Professional Documents
Culture Documents
الملخص:
عرفت المنظومة التعليمية التعلمية المغربية منذ بداية أجرأة توصيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 2000
تحوالت هامة و خاصة على المستوى المنهجي في سياق المقاربة الجديدة التي اعتمدها إصالح نظام التربية والتكوين و التي
تم بمقتضاها إعادة تحديد مهام المدرسة ومكانة المتعلم .وفي هذا السياق تم تبني مناهج تربوية جديدة تعتمد على مدخل
الكفايات كمكون مهيكل لعملية تدريس مختلف المواد الدراسية ،ومن ضمنها مادة الجغرافيا باعتبارها من المواد التي تساهم
بدور كبير في التكوين الفكري والمدني للمتعلمين من خالل هيكلة تمثلهم للمجال وإدراكهم للحقوق والمسؤوليات مما قد
يساعدهم في حياتهم اليومية والشخصية والمهنية واالجتماعية.
و رغم الحضورالمتزايد للجغرافيا في الحياة المعاشة فان موقعها في المؤسسات التعليمية ال يعكس إشعاعها في الواقع
المعاش ،حيث ال زالت المادة تعاني من ضعف القبول ونفور أغلب التالميذ .و يرتبط ذلك إما بطرق تدريسها أو بطبيعة
مضامينها التي يغلب عليها الطابع المعرفي .فعلى مستوى الهوية يضل التمثل المهيمن على الرأي العام للمادة هو صفتها
الشمولية وارتباطها بالحفظ واالستظهار ،مما يجعلها عرضة لالنتقاد من قبل العديد من الفاعلين في الميدان التربوي .أما
بالنسبة للمنهاج المعتمد فيتمثل في كونها ظلت لمدة طويلة ذات صفة موسوعية بعيدة عن واقع واهتمامات المتعلمين.
لذلك نحاول من خالل هذا البحث بعث روح جديدة في تدريس المادة باالستفادة من تكنولوجيا التعليم والمعلومات في
التعليم الثانوي مع تحديد اآلفاق التي تفتحها دون إغفال المعوقات التي تحد استغاللها.
مفاتيح :التربية الجغرافية ،التعلم بالبحث ،الفكر المجالي ،المواطنة ،الجغرافيا اإلخبارية. كلمات
-Iمـــقــــــدمة
ارتبط تطور الفكر الجغرافي عادة بالتحوالت السياسية التي شهدها العالم ،ففي البلدان النامية مثال خلفت
المرحلة االستعمارية آثا ار عميقة على األوضاع االقتصادية واالجتماعية التي تدخل فيها المستعمر لخدمة أهدافه
االستراتيجية .و هكذا خلف االستعمار خصاصا عميقا على مستوى األنظمة التعليمية .و بعد المرحلة االستعمارية
عرفت المناهج التعليمية سلسلة من التحوالت و التغيرات بهدف بناء الدولة الوطنية و تحقيق التنمية .ومن أبرز
المواد التي عرفت التجديد والتغيير المواد االجتماعية و منها الجغرافيا سواء على مستوى المضامين أو ما يتعلق
بالجانب المنهجي.ورغم هذه التحوالت التي انعكست ايجابيا على منهجية تدريس المادة باالستفادة من تراكمات
البحث العلمي األكاديمي و التربوي ،فإنها ما زالت لم تتخلص بعد من العديد من السلبيات الموروثة يمكن إجمالها
فيما يلي:
ـ القيود التي ما تزال مفروضة على الجانب المنهجي و تمنع المدرس من المساهمة و االبتكار في العمل
الذي ينجزه ،ومن أهم معالم هذه القيود ضرورة االرتباط بالمقرر الدراسي الذي يرتبط بدوره بشكل التقويم.
190
مسالك التربية و التكوين ،املجلد 1العدد 199-190A(2018)1 عبد اللطيف اسبيرتو
ـ العالقة المتداخلة بين المنهاج و الكتب المدرسية التي ال تترك هامشا كافيا إلبداع المدرسين ،بل إن
الكتب المقررة حاليا تحدد حتى األهداف اإلجرائية و من تم اإليحاء بمسار انجازها.
-IIمشكلة الدراسة
االكراهات المرتبطة بتدريس الجغرافيا واقتراح بعض التدابير إلثرائها و تجديدها على المستوى المنهجي
-IIIأهمية الدراسة
تحاول الدراسة فتح آفاق جديدة للجغرافيا كمادة دراسية ،وتجديد التعريف بالكفايات المجالية ،والتي تساهم بدور
كبير في تحيين المعطيات الواردة في الكتب المدرسية ،وبالتالي تجويد الممارسة المهنية للتدريس.
-IVأهداف الدراسة
تهدف الدراسة المساهمة في تجديد تدريس مادة الجغرافيا بالتعليم الثانوي باالنفتاح على ما توفره التكنولوجيات
الحديثة و تقريب استعمالها لمختلف الفاعلين في تدريس المادة وخاصة بالتعليم الثانوي.
-Vالدراسات السابقة
*URKIDI (p) : ‘’ La géographie’’,fondationépistémologique etapplicationdidactique.
* MERENNE-SCHOUMAKER(B) : ‘’ Pour un renouveau de la didactique de la
géographie’’.
-VIمنهجية الدراسة
يعتمد تدريس الجغرافيا في المرحلة الثانوية عادة على الكتاب المدرسي كمصدر أساسي للمعرفة في كافة
مراحل العملية التعليمية ،في حين أن المعطيات و المفاهيم المتداولة في الكتب هي متغيرة باستمرار.
في البداية قمنا بعملية رصد و تتبع لإلنتاج البيبليوغرافي للعديد من المفاهيم الجديدة المرتبطة بالمعرفة
المجالية ،والتدريس المتجدد للجغرافيا مما مكننا من االطالع على العديد من التحديات اآلنية للثقافة و التربية
الجغرافية سواء على المستوى الوطني أو العالمي .و في مرحلة ثانية حاولنا إبراز دور الثورة التكنولوجية الحديثة
و أهمية االستفادة منها في تدريس الجغرافيا و خاصة منها ما يتعلق باإلعالم الجغرافي وتمثيل وبرمجة الخرائط
و المعطيات الرقمية.
-VIIنتائج الدراسة
المساهمة في تجويد الم قاربات وتحسين التعلمات عن طريق فتح آفاق جديدة للجغرافيا كمادة دراسية،
وتجديد التعريف بالكفايات المجالية ،والتي تساهم بدور كبير في تحيين المعطيات الواردة في الكتب المدرسية،
وبالتالي تجويد الممارسة المهنية للتدريس.
-VIIIخالصات وتوصيات
نقترح ضرورة استقالل الج غرافيا بنفسها كعلم لمواجهة التحديات الكبرى و العديد من المشاكل التي تهدد
اليوم حياة اإلنسان و هي في أغلبها ذات بعد مجالي.
191
مسالك التربية و التكوين ،املجلد 1العدد 199-190A(2018)1 عبد اللطيف اسبيرتو
شكلت وثيقة الميثاق الوطني للتربية و التكوين و الكتاب األبيض أهم منطلقات إصالح المنظومة التربوية منذ
مطلع القرن 21و المرجعين األساسيين لوضع البرامج الحالية المتبعة في تدريس االجتماعيات بالتعليم الثانوي و
التي تقوم على نموذج متمحور حول التلميذ باعتباره الفاعل الحقيقي في العملية التعليمية .فعلى عكس األشكال
التقليدية للتعليم القائمة على التفسير الشفوي ( )2014،De miguelالتي كانت تعتبر التلميذ مجرد مستقبل
للمحتوى ال يتدخل في تفاعالت األنشطة ،أصبح من المفروض في ظل التعليم النشيط أن يساهم بكيفية فعالة في
مختلف مراحل إنجاز درس الجغرافيا التي أضحت تساهم بفعالية في إعداد التلميذ لمواجهة تحديات القرن 21
بإكسابه للكفايات المجالية والتربية على القيم خاصة أن التربية النشيطة للجغرافيا تسمح بتفسير متعدد األبعاد.
من جهة أخرى ،تساهم الطريقة النشيطة في تحريك التلميذ ودفعه نحو االهتمام بوضعيته الخاصة ووضعية
المجتمع الذي يعيش فيه لفهم باقي العالم ،ومن هنا فهي تبعث بروح االستقاللية لديه ودفعه إلى االستكشاف.
وفي هذا اإلطار حدد soutoفي كتابه''ديداكتيك الجغرافيا) )1998،''soutoثالثة أنواع من األهداف التي
يمكن اكتسابها في حالة تعلم الجغرافيا بالطرق النشيطة :فهم واضح للمعلومة المكتسبة ،تنظيم جيد لطريقة العمل،
و تقديم المعلومة الجغرافية وفق حاجيات التعلم .وخالل عملية اإلنجاز تلعب الخرائط والمعطيات اإلحصائية دو ار
أساسيا سواء كدعامات الكتشاف المعلومات المساعدة على بناء الدرس أو كمهارات يكتسبها التلميذ فتصبح وسيلة
للتعبير عن التواصل الجغرافي .فالتالميذ في وقتنا الحاضر يمكنهم العمل بالخرائط الرقمية ونظم المعلومات
الجغرافية التي تمكنهم مثال من تحميل معطيات السكان واألنشطة االقتصادية .من جهته ،يعتقد comes
( ) 1998أن التالميذ يمكنهم تنمية ثالث كفايات أساسية من خالل التعلم النشيط للجغرافيا :ضبط المفاهيم
المرتبطة بالمجال ،ضبط االتجاه داخل المجال ،وتمثيل األشكال الجغرافية بواسطة لغة الخريطة بما في ذلك
االنفتاح على أنظمة المعلومات الجغرافية.
خالل السنوات األخيرة حدث انفجار في المصادر الجديدة المرتبطة باإلعالم الجغرافي ،وشمل ذلك على
وجه الخصوص ظهور برامج الخرائط الرقمية و نظم المعلومات الجغرافية .وقد ساهم في تزايد تأثير هذه التحوالت
االنتشار الكبير للهواتف الذكية واللوحات الرقمية ،باإلضافة إلى دور الشبكات االجتماعية(فايسبوك ،تويتر،)...،
حيث أضحت هاته الوسائل التواصلية الناقلة للمعطيات الجغرافية تخترق البيوت بل هي مصاحبة لتالميذ مستوى
التعليم الثانوي أينما حلوا و ارتحلوا ،مما أحدث ثورة في الوسائل والتقنيات المستعملة في تعليم وتعلم الجغرافيا.
إن االست عمال البيداغوجي لهذه الوسائل أضحى بحكم التحول المشار إليه سابقا ال غنى عنه في قاعات
الدرس بهدف تنويع وتنمية أشكال العمل الديداكتيكي داخل العملية التعليمية القائمة على الطرق النشيطة للرفع من
حركية التلميذ و إكسابه المزيد من الثقة في نفسه.
من جهة أخرى ،يعتبر اإلعالم الجغرافي احد الجسور األساسية إلكساب المتعلم كفايات التعلم من أجل
التعلم ،فدراسة الخريطة مثال وفق المقاربة الجغرافية يؤدي مباشرة إلى معالجة المعلومة و اكتساب التالميذ للكفاية
الرقمية .وفي هذا اإلطار تضمن اإلعالن العالمي للتربية الجغرافية الذي تمت صياغته من قبل لجنة التربية
192
مسالك التربية و التكوين ،املجلد 1العدد 199-190A(2018)1 عبد اللطيف اسبيرتو
الجغرافية لالتحاد العالمي للجغرافيا سنة 1992تأكيدا على ضرورة تسهيل ولوج التالميذ للمعارف و الكفايات
والقيم األصيلة .كما لم يغفل اإلعالن أهمية مساهمة التربية الجغرافية في تلطيف أجواء الصراع االجتماعي و
تلطيف حدة المنافسة على استغال ل الموارد الطبيعية باإلضافة إلى تعلم الكفايات الثقافية والشخصية .ومن أهم
الوسائل المعتمدة في ذلك مختلف التقنيات المرتبطة بالتعلم عن طريق االستكشاف ،و التي تسهل عملية تحليل
الخبر سواء عن طريق التمثيل المبياني أو الخرائط.
و من بين الخالصات التي يمكن استنتاجها من خالل استقراء معطيات اإلعالن العالمي المشار إليه
سالفا هو ربطه المباشر منذ أكثر من ربع قرن بين التعليم النشيط و التكوين في الكفايات أثناء انجاز الخريطة
بطريقة يدوية ألن الخرائط الرقمية والجغرافية المعلوماتية كانت آنذاك ما تزال في بدايتها.
في فنلند ا التي تعتبر تجربتها التعليمية رائدة على المستوى العالمي وضع منهاح الجغرافيا المدرسية وفق
مقاربة بنائية .و يتميز هذا المنهاج بتبوء اإلعالم الجغرافي دو ار محوريا من أبرز معالمه :تنمية قدرات التلميذ
على مستوى المواطنة المجالية ،و التنمية المستدامة ،والهوية الثقافية.1
في الواليات المتحدة األمريكية ،أصدر المجلس الوطني للتربية الجغرافية تقريرين سنتي 2012و2013
( 3)2013 ، al et Edelson( 2) 2012،Downs et Haffronحول استعمال اإلعالم الجغرافي .و نظم
المعلومات الجغرافية .SIGو من أهم الخالصات التي يمكن استنتاجها من التقريرين هو أن استعمال هذه
الوسائل الحديثة يكسب المتعلم كفايات متنوعة أهمها :الفكر المجالي النقدي ،أوليات في تحمل المسؤولية
الشخصية ،حل المشكالت .و لذلك أكد التقريران على أهمية استعمال التالميذ للتكنولوجيات الجغرافية المجالية
سواء داخل الفصل أو خارجه بهدف تنمية فهم المجال وتحسين شروط إنتاج ،تحليل ،وتقاسم المعلومات
الجغرافية.
1
- “ Identité et territoire dans la compréhension de l'Union Européenne:différences
nationales entre les étudiants " Pereira, J. et Sánchez, M. 2013. Innovation enseignant dans l'enseignement de la
géographie devant les défis sociaux et territoriaux,Zaragoza: institution Fernando el Católico, pp. 383-400.
2
-“Gèographie pour la vie: géographie nationale standards" (2ª ed.). Heffron, S. et Downs, R. (eds.) 2012.
Washington, DC : Conseil national de l'enseignement de la géographie.
3
-“ L'apprentissage participatif de la durabilité par le biais de L’urbanisme " De Miguel, R. 2012. Éduquer à la
participation à l'enseignement des sciences sociales, pp. 187-195 (Vol. II).
193
مسالك التربية و التكوين ،املجلد 1العدد 199-190A(2018)1 عبد اللطيف اسبيرتو
في الواليات المتحدة األمريكية حددت وثيقة التوجيهات لسنة 1994منهجا لتعليم الجغرافيا باالستكشاف
في خمسة أنشطة :طلب المعلومة الجغرافية ،اكتساب المعلومة الجغرافية ،تنظيم المعلومة الجغرافية ،تحليل
المعلومة الجغرافية ،والرد على المعلومة الجغرافية ،وهي أنشطة تعرضت للتغيير تدريجيا من قبل ( Kerski
4
الذي أعاد تشكيل النموذج بإدماج التعلم باالستكشاف عن طريق استخدام اإلعالم الجغرافي و .2011ص)5
ذلك ضمن أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في فبراير (2011شكل رقم .)1
شكل رقم :1نموذج تعلم الجغرافيا باالستكشاف باستعمال نظم المعلومات الجغرافية
.المصدر)2011(kerski :
و من بين األعمال األخرى التي اعترفت باإلضافة النوعية الستعمال اإلعالم الجغرافي لبلوغ تعلم مستقل
Michelو ) Hof(2013حيث بلور الباحثان نموذجا يقوم على ثالثة للتلميذ البحث الذي أنجزه كل من
مسـارات :5مفهوميــة المجال ،تقديـ ــم المجــال وتحليل المجال .أما (2004) Berdnarz 6فحدد الترابطات القائمة
بين مختلف المسارات من أجل تعلم الجغرافيا واتجاهها المعرفي الذي تم تطويره بواسطة اإلعالم الجغرافي ،ليصل
إلى خالصة مفادها أن استعمال التكنولوجيات الحديثة لإلعالم الجغرافي يعتبر مرحلة أساسية لفهم تعقد المجال
الجغرافي الحالي و المجتمعات المعاصرة.
4
- “Le somnambulisme dans l'avenir - le cas pour l'analyse spatiale àttravers
l'éducation" Kerski, J. 2011. (éd.), l'apprentissageavec GI .2011. Berlín : Wichmann Verlag, pp. 2-11.
5
-“La promotion de la réflexion et de l'apprentissage spatial avec le mobile d'excursions sur le terrain ", Michel,
)E et Hof, A. 2013, en Jekel, T, Voiture, A., Strobl, J.,y, Griesebner G. (dir.
6
- “Les systèmes d'information géographique : un outil d'aide à la géographie et l'éducation à
l'environnement ?".Bednarz, S. 2004. GeoJournal nº 60, pp. 191-199.
194
مسالك التربية و التكوين ،املجلد 1العدد 199-190A(2018)1 عبد اللطيف اسبيرتو
الدائري واستعمال الدعام ات الحديثة لإلعالم الجغرافي التي تجلب انتباه التلميذ ،و االعتماد على المصادر المرئية
و الحركية التي تجعل من الجغرافيا أكثر قبوال.
في نفس اإلطار استنتجت بعض األبحاث الجماعية ) 7)2014،Donert et De Miguelأن استخدام
الدعائم الحديثة في تدريس الجغرافيا و خاصة منها نظم المعلومات الجغرافية يساهم بدوره في إنجاح استعمال
األساليب الحيوية عن طريق دعم الطرق النشيطة ،التعلم المستقل ،و النقد البناء ،...أي أنه يؤدي مباشرة إلى
إدخال التجديد في تدريس وتعليم الجغرافيا .وبذلك يصبح التلميذ هو الفاعل المحوري في العملية التعليمية بما في
ذلك القيام بعملية التصحيح بنفسه .كما أن تنويع التقنيات المتبعة في العملية التعليمية قد يساعد التلميذ على فهم
تعقيدات المجتمع الذي يعيش فيه وتقويم أثر األنشطة البشرية على المجال الذي يعيش فيه .وينبغي هنا استغالل
الولوج السهل للتالميذ إلى األنترني ت سواء داخل المؤسسات التعليمية أو خارجها لخدمة األهداف النوعية المراد
بلوغها خاصة عندما تكون بعض نظم المعلومات الجغرافية متوفرة على الشبكة العنكبوتية.فبالنسبة ألغلب
الباحثين)(2007.Boix et Olivell 8فنظم المعلومات الجغرافية هي أنشطة ذات أبعاد تربوية هامة ألنها تساهم
في إصالح المناهج التربوية والبرامج التعليمية ،وتسمح كذلك بتعلم متزامن لألستاذ والتلميذ عن طريق تنمية
البحث في التربية كوسيلة للتعلم ،مع تنمية القدرة على ولوج مصادر المعلومات وطريقة معالجتها ،مما يرفع من
قيمة العمل النشيط والمستقل للتلميذ من جهة ،وتشجيع العمل التعاوني مع أقرانه من جهة أخرى كذلك.
وبصفة عامة ،يمكن القول أننا نوجد أمام مفترق طرق يجبرنا على االختيار بين مقاربتين :دعم الرتابة
المدرسية في تدريس الجغرافيا بالتعليم الثانوي ،أو العمل على تنمية الطرق النشيطة باستعمال تكنولوجيا
المعلومات الجغرافية التي تسمح بعملية التجديد التربوي المتميزة بعدة خصائص ايجابية كما يظهر من خالل
الشكل الموالي:
شكل رقم :2خصائص التعلم باالستكشاف باستعمال تكنولوجيا اإلعالم الجغرافي
متنوعة ذات وظيفية
دائمة مفهومة
متغيرة تخدم السياق
مندمجة تواصلية
تضبط الترابطات بين حصرية
المواد
إن طبيعة المعطيات المرئية التي تقوم على اإلعالم الجغرافي اعتبرت تجديدا للمعرفة المجالية ،حيث إن
التلميذ من خاللها ال يقتصر دوره فقط على توطين الظواهر الجغرافية ،ولكنه يصبح قاد ار على اإلبداع و
المساهمة بنفسه في إعادة إنتاج المعلومة الجغرافية .كما يمكن لهذا المبدأ األساسي في التعلم أن يفرز نتائج
7
- “Géographie d'innovation en apprentissage.de nouveaux défis pour le xxie siècle", De Miguel R.et Donert,
K.(eds.) 2014, Cambridge Scholars Publishing..p. 239.
8
- “Les systèmes d'information géographique (SIG) appliqués à l'éducation“.Boix, G. et Olivella, R. 2007
(Portail éducatif dans les SIG).
195
مسالك التربية و التكوين ،املجلد 1العدد 199-190A(2018)1 عبد اللطيف اسبيرتو
أخرى إيجابية مثل تسهيل مراحل بناء المعرفة بالنسبة للتلميذ وانتشاء هذا األخير بالمضامين الجغرافية التي ساهم
في بلورتها.
من جهة أخرى ،فإذا سلمنا بأنه من المفيد تربويا أن يكون التلميذ قاد ار على معالجة معارفه الجغرافية
ا لشخصية ،وفي نفس الوقت فهم المعطيات المجالية فان ذلك يؤسس ال محالة لثورة حقيقية في علم الخرائط
بتجاوز األساليب التقليدية ،فمثال موقع غوغل ايرث Google Earthصمم ليكون المتصفح أكثر فهما
لخصائص الوحدات التضاريسية ،كما توجد كذلك برامج أخرى (مثل) Iberpixتقدم نماذج رقمية لألرض تسمح
بفهم جيد لكل مجال جغرافي عبر الضوء.
شكل رقم :3تمثيل رقمي لمقطع تضاريسي من جبال البيريني (البرانس)
196
مسالك التربية و التكوين ،املجلد 1العدد 199-190A(2018)1 عبد اللطيف اسبيرتو
إن التكنولوجيات الجديدة لإلعالم الجغرافي ليست شكال من أشكال الموضة ،بل ينبغي اعتبارها من الناحية
التربوية مثل تجديد البرامج الدراسية ،ألن التربية تعتبر كمسار إلدماج الفرد داخل المجتمع ،وبالتالي ينبغي أن
تتالئم مع الثقافة التي أفرزتها.
نستنتج مما سبق أن اإلعالم الجغرافي الذي ما فتئت معطياته تعرف انتشا ار متزايدا يمكن أن يساهم في
تقدم علم الجغرافيا عن طريق ابتكار المعارف الجغرافية بالتعاون بين مختلف أطراف العملية التعليمية ،فهناك عدة
أبحاث جديدة أشارت إلى أن 80%من المراهقين يستعملون الشبكات االجتماعية بما في ذلك التطبيقات المرتبطة
بالهواتف النقالة .ويبدو أن هاته المعلومات الجغرافية التي يتم تقاسمها يمكن اعتمادها في تنمية المشاريع و
األنشطة التي تقوم على التعلم باالستكشاف كمضامين جغرافية للتعلم .وفي نفس الوقت يمكنها إثراء أوساط التعلم
وتوسيع آفاق التلميذ خاصة عندما يتم ربطه بتجارب أخرى لتالميذ في مؤسسات ومراكز تربوية لها نفس
االهتمامات.
من جهة أخرى ،يمك ن القول إن اإلعالم الجغرافي هو وحده القادر على تمرير بعض المضامين الجغرافية
التي من الصعب تدريسها بدعامات تقليدية ،فخصوصية المعرفة يتم إنتاجها بأكثر من صيغة وحيدة ،ألن تحيين
المضامين يتم أساسا عن طريق قنوات الكتب المدرسية وباقي الدعامات الديداكتيكية ،أما جغرافية اإلعالم فتعمل
على جعلها مواكبة للحاضر ،فعن طريق خرائط المواقع االلكترونية ،والصحافة الرقمية أو مواقع التواصل
االجتماعي يمكن الحصول على معطيات آنية يتم نشرها تهم الكوارث الطبيعية و البيئية أو تطور أثمان العقارات
أو نسب البطالة.
إن اإلعالم الجغرافي ي عطي األولوية لحركية التلميذ ودوره في التحوالت المجالية باستعمال المصادر
الرقمية ،حيث يمكنه القيام بالتوطين و التحليل الجغرافي محليا باستعمال وسائل اإلبحار في االنترنيت ،وفي نفس
الوقت مناقشة المعطيات الجغرافية التي يقترحها األستاذ .هذا باإلضافة إلى أن اإلعالم الجغرافي يخفض إلى الحد
األدنى المخاطر الناتجة عن التعلم الذي يركز أساسا على الشرح والوصف و هي أساليب ثبت أن التلميذ في
مستوى التعليم الثانوي يجد صعوبة في استيعاب نتائجها.
إن التنوع هو قيمة مضافة أخرى لإلعالم الجغرافي ،ألنه يرتبط بمعطيات جغرافية متنوعة (مصادر،
تكنولوجيا ،)...،باإلضافة طبعا إلى بنية المؤسسة و اإلمكانيات التي توفرها تكنولوجيا اإلعالم الجغرافي ()TIG
مما يسهل عملية فهم المجال الجغرافي في طبيعته المعقدة نتيجة تعدد العناصر المتدخلة في إنتاجه ،كما يسمح
اإلعالم الجغرافي بتنويع المقاربات في نفس النطاق الترابي :تاريخية ،ثقافية ،اقتصادية ...و من تم يسمح للتالميذ
باكتساب إدماج البعد االجتماعي في دراسة المجال و ربطه بباقي تخصصات العلوم االجتماعية( تاريخ ،علم
االجتماع ،علم النفس.) ...،
إن الجغرافيا هي علم للحياة ،ألن المجال عنصر مالزم للكائن البشري .و لذلك ،فتدريسه بواسطة الدعائم
الكرطوغرافية الرقمية يتالئم جيدا مع التعلم مدى الحياة عوض جغرافيا تعتمد على الحفظ الذي يتم نسيان أغلب
مكتسباته مع مرور السنين .و هكذا ،فان تنمية الشعور بالمنافسة في إطار المواطنة المجالية قد يساهم في إعداد
التلميذ لحياة ال ارشدين بجميع مظاهرها ،بتحكمه في التكنولوجيات التي يمكن أن تساعده مستقبال في حياته اليومية
197
مسالك التربية و التكوين ،املجلد 1العدد 199-190A(2018)1 عبد اللطيف اسبيرتو
أو في عمله لتقاسم المعلومات الجغرافية الرقمية ،ولكن كذلك إلكسابه قيما تحمل المسؤولية والمواطنة النشيطة و
التي تترجم كسلوكات ايجابية اتجاه المجال.
يتضح مما سبق أن التعلم ينبغي أن يتميز باالستم اررية ،ليس فقط من خالل التطور السريع للتكنولوجيات
الحديثة ،ولكن بالطبيعة الدينامية للمجال الجغرافي .فالمصادر التي تدخل ضمن ما يعرف بوسائل التواصل
الجغرافي ( )geomediaتسمح بفهم أفضل للبيئات التي تعرف تحوالت متتالية نتيجة التغيرات المناخية والتحوالت
الترابية التي تعرفها المرفلوجية الحضرية وكذا البنيات االقتصادية و الديمغرافية .وعلى خالف المصادر العادية
المستعملة في ديداكتيك الجغرافيا ،يسمح اإلعالم الجغرافي للتلميذ بنفسه بتكوين بنك من الوثائق الديداكتيكية ،أي
بناء تعلمه الذاتي انطالقا من جغرافية شخصية ألن المصادر الرقمية قابلة أن تتحول إلى معطيات خاصة (مثال
خزانة للخرائط على النيت) قابلة للتعديل تبعا للتعلم باالستكشاف .وهكذا فإدماج الوسائل الديداكتيكية األساسية في
الجغرافيا(الخرائطية ،اإلحصاء ،النصوص )...،يمكن القيام به باستخدام التكنولوجيات الحديثة لإلعالم الجغرافي،
حيث تسمح الخريطة الرقمية بانجاز العديد من التطبيقات سواء على مستوى النص أو الصورة.
في المملكة المتحدة ،وعلى هامش النقاش الذي جرى خالل السنوات األخيرة حول إصالح البرامج الدراسية،
برزت للوجود مالحظة هامة مفادها انه في إطار المرونة التي يتميز بها نظام التعليم في المستوى الثانوي حيث
يساهم التالميذ في اختيار المواد الدراسية وفق ميوالتهم لوحظ ارتفاع ملموس لهؤالء على دراسة الجغرافيا منذ
دخول تكنولوجيا اإلعالم الجغرافية ( )TIGبالتزامن مع نهج مقاربة التعلم باالستكشاف.
خاتمـــــة:
تشكل التكنولوجيات الحديثة لإلعالم الجغرافي فرصة حقيقية لتجديد ديداكتيك وتعلم الجغرافيا ،اذ توصلت
التحاليل التي أجريت على المنهاج الخاص بالمادة في العديد من البلدان األوربية إلى خالصة مفادها أن تدريس
الجغرافيا الوصفية في طريقه إلى األفول ليحل محله تعليم لل مادة وفق مقاربة شمولية قوامها التفسير والتحليل و
اقتراح التدابير .كما أكدت الدراسات على االرتباط الوثيق بين التعلم باالستكشاف و التعليم النشيط في الجغرافيا
من جهة و استخدام وسائل اإلعالم الجغرافي من جهة ثانية.
إن كل االيجابيات المشار إليها سالفا (التعليم النشيط ،التكوين بالكفايات)تصب في اتجاه وحيد يؤدي إلى
"ترقية التجديد التربوي" ( ) 2012 . aletMirallesإذ يؤكد هذان الباحثان أن التجديد ممكن عندما يكون التغيير
يتميز باإلبداع ،وبدون شك فتنمية اإلبداع المجالي هي من االهتمامات البارزة التي تشغل األبحاث العلمية حول
التعليم النشيط للجغرافيا بواسطة تكنولوجيا اإلعالم الجغرافي.
المــــــــــــــراجـــــــــــــــع:
بالعربية:
-تقرير المجلس األعلى للتعليم(" ،)2008نظرة عامة عن الحالة الراهنة للمدرسة المغربية" ،مجلة علوم التربية ،العدد
الثامن والثالثون.
ـــ حسن جعفر الخليفة (" :)2003المنهج المدرسي المعاصر المفهوم .األسس .المكونات .التنظيمات" ،الرياض ،مكتبة
الرشد ناشرون.
ــ شرقي رحيمة وبوساحة نجاة(" :)2011بيداغوجية المقاربة بالكفاءات في الممارسة التعليمية" ،مجلة العلوم اإلنسانية
واالجتماعية ،العدد ،4عدد خاص ملتقى التكوين بالكفايات في التربية.
198
199-190A(2018)1 العدد1 املجلد،مسالك التربية و التكوين عبد اللطيف اسبيرتو
ترجمة صالح عبدالمجيد العربي و فخر،""اختيار الوسائل التعليمية واستخدامها وفق مدخل النظم:ج.أ،ــ روميسوفسكي
.الكويت، المنظمة العربية للتربية والثقافة،الدين القال
. دار األمان، الطبعة األولى،" "طرائق تدريس الجغرافيا:)1996(ــ صباح محمود وآخرون
.91 العدد، مجلة المعرفة، " التعليم اإللكتروني تحد جديد للتربويين:)2002(ـــ مارتين تساشيل
"االنفتاح البيداغوجي على العلوم اإلنسانية وإشكالية التكييف من أجل مقاربة بيداغوجية:) 2009(ــمحمد احساين
. أبريل،7 /6 العدد، مجلة تربيتنا،"تشتغل على الكفايات
. دار المناهج،عمان،" "أساسيات التدريس ومهاراته وطرقه العامة:)2001( ــ فؤاد حسن الهيجاء
:بالفرنسية
Arnold Clausse. 1976."les problèmes pédagogiques aujourd’hui."in Pédagogie,
éducation ou mise en condition , Edition, Maspero , Paris , ,P47.
Darch. J ,1987. "Crise de la géographie" , in, la pensée, Out, p194.
De Miguel R. y Donert, K. (eds.) 2014. Géographie d'apprentissage innovants en
Europe. De nouveaux défis pour le xxie siècle, Newcastle-upon-Tyne : publication
ScholarsCambridge.
Lacasse, M. et Barma, S" 2012. Intégrer l’éducation technologique à l’éducation
scientifique : pertinence pour les élèves et impacts sur les pratiques d’enseignants".
Revue canadienne de l’éducation 35, p. 155-191.
Peinchemel, PH. 1958."la géographie et l’enseignement ", cahiers pédagogiques pour
l’enseignement du second degré , 13e année, n°4.
Souto, X. 1998. :"Didactique de la géographie. Problèmes sociaux et de connaissance
de l'environnement". Barcelone: Serbal.
-“ Les difficultés des pratiques pédagogiques d'innovation éducative et des suggestions
pour son développement”,Miralles, P. et al. 2012.Revue électronique interuniversitaire
de formation des enseignants, 15 (1), 19-26.
“Didactique de la géographie. Problèmes sociaux et de connaissance de l'environnement".Souto, X.
1998. Barcelone: Serbal.
“L'espace dans l'enseignement des sciences sociales" Trepat, C. et Comes, P. Le temps et l'espace dans
l'enseignement des sciences sociales.Comes, P. 1998. Barcelone: Graó, pp. 123-190.
199