You are on page 1of 168

‫ﺩﻟﻴﻞ‬

‫ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤ ّﻲ‬

‫ﻗﺴﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ﻭﺁﺩﺍﺑﻬﺎ‬

‫ﺗﻨﺴﻴﻖ‪ :‬ﺩ‪ .‬ﻣﻬﻰ ﺟﺮﺟﻮﺭ‬


‫ﺗـﺤﺮﻳـﺮ‪ :‬ﺩ‪ .‬ﺟﻮﺯﻑ ﻟ ّ ُﺒﺲ‬

‫‪٢٠٢٠‬‬
‫العنوان‪ :‬دليل مناهج البحث العلمي‬
‫ّ‬
‫تنسيق‪ :‬د‪ .‬مهى جرجور‬
‫تـحريـر‪ :‬د‪ .‬جوزف ل ُّبس‬
‫الصفحات‪ 168 :‬ص‬
‫القياس‪٢٩.٧ x ٢1 :‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫اإلنسانية‬
‫ّ‬ ‫لكل ّّية اآلداب والعلوم‬
‫اللبنانية‬
‫ّ‬ ‫الجامعة‬
‫الطبعة‪ :‬األولى‪٢٠٢٠ ،‬‬

‫إخراج وطباعة‪:‬‬
‫بصاليم ‪٠4-8٠8٩٩٠ -‬‬
‫الفهرس‬

‫تقديم ‪4 ..........................................................................................................‬‬
‫مق ّد مة ‪6 ...........................................................................................................‬‬
‫األسلوبية ‪9 .....................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫البنيوية ‪17 .....................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫التأويل ‪23 ......................................................................................................‬‬
‫وسيميائية القراءة (ريكور وإيكو)‪24 .............................................‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬التأويل‬
‫ونظرية التل ّقي والقراءة (ياوس وإيزر) ‪34 ......................................‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬التأويل‬
‫األدبي ‪42 .........................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫النفسي‬
‫ّ‬ ‫التحليل‬
‫التفكيكية (دريدا) ‪48 ..................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫السرديات ‪56 ................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫البنيوية ‪57 ..................................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫السردية‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫السردية ‪65 ..............................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫السيميائي (لوتمان)‪72 ...................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الفضاء‬

‫‪2‬‬
‫الفهرس‬

‫السيميائيات ‪78 .............................................................................................‬‬


‫ّ‬
‫العامة ‪79 ...............................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫السيميائيات‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫سيميائية الشعر ‪82 ....................................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫سيميائية الصورة ‪88 ..................................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫اللسانيات ‪93 .................................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫التطبيقية ‪94 .............................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫التقابلي ‪100 ................................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬التحليل‬
‫اللسانيات المقارنة ‪107 .............................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫التداولية‪112 .................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫النص ّية‬
‫اللسانيات ّ‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫الصوتي (الفونولوجيا) ‪122 ....................................................‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬علم التشكُّل‬
‫الحاسوبية‪128 ..........................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫الموضوعاتية ‪135 ..........................................................................................‬‬
‫ّ‬
‫االجتماعي ‪143 ....................................................................................‬‬
‫ّ‬ ‫النقد‬
‫التكوينية (غولدمان)‪144 ..............................................................‬‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫االجتماعي (باختين)‪151 ..................................................‬‬
‫ّ‬ ‫الروائي‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الخطاب‬
‫األدبي (زيما) ‪158 .........................................................‬‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫‪ -‬علم اجتماع ّ‬

‫‪3‬‬
‫تقديم‬

‫البحث العلمي والتجديد في محاوره وطرائقه هو نهج كل ّّية اآلداب والعلوم‬


‫ّ‬
‫اللبنانية‪ ،‬وتجويده هو سبيلها منذ سنوات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسانية في الجامعة‬ ‫ّ‬
‫العربية‪،‬‬‫ّ‬ ‫ودليل مناهج البحث العلمي الذي أع ّده مجموعة من أساتذة قسم اللغة‬
‫ّ‬
‫يتضمن ك ٌّل منها مناهج‬ ‫ّ‬ ‫ثمانية‪،‬‬ ‫بين‬ ‫ل‬ ‫األو‬
‫ّ‬ ‫ز‬ ‫المنج‬
‫َ‬ ‫ونعتز‪ ،‬هو الدليل ‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫نفتخر بهم‬
‫تباعا‪ ،‬في‬ ‫العلمي في اختصاص من اختصاصات الكل ّّية كلّها‪ ،‬نتو ّقع إنجازها ً‬ ‫البحث‬
‫ّ‬
‫مشروع أطلقناه في جميع أقسامها في حزيران الماضي‪.‬‬
‫والد�وب‪ ،‬باكورة أعمال هذا‬ ‫ؤ‬ ‫نتوج ع ّدة أشهر من العمل الجا ّد‬ ‫وها نحن اليوم‪ّ ،‬‬
‫العربية وآدابها‪ ،‬على الرغم‬ ‫ّ‬ ‫المشروع في قسم عريق من أقسام الكل ّّية‪ ،‬وهو قسم اللغة‬
‫تمر بها البالد‪ ،‬في مبادرة هي األولى من نوعها‪،‬‬ ‫الصح ّية الصعبة التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫من الظروف‬
‫تقصي مناهج البحث العلمي في اللغة‬ ‫مهمة ّ‬ ‫بحثي أخذ على عاتقه ّ‬ ‫مبادرة فريق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أهم أعالمها ومصادرها‪ ،‬وإجراءاتها وميادينها‪ ...‬ليضع بين‬ ‫عارضا ّ‬‫ً‬ ‫العربية وآدابها‪،‬‬
‫ّ‬
‫واألجنبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العربية‬
‫ّ‬ ‫المهمة‬
‫ّ‬ ‫يضم عشرات المراجع‬ ‫ّ‬ ‫مرجعا‬
‫ً‬ ‫الطالب والباحثين‬ ‫ّ‬ ‫أيدي‬
‫أرضية خصبة لالنطالق في‬ ‫ّ‬ ‫�‬
‫يهي ؤ‬
‫مرجعا موثو ًقا‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫األهم في ميادينها‪ ،‬مق ّدمين لهم‬ ‫ّ‬ ‫من‬
‫مرجعا أساس ًّيا‬
‫ً‬ ‫البحث العلمي على خطى ثابتة وواثقة‪ ،‬ويشكّل‪ ،‬في الوقت نفسه‪،‬‬
‫ّ‬
‫العربية في اإلجازة والماستر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مناهج‬ ‫في‬ ‫س‬ ‫در‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫التي‬ ‫رات‬ ‫المقر‬
‫ّ‬ ‫من‬ ‫عدد‬ ‫من مراجع‬
‫يستحق الثناء‬
‫ّ‬ ‫إنجاز دليل مماثل للبحث العلمي لهو أمر رائد من نوعه في الكل ّّية‬
‫ّ‬
‫ليتم‬
‫ّ‬ ‫األقسام‪،‬‬ ‫في‬ ‫ّفة‬ ‫ل‬ ‫المك‬ ‫األخرى‬ ‫الفرق‬ ‫إنجازات‬ ‫والتقدير‪ ،‬ونحن اآلن بانتظار‬
‫هذا المشروع ببنوده كلّها‪ ،‬ونح ّقق سابقة في الكل ّّية‪ ،‬تُضاف إلى اإلنجازات العديدة‬
‫التي ح ّققتها في السنوات الثالث األخيرة‪ ،‬ومن بينها الحصول على شهادة االعتماد‬
‫األكاديمي من المجلس األعلى لتقييم البحوث والتعليم العالي )‪ (HCERES‬لم ّدة‬
‫ّ‬
‫خمس سنوات من دون شروط‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫تقديم‬

‫نسقت‬ ‫العربية هذا اإلنجاز‪ ،‬وبوركت األيادي التي ّ‬


‫ّ‬ ‫هني ًئا للكل ّّية ولقسم اللغة‬
‫القيم الذي سيترك أثره اإليجابي في‬
‫وحررت وأع ّدت وشاركت في إنتاج هذا العمل ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫حتما البحث في الكل ّّية وأساليبه‬
‫وسيجود ً‬
‫ّ‬ ‫الطالب وإنتاجهم العلمي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نفوس آالف‬
‫ّ‬
‫الطالب في عوالم‬ ‫ّ‬ ‫ونتائجه على مستوى الماستر‪ ،‬ويفتح آفا ًقا جديدة تقود خطى‬
‫والتميز‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلتقان‬

‫بيروت‪ ٢1 ،‬تشرين الثاني‪٢٠٢٠ ،‬‬


‫اإلنسانية‬
‫ّ‬ ‫عميد كل ّّية اآلداب والعلوم‬
‫البروفسور أحمد رباح‬

‫‪5‬‬
‫مق ّد مة‬

‫اإلنسانية‬
‫ّ‬ ‫هذا الدليل هو ثمرة جهود مجموعة من أساتذة كل ّّية اآلداب والعلوم‬
‫اللبنانية‪ ،‬كلّفهم عميد الكل ّّية البروفسور أحمد رباح بوضع دليل مناهج‬ ‫ّ‬ ‫في الجامعة‬
‫اإلجرائية (قرار رقم ‪ ،)141‬تاريخ ‪ ٢٠‬حزيران ‪ ،٢٠٢٠‬وهم‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وآلياتها‬
‫العلمي ّ‬ ‫البحث‬
‫ّ‬
‫(مقرر)‪ ،‬األعضاء‪ :‬د‪ .‬سارة كنج‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫(منسقة اللجنة)‪ ،‬د‪ .‬جوزف ل ُّبس‬ ‫ّ‬ ‫د‪ .‬مهى جرجور‬
‫د‪ .‬إبراهيم فضل اهلل‪ ،‬د‪ .‬هدى المعدراني‪ ،‬د‪ .‬ندى مرعشلي‪ ،‬د‪ .‬أكرم نبها‪ ،‬د‪ .‬علي ناصر‬
‫الدين‪ ،‬د‪ .‬علي نسر‪ ،‬د‪ .‬أيمن القادري‪ ،‬د‪ .‬حيدر إسماعيل‪ ،‬د‪ .‬كامل صالح‪ ،‬د‪ .‬عماد‬
‫غنّوم‪ ،‬د‪ .‬حسين عبد الحليم‪.‬‬
‫وهو ذو طابع تعليمي توجيهي‪ ،‬يهدف إلى توفير مرجع مختصر وواضح في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫طالب‬ ‫ويلبي حاجة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ّي‬
‫ّ‬ ‫ل‬ ‫الك‬ ‫في‬ ‫العلمي‬ ‫البحث‬ ‫في‬ ‫المستخدمة‬ ‫النقدية‬
‫ّ‬ ‫المناهج‬
‫ّ‬
‫واألدبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫المهتمين بالدراسات‬
‫ّ‬ ‫العربية وآدابها‪ ،‬وك ّل‬
‫ّ‬ ‫الماستر في قسم اللغة‬
‫فيشكّل بالنسبة إليهم نقطة انطالق في بحوثهم‪.‬‬
‫يتضمن هذا الدليل مناهج البحث العلمي األكثر اعتما ًدا في بحوثنا الراهنة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫مبحث‬ ‫عرضناها بحسب تسلسل المناهج األلفبائي‪ ،‬وليس َوفق تاريخ نشأتها؛ ك ّل‬ ‫ْ‬
‫ّ‬
‫ومولّفاتهم‪ ،‬وبمصطلحاته‪ ،‬وإجراءاته‪،‬‬ ‫ؤ‬ ‫وبأهم أعالمه‬
‫ّ‬ ‫فيعرف به‬
‫ّ‬ ‫يستق ّل بمنهج‪،‬‬
‫الخاصة به‪ ،‬ويعرض عناوين دراسات ط َّب َق فيها‬ ‫ّ‬ ‫وبأهم مصادره والمراجع‬
‫ّ‬ ‫وميادينه‪،‬‬
‫بكيفية التطبيق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ليعمقوا معرفتهم‬
‫الطالب عليها ّ‬ ‫ّ‬ ‫أصحابها المنهج المعني‪ ،‬ويُحيل‬
‫ّ‬
‫تلتقي أدوات المناهج ومنطلقاتها في ما بينها أحيا ًنا‪ ،‬وتختلف أحيا ًنا أخرى‪،‬‬
‫النص األدبي على أنّه ظاهرة‬ ‫وتتناسل أحيا ًنا كثيرة وتتكامل‪ .‬واألغلب أنّها تتعامل مع ّ‬
‫ّ‬
‫لغوية‪ ،‬تختلف نسبة انفتاحها على العالم الخارجي‪ ،‬باختالف تحديد ؤبورة االهتمام‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫�‬
‫النص نفسه‪ ،‬أو المرجع الذي يُحيل عليه‪ ،‬أو القار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫النص‪ ،‬أو على‬
‫ّ‬ ‫على كاتب‬

‫‪6‬‬
‫مق ّد مة‬

‫النص‪ ،‬من خالل التركيز‬ ‫مهمة الناقد في مقاربة ّ‬ ‫المسبقة‪ .‬وتُح َّدد ّ‬ ‫ّ‬ ‫وثقافته وافتراضاته‬
‫على قوانينه وكشف ِبنياته وخصائصه‪ ...‬وك ّل ذلك يدور في فلك المعنى وشكل‬
‫التعبير عنه‪.‬‬
‫هدف‬‫ٍ‬ ‫وصوال إلى‬‫ً‬ ‫ص ْدنا بـ «المنهج» طائف ًة من القواعد التي يسير عليها الفكر‬ ‫َق َ‬
‫حكم‬ ‫مرتجى (بدوي‪ ،1٩٧٧ ،‬ص‪ ،)4-3‬ومجموع ًة من اآلليات واإلجراءات‪ ،‬يُ ِ‬
‫ّ‬
‫جوهرية‬ ‫ّ‬ ‫«نظرية» تطرح أسئلة‬ ‫ّ‬ ‫معينة‪ .‬ولك ّل منهج‬ ‫نتائج ّ‬ ‫َ‬ ‫فتو ّدي إلى‬ ‫ضبطها‪ ،‬ؤ‬ ‫الباحث َ‬
‫ُ‬
‫سفر‬ ‫عن اللغة واألدب وعالقتهما بالحياة والمجتمع والمبدع والمتل ّقي‪ .‬وقد تُ ِ‬
‫ومدارس متع ّددة (فضل‪ ،٢٠٠٢ ،‬ص‪.)14 ،11 ،٩‬‬ ‫َ‬ ‫مناهج‬
‫َ‬ ‫النظرية الواحدة عن‬ ‫ّ‬
‫مدونة) اعتما ًدا على منهج علمي مح ّدد‬ ‫نص (أو ّ‬ ‫فع ْنينا بها معالجة ّ‬ ‫ّأما «المقاربة» َ‬
‫ّ‬
‫(المس ّدي‪ ،‬ال ت‪ ،.‬ص‪.)18٧‬‬
‫تقصت الوضوح في العرض‪ ،‬والسهولة في الشرح‪،‬‬ ‫منهجي ًة ّ‬ ‫ّ‬ ‫اعتم ْدنا في الدليل‬
‫إليصال المعلومة بيُسر إلى الطالب الباحث‪ ،‬بهدف مساعدته في حسن اختيار‬
‫يخدمه في معالجة‬ ‫َ‬ ‫لمدونته‪ ،‬واإللمام بأدواته وإجراءاته‪ ،‬كي‬ ‫ّ‬ ‫المنهج المناسب‬
‫المرجو من بحثه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إشكاليته‪ ،‬ويساع َده على تحقيق الهدف‬ ‫ّ‬
‫َب ْي َد أ ّن هذا الدليل وح َده ال يكفي‪ ،‬فعلى الطالب الباحث أن‪:‬‬
‫الخاصة بواضعي المناهج‪ ،‬من فالسفة وعلماء ون ّقاد ودارسين مشهود‬ ‫ّ‬ ‫يقرأ الكتب‬
‫وكيفية‬
‫ّ‬ ‫اإلجرائية‬
‫ّ‬ ‫وآلياتها‬
‫لهم بالكفاءة والجدارة‪ ،‬ويعمل على فهم مصطلحاتها ّ‬
‫مالمح المنهج‬ ‫ُ‬ ‫هيكلية مشروعه‪ ،‬على أن تظهر‬ ‫ّ‬ ‫تطبيقها‪ ،‬قبل الشروع في رسم‬
‫ٍ‬
‫مفردات‬ ‫المختار ومصطلحاتُه في بناء فصول الرسالة وعناوينها‪ ،‬إلى جانب‬
‫المدونة‪ .‬وقد يستند الباحث إلى غير منهج في‬ ‫ّ‬ ‫خصوصية‬
‫ّ‬ ‫ظهر‬ ‫ومصطلحات تُ ِ‬
‫تحليل ظاهرة من الظواهر وأبعادها‪ ،‬بحسب طبيعة البحث‪ ،‬شرط أن تتوافق المناهج‬
‫نسقية‪ ،)...‬فتتجانس وال تتعارض‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سياقية أو‬
‫ّ‬ ‫داخلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(خارجية أو‬
‫ّ‬ ‫المختارة‬
‫والخطة‪ ،‬والمشروع‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫والمنهجية‪ ،‬والمقاربة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والنظرية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يُدرك الفوارق بين المنهج‪،‬‬
‫المجيد هو من يستطيع طرح األسئلة‪،‬‬ ‫يعرف أ ّن تَع ُّد َد القراءات ثراء ٌ له‪ ،‬وأ ّن الباحث ُ‬
‫ويحاول أن يُجيب عنها‪.‬‬
‫أخالقيات البحث العلمي التي ال ب ّد منها لوسم‬ ‫ّ‬ ‫يُوقن أ ّن التوثيق عنصر أساسي في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والموضوعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عمله بالج ّد ّية‬

‫‪7‬‬
‫مق ّد مة‬

‫وتقنية» (يقطين‪،٢٠14 ،‬‬


‫ّ‬ ‫وفلسفية‬
‫ّ‬ ‫علمية‬
‫ّ‬ ‫«خلفية‬
‫ّ‬ ‫َيعي أنّه ما لم ؤيو ّسس بحثه على‬
‫منثورا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ص‪ ،)1٧‬فإ ّن جهده يذهب هباءً‬
‫لجنة إعداد الدليل‬
‫تشرين الثاني ‪٢٠٢٠‬‬

‫مراجع المق ّدمة‬


‫العلمي (ط‪ .)3‬الكويت‪ :‬وكالة‬
‫ّ‬ ‫بدوي‪ ،‬عبد الرحمن (‪ .)1٩٧٧‬مناهج البحث‬
‫المطبوعات‪.‬‬
‫فضل‪ ،‬صالح (‪ .)٢٠٠٢‬مناهج النقد المعاصر (ط‪ .)1‬القاهرة‪ :‬ميريت للنشر‬
‫والمعلومات‪.‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية واألسلوب (ط‪ .)3‬تونس‪ :‬الدار‬
‫ّ‬ ‫المس ّدي‪ ،‬عبد السالم (ال ت‪.).‬‬
‫للكتاب‪.‬‬
‫العربي‪ :‬البنيات واألنساق (ط‪ .)1‬الجزائر‪:‬‬
‫ّ‬ ‫األدبي‬
‫ّ‬ ‫يقطين‪ ،‬سعيد (‪ .)٢٠14‬الفكر‬
‫منشورات االختالف‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫األسلوب ّية‬

‫األسلوبيّة‬

‫والم�لّفات‬
‫ؤ‬ ‫وأهم األعالم‬
‫ّ‬ ‫ّأو ًال‪ -‬التعريف‬
‫علم‬
‫األسلوبية ٌ‬
‫ّ‬ ‫يرى ميشال ريفاتير )‪ )٢٠٠6-1٩٢4( (Michel Riffaterre‬أ ّن‬
‫موضوعية‪ ،‬انطال ًقا من اعتبار األثر األدبي بنية‬
‫ّ‬ ‫األدبية دراس ًة‬
‫ّ‬ ‫يدرس أسلوب اآلثار‬
‫ّ‬
‫خاصا (المس ّدي‪ ،1٩٧3 ،‬ص‪.)٢٧٧‬‬ ‫ًّ‬ ‫تحاورا‬
‫ً‬ ‫ألسنية تتحاور مع السياق المضموني‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫معين‪ ،‬على مستويات‪:‬‬ ‫نص ّ‬ ‫� والكاتب‪ ،‬من خالل ّ‬ ‫وهي حوار دائم بين القار ؤ‬
‫النص والجملة والمفردة والصوت (شريم‪ ،1٩8٧ ،‬ص‪ ،)٧‬وهي بذلك «وريث‬ ‫ّ‬
‫مقررا ِتها في‬
‫علم اللغة الحديث ّ‬
‫شرعي للبالغة» (فضل‪ ،1٩٩8 ،‬ص‪ ،)5‬التي اعتمد ُ‬ ‫ّ‬
‫إقامة علم األسلوب (أبو العدوس‪ ،1٩٩٩ ،‬ص‪.)1٧٧‬‬
‫األسلوبية فعل ًّيا حين نشر شارل بالي )‪،)1٩4٧-1865( (Charles Bally‬‬
‫ّ‬ ‫بدأت‬
‫الفرنسي عام ‪( 1٩٠٢‬فضل‪ ،‬ص‪ّ .)18‬‬
‫وينبه‬ ‫ّ‬ ‫األول بحث في علم األسلوب‬ ‫كتابه ّ‬
‫ثم استقلّت مع‬
‫األدبي‪ّ ،‬‬ ‫بسام بركة إلى أ ّن دراسة األسلوب كانت تابعة عمل ًّيا النق َد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اللسانيات (مولينيه‪ ،1٩٩٩ ،‬ص‪.)8‬‬ ‫ُّ‬
‫تمكن‬
‫ّ‬
‫األسلوبية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أساسية في‬
‫ّ‬ ‫ثمة أربعة اتّجاهات‬
‫ّ‬
‫الفرنسي‬
‫ّ‬ ‫التعبيري‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬االتّجاه‬
‫األسلوبية عند شارل بالي في لغة جميع الناس‪ ،‬وال تدخل فيها‬
‫ّ‬ ‫تبحث الدراسة‬
‫اللغوي بمضامينها‬
‫ّ‬ ‫األدبية (فضل‪ ،‬ص‪ .)٢5-٢٢‬وهي تدرس وقائع التعبير‬ ‫ّ‬ ‫دراسة اللغة‬
‫(اللغوية) الكامنة في الكالم‬
‫ّ‬ ‫التعبيرية‬
‫ّ‬ ‫(العاطفية)‪ ،‬وتهدف إلى دراسة القيم‬
‫ّ‬ ‫الوجدانية‬
‫ّ‬
‫(الكواز‪ ،14٢6 ،‬ص‪.)٩8‬‬‫ّ‬

‫‪9‬‬
‫األسلوب ّية‬

‫األلماني‬
‫ّ‬ ‫المثالي‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬االتّجاه‬
‫نشر بنديتو كروتشيه )‪ )1٩5٢ 1866( (Benedetto Croce‬كتاب علم الجمال‬
‫اإليطاليين‪ ،‬ومنهم‬
‫ّ‬ ‫باعتباره ِعلْ ًما للتعبير واللغة ّ‬
‫العامة‪ .‬وكان له تأثيره في علماء اللغة‬
‫األلمانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المثالية‬
‫ّ‬ ‫كارل فوسلير )‪ )1٩4٩ 18٧٢( (Karl Vossler‬زعيم المدرسة‬
‫سية على البحث التاريخي الموضوعي بشكل صحيح‪،‬‬ ‫الذي يرى تطبيق قوانا الح ْد ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التاريخية‪ ،‬وأ ّن اللغة معادلة للتعبير الروحي‬
‫ّ‬ ‫مع اعتباره أ ّن علم اللغة من فروع الموا ّد‬
‫ّ‬
‫(فضل‪ ،‬ص‪ .)46-44‬وكان خلفه ليو سبتزر )‪ )1٩6٠-188٧( (Leo Spitzer‬قد‬
‫الداللية‪ ،‬وتاريخ الكلمات‪ ،‬ودراسة‬‫ّ‬ ‫تفصيلية كالمجموعات‬‫ّ‬ ‫أسلوبية‬
‫ّ‬ ‫عالج مشكالت‬
‫الفردي‪( ...‬ص‪.)٧1-55‬‬ ‫ّ‬ ‫األسلوب‬
‫واإلسباني‬
‫ّ‬ ‫اإليطالي‬
‫ّ‬ ‫النقدي‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬االتّجاه‬
‫نشر الباحث اإليطالي جياكومو ديفوتو )‪)1٩٧4-18٩٧( (Giacomo Difoto‬‬
‫تماما للنقد‬
‫ً‬ ‫مختلفا‬
‫ً‬ ‫توزيعا‬
‫ً‬ ‫دراسة لعلم األسلوب اإليطالي عام ‪ ،1٩3٠‬اقترح فيه‬
‫ّ‬
‫ثم دعا الباحث‬ ‫ّ‬ ‫اللغة‪.‬‬ ‫ة‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫ما‬ ‫في‬ ‫قة‬ ‫ق‬
‫ّ‬ ‫المتح‬ ‫ة‬ ‫الفردي‬
‫ّ‬ ‫األسلوبي‪ ،‬يُعنى باالختيارات‬
‫ّ‬
‫نقدي‬
‫ّ‬ ‫منهج‬ ‫إقامة‬ ‫إلى‬ ‫(‪)1٩5٢-18٩6‬‬ ‫اإلسباني أمادو ألونسو )‪(Amado Alonso‬‬
‫أسلوبي‪ ،‬يعيد بناء عناصر العمل األدبي من الداخل ال من الخارج (ص‪ .)٧5-٧4‬وقد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حلّل ألونسو عيون الشعر اإلسباني في مختلف عصوره (ص‪.)8٩-8٢‬‬
‫ّ‬
‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫‪-4‬‬
‫ونمطيته‪ ،‬ومفرداته‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اللغوي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النص األدبي‪ :‬جهازه‬
‫البنيوية في بنية ّ‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫تبحث‬
‫ّ‬
‫الوظيفية» (الحربي‪ ،٢٠٠3 ،‬ص‪،)16‬‬ ‫ّ‬ ‫«األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫أيضا بـ‬
‫وس ّميت ً‬ ‫وتراكيبه‪ ،‬ودالالته‪ُ ،‬‬
‫وهي نقطة االنطالق في تطبيق مناهج التحليل اللساني على األدب (مولينيه‪ ،‬ص‪.)84‬‬
‫ّ‬
‫العربية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إلى‬ ‫م‬ ‫ترج‬
‫ُ َ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫خاص‬
‫ّ‬ ‫نحو‬ ‫شيوعا اآلن‪ ،‬وعلى‬
‫ً‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫وهي أكثر المذاهب‬
‫(التعبيرية) وامتدا ًدا آلراء‬
‫ّ‬ ‫الوصفية‬
‫ّ‬ ‫ألسلوبية شارل بالي في‬ ‫ّ‬ ‫متطو ًرا‬
‫ّ‬ ‫وتُ َع ّد امتدا ًدا‬
‫فرديناند دو سوسير )‪ )1٩13-185٧( (Ferdinand de Saussure‬التي قامت على‬
‫(الكواز‪ ،‬ص‪.)٩٩‬‬ ‫ّ‬ ‫التفرقة بين اللغة والكالم‬
‫أيضا متع ّددة‪:‬‬
‫البنيوية اتّجاهات ً‬
‫ّ‬ ‫ولألسلوبية‬
‫ّ‬
‫سيما‬
‫الروسية ومدرسة براغ‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬ ‫الشكالنية‬
‫ّ‬ ‫البنيوية في‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫اإلرهاصات‬

‫‪10‬‬
‫األسلوب ّية‬

‫كتابات رومان جاكوبسون )‪( )1٩8٢-18٩6( (Roman Jakobson‬مولينيه‪،‬‬


‫الصوتية (خليل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫باألسلوبية‬
‫ّ‬ ‫الحقيقية لما ُعرف‬
‫ّ‬ ‫ص‪ .)٩٠ ،8٩ ،84‬وهي النواة‬
‫‪ ،٢٠٠3‬ص‪.)154-153‬‬
‫البنيوية عند روالن بارت )‪ :)1٩8٠-1٩15( (Roland Barthes‬األسلوب‬ ‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬
‫الذاتية‬
‫ّ‬ ‫المولّف‬
‫أسطورية ؤ‬
‫ّ‬ ‫تتميز باالكتفاء الذاتي‪ ،‬وتغرس جذورها في‬ ‫ّ‬ ‫عنده لغة‬
‫ّ‬
‫(الحربي‪ ،‬ص‪.)٢٠‬‬
‫فردي ذي‬
‫ّ‬ ‫البنيوية عند ميشال ريفاتير‪ :‬األسلوب األدبي هو ك ّل شيء ثابت‬ ‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معين (ص‪ .)٢1‬وقد أفرد‬ ‫أدبي ّ‬ ‫معين أو عمل‬‫بمولّف ّ‬
‫خاص ؤ‬ ‫ّ‬ ‫فردية‪ ،‬وذلك‬ ‫مقصدية ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫البنيوية صدر عام ‪.1٩٧6‬‬ ‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫سماه محاوالت في‬ ‫خاصا لهذا الغرض ّ‬ ‫ًّ‬ ‫كتابا‬
‫ً‬
‫النص (البكري‪.)٢٠٠3 ،‬‬ ‫أدبي عنده ّإال في ّ‬ ‫ثمة أسلوب‬ ‫ولذلك ليس ّ‬
‫ّ‬
‫والتحويليين‪ :‬يتح ّدد هنا األسلوب‬
‫ّ‬ ‫التوليديين‬
‫ّ‬ ‫النحويين‬
‫ّ‬ ‫البنيوية عند‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬
‫اللغوية‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬ ‫المولّف لبعث إمكانات الصياغة‬ ‫اختيارا يقوم به ؤ‬
‫ً‬ ‫انطال ًقا من كونه‬
‫للتحوالت الممكنة (الحربي‪ ،‬ص‪.)٢1‬‬ ‫ّ‬ ‫اختيار‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫ولكن‬
‫ّ‬ ‫الخاصة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‪ ،‬فكان لك ّل اتّجاه مصطلحاته‬
‫ّ‬ ‫تشعبت االتّجاهات‬
‫ّ‬
‫واستقر عليه‪ ،‬ولذلك سنقتصر على مصطلحاته‬
‫ّ‬ ‫المناخ األسلوبي ارتضى نتاج ريفاتير‬
‫ّ‬
‫األساسية التي نجدها في مجموعة دراسات (فضل‪ ،‬ص‪٢٢8-18٧‬؛ مكرسي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ ،٢٠1٠‬ص‪٩4-٧٠‬؛ البكري‪.)٢٠٠3 ،‬‬
‫األول منهما يبدع‬
‫قطبين ال يفترقان‪ّ ،‬‬ ‫ثنائية َ‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية )‪:(Stylistic Unity‬‬
‫ّ‬ ‫الوحدة‬
‫َ‬
‫البنيوي‬
‫ّ‬ ‫االحتمال‪ ،‬والثاني يلغيه‪ .‬واألثر األسلوبي )‪ (Stylistic Effect‬ينتج عن التضاد‬
‫ّ‬
‫)‪ (Structural Contrast‬الحاصل بينهما‪.‬‬
‫نص (مثل كثرة‬‫األسلوبية )‪ :(The Stylistic Method‬المظهر المنتظم في ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطريقة‬
‫التركيبية المحتملة لهذه‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‪ ،‬مع العالقات‬
‫ّ‬ ‫النعوت)‪ ،‬ومجموع الطرائق‬
‫النص‪.‬‬
‫يكون أسلوب ّ‬ ‫الطرائق‪ّ ،‬‬
‫اللغوية الموسومة والعالمات‬
‫ّ‬ ‫السياق األصغر )‪ :(Micro Context‬العالقة بين العالمات‬
‫غير الموسومة‪ .‬في قولنا «الغموض الواضح»‪ ،‬السياق هو «الغموض»‪ ،‬و«الوضوح»‬

‫‪11‬‬
‫األسلوب ّية‬

‫وقعا مفاج ًئا‪ ،‬فالغموض كلمة غير موسومة‪ ،‬والوضوح عالمة موسومة‪.‬‬ ‫نش� ً‬ ‫يُ ؤ‬
‫النص الكامل‪.‬‬ ‫السياق األكبر )‪ :(Macro Context‬هو ّ‬
‫شخصية المتكلّم في سعيه إلى لفت نظر‬ ‫ّ‬ ‫التواصل )‪ :(Communicate‬يحمل طابع‬
‫يفك الشيفرة‬
‫الذاتية‪ ،‬والمخاطب ّ‬ ‫ّ‬ ‫المخاطب‪ ،‬فالمتكلّم يش ّفر )‪ (Encode‬تجربته‬ ‫َ‬
‫)‪.(Decode‬‬
‫عنصر المفاجأة )‪ :(The Element of Surprise‬عنصر غير متو ّقع في اإلجراءات‬
‫� ووعيه‪.‬‬ ‫وهزة في إدراك القار ؤ‬ ‫األسلوبية يُحدث خلخلة ّ‬
‫ّ‬
‫�‪.‬‬
‫االنحراف أو االنزياح )‪ :(Deviation‬حيلة مقصودة لجذب انتباه القار ؤ‬
‫� الماهر الخبير الذي يستطيع تعيين‬ ‫� العمدة )‪ :(Architecteur‬القار ؤ‬ ‫القار ؤ‬
‫القراء‪.‬‬
‫االنحراف ضمن مجموع ّ‬
‫النص‪،‬‬ ‫باطراد وتُ ِ‬
‫شب َع ّ‬ ‫األسلوبية (كالسجع) ّ‬
‫ّ‬ ‫تتكرر السمة‬‫ّ‬ ‫التشبع )‪ :(Saturation‬أن‬ ‫ّ‬
‫مميزة‪.‬‬
‫يصح إبرازها عالم ًة ّ‬
‫ّ‬ ‫حتى ال‬ ‫ّ‬
‫األسلوبية وتراكمها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االنصباب )‪ :(Convergence‬تج ُّمع العناصر الناجمة عن اإلجراءات‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫الفرنسي‬
‫ّ‬ ‫التعبيري‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬اإلجراءات َوفق االتّجاه‬
‫الطبيعية‬
‫ّ‬ ‫الخواص‬
‫ّ‬ ‫يعمل هذا االتّجاه بشكل تطبيقي ميداني على التفرقة بين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خاصة على مفردات اللغة‬
‫ّ‬ ‫ة‬‫اجتماعي‬
‫ّ‬ ‫فئة‬ ‫تمليها‬ ‫والخواص المستثارة التي‬
‫ّ‬ ‫العامة‪،‬‬
‫ّ‬
‫طبقا للظروف‪ :‬في المنزل‪ ،‬في‬
‫ويفرق بين ع ّدة لهجات للشخص الواحد‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وصيغها‪.‬‬
‫االجتماعية‪ ...‬ويدرس تباين اللغة َوفق المهن والعصر والمكان‬
‫ّ‬ ‫العمل‪ ،‬في المناسبات‬
‫والعمر والجنس (فضل‪ ،‬ص‪.)٢4-٢٢‬‬
‫األلماني‬
‫ّ‬ ‫المثالي‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬اإلجراءات َوفق االتّجاه‬
‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫على الباحث األسلوبي أن يجتهد في البحث المضني عن مفتاح الدراسة‬
‫معينة أو‬
‫حتى تبرز كلمة ّ‬‫بالنص ّ‬
‫ّ‬ ‫نص‪ ،‬والمخرج من المأزق يكون بإعادة االتّصال‬‫في ّ‬
‫يميز هذه‬
‫نص إلى آخر‪ .‬وأبرز ما ّ‬
‫بيت‪ ،‬يشعرك بالمفتاح‪ .‬وهذا المفتاح يختلف من ّ‬
‫انطباعية (ص‪.)٧1-55‬‬
‫ّ‬ ‫المدرسة أنّها‬

‫‪12‬‬
‫األسلوب ّية‬

‫بسام بركة‪ ،‬تختلف باختالف‬


‫اللغوي الواحد‪ ،‬كما ذكر ّ‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية للعنصر‬
‫ّ‬ ‫والقيمة‬
‫األدبية (مولينيه‪ ،‬ص‪.)٢٢‬‬
‫ّ‬ ‫النصوص والعصور واألنواع‬
‫واإلسباني‬
‫ّ‬ ‫اإليطالي‬
‫ّ‬ ‫النقدي‬
‫ّ‬ ‫‪ -3‬اإلجراءات َوفق االتّجاه‬
‫نقدي أسلوبي‪ ،‬يعيد بناء عناصر العمل األدبي من الداخل ال من‬ ‫ّ‬ ‫هذا االتّجاه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لغوية في‬
‫خاصية ّ‬
‫ّ‬ ‫النص‪ .‬وك ّل‬
‫مسبقة أو إسقاطات من خارج ّ‬ ‫الخارج‪ ،‬دون إمالءات ّ‬
‫نفسية (فضل‪ ،‬ص‪ .)٧5-٧4‬وال ب ّد من وضع اليد على‬ ‫ّ‬ ‫خاصية‬
‫ّ‬ ‫األسلوب عنده تطابق‬
‫مالمح الشكلَين الخارجي والداخلي‪ ،‬والعالقات بين الدا ّل والمدلول‪ ،‬باالستناد إلى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذوق (ص‪.)8٩-8٢‬‬
‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫‪ -4‬اإلجراءات َوفق‬
‫البنيوية في اجتهادات‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫انسجاما مع اختيار سابق‪ ،‬ال ب ّد أن نحصر دراسة‬
‫ً‬
‫ريفاتير‪َ ،‬وفق ما أرشدتْنا إليه مجموعة دراسات (فضل‪ ،‬ص‪٢٢8-18٧‬؛ مكرسي‪،‬‬
‫ص‪٩4-٧٠‬؛ البكري‪.)٢٠٠3 ،‬‬
‫األسلوبية )‪ (The Stylistic Method‬واألسلوب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نفرق بين الطريقة‬
‫ينبغي أن ّ‬
‫التركيبية‬
‫ّ‬ ‫تتجمع‪ ،‬وتُضاف إليها عالقاتها‬
‫جزئية منتظمة‪ ،‬وحين ّ‬
‫ّ‬ ‫فالطرائق مظاهر‬
‫المحتملة‪ ،‬نصل إلى األسلوب‪.‬‬
‫وال ب ّد من اإلعراض عن شرح الكلمة معزولة‪ ،‬أل ّن ذلك ؤيو ّدي إلى إنكار الحدث‬
‫األسلوبي‪ .‬وعلينا تقويض مفهوم االستعمال بـ «السياق األسلوبي»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األساسية هي السياق األصغر‪ ،‬وهما‬
‫ّ‬ ‫ووحدته‬
‫الخارجي‪َ ،‬‬ ‫واالنحراف هو السياق‬
‫ّ‬
‫األول‬
‫معا مسلكًا أسلوب ًّيا‪ ،‬كأ ْن يُقال‪ :‬شمس سوداء أو ضوء خجول‪ ،‬فاالسم ّ‬ ‫يكونان ً‬
‫ّ‬
‫تستقر المعادلة‬
‫ّ‬ ‫من العبارتَين سياق أصغر‪ ،‬والوصف مخالفة أو انحراف‪ ،‬وهكذا‬
‫حتى‬
‫أسلوبي‪ .‬ومن الجائز أن تمت ّد المخالفة ّ‬ ‫التالية‪ :‬سياق أصغر ‪ +‬مخالفة = مسلك‬
‫ّ‬
‫تصبح هي نفسها سيا ًقا‪.‬‬
‫لغوية‬
‫وكذلك يمكن أن يدخل السياق األصغر في سياق أكبر‪ ،‬ليشكّل سلسلة ّ‬
‫النحوية أو عدد‬
‫ّ‬ ‫ممت ّدة يكون السياق جزءًا منها‪ ،‬وال تنحصر داخل حدود الجملة‬
‫معين من الجمل‪ ،‬وإنّما تتح ّدد نهايتها بشعور القار ؤ‬
‫�‪ ،‬كما تتح ّدد بدايتها بقدرته‬ ‫ّ‬
‫ُّ‬
‫على التذكر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫األسلوب ّية‬

‫والنص ال يمكن أن يوجد بذاته‪ ،‬وإنّما هناك عالقة يجب أن تنشأ بينه وبين والمخاطب‪،‬‬
‫ّ‬
‫يفك الشيفرات التي وضعها المتكلّم‪ ،‬وعلى هذه العالقة يقوم األسلوب‪.‬‬ ‫فهو ّ‬
‫أسلوبية) جزءًا من بنية أكبر تمثّل‬
‫ّ‬ ‫أسلوبية‪ /‬طريقة‬
‫ّ‬ ‫ويكون ك ّل إجراء أسلوبي (سمة‬
‫ّ‬
‫تصب فيها جميع اإلجراءات المستخدمة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التعبيرية التي‬
‫ّ‬ ‫القوة‬
‫ّ‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫اللغوية‬‫ّ‬ ‫بعض ما يليق بالدراسة‬ ‫َ‬ ‫األسلوبية الكثيرة‪ ،‬نجد‬ ‫ّ‬ ‫خضم االتّجاهات‬ ‫ّ‬ ‫في‬
‫أي لغة في‬ ‫مناسبةٌ لدراسة خصائص ّ‬ ‫البحثية‪ ،‬ومن ذلك األسلوبية التعبيرية‪ ،‬ألنّها ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألي دراسة تتناول مفردات جيل‬ ‫التواصلية‪ ،‬فيمكن أن تكون مظلّة ّ‬ ‫ّ‬ ‫استخداماتها‬
‫االجتماعية‪ .‬ويمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫والمنصات‬ ‫ّ‬ ‫الحرب‪ ،‬أو تراكيب جيل الشابكة (اإلنترنت)‬
‫سيما في إطارها الصوتي‪.‬‬ ‫تحتضن دراسات اللهجات كذلك‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫للتعمق في فهم معايير الذوق‪،‬‬ ‫مناسبة‬‫ِ‬ ‫المثالية‬ ‫سية أو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األسلوبية الح ْد ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتبدو‬
‫صارما في وضع‬ ‫ً‬ ‫موقفا‬
‫سيما أنّها ال تقف ً‬ ‫األدبي‪ ،‬وال ّ‬ ‫العبقرية‪ ،‬في اإلنتاج‬ ‫ّ‬ ‫وأصول‬
‫ّ‬
‫النظريات المعلّبة‪ ،‬وتتيح للباحث أن يظهر رأيه وانطباعه في‬ ‫ّ‬ ‫النص تحت ِمجهر‬ ‫ّ‬
‫حسه الفنّي وروح ثقافته‪.‬‬ ‫األدبية مستن ًدا إلى ِّ‬ ‫ّ‬ ‫أساليب النصوص‬
‫ّ‬
‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫منهجا ثابت األركان على األعمال‬ ‫ً‬ ‫نطبق‬
‫النقدية فتمكّننا أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫ّأما‬
‫أسلوبية بين‬ ‫ّ‬ ‫معا‪ ،‬من دون تمييز‪ .‬وبذلك نستطيع إقامة مقارنات‬ ‫المعاصرة والقديمة ً‬
‫النقدية‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫موحدة‪ .‬وترى‬ ‫قصائد من التراث‪ ،‬وقصائد معاصرة‪َ ،‬وفق إجراءات ّ‬
‫نفسية‪ ،‬وهي‪ ،‬من جانب آخر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خاصية‬
‫ّ‬ ‫لغوية في األسلوب تطابق‬ ‫خاصية ّ‬ ‫ّ‬ ‫أيضا أ ّن ك ّل‬ ‫ً‬
‫اللغوية‪ .‬وهذا يعني أنّنا لسنا‬ ‫ّ‬ ‫جانبا‪ ،‬وتركّز على تحليل القيم‬ ‫ً‬ ‫المنطقية‬
‫ّ‬ ‫تطرح الداللة‬
‫صرف ّيتسم بالجفاف‪.‬‬ ‫علمي ْ‬ ‫منطقية أو ذات منحى‬ ‫ّ‬ ‫رياضية أو‬ ‫ّ‬ ‫أسلوبية‬
‫ّ‬ ‫أمام‬
‫ّ‬
‫البنيوية‪ ،‬ألنّها امتداد طبيعي للبالغة‬ ‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫وأفضل ما ينبغي أن نركّز عليه‬
‫ّ‬
‫العربية في أوج تألّقها‪ .‬يقول في ذلك روالن بارت‪« :‬إ ّن العالم مليء بالبالغة القديمة‬ ‫ّ‬
‫وربما تنطبق هذه المقولة على واقعنا األسلوبي العربي‪ ،‬بيد أنّنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بشكل ال يُص َّدق»‪ّ ،‬‬
‫عربية تستند إلى الموروث البالغي‬ ‫أسلوبي ًة‬ ‫محاولة جا ّدة وجديدة ؤتو ّسس‬ ‫ٍ‬ ‫نفتقر إلى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫توجه البحث العربي إلى التنقيب عن‬ ‫يعزز ّ‬ ‫العربي (ناظم‪ ،٢٠٠٢ ،‬ص‪ .)16 ،13‬وهذا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫منهجية واضحة‪.‬‬‫ّ‬ ‫أطر‬ ‫في‬ ‫وبلورتها‬ ‫وتظهيرها‬ ‫‪،‬‬ ‫البالغي‬ ‫نقدنا‬ ‫في‬ ‫ة‬ ‫تراثي‬
‫ّ‬ ‫ة‬ ‫أسلوبي‬
‫ّ‬ ‫أصول‬
‫ّ‬
‫‪14‬‬
‫األسلوب ّية‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫النص‬
‫سيميائي لتحليل ّ‬
‫ّ‬ ‫واألسلوبية‪ :‬نحو نموذج‬
‫ّ‬ ‫بليت‪ ،‬هنريش (‪ .)1٩٩٩‬البالغة‬
‫محمد العمري‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬أفريقيا الشرق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫(ط ‪ ،)٢‬تر‪.‬‬
‫عياشي‪ .‬حلب‪ :‬مركز اإلنماء‬ ‫األسلوبية (ط‪ ،)٢‬تر‪ .‬منذر ّ‬ ‫ّ‬ ‫جيرو‪ ،‬بيير (‪.)1٩٩4‬‬
‫الحضاري‪.‬‬
‫ّ‬
‫َحمداني‪.‬‬‫ريفاتير‪ ،‬ميشال (‪ .)1٩٩3‬معايير تحليل األسلوب (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬حميد ل ِ‬
‫الدار البيضاء‪ :‬منشورات دراسات سال‪.‬‬
‫نقديا‪ .‬دمشق‪ :‬منشورات وزارة الثقافة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫منهجا‬
‫ً‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫محمد (‪.)1٩8٩‬‬
‫ّ‬ ‫عزام‪،‬‬
‫ّ‬
‫األسلوبية وتحليل الخطاب (ط‪ .)1‬حلب‪ :‬مركز اإلنماء‬ ‫ّ‬ ‫عياشي‪ ،‬منذر (‪.)٢٠٠٢‬‬ ‫ّ‬
‫الحضاري‪.‬‬
‫ّ‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫واألسلوبية (ط‪ .)3‬تونس‪ :‬الدار‬
‫ّ‬ ‫المس ّدي‪ ،‬عبد السالم (‪ .)1٩88‬األسلوب‬
‫للكتاب‪.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫قباني‪( .‬رسالة‬‫مرثية بلقيس لنزار ّ‬ ‫األسلوبية في ّ‬
‫ّ‬ ‫بديدة‪ ،‬رشيد (‪ .)٢٠11‬البنيات‬
‫ماجستير بإشراف د‪ .‬بلقاسم ليبارير)‪ .‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫أسلوبية‪ .‬تونس‪ :‬دار الجنوب للنشر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫محمد الهادي (‪ .)1٩٩٢‬تحاليل‬ ‫ّ‬ ‫الطرابلسي‪،‬‬
‫ّ‬
‫الشعرية المعاصرة (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار اآلداب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فضل‪ ،‬صالح (‪ .)1٩٩5‬أساليب‬
‫األسلوبية في شعر الحماسة بين‬
‫ّ‬ ‫محمد (‪ .)٢٠13‬الخصائص‬ ‫ّ‬ ‫النهمي‪ ،‬أحمد صالح‬
‫أنموذجا‪( .‬أطروحة دكتوراه بإشراف د‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تمام والبحتري‪ :‬شعر الحرب والفخر‬ ‫أبي ّ‬
‫السعودية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫محمد إبراهيم شادي)‪ .‬جامعة أمّ القرى‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبخاص ٍة ما انتهى منها بعالمة *‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيضا قائمة مصادر المبحث ومراجعه‪،‬‬ ‫راجع ً‬

‫مصادر المبحث ومراجعه‬


‫عامة (ط ‪ّ .)1‬‬
‫عمان‪:‬‬ ‫واألسلوبية‪ :‬مق ّدمات ّ‬
‫ّ‬ ‫أبو العدوس‪ ،‬يوسف (‪ .)1٩٩٩‬البالغة‬
‫األهلية للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪15‬‬
‫األسلوب ّية‬

‫«األسلوبية عند ميشال ريفاتير»‪ .‬دار ناشري‬


‫ّ‬ ‫البكري‪ ،‬طارق (تشرين الثاني ‪.)٢٠٠3‬‬
‫تم االسترجاع في (‪ ٢8‬آب ‪ ٧:٢٠-٢٠٢٠‬ب‪.‬ظ‪ ).‬من‪:‬‬ ‫اإللكتروني‪ّ .‬‬ ‫للنشر‬
‫ّ‬
‫‪http://www.nashiri.net/critiques-and-reviews/critiques-and-analyses/587.html‬‬
‫العربي الحديث‪ :‬دراسة في‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية في النقد‬
‫ّ‬ ‫الحربي‪ ،‬فرحان بدري (‪.)٢٠٠3‬‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تحليل الخطاب (ط ‪ .)1‬بيروت‪ :‬ؤ‬
‫المو ّسسة‬
‫األدبي الحديث‪ :‬من المحاكاة إلى التفكيك‬
‫ّ‬ ‫خليل‪ ،‬إبراهيم محمود (‪ .)٢٠٠3‬النقد‬
‫عمان‪ :‬دار المسيرة للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫(ط ‪ّ .)1‬‬
‫األسلوبية (ط ‪ .)٢‬بيروت‪:‬‬
‫ّ‬ ‫شريم‪ ،‬جوزيف ميشال (‪ .)1٩8٧‬دليل الدراسات‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬
‫ؤ‬
‫فضل‪ ،‬صالح (‪ .)1٩٩8‬علم األسلوب‪ :‬مبادئه وإجراءاته (ط ‪ .)1‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫الشروق‪.‬‬
‫محمد كريم (‪ .)14٢6‬علم األسلوب‪ :‬مفاهيم وتطبيقات (ط ‪ .)1‬الزاوية‬ ‫ّ‬ ‫الكواز‪،‬‬
‫ّ‬
‫ليبيا‪ :‬منشورات جامعة السابع من أبريل‪*.‬‬
‫الهيكلية تأليف م‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫المس ّدي‪ ،‬عبد السالم (يناير ‪« .)1٩٧3‬محاوالت في‬
‫التونسية (العدد ‪.٢8٧-٢٧3 ،)1٠‬‬ ‫ّ‬ ‫حوليات الجامعة‬
‫ّ‬ ‫ريفاتار»‪.‬‬
‫اللغوي عند ريفاتير‪( .‬رسالة ماجستير بإشراف‬ ‫ّ‬ ‫مكرسي‪ ،‬مونية (‪ .)٢٠1٠‬التفكير‬
‫د‪ .‬عبد السالم ضيف)‪ .‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫المو ّسسة‬
‫بسام بركة‪ .‬بيروت‪ :‬ؤ‬ ‫األسلوبية (ط ‪ ،)1‬تر‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫مولينيه‪ ،‬جورج (‪.)1٩٩٩‬‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ّ‬
‫للسياب‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‪ :‬دراسة في أنشودة المطر‬ ‫ّ‬ ‫ناظم‪ ،‬حسن (‪ .)٢٠٠٢‬البنى‬
‫(ط ‪ .)1‬بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪*.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬أيمن القادري‬

‫‪16‬‬
‫البنيو ّية‬
‫ِ‬

‫ال ِبنيو يّة‬

‫والم�لّفات‬
‫ؤ‬ ‫ّأو ًال‪ -‬التعريف وأبرز األعالم‬
‫نيوية من ِبنية‪ .‬جاء في المعجم الوسيط‪« :‬بنى الشيء‪ :‬أقام جداره‪ ...‬وقد استُعملت‬ ‫ِ‬
‫الب ّ‬
‫العربية‪،٢٠٠4 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫معان كثيرة‪ ،‬تدور حول التأسيس والتنمية» (مجمع اللغة‬ ‫ٍ‬ ‫مجازا في‬
‫ً‬
‫ما ّدة َبنى‪ ،‬ص‪.)٧٢‬‬
‫نيانية‬
‫الب ّ‬ ‫نائية أو ِ‬ ‫نيوية‪ِ ،‬‬
‫الب ّ‬ ‫األدبي‪ِ :‬‬
‫«الب ّ‬ ‫ّ‬ ‫االصطالحي‪ ،‬جاء في المعجم‬ ‫في المعنى‬
‫ّ‬
‫بشرية‬
‫ّ‬ ‫نزعة مشتركة بين ع ّدة علوم كعلم النفس وعلم السالالت لتحديد واقعة‬
‫(جبور‬ ‫رياضية» ّ‬‫ّ‬ ‫منظم وللتعريف بهذا المجموع بواسطة نماذج‬ ‫بالنسبة إلى مجموع ّ‬
‫«نظرية قائمة على تحديد‬ ‫ّ‬ ‫البنيوية لغو ًّيا‪:‬‬
‫ّ‬ ‫عبدالنور‪ ،1٩84 ،‬ص‪ .)5٢‬ويضيف أ ّن‬
‫ومبينة أ ّن هذه الوظائف المح ّددة بمجموعة من‬ ‫ّ‬ ‫وظائف العنصر في تركيب اللغة‪،‬‬
‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫األلسنية‬
‫ّ‬ ‫الموازنات والمقابالت‪ ،‬هي مندرجة في منظومات واضحة»‪ّ .‬أما‬
‫األساسية التي تربط مختلف األجزاء‬ ‫ّ‬ ‫فهي التي‪« :‬تح ّدد ِبنى لغات العالم‪ ،‬أي العالئق‬
‫معين» (ص‪.)34‬‬ ‫لغوي ّ‬‫ّ‬ ‫في نظام‬
‫اللغوية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نيوية‪ ،‬القائمة على استقالل ِ‬
‫البنية‬ ‫الب ّ‬ ‫النظرية ِ‬
‫ّ‬ ‫يجمع الباحثون اليوم على أ ّن‬
‫نيوية‬
‫الب ّ‬ ‫بحق رائد ِ‬ ‫ّ‬ ‫ترجع في أصولها إلى فردينان دو سوسير )‪ ،(Saussure‬ولذا ُدعي‬
‫َ‬
‫التاريخية التي أ ّدت إلى اعتبار اللغة‬ ‫ّ‬ ‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫الحديثة؛ فقد ناهض سوسير‬
‫تطورها عبر الزمن من دون دراسة العالقات‬ ‫مجموعة من عناصر منعزلة يمكن متابعة ّ‬
‫ويوثّر‬ ‫اللغوية تدخل في تنظيم شامل يحتويها ؤ‬ ‫ّ‬ ‫القائمة في ما بينها‪ ،‬وأكّد أ ّن العناصر‬
‫االعتباطية )‪ (Système de signes arbitraires‬ال‬ ‫ّ‬ ‫فيها‪ ،‬ورأى أ ّن اللغة نظام من الرموز‬
‫الخاص به‪ ،‬ولذا فمن الضرورة أن تُدرس جميع أجزائه باالستناد‬ ‫ّ‬ ‫يعرف ّإال ترتيبه‬

‫‪17‬‬
‫البنيو ّية‬
‫ِ‬

‫إلى تضامنها التزامني )‪ ،(Solidarité synchronique‬وأنّه لمن الخطأ اعتبار الكلمة‬


‫ّ‬
‫مفهوما )‪ (Concept‬وصو ًتا‪ ،‬فتحديدها بهذا الشكل ؤيو ّدي‬‫ً‬ ‫تتضمن‬
‫ّ‬ ‫َوحدة مستقلّة‬
‫إلى عزلها عن النظام الذي ؤتولّف جزءًا منه‪ ،‬ويحمل على االعتقاد بأنّه يمكن البدء‬
‫ثم بناء النظام بجمعها بعضها إلى بعض‪ ،‬في حين أنّه‬ ‫بدراسة الكلمات منفردة‪ّ ،‬‬
‫يجب االنطالق من الك ّل المتضافر وتحليله بغية الوصول إلى العناصر التي يحتويها‬
‫)‪.(Saussure, 2005, p. 81, 95, 122‬‬
‫مصطلحي ِبنية )‪ (Structure‬و ِب ّ‬
‫نيوية‬ ‫َ‬ ‫لم يستخدم سوسير في دراسته اللغة‬
‫واستمر األمر سنين عديدة‬
‫ّ‬ ‫)‪ ،(Structuralisme‬بل مصطلح نسق أو نظام )‪.(Système‬‬
‫(حمودة‪،1٩٩8 ،‬‬ ‫نيوية ّ‬‫حتى أتى رومان جاكبسون ليكون ّأول من استخدم مصطلح ِب ّ‬ ‫ّ‬
‫البنيوية من َر ِحم أفكار سوسير نفسه‪ ،‬إذ ليست ِبنية اللغة‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫ص‪ ،)163‬وتولد‬
‫عند جاكبسون سوى ِ‬
‫نظامها عند سوسير‪.‬‬
‫بنيويو مدرسة براغ‪ ،‬فنقلوا هذا‬ ‫ّ‬ ‫قال سوسير بأ ّن اللغة تدرس بنفسها ولنفسها‪ّ ،‬أما‬
‫نصا شعر ًّيا‬
‫نصا ما ًّ‬‫شعريةَ اللغة التي تجعل ًّ‬ ‫ّ‬ ‫المفهوم إلى حقل األدب في دراستهم‬
‫عبر جاكبسون عن ذلك في قوله‪« :‬إ ّن هدف‬ ‫وتغير وظيفة الجمل والعبارات فيه‪ .‬وقد ّ‬ ‫ّ‬
‫أدبيته؛ أي تلك العناصر المح ّددة التي‬ ‫علم األدب ليس هو األدب في عمومه‪ ،‬وإنّما ّ‬
‫عمال أدب ًّيا» (فضل‪ ،1٩٩8 ،‬ص‪.)4٢‬‬ ‫تجعل منه ً‬
‫النص‪ .‬إنّهم ال ينظرون إلى التاريخ أو أثر العوامل‬ ‫البنيويون خارج ّ‬ ‫ّ‬ ‫كذلك‪ ،‬ال ينظر‬
‫المولّف أو ذوق المتل ّقي‪.‬‬
‫ذاتية ؤ‬
‫النص‪ ،‬وكذلك ال ينظرون إلى ّ‬ ‫الخارجية في بناء دالالت ّ‬ ‫ّ‬
‫البنيوي‪ ،‬حيث ينظر إلى األبنية التي‬‫ّ‬ ‫محط اهتمام الدارس‬ ‫ّ‬ ‫النص‬
‫إ ّن نظام بناء ّ‬
‫النص‪ ،‬والنظام الذي يتشكّل من ّاطراد هذه‬ ‫تنجم عن اجتماع بعض العناصر في ّ‬
‫متغيرة»‬‫عناصر ّ‬
‫َ‬ ‫البنيوية بأنّها «مجموعة من العالقات الثابتة بين‬ ‫ّ‬ ‫األبنية‪ ،‬لذلك تُع َّرف‬
‫البنيوي أن يبحث عن العالقات التي‬ ‫ّ‬ ‫(النحوي‪ ،1٩٩٩ ،‬ص‪ ،)4٠‬وعلى الدارس‬ ‫ّ‬
‫مجرد‬ ‫منظم‪ ،‬أل ّن البنية ليست‬ ‫ِ‬
‫المتحدة قيمةَ وضعها في مجموع ّ‬ ‫العناصر ّ‬ ‫تعطي‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الداخلية وفق المبدأ‬
‫ّ‬ ‫مجموعة من العناصر المتآزرة‪ ،‬بل هي ك ٌّل تحكمه عالقاته‬
‫أي عنصر‬ ‫بأولوية الك ّل على الجزء‪ ،‬وبالتالي «ال يمكن فهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنطقي الذي يقضي‬
‫ّ‬
‫في البنية خارج الوضع الذي يشغله في الشكل العامّ» (فضل‪ ،‬ص‪.)133‬‬
‫أدبية األدب‪ ،‬وليس‬ ‫األدبية في جوهرها تركّز على ّ‬ ‫ّ‬ ‫«البنيوية‬
‫ّ‬ ‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإ ّن‬

‫‪18‬‬
‫البنيو ّية‬
‫ِ‬

‫األول بتحديد‬ ‫يهتم في المقام ّ‬ ‫البنيوي ّ‬‫ّ‬ ‫النص‪ .‬أي إ ّن الناقد‬


‫على وظيفة األدب أو معنى ّ‬
‫نصا أدب ًّيا‪.‬‬
‫القصة أو الرواية أو القصيدة ًّ‬ ‫ّ‬ ‫أدبا‪ ،‬التي تجعل‬‫الخصائص التي تجعل األدب ً‬
‫ولكي يح ّقق ذلك‪ ،‬عليه أن يدرس عالقات الوحدات والبنى الصغيرة بعضها ببعض‬
‫النص‬ ‫النص‪ ،‬في محاولة للوصول إلى تحديد للنظام أو البناء الكل ّّي الذي يجعل ّ‬ ‫داخل ّ‬
‫البنيوي مق ّد ًما أنّه موجود‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫ّ‬ ‫أدبا‪ ،‬وهو نظام يفترض الناقد‬ ‫موضوع الدراسة ً‬
‫حق‬
‫معطيا لنفسه ّ‬ ‫ً‬ ‫الفردية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يحاول تطبيق خصائص النظام الكلّي العامّ على النصوص‬
‫ّ‬
‫(حمودة‪ ،‬ص‪.)15٩‬‬ ‫النص الصغرى ووحداته» ّ‬ ‫بحرية مع بنى ّ‬
‫ّ‬ ‫التعامل‬
‫الستينيات من القرن العشرين عندما‬ ‫ّ‬ ‫البنيوية إلى فرنسا‪ ،‬في منتصف‬ ‫ّ‬ ‫انتقلت‬
‫الفرنسية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشكليين الروس إلى‬
‫ّ‬ ‫ترجم تودوروف أعمال‬
‫العامة)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األلسنية‬
‫ّ‬ ‫البنيوية في الغرب‪ :‬جاكبسون (مباحث في‬ ‫ّ‬ ‫من أبرز أعالم‬
‫البنيوية)‪ ،‬وبارت (مدخل إلى التحليل‬ ‫ّ‬ ‫وستروس أو شتراوس (األنثروبولوجيا‬
‫البنيوية)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(السيميائية‬
‫ّ‬ ‫البنيوي للقصص)‪ ،‬وفوكو (الكلمات واألشياء)‪ ،‬وغريماس‬ ‫ّ‬
‫(نظرية األدب)‪...‬‬
‫ّ‬ ‫والكان (كتابات)‪ ،‬وتودوروف‬
‫األدبي)‪ ،‬كمال أبو ديب‬ ‫ّ‬ ‫البنائية في النقد‬
‫ّ‬ ‫(نظرية‬
‫ّ‬ ‫ومن العرب‪ :‬صالح فضل‬
‫الجاهلي)‪ ،‬عبد اهلل الغَ ّذامي‬
‫ّ‬ ‫بنيوي في دراسة الشعر‬ ‫ّ‬ ‫(الر�ى المقنّعة‪ :‬نحو منهج‬
‫ؤ‬
‫(قضية‬ ‫البنيوية إلى التشريحية)‪ ،‬عبد السالم ِ‬
‫الم َس ّدي‬ ‫ّ‬ ‫(الخطيئة والتكفير‪ :‬من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نسقية)‪ ،‬حسين‬ ‫ّ‬ ‫محمد مفتاح (التل ّقي والتأويل‪ :‬مقاربة‬ ‫ّ‬ ‫البنيوية‪ :‬دراسة ونماذج)‪،‬‬
‫ّ‬
‫األدبية)‪ ،‬سامي سويدان (جسور الحداثة المعلّقة‪ :‬من‬ ‫ّ‬ ‫الواد (في مناهج الدراسات‬
‫تقنيات‬
‫النص؛ ّ‬ ‫ظواهر اإلبداع في الشعر والرواية والمسرح)‪ ،‬يمنى العيد (في معرفة ّ‬
‫البنيوي)‪...‬‬
‫ّ‬ ‫الروائي في ضوء المنهج‬
‫ّ‬ ‫السرد‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫تتكون بمجموع‬ ‫ّ‬ ‫العنصر )‪ :(Élément‬مك ِّون من مك ِّونات البنية‪ ،‬على أ ّن البنية ال‬
‫العناصر‪ ،‬بل بالعالقة القائمة بينها‪.‬‬
‫النص‪ ،‬أو ؤيو ّديه بهذا‬
‫معنى يحمله ّ‬ ‫وترابطها َوفق ً‬
‫ُ‬ ‫السياق )‪ :(Contexte‬تتابع األجزاء‬
‫الخاص به‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التتابع‬
‫تكون البنية‪.‬‬‫النسق أو النظام )‪ :(Système‬ما يتولّد عن حركة العالقة بين العناصر التي ّ‬
‫‪19‬‬
‫البنيو ّية‬
‫ِ‬

‫االنزياح )‪ :(Écart‬االنحراف دالل ًّيا باتّجاه االختالف‪( .‬العيد‪ ،٢٠1٠ ،‬ص‪،318‬‬


‫‪)3٢1 ،3٢٠‬‬
‫اللغة والكالم )‪ :(La Langue et la Parole‬اللغة نظام اجتماعي ومجموعة من القواعد‬
‫ّ‬
‫تطبيقا فرد ًّيا‬
‫ً‬ ‫والقوانين‬ ‫التواصلية؛ ّأما الكالم فهو تطبيق هذه القواعد‬
‫ّ‬ ‫والقوانين‬
‫خصوصا في الكتابة‪.‬‬
‫ً‬ ‫شخص ًّيا يتجلّى‬
‫التزامن والتعاقب )‪ :(Synchronique et Diachronique‬التزامن هو زمن حركة‬
‫العناصر في ما بينها ضمن زمن واحد هو زمن نظامها داخل البنية؛ ّأما التعاقب‬
‫فيمثّل زمن تخلخل البنية حيث يح ّل ك ّل عنصر فيها مح ّل اآلخر بمرور الزمن‬
‫(قطوس‪ ،٢٠16 ،‬ص‪.)1٠٩ ،1٠8‬‬ ‫ّ‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫ثمة‬
‫الشعري‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫النص األدبي‬
‫ّ‬ ‫البنيوية بدراسة المستويات التي تشكّل بنية‬
‫ّ‬ ‫تهتم‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البنيويون‪ ،‬وهي التالية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ثالثة مستويات رئيسة اعتمد عليها‬
‫الموسيقية من نبر‬
‫ّ‬ ‫ورمزيتها وتكويناتها‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬المستوى الصوتي‪ :‬دراسة الحروف‬
‫ّ‬
‫وتنغيم وإيقاع‪.‬‬
‫النحوي‪ ،‬المعجمي‪ ،‬التركيبي‪ :)...‬دراسة وحدات‬
‫ّ‬ ‫اللغوية (الصرفي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .٢‬المستويات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والبالغية‪ ،‬ودراسة خصائصها‬
‫ّ‬ ‫والتركيبية‬
‫ّ‬ ‫والنحوية‬
‫ّ‬ ‫الصرفية‬
‫ّ‬ ‫اللغة ضمن البنى‬
‫وطرق تكوينها‪.‬‬
‫‪ .3‬المستوى الداللي‪ :‬يحلّل المعاني والصور والمحاور من خالل تعاضد‬
‫ّ‬
‫المستويات‪.‬‬
‫لكن بعض النقاد‬‫ّ‬ ‫المكملة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وقد أضاف باحثون الحقون العديد من المستويات‬
‫تكافو‬
‫ؤ‬ ‫األهم هو البحث عن مدى تجانس أو‬ ‫ّ‬ ‫البنيوية وأهدافها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خروجا على‬
‫ً‬ ‫ع ّدوها‬
‫يعين العالقات‬
‫�‪ ،‬إ ًذا‪ ،‬أ ّن ّ‬
‫أي مستوى مع نظيره من المستويات األخرى‪ .‬على القار ؤ‬ ‫ّ‬
‫التي تربط عناصر ك ّل مستوى بالمستوى الذي يليه‪ ،‬وعناصر ك ّل من األنظمة بالنظام‬
‫األشمل الذي يأتي بعده (فضل‪ ،‬ص‪٢14‬؛ ّأيوب‪ ،٢٠11 ،‬ص‪.)183 ،131‬‬
‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫تهتم‬
‫ّ‬ ‫السردية‪ ،‬فباإلضافة إلى العناصر السابقة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّأما في مجال الدراسات‬

‫‪20‬‬
‫البنيو ّية‬
‫ِ‬

‫الر�ية والموقع‪ ،‬الزمن والهيئة‬


‫المتفردة ودراستها‪ :‬الراوي‪ ،‬ؤ‬
‫ّ‬ ‫برصد عناصر السرد‬
‫والشخصيات‪( ...‬العيد‪.)٢٠1٠ ،‬‬
‫ّ‬ ‫والنمط‪ ،‬الحوافز‬
‫البنيوية يتركّب بعد تفكيك المبنى أو ِ‬
‫البنية‪ ،‬أي إ ّن‬ ‫ّ‬ ‫باختصار‪ :‬إ ّن المعنى في‬
‫مرحلتين‪ ،‬هما‪ :‬التفكيك‪ ،‬والتركيب‪.‬‬
‫َ‬ ‫البنيوي يجري على نولَين‪ ،‬أو ضمن‬
‫ّ‬ ‫التحليل‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫ونثرا‪ ،‬واللغة في بنياتها ووظائفها‪،‬‬
‫شعرا ً‬
‫البنيوية هو األدب ً‬
‫ّ‬ ‫إ ّن ميدان الدراسات‬
‫أيضا وجو ًدا في العديد من الميادين األخرى كالفلسفة (ألتوسير)‪،‬‬‫ّإال أ ّن للبنيوية ً‬
‫وعلم النفس (بياجيه)‪ ،‬والتحليل النفسي (الكان)‪ ،‬واألنثروبولوجيا (ستروس)‪،‬‬
‫ّ‬
‫واإلبستمولوجيا (فوكو)‪...‬‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫البنيوية (ط‪ ،)1‬القاهرة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫زكريا (‪ .)1٩٧6‬مشكلة البنية أو أضواء على‬ ‫ّ‬ ‫إبراهيم‪،‬‬
‫مكتبة مصر‪.‬‬
‫البنيوية (ط‪ ،)4‬تر‪ .‬عارف منيمنه وبشير أوبري‪ .‬بيروت‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫بياجه‪ ،‬جان (‪.)1٩85‬‬
‫منشورات عويدات‪.‬‬
‫البنيوية وما بع َدها‪ :‬من ليفي شتراوس إلى دريدا‬
‫ّ‬ ‫ستروك‪ ،‬جون (فبراير ‪.)1٩٩6‬‬
‫محمد عصفور‪ .‬الكويت‪ :‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني‬ ‫ّ‬ ‫(العدد ‪ ،)٢٠6‬تر‪.‬‬
‫ّ‬
‫للثقافة والفنون‪.‬‬
‫عبود‪ .‬دمشق‪ :‬منشورات‬ ‫البنيوية في األدب‪ ،‬تر‪ .‬حنّا ّ‬
‫ّ‬ ‫شولز‪ ،‬روبرت (‪.)1٩84‬‬
‫الكتاب العرب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اتّحاد‬
‫البنيوية (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬جابر عصفور‪ .‬الكويت‪ :‬دار‬
‫ّ‬ ‫كريزويل‪ ،‬إديث (‪ .)1٩٩3‬عصر‬
‫الصباح‪.‬‬
‫سعاد ُّ‬
‫البنيوية‪ :‬دراسة ونماذج (ط‪ .)1‬تونس‪ :‬دار ّ‬
‫أمية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫قضية‬
‫المس ّدي‪ ،‬عبد السالم (‪ّ .)1٩٩1‬‬
‫محمد الولي ومبارك حنّون‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشعرية (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ياكبسون‪ ،‬رومان (‪ .)1٩88‬قضايا‬
‫الدار البيضاء‪ :‬دار توبقال للنشر‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫البنيو ّية‬
‫ِ‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫بنيوية في الشعر‬
‫ّ‬ ‫جدلية الخفاء والتجلّي‪ :‬دراسات‬
‫ّ‬ ‫أبو ديب‪ ،‬كمال (‪.)1٩84‬‬
‫(ط‪ .)3‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪.‬‬
‫النص (ط‪ .)3‬بيروت‪ :‬دار اآلفاق الجديدة‪.‬‬‫العيد‪ ،‬يمنى (‪ .)1٩85‬في معرفة ّ‬
‫األدبية (ط‪ .)٢‬الدار البيضاء‪ :‬منشورات‬
‫ّ‬ ‫الواد‪ ،‬حسين (‪ .)1٩85‬في مناهج الدراسات‬
‫الجامعة‪.‬‬
‫وبخاص ٍة ما انتهى منها بعالمة*‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيضا قائمة مصادر المبحث ومراجعه‪،‬‬‫راجع ً‬

‫مصادر المبحث ومراجعه‬


‫النص ّي وتحليل الخطاب (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان‬ ‫ّأيوب‪ ،‬نبيل (‪ .)٢٠11‬النقد ّ‬
‫ناشرون‪*.‬‬
‫البنيوية إلى التفكيك‬
‫ّ‬ ‫حمودة‪ ،‬عبدالعزيز (أبريل ‪ .)1٩٩8‬المرايا المح ّدبة‪ :‬من‬ ‫ّ‬
‫(العدد ‪ .)٢3٢‬الكويت‪ :‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة والفنون‪.‬‬
‫ّ‬
‫األدبي (ط‪ .)٢‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جبور (‪ .)1٩84‬المعجم‬ ‫عبدالنور‪ّ ،‬‬
‫البنيوي (ط‪.)3‬‬
‫ّ‬ ‫الروائي في ضوء المنهج‬
‫ّ‬ ‫تقنيات السرد‬ ‫العيد‪ ،‬يمنى (‪ّ .)٢٠1٠‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الفارابي‪*.‬‬
‫األدبي (ط‪ .)1‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫البنائية في النقد‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫فضل‪ ،‬صالح (‪.)1٩٩8‬‬
‫عمان‪ :‬دار فضاءات‬ ‫النقدية المعاصرة (ط‪ّ .)1‬‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫بسام (‪ .)٢٠16‬دليل‬ ‫قطوس‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الدولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العربية (‪ .)٢٠٠4‬المعجم الوسيط (ط‪ .)4‬القاهرة‪ :‬مكتبة الشروق‬ ‫ّ‬ ‫مجمع اللغة‬
‫النحوي للنشر‬
‫ّ‬ ‫واألسلوبية (ط‪ .)1‬الرياض‪ :‬دار‬
‫ّ‬ ‫النحوي‪ ،‬عدنان (‪ .)1٩٩٩‬األسلوب‬‫ّ‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫‪- Saussure, Ferdinand de (2005). Cours de linguistique générale [1916]. Genève:‬‬
‫‪Arbre d’Or.‬‬

‫إعداد‪ :‬د‪ .‬عماد غنّوم‬

‫‪22‬‬
‫التأويل‬

‫‪23‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫التأويل وسيميائيّة القراءة‬


‫(ريكور وإيكو)‬

‫وم�لّفات‬
‫ّأو ًال‪ -‬تعريفات وأعالم ؤ‬
‫الفكرية‬
‫ّ‬ ‫التيارات‬
‫التطورات التي حصلت في ّ‬ ‫ّ‬ ‫انبثق مفهوم التأويل من سلسلة‬
‫المعرفية باعتباره جه ًدا عقل ًّيا يحاول الوقوف على النصوص‬ ‫ّ‬ ‫تطوراتها‬
‫مسايرا ّ‬
‫ً‬ ‫والنقدية‬
‫ّ‬
‫ثم أصبحت العالقة بين القراءة والتأويل‬ ‫الالنهائي الستكشاف الداللة‪ّ ،‬‬ ‫في انفتاحها‬
‫ّ‬
‫آليات‬ ‫� الذي يح ّدد ّ‬ ‫والموثّر فيه‪ /‬القار ؤ‬
‫ؤ‬ ‫النص‬
‫جدلية تقوم على التفاعل المتبادل بين ّ‬ ‫ّ‬
‫فن أو علم‬ ‫المنهجية‪ .‬وتعني الكلمة (الهرمينوطيقا) في األصل ّ‬ ‫ّ‬ ‫القراءة وإجراءاتها‬
‫باليونانيين في العصر الكالسيكي بوصفها إجراءً أو طريق ًة‬ ‫ّ‬ ‫التأويل‪ .‬واقترن ظهورها‬
‫ّ‬
‫األدبية وفهمها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في قراءة النصوص‬
‫فكري يتو ّخى تفسير النصوص وإنتاج‬ ‫ّ‬ ‫التأويلية )‪ (Herméneutique‬هي نشاط‬ ‫ّ‬ ‫إ ًذا‪،‬‬
‫مصدرا‬ ‫ً‬ ‫المولّف‬
‫الباطني‪ ،‬انطال ًقا من اعتبار ؤ‬ ‫الظاهري من المعنى‬ ‫ّ‬ ‫فهمها‪ ،‬وتمييز المعنى‬
‫ّ‬
‫التأويلية إلى منهج لقراءة‬
‫ّ‬ ‫تحولت‬‫واإلنسانية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫تطور العلوم‬‫للمعنى؛ لكن‪ ،‬مع ّ‬
‫ثم تداخلها‬ ‫بالسيميائية ومفاهيمها‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫والسيما بعد تأثّرها‬‫ّ‬ ‫األدب‪ ،‬واختلفت منطلقاتها‬
‫األلمانية في‬
‫ّ‬ ‫مع نظرية «القراءة والتل ّقي» التي جاءت بها مدرسة كونستانز )‪(Konstanz‬‬
‫ّ‬
‫� في مكانة تتيح له المشاركة في إنتاج المعنى‪،‬‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬والتي وضعت القار ؤ‬
‫� ملء فجوات‬ ‫مهمات القار ؤ‬‫النص المقروء‪ ،‬وجعلت من ّ‬ ‫موكّدة عدم الفصل بينه وبين ّ‬ ‫ؤ‬
‫مجسدة في طروحاتها‬ ‫ّ‬ ‫النص‪ ،‬والقيام ببناء المعنى المتع ّدد من خالل التفاعل معه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫إستراتيجيات التأويل (البريكي‪ ،٢٠٠6 ،‬ص‪.)153 ،14٩‬‬ ‫ّ‬ ‫إستراتيجيات جديدة منها‬
‫ّ‬

‫‪24‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫للنص‬
‫ّ‬ ‫شيوعا‪ ،‬هي قبول تع ّدد المعنى‬
‫ً‬ ‫والتأويلية‪ ،‬في أبسط تعريف لها وأكثره‬
‫ّ‬
‫األول‪ ،‬يهدف إلى كشف‬ ‫تصو َرين للتأويل عبر التاريخ‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫الواحد‪ .‬ويشير إيكو إلى‬
‫النص‬‫ّ‬ ‫المولّف وكشف طابعها الموضوعي‪ .‬والثاني‪ ،‬يرى أ ّن‬ ‫ؤ‬ ‫الداللة التي أرادها‬
‫ّ‬
‫النص‬
‫نص العالم أو تفاعل مع عالم ّ‬ ‫يحتمل ك ّل تأويل ممكن‪ ،‬وأ ّن التأويل تفاع ٌل مع ّ‬
‫عبر إنتاج نصوص أخرى (إيكو‪ ،٢٠٠4 ،‬ص‪.)11٧‬‬
‫سيميائية جديدة‪ ،‬أفادت من دراسة‬
‫ّ‬ ‫تأويلية‬
‫ّ‬ ‫مدارس‬
‫َ‬ ‫أسهم ك ّل ما سبق في إيجاد‬
‫اللسانية‪ ،‬وربطتها بحموالتها‬
‫ّ‬ ‫العالمات والرموز واإلشارات واأليقونات والدوا ّل‬
‫والواقعية‪ ،‬رابطة التحليل بالتأويل‪ُ ،‬مقصية بذلك عن التأويل‬
‫ّ‬ ‫والمقصدية‬
‫ّ‬ ‫المرجعية‬
‫ّ‬
‫السيميائية المفرطة‪ .‬ومنها سيمياء‬
‫ّ‬ ‫موضوعية‬
‫ّ‬ ‫الذاتية المفرطة‪ ،‬ومخ ّففة من‬
‫ّ‬ ‫صفة‬
‫بالكيفية التي يتسنّى لعمل‬
‫ّ‬ ‫القراءة والتأويل التي يمثّلها إيكو الذي شغله «اإللمام‬
‫فنّي عبرها أن يفترض تد ّخ ًال تأويل ًّيا ح ًّرا‪ ،‬من جهة‪ ،‬وأن يمثّل من جهة أخرى‪،‬‬
‫تحرك نظام تأويالته (النتاج) الممكنة‪ ،‬وتسعى إلى‬ ‫بنيوية قابلة للوصف‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫خصائص‬
‫َ‬
‫ونظرية غريماس في علم‬‫ّ‬ ‫ضبطه‪ ،‬مستفي ًدا من أعمال بيرس وجاكبسون وبارت‬
‫الداللة (إيكو‪ ،1٩٩6 ،‬ص‪.)8-٧‬‬
‫التأويلية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أهم أعالم‬
‫من ّ‬
‫فريدريك شاليرماخر )‪ :)1834-1٧68( (Friedrich Schleiermacher‬الهوتي‬
‫ّ‬
‫فن‬
‫عامة بوصفها ّ‬ ‫ألماني‪ .‬تجلّى هدفه في تأسيس هرمينوطيقا ّ‬ ‫وفيلسوف مثالي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لغوي بين‬
‫ّ‬ ‫النص عبارة عن وسيط‬ ‫تأويليته على أساس أ ّن ّ‬
‫ّ‬ ‫الفهم‪ .‬بنى شاليرماخر‬
‫الجدلية التي تحكمها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫�‪ ،‬وعمل على رصد العالقة‬ ‫المولّف وفكر القار ؤ‬ ‫فكر ؤ‬
‫جانبا موضوع ًّيا يشير إلى اللغة‪ ،‬وهو المشترك الذي‬ ‫ً‬ ‫جانبين‪:‬‬
‫َ‬ ‫وح ّدد في النص‬
‫الجانبين‬
‫َ‬ ‫المولّف‪ ،‬وكال‬ ‫وجانبا ذات ًّيا يشير إلى فكر ؤ‬
‫ً‬ ‫عملية الفهم ممكنة؛‬ ‫ّ‬ ‫يجعل‬
‫المولّف‬
‫� إلى إعادة بنائها بغية فهم ؤ‬ ‫المولّف التي يسعى القار ؤ‬ ‫يشيران إلى تجربة ؤ‬
‫أو فهم تجربته‪ ،‬وهكذا يتجلّى هدف التأويل كما يراه شاليرماخر‪ ،‬في إعادة بناء‬
‫النص (مصطفى‪ ،٢٠1٧ ،‬ص‪.)64-55‬‬ ‫لمولّف ّ‬ ‫الذهنية ؤ‬
‫ّ‬ ‫الخبرة‬
‫مارتن هيدغر )‪ :)1٩٧6 188٩( (Martin Heidegger‬تتلمذ على يد هوسرل‬
‫وع َّد الفهم أساس الفلسفة وجوهر‬ ‫)‪ ،(Husserl‬عمد إلى دمج الفلسفة بالتأويل‪َ ،‬‬
‫الفن‪ ،‬وأ ّن الفنّان هو أصل‬
‫الفني‪ ،‬ورأى أ ّن أصله هو ّ‬ ‫الوجود‪ ،‬وبحث عن حقيقة العمل‬
‫ّ‬

‫‪25‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫العمل‪ ،‬وأكّد «أ ّن ما هو في حال انشغال في العمل الفني هو مجيء الحقيقة‪ ،‬والحقيقة‬


‫ّ‬
‫كشف شخصي‬ ‫ٌ‬ ‫المقصودة ليست الحقيقة المطلقة التي يق ّدمها الموروث‪ ،‬إنّما هي‬
‫ّ‬
‫(أيوب‪ ،٢٠11 ،‬ص‪.)141‬‬ ‫الفني ويدعونا لنقيس عليه تجاربنا» ّ‬ ‫يحمله العمل‬
‫ّ‬
‫مشروعه‬ ‫ُ‬ ‫رودولف بولتمان )‪ :)1٩٧6 1884( (Rudolf Bultmann‬تكام َل‬
‫المولّف‪ ،‬وأراد‬ ‫نفسية ؤ‬ ‫ّ‬ ‫ومشروع هيدغر‪ .‬عم َد إلى تحرير التأويل من النظر في‬
‫مولّفاته كتابه في‬ ‫النص‪ .‬من أبرز ؤ‬ ‫دائما نحو ّ‬ ‫التوجه ً‬ ‫ّ‬ ‫أن يكون المبدأ التأويلي هو‬
‫ّ‬
‫التأويلية (‪.)1٩5٠‬‬ ‫ّ‬ ‫المسألة‬
‫هانس جورج غادامير )‪ :)٢٠٠٢ 1٩5٠( (Hans-Georg Gadamer‬حاول تطوير‬
‫تأويلية حدث‬ ‫ّ‬ ‫وتقنياته‪ ،‬فاعتمد على مبدأ‬ ‫ّ‬ ‫آلياته‬‫التأويلي وتدعيمه وتحديث ّ‬ ‫المنهج‬
‫ّ‬
‫جمالية بالمطلق عند‬ ‫ّ‬ ‫الفهم‪ ،‬وقام هذا المبدأ على معارضة فكرة أن تكون النظرة‬
‫الحقيقية‪ ،‬أي أن‬ ‫ّ‬ ‫المعرفية أو‬
‫ّ‬ ‫األدبية‪ ،‬بل ينبغي أن توسم بالنظرة‬ ‫ّ‬ ‫تحليل النصوص‬
‫مولّفاته كتاب‬ ‫تحليال جمال ًّيا فحسب‪ ...‬ومن أبرز ؤ‬ ‫ً‬ ‫إبداعا معرف ًّيا‪ ،‬وليس‬ ‫ً‬ ‫النص‬
‫يصبح ّ‬
‫التأويلية الجديدة (غادامير‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ضمن فيه طروحا ِته وآراءه‬ ‫الحقيقة والمنهج (‪ّ )1٩6٠‬‬
‫‪ ،٢٠٠6‬ص‪.)33‬‬
‫الذاتية‬
‫ّ‬ ‫الوجودية أو‬ ‫ّ‬ ‫بول ريكور )‪ :)٢٠15 1٩13( (Paul Ricœur‬ر َّد االعتبار إلى‬
‫البشرية إزاء صراع التأويالت الحاصل بين الواقع والتاريخ‪ ،‬وحاول أن يفصل بين‬ ‫ّ‬
‫صراعا غير عادل‬ ‫ً‬ ‫ثمة‬‫استشف أ ّن ّ‬
‫ّ‬ ‫اإليديولوجيات‪ ،‬وذلك بعد أن‬ ‫ّ‬ ‫التأويالت ونقد‬
‫محض‬ ‫َ‬ ‫التأويلية من وجهة نظره‬ ‫ّ‬ ‫مقاربتيهما؛ فليست‬ ‫َ‬ ‫أوقعنا به هيدغر وغادامير في‬
‫جمالي ًة وإيحاءً إبداع ًّيا‬ ‫ّ‬ ‫صراع مع التاريخ وسبر أغواره‪ ،‬وهي في المقابل ليست‬
‫مستم ًّرا‪ ...‬وعليه أخذ يسأل عن الذات في التاريخ‪ ،‬وأخذ يتفكّر مل ًّيا‪ :‬كيف يجد‬
‫وبحث عن‬ ‫ٌ‬ ‫التأويلية انفتاح المرء‬ ‫ّ‬ ‫نصه؟ وخلص إلى أ ّن‬ ‫المرء نفسه بعد أن ؤيو ّول ّ‬
‫ذاته‪( ...‬ريكور‪ ،٢٠٠5 ،‬ص‪.)٢٩‬‬
‫والشعرية‪ ،‬بعدما أفاد من‬ ‫ّ‬ ‫والسردية‬
‫ّ‬ ‫التأويلية بالفلسفة والبالغة‬ ‫ّ‬ ‫وربط ريكور‬
‫سيميائيته هذه بين‬ ‫ّ‬ ‫خاصة به‪ .‬قابل في‬ ‫ّ‬ ‫سيميائية‬
‫ّ‬ ‫مالمح‬
‫َ‬ ‫وخط‬
‫ّ‬ ‫سيميائية غريماس‪،‬‬ ‫ّ‬
‫تفسيرية‬ ‫تأويلية‬ ‫لما لعالَم مغلق من العالمات‪ ،‬والتأويل كمقاربة‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البنيوية باعتبارها ع ً‬ ‫ّ‬
‫سيميائية ريكور داللة الشكل إلى‬ ‫ّ‬ ‫وتاليا‪ ،‬تتع ّدى‬ ‫ً‬ ‫اللغوي في عالقته بالعالم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للمرجع‬
‫البحث في اإلحالة والمرجع‪ ،‬واالنفتاح على الخارج (حمداوي‪ ،‬ص‪.)٢5٧-٢54‬‬

‫‪26‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫نظرية يمكن حصرها في االعتراف‬ ‫ّ‬ ‫سيميائيته إلى ع ّدة مرتكزات‬


‫ّ‬ ‫وأسند ريكور‬
‫والمقصدية‪ ،‬واالهتمام بالخطاب في كل ّّيته‬
‫ّ‬ ‫الذاتية‪ ،‬والتركيز على اإلحالة‬
‫ّ‬ ‫وية‬
‫باله ّ‬
‫ُ‬
‫العضوية باعتباره داللة كل ّّية قائمة على االتّساق واالنسجام‪ ،‬وإعادة االعتبار‬ ‫ّ‬
‫رمزي مفتوح ومتع ّدد‬
‫ّ‬ ‫النص على أنّه عالَم‬
‫معا‪ .‬وتعام َل ريكور مع ّ‬‫� ً‬ ‫للكاتب والقار ؤ‬
‫حالتي التفسير والفهم‪ ،‬وهو انتقال‬ ‫َ‬ ‫جدال بين‬
‫ً‬ ‫يجسد‬
‫ّ‬ ‫المعاني‪ .‬ورأى أ ّن التأويل‬
‫النصية‪ ،‬أي الحدث األدبي‬
‫النص من المعنى إلى الحدث أو الواقعة ّ‬ ‫مرجعية ّ‬ ‫ّ‬ ‫داخل‬
‫ّ‬
‫بوصفه مواجهة مفتوحة عبر العصور (ص‪.)٢68-٢58‬‬
‫المولّف‪ ،‬وال تحديد السياق‬ ‫قصدية ؤ‬
‫ّ‬ ‫ال يسعى التأويل‪ ،‬بحسب ريكور‪ ،‬إلى معرفة‬
‫أنفسهم من حيث‬ ‫وقرائه‪ ،‬وال التعبير عن فهمهم َ‬ ‫المولّف ّ‬ ‫التاريخي المشترك بين ؤ‬
‫ّ‬
‫النص نفسه‪ ،‬بوصفه اتّجاهَ‬ ‫ِ‬
‫وثقافية‪ ،‬بل يسعى إلى تملّك معنى ّ‬ ‫ّ‬ ‫تاريخية‬
‫ّ‬ ‫هم ظواهر‬
‫اآلليات‬ ‫ًّ‬
‫أهم ّ‬ ‫النص‪ .‬وعليه‪ ،‬فإ ّن كال من الفهم والتأويل هما من ّ‬ ‫الفكر الذي يفتتحه ّ‬
‫وجهها الخفي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الموظفة في فعل القراءة‪ ،‬ويمثّالن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫السيميائية في جامعة بولونيا‬ ‫ّ‬ ‫أمبرتو إيكو )‪ :)٢٠16 1٩3٢( (Umberto Eco‬أستاذ‬
‫الجماليات‪ ،‬والشعر الطليعي‪ ،‬والتواصل‬ ‫ّ‬ ‫اإليطالية‪ ،‬تركّزت أبحاثه على تاريخ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫البحثية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الجماعي‪ ،‬وثقافة االستهالك‪ ،‬والرواية‪ ،‬والفلسفة‪ .‬من أبرز أعماله‬
‫ّ‬
‫� في‬ ‫ؤ‬ ‫القار‬ ‫(‪،)1٩٧5‬‬ ‫ة‬ ‫العام‬
‫ّ‬ ‫السيميولوجيا‬ ‫في‬ ‫مبحث‬ ‫(‪،)1٩6٢‬‬ ‫المفتوح‬ ‫األثر‬
‫السيميائيات‬
‫ّ‬ ‫السيميائية وفلسفة اللغة (‪ ،)1٩84‬التأويل بين‬ ‫ّ‬ ‫الحكاية (‪،)1٩٧٩‬‬
‫والتفكيكية (‪ ،)1٩٩٢‬التأويل والتأويل المفرط (‪...)1٩٩٢‬‬ ‫ّ‬
‫خصص إيكو كتابه األثر المفتوح )‪ (Opera aperta‬لمسألة التأويل وما يحيط بها‬ ‫ّ‬
‫من تعقيدات في الداللة واالشتغال‪ ،‬وركّز فيه على مقولة «االنفتاح» الناتجة من‬
‫النقدي من خالل‬ ‫ّ‬ ‫التفاعل الذي يحدث بين المتل ّقي واألثر الفني‪ ،‬وبنى مشروعه‬
‫ّ‬
‫منطلقا‬
‫ً‬ ‫للسيميوزيس‪،‬‬ ‫األساس‬ ‫ك‬ ‫المحر‬
‫ّ‬ ‫نقدية لطبيعة العالمة بوصفها‬ ‫ّ‬ ‫تقديم قراءة‬
‫من أ ّن التأويل هو ترجمة العالمة إلى عبارة أخرى‪ ،‬وأ ّن ك ّل عبارة يمكن أن تكون‬
‫ع تأويل وأدا َة تأويل لعبارة أخرى‪ ،‬مع اإلشارة إلى أ ّن اإلحاالت المتتالية ال‬ ‫موضو َ‬
‫التأويلية‬
‫ّ‬ ‫تقطع صلة الالحق بالسابق‪ ،‬كما أنّها ال تلغي الروابط بين عناصر الشبكة‬
‫ألي مسار تأويلي تقود إلى إنتاج معرفة‬ ‫الواحدة‪ .‬من هنا‪ ،‬فإ ّن الحلقات المشكّلة ّ‬
‫ّ‬
‫أعمق وأوسع من تلك التي تق ّدمها العالمة في بداية المسار‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫النص من أعمق جذوره‪ّ ،‬أما‬ ‫السيميائيات تتناول ّ‬ ‫ّ‬ ‫يرى إيكو (‪ ،1٩٩6‬ص‪ )1٠‬أ ّن‬
‫المهم أن يدرس المرء‬ ‫ّ‬ ‫هو فيسعى إلى «مبادأ ِته» من على سطح فعل القراءة‪ ،‬وأنّه من‬
‫النص‪ ،‬وكيف ينبغي أن تكون ك ّل قراءة له إبانة محضة عن مسار تكوين‬ ‫كيف يُصنع ّ‬
‫وصف حركات القراءة التي‬ ‫َ‬ ‫النص ينبغي أن يكون‬ ‫ّ‬ ‫بنيته‪ ،‬وأ ّن ك ّل وصف لبنية‬
‫النص أن تأخذهما كليهما في االعتبار‪.‬‬ ‫سيميائية ّ‬ ‫ّ‬ ‫معا‪ .‬لذا‪ ،‬على‬ ‫تقتضيها‪ ،‬في آن ً‬
‫يتكهن بأنّها ثغرات سوف‬ ‫ّ‬ ‫وم ْن يبثّه‬
‫ملوها‪َ ،‬‬ ‫نسيج فضاءات بيضاء‪ ،‬ينبغي ؤ‬ ‫ُ‬ ‫والنص‬
‫ّ‬
‫آلية كسولة تحيا من قيمة‬ ‫النص يمثّل ّ‬ ‫ّ‬ ‫األول أ ّن‬
‫لسببين‪ّ :‬‬ ‫َ‬ ‫تُمأل‪ ،‬فيتركها بيضاء‬
‫النص من وظيفته‬ ‫النص‪ .‬وبقدر ما يمضي ّ‬ ‫المعنى الزائدة التي يُدخلها المتل ّقي إلى ّ‬
‫والنص يحتاج‬ ‫ّ‬ ‫التأويلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫� المبادرة‬ ‫الجمالية‪ ،‬يترك للقار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫التعليمية إلى وظيفته‬ ‫ّ‬
‫نصا يعني‬ ‫يكون المرء ًّ‬ ‫دائما إلى مساعدة أحدهم ليتح ّقق عمله (ص‪ .)64-63‬وأن ّ‬ ‫ً‬
‫إستراتيجية ناجزة تأخذ في اعتبارها تو ّقعات حركة اآلخر؛‬ ‫ّ‬ ‫حي َز الفعل‬ ‫أن يضع ّ‬
‫غالبا ما ينصرف إلى رسم صورة خصم نموذجي‪،‬‬ ‫مثال‪ً ،‬‬ ‫العسكري‪ً ،‬‬
‫ّ‬ ‫فإ ّن القائد‬
‫ّ‬
‫جيد يتو ّقع‬ ‫الحقا‪ .‬وك ّل محارب ّ‬ ‫ً‬ ‫ومع ذلك فإ ّن خفايا كثيرة يمكن أن تظهر له‬
‫وتاليا‪ ،‬ينبغي أن يضع‬ ‫ً‬ ‫�‪.‬‬
‫ويتحسب للمفاجآت والطوار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫االحتماالت ويع ّددها‬
‫وينظمها من خالل اللجوء إلى سلسلة من الكفايات‬ ‫ّ‬ ‫نصية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إستراتيجية‬
‫ّ‬ ‫المولّف‬ ‫ؤ‬
‫التي من شأنها أن تجعل لكالمه مضمو ًنا‪ ،‬وأن يسلّم أ ّن هذه الكفايات التي يرجع‬
‫�‬ ‫يستشف وجود «قار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫مكتسبة عند قارئه‪ .‬لذا‪ ،‬تراه‬ ‫َ‬ ‫إليها هو‪ ،‬يجب أن تكون‬
‫� نموذجي يكون‬ ‫المولّف صورة قار ؤ‬ ‫نموذجي» )‪ .(Lecteur modèle‬وعليه‪ ،‬يرسم ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النصي‪ ،‬بالطريقة التي يراها مالئمة وقادرة على‬ ‫التأويل‬ ‫أجل‬ ‫من‬ ‫بالتعاضد‬ ‫جديرا‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫�‬ ‫المولّف تكوين ًّيا‪ .‬على أن يكون لهذا القار ؤ‬ ‫أن ؤتوثّر تأويل ًّيا بمقدار ما يكون َف َع َل ؤ‬
‫تصرفه‪ :‬خيار لغة‪ ،‬وخيار نموذج من الموسوعة‪ ،‬وخيار تراث‬ ‫ّ‬ ‫ع ّدة وسائط في‬
‫معجمي وأسلوبي معطى (ص‪.)68-6٧‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النص‪ ،‬ويرفع عنه ما يواريه‬ ‫ّ‬ ‫أيضا أ ّن التأويل يكشف الالمقول في‬ ‫ويرى إيكو ً‬
‫ويغطيه‪ ،‬ويزرع فيه روح التجديد إلى الالمتناهي‪ .‬وبذلك يدعو إلى االهتمام‬ ‫ّ‬
‫النص تكتسي‬ ‫داللية‪ ،‬وك ّل عالمة من عالمات ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالنص في كل ّّيته‪ ،‬أي بما هو َوحدة‬ ‫ّ‬
‫وتاليا‪،‬‬‫ً‬ ‫النص (إيكو‪ ،٢٠٠5 ،‬ص‪.)455‬‬ ‫داللتها من خالل عالقاتها بمثيالتها داخل ّ‬
‫وإال فإ ّن‬ ‫النص نفسه‪ّ ،‬‬ ‫نصية ما يجب أن يثبته جزء آخر من ّ‬ ‫لجزئية ّ‬
‫ّ‬ ‫«ك ّل تأويل يُعطى‬
‫هذا التأويل ال قيمة له» (إيكو‪ ،٢٠٠4 ،‬ص‪.)٧٩‬‬
‫‪28‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫المرئية لعبارة‬ ‫وبطريقة ما الغائبة أو غير‬ ‫ٍ‬ ‫اإلرجاع )‪ :(Renvoi‬العالقة المتبادلة‬
‫ّ‬
‫دائما على نح ٍو ما في موضع آخر في اآلونة التي يقع‬ ‫موجودة ما ّد ًّيا‪ .‬اإلرجاع هو ً‬
‫فيها إنتاج العبارة (إيكو‪ ،٢٠٠5 ،‬ص‪.)453‬‬
‫االستعارة )‪ :(Métaphore‬هي‪ ،‬بالنسبة إلى أرسطو‪ ،‬أداة معرفة‪ ،‬وأفضلُها تلك التي‬
‫ديناميكيات توليد الداللة نفسها‪ .‬ويتو ّقف نجاحها‬ ‫ّ‬ ‫تحرك‪ ،‬أي‬ ‫ّ‬ ‫تُظهر الثقافة في‬
‫وتتميز‪ ،‬كك ّل‬ ‫ّ‬ ‫المو ّولين‪.‬‬
‫ؤ‬ ‫على الحجم االجتماعي الثقافي لموسوعة األشخاص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دائما أن نقول‬ ‫ً‬ ‫علينا‬ ‫تفرض‬ ‫التي‬ ‫الكيف‬ ‫قاعدة‬ ‫تنتهك‬ ‫البالغية‪ ،‬بأنّها‬‫ّ‬ ‫الوجوه‬
‫الحقيقة‪ ،‬لذلك ال يمكن أن تُ ؤو َّول حرف ًّيا (ص‪.)454‬‬
‫السنَن )‪ :(Codes‬بحسب إيكو‪ ،‬تستلزم السنن مفهوم المواضعة من ناحية‪ ،‬ومفهوم‬ ‫ُّ‬
‫اآللية التي تتحكّم فيها القواعد التي تمكّن من اكتساب العالمة معنى من ناحية‬ ‫ّ‬
‫ثانية‪ .‬ويقول إيكو بافتراض وجود سنن مشتركة بين المرسل والمتل ّقي‪ ،‬لتتمكّن‬
‫معينة أو تعيين معنى (ص‪.)458‬‬ ‫العالمة من نقل معلومة ّ‬
‫� (معرفة الكون الذي‬ ‫أهلية القار ؤ‬‫فعل القراءة )‪ :(L’acte de lecture‬تفاعل مركّب بين ّ‬
‫تأويلية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫� قراءة‬ ‫النص‪ .‬ولكي يقرأ القار ؤ‬ ‫وأهلية يستدعيها ّ‬ ‫ّ‬ ‫�)‬ ‫يتحرك داخله القار ؤ‬ ‫ّ‬
‫واللسانية (إيكو‪ ،٢٠٠4 ،‬ص‪.)8٧-86‬‬ ‫ّ‬ ‫الثقافية‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫خلفية ّ‬ ‫ّ‬ ‫عليه أن يحترم‬
‫نهائية تُ َع ّد‬
‫ّ‬ ‫� النموذجي )‪ :(Le lecteur modèle‬ليس َمن يقوم بتخمينات‬ ‫القار ؤ‬
‫ّ‬
‫�‬‫نهائية‪ ،‬والقار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫وحدها الصحيحة‪ ،‬وإنّما هو القادر على اإلتيان بتخمينات ال‬
‫� النموذجي الذي‬ ‫نوعية القار ؤ‬
‫ّ‬ ‫تخص‬
‫ّ‬ ‫مجرد ممثّل يقوم بتخمينات‬ ‫ّ‬ ‫المحسوس هو‬
‫ّ‬
‫المولّف (إيكو‪ ،٢٠٠4 ،‬ص ‪٧8‬؛ ‪ ،1٩٩6‬ص‪.)6٩‬‬ ‫النص‪ ،‬أي ؤيو ّسسه ؤ‬ ‫يفترضه ّ‬
‫ليصح الكالم على تو ّقعات‬ ‫ّ‬ ‫ضروري‬
‫ّ‬ ‫العالم الممكن )‪ :(Le monde possible‬مفهومٌ‬
‫لقصة أخرى كان يمكن أن تحدث‪ .‬وهو بناء ٌ‬ ‫مسودة ّ‬ ‫ّ‬ ‫� يظ ّل‬‫�‪ .‬وتو ّقع القار ؤ‬ ‫القار ؤ‬
‫رهنا‬
‫مفهومي ال يعود إلى أحدهم‪ ،‬ويكون ً‬ ‫ثقافي‪ ،‬يشكّل جزءًا أساس ًّيا من نسق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ويتجسد العالم الممكن‬ ‫ّ‬ ‫المفهومية (إيكو‪ ،1٩٩6 ،‬ص‪.)1٧٠ ،161‬‬ ‫ّ‬ ‫بترسيماته‬
‫القراء كمرجع إلى حالة من األشياء‬ ‫ٍ‬
‫اللسانية‪ ،‬ؤيو ّولها ّ‬
‫ّ‬ ‫بسلسلة من التعبيرات‬ ‫السردي‬
‫ّ‬
‫وإما خطأ‬ ‫وهما ّ‬ ‫صحيحا أو واقع ًّيا‪ ،‬فإ ّن ال (أ) يُ َع ّد ّإما ً‬ ‫ً‬ ‫الممكنة‪ ،‬بحيث إذ كان (أ)‬
‫(بوعزيز‪ ،٢٠٠8 ،‬ص‪.)٢16‬‬

‫‪29‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫المسجلة لجميع التأويالت‪ ،‬ويمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫الموسوعة )‪ :(Encyclopédie‬المجموعة‬


‫فرضية ضابطة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نتصورها موضوع ًّيا على أنّها مكتبة المكتبات‪ .‬ويح ّددها إيكو بأنّها‬
‫ّ‬
‫النص‬
‫نص ما‪ ،‬أن يبني جزءًا منها لفهم ّ‬ ‫يقرر المتل ّقي على أساسها‪ ،‬وعند تأويل ّ‬ ‫ّ‬
‫وتأويله (إيكو‪ ،٢٠٠5 ،‬ص‪.)463‬‬
‫� نموذجي (إيكو‪ ،٢٠٠4 ،‬ص‪.)٧٧‬‬ ‫النص )‪ :(Texte‬جهاز يُراد منه إنتاج قار ؤ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬
‫‪ -1‬بحسب ريكور‪:‬‬
‫المنهجية في‬
‫ّ‬ ‫التأويلية عند ريكور على مجموعة من الخطوات‬
‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫ك�‬
‫ّتت ؤ‬
‫الدينية والخطابات‬
‫ّ‬ ‫وفلسفية‪ ،‬وفي تأويل النصوص‬
‫ّ‬ ‫أدبي ًة‬
‫اإلبداعية ّ‬
‫ّ‬ ‫مقاربة النصوص‬
‫أساسية‪ ،‬وهي‪ :‬ما قبل‬
‫ّ‬ ‫المنهجية في ثالث مراحل‬
‫ّ‬ ‫الالهوتية‪ .‬وتتمثّل هذه الخطوات‬
‫ّ‬
‫الفهم‪ ،‬التفسير‪ ،‬التأويل‪.‬‬
‫ما قبل الفهم )‪ :(Précompréhension‬تتمثّل هذه المرحلة في العالقة المباشرة التي‬
‫األولي يعني وجود المتل ّقي‪ ،‬وحضوره‬ ‫مرة‪ .‬وهذا االتّصال‬‫أول ّ‬ ‫بالنص ّ‬ ‫�‬
‫يعقدها القار ؤ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يتم التركيز على الح ْدس واالفتراض الستخالص ما‬ ‫ذات ًّيا وذهن ًّيا ووجدان ًّيا‪ .‬وهنا‪ّ ،‬‬
‫رية‪.‬‬
‫البو ّ‬
‫االفتراضية ؤ‬
‫ّ‬ ‫وعضوي‪ ،‬وتحصيل الداللة‬ ‫ّ‬ ‫هو كلّي‬
‫ّ‬
‫التفسير )‪ :(Explication‬وهي مرحلة الشرح والتحليل‪ ،‬أو المرحلة التي نستخدم‬
‫الموضوعية‪ :‬الفيلولوجيا‪ ،‬والنقد األدبي‪ ،‬والتاريخ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫العلمية‬
‫ّ‬ ‫فيها المقاربات‬
‫ّ‬
‫والسيميائيات‪ ...‬ويكون التفسير في خدمة الفهم واإلدراك‪ .‬وهذا‬ ‫ّ‬ ‫واللسانيات‪،‬‬
‫ّ‬
‫النص أو الخطاب في ضوء‬ ‫يعني أ ّن التأويل أو التفسير أو الشرح هو بمنزلة تحليل ّ‬
‫النصية لسان ًّيا‪ ،‬وبنيو ًّيا‪ ،‬وسيميائ ًّيا من أجل كشف دالالت‬
‫ّ‬ ‫مجموعة من المقاربات‬
‫النص العميقة‪.‬‬
‫ّ‬
‫أيضا بفهم الداللة أو الفهم المساعد‬ ‫سمى ً‬ ‫الفهم )‪ :(Compréhension‬أو ما يُ ّ‬
‫)‪ .(Compréhension médiatisée‬وهنا‪ ،‬نلتقي بالعالمات والرموز والنصوص‪ ،‬أو‬
‫ف اللغة بأنّها عالمات‬ ‫عر َ‬
‫الرمزية‪ .‬وإذا كان سوسير ّ‬ ‫ّ‬ ‫أيضا بالوساطة‬ ‫سمى ً‬ ‫ما يُ ّ‬
‫مجرد وسيط للفكر والتعبير عن الواقع‬ ‫ّ‬ ‫ؤتو ّدي وظيفة التواصل‪ ،‬فإ ّن ريكور يجدها‬
‫(حمداوي‪ ،‬ص‪.)٢6٩-٢68‬‬

‫‪30‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫‪ -2‬بحسب إيكو‪:‬‬
‫محاوال إبراز النشاط‬ ‫ً‬ ‫�‪،‬‬ ‫النص والقار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫ج ّل كتاباته العالقة بين‬ ‫يعالج إيكو في ُ‬
‫أنموذجا تخطيط ًّيا‬ ‫ً‬ ‫النص في ك ّل نشاط قرائي‪ .‬وهو ال يق ّدم‬ ‫ّ‬ ‫التأويلي الذي يتطلّبه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النص ومساءلته إلنتاج الدالالت المتوارية‪.‬‬ ‫كيفية مخاطبة ّ‬ ‫لتطبيق منهجه‪ ،‬وإنّما يقترح ّ‬
‫قوالب‬‫َ‬ ‫نظرية شاملة قادرة على تشريح النصوص وتصنيفها في‬ ‫ّ‬ ‫وتاليا‪ ،‬لم يضع إيكو‬ ‫ً‬
‫آليات‬ ‫وثمة ّ‬
‫الخاصة‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫نواميسه‬
‫َ‬ ‫نص‬‫النسبية أل ّن لك ّل ّ‬ ‫ّ‬ ‫جاهزة‪ ،‬بل أضفى عليها طابع‬
‫نص ما‪ ،‬ال يمكن حصرها في منظومة شاملة أو في‬ ‫� إزاء ّ‬ ‫يجسدها القار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫تعاضد‬
‫الخاصة‬ ‫ّ‬ ‫آليتها‬
‫نص‪ ،‬بل إ ّن ك ّل قراءة تخلق ّ‬ ‫يتم إسقاطها على ك ّل ّ‬ ‫تحليلية ثابتة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫أدوات‬
‫التفسيرية المرهونة بها (بوعزيز‪ ،‬ص‪.)133‬‬ ‫ّ‬ ‫وإجراءاتها‬
‫ودينامية التعاضد ال يمكن تسييجهما في مستوى دون‬ ‫ّ‬ ‫وأل ّن سيرورة القراءة‬
‫المهتم بمعرفة التو ّقعات الناشئة أثناء تفعيالت المعنى النصي‬ ‫ّ‬ ‫تحتم على الناقد‬ ‫آخر‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫مرورا‬ ‫ً‬ ‫صارما‪َ ،‬بدءًا من المستوى الصوتي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫متابعة ك ّل البياض وااللتباسات تت ُّب ًعا‬
‫ّ‬
‫وصوال إلى‬ ‫ً‬ ‫والسردي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والنصي والتداولي‬ ‫بك ٍّل من المستويات المعجمي والتركيبي‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والثقافية (ص‪ .)134‬ولهذا فقد جاء منهج إيكو على‬ ‫ّ‬ ‫والتناصية‬
‫ّ‬ ‫اإليحائية‬
‫ّ‬ ‫المستويات‬
‫نلخصها في اإلجراءات التالية‪:‬‬ ‫شكل مفاهيم‪ّ ،‬‬
‫النص‬ ‫لي للمعنى‪ ،‬استنا ًدا إلى عالمات ّ‬ ‫فرضية‪ ،‬ومن تصور أو‬ ‫� من‬ ‫ينطلق القار ؤ‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫� الى اختيار مسار تأويلي‬ ‫النص‪ ،)...‬ما يقود القار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫أسلوبية‪ ،‬موضوع‬ ‫ّ‬ ‫(عالمات‬
‫ّ‬
‫للنص يتبنّاه من جملة مسارات ممكنة (إيكو‪ ،٢٠٠4 ،‬ص‪.)٧8‬‬ ‫واحد ّ‬
‫ويوظف ثقافته‪ ،‬ويختار منها ما يُعينه على َملء فراغات‬ ‫ّ‬ ‫النص‪،‬‬ ‫� مع ّ‬ ‫يتفاعل القار ؤ‬
‫النص‪ ،‬بعد أن‬ ‫النص‪ ،‬الكتشاف ك ّل ما يريد أن يقوله األخير من خالل شبكات ّ‬ ‫ّ‬
‫أعم وأشمل‪ ،‬عبر العودة إلى وقائع لها عالقة‬ ‫يقوم بتفسيرها وإرجاعها إلى ما هو ّ‬
‫بموقف اإلنسان من العالم واهلل والحقيقة والمعرفة وبناء الحضارات‪.‬‬
‫يوظف‪ ،‬في تحليل النصوص السردية‪ ،‬إلى جانب ما سبق‪ ،‬نظرية جينيت )‪(Genette‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫في دراسة الزمن القصصي‪ ،‬وحركة السرد‪ ،‬ونظام الفصول‪ ،‬والجمل المشكّلة‬
‫ّ‬
‫السردية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫البرامج‬ ‫دراسة‬ ‫في‬ ‫عتباتها‪ ،‬وما أتى به غريماس )‪(Greimas‬‬
‫يدرس العوالم الممكنة والتعاضد التأويلي (بوعزيز‪ ،‬ص‪.)٢15‬‬
‫ّ‬
‫خصوصيته‪ ،‬ويبحث في مدى نجاح‬ ‫ّ‬ ‫التعرف إلى‬ ‫ّ‬ ‫� َ النموذجي ويحاول‬ ‫يدرس القار ؤ‬
‫ّ‬
‫‪31‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫نموذجيين من ثقافات مختلفة‬


‫ّ‬ ‫قراء‬
‫خطابية شاملة تطال ّ‬
‫ّ‬ ‫إستراتيجية‬
‫ّ‬ ‫الكاتب في إنشاء‬
‫(ص‪ ،)13٧‬ويعمل على تحديد الخانة التي يمكن أن يتمو ّقع قارئه النموذجي فيها‬
‫ّ‬
‫(ص‪ ،)135‬ويستفيد ّمما جاء به تودوروف )‪ (Todorov‬في النقد الثقافي (ص‪.)٢33‬‬
‫ّ‬
‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫إستراتيجيات عديدة الستكشاف‬
‫ّ‬ ‫شتى الميادين‪ ،‬فهي توفّر‬
‫التأويلية في ّ‬
‫ّ‬ ‫تشتغل‬
‫واألدبية‬
‫ّ‬ ‫والسياسية‬
‫ّ‬ ‫الدينية‬
‫ّ‬ ‫الواقعية والممكنة في مختلف أنواع الخطابات‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫عوالم ّ‬
‫وتتب َع الترجمات ليعرف‬ ‫اهتم بدراسة القصص المترجمة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫علما أ ّن إيكو‬
‫وغيرها‪ً .‬‬
‫النص األصلي واالنتقاصات‬ ‫ّ‬ ‫وتتب َع اإلضافات إلى‬
‫كمو ّولين‪ّ ،‬‬
‫تد ّخالت المترجمين ؤ‬
‫ّ‬
‫منه‪ ،‬ليشير إلى أ ّن نقل المعنى من لغة إلى لغة أخرى ال يمكن أن يكون محاي ًدا‪ ،‬أو‬
‫بمنأى عن تداخل أو تفاعل الثقافات (ص‪.)13٧‬‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫والتفكيكية (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬سعيد‬
‫ّ‬ ‫السيميائيات‬
‫ّ‬ ‫إيكو‪ ،‬أمبرتو (‪ .)٢٠٠4‬التأويل بين‬
‫بنكراد‪ .‬بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩٩٢‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السيميائية وفلسفة اللغة (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬أحمد الصمعي‪ .‬بيروت‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫______ (‪.)٢٠٠5‬‬
‫العربية للترجمة (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩84‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫______ (‪ .)٢٠٠٩‬التأويل والتأويل المفرط (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬ناصر الحلواني‪ .‬حلب‪:‬‬
‫الحضاري (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩٩٢‬‬ ‫ّ‬ ‫مركز اإلنماء‬
‫ّ‬
‫التفاعلي (ط ‪ .)1‬الدار البيضاء‬
‫ّ‬ ‫البريكي‪ ،‬فاطمة (‪ .)٢٠٠6‬مدخل إلى األدب‬
‫بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التيارات والمدارس‬‫السيميوطيقية‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫حمداوي‪ ،‬جميل (ال ت‪ .).‬االتّجاهات‬
‫تم االسترجاع من‪:‬‬ ‫إلكترونية]‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫الغربية [طبعة‬
‫ّ‬ ‫السيميوطيقية في الثقافة‬
‫ّ‬
‫‪ ،www.alukah.net‬موقع األلوكة‪.‬‬
‫نظرية التأويل من‬
‫ّ‬ ‫مصطفى‪ ،‬عادل (‪ .)٢٠1٧‬فهم الفهم‪ :‬مدخل إلى الهرمنيوطيقا‪:‬‬
‫تم االسترجاع من‪:‬‬ ‫إلكترونية]‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫أفالطون إلى جادامر [طبعة‬
‫مو ّسسة هنداوي‪.‬‬ ‫‪ ،https://www.hindawi.org/books/83586869/5/‬ؤ‬

‫‪32‬‬
‫التأويل وسيميائ ّية القراءة (ريكور وإيكو)‬

‫�‪ ،‬األهداف (ط‪ ،)٢‬تر‪.‬‬‫غادامير‪ ،‬هانس (‪ .)٢٠٠6‬فلسفة التأويل‪ :‬األصول‪ ،‬المباد ؤ‬


‫العربية للعلوم (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩٧6‬‬
‫ّ‬ ‫محمد شوقي الزين‪ .‬بيروت‪ :‬الدار‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫نسقية (ط‪ .)1‬الدار البيضاء‪:‬‬
‫ّ‬ ‫محمد (‪ .)1٩٩4‬التل ّقي والتأويل‪ :‬مقاربة‬ ‫ّ‬ ‫مفتاح‪،‬‬
‫المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫و«سيميائية الصورة»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«سيميائية الشعر»‬
‫ّ‬ ‫أيضا المصادر والمراجع في مبحثَي‬ ‫راجع ً‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫وآليات التأويل (ط‪ .)٧‬الدار‬ ‫إشكاليات القراءة ّ‬
‫ّ‬ ‫أبو زيد‪ ،‬نصر حامد (‪.)٢٠٠5‬‬
‫البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلدريسي‪ ،‬رشيد (‪ .)٢٠1٠‬سيمياء التأويل‪ :‬الحريري بين العبارة واإلشارة (ط‪.)1‬‬
‫ر�ية للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫القاهرة‪ :‬ؤ‬
‫التأويلي في النصوص‬‫ّ‬ ‫� في الحكاية‪ :‬التعاضد‬ ‫إيكو‪ ،‬أمبرتو (‪ .)1٩٩6‬القار ؤ‬
‫الحكائية (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬أنطوان أبو زيد‪ .‬بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي (نُشر العمل‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األصلي ‪.)1٩٧٩‬‬
‫ّ‬
‫الكولونيالية‬
‫ّ‬ ‫الشعرية إلى ما بعد‬
‫ّ‬ ‫النص‪ :‬من‬
‫ّ‬ ‫محمد (‪ .)٢٠18‬تأويل‬ ‫ّ‬ ‫عزة‪،‬‬‫بو ّ‬
‫(ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬المركز العربي لألبحاث‪.‬‬
‫ّ‬
‫النقدي‬
‫ّ‬ ‫بوعزيز‪ ،‬وحيد (‪ .)٢٠٠8‬حدود التأويل‪ :‬قراءة في مشروع أمبرتو إيكو‬
‫العربية للعلوم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬الدار‬
‫هيرمينوطيقية (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬منذر‬
‫ّ‬ ‫ريكور‪ ،‬بول (‪ .)٢٠٠5‬صراع التأويالت‪ :‬دراسات‬
‫المتحدة (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩6٩‬‬ ‫عياشي‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتاب الجديد ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫القص‬ ‫ّ‬ ‫شعرية‬
‫ّ‬ ‫سيميولوجية في‬
‫ّ‬ ‫النص‪ :‬دراسة‬ ‫ّ‬ ‫فضل‪ ،‬صالح (‪ .)1٩٩5‬شفرات‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلنسانية‬
‫ّ‬ ‫والقصيد (ط‪ .)٢‬الجيزة‪ :‬عين للدراسات والبحوث‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬مهى جرجور ود‪ .‬سارة كنج‬

‫‪33‬‬
‫ّ‬
‫التلقي والقراءة (ياوس وإيزر)‬ ‫التأويل ونظر ّية‬

‫التأويل ونظريّة التل ّقي والقراءة‬


‫(ياوس وإيزر)‬

‫وم�لّفات‬
‫ّأو ًال‪ -‬تعريفات وأعالم ؤ‬
‫)‪(Wolfgang Iser‬‬ ‫وضع هانس روبرت ياوس )‪ (Hans Robert Jauss‬وفولفغانغ إيزر‬
‫نظرية «القراءة والتل ّقي» التي سعت‬
‫ّ‬ ‫األلمانية‬
‫ّ‬ ‫التابعان لمدرسة كونستانز )‪(Konstanz‬‬
‫المقيدة‪ ،‬ووضعت‬
‫ّ‬ ‫النص من القيود التي تحاصر معانيه بسبب القراءات‬ ‫إلى تحرير ّ‬
‫� في مكانة تتيح له المشاركة في إنتاج المعنى‪ .‬وقد َد َع َم ياوس وإيزر ركائزها‬
‫القار ؤ‬
‫جمالية التل ّقي (‪ ،)1٩6٧‬وكتاب إيزر فعل‬ ‫ّ‬ ‫مولّفاتهما‪ ،‬منها كتاب ياوس‬
‫بعدد من ؤ‬
‫القراءة (‪.)1٩٧6‬‬
‫المهتمة‬ ‫ّ‬ ‫األدبية الحديثة‬
‫ّ‬ ‫فرعا من الدراسات‬ ‫نظرية «القراءة والتل ّقي» ً‬‫ّ‬ ‫تُشكّل‬
‫جمالية‬
‫ّ‬ ‫األدبية‪ ،‬وتنظر إلى األدب من زاوية‬ ‫ّ‬ ‫القراء األعمال‬
‫بالطرائق التي يستقبل بها ّ‬
‫جمالية التعاقب الزمني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالنص‪ ،‬وليس من زاوية‬ ‫ّ‬ ‫�‬
‫التل ّقي‪ ،‬أي من خالل تأثّر القار ؤ‬
‫ّ‬
‫جمالية التصوير التي ينبني عليها النقد‬ ‫ّ‬ ‫التقليدي لألدب‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫المفترضة في التأريخ‬
‫جمالية اإلنتاج التي يقوم عليها النقد المحايث؛ ونتيجة لذلك‪ ،‬تصبح‬ ‫ّ‬ ‫الواقعي‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫النص والمتل ّقي (ياوس‪ ،٢٠16 ،‬ص‪.)13‬‬ ‫الحوارية بين ّ‬
‫ّ‬ ‫تاريخية األدب مرتهنة بالعالقة‬
‫ّ‬
‫النصية‬
‫ّ‬ ‫� طر ًفا في إنتاج المعنى‪ ،‬بعدما كانت المناهج‬ ‫النظرية القار ؤ‬
‫ّ‬ ‫وتجعل هذه‬
‫بديال‬ ‫جدلية اإلنتاج والتل ّقي األدب َّيين‪ ،‬مق ّدم ًة ً‬
‫ّ‬ ‫تأسست على‬ ‫قد أقصته‪ ،‬وتحمل أسئل ًة ّ‬
‫النص‪ ،‬بل في نقطة التفاعل‬ ‫مفا ُده أ ّن المعنى لم يعد في حوزة الكاتب وال في حوزة ّ‬
‫النص‬ ‫بنسبية الفهم‪ ،‬وانفتاح ّ‬
‫ّ‬ ‫� (عمري‪ ،٢٠٠٩ ،‬ص‪ ،)8‬وتنادي‬ ‫النص والقار ؤ‬
‫بين ّ‬
‫‪34‬‬
‫ّ‬
‫التلقي والقراءة (ياوس وإيزر)‬ ‫التأويل ونظر ّية‬

‫فتغيرت معها النظرة إلى العالقة‬ ‫األدبي‪ ،‬وفهم الماضي انطال ًقا من الحاضر (ص‪)13‬؛ ّ‬ ‫ّ‬
‫� من عالقة منتج ومستهلك إلى عالقة تفاعل ومشاركة‬ ‫القائمة بين المبدع والقار ؤ‬
‫� الذي يح ّدد المعنى‬ ‫مرتبطا بالقار ؤ‬ ‫ً‬ ‫النص‬
‫(إيزر‪ ،1٩٩5 ،‬ص‪ ،)56‬وأصبح معنى ّ‬
‫النص ومنظوراته‪ ،‬فاستطاعت بذلك أن تفتح آفا ًقا‬ ‫بإستراتيجيات ّ‬
‫ّ‬ ‫من خالل عالقته‬
‫النقدية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جديدة في ميدان الدراسات‬
‫يوظف ثالثة عناصر‬ ‫األدبي‪ ،‬باعتباره إجراءً ّ‬ ‫ينحصر موضوع أبحاثها في التأريخ‬
‫ّ‬
‫عملية‬
‫ّ‬ ‫النظرية إلى‬
‫ّ‬ ‫تحولت هذه‬ ‫ّ‬ ‫المولّف‪ ،‬والعمل األدبي‪ ،‬والجمهور؛ أي‬ ‫ؤ‬ ‫فاعلة‪:‬‬
‫ّ‬
‫معنى‬ ‫األدبي‪ .‬ويحمل مفهوم التل ّقي ً‬ ‫جدلية بين اإلنتاج والتل ّقي بوساطة التواصل‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫مزدوجا يشمل معنى االستقبال والتبادل‪ .‬وهو‪ ،‬بمفهومه الجمالي‪ ،‬ينطوي على بع َدين‪:‬‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫كيفية‬‫�‪ ،‬والثاني ّ‬ ‫معا؛ أحدهما األثر الذي ينتجه العمل في القار ؤ‬ ‫منفعل وفاعل في ٍ‬
‫آن ً‬
‫ض‬
‫نقد وإعجاب‪ ،‬أو رف ٍ‬ ‫� لهذا العمل‪ .‬وتختلف هذه الكيفية بين ٍ‬ ‫استقبال القار ؤ‬
‫ّ‬
‫وتأويل وتفسير‪ ،‬أو استجابة وإنتاج عم ٍل جديد‪ ...‬ما يسمح بتشكّل معنى العمل‬
‫الجمالية فال‬
‫ّ‬ ‫بغض النظر عن طريقة االستجابة‪ّ .‬أما مفهوم‬ ‫ّ‬ ‫على نحو جديد باستمرار‬
‫التمرس بالدراسة‬ ‫ّ‬ ‫الفن من خالل‬ ‫ّ‬ ‫بكيفية فهم‬
‫ّ‬ ‫عالقة له بعلم الجمال‪ ،‬وإنّما يرتبط‬
‫الفن‪ ،‬بتجلّياته كلّها‪ ،‬ضمن‬ ‫ّ‬ ‫تأس َس عليها هذا‬ ‫الجمالية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫التاريخية للممارسة‬
‫ّ‬
‫سيرورة اإلنتاج التل ّقي التواصل (ياوس‪ ،‬ص‪.)11٠-1٠٩‬‬
‫النص ال ينبثق من فراغ وال َي ؤوول‬ ‫فرضية أ ّن ّ‬
‫ّ‬ ‫ينطلق ياوس (‪ )1٩٩٧-1٩٢1‬من‬
‫الخاص‬
‫ّ‬ ‫تصوره‬
‫يتكون من ّ‬ ‫ّ‬ ‫فكري وجمالي‬ ‫ّ‬ ‫إلى فراغ‪ ،‬وأ ّن ك ّل كاتب ينطلق من أفق‬
‫ّ‬
‫تمرسه بالنوع األدبي الذي يُبدع فيه‪ .‬وبالمقابل‪،‬‬ ‫للكتابة‪ ،‬ومن ذخيرة قراءاته‪ ،‬ومن ّ‬
‫ّ‬
‫كيفية تل ّقيه‬
‫ّ‬ ‫وبخاص ٍة إذا كان ناق ًدا‪ ،‬يمتلك ً‬
‫أفقا فكر ًّيا وجمال ًّيا يح ّدد‬ ‫ّ‬ ‫�‪،‬‬
‫فإ ّن ك ّل قار ؤ‬
‫للنص األدبي وتأويله (ص‪.)13‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫السياسية المحيطة بالمتل ّقي‬‫ّ‬ ‫ويختلف التل ّقي من زمن إلى آخر بحسب الظروف‬
‫� إلى آخر بحسب ميول ك ّل واحد منهم‪ ،‬ورغباته‬ ‫من جهة‪ ،‬كما يختلف من قار ؤ‬
‫� ومن‬ ‫والثقافية‪ ،‬فالمعنى يولد بذلك في ذهن القار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫والتاريخية‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫وخبراته‬
‫يتكون المعنى بشكل‬ ‫ّ‬ ‫وتاليا‪ ،‬ال‬
‫ً‬ ‫النص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خالل تجربته في أثناء القراءة‪ ،‬متأثّ ًرا بلغة‬
‫� به‪.‬‬
‫مستق ّل من دون عالقة القار ؤ‬
‫نوعية‬
‫الجمالية‪ ،‬من خالل تحديد ّ‬ ‫ّ‬ ‫مهمة النقد الجديدة في تقدير قيمة األدب‬ ‫وتكمن ّ‬

‫‪35‬‬
‫ّ‬
‫التلقي والقراءة (ياوس وإيزر)‬ ‫التأويل ونظر ّية‬

‫النقدية؛ فكلّما كان أثره‬ ‫ّ‬ ‫القراء وش ّدتها‪ ،‬وهذا ما يمكن استنباطه من خطاباتهم‬ ‫آثاره في ّ‬
‫فنية‬
‫النص ذا قيمة ّ‬ ‫� وتعديله ألفق تو ّقعه‪ ،‬كان ّ‬ ‫النص عن معايير القار ؤ‬ ‫قو ًّيا‪ ،‬أي بقدر انزياح ّ‬
‫للنص األدبي‪،‬‬ ‫جمالية التل ّقي‪ ،‬بحسب ياوس‪ ،‬دعوة إلى تأويل جديد ّ‬ ‫ّ‬ ‫عالية‪ .‬وعليه‪ ،‬تُمثّ ُل‬
‫ّ‬
‫نقيض ْيهما (االتّباع واالبتذال) ال باستنطاق‬ ‫َ‬ ‫التفرد واإلبداع أو‬ ‫ّ‬ ‫يروم استجالء سمات‬
‫الفكري في ح ّد ذاته‪ ،‬أو وصف سيرورة تشكّله الخارجي كما هي في ذاتها‪ ،‬وإنّما‬ ‫ّ‬ ‫عمقه‬
‫ّ‬
‫القراء والن ّقاد من خالل فحص ردود أفعالهم والنظر‬ ‫بتحديد طبيعة َو ْقعه وش ّدة أثره في ّ‬
‫للنص من خالل تل ّقيه (ص‪.)1٧ ،14‬‬ ‫جمالية التل ّقي إ ًذا هي نق ٌد ّ‬ ‫ّ‬ ‫في خطاباتهم‪.‬‬
‫النظرية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫أثّرت ع ّدة عوامل في ظهور هذه‬
‫وسعت مفهوم الشكل الذي يندرج فيه الجمال‬ ‫الروسية التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشكالنية‬
‫ّ‬ ‫المدرسة‬
‫للتصورات في العمل‬ ‫ّ‬ ‫الفنية وما تحدثه من تغريب‬ ‫ّ‬ ‫اهتمت باألداة‬ ‫ّ‬ ‫والجذب‪ ،‬كما‬
‫بالنص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫�‬‫األدبي‪ ،‬وبما يشير هذا التغريب إلى عالقة القار ؤ‬ ‫ّ‬
‫الظواهرية )‪ ،(Phénoménologie‬وبخاصة ظواهرية رومان إنجاردن )‪(Roman Ingarden‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البولوني‪ ،‬التي ركّزت على دور المتل ّقي في تحديد المعنى من خالل إعماله خيالَه‬
‫ّ‬
‫النص وفراغاته‪.‬‬ ‫في ملء فجوات ّ‬
‫هرمنوطيقا غادامير )‪ (Gadamer‬التي ركّزت على عالقة المتل ّقي بالعمل‪ ،‬على اعتبار‬
‫التفسيري للعمل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التوج َهين االجتماعي والنفسي للمتل ّقي ؤيوثّران في وعيه‬ ‫ّ‬ ‫أ ّن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تنصب على تفسير‬ ‫ّ‬ ‫النظرية من حيث الهدف بوظيفة التأويل التي‬ ‫ّ‬ ‫وتاليا‪ ،‬تلتقي هذه‬ ‫ً‬
‫النصوص واستنطاقها‪.‬‬
‫سوسيولوجيا األدب التي تركّز على اآلثار التي يحدثها العمل األدبي في نفوس‬
‫ّ‬
‫معينَين‪،‬‬
‫ويقررونها في زمان ومكان ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتل ّقين الذين يدركون قيمة األعمال‬
‫نظريةَ التل ّقي على فهم العالقة التي تجمع بين‬ ‫ّ‬ ‫وساعدت سوسيولوجيا األدب‬
‫تم فيها التل ّقي‪ ،‬من خالل التركيز على فحص‬ ‫االجتماعية التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتل ّقي والظروف‬
‫االجتماعية في تل ّقيها العمل األدبي (عمري‪ ،‬ص‪.)٢٧-13‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظومة‬
‫ّ‬
‫طورها النقد األدبي‬ ‫البنيوية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫نظريات ما بعد‬ ‫ّ‬ ‫جمالية التل ّقي مع‬ ‫ّ‬ ‫وتشترك‬
‫ّ‬
‫عدد من القضايا‪ ،‬منها‪ :‬مفهوم «العمل المفتوح» (بتعبير‬ ‫في فرنسا منذ ‪ 1٩68‬في ٍ‬
‫النص األدبي من‬ ‫مركزية العلم‪ ،‬ور ّد االعتبار للذات‪ ،‬وإعادة تقييم ّ‬ ‫ّ‬ ‫إيكو)‪ ،‬ورفْض‬
‫ّ‬
‫تتمير بكونها‬ ‫األلمانية ّ‬‫ّ‬ ‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫خالل وظيفته كعامل تغيير اجتماعي؛ ّإال أ ّن‬
‫ّ‬
‫‪36‬‬
‫ّ‬
‫التلقي والقراءة (ياوس وإيزر)‬ ‫التأويل ونظر ّية‬

‫نشاطي اإلنتاج والتل ّقي األدب َّيين‪ ،‬في حين‬ ‫َ‬ ‫تفسر التشكّل الدائم للمعنى بالتفاعل بين‬ ‫ّ‬
‫اإلنتاجية‬
‫ّ‬ ‫يتم ّإال من خالل‬‫نظريات الكتابة في فرنسا بأ ّن تك ُّون المعنى ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫توحي‬
‫العاكسة التي تمثّلها الكتابة (ياوس‪ ،‬ص‪.)115‬‬
‫وفي اإلطار نفسه‪ ،‬رأى إيزر (‪ )٢٠٠٧-1٩٢6‬أ ّن دراسة العمل األدبي يجب‬
‫ّ‬
‫مظاهر‬
‫َ‬ ‫فالنص ذاته ال يق ّدم ّإال‬ ‫ّ‬ ‫بالنص وباألفعال المرتبطة بالتجاوب معه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تهتم‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫للنص بينما يحدث اإلنتاج‬ ‫الجمالي ّ‬ ‫طاطية يمكن من خاللها أن َينتج الموضوعُ‬ ‫ُخ ّ‬
‫ّ‬
‫�‬
‫الفعلي من خالل فعل التح ّقق (إيزر‪ ،‬ص‪ ،)1٢‬والتح ّقق يحدث عندما َيقبل القار ؤ‬ ‫ّ‬
‫فالنص األدبي ال يمكن أن يُقرأ دفعة واحدة‬ ‫ّ‬ ‫القراءة؛‬ ‫ة‬ ‫عملي‬
‫ّ‬ ‫أثناء‬ ‫به‬ ‫المنوط‬ ‫الدور‬ ‫تأدية‬
‫ّ‬
‫التدريجية‪ ،‬لذلك‪ ،‬يندمج في بنيات‬ ‫ّ‬ ‫� مرغم على القراءة‬ ‫آن واحد‪ ،‬فإ ّن القار ؤ‬ ‫وفي ٍ‬
‫النص‪ ،‬ويع ّدل ك ّل لحظة مخزون ذاكرته في ضوء المعطيات الجديدة لك ّل لحظة‬ ‫ّ‬
‫جوالة» تهدف إلى بلوغ التأويل‬ ‫من لحظات القراءة‪ ،‬وغايته تحديد «وجهة نظر ّ‬
‫� في موقع تقاطع بين التذكّر‬ ‫الج ْشطالت)‪ .‬وجهة النظر هذه تجعل القار ؤ‬ ‫المتسق (أي ِ‬ ‫ّ‬
‫النص‪ ،‬بينما يشير المرتقب‬ ‫� في ّ‬ ‫وال عن اندماج القار ؤ‬ ‫مسو ً‬
‫والتر ّقب‪ ،‬ويكون التذكّر ؤ‬
‫ات ع ّدة‪،‬‬ ‫العملية تتكرر أثناء فعل القراءة مر ٍ‬ ‫النص‪ .‬وهذه‬ ‫� من ّ‬ ‫تحرر القار ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى لحظة ّ‬
‫كحدث حي (ص‪.)6-5‬‬ ‫ٍ‬ ‫النص‬
‫� ُ َّ‬ ‫يجرب القار ؤ‬
‫ّ‬ ‫تبين كيف ّ‬ ‫وهي الصورة التي ّ‬
‫للمولّفين‬
‫ؤ‬ ‫تاريخا‬
‫ً‬ ‫واتّجه إيزر إلى وضع أسس جديدة للتاريخ األدبي باعتباره‬
‫ّ‬
‫نص‬ ‫ّ‬ ‫وهو‬ ‫فني‬ ‫قطب‬ ‫‪1‬‬ ‫‪:‬‬ ‫األدبي‬ ‫قطبي العمل‬ ‫والسيما لجهة تحديد َ‬ ‫ّ‬ ‫والمولّفات‪،‬‬‫ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القصدي)؛ ‪ ٢‬قطب جمالي وهو التح ّقق الذي يُنجزه المتل ّقي‬ ‫ّ‬ ‫المولّف (الموضوع‬ ‫ؤ‬
‫ّ‬
‫القطبين يُنتج المعنى (الموضوع الجمالي)‪ .‬وقد‬ ‫َ‬ ‫القصدي)‪ .‬والتفاعل بين‬ ‫ّ‬ ‫(النشاط‬
‫ّ‬
‫رأى أ ّن أساس التفاعل يُبنى بالدرجة األولى من خالل مواقع الالتحديد التي فرضها‬
‫نسيجا من الفجوات التي تسمح للمتل ّقي بإنجاز‬ ‫ً‬ ‫يتميز بكونه‬ ‫األدب الحديث الذي ّ‬
‫تح ّققات مختلفة (ص‪.)1٢‬‬
‫النص‪ ،‬ويجب‬ ‫المو ّول يجب أن تكون توضيح المعاني الكامنة في ّ‬ ‫ورأى أ ّن مهام ؤ‬
‫معنى واحد فقط‪ ،‬وأ ّن المعنى الكلّي ال يمكن إنجازه من خالل‬ ‫ّأال تقتصر على ً‬
‫ّ‬
‫تخيل المعنى كشيء َيح ُدث (ص‪.)14‬‬ ‫يتم ّ‬ ‫القراءة فقط‪ ،‬بل ّ‬
‫خ أدبي جديد لألدب كحدث‬ ‫«جمالية التل ّقي» إلى تأري ٍ‬ ‫ّ‬ ‫نظرية‬
‫ّ‬ ‫وعليه‪ ،‬تسعى‬
‫ّ‬
‫للنص األدبي‪ ،‬من خالل مشاركة المتل ّقي‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫حي‪ ،‬وإلى تحديد الوظيفة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪37‬‬
‫ّ‬
‫التلقي والقراءة (ياوس وإيزر)‬ ‫التأويل ونظر ّية‬

‫النص فيه‪ ،‬وهي قراءة‬


‫ّ‬ ‫في تحديد الموضوع الجمالي‪ ،‬عبر قراءة تبدأ من تأثير‬
‫ّ‬
‫القراء والعصور‪.‬‬
‫بتغير ّ‬
‫متغيرة ّ‬
‫ّ‬
‫بمشاريع أخرى‪،‬‬
‫َ‬ ‫«جمالية التل ّقي» هي مشروع منهجي جزئي يحتمل أن يقترن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأن تكتمل نتائجه بوساطة هذه المشاريع (ياوس‪ ،‬ص‪.)13٠‬‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫أفق التو ّقع ‪ /‬االنتظار )‪ :(Horizon d’attente‬إ ّن العمل األدبي‪ ،‬لحظةَ صدوره‪ ،‬ال‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫فضاء يباب؛ فبوساطة مجموعة من اإلشارات‬ ‫يكون ذا ِج ّدة مطلقة تظهر فجأة في‬
‫الضمنية التي أصبحت مألوفة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والقرائن‪ ،‬المعلنة أو المضمرة‪ ،‬ومن اإلحاالت‬
‫� بأعمال‬ ‫معين‪ .‬ك ّل عمل يذكّر القار ؤ‬ ‫سلفا لتل ّقيه على نحو ّ‬ ‫مهيأً ً‬ ‫يكون جمهوره ّ‬
‫ويخلق عنده منذ بدايته تو ّق ًعا ‪/‬‬ ‫العاطفية له‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فيكيف استجابته‬ ‫ّ‬ ‫سبق له أن قرأها‪،‬‬
‫عات ما‪ ،‬يُمكن‪ ،‬كلّما تق ّدمت القراءة‪ ،‬أن يمت ّد أو يُع َّدل أو يُوجَّه وجهة أخرى‪...‬‬ ‫تو ّق ٍ‬
‫المسبقة التي اكتسبها‬ ‫ّ‬ ‫(ياوس‪ .)56 ،‬ويتشكّل من ثالثة عوامل رئيسة هي‪ :‬التجربة‬
‫النص‪ ،‬شكل األعمال السابقة وموضوعاته‬ ‫الجمهور عن النوع الذي ينتمي إليه ّ‬
‫العملية‪ ،‬أي التعارض بين‬ ‫ّ‬ ‫الشعرية واللغة‬
‫ّ‬ ‫التي يفترض معرفتها‪ ،‬التعارض بين اللغة‬
‫التخيلي والواقع اليومي (عمري‪ ،‬ص‪.)31‬‬ ‫العالم‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫نص أدبي ينتمي إلى‬ ‫اندماج اآلفاق )‪ :(Fusion des horizons‬يرى ياوس أ ّن فهم ّ‬
‫ّ‬
‫بقرائه المتعاقبين انطال ًقا من الحاضر‪ .‬من هنا‪،‬‬ ‫يتم عبر إعادة بناء عالقاته ّ‬ ‫الماضي ّ‬
‫التوسطي الذي ؤتو ّديه في م ّد جسور‬ ‫نظرا إلى الدور‬ ‫أهمية تاريخ القراءات ً‬ ‫ّ‬ ‫تأتي‬
‫ّ ّ‬
‫المو ّرخ األدبي من االرتحال‬ ‫التواصل والحوار بين الماضي والحاضر‪ ،‬وتمكين ؤ‬
‫ّ‬
‫إلى اآلخرين‪ ،‬بقصد االسترشاد بتجاربهم وشهاداتهم واالحتكاك بتجاربهم‬
‫الخاص (ص‪.)35‬‬ ‫ّ‬ ‫واستعادتها ودمجها في أفقه‬
‫السوال والجواب )‪ :(Logique des questions et réponses‬استقى ياوس‬ ‫ؤ‬ ‫منطق‬
‫السوال الذي‬ ‫ؤ‬ ‫المفهوم من غادامير الذي ذهب إلى أ ّن فهم عمل فني يعني فهم‬
‫ّ‬
‫النص عندما يكون بين ي َدي‬ ‫جوابا‪ ،‬أل ّن ّ‬ ‫ً‬ ‫� باعتباره‬ ‫يق ّدمه هذا العمل إلى القار ؤ‬
‫سواله‪ .‬ويمكن أن تنقلب العالقة‬ ‫جوابا عن ؤ‬ ‫ً‬ ‫منتظرا‬
‫ً‬ ‫موضوعا للتأويل‬
‫ً‬ ‫�‪ ،‬يصبح‬ ‫القار ؤ‬
‫حوارية‬
‫ّ‬ ‫جوابا‪َ ،‬وفق لعبة‬
‫ً‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫سوال ينتظر من‬ ‫صاحب ؤ‬
‫َ‬ ‫� ُ بدوره‬
‫فيصبح القار ؤ‬

‫‪38‬‬
‫ّ‬
‫التلقي والقراءة (ياوس وإيزر)‬ ‫التأويل ونظر ّية‬

‫الهرمينوطيقية )‪ .(Cercle herméneutique‬وأثار غادامير العالقة‬ ‫ّ‬ ‫دائرية تُدعى الدائرة‬ ‫ّ‬
‫خاصة في ما يتعلّق بإعادة تشكيل األسئلة التي أجاب عنها‬ ‫ّ‬ ‫�‪،‬‬‫النص والقار ؤ‬ ‫بين ّ‬
‫�‪،‬‬‫سوال القار ؤ‬ ‫النص هو جواب عن ؤ‬ ‫وتبين له أ ّن ّ‬ ‫تاريخية مختلفة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫النص في آفا ٍ‬
‫ق‬ ‫ّ‬
‫السوال الذي ق ّدم‬ ‫ؤ‬ ‫نص ينتمي إلى الماضي يقتضي اكتشاف‬ ‫أيضا أ ّن فهم ّ‬ ‫وتبين ً‬ ‫ّ‬
‫القراء األوائل‪ ،‬وال‬ ‫جوابا في األصل‪ ،‬أي إعادة بناء أفق األسئلة أو أفق انتظار ّ‬ ‫ً‬ ‫له‬
‫المو ّرخ األدبي في هذا الجانب فقط‪ ،‬بل تمت ّد لتشمل مسألة تت ُّبع‬ ‫مهمة ؤ‬ ‫تنحصر ّ‬
‫ّ‬
‫النص ليجيب عن‬ ‫يتم فيها استنطاق ّ‬ ‫وصوال إلى مرحلة ّ‬ ‫ً‬ ‫التاريخية المتعاقبة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األسئلة‬
‫سوال ينتمي إلى أفق الحاضر (ص‪.)35-34‬‬ ‫ؤ‬
‫ومظهر من‬ ‫ٌ‬ ‫ضرب من التنافر‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مواقع الالتحديد )‪ :(Lieux d’indétermination‬هي‬
‫مفهوما‬
‫ً‬ ‫وشرط من شروط األدب الحديث‪ .‬وبصفتها‬ ‫ٌ‬ ‫القصدي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مظاهر الموضوع‬
‫الجمالية‪ .‬من هذه المواقع‪ :‬األفكار‬ ‫ّ‬ ‫مسوولة عن تحريف القيمة‬ ‫للتل ّقي‪ ،‬فإنّها تبدو ؤ‬
‫الغامضة‪ ،‬الرموز‪ ،‬األلغاز‪ ،‬اإليحاءات‪ ،‬المفارقات‪ ،‬التناقضات‪ ،‬البياضات مثل‬
‫الحذف واالنقطاع والوقف‪ ...‬التي تترك الروابط مفتوحة بين المنظورات في‬
‫� على التنسيق بينها‪ ،‬ويكمن دوره في ملئها بحسب قدراته‬ ‫وتحث القار ؤ‬ ‫ّ‬ ‫النص‪،‬‬‫ّ‬
‫أي عمل تواصلي مع‬ ‫أساسي في ّ‬ ‫شرط‬
‫الموسوعية‪ .‬وإ ّن مواقع الالتحديد هذه هي ٌ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجمالية‪ ،‬ومدى انفتاح بنيته التي تسمح‬ ‫ّ‬ ‫النص األدبي‬ ‫فاعلية ّ‬ ‫ّ‬ ‫�‪ ،‬ومقياس‬ ‫القار ؤ‬
‫ّ‬
‫بإنجاز تأويالت متع ّددة (إيزر‪ ،‬ص‪11٠-1٠1‬؛ عمري‪ ،‬ص‪.)36-35‬‬
‫�‬
‫الضمني )‪ :(Lecteur implicite‬إ ّن القار ؤ‬ ‫�‬
‫الحقيقي )‪ (Lecteur réel‬والقار ؤ‬ ‫�‬‫القار ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خاص يقوم به‪ ،‬وهذا‬ ‫ّ‬ ‫دور‬
‫الحقيقي‪ ،‬أ ًّيا كان‪ ،‬وكيفما يمكن أن يكون‪ ،‬يُسند إليه ٌ‬ ‫ّ‬
‫بمظهرين أساس َّيين‪ :‬دور‬ ‫َ‬ ‫يتميز‬
‫الضمني الذي ّ‬ ‫�‬
‫يكون مفهوم القار ؤ‬ ‫الدور هو الذي ّ‬
‫ّ‬
‫� الضمني ليس‬ ‫ؤ‬ ‫� كفع ٍل ذي بنية‪ .‬وهذا القار‬ ‫ؤ‬ ‫نصية‪ ،‬ودور القار‬ ‫ٍ‬
‫كبنية‬ ‫�‬ ‫القار ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خاص‬‫ّ‬ ‫القوة الشارطة الكامنة وراء نوع‬ ‫الحقيقي‪ ،‬بل هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫تجري ًدا مستم ًّدا من القار ؤ‬
‫�‬
‫� الحقيقي عندما يقبل الدور (إيزر‪ ،‬ص‪.)33-3٢ ،3٠‬‬ ‫من التوتّر الذي ينتجه القار ؤ‬
‫ّ‬
‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬
‫مرحلتين‪:‬‬
‫َ‬ ‫تتمثّل إجراءات هذا المنهج التأويلي في‬
‫ّ‬
‫(القراء األوائل ‪ /‬ردود الفعل واألسئلة؛‬
‫ّ‬ ‫المرحلة األولى‪ :‬قراءة العمل األدبي عبر التاريخ‬
‫ّ‬

‫‪39‬‬
‫ّ‬
‫التلقي والقراءة (ياوس وإيزر)‬ ‫التأويل ونظر ّية‬

‫القراء الالحقون‪ /‬استيعاب األفق الجديد واستحداث أسئلة مغايرة)‪ ،‬وذلك بهدف‪:‬‬
‫ّ‬
‫ري عبر‬ ‫تطو ّ‬
‫تم فهمها على نحو ّ‬ ‫بالكيفية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫إدراك معنى العمل األدبي وشكله‬
‫ّ‬
‫حتى‬ ‫ّ‬ ‫إليها‪،‬‬ ‫ينتمي‬ ‫التي‬ ‫ة»‬ ‫األدبي‬
‫ّ‬ ‫«السلسلة‬ ‫ضمن‬ ‫عمل‬ ‫التاريخ‪ ،‬وأن يُصنَّف ك ُّل‬
‫وأهميته في السياق العامّ للتجربة‬ ‫ّ‬ ‫يُتمكَّن من تحديد وضعه التاريخي ودوره‬
‫ّ‬
‫األدبية (ياوس‪ ،‬ص‪.)٧٢‬‬ ‫ّ‬
‫والتسا�ل‬
‫ؤ‬ ‫التطور األدبي من خالل دراسة التل ّقي‪ ،‬عبر عصور مختلفة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كيفية‬
‫ّ‬ ‫معرفة‬
‫ّ‬
‫ًّ ِ‬
‫أدبية ما‪ ،‬ومدى‬ ‫التاريخية التي تجعل المتل ّقي حقا يُق ّر ِبج ّدة ظاهرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن العوامل‬
‫وماهية تب ّدالت الفهم‬ ‫ّ‬ ‫التاريخية التي ظهرت فيها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الج ّدة في اللحظة‬ ‫إدراكه هذه ِ‬
‫التصورات السائدة‬ ‫ّ‬ ‫استيعاب مضمونها‪ ،‬ومدى إسهامها في تعديل‬ ‫ُ‬ ‫التي تَطلَّ َبها‬
‫حتى تاريخ صدورها (ص‪.)٧6‬‬ ‫المكرسة ّ‬ ‫ّ‬ ‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫والقيم‬
‫االجتماعية‪ ،‬من خالل محاولتها‬ ‫ّ‬ ‫محاولة تقديم جواب عن مسألة وظيفة األدب‬
‫التوسط على نحو جديد بين التأريخ األدبي والبحث السوسيولوجي بوساطة «أفق‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كيفية إسهام‬ ‫التاريخي لألدب‪ ،‬ومحاولة فهم ّ‬ ‫التو ّقع» الذي لجأ إليه ياوس في تأويله‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬في صنع التاريخ (ص‪.)143 ،84‬‬ ‫ّ‬ ‫الفن‪ ،‬بما هو أحد وسائط الممارسة‬ ‫ّ‬
‫أنفسهم‪،‬‬ ‫وارية بين النص ومتل ّقيه‪ ،‬وبين المتل ّقين ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫يتم عبر إنشاء عالقة ح ّ‬ ‫وهذا ّ‬
‫الجمالية ضمن النشاط التواصلي‬ ‫ّ‬ ‫الخاص الذي تضطلع به التجربة‬ ‫ّ‬ ‫وتحديد الدور‬
‫ّ‬
‫للمجتمع (إيزر‪ ،‬ص‪.)115‬‬
‫� المعاصر على‪:‬‬
‫الخاصة بالقار ؤ‬
‫ّ‬ ‫التأويلية‬
‫ّ‬ ‫المرحلة الثانية‪ :‬تقوم القراءة‬
‫تحديد بنية الفراغات والبياضات الستكمال النقص‪ ،‬وتحويلها من عالمات فصل‬
‫إلى عالمات وصل‪.‬‬
‫المستويين التركيبي واالستبدالي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫دراسة المنظورات المختلفة في النصوص على‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النص والمتل ّقي‪.‬‬‫الجمالي أي المعنى الناتج من التفاعل بين ّ‬ ‫لتشكيل الموضوع‬
‫ّ‬
‫مهمة من مراحل‬ ‫متسق‪ .‬وهي مرحلة ّ‬ ‫اعتماد تقنية االنتقاء من أجل إجراء تأويل ّ‬
‫النصية‪ ،‬كونها مرحلة اتّخاذ القرار بإغالق‬ ‫ّ‬ ‫مسيرة الفعل القرائي‪ ،‬داخل المنظورات‬
‫ّ‬
‫وي يقتنع‬ ‫َح َظ ّ‬
‫النص‪ ،‬ما ؤيو ّدي إلى إقامة تص ُّور ل ْ‬
‫ّ‬ ‫ك ّل االحتماالت التي يق ّدمها‬
‫منظورية‬
‫ّ‬ ‫«ر�ية‬
‫فالنص يق ّدم ؤ‬‫ّ‬ ‫للنص؛‬
‫ّ‬ ‫�‪ ،‬باعتباره المعنى الوحيد الممكن‬ ‫به القار ؤ‬
‫المولّف (ص‪.)31‬‬ ‫ر�ية ؤ‬ ‫للعالم»‪ ،‬أي ؤ‬
‫‪40‬‬
‫ّ‬
‫التلقي والقراءة (ياوس وإيزر)‬ ‫التأويل ونظر ّية‬

‫التطور بين القراءات المختلفة التي‬


‫ّ‬ ‫إجراء المقارنات وتقييم القراءات‪ ،‬ولحظ‬
‫الجمالية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النص األدبي‬
‫� لتقدير قيمة ّ‬
‫أجراها القار ؤ‬
‫ّ‬
‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫وتطوره على اختالف أنواعه وأجناسه‬
‫ّ‬ ‫التأويلية الجديدة في تأريخ األدب‬
‫ّ‬ ‫تشتغل‬
‫وعصوره‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫جمالية التجاوب (في األدب)‪ ،‬تر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نظرية‬
‫ّ‬ ‫إيزر‪ ،‬فولفغانغ (‪ .)1٩٩5‬فعل القراءة‪:‬‬
‫حميد لَحمداني والجاللي الكدية‪ .‬فاس‪ :‬منشورات مكتبة المناهل‪.‬‬
‫نقدية (ط‪ ،)1‬تر‪ّ .‬‬
‫عز الدين‬ ‫ّ‬ ‫نظرية التل ّقي‪ :‬مق ّدمة‬
‫ّ‬ ‫هولَب‪ ،‬روبرت (‪.)٢٠٠٠‬‬
‫األكاديمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إسماعيل‪ .‬القاهرة‪ :‬المكتبة‬
‫للنص‬
‫ّ‬ ‫جمالية التل ّقي‪ :‬من أجل تأويل جديد‬
‫ّ‬ ‫ياوس‪ ،‬هانس روبرت (‪.)٢٠16‬‬
‫األدبي (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬رشيد بنحدو‪ .‬تونس‪ :‬كلمة للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪- Jauss, H. R. (1978). Pour une esthétique de la réception, trad. de l’allemand par‬‬
‫‪Claude Maillard. Préface de Jean Starobinski. Paris: Gallimard.‬‬
‫‪- Eco, U. (1965). L’Œuvre ouverte, trad. de l’italien par Chantal Roux de Bézieux‬‬
‫‪et André Boucourechliev. Paris: Seuil.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫التأويلي في النصوص‬
‫ّ‬ ‫� في الحكاية‪ :‬التعاضد‬ ‫إيكو‪ ،‬أمبرتو (‪ .)1٩٩6‬القار ؤ‬
‫الحكائية (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬أنطوان أبو زيد‪ .‬بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي (نُشر العمل‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األصلي ‪.)1٩٧٩‬‬
‫ّ‬
‫تحليلي حول‬
‫ّ‬ ‫نظرية التل ّقي مع نموذج‬
‫ّ‬ ‫عمري‪ ،‬سعيد (‪ .)٢٠٠٩‬الرواية من منظور‬
‫النقدي‬
‫ّ‬ ‫رواية أوالد حارتنا لنجيب محفوظ‪ .‬فاس‪ :‬منشورات مشروع البحث‬
‫ونظرية الترجمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬مهى جرجور‬
‫‪41‬‬
‫التحليل النفس ّي األدب ّي‬

‫األدبي‬
‫ّ‬ ‫النفسي‬
‫ّ‬ ‫التحليل‬

‫وأهم األعالم‬
‫ّ‬ ‫ّأو ًال‪ -‬التعريف‬
‫البشرية‬
‫ّ‬ ‫الداخلية للنفس‬
‫ّ‬ ‫األوروبية يعتقد أ ّن الذات‬
‫ّ‬ ‫بدأ اإلنسان منذ عصر النهضة‬
‫الداخلية‬
‫ّ‬ ‫الميتافيزيقية‪ ،‬وأصبحت القوى‬
‫ّ‬ ‫بدال من القوى‬
‫هي التي تح ّدد مصير الفرد ً‬
‫النفسية هي العامل األساس في حركة اإلنسان‪ ،‬ومع فرويد (‪ )1٩3٩-1856‬أصبح‬ ‫ّ‬
‫الالشعور هو الدافع األساس في إنتاج األدب‪.‬‬
‫النفسي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أ‪ -‬مدرسة فرويد في التحليل‬
‫النفسية‬
‫ّ‬ ‫الع َقد‬
‫األدبي عند فرويد على البحث عن ُ‬ ‫يرتكز التحليل النفسي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األدبي؛‬ ‫نصه‬
‫ّ‬ ‫في‬ ‫تنعكس‬ ‫والتي‬ ‫طفولته‪،‬‬ ‫ام‬ ‫أي‬
‫ّ‬ ‫منذ‬ ‫ّف‬ ‫ل‬ ‫المو‬
‫المكبوتة التي يحملها ؤ‬
‫ّ‬
‫الجهاز‬ ‫يقسم‬
‫مولّفه‪ ،‬وهذا ما جعله ّ‬‫فاألدب في نظر فرويد هو نتاج ال شعور ؤ‬
‫النفسي إلى ثالثة أقسام هي‪:‬‬
‫ّ‬
‫وض ُع الفرد في حال االنتباه واإلدراك‪ .‬أطلق عليها فرويد في ما بعد‬
‫‪ .1‬الشعور‪ْ :‬‬
‫اسم الوعي؛‬
‫وض ُع الفرد عندما يكون في حال من نسيان بعض القضايا التي‬ ‫‪ .٢‬ما قبل الشعور‪ْ :‬‬
‫يستطيع تذكّرها بعد مثير بسيط‪ .‬أطلق عليها اسم ما قبل الوعي؛‬
‫نفسية تبقى منذ الطفولة قابعة في‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬الالشعور‪ :‬حال الفرد الذي يكبت ُع َق ًدا‬
‫الطفولية‪ .‬أطلق عليها في ما بعد الالوعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أعماق النفس‪ ،‬هي المكبوتات‬
‫تحرك‬
‫ّ‬ ‫النفسية التي‬
‫ّ‬ ‫الع َقد‬
‫نظرية فرويد على الالشعور‪ ،‬وفيه تقبع ُ‬
‫ّ‬ ‫وترتكز‬
‫الع َقد واستخراجها من الالشعور‪ ،‬علينا‬
‫المتنوعة‪ ،‬ولمعرفة هذه ُ‬
‫ّ‬ ‫الفرد في نشاطاته‬

‫‪42‬‬
‫التحليل النفس ّي األدب ّي‬

‫سلوك طرق‪ ،‬أبرزها اثنتان‪:‬‬


‫آليات عمل الحلم‪ :‬التكثيف‪ ،‬واإلزاحة‪،‬‬
‫النفسية‪ :‬من ّ‬
‫ّ‬ ‫الع َقد‬
‫‪ .1‬الحلم يكشف ُ‬
‫ويعبر من خالله عن‬
‫حلم يقظة يحلمه األديب‪ّ ،‬‬‫األدبي َ‬ ‫والترميز‪ .‬ويُ َع ّد العمل‬
‫ّ‬
‫المولّف عن رغبات كامنة تخرج بصور‬‫كبت يعانيه‪ ،‬وهو ر ّد فعل ين ّفس فيه ؤ‬
‫مهمة التحليل النفسي األدبي هي‬
‫من التكثيف‪ ،‬واإلزاحة‪ ،‬والترميز‪ ،‬وتكون ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النص وإظهار المكبوت فيه‪.‬‬
‫الكشف عن خبايا ّ‬
‫صورا عن‬
‫‪ .٢‬فلتات اللسان‪ :‬تمثّل الكلمات التي تخرج من فم اإلنسان ال إراد ًّيا‪ً ،‬‬
‫الحر للكلمات هو أفضل‬‫ّ‬ ‫قضايا مكبوتة في ال شعوره‪ ،‬ومن هنا كان التداعي‬
‫طريقة للوصول إلى مكامن الالشعور‪.‬‬
‫األدبي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫النفسي‬
‫ّ‬ ‫النفسي والتحليل‬
‫ّ‬ ‫متنوعة في التحليل‬
‫ب‪ -‬مدارس ّ‬
‫النفسيين‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وتعممت بين المحلّلين‬ ‫ّ‬ ‫واسعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫رواجا‬
‫ً‬ ‫القت فكرة التحليل النفسي‬
‫ّ‬
‫ون ّقاد األدب‪ ،‬ونشأت مدارس كثيرة في التحليل النفسي أبرزها‪:‬‬
‫ّ‬
‫القوة (أي‬
‫‪ .1‬مدرسة ألفرد أدلر (‪ )1٩3٧-18٧٠‬الذي قال بأ ّن إرادة االقتدار أو ّ‬
‫المحرك األساسي للنشاط اإلنساني‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫نفسه) هي‬‫نزعة الفرد إلى أن ؤيوكّد َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجنسية كما قال فرويد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحياة‬
‫أسس علم النفس‬ ‫‪ .٢‬مدرسة كارل غوستاف يونغ (‪ )1٩61-18٧5‬الذي ّ‬
‫األو ّلية‪ ،‬والالشعور الجمعي‪،‬‬
‫األسطوري‪ ،‬وركّز على‪ :‬األنماط ّ‬
‫ّ‬ ‫التحليلي‪ ،‬والنقد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصية (االنبساط واالنطواء)‪ ،‬والقناع‪ /‬الظ ّل‪...‬‬
‫ّ‬ ‫وأنماط‬
‫نظرية صدمة الميالد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬مدرسة أوتو رانك (‪ )1٩3٩-1884‬الذي اعتمد على‬
‫والخوف من الموت‪ /‬إرادة الحياة‪.‬‬
‫‪ .4‬مدرسة شارل مورون (‪ )1٩66-18٩٩‬الذي أنشأ النقد النفسي‪ ،‬ووضع‬
‫ّ‬
‫الفرويدي في خدمة النقد األدبي‪ .‬ويمكن تلخيص منهجه‬‫ّ‬ ‫التحليل النفسي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫في أربع مراحل‪ :‬الفرز التحليل االستنتاج التح ّقق‪.‬‬
‫طور المنهج النفسي بجمعه بين‬ ‫‪ .5‬مدرسة جاك الكان (‪ )1٩81-1٩٠1‬الذي ّ‬
‫ّ‬
‫لسانيات‬
‫ّ‬ ‫متك ًئا على‬
‫والفرويدية‪ ،‬إذ أعاد تفسير أعمال فرويد ّ‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫اللسانية‬
‫ّ‬
‫فرديناند دي سوسير ورومان ياكبسون وغيرهما‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫التحليل النفس ّي األدب ّي‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫اله َو‪ ،‬واألنا‪ ،‬واألنا األعلى )‪ :(Le Ça, le Moi, le Surmoi‬يتألّف الجهاز النفسي‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫ويضم الغرائز‬ ‫ّ‬ ‫من هذه القوى أو الطبقات الثالث‪ .‬يحوي الهو ك ّل ما هو موروث‪،‬‬
‫والمكبوتات؛ ويجهد األنا للتوفيق بين أوامر األنا األعلى ومطالب الهو ومتطلّبات‬
‫فيو ّدي دور الوسيط بين الهو والعالم الخارجي؛ ّأما األنا األعلى‬ ‫معا‪ ،‬ؤ‬ ‫آن ً‬ ‫الواقع في ٍ‬
‫ّ‬
‫سمى الضمير‪.‬‬ ‫عما يُ ّ‬ ‫المثاليات والروادع‪ ،‬ويصدر في أحكامه ّ‬ ‫ّ‬ ‫فتتجسد فيه‬
‫ّ‬
‫ولكن‬
‫ّ‬ ‫ضية تصيب الشخص في سنوات الطفولة‪،‬‬ ‫العصاب )‪ :(Névrose‬حالة َم َر ّ‬ ‫ُ‬
‫وقت طويل‪ ،‬ويظهر فيها اضطراب وظيفة الجهاز النفسي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أعراضها ال تبدو ّإال بعد‬
‫ّ‬
‫النفسية‪ ،‬ألنّه قاب ٌل للعالج بالتحليل النفسي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫موضوعا لبحوثه‬ ‫ً‬ ‫العصاب‬ ‫اختار فرويد ُ‬
‫ّ‬
‫القوية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العاطفية‬
‫ّ‬ ‫التصورات والذكريات ذات القيمة‬ ‫ّ‬ ‫العقدة )‪ :(Complexe‬منظومة من‬ ‫ُ‬
‫الشخصية في تاريخ الطفل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تتكون انطال ًقا من العالقات‬ ‫ّ‬ ‫والالواعية جزئ ًّيا أو كلّ ًّيا‪،‬‬
‫والتصرفات‪.)...‬‬ ‫ّ‬ ‫النفسية (االنفعاالت‪ ،‬والمواقف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتتد ّخل في ك ّل المستويات‬
‫الخصاء‪...‬‬ ‫والع َقد أنواع‪ :‬عقدة أوديب‪ ،‬وعقدة ألكترا‪ ،‬وعقدة ِ‬ ‫ُ‬
‫معينة عن اإلفالت من النظام‬ ‫ج ُز نزعة ّ‬ ‫الكبت )‪َ :(Répression, Refoulement‬ع ْ‬
‫الشعورية‬ ‫ّ‬ ‫الشعوري‪ ،‬وبذلك تظ ّل النزعة‬ ‫ّ‬ ‫الالشعوري والدخول في النظام قبل‬ ‫ّ‬
‫ت أو مكبوتة‪.‬‬ ‫وتوصف بأنّها كُ ِب َت ْ‬
‫الهوام‪ ،‬سيناريو خيالي يهدف إلى تحقيق رغبة ال واعية‪،‬‬ ‫االستيهام )‪ :(Fantasme‬أو ُ‬
‫ّ‬
‫قريب من الحلم أو أحالم اليقظة‪ ،‬وهو منطلق اإلبداع الفني واألدبي واألساطير‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والجماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفردية‬
‫ّ‬
‫التكثيف )‪ :(Condensation‬سيرورة ترتبط بوساطتها صورتان أو أكثر لتكوين صورة‬
‫غنى وغرابة‪.‬‬ ‫مركّبة لها داللتها‪ .‬تظهر في الحلم‪ ،‬وتمنحه ً‬
‫الالشعور الجمعي )‪ :(Inconscient Collectif‬إ ّن األساطير تنتقل بالوراثة‪ ،‬وتقيم في‬
‫ّ‬
‫المعبرون عن رغبات‬ ‫هم‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫أل‬ ‫منهم‪،‬‬ ‫الشعراء‬ ‫ة‬ ‫ٍ‬ ‫وبخاص‬ ‫ة‬‫البشري‬ ‫الجماعات‬ ‫الشعور‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلنسانية‪ .‬وإ ّن علم النفس التحليلي‬ ‫ّ‬ ‫البشري الغامضة‪ ،‬والمترجمون وجدا َن‬ ‫ّ‬ ‫النوع‬
‫ّ‬
‫أسسه يونغ (أو علم نفس األعماق) كفي ٌل بالوصول إلى الالشعور الجمعي‪.‬‬ ‫الذي ّ‬
‫ّ‬
‫االنطواء واالنبساط )‪ :(Introversion et Extraversion‬االنطواء‪َ ،‬وفق يونغ‪ ،‬هو انسحاب‬
‫شخصية يركّز فيه األشخاص على‬ ‫ّ‬ ‫ونمط ِمزاج أو‬ ‫ُ‬ ‫من االهتمام بالعالم الخارجي‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪44‬‬
‫التحليل النفس ّي األدب ّي‬

‫الخاصة‪ .‬عكسه االنبساط‪.‬‬


‫ّ‬ ‫أفكارهم ومشاعرهم‬
‫الجمعية‪ ،‬ويوهم‬
‫ّ‬ ‫نظرية يونغ‪ ،‬هو جزء ٌ يُخفي جزءًا من النفس‬
‫ّ‬ ‫القناع )‪ :(Masque‬في‬
‫حر‪ ،‬في‬
‫فردي ّ‬‫ّ‬ ‫كائن‬
‫ٌ‬ ‫بالفردية؛ إذ يدفع إلى االعتقاد بأ ّن اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫في الوقت عينه‬
‫الجمعية ومعطياتها‪ .‬وقد بسط‬
‫ّ‬ ‫حين أنّه وسيط تَعبر من خالله ضرورات النفس‬
‫جدلية األنا والالوعي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يونغ آراءه في القناع في كتابه‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫ق ثالثة‪ ،‬هي‪ :‬المعنى المسموح‪،‬‬ ‫النص إلى أعما ٍ‬ ‫األدبي َّ‬ ‫يقسم التحلي ُل النفسي‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والمعنى المقموع‪ ،‬والمعنى المكبوت؛ والمعنى المكبوت هو مجال عمل‬
‫نص المبدع‪ ،‬كما ينظر المعالج النفسي‬ ‫األدبي الذي ينظر إلى ّ‬ ‫التحليل النفسي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النفسية المكبوتة في‬
‫ّ‬ ‫د‬‫ق‬ ‫الع‬
‫َُ‬ ‫اكتشاف‬ ‫طريق‬ ‫هو‬ ‫الحلم‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫وبما‬ ‫‪،‬‬ ‫صابي‬ ‫الع‬
‫الى حلم ُ‬
‫ّ‬
‫المولّف حين كتب‬ ‫النفسية التي شغلت ؤ‬
‫ّ‬ ‫الع َقد‬
‫النص يكشف ُ‬ ‫صابي‪ ،‬فإ ّن ّ‬ ‫الع‬
‫الوعي ُ‬
‫ّ‬
‫نفسية‬
‫ّ‬ ‫حلم يقظة يحلمه األديب نتيجة ُع َقد‬
‫ُ‬ ‫والنص‬
‫ّ‬ ‫نصه؛ فالحلم يحلمه العصابي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫صادرة عن رغبات كامنة خلف الرقابة‪ ،‬والتكثيف‪ ،‬والترميز‪ ،‬واإلزاحة‪ .‬وتكون‬
‫النص‬‫ّ‬ ‫الكشف عن هذه الرغبات المكبوتة في‬ ‫َ‬ ‫مهمة التحليل النفسي األدبي‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فك رموزها من خالل القيام‬ ‫النفسي ّ‬ ‫نفسية مش ّفرة‪ ،‬على الناقد‬ ‫ّ‬ ‫الذي يمثّل رسالة‬
‫ّ‬
‫بالخطوات اآلتية‪:‬‬
‫النص‪،‬‬
‫‪ .1‬الكشف عن المعنى المسموح‪ :‬هو المعنى المباشر الذي نستخرجه من ّ‬
‫العادي من‬
‫ّ‬ ‫�‬
‫النص صراح ًة‪ ،‬ويستد ّل عليه القار ؤ‬
‫أي المعنى الذي يد ّل عليه ّ‬
‫األولي‬ ‫النص وجمله‪ ،‬وهذا المعنى هو المعنى‬ ‫الدالالت الواضحة لكلمات ّ‬
‫ّ ّ‬
‫النص؛‬
‫الذي نستقبله من ّ‬
‫النص‪ ،‬الذي‬
‫‪ .٢‬الكشف عن المعنى المقموع‪ :‬هو المعنى المسكوت عنه في ّ‬
‫يمكن اكتشافه من خالل مثير بسيط‪ ،‬أي ما يمكن تأويله من خالل دالالت‬
‫النص‪ ،‬ويمكن تلخيصه بالفكرة الرئيسة‬
‫ّ‬ ‫المعجمية المهيمنة على‬
‫ّ‬ ‫الحقول‬
‫النص إرسالها إلى المتل ّقي؛‬
‫التي يحاول ّ‬
‫النص‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬الكشف عن المعنى المكبوت‪ :‬هذا المعنى هو األساس في إنتاج‬
‫المتمرس بالنقد النفسي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كامنا فيه‪ ،‬وال يستطيع كشف كنهه ّإال الناقد‬
‫ويكون ً‬
‫ّ‬

‫‪45‬‬
‫التحليل النفس ّي األدب ّي‬

‫تقنيات التحليل النفسي األدبي‪ ،‬وال‬


‫ألنّه ال يمكن تأويله ّإال بعد االستناد إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حلم يعمل على الرقابة‬‫النص كأنّه ُ‬
‫يمكن اكتشافه ّإال من خالل النظر إلى ّ‬
‫النص هو‬ ‫ّ‬ ‫والترميز والتكثيف واإلزاحة‪ .‬وبذلك يكون المعنى الكامن في‬
‫مجال التحليل النفسي األدبي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫شعرا‪.‬‬
‫نثرا أو ً‬
‫النص ً‬
‫أدبي‪ ،‬سواء كان هذا ّ‬ ‫نص‬
‫األدبي هي ك ّل ّ‬ ‫ميادين التحليل النفسي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬
‫ً‬
‫النفسي‪ 3 ،‬مج (ط‪.)1‬‬‫ّ‬ ‫الموسوعي للتحليل‬
‫ّ‬ ‫الحفني‪ ،‬عبد المنعم (‪ .)٢٠٠5‬المعجم‬
‫بيروت‪ :‬دار نوبليس‪.‬‬
‫وقضية (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وعالجا‬
‫ً‬ ‫علما‬‫النفسي ً‬
‫ّ‬ ‫صفوان‪ ،‬مصطفى (‪ .)٢٠16‬التحليل‬
‫البحرين للثقافة واآلثار‪.‬‬ ‫َ‬ ‫مصطفى حجازي‪ .‬المنامة‪ :‬هيئة‬
‫والفن‪ :‬دافينشي ‪ -‬دوستويفسكي‬ ‫ّ‬ ‫النفسي‬
‫ّ‬ ‫فرويد‪ ،‬سيغموند (‪ .)1٩٧5‬التحليل‬
‫(ط‪ ،)1‬تر‪ .‬سمير كرم‪ .‬بيروت‪ :‬دار الطليعة‪.‬‬
‫الجنسية (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬جورج طرابيشي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫______ (‪ .)٢٠15‬ثالثة مباحث في‬
‫ُد َبي‪ :‬دار مدارك للنشر‪.‬‬
‫الفرويدي (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفن‪ :‬تفسير علم الجمال‬ ‫كوفمان‪ ،‬ساره (‪ .)1٩8٩‬طفولة ّ‬
‫وجيه أسعد‪ .‬دمشق‪ :‬وزارة الثقافة‪.‬‬
‫النفسي‬
‫ّ‬ ‫البالنش‪ ،‬جان و ج‪ .‬ب‪ .‬بونتاليس (‪ .)1٩٩٧‬معجم مصطلحات التحليل‬
‫الجامعية للدراسات والنشر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬ ‫(ط‪ ،)3‬تر‪ .‬مصطفى حجازي‪ .‬بيروت‪ :‬ؤ‬
‫النفسي واألدب (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬عبد الوهاب ّ‬
‫ترو‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نويل‪ ،‬جان بالمان (‪ .)1٩٩6‬التحليل‬
‫بيروت‪ :‬منشورات عويدات‪.‬‬
‫يونغ‪ ،‬كارل غوستاف (‪ .)1٩88‬الدين في ضوء علم النفس (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬نهاد ّ‬
‫خياطة‪.‬‬
‫دمشق‪ :‬العربي للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ّ‬
‫الالذقية‪ :‬دار الحوار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التحليلي (ط‪ ،)٢‬تر‪ .‬نهاد ّ‬
‫خياطة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫______ (‪ .)1٩٩٧‬علم النفس‬

‫‪46‬‬
‫التحليل النفس ّي األدب ّي‬

‫‪- Lacan, Jacques (1966). Ecrits. Paris: Seuil.‬‬


‫‪- Mauron, Charles (1963). Des métaphores obsédantes au mythe personnel:‬‬
‫‪Introduction à la Psychocritique. Paris: José Corti.‬‬
‫‪- Rank, Otto (1928). Le traumatisme de la naissance, trad. de l’allemand S.‬‬
‫‪Jankélévitch. Paris: Payot.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫الشعبية‪ ،‬تر‪ .‬طالل حرب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫النفسي للحكايات‬
‫ّ‬ ‫بتلهايم‪ ،‬برونو (‪ .)1٩85‬التحليل‬
‫بيروت‪ :‬دار المروج للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫النفسية في دراسة األدب ونقده‪ .‬القاهرة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫محمد (‪ .)1٩4٧‬من الوجهة‬ ‫ّ‬ ‫خلف اهلل‪،‬‬
‫مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر‪.‬‬
‫العربية (ط‪ُ .)1‬د َبي‪ :‬دار‬
‫ّ‬ ‫طرابيشي‪ ،‬جورج (‪ .)٢٠13‬عقدة أوديب في الرواية‬
‫مدارك للنشر‪.‬‬
‫هان�‪ .‬القاهرة‪ :‬ؤ‬
‫مو ّسسة‬ ‫ؤ‬ ‫عباس محمود (‪ .)٢٠13‬أبو نواس الحسن بن‬ ‫الع ّقاد‪ّ ،‬‬
‫هنداوي للتعليم والثقافة‪.‬‬
‫تطبيقية (ط‪ .)1‬بيروت‪:‬‬
‫ّ‬ ‫األدبي مع نصوص‬
‫ّ‬ ‫فضل اهلل‪ ،‬إبراهيم (‪ .)٢٠11‬علم النفس‬
‫دار الفارابي‪.‬‬
‫قباني (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار الرائد‬ ‫النرجسية في أدب نزار ّ‬
‫ّ‬ ‫نجم‪ ،‬خريستو (‪.)1٩83‬‬
‫العربي‪.‬‬
‫ّ‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬إبراهيم فضل اهلل‬

‫‪47‬‬
‫التفكيك ّية (دريدا)‬

‫التفكيكيّة‬
‫(دريدا)‬

‫م�لّفاتهم‬
‫ّأو ًال‪ -‬تعريفها‪ ،‬أعالمها‪ ،‬ؤ‬
‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫التفكيكية مع جاك دريدا )‪ (Jacques Derrida‬كر ّد فعل على‬ ‫ّ‬ ‫ظهرت‬
‫التفكيكية‬
‫ّ‬ ‫اللسانية‪ ،‬وهيمنة السيميوطيقا على الحقل الثقافي الغربي‪ ،‬وهذا يعني أ ّن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فلسفة التقويض الهادف‪ ،‬والبناء اإليجابي‪ ،‬جاءت لتعيد النظر في فلسفات البنيات‬
‫ّ‬
‫وية‪ ،‬واألصل‪ ،‬والصوت‪ ،‬وغيرها من المفاهيم التي‬ ‫واله ّ‬
‫والثوابت‪ ،‬كالعقل‪ ،‬واللغة‪ُ ،‬‬
‫المركزية التي‬
‫ّ‬ ‫هيمنت على التفكير الفلسفي الغربي‪ ،‬أو جاءت لتنتقد المقوالت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الستينيات من القرن العشرين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلى‬ ‫أفالطون‬ ‫ورثها الفكر الغربي من عهد‬
‫ّ‬
‫منحى فلسف ًّيا في الغرب مع دريدا ومجموعة‬ ‫التفكيكية قد اتّخذت ً‬
‫ّ‬ ‫وإن كانت‬
‫منحى أدب ًّيا في القراءة والتأويل في الثقافة‬
‫األوروب ّيين‪ ،‬فإنّها اتّخذت ً‬
‫ّ‬ ‫من الفالسفة‬
‫سخرت ك ّل أدواتها من أجل تفكيك النقد الجديد‬ ‫ّ‬ ‫األنجلوسكسونية‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬
‫)‪.(New Criticism‬‬
‫مرة في كتابه علم‬
‫أو َل ّ‬
‫ّ‬ ‫)‪(Déconstruction‬‬ ‫استعمل دريدا مصطلح التفكيك‬
‫الكتابة ‪ /‬الغراماتولوجيا )‪ ،(De la Grammatologie‬متأثّ ًرا بمصطلح التفكيك لدى‬
‫مارتن هايدجر )‪ (Heidegger‬في كتابه الكينونة والزمان‪ .‬وليس التفكيك عند دريدا‬
‫الفرنسية بمعنى الهدم والتخريب؛ إذ‬
‫ّ‬ ‫مفهوما سلب ًّيا‪ ،‬حيث ترد الكلمة في القواميس‬
‫ً‬
‫الهايدجري‪ .‬أي ترد كلمة التفكيك‬
‫ّ‬ ‫معنى إيجاب ًّيا بالمفهوم‬
‫تحمل في كتابات دريدا ً‬
‫المركزية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫من أجل إعادة البناء والتركيب‪ ،‬وتصحيح المفاهيم‪ ،‬وتقويض المقوالت‬

‫‪48‬‬
‫التفكيك ّية (دريدا)‬

‫مركزية‪ ،‬كالعقل‪ ،‬والوعي‪ ،‬والبنية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مفاهيم‬


‫َ‬ ‫مجدت‬
‫الغربية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫وتعرية الفلسفة‬
‫والمركز‪ ،‬والنظام‪ ،‬والصوت‪ ،‬واالنسجام‪ ...‬في حين أ ّن الواقع قائم على االختالف‪،‬‬
‫وتشعب المعاني‪ ،‬وتع ّدد المتناقضات‪ ،‬وكثرة‬ ‫ّ‬ ‫والتالشي‪ ،‬والتقويض‪ ،‬والتفكّك‪،‬‬
‫الطبقية‪ .‬ويعني هذا أ ّن دريدا يعيد النظر‪ ،‬عبر مصطلح التفكيك‪ ،‬في‬ ‫ّ‬ ‫الصراعات‬
‫تثويرا‬
‫ً‬ ‫الغربيتان‬
‫ّ‬ ‫مجموعة من المفاهيم التي قامت عليها األنطولوجيا والميتافيزيقا‬
‫وتفجيرا‪ .‬وهكذا‪ ،‬فمصطلح التفكيك ليس بمعنى الهدم السلبي‪ ،‬وال معنى‬ ‫ً‬ ‫وتقويضا‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫النفي أو الرفض أو التقويض واإلنكار‪ ،‬كما في فلسفة نيتشه‪ ،‬بل بمعنى إعادة البناء‬
‫والتركيب‪ ،‬وتصحيح األخطاء‪ ،‬وفضح األوهام السائدة‪.‬‬
‫والسيميائية‪ ،‬يُراد به تحليل‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫وهنا‪ ،‬ال ب ّد من اإلشارة إلى أ ّن التفكيك في‬
‫المنطقية‬
‫ّ‬ ‫والثنائيات‬
‫ّ‬ ‫المجردة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النص‪ ،‬وتحديد بنياته العميقة‪ ،‬واستخالص القواعد‬ ‫ّ‬
‫التي تتحكّم في توليد النصوص الالمتناهية العدد باالحتكام إلى العقل والمنطق‬
‫فتشرح النصوص من أجل هدم المقوالت الثابتة تشكيكًا‬ ‫ّ‬ ‫تفكيكية دريدا‬
‫ّ‬ ‫واللغة‪ّ .‬أما‬
‫اإليديولوجية (حمد‪ ،٢٠1٧ ،‬ص‪.)351-35٠‬‬ ‫ّ‬ ‫وفضحا وتعري ًة ألوهامها‬
‫ً‬
‫مستمر للمدلول َوفق تع ّدد قراءات الدا ّل‪ ،‬ما‬ ‫ٍ‬
‫تخصيب‬ ‫التفكيكية عن‬
‫ّ‬ ‫تبحث‬
‫ّ‬
‫النهائية من الدالالت‪ ،‬مثلما أكّد الناقد التفكيكي األميركي بول‬ ‫ّ‬ ‫يفضي إلى متوالية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دي مان )‪ (Paul de Man‬على انتهاء عصر تسلّط العمل األدبي‪ ،‬وب ْدء عصر جديد‬
‫ّ‬
‫بدال من الكالم‪ ،‬النطواء‬ ‫التفكيكية إلى الكتابة ً‬
‫ّ‬ ‫�‪ .‬لهذا دعت‬ ‫هو عصر سلطة القار ؤ‬
‫يتعذر ذلك بالنسبة إلى‬ ‫األول‪ ،‬في حين ّ‬ ‫األولى على صيرورة البقاء بغياب المنتج ّ‬
‫(قطوس‪ ،٢٠16 ،‬ص‪.)1٢4-1٢3‬‬ ‫الكالم‪ّ ،‬إال في نطاق محدود ج ًّدا ّ‬
‫التفكيكية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫�‬
‫من مباد ؤ‬
‫المركزية الكبرى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أ‪ .‬الثورة على العقل‪ :‬ثار دريدا على مجموعة من المقوالت‬
‫والسيما مقولة «التمركز حول العقل» )‪ ،(Logocentrisme‬وهي كلمة مركّبة من‬
‫ّ‬
‫يونانية منصهرة داخل مجموعة من الحقول‬
‫ّ‬ ‫كلمتين‪ :‬اللوغوس )‪ ،(Logos‬كلمة‬
‫َ‬
‫الداللية توحي لسان ًّيا باللغة‪/‬القول‪/‬الخطاب‪ ،‬وتحيل فكر ًّيا على الفكر‪/‬‬
‫ّ‬
‫التحليل العقلي‪/‬الشرح؛ وكلمة التمركز )‪ ،(Centrisme‬من المركز )‪،(Centre‬‬
‫ّ‬
‫صحة المعنى من دون أن يكون‬‫ّ‬ ‫النص‪/‬اللغة يثبت‬
‫ومعناه وجود مركز خارج ّ‬
‫أصال لهدمه‪،‬‬
‫التفكيكية ً‬
‫ّ‬ ‫قابال للطعن فيه أو البحث عن حقيقته‪ .‬وهذا ما جاءت‬‫ً‬

‫‪49‬‬
‫التفكيك ّية (دريدا)‬

‫النص‪ ،‬من‬
‫الحرة التي تستخلص المعاني من ّ‬
‫ّ‬ ‫الر�يا‬
‫التفكيكية قائمة على ؤ‬
‫ّ‬ ‫أل ّن‬
‫مركزية مهما كان شأنها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫دون اإلحالة على‬
‫المبنية على المنطق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الغربية‬
‫ّ‬ ‫ب‪ .‬تقويض الميتافيزيقا‪ :‬يطعن دريدا في الميتافيزيقا‬
‫واللغة‪ ،‬والحضور‪ ،‬والتمركز العقالني الذي يشكّل معيار الحقيقة والبداهة‬
‫ّ‬
‫مستعينا بمقولة التمركز‬
‫ً‬ ‫الحوارية العالية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وظف دريدا قدرته‬ ‫واليقين‪ ...‬لقد ّ‬
‫نظريته الشاملة‪ ،‬بمواجهة التراكم الهائل‬ ‫ّ‬ ‫العقلي للعمل على إنشاء هيكل‬
‫ّ‬
‫الغربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للميتافيزيقا‬
‫األصلية‪ :‬يرفض دريدا التمركز العقلي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والخصوصية والجذور‬
‫ّ‬ ‫وية‬
‫اله ّ‬
‫ج‪ .‬ن ْقد فكرة ُ‬
‫ّ‬
‫المركزية‪ ،‬أو‬ ‫بالخصوصية‬ ‫ويمقت ك ّل انطواء على تسييد ِ‬
‫العرق‪ ،‬أو التبجُّح‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإليمان بهيمنة عنصر على آخر‪ ،‬أو جنس على آخر‪.‬‬
‫أيضا التاريخ المبني على التمركز العقلي‪،‬‬
‫د‪ .‬تفكيك مفهوم التاريخ‪ :‬يرفض دريدا ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مثال‪ ،‬ترفض التاريخ‪ ،‬أل ّن‬
‫وهيمنة الصوت الواحد؛ فالمرأة المث ّقفة المعاصرة‪ً ،‬‬
‫سطره الرجل‪ ،‬كما يرفض الرجل األسود تاريخه‪ ،‬ألنّه ِمن صنع‬ ‫ذلك التاريخ ّ‬
‫الرجل األبيض‪.‬‬
‫أسبقية الكتابة على الصوت‪ :‬يرى جاك دريدا أ ّن الكتابة هي أصل النشاط‬ ‫ّ‬ ‫هـ‪.‬‬
‫أسبقية الثقافة‬
‫ّ‬ ‫الثقافي اإلنساني‪ ،‬وليس الصوت أو الدا ّل الصوتي‪ .‬وهذا يعني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أهمية كبرى‬ ‫ّ‬ ‫(الكتابة) على الطبيعة (الصوت)‪ .‬لقد أعطى دريدا الكتابة‬
‫باعتبارها تعني التع ُّدد واالختالف‪.‬‬
‫النص أو‬
‫ّ‬ ‫محو ًال‬
‫ّ‬ ‫قوض دريدا فكرة االنسجام‪،‬‬ ‫و‪ .‬تقويض الكل ّّية واالنسجام‪ّ :‬‬
‫النص‬
‫الذاتي‪ ،‬إذ يجعل ّ‬ ‫الخطاب إلى عالم من الال انسجام والصراع الداخلي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫آليات التفكيك والتقويض والتشتيت‪ ،‬وكشف‬ ‫يتصارع مع نفسه من طريق ّ‬
‫مواطن التضا ّد‪ ،‬واالختالف‪ ،‬والتناقض‪.‬‬
‫آلية التفكيك في تقويض‬ ‫ز‪ .‬تفكيك النصوص والخطابات‪ :‬يعتمد دريدا على ّ‬
‫يهمه‬
‫أدبية‪ ،‬وما ّ‬ ‫ّ‬ ‫فلسفية أم‬
‫ّ‬ ‫النصوص‪ ،‬وتشريح الخطابات‪ ،‬سواء أكانت‬
‫في القراءات التي يحاول إقامتها ليس النقد من الخارج‪ ،‬وإنّما االستقرار‬
‫للنص‪ ،‬والعثور على توتّرات‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫أو التموضع في البنية غير المتجانسة‬
‫داخلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تناقضات‬

‫‪50‬‬
‫التفكيك ّية (دريدا)‬

‫ح‪ .‬االختالف‪ :‬يرى دريدا أ ّن المعنى في النصوص يتح ّدد نتيجة تع ّدد المدلوالت‬
‫يتأسس انطال ًقا من األثر الذي تتركه‬
‫ّ‬ ‫بين الكلمات المختلفة‪ .‬ك ّل عنصر‬
‫فيه العناصر األخرى في السلسلة‪ ،‬فعبر لعبة اآلثار واالختالفات واإلحاالت‬
‫المتبادلة‪ ،‬تنشأ فراغات ومسافات داخل عناصر اللغة المتكلّمة (الكالم)؛‬
‫ِ‬
‫«الك ْتبة»‬ ‫فاالختالف في اللغة عند دريدا يعني اإلرجاء واإلزاحة‪ ،‬ويدعوه‬
‫)‪ (Le Gramme‬أو َوحدة الكتابة وعناصرها‪ ،‬وهي كتابة ال تحيل على أصل‪،‬‬
‫ولكن على ما يسبق تقسيم الكلمة إلى دا ّل ومدلول‪ .‬العلم الذي يُعنى بهذه‬
‫الكتابة هو ما أسماه دريدا الغراماتولوجيا )‪.(Grammatologie‬‬
‫ط‪ .‬الحضور والغياب‪ :‬ينبني االختالف على فلسفة الحضور والغياب‪ ،‬بمعنى أ ّن‬
‫الدوا ّل تحمل مدلوالت تتع ّدد باالختالف‪ ،‬فيحضر هذا المعنى‪ ،‬ويغيب‬
‫وتالشيا‬
‫ً‬ ‫ذاك‪ .‬وبهذا‪ ،‬تتناسل االختالفات‪ ،‬وتتع ّدد المدلوالت توال ًدا‬
‫وتأجيال‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتفكيكًا‬
‫البنيوية‪ :‬تنبني فلسفة التفكيك على نقد جميع الثوابت التي‬ ‫ّ‬ ‫ي‪ .‬نقد الثوابت‬
‫البنيوية‪ ،‬كاللغة‪ ،‬والصوت‪ ،‬والدا ّل وغير ذلك من المفاهيم‬‫ّ‬ ‫انبنت عليها‬
‫البنيوية (حمداوي‪ ،٢٠13 ،‬ص‪.)44-38‬‬ ‫ّ‬ ‫والثنائيات‬
‫ّ‬ ‫العقلية‬
‫ّ‬ ‫والمقوالت‬
‫والعربي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الغربي‬
‫ّ‬ ‫العالمين‬
‫َ‬ ‫التفكيكية في‬
‫ّ‬ ‫من أعالم‬
‫تم ذكرهم في سياق المبحث‪ ،‬نذكر‪ :‬روالن بارت (س‪/‬ز)‪،‬‬ ‫غرب ًّيا إضاف ًة إلى ما ّ‬
‫الشكلية)‪...‬‬
‫ّ‬ ‫(حفريات المعرفة)‪ ،‬وجيفري هارتمان (ما وراء‬
‫ّ‬ ‫وميشيل فوكو‬
‫والمتحول)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫عرب ًّيا يمكن ذكر‪ :‬إدوارد سعيد (االستشراق)‪ ،‬أدونيس (الثابت‬
‫الغذامي (الخطيئة والتكفير‪:‬‬
‫العربي الجريح)‪ ،‬عبد اهلل ّ‬
‫ّ‬ ‫عبد الكبير الخطيبي (االسم‬
‫محمد‬
‫ّ‬ ‫صوتية)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التشريحية)‪ ،‬عبد اهلل القصيمي (العرب ظاهرة‬
‫ّ‬ ‫البنيوية إلى‬
‫ّ‬ ‫من‬
‫مفتاح (مجهول البيان)‪ ،‬عبد اهلل إبراهيم (التفكيك‪ :‬األصول والمقوالت)‪ ،‬علي‬
‫حرب (هكذا أقرأ ما بعد التفكيك)‪ ،‬سعد البازعي (استقبال اآلخر‪ :‬الغرب في‬
‫الغربي)‪ ،‬نصر حامد أبو زيد‬
‫ّ‬ ‫العربي الحديث)‪ ،‬مطاع صفدي (نقد العقل‬
‫ّ‬ ‫النقد‬
‫الديني)‪...‬‬
‫ّ‬ ‫(نقد الخطاب‬

‫‪51‬‬
‫التفكيك ّية (دريدا)‬

‫التفكيكية‬
‫ّ‬ ‫ثانيا‪ -‬من مصطلحات‬
‫ً‬
‫التفكيكية ﻣﺸﺮوع ﻟﻘﺮاءة اﻟﻨﺺّ‪ ،‬ؤيو ّدي‬
‫ّ‬ ‫� )‪:(L’autorité du lecteur‬‬
‫أ‪ .‬ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻘﺎر ؤ‬
‫دورا ﻣﻬﻤًّﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻳﻘﺮأ اﻟﻨﺺّ وﻳﻔﻜّﻜﻪ‪ ،‬وﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى‬ ‫� ً‬ ‫ﻓﻴﻪ اﻟﻘﺎر ؤ‬
‫يحاول إﻋﺎدة ﺑﻨﺎﺋﻪ َوﻓﻖ ﻣﻌﻄﻴﺎﺗﻪ وآﻟﻴّﺎت تفكيره وﺛﻘﺎﻓﺘﻪ‪ ،‬الﺳﺘﻜﺸﺎف دالﻟﺘﻪ‬
‫اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ‪.‬‬
‫ب‪ .‬االﺧﺘالف )‪ (La différence‬واإلرجاء )‪ :(La différance‬يُ َع ّد االﺧﺘالف أﺣﺪ‬
‫التفكيكية‪ ،‬ﻓﻜﻞّ ﻧﺺّ يقوم ﻋﻠﻰ اﺧﺘالف اﻟﺪوا ّل‪ ،‬ما‬
‫ّ‬ ‫المهمة في‬
‫ّ‬ ‫المرﺗﻜﺰات‬
‫ﻳَﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ اﺧﺘالف المدﻟﻮالت‪ ،‬وﺗﻌﺪّد التفسيرات ‪ /‬القراءات‪ ،‬وإرجاء المعنى‬
‫المح ّدد والنهائي‪.‬‬
‫ّ‬
‫ج‪ .‬اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ )‪ :(L’écriture‬اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ أو الغراماتولوجيا ﻣﻦ المصطلحات المبتكرة‬
‫في الحقل اﻟﺘﻔﻜﻴﻜﻲّ وﻫﻲ ﻣﺸﺘﻘّﺔ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ »‪ «Gramma‬اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴّﺔ التي يمكن‬
‫التفكيكية الكتابة‬
‫ّ‬ ‫المسجل‪ .‬لقد جعلت‬
‫ّ‬ ‫أن تعني المكتوب أو المنقوش أو‬
‫بدال من الكالم المتسلّط على‬ ‫أهم من الصوت؛ فالتفكيك يمارس الكتابة ً‬ ‫ّ‬
‫� السيادة بتغييب‬ ‫ِ‬
‫الخطاب من ق َبل المتكلّم‪ ،‬في حين تمنح الكتابة القار ؤ‬
‫المولّف‪ ،‬وه ْدمها ميتافيزيقا الحضور ّأو ًال‪ ،‬وتحرير المعنى من خالل نشر‬ ‫ؤ‬
‫ثانيا‪.‬‬
‫االختالف والتع ّدد ً‬
‫تميزها ﻋﻦ اﻟﻜالم المنطوق‪ ،‬وﻣﻦ‬ ‫إ ّن ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻨﺪ أﻧﺼﺎر اﻟﺘﻔﻜﻴﻚ ﺧﺼﺎﺋﺺَ ّ‬
‫ﻫﺬﻩ الخصائص‪:‬‬
‫الكتابة ﻋالﻣﺔ يمكن أن ﺗﺘﻜﺮّر رﻏﻢ ﻏﻴﺎب ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ‪ ،‬ويمكن أن ﺗُﻘﺮأ ﺿﻤﻦ‬
‫ﺳﻴﺎﻗﺎت ﺟﺪﻳﺪة‪.‬‬
‫اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺧﻄﺎب ال يمكن ﻣﻌﺎرﺿﺘﻪ‪ ،‬لها ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ االﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﻣﺮﺟﻊ إلى‬
‫آﺧﺮ‪ ،‬وﺗﺮﻛّﺰ ﻋﻠﻰ اإلﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ وﺗﺰﻳﺪ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ بين األﺷﺨﺎص‪.‬‬
‫اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ تجعل اﻟﻜﺎﺗﺐ أﻛﺜﺮ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻠﻨﻘﺪ‪ ،‬ﺑﻞ تحاول ﻛﺸﻒ ﻣﻜﺒﻮﺗﺎﺗﻪ‬
‫وأﺳﺮارﻩ‪.‬‬
‫النص بأﻧّﻪ ﻧﺴﻴﺞ وﺷﺒﻜﺔ ﻣﻦ‬ ‫روا ُد اﻟﺘﻔﻜﻴﻚ َّ‬ ‫ف ّ‬ ‫اﻟﺘﻨﺎص )‪ّ :(Intertextualité‬‬
‫عر َ‬ ‫ّ‬ ‫د‪.‬‬
‫اﻟﻌﻮاﻃﻒ واألﺣﺎﺳﻴﺲ واﻟﺼﻮر المتع ّددة األﺑﻌﺎد‪ ،‬المستم ّدة من ﻣﺮاﻛﺰ ﺛﻘﺎﻓﻴّﺔ‬

‫‪52‬‬
‫التفكيك ّية (دريدا)‬

‫وتاريخية‬
‫ّ‬ ‫ﻣﺘﻌﺪّدة؛ إﻧّﻪ ﺗﺸﻜﻴﻞ ال نهاﺋﻲّ للمعاني ألﻧّﻪ يحمل آﺛﺎر ﻧﺼﻮص ﺛﻘﺎﻓﻴّﺔ‬
‫ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ (خينوش‪ ،٢٠18 ،‬ص‪.)٩-6‬‬
‫محفوظا في الباقي‬
‫ً‬ ‫معا إلى ّامحاء الشيء وبقائه‬
‫آن ً‬ ‫هـ‪ .‬األثر )‪ :(Trace‬يشير في ٍ‬
‫من عالماته‪.‬‬
‫و‪ .‬الزيادة )‪ :(Supplément‬أو الملحقات والهوامش‪ .‬تشير إلى اإلضافات‪ ،‬فهي‬
‫فعالية‪ ،‬إذ من شأنه‬
‫ّ‬ ‫نقصا‪ .‬للملحق‬
‫تلتصق بالشيء‪ ،‬أي تتط ّفل عليه‪ ،‬أو تس ّد فيه ً‬
‫أن يقلب نظام ما يُضاف إليه‪ ،‬وأن يح ّل محلّه أحيا ًنا؛ فكم من ترجمة تتجاوز‬
‫كزالت اللسان‪ ،‬تكشف لنا عن تناقضات أو‬ ‫النص األصلي‪ ،‬وكم من حاشية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫«الرج» (دريدا‪ ،٢٠٠٠ ،‬ص‪.)٢8-٢٧‬‬ ‫ّ‬ ‫مغالطات! وهذا ما أسماه دريدا‬
‫تعليمية‪.‬‬ ‫� التفكيكية عن مصطلحاتها‪ ،‬وإن تم ذلك فألسبا ٍ‬
‫ب‬ ‫ومن العسير ُّ‬
‫فك مباد ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫التفكيكية‬
‫ّ‬ ‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬
‫ِ‬
‫اإلجراءات التالية‪:‬‬ ‫التفكيكية‪ ،‬بين ما تعتمد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تعتمد‬
‫النص وما يُخفيه؛ أي‬ ‫ّ‬ ‫يصرح به‬
‫ّ‬ ‫األو ّلية‪ :‬نحو إيجاد شرخ بين ما‬ ‫أ‪ .‬القراءة ّ‬
‫الميتافيزيقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مركزيته‬
‫ّ‬ ‫النص‪ ،‬وتُفقده‬ ‫نهائية تستبيح ّ‬‫ّ‬ ‫ممارسة قراءات ال‬
‫فيتم‬
‫ّ‬ ‫المستقرة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫البنى غير‬‫تقنية القلب (الهدم والبناء)‪ :‬تبدأ بالبحث عن ِ‬ ‫ب‪ّ .‬‬
‫حتى ينهار البنيان من أساسه ويُعاد تركيبه مج ّد ًدا‪ ،‬ليس في ثوابت‬ ‫تحريكها ّ‬
‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫رية‪ ،‬أو ِبنيات ثابتة كما تفعل‬ ‫مقوالتية‪ ،‬أو في شكل قواعد ُص َو ّ‬ ‫ّ‬
‫تتم إعادة البناء بتقويض الدالالت كلّها‪،‬‬ ‫واللسانيات‪ ،‬بل ّ‬
‫ّ‬ ‫والسيميائيات‬
‫ّ‬
‫وتأجيال (حمداوي‪ ،‬ص‪.)35‬‬ ‫ً‬ ‫وتشتيت المعاني تفكيكًا‬
‫النص‪ :‬من خالل التموضع داخل الظاهرة‪ ،‬وتوجيه ضربات متوالية‬ ‫ج‪ .‬استنطاق ّ‬
‫لها من الداخل‪.‬‬
‫معرفية إلى أخرى‪ ،‬ومن َم ْع َلم إلى َم ْع َلم‬
‫ّ‬ ‫(الرج)‪ :‬االنتقال من طبقة‬
‫ّ‬ ‫د‪ .‬تصديع الك ّل‬
‫حتى يتص ّدع الك ّل (دريدا‪ ،‬ص‪.)4٧‬‬ ‫ّ‬

‫‪53‬‬
‫التفكيك ّية (دريدا)‬

‫التفكيكية‬
‫ّ‬ ‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫التراثية‪ ،‬والخطب‬
‫ّ‬ ‫الشعرية‪ ،‬والنصوص‬
‫ّ‬ ‫التفكيكية على‪ :‬الدواوين‬
‫ّ‬ ‫يمكن تطبيق‬
‫عموما‪.‬‬
‫ً‬ ‫والدينية‬
‫ّ‬ ‫القرآنية‬
‫ّ‬ ‫السياسية‪ ،‬واإلعالنات‪ ،‬والروايات‪ ،‬وعلى الدراسات‬
‫ّ‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫العربي‬
‫ّ‬ ‫عربيا‪ :‬قراءة التفكيك في الفكر‬
‫ًّ‬ ‫محمد أحمد (‪ .)٢٠٠5‬دريدا‬ ‫ّ‬ ‫البنكي‪،‬‬
‫العربية للدراسات والنشر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النقدي (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬ؤ‬
‫المو ّسسة‬ ‫ّ‬
‫التفكيكية‬
‫ّ‬ ‫البنيوية إلى‬
‫ّ‬ ‫حمودة‪ ،‬عبد العزيز (أبريل ‪ .)1٩٩8‬المرايا المح ّدبة‪ :‬من‬
‫ّ‬
‫(العدد ‪ .)٢3٢‬الكويت‪ :‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬المجلس الوطني للثقافة‪.‬‬
‫ّ‬
‫دريدا‪ ،‬جاك (‪ .)٢٠٠8‬في علم الكتابة (ط‪ .)٢‬تر‪ .‬أنور مغيث ومنى طلبة‪ .‬القاهرة‪:‬‬
‫المركز القومي للترجمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫نقدية (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬أسامة الحاج‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫ّ‬ ‫التفكيكية‪ :‬دراسة‬
‫ّ‬ ‫زيما‪ ،‬بيير (‪.)1٩٩6‬‬
‫الجامعية للدراسات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬‫ؤ‬
‫عطية‪ ،‬أحمد عبد الحليم (‪ .)٢٠1٠‬جاك دريدا والتفكيك (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫ّ‬
‫الفارابي‪.‬‬
‫مان‪ ،‬بول دي (‪ .)٢٠٠٠‬العمى والبصيرة‪ :‬مقاالت في بالغة النقد المعاصر‪ ،‬تر‪.‬‬
‫سعيد الغانمي‪ .‬القاهرة‪ :‬المركز القومي للترجمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫علمية (ط‪ ،)٢‬تر‪ .‬هاشم صالح‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمي‪ :‬قراءة‬
‫ّ‬ ‫محمد أركون (‪ .)1٩٩6‬الفكر‬ ‫ّ‬
‫بيروت‪ :‬مركز اإلنماء القومي‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪- Derrida, Jacques (1972). La dissemination. Paris: Seuil.‬‬
‫& ‪- Norris, Christopher (1991). Deconstruction: Theory and Practice. London‬‬
‫‪New York: Routledge.‬‬
‫‪- Rayan, Michael (1982). Marxism and Deconstruction: A Critical Articulation.‬‬
‫‪Baltimore: The John Hopkins Universtity Press.‬‬

‫‪54‬‬
‫التفكيك ّية (دريدا)‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫النقدي (ط‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫وسيميائية الخطاب‬
‫ّ‬ ‫� المختلف‬ ‫نص القار ؤ‬‫ّأيوب‪ ،‬نبيل (‪ّ .)٢٠11‬‬
‫بيروت‪ :‬مكتبة لبنان ناشرون‪.‬‬
‫التفكيكية في تحليل الخطاب‬
‫ّ‬ ‫المنهجية‬
‫ّ‬ ‫محمد عبد الرحيم (‪.)٢٠1٧‬‬ ‫ّ‬ ‫طحان‪،‬‬
‫ّ‬
‫نقدية‪( .‬رسالة ماجستير بإشراف أ‪ .‬د‪ .‬يوسف الصديقي)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تحليلية‬
‫ّ‬ ‫القرآني‪ :‬دراسة‬
‫ّ‬
‫جامعة قطر‪.‬‬
‫النقدي‪ .‬إربد‪:‬‬
‫ّ‬ ‫إستراتيجيات القراءة‪ :‬التأصيل واإلجراء‬
‫ّ‬ ‫بسام (‪.)1٩٩8‬‬ ‫قطوس‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ندي‪.‬‬ ‫ِ‬
‫دار الك ّ‬
‫تفكيكية لقصيدة «أين ليالي»‬
‫ّ‬ ‫سيميائية‬
‫ّ‬ ‫مرتاض‪ ،‬عبد الملك (‪ .)1٩٩٢‬دراسة‬
‫الجامعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لمحمد العيد‪ .‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات‬ ‫ّ‬
‫مصادر المبحث ومراجعه‬
‫والنسقية (ط‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫السياقية‬
‫ّ‬ ‫األدبي‬
‫ّ‬ ‫حمد‪ ،‬عبد اهلل خضر (‪ .)٢٠1٧‬مناهج النقد‬
‫بيروت‪ :‬دار القلم‪.‬‬
‫األدبي والبالغة في مرحلة ما بعد‬ ‫ّ‬ ‫نظريات النقد‬‫ّ‬ ‫حمداوي‪ ،‬جميل (‪.)٢٠13‬‬
‫تم االسترجاع من‪ ،www.alukah.net :‬شبكة األلوكة‪.‬‬ ‫إلكترونية]‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫الحداثة [طبعة‬
‫«التفكيكية وتحليل الخطاب‪ :‬قصيدة تميم البرغوثي في‬
‫ّ‬ ‫خينوش‪ ،‬سهام (‪.)٢٠18‬‬
‫أنموذجا»‪( .‬مداخلة)‪ .‬جامعة المسيلة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫ً‬ ‫القدس‬
‫دريدا‪ ،‬جاك (‪ .)٢٠٠٠‬الكتابة واالختالف (ط‪ ،)٢‬تر‪ .‬كاظم جهاد‪ .‬الدار البيضاء‪:‬‬
‫دار توبقال للنشر‪.‬‬
‫عمان‪ :‬دار فضاءات‪.‬‬‫النقدية المعاصرة (ط‪ّ .)1‬‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫بسام (‪ .)٢٠16‬دليل‬ ‫قطوس‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬حيدر إسماعيل ود‪ .‬ندى مرعشلي‬

‫‪55‬‬
‫السرديّات‬

‫‪56‬‬
‫السرد ّية البنيو ّية‬

‫السرديّة البنيويّة‬

‫والم�لّفات‬
‫ؤ‬ ‫وأهم األعالم‬
‫ّ‬ ‫ّأو ًال‪ -‬التعريف‬
‫السردي‬
‫ّ‬ ‫النقدي الذي يُعنى بمظاهر الخطاب‬‫ّ‬ ‫السردية )‪ (Narratologie‬هي العلم‬ ‫ّ‬
‫األدبية‪ ،‬واستخراج‬
‫ّ‬ ‫الداخلية لألجناس‬
‫ّ‬ ‫ويهتم باستنباط القواعد‬ ‫ّ‬ ‫أسلوبا وبناءً وداللة‪،‬‬
‫ً‬
‫السردية في‬
‫ّ‬ ‫وجه أبنيتها وتح ّدد خصائصها وسماتها‪ .‬وتبحث‬ ‫النُّ ُظم التي تحكمها وتُ ّ‬
‫روي له‪.‬‬
‫وم ّ‬ ‫روي َ‬
‫وم ّ‬ ‫راو َ‬
‫السردية للخطاب من ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مكونات البنية‬
‫ّ‬
‫الداللية التي تُعنى بمضمون األفعال‬
‫ّ‬ ‫السردية‬
‫ّ‬ ‫السردية ّتياران رئيسان‪ّ ،‬أولهما‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وفي‬
‫السردية وبالمنطق الذي يحكم تعاقب األفعال‪ ،‬دونما اهتمام بخصائص السرد الذي‬ ‫ّ‬
‫التي َار‪ :‬بروب )‪ ،(Propp‬وبريمون )‪ ،(Bremond‬وغريماس‬ ‫يكونها وشكله‪ .‬ويمثّل هذا ّ‬ ‫ّ‬
‫سيميائية العمل والفعل‬
‫ّ‬ ‫ليتم االنتقال من دراسة‬‫الحقا‪ّ ،‬‬‫ً‬ ‫تطورت‬ ‫)‪ ،(Greimas‬وقد ّ‬
‫الذاتية‪ ،‬والبحث في‬
‫ّ‬ ‫سيميائية األهواء واالنفعاالت‪ ،‬والمشاعر‬ ‫ّ‬ ‫إلى العناية بدراسة‬
‫آليات اشتغال المعنى داخل النصوص مع غريماس وجاك فونتني‬ ‫دورها في تشكيل ّ‬
‫سيميائية األهواء‪ :‬من حاالت األشياء إلى حاالت النفس‬ ‫ّ‬ ‫)‪ (Fontanille‬في كتابهما‬
‫اللغوية للخطاب‪ ،‬وما‬ ‫ّ‬ ‫اللسانية التي تُعنى بالمظاهر‬
‫ّ‬ ‫السردية‬
‫ّ‬ ‫(‪)1٩٩1‬؛ وثانيهما‪:‬‬
‫بالمروي وأساليب السرد‪.‬‬‫ّ‬ ‫ينطوي عليه من أنظمة الرواة‪ ،‬وعالقات تربط الراوي‬
‫التي َار عد ٌد من الباحثين‪ ،‬من بينهم‪ :‬جينيت )‪ ،(Genette‬وبارت )‪،(Barthes‬‬ ‫ويمثّل هذا ّ‬
‫وتودوروف )‪ ،(Todorov‬وأوسبنسكي )‪ ،(Ouspenski‬وتوماشفسكي )‪.(Tomachevski‬‬
‫البنيوي‪ ،‬جيرار جينيت‬
‫ّ‬ ‫أهم ممثّلي التحليل‬
‫الفرنسي‪ ،‬وأحد ّ‬ ‫قسم الناقد والباحث‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫(‪ ،)٢٠18-1٩3٠‬تحليله للمحكي إلى ثالث مقوالت رئيسة‪ ،‬هي على التوالي‪:‬‬
‫ّ‬
‫السردي بالحكاية)‪ ،‬ومقولة الصيغة (ضبط المعلومة‬
‫ّ‬ ‫مقولة الزمن (عالقات الخطاب‬

‫‪57‬‬
‫السرد ّية البنيو ّية‬

‫السردية أي التحكّم بأشكالها ودرجاتها)‪ ،‬ومقولة الصوت (وهو صوت المتكلّم‪،‬‬


‫ّ‬
‫(أيوب‪،‬‬
‫يتح ّدد بموقعه من زمن الرواية‪ ،‬وبعالقته بموضوع الحكاية ومستواها)‪ّ .‬‬
‫‪ ،٢٠11‬ص ‪٧6‬؛ زيتوني‪ ،٢٠٠٢ ،‬ص‪.)11٩-11٧‬‬
‫مكونات‬ ‫ّ‬ ‫السردية للخطاب تتشكّل من تضافر ثالثة‬ ‫ّ‬ ‫ورأى جينيت أ ّن البنية‬
‫وميز الناقد الروسي توماشفسكي (‪18٩٠‬‬ ‫والمروي له‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫والمروي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫هي‪ :‬الراوي‪،‬‬
‫ّ‬
‫لعا على ك ّل‬‫مط ً‬
‫الموضوعي (حيث يكون الكاتب ّ‬ ‫نمطين من السرد‪:‬‬ ‫‪ )1٩5٧‬بين َ‬
‫ّ‬
‫مقابال للراوي المحايد‬‫ً‬ ‫السر ّية لألبطال‪ ،‬ويكون الكاتب‬ ‫ّ‬ ‫حتى على األفكار‬ ‫شيء‪ّ ،‬‬
‫وصفا محاي ًدا كما يراها‪ ،‬أو كما‬ ‫ً‬ ‫ليفسر األحداث‪ ،‬ولكن ليصفها‬ ‫ّ‬ ‫الذي ال يتد ّخل‬
‫يستنبطها من أذهان األبطال)؛ والذاتي (حيث نتبع الحكي من خالل عينَي الراوي‪،‬‬
‫ّ‬
‫وال تُق َّدم األحداث فيه ّإال من زاوية نظر الراوي‪ ،‬فهو الذي يُخبرنا بها‪ ،‬وهو الذي‬
‫�‪ ،‬ويدعوه إلى االعتقاد به)‪ .‬وفي مطلع‬ ‫معي ًنا يفرضه على القار ؤ‬ ‫تأويال ّ‬ ‫ً‬ ‫يعطيها‬
‫السبعينيات طرح الباحث السوفياتي أوسبنسكي (‪ ) 1٩3٧‬وجهة نظر من خالل ما‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ساعيا إلى معاينة المواقع التي يحتلّها‬ ‫ً‬ ‫«شعرية التأليف»‬ ‫ّ‬ ‫سماه «بويطيقا التوليف» أو‬ ‫ّ‬
‫التعبيري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المولّف‪ ،‬من خالل أربعة منظورات‪ ،‬هي‪ :‬المنظور اإليديولوجي‪ ،‬والمنظور‬ ‫ؤ‬
‫ّ‬
‫والمنظور النفسي‪ ،‬والمنظور الزمكاني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خاصة في المتخ َّيل‬
‫ّ‬ ‫أهمية‬
‫ّ‬ ‫أيضا بدراسة المكان الروائي لما له من‬ ‫البنيويون ً‬
‫ّ‬ ‫واهتم‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصيات‬
‫ّ‬ ‫تتحرك فيه‬
‫ّ‬ ‫االستيعابية واإلطار العامّ الذي‬
‫ّ‬ ‫يجسد الحاضنة‬ ‫القصصي؛ فهو ّ‬ ‫ّ‬
‫األساسية التي يقوم عليها الحدث‪ ،‬وأولى وسائل تقديم‬ ‫ّ‬ ‫وتتفاعل معه‪ ،‬وأحد العوامل‬
‫المنظور الروائي‪ .‬وعليه‪ ،‬يشمل مجموع األمكنة في الرواية وعالقتها باألحداث‬
‫ّ‬
‫والشخصيات والزمان؛ ومن ارتباط المكان بالزمان تكتسب الرواية‬ ‫ّ‬ ‫والمنظورات‬
‫تماسكَها وانسجامها‪ ،‬ومن التحامه به ينشأ الفضاء الروائي‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫الر�ية عند الراوي‪ ،‬وحصر معلوماته بالنسبة‬‫التبئير )‪ :(Focalisation‬تقليص حقل ؤ‬
‫خارجي (حيث تكون معرفة‬ ‫ّ‬ ‫إلى ما يجري في الرواية‪ .‬جعله جينيت ثالثة أنواع‪:‬‬
‫الشخصيات عن نفسها‪ ،‬إذ يق ّدم الراوي‬
‫ّ‬ ‫بالشخصيات أق ّل من معرفة‬
‫ّ‬ ‫الراوي‬
‫راميا إلى خلق اللَّ ْبس‪،‬‬
‫ماضيها‪ً ،‬‬
‫َ‬ ‫يفسر أفعالها أو يسترجع‬
‫الشخصية من دون أن ّ‬
‫ّ‬

‫‪58‬‬
‫السرد ّية البنيو ّية‬

‫داخلي (حيث تنحصر‬ ‫ّ‬ ‫مسبقة)؛‬ ‫موضوعي لألحداث من دون اتّخاذ آراء ّ‬ ‫أو تقديم‬
‫ّ‬
‫الشخصية أو تلك‪ ،‬من دون توافر‬ ‫ّ‬ ‫الشخصيات بما تق ّدمه هذه‬ ‫ّ‬ ‫معرفة الراوي عن‬
‫تمر عبرها المعلومات‬ ‫شخصية واحدة ّ‬ ‫ّ‬ ‫أي مصدر آخر‪ .‬وهو ثالثة أنواع‪ُ :‬مثبت على‬ ‫ّ‬
‫شخصية إلى أخرى؛ ومتع ّدد تروي‬ ‫ّ‬ ‫ومتب ّدل ينقل مصدر المعلومات من‬ ‫كلّها؛ ُ‬
‫شخصيات‪ ،‬ك ٌّل من وجهة نظره)؛ ال تبئير (أو تبئير الصفر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نفسه ع ّد ُة‬‫الحدث َ‬ ‫َ‬
‫الشخصية غير محدودة‪ ،‬يعرف‬ ‫ّ‬ ‫أي غياب التبئير‪ ،‬حيث تكون معرفة الراوي عن‬
‫(أيوب‪ ،‬ص‪.)68-6٧‬‬ ‫ماضيها وحاضرها ومستقبلها‪ّ .)...‬‬ ‫َ‬ ‫أفكارها ومشاعرها‪،‬‬
‫مرات سرد الحادثة‪ .‬وهو ثالثة أنماط‪ :‬السرد األ ُ ّ‬
‫حادي‬ ‫التواتر )‪ :(Fréquence‬عدد ّ‬
‫كراري (حين يروي‬‫ّ‬ ‫مر ًة واحدة)؛ السرد التَّ‬ ‫مر ًة واحدة ما حدث ّ‬ ‫(حين يروي السر ُد ّ‬
‫التأليفي (حين يروي السر ُد ّ‬
‫مرة‬ ‫ّ‬ ‫مرات)؛ السرد‬ ‫مر ًة واحدة ع ّد َة ّ‬ ‫السر ُد ما حدث ّ‬
‫مرات)‪( .‬ص‪.)٧٩‬‬ ‫واحدة ما حدث ع ّدة ّ‬
‫يتم اختزال ما حدث في‬ ‫التلخيص )‪ :(Sommaire‬حركة تسريع للزمن‪ ،‬بحيث ّ‬
‫سنوات وأشهر في بضعة أسطر‪.‬‬
‫الشخصيات واألمكنة‬‫ّ‬ ‫الوقفة (‪ :)Pause‬حركة تبطيء للزمن‪ ،‬بحيث يطول وصف‬
‫عرض تفاصيل كنّا نجهلها‪.‬‬ ‫واألزمنة‪ ...‬وتُ َ‬
‫الشخصية‪ ،‬وإسقاط ما‬ ‫ّ‬ ‫زمنية كاملة من حياة‬ ‫ّ‬ ‫الحذف )‪ :(Éllipse‬إغفال مرحلة‬
‫تنطوي عليها من تفاصيل‪.‬‬
‫الخارجية‪ ،‬األ ُ ّ‬
‫حادية‬ ‫ّ‬ ‫الداخلية أو‬
‫ّ‬ ‫المشهد )‪ :(Scène‬أسلوب عرض ينقل الحوارات‬
‫أو المتع ّددة (ص‪.)٧8-٧٧‬‬
‫الراوي )‪ :(Narrateur‬يختلف عن الروائي الكاتب‪ ،‬وهو شخص يعيش في الحياة‪،‬‬
‫ّ‬
‫نصي يبتدعه الروائي‪ ،‬ويتكلّم عن‬ ‫فمعطى‬ ‫التخييلي؛ ّأما الراوي ُ‬ ‫ويخلق العالم‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫والشخصية‪ ،‬ويروي الحكاية‪ ،‬ويدعو المستمع إلى سماعها بالشكل الذي‬ ‫ّ‬ ‫الحادثة‬
‫(أيوب‪ ،‬ص‪61‬؛ زيتوني‪ ،‬ص‪.)٩5‬‬ ‫يرويها به ّ‬
‫شخصية من‬
‫ّ‬ ‫�‪ ،‬ويشبه الراوي‪ ،‬ألنّه‬ ‫المروي له )‪ :(Narrataire‬يختلف عن القار ؤ‬ ‫ّ‬
‫يتوجه الراوي إليه بالكالم‪ ،‬وله حاالت‬ ‫ّ‬ ‫النص‪ ،‬ومن مستوى السرد نفسه‪،‬‬ ‫داخل ّ‬
‫متع ّددة (زيتوني‪ ،‬ص‪.)151‬‬

‫‪59‬‬
‫السرد ّية البنيو ّية‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫كيفية التعبير عن المعنى من خالل دراسة‬ ‫ّ‬ ‫السردية إلى البحث في‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫تسعى‬
‫كيفية بناء العناصر‬
‫ّ‬ ‫والتقنيات المستخدمة في خطابه‪ ،‬بهدف دراسة‬ ‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫شكل‬
‫السردي‪ ،‬بناء‬
‫ّ‬ ‫الشخصيات‪ ،‬الخطاب‬
‫ّ‬ ‫المكونة للعالم القصصي‪ ،‬ك ّل عنصر على حدة‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫مرحلة‬ ‫السردي‪ ،‬المكان والفضاء الروائي بأشكاله المختلفة‪ ،‬في‬ ‫الراوي والمنظور‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫مرحلة تالية‪.‬‬ ‫أولى‪ .‬ثم دراسة عالقة بناء العناصر ِ‬
‫بعضها ببعض في‬ ‫ّ‬
‫السردي‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬دراسة الخطاب‬
‫القصة وزمن الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫بداي ًة يُدرس زمن السرد‪ ،‬وفيه تُدرس العالقة بين زمن‬
‫من خالل دراسة الترتيب )‪ ،(Ordre‬ونعني به نظام ترتيب األحداث في الخطاب‬
‫القصة‪ ،‬وك ّل عدم تطابق بينهما يُنتج‬
‫ّ‬ ‫السردي مقابل ترتيب ظهورها الحقيقي في‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫انحرا ًفا زمن ًّيا‪ .‬وقد قسم جينيت المفارقات الزمنية قسمين‪ ،‬هما‪ :‬االستباق )‪(Prolepse‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫آت من الزمن؛ واالسترجاع )‪ (Analepse‬وهو ك ّل تذكّر‬‫وهو ك ّل إعالم وتنب ؤو بما هو ٍ‬
‫ّ‬
‫الزمنية التي وصل إليها الحكي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واسترجاع لما حدث قبل اللحظة‬
‫ولالسترجاع عند جينيت أنواع كثيرة منها‪ :‬االسترجاع الداخلي‪ ،‬وهو استرجاع‬
‫ّ‬
‫تكميلي يمأل الثغرات التي قفز عليها الزمن؛ واالسترجاع الخارجي الذي يعود إلى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ما قبل بداية الرواية‪.‬‬
‫السردي هي‪ :‬التلخيص‪ ،‬والوقفة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أساسية لإليقاع‬
‫ّ‬ ‫ووضع جينيت أربعة أشكال‬
‫والحذف‪ ،‬والمشهد‪.‬‬
‫السردي‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬دراسة بناء الراوي والمنظور‬
‫السردي بحسب جينيت‪:‬‬
‫ّ‬ ‫أ‪ -‬الراوي والمنظور‬
‫ر�ية النفس المدركة لألشياء‪ ،‬ويكشف‬ ‫يعبر المنظور بحسب جينيت عن ؤ‬ ‫ّ‬
‫والشخصيات‪ .‬تبدأ‬
‫ّ‬ ‫مستويات عرض الحكاية من خالل موقع الراوي إزاء الحدث‬
‫السردي‬
‫ّ‬ ‫الدراسة بدراسة صيغة السرد )‪ :(Mode‬من يرى؟ دراسة أشكال التمثيل‬
‫ودرجاته‪ .‬واإلجابة عن األسئلة التالية‪ :‬كيف يروي الراوي ما يرى؟ كيف يسرد من‬
‫الحدث المحكي؟‬
‫َ‬ ‫نقال فوتوغراف ًّيا‬
‫خالل وجهة نظره‪ ،‬فال ينقل ً‬
‫ّ‬
‫في صيغة السرد تختفي العالقة بين الروائي والراوي‪ ،‬فيختفي الروائي خلف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪60‬‬
‫السرد ّية البنيو ّية‬

‫يوظفها الروائي من خالل‬ ‫سردية ّ‬‫ّ‬ ‫تقنية‬


‫الراوي‪ ،‬لينطقه بلسانه‪ ،‬فيصبح (الراوي) ّ‬
‫ّ‬
‫المهمة في علم السرد‬ ‫ّ‬ ‫وجهة نظره‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬فإ ّن صيغة السرد هي إحدى المقوالت‬
‫الحديث‪ ،‬ألنّها تكشف طرائق السرد‪ ،‬وتكشف البعد الذاتي في سرد األحداث‪ .‬ومن‬
‫ّ‬
‫ضمنها يُدرس التبئير وأنواعه‪ ،‬وتُح َّدد عالقة الراوي بمستويات السرد‪.‬‬
‫ونسمي مستوى‬ ‫ّ‬ ‫النص باختالف مستويات السرد‪،‬‬ ‫وتختلف مواقع الراوي في ّ‬
‫فرعية‬
‫ّ‬ ‫تتضمن حكاية ‪ /‬حكايات‬ ‫ّ‬ ‫راو ّأول‪،‬‬
‫مروية كبرى يسردها ٍ‬‫ّ‬ ‫السرد وجوه حكاية‬
‫يتضمن‬‫ّ‬ ‫شخصية في الرواية األولى‪ ،‬كما يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫راو آخر أو أكثر كان‬ ‫يسردها ٍ‬
‫راو‪ .‬وهذه المواقع يمكن أن تتداخل فيما بينها‬ ‫فرعية لك ّل منها ٍ‬
‫ّ‬ ‫قصة‬
‫القص أكثر من ّ‬
‫ّ‬
‫(أيوب‪ ،‬ص‪.)64-61‬‬ ‫ّ‬
‫نص حكايته‪،‬‬ ‫ويو ّدي الراوي ع ّدة وظائف‪ ،‬منها رواية الحكاية‪ ،‬والتعليق على ّ‬ ‫ؤ‬
‫المروي‬
‫ّ‬ ‫ويبين ما بينها من مفاصل وارتباطات‪ ،‬أي التنظيم الداخلي‪ ،‬وخلق التأثير في‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫المروية بضمير‬
‫ّ‬ ‫ويكون في النصوص‬‫ّ‬ ‫النص الذي يرويه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫له‪ ،‬وتحديد موقفه من‬
‫معي ًنا (زيتوني‪ ،‬ص‪.)٩٧‬‬
‫موقفا إيديولوج ًّيا ّ‬
‫المتكلّم ً‬
‫السردي بحسب أوسبنسكي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪ -‬المنظور‬
‫لر�ية العالَم ذهن ًّيا‪ ،‬يتخلّل‬ ‫العامة ؤ‬
‫ّ‬ ‫ب أ المنظور اإليديولوجي‪ :‬هو منظومة القيم‬
‫ّ‬
‫ك ّل أجزاء العمل األدبي‪ ،‬وهو أبعد ما يكون عن التحديد‪ ،‬وتحديده يعتمد على فهم‬
‫ّ‬
‫ويوكّد أنّه يجب أن ننظر إلى العمل األدبي على أنّه‬ ‫�‪ ،‬واحتماالت التأويل‪ ،‬ؤ‬ ‫القار ؤ‬
‫ّ‬
‫نسب المنظور اإليديولوجي إلى العمل نفسه ال‬ ‫مولّفه‪ .‬يجب أن يُ َ‬ ‫كائن مستق ّل عن ؤ‬
‫ّ‬
‫مولّفه‪ ،‬سواء أوافقه في الواقع أم خالفه‪ ،‬فقد يختار الكاتب صو ًتا يخالف صوته‪،‬‬ ‫إلى ؤ‬
‫مرة‪.‬‬
‫اإليديولوجي في عمل واحد غير ّ‬ ‫يغير منظوره‬
‫وقد ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية من خالله عن‬ ‫ّ‬ ‫تعبر‬
‫التعبيري‪ :‬هو األسلوب الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب ب المنظور‬
‫حر ‪ /‬مناجاة‪.)...‬‬ ‫نفسها (خطاب مباشر‪ /‬غير مباشر‪ /‬خطاب غير مباشر ّ‬
‫ب ج المنظور النفسي‪ :‬هو الزاوية التي يُق َّدم من خاللها العال َُم التخييلي‪ ،‬وهذا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫روية من منظور الراوي؛‬ ‫والشخصيات فيه َم ّ‬
‫ّ‬ ‫المنظور نوعان‪ :‬موضوعي‪ ،‬تكون األحداث‬
‫ّ‬
‫الشخصيات‬
‫ّ‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫شخصي‬
‫ّ‬ ‫إدراك‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫يات‬ ‫والشخص‬
‫ّ‬ ‫وذاتي‪ ،‬يق ّدم األحداث‬
‫ّ‬
‫المشتركة في الحدث‪ .‬وك ّل منهما يمكن أن يكون خارج ًّيا وداخل ًّيا‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫فيتحول المنظور الموضوعي إلى ذاتي‪ ،‬والذاتي إلى موضوعي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتداخل المنظوران‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪61‬‬
‫السرد ّية البنيو ّية‬

‫وشخصياتها زمان ًّيا‬


‫ّ‬ ‫القصة‬
‫ّ‬ ‫ب د المنظور الزمكاني‪ :‬يعاين موقع الراوي من‬
‫ّ‬
‫(أيوب‪ ،‬ص‪.)٧٢-٧٠‬‬ ‫وخارجي ّ‬ ‫أيضا إلى داخلي‬
‫ومكان ًّيا‪ ،‬ويح ّدده بناءً على تقسيمه ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪-3‬دراسة المكان‬
‫الشخصيات وتحتوي ك ّل نشاطاتها‬
‫ّ‬ ‫الخلفية التي ؤتو ّطر حياة‬
‫ّ‬ ‫المكان هو‬
‫والفكري والمعرفي‪ ،‬ويسهم في‬
‫ّ‬ ‫الشخصيات الوجداني‬
‫ّ‬ ‫وحركاتها‪ ،‬فيخترق عمق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫برمتها‪.‬‬
‫وإطارا للحياة ّ‬
‫ً‬ ‫تصوراتها ومفاهيمها‪ ،‬وهو بهذا المعنى يغدو فضاءً‬
‫ّ‬ ‫تشكيل‬
‫درس المكان في الرواية وهندسته من خالل دراسة‪:‬‬‫وتاليا‪ ،‬يُ َ‬
‫ً‬
‫هندسة المكان الطبوغرافي (العناوين األغلفة اإلخراج)؛‬
‫ّ‬
‫هندسة المكان الجغرافي (األمكنة ودوائر العالقات)؛‬
‫ّ‬
‫الشخصيات باألمكنة وتأثير األمكنة فيها)؛‬
‫ّ‬ ‫الشخصيات (عالقة‬ ‫ّ‬ ‫هندسة فضاء‬
‫لمية– أمكنة‬ ‫ح ّ‬ ‫الفنية أمكنة ُ‬
‫ّ‬ ‫والتناصية (اللوحات‬
‫ّ‬ ‫الرمزية‬
‫ّ‬ ‫هندسة األمكنة‬
‫تناصية)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تاريخية‬
‫ّ‬
‫مما سبق‪ ،‬في مرحلة تالية‪:‬‬ ‫وانطال ًقا ّ‬
‫مكوناتها ودوائرها وعالقتها بالعالم الخارجي‬ ‫ّ‬ ‫نظر في هذه األمكنة وفي‬ ‫يُ َ‬
‫ّ‬
‫والواقعي‪ ،‬والزاوية التي يُرى إليها‪.‬‬
‫ّ‬
‫بالواقعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تُح َّدد وظائف التشكّل المكاني‪ ،‬ومنها‪ :‬تأطير المكان واإليهام‬
‫ّ‬
‫ر�ية‬ ‫ؤ‬ ‫عن‬ ‫التعبير‬ ‫أو‬ ‫الخالصة‪،‬‬ ‫ة‬‫الجمالي‬
‫ّ‬ ‫األخرى‪:‬‬ ‫أو إحدى الوظائف التالية‬
‫بجو‬
‫االندماجية بحيث يد ّل الوصف على مدلول يرتبط ّ‬ ‫ّ‬ ‫الروائي إلى العالم‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫الحدث ولحظته‪.‬‬

‫الروائي‬
‫ّ‬ ‫‪ -4‬دراسة الفضاء‬
‫ومضمونية)‪ ،‬وبأربعة فضاءات قائمة في‬
‫ّ‬ ‫(تكوينية‬
‫ّ‬ ‫بعالقتين‬
‫َ‬ ‫يرتبط األدب والفضاء‬
‫ُصلب التكوين األدبي‪ ،‬ح ّددها جينيت‪ ،‬ويمكن دراستها‪:‬‬
‫ّ‬
‫تكوينية‪ ،‬وتتجلّى في فضاء اللغة (اللغة نظام من العالقات‬
‫ّ‬ ‫العالقة األولى‪:‬‬
‫المميزة يكتسب فيه ك ّل عنصر صفته من موقعه داخل النظام‪ ،‬ومن العالقات‬‫ّ‬
‫‪62‬‬
‫السرد ّية البنيو ّية‬

‫العمودية التي يقيمها بالعناصر القريبة والمجاورة)؛ وفضاء الكتابة (تعتمد‬ ‫ّ‬
‫للخط والتبويب‪ ،‬وتفرض النظر إلى الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫البصرية‬
‫ّ‬ ‫الكتابة على التأثيرات‬
‫تامة‪ ،‬حيث يظهر االنتظار والتو ّقع والتذكير والمنظور‪ .‬وهذا ما‬ ‫كأنّه وحدة ّ‬
‫ويحوله إلى ِعمارة كاملة)؛‬ ‫ّ‬ ‫� يجول في الكتاب في ك ّل اتّجاه‬ ‫يجعل القار ؤ‬
‫ظاهرا‬
‫ً‬ ‫معنيين‪ :‬حقيق ًّيا ومجاز ًّيا‪،‬‬
‫َ‬ ‫(تو ّدي الكلمة في األدب‬ ‫وفضاء التعبير ؤ‬
‫خط ّية الخطاب (أي َسيره في‬ ‫مباشرا ورمز ًّيا‪ .‬وهذا ما ؤيو ّدي إلى إبطال ّ‬
‫ً‬ ‫وباطنا‪،‬‬
‫ً‬
‫معينة تمثّل بدورها الشكل الذي ّيتخذه‬ ‫أدبية ّ‬
‫خط متواصل)‪ ،‬وتشكيل صور ّ‬ ‫ّ‬
‫فضاء ُ التعبير)؛ وفضاء األدب (يتجلّى حين ننظر إلى النتاج األدبي كأنّه نتاج‬
‫ّ‬
‫ضخم يتجاوز حدود العصور والجغرافيا)‪.‬‬
‫مضمونية‪ ،‬إذ يُبنى هذا الفضاء بالوصف‪ ،‬ولكنّه ال يقتصر عليه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫العالقة الثانية‪:‬‬
‫ويمكن مقاربة الفضاء الروائي من خالل دراسة وسائل التصوير‪ ،‬والمواقع التي‬
‫ّ‬
‫يحتلّها الوصف‪ ،‬أي دوره في رسم بنية الرواية (زيتوني‪ ،‬ص‪.)1٢8-1٢٧‬‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫السردية األخرى عبر األزمنة‬
‫ّ‬ ‫القصة والرواية وك ّل األنواع‬
‫ّ‬ ‫السردية‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫تَدرس‬
‫األدبية‪ ،‬ورصد‬
‫ّ‬ ‫الثقافية في األعمال‬
‫ّ‬ ‫واألمكنة المختلفة‪ .‬وتساعد على كشف األبعاد‬
‫تتلون بألوان هذه األبعاد‪.‬‬
‫السردية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫الحبكات‬
‫ْ‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫النص ّي وتحليل الخطاب (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان‬
‫ّأيوب‪ ،‬نبيل (‪ .)٢٠11‬النقد ّ‬
‫ناشرون‪.‬‬
‫محمد‬
‫ّ‬ ‫بحث في المنهج (ط‪ ،)٢‬تر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫جينيت‪ ،‬جيرار (‪ .)1٩٩٧‬خطاب الحكاية‪:‬‬
‫معتصم وآخرين‪ .‬القاهرة‪ :‬المشروع القومي للترجمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫زيتوني‪ ،‬لطيف (‪ .)٢٠٠٢‬معجم مصطلحات نقد الرواية (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬مكتبة‬
‫لبنان ناشرون ودار النهار للنشر‪.‬‬
‫األدبي (ط‪.)3‬‬ ‫السردي من منظور النقد‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫َحمداني‪ ،‬حميد (‪ .)٢٠٠٠‬بنية ّ‬ ‫ل ِ‬
‫ّ‬
‫بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪63‬‬
‫السرد ّية البنيو ّية‬

‫لوتمان‪ ،‬يوري (‪ .)٢٠11‬سيمياء الكون (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬عبد المجيد نوسي‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫المركز الثقافي العربي‪( .‬نُشر العمل األصلي ‪.)1٩٩٩‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العربية (ط‪ .)1‬بيروت‪:‬‬
‫ّ‬ ‫جماليات المكان في الرواية‬
‫ّ‬ ‫النابلسي‪ ،‬شاكر (‪.)1٩٩4‬‬
‫العربية للدراسات والنشر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬
‫ؤ‬
‫الروائي‪ :‬الزمن‪ -‬السرد‪ -‬التبئير (ط‪.)4‬‬
‫ّ‬ ‫يقطين‪ ،‬سعيد (‪ .)٢٠٠5‬تحليل الخطاب‬
‫بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السردي‪ :‬الشكل والداللة (ط‪ .)1‬بيروت‪:‬‬
‫ّ‬ ‫السرديات والتحليل‬
‫ّ‬ ‫______ (‪.)٢٠1٢‬‬
‫المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪- Genette, Gérard (1972). Figures III. Paris: Seuil.‬‬
‫‪- Mitterand, Henri (1980). Le discours du roman. Paris: PUF.‬‬
‫‪- Ricardou, Jean (1978). Nouveaux problèmes du roman. Paris: Seuil.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫ابن مبروك‪ ،‬األمين (‪« .)٢٠1٠‬بيروت في روايات إلياس خوري‪ :‬قراءة في خصائص‬
‫م�تمر «بيروت في الرواية‪ -‬الرواية في بيروت»‪ ،‬تح‪ .‬سامي‬ ‫الروائي»‪ .‬ؤ‬ ‫الفضاء‬
‫ّ‬
‫اللبنانية‪.3٧٩ 386 ،‬‬‫ّ‬ ‫سويدان‪ .‬بيروت‪ :‬الجامعة‬
‫اللبنانية (‪ ٢ ،)1992-1972‬ج‪.‬‬
‫ّ‬ ‫زراقط‪ ،‬عبد المجيد (‪ .)1٩٩٩‬في بناء الرواية‬
‫اللبنانية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بيروت‪ :‬منشورات الجامعة‬
‫ثالثية نجيب محفوظ (ط‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫قاسم‪ ،‬سيزا (‪ .)1٩85‬بناء الرواية‪ :‬دراسة مقارنة في‬
‫بيروت‪ :‬دار التنوير للطباعة والنشر‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫السيميائ ّية السرد ّية‬

‫السيميائيّة السرديّة‬

‫والم�لّفات‬
‫ؤ‬ ‫وأهم األعالم‬
‫ّ‬ ‫ّأو ًال‪ -‬التعريف‬
‫نظرية في‬
‫ّ‬ ‫وضع غريماس )‪ (Algirdas Greimas‬المولود في ليتوانيا (‪)1٩1٧‬‬ ‫َ‬
‫البنيوية )‪،(Sémantique structurale‬‬
‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫السردية (‪ ،)1٩6٠‬في كتابه‬‫ّ‬ ‫الدراسة‬
‫تمثيال لحادثة‪ ،‬أي انتقال الحدث من وضع‬ ‫ً‬ ‫القصة بوصفها‬
‫ّ‬ ‫مولّفات‬
‫تختص بتحليل ؤ‬ ‫ّ‬
‫النص‪ ،‬وبتشكيالته العميقة‪ ،‬وبالقواسم‬‫وتهتم بمضمون الحكاية بما يرويه ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى آخر‪.‬‬
‫مسرحية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫قصة‪،‬‬
‫الحكائية من دون النظر إلى نوعها‪ :‬رواية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫المشتركة بين النصوص‬
‫متحركة‪...‬‬
‫ّ‬ ‫صور‬
‫نظريات بروب )‪ ،(Propp‬وبريمون‬ ‫ّ‬ ‫النظرية انطال ًقا من‬
‫ّ‬ ‫طو َر غريماس هذه‬ ‫ّ‬
‫للسيميائية‪ ،‬ويمثّل‬
‫ّ‬ ‫موضوعا‬
‫ً‬ ‫)‪ .(Bremond‬ويُ َع ّد غريماس من أوائل الذين جعلوا األدب‬
‫بسردية الخطاب بهد َفين‪:‬‬
‫ّ‬ ‫السيميائية الذي يُعنى‬
‫ّ‬ ‫السردية‬
‫ّ‬ ‫ّتيار‬
‫البنى العمقية التي تتحكّم في السرد‪.‬‬ ‫الوقوف على ِ‬
‫وظيفية السرد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تقديم قواعد‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫السردية )‪ :(Programmes narratifs‬يُطلق هذا المصطلح على التغيير الذي‬
‫ّ‬ ‫البرامج‬
‫تبعا لشكل التمثيل‪ ،‬وقد‬
‫يُحدثه عامل في عامل آخر‪ .‬وتختلف صورة هذه البرامج ً‬
‫وتبعا للعالقة بموضوع‬
‫منفصلتين؛ ً‬
‫َ‬ ‫بشخصي َتين‬
‫ّ‬ ‫بشخصية واحدة أو‬
‫ّ‬ ‫يتمثّل العامالن‬
‫مزدوجا إذا أعقب‬
‫ً‬ ‫السردي أن يكون‬
‫ّ‬ ‫الرغبة (امتالك‪ ،‬حرمان‪ .)...‬يمكن للبرنامج‬
‫األول نجاح العامل الثاني‪.‬‬
‫فشل العامل ّ‬
‫‪65‬‬
‫السيميائ ّية السرد ّية‬

‫ظرفي َتين يجب تحديدهما‬‫ّ‬ ‫مرحلتين‬


‫َ‬ ‫سردي من أربع مراحل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يتكون ك ّل برنامج‬
‫ّ‬
‫تطورهما‪ ،‬ألنّهما تشكّالن بداية البحث ونهايته‪ ،‬وهما‬ ‫القصة‪ ،‬ودرس ّ‬‫ّ‬ ‫قبل تقسيم‬
‫تحتالن‬
‫ّ‬ ‫وسطي َتين‬
‫ّ‬ ‫ومرحلتين‬
‫َ‬ ‫االستخدام )‪ (Manipulation‬والجزاء )‪(Sanction‬؛‬
‫القصة‪ ،‬وهما الكفاية )‪ (Compétence‬واألداء )‪.(Performance‬‬ ‫ّ‬ ‫الحجم األكبر من‬
‫التحول مجراها‪ ،‬سواء تألفت من برنامج‬ ‫ّ‬ ‫عملية‬
‫ّ‬ ‫األداء هو الفعل الحقيقي حين تأخذ‬
‫ّ‬
‫بسيط أو من ع ّدة برامج‪ .‬واألداء يفترض أن يكون الفاعل قد اكتسب الكفاية‬
‫الالزمة للتنفيذ‪ ،‬وقوامها‪ :‬واجب الفعل )‪ ،(devoir-faire‬وإرادة الفعل )‪،(vouloir-faire‬‬
‫ومعرفة الفعل )‪ ،(savoir-faire‬والقدرة على الفعل )‪.(pouvoir-faire‬‬
‫السردي‪ .‬وهذا البرنامج‬
‫ّ‬ ‫خط البرنامج‬
‫استخدام كفاية أداء جزاء‪ :‬هذا هو ّ‬
‫يتجزأ‪ّ .‬أما نجاحه فمرهون بنجاح العامل الذات في اكتساب الكفاية‬
‫ّ‬ ‫هو ك ّل ال‬
‫المطلوبة (زيتوني‪ ،‬ص‪.)34-33‬‬
‫التحليل العاملي )‪ :(Analyse actancielle‬إ ّن األساس في هذا التحليل هو اعتبار‬
‫ّ‬
‫ٍ‬
‫قصةُ ذات تخرج إلى موضوع‬ ‫الشخصية؛ ففي السرد ّ‬ ‫ّ‬ ‫األدوار أو الوظائف وليس‬
‫أفعاال‬
‫رغبة )‪ (Objet d´un desir‬لتح ّقق هد ًفا‪ ،‬تساعدها أطراف وتناوئها أخرى‪ ،‬تُنجز ً‬
‫الشخصية بما تفعل أي هي عامل )‪.(Actant‬‬ ‫ّ‬ ‫تمثّل وحدات الحكي‪ .‬لذا‪ ،‬تُصنَّف‬
‫وتشارك في ثالثة محاور‪ :‬الرغبة‪ ،‬واإليصال‪ ،‬واالمتحان‪ ،‬أو‪ :‬الرغبة‪ ،‬والتواصل‪،‬‬
‫ثنائية متعارضة‪ :‬الذات‪/‬الموضوع‬ ‫أزواجا‪ ،‬في بنى ّ‬ ‫ً‬ ‫والقدرة‪ .‬وهذه المشاركة تنتظم‬
‫ل‪/‬المرسل إليه )‪ ،(Destinateur/Destinataire‬المساعد‪/‬‬ ‫ِ‬
‫المرس‬ ‫)‪،(Sujet/Objet‬‬
‫َ‬
‫(أيوب‪ ،‬ص‪.)1٧٢-1٧٠‬‬ ‫المعاكس )‪ّ .(Opposant/Adjuvant‬‬
‫المعيارية أربع مراحل هي‬
‫ّ‬ ‫القصة‬
‫ّ‬ ‫تتضمن‬
‫ّ‬ ‫المعيارية )‪:(Récit canonique‬‬ ‫ّ‬ ‫القصة‬
‫ّ‬
‫التالية‪:‬‬
‫الع ْقد )‪ :(Contrat‬توضع الذات في هذه المرحلة بعالقة مع‬ ‫‪ 1‬مرحلة إبرام َ‬
‫المرسل‪ ،‬وتتمركز على المستوى المعرفي‪ :‬مستوى الفكر والخطاب‪ ،‬لمعرفة الذاتات‬
‫ّ‬
‫بطريقتين‪ :‬اإلقناع والتفسير‪ .‬يقوم‬
‫َ‬ ‫والموضوعات‪ .‬وهذه المعرفة تُق َّدم إلى الذات‬
‫مو ّد ًيا بذلك دور الذات المبرق‪.‬‬ ‫المرسل إليه‪ ،‬ؤ‬
‫َ‬ ‫المرسل بعمل ِحجاجي متو ّخ ًيا إقناع‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫فيثمن قيمة الموضوع‪ ،‬ويشرحه‪ .‬وبناءً على ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪،‬‬ ‫تفسيري‬
‫ّ‬ ‫بعمل‬ ‫المرسل إليه يجيب‬
‫عامال ذا ًتا‪ .‬عند‬
‫ً‬ ‫الموجه اإلرادة‪/‬الفعل‪ ،‬وأصبح‬
‫ّ‬ ‫الع ْقد أو يرفضه‪ .‬إذا قبل اكتسب‬ ‫يقبل َ‬

‫‪66‬‬
‫السيميائ ّية السرد ّية‬

‫بالقوة )‪ .(Sujet virtuel‬والعمل اإلقناعي الذي‬ ‫ّ‬ ‫هذه اللحظة‪ ،‬يكون في وضع الذات‬
‫ّ‬
‫يتم عبر ثالثة أشكال‪:‬‬
‫المستقبلي ّ‬ ‫يمارسه المرسل على عامل الذات‬
‫ّ‬
‫عقد اإلغواء )‪ :(Séduction‬وهو في الغالب ضمني وكثير التواتر‪ .‬يقوم فيه المرسل‬
‫ّ‬
‫مبي ًنا له قيمته‪.‬‬
‫المستقبلي ّ‬ ‫بإيصال المعرفة بالموضوع إلى عامل الذات‬
‫ّ‬
‫عقد اإليعاز )‪ :(Injonctif‬يبلغ فيه المرس ُل عام َل الذات ضرورة الفعل؛ فإذا أخذها‬
‫على عاتقه اكتسب اإلرادة‪/‬الفعل‪.‬‬
‫نوعا من اإلرادة‪/‬الفعل‪،‬‬ ‫عقد اإلباحة )‪ :(Permissif‬يستطيع عامل الذات أن يمتلك ً‬
‫تثبتت عند الذات اإلرادة‪/‬الفعل‪.‬‬ ‫فإذا ما حصل من المرسل على القدرة‪/‬اإلباحة ّ‬
‫‪ ٢‬مرحلة األداء أو االختبار )‪ :(La performance ou l’épreuve principale‬يروي‬
‫سمى األداء‪ ،‬أو‬ ‫تصرف الذات وهي تسعى إلى تحقيق االتّصال‪ ،‬وهذا ما يُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫السرد‬
‫االختبار األساس‪ ،‬أي عمل الذات‪ .‬وبإنجاز هذا األداء تكون الذات قد اكتسبت‬
‫وتاليا قانون الذات بالفعل‪ .‬والجدير بالذكر أ ّن‬ ‫ً‬ ‫موضوع القيمة )‪،(L’objet de valeur‬‬
‫المهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫موضوع السعي ال قيمة له بذاته‪ ،‬إنّما السعي نفسه هو‬
‫األهلية‪ :‬ك ّل أداء‬
‫ّ‬ ‫‪ 3‬مرحلة اكتساب الكفاية )‪ (Compétence‬أو اختبار‬
‫ضرورية‬
‫ّ‬ ‫)‪ (Performance‬يفترض امتالك الكفاية المناسبة‪ ،‬أي امتالك الذات صفات‬
‫مالئمة للفعل‪ .‬والرغبة في الموضوع‪ ،‬كما وجوب امتالكه‪ ،‬ال يكفيان إلنجاز األداء‪،‬‬
‫فضال‬ ‫تستحق الموضوع‪ ،‬أي أن تمتلك المهارة‪ ،‬أو إتقان العمل‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫إنّما على الذات أن‬
‫الموجهات‬
‫ّ‬ ‫األو ّلية إلنجاز الفعل تتالءم مع أفعال‬
‫عن القدرة الفعل‪ .‬وهذه الشروط ّ‬
‫)‪ :(Des verbes modaux‬أراد‪ ،‬وجب‪ ،‬عرف‪ ،‬قدر‪.‬‬
‫‪ 4‬مرحلة الجزاء )‪ (Sanction‬أو اختبار التمجيد )‪ :(Epreuve glorifiante‬بعد أن‬
‫حرض‬‫يتم العامل الذات أداءه‪ ،‬يعرض إنجازاته على المرسل الذي كان قد أغوى أو ّ‬ ‫ّ‬
‫المقوم )‪ ،(Judicateur‬فيحكم‬
‫ّ‬ ‫أو أباح‪ .‬هذا المرسل في المرحلة األخيرة ؤيو ّدي دور‬
‫المقوم‬
‫ّ‬ ‫بجل المرسل‬
‫على أداء الذات‪ .‬إذا ما كانت األفعال المنجزة مطابقة للقيم ّ‬
‫العامل الذات‪ .‬وهنا‪ ،‬يقتصر الموقف على المستوى المعرفي‪ :‬الذات يُقنع المرسل‬
‫ّ‬
‫سلبا أو‬ ‫ٍ‬
‫المقوم بأدائه‪ ،‬والمرسل يشرح هذا األداء‪ .‬حينئذ‪ ،‬يُجازى العامل الذات ً‬ ‫ّ‬
‫إيجابا (ص‪.)4٢-41‬‬
‫ً‬

‫‪67‬‬
‫السيميائ ّية السرد ّية‬

‫السردي من الوضع‬ ‫ّ‬ ‫السردي )‪ :(Parcours narratif‬يتح ّقق المجرى‬ ‫ّ‬ ‫المجرى‬
‫األساس إلى الوضع األخير من خالل سعي العامل الذات إلى العامل الموضوع‪.‬‬
‫انتقاال ما ّد ًّيا‪ ،‬وهو يقوم على المستوى البراغماتي‪ .‬ولكن إذا‬
‫ً‬ ‫وهذا السعي يتطلّب‬
‫ّ‬
‫كان قوام العامل الموضوع قيمة غير ما ّد ّية‪ ،‬كطلب المعرفة‪ ،‬فإنّه يقوم على مستوى‬
‫إدراكي خالص (زيتوني‪ ،‬ص‪.)16٧‬‬
‫ّ‬
‫المربع السيميائي )‪ :(Carré sémiotique‬يستخدم غريماس هذا المصطلح للتعبير‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫بأنها عالقة ّأو ّلية بين‬
‫األو ّلية‪ .‬تتح ّدد هذه البنية ّ‬
‫المرئي لبنية الداللة ّ‬ ‫عن التمثيل‬
‫ّ‬
‫يميز المحور‬ ‫لفظين على األق ّل‪ ،‬ومعنى ذلك أنّها تقوم فقط على التضاد الذي ّ‬ ‫َ‬
‫االستبدالي في اللغة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ن جاكوبسون )‪(Jakobson‬‬ ‫الثنائية‪ ،‬فإ ّ‬ ‫اللغوية فرضت مفهوم‬ ‫ومع أ ّن التقاليد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثنائية‪ :‬التضاد والتناقض‪ .‬وقد استند غريماس‬‫ّ‬ ‫نوعين من العالقات‬ ‫اعترف بوجود َ‬
‫المربع السيميائي‬‫ّ‬ ‫سماها‬
‫مربعة األطراف ّ‬ ‫معا ليرسم بنية ّ‬ ‫النوعين ً‬ ‫َ‬ ‫هذين‬‫إلى َ‬
‫ّ‬
‫)‪.(Everaert – Desmedt, 2000, p. 74‬‬
‫الوظائف )‪ :(Fonctions‬ح ّدد بروب )‪ (Propp‬مفهوم الوظيفة‪ ،‬في كتابه مورفولوجيا‬
‫شخصية من جهة داللته على‬
‫ّ‬ ‫الحكاية )‪ ،(La morphologie du conte‬بأنّها فعل‬
‫الشخصيات هي العناصر الثابتة والدائمة‬ ‫ّ‬ ‫مجرى الحبكة‪ .‬ورأى أ ّن وظائف‬
‫الروسية إحدى‬
‫ّ‬ ‫الخرافية‬
‫ّ‬ ‫في الحكاية‪ ،‬وأ ّن عددها محدود‪ ،‬وهو في الحكاية‬
‫وثالثون وظيفة‪.‬‬
‫فعرف الوظيفة بأنّها َوحدة من وحدات المضمون‬ ‫ّأما روالن بارت )‪ّ (Barthes‬‬
‫حينا بما يتع ّدى الجملة (مجموعة‬ ‫اللغوية‪ ،‬ألنّها تتمثّل ً‬
‫ّ‬ ‫مستقلّة عن الوحدات‬
‫وحينا بما هو أق ّل من الجملة (عبارة‪ ،‬كلمة)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جمل قد تشمل الكتاب بكامله)‪،‬‬
‫وتوزيعية‬
‫ّ‬ ‫(يسميها القرائن)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اندماجية‬
‫ّ‬ ‫ويقسم بارت الوظائف بحسب طبيعتها إلى‬
‫أساسية‬
‫ّ‬ ‫أهميتها إلى‬
‫ّ‬ ‫القصة بحسب‬ ‫ّ‬ ‫(يترك لها اسم الوظائف)‪ .‬ويقسم الوظائف في‬
‫فاألساسية هي التي تفتح وتقفل أو تحافظ على احتمال أو‬ ‫ّ‬ ‫(أو نَواة) ومساعدة؛‬
‫وظيفية ّإال إذا ارتبطت بالنواة‪ ،‬ووظيفتها‬
‫ّ‬ ‫شك‪ ...‬وهذه الوحدات الفاصلة ال تكون‬
‫ّ‬
‫معا (زيتوني‪،‬‬‫ومنطقية ً‬
‫ّ‬ ‫زمنية‬
‫األساسية ّ‬
‫ّ‬ ‫زمنية فقط‪ ،‬بينما الوحدات‬
‫)‪ّ (Fonctionnalité‬‬
‫ص‪1٧5-1٧4‬؛ ّأيوب‪ ،‬ص‪.)116-11٢‬‬

‫‪68‬‬
‫السيميائ ّية السرد ّية‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫الحسي ‪/‬‬ ‫السردية على التحليل الذي ينتقل من المستوى‬ ‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫تقوم هذه‬
‫ّ ّ‬
‫السردي )‪ ،(Niveau narratif‬فإلى‬ ‫ّ‬ ‫السطحية )‪ ،(Niveau figuratif‬إلى المستوى‬ ‫ّ‬ ‫البنية‬
‫العمقية )‪.(Niveau thématique‬‬ ‫ّ‬ ‫المستوى الموضوعاتي ‪ /‬البنية‬
‫ّ‬
‫وضعيات‬‫ّ‬ ‫الحسي (الظاهر)‪ ،‬وتنكشف فيه‬ ‫الحسي‪ :‬وفيه بناء الدا ّل‬ ‫التصويري‬
‫ّ‬ ‫المستوى‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫اإلشاري عند‬
‫ّ‬ ‫وياتها‪ ،‬وذلك باالعتماد على التحليل‬ ‫وه ّ‬ ‫الشخصيات في الزمان والمكان‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫مما يخبر‬ ‫مما يخبر بعضها عن بعض‪ ،‬أو ّ‬ ‫مما تخبره هي عن نفسها‪ ،‬أو ّ‬ ‫بارت «انطال ًقا ّ‬
‫التأشيرية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مما يُق َّدم مباشر ًة وحسب‪ ،‬إنّما من خالل الصيغ‬ ‫به الراوي عنها‪ ،‬وذلك ليس ّ‬
‫(أيوب‪ ،‬ص‪.)5٢‬‬ ‫االندماجية‪ ،‬و ك ّل دا ٍّل ومدلو ٍل ُش ِّف َر بدالالت ثانية» ّ‬
‫ّ‬ ‫والوصف ذي الوظيفة‬
‫يبين اسمها ولقبها‪ ،‬إضا ًفة إلى جنسها‪ ،‬عمرها‪ ،‬مهنتها‪،‬‬ ‫جدوال ّ‬‫ً‬ ‫وهنا‪ ،‬يضع الباحث‬
‫االقتصادي‪ ،‬وضعها‬‫ّ‬ ‫انتمائها الطائفي‪ ،‬انتمائها الجغرافي‪ ،‬مستواها الثقافي‪ ،‬وضعها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السلبية المضافة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أو‬ ‫المضافة‪،‬‬ ‫ة‬ ‫اإليجابي‬
‫ّ‬ ‫وقيمها‬ ‫ة‪،‬‬ ‫والداخلي‬
‫ّ‬ ‫ة‬‫الخارجي‬
‫ّ‬ ‫العائلي‪ ،‬صفاتها‬
‫ّ‬
‫والمخططات‬ ‫ّ‬ ‫السردية‬
‫ّ‬ ‫درس فيه البرامج‬ ‫السردي‪ :‬وفيه بناء األفعال‪ ،‬وتُ َ‬ ‫ّ‬ ‫المستوى‬
‫الشخصيات بوصفها مجموعة من العوامل التي ؤتو ّدي‬ ‫ّ‬ ‫نظر إلى‬ ‫العاملية‪ ،‬وفيهما يُ َ‬‫ّ‬
‫ثنائية ومتعارضة‪ ،‬تأتلف في ثالثة محاور‪:‬‬ ‫معينة في بنى ّ‬ ‫وظائف ّ‬
‫ل‪/‬والمرسل إليه‬ ‫ِ‬
‫(المرس‬ ‫الرغبة (الذات‪/‬والموضوع ‪ ،)Sujet/Objet‬والتواصل‬
‫َ‬
‫‪ ،)Destinateur/Destinataire‬والقدرة (المساعد والمعاكس ‪.)Adjuvant/Opposant‬‬
‫صالحا لك ّل الحكايات‪ ،‬وأخضع جميع‬
‫ً‬ ‫أنموذجا‬
‫ً‬ ‫وفي هذا السياق اقترح غريماس‬
‫منظورا إليها من جهة‬
‫ً‬ ‫الشخصية‬
‫ّ‬ ‫جدولية‪ ،‬وأطلق اسم العامل على‬
‫ّ‬ ‫الشخصيات لبنية‬
‫ّ‬
‫الشخصيات‪ ،‬من خالل‬
‫ّ‬ ‫السردية (الوظائف ودوائر األفعال)‪ ،‬لرصد وظائف‬
‫ّ‬ ‫أدوارها‬
‫العاملية ‪ .‬ويوجب البحث هنا «كشف سيرورة الفعل الذي ينجزه العامل‬
‫ّ‬ ‫الوحدات‬
‫الذات لتحويل حالة من االنفصال مع الموضوع إلى االتّصال‪ ،‬أو العكس»‪ ،‬وتوجب‬
‫قراءة العالقات بين العوامل والنظر في النتائج الذي وصلت إليها برامج عوامل‬
‫السردية (ص‪.)5٠-44‬‬
‫ّ‬ ‫الذات‬
‫المستوى الموضوعاتي‪ :‬وفيه ّيتجه العمل نحو التجريد على المستوى الموضوعاتي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مفهومين‬
‫َ‬ ‫المربع السيميائي‪ ،‬ويقوم على محور داللي يتمفصل في‬
‫ّ‬ ‫الذي يصل إلى أقصاه في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪69‬‬
‫السيميائ ّية السرد ّية‬

‫)‪(Syntagmatique‬‬ ‫تبعا للمنظور التركيبي‬ ‫السيميائي ً‬ ‫المربع‬


‫ّ‬ ‫متضا َدين‪ .‬وهنا‪ ،‬يُستخ َدم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بهدف مالحقة مجرى األحداث والداللة في السياق النصي )‪،(Parcours du récit‬‬
‫ّ‬
‫بالخط ال ُقطري ‪(Ligne‬‬ ‫دائما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تمر ً‬ ‫والتحوالت التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهو الذي يصف حركة المعنى‬
‫دحض‪،‬‬ ‫شك‪ ،‬أو تُ َ‬‫موضع ّ‬ ‫َ‬ ‫األو ّلية‬
‫توضع فيها الداللة ّ‬ ‫)‪ ،diagonale‬بح ًثا عن اللحظة التي َ‬
‫يتم التنكّر لها‪ ،‬قبل االنتقال إلى الداللة المضادة (جرجور‪ ،٢٠٠6 ،‬ص‪.)11‬‬ ‫أو ّ‬
‫الموضوعاتية في الرواية مع بلوغ جوهره‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مما تق ّدم‪ ،‬يتح ّقق مسح الحقول‬ ‫انطال ًقا ّ‬
‫الداللية الكبرى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المفهومية الش ّفافة‪ ،‬أي‬‫ّ‬ ‫أي الوصول إلى بنيته‬
‫السردية يجعلها ّتتصف بطابع اختزالي ال‬ ‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫ولكن تو ُّقف الدراسة على‬
‫ّ‬
‫المتخيل‪ ،‬ما يُظهر الحاجة إلى التأويل‪ ،‬ألنّه يسمح بربط‬ ‫ّ‬ ‫يُخرجها من دائرة العالم‬
‫ويتم معه ربط العالم المتخ َّيل‬ ‫ّ‬ ‫التجريب األدبي باالختبار اإلنساني في واقعه الحي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اللذين يستوجبان‬ ‫بالعالم الخارجي‪ ،‬أي االنتقال من التحليل إلى الفهم والتأويل َ‬
‫ّ‬
‫النص إليها‪.‬‬
‫الموثّرة التي يحيل ّ‬ ‫الخارجية ؤ‬
‫ّ‬ ‫كشف العوامل‬
‫السردي‪ ،‬وتكشف البنى‬ ‫ّ‬ ‫السردية على دراسة المحتوى‬ ‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫وعليه‪ ،‬ترتكز‬
‫تتطرق‬‫ّ‬ ‫السردي‪ ،‬ولكن ال تشرحه في سياق اجتماعي أو نفسي‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫للنص‬
‫العمقية ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السردي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إلى شكل هذا الخطاب‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫السردية القديمة‬
‫ّ‬ ‫السردي على ك ّل النصوص‬
‫ّ‬ ‫يمكن تطبيق المنهج السيميائي‬
‫ّ‬
‫شكال من أشكال السرد‪.‬‬
‫ً‬ ‫تتضمن‬
‫ّ‬ ‫والشعرية‪ ،‬التي‬
‫ّ‬ ‫النثرية منها‬
‫ّ‬ ‫والحديثة‪،‬‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫آدم‪ ،‬جان ميشيل (‪ .)٢٠15‬السرد (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬أحمد الودرني‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتاب‬
‫المتحدة (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩84‬‬ ‫الجديد ّ‬
‫ّ‬
‫الالذقية‪ :‬دار‬
‫ّ‬ ‫السيميائيات‪ :‬مفاهيمها وتطبيقاتها (ط‪.)3‬‬
‫ّ‬ ‫بنكراد‪ ،‬سعيد (‪.)٢٠1٢‬‬
‫الحوار للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫زيتوني‪ ،‬لطيف (‪ .)٢٠٠٢‬معجم مصطلحات نقد الرواية (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬مكتبة‬
‫لبنان ناشرون ودار النهار للنشر‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫السيميائ ّية السرد ّية‬

‫والخطابية (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬


‫ّ‬ ‫السردية‬
‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫كورتيس‪ ،‬جوزيف (‪ .)٢٠٠٧‬مدخل إلى‬
‫العربية للعلوم (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩٧3‬‬
‫ّ‬ ‫جمال حضري‪ .‬بيروت‪ :‬الدار‬
‫ّ‬
‫‪- Courtés, Joseph (1993). Sémiotique Narrative et Discursive. Paris: Hachette.‬‬
‫‪- ______ (1995). Du lisible au visible: initiation à la sémiotique du texte et de‬‬
‫‪l’image. Bruxelles: De Boeck-Université.‬‬
‫‪- Everaert - Desmedt, Nicole (2000). Sémiotique du récit (3ème éd.). Bruxelles: De‬‬
‫‪Boeck-Université.‬‬
‫‪- Greimas, A. J. (1966). Sémantique structurale. Paris: Larousse.‬‬
‫‪- ______ (1976). Sémiotique et sciences sociales. Paris: Seuil.‬‬
‫‪- Greimas, A. J. & J. Courtés (1993). Sémiotique: Dictionnaire raisonné de la‬‬
‫‪théorie du langage. Paris: Hachette.‬‬
‫‪- Greimas, A. J. & Fontanille J. (1991). Sémiotique des passions: Des états de‬‬
‫‪choses aux états d’âme. Paris: Seuil.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫نظريات ومقاربات (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫ّ‬ ‫النص ّي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّأيوب‪ ،‬نبيل (‪ .)٢٠٠4‬النقد‬
‫األهلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المكتبة‬
‫اللبناني‪ :‬قراءة‬
‫ّ‬ ‫القصصي‬
‫ّ‬ ‫جرجور‪ ،‬مهى (‪ .)٢٠٠6‬العنف وتدجينه في المنتج‬
‫اللبنانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اجتماعية‪( .‬أطروحة دكتوراه بإشراف أ‪.‬د‪ .‬نبيل ّأيوب)‪ .‬الجامعة‬‫ّ‬ ‫سيميائية‬
‫ّ‬
‫بيروت‪.‬‬
‫سيميائيات السرد (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬عبد المجيد نوسي‪ .‬الدار‬ ‫ّ‬ ‫غريماس‪ ،‬أ‪ .‬ج‪.)٢٠18( .‬‬
‫البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الروائي‪ :‬من السرد إلى األهواء‬
‫ّ‬ ‫سيميائيات السرد‬
‫ّ‬ ‫وازيدي‪ ،‬حليمة (‪.)٢٠1٧‬‬
‫(ط‪ .)1‬الدار البيضاء‪ :‬منشورات القلم المغربي‪.‬‬
‫ّ‬
‫السيميائية‪ .‬الجزائر‪ :‬دار الحكمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫السردية في‬
‫ّ‬ ‫ابن مالك‪ ،‬رشيد (‪ .)٢٠٠1‬البنية‬

‫‪71‬‬
‫الفضاء السيميائ ّي (لوتمان)‬

‫السيميائي‬
‫ّ‬ ‫الفضاء‬
‫(لوتمان)‬

‫بسيميائية لوتمان‬
‫ّ‬ ‫ّأو ًال‪ -‬التعريف‬
‫سابقا على‬‫ً‬ ‫ينظر لوتمان إلى سيمياء الكون )‪ (La Sémiosphère‬بصفتها فضاءً‬
‫ضرورية لوجود هذه اللغات‬ ‫ّ‬ ‫اللغات وعلى ك ّل فعل إلنتاج الخطاب‪ ،‬غير أنّها تُ َع ّد‬
‫أي لغة أو تواصل‬ ‫والشتغالها‪ ،‬وفي حالة تفاعل دائم معها‪ ،‬وال يمكن أن يكون هناك ّ‬
‫سيميائية الثقافة‪ ،‬عند يوري لوتمان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خارجها (لوتمان‪ ،٢٠11 ،‬ص‪ .)15 ،٧‬وترتبط‬
‫الخاص والعامّ‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬ ‫بالفضاء الكوني الذي تندرج فيه‪ ،‬فلك ّل ثقافة كونها السيميائي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ممكنا‪ .‬ولها‬‫ً‬ ‫أو‬ ‫ا‬ ‫مفترض‬
‫ً‬ ‫أو‬ ‫ال‬ ‫ً‬ ‫محتم‬
‫َ‬ ‫أو‬ ‫ا‬ ‫د‬
‫ًّ‬‫مجر‬ ‫أو‬ ‫ا‬ ‫ي‬
‫ًّ‬ ‫واقع‬ ‫ل‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫المتخ‬ ‫الفضاء‬ ‫يكون هذا‬
‫الخاص بثقافة معينّة (ص‪.)81‬‬ ‫ّ‬ ‫وربما حاسمة في تمثيل العالم‬ ‫استثنائية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫أهمية‬
‫ّ‬
‫ويعرفها بأنّها ذلك الفضاء الذي تتداخل فيه الثقافات واللغات والحضارات‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فضاء سيميائي للحوار والتعارض واالختالف والتقابل‪ .‬إنّه فضاء التهجين والتواصل‬
‫ّ‬
‫نظريته على أ ّن سيمياء‬ ‫ّ‬ ‫ويبني‬ ‫(ص‪.)18‬‬ ‫الثقافة‬ ‫ر‬ ‫لتطو‬
‫ّ‬ ‫وشرط‬ ‫‪،‬‬ ‫والتناص‬
‫ّ‬ ‫دية‬
‫والتع ّد ّ‬
‫تتكون من مركز وهامش‪ ،‬تفصل بينهما حدود‪ ،‬وهي حدود تفصل األحياء عن‬ ‫ّ‬ ‫الكون‬
‫عقائدية‪ ،‬والدليل على ذلك أ ّن ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫اجتماعية أو‬
‫ّ‬ ‫األموات أو حدود الدولة‪ ،‬أو حدود‬
‫الحضارات‪ ،‬وعلى الرغم من وجود اتّصاالت بينها‪ ،‬تستعمل التعابير نفسها والصيغ‬
‫مرآوي العالقة بين «عالمنا» و«عالمهم»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نفسها لوصف العالم‪ ،‬فهي تستعمل بشكل‬
‫أنموذجا يح ّدد شروط إنتاج األخبار وتبادلها وتل ّقيها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وهي من هذا المنظور تمثّل‬
‫وسياسية وغيرها‪ .‬هذه الشروط‬ ‫ّ‬ ‫ساتية‬
‫ومو ّس ّ‬‫وجمالية ؤ‬ ‫ّ‬ ‫أدبية‬
‫تتمظهر في شكل خطابات ّ‬

‫‪72‬‬
‫الفضاء السيميائ ّي (لوتمان)‬

‫السيميائية‪ ،‬وأ ّن اإلنسان ال‬


‫ّ‬ ‫كونية هي خرق الحدود بين الفضاءات‬ ‫ّ‬ ‫تقترن بسيرورة‬
‫السيميائية ّإال‬
‫ّ‬ ‫يمكن أن يعيش في معزل عن الكون‪ ،‬والذوات ال تكتسب دالالتها‬
‫في ارتباط جدلي بالكون‪ ،‬وتمثّل ثقافة هذا الكون‪ ،‬أي ال يمتلك اإلنسان الداللة‬
‫ّ‬
‫الحيوي الذي ينبني على الثقافة أو الثقافات المتع ّددة (ص‪.)8‬‬ ‫ّ‬ ‫الفضاء‬ ‫الحقيقية ّإال في‬
‫ّ‬
‫البشرية تستند إلى التقسيم الثنائي‪ :‬ثقافة األنا وثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ويرى لوتمان أ ّن الثقافات‬
‫ّ‬
‫بشري كونّي وكلّي‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يقول‪« :‬تبدأ ك ّل ثقافة‬ ‫ّ‬ ‫الغير‪ ،‬ضمن نسق ثقافي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخاص «بي»‪ ،‬وفضا «ئهم» الخارجي‪ .‬الطريقة‬ ‫ّ‬ ‫الداخلي‬ ‫الفضاء‬ ‫بتقسيم العالم إلى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المعينة‪ .‬غير أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫تيبولوجية الثقافة‬
‫ّ‬ ‫التي يُ ؤو َّول بها هذا التقسيم الثنائي تتو ّقف على‬
‫ّ‬
‫البشرية» (ص‪ .)4٩ ،35‬وتتمثّل‬ ‫ّ‬ ‫الثقافية‬
‫ّ‬ ‫التقسيم الحقيقي هو الذي ينبع من الكل ّّيات‬
‫ّ‬
‫وظيفتها في تعيين العناصر التي تنتمي إلى الداخل أو الخارج‪ ،‬ورصد العناصر التي‬
‫تتسرب إلى الداخل أو العكس‪ ،‬وفي تحقيق التواصل الثقافي أو إعاقته‪ ،‬ما يفصح‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫والصراعية بين األطراف المتجاورة أو المتحاورة على‬ ‫ّ‬ ‫التعارضية‬
‫ّ‬ ‫عن العالقات‬
‫المستوى الثقافي‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحوارية وتداخل‬ ‫ّ‬ ‫قائما على‬ ‫النص‪ ،‬عند لوتمان‪ ،‬بُع ًدا سيميائ ًّيا وثقاف ًّيا ً‬ ‫ويتخذ ّ‬ ‫ّ‬
‫أساسه التفاعل واالنفتاح والتجاور والحوار‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫معين‪،‬‬ ‫سيميائي ّ‬ ‫النصوص داخل كون‬
‫ّ‬
‫«يتم انتقال النصوص في الواقع في ك ّل االتّجاهات‪،‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يقول لوتمان‪ّ :‬‬
‫الخاصة‪ .‬بشكل متزامن‪ ،‬تجد النصوص‬ ‫ّ‬ ‫ّتيارات كبيرة وصغيرة تتقاطع وتترك آثارها‬
‫نفسها موصولة ليس بواسطة واحد‪ ،‬ولكن بواسطة عدد كبير من مراكز سيمياء‬
‫الخاصة‪ ...‬ال تتعامل‬ ‫ّ‬ ‫متحركة داخل حدودها‬ ‫ّ‬ ‫الحقيقية تُ َع ّد‬
‫ّ‬ ‫الكون‪ ،‬وسيمياء الكون‬
‫سلفا‪ ،‬إنّها‬ ‫سلفا‪ ،‬ومحسوبة ً‬ ‫الثقافي َوفق ُخطاطات مرسومة ً‬ ‫سيمياء الكون مع الفضاء‬
‫ّ‬
‫الخاصة بسيمياء الكون هي طاقة اإلخبار‪ ،‬إنّها طاقة‬ ‫ّ‬ ‫تشع مثل شمس‪ ...‬غير أ ّن الطاقة‬ ‫ّ‬
‫الفكر» (ص‪.)81-8٠‬‬
‫داال‬ ‫وعليه‪ ،‬تسعى سيميائية الثقافة‪ ،‬من خالل النظر إلى النص بوصفه نظاما ًّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بتنوعاته‬‫الثقافية في النصوص ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتقاطع مع أنظمة الثقافة األخرى‪ ،‬إلى دراسة الفضاءات‬
‫واختالفاتها من خالل دراسة األمكنة وربطها باألخالق والقيم‪ ،‬وكشف أبعادها‬
‫وكيفية‬
‫ّ‬ ‫والسلوكية‪ ...‬لتقديم معرفة عن هذه الفضاءات‬ ‫ّ‬ ‫والروحانية‬
‫ّ‬ ‫واألخالقية‬
‫ّ‬ ‫الدينية‬
‫ّ‬
‫آليات عملها في الوقت الحاضر‪ ،‬بهدف رصد‬ ‫وحاضرا‪ ،‬وتحديد ّ‬ ‫ً‬ ‫ماضيا‬
‫ً‬ ‫تشكّلها‬

‫‪73‬‬
‫الفضاء السيميائ ّي (لوتمان)‬

‫الثقافي وتو ّقع الممكن في المستقبل‪ .‬ويرى أ ّن المدينة تُ َع ّد فضاءً‬


‫ّ‬
‫التطور‬
‫ّ‬ ‫إمكانيات‬
‫ّ‬
‫هامشا‬
‫ً‬ ‫مركزا من جهة‪ ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫متمي ًزا داخل ثقافة ما‪ ،‬كأ ْن تكون‬
‫موقعا ّ‬‫كون ًّيا رمز ًّيا‪ ،‬وتأخذ ً‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬فالعاصمة هي مركز‪ ،‬ودون ذلك هامش‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يقول‬
‫سيميائية مركّبة‪ ،‬مولّ ًدا للثقافة‪ ،‬ولكنّها ال تقوم بهذه الوظيفة‬
‫ّ‬ ‫آلية‬
‫لوتمان‪« :‬تُ َع ّد المدينة ّ‬
‫وسنن مختلفة وغير متجانسة‪ ،‬منتمية‬ ‫ّإال في الحالة التي تمثّل فيها بوتقة لنصوص ُ‬
‫الضروري لك ّل مدينة‬
‫ّ‬ ‫لك ّل أنواع اللغات والمستويات‪ .‬التع ّدد الصوتي السيميائي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السيميوطيقية‪»...‬‬
‫ّ‬ ‫إنتاجية من وجهة نظر التصادمات‬ ‫ّ‬ ‫هو ما يجعل هذه األخيرة أكثر‬
‫(ص‪.)1٩4‬‬
‫ثقافية‬
‫ّ‬ ‫ومن هنا‪ ،‬تكون المدينة فضاءً مركز ًّيا اقتصاد ًّيا‪ ،‬وفضاءً تتعايش داخله لغات‬
‫متع ّددة‪ .‬ويعني هذا أ ّن التع ّدد السيميائي هو القانون الذي يتحكّم في هذا النوع من‬
‫ّ‬
‫والثقافية‪...‬‬
‫ّ‬ ‫واإلثنية‬
‫ّ‬ ‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫المدن‪ .‬ولذلك‪ ،‬تُ َع ّد المدينة فضاءً للتناقضات‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫الفضاء السيميائي )‪ :(L’espace sémiotique‬إنّه َوفق لوتمان (ص‪« )1٧‬مجموعة‬
‫ّ‬
‫من األشياء المتجانسة (من الظواهر‪ ،‬أو الحاالت‪ ،‬أو الوظائف‪ ،‬أو األشكال‬
‫العادية (مثل‬
‫ّ‬ ‫المكانية المألوفة‬
‫ّ‬ ‫المتغيرة‪ )...‬تقوم بينها عالقات شبيهة بالعالقات‬
‫ّ‬
‫االتّصال‪ ،‬المسافة‪ .»)...‬ويرى أنّه فضاء المعنى‪ ،‬وأنّه نظام عامّ وكبير تتفاعل فيه‬
‫فضا�ها السيميائي‬
‫ؤ‬ ‫الثقافية كلّها‪ ،‬ومن بينها أنظمة اللغات‪ ،‬فك ّل لغة لها‬
‫ّ‬ ‫األنظمة‬
‫ّ‬
‫(الفضاء الداخلي)‪ ،‬وهي محاطة بفضاء سيميائي أكبر منها (الفضاء الخارجي)‪..‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبين الداخل والخارج أو المركز والهامش تفصل الحدود‪ّ ،‬إال أنّها في الوقت‬
‫يتم التفاعل والتهجين‬‫نفسه تُ َع ّد حلقة الوصل بين ك ّل منهما؛ من طريق هذه الحدود ّ‬
‫الداللية الجديدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وبناء األنظمة‬
‫أي مكان‪ ،‬ال‬
‫ويعرف هنري لوفيفر )‪ (Henri Lebfevre‬الفضاء بأنّه «ال يوجد في ّ‬ ‫ّ‬
‫مكان له‪ ،‬ذلك ألنّه يجمع ك ّل األمكنة وال يملك ّإال وجو ًدا رمز ًّيا» (ابن مبروك‪،‬‬
‫‪ ،٢٠1٠‬ص‪. )3٧٩‬‬
‫النص الفنّ ّي‬
‫المكانية )‪ :(Polarités spatiales‬يقترح لوتمان في كتابه بنية ّ‬
‫ّ‬ ‫التقاطبات‬
‫المكانية لمقاربة الفضاء الروائي‬
‫ّ‬ ‫)‪ (La structure du texte artistique‬مبدأ التقاطبات‬
‫ّ‬

‫‪74‬‬
‫الفضاء السيميائ ّي (لوتمان)‬

‫ثنائيات ض ّد ّية تجمع بين قوى أو عناصر‬ ‫«وتأتي هذه التقاطبات عاد ًة في شكل ّ‬
‫تعبر عن العالقات والتوتّرات التي تحدث عند اتّصال الراوي‬ ‫متعارضة بحيث ّ‬
‫والشخصيات بأماكن األحداث» (ص‪ .)38٠‬وليست قيمتها في تحديدها‪ ،‬وإنّما‬ ‫ّ‬
‫النص واكتنازه الداللي‬ ‫سردية ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخاص على تحقيق‬ ‫ّ‬ ‫من قدرة هذا البناء الفضائي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مختلفا‬
‫ً‬ ‫نسيجا‬
‫ً‬ ‫الفنية‪ ،‬إذ ؤيولّف بين مختلف العناصر ليبني معماره‬ ‫وتع ّدد خصائصه ّ‬
‫َ‬
‫السردي‪ .‬وبناءً عليه‪ ،‬يصبح‬ ‫ّ‬ ‫ومسرحا لصراع األضداد الذي ينهض عليه العالم‬ ‫ً‬
‫النص بوساطة الح ّد الفاصل بين األضداد‬ ‫ّ‬ ‫من الممكن أن يقسم الباحث فضاء‬
‫نوعا من اللعب بأشكال الفضاء‬ ‫إلى فضاءَين على األقل‪ ،‬ويصبح اختراق الحدود ً‬
‫الفضائيات» (ص‪.)381-38٠‬‬ ‫ّ‬ ‫«بوليفانية‬
‫ّ‬ ‫وأجزائه‪ ،‬وهو ما أسماه لوتمان بـ‬
‫المكانية إلنجاز هدفها‪ ،‬كونه يمتلك‬ ‫ّ‬ ‫«المكانية» على مفهوم التقاطبات‬
‫ّ‬ ‫ك�‬
‫ّتت ؤ‬
‫أهميته من كون المكان الثقافي‬ ‫ّ‬ ‫إجرائية عالية على التوليد والتفريع‪ ،‬وتنبثق‬
‫ّ‬ ‫قدرة‬
‫ّ‬
‫وثانوية‪ ،‬األمر الذي يُمكّن‬ ‫ّ‬ ‫رئيسية‬
‫ّ‬ ‫خصوصا‪ ،‬ينتظم َوفق تقاطبات‬‫ً‬ ‫عموما‪ ،‬والروائي‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫النص الروائي‪ ،‬ومعرفة‬ ‫ّ‬ ‫كيفية اشتغال المك ِّون المكاني في‬ ‫ّ‬ ‫� من استكناه‬ ‫القار ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫طبيعة الصراعات بين القوى التي تتحكّم بالمكان؛ فالتقاطبات‪ :‬أعلى ‪ #‬أسفل‪،‬‬
‫يمين ‪ #‬يسار‪ ،‬فوق ‪ #‬تحت‪ ...‬تكشف طبيعة الفرز الطبقي االجتماعي‪ ،‬وعالقات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واقعا له‬
‫ً‬ ‫بوصفه‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫الهيمنة واإلرادة والسلطة التي َيخضع لها المكان في‬
‫استقالليته‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتم من خاللها إدراك بنية العالقات‬ ‫المكاني وسيلة ّ‬ ‫ولهذا يُ َع ّد مفهوم التقاطب‬
‫ّ‬
‫الثنائية التي تنشأ بين‬
‫ّ‬ ‫فضال عن استجالء العالقة‬ ‫ً‬ ‫النص‪،‬‬
‫ّ‬ ‫السطحية والعميقة في‬
‫ّ‬
‫النص لتسهم في‬‫صالت تربط بين وحدات ّ‬ ‫ٍ‬ ‫مكان وآخر وما يتولّد عن ذلك من‬ ‫ٍ‬
‫إنتاج مختلف الدالالت‪.‬‬
‫وداللية‬ ‫سيميائية‬ ‫ٍ‬
‫بحمولة‬ ‫الثنائية مشحونة‬ ‫والجدير ذكره أ ّن هذه التقاطبات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعبر عن العالقات‬
‫بحيث ّ‬‫ُ‬ ‫وإيديولوجية‪ ،‬ومن هنا قدرتها على إنتاج الدالالت المتضا ّدة‪،‬‬
‫ّ‬
‫الشخصيات بأماكن األحداث‪ .‬ويرتبط‬ ‫ّ‬ ‫والتوتّرات التي تحدث عند اتّصال الراوي أو‬
‫المكانية بشكل وثيق بمفهوم الح ّد (حسين‪.)٢٠11 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫مفهوم التقاطبات‬
‫«الخط األحمر» الذي‬‫ّ‬ ‫الح ّد )‪ :(La frontière‬هو‪ ،‬بحسب لوتمان (ص‪،)5٧-35‬‬
‫مخترق المكان أو َمن في‬ ‫مكان وآخر‪ ،‬ويشكّل اإلنذار الذي ي َّ‬
‫حذر به‬ ‫ٍ‬ ‫يفص ُل بين‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪75‬‬
‫الفضاء السيميائ ّي (لوتمان)‬

‫عنصرا مكان ًّيا‪،‬‬


‫ً‬ ‫أهمية كبيرة بوصفه‬
‫ّ‬ ‫«يكتسب‬
‫ُ‬ ‫ّنيته فع ُل االختراق‪ .‬ويرى لوتمان أنّه‬
‫متغايرين ال يمكن أن يتداخال»‪.‬‬
‫َ‬ ‫يقسم المكان النصي إلى ش َّقين‬
‫ّ‬
‫والثقافية التي تشكّل‬
‫ّ‬ ‫والزمانية‬
‫ّ‬ ‫المكانية‬
‫ّ‬ ‫أنواعا مختلفة من الحدود‬ ‫ً‬ ‫ويح ّدد لوتمان‬
‫ويوحد‬
‫ّ‬ ‫يفرق‬‫باالزدواجية‪ ،‬إذ إنّه ّ‬
‫ّ‬ ‫آليات التفريد السيميائي‪ .‬ومفهوم الحدود ّيتسم‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫معا (ص‪.)4٩‬‬
‫في آن ً‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫الثقافية على‪:‬‬
‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫يعتمد لوتمان في مقاربته‬
‫المكانية التي تشكّل نماذج للفضاءات‬
‫ّ‬ ‫الثنائيات الض ّد ّية ‪ /‬التقاطبات‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬تحديد‬
‫النص‪.‬‬
‫السطحية والعميقة في ّ‬
‫ّ‬ ‫الثقافية‪ ،‬بهدف إدراك بنية العالقات‬
‫ّ‬
‫أساسية بين الذات والغير‪ ،‬أو بين األنا‬
‫ّ‬ ‫‪ .٢‬تحديد الحدود بينها على أنّها مفاصل‬
‫واآلخر‪ ،‬أو بين النحن واآلخرين‪.‬‬
‫مادية في النصوص‬
‫ّ‬ ‫الثقافية إلى قيم ّتتخذ أبعا ًدا‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬تحويل هذه الفضاءات‬
‫والخطابات‪.‬‬
‫التطور‬
‫ّ‬ ‫إمكانيات‬
‫ّ‬ ‫واألخالقية‪ ،‬بهدف رصد‬
‫ّ‬ ‫والفلسفية‬
‫ّ‬ ‫الرمزية‬
‫ّ‬ ‫‪ .4‬رصد الدالالت‬
‫الثقافي وتو ّقع الممكن في المستقبل‪.‬‬
‫ّ‬
‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫متمي ًزا‪ ،‬إذ يسعفنا في تحليل‬
‫ّ‬ ‫إطارا نظر ًّيا ومنهج ًّيا‬
‫سيميائية الثقافة ً‬
‫ّ‬ ‫يُ َع ّد مشروع‬
‫السردية التي‬
‫ّ‬ ‫الثقافية‪ ،‬وتحليل النصوص‬ ‫ّ‬ ‫الكثير من النصوص والخطابات واألنظمة‬
‫المتنوعة والمختلفة‪ ،‬ويساعد على استجالء األبعاد‬ ‫ّ‬ ‫تضم مجموعة من الفضاءات‬ ‫ّ‬
‫الثقافية ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تتلون باألبعاد‬
‫السردية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫الثقافية فيها‪ ،‬ورصد حبكاتها‬
‫ّ‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫إيكو‪ ،‬أمبرتو (‪ .)٢٠1٠‬العالمة‪ :‬تحليل المفهوم وتاريخه‪ ،‬تر‪ .‬سعيد بنكراد (ط‪.)٢‬‬
‫بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪( .‬نُشر العمل األصلي ‪.)1٩٧3‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪76‬‬
‫الفضاء السيميائ ّي (لوتمان)‬

‫لوتمان‪ ،‬يوري (‪ .)٢٠11‬سيمياء الكون (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬عبد المجيد نوسي‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫المركز الثقافي العربي‪( .‬نُشر العمل األصلي ‪.)1٩٩٩‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النص األدبي‪ :‬مدخل‬
‫«المكانية وتفكيك ّ‬
‫ّ‬ ‫تموز ‪.)٢٠11‬‬
‫حسين‪ ،‬خالد حسين (‪ّ 4‬‬
‫ّ‬
‫تم االسترجاع في (‪ ٢3‬تشرين الثاني ‪ 11 ٢٠٢٠‬مساءً) من‪:‬‬ ‫نظري»‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫‪https://www.startimes.com/?t=28514468‬‬

‫نموذجا»‪.‬‬
‫ً‬ ‫تموز ‪« .)٢٠14‬سيميوطيقا الثقافة‪ :‬يوري لوتمان‬
‫حمداوي‪ ،‬جميل (‪ّ 4‬‬
‫تم االسترجاع في (‪ 3٠‬آب ‪ 1٠ ٢٠٢٠‬ق‪ .‬ظ‪ ).‬من‪:‬‬ ‫صحيفة المث ّقف (‪ّ .)٢85٩‬‬
‫‪http://www.almothaqaf.com/b/c3/202-derasat/881804.‬‬

‫وسيميائيات‬
‫ّ‬ ‫«النص بين النقد الثقافي‬
‫ّ‬ ‫الملجمي‪ ،‬علوي أحمد (‪ ٢٢‬شباط ‪.)٢٠٢٠‬‬
‫ّ‬
‫تم االسترجاع (‪ 18‬أيلول ‪ 1٠ ٢٠٢٠‬ق‪ .‬ظ‪ ).‬من‪:‬‬ ‫وآليات المقاربة»‪ّ .‬‬
‫الثقافة‪ :‬المفهوم ّ‬
‫‪https://islamanar.com/text-between-criticism-semiotics-mechanisms-approach,‬‬

‫منار اإلسالم‪.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫ابن مبروك‪ ،‬األمين (‪« .)٢٠1٠‬بيروت في روايات إلياس خوري‪ :‬قراءة في خصائص‬
‫م�تمر «بيروت في الرواية ‪ -‬الرواية في بيروت»‪ ،‬تح‪ .‬سامي‬
‫الروائي»‪ .‬ؤ‬ ‫الفضاء‬
‫ّ‬
‫اللبنانية‪.3٧٩ 386 ،‬‬
‫ّ‬ ‫سويدان‪ .‬بيروت‪ :‬الجامعة‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬مهى جرجور‬

‫‪77‬‬
‫السيميائيّات‬

‫‪78‬‬
‫السيميائ ّيات العا ّمة‬

‫السيميائيّات العا ّمة‬

‫األول لساني النشأة‪ ،‬يمثّله فردينان دو سوسير‬ ‫ع السيمياء منذ بدايتها ّتياران‪ّ :‬‬ ‫تَناز َ‬
‫ّ‬
‫عرف سوسير‬ ‫فلسفي‪ ،‬يمثّله تشارلز ساندرز بيرس )‪ّ .(Peirce‬‬ ‫)‪(Saussure‬؛ والثاني‬
‫ّ‬
‫االجتماعية»‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(‪ )1٩13-185٧‬السيمياء بأنّها «علم يدرس حياة العالمات في الحياة‬
‫تسيرها‪ .‬وفي الوقت عينه‪َ ،‬ع ّد بيرس (‪-183٩‬‬ ‫ويبين قوام العالمة والقوانين التي ّ‬ ‫ّ‬
‫ضروري وشكلي‬ ‫ّ‬ ‫اسما آخر للسيمياء‪ ،‬وأنّها مذهب شبه‬ ‫‪ )1٩14‬المنطق‪ ،‬بمعناه العامّ‪ً ،‬‬
‫ّ‬
‫اللسانية‬ ‫وعني بالعالمات‬ ‫الرموزية )‪،(Semiotic‬‬ ‫األول علم الرموز أو‬ ‫للعالمات‪ .‬أطلق ّ‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬
‫السيميائية )‪،(Sémiologie‬‬ ‫ّ‬ ‫اللسانية‪ ،‬وأطلق الثاني علم اإلشارات والعالمات أو‬ ‫ّ‬ ‫وغير‬
‫(أيوب‪ ،٢٠٠4 ،‬ص‪.)13٢-131‬‬ ‫وجعل اللغة جزءًا من هذه العالمات الدالّة ّ‬
‫تطور علم السيمياء في اتّجاهات‬ ‫فلسفية) إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫(لسانية ‪/‬‬
‫ّ‬ ‫أ ّدت النشأة المزدوجة‬
‫السيميائيين من يستخدم‬ ‫ّ‬ ‫فالسيميائيون اليوم غير متوافقين على اسمه‪ .‬من‬
‫ّ‬ ‫متباينة؛‬
‫المصطلحين بمعنى واحد‪ ،‬ومنهم‬ ‫َ‬ ‫أحدهما دون اآلخر‪ ،‬ومنهم من يستخدمون‬
‫فرعا من الثاني أو‬ ‫األول ً‬ ‫بمعنيين مختل َفين‪ ،‬فيجعلون ّ‬ ‫َ‬ ‫المصطلحين‬
‫َ‬ ‫من يستخدمون‬
‫األول‪ ،‬وهذا موضوع آخر للخالف (األحمر‪ ،٢٠1٠ ،‬ص‪.)13‬‬ ‫فرعا من ّ‬ ‫الثاني ً‬
‫السيميائيين كروالن بارت )‪َ (Barthes‬من تجاوز بعي ًدا هذا األمر‪ ،‬فاقترح جعل‬ ‫ّ‬ ‫ومن‬
‫اللسانيات فرع‬‫ّ‬ ‫نص على أ ّن‬ ‫اللسانيات‪ ،‬بعد أن كان سوسير قد ّ‬ ‫ّ‬ ‫فرعا من‬
‫السيميائية ً‬
‫ّ‬
‫السيميائية (ص‪.)٩٢-٩1‬‬ ‫ّ‬ ‫من‬
‫قر‬
‫األول‪ ،‬وهي بذلك تُ ّ‬ ‫السيميائية ّ‬
‫ّ‬ ‫وتُشك ِّ ُل العالمة وأشكال وجودها موضوع‬
‫النص مهما تكن طبيعته‪ ،‬بل ألنّها تتولّد‬ ‫بانفتاح المعاني‪ ،‬ليس باعتبارها قائمة في ّ‬
‫إمكانيات‬ ‫ّ‬ ‫نص من‬ ‫من طرق تل ّقيها‪ ،‬ومعاودة إنتاجها مج ّد ًدا من خالل ما ينتجه ك ّل ّ‬
‫فالسيميائية‬
‫ّ‬ ‫وتاليا‪،‬‬
‫ً‬ ‫نهائية (العرباوي‪ ،٢٠18 ،‬ص‪.)5٢‬‬ ‫ّ‬ ‫ورمزية متج ّددة وغير‬
‫ّ‬ ‫إيحائية‬
‫ّ‬

‫‪79‬‬
‫السيميائ ّيات العا ّمة‬

‫وكيفية صناعة‬
‫ّ‬ ‫هي علم دراسة اإلشارات ‪ /‬العالمات‪ ،‬وك ّل ما ينوب عن شيء‪،‬‬
‫والمرئيات واإلشارات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المعنى‪ ،‬وتمثيل الواقع باألصوات والحركات ولغة الجسد‬
‫إرادية كعوارض المرض‪ ،‬أم غير ذلك‬
‫ّ‬ ‫إرادية واعية كإشارات السير‪ ،‬أم ال‬
‫ّ‬ ‫سواء أكانت‬
‫(أيوب‪ ،‬ص‪ .)131‬وهي ذلك العلم الذي يبحث في أنظمة العالمات‪ ،‬سواء أكانت‬ ‫ّ‬
‫حركية‪ ،‬التي تنشأ في حضن المجتمع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيقونية أم‬
‫ّ‬ ‫لغوية أم‬
‫ّ‬
‫تعبر‬
‫السيميائيون تحديدات مختلفة ومتكاملة للعالمة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬وضع‬
‫عن مظاهر مختلفة من عمل العالمة‪ :‬فالتشديد على استخدام المجتمع للعالمة ولّد‬
‫سيميائية االتّصال مع جورج مونان )‪ ،(Mounin‬والتشديد على عالقة العالمة بمرجعها‬ ‫ّ‬
‫سيميائية المرجع مع بول ريكور )‪ ،(Ricœur‬والتشديد على ما تمثّله‬ ‫ّ‬ ‫خارج اللغة ولّد‬
‫سيميائية الداللة (مدرسة باريس)‪ ،‬والتشديد على‬ ‫ّ‬ ‫العالمة لدى مستخدميها ولّد‬
‫سيميائية القراءة مع أمبرتو إيكو )‪.(Eco‬‬
‫ّ‬ ‫أخيرا‬
‫ً‬ ‫تفسير متل ّقي العالمات ولّد‬
‫تفرعت‬‫واإليطاليين‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫والفرنسيين والروس‬ ‫ّ‬ ‫األميركيين‬
‫ّ‬ ‫ومع جهود عدد من العلماء‬
‫ومتنوعة‪ .‬االتّجاه األميركي يمثّله‬‫ّ‬ ‫مدارس واتّجاهات متع ّددة ومختلفة‬ ‫َ‬ ‫السيميائية إلى‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بيرس‪ ،‬واالتّجاه الفرنسي يمثّله سوسير وبارت وغيرهما‪ ،‬واالتّجاه الروسي تمثّله‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أهم أعالمها يوري لوتمان )‪ ،(Lotman‬واالتّجاه اإليطالي يمثّله‬ ‫مدرسة تارتو‪ ،‬ومن ّ‬
‫ّ‬
‫مهم‪ ،‬متع ّدد الفروع واالتّجاهات‪،‬‬ ‫نقدي ّ‬ ‫ّ‬ ‫السيميائية إلى منهج‬
‫ّ‬ ‫تحولت‬‫إيكو‪ .‬وهكذا‪ّ ،‬‬
‫النصية‪ ،‬ويقوم برصدها بالتفكيك والتركيب‪ ،‬والتحليل‬ ‫ّ‬ ‫يقارب جميع الخطابات‬
‫وكيفية إفراز الداللة عبر مساءلة‬ ‫ّ‬ ‫آليات إنتاج المعنى‪،‬‬ ‫والتأويل‪ ،‬بغية البحث عن ّ‬
‫ومنطقا‪ ،‬من أجل فهم‬ ‫ً‬ ‫النصية‪ ،‬مع سبر أغوار البنيات العميقة دالل ًة‬ ‫أشكال المضامين ّ‬
‫تتضمنها الخطابات‬ ‫ّ‬ ‫الداللية التي‬
‫ّ‬ ‫النصية‪ ،‬وتفسيرها واكتشاف البنيات‬ ‫ّ‬ ‫تع ّدد البنى‬
‫النص‪ ،‬وال َمن قاله‪ ،‬بل ما‬ ‫يهمها ما يقول ّ‬ ‫«السيميائية ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ومقصدية؛ فـ‬
‫ّ‬ ‫بني ًة ودالل ًة‬
‫النص ما قاله» (حمداوي‪ ،‬ال ت‪ ،.‬ص‪.)11‬‬ ‫يهمها هو كيف قال ّ‬ ‫ّ‬
‫تحولت إلى منهج في دراسة األدب‬ ‫السيميائية ّ‬
‫ّ‬ ‫بناءً على ما سبق‪ ،‬يمكن القول إ ّن‬
‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫البنيوي اللساني‪ ،‬ويستفيد من العلوم‬ ‫ّ‬ ‫يستم ّد مبادئه وعناصره من المنهج‬
‫ّ‬
‫لتهتم بالخطابات وبنائها وإنتاجها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫البنيويةَ‬
‫ّ‬ ‫السيميائيةُ‬
‫ّ‬ ‫ثم تجاوزت‬ ‫واإلنسانية كلّها‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫وعنيت بمقاربة النصوص على‬ ‫واالجتماعية‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫والفنية‬
‫ّ‬ ‫الثقافية‬
‫ّ‬ ‫فارتبطت بالدراسات‬
‫مبنية‪ ،‬وهذا ما أسهم في‪:‬‬ ‫أنّها كتلة مركّبة أو كل ّّية ّ‬

‫‪80‬‬
‫السيميائ ّيات العا ّمة‬

‫البنيوية قد أغلقته‪ ،‬أي فتحت للمستوى اللساني‬ ‫ّ‬ ‫النص الذي كانت‬ ‫إعادة فتح ّ‬
‫ّ‬
‫نصية‪.‬‬‫التداولي؛ لذا‪ُ ،‬وصفت بأنّها ّ‬ ‫ثغرة نحو المستوى‬
‫ّ‬
‫النقدي من خالل النظر في طريقة التعاطي مع قضايا المعنى‬ ‫ّ‬ ‫تجديد الوعي‬
‫(بنكراد‪ ،٢٠1٢ ،‬ص‪.)1٠‬‬
‫من هنا‪ ،‬يسعى المنهج السيميائي في مجال األدب إلى‪:‬‬
‫ّ‬
‫التدرج في التحليل‬ ‫ّ‬ ‫البحث عن إنتاج المعنى انطال ًقا من مبدأ تحليلي يُبنى على‬
‫ّ‬
‫ويوكّد تطابق المستوى‬ ‫تجريدية‪ ،‬ؤ‬
‫ّ‬ ‫حس ّية إلى المستوى األكثر‬ ‫من المستوى األكثر ّ‬
‫التجريدي‪ ،‬ويُعنى بالبحث عن‬ ‫ّ‬ ‫الحسي والمستوى الموضوعاتي‬ ‫التصويري‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫اللغوية‪ ،‬ويركّز في‬ ‫ّ‬ ‫والسيما تلك غير المق ّدمة من البنية‬ ‫ّ‬ ‫التضمينية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الدالالت‬
‫القطبية (المحاور) التي يمكن أن تكون في مستوى الدا ّل‪ ،‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫التقابالت‬
‫مستوى المدلول‪.‬‬
‫الداللية‬
‫ّ‬ ‫النص الداخلي وأبعاده‬ ‫ّ‬ ‫تبين منطق‬‫تطوير طرائق منفتحة للقراءة ّ‬
‫ّ‬
‫النص‬ ‫� أن يبحث في عالمات ّ‬ ‫(العرباوي‪ ،‬ص‪)5٢‬؛ فهي ترى أنّه على القار ؤ‬
‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫النص األدبي بمقتضى‬ ‫ّ‬ ‫ليقبض على معانيه ودالالته‪ ،‬أل ّن‬ ‫َ‬ ‫وشيفراته‬
‫ّ‬
‫مو ّولين)‪،‬‬ ‫قراء أو ؤ‬ ‫التأويلية لألدب يتكلّمنا عندما نقرأه‪ .‬وهكذا‪ ،‬فنحن (بوصفنا ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة لألدب‬ ‫ّ‬ ‫تأويال) فعاليتان ذواتا معنى ضمن الدراسة‬ ‫ً‬ ‫والنص (بوصفه قراءة أو‬ ‫ّ‬
‫(سيلفرمان‪ ،٢٠٠٢ ،‬ص‪.)1٢3‬‬
‫متنوعة‬ ‫مناهج ّ‬
‫َ‬ ‫السيميائية استطاعت أن تبتكر‬ ‫ّ‬ ‫األدبية أنواع‪ ،‬فإ ّن‬‫ّ‬ ‫وأل ّن النصوص‬
‫أدبي على حدة؛ فتو ّغلت في مختلف مجاالت األدب والثقافة «بحكم‬ ‫لتحليل ك ّل نوع ّ‬
‫النص األدبي والسينمائي والمسرحي والتشكيلي‬ ‫أنّها مجاالت ّتتخذ من عالمات ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متميزة‪ ،‬وتصلح كما ّدة متع ّددة األبعاد واألعماق للدراسة‬ ‫هيكال يمكن أن يشمل ثقافة ّ‬ ‫ً‬
‫سيميائيات تتعلّق بالشعر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫والتحليل» (األحمر‪ ،‬ص‪ .)5٩‬وهكذا‪ ،‬أضحت‬
‫والسرد‪ ،‬والصورة‪ ،‬والمسرح‪ ،‬والسينما‪ ،‬واإلشهار‪ ،‬واألهواء‪ ،‬والقراءة‪...‬‬

‫‪81‬‬
‫سيميائ ّية الشعر‬

‫سيميائيّة الشعر‬

‫ّأو ًال‪ -‬تعريفات وأعالم‬


‫للسيميائية‪ ،‬وقارب قصيدة بودلير‬‫ّ‬ ‫موضوعا‬
‫ً‬ ‫جعل غريماس )‪ (Greimas‬األدب‬
‫واهتم بالبحث عن وحدات المعنى في‬ ‫ّ‬ ‫سيميائية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫«القطط» )‪ (Les chats‬مقارب ًة‬
‫ممي ًزا المعاني الكامنة من المعاني‬ ‫ثم أدرجها في بنية‪ ،‬والحظ عالقاتها‪ّ ،‬‬ ‫القصيدة‪ّ ،‬‬
‫تحليال سيم ًّيا‪ ،‬ونظر إلى ك ّل منها‬
‫ً‬ ‫الظاهرة فيها‪ .‬وقام بتحليل بعض مفردات القصائد‬
‫الداللية الصغرى التي تشتمل عليها‬ ‫ّ‬ ‫مستخرجا الوحدات‬ ‫ً‬ ‫في ذاتها وفي موقعها‪،‬‬
‫قاموس ًّيا أو سياق ًّيا‪ ،‬وأحصى ما تواتر منها‪ ،‬وبعد ذلك صنّف هذه المتواترات‪ ،‬وجمعها‬
‫(أيوب‪ ،٢٠٠4 ،‬ص‪ .)81-٧٩‬وسمح ما‬ ‫في فئات أو أصناف أخرى )‪ّ (Classèmes‬‬
‫المعجمية التي تحمل معاني مختلفة‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫ّ‬ ‫ق ّدمه غريماس بتقريب الوحدات‬
‫َ‬
‫عملية‪ ،‬تنقلنا من‬
‫ّ‬ ‫جمعها في بُنى أشمل‪ ،‬وهي المتشاكالت التي تنتج منها سلسلة‬
‫مهتمة بحضور بعض المتشاكالت وبغياب‬ ‫ّ‬ ‫شمولية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مجموع مدلوالت إلى داللة‬
‫قطعا‬
‫معين‪ ،‬يفترض ً‬ ‫داللية تنتمي إلى متشاكل ّ‬ ‫ّ‬ ‫أخرى‪ .‬ألن احتواء قصيدة على شبكة‬
‫وجود شبكة مضادة‪ ،‬جدير بالتو ّقف عندها (جرجور‪ ،٢٠11 ،‬ص‪.)1٧-16‬‬
‫وفي إطار دراسة الشعر‪ ،‬دعا تودوروف )‪ (Todorov‬إلى توسيع نطاق البحث‬
‫الداللية‬
‫ّ‬ ‫التسا�الت‬
‫ؤ‬ ‫نمطية‬
‫ّ‬ ‫ممي ًزا‬
‫التسا�الت‪ّ ،‬‬ ‫ؤ‬ ‫مهمة من‬
‫الداللي‪ ،‬وطرح مجموعة ّ‬ ‫ّ‬
‫نص من النصوص‪ ،‬وأخرى‬ ‫ّ‬ ‫بها‬ ‫ل‬
‫ّ‬ ‫يد‬ ‫التي‬ ‫ة‬‫الكيفي‬
‫ّ‬ ‫حول‬ ‫الت‬ ‫تسا�‬
‫ؤ‬ ‫بعض‪:‬‬ ‫من‬ ‫بعضها‬
‫وميز صيرورة الداللة حيث يستدعي الدا ّل المدلول‪ ،‬من‬ ‫النص‪ّ .‬‬ ‫تتعلّق بعالمَ يد ّل ّ‬
‫ثان‪ .‬وأشار إلى أ ّن الداللة موجودة‬ ‫أول إلى مدلول ٍ‬ ‫صيرورة الترميز‪ ،‬حيث يرمز مدلول ّ‬
‫في المفردات (جداول الكلمات)‪ّ ،‬أما الترميز فيكون داخل التركيب‪ ،‬وفي التداخل‬

‫‪82‬‬
‫سيميائ ّية الشعر‬

‫األول والمعنى الثاني‪ .‬لذلك‪ ،‬رأى تودوروف وغيره من‬ ‫الذي يكون بين المعنى ّ‬
‫رواد البالغة الحديثة‪ ،‬من أمثال روالن بارت وجان كوهين وغيرهما‪ ،‬ضرورة اإلفادة‬ ‫ّ‬
‫آن واحد لكشف الداللة الثانية في الشعر‪ ،‬من‬ ‫واللسانيات في ٍ‬
‫ّ‬ ‫من البالغة القديمة‬
‫ثانيا مركّ ًبا على نظام َعالمي تصريحي ّأول‪ ،‬يخرج من‬ ‫نظاما َعالم ًّيا ً‬
‫ً‬ ‫جهة كونها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثان خارج دائرة اللغة‪ ،‬فتنفتح البالغة‬ ‫اللغوية‪ ،‬ويتح ّدد بأنّه مدلول ٍ‬ ‫ّ‬ ‫نطاق الدراسات‬
‫الحديثة بذلك على مجاالت الخطاب‪ ،‬وتخرج من حدود البعد الجمالي الذي‬
‫ّ‬
‫كانت محصورة فيه‪ ،‬لتصبح مبح ًثا علم ًّيا عصر ًّيا للمجتمع (ص‪.)1٠-٩‬‬
‫سيميائية الشعر مفهومه للغة الشعر التي‬ ‫ّ‬ ‫وقد ق ّدم ريفاتير )‪ (Riffaterre‬في كتابه‬
‫�‪ ،‬وتثير دهشته‪ ،‬وتترك‬ ‫ظن القار ؤ‬ ‫لتخيب ّ‬ ‫ّ‬ ‫افترض أن تكون بعيدة من المتداول‪،‬‬
‫أساسه‬
‫ُ‬ ‫نتاجا خطاب ًّيا‬
‫ً‬ ‫النص األدبي باعتباره‬ ‫ّ‬ ‫در َس‬
‫له مساحة واسعة للتو ّقع‪ .‬وح ّد َد ْ‬
‫ّ‬
‫جمالية التل ّقي‪ ،‬كما هو جلي‬ ‫بنظرية‬ ‫ِ‬
‫المرسل والمتل ّقي‪ ،‬متأثّ ًرا‬ ‫العالقة الجامعة بين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشعرية ومفرداتها‬ ‫ّ‬ ‫عند إيزر )‪ (Iser‬وياوس )‪ ،(Jauss‬إضاف ًة إلى دراسة خصائص اللغة‬
‫وأسلوبيتها وموضوعاتها (حمداوي‪ ،‬ص‪.)31٠-3٠٩‬‬ ‫ّ‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫مركزي‬
‫ّ‬ ‫نص‬‫عملية تحويل ع ّدة نصوص يقوم بها ّ‬ ‫ّ‬ ‫التناص )‪ :(Intertextualité‬هو‬
‫ّ‬
‫النص‬‫المولّف‪ ،‬أل ّن ّ‬
‫يحتفظ بزيادة المعنى‪ .‬وهذا ما دفع بارت إلى أن يقول بموت ؤ‬
‫مجرد ناسخ‪.‬‬‫ّ‬ ‫المولّف عبرها إلى‬
‫يتحول ؤ‬
‫ّ‬ ‫في رأيه مجموعة من النصوص المتداخلة‪،‬‬
‫النص وحصره في‬ ‫ّف ما يعني إيقاف ّ‬ ‫مول ٍ‬‫النص إلى ؤ‬
‫أيضا بأ ّن نسبة ّ‬
‫ودفعه إلى القول ً‬
‫مدلول نهائي‪ ،‬أي إغالق للكتابة )‪.(Genette,1992, p. 205, 257‬‬
‫ّ‬
‫نظامين للداللة والمعنى‪ :‬الداللة‬‫َ‬ ‫يميز بارت بين‬ ‫الداللة الثانية )‪ّ :(Connotation‬‬
‫األول الذي اشتغل عليه سوسير‪ ،‬وهو يصف‬ ‫اللغوي ّ‬
‫ّ‬ ‫التصريحية التي ترتبط بالنظام‬
‫ّ‬
‫عالقة الدا ّل بالمدلول داخل العالمة أو اإلشارة من جهة‪ ،‬وعالقة العالمة بمرجعها‬
‫اإليحائية‪ ،‬ترتبط‬
‫ّ‬ ‫الخارجي‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬والداللة الثانية‪ ،‬وهي المصاحبة أو‬
‫ّ‬
‫بالنظام الثاني وطريقة اشتغال العالمة في هذا النظام الثاني‪ ،‬حيث يصبح دا ّل النظام‬
‫وتاليا‪ ،‬تمثّل الدالالت الثانية عند بارت‬
‫ً‬ ‫األول هنا العالمة في المعنى المصاحب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫التصريحية وتح ّددها (جرجور‪ ،‬ص‪.)13‬‬
‫ّ‬ ‫المتغيرة التي تقابل ثبات المعاني‬
‫ّ‬ ‫المعاني‬

‫‪83‬‬
‫سيميائ ّية الشعر‬

‫عنصرا‬
‫ً‬ ‫الرمز )‪ :(Symbole‬هو نظام مسترسل من األلفاظ يمثّل ك ّل واحد منها‬
‫يعرفه بيرس بأنّه ك ّل عالمة ترتبط‬ ‫من نظام آخر‪ .‬واختلفت تحديدات الرمز‪ ،‬إذ ّ‬
‫رابطا‬ ‫بموضوعها بمقتضى مواضعة (إيكو‪ ،٢٠٠5 ،‬ص‪ .)456‬ويرى تودوروف أ ّن ً‬
‫مصطلحي الرمز والتأويل‪ ،‬فهما وجهان لظاهرة واحدة‪ ،‬هي ظاهرة‬ ‫َ‬ ‫متينا يجمع بين‬ ‫ً‬
‫عملية التواصل (تودوروف‪ ،٢٠1٧ ،‬ص‪.)8‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلنتاج والتل ّقي في‬
‫السيميوزيس )‪ :(Sémiosis‬يقابله المصطلح العربي «السيرورة المنتجة للداللة»؛‬
‫ّ‬
‫فالسميوز هو «السيرورة التي يشتغل من خاللها شيء ٌ ما كعالمة وتتحكّم في‬
‫الكونية تدخل ضمن هذه السيرورة»‪ .‬ويمثّل‬ ‫ّ‬ ‫إنتاج الدالالت وتأويلها‪ .‬وك ّل الوقائع‬
‫تراجعية غير منتهية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نسيجا من األدلّة التي تحيل على أدلّة أخرى‪ ،‬بطريقة‬ ‫ً‬ ‫السميوز‬
‫محوري تنبني عليه العالمة‪ .‬والسميوز‬ ‫ّ‬ ‫المو ّول )‪ (Interpretant‬كأساس‬ ‫وتقوم على ؤ‬
‫األول الذي يحيل عليه التمثيل من خالل إحالته‬ ‫ال يقف عند حدود رصد المعنى ّ‬
‫األولى‪ ،‬بل يشير إلى إمكان استمرار هذه اإلحاالت من دون انقطاع إلى ما ال‬
‫نهاية (بنكراد‪ ،٢٠٠5 ،‬ص‪.)1٧4-1٧3‬‬
‫والتصور‪ .‬واالرتباط بين‬ ‫ّ‬ ‫العالمة )‪ :(Signe‬توليفة من الدا ّل والمدلول‪ ،‬من الكلمة‬
‫معين هو ارتباط اعتباطي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ليس‬ ‫صوتية ما) ومفهوم ّ‬‫ّ‬ ‫معينة (أو صورة‬ ‫كلمة ّ‬
‫ّ‬
‫للعالمة داللة بمعزل عن العالمات األخرى في نظام اللغة نفسه‪ ،‬فهي تكتسب‬
‫يتوسع أفق ًّيا‬‫ّ‬ ‫داللتها من مكانتها في نظام االختالفات‪ .‬ونظام االختالفات هذا‬
‫خصوصية هي قدرتها‬ ‫ّ‬ ‫مكو ًنا سلسلة دالّة‪ .‬وتمتلك العالمة‬ ‫ليضع سلسلة من الدوا ّل ّ‬
‫على استثارة التأويل (سيلفرمان‪ ،‬ص‪.)3٩‬‬
‫ميز بيرس بين أنواع العالمة الثالثة َوفق عالقة الدا ّل بالمدلول‪ 1 :‬عالقة تشابُه‬ ‫وقد ّ‬
‫والسببية في اإلشارة )‪(Index‬؛ ‪3‬‬ ‫ّ‬ ‫في األيقونة )‪(Icon‬؛ ‪ ٢‬عالقة التجاور المكاني‬
‫ّ‬
‫تشابهية‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫أي‬ ‫اعتباطية‪،‬‬ ‫عالقة‬ ‫وهي‬ ‫عرفية غدت حتمية في الرمز )‪(Symbol‬‬
‫ّ‬ ‫عالقة ُ ّ‬
‫تصور بيرس يمثل أمامنا باعتباره‬ ‫تجاورية؛ وهكذا فإ ّن الكون في ّ‬ ‫ّ‬ ‫سببية وال‬
‫ّ‬ ‫وال‬
‫شبكة غير محدودة من العالمات‪ ،‬فك ّل شيء يشتغل كعالمة‪ ،‬ويد ّل باعتباره عالمة‬
‫(أيوب‪ ،‬ص‪.)٧٠‬‬ ‫أيضا ّ‬
‫ويُدرك بصفته عالمة ً‬
‫الداللية أو «إيزوتوبي»‬ ‫ّ‬ ‫الداللية )‪ :(Isotopies‬تتألّف كلمة المتشاكالت‬ ‫ّ‬ ‫المتشاكالت‬
‫من أصل يوناني إيزو (= نفسه) وتوبي (= المكان)‪ .‬ويتألّف ك ّل متشاكل من وحدات‬
‫ّ‬

‫‪84‬‬
‫سيميائ ّية الشعر‬

‫النص بشكل غير منتظم‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫ومتكررة في ّ‬


‫ّ‬ ‫داللية صغرى تكون منتشرة‬‫ّ‬
‫معينة يع ّدها‬
‫ألسنية ّ‬
‫ّ‬ ‫تركيبية‪ .‬وهي وحدة‬
‫ّ‬ ‫نحوية وإنّما من طبيعة‬
‫ّ‬ ‫أنّه ليس من طبيعة‬
‫تتابعا خط ًّيا من الجمل‪.‬‬
‫أساسية في تحليل الخطاب‪ ،‬إذ يرى إليها بوصفها ً‬ ‫ّ‬ ‫الباحث‬
‫ويتوجب‪ ،‬إلثبات‬
‫ّ‬ ‫مستويي المحتوى والتعبير (ص‪.)143‬‬
‫َ‬ ‫وتُحلَّل المتشاكالت على‬
‫النص‪،‬‬
‫وجود المتشاكل‪ ،‬تشكّله في رزمة ما‪ ،‬وهذه الرزمة تختزلها كلمة غائبة عن ّ‬
‫ثم إلى‬
‫المجردة )‪ّ ،(Lexèmes‬‬
‫ّ‬ ‫المعجمية‬
‫ّ‬ ‫الصوتية إلى الوحدات‬
‫ّ‬ ‫فيتم تجاوز الوحدات‬
‫ّ‬
‫المجرد )‪ (Sémèmes‬وتوزيعها في أصناف أو فئات صغرى‬ ‫ّ‬ ‫وجهها اآلخر المدلولي‬
‫ّ‬
‫صح َتها (ص‪.)83 8٢‬‬ ‫ثم إلى متشاكالت يُبرز تعاض ُد المستويات ّ‬ ‫)‪ّ ،(Classèmes‬‬
‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬
‫النص ّي (‪ )2‬وتحليل الخطاب (‪،٢٠11‬‬ ‫ّ‬ ‫يفصل نبيل ّأيوب في كتابه النقد‬ ‫ّ‬
‫ص‪ )166-165‬مقاربة الشعر سيميائ ًّيا على النحو اآلتي‪:‬‬
‫ومتكررا ِته‬ ‫وختامه‪،‬‬ ‫البدء بقراءة النص قراء ًة ِيقظة‪ِ ،‬‬
‫تالحظ محيطا ِته‪ ،‬واستهاللَه‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫والتركيبية‪ .‬وبعد ذلك يُنجز اآلتي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫والمعجمية‬
‫ّ‬ ‫الصوتية‬
‫ّ‬ ‫في مستوياته كافّة‪:‬‬
‫النص وتسويغ هذا التقطيع‪.‬‬
‫‪ .1‬تقطيع ّ‬
‫النص‪ ،‬وما يستحضره الموقف التواصلي‪ ،‬وذلك باإلجابة عن األسئلة‪:‬‬
‫‪ .٢‬تأطير ّ‬
‫ّ‬
‫ولم يتكلّم؟‬
‫من يتكلّم؟ إلى من؟ أين؟ متى؟ عالمَ؟ َ‬
‫كون‬ ‫النموذجي قد ّ‬ ‫�‬
‫األخيرين‪ ،‬يكون القار ؤ‬
‫َ‬ ‫السوالَين‬
‫ؤ‬ ‫وعند الجواب عن‬
‫ّ‬
‫ثم يعمل‬
‫الداللية الكل ّّية‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫النص ‪ /‬الخطاب‪ ،‬أي عن بنيته‬ ‫فرضية عن ّ‬
‫ّ‬ ‫لنفسه‬
‫والتركيبي‪ ،‬والداللي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫� على إثباتها عبر تعاضد المستويات الصوتي‪،‬‬ ‫القار ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتعارضية‪ ،‬على أن يركّز‬
‫ّ‬ ‫والتطابقية‬
‫ّ‬ ‫والتركيبية‬
‫ّ‬ ‫االستبدالية‬
‫ّ‬ ‫وعبر العالقات‬
‫َّ‬
‫والموظف في خدمتها‪.‬‬ ‫على الالفت‬
‫البنيويين يركّزون‬
‫ّ‬ ‫واأللسنيين‬
‫ّ‬ ‫األلسنيين‬
‫ّ‬ ‫الداللية؛ ومعظم‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫‪ .3‬كشف محاور ّ‬
‫على هذا اإلجراء‪ ،‬ويش ّدد غريماس على كشفها‪ ،‬بعد اكتشاف المتشاكالت‬
‫الداللية‪ .‬على أن تثبت كذلك على مختلف المستويات‪ ،‬وبعد ذلك يصار الى‬ ‫ّ‬
‫المربع السيميائي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عرضها على‬
‫ّ‬

‫‪85‬‬
‫سيميائ ّية الشعر‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫ودراسته بك ّل أشكاله عبر األزمنة المختلفة‪.‬‬ ‫خاصة بالشعر‬ ‫ميادينُه‬
‫ّ‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫العربية للعلوم‬
‫ّ‬ ‫السيميائيات (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬الدار‬
‫ّ‬ ‫األحمر‪ ،‬فيصل (‪ .)٢٠1٠‬معجم‬
‫ناشرون‪.‬‬
‫النص ّي (‪ )2‬وتحليل الخطاب‪ .‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان‬ ‫ّأيوب‪ ،‬نبيل (‪ .)٢٠11‬النقد ّ‬
‫ناشرون‪.‬‬
‫لسيميائيات ش‪ .‬س‪ .‬بورس‬ ‫ّ‬ ‫السيميائيات والتأويل‪ :‬مدخل‬
‫ّ‬ ‫بنكراد‪ ،‬سعيد (‪.)٢٠٠5‬‬
‫(ط‪ .)1‬الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الالذقية‪ :‬دار الحوار‬
‫ّ‬ ‫السيميائيات‪ :‬مفاهيمها وتطبيقاتها (ط‪.)3‬‬
‫ّ‬ ‫______ (‪.)٢٠1٢‬‬
‫للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الرمزية والتأويل (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬إسماعيل الكفري‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تودوروف‪ ،‬تزيفتان (‪.)٢٠1٧‬‬
‫دمشق‪ :‬دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩٧8‬‬
‫ّ‬
‫والتفكيكية (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نصيات بين الهرمنوطيقا‬ ‫سيلفرمان‪ ،‬ج‪ .‬هيو (‪ّ .)٢٠٠٢‬‬
‫حسن ناظم وعلي حاكم صالح‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي (نُشر العمل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األصلي ‪.)1٩٩4‬‬
‫ّ‬
‫اإلشهارية»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وسيميائيات الصورة‬ ‫ّ‬ ‫العرباوي‪ ،‬عزيز (أيلول‪« .)٢٠18 ،‬روالن بارت‬
‫تم االسترجاع في (‪ 4‬أيلول ‪ 6 ٢٠٢٠‬مساءً) من‪:‬‬ ‫أيقونات (ع ‪ ،5‬مج ‪ّ .6٩-5٠ ،)5‬‬
‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/article/5689‬‬

‫وسيميائية‬
‫ّ‬ ‫«سيميائية الصورة» و«التأويل‬
‫ّ‬ ‫أيضا المصادر والمراجع في مبحثَي‬
‫راجع ً‬
‫القراءة»‪.‬‬
‫‪- Courtés, J. (1991). Analyse sémiotique du discours: De l’énoncé à l’énonciation.‬‬
‫‪Paris : Hachette.‬‬
‫‪- Eco, U. (1988). Sémiotique et philosophie du langage. Paris: PUF.‬‬
‫‪- Fontanille, J. (1999). Sémiotique et littérature: Essais de méthode. Paris: PUF.‬‬

‫‪86‬‬
‫سيميائ ّية الشعر‬

‫‪- Genette, G. (1982). Palimpsestes: La littérature au second degré. Paris: Seuil.‬‬


‫‪- Greimas, A. J. (1972). Essais de sémiotique poétique. Paris: Larousse.‬‬
‫‪- Mounin, G. (1970). Introduction à la sémiologie. Paris: Minuit.‬‬
‫‪- Riffaterre, M. (1979). La production du texte. Paris: Seuil.‬‬
‫‪- ______ (1983), Sémiotique de la poésie. Paris: Seuil.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫نظريات ومقاربات (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫ّ‬ ‫النص ّي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّأيوب‪ ،‬نبيل (‪ .)٢٠٠4‬النقد‬
‫األهلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المكتبة‬
‫جرجور‪ ،‬مهى (‪ .)٢٠11‬الداللة الثانية‪ :‬قراءة في شعر محمود درويش (ط‪.)1‬‬
‫بيروت‪ :‬دار العودة‪.‬‬
‫الشعري في النقد العربي‬
‫ّ‬ ‫عالق‪ ،‬فاتح (‪« .)٢٠٠٩‬التحليل السيميائي للخطاب‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المعاصر‪ :‬مستوياته وإجراءاته»‪ .‬مجلّة جامعة دمشق (مج ‪ ،٢5‬ع ‪.3٢5-31٠ ،)٢-1‬‬
‫تم االسترجاع في (‪ 4‬أيلول ‪ 6:3٠ ٢٠٢٠‬مساءً) من‪:‬‬ ‫ّ‬
‫‪www.damascusuniversity.edu.sy‬‬

‫الشعري (ط‪ .)3‬الدار البيضاء‪ :‬المركز‬


‫ّ‬ ‫محمد (‪ .)1٩٩3‬تحليل الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫مفتاح‪،‬‬
‫الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشعري‪ .‬الجزائر‪ :‬دار‬
‫ّ‬ ‫السيميائي للخطاب‬
‫ّ‬ ‫مرتاض‪ ،‬عبد الملك (‪ .)٢٠٠1‬التحليل‬
‫الكتاب العربي‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪87‬‬
‫سيميائ ّية الصورة‬

‫سيميائيّة الصورة‬

‫ّأو ًال‪ -‬تعريفات وأعالم‬


‫بالغية‪ ،‬ورأى أ ّن «الصورة‬
‫ّ‬ ‫اهتم روالن بارت بالصورة الثابتة‪ ،‬وقاربها مقارب ًة‬ ‫ّ‬
‫الفوتوغرافية كالكلمات‪ ،‬وكذلك‪ ،‬رأى أ ّن ك ّل األشياء األخرى المحيطة بنا ال يمكن‬ ‫ّ‬
‫تورطها في لعبة المعنى‪ .‬وعمل على إثبات أ ّن الصورة هي نسق سيميائي‬ ‫أن تنفلت من ّ‬
‫ّ‬
‫يعج بالدالالت واألنظمة التي تتح ّدد َوفق مجموعة من العناصر‪ ،‬تُمكّن من كشف‬ ‫ّ‬
‫داللية وإعادة المعنى غير المرئي للصورة‪ ،‬أي الوصول إلى النسق اإليديولوجي‬ ‫ّ‬ ‫قيم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتحكّم في عالماتها‪ ،‬وهو ما أسماه بـ «األسطورة»» (منصور‪ ،٢٠1٧ ،‬ص‪.)41‬‬
‫خطابا يمكن تفكيكه وتفسيره باألدوات المشابهة التي يُقرأ‬ ‫ً‬ ‫وع َّد بارت الصورة‬‫َ‬
‫نص كك ّل‬ ‫وأنماطا للتدليل؛ فهي ّ‬
‫ً‬ ‫أنماطا للوجود‬‫ً‬ ‫النص األدبي‪ .‬وإ ّن لها‬ ‫فسر بها ّ‬ ‫ويُ َّ‬
‫ّ‬
‫داللية متجلّية من خالل أشياء‬
‫ّ‬ ‫خاصا لوحدات‬‫ًّ‬ ‫تنظيما‬
‫ً‬ ‫النصوص‪ ،‬تتح ّدد باعتبارها‬
‫متنوعة‪ .‬وإ ّن التفاعل بين هذه العناصر وأشكال‬ ‫أو سلوكات أو كائنات في أوضاع ّ‬
‫الداللية التي تحيل عليها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حضورها في الفضاء وفي الزمان يح ّدد العوالم‬
‫وتهدف مقاربة الصورة‪ ،‬بحسب بارت‪ ،‬إلى إجراء قراءة تتجاوز المنصوص عليه‬
‫والمنطوق به‪ ،‬وتقوم على الحفر في دالالته وتفكيك بنيته‪ ،‬بحيث يكون االنتقال‬
‫معرفية الى أخرى‪ ،‬أو ارتحال من داللة إلى داللة ثانية (ص‪.)4٧‬‬ ‫ّ‬ ‫دوما من منطقة‬ ‫ً‬
‫المو ّول خاللها من األفكار الجاهزة أثناء مشاهدته‪ ،‬ويتعامل معها‬ ‫�‪ /‬ؤ‬ ‫يتخلّص القار ؤ‬
‫على أنّها إطار مفتوح على االحتماالت كلّها‪ ،‬فتمثّل نقطة الوصل بين مجموع‬
‫التواصلية التي يح ّددها مستوى انتظار المتل ّقي المتفاعل مع المنتوج ‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫اللحظات‬
‫داللية تقود المرسلة إلى‬
‫ّ‬ ‫اليومية‪ .‬وعليه‪ ،‬تكشف ك ُّل إيماءة قيم ًة‬ ‫ّ‬ ‫الشيء في حياته‬

‫‪88‬‬
‫سيميائ ّية الصورة‬

‫خاصة‪ .‬وبذلك‪ ،‬تتح ّدد الوظيفة‬ ‫ّ‬ ‫وتكون لها أبعا ًدا‬
‫ّ‬ ‫التقريري‬
‫ّ‬ ‫االنزياح عن مضمونها‬
‫التواصلية بداي ًة في عين المشاهد وفي استجابة ك ّل متلقٍّ ‪ ،‬بناءً على فهمه العالمة‬
‫ّ‬
‫مسبقة‪.‬‬
‫وتل ّقيه لها‪ ،‬من دون أحكام ّ‬
‫درس ترابط الشريط‬ ‫المتحركة‪ ،‬أي َ‬ ‫وعني كريستيان ميتز )‪ (Metz‬بدراسة الصورة‬
‫ّ‬ ‫ُ َ‬
‫قسمها إلى ثالثة مستويات‪ :‬مستوى‬ ‫السينمائية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫السينمائي وأحداثه والخدع‬
‫ّ‬
‫الكاميرا (الصورة)‪ ،‬مستوى المشهد (أداء الممثّلين)‪ ،‬مستوى المونتاج (األحمر‪،‬‬
‫موضوعا لعلم جديد هو‬ ‫ً‬ ‫موكّ ًدا أ ّن السينما يمكن أن تكون‬ ‫‪ ،٢٠1٠‬ص ‪ ،)1٠٩‬ؤ‬
‫تماثلية‬
‫ّ‬ ‫ونفسية‪ ...‬أبعاد‬
‫ّ‬ ‫اجتماعية‬
‫ّ‬ ‫ورمزا وذات أبعاد‬‫ً‬ ‫سيميائية السينما‪ ،‬واعتبرها لغ ًة‬ ‫ّ‬
‫تتمتع بها أال وهي الحركة‪ .‬ورأى أ ّن الهدف األساسي‬ ‫األساسية التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخاصية‬
‫ّ‬ ‫بسبب‬
‫ّ‬
‫للتحليل الفلمي هو دراسة فضاء الخطاب الفلمي )‪.(Metz, 1971, p. 13‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البصرية‪ ،‬ورأى أ ّن األولى تظ ّل حبيسة‬ ‫ّ‬ ‫اللسانية والرسالة‬
‫ّ‬ ‫ق ميتز بين الرسالة‬ ‫وفر َ‬
‫ّ‬
‫خطية‪ ،‬ويقوم المتل ّقي بإعادة تركيبها ليحصل‬ ‫ّ‬ ‫قواعد النحو والتداول أي هي رسالة‬
‫تركيبية صارمة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫البصرية فال تخضع لقواع َد‬‫ّ‬ ‫باالعتباطية؛ ّأما الرسالة‬
‫ّ‬ ‫وتتصف‬ ‫المعنى‪ّ ،‬‬
‫عناصر صغرى مستقلّة ألنّها‬ ‫َ‬ ‫عناصرها بشكل متزامن‪ ،‬وال تقبل التقطيع إلى‬ ‫ُ‬ ‫درك‬‫وت ُ َ‬
‫تتجزأ‪ ،‬وهي قائمة على المماثلة والمشابهة‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫دالالت ال‬ ‫ترابطية‪ ،‬تختزن في بنائها‬ ‫ّ‬
‫(صيد‪ ،٢٠18 ،‬ص‪.)36٢‬‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫األسطورة )‪ :(Mythe‬هي‪َ ،‬وفق بارت‪ ،‬النسق اإليديولوجي المتحكّم في عالمات‬
‫ّ‬
‫تجاوزا لمعنى األسطورة القاموسي الذي يربطها‬
‫ً‬ ‫الصورة (األحمر‪ ،‬ص‪ .)1٢٠‬وتُ َع ّد‬
‫ّ‬
‫والالعقالنية‪ .‬تصنعها المجتمعات المعاصرة التي تستهلكها عن وعي‬ ‫ّ‬ ‫بعالم الخرافة‬
‫تحول المعاني التي تحملها مختلف‬‫أو من دون وعي‪ .‬ومن خصائصها التشويه‪ ،‬فهي ّ‬
‫األسطوري‬
‫ّ‬ ‫ويسمي بارت المدلول الناتج منها في المستوى‬ ‫ّ‬ ‫اللغات إلى أشكال‪،‬‬
‫«المفهوم»‪ ،‬والعالقة القائمة بينهما «الداللة» (مبرك‪ ،٢٠11 ،‬ص‪.)٧8-٧٧‬‬
‫مجردة كانت‬
‫ّ‬ ‫التمثيل )‪ :(Représentation‬هو «ك ّل بنية (مثال أو صورة أو أنموذج)‬
‫أو ملموسة‪ ،‬تهدف سماتها إلى ترميز أو إقامة توافق‪ ،‬بمعنى من المعاني‪ ،‬مع بنية‬
‫أخرى» (إيكو‪ ،٢٠٠5 ،‬ص‪.)456‬‬

‫‪89‬‬
‫سيميائ ّية الصورة‬

‫كالمو ّشر‪،‬‬
‫ؤ‬ ‫العالمة )‪ :(Signe‬يتداخل مفهوم العالمة عند بارت مع مصطلحات أخرى‬
‫ثنائية تركيبها من الدا ّل والمدلول‪،‬‬‫ّ‬ ‫ويتفق مع سوسير على‬ ‫واأليقونة‪ ،‬والرمز‪ّ .‬‬
‫االعتباطية‬
‫ّ‬ ‫ويختلف معه على طبيعة العالقة بينهما التي يرى أنّها تتأرجح بين‬
‫السيميولوجية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اللغوية والعالمات‬
‫ّ‬ ‫نوعين‪ :‬العالمات‬
‫وتتفرع عنده إلى َ‬
‫ّ‬ ‫والتعليل‪.‬‬
‫الثقافية المختلفة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫وتوسس الثانية لألنساق‬
‫ّ‬ ‫اللغوي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تُشكّل األولى النسق‬
‫مسمى العالمات الوظائف‪ .‬والعالمات‪ ،‬بشكل عامّ‪ ،‬تتموضع عنده‬ ‫ّ‬ ‫ويق ّدمها تحت‬
‫التقريري القاموسي‪ ،‬والمستوى اإليحائي‬ ‫ّ‬ ‫مستويين من القراءة‪ :‬المستوى‬
‫َ‬ ‫على‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثقافي (مبرك‪ ،‬ص‪.)66-65‬‬
‫ّ‬
‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬
‫اإلجرائية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫اآلليات‬
‫المرئية اتّباع عدد من ّ‬
‫ّ‬ ‫تستلزم دراسة الصورة‬
‫المرسل إليه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫(المرسل‪،‬‬ ‫المستويين التقني‬
‫َ‬ ‫تحديد عناصر الصورة‪ ،‬ووصفها على‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ثم‬
‫واألسلوبي (األلوان‪ ،‬األحجام‪ّ ،)...‬‬ ‫تاريخ الصورة‪ ،‬نوعها‪ ،‬شكلها‪ ،‬موقعها‪)...‬؛‬
‫ّ‬
‫على مستوى اإلطار والمنظور والعتبات‪.‬‬
‫بالنص المجاور‪ ،‬في حال ُوجد‪ .‬وتحديد‬ ‫ّ‬ ‫النظر في تنظيم الصورة‪ ،‬وعنوانها وعالقتها‬
‫المدرسة التي تنتمي إليها هذه الصورة‪ /‬وعالقتها بمنتجها‪ ،‬وبتاريخه الشخصي‪،‬‬
‫ّ‬
‫والدافع إلى وضعها‪ ،‬والعالقة التي تربطها بتاريخ المجتمع لحظة القراءة‪.‬‬
‫الصوتية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫دراسة المستوي اللساني الذي يتمثّل في دراسة مجموعة من البنيات‪:‬‬
‫ّ‬
‫والبالغية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والتركيبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والصرفية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫واإليقاعية‪،‬‬
‫ّ‬
‫البحث في تل ّقي هذه الصورة‪ ،‬ومعرفة المتل ّقين بها ور ّد فعلهم تجاهها‪.‬‬
‫أيضا من‬
‫آليات التأويل‪ ،‬واالنتقال من التعيين إلى التضمين‪ ،‬واالنتقال ً‬ ‫تشغيل ّ‬
‫اإليديولوجية بالمفهوم السيميائي‪ ،‬واالنتهاء‬
‫ّ‬ ‫المجردة المحايدة إلى القيم‬ ‫ّ‬ ‫القيم‬
‫ّ‬
‫يهتم بدراسة المقاصد المباشرة وغير المباشرة لرسائل‬ ‫ّ‬ ‫بالمستوى التداولي الذي‬
‫ّ‬
‫الصورة‪ ،‬إذ ال يمكن فهم الصورة وتفسير معطياتها وتأويلها ّإال إذا وردت في‬
‫معين‪.‬‬
‫ذهني ّ‬ ‫نصي‪ ،‬أو‬ ‫سياق تداولي‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬

‫‪90‬‬
‫سيميائ ّية الصورة‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫والفن التشكيلي‬
‫ّ‬ ‫الفوتوغرافية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫سيميائية الصورة في ميادين عديدة‪ :‬الصور‬
‫ّ‬ ‫تُط َّبق‬
‫ّ‬
‫المدرسية‪ ،‬والتلفزيون‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المصورة‪ ،‬والكتب‬
‫ّ‬ ‫والقصة‬
‫ّ‬ ‫ونحتا)‪،‬‬
‫ً‬ ‫تلوينا‬
‫ً‬ ‫وتصويرا ‪/‬‬
‫ً‬ ‫(رسما‬
‫ً‬
‫المتحركة‪ ،‬والسينما‪ ،‬والفيديو‪...‬‬
‫ّ‬ ‫والرسوم‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫السينمائية»‪ .‬مجلّة العلوم‬
‫ّ‬ ‫عادل‪ ،‬صيد (جوان ‪« .)٢٠18‬سيميولوجيا السينما واللغة‬
‫االجتماعية لجامعة أمّ البواقي (‪.36٧-35٧ ،)٩‬‬
‫ّ‬
‫مبرك‪ ،‬نصيرة عيسى (‪ .)٢٠11‬فلسفة العالمة عند روالن بارت‪ :‬األسطورة ونسق‬
‫العشي)‪ .‬جامعة الحاج لخضر‪،‬‬ ‫أنموذجا‪( .‬رسالة ماستر بإشراف أ‪ .‬د‪ .‬عبد اهلل ّ‬
‫ً‬ ‫الزي‬
‫ّ‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫المرئية‪ :‬من أجل بالغة الصورة (ط‪،)1‬‬
‫ّ‬ ‫مجموعة مو (‪ .)٢٠1٢‬بحث في العالمة‬
‫العربية للترجمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المنظمة‬
‫ّ‬ ‫محمد سعد‪ .‬بيروت‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫تر‪ .‬سمر‬
‫منصور‪ ،‬عواطف (مارس‪« .)٢٠1٧ ،‬الجسد‪/‬الصورة في الخطاب اإلعالني من‬
‫ّ‬
‫العربية للعلوم ونشر األبحاث (ع ‪ ،1‬مج ‪،)٢‬‬
‫ّ‬ ‫البارتية»‪ .‬المجلّة‬
‫ّ‬ ‫السيميائية‬
‫ّ‬ ‫خالل‬
‫‪ .5٧-4٠‬تم االسترجاع في (‪ 4‬أيلول ‪ 6 ٢٠٢٠‬مساء) من‪www.ajsrp.com :‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪- Barthes, R. (1964). «Rhétorique de l’image». Communications (4), 40-51.‬‬
‫‪- Hébert, L. (2007). Dispositifs pour l’analyse des textes et des images:‬‬
‫‪Introduction à la sémiotique appliquée. Limoges: Pulim.‬‬
‫‪- Martine. J. (1994). L’image et les signes: Approche sémiologique de l’image‬‬
‫‪fixe. Paris: Nathan.‬‬
‫‪- Metz. C. (1968). Essai sur la signification au cinéma (I). Paris: Klincksieck.‬‬
‫‪- ______ (1971). Langage et cinéma. Larousse: Paris.‬‬
‫‪- ______ (1973). Essai sur la signification au cinéma (II). Paris: Klincksieck.‬‬
‫‪- ______ (1977). Essais sémiotiques. Paris: Klincksieck.‬‬

‫‪91‬‬
‫سيميائ ّية الصورة‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫ابن مبروك‪ ،‬األمين (‪« .)٢٠1٠‬بيروت في روايات إلياس خوري‪ :‬قراءة في خصائص‬
‫م�تمر «بيروت في الرواية ‪ -‬الرواية في بيروت»‪ ،‬تح‪ .‬سامي‬ ‫الروائي»‪ .‬ؤ‬ ‫الفضاء‬
‫ّ‬
‫اللبنانية‪.3٧٩ 386 ،‬‬
‫ّ‬ ‫سويدان‪ .‬بيروت‪ :‬الجامعة‬
‫بارت‪ ،‬روالن (‪ .)٢٠1٧‬غرفة التظهير‪ :‬حاشية على التصوير (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬منذر‬
‫عياشي‪ .‬دمشق‪ :‬دار نينوى‪.‬‬
‫ّ‬
‫أسطوريات (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬توفيق قريرة‪ .‬بيروت بغداد‪ :‬منشورات‬
‫ّ‬ ‫______ (‪.)٢٠18‬‬
‫الجمل‪.‬‬
‫‪- Barthes, R. (1967). Système de la mode. Paris: Seuil.‬‬

‫إعداد‪ :‬د‪ .‬مهى جرجور‬

‫‪92‬‬
‫اللسانيّات‬

‫‪93‬‬
‫اللسان ّيات التطبيق ّية‬

‫اللسانيّات التطبيقيّة‬

‫ّأو ًال‪ -‬تعريفات وأعالم‬


‫العامة في تطبي ٍق‬ ‫ّ‬ ‫اللغويات‬ ‫ّ‬ ‫تطورت طرائق استخدام األفكار والمعلومات في‬ ‫لقد ّ‬
‫اللغوية تقتصر على‬ ‫ّ‬ ‫حتى أواسط القرن العشرين‪ ،‬وكانت التطبيقات‬ ‫إنساني واسع ّ‬ ‫ّ‬
‫وموجه لالستخدام‬ ‫ّ‬ ‫تطوير القواعد وتحسين النحو والمعاجم في شكل مطبوع‬
‫المنطقية في تعليم اللغات‬ ‫ّ‬ ‫االختصاصيين‪ ،‬باإلضافة إلى الطرائق‬ ‫ّ‬ ‫الواسع من قبل غير‬
‫الطبيعية‪ :‬قواعد اإلمالء واألساليب‪ .‬وفي النصف الثاني من القرن العشرين ظهر نوع‬ ‫ّ‬
‫والمعجمية‪ ،‬وعلم‬ ‫ٍ‬
‫اللغويات‪ ،‬في مساحة يلتقي فيها علم اللغة العامّ‬ ‫تطبيقي جديد في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والرياضيات‪ ...‬هذه المساحة يقبع فيها علم اللغة‬ ‫ّ‬ ‫النفس وعلم االجتماع وعلم التربية‬
‫التطبيقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫التطبيقي أو‬
‫ّ‬
‫التطبيقية؟ إ ّن اللسانيات‬ ‫ّ‬ ‫واللسانيات‬
‫ّ‬ ‫(النظرية)‬
‫ّ‬ ‫العامة‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫ما الفرق بين‬
‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫وصفية‪ّ ،‬أما‬ ‫ّ‬ ‫النظرية تشرح طبيعة اللغة بح ّد ذاتها‪ ،‬وتدرسها دراسة‬ ‫ّ‬
‫حياتية‪ .‬إنّها‬
‫ّ‬ ‫لغوية‬
‫العامة في قضايا ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫توظف مخرجات‬ ‫التطبيقية فهي التي ّ‬
‫ّ‬
‫العملية» (بوتون‪ ،‬ال ت‪ ،.‬ص‪.)8‬‬ ‫ّ‬ ‫النظرية على المشكالت‬ ‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫«تطبيق معطيات‬
‫األول «علم اللغة»‪ ،‬أي الدراسة‬ ‫أمرين‪ّ :‬‬ ‫التطبيقي» َ‬ ‫ويتضمن مصطلح «علم اللغة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اللغوية فقط‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النظريات‬
‫ّ‬ ‫أي لغة‪ ،‬و«التطبيقي»‪ .‬هذا التطبيق ال يقتصر على‬ ‫العلمية للّغة ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫لغوية إلى علوم أخرى كعلم النفس‪ ،‬وعلم االجتماع‪،‬‬ ‫أي مشكلة ّ‬ ‫بل يحتاج في دراسة ّ‬
‫األجنبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫خاص ًة‬
‫ّ‬ ‫والتاريخ‪ ،‬والجغرافيا‪ ...‬ومن مجاالت علم اللغة التطبيقي تعليم اللغة‪،‬‬
‫ّ‬
‫لغتين أو أكثر‪،‬‬ ‫تتضمن َ‬ ‫ّ‬ ‫والثالثية التي‬
‫ّ‬ ‫الثنائية‬
‫ّ‬ ‫خاص ًة‬
‫ّ‬ ‫والترجمة‪ ،‬وصناعة المعاجم‪،‬‬
‫يتوسل في عمله بعلم‬ ‫التطبيقي ّ‬ ‫جانب آخر نجد علم اللغة‬ ‫ٍ‬ ‫وأمراض التخاطب‪ ...‬ومن‬
‫ّ‬

‫‪94‬‬
‫اللسان ّيات التطبيق ّية‬

‫يكمل اآلخر‪ ،‬وليس‬‫التقابلي وتحليل األخطاء‪ ،‬وكالهما ّ‬ ‫اللغة التقابلي أو التحليل‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القصد من البحث في األخطاء أن نعرف األخطاء لتصويبها أو معاقبة التلميذ أو‬
‫ثم لمعرفة أسبابها‪ ،‬وك ّل هذا لتجنّب‬
‫توبيخه‪ ،‬إنّما القصد أن نحلّل األخطاء لرصدها‪ّ ،‬‬
‫هذه األخطاء‪ .‬ويظهر هذا في المعجم أو في التعليم‪( ...‬أبو الخير‪ ،٢٠٠6 ،‬ص‪.)5‬‬
‫ًّ‬
‫مستقال‬ ‫موضوعا‬
‫ً‬ ‫وقد ظهر مصطلح «علم اللغة التطبيقي» حوالى ‪ 1٩46‬حين صار‬
‫ّ‬
‫متخص ًصا في‬
‫ّ‬ ‫اإلنجليزية بجامعة ميشيغان‪ ،‬وقد كان هذا المعهد‬
‫ّ‬ ‫في معهد تعليم اللغة‬
‫البارزين تشارلز فريز ‪(Charles‬‬
‫َ‬ ‫العالمين‬ ‫أجنبية تحت إشراف‬ ‫اإلنجليزية لغ ًة‬ ‫تعليم‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫)‪ Fries‬وروبرت الدو )‪ ،(Robert Lado‬وقد شرع هذا المعهد يصدر مجلّته المشهورة‬
‫‪(Language Learning: Journal of Applied‬‬ ‫التطبيقي‬
‫ّ‬ ‫تعلُّم اللغة‪ :‬مجلّة علم اللغة‬
‫ثم أ ُ ّسست مدرسة علم اللغة التطبيقي )‪،(School of Applied Linguistics‬‬
‫)‪ّ ،Linguistics‬‬
‫ّ‬
‫تخص ًصا في هذا المجال‪ ،‬ولها‬ ‫ّ‬ ‫في جامعة إدنبرة ‪ ،1٩58‬وهي من أشهر الجامعات‬
‫خاص يحمل اسم الجامعة في هذا العلم‪ .‬وقد بدأ هذا العلم الوليد ينتشر في كثير‬‫ّ‬ ‫مقرر‬
‫ّ‬
‫وتأسس االتّحاد الدولي لعلم اللغة التطبيقي‬ ‫ّ‬ ‫من جامعات العالم لحاجة الناس إليه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫)‪( 1٩64 (AILA‬الراجحي‪ ،1٩٩5 ،‬ص‪ ،)8‬ومن أعالمه‪ :‬بيت كورد )‪،(Pit Corder‬‬
‫ودايفد كريستال )‪ ،(David Crystal‬وكيث ريتشارد )‪ ،(Keith Richards‬ودايفيد ويكليس‬
‫)‪ ،(David Wilkins‬وعبده الراجحي‪ ،‬وأحمد مصطفى أبو الخير‪...‬‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫اللغوي )‪ :(Language policy and planning‬عندما ترصد ّأمة‬‫ّ‬ ‫سياسة اللغة والتخطيط‬
‫والطبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التجارية‬
‫ّ‬ ‫لغوية مشكلة ما (في اإلعالم‪ ،‬واالتّصاالت‬
‫مو ّسسة أو جماعة ّ‬ ‫أو ؤ‬
‫ثم تضع‬ ‫تطبيقية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫لغوية‬
‫الشفهية‪ ،‬وصناعة المعجم‪ ،)...‬تتح ّفز ألبحاث ّ‬
‫ّ‬ ‫والترجمة‬
‫والتنظيمية‪ ،‬وتضعها في موضع‬ ‫ّ‬ ‫والتشريعية‬
‫ّ‬ ‫الرسمية‬
‫ّ‬ ‫اإلجرائية‪ ،‬واألطر‬
‫ّ‬ ‫لها الخطط‬
‫التطبيقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اللسانية‬
‫ّ‬ ‫يتم ّإال تحت مظلّة الدراسات‬
‫التنفيذ والتقويم‪ ،‬وهذا ال ّ‬
‫العصبية )‪ :(Neurolinguistics‬علم اللغة العصبي‪ ،‬يدرس اللغة دراسة متعلّقة‬
‫ّ‬ ‫اللغويات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بالدماغ‪ ،‬ويشتمل على علم األعصاب‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم أمراض النطق‪ ،‬وعلم‬
‫األحياء‪ .‬ينطوي على استخدام البحث التجريبي‪ ،‬والتصوير العصبي‪ ،‬ومحاكاة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عمليات الدماغ‪ ،‬وتسجيل الفيديو للتفاعل المنطوق‪(Simpson, 2010, p. 460) ...‬‬ ‫ّ‬

‫‪95‬‬
‫اللسان ّيات التطبيق ّية‬

‫السريرية )‪ :(Clinical linguistics‬علم اللغة اإلكلينيكي‪ ،‬يشمل دراسة‬ ‫ّ‬ ‫اللغويات‬


‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتطورها‬ ‫ّ‬ ‫العادية‬
‫ّ‬ ‫السريرية من أجل إلقاء الضوء على طبيعة اللغة‬ ‫ّ‬ ‫بيانات اللغة‬
‫فرعية مختلفة‬ ‫ّ‬ ‫تخصصات‬ ‫ّ‬ ‫اللغوية‪ .‬لها‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫واستخدامها‪ ،‬وبالتالي المساهمة في‬
‫السريرية»‪ ،‬و«علم‬ ‫ّ‬ ‫و«البراغماتية‬
‫ّ‬ ‫خاصة بها‪ ،‬مثل «علم األصوات اإلكلينيكي»‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اللغة االجتماعي اإلكلينيكي»‪ .‬وترتبط بعلم وظائف األعضاء‪ ،‬وعلم األعصاب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتفاعل االجتماعي‪(p. 111) ...‬‬
‫ّ‬
‫الالتينية‬
‫ّ‬ ‫المعرفية )‪ :(Cognitive linguistics‬علم اللغة المعرفي‪ ،‬من‬ ‫ّ‬ ‫اللغويات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بدال‬ ‫النفسية‪ً ،‬‬
‫ّ‬ ‫تعرف إلى‪ .‬يأخذ في االعتبار جوانب المتح ّدثين‬ ‫)‪ (Cognoscere‬أي ّ‬
‫بشرية‬ ‫ّ‬ ‫اللغوية‪َ ،‬وفق تشومسكي‪ ،‬قدرة‬ ‫ّ‬ ‫اللغوي‪ ،‬إذ الكفاية‬
‫ّ‬ ‫مجرد وصف السلوك‬ ‫ّ‬ ‫من‬
‫التجريبية‬
‫ّ‬ ‫فيوكّد على الطبيعة‬ ‫منظورا آخر‪ ،‬ؤ‬ ‫ً‬ ‫خاصة ج ًّدا ال تتعلّق باآلخرين‪ .‬وقد يأخذ‬ ‫ّ‬
‫للّغة كمهارة‪(p. 611) ...‬‬
‫علم اللغة الوظيفي النظامي )‪ :(Systemic functional linguistics‬ينظر هذا العلم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اجتماعية‪ ،‬كنظام لصنع المعنى‪ ،‬ويمكن تطبيقه على‬ ‫ّ‬ ‫سيميائية‬
‫ّ‬ ‫إلى اللغة على أنّها‬
‫كيفية تكوين‬ ‫ّ‬ ‫التصور إلى وصف‬ ‫ّ‬ ‫اللفظية‪ .‬وقد أ ّدى هذا‬ ‫ّ‬ ‫اللفظية وغير‬ ‫ّ‬ ‫الموارد‬
‫يتم التعبير عن الخطاب المرئي واللفظي في وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫المعاني‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اليومية‪(p. 635-636) ...‬‬ ‫ّ‬ ‫والسياسة‪ ،‬واستخدامات اللغة‬
‫الطبيعية‬
‫ّ‬ ‫أهم صفات اللغة‬ ‫التوليدية )‪ :(Generative grammar‬تَدرس إحدى ّ‬ ‫ّ‬ ‫القواعد‬
‫جمال جديدة‪ .‬وكان ابتكار‬ ‫ً‬ ‫اإلنتاجية‪ ،‬حيث نستخدم ك ّل يوم‬ ‫ّ‬ ‫العملية‬
‫ّ‬ ‫أال وهي‬
‫اللغوية‬‫ّ‬ ‫أساسا في الكفاية‬ ‫ً‬ ‫التوليدي مع تشومسكي (‪)1٩5٧-1٩55‬‬ ‫ّ‬ ‫قواعد النحو‬
‫المتمثّلة في إنتاج مجموعات جديدة والمتناهية من الجمل‪ .‬إ ّن الجمل التي‬
‫مجرد سالسل من الكلمات‪ ،‬لكن لها هياكل‪ .‬وقد حاولت‬ ‫ونفسرها ليست ّ‬ ‫ّ‬ ‫ننتجها‬
‫ثمة‬ ‫التوليدية اإلجابة عن األسئلة التالية (أسئلة تشومسكي‪ :)1٩86 ،‬هل ّ‬ ‫ّ‬ ‫القواعد‬
‫يتم اكتساب اللغة؟ وكيف‬ ‫هياكل مشتركة بين لغات العالم (النحو العامّ)؟ كيف ّ‬
‫يتم استخدامها؟‪(p. 639, 650-651) ...‬‬
‫ّ‬

‫‪96‬‬
‫اللسان ّيات التطبيق ّية‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫بتنوع موضوعاته وأهدافه‬ ‫متنوعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحثية‬
‫ّ‬ ‫تقنيات‬
‫ّ‬ ‫يعتمد علم اللغة التطبيقي‬
‫ّ‬
‫مناسبا؛ لذا يعتمد هذا العلم‬
‫ً‬ ‫ا‬ ‫منهج‬
‫ً‬ ‫ميدانه‪،‬‬ ‫فق‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫يقتضي‪،‬‬ ‫ومخرجاته‪ ...‬فك ّل بحث‬
‫دراسة الحالة أو المشكلة‪ ،‬واإلحصاءات واالستمارات والمقابالت وسواها من‬
‫كمي ونوعي‪ .‬وتنتظم‬ ‫عناصر بحثَين‪:‬‬ ‫وصوال إلى ح ّل المشكالت‪ ،‬ما يشكّل‬ ‫ً‬ ‫الوسائل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫َ‬
‫إجراءات ح ّل المشكالت ضمن التسلسل التالي‪:‬‬
‫تقنية‪)...‬؛‬
‫سياسية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تربوية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫نفسية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اجتماعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(لسانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬تشخيص المشكلة‬
‫سببية‪)...‬؛‬
‫ّ‬ ‫إحصائية‬
‫ّ‬ ‫نوعية‬
‫ّ‬ ‫كم ّية‬
‫وصفية‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .٢‬توصيف المشكلة (دراسة‬
‫سية‪)...‬؛‬
‫السببية‪ ،‬أو الح ْد ّ‬
‫ّ‬ ‫الفرضيات‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬طرح الحلول (بناءً على‬
‫‪ .4‬تجربة الح ّل في الميدان المعني‪ ،‬وتقويم النتائج؛‬
‫ّ‬
‫‪ .5‬تحرير الخالصات‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫الموتمرات الكثيرة التي ُعقدت تحت مصطلح «علم اللغة‬ ‫ؤ‬ ‫يبدو من خالل‬
‫وميادين وافرة تنضوي تحته‪ ،‬مثل‪ :‬تعلّم اللغة األولى وتعليمها‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫مجاالت‬ ‫التطبيقي» أ ّن‬
‫ّ‬
‫اللغوي علم اللغة االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫اللغوي التخطيط‬
‫ّ‬ ‫األجنبية التع ّدد‬
‫ّ‬ ‫تعليم اللغة‬
‫ّ‬
‫علم اللغة النفسي عالج أمراض الكالم الترجمة المعجم علم اللغة التقابلي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫علم اللغة الحاسوبي أنظمة الكتابة‪ ...‬وإ ّن عد ًدا من هذه المجاالت أصبح اليوم‬
‫ّ‬
‫وبخاصة علم اللغة االجتماعي )‪ ،(Sociolinguistics‬وعلم اللغة النفسي‬ ‫ّ‬ ‫علوما مستقلّة‪،‬‬
‫ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫)‪( (Psycholinguistics‬الراجحي‪ ،‬ص‪.)٩‬‬
‫التخصصات في حقل علم اللغة‪ ،‬تشمل فروعه‬
‫ّ‬ ‫وإ ّن علم اللغة التطبيقي متع ّدد‬
‫ّ‬
‫الرئيسة ما يلي‪:‬‬
‫التجارية‬
‫ّ‬ ‫اللغوي )‪ :(Language Policy and Planning‬االتّصاالت‬
‫ّ‬ ‫سياسة اللغة والتخطيط‬
‫المو ّسسي )‪،(Institutional Discourse‬‬
‫ؤ‬ ‫)‪ ،(Business Communication‬والخطاب‬
‫ّ‬
‫السريرية )‪...(Clinical Linguistics‬‬
‫ّ‬ ‫واللغويات‬
‫ّ‬
‫والهوية )‪ :(Language, Culture and Identity‬تع ُّدد اللغات المستخدمة‬
‫ّ‬ ‫اللغة والثقافة‬

‫‪97‬‬
‫اللسان ّيات التطبيق ّية‬

‫العصبية‬
‫ّ‬ ‫اللغويات‬
‫ّ‬ ‫)‪ ،(Multilingualism‬تحليل الخطاب )‪،(Discourse Analysis‬‬
‫)‪ ،(Neurolinguistics‬علم اللغة االجتماعي )‪ ،(Sociolinguistics‬علم األسلوب )‪...(Stylistics‬‬
‫ّ‬
‫مفاهيم أساسية في تعلّم اللغة وتعليمها ‪(Key Concepts in Language Learning and‬‬
‫ّ‬
‫منهجية تدريس اللغة )‪ ،(Language Teaching‬وتعليم ثنائي‬ ‫ّ‬ ‫)‪:Language Education‬‬
‫ّ‬
‫اللغة )‪...(Bilingual Education‬‬
‫توصيف اللغة في علم اللغة التطبيقي ‪(Descriptions of Language for Applied‬‬
‫ّ‬
‫‪ ،‬علم اللغة الوظيفي النظامي‬ ‫‪(Cognitive‬‬ ‫)‪Linguistics‬‬ ‫المعرفية‬
‫ّ‬ ‫اللغويات‬
‫ّ‬ ‫)‪:Linguistics‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫)‪ ،(Systemic Functional Linguistics‬القواعد التوليدية )‪...(Generative Grammar‬‬
‫ّ‬
‫)‪(Davies & Elder, 2004, p. V‬‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫التطبيقي‪ :‬بحوث ودراسات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أبو الخير‪ ،‬أحمد مصطفى (‪ .)٢٠٠6‬علم اللغة‬
‫المنصورة‪ :‬دار األصدقاء للطباعة‪.‬‬
‫ومحمد رياض‬‫ّ‬ ‫التطبيقية‪ ،‬تر‪ .‬قاسم المقداد‬‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫بوتون‪ ،‬شارل (ال ت‪.).‬‬
‫الطباعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المصري‪ .‬دمشق‪ :‬دار الوسيم للخدمات‬ ‫ّ‬
‫ّمية اللغات‬
‫التطبيقية‪ :‬حقل تعل ّ‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫حساني‪ ،‬أحمد (‪ .)1٩٩6‬دراسات في‬ ‫ّ‬
‫الجامعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(ط‪ .)٢‬الجزائر‪ :‬ديوان المطبوعات‬
‫اإلسكندرية‪ :‬دار‬
‫ّ‬ ‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التطبيقي وتعليم‬
‫ّ‬ ‫الراجحي‪ ،‬عبده (‪ .)1٩٩5‬علم اللغة‬
‫الجامعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المعرفة‬
‫العربي‪ .‬بيروت‪ :‬دار النهضة‬
‫ّ‬ ‫�‬
‫السعران‪ ،‬محمود (ال ت‪ .).‬علم اللغة‪ :‬مق ّدمة للقار ؤ‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬
‫اللسانيات (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫ّ‬ ‫محمد يونس (‪ .)٢٠٠4‬مدخل إلى‬ ‫ّ‬ ‫محمد‬
‫ّ‬ ‫علي‪،‬‬
‫المتحدة‪.‬‬
‫الكتاب الجديد ّ‬
‫‪- Davies, A., & Elder, C. (2004). The Handbook of Applied Linguistics. Oxford:‬‬
‫‪Blackwell Publishing.‬‬
‫‪- Simpson, J. (2011). The Routledge Handbook of Applied Linguistics. London‬‬
‫‪and New York: Routledge.‬‬

‫‪98‬‬
‫اللسان ّيات التطبيق ّية‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫جاسم‪ ،‬جاسم علي (‪« .)٢٠13‬علم اللغة التطبيقي في التراث العربي‪ :‬الجاحظ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نموذجا»‪ .‬مجلّة دراسات (المجلّد ‪ ،4٠‬العدد ‪.314-٢٩5 ،)٢‬‬ ‫ً‬
‫التواصلي في تعليم اللغات‪:‬‬
‫ّ‬ ‫محمد سعيد حسين (‪ .)٢٠1٧‬المنهج‬ ‫ّ‬ ‫الحالق‪ ،‬إيمان‬
‫ّ‬
‫أنموذجا‪( .‬رسالة ماجستير بإشراف أ‪ .‬د‪ .‬رشيد ّ‬
‫بوزيان)‪ .‬جامعة قطر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫العربية‬
‫ّ‬ ‫اللغة‬
‫العربي بين األصالة والتحديث‪.‬‬‫ّ‬ ‫عبد الحليم‪ ،‬حسين (‪ .)٢٠11‬صناعة المعجم‬
‫اللبنانية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫محمد أسعد النادري)‪ .‬الجامعة‬
‫ّ‬ ‫(رسالة ماجستير بإشراف أ‪ .‬د‪.‬‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬حسين عبد الحليم‬

‫‪99‬‬
‫التحليل التقابل ّي‬

‫التقابلي‬
‫ّ‬ ‫التحليل‬

‫والم�لّفات‬
‫ؤ‬ ‫وأهم األعالم‬
‫ّ‬ ‫ّأو ًال‪ -‬التعريف‬
‫والنفسية‬
‫ّ‬ ‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫النظريات‬
‫ّ‬ ‫يتبنّى «علم اللغة التطبيقي» )‪(Applied Linguistics‬‬
‫ّ‬
‫ويطبقها‪ ،‬لح ّل مشكلة تعليم اللغة (العصيلي‪ ،٢٠٠6 ،‬ص‪ ،)14‬ويعتمد‬ ‫ّ‬ ‫واالجتماعية‪،‬‬
‫ّ‬
‫أيضا في بعض مباحثه المقارنةَ بين اللغات (الراجحي‪ ،‬ال ت‪ ،.‬ص‪.)3٠-٧‬‬ ‫ً‬
‫ويندرج في علم اللغة التطبيقي ما يُطلَق عليه «علم اللغة التقابلي» أو «التحليل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التقاربي» (ص‪ ،)٩‬وهو قريب من علم اللغة المقارن (ياقوت‪ ،1٩85 ،‬ص‪.)٧‬‬
‫ّ‬
‫ويظهر بعض االضطراب في علم اللغة التقابلي‪ ،‬ومثله في علم اللغة المقارن‪ :‬أهو‬
‫ّ‬
‫معا؟ (ص‪.)1٠‬‬ ‫علم أم منهج؟ أهو موضوع أم طريقة للبحث؟ أم هو االثنان ً‬
‫العالمية الثانية (‪)1٩45-1٩3٩‬‬ ‫ّ‬ ‫علمية خالل الحرب‬ ‫ّ‬ ‫نشأ المنهج التقابلي بصورة‬
‫ّ‬
‫الخمسينيات‬
‫ّ‬ ‫في‬ ‫س‬‫ور‬
‫ُ ّ ُ ِ‬ ‫وم‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ط‬ ‫وقد‬ ‫‪.)٢٠٠8‬‬ ‫(الدهش‪،‬‬ ‫ة‬ ‫األميركي‬
‫ّ‬ ‫المتحدة‬
‫في الواليات ّ‬
‫البنيوي في تعليم اللغة‪ ،‬وتطبيق‬ ‫ّ‬ ‫ينيات من القرن العشرين َوفق تطبيق لعلم اللغة‬ ‫والست ّ‬
‫ّ‬
‫والسلوكية في‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫� األمر على‬ ‫السلوكي‪ .‬وهكذا اعتمد في باد ؤ‬ ‫لعلم النفس‬
‫ّ‬
‫األجنبية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سيما اللغة‬ ‫النظرة إلى طبائع اللغات وأساليب اكتسابها وتعليمها‪ ،‬وال ّ‬
‫وكان نعوم تشومسكي )‪ )1٩٢8( (Noam Chomsky‬قد أصدر كتابه األبنية‬
‫التوليدي والتحويلي»‪ ،‬بعد أن سيطر على‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النحوية عام ‪ً ،1٩5٧‬‬
‫معلنا والدة «النحو‬ ‫ّ‬
‫علم اللغة المنهج الوصفي المحض‪ ،‬وهكذا ظهرت محاوالت الستخدام هذا النحو‬
‫ّ‬
‫في «التحليل التقابلي» (إسماعيل‪ ،1٩٩4 ،‬ص‪.)8‬‬
‫ّ‬
‫ومن أبرز أقطاب المنهج التقابلي األميركيان روبرت الدو )‪(Robert Lado‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(‪-188٧‬‬ ‫‪(Charles‬‬ ‫‪Carpenter‬‬ ‫)‪Fries‬‬ ‫(‪ ،)1٩٩5 1٩15‬وتشارلز كاربنتر فرايز‬
‫‪100‬‬
‫التحليل التقابل ّي‬

‫األلسنيات عبر الثقافات‪ :‬علم‬


‫ّ‬ ‫ولألول كتاب‬
‫ّ‬ ‫‪( .)1٩6٧‬العصيلي‪ ،٢٠1٠ ،‬ص‪.)٢1‬‬
‫التطبيقي لمعلّمي اللغة‪ ،‬وهو أوضح في ارتباطه بالمنهج التقابلي‪ ،‬وللثاني‬
‫ّ‬ ‫اللغة‬
‫ّ‬
‫اإلنجليزية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلنجليزية‪ :‬مق ّدمة لصياغة الجمل‬
‫ّ‬ ‫كتاب بنية اللغة‬
‫منهجا لها‬
‫ً‬ ‫اللغوية التي اتّخذت من التحليل التقابلي‬
‫ّ‬ ‫ويقسم الباحثون الدراسات‬
‫ّ‬
‫ثالثةَ أقسام‪:‬‬
‫لغوي أو‬
‫ّ‬ ‫اهتمت بوصف جانب‬ ‫وصفية‪ ،‬وهي الدراسات التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫لغوية‬
‫‪ 1‬دراسات ّ‬
‫عملية مقارنة‬
‫ّ‬ ‫سهل‬
‫لغوية في لغة ما‪ .‬وهذا النوع من الدراسات ّ‬ ‫ع ّدة جوانب ّ‬
‫تلك اللغات باللغات األخرى في ضوء منهج التحليل التقابلي (الدهش‪،‬‬
‫ّ‬
‫‪ .)٢٠٠8‬ومن ذلك رصد المفردات التي اقتبستها لغة من أخرى‪ ،‬إذ ستقتبس‬
‫صت بها اللغة األخرى‪ ،‬وكانت من صميم حضاراتها أو‬ ‫دوا َّل على أمور اختُ ّ‬
‫أوروبا كلمات الزعفران‪،‬‬
‫ّ‬ ‫دينها أو طرائق عيشها‪ ،‬على نحو ما انتقلت إلى‬
‫والكمون‪...‬‬ ‫وصلي (النسيج)‪ ،‬والسكّر‪ ،‬والكافور‪ ،‬والقهوة‪،‬‬ ‫والليمون‪ ،‬والم ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫(ياقوت‪ ،‬ص‪.)٢1‬‬
‫‪ ٢‬دراسات قائمة على منهج التحليل التقابلي الخالص‪ ،‬وهي التي تُعنى بمقارنة‬
‫ّ‬
‫لهجتين من لغة ما أو أكثر‪ ،‬لتسليط الضوء على نقاط‬ ‫َ‬ ‫لغتين أو أكثر‪ ،‬أو‬
‫َ‬
‫التشابه واالختالف بينها‪ .‬ونحن ندرك أ ّن هذا‪ ،‬بتأصيله وتطوير أدواته‪ ،‬قد‬
‫المتخصصين فيه بالنفع الكثير‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات وعلى‬
‫ّ‬ ‫عاد على علم‬
‫اللغوية الناجمة عن تعلّم لغة ما‪ ،‬أو الترجمة‬
‫ّ‬ ‫‪ 3‬دراسات تتو ّخى تحليل األخطاء‬
‫منها وإليها (الدهش‪.)٢٠٠8 ،‬‬
‫مجديا‬
‫ً‬ ‫فعال باألخطاء‪ ،‬ويكون‬ ‫يتنبأ ً‬ ‫التقابلي يمكن أن ّ‬ ‫يرون أ ّن التحليل‬
‫وثمة من َ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التعليمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ومع ِّدي الموا ّد‬
‫الدراسية ُ‬
‫ّ‬ ‫ومصممي المناهج‬‫ّ‬ ‫للمعلّمين‪،‬‬
‫وخاص ًة في النحو‪ ،‬ولكنّه‬
‫ّ‬ ‫التنب ؤو باألخطاء‪،‬‬
‫أيضا من ي ّدعون أنّه ال يستطيع ّ‬ ‫وثمة ً‬
‫يوضح األخطاء فقط (جاسم وزيدان جاسم‪ ،٢٠٠1 ،‬ص‪ .)1٩‬ورأَوا أنّه ال‬ ‫يمكن أن ّ‬
‫التخصصات الجديدة‬ ‫ّ‬ ‫لغوية بحتة‪ ،‬وال ب ّد من‬ ‫يمكن فهم تعلّم اللغة من خالل دراسة ّ‬
‫نظاما‬
‫ً‬ ‫لتحليل األخطاء أو تحليل األداء أو دراسات اللغة‪ ،‬فالتحليل التقابلي ليس‬
‫ّ‬
‫تطبيق ًّيا! )‪.(Johansson, 2008, p. 10‬‬

‫‪101‬‬
‫التحليل التقابل ّي‬

‫ويرى معتدلون أنّه ال ب ّد من دمج التحليل التقابلي وتحليل األخطاء‪ ،‬وتكاملهما‬


‫ّ‬
‫عملية التعلّم‪ ،‬فلهما‬
‫ّ‬ ‫يزودا المعلم بنقد‬
‫أسلوبين يمكن أن ّ‬
‫َ‬ ‫ال تنافسهما‪ ،‬باعتبارهما‬
‫الحيوي في تفسير مشكالت التعلّم (جاسم‪ ،‬ص‪.)1٩‬‬ ‫ّ‬ ‫دورهما‬
‫والرأي الراجح لدى الباحثين أ ّن تحلي َل األخطاء أبر ُز ثمرات التحليل التقابلي‬
‫ّ‬
‫(المومني‪ ،٢٠٠٧ ،‬ص‪.)٧‬‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫مسميات ع ّدة‪ ،‬أبر ُزها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫لغتين أو أكثر‬
‫طلقت على الدراسات التي تُعنى بمقارنة َ‬ ‫ْ‬ ‫أُ‬
‫الدراسات التقابلية )‪ (Contrastive Studies‬دراسات اللغة التقابلية ‪(Contrastive‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التقابلية )‪ (Contrastive Linguistics‬الدراسات‬ ‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫)‪Language Studies‬‬
‫التقابلية التطبيقية )‪ (Applied Contrastive Studies‬الوصف التقابلي ‪(Contrastive‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معان عديدة ومختلفة‪ ،‬ولك ّل باحث‬ ‫ٍ‬ ‫)‪ .Description‬وهذه المصطلحات تد ّل على‬
‫الخاصة في استعمالها (الدهش‪٢٠٠8 ،‬؛ ياقوت‪ ،‬ص‪.)1٠‬‬ ‫ّ‬ ‫طريقته‬
‫ميز المنهج التقابلي في االصطالح‪ ،‬كما سنرى‪ ،‬بين اللغة المنقول منها‬ ‫وقد ّ‬
‫ّ‬
‫)‪ (Source Language‬واللغة المنقول إليها )‪.(Target Language‬‬
‫عما ينجم عن‬ ‫اللغوية )‪ّ (Linguistics Error Analysis‬‬
‫ّ‬ ‫وعبر بمصطلح تحليل األخطاء‬ ‫ّ‬
‫تعلّم لغة ما‪ ،‬أو الترجمة منها وإليها (الدهش‪.)٢٠٠8 ،‬‬
‫بمصطلحي النقل )‪ (Transfer‬والتد ّخل‬ ‫َ‬ ‫وعبر كذلك عن تأثير اللغة األولى في الثانية‬ ‫ّ‬
‫)‪ .(Johansson, 2008, p. 9) (Interference‬ويكون التد ّخل إيجاب ًّيا حين تفيد المعرفة‬
‫السابقة عمل التعلّم‪ ،‬وسلب ًّيا حين تتد ّخل ما ّدة سابقة بما ّدة الحقة بأ ْن تنقل إليها‬
‫ربطا خاط ًئا (محمود‪ ،٢٠٠٩ ،‬ص‪.)3٠‬‬ ‫أو ترتبط بها ً‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫مشتركتين في أصل واحد (ياقوت‪،‬‬
‫َ‬ ‫لغتين‪ ،‬ليستا‬
‫لغوية بين َ‬
‫التقابلي دراسة ّ‬ ‫التحليل‬
‫ّ‬
‫النحوية‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫الصوتية‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫معيارا مشتر ًكا للمقابلة‪ ،‬في الجوانب‬
‫ً‬ ‫لكن لهما‬
‫ّ‬ ‫ص‪،)٧‬‬
‫الثقافية (الراجحي‪ ،‬ص‪4٩‬؛ العصيلي‪ ،٢٠1٠ ،‬ص‪ ،)٢1‬وعلى الدراسة‬ ‫ّ‬ ‫الداللية‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫وغالبا‬
‫ً‬ ‫اللغتين (العسكري‪.)٢٠٠8 ،‬‬
‫أن تضيء على عناصر التشابه أو االختالف بين َ‬

‫‪102‬‬
‫التحليل التقابل ّي‬

‫ما تكون المقارنة بين اللغة األمّ للمتعلّم‪ ،‬واللغة الهدف التي يتعلّمها أو ينوي تعلّمها‬
‫(العصيلي‪ ،٢٠1٠ ،‬ص‪.)٢1‬‬
‫التنب ؤو بالصعوبات التي يتو ّقع أن يواجهها الدارسون لدى تعلّمهم‬
‫وهدف المقارنة ّ‬
‫تعليمية أفضل لهم )‪.(Johansson, p. 9‬‬
‫ّ‬ ‫أجنبية (العسكري‪ ،)٢٠٠8 ،‬وتقديم موا ّد‬
‫ّ‬ ‫لغة‬
‫وينص علم اللغة التقابلي على تأثير اللغة األمّ في تعلّم اللغة الثانية‪ ،‬ولهذا ينقل‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اللغوية من لغته األمّ إلى اللغة الثانية التي يتعلّمها‪ .‬وعندما يقوم هذا‬ ‫ّ‬ ‫المتعلّم عاداته‬
‫اللغتين‬‫أي مستوى من مستويات اللغة‪ ،‬يبدأ بوصف نظام ك ّل واحدة من َ‬ ‫العلم بدراسة ّ‬ ‫ُ‬
‫نظامي‬‫َ‬ ‫ثم يقابل بينهما‪ ،‬ويقوم بحصر أوجه التشابه واالختالف بين‬ ‫على حدة‪ّ ،‬‬
‫مثال‪ :‬توجد هذه األصوات في‬ ‫ثم ينتهي بنتائج البحث‪ ،‬فيقول ً‬ ‫المدروستين‪ّ ،‬‬
‫َ‬ ‫اللغتين‬
‫َ‬
‫اللغتين‪ ،‬وال توجد تلك األصوات في إحداهما؛ فاألصوات التي ال توجد في اللغة‬ ‫َ‬
‫تسبب‬ ‫اللغتين ال ّ‬
‫َ‬ ‫تسبب صعوبة في أثناء تعلّمها‪ ،‬واألصوات الموجودة في‬ ‫الثانية ّ‬
‫صعوبة في أثناء تعلّمها‪ ،‬ومن ثَ ّم ال ب ّد من اقتراح الطريقة المناسبة للعالج‪ ،‬ومن ذلك‬
‫نطقية (جاسم‪ ،‬ص‪.)٢8-٢6‬‬ ‫ّ‬ ‫كثرة التدريب على األصوات التي توجد فيها صعوبة‬
‫ذكرنا‪،‬‬ ‫ويُشار إلى تأثير اللغة األمّ في اللغة الهدف باسم النقل أو التد ّخل‪ ،‬كما ْ‬
‫ويكون التد ّخل إيجاب ًّيا حين تفيد المعرفة السابقة عمل التعلّم‪ ،‬بأن تكون اللغة‬
‫األمّ واللغة الهدف تشتركان في القاعدة نفسها‪ ،‬وهذا يجعل التعلّم أسهل (جاسم‪،‬‬
‫السويدية ميزة كبيرة في تعلّم اللغة‬
‫ّ‬ ‫للفنلنديين المتح ّدثين باللغة‬
‫ّ‬ ‫ص‪ .)18‬ومن ذلك أ ّن‬
‫بالفنلندية )‪ .(Johansson, p. 9‬ويكون التد ّخل‬
‫ّ‬ ‫بالفنلنديين الناطقين‬
‫ّ‬ ‫اإلنجليزية مقارن ًة‬
‫ّ‬
‫ربطا خاط ًئا‬‫سلب ًّيا حين تتد ّخل ما ّدة سابقة بما ّدة الحقة بأ ْن تنقل إليها أو ترتبط بها ً‬
‫(محمود‪ ،‬ص‪ ،)3٠‬عبر استخدام قاعدة في اللغة األمّ ؤتو ّدي إلى خطأ أو شكل غير‬
‫يتنبأ بها التحليل التقابلي‪ ،‬ويمكن‬ ‫مالئم في اللغة الهدف‪ .‬وهذه الصعوبات يمكن أن ّ‬
‫ّ‬
‫التعليمية في التحليل التقابلي لتقليل آثار التد ّخل (جاسم‪ ،‬ص‪.)18‬‬‫ّ‬ ‫استعمال الموا ّد‬
‫ّ‬
‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫األجنبية‪ ،‬وقواميس‬
‫ّ‬ ‫مدرسية لمتعلّمي اللغات‬
‫ّ‬ ‫المتخصصون بكتابة كتب‬
‫ّ‬ ‫عندما يقوم‬
‫األجنبية المراد تعلّمها‪ .‬وإ ّن‬
‫ّ‬ ‫عنصر للمقارنة بين اللغة األمّ واللغة‬
‫ٌ‬ ‫ثنائية اللغة‪ ،‬يبرز بانتظام‬
‫ّ‬
‫ضروري من أجل معرفة االستخدام الصحيح والمصطلح‬ ‫ّ‬ ‫إدراك هذه االختالفات أمر‬

‫‪103‬‬
‫التحليل التقابل ّي‬

‫ر�ية األشياء وسماعها بطرق مألوفة‪،‬‬ ‫األجنبية‪ .‬بدون هذا الوعي‪ ،‬نميل إلى ؤ‬
‫ّ‬ ‫عليه للّغة‬
‫َو ًفقا للمعايير التي نعرفها في لغتنا األمّ‪ .‬وهذا ليس مفاج ًئا )‪.(Johansson, p. 9-10‬‬
‫استفاد دارسو علم الترجمة من منهج التحليل التقابلي فائدة كبيرة‪ ،‬ولهذا َع ّد‬
‫ّ‬
‫أحمد مختار عمر مشكالت الداللة في الترجمة من الدرس التقابلي (عمر‪،٢٠٠6 ،‬‬
‫ّ‬
‫وتبين أ ّن اإللمام بأوجه التشابه واالختالف بين اللغة المنقول منها‬ ‫ّ‬ ‫ص‪.)٢51‬‬
‫)‪ (Source Language‬واللغة المنقول إليها )‪ (Target Language‬يجعل المترجم ً‬
‫قادرا‬
‫الحرفية للتراكيب والصيغ والدالالت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫على تجنّب الوقوع في أخطاء كثيرة كالترجمة‬
‫النص‪ ،‬الذي تُرا ُد ترجمته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫قادرا على اإلحاطة بجوانب‬‫ً‬ ‫وكذلك يجعل المترجم‬
‫النحوي أو المعجمي فحسب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫علمية شاملة ودقيقة‪ ،‬ال تستوعب المستوى‬ ‫ّ‬ ‫إحاط ًة‬
‫ّ‬
‫الموضوعية‪ .‬واستفاد ن ّقاد الترجمة‬
‫ّ‬ ‫بل تتع ّداهما إلى مستوى الخطاب ونوعه وظروفه‬
‫عملية نقد النصوص المنقولة‬‫ّ‬ ‫والخطي من منهج التحليل التقابلي في‬
‫ّ‬ ‫بش َّقيها الشفهي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من لغات أخرى وتحليلها وتقييمها‪ ،‬وتمكّنوا من اكتشاف مواطن ضعف النصوص‬
‫قوتها‪ ،‬واستطاعوا بلورة نماذج أو أنماط أو أقيسة لتقييم‬ ‫المترجمة واكتشاف مواطن ّ‬
‫تلك النصوص‪ ،‬والحكم على ترجمتها بالجودة أو الرداءة‪ ،‬وعلى مترجميها بالكفاءة‬
‫أو بعدمها (الدهش‪.)٢٠٠8 ،‬‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫تاريخي مقارن في‬
‫ّ‬ ‫العربية‪ :‬مدخل‬
‫ّ‬ ‫حجازي‪ ،‬محمود فهمي (‪ .)1٩٧3‬علم اللغة‬
‫السامية (ط‪ .)1‬الكويت‪ :‬وكالة المطبوعات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ضوء التراث واللغات‬
‫التقابلي (ط‪.)1‬‬
‫ّ‬ ‫التطبيقي في المجال‬
‫ّ‬ ‫زهران‪ ،‬البدراوي (‪ .)٢٠٠8‬علم اللغة‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القاهرة‪ :‬دار اآلفاق‬
‫اللغوي (ط‪ .)1‬القاهرة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫سلطان‪ ،‬أحمد طه حسانين (‪ .)1٩٩1‬في مناهج البحث‬
‫مكتبة وهبة‪.‬‬
‫اللغوي وتحليل‬
‫ّ‬ ‫محمد األمين (‪ .)1٩8٢‬التقابل‬
‫ّ‬ ‫صيني‪ ،‬محمود إسماعيل وإسحاق‬
‫األخطاء (ط‪ .)1‬الرياض‪ :‬جامعة الملك سعود‪.‬‬
‫‪- Fisiak, J. (1981). Contrastive Linguistics and the Language Teacher. Oxford:‬‬
‫‪Pergamon.‬‬

‫‪104‬‬
‫التحليل التقابل ّي‬

‫‪- James, C. (1980). Contrastive Analysis. London: Longman.‬‬


‫‪- J. P. B. Allen and S. Pit Corder (1974). Techniques in Applied Linguistics.‬‬
‫‪London: Oxford University Press.‬‬
‫‪- Lado, R. (1957). Linguistics across Cultures: Applied Linguistics for Language‬‬
‫‪Teachers. Ann Arbor: University of Michigan Press.‬‬
‫‪- ______ (1964). Language Teaching: A Scientific Approach. London: McGraw‬‬
‫‪Hill.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫واإلندونيسية على‬
‫ّ‬ ‫العربية‬
‫ّ‬ ‫تقابلية بين اللغة‬
‫ّ‬ ‫كولي‪ ،‬روستام (‪ .)1434‬دراسة‬
‫الطلبية‪( .‬رسالة ماجستير بإشراف جاسم علي جاسم)‪ .‬الجامعة‬
‫ّ‬ ‫مستوى الجملة‬
‫السعودية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلسالمية‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبخاص ٍة ما انتهى منها بعالمة*‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيضا قائمة مصادر المبحث ومراجعه‪،‬‬
‫راجع ً‬

‫مصادر المبحث ومراجعه‬


‫والماليزية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫العربية‬
‫ّ‬ ‫النحوي في اللغة‬
‫ّ‬ ‫محمد زين بن محمود (‪ .)1٩٩4‬النظام‬
‫إسماعيل‪ّ ،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪*.‬‬
‫ّ‬ ‫التقابلي‪( .‬أطروحة دكتوراه)‪ .‬جامعة‬
‫ّ‬ ‫دراسة في التحليل‬
‫«نظرية علم اللغة التقابلي في التراث‬
‫ّ‬ ‫جاسم‪ ،‬جاسم وزيدان (أيلول ‪.)٢٠٠1‬‬
‫ّ‬
‫العربي بدمشق (ع ‪ ،84-83‬السنة الحادية والعشرون)‪،‬‬‫ّ‬ ‫العربي»‪ .‬مجلّة التراث‬
‫ّ‬
‫‪.٢51-٢4٢‬‬
‫يومية‬
‫اللسانيات»‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫الدهش‪ ،‬علي يونس (‪« .)٢٠٠8‬منهج التحليل التقابلي في علم‬
‫ّ‬
‫تم االسترجاع في (‪ 11 ٢٠٢٠/6/٢٠‬ق‪ .‬ظ‪ ).‬من‪:‬‬ ‫إيالف‪ّ .‬‬
‫‪https://elaph.com/Web/Culture/2008/10/372610.html‬‬
‫العربية‪ .‬اإلسكندرية‪ :‬دار‬
‫ّ‬ ‫التطبيقي وتعليم‬
‫ّ‬ ‫الراجحي‪ ،‬عبده (ال ت‪ .).‬علم اللغة‬
‫الجامعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المعرفة‬
‫األجنبية»‪ .‬الحوار المتم ّدن (العدد‬
‫ّ‬ ‫العسكري‪ ،‬وعد (‪« .)٢٠٠8‬تعلّم اللغات‬
‫تم االسترجاع في (‪ 11 ٢٠٢٠/6/٢٠‬ق‪.‬ظ‪ ).‬من‪:‬‬ ‫‪ّ .)٢1٩٧‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=125435&r=0‬‬

‫‪105‬‬
‫التحليل التقابل ّي‬

‫المرحلية‬
‫ّ‬ ‫العصيلي‪ ،‬عبد العزيز بن إبراهيم (‪ .)٢٠1٠‬مناهج البحث في اللغة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫محمد بن سعود‬
‫ّ‬ ‫األجنبية‪ .‬الرياض‪ :‬جامعة اإلمام‬
‫ّ‬ ‫لمتعلّمي اللغات‬
‫محمد بن‬
‫ّ‬ ‫النفسي (ط ‪ .)1‬الرياض‪ :‬جامعة اإلمام‬
‫ّ‬ ‫______ (‪ .)٢٠٠6‬علم اللغة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سعود‬
‫عمر‪ ،‬أحمد مختار (‪ .)٢٠٠6‬علم الداللة (ط ‪ .)6‬القاهرة‪ :‬عالم الكتب‪.‬‬
‫والماليوية‪ .‬القاهرة‪ :‬مطبعة‬
‫ّ‬ ‫العربية‬
‫ّ‬ ‫النحوي في‬
‫ّ‬ ‫محمد (‪ .)٢٠٠٩‬النظام‬ ‫ّ‬ ‫محمود‪،‬‬
‫محمد زين بن الحاج‪*.‬‬ ‫ّ‬ ‫الحاج‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫تقابلية‪ :‬االستفهام بين‬
‫ّ‬ ‫لسانيات‬
‫ّ‬ ‫المومني‪ ،‬أسماء أحمد (‪.)٢٠٠٧‬‬
‫ِ‬
‫ندي‪*.‬‬
‫عمان‪ :‬دار الك ّ‬‫واإلنجليزية‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫تطبيقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التقابلي‪ :‬دراسة‬
‫ّ‬ ‫ياقوت‪ ،‬أحمد سليمان (‪ .)1٩85‬في علم اللغة‬
‫الجامعية‪*.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلسكندرية‪ :‬دار المعرفة‬
‫ّ‬
‫‪- Johansson, Stig (2008). Contrastive Analysis and Learner Language:‬‬
‫‪A Corpus-Based Approach. Oslo: University of Oslo.‬‬

‫إعداد‪ :‬د‪ .‬أيمن القادري‬

‫‪106‬‬
‫اللسان ّيات المقارنة‬

‫اللسانيّات المقارنة‬

‫ّأو ًال‪ -‬تعريفات وأعالم‬


‫)‪(Comparative Linguistics‬‬ ‫اللسانيات المقارنة‬
‫ّ‬ ‫علم اللغة المقارن أو‬
‫يدرس ُ‬
‫والداللية)‪ ،‬ويهدف إلى‬
‫ّ‬ ‫وية‪،‬‬
‫والنح ّ‬
‫ْ‬ ‫والصرفية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(الصوتية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اللغةَ من مختلف جوانبها‬
‫لغوية‬
‫الكشف عن أصل اللغة األمّ من خالل مقارنة اللغات التي تنتمي إلى أسرة ّ‬
‫واحدة (توفيق ويونس‪ ،٢٠1٠ ،‬ص‪ ،)15‬في حين يُعنى علم اللغة التقابلي باللغات‬
‫ّ‬
‫التي تنتسب إلى أ ُ َسر ّ‬
‫لغوية مختلفة‪.‬‬
‫وقد تمكّن علماء اللغة من بحث «فصائل اللغات»‪ ،‬وقاموا بتقسيمها إلى أصول‬
‫مثال‪ ،‬يقارن بين‬‫السامية‪ً ،‬‬
‫ّ‬ ‫لغوية مشتركة؛ فعلم اللغات‬ ‫ّ‬ ‫خصائص‬
‫َ‬ ‫وأ ُ َسر‪ ،‬بناءً على‬
‫الهندية‬
‫ّ‬ ‫والحبشية؛ وعلم اللغات‬
‫ّ‬ ‫والعربية‬
‫ّ‬ ‫والعبرية‬
‫ّ‬ ‫واآلرامية‬
‫ّ‬ ‫والكنعانية‬
‫ّ‬ ‫األكادية‬
‫ّ‬
‫والهندية‪...‬‬
‫ّ‬ ‫واإليرانية‬
‫ّ‬ ‫والسالفية‬
‫ّ‬ ‫والجرمانية‬
‫ّ‬ ‫والرومانية‬
‫ّ‬ ‫اليونانية‬
‫ّ‬ ‫األوروبية يقارن بين‬
‫ّ‬
‫مثال‪ ،‬يقارن‬
‫الجرمانية المقارن‪ً ،‬‬
‫ّ‬ ‫علم مقارن؛ فعلم اللغات‬ ‫ولك ّل فرع من هذه اللغات ٌ‬
‫والدنماركية‪ .‬وهكذا دوال َْيك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫واإلنكليزية‬
‫ّ‬ ‫األلمانية‬
‫ّ‬ ‫بين‬
‫منهج تاريخي تأصيلي‪ ،‬يسعى إلى رصد نقاط‬ ‫ٌ‬ ‫من هنا‪ ،‬فإ ّن منهج علم اللغة المقارن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لغوية واحدة‪ ،‬في سبيل مالحظة‬ ‫اللغوية المنتمية إلى أسرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫االلتقاء والتقاطع بين الظواهر‬
‫واطرد تباد ُل قوانينه‬
‫النحوية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الصرفية‪ ،‬وتراكيبه‬
‫ّ‬ ‫التأثّر والتأثير‪« ،‬فما تَشاب َه منها في بُناه‬
‫وإال فهو خارج هذه األسرة» (عمايرة‪ ،1٩٩٢ ،‬ص‪.)4٩‬‬ ‫الصوتية‪ُ ،‬ع ّد من أسرة واحدة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫رات كثيرة‪ ،‬فبعد أن كان يُعنى بالنحو ومسائله‪،‬‬ ‫تغي ٍ‬
‫اللساني المقارن ّ‬ ‫وقد شهد المنهج‬
‫ّ‬
‫أثرين‪...‬‬
‫األدبية بين َ‬
‫ّ‬ ‫وصوال إلى المقارنة‬
‫ً‬ ‫تطور ليشمل اللهجات‪،‬‬ ‫ّ‬
‫التاريخية‪ ،‬وكان يُعرف‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫ُصنّف هذا المنهج في العام ‪ 186٠‬ضمن إطار‬

‫‪107‬‬
‫اللسان ّيات المقارنة‬

‫سابقا بمنهج النحو المقارن‪ .‬وكان جونز )‪ (Jones‬م َّه َد للمنهج المقارن بدراسات‬ ‫ً‬
‫واليونانية‬
‫ّ‬ ‫الالتينية‬
‫ّ‬ ‫والفارسية القديمة‪ ،‬وبين‬
‫ّ‬ ‫السنسكريتية‬
‫ّ‬ ‫القوية بين‬
‫ّ‬ ‫لغوية عن العالقة‬ ‫ّ‬
‫وبين لودولف )‪ (Ludolf‬التقارب بين اللغة‬ ‫والجرمانية (باي‪ ،1٩٩8 ،‬ص‪ّ .)٢3٢‬‬ ‫ّ‬
‫التطور‬
‫ّ‬ ‫نظرية‬
‫ّ‬ ‫ووظف راسك )‪(Rask‬‬ ‫واالستمرارية القائمة بينهما‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫واألمهرية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلثيوبية‬
‫ّ‬
‫اإلسكندنافية‪ .‬ومن العلماء األلمان‬
‫ّ‬ ‫اإلسلندية التي انبثقت عنها اللغة‬
‫ّ‬ ‫كي ؤيو ّصل اللغة‬
‫أرسوا أصول النحو المقارن ومناهجه‪ :‬شليغل )‪ ،(Schlegel‬وغريم )‪،(Grimm‬‬ ‫الذين َ‬
‫وشاليخر )‪ ،(Shleisher‬وهمبولت )‪...(Humboldt‬‬
‫طالب جامعة اليبزغ )‪ :(Leipzig‬أ‪ .‬أسكولي‪ ،‬أ‪ .‬ليسكين‪،‬‬ ‫وقد وقف النُّحاة الجدد‪ّ ،‬‬
‫والماورائية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الفلسفية‬
‫ّ‬ ‫«التاريخانية» المغرقة في االفتراضات‬
‫ّ‬ ‫دو سوسور‪ ،...‬ض ّد‬
‫� المذهب الوضعي والمنهج‬ ‫الصوتية‪ ،‬ومنادين بمباد ؤ‬
‫ّ‬ ‫مش ّددين على ّاطراد القوانين‬
‫ّ‬
‫التجريبي (بافو وسرفاتي‪ ،٢٠1٢ ،‬ص‪.)4٢-16‬‬
‫ّ‬
‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫تتغير‪،‬‬
‫متصرفة‪ ،‬فبنية الكلمات فيها ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللغات العازلة )‪ :(Isolantes‬لغات غير‬
‫وأصولها ال تُلصق بها حروف زائدة‪ ،‬ال قبلها وال بعدها‪ ،‬وليس بين أجزاء تراكيبها‬
‫ِصالت (الصالح‪ ،1٩86 ،‬ص‪.)45‬‬
‫وصلية تمتاز بالسوابق )‪ (Préfixes‬أو اللواحق‬‫ّ‬ ‫اإللصاقية )‪ :(Affixantes‬لغات‬
‫ّ‬ ‫اللغات‬
‫فتغير معناه وعالقته بما عداه من أجزاء التركيب‬ ‫)‪ (Suffixes‬التي تربط األصل‪ّ ،‬‬
‫(ص‪.)46‬‬
‫تتغير أبنيتها بتغ ُّير المعاني‪ ،‬وتُحلَّل‬
‫ّ‬ ‫التصريفية )‪ :(Flexionnelles‬لغات‬
‫ّ‬ ‫اللغات‬
‫أجزا�ها المترابطة في ما بينها بروابط تد ّل على عالقاتها (ص‪.)46‬‬ ‫ؤ‬
‫� التي تعكس‬ ‫المنهجية للقواعد والمباد ؤ‬
‫ّ‬ ‫القانون الصوتي )‪ :(Phonetic Law‬الصياغة‬
‫ّ‬
‫الصوتية ال‬
‫ّ‬ ‫والقوانين‬ ‫ص‪.)88‬‬ ‫‪،٢٠18‬‬ ‫(النوري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عام‬ ‫بشكل‬ ‫ة‬ ‫الصوتي‬
‫ّ‬ ‫التغيرات‬
‫ّ‬
‫معينة من اللغات (السعران‪ ،‬ال ت‪ ،.‬ص‪.)٢55‬‬ ‫تصدق ّإال على تاريخ مجموعة ّ‬
‫اللغوي )‪ :(Language Shift‬التب ّدالت التي خضعت لها الصوامت‪ ،‬كاالنتقال‬ ‫ّ‬ ‫التحول‬
‫ّ‬
‫(كريدية‪ ،٢٠1٠ ،‬ص‪.)3٧‬‬ ‫ّ‬ ‫الجرمانية‬
‫ّ‬ ‫من ‪ P‬إلى ‪ F‬في‬
‫اللغوي مقاربة بين كلمات‬
‫ّ‬ ‫الصوتية )‪ :(Phonetic Relationship‬عندما يُجري‬ ‫ّ‬ ‫القرابة‬

‫‪108‬‬
‫اللسان ّيات المقارنة‬

‫ولكن العالقات القائمة‬


‫ّ‬ ‫مصوتاتها قواسم مشتركة؛‬ ‫ّ‬ ‫من لغات مختلفة يتجلّى في‬
‫االطراد الصوتي (السعران‪،‬‬ ‫المصوتات هي في الغالب مضطربة‪ ،‬وتخالف ّ‬ ‫ّ‬ ‫بين هذه‬
‫ّ‬
‫ص‪.)٢55-٢54‬‬
‫الوراثية‬
‫ّ‬ ‫اللغوية )‪ :(Stemma‬ثمرة جهد شاليخر‪ .‬هي شجرة القرابة‬ ‫ّ‬ ‫شجرة العائلة‬
‫اللغوية‪ ،‬انطال ًقا من رسم الروابط بين «اللغة األمّ»‬
‫ّ‬ ‫التفرعات‬
‫ّ‬ ‫تبين‬
‫بين اللغات‪ّ ،‬‬
‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫و«اللغات البنات»‪ .‬وهي تسمح بتت ُّبع الترتيب التاريخي الدا ّل على الوراثة‬
‫ّ‬
‫(بافو وسرفاتي‪ ،‬ص‪.)4٠٩‬‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫لغتين أو أكثر من اللغات التي تنتمي إلى أسرة واحدة‪ ،‬ويقارنهما‬ ‫المقارن في َ‬
‫ِ‬ ‫ينظر‬
‫والداللية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والنحوية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والصرفية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الصوتية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫من حيث ما يتشابهان فيه من النواحي‬
‫وبخاصة في الكلمات المتقاربة المعنى‪ ،‬كاألعداد‪ ،‬وأسماء‬ ‫ّ‬ ‫االطراد الصوتي‪،‬‬‫يدرس ّ‬
‫ّ‬
‫أعضاء الجسم اإلنساني‪ .‬إ ّن بنية الكلمات المتشابهة المعاني في اللغات تد ّل على‬
‫ّ‬
‫وجود عالقة بين هذه اللغات‪.‬‬
‫المقارن إلى شكل َي ُع ّده الشك َل األصلي لهذه المجموعة من الكلمات التي‬ ‫ِ‬ ‫يصل‬
‫ّ‬
‫األصلية (اللغة الوالدة) التي‬
‫ّ‬ ‫قامت بينها المقارنة‪ ،‬فيتمكّن من تحديد اللغة األمّ‬
‫قارن بها‪.‬‬
‫تفرعت منها سائر اللغات التي تُ َ‬‫ّ‬
‫محاولة لتشكيل صورة لغة‬ ‫ٍ‬ ‫األثرية المكتوبة‪ ،‬في‬ ‫المقارن بالنقوش‬
‫ِ‬ ‫وقد يستعين‬
‫ّ‬
‫العامية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫رابطا بين اللغة المكتوبة ولهجاتها‬ ‫أصابها االنقراض‪ ،‬وإعادة بنائها‪ً ،‬‬
‫(السعران‪ ،‬ص‪)٢58-٢45‬‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫المقارنة‪ ،‬أو بين اللغة الواحدة ولهجاتها (مخارج‬
‫َ‬ ‫الصوتية بين اللغات‬
‫ّ‬ ‫دراسة الظواهر‬
‫الصوتية‪ ،)...‬والخروج بنتائج وتوصيات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الحروف الصوامت الصوائت المقاطع‬
‫المقارنة‪ ،‬أو بين اللغة الواحدة ولهجاتها (طريقة‬
‫َ‬ ‫الصرفية بين اللغات‬
‫ّ‬ ‫دراسة الظواهر‬
‫االشتقاق تصريف الفعل أزمنة األفعال تأنيث االسم أشكال الجمع‪،)...‬‬
‫والخروج بنتائج وتوصيات‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫اللسان ّيات المقارنة‬

‫المقارنة‪ ،‬أو بين اللغة الواحدة ولهجاتها‬


‫َ‬ ‫وية بين اللغات‬‫النح ّ‬
‫ْ‬ ‫دراسة الظواهر‬
‫(تركيب الجملة الحذف في عناصرها التقديم والتأخير فيها تأثير كلمات‬
‫نظرية العامل‪ ،)..‬والخروج بنتائج وتوصيات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫في جاراتها‪/‬‬
‫المقارنة‪ ،‬أو بين اللغة الواحدة‬
‫َ‬ ‫الداللية بين اللغات‬
‫ّ‬ ‫المعجمية‬
‫ّ‬ ‫دراسة الظواهر‬
‫ولهجاتها (تغ ُّير المعنى المجاز الترادف االشتراك اللفظي التضاد‪،)..‬‬
‫ّ‬
‫والخروج بنتائج وتوصيات‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫اللسانية الكبرى‪ :‬من النحو‬
‫ّ‬ ‫النظريات‬
‫ّ‬ ‫بافو‪ ،‬ماري آن وجورج إليا سرفاتي (‪.)٢٠1٢‬‬
‫العربية للترجمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المنظمة‬
‫ّ‬ ‫محمد الراضي‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الذرائعية (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المقارن إلى‬
‫باي‪ ،‬ماريو (‪ .)1٩٩8‬أسس علم اللغة (ط‪ ،)8‬تر‪ .‬أحمد مختار عمر‪ .‬القاهرة‪ :‬عالم‬
‫الكتب‪.‬‬
‫العربية واللغات‬
‫ّ‬ ‫ومحمد يونس (‪ .)٢٠1٠‬محاضرات في‬ ‫ّ‬ ‫محمد صالح‬ ‫ّ‬ ‫توفيق‪،‬‬
‫والشرقية‪ .‬القاهرة‪ :‬دار العلوم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السامية‬
‫ّ‬
‫والتاريخي‬
‫ّ‬ ‫الوصفي‬
‫ّ‬ ‫حسنين‪ ،‬صالح الدين (‪ .)1٩84‬دراسات في علم اللغة‬
‫والمقارن (ط‪ .)1‬الرياض‪ :‬دار العلوم للطباعة والنشر‪.‬‬
‫العربي‪ .‬بيروت‪ :‬دار النهضة‬
‫ّ‬ ‫�‬
‫السعران‪ ،‬محمود (ال ت‪ .).‬علم اللغة‪ :‬مق ّدمة للقار ؤ‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬
‫اللسانية (ط‪ .)1‬القاهرة‪ :‬المكتبة‬
‫ّ‬ ‫شنوقة‪ ،‬السعيد (‪ .)٢٠٠8‬مدخل إلى المدارس‬
‫األزهرية للتراث‪.‬‬
‫ّ‬
‫العربية (ط‪ .)11‬بيروت‪ :‬دار‬‫ّ‬ ‫الصالح‪ ،‬صبحي (‪ .)1٩86‬دراسات في فقه اللغة‬
‫العلم للماليين‪.‬‬
‫اللغوي‬
‫ّ‬ ‫التواب‪ ،‬رمضان (‪ .)1٩٩٧‬المدخل إلى علم اللغة ومناهج البحث‬ ‫عبد ّ‬
‫(ط ‪ .)3‬القاهرة‪ :‬مكتبة الخانجي‪.‬‬
‫عمان‪:‬‬‫اللغوية (ط‪ّ .)٢‬‬
‫ّ‬ ‫عمايرة‪ ،‬إسماعيل أحمد (‪ .)1٩٩٢‬المستشرقون والمناهج‬
‫حنين‪.‬‬ ‫دار ُ‬
‫رواد وأعالم (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬ال دار نشر‪.‬‬ ‫األلسنية‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫كريدية‪ ،‬هيام (‪.)٢٠1٠‬‬ ‫ّ‬
‫‪110‬‬
‫اللسان ّيات المقارنة‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫العربي‪ .‬بيروت‪ :‬دار‬
‫ّ‬ ‫عقال‪ :‬من خالل اللسان‬ ‫حاطوم‪ ،‬أحمد (‪ .)1٩٩1‬اللغة ليست ً‬
‫الفكر اللبناني‪.‬‬
‫ّ‬
‫العربية واللغة‬
‫ّ‬ ‫لغوية مقارنة بين اللغة‬ ‫ّ‬ ‫الراهب‪ ،‬سميرة (‪ .)1٩٩3‬دراسات‬
‫السامية (أطروحة دكتوراه بإشراف د‪ .‬إلياس‬ ‫ّ‬ ‫الفينيقية في ضوء اللغات‬
‫ّ‬ ‫الكنعانية‪:‬‬
‫ّ‬
‫بيطار)‪ .‬جامعة دمشق‪.‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫والتحويلية وقواعد اللغة‬
‫ّ‬ ‫التوليدية‬
‫ّ‬ ‫األلسنية‬
‫ّ‬ ‫زكريا‪ ،‬ميشال (‪.)1٩86‬‬ ‫ّ‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬
‫(ط‪ .)٢‬بيروت‪ :‬ؤ‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫صرفية في اللغة‬
‫ّ‬ ‫وصوتية‬
‫ّ‬ ‫صوتية‬
‫ّ‬ ‫محمد جواد (‪ .)٢٠18‬دراسة‬ ‫ّ‬ ‫النوري‪،‬‬
‫العلمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بيروت‪ :‬دار الكتب‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬علي ناصر الدين‬

‫‪111‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫النصيّة التداوليّة‬
‫ّ‬ ‫اللسانيّات‬

‫الم�لّفات‬
‫ّأو ًال‪ -‬التعريف‪ ،‬األعالم‪ ،‬ؤ‬
‫النص‪ ،‬حق ٌل معرفي جديد‪،‬‬ ‫النص ّية )‪ ،(Linguistique textuelle‬أو علم ّ‬ ‫اللسانيات ّ‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫اللسانية المعاصرة‬ ‫ّ‬ ‫سبعينيات القرن العشرين‪ ،‬أفا َد من الدراسات‬ ‫ّ‬ ‫تكو َن بالتدريج في‬ ‫ّ‬
‫مقوالت جديدة تقوم على أساس‬ ‫ٍ‬ ‫وأسس عليها‬ ‫واألسلوبية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫والبنيوية‬
‫ّ‬ ‫كلسانيات الجملة‬
‫ّ‬
‫النص أنّها متداخلة االختصاصات‪،‬‬ ‫لسانيات ّ‬ ‫ّ‬ ‫أهم خصائص‬ ‫التداولي‪ .‬ومن ّ‬ ‫التحليل‬
‫ّ‬
‫ترتكز على ع ّدة علوم‪ ،‬وتتأثّر بالمناهج واألدوات والمقوالت التي تقوم هذه العلوم‬
‫ضرورية ومتكاملة‬ ‫ّ‬ ‫مكونات‬
‫أيضا أ ّن «اللغة ترتكز على ثالثة ّ‬ ‫عليها‪ .‬ومن خصائصها ً‬
‫هي‪ :‬التركيب‪ ،‬والداللة‪ ،‬والوظيفة‪ .‬أضف إلى ذلك‪ ،‬أ ّن للّغة ثالثة مظاهر‪ :‬مظهر‬
‫خطابي‪ ،‬ومظهر تواصلي‪ ،‬ومظهر اجتماعي» (حمداوي‪ ،٢٠15 ،‬ص‪.)٧‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اللغوي المعاصر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والتحليل التداولي للخطاب مجا ٌل معرفي من مجاالت البحث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«يُعنى بدراسة التواصل بين المتكلّم والمتل ّقي‪ ،‬أو بمعنى آخر يُعنى بدراسة الرموز التي‬
‫معينة دون‬
‫رموز ّ‬ ‫ٍ‬ ‫الموثّرة في اختيار‬
‫عملية التواصل‪ ،‬والعوامل ؤ‬ ‫ّ‬ ‫يستخدمها المتكلّم في‬
‫والمخاطب في‬
‫َ‬ ‫أخرى‪ ،‬والعالقة بين الكالم وسياق حاله‪ ،‬وأثر العالقة بين المتكلّم‬
‫البراغماتية» (بعلبكي‪ ،1٩٩٠ ،‬ص‪ .)3٩٠‬وأوسع‬ ‫ّ‬ ‫بالتداولية أو‬
‫ّ‬ ‫الكالم‪ ،‬وهذا يُعرف‬
‫القصدي‪ .‬وعليه‪ ،‬فإنّها تنطوي على تفسير‬ ‫ّ‬ ‫للتداولية «أنّها دراسة الفعل اإلنساني‬ ‫ّ‬ ‫تفسي ٍر‬
‫ّ‬
‫المركزية‬
‫ّ‬ ‫معين‪ .‬وبناءً على هذا‪ ،‬ينبغي على المفاهيم‬ ‫أفعال يُفترض القيام بها إلنجاز غرض ّ‬
‫وفعال‪ .‬وإذا افترضنا أ ّن الوسائل و‪ /‬أو‬ ‫ً‬ ‫وخط ًة‬ ‫ّ‬ ‫تتضمن اعتقا ًدا وقص ًدا‬ ‫ّ‬ ‫التداولية أن‬
‫ّ‬ ‫في‬
‫ِ‬
‫جميعها‪،‬‬ ‫التداولية تستأثر لتشتمل على وسائل التواصل‬ ‫الغايات تنطوي على تواصل‪ ،‬فإ ّن‬
‫ّ‬
‫الرمزية» (يول‪ ،٢٠1٠ ،‬ص‪.)13٧‬‬ ‫ّ‬ ‫الشفاهية وغير‬ ‫ّ‬ ‫التقليدية وغير‬
‫ّ‬ ‫بما فيها الوسائل غير‬

‫‪112‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫التحليلية مع األميركي‬
‫ّ‬ ‫التداولية إلى اتّجاه الفلسفة‬
‫ّ‬ ‫وترجع جذور مصطلح‬
‫ّ‬
‫موريس )‪ ،)1٩٧٩-1٩٠1( (Ch. W. Morris‬عنى به عالقة العالمات بمستعمليها‬
‫اإلنكليزي أوستن )‪)1٩6٠-1٩11( (J. L. Austin‬‬
‫ّ‬ ‫أسس‬‫(أرمينكو‪ ،1٩8٧ ،‬ص‪)6‬؛ ثم ّ‬
‫تداولية «أفعال الكالم»‪ ،‬في كتابه كيف نصنع األشياء بالكلمات؟ (‪-1٩55‬‬
‫ّ‬ ‫بعده‬
‫أهم بحوثه «المنطق‬
‫‪)1٩6٢‬؛ وكرايس )‪ ،)1٩88-1٩13( (H. P. Grice‬ومن ّ‬
‫القصدية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫مولّف كتاب‬
‫ثم جاء سيرل )‪ ،)1٩3٢( (J. R. Searle‬ؤ‬ ‫والحوار» (‪ّ .)1٩6٧‬‬
‫النظرية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بحث في فلسفة العقل (‪ّ ،)1٩83‬‬
‫فطور هذه‬
‫العربية هو د‪ .‬طه عبد الرحمن‪ ،‬في كتابه‬
‫ّ‬ ‫التداولية في‬
‫ّ‬ ‫ّأو ُل َم ِن استعمل مصطلح‬
‫في أصول الحوار وتجديد علم الكالم (‪ ،٢٠٠٠‬ص‪ ،)٢8‬حيث قال‪« :‬وقد َ‬
‫وقع‬
‫مقابال للمصطلح «براغماتيقا» ألنّه‬
‫ً‬ ‫التداوليات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اختيارنا منذ ‪ 1٩٧٠‬على مصطلح‬ ‫ُ‬
‫معا»‪.‬‬
‫معنيين‪« :‬االستعمال»‪ ،‬و«التفاعل» ً‬
‫يوفي المطلوب ح ّقه‪ ،‬باعتبار داللته على َ‬
‫التداولية والثورة التي جاءت بها في تعاملها مع‬
‫ّ‬ ‫النص من مفاهيم‬
‫علم ّ‬‫لقد أفاد ُ‬
‫للتطور‪ ،‬إضاف ًة إلى قدرته على استيعاب علوم‬
‫ّ‬ ‫متحركة وقابلة‬
‫ّ‬ ‫نظرية‬
‫ّ‬ ‫اللغة‪ ،‬ما جعله‬
‫التداولية‪ ،‬وأعداد أعالمها‪ ،‬ابتداءً‬
‫ّ‬ ‫تنوع مفاهيم‬
‫متع ّددة ومختلفة‪ ،‬وأ ّدى ذلك إلى ّ‬
‫البراغماتية؟» (عبد‬
‫ّ‬ ‫من بيرس )‪ (Peirce‬في مقال نشره عام ‪ ،1٩٠5‬بعنوان «ما هي‬
‫السالم‪ ،٢٠14 ،‬ص‪.)1٠6‬‬
‫التداولية‪ ،‬إلى أ ّن العديد من األلفاظ لن تجد تفسيرها في‬
‫ّ‬ ‫عراب‬
‫وذهب كرايس‪ّ ،‬‬
‫يميز هذا المنهج‬ ‫تداولي‪ .‬ورأى أ ّن ما ّ‬ ‫المنهج الداللي‪ ،‬ولكن في منهج تحادثي أو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتوصل إلى مجموعة من االستدالالت عن‬ ‫ّ‬ ‫السامع‬ ‫ينبري‬ ‫أن‬ ‫ة‪،‬‬‫االستداللي‬
‫ّ‬ ‫هو طبيعته‬
‫المعنى الذي قص َده المتكلّم‪ ،‬اعتما ًدا على معنى ما قاله المتكلّم‪ ،‬وعلى االفتراضات‬
‫العامة التي يحرص المتكلّم عاد ًة على اتّباعها‬
‫التواصلية ّ‬
‫ّ‬ ‫�‬
‫السياقية والمباد ؤ‬
‫ّ‬ ‫المسبقة أو‬
‫ّ‬
‫في أثناء المحادثة‪ ،‬وبهذا يصل السامع إلى «تضمينات» ما قاله المتكلّم (يول‪ ،‬ص‪.)13‬‬
‫وهدف أوستن‪ ،‬في «محاضرات وليم جيمس» في جامعة هارفرد (‪ ،)1٩55‬إلى‬ ‫َ‬
‫وتحولت هذه المحاضرات إلى‬ ‫ّ‬ ‫تأسيس اختصاص فلسفي جديد هو فلسفة اللغة‪،‬‬
‫ّ‬
‫اللسانية (عبد السالم‪ ،‬ص‪ .)1٠6‬وتمحورت جهود أوستن في الدرس‬ ‫ّ‬ ‫التداولية‬
‫ّ‬ ‫نواة‬
‫التداولية‬
‫ّ‬ ‫آليات المقاربة‬‫آلي ًة من ّ‬
‫الكالمية» التي أصبحت ّ‬
‫ّ‬ ‫نظرية «األفعال‬
‫التداولي على ّ‬
‫ّ‬
‫النظرية من «أ ّن ك ّل ملفوظٍ‬
‫ّ‬ ‫مركزية في كثير من أعمالها‪ .‬وتنطلق هذه‬
‫ّ‬ ‫للنصوص‪ ،‬ونوا ًة‬

‫‪113‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫نشاطا ما ّد ًّيا‬
‫ً‬ ‫وفضال عن ذلك‪ ،‬يُ َع ّد‬ ‫ً‬ ‫تأثيري‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إنجازي‬
‫ّ‬ ‫شكلي داللي‬ ‫ٍّ‬ ‫ينهض على نظامٍ‬
‫ّ‬
‫إنجازية (كالطلب واألمر والوعد والوعيد‪،)...‬‬ ‫ّ‬ ‫ض‬
‫قولية لتحقيق أغرا ٍ‬ ‫أفعاال ّ‬ ‫يتوسل ً‬ ‫نحو ًّيا ّ‬
‫تخص ردو َد فعل المتل ّقي (كالرفض والقبول)؛ ومن ثَ ّم فهو فع ٌل يطمح‬ ‫ّ‬ ‫تأثيرية‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫وغايات‬
‫شيء ما»‬ ‫موسسات ًّيا‪ ،‬ومن ثَم إنجاز ٍ‬
‫ّ‬ ‫خاطب‪ ،‬اجتماع ًّيا أو ؤ ّ‬ ‫الم َ‬ ‫إلى أن يكون ذا تأثي ٍر في ُ‬
‫الكالمية‪ :‬أفعال‬ ‫ّ‬ ‫نوعين من األفعال‬ ‫ميز أوستن بين َ‬ ‫(صحراوي‪ ،٢٠٠5 ،‬ص‪ .)4٠‬وقد ّ‬
‫إخبارية‪ ،‬وهي أفعال تصف وقائع العالم الخارجي‪ ،‬وتكون صادقة أو كاذبة؛ وأفعال‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ق أو كذب‪ ،‬بل‬ ‫توصف بصد ٍ‬ ‫نج ُز بها‪ ،‬في ظروف مالئمة‪ ،‬أفعا ٌل أو تُ ؤو ّدى‪ ،‬وال َ‬ ‫أدائية‪ ،‬تُ َ‬ ‫ّ‬
‫والوصية‪ ،‬واالعتذار‪ ،‬والرهان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تكون «موفّقة» أو «غير موفّقة»‪ ،‬ويدخل فيها التسمية‪،‬‬
‫اإلنجازية‬
‫ّ‬ ‫قوتها‬ ‫س من ّ‬ ‫الكالمية على أسا ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ف أوستن األفعال‬ ‫والنُّصح‪ ،‬والوعد‪ .‬وصنّ َ‬
‫التعهد‪ ،‬وأفعال السلوك‪،‬‬ ‫خمسةَ أصناف وهي‪ :‬أفعال األحكام‪ ،‬وأفعال القرارات‪ ،‬وأفعال ّ‬
‫وأفعال اإليضاح (نحلة‪ ،٢٠٠٢ ،‬ص‪ .)46 ،44-43‬وانطال ًقا من ذلك‪ ،‬رأى أ ّن أفعا َل‬
‫األساسية ليست إيصال‬ ‫ّ‬ ‫الوظيفية‪ ،‬وأ ّن وظيفة اللغة‬ ‫ّ‬ ‫التداولية‬
‫ّ‬ ‫آليات‬‫آليةٌ من ّ‬ ‫الكالم ّ‬
‫مو ّسسة تتك ّفل بتحويل األقوال التي تصدر‬ ‫المعلومات والتعبير عن األفكار‪ ،‬إنّما هي ؤ‬
‫اجتماعية (بلخير‪ ،٢٠٠3 ،‬ص‪.)155‬‬ ‫ّ‬ ‫سياقية إلى أفعال ذات صبغة‬ ‫ّ‬ ‫ضمن معطيات‬
‫اللغوية ومراعاة مقاصد المتكلّمين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ليوكّد الربط بين العبارة‬ ‫وجاء جون سيرل ؤ‬
‫فعمل على متابعة المشروع الفلسفي الذي بدأه أستاذه أوستن (صحراوي‪ ،‬ص‪،)44‬‬
‫ّ‬
‫المنهجية التي تقوم عليها نظرية‬ ‫ّ‬ ‫وقد أحكم سيرل ما صنّفه أوستن‪ ،‬فوضع األسس‬
‫أساسية تالية‪ .‬وقد صنّف سيرل أفعال الكالم‬ ‫ّ‬ ‫الكالمية»‪ ،‬فكان عمله مرحلة‬ ‫ّ‬ ‫«األفعال‬
‫اإلنجازي فيها هو نق ُل المتكلّ ِم‬ ‫ّ‬ ‫اإلخباريات )‪ ،(Asseritives‬والغرض‬ ‫ّ‬ ‫خمسة أصناف‪:‬‬
‫أمينا‪ ،‬وهو يحتمل الصدق والكذب‪ ،‬فإذا تح ّققت أمانةُ‬ ‫وصفا ً‬ ‫ً‬ ‫الواقع أو وص ُفه‬ ‫َ‬
‫ناجحا‪ ،‬واتّجاه‬ ‫ً‬ ‫إنجازا تا ًّما أو‬ ‫ً‬ ‫المتكلّم في النقل أو الوصف فقد أُنجزت األفعال‬
‫تعبر عنها هي‬ ‫النفسية التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫المطابقة فيها يكون من القول إلى العالم‪ ،‬والحالة‬
‫واإلعالنيات‬
‫ّ‬ ‫(الصراف‪ ،٢٠1٠ ،‬ص‪)٢٠5‬؛‬ ‫ّ‬ ‫«االعتقاد»‪ ،‬أي اعتقاد المتكلّم بما يقول‬
‫تغييرا في الوضع‬ ‫ً‬ ‫ح ِدث‬ ‫مجرد التصريح بها يُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫)‪ ،(Déclarations‬وهذا النوع من األفعال‬
‫«أنت مطرو ٌد من الوظيفة» يترتّب عليه طر ٌد‬ ‫َ‬ ‫للمر�وس‬
‫ؤ‬ ‫فمجرد قول الرئيس‬ ‫ّ‬ ‫القائم‪،‬‬
‫اإلعالنيات وجود ُعرف‬ ‫ّ‬ ‫شترط لنجاح إنجاز أفعال‬ ‫للموظف من وظيفته‪ ،‬ويُ َ‬ ‫ّ‬ ‫فعلي‬
‫ّ‬
‫التنظيمية‬
‫ّ‬ ‫مو ّسسة خارج اللغة‪ ،‬أي إلى نسق من القواعد‬ ‫لغوي»‪ ،‬فهي تحتاج إلى ؤ‬ ‫ّ‬ ‫«غير‬
‫والسمة المم ِّيزة لهذا الصنف من‬ ‫ِّ‬ ‫اللسانية (ص‪،)٢٠8‬‬ ‫ّ‬ ‫يُضاف إلى نسق القواعد‬

‫‪114‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫القضوي للعالم الخارجي؛‬ ‫ّ‬ ‫األفعال أ ّن أداءها الناجح يتمثّل في مطابقة محتواها‬
‫ٍّ‬
‫اإلنجازي فيها هو التزام المتكلّم بفعل شيء‬ ‫ّ‬ ‫واإللتزاميات )‪ ،(Commissives‬والغرض‬ ‫ّ‬
‫الضروري إلنجاز هذه األفعال يتأتّى من خالل‬ ‫ّ‬ ‫ما في المستقبل‪ ،‬وشرط اإلخالص‬
‫تحقيق وجود القصد بصورة حا ّدة لدى المتكلّم‪ ،‬واتّجاه المطابقة فيها من العالم‬
‫يعبر‬ ‫والتعبيريات )‪ ،(Expressives‬وهي األفعال التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى الكلمات (ص‪)٢1٢-٢11‬؛‬
‫ع مح ّدد‬ ‫شيء بعينه‪ ،‬أو موضو ٍ‬ ‫ص ما‪ ،‬أو ٍ‬ ‫النفسية تجاه شخ ٍ‬ ‫فيها المتكلّم عن حالته‬
‫ّ‬
‫التعبيريات‬ ‫ّ‬ ‫المو ّيدين لسيرل ؤيوكّدون عدم وجود اتّجاه مطابقة في‬ ‫أو فكرة‪ ...‬وإ ّن ؤ‬
‫التعبيريات هو التعبير عن الموقف النفسي‬ ‫ّ‬ ‫اإلنجازي في‬
‫ّ‬ ‫(ص‪ .)٢13‬إ ّن الغرض‬
‫ّ‬
‫تعبيرا يتوافر فيه شرط اإلخالص‪ ،‬ويدخل في هذا الصنف أفعال الشكر‪ ،‬واالعتذار‪،‬‬ ‫ً‬
‫والتوجيهيات )‪ ،(Directives‬والغرض‬ ‫ّ‬ ‫والتهنئة‪ ،‬والتعزية‪ ،‬والتمنّي‪( ...‬نحلة‪ ،‬ص‪)1٠4‬؛‬
‫المخاطب إلى أداء عم ٍل ما‪ ،‬ويدخل في‬ ‫َ‬ ‫اإلنجازي فيها محاولة المتكلّم توجيه‬ ‫ّ‬
‫هذا الصنف األمر‪ ،‬والرجاء‪ ،‬واالستعطاف‪ ،‬والتشجيع‪ ،‬والدعوة والنصح‪ ،‬واإلذن‪...‬‬
‫اإلنجازية غير المباشرة‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلنجازية المباشرة‪ ،‬واألفعال‬ ‫ّ‬ ‫ميز بين األفعال‬ ‫وقد ّ‬
‫نظرية أفعال الكالم‪ ،‬فأوضح لك ّل فعل شروط إنجازه‪ ،‬ووضع مجموعة‬ ‫ّ‬ ‫وسع سيرل‬ ‫ّ‬
‫الكالمية المباشرة إلى أفعال غير مباشرة‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تتحول بها األفعال‬ ‫ّ‬ ‫من القواعد‬
‫واإلشاريات‬ ‫ّ‬ ‫المسبق‬
‫ّ‬ ‫أهمها‪ :‬االفتراض‬ ‫آليات‪ّ ،‬‬ ‫تداولية أوستن وسيرل تقوم على ّ‬ ‫ّ‬ ‫فإ ّن‬
‫إخبارية‬ ‫ّ‬ ‫اللغوية ال تمتلك وظيفة واحدة‬ ‫ّ‬ ‫الكالمية‪ .‬وهي ترى أ ّن الملفوظات‬ ‫ّ‬ ‫واألفعال‬
‫إنجاز ألفعال ُمس َّيرة َوفق مجموعة من القواعد من شأنها تغيير‬ ‫ٌ‬ ‫فحسب‪ ،‬بل هي‬
‫وضعية المتل ّقي‪ ،‬وتغيير منظومة معتقداته و‪/‬أو وضعه السلوكي‪ ،‬ويتأتّى عن ذلك أ ّن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اإلخباري‪ ،‬وتحدي َد غرضه التداولي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تشخيص مضمونه‬ ‫َ‬ ‫فهم الكالم وإدراكَه يعنيان‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫(الصراف‪ ،‬ص‪.)٢14‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلنجازية‬
‫ّ‬ ‫وقوته‬
‫أي قيمته ّ‬
‫لنظرية‬‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫تطبيقات عديدة‬ ‫الهولندي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ثم ق ّدم فان ديك (‪ ،(Van Dijk) ) 1٩43‬اللساني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نصية مختلفة‪ ،‬وعالج الفعل الكالمي من حيث الموقع‬ ‫نماذج ّ‬ ‫َ‬ ‫«الفعل الكالمي» على‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نص ما (بصل وسعيد‪ ،٢٠18 ،‬ص‪ ،)٢3٩‬ووضع نظرية‬ ‫ّ‬ ‫في‬ ‫واإلنجاز‬ ‫والبنية واألثر‬
‫النص‪ :‬مدخل متداخل االختصاصات (‪،)1٩8٠‬‬ ‫«التفاعل واالتّصال» في كتابه علم ّ‬
‫الكالمية التي يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫وركّز في دراسته على التفاعل االتّصالي‪ ،‬وعلى األفعال‬
‫ّ‬
‫نصية مح ّددة وتأثيراتها‬ ‫مو ّسسة‪ ،‬ودرس العالقات بين بنية ّ‬ ‫ينجزها فرد أو مجموعة أو ؤ‬
‫المو ّسسات‬ ‫في المعرفة وتشكيل الرأي والمواقف‪ ،‬ور ّد فعل األفراد أو الجماعات أو ؤ‬
‫‪115‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫اللغوي‬‫ّ‬ ‫كيفية دراسة االستعمال‬ ‫ّ‬ ‫أفكارا حول‬ ‫ً‬ ‫(فان ديك‪ ،٢٠٠1 ،‬ص‪ ،)٢6‬وعرض‬
‫والنصوص من خالل السياق االجتماعي على أنّه شك ٌل أساسي لالتّصال والتفاعل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النص ضمن سياق االتّصال تتأثّر بمعرفة‬ ‫ّ‬ ‫بنية‬ ‫االجتماعي (ص‪ ،)411‬وأشار إلى أ ّن‬
‫ّ‬
‫ويتم عبر‬ ‫ّ‬ ‫وسلوكهم‪،‬‬ ‫اآلخرين‬ ‫مواقف‬ ‫في‬ ‫وتأثيره‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫بوظائف‬ ‫أو‬ ‫مقاصده‬ ‫الفرد أو‬
‫النص‬ ‫ّ‬ ‫مهمة علم‬ ‫ومو ّسسات (ص‪ .)٢٧‬وح ّدد فان ديك ّ‬ ‫إنتاجها تواصل جماعات ؤ‬
‫اللغوي وأشكال االتّصال‪ ،‬وأعاد‬ ‫ّ‬ ‫في وصف الجوانب المختلفة ألشكال االستعمال‬
‫اللغوي واالتّصال دراسة متداخلة االختصاصات»‬ ‫ّ‬ ‫سبب نشوئه إلى «دراسة االستعمال‬
‫اللغوي‬ ‫ّ‬ ‫نصية مختلفة لالستعمال‬ ‫نصية وأبنية ّ‬ ‫(ص‪ ،)15‬وعمل على إيجاد أشكال ّ‬
‫واالتّصال والتفاعل‪ ،‬وبحث في شروطها وتأثيراتها ووظائفها (ص‪ .)11‬وقصد‬
‫الصحفية والحكايات‬ ‫ّ‬ ‫العالجية والموا ّد‬ ‫ّ‬ ‫اليومية واألحاديث‬ ‫ّ‬ ‫بالنصوص المحادثات‬
‫والقصص والقصائد ونصوص الدعاية والخطب وإرشادات االستعمال والكتب‬
‫المدرسية والنقوش ونصوص القانون ومقاالت الصحف ونتاجات وسائل اتّصال‬ ‫ّ‬
‫معينة‬ ‫االجتماعية في لغة أو في ثقافة ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمو ّسسات‬ ‫ؤ‬ ‫أخرى والمحادثات والمواقف‬
‫النص أل ّن الناس‬ ‫المركزي في علم ّ‬‫ّ‬ ‫(ص‪ .)1٩‬ويشكّل علم النفس االجتماعي الحقل‬
‫ّ‬
‫ويسعون الى إيجاد اتّصال ما‬ ‫َ‬ ‫أنفسهم‪،‬‬ ‫عن‬ ‫يعبروا‬
‫اجتماعيون يتح ّدثون لكي ّ‬ ‫ّ‬ ‫أفراد‬
‫من خالل تفاعل اجتماعي‪ ،‬حيث ينبغي أن ؤيوثّر المتح ّدث في السامع من خالل‬
‫ّ‬
‫نص فإنّنا‬ ‫نعبر عن ذلك في ّ‬ ‫النص؛ فنحن نطلب ونأمر ونوصي‪ ،‬وحين ّ‬ ‫المنطوق ‪ّ /‬‬
‫الكالمية»‬ ‫ّ‬ ‫سمى «األفعال‬ ‫اللغوية‪ ،‬التي تُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ووصف تلك األحداث‬ ‫ُ‬ ‫نقيم حد ًثا اجتماع ًّيا‪.‬‬
‫البراغماتية التي تنتمي إلى‬ ‫ّ‬ ‫بخاصية المنطوق‪ ،‬هو مجال‬ ‫ّ‬ ‫المميزة المرتبطة‬ ‫ّ‬ ‫وأبنيتها‬
‫علم اللغة كانتمائها إلى علم النفس االجتماعي والفلسفة (ص‪.)٢6-٢5‬‬
‫ّ‬
‫يضم في الغالب شي ًئا آخر غير نصوص‬ ‫ّ‬ ‫النص بعلم التاريخ الذي ال‬ ‫ويرتبط علم ّ‬
‫مو ّرخين‪ ،‬ومصادر‪ ،‬ومذكّرات‪ ،‬وأخبار‪ ،)...‬ومن هذا‬ ‫ذات طبيعة متباينة (وثائق ؤ‬
‫وضوحا‬ ‫ً‬ ‫النص التاريخي‪ ،‬ألنّه يمكن أن يح ّقق‬ ‫المنظور ليس علم التاريخ سوى علم ّ‬
‫ّ‬
‫أي ظروف‬ ‫النص المتباينة على امتداد الزمان‪ ،‬وتحت ّ‬ ‫ّ‬ ‫كيفية تغيير أشكال‬ ‫ّ‬ ‫حول‬
‫وثقافية يحدث هذا التغيير (ص‪ .)3٢-31‬ويرى فان ديك أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫واجتماعية‬
‫ّ‬ ‫سياسية‬
‫ّ‬
‫المستويين الداللي‬ ‫َ‬ ‫بالتداولية‪ ،‬وهو يربط بذلك بين‬ ‫ّ‬ ‫يتحصل ّإال‬ ‫ّ‬ ‫تفسير الخطاب ال‬
‫ّ‬
‫اللغوي‬
‫ّ‬ ‫الضروري أن يُح َّدد االتّصال‬ ‫ّ‬ ‫والتداولي (بصل وسعيد‪ ،‬ص‪ ،)٢4٠‬وأنّه من‬
‫ّ‬
‫من خالل مفاهيم التفاعل (فان ديك‪ ،‬ص‪.)361‬‬

‫‪116‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫النص بحسب فان ديك إلى‪:‬‬


‫وعليه‪ ،‬يسعى علم ّ‬
‫كشف الخصائص المشتركة‪ ،‬وسمات أبنية النصوص ووظائفها‪ ،‬وإنشاء ارتباط‬
‫معرفية وهي أ ّن‬
‫ّ‬ ‫واجتماعية (ص‪ ،)1٢‬انطال ًقا من مسلّمة‬ ‫ّ‬ ‫نظرية‬
‫ّ‬ ‫بينها وبين علوم‬
‫يتصرفون على أساس تفسيراتهم ومعرفتهم وتخميناتهم ومواقفهم‪ ،‬إذ‬ ‫ّ‬ ‫األفراد‬
‫االجتماعية والعالم بوجه عامّ (ص‪.)41٢‬‬ ‫ّ‬ ‫إنّهم يستهدفون أفرا ًدا آخرين والبنية‬
‫العامة للنصوص التي تمثّل الفعل الكالمي األكبر‬ ‫ّ‬ ‫البراغماتية‬
‫ّ‬ ‫اإللمام بالوظائف‬
‫ّ‬
‫جاوز التحلي ُل‬
‫َ‬ ‫كالمية (ص‪ .)4٠٩‬وبذلك‪ ،‬تَ‬ ‫ّ‬ ‫الذي يُن َّفذ من خالل سلسلة أفعال‬
‫ليهتم بأسئلة الوظيفة والدور والرسالة‬ ‫ّ‬ ‫وسوا َل الداللة‪،‬‬ ‫ؤ‬ ‫سوا َل البنية‬‫التداولي ؤ‬
‫ّ‬
‫والسياق الوظيفي‪( ...‬حمداوي‪ ،‬ص‪.)٧‬‬
‫ّ‬
‫معين‪ ،‬يُع َّبر عنه بطريقة‬ ‫كيفية تأثير شخص في اآلخرين من خالل مضمون ّ‬ ‫ّ‬ ‫تبيان‬
‫بالغية مح ّددة وجنس نصي مح ّدد (فان ديك‪ ،‬ص‪.)٢6‬‬ ‫ّ‬ ‫وعمليات‬
‫ّ‬ ‫أسلوبية مح ّددة‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماعية في ترابط الحديث‪ ،‬والبحث في نسبة تحديد‬ ‫ّ‬ ‫كيفية تأثير األبنية‬‫إبراز ّ‬
‫الخاصة بالحديث‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فئة المشاركين منطوقاتهم الممكنة‪ ،‬وتنظيمها في األدوار‬
‫وكيفية ارتباط األحاديث باإلطار االجتماعي (ص‪.)3٩4‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫خاصة‪،‬‬ ‫نصية ّ‬
‫كيفية تل ّقي أفراد الجماعات المضامين واستيعابها من خالل أبنية ّ‬ ‫إيضاح ّ‬
‫معينة الى بناء الرغبات والقرارات واألفعال (ص‪.)٢٧ ٢6‬‬ ‫وكيف ؤتو ّدي معلومة ّ‬
‫تداوليات الخطاب التي‬ ‫ّ‬ ‫اللغوية ضمن دراسات‬‫ّ‬ ‫وعليه‪ ،‬اندرجت التحليالت‬
‫النصية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫تطورت وصار من الممكن إدراجها في‬ ‫ّ‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫تحليل الخطاب )‪ :(Analyse de discours‬دراسة استعمال اللغة مع اإلشارة إلى‬
‫الموثّرة في التواصل (يول‪ ،‬ص‪ .)188‬ويكون‬ ‫ؤ‬ ‫والنفسية‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫العوامل‬
‫تخص ًصا‪ ،‬حيث يميل إلى التركيز‬
‫ّ‬ ‫المنظور التداولي ضمن دراسة الخطاب أكثر‬
‫ّ‬
‫كتب‪ ،‬على الرغم من إيصاله‪ ،‬ضمن الخطاب‬ ‫مميزات ما لم يُ َقل وما لم يُ َ‬
‫على ّ‬
‫المراد تحليله (ص‪.)1٢8‬‬
‫الكم‪ ،‬ومبدأ الكيف‪ ،‬ومبدأ المناسبة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مبدأ التعاون )‪ :(Principe de coopération‬مبدأ‬
‫ومبدأ الطريقة‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫اللغوي وسياق الحال أو الموقف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫السياق أو المقام )‪ ،(Contexte‬وهو نوعان‪ :‬السياق‬
‫أهمها‪ :‬االفتراض‬ ‫التداولية )‪ ،(Les implicites‬ومن ّ‬ ‫ّ‬ ‫متض َّمنات القول أو المقتضيات‬
‫المس َّبق واألقوال المضمرة‪.‬‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الخطابية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الزمانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المكانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الشخصية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلشاريات )‪ ،(Deixis‬وهي أنواع‪:‬‬ ‫ّ‬
‫فرعية‪ :‬فعل القول (أو‬ ‫ّ‬ ‫أفعال الكالم )‪ ،(Actes illocutoires‬وتنقسم إلى ثالثة أفعال‬
‫اإلنجازي‪ ،‬أو الفعل الغرضي)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المتضمن في القول (أو الفعل‬‫ّ‬ ‫فعل التل ّفظ)‪ ،‬الفعل‬
‫ّ‬
‫التأثيري)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والفعل الناتج عن القول (أو الفعل‬
‫الحجاجي التداولي يحتوي على ثالثة‬ ‫الحجاج )‪ ،(Argumentation‬والخطاب ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ِ ّ‬
‫مستويات‪ :‬مستوى أفعال الكالم المتداولة في الحجاج‪ ،‬مستوى السياق‪ ،‬مستوى‬
‫الحوارية‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحوارية )‪ ،(Dialogisme‬ولها مراتب‪ :‬الحوار‪ ،‬المحاورة‪ ،‬التحاور‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الموازاة )‪(Parallélisme‬‬ ‫التكافو )‪(Equivalence‬‬
‫ؤ‬ ‫اإلبراز )‪(Foregrounding‬‬
‫القصدية )‪ (Intentionnalité‬االستلزام الحواري )‪(L’implication conversationnelle‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المرجعية )‪...(Référence‬‬
‫ّ‬ ‫نظرية المالءمة )‪ (Théorie de la pertinence‬اإلحالة أو‬ ‫ّ‬
‫نحيل الطالب على معاجم‪ :‬ديكرو وسشايفر (‪)٢٠٠٧‬؛ شارودو ومنغنو (‪)٢٠٠8‬؛‬
‫موشلر وريبول (‪.)٢٠1٠‬‬

‫التداولي للخطاب‬
‫ّ‬ ‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات التحليل‬
‫يهتم التحليل التداولي للخطاب بما يلي‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫تحليل اللغة على مستويات ثالثة‪ :‬المستوى التركيبي‪ ،‬والمستوى الداللي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والمستوى التداولي‪ ،‬من دون عزل أحدها عن اآلخر‪.‬‬
‫ّ‬
‫المس َّبق (أو اإلضمارات‬‫التداولية)‪ :‬االفتراض ُ‬
‫ّ‬ ‫دراسة متض َّمنات القول (أو المقتضيات‬
‫التداولية) واألقوال المضمرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والخطابية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والمكانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والزمنية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الشخصية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلشاريات‪:‬‬
‫ّ‬ ‫دراسات‬
‫واإلعالنيات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫(اإلخباريات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وموقفيتها‪ :‬مجاالت أفعال الكالم‬
‫ّ‬ ‫الكالمية‬
‫ّ‬ ‫دراسة األفعال‬
‫التأكيدي‪ ،‬وأصناف‬
‫ّ‬ ‫والتوجيهيات)‪ ،‬والفعل الكالمي‬
‫ّ‬ ‫والتعبيريات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وااللتزاميات‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫‪118‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫اإلنجازية غير المباشرة)‪.‬‬


‫ّ‬ ‫اإلنجازية المباشرة‪ ،‬واألفعال‬
‫ّ‬ ‫الفعل الكالمي (األفعال‬
‫ّ‬
‫وتداولية)‪.‬‬ ‫وبالغية‪،‬‬ ‫لغوية‪،‬‬ ‫دراسة المجازات البالغية وبناها ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(تقنيات ّ‬
‫ّ‬ ‫جاجية‬
‫ّ‬ ‫الح‬ ‫ّ‬
‫وإستراتيجيات المحادثة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫دراسة أساليب التأ ّدب‬
‫االجتماعية وبنية الخطاب‪ ،‬بين االختالف والتأثير‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كشف العالقة بين البنية‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫الشفوية والمكتوبة في مجاالت‪ :‬األدب‪ ،‬والتربية‪ ،‬وعلم النفس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تحليل الخطابات‬
‫جدلية‬
‫ّ‬ ‫نفسية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تعليمية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أدبية‪،‬‬
‫واإلعالم‪ ،‬والسياسة‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬والقانون‪( ...‬خطابات ّ‬
‫علمية‪ ،‬خطابات المحادثة‪.)...‬‬
‫ّ‬ ‫جاجية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ِ /‬ح‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫التداولية‪ ،‬تر‪ .‬سعيد علّوش‪ .‬بيروت‪ :‬مركز‬ ‫ّ‬ ‫أرمينكو‪ ،‬فرنسواز (‪ .)1٩8٧‬المقاربة‬
‫اإلنماء القومي‪.‬‬
‫ّ‬
‫محمد لطفي الزليطني‬ ‫ّ‬ ‫براون‪ ،‬ج‪ .‬ب‪ .‬وج‪ .‬يول (‪ .)1٩٩٧‬تحليل الخطاب‪ ،‬تر‪.‬‬
‫ومنير التريكي‪ .‬الرياض‪ :‬جامعة الملك سعود‪.‬‬
‫اللسانيات الحديثة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫محمد‪ ،‬وفراس سعيد (‪« .)٢٠18‬الفعل الكالمي في‬ ‫ّ‬ ‫بصل‬
‫ّ‬
‫أنموذجا»‪ .‬مجلّة جامعة تشرين للبحوث والدراسات‬ ‫ً‬ ‫تحليل الخطاب عند فان دايك‬
‫اإلنسانية (المجلّد ‪ ،4٠‬العدد ‪.٢46-٢3٧ ،)5‬‬ ‫ّ‬ ‫العلمية ‪ -‬سلسة اآلداب والعلوم‬
‫ّ‬
‫اللغوية (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بعلبكي‪ ،‬رمزي (‪ .)1٩٩٠‬معجم المصطلحات‬
‫تم‬
‫إلكترونية]‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫التداوليات وتحليل الخطاب [طبعة‬
‫ّ‬ ‫حمداوي‪ ،‬جميل (‪.)٢٠15‬‬
‫االسترجاع من‪ ،https://ebook.univeyes.com/105411/pdf :‬مكتبة عين الجامعة‪.‬‬
‫عمان‪ :‬دار كنوز‬ ‫التداولية‪ :‬أصولها واتّجاهاتها (ط‪ّ .)1‬‬
‫ّ‬ ‫ختام‪ ،‬جواد (‪.)٢٠16‬‬
‫المعرفة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الموسوعي الجديد لعلوم‬
‫ّ‬ ‫ديكرو‪ ،‬أوزوالد وجان ماري سشايفر (‪ .)٢٠٠٧‬القاموس‬
‫اللسان (ط‪ ،)٢‬تر‪ .‬منذر عياشي‪ .‬بيروت الدار البيضاء‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شارودو‪ ،‬باتريك ودومينيك منغنو (‪ .)٢٠٠8‬معجم تحليل الخطاب‪ ،‬تر‪ .‬عبد‬

‫‪119‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫صمود‪ .‬تونس‪ :‬المركز الوطني للترجمة‪.‬‬ ‫وحمادي ّ‬ ‫ّ‬ ‫القادر المهيري‬


‫ّ‬
‫لغوية‬
‫ّ‬ ‫إستراتيجيات الخطاب‪ :‬مقاربة‬ ‫ّ‬ ‫الشهري‪ ،‬عبد الهادي بن ظافر (‪.)٢٠٠4‬‬
‫تداولية‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتب الجديدة ّ‬
‫المتحدة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫التداولية عند العلماء العرب (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫ّ‬ ‫صحراوي‪ ،‬مسعود (‪.)٢٠٠5‬‬
‫الطليعة للطباعة والنشر‪.‬‬
‫العربية المعاصرة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫اإلنجازية في‬
‫ّ‬ ‫حجي (‪ .)٢٠1٠‬األفعال‬ ‫الصراف‪ ،‬علي محمود ّ‬ ‫ّ‬
‫سياقي (ط‪ .)1‬القاهرة‪ :‬مكتبة اآلداب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫داللية ومعجم‬
‫ّ‬ ‫دراسة‬
‫الكالمية في ظ ّل جهود أوستين»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫«نظرية األفعال‬
‫ّ‬ ‫عبد السالم‪ ،‬يسمينة (‪.)٢٠14‬‬
‫المخبر (العدد ‪.115-٩٩ ،)1٠‬‬ ‫َ‬ ‫مجلّة‬
‫النص‪ :‬مدخل متداخل االختصاصات (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬ ‫فان ديك‪ ،‬تون أ‪ .)٢٠٠1( .‬علم ّ‬
‫سعيد حسن بحيري‪ .‬القاهرة‪ :‬دار القاهرة للكتاب (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩8٠‬‬
‫ّ‬
‫النص‪ .‬الكويت‪ :‬المجلس‬ ‫فضل‪ ،‬صالح (أغسطس ‪ .)1٩٩٢‬بالغة الخطاب وعلم ّ‬
‫الوطني للثقافة‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة (العدد ‪.)164‬‬
‫ّ‬
‫للتداولية‪ ،‬إشراف ّ‬
‫عز‬ ‫ّ‬ ‫الموسوعي‬
‫ّ‬ ‫موشلر‪ ،‬جاك وآن ريبول (‪ .)٢٠1٠‬القاموس‬
‫الدين المجدوب‪ .‬تونس‪ :‬المركز الوطني للترجمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫اللغوي المعاصر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نحلة‪ ،‬محمود أحمد (‪ .)٢٠٠٢‬آفاق جديدة في البحث‬
‫الجامعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلسكندرية‪ :‬دار المعرفة‬
‫ّ‬
‫العتابي‪ .‬بيروت‪ :‬الدار العربية‬ ‫صي ّ‬ ‫التداولية (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬قُ َ‬
‫ّ‬ ‫يول‪ ،‬جورج (‪.)٢٠1٠‬‬
‫للعلوم ناشرون (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩٩6‬‬
‫ّ‬
‫‪- Adam, J. M. (1990). Éléments de linguistique textuelle: théorie et pratique de‬‬
‫‪l’analyse textuelle. Bruxelles: Mardaga.‬‬
‫‪- ______ (2005). La linguistique textuelle: Introduction à l’analyse textuelle des‬‬
‫‪discours. Paris: A. Colin.‬‬
‫‪- Austin, J. L. (1975). How to Do Things with Words. Cambridge: Harvard‬‬
‫‪University Press.‬‬
‫‪- Grice, H. P. (1989). Studies in the Way of Words. Cambridge: Harvard University‬‬
‫‪Press.‬‬

‫‪120‬‬
‫النص ّية التداول ّية‬
‫ّ‬ ‫اللسان ّيات‬

‫‪- Perelman, C. & L. Olbrechts-Tyteca (1958). La nouvelle rhétorique: Traité de‬‬


‫‪l’argumentation. Paris: Presses Universitaires de France.‬‬
‫‪- Searle, J. R. (1983). Intentionality: An Essay in the Philosophy of Mind. New‬‬
‫‪York: Cambridge University Press.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫التداولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫المسرحي في ضوء‬
‫ّ‬ ‫بلخير‪ ،‬عمر (‪ .)٢٠٠3‬تحليل الخطاب‬
‫الجزائر‪ :‬منشورات االختالف‪.‬‬
‫المسرحي‪« :‬أوديب» لتوفيق الحكيم‬ ‫ّ‬ ‫تداولية الحوار‬‫ّ‬ ‫حجيلي‪ ،‬نجاة (‪.)٢٠1٧‬‬
‫محمد بوضياف‪ ،‬الجزائر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أنموذجا‪( .‬رسالة ماستر بإشراف د‪ .‬خليفة عوشاش)‪ .‬جامعة‬ ‫ً‬
‫زغير‪ ،‬هادي سدخ (‪« .)٢٠1٧‬قصيدة أحمد الزعتر للشاعر محمود درويش‪ :‬دراسة‬
‫تداولية»‪ .‬مجلّة األستاذ (المجلّد ‪ ،1‬العدد ‪.61-13 ،)٢٢1‬‬ ‫ّ‬
‫نموذجا‪.‬‬
‫ً‬ ‫الشعري‪ :‬جمهرة أشعار العرب‬ ‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫تداولية‬
‫ّ‬ ‫شيتر‪ ،‬رحيمة (‪.)٢٠٠8‬‬
‫(أطروحة دكتوراه بإشراف د‪ .‬عبد القادر دامخي)‪ ،‬جامعة باتنة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫النص ومجاالت تطبيقه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫محمد األخضر (‪ .)٢٠٠8‬مدخل إلى علم‬ ‫ّ‬ ‫الصبيحي‪،‬‬
‫العربية للعلوم ناشرون‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بيروت‪ :‬الدار‬
‫الحجاج‪ :‬دراسات وتطبيقات (ط‪ .)1‬تونس‪:‬‬ ‫نظرية ِ‬ ‫ّ‬ ‫صوله‪ ،‬عبد اهلل (‪ .)٢٠11‬في‬
‫مسكيلياني للنشر‪.‬‬
‫األكاديمية‬
‫ّ‬ ‫النص والخطاب واالتّصال (ط‪ .)1‬القاهرة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫محمد (‪.)٢٠14‬‬ ‫ّ‬ ‫العبد‪،‬‬
‫الحديثة للكتاب الجامعي‪.‬‬
‫ّ‬
‫التداولية في تحليل الخطاب‪ :‬الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫«آليات‬ ‫عواد‪ ،‬عبد القادر (مايو ‪ّ .)٢٠11‬‬ ‫ّ‬
‫الكويتية (العدد ‪.4٢-٢5 ،)4٩٠‬‬ ‫ّ‬ ‫أنموذجا»‪ .‬مجلّة البيان‬
‫ً‬ ‫األدبي‬
‫ّ‬
‫التداولية في مقاربة نصوص التراث‪ :‬خطبة الجهاد‬ ‫ّ‬ ‫«آليات‬ ‫(تموز ‪ّ .)٢٠٢٠‬‬ ‫نبها‪ ،‬أكرم ّ‬
‫اإلنسانية (العدد ‪.61-٢3 ،)4‬‬‫ّ‬ ‫جامعية في اآلداب والعلوم‬ ‫ّ‬ ‫أنموذجا»‪ .‬مجلّة دراسات‬
‫ً‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬أكرم نبها ود‪ .‬علي ناصر الدين‬

‫‪121‬‬
‫علم التش ّ‬
‫كل الصوت ّي (الفونولوجيا)‬

‫الصوتي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التشكل‬ ‫علم‬
‫(الفونولوجيا)‬

‫الم�لّفات‬
‫وأهم ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّأو ًال‪ -‬التعريف وأبرز األعالم‬
‫المقطعية‬
‫ّ‬ ‫تنتمي الفونولوجيا إلى علم الفونيمات )‪ ،(Phonematic‬أو دراسة الظواهر‬
‫وخصوصا النغمات‪ ،‬والنبرة (مونان‪،‬‬
‫ً‬ ‫المقطعية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والعروض‪ ،‬أو دراسة الظواهر فوق‬‫َ‬
‫فرق تروبتسكوي علم األصوات )‪ (Phonetics‬عن علم الفونولوجيا‬ ‫‪ ،٢٠1٢‬ص‪ّ .)31٢‬‬
‫)‪(Phonology‬؛ ففي علم األصوات تنتمي دراسة الصوت إلى الحدث الكالمي‪ ،‬وفي‬
‫ّ‬
‫علم الفونولوجيا تنتمي دراسة الصوت إلى نظام اللغة )‪.(Trubetzkoy, 1962, p. 11‬‬
‫الفونتيكا )‪ :(Phonetics‬تدرس الصوت اإلنساني‪ ،‬وكيف يختلف ك ّل صوت عن‬
‫ّ‬
‫‪ .‬وتدرس الطريقة التي‬ ‫‪(Acoustic‬‬ ‫اآلخر؛ كما تدرس الخصائص الصوتية )‪phonetics‬‬
‫ّ‬
‫كيفية إنتاج أصوات‬
‫ّ‬ ‫يتل ّقى فيها المستمعون األصوات )‪ .(Auditory phonetics‬وتدرس‬
‫الصوتية )‪.(Fromkin, 2003, p. 235) (Articulatory phonetics‬‬
‫ّ‬ ‫اللغة في المسالك‬
‫الفونولوجيا )‪« :(Phonology‬هو العلم الذي يدرس أصوات اللغة من وجهة نظر‬
‫اللغوي» )‪ .(Dubois, 2002, p. 362‬تعود الفونولوجيا إلى‬‫ّ‬ ‫وظيفتها في نظام االتّصال‬
‫الصوتية‬
‫ّ‬ ‫الذهنية للمتكلّم‪ ،‬أو األنماط‬
‫ّ‬ ‫الصوتية وأنماط الصوت في القواعد‬
‫ّ‬ ‫التمثّالت‬
‫خاص يتمثّل في مجموعة األصوات التي‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسانية؛ فلك ّل لغة نمط صوتي‬
‫ّ‬ ‫للّغة‬
‫ّ‬
‫وعمليات الحذف‬‫ّ‬ ‫تكونها‪ ،‬وتراكيب األصوات المسموح بإدخالها إلى هذه اللغة‬ ‫ّ‬
‫سمى‬‫الكالمية وأنظمتها وأنماطها تُ ّ‬
‫ّ‬ ‫والتغيير‪ .‬إ ًذا‪ ،‬دراسة الطرائق التي ؤتولّف األصوات‬
‫فونولوجيا )‪ ،(Fromkin, p. 273‬ومن فروع هذا العلم‪:‬‬

‫‪122‬‬
‫علم التش ّ‬
‫كل الصوت ّي (الفونولوجيا)‬

‫الصوتية في لغات العالم‪ ،‬ووظائفها‪.‬‬


‫ّ‬ ‫العامة‪ :‬يدرس األنظمة‬
‫ّ‬ ‫أ‪ .‬علم الفونولوجيا‬
‫مثال)‪.‬‬
‫التركية ً‬
‫ّ‬ ‫خاصا (اللغة‬
‫نظاما صوت ًّيا ًّ‬‫الخاصة‪ :‬يدرس ويقابل ً‬
‫ّ‬ ‫ب‪ .‬علم الفونولوجيا‬
‫معينة من تاريخ اللغة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫نظاما صوت ًّيا في مرحلة ّ‬ ‫التعاقبية‪ :‬يدرس ً‬
‫ّ‬ ‫ج‪ .‬علم الفونولوجيا‬
‫مقابال ما فيه من‬
‫ً‬ ‫معاصرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫نظاما صوت ًّيا‬
‫ً‬ ‫التزامنية‪ :‬يدرس‬
‫ّ‬ ‫د‪ .‬علم الفونولوجيا‬
‫متطابقات ومتخالفات‪.‬‬
‫والسيما أعمال‬
‫ّ‬ ‫اللغوية )‪،(Cercle linguistique de Prague‬‬
‫ّ‬ ‫أسهم عمل دائرة براغ‬
‫تروبتسكوي )‪ (Trubetzkoy 1890-1938‬وياكبسون )‪ ،(Jackobson 1896-1982‬في‬
‫األول لعلم اللغة في الهاي (‪ )La Haye‬عام ‪ 1٩٢8‬في إعطاء علم‬ ‫الدولي ّ‬ ‫الموتمر‬ ‫ؤ‬
‫ّ‬
‫لغوي‪ .‬كما أ ّدت األبحاث التي أُجريت في الوقت‬ ‫ّ‬ ‫النهائية كعلم‬
‫ّ‬ ‫األصوات مكانته‬
‫المتحدة إلى نتائج مماثلة‪ .‬وقد بلغ التمييز بين علم‬ ‫تقريبا في فرنسا والواليات ّ‬ ‫ً‬ ‫عينه‬
‫أوجه مع دائرة كوبنهاغن ‪(Cercle de‬‬ ‫الصوتي) َ‬ ‫األصوات والفونولوجيا (علم التشكّل‬
‫ّ‬
‫خاص ًة مع يلمسلف )‪ (Hjelmslev: 1899-1965‬الذي أطلق على الما ّدة‬ ‫ّ‬ ‫)‪Copenhague‬‬
‫مشتق من األصل‬ ‫ّ‬ ‫المميزة الدنيا» )‪ ،(Glossematics‬وهو مصطلح‬ ‫ّ‬ ‫الصوتية «الوحدات‬ ‫ّ‬
‫اليوناني )‪ (Glossa‬أي لسان أو لغة‪ ،‬والجذر )‪ (Glosseme‬هو أصغر َوحدة ذات معنى‬
‫ّ‬
‫(كريدية‪ ،٢٠1٢ ،‬ص‪.)٢٢4‬‬ ‫ّ‬
‫من مبادئه‪ :‬يُ َع ُّد التفريق بين الصامت والصائت )‪ ،(Consonne et Voyelle‬والصائت‬
‫القصير والصائت الطويل )‪ ،(Voyelle longue et Voyelle brève‬والتفريق بين مظاهر‬
‫العامة في‬
‫� ّ‬ ‫أهم المباد ؤ‬
‫الصوتي (التماثل التجانس التباعد اإلدغام) من ّ‬ ‫التجاور‬
‫ّ‬
‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫علم الفونولوجيا؛ كما يشكّل التفريق بين الفونيم والمونيم واأللوفون محور‬
‫النحوية المع ّقدة‪ ،‬وتحويل البناء‬
‫ّ‬ ‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫الخاصة‪ :‬تخليص ِ‬
‫البنى‬ ‫ّ‬ ‫الفونولوجية‪ .‬ومن مبادئه‬
‫ّ‬
‫البنى الجديدة من الجمع بين الوظائف‪.‬‬ ‫وظائف جديدة‪ ،‬واستخالص ِ‬ ‫َ‬ ‫النحوي نحو‬
‫ّ‬
‫� علم الفونولوجيا إلى وضع قواعد لتشكّل الفونيم في الكالم‪ ،‬وتحديد‬ ‫كما تنحو مباد ؤ‬
‫اللغوية وموقعها من الكلمة‪.‬‬‫ّ‬ ‫الفونولوجية‬
‫ّ‬ ‫تراتب الحروف الصوتي على أساس الوظيفة‬
‫ّ‬
‫وأخيرا‪ ،‬يدرس مظاهر التواني في استيعاب الحروف المنطوقة‪ ،‬وأسباب تخاذل الجهاز‬ ‫ً‬
‫النطقي عن اإلتيان بلفظة ثقيلة ومثلها معها (مرعشلي‪ ،٢٠14 ،‬ص‪)11‬؛ فاالتّجاه العامّ‬ ‫ّ‬
‫لجميع اللغات نحو تقصير صياغة الكالم )‪.(Jespersen, 1922, p. 330‬‬
‫رج َم إلى‬‫أهم أهداف هذا المنهج‪ ،‬لذلك تُ ِ‬ ‫من أهدافه‪ :‬اكتشاف الوظيفة من ّ‬
‫‪123‬‬
‫علم التش ّ‬
‫كل الصوت ّي (الفونولوجيا)‬

‫فاعلية القطع‬
‫ّ‬ ‫الصوتية»‪ ،‬وتتمثّل الوظيفة المنشودة في اكتشاف مدى‬‫ّ‬ ‫«علم الوظائف‬
‫يتغير‬
‫المهم في التمييز بين المعاني‪ ،‬إذ ّ‬‫ّ‬ ‫الصوتية في تأدية وظيفة التبليغ‪ ،‬ودورها‬
‫ّ‬
‫يتوجه إلى كسر توازن النظام القائم‪ّ .‬أما الهدف‬
‫ّ‬ ‫بتغير اللفظ‪ .‬والهدف الثاني‬
‫المعنى ّ‬
‫التعبيرية وقدرتها على‬
‫ّ‬ ‫الصوتية الكتشاف الطاقة‬
‫ّ‬ ‫الثالث فيتجلّى في استغالل الفوارق‬
‫السياقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مهمة في الكلمات واألنظمة‬ ‫إدخال تعديالت ّ‬
‫م�لّفاتهم‪ :‬الخليل بن أحمد الفراهيدي‪،‬‬
‫من أعالمه العرب‪ ،‬قدماء ومحدثين‪ ،‬ومن ؤ‬
‫العين؛ سيبويه‪ ،‬الكتاب؛ ابن ِجنّي‪ ،‬الخصائص و ّ‬
‫سر صناعة اإلعراب؛ إبراهيم أنيس‪،‬‬
‫حسان‪ ،‬مناهج البحث في اللغة؛ أحمد مختار عمر‪ ،‬دراسة‬ ‫اللغوية؛ ّ‬
‫تمام ّ‬ ‫ّ‬ ‫األصوات‬
‫اللغوي؛ كمال بشر‪ ،‬علم األصوات‪...‬‬
‫ّ‬ ‫الصوت‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫وظيفية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التمييزية األولى من التمفصل الثاني‪ .‬إنّه َوحدة‬
‫ّ‬ ‫الوحدة‬
‫‪ .1‬الفونيم )‪َ :(Phoneme‬‬
‫معينة في التفريق بين الدالالت‬‫«القابلية في أن يُستخ َدم داخل لغة ّ‬
‫ّ‬ ‫وله وح َده‬
‫العقلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫شبهه تروبتسكوي بصورة الصوت‬ ‫الفكرية» (مونان‪ ،‬ص‪ّ .)331‬‬
‫ّ‬
‫معجمية تنتمي إلى قوائم غير محدودة أو مفتوحة‬
‫ّ‬ ‫‪ .٢‬المونيم )‪َ :(Moneme‬وحدة‬
‫(ص‪.)453‬‬
‫األميركيون المورفيم بمعنى‬
‫ّ‬ ‫اللسانيون‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬المورفيم )‪ :(Morpheme‬يستخدم‬
‫المونيم (ص‪.)453‬‬
‫المجردة في بيئات مختلفة‬
‫ّ‬ ‫حقيقية للوحدات‬
‫ّ‬ ‫‪ .4‬األلوفون )‪ :(Allophone‬منطوقات‬
‫)‪.(Fromkin, p. 283‬‬
‫‪ .5‬المماثلة )‪ :(Assimilation‬أن يتماثل فونيم مع فونيم آخر أي أن ّيتحد معه‪،‬‬
‫أو يقربه في الصفة والمخرج‪ ،‬نتيجة التفاعل الذي يحدث بين األصوات‬
‫المتجاورة في السياق الكالمي )‪.(Jones, 1922, p. 101-102‬‬
‫ّ‬
‫‪ .6‬الحذف )‪ :(Effacement‬إسقاط حرف أو أكثر من الكلمة الواحدة‪ ،‬أو بين‬
‫معين يتطلّبه نطقها‪ ،‬وبهدف تقصير ِص َيغ‬
‫كلمتين متجاورتَين‪ ،‬لتدارك جهد ّ‬ ‫َ‬
‫الكلمات )‪.(Jespersen, p. 330‬‬

‫‪124‬‬
‫علم التش ّ‬
‫كل الصوت ّي (الفونولوجيا)‬

‫‪ .٧‬التأنيف )‪ :(Nasalisation‬انتقال الفونيم من الشفهي إلى األنفي الناتج عن‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انخفاص الغلصمة «الطبق» (مونان‪ ،‬ص‪.)11٢‬‬
‫السمة صو ًتا عن آخر‪،‬‬ ‫السمات المفارقة )‪ :(Distinctive Features‬حين ّ‬
‫تميز ِّ‬ ‫‪ِّ .8‬‬
‫وتية‬
‫الص ّ‬
‫فالسمة ّ‬
‫ّ‬ ‫صوتية واحدة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وحين تتماثل كلمتان صوت ًّيا باستثناء ِسمة‬
‫هي مفارقة‪ ،‬أل ّن هذا الفرق وح َده يجمع التباين أو االختالف في المعنى‬
‫)‪.(Fromkin, p. 291‬‬
‫الفرق بين الفونيم واأللوفون أ ّن الفونيم يمثّل صو ًتا واقع ًّيا‪ّ ،‬أما األلوفون فيمثّل‬
‫بديال صوت ًّيا؛ على سبيل المثال كلمة ( ِانحناءتان)‪ ،‬فما يح ّقق صوت‬ ‫تنو ًعا صوت ًّيا‪ ،‬أو ً‬
‫ّ‬
‫المتدرجة من‬
‫ّ‬ ‫الصوتية األلوفونات (النون‬‫ّ‬ ‫التنوعات‬
‫ّ‬ ‫النون هنا ليس الفونيم‪ ،‬ولكن‬
‫أسنانية)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫غارية إلى‬
‫ّ‬ ‫لثوية إلى‬
‫ّ‬

‫ثال ًثا ‪ -‬إجراءات‬


‫يصف االنتظام العامّ لألصوات ضمن اللغة المدروسة‪.‬‬
‫اللغوية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يح ّدد المقاطع التي تتألّف منها تلك األصوات‬
‫اللغوي العامّ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الصوتية ضمن النسق‬
‫ّ‬ ‫يح ّدد وظيفة المقاطع‬
‫الصوتية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يقارن ويقابل بين العديد من األنظمة‬
‫يدرس تطو َر األصوات ووظائ َفها ضمن اللغة المدروسة ِ‬
‫نفسها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وي والصرفي‪ ،‬كـ «النظام المقطعي للّغة» الذي‬ ‫النح ّ‬
‫ْ‬ ‫يُدخل ضمن عمله التحلي َل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التقليدي؛ وكظاهرة اإلعالل التي كانت مقتصرة‬
‫ّ‬ ‫كان جزءًا من مفهوم «النحو»‬
‫الصرفية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫على المظاهر‬

‫رابعا ‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫أ‪ .‬في األدب واللغة‪:‬‬
‫والشعرية‪ ،‬والخطب‬
‫ّ‬ ‫األدبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الصوتية على أشكالها في األعمال‬
‫ّ‬ ‫دراسة ِ‬
‫البنى‬
‫على أنواعها‪.‬‬
‫اللغوي اإلنساني (التعليم‪ ،‬اإلدراك‪ ،‬اكتساب اللغة‪.)...‬‬
‫ّ‬ ‫النفسية للسلوك‬
‫ّ‬ ‫الدراسة‬
‫ّ‬

‫‪125‬‬
‫علم التش ّ‬
‫كل الصوت ّي (الفونولوجيا)‬

‫تجويد األداء اللفظي‪ ،‬وتطوير اإللقاء الفنّي‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكتابية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الصوتية وأثرها وقدرتها على تطوير األشكال‬
‫ّ‬ ‫معرفة المقاطع‬
‫والسياقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االصطالحية منها‬
‫ّ‬ ‫المعاجم‬
‫ب‪ .‬في اإلعالم‪:‬‬
‫تحسين األداء اإلذاعي والتلفزيوني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفن‪:‬‬
‫ج‪ .‬في ّ‬
‫تحسين األداء المسرحي‪.‬‬
‫ّ‬
‫تحسين األداء الغنائي‪.‬‬
‫ّ‬
‫د‪ .‬في التكنولوجيا‪:‬‬
‫تطوير أجهزة الحاسوب‪ ،‬وأنظمة التراسل الكالمي اإللكتروني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكالمية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫هـ‪ .‬في اإلعاقة‬
‫كالح ْبسة في الكالم‪ ،‬والتلعثم‪ ،‬والتأتأة‪ ،‬واللثغة‪.‬‬
‫ُ‬ ‫معالجة عيوب النطق‪،‬‬

‫خامسا ‪ -‬المصادر والمراجع‬


‫ً‬
‫محمد إسماعيل وأحمد‬ ‫ّ‬ ‫سر صناعة اإلعراب (ط‪ ،)3‬ج ‪ ،1‬تح‪.‬‬ ‫ابن جنّي (‪ّ .)٢٠1٢‬‬
‫العلمية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عامر‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتب‬
‫بشر‪ ،‬كمال (‪ .)٢٠٠٠‬علم األصوات‪ .‬القاهرة‪ :‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫المصرية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تمام (‪ .)1٩٩٠‬مناهج البحث في اللغة‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة األنجلو‬ ‫حسان‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫سر الفصاحة‪ .‬تح‪ .‬النبوي عبد الواحد شعالن‪.‬‬ ‫الخ ّفاجي‪ ،‬ابن سنان (‪ّ .)٢٠٠3‬‬
‫القاهرة‪ :‬دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ر�ية جديدة‬ ‫العربية‪ :‬ؤ‬
‫ّ‬ ‫الصوتي للبنية‬
‫ّ‬ ‫شاهين‪ ،‬عبد الصبور (‪ .)1٩8٠‬المنهج‬
‫مو ّسسة الرسالة‪.‬‬‫العربي‪ .‬بيروت‪ :‬ؤ‬
‫ّ‬ ‫في الصرف‬
‫الفراهيدي‪ ،‬الخليل بن أحمد (‪ .)1٩88‬كتاب العين‪ ،‬ج‪ ،4‬تح‪ .‬مهدي المخزومي‬
‫مو ّسسة األعلمي للمطبوعات‪.‬‬ ‫السامرائي‪ .‬بيروت‪ :‬ؤ‬
‫ّ‬ ‫وإبراهيم‬
‫مالمبرج‪ ،‬برتيل (الت‪ .).‬علم األصوات‪ ،‬تر‪ .‬عبد الصبور شاهين‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة الشباب‪.‬‬

‫‪126‬‬
ّ ‫علم التش‬
)‫كل الصوت ّي (الفونولوجيا‬

:‫ بيروت‬.‫ جمال الحضري‬.‫ تر‬،)1‫اللسانيات (ط‬


ّ ‫ معجم‬.)٢٠1٢( ‫ جورج‬،‫مونان‬
.‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‬
ّ ‫المو ّسسة‬
‫ؤ‬
- Dubois, Jean et al. (2012). Dictionnaire de linguistique et des sciences du
langage. Paris: Larousse.
- Fromkin, Victoria, Robert Rodman & Nina Hyams (2003). An Introduction to
Language (7th ed.). Boston: Wadsworth.
- Jespersen, Otto (1922). Language: Its Nature, Development and Origin. London:
G. Allen & Unwin, ltd.
- Jones, Daniel (1922). An Outline of English Phonetics. New York: G. E. Stechert
& Co.
- Trubetzkoy. N. S. (1962). Principles of Phonology (3rd ed.), trans. Christiane A.
M. Baltaxe. Berkley: University of California Press.
- Zakaria, Norma Abboud (2007). Dictionnaire de didactique: concepts-clés à
l’usage des enseignants. Zouk Mikael: Éditions Zakaria.

‫تطبيقية‬
ّ ‫سادسا– قراءات‬
ً
.‫المصرية‬
ّ ‫ مكتبة األنجلو‬:‫ مصر‬.)5‫اللغوية (ط‬
ّ ‫ األصوات‬.)1٩٧5( ‫ إبراهيم‬،‫أنيس‬
.‫ عالم الكتب‬:‫ القاهرة‬.‫اللغوي‬
ّ ‫ دراسة الصوت‬.)1٩٩٧( ‫ أحمد مختار‬،‫عمر‬
:‫ بيروت‬.)3‫� والمصطلحات (ط‬ ‫ الفروع والمباد ؤ‬:‫األلسنية‬
ّ .)٢٠1٢( ‫ هيام‬،‫كريدية‬
ّ
.‫ال دار نشر‬
‫ دار النهضة‬:‫ بيروت‬.)1‫ الواضح في تصوير الحروف (ط‬.)٢٠14( ‫ ندى‬،‫مرعشلي‬
.‫العربية‬
ّ
- Jakobson, Roman (1976). Six leçons sur le son et le sens. Paris: Minuit.
- Martinet, André (1960). Eléments de linguistique générale. Paris: Armand Colin.

‫ عماد غنّوم‬.‫ ندى مرعشلي ود‬.‫ د‬:‫إعداد‬

127
‫اللسان ّيات الحاسوب ّية‬

‫اللسانيّات الحاسوبيّة‬

‫ّأو ًال‪ -‬تعريفات وأعالم‬


‫وداللية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وية‪،‬‬
‫ونح ّ‬
‫وصرفية‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومعجمية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫صوتية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النص مقارب ًة‬ ‫األلسنية الحديثة ّ‬
‫ّ‬ ‫ب‬
‫قار ُ‬
‫تُ ِ‬
‫شك في أ ّن اإلحصاء‬ ‫اللغوية‪ ،‬وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫التقنيات في دراساتها‬ ‫ّ‬ ‫وبالغية‪ ،‬وتعتمد العديد من‬ ‫ّ‬
‫وترتيبا ‪ ...‬وإذا كان بعض علماء‬ ‫ً‬ ‫فع ًاال‪ ،‬صو ًتا وحر ًفا وكلم ًة‬ ‫دخوال ّ‬
‫ً‬ ‫دخل في هذا المجال‬
‫المصطلح رفض تسمية «الكمبيوتر»‪ ،‬وتبنّى «الحاسب اآللي» أو «الحاسوب»‪ ،‬فألنّه‬
‫ّ‬
‫نحوله‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫وجب‬ ‫ما‪،‬‬ ‫بعمل‬ ‫اآللة التي تقوم بالحساب‪ .‬لذلك‪ ،‬إذا أردنا أن يقوم الحاسوب‬
‫تحول‬ ‫رقمية‪ ،‬ويرسم إذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحولت األحرف إلى معادالت‬ ‫حسابية‪ ،‬فيكتب إذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلى معادلة‬
‫علما أ ّن الرقم لديه هو عبارة عن‬ ‫العمليات‪ً ،‬‬‫ّ‬ ‫رقمية‪ ،‬وهكذا ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫الرسم إلى معادالت‬
‫تتحول المعلومات إلى أرقام‬ ‫ّ‬ ‫كهربائية (مفتوحة =‪ ،1‬أو مغلقة =‪ ،)٠‬وهكذا‬ ‫ّ‬ ‫دارات‬
‫إلكترونية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كهربائية‬
‫ّ‬ ‫رقمين (‪ ٠‬و‪ ،)1‬وتُصاغ األرقام وتُمثَّل بدارات‬ ‫تتألّف من َ‬
‫ولما أراد‬ ‫اللغوية وإحصاءَها‪ ،‬استعان بالمبرمج‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تنظيم الموا ّد‬
‫َ‬ ‫لما احتاج األلسني‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحاسوبية (أو‬
‫ّ‬ ‫وتحليال‪ ،‬استعان باأللسنّي؛ فاأللسنّية‬ ‫ً‬ ‫المبرمج خدمة اللغة كتاب ًة وقراءة‬
‫برمجيات المعلومات‬ ‫ّ‬ ‫اللغوية باستخدام‬ ‫ّ‬ ‫الحاسوبية) هي علم المعالجات‬ ‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬
‫وبرمجية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فيزيائية‬
‫ّ‬ ‫وتقنيات االتّصاالت التي ؤيو ّمنها الحاسوب وتوابعه من تجهيزات ما ّد ّية‬ ‫ّ‬
‫الحاسوبية‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬نشأة‬
‫الحاسوبية وتع ّدد استخداماتها‪ ،‬في‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫نشأ هذا العلم من تع ّدد تطبيقات‬
‫سبيل تحقيق التخاطب بين اإلنسان والحاسوب‪ ،‬إذ يكون الحاسوب‪ ،‬بما يُستو َدع‬
‫وتقنياتها‪ ،‬أدا َة‬
‫ّ‬ ‫شوون الحياة وتطوير العلوم‬‫من معارف األمم ومنجزاتها في إدارة ؤ‬
‫اإلنسان في امتالك حاضره واستشراف مستقبله‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫اللسان ّيات الحاسوب ّية‬

‫األول من القرن العشرين (‪،)1٩48‬‬ ‫ت َّم اختراع جهاز الحاسوب في أواخر النصف ّ‬
‫اللغوية‪ّ .‬أما َبدء استخدام الحاسوب‬ ‫ّ‬ ‫تقنية استخدامه في الدراسات‬ ‫تطورت ّ‬ ‫ومن ثَ ّم ّ‬
‫زمنية مختلفة‪ ،‬وفي دو ٍل متع ّددة من العالم‪.‬‬ ‫فتم على مراح َل ّ‬ ‫في دراسة اللغة ّ‬
‫كانت بداية هذا العلم الحقيقية في الغرب مع وارين ويفر )‪(Wareen Weaver‬‬
‫ّ‬
‫التحويلية‪ ،‬حيث قامت بتطبيق األسس‬ ‫ّ‬ ‫التوليدية‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫(‪ ،)1٩٧8-18٩4‬بعد ظهور‬
‫رياضية من‬
‫ّ‬ ‫اللغوي‪ ،‬ومن ثَ ّم صياغة اللغة صياغ ًة‬ ‫ّ‬ ‫الرياضية على التحليل‬
‫ّ‬ ‫والمعادالت‬
‫أجل برمجتها في الحاسوب‪ ،‬وذلك بغرض استقراء قواعد مقنّنة ودقيقة‪.‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫محرك لخدمة اللغة‬ ‫ّ‬ ‫الشرعية ّأول‬ ‫ّ‬ ‫ّأما في العالم العربي فكانت العلوم‬
‫ّ‬
‫وتطور االهتمام‬
‫ّ‬ ‫سبعينيات القرن العشرين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حاسوب ًّيا‪ ،‬إذ بدأت أولى التجارب في‬
‫األول من‬‫اللغوي‪ ،‬وبدأ بالتخطيط لها وتنفيذها في النصف ّ‬ ‫ّ‬ ‫باتّجاه خدمة اإلحصاء‬
‫الثالثية‬
‫ّ‬ ‫الثالثية وغير‬
‫ّ‬ ‫اإلحصائية للجذور‬‫ّ‬ ‫عام ‪ ،1٩٧1‬وكان الثمرة صدور الدراسة‬
‫للجوهري (‪3٢4‬هـ)‪ .‬ومن جهود العلماء العرب أ ّن التجارب‬ ‫ّ‬ ‫الصحاح‬
‫لمعجم ِّ‬
‫ثم على‬ ‫للعربية والحاسوب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫صصت‬ ‫مولّفات ُخ ِّ‬ ‫األولى في هذا المجال تمثّلت في ؤ‬
‫العلمية‪ ،‬أو ضمن أعمال‬ ‫ّ‬ ‫والدوريات‬
‫ّ‬ ‫المجالت‬ ‫ّ‬ ‫هيئة مقاالت وبحوث نُشرت في‬
‫لع ْوربة الحاسوب‪،‬‬ ‫العربية‪ ،‬أو َ‬
‫ّ‬ ‫خاصة لحوسبة‬ ‫ّ‬ ‫ووضعت برامج ونُظم‬ ‫الموتمرات‪ُ ،‬‬
‫ؤ‬
‫خاصا لعلم اللغة الحاسوبي‪ ،‬كما في جامعة‬ ‫ًّ‬ ‫قسما‬
‫الجامعية ً‬
‫ّ‬ ‫الكليات‬
‫ّ‬ ‫وأنشأت بعض‬
‫ّ‬
‫األهلية بالرياض‪.‬‬‫ّ‬ ‫األمير سلطان‬
‫رواد هذا العلم عرب ًّيا‪ :‬نبيل علي‪ ،‬وعبد ذياب العجيلي‪ ،‬ونهاد الموسى‪،‬‬ ‫من ّ‬
‫وإبراهيم أنيس‪( ...‬العارف‪ ،٢٠٠٧ ،‬ص‪.)55-53 ،5٠-48‬‬
‫الحاسوبية‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬تعريفات‬
‫‪(Natural‬‬ ‫الطبيعية‬
‫ّ‬ ‫التكنولوجية للّغة‬
‫ّ‬ ‫مسميات؛ منها الهندسة‬ ‫ّ‬ ‫لهذا العلم ع ّدة‬
‫)‪ ،Language‬وعلم اللغة الحاسوبي )‪ ،(Computational Linguistics = CL‬وسواهما‪ .‬إنّه‬
‫ّ‬
‫كأداة ط ِّيعة لمعالجتها في اآللة‪ ،‬وتتألّف مبادئه‬ ‫ٍ‬ ‫البشرية‬
‫ّ‬ ‫العلم الذي يبحث في اللغة‬
‫والداللية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والنحوية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الصوتية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التحليلية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫العامة بجميع مستوياتها‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫من‬
‫اإللكترونية (الكمبيوتر)‪ ،‬ومن علم الذكاء االصطناعي‪ ،‬وعلم‬ ‫ّ‬ ‫ومن علم الحاسبات‬
‫ّ‬
‫الحاسوبية علم‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫الرياضيات (ص‪ .)5٢‬ويمكن القول إ ّن‬ ‫ّ‬ ‫ثم علم‬
‫المنطق‪ّ ،‬‬
‫اللسانيات )‪ (Linguistics‬وعلوم الحاسوب )‪ ،(Computer Science‬وهو مجال‬ ‫ّ‬ ‫يربط بين‬

‫‪129‬‬
‫اللسان ّيات الحاسوب ّية‬

‫البشرية‬
‫ّ‬ ‫الطبيعية‬
‫ّ‬ ‫ينتمي إلى مجاالت الذكاء االصطناعي‪ ،‬ويسعى إلى محاكاة اللغة‬
‫ّ‬
‫باآللة‪ ،‬وبذلك يسعى المبرمجون جاهدين إلى توضيح العالقة بين الشكل في الجملة‬
‫آلية‪.‬‬
‫أو الكلمة والمعنى الذي يحمله هذا الشكل وتكوين تلك العالقة بصورة ّ‬
‫اللغوية في الحاسوب‬‫ّ‬ ‫الحاسوبية هي العلم األلسني الذي يتناول الموا ّد‬
‫ّ‬ ‫األلسنية‬
‫ّ‬ ‫إ ّن‬
‫ّ‬
‫البشري‬
‫ّ‬ ‫اللغوية التي يقوم بها عادة الذهن‬ ‫ّ‬ ‫العمليات‬
‫ّ‬ ‫اإللكتروني‪ ،‬فيستخدمه لمعالجة‬
‫ّ‬
‫رئيسين هما‪:‬‬
‫َ‬ ‫جانبين‬
‫َ‬ ‫الحاسوبية على‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫(زكريا‪ ،٢٠٠٢ ،‬ص‪ .)٩6‬وتقوم‬
‫النظري العميق الذي يفترض كيف يعمل‬ ‫ّ‬ ‫النظري الذي يبحث في اإلطار‬
‫ّ‬ ‫الجانب‬
‫اللغوية؛ والجانب التطبيقي الذي يُعنى بالناتج‬ ‫ّ‬ ‫الدماغ اإللكتروني لح ّل المشكالت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلنسانية‬
‫ّ‬ ‫العملي لنمذجة االستعمال اإلنساني للّغة‪ ،‬وإنتاج برامج ذات معرفة باللغة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(العارف‪ ،‬ص‪.)53-5٢‬‬
‫الطبيعية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الحاسوبية ومعالجة اللغات‬
‫ّ‬ ‫وفي هذا السياق يمكن التمييز بين اللغة‬
‫واللغويات من منظار حاسوبي‬
‫ّ‬ ‫الحاسوبية هي تنظيم علمي يدرس معالجة اللغة‬
‫ّ‬ ‫اللغة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطبيعية فهي هندسة النظام‬
‫ّ‬ ‫فهم اللغة‪ ،‬وتأليفها‪ ،‬واكتسابها‪ّ .‬أما معالجة اللغة‬
‫وآلي‪ُ :‬‬
‫ّ‬
‫الذي يستعمل الحاسوب للقيام بأعمال هادفة باستخدام اللغة‪ :‬استرجاع المعلومات‪،‬‬
‫التحقيق في المواضيع‪ ،‬وجمع المستندات وتلخيصها‪ ،‬تحليل المشاعر ووجهات‬
‫اآللية‪ ،‬تحليل الخطاب )‪.(Johnson, 2012, p. 2‬‬ ‫النظر‪ ،‬الترجمة ّ‬
‫الطبيعية‬
‫ّ‬ ‫باختصار‪ :‬علم اللغة الحاسوبي هو العلم الذي يسعى إلى معالجة اللغة‬
‫ّ‬
‫وإنتاجا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتحليال‪،‬‬
‫ً‬ ‫تخزينا‪،‬‬
‫ً‬ ‫آل ًّيا‪،‬‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫نصي يشبه في ترتيبه الكتاب الورقي المطبوع‪،‬‬ ‫الكتاب اإللكتروني )‪ :(e-book‬ملف‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫قابل للتص ّفح وللطباعة على ورق‪ ،‬وللنسخ واالقتباس‪...‬‬
‫حادي اللغة أو ثنائي اللغة أو‬
‫ّ‬ ‫المعجم اإللكتروني )‪ :(Electronic Dictionary‬معجم أ ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تضمه أقراص مدمجة‪ ،‬أو مواقع على الشابكة‪ ،‬أو جهاز مستق ّل لهذه الغاية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أكثر‪،‬‬
‫اللغوية المرفقة بمعلومات وشروح وأمثلة وشواهد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وهو مخزون مبرمج من المفردات‬
‫عمليات الترجمة بوساطة اآللة‪ ،‬من‬ ‫ّ‬ ‫اآللية )‪ :(Machine Translation‬إجراء‬
‫ّ‬ ‫الترجمة‬
‫بشري الحق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بشري‪ ،‬أو بتد ّخل‬
‫ّ‬ ‫دون تد ّخل‬

‫‪130‬‬
‫اللسان ّيات الحاسوب ّية‬

‫قاعدة البيانات )‪ :(Data Base‬مصدر البيانات التي تُع َّرف وتُخزَّن لغرض االستعمال‬
‫في المستقبل‪ .‬ويُطلق أحيا ًنا على قاعدة البيانات هذه اسم «قاعدة المعلومات»‪.‬‬
‫المعلوماتية هو أ ّن البيانات عناصر تتشكّل‬‫ّ‬ ‫والفرق بين البيانات والمعلومات في‬
‫منها المعلومات (القاسمي‪ ،٢٠1٩ ،‬ص‪.)664‬‬
‫يتخصص في خزن النصوص‬ ‫ّ‬ ‫بنك الكلمات )‪ :(Word Bank‬نوع من قواعد البيانات‬
‫سمى النصوص المخزونة في الحاسوب بالمد َّونة‪ ،‬أو المتن‪ ،‬أو المد َّونة‬ ‫اللغوية‪ .‬وتُ ّ‬
‫ّ‬
‫الحاسوبية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النص ّية‬
‫النص ّية‪ ،‬أو المد َّونة ّ‬
‫ّ‬
‫تقنية المعلومات واالتّصاالت‬ ‫اإللكترونية )‪ :(E-government‬استعمال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحكومة‬
‫المختصة‪ ،‬وهذه الخدمة‬‫ّ‬ ‫الحكومية‬
‫ّ‬ ‫الرسمية‪ ،‬لدى الدوائر‬
‫ّ‬ ‫بإجراء المعامالت‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تحظى باهتمام كبير في بعض الدول‬
‫البشرية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫تقنيات لحوسبة المستوى الصوتي للّغات‬
‫ّ‬
‫توليد الكالم آل ًّيا )‪.(Speech Synthesis, Text-to-speech‬‬
‫التعرف اآللي على الكالم )‪.(Automatic Speech Recognition‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫التعرف على المتح ّدث )‪.(Speaker Recognition, Speaker Identification‬‬‫ّ‬
‫قطعية )‪.(Algorithmic & Deterministic‬‬
‫ّ‬ ‫خوارزميات‬
‫ّ‬
‫الفهم األتوماتي )‪.(Automatic Understands‬‬
‫ّ‬
‫تمييز الكالم آل ًّيا )‪.(Automatic Speech Recognition‬‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫نظري‪ ،‬وتطبيقي يُنتج‬
‫ّ‬ ‫منحيين‪ :‬وصفي‬
‫َ‬ ‫الحاسوبية‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫ّتتخذ الدراسات في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تطبيقية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫برمجيات‬
‫ّ‬
‫المنهجية التالية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫فيتخذ الخطوات‬‫النظري ّ‬
‫ّ‬ ‫ّأما المنحى‬
‫القضية ‪ /‬المشكلة (قد يحتاج الوصف واإلحصاء)؛‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1‬تحديد‬
‫البشري للعالقات والقواعد‬
‫ّ‬ ‫اللسانية المناسبة للفهم‬
‫ّ‬ ‫الوصفية‬
‫ّ‬ ‫‪ ٢‬تقديم الدراسة‬
‫(الوصف واالستقراء)؛‬

‫‪131‬‬
‫اللسان ّيات الحاسوب ّية‬

‫برمجيات‬
‫ّ‬ ‫التوصيفية المناسبة للفهم اآللي للعالقات على شكل‬
‫ّ‬ ‫‪ 3‬تقديم الدراسة‬
‫ّ‬
‫(اإلحصاء والتجربة)؛‬
‫العملية على المبرمجين لتحويل الخدمة إلى معالجة بالعقل االصطناعي‬
‫ّ‬ ‫‪ 4‬عرض‬
‫ّ‬
‫(المنهج التجريبي)‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأما المنحى التطبيقي فيعتمد على الخطوات األربع السابقة‪ ،‬ويكمل‪:‬‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫الخوارزميات واألكواد المناسبة؛‬
‫ّ‬ ‫البرمجية المستهدفة باعتماد‬
‫ّ‬ ‫‪ 5‬يُنتج‬
‫لتتم محاكاته؛‬
‫اللغوي المناسب ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 6‬يُنتج األنموذج‬
‫يجرب األنموذج وينقده؛‬
‫ّ‬ ‫‪٧‬‬
‫‪ 8‬ينشر الخدمة للمستخدمين‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫الحاسوبية اليوم هي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫أهم الميادين التي تُستخ َدم فيها‬
‫ّ‬
‫اللغوية واألسماء واألفعال والمشت ّقات‬ ‫ّ‬ ‫اللغوي‪ :‬يمكن أن يطال الجذور‬‫ّ‬ ‫اإلحصاء‬
‫وغير ذلك‪.‬‬
‫التخزينية وسرعة‬ ‫ّ‬ ‫والتقابلية‪ :‬تستفيد من قدرة الحواسيب‬‫ّ‬ ‫الدراسات المقارنة‬
‫المعالجة‪.‬‬
‫نفعا‬
‫العمليات ً‬ ‫ّ‬ ‫العملية أكثر‬
‫ّ‬ ‫نص‪ :‬تُ َع ّد هذه‬
‫النص إلى كالم والكالم إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحويل‬
‫في هذا المجال‪ ،‬ألنّها ستكون متوافرة لجميع الناس‪ ،‬في حين قد ينتفع بعضهم‬
‫بالعمليات األخرى‪.‬‬ ‫ّ‬
‫واللغوي‪ ،‬والمعجمي‪ ،‬واألدبي‪ ،‬والمحتوى‬ ‫ّ‬ ‫خزن التراث الديني‪،‬‬ ‫حفظ التراث‪ْ :‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التداولي‪.‬‬
‫ّ‬
‫حاسوبية تدعم السليقة‪ :‬إ ّن ما يخدم التخزين والتداول اللغو َّيين‪ ،‬صو ًتا أو كتابة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫تطبيقات‬
‫اللغوية‪ ،‬شرط أن تكون النصوص صحيحة مضبوطة‪ .‬وبعض التطبيقات‬ ‫ّ‬ ‫يخدم السليقة‬
‫والتعليمية‪،‬‬ ‫التجريبية‪،‬‬ ‫كال من السليقة والتقعيد على ح ّد سواء‪ ،‬وهي التطبيقات‬ ‫تخدم ًّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإللكترونية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والتدريبية‪ ،‬مثل‪ :‬الكتاب اإللكتروني‪ ،‬والبريد اإللكتروني‪ ،‬والحكومة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعليمية متع ّددة‪...‬‬
‫ّ‬ ‫التعليمية للشروح‪ ،‬والعروض‪ ،‬والمحاكاة‪ ،‬ووسائط‬
‫ّ‬ ‫والبرمجيات‬
‫ّ‬
‫‪132‬‬
‫اللسان ّيات الحاسوب ّية‬

،‫وية‬
ّ ‫والنح‬
ْ ،‫والصرفية‬
ّ ،‫اإلمالئية‬
ّ ‫ المعالجات‬:‫حاسوبية في خدمة التقعيد‬
ّ ‫تطبيقات‬
...‫ اإلعراب اآللي‬،‫اآلليان‬
ّ ‫ الضبط والتشكيل‬،‫ونماذج من المعجم اإللكتروني‬
ّ ّ
)11-1٠‫ ص‬،٢٠1٧ ،‫(أمهان‬

‫ مصادر ومراجع‬-‫خامسا‬
ً
.‫ جامعة اليرموك‬:‫ إربد‬.)1‫العربية (ط‬
ّ ‫ الحاسوب واللغة‬.)1٩٩6( ‫ عبد ذياب‬،‫العجيلي‬
.‫ دار تعريب‬:‫ الرياض‬.)1‫العربية والحاسوب (ط‬ ّ ‫ اللغة‬.)1٩88( ‫ نبيل‬،‫علي‬
‫ مركز‬:‫ الرياض‬.)1‫الحاسوبية (ط‬
ّ ‫اللسانيات‬
ّ ‫ مدخل إلى‬.)٢٠1٧( ‫مجموعة باحثين‬
.‫العربية‬
ّ ‫الملك عبداهلل بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة‬
ّ
‫اللسانيات‬
ّ ‫ نحو توصيف جديد في ضوء‬:‫العربية‬ ّ .)٢٠٠٠( ‫ نهاد‬،‫الموسى‬
.‫العربية للدراسات والنشر‬
ّ ‫ ؤ‬:‫ بيروت‬.)1‫الحاسوبية (ط‬
‫المو ّسسة‬ ّ
- Bolshakov, Igor and Alexander Gelbukh (2004). Computational Linguistics:
Models, Resources, Applications. Mexico: Instituto Politécnico Nacional.
- Clark, Alexander, Chris Fox and Shalom Lappin (2010). The Handbook of
Computational Linguistics and Natural Language Processing. Hoboken: Wiley-
Blackwell.
- Farghaly, Ali (2010). Arabic Computational Linguistics. Stanford: Center for
the Study of Language and Information.
- Johansson, Stig (2008). Contrastive analysis and learner language:
A corpus-based approach. University of Oslo.
- Johnson, Mark (October 2012). Natural Language Processing and Computational
Linguistics: from Theory to Application. Sidney: Macquarie University.
- Mitkov, Ruslan (2009). The Oxford Handbook of Computational Linguistics.
New York: Oxford University Press.
- Rosner, Michael and Roderick Johnson (1992). Computational Linguistics and
Formal Semantics. UK: Cambridge University Press.

133
‫اللسان ّيات الحاسوب ّية‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫العربية‪ :‬المشاكل والحلول‪ .‬القاهرة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫اآللية للّغة‬
‫َحمادة‪ ،‬سلوى (‪ .)٢٠٠٩‬المعالجة ّ‬
‫دار غريب‪.‬‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫اللغوية ودورها في معالجة النصوص‬
‫ّ‬ ‫المدونات‬
‫َّ‬ ‫الدكروري‪ ،‬أيمن (‪.)٢٠18‬‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(ط‪ .)1‬الرياض‪ :‬مركز الملك عبداهلل بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة‬
‫ّ‬
‫العربية‬
‫ّ‬ ‫العربي والتقنية‪ :‬أبحاث في حوسبة‬‫ّ‬ ‫مجموعة باحثين (‪ .)٢٠15‬الحرف‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫(ط‪ .)1‬الرياض‪ :‬مركز الملك عبداهلل بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة‬
‫ّ‬
‫وبخاص ٍة ما انتهى منها بعالمة*‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيضا قائمة مصادر المبحث ومراجعه‪،‬‬ ‫راجع ً‬

‫مصادر المبحث ومراجعه‬


‫الحاسوبية ومشكلة حوسبة‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫أمهان‪ ،‬طارق عبد الحكيم (‪.)٢٠1٧‬‬
‫تم االسترجاع من‪:‬‬
‫إلكترونية]‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫العربية‪ :‬خطوة باتّجاه الح ّل [طبعة‬
‫ّ‬ ‫اللغة‬
‫‪ ،https://www.alukah.net/library/0/121502‬شبكة األلوكة‪.‬‬
‫زكريا‪ ،‬ميشال (‪ .)٢٠٠٢‬المدخل إلى علم اللغة الحديث (ط‪ .)1‬درعون‪ :‬ؤ‬
‫مو ّسسة‬ ‫ّ‬
‫نعمة للطباعة‪.‬‬
‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫األول ‪« .)٢٠٠٧‬توظيف‬ ‫(تموز كانون ّ‬ ‫العارف‪ ،‬عبد الرحمن بن حسن ّ‬
‫العربية‪ :‬جهو ٌد ونتائج»‪ .‬مجلّة مجمع اللغة‬ ‫ّ‬ ‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫الحاسوبية في خدمة الدراسات‬
‫ّ‬
‫األردني (العدد ‪.٩6-4٧ ،)٧3‬‬
‫ّ‬ ‫العربية‬
‫ّ‬
‫تقنية‪.‬‬
‫تقابلية ّ‬
‫ّ‬ ‫العربي‪ :‬دراسة‬
‫ّ‬ ‫اللغوي‬
‫ّ‬ ‫عبد الحليم‪ ،‬حسين (‪ .)٢٠1٧‬حوسبة النظام‬
‫اللبنانية‪ ،‬بيروت‪*.‬‬
‫ّ‬ ‫محمد أسعد النادري)‪ .‬الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫(أطروحة دكتوراه بإشراف أ‪ .‬د‪.‬‬
‫الداللي‬
‫ّ‬ ‫الحاسوبية والويب‬
‫ّ‬ ‫اللسانيات‬
‫ّ‬ ‫الكوسا‪ ،‬عمر (‪ .)٢٠٢٠‬تطبيقات‬
‫أنموذجا‪( .‬أطروحة دكتوراه‬
‫ً‬ ‫النبوي الشريف‬
‫ّ‬ ‫ذكي لرواة الحديث‬
‫آلي ّ‬
‫في المعاجم‪ :‬معجم ّ‬
‫محمد أسعد النادري ود‪ .‬مصطفى الحج)‪ .‬جامعة الجنان‪ ،‬طرابلس لبنان‪*.‬‬ ‫بإشراف أ‪.‬د‪ّ .‬‬
‫العملية (ط‪.)٢‬‬
‫ّ‬ ‫النظرية وتطبيقاته‬
‫ّ‬ ‫القاسمي‪ ،‬علي (‪ .)٢٠1٩‬علم المصطلح‪ :‬أ ُ ُس ُسه‬
‫بيروت‪ :‬مكتبة لبنان‪.‬‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬حسين عبد الحليم‬

‫‪134‬‬
‫الموضوعات ّية‬

‫الموضوعاتيّة‬

‫م�لّفاتهم‬
‫ّأو ًال‪ -‬تعريفها‪ ،‬أعالمها‪ ،‬ؤ‬
‫قصد‬‫الذاتية؛ بل يُ َ‬‫ّ‬ ‫الموضوعية‪ ،‬نقيض‬
‫ّ‬ ‫ال يُقصد بـ «الموضوعاتية» )‪(Thématique‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫النص ّية التي تعالج الموضوعات ‪ /‬التيمات )‪ ،(Thèmes‬والتي‬ ‫نمط من المقاربة ّ‬ ‫بها ٌ‬
‫النقدي خالل النصف‬ ‫ّ‬ ‫اجتمع أقطابها تحت لواء «مدرسة جنيف»‪ ،‬وامت ّد نشاطها‬
‫ستي ّنيات ذلك القرن‪،‬‬ ‫جها في ّ‬ ‫وبلغت ْأو َ‬
‫ْ‬ ‫الثاني من القرن العشرين (‪،)1٩٩٠-1٩5٠‬‬
‫النقدية‪ .‬وهي َمدينة لرواف َد كثيرة‪،‬‬ ‫مرحلة كانت تسيطر فيها مجموعة من المناهج‬ ‫ٍ‬ ‫في‬
‫ّ‬
‫والبنيوية‪...‬‬
‫ّ‬ ‫واألسلوبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والوجودية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والنفسانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫والظاهراتية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الرومنسية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لع ّل أه َّمها‪:‬‬
‫النقدي المتراكم خالل عقود‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حتى لَيمكن ع ُّدها ابنة أو وريثة المجهود‬ ‫ّ‬
‫موضوعاتية الكاتب‪ ،‬وهي مساره‬ ‫ّ‬ ‫موضوعاتيتان‪:‬‬
‫ّ‬ ‫والموضوعاتية‪ ،‬في النقد األدبي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫وموضوعاتية الناقد‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫التخيلي؛‬ ‫الحسي‬ ‫اإلبداعي في سبيل الوعي وتشكيل عالمه‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫موضوعاتية المبدع‪ .‬ولك ّل ناقد موضوعاتي من‬ ‫ّ‬ ‫اكتشاف‬ ‫إلى‬ ‫سعيه‬ ‫في‬ ‫النقدي‬
‫ّ‬ ‫مساره‬
‫ّ‬
‫العامة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الر�ية‬
‫ومشروعه وأدواتُه‪ ،‬وإن الت َقوا في ؤ‬ ‫ُ‬ ‫مساره‬
‫ُ‬ ‫الموضوعاتية‬
‫ّ‬ ‫أقطاب‬
‫بالفرنسية‪ ،‬نذكر منهم‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وسويسريون وبلجيكي كتبوا‬ ‫ّ‬ ‫فرنسيون‬
‫ّ‬ ‫الموضوعاتية‬
‫ّ‬ ‫أبر ُز أعالم‬
‫ّ‬
‫غاستون باشالر )‪ :)1٩6٢-1884( (Bachelard‬فيلسوف فرنسي في العلوم وفي‬
‫ّ‬
‫يضم‬
‫ّ‬ ‫اهتم بالخيال اإلنساني الذي‬ ‫ّ‬ ‫الشعر‪ ،‬كان األب الروحي للنقد الموضوعاتي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مكونات الخيال الما ّد ّي كامنة في العناصر‬ ‫ّ‬ ‫النفسية‪ ،‬ورأى أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫جميع الوظائف‬
‫األربعة (النار‪ ،‬والتراب‪ ،‬والماء‪ ،‬والهواء)‪ ،‬وأ ّن أحالم اليقظة تخضع لعنص ٍر مسيطر‬
‫كتابا أو أكثر (‪-1٩3٧‬‬ ‫من هذه العناصر الما ّد ّية األربعة‪ .‬وقد أفرد لك ّل عنصر ً‬
‫وشاعرية أحالم اليقظة (‪.)1٩6٠‬‬ ‫ّ‬ ‫شاعرية المكان (‪،)1٩5٧‬‬ ‫ّ‬ ‫وبحث في‬ ‫َ‬ ‫‪،)1٩48‬‬

‫‪135‬‬
‫الموضوعات ّية‬

‫النقدي الوعي‬‫ّ‬ ‫جورج بوله )‪ :)1٩٩1-1٩٠٢( (Poulet‬ناقد بلجيكي‪َ ،‬ف َرسا رها ِنه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫نسج العمل األدبي ويُقرأ‪ .‬الكتابة‪،‬‬ ‫والوعي بالزمن ‪ /‬المكان‪ ،‬وعلى نَولهما يُ َ‬ ‫بالذات‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫المتأملة‪ ،‬ما يُلزم الناقد اختراق وعي‬ ‫ّ‬ ‫كما القراءة ‪ /‬النقد‪ ،‬معناها اكتشاف الذات‬
‫اإلنساني (‪ 4‬أجزاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أهم أعماله‪ :‬دراسات في الزمن‬ ‫المولّف‪ ،‬وأن يتماثل وعالَمه‪ّ .‬‬ ‫ؤ‬
‫البروستي (‪ ،)1٩63‬الوعي‬ ‫ّ‬ ‫تحوالت الدائرة (‪ ،)1٩61‬الفضاء‬ ‫‪ّ ،)1٩68-1٩4٩‬‬
‫النقدي (‪.)1٩٧1‬‬ ‫ّ‬
‫سويسري‪ ،‬يكاد يكون وح َده ِمن‬ ‫ّ‬ ‫جان روسه )‪ :)٢٠٠٢-1٩1٠( (Rousset‬ناقد‬
‫البالغية الملحاحة والجوانب‬ ‫ّ‬ ‫الموضوعاتيين َمن يولي الشكل والبنية والوجوه‬ ‫ّ‬ ‫بين‬
‫التقنية عناي ًة فائقة‪ ،‬لالنتقال من الغياب إلى الحضور‪ ،‬ومن الشكل إلى المعنى‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الخالقة‪ .‬من أعماله‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ومن الخارج إلى الداخل‪ ،‬ومن العمل الفنّي إلى الذات‬
‫ّ‬
‫والخارجي (‪ ،)1٩68‬أسطورة دون جوان‬ ‫ّ‬ ‫الداخلي‬
‫ّ‬ ‫الشكل والداللة (‪،)1٩6٢‬‬
‫� الحميم (‪.)1٩86‬‬ ‫(‪ ،)1٩٧8‬القار ؤ‬
‫سويسري‪ ،‬تنتظم قراءته‬ ‫ّ‬ ‫جان ستاروبنسكي )‪ :)٢٠1٩-1٩٢٠( (Starobinski‬ناقد‬
‫ضمن موضوع حقل النظرة (كورناي راسين البرويير روسو ستندال)‪.‬‬
‫ثالثية المراحل‪ :‬القراءة‬ ‫ّ‬ ‫النقدية‬
‫ّ‬ ‫ر�يته‬ ‫النقدية (‪ )1٩٧٠‬ؤ‬ ‫ّ‬ ‫وصف في كتابه العالقة‬ ‫َ‬
‫تقنيات التحليل النفسي‬ ‫الموضوعية المستندة إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫العفوية المتعاطفة؛ الدراسة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحر والتفكير‬ ‫ّ‬ ‫والبنيوية وتاريخ األفكار؛ التفسير‬ ‫ّ‬ ‫واألسلوبية (ليو سبيتزر)‬
‫ّ‬ ‫(فرويد)‬
‫الحية‬ ‫ّ‬ ‫الشفافية والعائق (‪ ،)1٩5٧‬العين‬ ‫ّ‬ ‫روسو‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الطليق‪ .‬من أعماله‪ :‬جان جاك‬
‫متحر ًكا (‪.)1٩8٢‬‬ ‫ّ‬ ‫(‪ ،)1٩61‬مونتاني‬
‫جان بيار ريشار )‪ :)٢٠1٩-1٩٢٢( (Richard‬ناقد فرنسي من ألمع ورثة باشالر‪،‬‬
‫ّ‬
‫والحس‬ ‫ّ‬ ‫ل‬
‫ُ‬ ‫الخيا‬ ‫كان‬ ‫ا‪.‬‬ ‫شعرا وسر ًد‬ ‫ً‬ ‫للموضوعاتية وبالتطبيق عليها‬‫ّ‬ ‫اهتم بالتنظير‬ ‫ّ‬
‫تحو َل النقد الموضوعاتي إلى منهج متكامل‪ .‬من أعماله‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫النقدي‪ ،‬ومعه ّ‬‫ّ‬ ‫َف َر َسي رهانه‬
‫لي‬
‫التخي ّ‬ ‫ّ‬ ‫والحس ّية (‪ ،)1٩54‬الشعر واألعماق (‪ ،)1٩55‬عالم ماالرمه‬ ‫ّ‬ ‫األدب‬
‫عشرة دراسة في الشعر الحديث (‪ ،)1٩64‬بروست والعالم‬ ‫(‪ ،)1٩61‬إحدى ْ‬
‫جهرية (جزآن‪...)1٩84-1٩٧٩ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المحسوس (‪ ،)1٩٧4‬قراءات ِم‬
‫جان بول فيبير )‪( (Weber‬؟)‪ :‬هو ّأول من استعمل «الموضوع» بمعنى ذكرى‬
‫عشرة أعوام)‪ ،‬وحولها تتمحور‬ ‫عامين إلى َ‬ ‫صدمة تعود إلى طفولة الكاتب (من َ‬

‫‪136‬‬
‫الموضوعات ّية‬

‫يصرحون فيها بسيطرة‬‫ّ‬ ‫بعض المبدعين باعترافات‬


‫ُ‬ ‫األدبية كافّ ًة‪ .‬وقد يُدلي‬
‫ّ‬ ‫أعماله‬
‫اإلبداعية (جوليان غراك‪ ،‬هوغو‪ ،‬لوركا‪.)...‬‬
‫ّ‬ ‫معينة على عوالم أعمالهم‬ ‫ٍ‬
‫موضوعات ّ‬
‫الشعري (‪ ،)1٩6٠‬ميادين‬
‫ّ‬ ‫الفن (‪ ،)1٩58‬تكوين العمل‬‫أهم أعماله‪ :‬علم نفس ّ‬ ‫ّ‬
‫الموضوعاتية لألثر والقدر (‪.)1٩6٩‬‬
‫ّ‬ ‫موضوعاتية (‪ ،)1٩63‬ستندال‪ :‬البنى‬ ‫ّ‬
‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫الفرنسية ‪(Larousse, 2000, p. 1006; Robert,‬‬
‫ّ‬ ‫الموضوع )‪ :(Thème‬اللفظة‪ ،‬في المعاجم‬
‫يتم التفكير فيه إلنتاج‬ ‫يوناني‪ ،‬تعني فكرة‪ ،‬معنى‪ ،‬اقتراح ّ‬ ‫)‪ ،2003, p. 2605‬من أص ٍل‬
‫ّ‬
‫ضم َر ولم يُتكلَّ ْم به» (ابن‬ ‫نص أو خطاب‪ .‬وفي المعاجم العربية‪ ،‬الموضوع «ما أ ُ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والمشار‬ ‫منظور‪ ،1٩٩4 ،‬مج‪ ،8‬ص‪ ،)3٩6‬و«الشيء الذي ُع ِّين للداللة على المعنى‪ُ ،‬‬
‫العربية تحيط‬‫ّ‬ ‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫حس ّية» (البستاني‪ ،1٩٩8 ،‬ص‪ .)٩٧4‬وهذه المعاني‬ ‫إليه إشارة ّ‬
‫«الموضوعاتية»‬
‫ّ‬ ‫إلى ح ّد بعيد بالمفهوم الغربي‪ .‬والمرجَّح أ ّن ّأول َمن استعمل مصطلح‬
‫ّ‬
‫السوري هاشم صالح (‪ّ .)1٩86‬أما في النقد األدبي‪ ،‬فللموضوع‬ ‫ّ‬ ‫بالعربية هو المفكّر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تعريفات كثيرة‪َ ،‬وفق منظور ك ّل ناقد موضوعاتي‪ ،‬نظر ًّيا وتطبيق ًّيا‪ ،‬لع ّل أه َّمها تعريف‬
‫ّ‬
‫عالئقية مشهود لها‬ ‫ّ‬ ‫ة‬ ‫ي‬
‫ّّ‬‫حس‬ ‫المعنى‪،‬‬ ‫دات‬ ‫جان بيار ريشار‪« :‬الموضوع َوحدة من َو َح‬
‫كاتب ما‪ ،‬تنمو نم ًّوا شبك ًّيا إشعاع ًّيا أو خطوط ًّيا أو جدل ًّيا أو منطق ًّيا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بخصوصيتها عند‬
‫ّ‬
‫الخاص بالكاتب» (حسن‪ ،1٩٩٠ ،‬ص‪ .)3٩‬والخالصة أ ّن الموضوع‬ ‫ّ‬ ‫باسط ًة العالَم‬
‫مولّفين‪ ،‬كما في ورد في التاريخ‬ ‫مجموعة أعمال ؤ‬ ‫ِ‬ ‫ليس تلك الما ّدة المشتركة في‬
‫مثال أو ال ُقبلة في الشعر العربي)؛ بل تلك‬ ‫الجاهلية واإلسالم ً‬ ‫ّ‬ ‫(تطور الغزل بين‬‫األدبي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المولّف الواحد‪ .‬الموضوع إ ًذا هو‬ ‫ؤ‬ ‫نصوص‬ ‫مجموع‬ ‫في‬ ‫ر‬ ‫تتكر‬
‫ّ‬ ‫التي‬ ‫الواحدة‬ ‫الالزمة‬
‫فكرة متسلّطة على الفكر نتيجة قلق أو‬ ‫ٍ‬ ‫يعبر عن‬ ‫قولي ّ‬‫ّ‬
‫هاجس الكاتب‪ ،‬أي َوسواس‬ ‫ُ‬
‫عالم‬
‫ٌ‬ ‫هم‪ ...‬ال يني يراو ُده في نصوصه‪ ،‬وهو المحور الذي ينداح من حوله‬ ‫َحيرة أو ّ‬
‫أدبي يفيء الكاتب إليه‪ ،‬وبه يكون‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتحرك‪ .‬وفي النقد الموضوعاتي‬ ‫الالتينية )‪ (Motivus‬أي ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحسي )‪ :(Motif‬من‬ ‫التشكّل‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫يتطور في عم ٍل فنّي كما في‬ ‫يتكرر أو ّ‬ ‫ّ‬ ‫التشكيلية‪ :‬عنصر زخرفي مرئي‬ ‫ّ‬ ‫كما في الفنون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتكرر‬‫ّ‬ ‫المعمار أو اللوحة )‪ .(Souriau, 2015, p. 1090‬وذلك أل ّن الموضوع الواحد‬
‫الحسي‬ ‫وغالبا ما يكون التشكّل‬ ‫ً‬ ‫وتتشعب أشكاله‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتحول‪ ،‬وتتع ّدد تعابيره‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتب ّدل‬
‫ّ ّ‬
‫الحس ّية بالعناصر‬ ‫ّ‬ ‫حس ّي ًة من الموضوع‪ ،‬واألخير أكثر تجري ًدا‪ .‬تُبنى التشكّالت‬ ‫أكثر ّ‬
‫‪137‬‬
‫الموضوعات ّية‬

‫بالحواس الخمس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫درك‬


‫األربعة (النار والماء والهواء والتراب)‪ ،‬وتُ َ‬
‫وعي بالذات‪،‬‬ ‫الموضوعاتي ٌ‬ ‫النقدي‬
‫ّ‬ ‫النقدي )‪ :(La conscience critique‬الوعي‬ ‫ّ‬ ‫الوعي‬
‫ّ‬
‫� ‪ /‬الناقد‬ ‫لعالقة الذات بالعالم‪ ،‬ومثلّث الوعي هذا يقود القار ؤ‬ ‫ووعي َ‬
‫ٌ‬ ‫ووعي بالعالم‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫تجاوز الذات ذاتَها واالحتكاك‬ ‫ُ‬ ‫حركية الوعي الذاتي انطال ًقا من لحظة‬ ‫ّ‬ ‫إلى تت ُّبع‬
‫ّ‬
‫وصوال إلى تجلّي الوعي اإلبداعي‪ .‬وال يتجلّى‬ ‫ً‬ ‫(القصدية)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الحسي بأشياء العالم‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫لغوي كالمي يسمح للمبدع بأن‬ ‫ّ‬ ‫هذا الوعي اإلبداعي‪ ،‬في ميدان األدب‪ّ ،‬إال بوعي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تأمالته الشاردة‪ .‬ال ؤيومن النقد الموضوعاتي بأ ّن األدب‬ ‫ِ‬ ‫ينق َل أحالمَ ِ‬
‫ّ‬ ‫ويكتب ّ‬
‫َ‬ ‫يقظته‬
‫مجرد تعبير عن اإلنسان أو انعكاس للمجتمع والتاريخ‪ ،‬بل هو في جوهره مجا ٌل‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫للوعي بوساطة اللغة‪ ،‬أي البتداع الذات واكتشافها وإدراك كيانها المفكّر‪ ،‬ولذلك‬
‫نص ًّيا داخل ًّيا يقرأ العالقات التي أقامتها اللغة بين وع ٍي‬ ‫الموضوعاتي نق ًدا ّ‬ ‫كان النقد‬
‫ّ‬
‫مفرد والعالم‪ ،‬أي إ ّن عالقة الكاتب بنفسه وبالناس وبأشياء العالم متض َّمنةٌ كلُّها‬
‫لفك‬
‫ّ‬ ‫سلفا‬
‫مهيأ ً‬ ‫داعي لمنهج ّ‬ ‫في العمل األدبي‪ ،‬فال داعي لوثائق األرشيف‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫االجتماعية)‪ .‬النقد الموضوعاتي إ ًذا هو نق ٌد‬ ‫ّ‬ ‫رموز المعنى (دوافع الالوعي أو البنى‬
‫ّ‬
‫للوعي (موريل‪ ،٢٠٠8 ،‬ص‪.)6٩-68‬‬
‫عبر باشالر )‪« (1997, p. 260‬وعي ما تحت‬ ‫ما قبل الوعي )‪ :(Préconscient‬أو كما ّ‬
‫ُ‬
‫ثيره كلمات‬ ‫تحتأرضي»‪ .‬يرتبط ما قبل الوعي بما يمكن أن تُ َ‬ ‫األنا‪ ،‬نوعٌ من كوجيتو‬
‫ّ‬
‫استحضاره من ذكريات‪ ،‬وبما يمكن إدراكه من‬ ‫ُ‬ ‫اللغة من ُص َور‪ ،‬وبما يمكن‬
‫الخاص؛ فمضامين ما قبل الوعي قابلة للتح ّفظ‬ ‫ّ‬ ‫معرفة تتعلّق بالشخص وبعالمه‬
‫واالنكماش والنكوص إلى الالوعي كما هي قابلة للعبور والنفاذ والوصول إلى‬
‫الوعي‪ ،‬في حين أ ّن مضامين الالوعي يغلب عليها طابع المقاومة الحا ّدة والدفاع‬
‫من خالل الكبت (البالنش وبونتاليس‪ ،1٩٩٧ ،‬ص‪ .)443-441‬من هنا‪ ،‬فإ ّن‬
‫تجربة ال واعية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تعبيرا عن‬ ‫األدبية‬ ‫يرون إلى الكتابة‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الموضوعاتيين ال َ‬‫ّ‬ ‫معظم الن ّقاد‬
‫حلمي إيجابي ُم ِنتج تنطلق فيه الذات باتّجاه تحقيق‬ ‫حلم اليقظة )‪ :(La rêverie‬نشاط‬
‫ّ‬ ‫ٌ ُ ّ‬
‫الذاتية‪ ،‬يكون فيه الحالم‬ ‫ّ‬ ‫الواقعية والسيرة‬ ‫ّ‬ ‫رغبات لم تستطع تحقي َقها في الحياة‬
‫منزلتين (الالوعي والوعي‬ ‫َ‬ ‫ص من الوعي‪ ،‬أو يكون في منزلة بين‬ ‫محتفظا ببصي ٍ‬ ‫ً‬ ‫َي ِق ًظا‬
‫النهاري)‪ ،‬يعمد‪ ،‬بمعونة اإلرادة والخيال والكتابة‪ ،‬إلى‬ ‫ّ‬ ‫أو الالوعي الليلي والوعي‬
‫ّ‬
‫اللغوي»‪ ،‬على الورقة البيضاء (اإلمام‪،٢٠1٠ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫«الوجود‬ ‫الجديد‪،‬‬ ‫الخاص‬
‫ّ‬ ‫بناء عالمه‬
‫ص‪.)365-336‬‬
‫‪138‬‬
‫الموضوعات ّية‬

‫األنا المبدع )‪ :(Le moi créateur‬األنا الحالم والواعي ذاتَه هو أشغولة النقد الموضوعاتي‬
‫ّ‬
‫ح ْسب‪ ،‬بل هو يبتدعها‬ ‫الواقعي؛ فالكاتب ال يقول ذاته َف َ‬ ‫المولّف أو‬
‫ال األنا الكاتب أو ؤ‬
‫ّ‬
‫ويغير العالقة بين‬
‫الواقعي‪ّ ،‬‬ ‫بديال من العالم‬ ‫عالما لغو ًّيا ً‬ ‫باستخدام الكلمات‪ ،‬ويخلق ً‬
‫ّ‬
‫والسوريالية‪ .‬قال جان روسه )‪:(1996, p. 14‬‬
‫ّ‬ ‫الصوفية‬
‫ّ‬ ‫الكلمات واألشياء‪ ،‬كما تفعل‬
‫والخلق يصبح الفنّان ما هو عليه‪ ،‬ال قبل وال‬ ‫َ‬ ‫سر العامل كامن في عمله‪ .‬بالتأليف‬ ‫«إن ّ‬
‫شكال وداللة»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بعد‪ ...‬وبصنيعه يكتشف ذاته‪ ...‬إذ يهب س َّره‬
‫يهتم النقد الموضوعاتي بعالقات األنا‬ ‫ّ‬ ‫العالقة بالعالم )‪:(La relation au monde‬‬
‫ّ‬
‫الحواس وأشياء العالم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫دركات‬ ‫وم َ‬
‫النص ّي وما يحيط به من ظواهر المكان والزمان ُ‬ ‫ّ‬
‫عناصر تبدو متباعدة ومتناثرة في نتاج‬ ‫سرية بين‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫في محاولة للكشف عن قُربى ّ‬
‫ويبين كيف يخلق العم ُل اإلبداعي سعاد ًة وتواز ًنا نفس ًّيا عند صاحبه‬ ‫ّ‬ ‫األديب كلِّه‪،‬‬
‫ّ‬
‫ُّ‬
‫وإشكاليات الواقع‪ ،‬ويُعيد اللحمة بين األنا الحالم واألنا‬ ‫وحال لمشكالته ومتناقضاته‬ ‫ًّ‬
‫ّ‬
‫المنجز‪ .‬قال‬
‫َ‬ ‫المولّف‪ ،‬في وبالعمل األدبي‬ ‫اإلبداعي واألنا ؤ‬ ‫الكاتب‪ ،‬أو بين األنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتصور الزمان والمكان‪ ،‬وكيف تدرك‬ ‫ّ‬ ‫جورج بوله )‪« :(1976, p. 273‬ق ْل لي كيف‬
‫أيضا كيف تَعقد العالئق بالعالم الخارجي‪،‬‬ ‫تفاعل األسباب واألعداد‪ ،‬وقل لي ً‬
‫ّ‬
‫«الفن محاولةٌ‬
‫ّ‬ ‫أق ْل لك من أنت»‪ .‬وقال جان ستاروبنسكي (‪ ،1٩٧6‬ص‪:)٢58‬‬
‫وثأر ُمرجأ»‪.‬‬ ‫إلصالح عالقة فاشلة بالناس واألشياء‪ٌ ،‬‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫الموضوعاتية من ثالث مراحل‪ ،‬يمكن تسميتها باإلجراءات‬
‫ّ‬ ‫تتألّف المقاربة‬
‫(حسن‪ ،1٩٩٠ ،‬ص‪1٠3-1٠٢‬؛ ّأيوب‪ ،٢٠11 ،‬ص‪:)313 ،3٠3‬‬
‫اللغوي وانتشار الحقل‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬اإلحصاء ‪ /‬الوصف‪ :‬تعيين الموضوع من خالل التواتر‬
‫ثمة‬
‫قولي)؛ ولكن ّ‬ ‫(وسواس‬ ‫المعجمي‪ ،‬إذ التواتر أو التَّكرار دليل هاجس َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الح ْدس واالنطباع الشخصي (ريشار)‪ ،‬أو البحث عن ذكرى‬ ‫َمداخل أخرى‪َ :‬‬
‫ّ‬
‫راسخة في عالم الطفولة (فيبير)‪ ،‬أو االنطالق من العنوان (بوله في بعض‬
‫الذاتية (ستاروبنسكي)؛‬
‫ّ‬ ‫كتبه)‪ ،‬أو من أدب السيرة‬
‫وتنظيمها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الحس ّية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .٢‬التحليل ‪ /‬التنظيم‪ :‬البحث عن العناصر التشك ُّ ّلية‬
‫الخفية‪ ،‬ومحاولة ر ّدها إلى مرك ٍز واحد هو الموضوع؛‬‫ّ‬ ‫والكشف عن عالئقها‬

‫‪139‬‬
‫الموضوعات ّية‬

‫الموضوعاتية)؛‬
‫ّ‬ ‫نيوية (البنية‬
‫الب ّ‬ ‫الموضوعاتية ّتتجه ِتلقائ ًّيا نحو ِ‬
‫ّ‬ ‫فكأ ّن‬
‫الحسي والخيالي‪ ،‬بما توافر للناقد‬ ‫الخاص‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬البناء ‪ /‬التأويل‪ :‬بناء عالم المبدع‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫من موا ّد‪ ،‬والكشف عن عالقة الذات بالموضوع‪ ،‬والعالم بالوعي‪ ،‬والمبدع‬
‫بعمله‪ ،‬أي نقد الوعي‪.‬‬
‫الموضوعاتية في مراحل أو إجراءات ال يعني فصلها بعضها عن‬
‫ّ‬ ‫وتفصيل المقاربة‬
‫تماسك البناء الواحد‪.‬‬
‫َ‬ ‫بعض‪ ،‬بل يعني تسلسلها وتماسكها‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫ال ب ّد‪ ،‬للوقوف على موضوعات الكاتب‪ ،‬من أن يقرأ الناقد الموضوعاتي ك ّل ما‬
‫ّ‬
‫طويال من دون االهتمام‬
‫ً‬ ‫نصا عضو ًّيا واح ًدا أو اعترا ًفا‬‫ب من أعما ٍل كاملة بوصفها ًّ‬ ‫كَ َت َ‬
‫الموضوعاتية (أو النقد الموضوعاتي)‬
‫ّ‬ ‫بالنوع أو الجنس األدبي‪ ،‬ما يعني أ ّن ميادين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المهم أ ّن على الناقد الموضوعاتي‬
‫ّ‬ ‫ومسرحا‪...‬‬
‫ً‬ ‫ونثرا‪ ،‬سر ًدا‬
‫شعرا ً‬
‫األدبية‪ً ،‬‬
‫ّ‬ ‫هي النصوص‬
‫ّ‬
‫الصالت بين عناصرها‬ ‫األدبية وإظهار ِّ‬
‫ّ‬ ‫أن يسعى إلى الكشف عن تماسك األعمال‬
‫ِ‬
‫المبدع‪.‬‬ ‫المبعثرة وعالم‬
‫موضوعاتية ترصد‬
‫ّ‬ ‫وقد دعا الناقد الموضوعاتي جان بول فيبير إلى تأليف موسوعة‬
‫ّ‬
‫الحس ّية) في مختلف اآلداب‪ ،‬واللغات‪،‬‬
‫ّ‬ ‫موضوعات األدباء وتعديالتهم (أو تشكّالتهم‬
‫منطلقا إلى رصد موضوعات حضارة ما‪ ،‬أو عصر‪ ،‬أو مدرسة‪ ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫والعصور‪ ،‬وتكون‬
‫وتاليا تستضيء العلومُ‬
‫ً‬ ‫والحضارية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫التاريخية‬
‫ّ‬ ‫األدبية إلى‬
‫ّ‬ ‫الموضوعاتيةَ‬
‫ّ‬ ‫طراز؛ فتتجاوز‬
‫وبخاص ٍة‬
‫ّ‬ ‫بديال من التحليل النفسي‬
‫ً‬ ‫واالجتماعية بالتحليل الموضوعاتي‬
‫ّ‬ ‫اإلنسانية‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفرويدي )‪.(Weber, 1966, p. 66-71‬‬
‫ّ‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫الموضوعاتي‪ .‬الرباط‪ :‬بابل للنشر والطباعة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫علّوش‪ ،‬سعيد (‪ .)1٩8٩‬النقد‬
‫الموضوعاتي في الرواية‬ ‫َحمداني‪ ،‬حميد (‪ .)٢٠14‬سحر الموضوع‪ :‬عن النقد‬ ‫ل ِ‬
‫ّ‬
‫والشعر (ط‪ .)٢‬فاس‪ :‬مطبعة أنفو – برانت‪.‬‬
‫األدبي‪ ،‬تر‪ .‬رضوان‬
‫ّ‬ ‫الكتاب (مايو ‪ .)1٩٩٧‬مدخل إلى مناهج النقد‬ ‫ّ‬ ‫مجموعة من‬
‫ظاظا‪ .‬الكويت‪ :‬المجلس الوطني للثقافة‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة (العدد ‪.)٢٢1‬‬
‫ّ‬
‫‪140‬‬
‫الموضوعات ّية‬

‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كتب غاستون باشالر المترجمة إلى‬
‫وبخاص ٍة ما انتهى منها بعالمة *‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أيضا قائمة مصادر هذا المبحث ومراجعه‪،‬‬‫راجع ً‬
‫‪- Poulet, G. (1971). La conscience critique. Paris: José Corti.‬‬
‫‪- ______ (1949-1968). Etudes sur le temps humain, 4 tomes. Paris: Plon.‬‬
‫‪- Richard, J. P. (1961). L’univers imaginaire de Mallarmé. Paris: Seuil.‬‬
‫‪- ______ (1964). Onze études sur la poésie moderne. Paris: Seuil.‬‬
‫‪- ______ (1979). Microlectures. Paris: Seuil.‬‬
‫‪- Starobinski J. (1961). L’œil vivant. Paris: Gallimard.‬‬
‫‪- ______ (1971). Jean-Jacques Rousseau: la transparence et l’obstacle. Paris:‬‬
‫‪Gallimard.‬‬
‫‪- Weber, J. P. (1960). La genèse de l’œuvre poétique. Paris: Gallimard.‬‬
‫‪- ______ (1963). Domaines thématiques. Paris: Gallimard.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫السياب (ط‪.)1‬‬
‫البنيوية‪ :‬دراسة في شعر ّ‬
‫ّ‬ ‫الموضوعية‬
‫ّ‬ ‫حسن‪ ،‬عبد الكريم (‪.)1٩83‬‬
‫الجامعية للدراسات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬
‫بيروت‪ :‬ؤ‬
‫عبد الحي‪ ،‬أحمد (‪ .)٢٠٠6‬مفاتيح كبار الشعراء (ط‪ .)1‬القاهرة‪ :‬بلنسية للنشر‬
‫والتوزيع‪.‬‬
‫الشعري في شيخ الغيم وعكّازه الريح‬
‫ّ‬ ‫قسطنطين‪ ،‬رزق اهلل (‪ .)٢٠11‬تشكُّل األنا‬
‫موضوعاتية (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬بيسان للنشر والتوزيع واإلعالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لجوزف حرب‪ :‬دراسة‬
‫الذاتية بين مصر‬
‫ّ‬ ‫الحب والموت من منظور السيرة‬ ‫ّ‬ ‫ل ُّبس‪ ،‬جوزف (‪.)٢٠٠٩‬‬
‫ولبنان في أدب طه حسين وتوفيق الحكيم وعائشة عبد الرحمن وميخائيل نعيمة‬
‫عواد وليلى عسيران (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار المشرق‪.‬‬ ‫يوسف ّ‬
‫وتوفيق ُ‬
‫أسلوبية في‬
‫ّ‬ ‫موضوعاتية‬
‫ّ‬ ‫الروح والرائحة‪ :‬دراسة‬ ‫سر ُّ‬‫مرعشلي‪ ،‬ندى (‪ّ .)٢٠1٩‬‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َضوع الياسمين (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار النهضة‬

‫‪141‬‬
‫الموضوعات ّية‬

‫مصادر المبحث ومراجعه‬


‫ابن منظور (‪ .)1٩٩4‬لسان العرب (ط‪ )3‬مج‪ .8‬بيروت‪ :‬دار صادر‪.‬‬
‫جماليات الصورة (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار التنوير‪*.‬‬
‫ّ‬ ‫اإلمام‪ ،‬غادة (‪ .)٢٠1٠‬جاستون باشالر‪:‬‬
‫البستاني‪ ،‬المعلّم بطرس (‪ .)1٩٩8‬محيط المحيط‪ .‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان‪.‬‬
‫النقدي‬
‫ّ‬ ‫وسيميائية الخطاب‬
‫ّ‬ ‫� المختلف (‪)2‬‬ ‫نص القار ؤ‬
‫ّأيوب‪ ،‬نبيل (‪ّ .)٢٠11‬‬
‫(ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان‪*.‬‬
‫نظرية وتطبيق (ط‪ .)1‬بيروت‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الموضوعي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫حسن‪ ،‬عبد الكريم (‪ .)1٩٩٠‬المنهج‬
‫الجامعية للدراسات‪*.‬‬
‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬
‫ؤ‬
‫ستاروبنسكي‪ ،‬جان (‪ .)1٩٧6‬النقد واألدب‪ ،‬تر‪ .‬بدر الدين القاسم‪ .‬دمشق‪:‬‬
‫النقدية)‪*.‬‬
‫ّ‬ ‫األصلي ‪ 1٩٧٠‬بعنوان العالقة‬ ‫منشورات وزارة الثقافة (نُشر العمل‬
‫ّ‬
‫النفسي‬
‫ّ‬ ‫البالنش‪ ،‬جان وج‪ .‬ب‪ .‬بونتاليس (‪ .)1٩٩٧‬معجم مصطلحات التحليل‬
‫الجامعية للدراسات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬
‫(ط‪ ،)3‬تر‪ .‬مصطفى حجازي‪ .‬بيروت‪ :‬ؤ‬
‫األدبي المعاصر‪ :‬مناهج‪ ،‬اتّجاهات‪ ،‬قضايا (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫موريل‪ ،‬آن (‪ .)٢٠٠8‬النقد‬
‫ومحمد الزكراوي‪ .‬القاهرة‪ :‬المركز القومي للترجمة‪*.‬‬ ‫ّ‬ ‫إبراهيم أولحيان‬
‫ّ‬
‫‪- Bachelard, G. (1997). La terre et les rêveries du repos: Essai sur les images de‬‬
‫*‪l’intimité (17e réimpression). Paris: José Corti.‬‬
‫‪- Larousse, P. (2000). Le Petit Larousse illustré. Paris: Larousse.‬‬
‫‪- Robert, P. (2003). Le Petit Robert. Paris: Dictionnaires Le Robert.‬‬
‫‪- Poulet, G. (1976). Entre moi et moi: Essais critiques sur la conscience de soi.‬‬
‫*‪Paris: José Corti.‬‬
‫‪- Rousset, J. (1996). Forme et signification: Essai sur les structures littéraires de‬‬
‫*‪Corneille à Claudel. Tunis: Cérès.‬‬
‫‪- Souriau, E. (2015). Vocabulaire d’esthétique. Paris: PUF.‬‬
‫‪- Weber, J. P. (1966). «L’analyse thématique: hier, aujourd’hui, demain». Études‬‬
‫*‪françaises (Volume 2, Numéro 1), 29-72.‬‬

‫إعداد‪ :‬د‪ .‬جوزف ُّلبس‬


‫‪142‬‬
‫االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫النقد‬

‫‪143‬‬
‫البنيو ّية التكوين ّية (غولدمان)‬

‫البنيويّة التكوينيّة‬
‫(غولدمان)‬

‫الم�لّفات‬
‫ّأو ًال‪ -‬التعريف واألعالم وأبرز ؤ‬
‫التكوينية على يد الناقد الفرنسي‪ ،‬الروماني األصل لوسيان‬ ‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫بلور منهج‬‫تَ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فالسفة سابقين كهيغل )‪(Hegel‬‬ ‫ٍ‬ ‫غولدمان )‪ (Lucien Goldmann‬بعد أن استأنف جهو َد‬
‫وماركس )‪ (Marx‬ولوكاتش )‪ ...(Lukacs‬خالصة ما يجمع بين غولدمان وأساتذته من‬
‫دورا أساس ًّيا في فهم‬‫«الر�ية إلى العالم» التي أ ّدت ً‬ ‫ؤ‬ ‫مو ّسسي المنهج الجدلي مقولة‬ ‫ؤ‬
‫ّ‬
‫واألدبية الكبرى (بحري‪ ،٢٠15 ،‬ص‪.)1٩‬‬ ‫ّ‬ ‫الثقافية‬
‫ّ‬ ‫اإلبداعية‬
‫ّ‬ ‫األعمال‬
‫التاريخية‪ ،‬ما يجعله‪ ،‬من الناحية‬
‫ّ‬ ‫المادية‬
‫ّ‬ ‫مغمسة بأتربة الفلسفة‬ ‫أصول هذا المنهج ّ‬
‫والفكري‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية التي اجتاحت العالم األدبي‬
‫ّ‬ ‫النقدية‬
‫ّ‬ ‫النقدية‪ ،‬ثورة على األسس‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫النص اإلبداعي‪ ،‬والمسار‬ ‫الجدلية التي تح ّدد العالقة بين ّ‬ ‫ّ‬ ‫العملية‬
‫ّ‬ ‫نظرا إلى‬ ‫آنذاك‪ً ،‬‬
‫ّ‬
‫األدبية‪ ،‬انطال ًقا من‬
‫ّ‬ ‫العملية‬
‫ّ‬ ‫الفكري الذي إليه وح َده تُنسب‬ ‫ّ‬ ‫التاريخي االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الماركسية‪ :‬الفكر يح ّدده الوجود‪ ،‬وليس العكس‪ ،‬وهذا انقالب واضح على‬ ‫ّ‬ ‫شعار‬
‫الهيغيلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المثالية‬
‫ّ‬
‫التكوينية‪ ،‬نقد ًّيا‪ ،‬المرحلة الرابعة من مراحل‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫انسجاما مع ذلك‪ ،‬تُشكّل‬ ‫ً‬
‫األيديولوجية‬
‫ّ‬ ‫النقد االجتماعي الماركسي‪ ،‬بعد مرحلة االنعكاس‪ ،‬ومرحلة الدراسة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الر�ية إلى العالم‪.‬‬ ‫ؤ‬ ‫ومرحلة‬ ‫‪،‬‬ ‫الطبقي‬ ‫والصراع‬
‫ّ‬
‫المجري‬
‫ّ‬ ‫التكوينية على المرحلة الثالثة التي وسمها الفيلسوف‬ ‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫قامت‬
‫أدبية كبرى‬
‫جورج لوكاتش‪ .‬يش ّدد أصحاب هذا المنهج على ّأال وجود ألعمال ّ‬
‫‪144‬‬
‫البنيو ّية التكوين ّية (غولدمان)‬

‫الر�ية‪ ،‬ال يعود إلى رصد‬ ‫ر�ية إلى العالم‪ .‬والبحث عن هذه ؤ‬ ‫ما لم يكن لها ؤ‬
‫أفكار الكاتب الواعية والمباشرة‪ ،‬إذ «إ ّن الجوهر األساسي في العمل اإلبداعي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والفنية فحسب‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫ة‬ ‫العقلي‬
‫ّ‬ ‫ال يرجع إلى إمكانات ذلك الفرد المبدع‪ ،‬وقدرته‬
‫فكرية وقدرات‬‫ّ‬ ‫يرتبط بشكل حاسم بما يطلق المجموع االجتماعي من مقوالت‬
‫ّ‬
‫بالر�ية إلى‬
‫ؤ‬ ‫ضامة‪ ،‬اتُّفق على تسميتها‬ ‫ّ‬ ‫جماعية واعية‪ ،‬في شكل بنية شاملة أو‬ ‫ّ‬
‫الكونية» (أبو جهجه‪ ،٢٠٠4 ،‬ص‪ ،)11‬وذلك أل ّن األفراد ال‬ ‫ّ‬ ‫الر�ية‬‫العالم أو ؤ‬
‫الفردية إلى ما هو أبعد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ر�ى‪ ،‬بل إ ّن العمل األدبي يتجاوز حدود‬ ‫تصدر عنهم ؤ‬
‫ّ‬
‫اللذين يُسهمان في خلق‬ ‫االقتصادي واالجتماعي َ‬ ‫ّ‬ ‫المحيطين‬‫َ‬ ‫أي إلى ما يرجع إلى‬
‫ّ‬
‫معينة‪ ،‬ومن هذه الحركات تولد أفكار الجماعة التي يعود إليها الكاتب‬ ‫حركات ّ‬
‫اجتماعية‪« ،‬وال يُفهم سلوكه‪ ،‬وال نتاجه‬ ‫ّ‬ ‫أو المبدع الذي يُ َع ّد جزءًا من مجموعة‬
‫اجتماعية ما (قد ال ينتسب‬ ‫ّ‬ ‫الفكري‪ّ ،‬إال عبر فهم سلوك مجموعة‬ ‫ّ‬ ‫األدبي أو‬
‫ّ‬
‫اجتماعية مح ّددة حين يتعلّق األمر بأعمال‬ ‫وبخاصة سلوك طبقة‬ ‫ٍ‬ ‫الكاتب إليها)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مهمة» )‪.(Goldmann, 1959, p. 16-17‬‬ ‫ّ‬
‫فردية الكاتب والجماعة المباشرة التي ينتمي إليها‪،‬‬ ‫التكوينية على ّ‬ ‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫تعول‬
‫ال ّ‬
‫النص األدبي يقتصر على كشف العالقة بين مضمونه ومضمون‬ ‫وال ترى أ ّن دراسة ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬أل ّن ذلك ير ّدنا إلى مرحلة االنعكاس التي كانت ترى ضرورة ترائي‬ ‫ّ‬ ‫الحياة‬
‫التكوينية إلى رصد‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫النص الذي يعكسها؛ بل تسعى‬ ‫االجتماعية في مرآة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحياة‬
‫الذهنية التي‬
‫ّ‬ ‫النص الدالّة‪ ،‬والبنية‬ ‫البنيات‪ِ ،‬بنية ّ‬ ‫البنيات‪ ،‬وعلى رأس هذه ِ‬ ‫العالقة بين ِ‬
‫نظرا إلى الجانب الجدلي الذي يربط بينهما‪.‬‬ ‫وفكرية‪ً ،‬‬‫ّ‬ ‫إبداعية‬
‫ّ‬ ‫عملية‬ ‫ّ‬ ‫أي‬ ‫تعود إليها ّ‬
‫ّ‬
‫الر�ية إلى العالم‪ ،‬متأثّ ًرا بهيغل وماركس‪.‬‬ ‫وهذا األمر يعود إلى لوكاتش‪ ،‬صاحب مقولة ؤ‬
‫األدبية والمجتمع‪ ،‬ويربط‬ ‫ّ‬ ‫الجدلية بين األجناس‬ ‫ّ‬ ‫نظرية لوكاتش على «العالقة‬ ‫ّ‬ ‫وتقوم‬
‫تاريخية‪ ،‬ويتراءى له‬
‫ّ‬ ‫األدبية بلحظة جدل‬ ‫ّ‬ ‫بالتطور االجتماعي‪ ،‬والبنية‬ ‫ّ‬ ‫التطور األدبي‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شكال أدب ًّيا يوافق ك ّل مرحلة من مراحل التاريخ االجتماعي‪ .‬وهو يرفض ربط‬ ‫ً‬ ‫ثمة‬ ‫أ ّن ّ‬
‫ّ‬
‫جدلية العالقة بين‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ويبحث في‬ ‫ّ‬ ‫مضمون األثر الفني بمصالح الطبقات‬
‫ّ‬
‫(أيوب‪ ،1٩٩٧ ،‬ص‪.)15٠‬‬ ‫االجتماعية» ّ‬
‫ّ‬ ‫الشكلية والبنية‬ ‫ّ‬ ‫البنية‬
‫التكوينية تسعى إلى إعادة االعتبار للعمل األدبي‬ ‫ّ‬ ‫«البنيوية‬
‫ّ‬ ‫يمكننا القول‪ :‬إ ّن‬
‫ّ‬
‫جدلية‬
‫ّ‬ ‫خصوصيته بدون أن تفصله عن عالئقه بالمجتمع والتاريخ‪ ،‬وعن‬ ‫ّ‬ ‫والفكري في‬
‫ّ‬
‫التفاعل الكامنة وراء استمرار الحياة وتج ّددها»‪( .‬غولدمان وآخرون‪ ،1٩86 ،‬ص‪.)٧‬‬
‫‪145‬‬
‫البنيو ّية التكوين ّية (غولدمان)‬

‫حضورا في ساحة هذا المنهج هما‪ :‬جورج لوكاتش (التاريخ‬ ‫ً‬ ‫العلَمان األكثر‬‫َ‬
‫نظرية‬
‫ّ‬ ‫التاريخية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األوروبية‪ ،‬الرواية‬
‫ّ‬ ‫الواقعية‬
‫ّ‬ ‫الطبقي‪ ،‬دراسات في‬‫ّ‬ ‫والوعي‬
‫اإلنسانية‬
‫ّ‬ ‫سوسيولوجية الرواية‪ ،‬العلوم‬
‫ّ‬ ‫الرواية‪ ،)...‬ولوسيان غولدمان (مق ّدمات في‬
‫الخفي‪.)...‬‬
‫ّ‬ ‫والفلسفة‪ ،‬اإلله‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫أي ظاهرة باعتبارها‬ ‫الشمولي في تفسير ّ‬ ‫الكل ّّية )‪ :(La totalité‬هي تح ُّقق االكتمال‬
‫ّ‬
‫ثرة والمتأثّرة بها‬ ‫المو ّ‬
‫أخذا بعين االعتبار ك ّل األنظمة‪ ،‬ؤ‬ ‫نسقا متكامل العناصر‪ً ،‬‬ ‫ً‬
‫(بحري‪ ،‬ص‪.)4٩-48‬‬
‫الداللية )‪ :(La structure significative‬هي موضوع دراسة الباحث‪ ،‬ذات‬ ‫ّ‬ ‫البنية‬
‫ر�ية ُمصاغة بشكل جدلي‪ ،‬وهي المقصودة‬ ‫النص باعتبارها ؤ‬ ‫ّ‬ ‫امتداد في كامل‬
‫ّ‬
‫لخلفية‬
‫ّ‬ ‫فهما أعمق‬‫الشمولي ً‬ ‫بالتحليل والتفكيك والبناء‪ ،‬تمنح الباحث بطابعها‬
‫ّ‬
‫والفكرية (ص‪.)14٧‬‬
‫ّ‬ ‫األيديولوجية‬
‫ّ‬ ‫المجتمع‬
‫نظر فيها إلى واقع‬ ‫ح ّس ويُ َ‬ ‫الكيفية التي يُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ر�ية العالم )‪ :(La vision du monde‬هي‬ ‫ؤ‬
‫عملية تح ّقق النتاج‪ ،‬ناتجة عن ضغط‬ ‫ّ‬ ‫الفكري الذي يسبق‬
‫ّ‬ ‫معين‪ ،‬أو هي النسق‬ ‫ّ‬
‫اجتماعية‬
‫ّ‬ ‫ر�ية العالم هي واقعة‬ ‫وتاليا فإ ّن ؤ‬ ‫ً‬ ‫التحتية بالمفهوم الماركسي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫البنية‬
‫ّ‬
‫فردية (غولدمان وآخرون‪ ،‬ص‪.)48‬‬ ‫تنتمي إلى مجموعة أو طبقة‪ ،‬وليست واقعة ّ‬
‫والتقيد‬
‫ّ‬ ‫المكونة للبنية الدالّة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الفهم )‪ :(La compréhension‬هو دراسة العالقات‬
‫بالنص من دون الخروج عليه أو تجاوزه‪ .‬ومن مقتضياته أن يركّز التحليل‬ ‫ّ‬ ‫الكامل‬
‫يتوجه إلى‬ ‫ّ‬ ‫الداخلية‪ ،‬فالفهم إ ًذا مرحلة سابقة على التفسير الذي‬ ‫ّ‬ ‫على ِبنى ّ‬
‫النص‬
‫النص (ص ّدار‪ ،٢٠٠٩ ،‬ص‪.)٧6-٧5‬‬ ‫خارج ّ‬
‫داللية في بنية أوسع تكون فيها‬ ‫ّ‬ ‫التفسير )‪ :(L’explication‬ينهض على إدخال بنية‬
‫خارجية بغية الوصول إلى‬ ‫ّ‬ ‫بعناصر‬
‫َ‬ ‫النص‬
‫مقوماتها‪ ،‬ويقتضي إنارة ّ‬ ‫األولى جزءًا من ّ‬
‫يمت إلى بنية‬ ‫بالشمولية والكل ّّية‪ ،‬ما يجعله ّ‬ ‫ّ‬ ‫مقوماته‪ .‬من هنا اتّصف التفسير‬ ‫إدراك ّ‬
‫«شاملة»‪ ،‬في حين يتعلّق الفهم ببنية «مشمولة» (ص‪.)٧6‬‬
‫الوعي القائم )‪ :(La conscience réelle‬هو الواقع الفعلي المحسوس لدى الجماعة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وعامة‪ ،‬وهو أقرب إلى المتوارث من الماضي الممت ّد إلى الحاضر عبر‬ ‫ّ‬ ‫نخب ًة‬

‫‪146‬‬
‫البنيو ّية التكوين ّية (غولدمان)‬

‫النص إحدى أبرز وسائل الثورة عليه والعمل‬ ‫التنميط والقوالب الجاهزة‪ ،‬ويشكّل ّ‬
‫الجمعية من طري ٍق‬
‫ّ‬ ‫ر�ية الكاتب‬‫على تغييره‪ ،‬عبر تصويره والتأليب عليه بما ترسمه ؤ‬
‫للخالص يُعرف بالوعي الممكن‪.‬‬
‫الخاص بالنخبة من مفكّرين‬ ‫ّ‬ ‫الوعي الممكن )‪ :(La conscience possible‬هو الوعي‬
‫ارتباطا‬
‫ً‬ ‫انقالبا على الوعي القائم الفعلي‪ ،‬وهو األكثر‬
‫ً‬ ‫وأدباء ومث ّقفين‪ ...‬إذ يشكّل‬
‫ّ‬
‫مو َّسس على وعي قائم‪،‬‬ ‫تصور لوعي جديد‪ ،‬ؤ‬‫بالر�ية إلى العالم‪« .‬الوعي الممكن هو ّ‬ ‫ؤ‬
‫سببا في تبلوره‪ ،‬فهو السبيل لفهم الوعي الواقع‪ ،‬فاإلبداع األدبي وعي وتطلّع‬ ‫كان ً‬
‫ّ‬
‫إلى مستقبل» (ص‪.)1٠1‬‬
‫التكوينية عن المنهج االجتماعي‪ ،‬فيح ّل‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫يميز‬
‫التماثل )‪ :(Homologie‬هو ما ّ‬
‫ّ‬
‫مح ّل االنعكاس اآللي‪ .‬إ ّن الصلة بين اإلبداع األدبي والواقع االجتماعي والتاريخي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قائمة على أساس جدلي ينهض عليه المنهج التكويني (ص‪.)8٧‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬
‫النص كبنية دالّة ببنيات أوسع‬ ‫يعتمد هذا المنهج مجموعة من اإلجراءات تربط ّ‬
‫وأول ما يدعو إليه‪ ،‬وعبر مصطلح مرحلة الفهم‪ ،‬هو التركيز على‬ ‫شمولية‪ّ .‬‬‫ّ‬ ‫وأكثر‬
‫لكن إجراء هذا التحليل الشكلي‬ ‫ّ‬ ‫وفنيته‪،‬‬
‫جمالية النص ّ‬
‫ّ‬ ‫شكال وأنسا ًقا لكشف‬ ‫ً‬ ‫النص‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البنيوي‬
‫ّ‬ ‫واضحا لدى أصحاب المنهج أنفسهم‪ ،‬ما يجعلنا نرى التحليل‬ ‫ً‬ ‫لم يكن‬
‫األول من اسم المنهج‪ .‬وهذا‬ ‫الشكلي هو أساس المرحلة األولى‪ ،‬انطال ًقا من الجزء ّ‬ ‫ّ‬
‫الشكلية التي يتألّف منها‪ ،‬ورصد العالقات بين‬ ‫ّ‬ ‫النص من حيث البنى‬‫يقتضي دراسة ّ‬
‫السردية التي‬
‫ّ‬ ‫مثال‪ ،‬يجعلنا ملزمين بدراسة العناصر‬ ‫النص وأنساقه؛ فالسرد‪ً ،‬‬ ‫عناصر ّ‬
‫ثم العالقة‬ ‫بالشخصيات‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫الكاتب عالمه القصصي‪ ،‬حيث عالقة الراوي‬ ‫ُ‬ ‫شيد بها‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫معا‪ .‬وكذلك‬ ‫ثم الحوار بأنواعه‪ ،‬كبنى مستقلّة ومترابطة في آن ً‬ ‫بين الزمن والمكان‪ّ ،‬‬
‫النص‬ ‫الشعرية وما يجعل من ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللغوية‪ ،‬وعناصر اللغة‬
‫ّ‬ ‫رصد البنى‬
‫الشعري حيث ْ‬
‫ّ‬ ‫النص‬‫ّ‬
‫بنائية قائمة بذاتها من حيث الشكل‪ .‬وكذلك بالنسبة إلى فنون األدب األخرى‬ ‫كتلة ّ‬
‫كالمسرح والمقالة والخطبة والرسالة‪ ،‬ك ّل نوع وما تفرضه البنية التي يقوم عليها‪.‬‬
‫ّأما المرحلة الثانية الرئيسة في إجراء تطبيق المنهج‪ ،‬فهي ما يتعلّق بمرحلة‬
‫الفقري‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التكوينية‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫الر�ية إلى العالم التي تُ َع ّد عمود‬
‫المو ّدية إلى ؤ‬
‫ؤ‬ ‫التفسير‬

‫‪147‬‬
‫البنيو ّية التكوين ّية (غولدمان)‬

‫تتوصل إليه الدراسة في‬


‫ّ‬ ‫الشكلية وما‬
‫ّ‬ ‫النص من عزلته‬
‫وهنا يقتضي المنهج أن نُخرج ّ‬
‫تحتم على‬‫الجدلية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫النص‪ ،‬حيث العالقة‬
‫المرحلة األولى‪ ،‬وربطه بما هو خارج ّ‬
‫الذهنية التي‬
‫ّ‬ ‫النص‪ ،‬كبنية دالّة‪ ،‬بالبنية‬
‫الباحث الكشف عن العالقة التي تربط داخل ّ‬
‫النص األدبي أبرز نتاجاتها والوعاء‬ ‫الجمعية‪ ،‬ليصبح ّ‬
‫ّ‬ ‫كانت السبب في والدة األفكار‬
‫ّ‬
‫الرئيس الذي يحوي تجلّياتها‪.‬‬
‫أهمية كبيرة‪ ،‬وال ينفي دوره‬‫ّ‬ ‫ال يُعير هذا المنهج حياة الكاتب ووعيه المباشر‬
‫النص على حساب‬ ‫ّ‬ ‫كمترجم للوعي الجمعي‪ .‬كما ال يدعو إلى االهتمام بشكل‬
‫ّ‬
‫النص‪ ،‬ال يعني الربط‬ ‫ّ‬ ‫خارج‬ ‫هو‬ ‫بما‬ ‫الربط‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫كما‬ ‫صحيح‪.‬‬ ‫المضمون‪ ،‬والعكس‬
‫فية االنعكاس اآللي‪ ،‬أل ّن‬‫تعس ّ‬
‫النص ومضمون الحياة كيال ندخل في ّ‬ ‫بين مضمون ّ‬
‫ّ‬
‫الر�ية التي يتح ّقق من خاللها الكشف عن المسار التاريخي‬ ‫المقصود بالدراسة هو ؤ‬
‫ّ‬
‫نص أدبي‪.‬‬‫تحوله إلى موقف داخل ّ‬
‫وكيفية ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فضل تناول‬ ‫نص‪ ،‬بل يُ َّ‬‫نص واحد أو جزء من ّ‬ ‫يصعب تطبيق هذا المنهج على ّ‬
‫مثال‪،‬‬
‫أعمال الكاتب الكاملة‪ ،‬أو عمل واحد متكامل على األق ّل‪ ،‬كرواية أو ديوان ً‬
‫واألفضل تناول عملَين أو أكثر لغير كاتب‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫األدبية مجا ٌل للدراسة بنيو ًّيا تكوين ًّيا‪ ،‬وأكثر ما تجلّى ذلك في‬
‫ّ‬ ‫جميع أنواع الفنون‬
‫واسعا من دراسات لوكاتش وغولدمان‪ ،‬باإلضافة إلى دراسة‬ ‫ً‬ ‫حي ًزا‬
‫الرواية التي شغلت ّ‬
‫المأسوية‬
‫ّ‬ ‫الر�ية‬
‫مستخرجا منها ؤ‬
‫ً‬ ‫مسرحيات راسين وخواطر باسكال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هذا األخير‬
‫المتمردة‪ّ .‬أما الشعر‪ ،‬فكان أق ّل‬
‫ّ‬ ‫بالجانسينية‬
‫ّ‬ ‫الدينية المعروفة‬
‫ّ‬ ‫العائدة إلى الحركة‬
‫بفن الرواية‪،‬‬
‫التكوينية مقارن ًة ّ‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫حضورا في الدراسات التي اعتمدت منهج‬ ‫ً‬
‫ولكن هذا ال يعني انعدام ذلك‪ ،‬بل هناك نماذج كثيرة نعرض بعضها ضمن «قراءات‬ ‫ّ‬
‫تطبيقية»‪.‬‬
‫ّ‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫� المختلف (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار‬
‫نص القار ؤ‬
‫ّأيوب‪ ،‬نبيل (‪ .)1٩٩٧‬الطرائق إلى ّ‬
‫األهلية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المكتبة‬

‫‪148‬‬
‫البنيو ّية التكوين ّية (غولدمان)‬

‫الفلسفية إلى‬
‫ّ‬ ‫التكوينية من األصول‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫محمد األمين (‪.)٢٠15‬‬
‫ّ‬ ‫بحري‪،‬‬
‫المنهجية (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬منشورات ضفاف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفصول‬
‫العربية (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬المركز‬
‫ّ‬ ‫نظرية الرواية والرواية‬
‫ّ‬ ‫دراج‪ ،‬فيصل (‪.)1٩٩٩‬‬
‫ّ‬
‫الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التكوينية‪ :‬دراسة في منهج لوسيان غولدمان‬ ‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫شحيد‪ ،‬جمال‪ .)1٩8٢( ،‬في‬ ‫ّ‬
‫(ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار ابن رشد‪.‬‬
‫األدبي (ط‪ ،)٢‬تر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التكوينية والنقد‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫غولدمان‪ ،‬لوسيان وآخرون (‪.)1٩86‬‬
‫العربية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مو ّسسة األبحاث‬ ‫محمد سبيال‪ .‬بيروت‪ :‬ؤ‬ ‫ّ‬
‫الديالكتيكية وتاريخ األدب والفلسفة (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬نادر‬ ‫ّ‬ ‫المادية‬
‫ّ‬ ‫______ (‪،)1٩81‬‬
‫ذكرى‪ .‬بيروت‪ :‬دار الحداثة‪.‬‬
‫______(‪ ،)1٩٩3‬مق ّدمات في سوسيولوجية الرواية‪( ،‬ط‪ ،)1‬تر‪ .‬بدر الدين‬
‫الالذقية‪ :‬دار الحوار للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عرودكي‪.‬‬
‫النقدية‬
‫ّ‬ ‫التكوينية في القراءات‬
‫ّ‬ ‫البنيوية‬
‫ّ‬ ‫ص ّدار‪ ،‬نور الدين (يوليو ‪« .)٢٠٠٩‬مدخل إلى‬
‫العربية المعاصرة»‪ .‬عالم الفكر (العدد ‪.15٢-5٩ ،)1‬‬ ‫ّ‬
‫ونظريات‬
‫ّ‬ ‫األدبي المعاصر‪ :‬مناهج‬ ‫النقدي‬
‫ّ‬ ‫َحمداني‪ ،‬حميد (‪ .)٢٠14‬الفكر‬ ‫ل ِ‬
‫ّ‬
‫ومواقف (ط‪ .)3‬فاس‪ :‬مطبعة آنفو برانت‪.‬‬
‫الطبقي (ط‪ ،)٢‬تر‪ .‬حنّا الشاعر‪ .‬بيروت‪:‬‬‫ّ‬ ‫لوكاتش‪ ،‬جورج (‪ .)1٩8٢‬التاريخ والوعي‬
‫دار األندلس‪.‬‬
‫التاريخية (ط‪ ،)٢‬تر‪ .‬صالح جواد الكاظم‪ .‬بغداد‪ :‬دار‬ ‫ّ‬ ‫______ (‪ .)1٩86‬الرواية‬
‫العامة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الثقافية‬
‫ّ‬ ‫الشوون‬ ‫ؤ‬
‫محمد علي اليوسفي‪.‬‬‫ّ‬ ‫الفرنسية (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫______ (‪ ،)1٩85‬بلزاك والواقعية‬
‫المتحدين‪.‬‬ ‫العربية للناشرين ّ‬ ‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬ ‫صفاقس‪ :‬ؤ‬
‫‪- Goldmann, Lucien (1959). Le dieu caché: étude sur la vision tragique dans les‬‬
‫‪Pensées de Pascal et dans le théâtre de Racine. Paris: Gallimard.‬‬
‫‪- Lukács, Georg (1989). La Théorie du roman, trad. de l’allemand par Jean‬‬
‫‪Clairevoye. Paris: Gallimard.‬‬

‫‪149‬‬
‫البنيو ّية التكوين ّية (غولدمان)‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫الكونية في أدب ميخائيل نعيمة (ط‪ .)1‬بيروت‪:‬‬‫ّ‬ ‫الر�ية‬
‫أبو جهجه‪ ،‬خليل (‪ .)٢٠٠4‬ؤ‬
‫اللبنانيين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الكتاب‬
‫ّ‬ ‫منشورات اتّحاد‬
‫تكوينية‬
‫ّ‬ ‫بنيوية‬
‫ّ‬ ‫محمد (‪ .)1٩85‬ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب‪ :‬مقاربة‬ ‫ّ‬ ‫بنيس‪،‬‬
‫(ط‪ .)٢‬بيروت والدار البيضاء‪ :‬دار التنوير والمركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نموذجا‬
‫ً‬ ‫العذري‬
‫ّ‬ ‫العربي‪ :‬الشعر‬
‫ّ‬ ‫لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ .)٢٠٠٩‬سوسيولوجيا الغزل‬
‫العربية للترجمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المنظمة‬
‫ّ‬ ‫المولّف‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫(ط‪ ،)1‬تر‪ .‬ؤ‬
‫النص (ط‪ .)3‬بيروت‪ :‬دار اآلفاق الجديدة‪.‬‬ ‫العيد‪ ،‬يمنى (‪ .)1٩85‬في معرفة ّ‬
‫الر�ية إلى العالم‪ :‬قراءة في روايات جبرا إبراهيم جبرا‬ ‫نسر‪ ،‬علي (‪ .)٢٠1٩‬ؤ‬
‫وحيدر حيدر (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬دار ؤ‬
‫المولّف‪.‬‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬علي نسر‬

‫‪150‬‬
‫الخطاب الروائ ّي االجتماع ّي (باختين)‬

‫االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫الروائي‬
‫ّ‬ ‫الخطاب‬
‫(باختين)‬

‫وم�لّفات‬
‫ّأو ًال‪ -‬تعريفات ؤ‬
‫ومنظر أدبي روسي (‪.)1٩٧5-18٩5‬‬ ‫ّ‬ ‫لغوي ومفكّر‬
‫ّ‬ ‫ميخائيل باختين )‪(Bakhtine‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شعرية دوستويفسكي (‪ ،)1٩٢٩‬أعمال فرانسوا رابليه والثقافة‬ ‫ّ‬ ‫مولّفاته‪ :‬مشكالت‬ ‫من ؤ‬
‫ونظريتها‬
‫ّ‬ ‫جمالية الرواية‬
‫ّ‬ ‫وإبان عصر النهضة (‪،)1٩65‬‬ ‫الشعبية في العصر الوسيط ّ‬ ‫ّ‬
‫(‪ ...)1٩٧8‬ونشر عد ًدا آخر من الكتب بأسماء مستعارة‪.‬‬
‫نظرية الخطاب بوجوهه المختلفة؛ والخطاب‪ ،‬في‬ ‫ّ‬ ‫باختين هو ّأول من أطلق‬
‫اجتماعية ّيتحد فيه الشكل والمضمون ضمن سياق تاريخي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مفهومه‪ ،‬ظاهرة‬
‫ّ‬
‫التعبيرية‬
‫ّ‬ ‫يفرقها عن سائر األجناس‬ ‫جدلي مفتوح ّ‬ ‫والرواية‪ ،‬في مفهومه‪ ،‬ذات طابع‬
‫ّ‬
‫التاريخية‬
‫ّ‬ ‫األدبية (باختين‪ ،1٩8٧ ،‬ص‪ ،)1٧‬وتقوم على التع ّدد في مختلف مستوياته‬ ‫ّ‬
‫والصوتية‪ ،‬ويدخل التع ّدد اللساني والتع ّدد الصوتي في بنيتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واللغوية‬
‫ّ‬ ‫واالجتماعية‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جنسا أدب ًّيا‪ّ .‬أما‬
‫ً‬ ‫تفرد الرواية‬
‫أدبي منسجم‪ ،‬وهنا يكمن ّ‬ ‫وينتظمان فيها ضمن نسق‬
‫ّ‬
‫ويوظف‬ ‫االجتماعي‪ ،‬بك ّل تناقضاته واختالفاته‪ّ ،‬‬ ‫الروائي فيشكّل لغة روايته من الوسط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مستخدما خطابات مأهولة بنوايا اآلخرين‪ ،‬ويرغمها على خدمة‬‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫التنوع في عمله‪،‬‬
‫هذا ّ‬
‫نواياه (ص‪ ،)68‬في سبيل تنسيق موضوعاته‪ ،‬وتخفيف ح ّدة التعبير غير المباشر عن‬
‫القيمية (ص‪.)6٢‬‬ ‫ّ‬ ‫نواياه وأحكامه‬
‫ويشير باختين إلى أ ّن المتكلّم في الرواية وكالمه يشكّالن الموضوع الرئيس‬
‫وتاليا‪ ،‬يشكّالن موضوع‬ ‫ً‬ ‫األسلوبية؛‬
‫ّ‬ ‫يخصص جنس الرواية ويخلق أصالته‬ ‫ّ‬ ‫الذي‬

‫‪151‬‬
‫الخطاب الروائ ّي االجتماع ّي (باختين)‬

‫خطابه لغة‬ ‫أساسا فرد اجتماعي‪ ،‬ويشكّل‬


‫ً‬ ‫تشخيص لفظي وأدبي؛ فالمتكلّم هو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إيديولوجية‬
‫ّ‬ ‫عينة‬
‫اجتماعية‪ ،‬وهو بدرجات مختلفة ُم َنتج إيديولوجيا وكلماته ّ‬ ‫ّ‬
‫عن العالم‪،‬‬ ‫خاصة‬
‫ّ‬ ‫دائما وجهة نظر‬
‫الخاصة برواية ما‪ ،‬تق ّدم ً‬
‫ّ‬ ‫)‪ .(Idéologème‬واللغة‬
‫اجتماعية (ص‪.)1٠٢‬‬
‫ّ‬ ‫تنزع إلى داللة‬
‫شخصية‪ ،‬بل يمكن أن يكون‬ ‫ّ‬ ‫وليس بالضرورة أن يكون المتكلّم في الرواية‬
‫التعبيرية‬‫ّ‬ ‫مظهرا من مظاهر األجناس‬ ‫ً‬ ‫مجس ًدا بأسلوب كالمي‪ ،‬أو محاكاة ساخرة أو‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫مجسدة على الصعي َدين االجتماعي والتاريخي (ص‪.)1٠4‬‬ ‫ّ‬ ‫المتخلّلة‪ ،‬وكلّها تكون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يعبر عنها‪ ،‬وهو يمثّل‬ ‫الشخصية صو ًتا‪ ،‬ولك ّل صوت وجهة نظر ّ‬ ‫ّ‬ ‫وي ُع ّد باختين‬ ‫َ‬
‫التاريخية؛‬ ‫ّ‬ ‫الفردي للكلمات واستعماالتها السابقة‬ ‫ّ‬ ‫ذلك التقاطع بين االستعمال‬
‫ومحملة بأثر السياقات السابقة‪ .‬من‬ ‫ّ‬ ‫فالكلمات‪ ،‬في رأيه‪ ،‬مسكونة بأصوات الغير‪،‬‬
‫تواصل‬ ‫ُ‬ ‫إستراتيجيات‬
‫ّ‬ ‫أهمية فائقة‪ ،‬ويرى أ ّن في الروايات‬ ‫ّ‬ ‫هنا‪ ،‬يعطي االختالف‬
‫خاصة‪ ،‬تأذن أحيا ًنا بهدم القيم وإشاعة االختالف‪ ،‬وأحيا ًنا أخرى تسعى إلى البناء‬ ‫ّ‬
‫(أيوب‪ ،٢٠11 ،‬ص‪.)٩5-٩4‬‬ ‫وتتقيد باإللزامات ّ‬ ‫ّ‬
‫البشري‬
‫ّ‬ ‫انتشارا التي يوحي بها الكالم‬ ‫ً‬ ‫ويرى باختين أ ّن إحدى التيمات األكثر‬
‫هي نقل كالم اآلخر ومناقشته‪ ،‬ففي جميع مجاالت الحياة واإلبداع اإليديولوجي‬
‫ّ‬
‫والتحيز بدرجات‬ ‫ّ‬ ‫يشتمل كالمنا بوفرة على كلمات اآلخرين منقولة بدرجة من الد ّقة‬
‫محملة بنقل كالم اآلخرين وتأويلها‪ ،‬وأ ّن كالم اآلخرين‬ ‫ّ‬ ‫متفاوتة‪ ،‬وأ ّن ك ّل محادثة‬
‫دائما لبعض التعديالت في‬ ‫ً‬ ‫يتعرض‬ ‫مفهوما في سياق‪ ،‬مهما بلغت د ّقة نقله‪ ،‬فهو ّ‬ ‫ً‬
‫المعنى‪ ،‬ومن خالل اللجوء إلى طرائق مالئمة في التحليل على مستوى التضمين‪،‬‬
‫بارزا‪ .‬وبناءً عليه‪ ،‬ال ب ّد من تشخيص‬ ‫تحويرا ً‬ ‫ً‬ ‫التوصل الى تحوير ملفوظ أجنبي‬ ‫ّ‬ ‫نستطيع‬
‫ّ‬
‫الروائية‬
‫ّ‬ ‫للشخصية‬
‫ّ‬ ‫الشخصيات للتمكّن من كشف الموقف اإليديولوجي‬ ‫ّ‬ ‫خطاب‬
‫ّ‬
‫المكون لقاعدتها (باختين‪ ،‬ص‪.)1٠٧-1٠4‬‬ ‫ّ‬ ‫والعالم اإليديولوجي‬
‫ّ‬
‫لذلك‪ ،‬يُسهب باختين في تحليل وجود الخطاب والملفوظات داخل الرواية‪،‬‬
‫«األجنبية» عن لغة الكاتب‪ ،‬وطرائق نقل‬ ‫ّ‬ ‫والتقاط طرائق التشخيص األدبي للّغات‬
‫ّ‬
‫تميز‬ ‫ّ‬ ‫التي‬ ‫هي‬ ‫كالمهم‬ ‫صورة‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أل‬ ‫الرواية‪،‬‬ ‫خطاب‬ ‫نقال أدب ًّيا إلى‬ ‫كالم المتكلّمين ً‬
‫زمنية‪ ،‬يمتلك لغة‬ ‫الروائي (ص‪ .)1٠4‬ويذهب إلى أ ّن ك ّل جيل‪ ،‬في ك ّل فترة ّ‬ ‫العمل‬
‫ّ‬
‫فئات‬ ‫ٍ‬ ‫تميزه‪ ،‬وأ ّن لغات عديدة تتعايش ممثّل ًة‬ ‫المجتمعية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫وتميز الفئة‬‫ّ‬ ‫تميزه‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪152‬‬
‫الخطاب الروائ ّي االجتماع ّي (باختين)‬

‫اجتماعية مختلفة في وقت واحد‪ ،‬فتكون ك ّل لغة في ك ّل فترة من فترات وجودها‬ ‫ّ‬
‫تماما (ص‪.)6٢-61‬‬ ‫التاريخي من َّوعة ً‬
‫ّ‬
‫التنوع الكالمي‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعية‪َ ،‬وفق باختين‪ ،‬إلى إظهار‬ ‫ّ‬ ‫وعليه‪ ،‬تسعى القراءة‬
‫ّ‬
‫الكالمية‬ ‫المنظم فن ًّيا‪ ،‬والمتباين األصوات‪ ،‬من خالل دراسة الظواهر‬ ‫َّ‬ ‫واالجتماعي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشخصيات‪ ،‬وطرائق‬ ‫ّ‬ ‫المتكررة على ألسنة‬ ‫ّ‬ ‫واألسلوبية والموضوعات المختلفة‬ ‫ّ‬
‫معين‪،‬‬ ‫أدبي ّ‬ ‫اجتماعية مح ّددة‪ ،‬لها عالقة بمهنة ما أو جنس‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة بمجموعة‬‫ّ‬ ‫تعبيرها‬
‫ّ‬
‫وفكرية عديدة‪ .‬وتسعى هذه القراءة إلى‬ ‫ّ‬ ‫فلسفية‬
‫ّ‬ ‫سن مح ّددة‪ ،‬أو ترتبط بمذاهب‬ ‫أو ّ‬
‫تشخيصا لغو ًّيا‪ ،‬على أنّه‬ ‫ً‬ ‫تحليل سيرورة تشخيص الخطاب داخل الخطاب الروائي‬
‫ّ‬
‫أساس تشخيص لخطاب اآلخر‪ ،‬اعتما ًدا على المحاكاة الساخرة والمحكي المباشر‬
‫ّ‬
‫التعبيرية المتخلّلة‪ ،‬كونها‪ ،‬جميعها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والشخصيات‪ ،‬واألجناس‬ ‫ّ‬ ‫وخطابات الكاتب‬
‫بقوة‪ ،‬وتفيد في امتصاص تعبير الكاتب عن نواياه‬ ‫حاضرا ّ‬ ‫ً‬ ‫تجعل خطاب اآلخرين‬
‫غالبا ما يكون‬ ‫ثنائي الصوت‪ً ،‬‬ ‫وتحول الرواية إلى خطاب‬ ‫ّ‬ ‫تعبيرا غير مباشر‪،‬‬
‫ً‬ ‫وجعله‬
‫ّ‬
‫الخصوصية (ص‪.)1٧‬‬
‫ّ‬ ‫ذا صيغة حوار داخلي يُضفي عليها‬
‫ّ‬
‫أسلوبية الرواية‬‫ّ‬ ‫ويميز‬
‫ّ‬ ‫أسلوبية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫من هنا‪ ،‬يقول باختين بضرورة مقاربة الرواية مقاربة‬
‫الشعري من الخطاب الروائي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويميز الخطاب‬‫ّ‬ ‫التقليدية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫التي ؤيو ّسس لها من‬
‫ّ‬
‫الروائية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫أساسا في مقاربته‬ ‫األدبي للّغات وصورة اللغة ً‬ ‫ويجعل التشخيص‬
‫ّ‬
‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫متنوعة (أشعار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تعبيرية‬
‫ّ‬ ‫األجناس المتخلّلة )‪ :(Genres intercalaires‬أشكال‬
‫أدبية كالخطابات‬ ‫شعبية‪ ،‬خطابات غير ّ‬‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫أغان‬ ‫موشحات‪ ،‬اعترافات‪ ،‬أقوال مأثورة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫والقانونية‪ )...‬تتخلّل السياق الروائي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬يدرجها‬
‫ّ‬ ‫الطبية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معينة‪.‬‬
‫شخصيات الرواية لتحقيق أهداف ّ‬ ‫ّ‬ ‫المولّف بوساطة الراوي‪ ،‬أو إحدى‬ ‫ؤ‬
‫االنكسار )‪ :(Réfraction‬تح ُّدث الكاتب الروائي عن نفسه في لغة اآلخرين‪،‬‬
‫ّ‬
‫الخاصة به‪ .‬ومن ثَ ّم‪ ،‬فإ ّن الروائي يلجأ إلى‬
‫ّ‬ ‫والتح ُّدث عن اآلخرين من خالل لغته‬
‫ّ‬
‫وتاليا‪ ،‬فإ ّن‬
‫ً‬ ‫حتى ال تبدو أ ُ ّ‬
‫حادية أو مباشرة‪،‬‬ ‫حرفها ّ‬
‫ع ّدة وسائل لتكسير لغته أو ْ‬
‫ثنائية الصوت‬‫ّ‬ ‫اللغوي والشكلي يح ّقق انكسار نوايا الروائي‪ ،‬كما يضمن‬ ‫ّ‬ ‫التع ّدد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للنص الروائي (ص‪.)٢٩‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫‪153‬‬
‫الخطاب الروائ ّي االجتماع ّي (باختين)‬

‫اجتماعي َتين داخل ملفوظ واحد‪ ،‬والتقاء‬ ‫ّ‬ ‫لغتين‬


‫مزج َ‬ ‫التهجين )‪ْ :(Hybridisation‬‬
‫معا‪ ،‬داخل ساحة‬ ‫اجتماعي‪ ،‬أو بهما ً‬ ‫زمنية‪ ،‬وبفارق‬
‫وعيين لغو َّيين مفصولَين بحقبة ّ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫ذلك الملفوظ‪ ،‬وال ب ّد أن يكون قصد ًّيا (ص‪.)٢8‬‬
‫الزمكانية )‪َ :(Chronotope‬وحدة تحليل لدراسة اللغة على أساس سمات المقوالت‬ ‫ّ‬
‫الجوهري بين العالقات‬‫ّ‬ ‫والمكانية الممثّلة في تلك اللغة‪ ،‬واالرتباط‬ ‫ّ‬ ‫الزمانية‬
‫ّ‬
‫معا بوصفهما‬ ‫ويوخذان ً‬ ‫والزمانية في األدب؛ فالزمان والمكان متداخالن ؤ‬ ‫ّ‬ ‫المكانية‬
‫ّ‬
‫نظرية‬
‫ّ‬ ‫ضابطا لها‪ .‬استلهم باختين الكرونوتوب من‬ ‫ً‬ ‫إطارا‬
‫ً‬ ‫رحما حاضنة للّغة أو‬ ‫ً‬
‫النسبية ألينشتاين‪ ،‬ما أتاح له وسيلة تأريخ الرواية‪ ،‬والتنظير لها‪ ،‬وتصنيف أنواع‬ ‫ّ‬
‫مختلفة منها (ليشته‪ ،٢٠٠8 ،‬ص‪.)38 ،3٢‬‬
‫الحوارية )‪ :(Dialogisme‬الرواية هي التع ّدد االجتماعي للّغات‪ ،‬وأحيا ًنا لأللسن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫منظم أدب ًّيا‪ .‬وما يجري على لسان متكلّم‪ ،‬ما هو‬ ‫الفردية‪ ،‬وهو تع ّدد َّ‬
‫ّ‬ ‫واألصوات‬
‫ّإال صدى تعابير سابقة نطق بها كثيرون قبله؛ فالكلمات مسكونة بأصوات الغير‪.‬‬
‫(أيوب‪ ،‬ص‪.)٩4‬‬ ‫دية )‪ّ (Polyphonie‬‬ ‫أيضا بتع ّدد األصوات أو التع ّد ّ‬ ‫وهذا ما يُعرف ً‬
‫مولَّفه عن دوستويفسكي‪.‬‬ ‫القضية في ؤ‬‫ّ‬ ‫وقد عالج باختين هذه‬
‫نقدية؛ فهو‬
‫ّ‬ ‫الكرنفالية )‪ :(Carnavalesque‬للضحك الكرنفالي ‪ /‬المهرجاني وظيفة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متعارضتين‪ .‬وهذا الضحك الكرنفالي‬ ‫َ‬ ‫قيمتين‬
‫ازدواجية القيم‪ ،‬والجمع بين َ‬ ‫ّ‬ ‫يفضح‬
‫ّ‬
‫المثالية‪ ،‬وينفي‬
‫ّ‬ ‫والمادية‪ ،‬ض ّد‬
‫ّ‬ ‫الشهوانية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يرسخ حياة الجسد‪ ،‬وينشر ثقافة‬ ‫ّ‬
‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫فصل‬‫والبهلوانية؛ لذلك‪ ،‬ال تُ َ‬
‫ّ‬ ‫الرسمية من طريق التهريج والسخرية‬ ‫ّ‬ ‫الثقافة‬
‫عمق باختين هذا المفهوم في‬ ‫االجتماعي (ص‪ .)٩5‬وقد ّ‬ ‫الكرنفالية عن السياق‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫مولَّفه عن رابليه‪.‬‬ ‫ؤ‬

‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬


‫أسلوبية الرواية‪َ ،‬وفق باختين‪ ،‬كما يلي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫درس‬
‫تُ َ‬
‫تطبيقية‪ ،‬بغية‬
‫ّ‬ ‫لسانية وشواهد‬
‫ّ‬ ‫نصية وملفوظات‬ ‫الروائي إلى مقاطع ّ‬ ‫النص‬
‫أ‪ .‬تقسيم ّ‬
‫ّ‬
‫واألسلوبية‬
‫ّ‬ ‫واللغوية‬
‫ّ‬ ‫والشخوصية‬
‫ّ‬ ‫والفضائية‬
‫ّ‬ ‫الح َد ّثية‬
‫البوليفونية َ‬
‫ّ‬ ‫استخالص تجلّيات‬
‫واإليديولوجية من جهة‬
‫ّ‬ ‫الفكرية‬
‫ّ‬ ‫دية‬
‫والسردية من جهة‪ ،‬واستجالء التع ّد ّ‬
‫ّ‬ ‫والتناصية‬
‫ّ‬
‫أخرى‪ .‬وقبل البدء بالتشخيص األدبي لخطاب اآلخر‪ ،‬يُفترض تل ُّمس معنى «تيمة»‬
‫ّ‬

‫‪154‬‬
‫الخطاب الروائ ّي االجتماع ّي (باختين)‬

‫متصلة بالحياة واإليديولوجيا‪.‬‬


‫أدبية ّ‬
‫ّ‬ ‫المتكلّم وما يقوله في مجاالت خارج‬
‫ثمة ثالث طرائق لتشييد صورة اللغة في الرواية‪:‬‬
‫ب‪ّ .‬‬
‫‪ .1‬خطاب الكاتب في تشخيص لغة اآلخر‪ ،‬الحوار الخالص‪ ،‬الصريح‪.‬‬
‫‪ .٢‬التهجين‪ :‬وقد سبق التعريف به ضمن المصطلحات‪.‬‬
‫‪ .3‬تعالُق اللغات والملفوظات من خالل الحوار الداخلي‪.‬‬
‫ّ‬
‫وصيغ هذه التعالق هي‪:‬‬
‫أجنبية عنه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لغوية‬
‫ّ‬ ‫األسلبة )‪ :(Stylisation‬قيام وعي لساني معاصر بأسلبة ما ّدة‬
‫ّ‬
‫خالصا على اللغة‬ ‫ً‬ ‫يتح ّدث من خاللها عن موضوعه؛ فاللغة المعاصرة تلقي ضوءًا‬
‫موضوع األسلبة‪ ،‬فتستخلص منها بعض العناصر وتترك بعضها اآلخر في الظ ّل‪.‬‬
‫األولية‬ ‫سلب يُدخل على الما ّدة‬ ‫المو ِ‬
‫يتميز بأ ّن ؤ‬
‫ّ‬ ‫التنويع )‪ :(Variation‬نوع من األسلبة‪ّ ،‬‬
‫األجنبية المعاصرة (كلمة‪ ،‬صيغة‪ ،‬جملة‪ )...‬متو ّخ ًيا أن‬ ‫ّ‬ ‫للّغة‪ ،‬موضوع األسلبة‪ ،‬ما ّدته‬
‫الموسلبة بإدراجها ضمن مواقف جديدة مستحيلة بالنسبة إليها‪.‬‬ ‫يختبر اللغة ؤ‬
‫المحاكاة الساخرة )‪ :(Parodie‬نوع أساسي من األسلبة يقوم على عدم توافق نوايا‬
‫ّ‬
‫المشخصة‪ ،‬فتقاوم اللغة الثانية وتحاول فضحها‬ ‫َّ‬ ‫المشخصة مع مقاصد اللغة‬ ‫ِّ‬ ‫اللغة‬
‫وتحطيمها (ص ‪.)18‬‬
‫ج‪ .‬إ ّن الرواية ظاهرة متع ّددة األسلوب واللسان والصوت‪ ،‬يعثر فيها المحلّل على‬
‫لسانية‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية الالمتجانسة التي توجد أحيا ًنا على مستويات‬ ‫ّ‬ ‫بعض الوحدات‬
‫المكونة‬
‫ّ‬ ‫واألسلوبية‬
‫ّ‬ ‫التأليفية‬
‫ّ‬ ‫األساسية لتلك الوحدات‬‫ّ‬ ‫مختلفة (ص‪ .)68‬والنماذج‬
‫لمختلف أجزاء الك ّل الروائي هي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬السرد المباشر األدبي المتع ّدد األشكال‪.‬‬
‫ّ‬
‫الشفوي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .٢‬أسلبة مختلف أشكال السرد‬
‫‪ .3‬أسلبة أشكال السرد المكتوب (الرسائل‪ ،‬المذكّرات‪.)...‬‬
‫الفن‬
‫ّ‬ ‫متنوعة من خطاب الكاتب‪ّ ،‬إال أنّها ال تدخل في إطار‬ ‫أدبية ّ‬
‫‪ .4‬أشكال ّ‬
‫واألخالقية‪.)...‬‬
‫ّ‬ ‫الفلسفية‬
‫ّ‬ ‫األدبي (الكتابات‬
‫ّ‬
‫المفردة أسلوب ًّيا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشخصيات‬
‫ّ‬ ‫‪ .5‬خطابات‬

‫‪155‬‬
‫الخطاب الروائ ّي االجتماع ّي (باختين)‬

‫منسجما‪،‬‬ ‫ً‬ ‫نسقا أدب ًّيا‬


‫لتكون ً‬
‫ّ‬ ‫األسلوبية الالمتجانسة تتمازج في الرواية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫هذه الوحدات‬
‫أي َوحدة‬ ‫أسلوبية ُعليا تتحكّم فيها‪ .‬وال نستطيع أن نطابق بينها وبين ّ‬
‫ّ‬ ‫وتخضع لوحدة‬
‫من الوحدات التابعة لها؛ فأسلوب الرواية هو تجميع لألساليب المختلفة‪ ،‬وك ّل‬
‫األسلوبية التي يندمج فيها‬ ‫ّ‬ ‫عنصر من عناصر لغة الرواية يتح ّدد مباشرة بالوحدات‬
‫المفرد أسلوب ًّيا‪ ،‬المحكي المألوف للسارد‪ ،‬رسائل‪ ...‬هذه‬ ‫ّ‬ ‫الشخصية‬
‫ّ‬ ‫مباشرة‪ :‬خطاب‬
‫الوحدة التي تح ّدد المظهر اللساني‪ ،‬واألسلوبي (القاموسي‪ ،‬والداللي‪ ،‬والتركيبي)‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األسلوبية‬
‫ّ‬ ‫للعنصر المعطى الذي يشارك‪ ،‬في الوقت نفسه الذي تشارك فيه وحدته‬
‫األقرب إليه‪ ،‬في أسلوب الك ّل‪ ،‬ويصبح جزءًا من البنية ومن الكشف عن الداللة‬
‫الوحيدة لذلك الك ّل (ص‪.)3٩-38‬‬
‫تكون َوحدة عليا‪ ،‬تحليل الحوار االجتماعي‬ ‫د‪ .‬تجميع اللغات واألساليب التي ّ‬
‫ّ‬
‫النوعي للغات الرواية‪ ،‬وتحليلها األسلوبي ّيتجه نحو مجموع الرواية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫الملحمية‬
‫ّ‬ ‫النقدي لمقاربة األعمال‬
‫ّ‬ ‫نظرية باختين في الرواية‪ ،‬ويصلح منهجه‬
‫تصلح ّ‬
‫الشعبية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والروائية‪ ،‬ودراسة الثقافة‬
‫ّ‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫النقدي‬
‫ّ‬ ‫وسيميائية الخطاب‬
‫ّ‬ ‫� المختلف (‪)2‬‬
‫نص القار ؤ‬
‫ّأيوب‪ ،‬نبيل (‪ّ .)٢٠11‬‬
‫(ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬مكتبة لبنان‪.‬‬
‫محمد برادة‪ .‬القاهرة‪ :‬دار‬‫ّ‬ ‫الروائي (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫باختين‪ ،‬ميخائيل (‪ .)1٩8٧‬الخطاب‬
‫الفكر للدراسات والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الحالق‪ .‬القاهرة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫______ (‪ .)٢٠٠8‬مختارات من أعمال باختين (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬يوسف‬
‫المركز القومي للترجمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحواري (ط‪ ،)٢‬تر‪ .‬فخري‬
‫ّ‬ ‫تودوروف‪ ،‬تزفيتان (‪ .)1٩٩6‬ميخائيل باختين‪ :‬المبدأ‬
‫العربية للدارسات والنشر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المو ّسسة‬
‫صالح‪ .‬بيروت‪ :‬ؤ‬
‫الشعبية (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬خالدة‬
‫ّ‬ ‫ستوري‪ ،‬جون وآخرون (‪ .)٢٠1٧‬الكرنفال في الثقافة‬
‫المتوسط‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حامد‪ .‬ميالنو‪ :‬منشورات‬

‫‪156‬‬
‫الخطاب الروائ ّي االجتماع ّي (باختين)‬

‫البنيوية إلى ما بعد‬


‫ّ‬ ‫معاصرا من‬
‫ً‬ ‫أساسيا‬
‫ًّ‬ ‫ليشته‪ ،‬جون (‪ .)٢٠٠8‬خمسون مفكّ ًرا‬
‫العربية للترجمة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المنظمة‬
‫ّ‬ ‫الحداثة (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬فاتن البستاني‪ .‬بيروت‪:‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫شعرية دوستويفسكي (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬جميل نصيف‬ ‫ّ‬ ‫باختين‪ ،‬ميخائيل (‪.)1٩86‬‬
‫التكريتي‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬دار توبقال للنشر‪.‬‬
‫وإبان‬
‫الشعبية في العصر الوسيط ّ‬
‫ّ‬ ‫______ (‪ .)٢٠15‬أعمال فرنسوا رابليه والثقافة‬
‫عصر النهضة (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬شكير نصر الدين‪ .‬بغداد‪ :‬منشورات الجمل‪.‬‬
‫الجمالي (ط‪،)1‬‬
‫ّ‬ ‫الم�لّف والبطل في الفعل‬
‫الجمالية‪ :‬ؤ‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫______ (‪.)٢٠1٧‬‬
‫تر‪ .‬عقبة زيدان‪ .‬دمشق‪ :‬دار نينوى‪.‬‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬علي ناصر الدين ود‪ .‬مهى جرجور‬

‫‪157‬‬
‫النص األدب ّي (زيما)‬
‫ّ‬ ‫علم اجتماع‬

‫األدبي‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫علم اجتماع‬
‫(زيما)‬

‫الم�لّفات‬
‫وأهم ؤ‬
‫ّ‬ ‫ّأو ًال‪ -‬التعريف‬
‫بيار زيما )‪ (Pierre Zima‬ناق ٌد تشيكي‪ُ ،‬ولد في براغ (‪ )1٩46‬ودرس في باريس‪.‬‬
‫ّ‬
‫سيميائية‬ ‫ٍ‬
‫نظرية‬ ‫أسس‬ ‫‪(Manuel‬‬ ‫‪de‬‬ ‫)‪Sociocritique‬‬ ‫االجتماعي‬ ‫وضع في دليل النقد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫التقليدية‬
‫ّ‬ ‫النفسية‬
‫ّ‬ ‫والتحليلية‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫للنص األدبي‪ .‬وفيها ينقد المناهج‬ ‫اجتماعية ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫منهجية مشتركة تتمثّل في كونها ّتتجه إلى المحتوى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التي يرى أنّها ّتتسم بمشكلة‬
‫عما ق ّدمه غولدمان‬ ‫اللغوية للنصوص‪ .‬ال يتخلّى زيما ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتميل إلى إهمال البنى‬
‫وداللية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سردية‬
‫ّ‬ ‫)‪ ،(Goldmann‬بل يق ّدم مشكلة على مستوى اللغة‪ ،‬ذات مظاهر‬
‫ويوضح زيما أنّه يمكن الجمع بين المدخل االجتماعي ومدخل التحليل النفسي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرمزي الخفي لألبطال والبحث‬ ‫ّ‬ ‫تخص المعنى‬ ‫ّ‬ ‫فبدال من طرح أسئلة‬ ‫نظريته؛ ً‬ ‫ّ‬ ‫في إطار‬
‫ّ‬
‫وبدال من عقد عالقات تشابُه بين‬ ‫ً‬ ‫أبوية‪،‬‬
‫أمومية أو ّ‬ ‫ّ‬ ‫جنسية‬
‫ّ‬ ‫النص عن رموز‬ ‫ّ‬ ‫في‬
‫النفسية مثل الكبت والنكوص أو‬ ‫ّ‬ ‫التحليلية‬
‫ّ‬ ‫الشخصيات واألشياء‪ ،‬وبعض المفاهيم‬ ‫ّ‬
‫اللغوية التي يستوعبها‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعية للبنى‬
‫ّ‬ ‫النفسية‬
‫ّ‬ ‫ُعقدة أوديب‪ ،‬يطرح مشكلة الوظيفة‬
‫جماعية‬
‫ّ‬ ‫معين للّغة (لهجة‬ ‫منظورا ّيتخذ فيه شك ٌل ّ‬ ‫ً‬ ‫النص األدبي‪ .‬يو ّد زيما أن يفتح‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫نفسية الكاتب وبعض أعضاء جماعته‪ .‬والمقصود هنا‬ ‫ّ‬ ‫خاصا بالنسبة إلى‬ ‫ًّ‬ ‫معنى‬ ‫ما) ً‬
‫الرمزي المحكوم‬ ‫ّ‬ ‫بدال من المدخل‬ ‫اللغوية ً‬
‫ّ‬ ‫العمليات‬
‫ّ‬ ‫إحالل مدخل وظيفي يستهدف‬
‫ّ‬
‫عما ترمز إليه‬ ‫ّ‬ ‫البحث‬ ‫من‬ ‫بدال‬
‫ً‬ ‫الكاتب؟‬ ‫كتابة‬ ‫يها‬ ‫د‬ ‫تو‬
‫ّ ؤ ّ‬ ‫ة‬‫نفسي‬ ‫أي وظيفة‬ ‫بالتشابه‪ّ .‬‬
‫الشخصية (زيما‪ ،1٩٩1 ،‬ص‪.)٢٧4-٢٧3‬‬ ‫ّ‬

‫‪158‬‬
‫النص األدب ّي (زيما)‬
‫ّ‬ ‫علم اجتماع‬

‫الموضوعاتية الصرفة‪ ،‬وتفيد من بعض المفاهيم‬


‫ّ‬ ‫النظرية المباحث‬
‫ّ‬ ‫وتاليا‪ ،‬تتجاوز هذه‬ ‫ً‬
‫والسيما‬‫ّ‬ ‫السيميائية‪ ،‬ومن مفهوم باختين )‪ (Mikhaïl Bakhtine‬الكرنفالي )‪(Le Carnaval‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫من الفكرة القائلة إنّه في الرواية المتع ّددة األصوات‪ ،‬يمكن أن يصبح ك ّل خطاب ما ّدة‬
‫شارحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫خطابا‬
‫ً‬ ‫نقدي‪ ،‬هزلي)‪ ،‬وأنّه بإمكانه هو نفسه أن يصبح‬ ‫ّ‬ ‫لخطاب آخر (ساخر‪،‬‬
‫ّ‬
‫كما أفاد من مقولة باختين بأ ّن اللغات هي مفاهيم للعالم يخترقها نظام التقييم الذي‬
‫ال ينفصل عن الممارسة الجارية وصراع الطبقات‪ ،‬ولهذا‪ ،‬يقع ك ّل مفهوم‪ ،‬وك ّل وجهة‬
‫المفاهيمية للعالم‪ ،‬ضمن صراع‬
‫ّ‬ ‫اللغوية‬
‫ّ‬ ‫نظر‪ ،‬وك ّل تقييم‪ ،‬في نقطة تقاطع الحدود‬
‫إيديولوجي محتدم )‪ .(Zima, 2000, p.131-134‬ويق ّدم‪ ،‬إضاف ًة إلى ذلك‪ ،‬أزمة القيم‬
‫ّ‬
‫اللغوي لمسألة القيم يسمح‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫التحليل‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫أ‬ ‫إلى‬ ‫ويشير‬ ‫ة‪،‬‬ ‫لغوي‬
‫ّ‬ ‫ظاهرة‬ ‫على أنّها‬
‫تسببها هذه‬
‫ماهية المشكالت التي ّ‬ ‫بالتسا�ل عن ّ‬‫ؤ‬ ‫النص األدبي أو غيره‪،‬‬ ‫خالل دراسة ّ‬
‫ّ‬
‫المستويين الداللي والتركيبي (زيما‪ ،‬ص‪.)35‬‬ ‫َ‬ ‫األزمة على‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سيميائية غريماس )‪ (Greimas‬تُثري النقد االجتماعي وتج ّدده‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويرى زيما أ ّن‬
‫ّ‬
‫مفاهيم تسمح بوصف العالقات بين األدب‬ ‫َ‬ ‫كونها تق ّدم إلى علماء االجتماع‬
‫ارتباطا‬
‫ً‬ ‫السردية كونها ترتبط‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫العاملي يشرح بنية ّ‬ ‫والمجتمع‪ ،‬ويرى أ ّن التحليل‬
‫ّ‬
‫وثيقا بالتحليل الداللي )‪.(Zima, p. 186‬‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫وعليه‪:‬‬
‫الروائيين‪ ،‬كونها‬
‫ّ‬ ‫السردية في كتابات‬
‫ّ‬ ‫يبحث زيما في الوظيفة التي ؤتو ّديها البنى‬
‫تحاكي الواقع وتعيد إنتاجه‪ ،‬وتتماثل أحيا ًنا معه‪ ،‬بشكل ضمني أو صريح‪ .‬ويسعى‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬كون المفهوم‬
‫ّ‬ ‫إلى شرحها في سياقها االجتماعي‪ ،‬وإلى إظهار أبعادها‬
‫ّ‬
‫اإليديولوجي يكتسب بُع ًدا جدي ًدا حين يُعاد صوغه في سياق سيميائي‪ ،‬ويوضع في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫جماعات ما (السوسيوليكت)‪.‬‬ ‫عالقة بمفاهيم الخطاب ولغات‬
‫الجماعية داخل العمل الروائي‪ ،‬وكيف تعمل على‬ ‫ّ‬ ‫يبين كيف تلتقي اللغات‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫والسردية‪ ،‬سواء أكانت متصارعة أم‬
‫ّ‬ ‫التركيبية‬
‫ّ‬ ‫والداللية‬
‫ّ‬ ‫المعجمية‬
‫ّ‬ ‫المستويات‪:‬‬
‫متضامنة إلى ح ّد ما‪.‬‬
‫السردي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يبين العالقة بين عدم قدرة الفرد على االندماج في المجتمع والتركيب‬ ‫ّ‬
‫ر�ية‬‫واالجتماعي في التعبير عن ؤ‬ ‫السردي‬
‫ّ‬ ‫الخطابين‬
‫َ‬ ‫ويبحث في مدى ترابط‬
‫ّ‬
‫الروائيين إلى العالم‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪159‬‬
‫النص األدب ّي (زيما)‬
‫ّ‬ ‫علم اجتماع‬

‫ثانيا‪ -‬مصطلحات‬
‫ً‬
‫االجتماعية وعلى‬
‫ّ‬ ‫تناصي على اللهجات‬ ‫نص متخ َّيل‪ ،‬ر ّد فعل‬ ‫األدب )‪ّ :(Littérature‬‬
‫ّ ّ‬
‫فيتكونان بوصفهما ذا ًتا‬ ‫ّ‬ ‫لغوية‪ّ ،‬أما الكاتب أو الكاتبة‬ ‫اجتماعية ّ‬
‫ّ‬ ‫وضعية‬
‫ّ‬ ‫خطاب‬
‫خاصا حيال الخطابات التي تحيط بها والتي تنطق باسم مصالح‬ ‫ًّ‬ ‫موقفا‬
‫ً‬ ‫تعتمد‬
‫جماعية‪.‬‬
‫ّ‬
‫والثقافية‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫لغوية‪ .‬إ ّن وجود القيم‬ ‫أزمة القيم )‪ :(La crise des valeurs‬ظاهرة ّ‬
‫اللغوي لمسألة القيم يسمح وح َده‬ ‫ّ‬ ‫اللغوية‪ ،‬والتحليل‬ ‫ّ‬ ‫ال يستق ّل عن التغييرات‬
‫تسببها‬ ‫ماهية هذه المشكالت التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتسا�ل حول‬ ‫ؤ‬ ‫نظري‬
‫ّ‬ ‫نص أدبي أو‬ ‫بدراسة ّ‬
‫ّ‬
‫والتركيبية (زيما‪ ،‬ص‪.)35‬‬ ‫ّ‬ ‫الداللية‬
‫ّ‬ ‫هذه األزمة على المستويات‬
‫التشي ؤو واالستالب )‪ :(Aliénation et Réification‬في مجتمع تحكمه قيمة التبادل‪،‬‬ ‫ّ‬
‫طمس في نظر‬ ‫االستعمالية ّتتجه إلى أن تُ َ‬
‫ّ‬ ‫الداخلية لألشياء وقيمتها‬ ‫ّ‬ ‫فإ ّن القيمة‬
‫وتتخذ طبيعة ثانية مستقلّة عن العمل اإلنساني ومتطلّبات األفراد الما ّد ّية‪،‬‬ ‫األفراد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫التجارية التي ال تكتسبها من الحاجات التي من المفترض أن‬ ‫ّ‬ ‫وتتمثّل في القيمة‬
‫مثال ال يُشترى‬ ‫الخفية للعرض والطلب؛ فإ ّن الرداء ً‬ ‫ّ‬ ‫تشبعها‪ ،‬ولكن من القوانين‬
‫جيدة‪ ،‬أو ألنّه جميل‪ ،‬بل ألنّه مطلوب من عدد كبير من المستهلكين‬ ‫نوعيته ّ‬ ‫ّ‬ ‫أل ّن‬
‫(ص‪.)36-35‬‬
‫التحليل العاملي )‪ :(Analyse actantielle‬يستخدم زيما التحليل العاملي نقطةَ ارتكاز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫خطابية‪ .‬وينطلق في تعريف الخطاب من لغة جماعة ما‬ ‫اإليديولوجية كبنية‬ ‫لتعريف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(سردي)‪.‬‬‫ّ‬ ‫)‪ (Sociolecte‬يمكن لمسارها التركيبي أن يُق َّدم بمساعدة أنموذج عاملي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫داللية لذات التل ّفظ‬ ‫ّ‬ ‫اختيارات‬ ‫نتاج‬ ‫هو‬ ‫للخطاب‬ ‫التطور التركيبي‬
‫ّ‬ ‫وتاليا‪ ،‬يرى أ ّن‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫)‪.(Zima, p. 186) (Sujet d’énonciation‬‬
‫مفهوما اجتماع ًّيا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫النص‬
‫التناص في علم اجتماع ّ‬ ‫ّ‬ ‫التناص )‪َ :(Intertextualité‬ي ّتخذ‬ ‫ّ‬
‫النص األدبي‬ ‫ّ‬ ‫عملية امتصاص من جانب‬ ‫ّ‬ ‫ويظهر عالم التخييل في منظوره أنّه‬
‫ّ‬
‫والسياسية‬
‫ّ‬ ‫والنظرية‬
‫ّ‬ ‫التخييلية‬
‫ّ‬ ‫الشفهية أو المكتوبة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الجماعية والخطابات‬ ‫ّ‬ ‫للّغات‬
‫النص األدبي في سياق‬ ‫التناصي يجب أن يُلقي الضوء على ّ‬ ‫والدينية‪ ...‬والتحليل‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخطابية التي يتفاعل معها عن طريق استيعابها‬ ‫ّ‬ ‫حواري‪ ،‬أي بالمقارنة مع األشكال‬ ‫ّ‬
‫وتحويلها ومحاكاتها الساخرة‪( ...‬زيما‪ ،‬ص‪.)٢٠4-٢٠3‬‬

‫‪160‬‬
‫النص األدب ّي (زيما)‬
‫ّ‬ ‫علم اجتماع‬

‫الداللية جزءًا من شفرة تنطلق‬ ‫ّ‬ ‫ملية تُشك ّ ُل بنيتُها‬ ‫ج ّ‬ ‫الخطاب )‪ :(Discours‬هو َوحدة ُ‬
‫(سردي)‪.‬‬‫ّ‬ ‫جماعية يمكن لمسارها التركيبي أن يُق َّدم بمساعدة أنموذج عاملي‬ ‫ّ‬ ‫من لغة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الداللية لذات التل ّفظ‪ ،‬وهذه‬ ‫ّ‬ ‫العاملية للخطاب في ضوء االختيارات‬ ‫ّ‬ ‫يتم شرح البنية‬ ‫ّ‬
‫جماعية ما‪ .‬وقد نجد‬ ‫ّ‬ ‫االختيارات ال تكون ممكنة ّإال في إطار شفرة تنتمي إلى لغة‬
‫خطابية‪ ،‬أو خطابات تتعارض في بعض النقاط‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫تباينات‬ ‫جماعية واحدة‬ ‫ّ‬ ‫في إطار لغة‬
‫داللية متجانسة (ص‪.)1٩٩‬‬ ‫ّ‬ ‫رغم أنّها تنطلق من شفرة‬
‫تتغير بسرعة في‬ ‫الالمعيارية )‪ :(Anomie‬إ ّن القيم والنظم والمعايير يمكن أن ّ‬ ‫ّ‬
‫مثال‪،‬‬ ‫وتخصص متزاي َدين؛ فزوال مهنة من المهن‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫مجتمع ّيتسم بتقسيم العمل‬
‫ونظاما بأكمله‬ ‫ً‬ ‫معينة‬‫تخص مهن ًة ّ‬ ‫ّ‬ ‫أخالقيات بكاملها‬ ‫ّ‬ ‫يتسبب في اختفاء‬ ‫ّ‬ ‫يمكن أن‬
‫التحول االجتماعي أن يثير توتّرات وإحباطات‬ ‫ّ‬ ‫من المعايير‪ ...‬ويمكن لمثل هذا‬
‫ّ‬
‫الالمعيارية على‬
‫ّ‬ ‫عند بعض الجماعات‪ ...‬ويطلق دوركهايم )‪ (Durkheim‬مصطلح‬
‫تتغير فيه ساللم القيم والمعايير وتصبح غير قابلة للتعريف‪،‬‬ ‫ذلك الوضع الذي ّ‬
‫حادي وثابت‬ ‫ّ‬ ‫وهذا ال يعني اختفاء ك ّل المعايير‪ ،‬بل استحالة الوصول الى تعريف أ ُ‬
‫لها (ص‪.)٢6-٢5‬‬
‫لغة الجماعة )‪ِ :(Sociolecte‬ف ْه ِرست معجمي له شفرة أي مبني بحسب أنظمة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫معينة‪ .‬متى قُرئت لغة الجماعة هذه أو‬ ‫بشرية ّ‬ ‫ّ‬ ‫خاصة‪ ،‬أي بحسب جماعة‬ ‫ّ‬ ‫مرجعية‬
‫ّ‬
‫الفكري واالجتماعي‬ ‫ّ‬ ‫مختصة‪ ،‬تلفت المتل ّقي إلى انتماء قائلها‬ ‫ّ‬ ‫ُسمعت ملفوظة‬
‫ّ‬
‫األبدية» فإ ّن كلماته لها معنى‬ ‫ّ‬ ‫مثال عن «الحياة‬ ‫والثقافي؛ فحين يتح ّدث مسيحي ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األساسية بين الجسد والروح‪ ،‬وبين الفاني وغير‬ ‫ّ‬ ‫ألنّها ترجع إلى التعارضات‬
‫يعرف نفسه بأنّه‬ ‫مجتمعا حدي ًثا متع ّدد األصوات‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫خاصة‪ ،‬فإ ّن‬ ‫ّ‬ ‫الفاني‪ ...‬وبصفة‬
‫جماعية بشكل ضمني أو ظاهر‪ ،‬على شفرات‬ ‫ّ‬ ‫دي»‪ ،‬تحيل ك ّل شفرة‪ ،‬ك ّل لغة‬ ‫«تع ّد ّ‬
‫ّ‬
‫تتحرك في فراغ‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬ ‫و«عدوة»‪ ،‬كون هذه اللغات ال‬ ‫ّ‬ ‫جماعية منافسة بل‬ ‫ّ‬ ‫ولغات‬
‫رهن‬
‫َ‬ ‫اجتماعية تصبح في كثير من األحيان‬ ‫ّ‬ ‫مو ّسسات‬ ‫مو ّسسات ومن خالل ؤ‬ ‫داخل ؤ‬
‫صراعات محمومة‪.‬‬
‫لغوية مغلقة وإنّما ِكيا ًنا ح ًّيا‬ ‫النص بنية ّ‬ ‫األدبي )‪ :(Texte littéraire‬ال َي ُع ّد زيما ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماعية التي يحيا في إطارها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة التي تحمل قوانين الحياة‬ ‫ّ‬ ‫يحيا عبر قوانينه‬
‫المعبر‬
‫ّ‬ ‫نصا محاي ًدا وإنما له وظيفة ضمن الصراع اإليديولوجي‬ ‫وتاليا فهو ليس ًّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫االجتماعية تُق َّدم فيه على أنّها قضايا‬ ‫ّ‬ ‫(عباسي‪ ،٢٠1٢ ،‬ص‪)55‬؛ فالمشاكل‬ ‫عنه فيه ّ‬
‫‪161‬‬
‫النص األدب ّي (زيما)‬
‫ّ‬ ‫علم اجتماع‬

‫وتاليا‪ ،‬يع ّده صو ًتا إيديولوج ًّيا له موقف (ص‪.)56‬‬


‫ً‬ ‫التناص‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تتجسد من خالل‬ ‫ّ‬ ‫لسانية‬
‫ّ‬
‫النص بنية مستقلّة يعكس الخطابات ولغات الجماعة التي تحيط به‪ ،‬يتفاعل معها‬ ‫إ ّن ّ‬
‫خاصة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أدبية‬
‫ويمتصها ويتأثّر بها‪ ،‬يتبنّاها أو ينقدها ويعارضها فيولّد بنية ّ‬
‫ّ‬
‫التناص ّيتضح أ ّن‬
‫ّ‬ ‫السوسيولغوي )‪ :(Situation socio-linguistique‬من خالل‬
‫ّ‬ ‫الوضع‬
‫والعلمية‪ ،‬ال تُ َنتج في الفراغ أو في سياق سيرة‬
‫ّ‬ ‫والتجارية‬
‫ّ‬ ‫والدينية‬
‫ّ‬ ‫األدبية‬
‫ّ‬ ‫النصوص‬
‫مولّفوها‪ ،‬أفرا ًدا كانوا أم جماعات‪ ،‬بعض النوايا واألفكار‬‫الذاتية‪ .‬وإنّما يُبدي ؤ‬
‫ّ‬ ‫مولّفيها‬‫ؤ‬
‫هوالء‬‫والمصالح التي يتفاوت استخدامها من النصوص ذات الصلة‪ .‬غير أ ّن ما يبديه ؤ‬
‫في خطبهم هو ر ّد فعل أو إجابة عن خطابات أخرى حاضرة أو ماضية سبق ذكرها‪،‬‬
‫التصرف بأجزائها وإعادة تركيبها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تم التهكّم عليها أو‬ ‫تم انتقادها‪ ،‬أو ّ‬ ‫أو ّ‬
‫ثال ًثا‪ -‬إجراءات‬
‫النص األدبي في ما يلي‪:‬‬ ‫تتجلّى خطوات التحليل في علم اجتماع ّ‬
‫ّ‬
‫النص المراد‬
‫النص ووضع ّ‬ ‫السوسيولغوي الذي عايشه كاتب ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ .1‬تحديد الوضع‬
‫السوسيولغوي الذي أُنتج فيه خالل َعقد أو َعق َدين من‬
‫ّ‬ ‫تحليله في إطار الوضع‬
‫النص (زيما‪ ،‬ص‪.)٢11‬‬ ‫الزمن قبل صدور ّ‬
‫كيفية‬
‫النص موضوع البحث‪ ،‬والنظر في ّ‬ ‫‪ .٢‬تحديد لغات الجماعة والخطابات في ّ‬
‫التناص‪ .‬وتحديد لغات الجماعة والخطابات التي‬ ‫ّ‬ ‫النص لها من طريق‬ ‫استيعاب ّ‬
‫النص لهذه الخطابات‪ ،‬هل‬ ‫ينتقدها أو يتبنّاها‪ ،‬مع الوقوف على أساليب نقد ّ‬
‫أتت من طريق التعارض أو الالمباالة‪ ،‬أو أتت من نفي الواقع القائم أو سوى‬
‫تتبع لغة ممثّلي العوامل الذات )‪ ،(Les actants sujets‬أي‬ ‫ذلك؟ من خالل ّ‬
‫الشخصيات الفاعلة ذات المشروع‪ ،‬والجماعات التي ينتمون إليها‪ ،‬بوصفها‬ ‫ّ‬
‫الجماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وثيقا بالمصالح‬
‫ارتباطا ً‬
‫ً‬ ‫وسياسية‪ ،‬ترتبط‬
‫ّ‬ ‫اجتماعية‬
‫ّ‬ ‫عمليات‬
‫ّ‬
‫النص‪ ،‬لشرحها في ضوء معطيات الوضع‬ ‫والسردية في ّ‬
‫ّ‬ ‫الداللية‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬تحليل البنى‬
‫الجماعية المع َّبر عنها فيه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السوسيولغوي واللغات‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫واقعا ما وتعكسه؟ بل‪ ،‬ما هي الوظائف‬
‫صور الرواية ً‬
‫السوال كيف تُ ّ‬‫لم يعد ؤ‬
‫مما أتى به أدورنو )‪ (Adorno‬بهذا‬ ‫معينة؟ مستفي ًدا ّ‬
‫والنفسية التي تمثّلها لغة جماعة ّ‬
‫ّ‬
‫النفسية (ص‪.)٩8‬‬
‫ّ‬ ‫والتحليلية‬
‫ّ‬ ‫االجتماعية‬
‫ّ‬ ‫إمكانية التوليف بين المناهج‬
‫ّ‬ ‫ومظهرا‬
‫ً‬ ‫المجال‪،‬‬

‫‪162‬‬
‫النص األدب ّي (زيما)‬
‫ّ‬ ‫علم اجتماع‬

‫يعبر‬
‫ر�ية الكاتب إلى العالم؟ أو ما هي اإليديولوجيا التي ّ‬
‫السوال ما هي ؤ‬
‫ولم يعد ؤ‬
‫النص؟ وإنّما‪ ،‬ما هو الخطاب السياسي أو اإليديولوجي الذي استوعبته الرواية‪،‬‬
‫عنها ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التناص؟‬
‫ّ‬ ‫ونقدته على مستوى‬
‫النص األدبي بسياقه االجتماعي على مستوى اللغة‪،‬‬ ‫من هنا‪ ،‬تكمن ضرورة ربط ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خاص‪ ،‬كما عايشه‬‫ّ‬ ‫لغوي اجتماعي‬ ‫ّ‬ ‫النص األدبي في وضع‬ ‫وذلك انطال ًقا من وضع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجماعية والخطابات‬
‫ّ‬ ‫كاتبه وعايشته جماعته‪ .‬وفي ظ ّل هذا الوضع‪ ،‬فإ ّن بعض اللغات‬
‫مسرحية أو قصيدة‪ ...‬ومن‬
‫ّ‬ ‫أهمية من غيرها بالنسبة إلى بنية رواية ما‪ ،‬أو‬ ‫ّ‬ ‫تكون أكثر‬
‫التسا�ل عن الموقف الذي ّتتخذه الذات تجاه‬ ‫ؤ‬ ‫المهم بالنسبة إلى نقد الخطاب‬ ‫ّ‬
‫وجماعية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فردية‬
‫يجسد مصالح ّ‬ ‫ّ‬ ‫خطابها بوصفه بناءً دالل ًّيا تركيب ًّيا‪،‬‬

‫رابعا‪ -‬ميادين‬
‫ً‬
‫وبخاص ٍة الرواية‪ ،‬ولم يُط َّبق‬
‫ّ‬ ‫النص األدبي‬
‫األدبي على ّ‬ ‫النص‬
‫يُط َّبق علم اجتماع ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النص‬‫على الشعر بعد‪ ،‬وبحسب زيما ال يمكن أن يكتفي التحليل َوفق علم اجتماع ّ‬
‫نص لألديب نفسه‪.‬‬ ‫نص أو اثنَين‪ ،‬بل ينبغي على الباحث أن يختار أكثر من ّ‬ ‫بدراسة ّ‬
‫فالنص المعزول وح َده ال يمكن‬ ‫ّ‬ ‫نص يمثّل معنى في عالقته بالنصوص األخرى‪،‬‬
‫ك ّل ّ‬
‫اجتماعية‬
‫ّ‬ ‫إيديولوجية أو أنظمة قيم‬
‫ّ‬ ‫جماعية أو خطابات‬
‫ّ‬ ‫وصفه بالمقارنة مع مصالح‬
‫ر�ى للعالم (ص‪ .)1٠٠‬وعلى الباحث أن ّيتجه نحو دراسة كل ّّية النصوص لكي‬ ‫أو ؤ‬
‫أي‬
‫التاريخي‪ .‬ويرى أ ّن ّ‬ ‫يُدرج نقاط التقائها وتناقضاتها ضمن السياق االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫� علم االجتماع بشكل عامّ‬ ‫تبعا لمباد ؤ‬
‫محاولة لدراسة قصيدة أو صفحة من رواية ً‬
‫هي محاولة فاشلة على الرغم من ّاطالعه على ما أتى به ك ّل من كريستيفا وأدورنو‬
‫في هذا السياق (ص‪.)1٠1‬‬

‫خامسا‪ -‬مصادر ومراجع‬


‫ً‬
‫نظرية وأدوات‬
‫ّ‬ ‫النص األدبي‪ :‬مفاهيم‬
‫أحمد‪ ،‬صالح (أيلول ‪« .)٢٠18‬علم اجتماع ّ‬
‫ّ‬
‫تم االسترجاع في (‪ ٢٠‬آب ‪٢٠٢٠‬‬ ‫العلمي (‪ّ .٩ ،)43‬‬
‫ّ‬ ‫منهجية»‪ .‬مركز جيل البحث‬
‫ّ‬
‫‪ 8:٠٠-‬مساء) من‪http://jilrc.com :‬‬
‫ً‬
‫بولكعيبات‪ ،‬نعيمة (ديسمبر ‪« .)٢٠15‬علم اجتماع النص )‪(Sociologie du texte‬‬
‫ّ‬

‫‪163‬‬
‫النص األدب ّي (زيما)‬
‫ّ‬ ‫علم اجتماع‬

‫اإلنسانية (المجلّد أ‪ ،‬العدد ‪.1٧8-155 ،)44‬‬


‫ّ‬ ‫الحدود والمفاهيم»‪ .‬مجلّة العلوم‬
‫تم االسترجاع في (‪ ٩‬آب ‪ ٢٠٢٠‬العاشرة مساءً) من‪:‬‬ ‫ّ‬
‫‪http://revue.umc.edu.dz/index.php/h/article/view/2172‬‬
‫األدبي (ط‪ ،)1‬تر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫االجتماعي‪ :‬نحو علم اجتماع ّ‬
‫ّ‬ ‫زيما‪ ،‬بيير (‪ .)1٩٩1‬النقد‬
‫عايدة لطفي‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر (نُشر العمل األصلي ‪.)1٩85‬‬
‫ّ‬
‫النص والمجتمع‪ :‬آفاق علم اجتماع النقد (ط‪ ،)1‬تر‪ .‬أنطوان أبو‬‫______ (‪ّ .)٢٠13‬‬
‫العربية للترجمة (نُشر العمل األصلي ‪.)٢٠11‬‬
‫ّ‬ ‫المنظمة‬
‫ّ‬ ‫زيد‪ .‬بيروت‪:‬‬
‫ّ‬
‫األدبي واإليديولوجيا‪ :‬من سوسيولوجيا الرواية‬
‫ّ‬ ‫لحمداني‪ ،‬حميد (‪ .)1٩٩٠‬النقد‬
‫الروائي (ط‪ .)1‬بيروت‪ :‬المركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫إلى سوسيولوجيا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪- Zima, Pierre (2000). Manuel de sociocritique (2ème éd.). Paris: L’Harmattan.‬‬

‫تطبيقية‬
‫ّ‬ ‫سادسا‪ -‬قراءات‬
‫ً‬
‫سوسيونقدية‪ّ .‬‬
‫عمان‪ :‬دار‬ ‫ّ‬ ‫دهوان‪ ،‬عبد المغني (‪ .)٢٠18‬الرواية والمجتمع‪ :‬قراءة‬
‫أمجد للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫العربي‬
‫ّ‬ ‫األدبي وتطبيقاتها في النقد‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫عباسي‪ ،‬صالحة (‪ .)٢٠1٢‬سوسيولوجيا ّ‬ ‫ّ‬
‫العربي بن مهيدي أمّ‬ ‫المعاصر‪( .‬رسالة ماستر بإشراف د‪ .‬صالح خديش)‪ .‬جامعة‬
‫ّ‬
‫البواقي‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫إعداد‪ :‬د‪ .‬مهى جرجور‬

‫‪164‬‬
‫��ا ا����� �� ���� ���د ������ �� أ�����‬
‫ا��������‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ا������� �� ا������‬
‫ّ‬ ‫�� ّّ�� اﻵداب وا�����‬
‫����� ����� ا����‬ ‫ّ‬ ‫و�� ذو ���� ������ ������‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ا����ا�� �� ������ ا��ا���‪ .‬ا��ُ���‬
‫ً‬ ‫ا����� ا����‬
‫ّ‬
‫���� ا����� �� ا����‪ ،‬وا������ ��‬ ‫������ٌ ّ‬
‫ّ‬ ‫���‬
‫ا�����‬
‫ّ‬ ‫ا����‪ ������� ،‬ا����� ��� ����� ا����‬
‫�� ����‪.‬‬

‫َ� ْ� َ� أ ّن ��ا ا����� و� َ�ه ﻻ ����‪ ���� ،‬ا�����‬


‫ا����� ��ا��� ا������‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ا����� أن ���أ ا����‬
‫������ ���و��‪ ...‬و���� أ ّن‬‫ّ‬ ‫��� ا���و� �� ���‬
‫ا����� �� ��‬‫�َ� ُّ� َد ا���ا�ا� ��ا� ٌ ��‪ ،‬وأ ّن ا����� ُ‬
‫������ ��� ا�����‪ ،‬و���و� أن �ُ��� ����‪ .‬و����‬
‫أ������ ا���� ا�����‬ ‫ّ‬ ‫أ ّن ا������ ���� أ���� ��‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وا��������‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ا��� ﻻ � ّ� ���� ���� ���� ���� ّ� ّ��‬

‫���� ����� ������‬

You might also like