ و اﻟ ذي ﯾﻌﻣ ل ﻋﻠ ﻰ اﻟﺗّﺣ رر ﻣ ن ﺛﻘ ل اﻟﻣ ﺎدة و ﻻ ﯾﺧﺿ ﻊ ﻷدران‬ ‫ﯾﺗ ّ‬
‫اﻟﺟﺳ د ﻓﺳ واء ﻋﻠ ﻰ اﻟﻣﺳ ﺗوى اﻟوﺟ ودي أو ﻛ ﺎن ﻋﻠ ﻰ اﻟﻣﺳ ﺗوى اﻟﻣﻌرﻓ ﻲ أو ﻋﻠ ﻰ‬
‫اﻟﻣﺳﺗوى اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻻ ﺑدّ أن ﻧﺳﻠّم ﻟﻠﻧّﻔس ﺑﺎﻷﻓﺿﻠﯾّﺔ‬

‫اﻟﺟﺳد‬ ‫اﻟﻧّﻔس‬

‫ﻣﻌرﻓﯾّﺎ ‪ :‬ﺧطﺄ‪-‬وھم‬ ‫ﻣﻌرﻓﯾّﺎ ‪ :‬ﺣﻘﯾﻘﺔ‬

‫ﺷر – رذﯾﻠﺔ‬
‫أﺧﻼﻗﯾّﺎ ‪ّ :‬‬ ‫أﺧﻼﻗﯾّﺎ ‪ :‬ﺧﯾر‪-‬ﻓﺿﯾﻠﺔ‬

‫وﺟودﯾّﺎ ‪ :‬ﻓﺎن – زاﺋل‬ ‫وﺟودﯾّﺎ‪ :‬ﺧﺎﻟد ‪ -‬أﺑدي‬

‫اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻛ ّل ھذا ﻟم ﯾﻌد اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻹﻧﺳﺎن ﺧﺎرج اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﻧّﻔس و ﺧﺎرج اﻋﺗﺑﺎر‬
‫أن ذﻟك اﻟﺟﺳد ﻣﺎ ھو إﻻّ آﺧر ﻋﻠﯾﻧﺎ ﺗﺟﻧّﺑﮫ و إﻗﺻﺎؤه‬
‫اﻟﻣﻘوم اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻺﻧﺳﺎﻧﻲ و ّ‬
‫ّ‬ ‫اﻟﺗّﻔﻛﯾر‬

‫دﯾﻛﺎرت‬

‫ﻟ م ﺗﻛ ن ﺻ ورة اﻟﺟﺳ د ﻗ ﺎدرة ﻋﻠ ﻰ اﻟﺗﺣ ّرر ﻣ ن ’رث ﺗ ﺎرﯾﺧﻲ ﻻ ﯾ رى ﻓﯾ ﮫ إﻻّ‬

‫آﺧ ر ﯾﺳ ﺗوﺟب اﻹﻗﺻ ﺎء و ﻟ ﺋن ﺗﻐ ّﯾ رت زواﯾ ﺎ اﻟﻧّظ ر ﻓ ﻲ اﻟﻘ رﻧﯾن ‪ -15‬و ‪16‬‬
‫ﺧﺻوﺻ ﺎ ﻣ ﻊ اﻟﺗّط ّور اﻟﻌﻠﻣ ﻲ اﻟﺣﺎﺻ ل و و ﻣ ﯾﻼد اﻟﻌﻘﻼﻧﯾّ ﺔ اﻟﺗّﺟرﯾﺑﯾّ ﺔ و ھﯾﻣﻧ ﺔ اﻟﻔﻛ ر‬
‫ﺻ ورة اﻟﻣﻘﺎﺑﻠ ﺔ ﻟﻸﻧ ﺎ و‬‫ﺈن وﺿ ﻊ اﻟﺟﺳ د ﺑﻘ ﻲ ﯾ راوح ﻣﻛﺎﻧ ﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑ ﺎره اﻟ ّ‬ ‫اﻟرﯾﺎﺿ ﻲ ﻓ ّ‬
‫ّ‬
‫ﺑﺎﻋﺗﺑ ﺎره ھﺎﻣﺷ ﺎ ﻻ ﯾﻌﺑّ ر ﻋ ن اﻹﻧّﯾ ﺔ و ﻟ ﺋن ﺗﺣ ّرر ﻣ ن ﺗ ﺄﺛﯾر اﻟﺗّﺻ ﻧﯾف اﻷﺧﻼﻗ ﻲ )‬
‫اﻷﻓﻼطوﻧﯾّ ﺔ ﺧﺻوﺻ ﺎ ( و وﺿ ﻊ اﻟﺗّﻣﯾﯾ ز ﺗﺣ ت ﻋﻧ ﺎوﯾن اﻟﺧﯾ ر و اﻟﺷ ّر – اﻟﻔﺿ ﯾﻠﺔ و‬
‫اﻟرذﯾﻠ ﺔ ‪ ....‬ﻟﯾﺻ ﺑﺢ اﻟﺗّﻣﯾﯾ ز ﻗﺎﺋﻣ ﺎ ﻋﻠ ﻰ اﻟﺗّﺟرﺑ ﺔ و ﻋﻠ ﻰ اﻹﺳ ﺗدﻻل ‪ .‬ﻛ ﺎن ذﻟ ك ﻣ ﻊ‬ ‫ّ‬
‫روﻧ ﻲ دﯾﻛ ﺎرت اﻟ ذي رﺳ م ﻣﻼﻣ ﺢ اﻹﻧﺳ ﺎن اﻟﺣ دﯾث و اﻟ ذي وﺿ ﻊ ﺻ ورة اﻹﻧﺳ ﺎن‬
‫اﻟﻣﻔ ّﻛ ر ﻣ ﻊ ظﮭ ور اﻟﻛوﺟﯾﺗ و ھ ذا اﻹﻛﺗﺷ ﺎف اﻟﺟدﯾ د اﻟ ذي أﻋ ﺎد إﻟﯾﻧ ﺎ ﺟﺳ دا ﺗﺳ ﻠب ﻣﻧ ﮫ‬
‫ﻛ ّل ﻗﯾﻣ ﺔ و ﻣظﮭ را ﻻ ﯾﺣﻣ ل إﻻ ﺧﺻ ﺎﺋص ﻣﺎدﯾّ ﺔ و ﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﯾّ ﺔ ﯾﺗﻌﺎﻣ ل ﻣﻌ ﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑ ﺎره‬
‫ﺟ وھرا ﻣﻣﺗ دا ﯾﻘ ﻊ ﺗﺣ ت ﺣﻛ م اﻟ وﻋﻲ و ﯾﺧﺿ ﻊ ﺗﺣ ت ﺳ ﻠطﺔ اﻷﻧ ﺎ ‪ ,‬أﻧ ﺎ ازدادت ﻗ ّوة و‬
‫ﻧرﺟﺳ ﯾّﺔ ﺗواﺟ ﮫ اﻟﺟﺳ د و ﻛﺄﻧّ ﮫ ﺗ ﺎﺑﻊ أو وﺳ ﯾﻠﺔ ﯾﻣﻛ ن اﻟ وﻋﻲ ﺑﺎﻟ ذّات دون ﺣﺿ وره‬
‫ﻧﺣ دس وﺟودﻧ ﺎ و ذاﺗﻧ ﺎ ﻣﺑﺎﺷ رة ﺧ ﺎرج وﺳ ﺎطﺗﮫ و ﻧﻔﺗ رض ﻋ دم وﺟ وده دون أن‬
‫ﯾ ؤﺛّر ذﻟ ك ﻋﻠ ﻰ ﻣﻌرﻓﺗﻧ ﺎ ﺑ ذاﺗﻧﺎ ﻓ ﺎﻟﻛوﺟﯾﺗو رﺳ م ﺣ دّ اﻟﻔﺻ ل ﺑ ﯾن اﻟ وﻋﻲ و اﻟﺟﺳ د و‬
‫ﺳ س ﻟﻣرﺣﻠ ﺔ ﻧﺗﺟﺎھ ل ﻓﯾﮭ ﺎ اﻟﺟﺳ د ﻟﻧﺳ ﺗﻌﯾد ﻣﻌرﻓﺗﻧ ﺎ ﺑ ذاﺗﻧﺎ ﻓﺎﻟﺷ ك ﻗ د ط ﺎل ﻛ ل ﺷ ﻲء‬
‫أ ّ‬
‫ﺗﻌطل ﻟﺣظﺔ ﻣواﺟﮭﺗﮫ ﻟذاﺗﮫ و ﻟﻔﻛره و ﻟوﻋﯾﮫ ‪.‬‬ ‫ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺟﺳد ﻟﻛﻧّﮫ ّ‬

‫ھﻛ ذا ﻟ م ﯾﻛ ن اﻟﺟﺳ د ﺳ وى ذﻟ ك اﻵﺧ ر اﻟ ذي ﻋﻠﯾﻧ ﺎ اﺳ ﺗﺑﻌﺎده و ﺗﺟﺎھﻠ ﮫ ﻣ ن‬

‫ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﻣﻌرﻓﺔ و اﻟوﺟود ‪.‬‬

‫اﻟﺟﺳد‬ ‫اﻟﻧّﻔس‬

‫ﺟوھر ﻣﻔﻛّر‬
‫ﺟوھر ﻣﻣﺗدّ‬
‫ﺗدرك ذاﺗﮭﺎ ﺑذاﺗﮭﺎ دون‬
‫آﻟﺔ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻘواﻧﯾن‬
‫وﺳﺎطﺔ‬
‫اﻟﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﺎ‬
‫ﻣرﻛز اﻟﻔﻛر و اﻹرادة‬
‫وﺳﯾﻠﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل اﻟﻧّﻔس‬

‫اﻟﺟﺳد ذﻟك اﻟﺷّرﯾك‬

‫ﻟ م ﯾﺑ ﻖ اﻟﺟﺳ د ﺳ ﺟﯾن اﻟﺗّو ّﺟ ﮫ اﻹﻗﺻ ﺎﺋﻲ ﺑ ل ﺑ دأت ﻣﻧ ذ اﻟﻘ رن ‪ 17‬ﻋﻣﻠﯾّ ﺔ ﻣراﺟﻌ ﺔ‬

‫ﺗ دﻋو إﻟ ﻰ إﻋ ﺎدة اﻟﻧّظ ر ﻓ ﻲ اﻟﺟﺳ د و ﺗﻛﺷ ف ﻣ ﺎ طﺎﻟ ﮫ ﻣ ن ﺣﯾ ف ﺣﺟ ب أﻣﺎﻣﻧ ﺎ ﻣﺳ ﺗطﺎع‬
‫اﻟﺟﺳ د و ﻟ م ﯾﺳ ﻣﺢ ﻟﻧ ﺎ أن ﺗﻔﮭ م ﺧﺻﺎﺋﺻ ﮫ دون أن ﻧﺧﺿ ﻊ ﻓ ﻲ ﻓﮭﻣﻧ ﺎ ﻟﺗ د ّﺧل اﻟ ﻧّﻔس‬
‫ﻟﻛ ن ﻓﯾﻠﺳ وف اﻣﺳ ﺗردام " ﺳ ﺑﯾﻧوزا " ّ‬
‫ﺣط م اﻟﻘﺎﻋ دة و وﺿ ﻊ اﻟﻣ وروث اﻟﻔﻠﺳ ﻔﻲ ﻣﺣ ّل‬
‫ﻣراﺟﻌ ﺔ و أﺣ دث ﺛ ورة ﺣ ّررت اﻹﻧﺳ ﺎن ﻣ ن ﺛﻘﺎﻟ ﺔ اﻟﻌﻘ ل وﺣ ده ﻟﯾ دﺧﻠﻧﺎ ﻋ ﺎﻟم‬
‫ﺳ ﺎﺑﻖ‬ ‫اﻟرﻏﺑ ﺔ و اﻟﻣﯾ وﻻت و اﻟ ّﻧ وازع اﻟﺗ ﻲ ﻛﺎﻧ ت ﻓ ﻲ اﻟ ّ‬ ‫اﻹﻧﻔﻌ ﺎﻻت و اﻷﺣﺎﺳ ﯾس و ّ‬
‫ﯾﻧظ ر إﻟﯾﮭ ﺎ ﻛﻣﻘﺎﺑ ل ﻟﻠﻔﻛ ر و ﻟﻺﻧﺳ ﺎﻧﻲ ﻓﺳ ﺑﯾﻧوزا أﻗﺣﻣﻧ ﺎ ﻋ واﻟم ﺟدﯾ دة ﺗﺣ ّررت ﻣ ن ﺗﺄﻟﯾ ﮫ‬
‫اﻹﻧﺳ ﺎن اﻟ ذي" ﻟ م ﯾﻌ د اﻣﺑراطورﯾ ﺔ داﺧ ل اﻣﺑراطورﯾّ ﺔ " ﺣﺳ ب ﻗوﻟ ﮫ و ﺣ ّﻣ ل اﻟﺟﺳ د‬
‫إن اﻟ ﻧّﻔس و اﻟﺟﺳ د ﺷ ﻲء واﺣ د " أي‬ ‫ﻣﺳ ؤوﻟﯾّﺔ ﺟدﯾ دة ﻣﺳ ؤوﻟﯾّﺔ ﺷ راﻛﺔ ﻣ ﻊ اﻟ ﻧّﻔس ‪ّ :‬‬
‫أﻧّﻧ ﺎ أﺻ ﺑﺣﻧﺎ أﻣ ﺎم وﺣ دة ﺗﺗﺟﻠّ ﻰ داﺧ ل ﻣﻠﻛ وت اﻟﻌﻘ ل ﻣ ن ﺧ ﻼل اﻟﻔﻛ ر و داﺧ ل ﻣﻠﻛ وت‬
‫اﻟطﺑﯾﻌ ﺔ ﻣ ن ﺧ ﻼل اﻹﻣﺗ داد و اﻟﻔﺻ ل اﻟ دّﯾﻛﺎرﺗﻲ ﯾﺗ رﻧّﺢ اﻵن أﻣ ﺎم ﺣﺣ ﺞ ﺗﻛﺷ ف ﻣ ﺎ‬ ‫ّ‬
‫ﯾﻣﻛ ن ﻟﻠﺟﺳ د أن ﯾﻔﻌﻠ ﮫ دون ﺗ د ّﺧل ﻣ ن اﻟ ﻧّﻔس ﻓﻣﺛ ﺎل اﻟﻧّ ﺎﺋم اﻟﻣﺎﺷ ﻲ و دور اﻟﺟﺳ د ﻓ ﻲ‬
‫اﻟﺗّﻔﻛﯾ ر ﻓﺗﺣ ت اﻟﺑ ﺎب أﻣ ﺎم ﻣراﺟﻌ ﺔ ﻟﻘﯾﻣ ﺔ اﻟﺟﺳ د اﻟ ذي ﻟ م ﯾﻌ د ﻏﯾرﯾّ ﺔ ﻧﻘﺻ ﯾﮭﺎ و ﻧﻌﻠ ن‬
‫دوﻧﯾّﺗﮭ ﺎ ﺑ ل ھ و إﻧّﯾّ ﺔ ﻻ ﺗﻔﮭ م ﻣﺎھﯾّ ﺔ اﻹﻧﺳ ﺎن إﻻّ ﻣ ن ﺧﻼﻟﮭ ﺎ و ّ‬
‫اﻟرﻏﺑ ﺔ اﻟﺗ ﻲ ﺗ ّم اﻋﺗﺑﺎرھ ﺎ‬
‫اﺳﺗﻧﻘﺎﺻ ﺎ ﻣ ن اﻹﻧﺳ ﺎﻧﻲ أﺻ ﺑﺣت ﻣﻌ ﮫ " ﻋ ﯾن ﻣﺎھﯾّ ﺔ اﻹﻧﺳ ﺎن " ﻟﻛﻧّﮭ ﺎ رﻏﺑ ﺔ واﻋﯾ ﺔ‬
‫ﯾﺗﺣرك داﺧل ﻓﺿﺎء اﻟوﻋﻲ ﻟﻛﻧّﮫ أف إﻟﯾﮫ اﻟﺟﺳد ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أن ﺳﺑﯾﻧوزا ﻣﺎزال‬ ‫ﺑذاﺗﮭﺎ أي ّ‬

‫اﻟﺟﺳد ذﻟك اﻟﺑدﯾل‬

‫ﻧ دﺧل ﻓ ﻲ اواﺧ ر اﻟﻘ رن ‪ 19‬ﻣ ﻊ ﻧﯾﺗﺷ ﮫ ﻣرﺣﻠ ﺔ ﺟدﯾ دة ﻣرﺣﻠ ﺔ اﻟﮭ دم و اﻟﻔﺿ ﺢ و‬
‫اﻟﻣرﺟﻌ ﺔ ھ دم ﻟﻣ وروث ﺳ ﺟﻧﻧﺎ داﺧ ل ﻣﻌ ﺎﯾﯾر اﻟﺧﯾ ر و اﻟﺷ ّر و أوﺛ ﺎن ﻗدّﺳ ﻧﺎھﺎ و ﺳ ﻠّﻣﻧﺎ‬
‫ﺑﻣﺷ روﻋﯾّﺗﮭﺎ اﻟﺗّﺎرﯾﺧﯾّ ﺔ ﻛﯾ ف ﻻ و ھ ﻲ ﺗﻌﺑ ّر ﻋ ن ﻋ ودة ﻟﻣ ﯾﻼد ﻓﻠﺳ ﻔﺔ اﻧزاﺣ ت ﻟﺳ ﻘراط‬
‫ﻛرﺳ ت ﺗﺻ ّورھم ﻟﻸﻧﺳ ﺎن و اﻟﻌ ﺎﻟم ﺗﺻ ّور ﺗﺧﻠّ ﻰ ﻋ ن اﻟﻣ ﺎدّة‬ ‫و اﻓﻼط ون و دﯾﻛ ﺎرت و ّ‬
‫و اﻟواﻗ ﻊ و اﻧﺑ رى ﯾﺑﺣ ث ﻓ ﻲ ﻋ ﺎﻟم ﻣﺗﻌ ﺎﻟﻲ ﻋ ن ﺣﻘ ﺎﺋﻖ ﻣﺗﻌﺎﻟﯾ ﺔ ﻋ ن ﻋﻘ ل ﺟ وھري ﯾﺳ م‬
‫ﺣﺳ ب ﻗوﻟ ﮫ ﻣ ﯾﻼد إﻧﺳ ﺎن ﻧظ ري إﻧﺳ ﺎن أﻗﺻ ﻲ ﻓﯾ ﮫ اﻟﺟﺳ د ﻟﯾرﺳ م ﻟﻧﻔﺳ ﮫ ﺻ ورة ﻣﺛﺎﻟﯾّ ﺔ‬
‫ﻟﻌﻘ ل ﯾﻔ ّﻛ ر و ﻟ م ﯾﻧﺗﺑ ﮫ ﻟﻠﻐراﺋ ز و ﻟﻠﺣﯾ ﺎة ﻓﻔﻠﺳ ﻔﺎت اﻟﻌﻘ ل ھ ﻲ ﻓﻠﺳ ﻔﺎت ﺗ دﻋو ﻟﺗﺟﺎھ ل‬
‫اﻟﺟﺳ د و ﺗﺑﻌﺛﻧ ﺎ إﻟ ﻰ ﻋ ﺎﻟم ﺳ ﯾطر ﻋﻠﯾ ﮫ اﻧﺣط ﺎط اﻟﻔﻛ ر و ﻏﻠ ب ﻋﻠﯾ ﮫ اﻟﺧ وف ﻣ ن‬
‫ﻣواﺟﮭ ﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘ ﺔ و اﻟﻌ ودة ﻟﺻ دق و ﻋﻔوﯾّ ﺔ طﻔوﻟ ﺔ اﻟ وﻋﻲ اﻟ ذي ﻟ م ﯾ ر إﻻّ اﻟﺟﺳ د‬
‫ﻛﻘﯾﻣ ﺔ و ﺗﻌﺑﯾ ر ﻋ ّﻣ ﺎ ھ و إﻧﺳ ﺎﻧﻲ ﻓﻌﻧ دﻣﺎ ﯾﻌﻠ ن ﻧﯾﺗﺷ ﮫ " أﻧّﻧ ﻲ ﺟﺳ د و ﻻ ﺷ ﻲء ﻏﯾ ر‬
‫اﻟﺟﺳ د ﻓﮭ و ﯾ دﻋوﻧﺎ إﻟ ﻰ ﺗﺟ ﺎوز اﻟﻌ ﺎﻟم اﻟﺑ ّراق ﺣﺳ ب ﻗوﻟ ﮫ اﻟﻣﻠ ﻲء ﺑﺎﻟﻣﺧﺎدﻋ ﺎت و‬
‫اﻷوھ ﺎم ّ‬
‫اﻟزاﺋﻔ ﺔ و اﻹﺳ ﺗﺋﻧﺎس ﺑﻔﻠﺳ ﻔﺎت اﻟﺣﻛﻣ ﺎء اﻟﻘ داﻣﻰ ﻓﻠﺳ ﻔﺎت اﻟﻣ ﺎدة و اﻟطﺑﯾﻌ ﺔ ﻣ ن‬
‫ط ﺎﻟﯾس اﻟ ﻰ ﺑروﺗ ﺎﻏوراس و اﻧﻛﺳ ﯾﻣﻧدر و ﻏورﺟﯾ ﺎس و ﻏﯾ رھم اﻟ ذﯾن ﻛ ﺎﻧوا ﺿ ﺣﯾّﺔ‬
‫ﻋطﻔﻧ ﺎ ﻋﻠ ﻰ ﺳ ﻘراط اﻟ ذي ﻣ ﺎت ﻷﻧﮭ م ﻓﺿ ﺣوه و ﻛﺷ ﻔوا ﻣﻐﺎﻟطﺎﺗ ﮫ و وﻗﻌﻧ ﺎ ﻓ ﻲ ﻓ ﺦ‬
‫ﺗﻛرﯾﻣ ﮫ ﻋﻧ دﻣﺎ اﺣﺗﻘرﻧ ﺎ اﻟﺟﺳ د و أﻋﻠﯾﻧ ﺎ اﻟﻌﻘ ل ﻓﻣ ﻊ ﻧﯾﺗﺷ ﮫ ﻧﻛ ون ﻗ د وﺿ ﻌﻧﺎ اﻟﺟﺳ د‬
‫ﻣوﺿﻊ اﻟﺑدﯾل اﻟذي ﺳﯾرث اﻟﻌﻘل و اﻟذي ﺳﯾﻛون اﻓﻖ اﺳﺗﻌﺎدة اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ‬
 ‫اﻟﺟﺳد ذﻟك اﻟوﺳﯾط‬

‫ﺗﻌﺗﺑر اﻟظﺎھراﺗﯾﺔ ﻣن أﺑرز اﻟﺗوﺟﮭﺎت اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة اﻟﺗﻲ ﺳﻌت إﻟﻰ إﯾﺟﺎد ﺗﺻور‬
‫ﻟﻠﺟﺳد ﺑرﺑطﮫ ﺑﺗﺟرﺑﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم أي ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ظﺎھرة ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠدرس وﺣﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻣﻌﻧﻰ‬
‫ﺑﻣﻌزل ﻋن اﻟﺗوﺟﮭﺎت اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺑط ﻓﯾﮭﺎ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ذﻟك ﻷن ﺣﺿور اﻹﻧﺳﺎن‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ھو ﺣﺿور ﻣﺗﺟﺳد ا واﻧﯾﺔ ﻣﺗﺟﺳدة و ھو اﻟوﺳﯾط ﺑﯾن اﻟوﻋﻲ و اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻼ‬
‫ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ دراﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟم ﺑدون ﺗوﺳط ﻟﻠﺟﺳد وﻻ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ دراﺳﺔ اﻟﺟﺳد ﺑﻔﺻﻠﮫ ﻋن ﻣﺑدأ اﻟوﻋﻲ‬
‫وﺑﻌزﻟﮫ ﻋن اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮫ و ﻋﻧدﻣﺎ ﺻﺎغ “إﯾدﻣوﻧد ھوﺳرل” ﻣﺑدا اﻟﻘﺻدﯾﺔ ﺗﺣت‬
‫إن ﻛل وﻋﻲ ھو وﻋﻲ ﺑﺷﻲء ﻣﺎ "ﻛﺎن ﯾﻌﻠن ان اﻟﻛوﺟﯾﺗو و ﻣﺎ ﯾﺣﻣﻠﮫ ﻣن ﺗﻌﺎﻟﻲ ﻻ‬ ‫ﺷﻌﺎر " ّ‬
‫ﯾﻘدم إﻻّ وﻋﯾﺎ اﺟوف ﻟﻛوﻧﮫ ﻻ ﯾﺗﺟﮫ ﻟﻠﻣواﺿﯾﻊ و ﻻ ّ‬
‫ﯾﻛون وﻋﯾﺎ ﺣﻘﯾﻘﯾّﺎ ﻓﺎﻟﻔﯾﻧﻣﻧوﻟوﺟﯾﺎ‬
‫ﺧﺻوﺻﺎ ﻣﻊ ﻣورﯾس ﻣﺎرﻟو ﺑوﻧﺗﻲ ﻓﺗﺣت أﻣﺎم اﻟوﻋﻲ أﻓﻖ اﻟﻌﺎﻟم و أﻟﺣﻘﺗﮫ ﺑﻌﺎﻟم اﻟظواھر‬
‫ﺳس اﻟوﻋﻲ ﻧﻔﺳﮫ ﻋﺑر ﺗﻠك اﻟوﺳﺎطﺔ‬ ‫ﻋﺑر اﻟﺟﺳد اﻟذي ﺳﯾﻛون ﻣؤﺳس ﻋﺎﻟم اﻟ ّظواھر و ﻣؤ ّ‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾرﺑط ﻣن ﺧﻼل اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺎﻟوﻋﻲ ﻓﺎﻷﻧﺎ أﻓﻛر ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮫ أن ﯾﻔﻛّر ﺣﻘّﺎ إﻻّ ﻋﺑر ﺣﺿور اﻟﺟﺳد‬
‫اﻟذي ھو ﯾﻣﺛﺎﺑﺔ ﺷﺎﺷﺔ أو ﻧﺎﻓذة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﺗﻧﻘل ﺻورھﺎ و ﺗﺻف دﻗﺎﺋﻘﮭﺎ و أي ﺧﻠل ﻓﯾﮫ‬
‫ﯾﺧﺗل اﻟﻌﺎﻟم و ﻣﻌرﻓﺗﻲ ﺑﮫ ﻓﻣﺎرﻟوﺑوﻧﺗﻲ ﯾﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﺟﺳد اﻟﻣوﺿوع اﻟذي ھو ﻣﺟﺎل‬
‫اﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺗﺑرات اﻟﺗﺷرﯾﺣﯾﺔ واﻟﺟﺳد اﻟﺧﺎص اﻟﻣﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ ﻣﻔﮭوم اﻟوﻋﻲ‬
‫اﻟذي ﯾﺟﻌل ﻣﻧﮫ ذاﺗﺎ ﻣﺗﺟﺳدة إن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻟﻠﺟﺳد وﻓﻖ ھذا اﻟﺗﺻور ھﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‬
‫اﻟﻣؤﻛدة ﻟﻠﺟﺳد اﻟﺧﺎص ﻛﺈﻧﯾﺔ ﻣﺗﺟﺳدة ﯾﻔﯾد اﻟﺟﺳد ﻓﻲ آن اﻟﻣوﺿوع اﻟذي ﯾﻣﻛن إدراﻛﮫ‬
‫وﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧدرك ﺑدوﻧﮫ‪ .‬ﻣن ﺟﮭﺔ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إدراﻛﮫ ﯾﻛون اﻟﺟﺳد ﺷﯾﺋﺎ ﻣن أﺷﯾﺎء اﻟﻌﺎﻟم‪،‬‬
‫أو ﻣوﺿوﻋﺎ ھو اﻟﺟﺳم أو اﻟﺟﺳد اﻟﻣوﺿوﻋﻲ‪ ،‬أ ّﻣﺎ ﻣن ﺟﮭﺔ ﺗﻣﻧّﻌﮫ ﻋن اﻻﺳﺗﻛﺷﺎف ﯾﻛون‬
‫اﻟﺟﺳد ھو اﻟذات أو ھو اﻹدراك ذاﺗﮫ‪ ،‬وھذا ھو اﻟﺟﺳد اﻟظﺎھراﺗﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺟﺳد داﺋﻣﺎ ﻣﻌﻲ‬
‫وﻟﯾس أﻣﺎﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺣدّ ﺗﻌﺑﯾر ﻣرﻟوﺑوﻧﺗﻲ‬
‫اﻟﺟﺳد اﻟظﺎھراﺗﻲ ھو اﻟﺟﺳد اﻟواﻗﻌﻲ اﻟذي ﻣن ﺧﻼﻟﮫ أدرك‪ ،‬واﻟذي ﺑﻔﺿﻠﮫ أﻛون ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم‪،‬‬
‫ﻣﺟرد ﻣﻔﮭوم‬
‫ّ‬ ‫أو ﯾﻔﻌل ﺑطرﯾﻘﺔ ﯾﻛون ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻲ ھﻧﺎك ﻋﺎﻟم‪ .‬أ ّﻣﺎ اﻟﺟﺳد اﻟﻣوﺿوع ﻓﮭو‬
‫‪.‬ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻲ‪ ،‬أو ھو ﺟﺳدي ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن رؤﯾﺗﮫ ﻓﻲ ﺟﺳد آﺧر‬
‫ان اﻟﺟﺳد ھو اﻟوﺳﯾط و اﻟﻣؤﺳس و اﻟﻣدرك ﻟﻠﻌﺎﻟم و ھو ﻣﺻدر اﻟدﻻﻟﺔ و اﻟﻣﻌﻧﻰ‪.‬‬