You are on page 1of 127

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ‪3‬‬

‫ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ‬

‫اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺳﻧﺔ أوﻟﻰ ﻟﯾﺳﺎﻧس‬


‫اﻟﺗﺧﺻص ﺟذع ﻣﺷﺗرك‬
‫ﻣﻘﯾﺎس ‪:‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‬

‫ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‬

‫ﻣن إﻋداد اﻟدﻛﺗور ‪ :‬ﺷﯾﺑﺎﻧﻲ ﻓﺎﺗﺢ‬

‫اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪.2020/2019 :‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﻘدﻣﺔ ‪:‬‬

‫ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻘﯾﺎس اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﺎﯾﺳﻲ ﻣن اﻟﻣﻘﺎﯾﯾس اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻟطﻠﺑﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳـﻲ و‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟطﻠﺑﺔ اﻟﺳﻧﺔ اﻷوﻟﻰ ﺟذع ﻣﺷﺗرك‪ ،‬وﻟﻘد ﻫدﻓت ﻣن ﻋرﺿﻧﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣطﺑوﻋﺔ‬
‫إﻓﺎدة اﻟطﺎﻟب ﺑﺎﻟﻣﺎدة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋدﻩ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم ﺑﺣوﺛﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرض ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﺣﺻﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣوﺟﻬﺔ‬
‫و اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﻪ اﻟﻌﻠﻣﻲ‪.‬‬

‫و ﻟﻘد ﻋرﺿت ﻫذﻩ اﻟﻣطﺑوﻋﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣدارس اﻟﻔﻛرﯾﺔ و اﻟﻧظرﯾﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻣﻘدرة ﻓﻲ ﻣﻘﯾﺎس‬
‫اﺑﺗداءا ﻣن ﻣﻔﻬوم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ وﺻوﻻ إﻟﻰ‬
‫ً‬ ‫اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟطﻠﺑﺔ ﺳﻧﺔ أوﻟﻰ ﻋﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻷوﻟﻰ‬

‫اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫‪3‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻷوﻟﻰ ‪ :‬اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫‪ -1‬ﻣﻔﻬوم ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻬﺎ ‪:‬‬


‫ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟدول اﻟﻌﺎﻟم ﻣن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺳواء ﻓﻲ اﻟدول اﻟﻣﺗطورة و اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ أو اﻟدول‬
‫اﻟﻣﺗﺧﻠﻔﺔ و اﻟﻔﻘﯾرة‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺣﺳب إﺧﺗﻼف درﺟﺔ ﺗﻘدم و ﻧﻣو دول اﻟﻌﺎﻟم و ﻣدى ﺗﻘدﻣﻬﺎ اﻟﺗﻘﻧﻲ و اﻟﻌﻠﻣـﻲ و‬
‫ﻟﻛﻲ ﯾﺗم ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻬﺎ‪:‬‬

‫‪ -2‬ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪:‬‬


‫ﺗﺗﻛون اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣن ﻋﻧﺻرﯾن أﺳﺎﺳﯾن ‪:‬‬

‫‪ ‬اﻟﺣﺎﺟﺎت ‪:‬‬
‫ﯾﻬدف اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي إﻟﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻧدرة اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ﻟﻠﻣوارد اﻟﻣﺣدودة ﻋﻣوﻣﺎ ﻓﻛل ﻓرد ﻣن اﻷﻓراد‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﻪ ﺣﺎﺟﺎت ﯾﺳﻌﻰ ﻹﺷﺑﺎﻋﻬﺎ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ﻓﺎﻟﺣﺎﺟﺔ ﻫﻲ ﺷﻌور ﺑﺎﻟﺣرﻣﺎن ﯾدﻓﻊ اﻟﻔرد إﻟﻰ اﻟﺳﻌﻲ و اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺧﻠص ﻣن ﻫذا اﻟﺷﻌور‪.‬‬
‫و ﺗﻘﺳم اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﺿرورة و اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻛﻣﺎﻟﯾﺔ و اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻔردﯾ ـﺔ و‬
‫اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﺣﺎﺿرة و اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﺗﺗﺳم اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬


‫أﻧﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻺﺷﺑﺎع‪ ،‬و ﻻ ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ و أﻧﻬﺎ ﻧﺳﺑﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻋﻧﺻر اﻟﻣوارد ‪:‬‬


‫إذا اﻋﺗﺑرﻧﺎ أن اﻟﻣواد ﻫو ﻛل ﺷﻲء ﺻﺎﻟﺢ ﻹﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻼﻣﺗﻧﺎﻣﯾﺔ ﻟﻠﻔرد‪ ،‬ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧدﺧل ﻓﻲ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ‬
‫اﻟﻧدرة ﻓﺎﻟﻣواد اﻟﺗﻲ ﺗﺻرف ﻹﺷﺑﺎع ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻼ ﻣﺗﻧﺎﻣﯾﺔ‪ ،‬إﻣﺎ أن ﺗﻛون ﻣوزﻋﺔ ﺗوزﯾﻌﺎ ﻣﻛﺎﻧﯾﺎ ﻏﯾر‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻫذا اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻼﻣﺗﻛﺎﻓﺊ أو ﻫذﻩ اﻟﻧدرة ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل‬ ‫ﻣﺗوازن و ﻣﺗﻛﺎﻓﺊ و إﻣﺎ أن ﺗﻛون ﻧﺎدرة ﺑﺎﻷﺳﺎس‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم طﻠﺑﺔ ‪ :‬ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻌض ﺟواﻧب اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻛﻠﻲ‪ ،‬ﻋواﻣل اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪،‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎھرة‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،2008 ،‬ص ص ‪.2 ،1‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪4‬‬
‫اﻟﻣورد إﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣوارد اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﺑﻛﻣﯾﺎت ﻛﺑﯾرة ﺗﻔوق اﻟطﻠب‪ ،‬ﻛﺎﻟﻬواء ﻣﺛﻼ ﺗﻌﺗﺑر ﻣوارد ﺣرة ﻻ ﺗﺧﻠق‬
‫ﻣﺷﻛﻠﺔ إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻋﻛس اﻟﻣوارد اﻟﻧﺎدرة و ﻟﻬذا ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣوارد إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣدﯾد ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﯾﻣﻛن ﺗﻌرﯾﻔﻬﺎ‬

‫» اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ أن اﻟﻣوارد اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ أي ﻣﻧطﻘﺔ أو دوﻟﺔ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ إﺷﺑﺎع‬


‫ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﺟﺎت و ﺑﺷﻛل ﻣﺳﺗﻣر«‪.‬‬

‫و اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣرﺑوطﺔ ﺑﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻧدرة ﻓﻲ اﻟﻣوارد ﻹﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻼﻣﺗﻧﺎﻣﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻧدرة ﻫو ﺟوﻫر اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي و ﻣن أﺳﺎﺳﯾﺎت اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺳواء ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺄﻓراد‬
‫)‪(1‬‬
‫ﺑﻌﯾدا ﻋن ﻣﻧﺎطق اﻟﺗﺣﺿر أو ﻛﺎن ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺷﺧص أو ﻓرد ﯾﻌﯾش وﺳط ﺟﻣﺎﻋﺔ‪.‬‬
‫ﯾﻌﯾﺷون ً‬

‫ﻓﺑﺎﺧﺗﺻﺎر اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻧدرة اﻟﻣوارد اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻫذﻩ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺑدورﻫﺎ ﺗﺧﺗﻠق‬
‫ﻣﺷﻛﻠﺔ أﺧرى ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﺧﺗﯾﺎر ﺑﯾن اﻟﻣوارد ﻟﻺﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔرد ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﺣﺻل ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣوردا دون اﻵﺧر‪.‬‬
‫ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣوارد ﻟﻺﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺔ و ﻟﻬذا ﺳﯾﺧﺗﺎر ً‬

‫ﻫذا اﻹﺧﺗﯾﺎر ﯾﻧﺗﺞ و ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ﻷن ﻋﻠﯾﻪ اﻹﺧﺗﯾﺎر ﺑﯾن ﻣورد و آﺧر ﺳﺗؤدي إﻟﻰ‬
‫اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ﺑﺈﺣدى اﻟﻣوارد و ﻟﻬذا ﻓﺎﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾﺻﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺷﻛل اﻟﺗﺎﻟﻲ ‪:‬‬

‫اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻧدرة‬

‫ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﺧﺗﯾﺎر‬

‫اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ .2‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪:‬‬
‫إذا ﻛﺎﻧت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﺗﻌﺗﺑر أن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻧدرة اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ﻟﻠﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻟراﺟﻊ إﻟﻰ‬
‫ﻣﺣدودﯾﺗﻬﺎ و ﻋدم ﺗوﻓرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺗزاﯾد اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ و ﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺧﻠق اﻟﻼﺗوازن ﺑﯾن اﻟﻣوارد‬
‫و اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻓﺈن اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﺗﻌﺗﺑر أن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻧﺎﻗص اﻟداﺋ ـ ـم و اﻟﻣﺗواﺻل ﺑﯾن‬
‫اﻟﺷﻛل و ﻟﻠﻧظﺎم اﻟذي ﯾﺗم ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﺑﯾن ﻧظﺎم اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،1‬ﺑﻣﺎ ﯾﻔﺳر أن‬
‫ﻛﺑﯾر ﺑﯾن‬
‫ﺗﻧﺎﻗﺻﺎ ًا‬
‫ً‬ ‫اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻧظرت إﻟﻰ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻷﻧظﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻘت‬
‫اﻟﻧظﺎم اﻟذي ﯾﺗم ﻓﯾﻪ ﻛل اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ و ﺑﯾن ﻧظﺎم اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻐﯾر ﻋﺎدل اﻟذي ﻻ ﯾراﻋﻲ ﻛل طﺑﻘﺎت‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬

‫‪ .3‬ﻣﻔﻬوم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻠﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪:‬‬


‫ﯾؤﻛد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻹﺳﻼﻣﯾﯾن أن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﺳت ﻛﻣﺎ ﺗﺻورﻫﺎ اﻟﻔﻛر اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ أو‬
‫اﻟﻣﺎﻏرﻛﺳﻲ أو ﻏﯾرﻫﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﻗﻠﺔ اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻛﻔﻲ اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗزاﯾدة‬
‫و اﻟﻼﻣﺗﻧﺎﻣﯾﺔ و ﻻ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن ﻗوى اﻹﻧﺗﺎج و ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺗوزﯾﻊ ﻛﻣﺎ ﺗﻘرﻩ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ و إﻧﻣﺎ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ‬
‫ﺗﻛﻣن ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺷﻛﻠﺔ إذن ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﻧﻔﺳﻪ و ﻗﺻور ﺳﻠوﻛﻪ ﺳواء ﻣن ﺣﯾث اﻹﻧﺗﺎج و‬
‫اﻹﺳﺗﻬﻼك أو ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻻ ﯾﺑث ﺑﺄي ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ أو أﺷﻛﺎل اﻹﻧﺗﺎج‪.‬‬

‫و ﻛﺧﻼﺻﺔ ﻓﺈن اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ ﯾرى أن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻻ ﺗﻌود إﻟﻰ اﻟﻔﻘراء أو ﺷﺢ‬
‫اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻣن اﻟﻣوارد ﻛﻣﺎ أﻗر ﺑﻪ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ وﺟود و ﻧﺷﺎط اﻹﻏﻧﯾﺎء ﻷو‬
‫اﻟﺗﻧﺎﻗص ﺑﯾن ﻗوى اﻹﻧﺗﺎج و ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺗوزﯾﻊ ﻛﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻹﺷﺗراﻛﻲ ﺑل ﻫﻲ ‪:‬‬
‫‪ .1‬ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﻘﺻور ﻓﻲ إﺳﺗﻐﻼل اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻋﺑرت ﻋﻧﻪ اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ »و آﺗﺎﻛم ﻣن ﻛل ﻣﺎ‬
‫ﺳﺄﻟﺗﻣوﻩ و إن ﺗﻌدوا ﻧﻌﻣﺔ اﷲ ﻻ ﺗﺣﺻوﻫﺎ‪ ،‬إن اﻹﻧﺳﺎن ﻟظﻠوم ﻛﻔﺎر«‪.‬‬
‫آﻣ ُﻧوا‬ ‫ﯾن َﻛ َﻔ ُروا ﻟِﻠﱠ ِذ َ‬
‫ﯾن َ‬ ‫ﺎل اﻟﱠ ِذ َ‬
‫َﻧﻔﻘُوا ِﻣ ﱠﻣﺎ َرَزَﻗ ُﻛ ُم اﻟﻠﱠ ُﻪ َﻗ َ‬
‫ﯾل َﻟﻬم أ ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ .2‬ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺳوء اﻟﺗوزﯾﻊ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ‪ٕ َ » :‬وِا َذا ﻗ َ ُ ْ‬
‫ﯾن«‬ ‫ط َﻌ َﻣ ُﻪ إِ ْن أَﻧﺗُ ْم إِﱠﻻ ِﻓﻲ َ‬
‫ﺿ َﻼ ٍل ﱡﻣ ِﺑ ٍ‬ ‫ﺎء اﻟﻠﱠ ُﻪ أَ ْ‬
‫ﺷ ُ‬‫ط ِﻌ ُم َﻣن ﻟﱠ ْو َﯾ َ‬
‫أَ ُﻧ ْ‬
‫‪2‬‬
‫و ﻗد ﻗﺎل ﻋﻠﻲ ﺑن أﺑﻲ طﺎﻟب رﺿﻲ ﷲ ﻋﻧﮫ ‪» :‬ﻣﺎ ﺟﺎع ﻓﻘﯾر إﻻ ﺑﻣﺎ ﺷﺑﻊ ﻏﻧﻲ«‬

‫أﺣﻣد ﻣﺣﻣد ﻋﺎﺷور‪ ،‬اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣن ﻣوﻗﻊ ‪) www.alukah.net :‬أﺧر زﯾﺎرة ‪.(2019/11/19‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ﻧﻘﻼ ﻋن ‪ :‬إﺑن ﻋﺑد رﺑﻪ‪ ،‬اﻟﻌﻘد اﻟﻔرﯾد‪ ،‬ﻟﺟﻧﺔ اﻟﺗﺄﻟﯾف و اﻟﺗرﺟﻣﺔ و اﻟﻧﺷر‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪6‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‬

‫ﻣﻔﻬوم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻼﻗﺗﻪ‬


‫ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى‬

‫‪7‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى‬

‫أوﻻ ‪ :‬ﺗﻌرﯾف اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ‪:‬‬


‫ﯾﻌرف اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ » ﻧظرﯾﺔ ﺗطور ﻗواﻧﯾن اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻘوﻣﻲ و اﻟﺣﯾﺎة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫اﻟﻘوﻣﯾﺔ‪ ،‬و ﻫذا اﻟﻌﻠم ﻣﺛﻠﻪ ﻣﺛل ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺗﺣدﺛﺔ ﻋن ﺣﯾﺎة أﻣﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ‪ ،‬ﯾرﺗﺑط ﻣن ﺟﻬﺔ ﺑدراﺳﺔ‬
‫اﻟﻔرد‪ ،‬و ﯾﻣﺗد ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻟﯾدرس اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﻣﻌﺎء«‬
‫)‪(1‬‬

‫ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻫو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن أطراف ﻣﺗﻌددة‬
‫ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺗوزﯾﻊ ﻓﻲ أﺷﻛﺎﻟﻬﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻐﯾرة‪.‬‬

‫و اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾطرح ﻫﻧﺎ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت و اﻷطراف ؟‬

‫ﻫذا اﻟﺳؤال ﯾدﻓﻌﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻋن ﻣوﺿوع اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج ﻛﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹﻧﺳﺎن و اﻟطﺑﯾﻌﺔ ‪ :‬ﻣﺎ ﯾﻔرق ﺑﯾن اﻹﻧﺳﺎن و اﻟﺣﯾوان ﻫو أن ﻫذا اﻷﺧﯾر‬
‫ﯾﺳﺗﻛﯾن ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ أي أﻧﻪ ﯾﻌﯾش ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدﻣﻪ ﻟﻪ و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺧﻠﻬﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﺳﯾؤدي ﺑﻪ إﻟﻰ اﻹﻧﻘراض ﻋﻛس‬
‫)‪(2‬‬
‫ﻣن ﺧﻼل ﻣﺟﻬود واع ﯾﺳﻣﻰ اﻟﻌﻣل‪.‬‬ ‫اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻬو ﻛﺎﺋن ﻣﺻﺎرع ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ و ﻣﺗﻔﺎﻋل ﻣﻌﻬﺎ‬
‫ب‪ -‬ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج ﻛﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹﻧﺳﺎن و اﻹﻧﺳﺎن ‪ :‬ﻻ ﯾﻘوم اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻟﺻراع ﻣﻊ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻟوﺣدﻩ ﻓﻘط‬
‫ﺑل ﻓﻲ ظل ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻷﻓراد أي ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻬو ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻹﺳﺗﻣ اررﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﯾش إﻻ ﻣن‬
‫ﺧﻼل اﻵﺧرﯾن و ﻫذا ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻛﻣل‪ ،‬ﻓﺄﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﻛﻣل أﺣدﻫم اﻵﺧر و ﻣن ﺛم ﻓطﺑﯾﻌﺔ‬
‫ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج ﻫﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻧﯾﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻧﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ‪،‬‬
‫ج‪ -‬ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻔرد ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ ‪ :‬ﯾﻣﺎرس اﻷﻓراد ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺗوزﯾﻊ ً‬
‫ﻓﺎﻷﻓراد ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﻠزﻣون ﺑﺗطﺑﯾق اﻟﻧﻬﺞ اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ أﯾﺔ دول ﻣن دول‬
‫اﻟﻌﺎﻟم‪ ،‬ﻓﺷﻛل اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻷﻓراد ﻻ ﯾﺧرج ﻋن ﻧطﺎق اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑطﻬم ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ‬
‫اﻟﺣﺎﻛم‪.‬‬

‫رو از ﻟوﻛﺳﻣﺑورغ ‪ :‬ﻣﺎﻫو اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ إﺑراﻫﯾم اﻟﻌرﯾس‪ ،‬دار إﺑن ﺧﻠدون‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪ ،1980 ،‬ص‪.3‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﻧﺎور رﯾﺢ ﺣداد‪ ،‬ﺣﺎزم ﺑدر اﻟﺧطﯾب‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺟزﺋﻲ‪ ،‬دار اﻷﻣل ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪،2004 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ص ‪.21 ،20‬‬
‫‪8‬‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺛﻼث ﯾﺟب أن ﺗﻧظم ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬ﻣﻧﻬﺞ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪.‬‬

‫ﯾﻌرف اﻟﻣﻧﻬﺞ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ » اﻟﺗﻘﺻﻲ اﻟﻣﻧظم ﺑﺎﺗﺑﺎع أﺳﺎﻟﯾب و ﻣﻧﺎﻫﺞ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗﺣدد اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‬
‫ﺑﻘﺻد اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺻﺣﺗﻬﺎ أو ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ أو إﺿﺎﻓﺔ اﻟﺟدﯾد إﻟﯾﻬﺎ«‪.1‬‬

‫أو ﻫو ‪» :‬اﻟطرﯾق أو اﻷﺳﻠوب اﻟذي ﯾﺳﻠﻛﻪ اﻟﺑﺎﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﻘﺻﯾﻪ ﻟﻠﺣﻘﺎﺋق اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ أي‬
‫‪2‬‬
‫ﻓرع ﻣن ﻓروع اﻟﻣﻌرﻓﺔ و ﻓﻲ أي ﻣﯾدان ﻣن ﻣﯾﺎدﯾن اﻟﻌﻠوم اﻟﻧظرﯾﺔ و اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ«‬

‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻌﻠﻣﻲ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟطرق إﻟﻰ أن‬
‫و ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﺣﻘﺎﺋق ً‬
‫أﻫﻣﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻟطرﯾﻘﺔ اﻹﺳﺗﻧﺑﺎطﯾﺔ )اﻹﺳﺗﻧﺗﺎﺟﯾﺔ( ‪:‬‬


‫اﻹﺳﺗﻧﺑﺎط ﻫو اﻻﺳﺗدﻻل اﻟذي ﯾﻧﺗﻘل ﻣن اﻟﻛل إﻟﻰ اﻟﺟزء أو ﻣن اﻟﻌﺎم إﻟﻰ اﻟﺧﺎص و اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‬
‫اﻹﺳﺗﻧﺑﺎطﯾﺔ ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻣﺳﻠﻣﺎت أو ﻧظرﯾﺎت ﻟم ﻧﺳﺗﻧﺑط ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗواﻓق و ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺟزء ﻣﺣل‬
‫اﻟدراﺳﺔ و اﻟﺑﺣث‪ ،‬ﻓﺎﻹﺳﺗﻧﺑﺎط ﻛﻣﺎ ﯾﻌرﻓﻪ اﻟﺑروﻓﯾﺳور ﻋﻣﺎر ﺑوﺣوش ﻫو ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﺗم ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟذﻫن ﺑﻌﯾدة ﻋن اﻟﺗﺟرﯾب ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﻘل ﻫو ﻣن ﯾﺧﺑرﻧﺎ و ﯾﺑرﻫن ﻟﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد‬
‫‪3‬‬
‫ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺟزء ﻛون أن اﻟﻛل ﻣﻛون ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﻓراد‪.‬‬

‫‪ .2‬اﻟطرﯾﻘﺔ اﻹﺳﺗﻘراﺋﯾﺔ ‪:‬‬


‫ﯾﻌد اﻻﺳﺗﻘرار أﺣد أﻫم اﻟطرق اﻹﺳﺗدﻻﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻬو ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻹﺳﺗﻧﺑﺎط‪ ،‬أي ﻫو ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﻘﺎل ﻣن‬
‫اﻟﺟزء إﻟﻰ اﻟﻛل أو ﻣن اﻟﺧﺎص إﻟﻰ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﻧطﻠق ﺑﻣﻼﺣظﺔ ﻋدد ﻣن اﻟﺣﺎﻻت أو اﺻطﻧﺎﻋﻬﺎ‬
‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﯾﻬﺎ ﯾﺑﻧﻲ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺣﻲ ﺑﻬﺎ ﺗﻠك‬
‫ﺑوﺳﺎﺋل اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣوز ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺑﺎﺣث و اﻟﺗﻲ ً‬

‫ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻣن ﻣوﻗﻊ ‪repository.vobalylon.edu :‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟرﻣﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬و أﻧظر أﯾﺿﺎ ‪ :‬ﻏﺎزي ﻋﻧﺎﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ‪ ،‬ﻣﺣﺎﺿرات ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟرش‬ ‫‪2‬‬

‫اﻷﻫﻠﯾﺔ‪ ،‬اﻷردن‪2007 ،‬م‬


‫ﻋﻣﺎر ﺑوﺣوش‪ ،‬ﻣﺣﻣد ذﻧﯾﺑﺎت‪ ،‬ﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ و طرق إﻋداد اﻟﺑﺣوث‪ ،‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،1995‬ص ‪.138‬‬
‫‪9‬‬
‫ﺗﻣﺎﻣﺎ‬
‫اﻟﺗﺟﺎرب و اﻟﻣﻼﺣظﺎت‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻪ »إﺳﺗدﻻل ﯾؤدي إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ أﻛﺑر ﻣن ﻣﻘدﻣﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ً‬
‫‪1‬‬
‫ﻣن اﻻﺳﺗﻧﺑﺎط اﻟذي ﺗﻛون ﻓﯾﻪ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ داﺋﻣﺎ ﻣﺳﺎوﯾﺔ أو أﺻﻐر ﻣن ﻣﻘدﻣﺎﺗﻬﺎ«‪.‬‬

‫إﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ‬
‫ً‬ ‫ﺑﻧﺎء أو‬
‫ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺗم ذﻛرﻩ ﯾﺗﺿﺢ ﻋﻠﻰ أن اﻟظﺎﻫرة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ ً‬
‫ﺗﻔﺳﯾر ﺷﺎﻣﻼً ﻟﻠظﺎﻫرة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﯾﺗطﻠب ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ‬
‫ًا‬ ‫ﻣﻧﻬﺞ واﺣد ﺑﺣﯾث أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻪ أن ﯾﻌطﻲ ﻟﻧﺎ‬
‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻫذا ﻻ ﯾﻣﻛن اﻹﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻬﺞ واﺣد و ﻟﻬذا ﻓﺈن اﻟﺗﺣرﯾر‬
‫اﻟﻣﻌرﻓﺔ و اﻹطﺎﺣﺔ ﺑﻌدة ﺟواﻧب و ً‬
‫ﻓﻲ اﻹ ﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻪ ﻓﺎﻋل‪ ،‬ﻛون أن اﻟظﺎﻫرة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﻌﻘدة ﻛﻣﺎ ﺗم ذﻛرﻩ‪ ،‬و ﻛوﻧﻬﺎ ظﺎﻫرة ﯾﻛررﻫﺎ‬
‫اﻷﻓراد ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻣن ﺧ ﻼل ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬم ﻟﻣﺧﺗﻠف ﻧﺷﺎطﺎﺗﻬم ﻓﻲ أﺿواء و ظروف ﻣﺗﻔﺎوﺗ ـ ـﺔ و ﻣﺗﺑﺎﯾﻧﺔ‪» ،‬ﻫذﻩ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻣﺗراﺑطﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ و اﻟﻣﺗﻛررة ﻻ ﺳﺑﯾل إﻟﻰ إزاﺣﺔ اﻟﺳﺗﺎر ﻋﻧﻬﺎ إﻻ ﺑطرﯾﻘﺔ اﻟﺗﺟرﯾد«‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى‪.‬‬

‫إن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ أي ﻋﻠم ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣوﺿوع و اﻟﻣﻧﻬﺞ ﻻ ﯾﻌﻧﻲ اﻟﺑث ﻋدم ارﺗﺑﺎطﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧـرى و ﻻ‬
‫ﯾﻌﻧﻲ ﻏﯾﺎب ﻧطﺎق ﻣﺷرﻛﻪ ﺑﯾﻧﻪ و ﺑﯾﻧﻬم ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻔرد ﻫو اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻔﺎﻋل‬
‫ﻓﯾﻬﺎ و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﺳﻧﺣﺎول إﺟﺎد اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط ﺑﯾن ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى ‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ‪:‬‬


‫إذا ﻛﻧﺎ ﻗد ﺑدأﻧﺎ ﺑﻌﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﻌﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﺈن ذﻟك راﺟﻊ إﻟﻰ درﺟﺔ ارﺗﺑﺎط‬
‫ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺑﻌﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط اﻟﻔرد ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻫﻲ ﻣن ﺻﻣﯾم ﻋﻠم‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪.‬‬

‫ﻓﻣﺟﺎﻻت إﻫﺗﻣﺎم دراﺳﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺣﻛوﻣﺔ و اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻫو ﻣن ﯾﺣدد درﺟﺔ‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﻠﻣﯾن‪ ،‬ﻓﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ﻟم ﯾﺣدث أن ﺗم اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻹﻗﺗﺻﺎد و اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻏﻠب اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ‬

‫ﻓﺿﯾل دﻟﯾو‪ ،‬ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ اﻟﺑﺣث اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾن اﻹﺳﺗﻧﺑﺎط و اﻹﺳﺗﻘراء‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻹﺣﯾﺎء‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ ،2001 ،04‬ص ص ‪،266‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.167‬‬
‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺷرﻛﺔ دار اﻷﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ط‪ ،2011 ،1‬ص ‪.32‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪10‬‬
‫ار‬
‫أو اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﯾﺗم إرﺟﺎﻋﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻌواﻣل اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬إﻻ أن اﻟﻘرار اﻟدﺧول ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧزاع أو اﻟﺣرب ﯾﻌد ﻗرًا‬
‫‪1‬‬
‫ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ رﻏم أن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻟﻧدرة و اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺎت‪.‬‬

‫‪ .2‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع ‪:‬‬


‫ﻟﻛﻲ ﻧﺑﯾن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع ﯾﺟب أن ﻧﻌرف ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع ﻓﻬو‬
‫ﺣﺳب ﻣﺣﻣد دوﯾد ار »ﻋﻠم اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﺗطور اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ«‬

‫‪2‬‬
‫و ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ أن ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟظواﻫر اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﺣرﻛﺗﻬﺎ اﻟﻛﻠﯾﺔ‪.‬‬
‫و ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﺗﻌرﯾف ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻧﺟدﻩ ﯾدرس ﺻور اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺗوزﯾﻊ ﻓﻲ أﺷﻛﺎﻟﻬﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﻐﯾرة زﻣﺎﻧﺎ و ﻣﻛﺎ ًﻧﺎ‪ ،‬ﻓﻬﺗﻪ اﻷﺷﻛﺎل ﻣﺗﻐﯾرة ﺑﺎﺳﺗﻣرار‪ ،‬ﻣﻌﺑرة ﻋن ﺣﯾﺎة إﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق دراﺳﺔ‬
‫ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع ﻟﻬﺎ ﻛذﻟك‪ ،‬ﻓﻬو أي ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع » ﯾﻘدم ﻟﻺﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺿرورﯾﺔ ﻋن اﻟﻣﻧﺎخ و‬
‫اﻟﺟو اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺳﺎﺋد ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋـدﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻠﯾــل و ﻣﻌرﻓﺔ أﺳﺑﺎب اﻟﻣﺷﺎﻛل و‬
‫‪3‬‬
‫طرق ﺣﻠﻬﺎ«‪.‬‬

‫و ﻫذا ﻣﺎ ﯾرﺑط ﺑﯾن اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع‪.‬‬

‫‪ .3‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻠم اﻟﻘﺎﻧون ‪:‬‬


‫ﯾﻌرف اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻌﻼﻗـ ﺔ اﻷﻓراد ﻣﻊ اﻟطﺑﯾﻌـ ـﺔ و‬
‫ﻟﻠﻌﻼﻗﺎﺗﻬم ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬم اﻟﺑﻌض و ﻛذا ﻋﻼﻗﺎﺗﻬم ﻣﻊ اﻟﺳﻠطﺔ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺗﺿﺢ ﺟﻠﯾﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ‬
‫ﺑﯾن اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻠم اﻟﻘﺎﻧون ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ وطﯾدة‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون »ﯾدرس اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ‬
‫إﺧﺗﺎرﻫﺎ ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺎ ﻟﻧﻔﺳﻪ و ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن ﺳوى ﺗرﺟﻣﺔ ﻟواﻗﻊ اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ‬
‫‪4‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﯾﻊ«‬

‫ﻓﺎﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺳن ﻗد ﺗﻔرض اﻟﻧﻣط اﻟرأﺳﻣﺎ ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ أن ﺗﻔرض ﻧﻣط‬
‫اﻹﺷﺗراﻛﻲ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺣﻛوﻣﺔ ﺑﻘواﻧﯾن‪.‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ص ‪.35 ،34‬‬ ‫‪1‬‬

‫إﺑراﻫﯾم ﺑوﻟﻣﻛﺎﺣل‪ ،‬ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣﺣﺎظرات ﻓﻲ ﻣﻘﯾﺎس ﻣدﺧل اﻟﻌﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪2‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪3‬‬

‫ﺑراﻫﯾم ﺑوﻟﻣﻛﺎﺣل‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ .4‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ ‪:‬‬
‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟراﻓد اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟذي ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻓﻬم اﻟظواﻫر و ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد و اﻟذي‬
‫ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﯾﻣﻛن ﻣﻌرﻓﺔ أﻧﻣﺎط اﻹﻧﺗﺎج و اﻹﺳﺗﻬﻼك و اﻟﺗوزﯾﻊ ﻋﺑر اﻟﻣﺣطﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﻌطﻲ ﻟﻠﺑﺎﺣث‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻣن ﻓﻬم اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺗطورﯾﺔ ﻟظﺎﻫرة إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻓﺈن أﺣد رﻛﺎﺋز اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟ ﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻫو اﻟﺟدﻟﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ و اﻟﺟدﻟﯾﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫ﻋن اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻓﻌﻠم اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﯾﺗﺗﺑﻊ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣراﺣل اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‪.‬‬

‫‪ .5‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ‪:‬‬


‫ﯾﻌرف ﻣﺣﻣد دوﯾدار اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ﻋل أﻧﻬﺎ دراﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﯾﺣﯾﻰ ﻓﯾﻪ اﻟﻔرد ﻛوﺳﯾط ﯾﻣﺎرس ﻓﯾﻪ‬
‫ﻧﺷﺎطﺎﺗﻪ ‪ ،‬ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬و ﺑﻣﺎ أن أي ﻧﺷﺎط إﻗﺗﺻﺎدي ﻣﺣﻛوم ﺑﺎﻟوﺳط اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻣن ﻋدة‬
‫ﺟواﻧب ﻓﻘد ﯾﻛون اﻟوﺳط اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻏﻧﻲ ﺑﺎﻟﺛروات ﻣﻣﺎ ﯾﻌطﻲ اﻹﻗﻠﯾم أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻧﺷﺎط‬
‫‪1‬‬
‫ﺳﻠﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻌﯾﺷﻲ ﻟﻠﻔرد‪.‬‬
‫ﻓﻘﯾر ﺑﺎﻟﺛروات ﻣﻣﺎ ﯾﻧﻌﻛس ً‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬ﻗد ﯾﻛون ﻫذا اﻹﻗﻠﯾم ًا‬

‫ﺟدا ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻫذا ﻣﺎ ﯾوﺿﺢ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟوطﯾدة ﺑﯾن اﻹﻗﺗﺻﺎد‬


‫ﻓﺎﻟوﺳط اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻣﻬم ً‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ‪.‬‬

‫‪ .6‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و ﻋﻠم اﻟدﯾﻣﻐراﻓﯾﺎ ‪:‬‬


‫اﻟدﯾﻣﻐراﻓﯾﺎ ﻫﻲ دراﺳﺔ ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺳﻛﺎن‪،‬و ﻫﻲ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻛم‪ ،‬ﻣﺛل‬
‫اﻟﻛﺛﺎﻓﺔ اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ و اﻟﺗوزﯾﻊ و اﻟﻧﻣو و ﻫﯾﻛﻠﺔ اﻟﺳﻛﺎن‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗوﻋﯾﺔ و ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻌواﻣل‬
‫اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺛل اﻟﺗﻌﻠﯾم و ﻛﻣﯾﺔ اﻟﺛروة‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﺗﻌرف اﻟدﯾﻣﻐراﻓﯾﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻹﺣﺻﺎﺋﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل اﻟدﺧل و اﻟﻣواﻟﯾد و اﻟوﻓﯾﺎت و ﻛل ﻣﺎ ﻣن ﺷﺄﻧﻪ‬
‫‪2‬‬
‫أن ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗوﺿﯾﺢ اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺣﻣد دوﯾدار‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬اﻟﺷرﻛﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،1981 ،‬ص‪.60‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺟد ﺧﺿر‪ ،‬ﺗﻌرﯾف اﻟدﯾﻣﻐراﻓﯾﺎ‪ ،www.mawdoo3.com ،‬أﺧر زﯾﺎرة )‪.(2019/11/21‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪12‬‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﻬﺗم ﺑﻬ ﺎ ﻋﻠم اﻟدﯾﻣﻐراﻓﯾﺎ ﺗﺗداﺧل ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻣﻊ ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻟدﯾﻣﻐراﻓﯾﺎ ﺗؤﺛر ﺑﺎﻟﺿرورة ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟذي ﯾﻣﺎرﺳﻪ اﻷﻓراد ﻣن ﺣﯾث اﻟﻛم و اﻟﻛﯾف‪ ،‬ﻓﻬﻲ‬
‫ﺗؤﺛر ﻣﺛﻼً ﻓﻲ اﻟﻌﻣﺎﻟﺔ‪ ،‬و ﻓﻲ اﻟﺑطﺎﻟﺔ و ﻓﻲ ﻛﻣﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج و اﻹﺳﺗﻬﻼك و اﻹدﺧﺎر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ‬

‫أﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺗﺎج اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬

‫‪14‬‬
‫أﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺗﺎج اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬

‫ﻣﺎ ﯾﻣﯾز أﺳﻠوب أﺳﻠوب إﻧﺗﺎج ﻋن آﺧر ﻫو طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘوى اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ طﺑﯾﻌﺔ و ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج‬
‫اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺳﺎﺋدة ﻣن أﻓﻛﺎر و ﻣﻌﺗﻘدات و ﻓﻠﺳﻔﺎت و ﻗﯾم و ﺣﺗﻰ أﻧظﻣﺔ ﺣﻛم‪.‬‬

‫و ﻗد ﻋرﻓت اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣﻧذ اﻟﺑداﯾﺎت اﻷوﻟﻰ ﻟظﻬور اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت أﺳﺎﻟﯾب ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻺﻧﺗﺎج ﻧﺣﺎول ﺗﻠﺧﯾﺻﻬﺎ‬
‫ﻓﻲ ‪:‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬أﺳﻠوب إﻧﺗﺎج اﻟﻣﺟﻣﻊ اﻟﺑداﺋﻲ )اﻟﻣﺷﺎﻋﯾﺔ اﻟﺑداﺋﯾﺔ(‬

‫أ‪ .‬وﺻﻔﻪ ‪:‬‬


‫ﯾﻌﺗﺑر أول ﻧظﺎم إﻗﺗﺻﺎدي إﺟﻣﺎﻋﻲ ﻋرﻓﺗﻪ اﻟﺑﺷرﯾﺔ وﺟد ﻣﻧذ أﻻف اﻟﺳﻧﯾن و ﻟﻠﻣﻼﺣظﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎن‬
‫ﻣﺷﺗرﻛﺎ ﺑﯾن اﻟﺷﻌوب اﻷرض ﺑﺄﻛﻣﻠﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻔﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺣﯾﺎد اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎن اﻷﻓراد ﻣﻬددون ﺑﺎﻟﻬﻼك ﻓﻲ‬
‫أي ﻟﺣظﺔ ﻟﺣداﺛﺔ ﺧﺑراﺗﻪ و ﻣﻌﺎرﻓﻪ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻗوى اﻟطﺑﯾﻌﺔ‪ ،‬و ﻗد ﻛﺎن اﻷﻓراد ﯾﻌﯾﺷون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن‬
‫اﻟﺗوﺣش ﯾﻘﺗﺎﺗون ﺑﻣﺎ ﺗوﻓرﻩ اﻟطﺑﯾﻌﺔ و ﺣدﻫﺎ ﻣن ﻣوارد‪ ،‬و ﻟﻠﻌﻠم ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻟم ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻹﻧﺳﺎن إﻻ‬
‫أدوات ﺑﺳﯾطﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺣﺟر و اﻟﻌﺻﺎ‪ ،‬و ﺑﻌد ﻓﺗرة ﻟﯾﺳت ﺑﻘﺻﯾرة ﺗﻣﻛن ﻣن ﺗطوﯾر ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋل و إدﺧﺎل‬
‫ﺗﺣﺳﯾﻧﺎت ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺛل إﻛﺗﺷﺎف اﻟﻧﺎر اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت ﺗﻘﯾﻪ ﻣن اﻟﺑر و وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠدﻓﺎع ﺑﻬﺎ ﻋن اﻟﺣﯾواﻧﺎت‬
‫اﻟﻣﻔﺗرﺳﺔ‪.‬‬

‫ب‪ .‬طﺑﯾﻌﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ‪:‬‬


‫ﻛﺎﻧت ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧظﺎم ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى ﻣﻧﺧﻔض ﻣن ﺗطور اﻟﻘوى اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ و اﻟﺣﺎﻟﺔ‬
‫اﻟﺑداﺋﯾﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻌﻣل و اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻟﻠﻌﻣل ﺣﺳب اﻟﺟﻧس و اﻟﺳن ‪ » .‬و ﻛﺎن أﺳﺎس ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج‬
‫أﯾﺿﺎ ﻣﻠﻛﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻣﺷراﻛﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬و ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك ً‬
‫ﻟﻸﺳﻠﺣﺔ و اﻟﻣﻼﺑس و اﻷواﻧﻲ اﻟﻣﻧزﻟﯾﺔ و ﻛﺎن اﻹﻧﺗﺎج ﯾﺗم ﺟﻣﺎﻋﯾﺎ ﺑواﺳطﺔ اﻟﻌﺷﺎﺋر و ﻛﺎن اﻟﻧﺎﺗﺞ ﯾﻘﺳم‬
‫‪1‬‬
‫إﻟﻰ أﺟزاء ﻣﺗﺳﺎوﯾﺔ و ﺳﺗﻬﻠك ﺟﻣﺎﻋﯾﺎ«‪.‬‬

‫‪ 1‬اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻔﺎھﯾم و ﻣﺻطﻼﺣﺎت‪ ،‬ﻧظﺎم اﻟﻣﺷﺎﻋﻲ اﻟﺑداﺋﻲ‪ ،www.marsciste.org ،‬أﺧر زﯾﺎرة‬
‫‪.2019/11/21‬‬
‫‪15‬‬
‫و ﻟﻺﺷﺎرة ﻓ ﺈن اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻟم ﯾﻛن ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻌﻣل ﺑﻣﻔردﻩ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻗوى اﻟطﺑﯾﻌﺔ و‬
‫‪1‬‬
‫ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳﻪ ﻣن ﻫﺟﻣﺎت اﻟﺣﯾواﻧﺎت اﻟﻣﻔﺗرﺳﺔ و اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻷﺧرى‬

‫و ﻟﻺﺷﺎرة ﻓﺈن ﻧظﺎم اﻟﻣﺷﺎﻋﯾﺔ اﻟﺑداﺋﯾﺔ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺳﺎواة و إﺷراك اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻣؤﻧث ﻓﻲ اﻟﻌﻣل‬
‫و اﻹﻧﺗﺎج و ﺑﻬذا ظﻬر أول ﺗﻧظ ﯾم ﻟﻠﻌﻣل ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن و ﺗﺧﺻص ﻛل واﺣد ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﻣل ﻣﻌﯾن‪ .‬و ﻗد‬
‫إﺳﺗﻣر اﻷﻓراد ﻓﻲ ﺗطوﯾر أدوات اﻟﻌﻣل ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ ﻣﻣﺎ أﻫل ﻟظﻬور ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ ﺻﻧﻊ‬
‫أدوات اﻟﻌﻣل‪ ،‬اﻋﺗﺑرت ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ زادت ﻣن ﻣﺳﺗوى اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻣﻣﺎ‬
‫أد ﺗﺣﻘﯾق ﻓﺎﺋض أ و اﻟزاﺋد ﻓﻲ اﻟﺳﻠﻌﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ ﻟﺗﻠك اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ و ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﺗؤدي إل ﻧﻘص ﻓﻲ ﺳﻠﻊ‬
‫أﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﺎﺟﻬﺎ ﺗﻠك اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ‪ ،‬و ﯾﻔﺗﻘر ﺟﻬﺎزﻫﺎ اﻹﻧﺗﺎﺟﻲ ﻋن ﺗوﻓﯾرﻫﺎ ﺑﺎﻟﻘدر اﻟذي ﯾﻠﺑﻲ ﺣﺎﺟﯾﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬و‬
‫ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﺗوﺟد ﺟﻣﺎﻋﺔ أﺧرى و ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟظروف طﺑﯾﻌﺔ و ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﺗﺧﺻﺻت ﻓﻲ إﻧﺗﺎج ﺳﻠﻌﺔ أﺧرى و‬
‫ﺑ ﻛﻣﯾﺎت زاﺋدة ﻋن اﻟﺣﺎﺟﺔ‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﺗظﻬر اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺗﯾن أي ﻣﺑﺎدﻟﺔ ﻓﺎﺋض ﻛل ﺟﻣﺎﻋﺔ‬
‫ﺑﻔﺎﺋض اﻷﺧرى‪ ،‬و ﻫذا ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣـ ﻊ اﻟﺑداﺋﻲ و أﺻﺑﺣت اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﺑﺎدل‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺳﻠﻊ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﺑﻌض أو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﻧظﺎم اﻟﻣﻘﺎﯾﺿﺔ‪.‬‬

‫ج‪ .‬ﺗﻔﺳﺦ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺑداﺋﻲ ‪:‬‬


‫ﻫﻧﺎك ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌواﻣل ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾﺦ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺑداﺋﻲ ﻣﻧﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺗطور اﻟﻘوي اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﺑﺳرﻋﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣﻣﺎ أدى إل اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ وﺗﯾرة اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻌﻣل‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻧﺷﺄة و ﺗطور اﻟﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت و ظﻬور إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﺣرر ﻣن اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ و اﻟﻌﻣل‬
‫ﻓردﯾﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗطور أدوات اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫‪ .3‬ظﻬور اﻟﺗﻔﺎوت اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﺑﯾن أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻣﻣﺎ أد إﻟﻰ ﺗﻔﻛك اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺑداﺋﯾﺔ »و ﺑدأ اﻹﻧﺗﺎج‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ و اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻣﺗﺳﺎوي ﻟﻠﻧﺎﺗﺞ ﯾﻘﯾد اﻟﻘوى اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ و ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣن اﻟﺗطور اﻟﻧظﺎم‬
‫اﻟﻣﺷﺎﻋﻲ اﻟﺑداﺋﯾﺗم ﺗﻘﯾﯾم ﻛﺑﯾر ﻟﻠﻌﻣل ‪» :‬ﻫو اﻟﻔﺻـل ﻟﺑن اﻟﺣـرف و اﻟزراﻋـﺔ و ﺳﻬل ﻫذا اﻟﺣدوث‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻋﺟﻣﯾﺔ و ﻣﺻطﻔﻰ رﺷدي ﺷﯾﺧﺔ‪ ،‬اﻟﺑﻧوك و اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬اﻟدار اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬ﺑﯾروت‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪16‬‬
‫إﻧﻬﯾﺎر أﻛﺑر ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﺷﺎﻋﻲ اﻟﺑداﺋﻲ و ﻛﺎﻧت اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ظﻬور اﻟﻔﻘـراء و اﻷﻏﻧﯾﺎء‪ ...‬و ﺣل‬
‫‪1‬‬
‫ﻣﺣل اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﺷﺎﻋﻲ اﻟﺑداﺋﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟطﺑﻘﯾﺔ ﻣﺛل اﻟﻧظـﺎم اﻟﻌﺑـودي و اﻹﻗطﺎع«‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬أﺳﻠوب إﻧﺗﺎج اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي‪.‬‬

‫ﯾﻌﺗﺑر أول ﻣﺟﺗﻣﻊ طﺑﻘﻲ ﻧﺷﺄ ﻋﻠﻰ اﻧﻘﺎض اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﺷﺎﻋﯾﺔ اﻟﺑداﺋﻲ‪ ،‬ﻓﻬذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس‬
‫اﻹﻧﻘﺳﺎم اﻟطﺑﻘﻲ ﺑﯾن طﺑﻘﺔ اﻷﺳﯾﺎد اﻟﻣﺳﺗﻐﻠﺔ ﻟﻠطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺑﯾد أو ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى اﻹﻧﻘﺳﺎم اﻟﻣﺟﻣﻌﻲ ﺑﯾن طﺑﻘﺔ ﻣن‬
‫ﯾﻣﻠﻛون و ﻫم اﻷﺳﯾﺎد و ﺑﯾن طﺑﻘﺔ ﻣن ﻻ ﯾﻣﻠﻛون و ﻫم اﻟﻌﺑﯾد‪.‬‬

‫و ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧظﺎم أﺻﺑﺢ اﻟﻌﺑﯾد اﻟﻘوة اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬

‫أ‪ .‬ﺧﺻﺎﺋص أﺳﻠوب اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي ‪:‬‬


‫ﯾﺗﻣﯾز أﺳﻠوب إﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي ﺑﺎﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬
‫‪ .1‬اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ‪ :‬ﻋرف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي ظﻬور ﻷول ﻣرة ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻔردﯾ ـﺔ و‬
‫اﻟﻣطﻠق ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ أدوات اﻹﻧﺗﺎج ﺑﻛل أﺷﻛﻠﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ إﻣﺗﻼك اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺻورة ﻋﺑﯾد‬
‫ﻣﺟرد ﻣن أﺑﺳط اﻟﺣﻘوق إﻻ أﻧﻪ أﺻﺑﺢ اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻺﻧﺗﺎج و ﻗد ﺗﺟﺎوزت اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻓﻲ ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣن اﻟﻌﻣل اﻟﺿروري أي اﻟﻌﻣل ﻹﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺎت إﻟﻰ اﻟﻌﻣل ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻔﺎﺋض‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﻣﺎ زاد ﻣن إﻛﺗﺷﺎف أدوات ﺟدﯾدة ﻹﻧﺗﺎج اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﻔﺎﺋض ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻟزراﻋﻲ‪.‬‬

‫‪ .2‬ظﻬور اﻟﻧﻘود و إزدﻫﺎر طﺑﻘﺔ اﻟﺗﺟﺎر ‪:‬‬


‫و ﯾرﺟﻊ ذﻟك إﻟﻰ ﺗطور وﺳﺎﺋل اﻟﻌﻣل و ﺗوﺳﻊ ﻧظﺎم اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺧﻠق ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﻘﯾﯾم اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ‬
‫ﻋﻠﻰ أي أﺳﺎس ﺗﻘﯾﯾم اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ ؟ و ﻣﺎﻫﻲ ﻧﺳﺑﺔ اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ؟ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﯾف ﯾﻣﻛن‬
‫ﻣواﺟﻬﺔ ﻣﻌدﻻت اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﻣﺗﻌددة ﺑﺗﻌدد اﻟﺳﻠﻊ و اﻟﺗﻲ ﻫﻲ اﻷﺧرى ﺗﺧﺿﻊ ﻟﺗﻘﻠﺑﺎت ﻣﺗﻌددة ﻣرﺗﺑطﺔ‬
‫ﺑﺗﻐﯾر ﺧﺻﺎﺋص ﻛل ﺳﻠﻌﺔ و ﻣﻣﻛن ﺑﺗﻐﯾر اﻟزﻣﺎن و اﻟﻣﻛﺎن‪.‬‬

‫اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أﯾﺿﺎ ‪ :‬ﻟوﯾﻧﯾﺳﻲ‬
‫ﻋﺑد اﷲ ﺳﺎﻗور‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬دار اﻟﻌﻠوم ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻋﻧﺎﺑﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ص ‪ ، 46‬و أﻧظر ً‬
‫‪2‬‬

‫ﻟطﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻣﺣﺎظرات ﻓﻲ اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻋﻠوم اﻟﺗﺳﯾﯾر‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﺟﻲ ﻣﺧﺗﺎر‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪17‬‬
‫و ﻟﺗﺟﺎوز ﻫذا اﻹ ﺷﻛﺎل ظﻬرت اﻟﻧﻘود ﻛﺧزان ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ و وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﻣﺑﺎدﻟﺔ‪ 1.‬و ﻗد ﺳﺎﻫﻣت اﻟﻧﻘود ﺑﺷﻛل‬
‫ﻛﺑﯾر ﻓﻲ إزدﻫﺎر طﺑﻘﺔ اﻟﺗﺟﺎر و ﺛراءﻫم‪.‬‬

‫‪ .3‬طﺑﻘﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ‪:‬‬


‫ﻋﺑر أﻓﻼطون ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻓﻲ ﻣﻘوﻟﺗﻪ اﻟﺷﻬﯾرة ﻗﺎﺋﻼ ‪:‬‬
‫»اﻟرﻗﯾق ﻫو اﻷداة اﻟﺣﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻷداة ﻫﻲ اﻟرﻗﯾق اﻟذي ﻻ ﺣﯾﺎة ﻓﯾﻪ«‪ .‬ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻌﺑﯾد‬
‫ﻛﺎﻧوا اﻷداة اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻹﻧﺗﺎج اﻟﺧﯾرات اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﯾس ﻟﺳد ﺣﺎﺟﺎﺗﻬم ﺑل ﻟﺳد ﻣﺧﺗﻠف ﺣﺎﺟﯾﺎت اﻷﺳﯾﺎد و اﻟﺗﻲ‬
‫‪2‬‬
‫ﻫﻲ ﻓﻲ ﺗزاﯾد ﻣﺳﺗﻣرة‪.‬‬

‫ﯾﻣﻛن إﺧﺗﺻﺎر طﺑﯾﻌﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻗطﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟطﺑﻘﻲ ﺑﯾن طﺑﻘﺔ ﻣﻼك‬
‫وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج )اﻷﺳﯾﺎد( و طﺑﻘﺔ اﻟﻌﺑﯾد اﻟذﯾن ﻫم ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬم أﺣد وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج و ﺑذﻟك أﺻﺑﺣت‬
‫ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﺳﺗﻌﺑﺎد اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻺﻧﺳﺎن‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬ﺗﻔﺳﺦ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺑودي‪.‬‬


‫ﻫﻧﺎك ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌواﻣل ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ﺗﻔﺳﺦ ﻫذا اﻟﻧظﺎم ﯾﻣﻛن ذﻛر ﺑﻌﺿﻬﺎ ‪:‬‬
‫أ‪ .‬ﺛورات اﻟﻌﺑﯾد ‪:‬‬
‫ﻛﺎن اﻷﺳﯾﺎد ﯾﻔﺿﻠون إﺳﺗﺧدام اﻟﻌﺑﯾد ﻛوﺳﯾﻠﺔ رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻹﻧﺗﺎج ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ أﻗل ﺗﻛﻠﻔﺔ ﻣﻣﺎ ﺧﻠق ﺟو ﻣن‬
‫اﻟﺗوﺗر ﺑﯾﻧﻬم و ﺑﯾن اﻷﺳﯾﺎد‪ ،‬ﻓﺎﻟرﻗﯾق ﻛﺎن ﯾﺳﺧر ﻓﻲ اﺳﺗﺻـﻼح اﻷراﺿـﻲ اﻟزراﻋﯾـﺔ و اﺳﺗﺛﻣـﺎرﻫﺎ و ﻏﯾرﻫﺎ‬
‫ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺷﺎﻗﺔ و ﻛﺎن ﯾﻠﻘﻲ ﺳوء اﻟﻌﻘﺎب و أﺷﻛﺎل ﻣن اﻟﻘﻬر و اﻟظﻠم و اﻟﻬوان‪ ،‬ﻣﻣﺎ أدي ﺑﺎﻟﻌﺑﯾد ﻟﻠﻘﯾﺎم‬
‫ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺛروات ﺿد اﻷﺳﯾﺎد أدت إﻟﻰ أﺿﻌﺎف اﻹﻣﺑراطورﯾﺎت و ﺧﻠق اﻟﻣﻘدﻣﺎت ﻟﻧﻬﯾﺎرﻫﺎ‪ 3.‬و ﻫذا‬
‫اﻹﻧﻬﯾﺎر أدى إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾﺦ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي‪ ،‬و ﻛﺳر ﻛل ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬

‫ب‪ .‬اﻟﺗراﺟﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدي ‪:‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻋﺟﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.17 ،13‬‬ ‫‪1‬‬

‫إﺑراﻫﯾم ﺑوﻟﻣﻛﺎﺣل‪ ،‬ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣﺣﺎظرات ﻣﻘﯾﺎس ﻣدﺧل ﻟﻌﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﻣﺣور اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و‬ ‫‪2‬‬

‫ﻟطورﻫﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ‪ ،‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﻋﺑد اﷲ ﺳﺎﻗور‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫ﻋﺑد اﻟﺳﻼم اﻟﺗرﻣﺎﻧﯾﻧﻲ‪ ،‬اﻟرق‪ ،‬ﻣﺎﺿﯾﻪ و ﺣﺎﺿرﻩ‪ ،‬ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ‪ ،‬اﻟﻛوﯾت‪ ،1978 ،‬ص ص‪.68 ،67 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪18‬‬
‫ﯾﻌود اﻟﺗراﺟﻊ إﻟﻰ ﻋدة أﺳﺑﺎب و ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﺿﻌف ﻗدرة اﻷرض اﻟزراﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺗﺎج ﺑﻛﻣﯾﺎت‬
‫ﺳﺎﺑﻘﺎ أو ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾون اﻟﻛﻼﺳﯾك ﯾﺗﻧﺎﻗص اﻟﻐﻠﺔ‪ ،‬و ذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫ً‬ ‫ﻣﺳﺎوﯾﺔ ﻋﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﻪ‬
‫ﺗﻛﺛﯾف اﻟزراﻋﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ و ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻗطﻊ اﻟﻐﺎﺑﺎت و إﺟﻣﺎل ﺻرف اﻟﻣﯾﺎﻩ اﻟﻌﻧﺻر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟزراﻋﺔ‪ 1‬ﻣﻣﺎ‬
‫أدى ﺑﺎﻹﻣﺑراطورﯾﺎت إﻟﻰ اﻟﺳﻘوط‪.‬‬

‫ج‪ .‬إﺣﺗﻘﺎر اﻷﺳﯾﺎد و اﻷﺣرار ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻟﺣرﻓﯾﺔ و اﻟﻔﻼﺣﯾﺔ ‪:‬‬


‫ﯾﺗﺣﻣل اﻟﻌﺑﯾد أﻋﺑﺎء اﻷﺳﯾﺎد‪ ،‬اﻟﻣواطﻧون اﻷﺣرار‪ ،‬إﻧﺗﺎج ﺿرورات اﻟﻌﯾش‪ ،‬ﻓﻬذﻩ اﻟﻔﺋﺔ )اﻟﻌﺑﯾد( اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻌﻣل ﻟﻛﺳب ﻗوﺗﻬﺎ و ﻗوت ﻏﯾرﻫﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻬﺎ أن ﺗﻌد ﺿﻣن اﻟﻣواطﻧﯾن‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣواطن ﻻ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻌﯾش‬
‫ﺣﯾﺎة أرﺑﺎب اﻵﻻت و اﻟﺣرف‪ ،‬ﻛون أن ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﯾﺎة ﺗﺣط ﻣن ﻗﯾﻣﺔ و ﺷرف اﻹﻧﺳﺎن و ﻻ ﺗﺗﻔق ﻣﻊ‬
‫اﻟﻔﺿﯾﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣد ﺗﻌﺑﯾر اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻟﯾوﻧﺎﻧﻲ أرﺳطو ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز إطﻼ ًﻗﺎ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﯾدان‬
‫اﻟﻔﻼﺣﺔ و اﻟزراﻋﺔ ﻷﻧﻬم ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻓراغ‪ ،‬ﻓﻬﻧﺎك ﻓرق ﺑﯾن أﺣﻘﯾﺔ إﻣﺗﻼك اﻷرض و اﻟﻌﻣل ﻓﯾﻬﺎ ﺣﯾث أن‬
‫ﻓﻼﺣﺔ اﻷرض ﻣﺗروك ﻟﻠﻌﺑﯾد‪ 2،‬ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ أﺿﻌﺎف اﻹﻧﺗﺎج و اﻋﺗﺑﺎرﻫم ﻋﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ .‬ﻣﻣﺎ ﺳﺎﻫم‬
‫ﻓﻲ ﺗﻔﺳﺦ اﻟﻣﺟﻣﻊ اﻟﻌﺑودي‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬أﺳﻠوب إﻧﺗﺎج اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻗطﺎﻋﻲ‪.‬‬

‫ﻋﺟﻠت اﻟﻐزوات اﻟﺑرﺑرﯾﺔ ﺳﻘوط اﻹﻣﺑراطورﯾﺎت ﺑﻌد ﺿﻌﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻛﺛر ﻣن ﺻﻌﯾد‪ ،‬ﺣﯾث إﻧﻬﺎرت‬
‫اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﻣﺟﺳدة ﻓﻲ اﻹﻣﺑراطور و ﺣل ﻣﻛﺎﻧﻪ ﻛﺑﺎر اﻹﻗطﺎﻋﯾون أﺻﺣﺎب اﻟﺳﻠطﺔ و اﻟﻠذﯾن‬
‫ﯾﻌﺗﺑرون اﻟﻘﺎدة اﻟﻛﺑﺎر ﻟﻠﻘﺑ ﺎﺋل اﻟﺑرﺑرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻏزت اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟروﻣﺎﻧﯾﺔ و ﻗﺳﻣﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻗطﺎﻋﺎت واﺳﻌﺔ ﻣن‬
‫اﻷراﺿﻲ ‪ ،‬ﺑﺣﯾث أﺻﺑﺢ ﻛﺑﺎر ﻣﻼك اﻷراﺿﻲ ﯾﺗوﻟون ﺷؤون اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣﯾﺎة ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﺧوض‬
‫اﻟﺣروب‪ .‬أﺻﺑﺢ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬم اﻟﺳﺎدة اﻹﻗطﺎﻋﯾون‪ ،‬ﻓﺟوﻫر اﻹﻗطﺎع ﻫو اﻹرﺗﺑﺎط ﺑﯾن اﻟﺗﺑﻌﯾ ـﺔ و ﺣﯾﺎزة‬
‫اﻷ رض و إذا ﺣﺎوﻟﻧﺎ ﺗﻘدﯾم ﺗﻌرﯾف ﻟﻬذا اﻟﻧظﺎم اﻟذي ﻧﺷﺄ ﻋﻠﻰ اﻧﻘﺎض اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺑودي ﻓﻣﻣﻛن ﺗﻘدﯾم اﻟﺗﻌرﯾف‬
‫اﻟﺗﺎﻟﻲ ‪:‬‬

‫ﻣﺣﻣود ﻣﺣﻣد اﻟﺣوﯾري‪ ،‬رؤﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﻘوط اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟرﻣﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣﻌﺎرف‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ص ‪.190‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺑرﺗراﻧد راﺳل‪ ،‬ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ زﻛﻲ ﻧﺟﯾب ﻣﺣﻣود اﻟﺟﻧﺔ اﻟﺗﺄﻟﯾف و اﻟﺗرﺟﻣﺔ و اﻟﻧﺷر‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1967‬ص ‪.308‬‬
‫‪19‬‬
‫» ﻫو ﻧظﺎم ﺣرﺑﻲ و ﺳﯾﺎﺳﻲ و اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻧظﺎم ﻟﻠﺣﻘوق و اﻟواﺟﺑﺎت ﯾﺣﻛم‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣـ ﻊ‪ ،‬و ﻫو ﯾوﺿﺢ و ﯾﺣدد ﻣوﻗف اﻟﻔرد و ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﻣﺎ ﻫو أﻋﻠﻰ ﻣﻧﻪ و ﺑﻣن ﻫو أدﻧﻰ ﻣﻧﻪ‪،‬‬
‫و اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻓﯾﻪ ﯾﻌﺗﻣد أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ اﻟزراﻋﺔ و ﺗﻠك اﻷرض ﻛﺎن ﯾﻬﺑﻬﺎ اﻹﻣﺑراطور ﻟﻠﻣﻠوك‬
‫و ﯾﻣﻧﺣﻬﺎ اﻟﻣﻠوك ﺑدورﻫم ﻟﻺﺷراف و اﻟﻧﺑﻼء‪ ،‬و أوﻻﺋك ﻟﻣن دوﻧﻬم و ﻫﻛذا إﻻ أن ﺗﺻل إﻟﻰ رﻗﯾق‬
‫اﻷرض ﻓﻲ أدﻧﻰ اﻟﺳﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬و ﯾﺗوارث إﺳﺗﻌﻣﺎل ﺗﻠك اﻷراض ﻣن اﻷب إﻟﻰ إﺑﻧﻪ ﺑﻌد أن‬
‫ﯾﻠﺗزم ﺑﺄداء واﺟﺑﺎﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﺳﯾد اﻹﻗطﺎﻋﻲ«‪.‬‬

‫‪ .1‬ﺧﺻﺎﺋص أﺳﻠوب اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻗطﺎﻋﻲ ‪:‬‬

‫وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﻟطﺑﻘﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن طﺑﻘﺔ اﻷﺳﯾﺎد أﺻﺣﺎب‬


‫أ‪ .‬ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻧﺷﺎط اﻟزراﻋﻲ أﻫم ﻧﺷﺎط إﻗﺗﺻﺎدي ً‬
‫‪1‬‬
‫اﻷراﺿﻲ و طﺑﻘﺔ رﻗﯾق اﻷرض‪.‬‬
‫أﺳﺎﺳﺎ اﻷرض و اﻟﻌﻣل و رأس اﻟﻣﺎل و اﻟﻣﻬﺎرات اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫ً‬ ‫ب‪ .‬ﺗﻣﺛﯾل اﻟﻘوى اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل‬
‫‪2‬‬
‫ﻛل ﻣن ﻋﺎﻣل اﻷرض و اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫ج‪ .‬اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻺﻧﺗﺎج ﺗدور ﺣول اﻷراﺿﻲ و اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت اﻟﺑﻠورة اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻠﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ ﻓﻬﻲ‬
‫ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ إﻗﺗﺻﺎد ﯾﻐﻠب ﻋﻠﯾﻪ اﻟطﺎﺑﻊ اﻟزراﻋﻲ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾﻌطﻲ ﺣق إﺳﺗﻐﻼل و اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻫذﻩ اﻷرض ﻟﻣن‬
‫ﯾﻘوﻣون ﺑﺎﻹﻧﺗﺎج اﻟزراﻋﻲ‪ .‬أﻣﺎ ﺣق ﻣﻠﻛﯾﺔ اﻷرض ﻓﻬو ﻟﻸﺳﯾﺎد ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻬم ﻻ ﯾﻣﻠﻛون اﻟﺣق اﻟﻣطﻠق ﻋﻠﻰ‬
‫‪3‬‬
‫اﻷرض‪ ،‬ﻓﻘط ﯾﻛون ﻟﻛل ﻣﻧﻬم ﺣق ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺗﺞ اﻷرض‪.‬‬
‫د‪ .‬اﻟرواﺑط اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ‪ :‬ﻻ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺟزء ﻣن اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻓﻲ اﻷرض ﺑﻛﺎﻣل ﺣرﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﻬم ﻟﯾﺳوا ﻓﻲ‬
‫درﺟﺔ اﻟﻌﺑﯾد و ﻟﻛﻧﻬم أﻗﻧﺎن ﻣرﺗﺑطون ﺑﺳﯾدﻫم اﻹﻗطﺎﻋﻲ و ﺑﺎﻷرض‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻠﻌب اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟدور اﻷﺳﺎﺳﻲ‬
‫ﻓﻲ ﺗﺑرﯾر ﻫذﻩ اﻟرواﺑط و ﻓﻲ ﻧﺷر اﻷﻓﻛﺎر اﻹﻗطﺎﻋﯾﺔ ﻛوﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻷﺧرى ﺗﻣﻠك ﻧﺳﺑﺔ ﻣن اﻷرض ﻣﺛل اﻟﻣﻠك‬
‫‪4‬‬
‫و اﻹﻗطﺎﻋﻲ‪.‬‬

‫ﻟوﻧﯾﺳﻲ ﻟطﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﻣﺟﯾد طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻌض ﺟواﻧب اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻛﻠﻲ‪ ،‬ﻋواﻣل‬ ‫‪2‬‬

‫اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،2007 ،‬ص ‪.31‬‬
‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣﺣﺎظرات ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ‪ ،3‬اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،2017-2016‬ص ‪.14‬‬
‫ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ‪ ،‬ص ‪.14‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪20‬‬
‫ﻫـ‪ .‬ﻣﺣدودﯾﺔ دور و أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺳوق ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪ :‬ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن ﺗزاﯾد أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﺑﻣرور اﻟﺳﻧﯾن‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﺟﻣﺎﻫﯾر اﻟرﯾﻔﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﻧﺗﺞ ﻟﻺﻛﺗﻔﺎء اﻟذاﺗﻲ و ﺗﺳﻠم ﺟزًءا ﻣن اﻹﻧﺗﺎج إﻟﻰ اﻟﻣﻠوك و اﻟﺳﺎدة‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣزارﻋون‬
‫ﻛﺎﻧوا ﯾﻘﺗﺳﻣون اﻟﻣﺣﺻول ﻣﻊ اﻟﻣﻼك أو اﻷﺳﯾﺎد أو اﻟﻣﺳﺗﺄﺟرﯾن و رﺟﺎل اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ‪ ،‬و ﻟﻛن ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﻣﺎل و اﻷﺳﯾﺎد ﺳواء ﻛﺎﻧت إﻟزاﻣﯾﺔ أو ﻛراﻫﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت و اﻟﺧدﻣﺎت ﻛﺎﻧت ﺗﺳﻠم و ﻻ‬
‫ﺗﺑﺎع‪ ،‬و ﺑﺗﻌﺑﯾر أﺧر ﻟم ﺗﻛن ﻫﻧﺎك ﺗﺟﺎرة أو ﺳوق ﻣن ﻧﻣط اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﯾوﻣﯾﺔ‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﺳوق ﻣﺣدودة ﺗﻠﺑﻲ‬
‫‪1‬‬
‫رﻏﺑﺎت اﻹﻗطﺎﻋﯾﯾن ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ﺗﺟﺎر و ﯾﺟري إﺷﺑﺎﻋﻬﺎ ﺑﺎﻟﺷراء ﻣن اﻟﺣرﻓﯾﯾن‪.‬‬

‫‪ .2‬ﺗﻔﺳﺦ أﺳﻠوب اﻹﻧﺗﺎج اﻹﻗطﺎﻋﻲ ‪:‬‬

‫دام اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ ﻓﻲ أورﺑﺎ و ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻗراﺑﺔ ‪ 10‬ﻗرون أي ‪ 1000‬ﺳﻧﺔ‪ ،‬ﻣﺛﻠﻪ ﻣﺛل‬
‫ﻧظﺎم ﻣﺷﺎﻋﯾﺔ و ﻧظﺎم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي‪ ،‬و رﻏم أن ﻣﺑدأ اﻟﺣﯾﺎزة و ﺗﺑﻌﯾﺔ ﻛﺎن أﺳﺎس ﻫذا اﻟﻧظﺎم إﻟﻰ أن‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج اﻟذي ﻋرﻓﻬﺎ ﺗﻔﺳﺧت ﻟﻌدة أﺳﺑﺎب ﻧذﻛر ﻣﻧﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ -1‬ظﻬور طﺑﻘﺔ اﻟﺗﺟﺎر و ﺑداﯾﺔ ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺗﺟﺎرة ‪ :‬ﺗﻌﺗﺑر اﻟﺗﺟﺎرة ﻗوة ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺧﺎرج إطﺎر اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ و‬
‫اﻟﺗﻲ ﻣﻊ ﻣرور اﻟزﻣن ﺣوﻟت اﻹﻧﺗﺎج اﻹﻗطﺎﻋﻲ ﻣن إﻧﺗﺎج ﻣن أﺟل اﻹﺳﺗﻬـﻼك اﻟﻣﺑﺎﺷـر و إﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺔ‬
‫إﻟﻰ إﻧﺗﺎج ﻣن اﻟﺳوق‪ .‬أي ﻣن أﺟل اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺗﺟﺎرة ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ظﻬور ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ ﻛواﻗﻊ إﻗﺗﺻﺎدي‬
‫أدى إﻟﻰ اﻟﺳﻌﻲ ﻟﺟﻠب اﻟﺳﻠﻊ ﻟﯾس ﻣن أﺟل اﺳﺗﻬﻼﻛﻬﺎ و إﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﯾوﻣﯾﺔ و إﻧﻣﺎ ﻣن أﺟل ﺣﯾﺎزة‬
‫اﻟﻧﻘود‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺑداﺋﯾﺔ اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﻔﻧﯾﺔ اﻟزراﻋﯾﺔ أو ﻛذا إﻓﺗﻘﺎر اﻹﻗطﺎع ﻟﻠﺗﻧظﯾم اﻹداري‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣل ﻛﺎن‬
‫ﻣﺗﺧﻠﻔﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋدم اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻹﻧﺗﺎج و اﻹﺳﺗﻬﻼك‪ ،‬و ﺻﻌوﺑﺔ ﺗﻘدﯾر ﺗﻛﻠﻔﺔ اﻹﻧﺗﺎج‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -3‬ﻧﻣو و ازدﻫﺎر اﻟﻣدن ﻛﻣراﻛز ﺗﺟﺎرﯾﺔ داﺧل اﻹﻗطﺎﻋﺎت‪ ،‬و ظﻬور اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ و اﻧﺗﻌﺎﺷﻬﺎ ﺗﺟﺎرﯾﺎ ﻣﻣﺎ‬
‫دﻓﻊ ﺑﻛﺑﺎر اﻹﻗطﺎﻋﯾﯾن ﺑﺎﻹﻧﺗﻘﺎل ﻟﻠﻣدن ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺗﺟﺎري‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺑروز و ﺗطور اﻟﻧﺷﺎط‬
‫اﻟﺣرﻓﻲ داﺧل اﻟﻣدن‪.‬‬
‫‪ -4‬ﻫﺟرة و ﻧزوح اﻷﻗﻧﺎ ن ﻧﺗﯾﺟﺔ زﯾﺎدة اﻟﺿﻐط ﻋﻠﯾﻬم إﻟﻰ اﻟﻣدن و ﺗرك اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻷرض اﻟزراﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﻣﺟﯾد طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.32-31‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻟوﻧﯾﺳﻲ ﻟطﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -5‬ﻋﺟز اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ ﻛﻧظﺎم إﻧﺗﺎﺟﻲ ﻋن ﺗﻠﺑﯾﺔ ﺣﺎﺟﺎت اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟدﺧل ﯾﺳﺑب‬
‫ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﺣروب و أﻋﻣﺎل اﻟﺳﻠب و اﻟﺗﺑﺎﻫﻲ ﻹظﻬﺎر ﻣظﺎﻫر اﻟﺗرف و اﻟﺑذخ‬

‫‪22‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟراﺑﻌﺔ‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻛﻣﻘدﻣﺎت ﻟﻣﯾﻼد اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻛﻣﻘدﻣﺎت ﻟﻣﯾﻼد اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺷﻬدت أوروﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﻣﻣﺗدة ﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻘرن اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر و اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ظﻬور ﺗﯾﺎر إﻗﺗﺻﺎدي‬
‫ﺟدﯾد ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗﯾﺎر أو اﻟﻣذﻫب اﻟﺗﺟﺎري و ﻗد ﻋرﻓت ﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر ﻋدة ﺗﺣوﻻت أدت إﻟﻰ‬
‫إﻧﻬﯾﺎر اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ‪ ،‬و ظﻬور ﺗﯾﺎر ﺟدﯾد ﻋرف ﺑﺎﻟﺗﯾﺎر اﻟﺗﺟﺎري أو اﻟﻣرﻛﻧﺗﯾﻠﻲ‪.‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬ﻋواﻣل ظﻬور اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺟﺎري‪.‬‬

‫ﺗﺟﻣﻌت ﻋواﻣل ﻋدﯾدة أدت ﺑﻬذا اﻟﺗﯾﺎر إﻟﻰ اﻟﺑروز ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾﺻﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ -1‬إﻧﻬﯾﺎر اﻹﻗطﺎع و ﻣﺎ راﻓﻘﻪ ﻣن ﻫﺟرة اﻷﻗﻧﺎن ﻣن اﻷراﺿﻲ اﻟزراﻋﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣدن ﻣﻣﺎ ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ إزدﻫﺎر‬
‫اﻟﺗﺟﺎرة و اﻟﺗﺑﺎدﻻت‪ ،‬و ﺧروج اﻟﺟﺗﻣﻊ اﻷروﺑﻲ ﻣن ﻋﻬد اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ اﻟﻣﻌﻠق اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺗﺎج‬
‫ﻟﻺﺳﺗﻬﻼك اﻟذاﺗﻲ إﻟﻰ ﻧظﺎم اﻟﺳوق اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺗﺎج ﻟﻠﻣﺑﺎدﻟﺔ و اﻟﺗداول‪ ،‬ﺣﯾث ﺗم اﻟﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﻣﻧﺗﺞ‬
‫طﺎ ﺑﯾن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺗوزﯾﻊ‪» 1.‬و ﻫذا ﻣﺎ أﻋطﻰ اﻷﻣﯾﺔ‬
‫و اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك و ظﻬور اﻟﺗﺎﺟر ﺑﺈﻋﺗﺑﺎرﻩ وﺳﯾ ً‬
‫أﺳﺎﺳﺎ ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ اﻟزراﻋﯾﺔ و‬
‫ً‬ ‫ﻟرؤوس اﻷﻣوال ﻛﺻورة ﺟدﯾدة ﻟﺗراﻛم اﻟﺛورة اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت ﻣﺗﻣﺛﻠﺔ‬
‫ﻗد ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻟﺗراﻛم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ إﺧﺗراع اﻟﻧﻘود ﻛوﺣدة ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘﯾم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻧﻘود ﻫﻲ اﻟﺗﻲ‬
‫أﺿﻔت ﻣروﻧﺔ ﻛﺑﯾرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت و ﺳﻬﻠت إﻧﺗﻘﺎل اﻷﻣوال و ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ إزدﻫﺎر اﻟﺗﺟﺎرة و ﻓﻲ ﺗﻌﻣﯾم‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻌﻣل و اﻟﺗﺧﺻص«‬

‫‪ -2‬ظﻬور ﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ‪:‬‬


‫ظﻬرت اﻟدوﻟﺔ ﻛﺗﻧظﯾم ﺳﯾﺎﺳﻲ و إﻗﺗﺻﺎدي و أداة ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ و اﻟﺣرﻓﯾﺔ اﻟﺻﺎﻋدة‪ ،‬ﻣن‬
‫اﻹﻗطﺎﻋﯾن اﻟذﯾن ﻛﺎﻧوا ﯾﻔرﺿون ﻋﻠﯾﻬم ﺿراﺋب ﻣﻘﺎﺑل اﻟﺳﻣﺎح ﻟﻬم ﺑﺎﻟﻣرور ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرة ﻋﻠﻰ أراﺿﯾﻬم‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﺎﻣل اﻟﻣﺎدي )رؤوس اﻷﻣوال( ﻫو اﻟﻣﺣرك اﻷﺳﺎﺳﻲ و اﻟداﻓﻊ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠﺗﻘدم و اﻟﺗطور‪ ،‬ﻓﺎﻟواﻗﻊ‬
‫‪3‬‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻟﻠﺷﻌوب ﻫو اﻟذي ﯾرﺳم واﻗﻌﻪ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬‬

‫ﻣﺧطﺎر ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.75‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺧطﺎر ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.75‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﻣﻬدي ﻣﺣﻔوظ‪ ،‬اﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻔﻛر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث‪ ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت و اﻟﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ )ﻣﺟﻠﺔ(‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،2007 ،‬ص ‪.254‬‬


‫‪24‬‬
‫‪ -3‬اﻟﻛﺷوﻓﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ‪:‬‬
‫أدت ﺣرﻛﺔ اﻟﻛﺷف اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻟم ﺗﻛن ﻣﺗوﻗﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻛﺗﺷﺎف اﻟﻘﺎرة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ و رأس اﻟرﺟﺎء‬
‫اﻟﺻﺎﻟﺢ و اﻟﺳواﺣل اﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ اﻟﺷرﻗﯾﺔ و اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎرة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ وﻟد اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟرﺑﺢ اﻟﺗﺟﺎري‬
‫اﺳﻌﺎ ﻟﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻛﺳب‪1.‬و ﻫذا‬
‫ﻻو ً‬‫ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟذﻫب و اﻟﻔﺿﺔ‪ ،‬ﺣﯾث أﺗﺎﺣت ﻫذﻩ اﻟﻛﺷوﻓﺎت ﻣﺟﺎ ً‬
‫ﻣﺎ ﺷﺟﻊ ﻋﻠﻰ ظﻬور ﺛورة ﻧﻘدﯾﺔ ﺑﺳﺑب إﻧﺗﺎج ﻛﻣﯾﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣن اﻟذﻫب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎطق ﻣن اﻟﻌﺎﻟم‪ ،‬و اﻟذي‬
‫ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ إﺛراء اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ و اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺢ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺑرﺟوازﯾـ ـﺔ و ﻣﻛﻧﺗﻬم ﻣن ﺗﻣوﯾل‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺷﺎرﯾﻊ ﻋدة‪.‬‬

‫‪ -4‬اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﻬﺎ أوروﺑﺎ ‪:‬‬


‫ﻟﻘد ﻛﺎن اﻟﺗﯾﺎر اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﻲ اﻹﺻﻼﺣﻲ دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﺗﺧﻠص ﻣن اﻟذﻫﻧﯾﺎت و اﻟﻣﻌﺗﻘدات اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ‬
‫اﻟﻣوﺳوﻣﺔ ﺑﺎﻹﻧﻬزاﻣﯾﺔ و اﻹﺳﺗﺳﻼﻣﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر أن ﺳﻌﺎدة اﻟﻔرد ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﻘﺷﻔﻪ و ﻋﻔﺎﻓـﻪ اﻟﻣـﺎدي‪ ،‬و‬
‫ﻋدم اﻟﺟري وراء اﻷرﺑﺎح ﻷن اﻟﺳﻌﺎ دة ﻟن ﺗﺗﺣﻘق ﻋﻠﻰ اﻷرض و إﻧﻣﺎ ﺗﺗﺣﻘق ﻓﻲ ﻋﺎﻟم آﺧر ﻫذﻩ اﻷﻓﻛﺎر‬
‫ﻣﻘدﺳﺎ‪،‬‬
‫ً‬ ‫ﻋﻧﺻر‬
‫ًا‬ ‫اﺳﺗطﺎع اﻟﺗﯾﺎر اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﻲ أن ﯾﺗﺧﻠص ﻣﻧﻬﺎ و ﯾﺟﻌل ﻣن اﻷرﺑﺎح ﻋﻼﻣﺔ رﺿﺎ و اﻟﻌﻣل‬
‫‪3‬‬
‫ﻣﻣﺎ ﺷﺟﻊ ﻋن اﻟﺗﺟﺎرة‪.‬‬

‫‪ -5‬ﺗزاﯾد ﻧﻣو ﻋدد اﻟﺳﻛﺎن ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدن راﻓﻘﻪ زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻹﻧﺗﺎج ﻣﻣﺎ ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗﺷﺟﯾﻊ و اﻧﺗﺷﺎر‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺗﺟﺎري‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬أﻫم أﻓﻛﺎر و ﻣﺑﺎدئ اﻟﻣرﻛﻧﺗﯾﻠﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺗﺑﻧﻰ رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ و اﻷﻓﻛﺎر ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾﺻﻬﺎ ‪:‬‬

‫أﺳﺎﻣﺔ ﻋﻛﻧﺎن‪ ،‬إﻋﺻﺎر اﻟﺧﻠﯾﺞ‪ ،‬رﯾﺎح اﻟﺧﻠﯾﺞ ﺗﻬب ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻌﺎﻟم‪ ،‬دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺗﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻟﺔ اﻟﻛﺑرى‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺷرﻛﺔ اﻟﺷﻬﺎب‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ص ‪.14‬‬


‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.78‬‬ ‫‪2‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.78‬‬ ‫‪3‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.78‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -1‬اﻟﺛروة ﻣﺻدر ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ ‪:‬‬
‫اﻟﺛروة ﻫﻲ أﻫم ﻣﺎ ﯾﺣﻘق ﻗوة اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬و ﺗﻌرف ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﻘدار ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﻪ اﻟﺑﻠد ﻣن اﻟﻣﻌدن اﻟﻧﻔﯾس‬
‫اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟذﻫب و اﻟﻔﺿﺔ و ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ‪ ،‬ﻓﻬذﻩ اﻟﻣﻌﺎدن أﺳﺎس ﺛروة و ﻗوة اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬و ﻟﻬذا ﻋﻠﻰ‬
‫ﻛل دوﻟﺔ اﻟﺳﻌﻲ ﺑﻛل اﻟوﺳﺎﺋل ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺄﻛﺑر ﻗدر ﻣﻣﻛن‪ 1.‬و ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ﯾﻌﺗﻘد اﻟﺗﺟﺎرﯾون أن اﻟﻣﻌﺎدن‬
‫اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ ﻣﺻدر ﻟﻠﺛروة و ﻣﺧزن ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺛﺑﺎت ﺣﺟم اﻟﺛروة ‪:‬‬


‫ﯾﻌﺗﻘد رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ أن اﻟﺛروة اﻟﻛﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛرة اﻷرﺿﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ و ﯾﻧﺟر ﻋن ﻫذا اﻟﺛﺑﺎت ﻓﻲ‬
‫اﻟﺣﺟم أن ﻛل ﻣﺎ ﺗﻛﺗﺳﺑﻪ اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺛروة اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ إﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب ﻓﻘداﻧﻪ‬
‫ﻣن دوﻟﺔ أﺧرى‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﻔﺳر اﻟطﺎﺑﻊ اﻟوطﻧﻲ و اﻟﻌداﺋﻲ ﻟﺗﻌﺎﻟﯾﻣﻬم‪ ،‬ﻷن ﺛراء أي ﺑﻠد ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﻋﻠﻰ‬
‫‪2‬‬
‫ﺣﺳﺎب اﻟﺑﻠدان اﻷﺧرى‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﻣوﻗف اﻟﺳﻠﺑﻲ ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ‪:‬‬


‫ﯾﺷﺟﻊ اﻟﺗﺟﺎرﯾون ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺗﻛﺎر و اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻷﺳﻌﺎر و اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻟﻬم ﻣوﻗف ﺳﻠﺑﻲ‬
‫‪3‬‬
‫ﻣن اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺑﯾن اﻟدول‪ ،‬ﻷن ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺗﻘﻠل ﻣن ﺣﺿوض اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ‪.‬‬
‫و ﻟﻬذا ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ ﺗﺳﻌﻰ داﺋﻣﺎ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻓﺎﺋض ﻓﻲ ﻣﯾزان اﻟﺗﺟﺎري‪ ،‬و ﻟن ﯾﺗم ﻟذﻟك إﻻ ﻣن ﺧﻼل‬
‫اﺳﺗﻐﻼل ﻣﻧﺎﺟم و اﻹﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق ﻓﺎﺋض ﻓﻲ اﻟﻣﯾزان اﻟﺗﺟ ـﺎري و ﻫذا ﺑزﯾﺎدة‬
‫‪4‬‬
‫اﻟﺻﺎدرات و اﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣن اﻟواردات‪.‬‬

‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ص ‪.25-24‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ص ‪.25-24‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪3‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣﺎروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.84‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -4‬ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺗﺟﺎري ﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ ‪:‬‬
‫ﻟﻛﻲ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ اﻹﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ و اﻗﺗﻧﺎء أﻛﺑر ﻗدر ﻣﻣﻛن ﻣﻧﻬﺎ ﻟزﯾﺎدة ﻗوﺗﻬﺎ وﺟب‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺗﺟﺎري و ﺗﺣدﯾدا ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﯾﺟﯾﺔ ﺑﻐﯾﺔ ﺗﺣﻘﯾق ﻓﺎﺋض ﻓﻲ اﻟﻣﯾزان اﻟﺗﺟﺎري‬
‫‪1‬‬
‫و ذﻟك ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ -‬ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﺻﺎدرات و ﻋرﻗﻠﺔ اﻟواردات و ذﻟك ﺑﻔرض ﺿراﺋب ﺟﻣرﻛﯾﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺗطوﯾر اﻟﺻﻧﺎﻋﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣرر ﻣن اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﻟﻠدول اﻷﺧرى‪.‬‬
‫‪ -‬إﺳﺗﻐﻼل اﻟﻣﻧﺎﺟم اﻟﻣﺗواﺟدة ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرات أﺣﺳن اﺳﺗﻐﻼل‪.‬‬
‫‪ -‬ﺻﻧﺎﻋﺔ و ﺗﺷﯾﯾد اﻟﺳﻔن و ﺗطوﯾر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺑﺣرﯾﺔ ﻟﻧﻘل اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻣﺻدرة‪.‬‬

‫‪ -5‬ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﻧﻣو اﻟدﯾﻣﻐراﻓﻲ ‪:‬‬


‫اﻋﺗﻘد اﻟﺗﺟﺎرﯾون أن اﻟزﯾﺎدة اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗزﯾد ﻣن اﻟﯾد اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ و زﯾﺎدة ﺗﻌداد اﻟﺟﯾوش‪ ،‬ﻓﺎﻟﺑﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﯾد‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ ﻋدد اﻟﺳﻛﺎن ﺳﯾﺳﺎﻋد ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﯾد اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟرﺧﯾﺻﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾزﯾد ﻣن اﻟﻧﻣو‬
‫و ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛروة‪ .‬أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص زﯾﺎدة ﺗﻌداد اﻟﺟﯾوش‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻹﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ أﻛﺑر ﻗدر ﻣن اﻟﻣﻧﺎﺟم و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ زﯾﺎدة ﻓﻲ ﻗوة اﻟدوﻟﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﻧﺗﺎج اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻣدرﺳﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ﻛون أن اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻋﻣﺎد اﻟﺛروة و اﻟﻧﻘود ﻫﻲ ﻣﺳﺗودع ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻣدرﺳﺔ وطﻧﯾﺔ ﻷن ﺟل أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ إﻧﺻﺑت ﻋﻠﻰ رﻋﺎﯾﺔ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ‬
‫ﻗﺑل ﻣﺻﺎﻟﺢ ﻣواطﻧﯾﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -3‬ﻣدرﺳﺔ ﺗدﻋو إﻟﻰ ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻣواطﻧﻲ اﻟدوﻟﺔﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب‬
‫‪3‬‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.84‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.84‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺧﺎﻟد ﺳﻌﯾد اﻟﺑﺣﯾﺻﻲ‪ ،‬اﻟﺗطور ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻏزة‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪27‬‬
‫راﺑﻌﺎ ‪ :‬اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻷﻫم اﻟدول اﻟدول اﻷوروﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺻر ﻟﺗﺟﺎرﯾﯾن‪.‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ )اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ( ‪:‬‬


‫ﯾطﻠق ﻣﺻطﻠﺢ اﻹﺳﺗﻌﻣﺎر اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣن اﻟﺑرﺗﻐﺎل و إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ‪ ،‬ﺣﯾث اﺳﺗطﺎع اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ‬
‫ﻛﻣﯾﺎت ﻛﺑﯾرة ﻣن اﻟذﻫب اﻟﻘﺎدم ﻣن ﻣﺳﺗﻌﻣراﺗﻬﺎ ﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﻗد ﺗم إطﻼق ﺗﺳﻣﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ ﻛوﻧﻬﺎ ﻗﺎﻣت ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌدن اﻟﻧﻔﯾس‬
‫‪1‬‬
‫ﺧﺎﺻﺔ اﻟذﻫب و اﻟﻔﺿﺔ ﻣ ن ﻣﻧﺎﺟم اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرات ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻣطﻠﻘﺎ و اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ زادﺗﻪ ﻣن ﺧﻼل‬


‫ً‬ ‫ﻣﻧﻌﺎ‬
‫و ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﺣظر و ﻣﻧﻊ ﺗﻘدﯾر اﻟذﻫب و اﻟﻔﺿﺔ ً‬
‫‪2‬‬
‫ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﺻدﯾر و اﻹﺳﺗراد‪.‬‬

‫و ﻗد طﺑﻘت إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ اﻹﺟراءات اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫أ‪ .‬إﺟﺑﺎر اﻟﺳﻔن اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻘل اﻟﺳﻠﻊ ﻟﻠﺗﺻدﯾر ﺑﺈﻋﺎدة ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟذﻫب و اﻟﻔﺿﺔ إﻟﻰ داﺧل اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ‬
‫اﻹﺳﺑﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬أي رﻓض ﻣﻘﺎﯾﺿﺔ ﺳﻠﻌﺔ ﺑﺳﻠﻊ أﺧرى‪.‬‬
‫ﻧﻘدا ﻷن ﻫذﻩ‬
‫ب‪ .‬ﻣﻧﻊ اﻟﺗﺟﺎرة اﻷﺟﺎﻧب اﻟذﯾن ﯾﻣﺎرﺳون ﻣﻬﻧﺔ اﻟﺑﯾﻊ داﺧل أراﺿﻲ إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ ﻣن إﺧراج ﺛﻣﻧﻬﺎ ً‬
‫اﻟﻌﻣﻠﺔ ﺳﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺧروج اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ ﺧﺎرج اﻟدوﻟﺔ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ج‪ .‬اﻟﺳﻣﺎح ﺑﺧروج اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ ﻟﺑﻌض اﻻﺳﺗﺛﻧﺎءات ﻟﺗﺳدﯾد دون اﻟﻣﻠك‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺳب إﻟﻰ اﻟوزﯾر اﻟﻔرﻧﺳﻲ‬
‫ﻛوﻟﺑﯾر و اﻟذي ﺧﺎول ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﯾﺎ رﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ‪.‬‬

‫ﺗﻣﺣورت اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟرﻏﺑﺔ ﻟزﯾﺎدة اﻟﺻﺎدرات و اﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣن اﻟواردات‪ ،‬ﺷرﯾطﺔ أن‬
‫ﯾﻛون ﻫذﻩ اﻟﺻﺎدرات ﻣن اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ و ﻟﯾس ﻣن اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟﻔﻼﺣﯾﺔ‪ ،‬ﻷن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ‬

‫ﺧﺎﻟد ﺳﻌﯾد اﻟﺑﺣﯾﺻﻲ‪ ،‬ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺣﻣد دﯾﺎب‪ ،‬اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻌوﻟﻣﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣﻧﻬل اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،2010 ،‬ص ‪.88‬‬ ‫‪2‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣﺎروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.85‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪28‬‬
‫أﻛﺑر و ﻷﻧﻬﺎ ﺻﻌﺑﺔ اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻟدول اﻷﺧرى ﻣﻣﺎ ﯾزﯾد اﻟطﻠب ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛوﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﺗﻘﻠﺑﺎت‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻣﻊ اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻹﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﻣﺑﺎدﻻت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟذﻫب و اﻟﻔﺿﯾﺔ و ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ‪.‬‬

‫ﺳﺎﻫﻣت اﻟﻌواﻣل اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ اﻧﺗﻬﺎج ﻫذﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻬﺎ دوﻟﺔ ﻣﺣﺎطﺔ ﺑﺎﻟﻣﯾﺎﻩ ﻣن ﻛل‬
‫ﺟﺎﻧب ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺎﻋدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾك أﺳطوﻟﻬﺎ اﻟﺑﺣري ﻟﻬدف اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺟﺎري‪ ،‬ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﺗﻧﻘل ﺑﻌض‬
‫اﻟﺳﻠﻊ و اﻟﺑﺿﺎﺋﻊ ﻟﻠدول اﻷﺧرى ﻣﻘﺎﺑل ﺣﺻوﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟ ذﻫب و اﻟﻔﺿﺔ‪ ،‬و ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ﻓرﻧﺳﺎ‪ ،‬ﻓﺈن‬
‫ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ أﻫﻣﻠت اﻟﺻﻧﺎﻋﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ‪ ،‬و اﻫﺗﻣت ﻓﻘط ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺧﺎﻣﺳﺎ ‪ :‬اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﻧﺎدت ﺑﻬﺎ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﯾزان ﺗﺟﺎري راﺑﺢ‪.‬‬

‫ﻣر اﻟﻔﻛر اﻟﻣرﻛﻧﺗﯾﻠﻲ ﺑﺛﻼث ﻣراﺣل أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻣﻧﺗﻬﺟﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﯾزان ﺗﺟﺎري راﺑﺢ‬
‫ﯾﻣﻛن ذﻛرﻫﺎ‪: 2‬‬

‫أ‪ -‬اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ‪:‬‬


‫ﺳﺎدت ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺢ و ﺣظر ﺗﺻدﯾر اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺷﻛل أو ﺻورة و اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة رﺻﯾد اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﯾﺳﺔ‪ ،‬و أﺣﺳن آﻟﯾﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق ذﻟك‬
‫ﻫو اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹﺳﺗراد و اﻟﺗﺻدﯾر‪.‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪ ،85‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﻣدﺣت اﻟﻘرﯾﺷﻲ‪ ،‬ﺗطور اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2008‬ص ‪.87‬‬
‫وﻟﯾد ﻋﺎﺑﻲ ‪ :‬ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺑﯾﺋﺔ و ﺗﺣرﯾر اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﯾﺟﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﺗﺟﺎرة‪ ،‬دراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬أطروﺣﺔ‬ ‫‪2‬‬

‫ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺗﺧﺻص اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟدوﻟﻲ و اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪،‬‬
‫وﻋﻠوم اﻟﺗﺳﯾﯾر‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓرﺣﺎت ﻋﺑﺎس‪ ،‬ﺳطﯾف‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪29‬‬
‫ب‪ -‬اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ‪:‬‬
‫ﺗﻧﺎزﻟت اﻟدوﻟﺔ ﻋن ﻣﺑدأ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺻدﯾر و اﻹﺳﺗراد ﻋﻠﻰ ﺣدى‪ ،‬ﺣﯾث إﻛﺗﻔت ﻓﻘط‬
‫ﺑﺎﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻣﻊ ﻛل دوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدى ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن ﺗﺣﻘﯾق اﻟرﺑﺢ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﯾزان اﻟﺗﺟﺎري‪.‬‬

‫ج‪ -‬اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ‪:‬‬


‫ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺑﻧت اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺣدﯾث ﻟﻠﻣﯾزان اﻟﺗﺟﺎري‪ ،‬ﺣﯾث ﻟم ﯾﻌد ﻫﻧﺎك أي ﻣﺑرر ﻟﺗﺣﻘﯾق‬
‫ﻣﯾزان ﺗﺟﺎري راﺑﺢ ﻣﻊ ﻛل دوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدى ﺣﯾث ﯾﻛون ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣﯾزان اﻟﺗﺟﺎري اﻟﻌﺎم إﯾﺟﺎﺑﯾـﺎ‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﯾﻛﻔﻲ‬
‫أن ﺗﻛون ﻣﺟﻣوع ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺻﺎدرات أﻛﺑر ﻣن ﻣﺟﻣوع ﻗﯾﻣﺔ اﻟواردات ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ‬
‫ﻟﻠﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺳﺎدﺳﺎ ‪ :‬إﯾﺟﺎﺑﯾﺎت و ﺳﻠﺑﯾﺎت اﻟﻔﻛر اﻟﺗﺟﺎري‪.‬‬

‫‪ -1‬اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ‪ :‬ﻫﻧﺎك ﻣﺟﻣوع ﻣن اﻟﺟواﻧب اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻛر اﻟﺗﺟﺎري ﯾﻣﻛن ذﻛرﻫﺎ‪.‬‬

‫أ‪ -‬اﻹﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ اﻟﻣﻐﻠق إﻟﻰ اﻟﻘطﺎع اﻟﺗﺟﺎري اﻟﻣﻧﻔﺗﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ و‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷﺳواق اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﺧﻠص اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻣن اﻟﻘﯾود اﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎدت ﻓﻲ ﻋﻬد‬
‫اﻹﻗطﺎع ﻣﻣﺎ أﺿﻌف ﻣن ﺳﻠطﺔ اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ‪.‬‬
‫ب‪ -‬اﻹﻧﺗﻘﺎل ﻣن اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﻌﯾﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﻧﻘدي‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر رؤوس اﻷﻣوال و‬
‫إﻧﺷﺎء اﻟﺑﻧوك‪.‬‬
‫ج‪ -‬ﺳﺎﻫم اﻟﻔﻛر اﻟﺗﺟﺎري ﻓﻲ إﻋطﺎء اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻷوﻟوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟزراﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻫﻲ‬
‫اﻷﺳﺎس ﻓﻲ ﻋﻬد اﻹﻗطﺎع‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﺣددت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣﺎرﻛﻧﺗﻠﯾﺔ ﻗوة اﻟدوﻟﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﻣﺗﻠﻛﻪ ﻣن ﻣﻌﺎدن ﻧﻔﯾﺳﺔ‪،‬ﻣﺗﺟﺎﻫﻠﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌواﻣل‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻻﺧرى ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﻗوة اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﺗﺗﺣدد ﻓﻘط ﺑﻬذان اﻟﻌﻧﺻران رﻏم أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬دار ﻗرطﺑﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﺑﺎب اﻟزوار‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ط‪،2015 ،1‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.42‬‬
‫‪30‬‬
‫ب‪ -‬اﺿﻣﺣﻼل و ﺗراﺟﻊ اﻟﻘطﺎع اﻟﺣرﻓﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻹﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة‪.‬‬
‫ج‪ -‬ﺿﻌف اﻟﺗﺣﻠﯾل ‪ :‬ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻛن إﻋﺗﺑﺎر ﻫذا اﻟﺗﯾﺎر اﻟﻔﻛري ﻣذﻫب ﻣﺛل اﻟﻣذاﻫب اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫ﻧظر ﻟﺿﻌف و ﺳطﺣﯾﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﻪ ﻟﻠﻣﻌﺎﻣﻼت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻣﻌﺎﺻرة‪ً ،‬ا‬
‫د‪ -‬ﻋدم وﺿوح اﻟرؤﯾﺔ ﺑﺧﺻوص اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﯾﻣﺔ و اﻟرﺑﺢ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ‬

‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ )اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ(‬

‫‪32‬‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ )اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ(‬

‫ﻋﻣوﻣﺎ أن اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻛﻌﻠم ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ أﻓﻛﺎر اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون ﺑﺣﯾث أﻧﻬم وﻓروا و ﻷول ﻣﺧطط‬
‫ً‬ ‫ﯾﻌﺗﺑر‬
‫ﻣﻔﺎﻫﯾﻣﯾﺎ ﯾﻌﺑرون ﻓﯾﻪ ﻋن اﻟدورة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﻬﺎ طﺑﻘﯾﺎت اﻟﻣﺟﻣﻊ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ دﻋوﺗﻬم ﻟﻠﺣرﯾﺔ‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و إﺑﻌﺎد اﻟدوﻟﺔ ﻋن أي ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﺗدﺧل‪.‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔرﯾوﻗراطﯾﺔ و أﻫم روادﻫﺎ‪.‬‬

‫‪ .1‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔرﯾوﻗراطﯾﺔ ‪:‬‬

‫اﻟﻔرﯾوﻗراطﯾﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣذﻫب ﻧﺷﺄ ﻓﻲ ﻓﻧﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟﻣﻔﻛر ﻓرﻧﺳوا ﻛﻧﯾﻪ‪ ،‬و‬
‫ﻗد اﺳﺗﻧدت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔرﯾوﻗراطﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗدﻓﻘﺎت ﺑدل ﻣن اﻟﻛﻣﯾﺎت‪ 1.‬ﺣﯾث اﺳﺗطﺎع ﻣﻔﻛروا ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ ﻣن ﺗﺄﺳﯾﺳﻬﺎ ﺑﺄﺳﻠوب ﻣﺧﺗﻠف ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻋن أﻓﻛﺎر اﻟﺗﺟﺎرﯾﯾن و ﻛﻣﺎ أﻋطت ﻣﻔﻬوم ﻣﻐﺎﯾ ـر و ﺣدﯾث‬
‫‪2‬‬
‫ﻻ ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟوﺿﻌﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻠﺛروة‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻧﺎدي ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ و ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﺑد ً‬

‫و ﻗد ﻛﺎن اﻹﻟﺗزام اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻔرﯾوﻗراطﯾﯾن ﻫو ﺗﺟﺎﻩ ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم )اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ(‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب‬
‫‪3‬‬
‫ظﻧﻬم ﻫو ﻣن ﻛﺎن ﯾﺣﻛم اﻟﺳﻠوك اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬‬

‫‪ .2‬دواﻓﻊ ﻗﯾﺎم اﻟﻣذﻫب اﻟﻔرﯾوﻗراطﻲ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ‪:‬‬

‫ﻫﻧﺎك ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟدواﻓﻊ أدت ﺑﻬذا اﻟﺗﯾﺎر ﻟﻠظﻬور ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻗﺑل ﻏﯾرﻫﺎ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻧﺟﺎح ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﯾن ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﻣو اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ‪ :‬ﺣﯾث ﻓﺷﻠت اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫رﺳﻣﻬﺎ ﻛوﻟﺑﯾرت اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ و اﻟﺗﻬﻣﯾش اﻟﺷﺑﻪ ﻛﻠﻲ ﻟﻠزراﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻹﻗﺗﺻﺎدي »ﺧرج‬
‫اﻟﻧﺷﺎط اﻟزراﻋﻲ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺗﺎج و ﺑﻘﻲ ﻟﻪ دور ﻫﺎﻣﺷﻲ )اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ( و وﻗﻊ ﺿﺣﯾﺔ ﻣﺗﻌﻣدة ﻣن ﻛوﻟﺑﯾرت‬

‫ﺟﻌﻔر طﺎﻟب أﺣﻣد اﻟﺧز ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي )دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋﺑر اﻟﺣﻘب اﻟزﻣﻧﯾﺔ( دار‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟدﻛﺗور ﻟﻠﻌﻠوم اﻹدارﯾﺔ و اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻐداد‪ ،‬اﻟﻌراق‪ ،‬ط‪ ،2‬ص ‪.179‬‬


‫ﺟﻌﻔر طﺎﻟب أﺣﻣد اﻟﺧز ﻋﻠﻲ‪ :‬ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ‪ ،‬ص ‪.179‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺟوان ﻛﯾﻧت ﺟﺎﻟﺑرﯾت ‪ :‬ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺻورة اﻟﺣﺎﺿر‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ أﺣﻣد ﻓؤاد ﺑﻠﺑﺢ ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ‪ ،‬اﻟﻛوﯾت‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،1978‬ص ‪.83‬‬
‫‪33‬‬
‫ﻟﺣﺳﺎب اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ﺛم ﻟم ﺗطﺑق اﻟﻧظم ﻟﺗﺳﯾﯾر اﻟﺗﺟﺎرة و اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ و ﺑﻬذا اﻷﻣر ﯾﻣﻛن اﻟﻘول‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﻘﻠﯾص اﻟﻧﺷﺎط اﻟزراﻋﻲ ﺑﺷﻛل ﻣﻔﺗﻌل‪ ،‬و وﻗﻊ ﺿﺣﯾﺔ ﻣﺗﻌﻣدة ﻟﺣﺳﺎب اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ«‬
‫ب‪ -‬إﻗﺗﺻﺎر ﺗداول اﻟﺣﺑوب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻓﻘط أي ﺑﯾن اﻟﻣدن ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ إﻧﺧﻔﺎض‬
‫ﺳﻌر اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ و إﻫﻣﺎل ﻗطﺎﻋﺎت واﺳﻌﺔ ﻣن اﻷراﺿﻲ اﻟزراﻋﯾﺔ راﻓﻘﻬﺎ ﻋرﻗﻠﺔ ﻫﺟرة اﻟﻔﻼﺣﯾن ﻧﺣو‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻣدن ﻣﻣﺎ دﻓﻊ إﻟﻰ أﺻوات ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻹﺻﻼح‪.‬‬
‫ج‪ -‬ﺣرﻛﺔ اﻟﺗوﺗر اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﻬﺎ اﻟﻘﺎرة اﻷروﺑﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻋدت ﻋﻠﻰ ظﻬور ﺧﯾﺎرات ﻓﻛرﯾﺔ و ﻓﻠﺳﻔﯾ ـﺔ و‬
‫ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻷﻓﻛﺎر و ﻣﻌﺗﻘدات اﻟﻌﺻر اﻹﻗطﺎﻋﻲ اﻟذي ﻋرﻓﺗﻪ اﻟﻘﺎرة ﻫذﻩ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻔﻛرﯾﺔ‬
‫إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺟدﯾدة ﻣﻐﺎﯾرة ً‬
‫و اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ﺳﺎﻫﻣت ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗطوﯾر اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ و اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﺗوﺟت ﺑﺑﻧﺎء ﻧظرﯾﺎت‬
‫إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و إﺑﻌﺎد اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﻗﯾﺔ و اﻟﻼﻫوﻧﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺻﺑﻐت ﻋﺻر اﻹﻗطﺎع‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﻓرح‬
‫ﻓﻼﺳﻔﺔ ﻋﺻر اﻟﺗﻧوﯾر ﺑﻬﺎ و ﻟم ﯾﻧزﻋﺟوا ﻟﻔﻘداﻧﻬﺎ ﻓﻘد ‪ » :‬إﻧﻬﺎرت اﻟﻘﯾم اﻟﻘدﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻫذا أﻣر ﻏﯾر ﻣﺄﺳوف‬
‫ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﻟﻧﺿﻊ ﻷﻧﻔﺳﻧﺎ ﻗﯾﻣﺎ ﺟدﯾدة أﺧرى ﻏﯾر اﻟﻘﯾم اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﻗﯾﺔ«‪ 3‬ﻣﻣﺎ أﻋطﻰ ﻷﻓﻛﺎر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓرﺻﺔ‬
‫ﻟﻠﺧروج ﻣن ﻣﻌﺗﻘدات اﻟﻣﺎﺿﻲ‪.‬‬

‫‪ -3‬أﻫم رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔﯾزﯾوﻗراطﯾﺔ ‪:‬‬

‫أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻣوﻗف ﻣﺷﺗرك ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﻔرد‪ ،‬إﻻ أن ﺛﻼﺛﺔ ﻣن ﻣﻔﻛري ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ ﻛﺎن ﻟﻬم ﺗﻔوق واﺿﺢ و ﺟﻠﻲ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻓراﻧﺳواﻛﯾﻧﯾﻪ )‪:4 (1774 – 1694‬‬


‫ﯾﻌﺗﺑر ﻓراﻧﺳوا ﻛﯾﻧﯾﻪ )‪ (Francois Quesnary‬زﻋﯾم اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ‪ ،‬ﺑدأ إﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﻌﻠم‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻓﻲ ﺳن اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ و اﻟﺳﺗﯾن )‪ 62‬ﺳﻧﺔ( ‪ ،‬و ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺳن ﻛﺎن ﯾﻌﺗﺑر ﻣن أﺷﻬر اﻷطﺑﺎء ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ‪،‬‬
‫إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ‪ ،‬و ﻗد‬
‫ً‬ ‫ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ و‬
‫ً‬ ‫و ﻗد ﺗﻘﻠد ﻣﻧﺻب ﺳﻛرﺗﯾر أﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ اﻟﺟراﺣﺔ ﻓﻲ ﺑﺎرﯾس‪ ،‬ﻣﻣﺎ رﻓﻊ ﻣرﺗﺑﺗﻪ‬
‫أﺻﺑﺣﻔﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1749‬اﻟطﺑﯾب اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻟﻠﺳﯾدة ﺟﯾن أﻧطواﻧﯾت ﺑواﺳون ﻣﺎرﻛﯾزدي ﺑوﻣﺑﺎ دورو اﻟﺗﻲ ﺗﻌرف‬

‫ﺟﻌﻔر طﺎﻟب أﺣﻣد اﻟﺧزﻋﻠﻲ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺣﻣد اﻟﺷﯾﺦ و ﯾﺎﺳر اﻟطﺎﺋري‪ ،‬ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺣداﺛﺔ و ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺣداﺛﺔ‪ ،‬دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1996‬ص ص ‪.14-13‬‬
‫ﻣﺣﻣد اﻟﺷﯾﺦ و ﯾﺎﺳر اﻟطﺎﺋري‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ص ‪.14-13‬‬ ‫‪3‬‬

‫ﺟون ﻛﯾﻧﯾث ﺟﺎﻟﺑرت‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.63-61‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪34‬‬
‫ﺑﺎﺳم ﻣدام دي ﻧوﻣﺑﺎ دور‪ ،‬و ﻣﻧذ ذﻟك اﻟوﻗت ﻋﺎش ﻓﻲ ﻗﺻر ﻓرﺳﺎي ﺣﯾث ﺷﻐل ﺳﻧﺔ ‪ 1755‬ﻣﻧﺻب‬
‫طﺑﯾب ﻟوﯾس اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر ﻧﻔﺳﻪ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ب‪ -‬روﺑﯾر ﺟﺎك ﺗورﺟو )‪: (1781-1728‬‬
‫ﯾﻌﺗﺑر روﺑﯾر ﺟﺎك ﺗورﺟو ) ‪ (Anne Robert Jacques Turgot‬ﻣن اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن اﻟﻠذﯾن ﻟم‬
‫ﯾﺗﻧﻛروا ﻣن أﺻﺣﺎب اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ و أﻧﻪ إﺑن ﺗﺎﺟر ﻏﻧﻲ‪ ،‬و ﻗد اﻋﺗﺑر ﻣن أﻛﺑر اﻟﻣداﻓﻌﯾن ﻋن‬
‫ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗﺟﺎر‪ ،‬ﺗﺣوﻟت إﻟﯾﻪ اﻷﻧظﺎر ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻣدة ﻟﻣﯾﻧﺎء ﻟﯾﻣوج‪ ،‬ﻹﺷﺎرة ﺗﻌﺗﺑر ﻫذﻩ اﻟﻣﻘﺎطﻌﺔ أﻓﻘر‬
‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻓﻘر اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻗﺎم ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻹﺻﻼﺣﺎت ﻫدﻓت إﻟﻰ ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟزراﻋـﺔ‪ ،‬و‬
‫ﻣﻘﺎطﻌﺎت ﻓرﻧﺳﺎ‪ ،‬و ً‬
‫دﻋم اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ‪ ،‬و ﺗﺣﺳﯾن وﺳﺎﺋل و طرق اﻟﻣواﺻﻼت و اﻟﺣد ﻣن اﻟﻣظﺎﻟم اﻟﺿرﯾﺑﯾﺔ‪.‬‬

‫ﯾر ﻟﻠﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﻠك ﻟوﯾس اﻟﺳﺎدس ﻋﺷر‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﻋزل‬
‫ﺗم ﺗﻌﯾﯾﻧﻪ ﻧﺔ ‪ 1774‬ﻣراﻗﺑﺎ ﻟﻠﺣﺳﺎﺑﺎت وز ًا‬
‫ﻣن ﻫذﯾن اﻟﻣﻧﺻﺑﯾن ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﺗﻲ ﻓرﺿﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻧﻬﺎ ﺗﺄﯾﯾدﻩ ﻟﻠﺗﻘﺷف ﻓﻲ اﻟﻣﺻروﻓﺎت اﻟﻣﻠﻛﯾـﺔ و ﻏﯾرﻫﺎ‬
‫ﻣن اﻟﻣﺻروﻓﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬و ﻟﻺﺻﻼح اﻟﺿرﯾﺑﻲ و اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺣرة ﻓﻲ اﻟﺟﻧوب داﺧـل ﻓرﻧﺳـﺎ‪ ،‬و إﻟﻐﺎء‬
‫اﻟوظﺎﺋف اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺻل أﺻﺣﺎﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺟور و ﻣرﺗﺑﺎت دون ﻋﻣل ﻣﻘﺎﺑل‪ .‬ﻣن ﺛم ﻋﺎد إﻟﻰ اﻻﻫﺗﻣﺎم‬
‫ﺑﺎﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي و دراﺗﻪ اﻟظواﻫر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫ج‪ -‬ﺑﯾﯾر ﺻﻣوﯾل دﯾﺑون دي ﻧﯾﻣور )‪: (1817-1739‬‬


‫ﯾﻌﺗﺑر ﺑﯾﯾر ﺻﻣوﯾل دي ﻧﯾﻣور ‪ Pierre Samuel du Pont Nemours :‬ﻛﺎﺗب و ﻣﻔﻛر‬
‫اﻗﺗﺻﺎدي ﻓرﯾوﻗراطﻲ و ﻣﺳؤول ﺣﻛوﻣﻲ ﻓرﻧﺳﻲ‪ ،‬ﻗﺎم ﺑﻌد ﺗوﻟﯾﻪ رﺋﺎﺳﺔ ﺗﺣرﯾر ﻣﺟﻠﺔ ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ زراﻋﺔ و‬
‫اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺗﺟﻣﯾﻊ ﺑﻌض أﻋﻣﺎل ﻓرﻧﺳوا ﻛﯾﻧﯾﺔ ﺗﺣت ﻋﻧوان اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ‪» ،‬و اﻟذي ﻣن‬
‫‪2‬‬
‫اﻟواﺿﺢ أﻧﻪ ﺟﺎء ﻣﻧﻪ اﻹﺳم اﻟذي أﺻﺑﺢ ﯾﻌرف ﺑﻪ ﻫو و زﻣﻼؤﻩ«‬

‫اﺧﺗﺑﺄ دي ﻧﯾﻣور ﺧﻼل اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻟﻔﺗرة ﺑﺳﺑب اﻟﺷﻛوك ﻓﻲ اﺗﺟﺎﻫﺎﺗﻪ اﻟﺗﻲ وﺻﻔت ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ‬
‫ﻣﻌﺎدﯾﺔ ﻟﻠﺛورة‪ ،‬و ﻗد ﻫﺎﺟر إل اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻋﺎم ‪.1802‬‬

‫ﺟون ﻛﯾﻧﯾت ﺟﺎﻟﺑرت‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪63-61‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪35‬‬
‫و إذا ﺗم ﺗرﻛﯾزﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻫؤﻻء اﻟﺛﻼث ﻣن اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﯾن ﻓﻬذا ﻻ ﯾﻌﻧﻲ إﺟﻣﺎل اﻟﻣﻔﻛرﯾن‬
‫اﻵﺧرﯾن‪ ،‬و ﻟﻺﺷﺎرة ﻓﺈن ﺟﻣﯾﻌﻬم ﯾﻌﺗﺑرون ﻣن اﻷواﺋل ﻣن طﺎﻟﺑوا ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻋدم ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ‬
‫ﻓﻲ إطﺎر ﻧظﺎم اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬ﻣﺑﺎدئ و ﻣﻧطﻠﻘﺎت اﻟﻣذﻫب اﻟﻔزﯾوﻗراطﻲ ‪:‬‬


‫ﯾﻘوم اﻟﻣذﻫب اﻟﻔزﯾوﻗراطﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻓﻛﺎر ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾﺻﻬﺎ ﻓﻲ ‪:‬‬

‫اﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن ﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اﻋﺗﻘد اﻟطﺑﯾﻌﯾون أن اﻟظواﻫر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﺛﻠﻬﺎ ﻣﺛل أي ظواﻫر طﺑﯾﻌﯾﺔ أو اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﺧﺿﻊ‬
‫ﻟﻘواﻧﯾﯾن طﺑﯾﻌﺔ ﺑﻌﯾدة ﻋن ﺗدﺧل اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ وﺿﻌﻬﺎ أو إﯾﺟﺎدﻫﺎ‪ ،‬و اﻋﺗﺑروا اﻟﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻧظﺎﻣﺎ ﻣﺛﺎﻟﯾﺎ‬
‫ﯾﺣﻘق ﺑﯾن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬و ﻫو ﻣﻛون ﺣﺳﺑﻬم ﻣن ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺑواﺳطﺗﻬﺎ‬
‫اﻟرﻓﺎﻫﯾﺔ ﻟﻸﻓراد و ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﺗطوﯾر اﻟزراﻋﺔ‪.‬‬
‫ﯾﺗﺣﻘق اﻟرﺧﺎء و ّ‬

‫و ﯾﺳﺗﻧد اﻟﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ إﻟﻰ ﻓﻛرة اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗوﺟب ﺿرورة اﺣﺗراﻣﻬﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺟزء ﻣن اﻟﻧظﺎم‬
‫‪1‬‬
‫اﻟطﺑﯾﻌﻲ و ﻫﻲ ﺗﺷﻣل ﻋﻠﻰ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ‪ :‬و ﺗﻌﻧﻲ ﺣق اﻟﻔرد ﻓﻲ اﺳﺗﻐﻼل و ﺗوظﯾف ﻣﻠﻛﺎﺗﻪ اﻟذﻫﻧﯾﺔ و اﻟﻌﺿﻠﯾﺔ و‬
‫اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺑل إﻧﺗﺎﺟﻪ‪ ،‬اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣرﯾﺔ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻣﻧﻘوﻟﺔ ‪ :‬و ﻫﻲ ﺣق اﻷﻓراد ﻓﻲ ﻣﻠﻛﯾﺔ ﺛﻣرة ﺟﻬودﻫم و ﻋﻣﻠﻬم‪.‬‬
‫ت ‪ -‬اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ ‪ :‬ﺗﺗﻌﻠق اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻌﻘﺎرﯾﺔ ﺑﻣﻠﻛﯾﺔ اﻷراﺿﻲ اﻟزراﻋﯾﺔ و اﻟﻔﻼﺣﯾﺔ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻣﻛن اﺳﺗﻧﺗﺎج أن اﻟﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺣق اﻷﻓراد ﻓﻲ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ و ﻓﻲ اﻟﺣرﯾﺔ و اﻟﻌﯾش ﻓﻲ آﻣﺎن‪.‬‬


‫‪ .2‬اﻟﻧﺷﺎط اﻟزراﻋﻲ أﺳﺎس أﯾﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺣﺎرم اﻟﺑﺑﻼوي‪ ،‬دﻟﯾل اﻟرﺟل اﻟﻌﺎدي إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻻﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬دار اﻟﺷروق‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ط‪ ،1995 ،1‬ص ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.49-48‬‬
‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.96‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -2‬اﻷرض ﻣﺻدر اﻟﻘﯾﻣﺔ ‪) :‬ﻣﺻدر اﻟﺛروة(‬
‫ﯾرى اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون أن ﻣﺻدر اﻟﺛروة ﻫﻲ اﻷرض ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑرون أن اﻟﺛروة ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ »اﻷﻣوال‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة و ﻟﺗﺟدد اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻧوي ﻟﻬذﻩ اﻷﻣوال«‬

‫ﻓﺎﻟﺛروة ﺑﻬذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ » اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠزم ﻣﻧﻬﺎ ﻟﻣﻌﯾﺷﺔ أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﻣﺎ ﯾﻠزم ﻓﯾﻬﺎ ﻟﺿﻣﺎن‬
‫‪2‬‬
‫إﺳﺗﻣرار اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻟﻔﺗرات اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ اﻟﻣﻘﺑﻠﺔ‪ ،‬ﻫذﻩ اﻟﺛروة ﺗﻧﺗﺞ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻹﻧﺗﺎج ﻻ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺑﺎدل«‬

‫ﺟدﯾدا و ذﻟك ﺑﺄن‬


‫ً‬ ‫و ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻹﻧﺗﺎج ﻋﻧد اﻟطﺑﯾﻌﯾﯾن ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻛل ﻋﻣل ﯾﺧﻠق ﻧﺎﺗﺟﺎ ﺻﺎﻓﯾﺎ‬
‫‪3‬‬
‫ﯾﺿﯾف ﻣﻘدار ﻣن اﻟﺳﻠﻊ و اﻟﻣواد أﻛﺛر ﻣن ﺗﻠك اﻟﺗﻲ اﺳﺗﺧدﻣت ﻓﻲ ﻋﻠﺑﺔ اﻹﻧﺗﺎج‪.‬‬

‫و ﻟﺗوﺿﯾﺢ أﻛﺛر ﻓﺈن اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﺛروة ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻧﺷﺄ ﻓﻲ اﻟزراﻋﺔ ﺑﻌﯾدة ﻋن اﻟﺻﻧﺎﻋـﺔ و‬
‫اﻟﺗﺟﺎرة أو ﺣرﻓﺔ أﺧرى‪ ،‬ﻓﺎﻟﺗﺟﺎر ﻻ ﯾﺿﯾﻔون ﺷﻲء ﻛوﻧﻬم ﯾﺷﺗرون و ﯾﺑﯾﻌون اﻟﺳﻠﻌﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ و ﻧﻔس اﻟﺷﻲء‬
‫‪4‬‬
‫ﺟدﯾدا‬
‫ً‬ ‫ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻓﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﺗﺣوﯾل ﻣﺎدة ﻣن ﺷﻛل إﻟﻰ آﺧر ﻻ ﺗﺿﯾف ﺷﻲء‬

‫ﻫذا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﺣوﯾﻠﯾﺔ ﻛﺎﻧت رﻫﯾﻧﺔ ﻣﺻدرﻫﺎ اﻟزراﻋﻲ و ﻛﻣﯾﺔ ﺗواﺟد اﻟﺳﻠﻊ‬
‫اﻟزراﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻣن أﺟل زﯾﺎدة ﻋدد اﻹﺳﻛﺎﻓﯾﯾن ﻻﺑد أوﻻ أن ﺗﻛون ﻫﻧﺎك رﯾﺎدة ﻓﻲ ﻋدد ﺟﻠود‬
‫اﻷﺑﻘﺎر‪ ،‬ﻓﻣن اﻟزراﻋﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻛل زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺛروة و ﻻ ﯾﺄﺗﻲ ﻣن ﻗطﺎﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻷﺧرى‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫و ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ﻓﺈن ‪» :‬اﻟزراﻋﺔ ﻫﻲ ﻣﺻدر ﻛﺎﻟﺛروة اﻟدوﻟﺔ و ﺛروة ﻛل اﻟﻣواطﻧﯾن«‬
‫‪6‬‬
‫و أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص ﻋواﻣل اﻹﻧﺗﺎج ﻓﺈن اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﯾن ﯾﻘﺳﻣوﻫﺎ إﻟﻰ ﺛﻼث ﻋواﻣل رﺋﯾﺳﯾﺔ ‪:‬‬
‫‪ .1‬اﻷرض ‪ :‬و ﻫﻲ أﺳﺎس و ﻣﺻدر اﻟﺛروة‪.‬‬
‫‪ .2‬اﻟﻌﻣل ‪ :‬و ﻫو اﺳﺗﻐﻼل اﻟﻌﺎﻣل ﻷرض اﻟﺗﻲ ﺗﻌطﻲ إﻧﺗﺎج ﺻﺎﻓﻲ‪.‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.26‬‬ ‫‪3‬‬

‫أﻧطوان أﯾوب‪ ،‬دروس ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻣدرﯾﺔ اﻟﻛﺗب و اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬ﺣﻠب‪ ،‬ﺳورﯾﺎ‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،1965 ،1‬‬ ‫‪4‬‬

‫ص ‪.134‬‬
‫ﺟون ﻛﯾﻧﯾت ﺟﺎﻟﺑرت‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.65‬‬ ‫‪5‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.97-96‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ .3‬رؤوس اﻷﻣوال ‪ :‬ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون أن إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ رأس اﻟﻣﺎل ﻻ ﺗﻛون إﻻ ﻋﻠﻰ ﺷﻛل رؤوس أﻣوال‬
‫ﻋﻘﺎرﯾﺔ ﯾﺳﺗﺛﻣرﻫﺎ اﻟﻣﻧﺗﺟون‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬اﻟﻬﯾﻛل اﻟطﺑﻘﻲ اﻟﻔزﯾوﻗراطﻲ‪.‬‬

‫وﺛﯾﻘﺎ ﺑﻔﻛرة اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ اﻟذي أﻗرﻩ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون ﻓﺑﻧﯾﺔ‬


‫ﯾرﺗﺑط اﻟﻬﯾﻛل اﻟطﺑﻘﻲ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون ارﺗﺑﺎطﺎ ً‬
‫ﻫذا اﻟﻬﯾﻛل ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬
‫‪ -1‬طﺑﻘﺔ أﺻﺣﺎب اﻷرض أو اﻟﻣﻼك ‪ :‬ﻓﻬم اﻟﻠذﯾن ﯾوﺟﻬون و ﯾﺷرﻓون ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺗﺎج اﻟزراﻋﻲ‪ ،‬و إﻟﯾﻬم‬
‫ﻛﺎن ﯾؤول اﻟﺟﺎﻧب اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣن اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ‪ ،‬و ﻋﻠﯾﻬم ﻛﺎﻧت ﺗﻘﻊ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎت اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ و ﻟﻠدوﻟﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ ‪ :‬و ﻫﻲ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم أﻋﺿﺎؤﻫﺎ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣل اﻟزراﻋﻲ ﺑﻬذﻩ اﻟطﺑﻘﺔ ﻫﻲ‬
‫اﻟﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠق اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ أﺳﺎس أي ﻧﺷﺎط زراﻋﻲ‪.‬‬
‫‪ -3‬طﺑﻘﺔ اﻟﺗﺟﺎر و اﻟﺣرﻓﯾون و اﻟﺻﻧﺎﻋﯾون ‪ :‬و ﻫﻲ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻐﯾر ﻣﻧﺗﺟﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺧﻠق اﻟﻧﺎﺗﺞ‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺻﺎﻓﻲ و ﻣن ﺛم ﻻ ﺗزﯾد ﻓﻲ اﻟﺛروة‪.‬‬

‫و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻬﯾﻛل اﻟطﺑﻘﻲ ﻫو ﻣﺎ ﯾﻔﺳر دﻓﺎع اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﯾن ﻋن اﻟزراﻋﺔ و ﺳﻠطﺔ أﺻﺣﺎب‬
‫اﻷراﺿﻲ‪.‬‬

‫راﺑﻌﺎ ‪ :‬اﻟﺟدول اﻹﻗﺗﺻﺎدي و ﻣﺑدأ دوران اﻟﺛروة و ﺗوزﯾﻊ اﻟدﺧل‪.‬‬

‫أ‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ ‪:‬‬


‫أﺑﻌد اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون ﻓﻛرة اﻟﻣﻌﺎدن اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻋﻛس اﻟﺗﺟﺎرﯾون اﻟذﯾن اﻋﺗﺑروا أن ﻣﺻدر اﻟﻘﯾﻣﺔ ﯾﻛﻣن ﻓﯾﻣﺎ‬
‫ﺗﻣﻠﻛﻪ اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎدن‪ ،‬ﻓﺎﻟﻧﻘود ﺣﺳب اﻟﻔزﯾﻘراطﯾﯾن ﻟﯾﺳت إﻻ ﺛروة ﻋﻘﯾﻣﺔ ﻓﺎﻟﺛورة ﻋﻧدﻫم ﻫﻲ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫» ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘﯾم اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﻬﻼﻛﻬﺎ ﻋﻧد اﻟرﻏﺑﺔ دون إﻓﻘﺎر ﻟﻣﺻدرﻫﺎ«‬

‫أﯾﺿﺎ ﺣﺎزم اﻟﺑﺑﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.47‬‬


‫ﺟون ﻛﯾﻧﯾث ﺟﺎﻟﺑرت‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪ .65‬و أﻧظر ً‬
‫‪1‬‬

‫د‪ .‬ﺣﺎزم اﻟﺑﺑﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.46‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪38‬‬
‫و ﺑﻬذا ﻓﺎﻟﻧﺷﺎط اﻟوﺣﯾد اﻟﻣﻧﺗﺞ ﻫو اﻟزراﻋﺔ و أن ﻏﯾر ذﻟك ﻣﺟرد ﺗﺣوﯾل ﻋﻘﯾم ﻟﺻـورة اﻟﻣـﺎدة و‬
‫ﺟﻣﯾﻊ أﻧواع اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻷﺧرى اﻟﺧﺎرﺟﺔ ﻋن اﻟﻧﺷﺎط اﻟزراﻋﻲ ﻋﺎﺟزة ﻋن ﺧﻠق و إﻋطﺎء ﻗﯾﻣﺔ ﺟدﯾدة‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟزراﻋﺔ ﻫﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﻣﻧﺢ اﻹﻧﺳﺎن أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﯾﺣﺻل ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻬﺎ اﻟﻧﺷﺎط اﻟوﺣﯾد اﻟذي‬
‫ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﺧﻠق اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ و اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ﺗﻣﯾﯾز اﻟﻧﺷﺎط اﻟزراﻋﻲ ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن ﺻور اﻹﻧﺗﺎج ﻫو ‪:‬‬

‫» أن اﻟزراﻋﺔ ﻫﺑﺔ ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﺔ و ﯾؤدي ﺗﺿﺎﻓر ﺟﻬد اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻊ ﻋﻣل اﻟطﺑﯾﻌﺔ إﻟﻰ ﻧﺷوء ﻗﯾﻣﺔ ﺟدﯾدة ﻟم‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﻛن ﻣوﺟودة و ﻫﻲ اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ«‬

‫ب‪ -‬ﻣﺑدأ دوران اﻟﺛروة و ﺗوزﯾﻊ اﻟدﺧل ‪:‬‬


‫اﺳﺗﺧدم اﻟطﺑﯾﻌﯾون اﻟﺟدول اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻟﯾﺑﯾﻧوا ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗوزﯾﻊ اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ‪ ،‬ﻋﺑر ﻫذا اﻟﺟدول‪ ،‬اﻟذي‬
‫ﻗدﻣﻪ ﻓروﻧﺳوا ﻛﯾﻧﯾﻪ‪ ،‬و ﻛوﻧﻪ طﺑﯾب إﺳﺗطﺎع ﺗﺷﺑﯾﻪ اﻟدوران و ﺗوزﯾﻊ اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ داﺧل طﺑﻘﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫ﺑﺎﻟدورة اﻟدﻣوﯾﺔ داﺧل ﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻓوﺿﻊ اﻟﺟدول اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻋﻠﻰ ﻧﻣوذج اﻟدورة اﻟدﻣوﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻛﺗﺷﻔﻬﺎ‬
‫ﻫﺎرﻓﻲ ﻣﻧذ اﻟﻘرن اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻋﺷر‪.‬‬

‫و ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﺟدول اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻟﺑس ﺑﻧظرﯾﺔ ﻟﻠﺗوزﯾﻊ ﺑﺎﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻣﻌﺎﺻر إﻻ أﻧﻪ ﺣﺎول ﺗﻘدﯾم‬
‫ﺗﻔﺳﯾر ﻟدورة اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ ﺑﺎﻧﺗﻘﺎل اﻟدﺧول ﻣن طﺑﻘﺔ إﻟﻰ أﺧرى ‪:‬‬

‫و ﻗد ﻗﺳم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ ‪ :‬و ﺗﺷﻣل ﻛل اﻟﻌﻣﺎل اﻟزراﻋﯾﯾن اﻟذﯾن ﯾﻘوﻣون ﻋﻠﻰ ﺧﻠق اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﻣزارع‪.‬‬
‫ﻣﻛﺎﻧﺎ وﺳطًﺎ ﺑﯾن طﺑﻘـﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﯾـن و‬
‫‪ -2‬طﺑﻘﺔ ﻣﻼك اﻷراﺿﻲ )اﻟﻣﻼك اﻟﻌﻘﺎرﯾﯾن( ‪ :‬ﻫﺗﻪ اﻟطﺑﻘـﺔ ﺗﺣﺗل ً‬
‫اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻘﯾﻣﺔ و ﺑﺎﻟرﻏم ﻛم أن ﻫذﻩ اﻟطﺑﻘﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻣﻧﺗﺟﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﯾن رﺗﺑوا ﻋﻠﻰ دورﻫم أﻫﻣﯾﺔ‬
‫ﺧﺎﺻﺔ‪.‬‬
‫‪ -3‬اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻘﯾﻣﺔ ‪ :‬ﺗﺷﻣل ﻫذﻩ اﻟطﺑﻘـﺔ ﻛل اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﻐﯾر زراﻋﯾـﺔ‪ ،‬ﻣﺛل اﻟﻌﺎﻣﻠـون ﻓﻲ اﻟﺗﺟـﺎرة و‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺿﯾف إﻟﻰ اﻹﻧﺗﺎج اﻟﺻﺎﻓﻲ ﺷﻲء و ﺑﻬذا وﺻﻔت ﺑﺎﻟﻌﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬

‫د‪ .‬ﺣﺎزم اﻟﺑﺑﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.46‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.47‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪39‬‬
‫ﺗﺗﻣﺛل وظﯾﻔﺔ اﻟﺟدول اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻓﻲ ﺗﺑﯾﺎن ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗداول اﻹﻧﺗﺎج اﻟﺻﺎﻓﻲ ﺑﯾن اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﺛﻼث و ﻟﺗوﺿﯾﺢ‬
‫ذﻟك ﺿرب ﻟﻧﺎ ﻓروﻧﺳوا ﻛﯾﻧﯾﻪ أﻣﺛﻠﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﻟﺗﺑﺳﯾط ﻋرض ﻫذﻩ اﻟدورة وﻓق اﻹﻓﺗراﺿﺎت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫* اﻟزراﻋﺔ ﺗﻧﺗﺞ ﻣﺎ ﻗﯾﻣﺗﻪ ‪ 05‬ﻣﻠﯾﺎر ﻓرﻧك‪.‬‬


‫* ﺗﺣﺗﻔظ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟزراﻋﯾﺔ ﺑـ ‪ 02‬ﻣﻠﯾﺎر ﻟﻧ ﻔﻘﺎﺗﻬم اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ و ﺗﺳدﯾد ﺗﻛﻠﻔﺔ اﻹﻧﺗﺎج‬
‫اﻟزراﻋﻲ‪.‬‬
‫* ‪ 03‬ﻣﻠﯾﺎر ﻓرﻧك اﻟﻣﺗﺑﻘﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر اﻟرﯾﻊ اﻟﺻﺎﻓﻲ ﻓﺈن دورﺗﻬﺎ ﺗﺗم ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ اﻟﺗﺎﻟﻲ ‪:‬‬
‫* ‪ 01‬ﻣﻠﯾﺎر ﻓرﻧك ﯾﻧﻔﻘﻪ ﻋﻣﺎل اﻟﻣزارع ﻟﺷراء ﻣﻧﺗﺟﺎت ﻣن اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻘﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﺻورة ﺳﻠﻊ ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ و‬
‫ﺧدﻣﺎت ﺗﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾدﻓﻌون ﻣﺑﻠﻎ ‪ 02‬ﻣﻠﯾﺎر ﻓرﻧك ﻟطﺑﻘﺔ ﻣﻼك اﻷراﺿﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﻛراء اﻷراﺿﻲ ﻟﻺﻧﺗﺎج‪.‬‬

‫* طﺑﻘﺔ ﻣﻼك اﻷراﺿﻲ ‪:‬‬


‫ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟطﺑﻘﺔ ﺑﺗوزﯾﻊ دﺧﻠﻬﺎ اﻟﻣﻘدر ﺑـ ‪ 02‬ﻣﻠﯾﺎر ﻓرﻧك اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺻﻠت ﻋﻠﯾﻪ ﻣن طﺑﻘﺔ ﻣﻼك‬
‫اﻷراﺿﻲ وﻓق ﻣﺎﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫‪ -‬ﺗﻧﻔق واﺣد ﻣﻠﯾﺎر ﻋﻠﻰ ﺷراء اﻟﺳﻠﻊ اﻟزراﻋﯾﺔ ﻣن اﻟﻣزارﻋﯾن‪.‬‬


‫‪ -‬ﺗﻧﻔق اﻟﻣﻠﯾﺎر اﻟﻣﺗﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺷراء ﺳﻠﻊ ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻣن اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻘﯾﻣﺔ و ﺑﻣﺟرد ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺣﺳﺎﺑﯾﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﺗﻛون‬
‫اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻘﯾﻣﺔ ﻗد ﺣﺻﻠت ﻋﻠﻰ ‪ 02‬ﻣﻠﯾﺎر )واﺣد ﻣﻠﯾﺎر ﻓرﻧك ﻣن اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ و واﺣد ﻣﻠﯾﺎر ﻣن طﺑﻘﺔ‬
‫ﻣﻼك اﻷراﺿﻲ(‪.‬‬

‫* اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻘﯾﻣﺔ ‪:‬‬


‫ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟطﺑﻘﺔ ﺑﺗوزﯾﻊ اﻟﻣداﺧﯾل اﻟﻣﺗﺣﺻل ﻋﻠﯾﻬﺎ و اﻟﻣﻘدرة ﺑـ ‪ 02‬ﻣﻠﯾﺎر ﻋﻠﻰ ﺷراء ﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎﺟﻪ ﻣن‬
‫ﻣﻧﺗوﺟﺎت زراﻋﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﺑذﻟك » ﯾﻌود ﻣن ﺟدﯾد ﻛل ﻗﯾﻣﺔ اﻹﻧﺗﺎج اﻟزراﻋﻲ إﻟﻰ طﺑﻘﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﯾن و ﻫﻛذا ﺗﺗم اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ‬
‫ﺑﺄن ﺗﻌود إﻟﻰ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻲ ﺑدأت ﻣﻧﻬﺎ«‬

‫‪1‬‬
‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ اﻓﺗرﺿﺎت ﻛﯾﻧﯾﻪ‬
‫و ﻟﺗوﺿﯾﺢ ذﻟك ﻧﺣﺎول رﺳم اﻟﺟدول اﻟﺗﺎﻟﻲ ً‬

‫ﺳﻛﯾﻧﺔ ﺑن ﺣﻣود‪ ،‬دروس ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﺎﯾﺳﻲ‪ ،‬دار اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻹﻋﻼم‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،2006 ،‬ص ‪.70‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪40‬‬
‫اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ‬
‫‪ 2‬ﻣﻠﯾﺎر‬ ‫‪ 1‬ﻣﻠﯾﺎر‬
‫‪ 2‬ﻣﻠﯾﺎر‬
‫‪ 1‬ﻣﻠﯾﺎر‬ ‫‪ 2‬ﻣﻠﯾﺎر‬

‫اﻟطﺑﻘﺔ ﻣﻼك اﻷراﺿﻲ‬ ‫اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻘﯾﻣﺔ‬


‫‪ 1‬ﻣﻠﯾﺎر‬

‫وﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن ﺗﺣﻠﯾل ﻓروﻧﺳوا ﻛﻧﯾﻪ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻟﻧﻣوذج ﺗﺟدداﻹﻧﺗﺎج‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﻣﺛل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﯾوﺻف ﻫذا اﻟﻧﻣوذج ﻟﻺﻧﺗﺎج ﺑﺎﻟﺑﺳﺎطﺔ‪ ،‬ﻛون أن اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻹﺟﻣﺎﻟﻲ ﯾﺑﻘﻰ ﺛﺎﺑت دون زﯾﺎدة ﺧﻼ ًﻓﺎ ﻟﻠﻔﺗرات‬
‫اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗﺣﻠﯾل ﺗﺣﻠﯾﻼ ﺟﻣﺎﻋﯾﺎ‪ ،‬إذ ﯾﺷﻣل ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺑﯾن وﺣدات ﻛﺑﯾرة‪.‬‬
‫‪ -3‬اﻟﺗﺣﻠﯾل ﯾﺗم ﻓﻲ ﺻور ﻋﯾﻧﯾﺔ و ﻧﻘدﯾﺔ ﻓﻲ آن واﺣد‪.‬‬
‫‪ -4‬ﯾﺗﺟﺎوز اﻟﺗﺣﻠﯾل ﺷﻛل اﻟوﺻف و إﻧﻣﺎ ﺗﺣﻠﯾل ﺗﺄﺻﯾﻠﻲ ﯾﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺻدر اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻹﺟﻣﺎﻋﻲ و اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ‬
‫اﻟﺗﻲ ﯾﺗوزع ﺑﻬﺎ‪.‬‬

‫ﺧﺎﻣﺳﺎ ‪ :‬وظﯾﻔﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬

‫اﻟدﻋوة إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق اﻟﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﯾﺳﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ اﻹﺑﺗﻌﺎد اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ و ﻋدم اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬و ﻟﻬذا ﺣﺻر اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون و طﺑﻘﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ دور اﻟﺣﺎرس ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗطﺑﯾق ﻗواﻧﯾن اﻟطﺑﯾﻌﺔ و ﺗﺟﺳﯾدﻫﺎ ﻟﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻧﺷﺎطﻬـم اﻹﻗﺗﺻـﺎدي و ﻫﻧﺎ‬
‫ﺗﻛﻣن وظﯾﻔﺔ اﻟﺟﯾش و اﻟﺷرطﺔ‪ ،‬أي ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ و اﻟﺳﻬر ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺔ اﻟﻣواطﻧﯾن‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﻟﻠدوﻟﺔ‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.53‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪41‬‬
‫ﺣق اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ إﻧﻬﺎء اﻟﺛروة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ و إﻧﺷﺎء اﻹﺳﺗﺛﻣﺎرات اﻟﻘﺎﻋدﯾﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺳﻬﯾل اﻹﻧﺗﺎج‬
‫‪1‬‬
‫اﻟزراﻋﻲ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺿراﺋب اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ اﻟدوﻟ ﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﺣﺳﺑﻬم )اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون( ﺗﻔرض ﻓﻘط ﻋﻠﻰ طﺑﻘﺔ‬
‫اﻟﻣﻼك اﻟﻌﻘﺎرﯾﯾن دون ﺳواﻫﺎ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟدوﻟﺔ ﺗﻌﻔﻲ ﻛل ﻣن اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ و اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻘﯾﻣﺔ ﻣن دﻓﻌﻬﺎ‬
‫ﻷن اﻟﺟزء اﻟذي ﺗﺗﺣﺻل ﻋﻠﯾﻪ ﻫذان اﻟطﺑﻘﺗﺎن ﻫو ﻣن أﺟل اﺳﺗﻣرار ﻣﻌﯾﺷﺗﻬﺎ و ﺗﺣدﯾد ﻋﻣﻠﯾﺔ إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ و‬
‫ﻟﻠﺿرﯾﺑﺔ ﻫدف أﺳﺎﺳﻲ ﻫو ‪:‬‬

‫» إﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ و اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘرارﻩ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت و ذﻟك‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﺗﻬﯾﺋﺔ اﻟظروف اﻟﻼزﻣﺔ ﻟذﻟك«‬

‫ﺳﺎدﺳﺎ ‪ :‬اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟدى اﻟﻔزﯾوﻗراط‪.‬‬

‫طﺎﻟب اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون ﺑﺣرﯾﺔ ﺗﺻدﯾر اﻟﺣﺑوب إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج‪ ،‬ﺑﻬدف ﺗوﺳﯾﻊ داﺋرة دوران اﻟﺛورة ﻷن‬
‫اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ ﺗﺧﻠق ﺛورة ﻋﻛس اﻟﻣﺑﺎدﻻت اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻘق رﺑﺢ و ﻟﯾس ﺛروة‪ .‬أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص‬
‫اﻟرﺳوم اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻣن اﻟﺧﺎرج‪ .‬ﻓﯾؤﻛد اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﯾن أﻧﻬﺎ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻫل‬
‫اﻟﻣﺳﺗورد ﻓﻲ اﻟداﺧل ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻛﺛﯾر اﻟﻠذﯾن ﯾﻠزﻣوﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗورد اﻷﺟﻧﺑﻲ و ﯾرﺟﻌون اﻟﺳﺑب ﻓﻲ أن‬
‫اﻟﺑﻠدان اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ ﻻ ﺗﺑﯾﻊ إﻻ ﺑﻧﻔس اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺑل اﻟدول اﻷﺧرى دﻓﻌﻬﺎ و ﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟرﺳوم اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ‬
‫‪3‬‬
‫ﺗﺿﺎف إﻟﻰ اﻟﺳﻌر اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠﺳﻠﻌﺔ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﯾزان اﻟﺗﺟﺎري و ﻣطﺎﻟﺑﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾون ﺑﺄن ﯾﻛون راﺟﻊ ﻓﺈن اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﯾن ﯾﻧﺗﻘدون ﻫذﻩ‬
‫اﻟﻔﻛرة‪ ،‬و ﯾﻌﺗﺑرون أن ﺳﯾﺎﺳﺔ ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﺻﺎدرات و اﻟﺣد ﻣن اﻟواردات ﻣن أﺟل ﺗدﻓق اﻟﻧﻘد ﻣن اﻟدول‬
‫‪4‬‬
‫اﻷﺧرى ﺗؤدي إﻟﻰ اﻟﻌﺟز اﻟﺑﻠد اﻷﺟﻧﺑﻲ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺗوﻗف اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺟﺎري و اﻟذي ﻟﻪ أﺿرار إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺳﺎﺑﻌﺎ ‪ :‬ﺗﻘﯾﯾم أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ‪.‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣﺎروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪ ،102-101‬ﻧﻘﻼ ﻋن ‪ :‬اﺳﻣﺎﻋﯾل ﺳﻔر ﻋﺎرف دﻟﯾﻠﺔ‪ ،‬ﺗﺎرﯾﺦ اﻷﻓﻛﺎر‬ ‫‪1‬‬

‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻛﺗﺎب‪ ،‬دﻣﺷق‪ ،‬ﺳورﯾﺎ‪ ،‬ط‪ ،1995 ،5‬ص ‪.05‬‬


‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.102-100‬‬ ‫‪2‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.102-100‬‬ ‫‪3‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.102-100‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪42‬‬
‫ﺑﻌد اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻛﺎر و اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣدرﺳﺔ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ ﯾﻣﻛن اﻟﺧروج ﺑﺟﻣﻠﺔ ﻣن‬
‫اﻟﻣﻼﺣظﺎت ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺗﻌﺗﺑر أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ أول ﻣن ﺣرر ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻣن ﺻﻔﺔ اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﻟﻠدﯾن و اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ و ﻣن‬
‫ﺻﻔﺔ اﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺔ‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻹﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻘطﺎع اﻟزراﻋﻲ و اﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻟﻘطﺎع اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﯾﺧﻠق اﻟﺛورة ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻬﺎ أﻋطت أﻫﻣﯾﺔ ﻟﻺﻧﺗﺎج‬
‫و ﺻﺣﺣت ﻣﻔﻬوم اﻟﺛورة اﻟذي ﻟم ﯾﻌد ﯾﻧظر إﻟﯾﻬﺎ ﺑﻛﻣﯾﺎت اﻟﻧﻘود و إﻧﻣﺎ ﺑﻛﻣﯾﺎت اﻹﻧﺗﺎج‪.‬‬
‫‪ -3‬أول ﻣن دﻋﻰ إﻟﻰ اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻔردﯾﺔ أول ﻣن أﺳس ﻟﻠﻣذﻫب اﻟﻔردي‪.‬‬
‫‪ -4‬أول ﻣن أﻋطﻰ ﻓﻛرة ﻋن دورة اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻛﻠﻲ و ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗوزﯾﻌﻪ ﺑﯾن اﻟطﺑﻘﺎت ﻋﺑر ﺑﻧﺎء ﺟدول‬
‫‪1‬‬
‫إﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬
‫‪ -5‬اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ طرح أﻓﻛﺎرﻫم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﺗوظﯾﻔﻬم ﻟﻠﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺟرﯾﺑﻲ و ﺧﺎﺻﺔ ﻣن ﻗﺑل‬
‫‪2‬‬
‫ﻓروﻧﺳواﻛﯾﻧﯾﺔ اﻟذي ﺷﺑﻪ دوران اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﺑدوران اﻟدم ﻓﻲ اﻟﺟﺳم اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬
‫‪ -6‬إﻋﺗﺑﺎر اﻟزراﻋﺔ وﺣدﻫﺎ اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻣﻧﺗﺞ‪ ،‬أﻟﻐﻰ ﻛل اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻷﺧرى ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج ﻣﺛل اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ‬
‫و اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬و اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻫﻲ اﻷﺧرى ﻣﻧﺗﺟﺔ ﻛوﻧﻬﺎ ﺑﺧﻠق ﻣﻧﺎﻓﻊ و ﺗزﯾدﻫﺎ و ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻋدم ﺻﺣﺔ‬
‫ﻧظرﯾﺗﻬم ﻓﻲ اﻟﺿرﯾﺑﺔ اﻟواﺣدة اﻟﺗﻲ ﺗﻔرض دﺧول اﻟﻣزارﻋﯾن‪.‬‬
‫‪ -7‬اﻹﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠ ﻰ ﻧظﺎم اﻟﺿرﯾﺑﺔ اﻟوﺣﯾدة و ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺷﺎط اﻟزراﻋﻲ وﺣدﻩ ﻻ ﯾﺣﻘق اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻲ ﺗوزﯾﻊ‬
‫اﻷﻋﺑﺎء اﻟﺿرورﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل أﻧواع اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻫذا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ اﻹﻗﺗﺻﺎر‬
‫ﻋﻠﻰ ﺿرﯾﺑﺔ واﺣدة ﻟﺗﻣوﯾل ﻛل اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﻣﺗزاﯾدة ﺑﺎﺳﺗﻣرار‪.‬‬
‫‪ -8‬اﻟدﻋوة إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق ﻗواﻧﯾﻧﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن ﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن ﻫﻲ ﻣن ﺗﺣﻛم اﻟظواﻫر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫أﻣر ﯾﺧﺎﻟف اﻟواﻗﻊ‪ ،‬ﻷن اﻟظواﻫر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﺗﻐﯾر و ﺗﺗطور ﻋﻠﻰ ﺣﺳب اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛﻣﻬﺎ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫رﺳم ﻣﻔﺻل ﻟﻠﺟدول اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻟﻔرﻧﺳوا ﻛﯾﻧﯾﻪ‬

‫ﺧﺑﺎﺑﺔ ﻋﺑد اﷲ‪ ،‬ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﺎم ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﺗﺳﯾﯾر و اﻟﻌﻠوم اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد‬ ‫‪1‬‬

‫ﺑوﺿﯾﺎف‪ ،‬اﻟﻣﺳﯾﻠﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،2019/2018 ،‬ص ‪.14‬‬


‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.102‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺧﺑﺎﺑﺔ ﻋﺑد اﷲ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪14‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪43‬‬
1
https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js

44
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺳﺎدﺳﺔ‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﻗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‬

‫‪45‬‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﻗﺻﺎد اﻟﺳﺎﯾﺳﻲ‬

‫ﻻﺣﻘﺎ ﻗﺑل ﻣﺟﻣوﻋﺔ‬


‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون أول ﻣن وﺿﻊ اﻷﺳﺎس ﻟﻘﯾﺎم اﻟﻧظرﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻲ ظﻬر ً‬
‫ﻣن اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻹﻗﺻﺎدﯾﯾن ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن ‪ 18‬و ﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن ‪ 19‬و اﻟﻠذﯾن ﻗدﻣوا ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬و ﻣﻣﺎ ﯾﻣﯾز أﻓﻛﺎر ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ أﻧﻬﺎ ﺣﺎوﻟت ﺗﻘدﯾم أﻓﻛﺎر إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﻧﺳﺟﻣﺔ و ﻣﺗﻧﺎﺳﻘﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟﻣدارس اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﺗرة و ﻟﻠﺗطرق إﻟﻰ أﻫم اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ طرﺣﺗﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ‪ ،‬ﻻﺑد ﻣن‬
‫دراﺳﺔ أﻫم اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ أﻫم روادﻫﺎ‪.‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬أﻫم ﻣﻔﻛري اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ -1‬أدم ﺳﻣﯾث )‪: (1790-1723‬‬

‫أ‪ -‬اﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺷﺧﺻﯾﺔ آدام ﺳﻣﯾث ‪:‬‬


‫آدم ﺳﻣﯾث ﻓﯾﻠﺳوف و إﻗﺗﺻﺎدي أﺳﻛﺗﻠﻧدي ﻣﺷﻬور ﺑﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟذي ﯾﻌرﻓﻪ أﻏﻠب اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن‬
‫اﻟﻣﻌﻧون ﺑـ » ﺑﺣث ﻓﻲ طﺑﯾﻌﯾﺔ و أﺳﺑﺎب ﺛورة اﻷﻣم اﻟذي أﻟﻔﻪ ﺳﻧﺔ ‪ ،1776‬ﻋﻣل أﺳﺗﺎذا ﻟﻠﻣﻧطق و‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻼﺳﻛو«‪ 1‬ﻣﻣﺎ ﺳﻬل ﻟﻪ ﻓرﺻﺔ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣواﺿﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻋدة‬
‫ﻣرات ﻣﻊ اﻟﻔﯾﻠﺳوف داﻓﯾدﻫﯾوم‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﺳﻧﺣت ﻟﻪ اﻟﻔرﺻﺔ ﺑﺎﻻﻟﺗﻘﺎء ﺑزﻋﯾم اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ ﻗزوﻧﺳوا ﻛﯾﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟذي ﺗواﻓق ﻣﻌﻪ ﻓﻲ‬
‫أﻏﻠب طروﺣﺎﺗﻪ ﻋدى إﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ﻣن اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﻘﯾﻣﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺧﻠق ﺛروة‪.‬‬

‫ﻟﻪ ﻋدة ﻣؤﻟﻔﺎت ﻧذﻛر ﻣﻧﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ -‬ﻛﺗﺎب ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺷﺎﻋر اﻟﺧﻠﻔﯾﺔ ﺳﻧﺔ ‪.1759‬‬


‫‪ -‬ﻛﺗﺎب ﺛروة اﻷﻣم اﻟﺷﻬﯾر ﺳﻧﺔ ‪.1776‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.54‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪46‬‬
‫ﻛرم ﻓﻲ ﻋدة ﺟﺎﻣﻌﺎت أوروﺑﯾﺔ‪ ،‬و ﺗرﺟم ﻣؤﻟﻔﻪ اﻟﺷﻬﯾر إﻟﻰ ﻋدة ﻟﻐﺎت‪ ،‬ﺗوﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1790‬و دﻓن ﻓﻲ‬
‫ﺣوش ﻛﺎﻧو ﻧﺟﯾت ﺣﯾث ﻛﺗب ﻋﻠﻰ ﻗﺑرﻩ اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪» :‬ﻫﻧﺎ رﻗد آدم ﺳﻣﯾث ﻣؤﻟف ﻛﺗﺎب ﺛورة ﺷﻌوب‬
‫‪1‬‬
‫اﻷﻣم«‬

‫‪ -2‬داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو )‪: (1823-1772‬‬

‫ﯾﻧﺣدر داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﻣن أﺳرة ﯾﻬودﯾﺔ إﺳﺑﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻟد ﻓﻲ ﻟﻧدن ﺳﻧﺔ ‪ ،1772‬اﺷﺗﻐل ﺑﺄﻋﻣﺎل اﻷوراق‬
‫أرﺿﺎ‪،‬‬
‫اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣﺛل واﻟدﻩ‪ ،‬ﻋرف ﻋﻧﻪ دﻗﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر و ﻗدرﺗﻪ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﻧطﻘﻲ‪ .‬ﻛون ﺛروة اﺷﺗرى ً‬
‫و دﺧل اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻛﺗب ﻋدة ﻣؤﻟﻔﺎت أﻫﻣﻬﺎ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و اﻟﺿراﺋب ﺳﻧﺔ ‪ ،1817‬و ﻛوﻧﻪ ﻟم ﯾﺷﺗﻐل‬
‫ﻓﻲ ﻣﻬﻧﺔ اﻟﺗدرﯾس‪ ،‬ﺗﻣﯾزت ﻛﺗﺎﺑﺎﺗﻪ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺻﻌﺑﺔ و ﻣوﺟﻬﺔ أﺳﺎﺳﺎ ﻟﻠﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻷﻧﻪ ﻋﺎش وﺳط اﻷﻋﻣﺎل و‬
‫ﻣﻊ ﻛل ذﻟك ﻓﻘد إﻣﺗﺎز أﺳﻠوﺑﻪ ﺑﺎﻟدﻗﺔ و اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن أﺳﻠوب آدم ﺳﻣﯾث اﻟﻣرﺳل‪ .‬ﻓﻲ ﻋرض أﻓﻛﺎرﻩ‬
‫إﺳﺗﺧدم طرﯾﻘﺔ اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻋن طرﯾق اﻻﺳﺗﻧﺑﺎط اﻟﻣﻧطﻘﻲ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﻗﺎد ﺑﻪ إﻟﻰ أﺳﻠوب ﻣﺟرد ﯾﺻﻌب ﻓﻬﻣﻪ ﻟدى‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻛﺛﯾر‪.‬‬

‫‪ -3‬روﺑرت ﺗوﻣﺎس ﻣﺎﻟﺗوس ‪.(1834-1766) :‬‬

‫وﻟد ﺗوﻣﺎس روﺑرت ﻣﺎﻟﺗوس ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار ﻓﻲ ‪ 14‬ﻓﺑراﯾر ‪ 1766‬و ﺗوﻓﻲ ﻓﻲ ‪ 23‬دﯾﺳﻣﺑر ‪،1834‬‬
‫ﻗﺳﯾﺳﺎ‬
‫ً‬ ‫ﺗﺣدﯾدا ﻓﻲ ﻛﻠﯾﺔ ﯾﺳوع‪ ،‬ﻛﻣﺎ درس اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت‪ ،‬ﺑدأﺣﯾﺎﺗﻪ اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ‬
‫ً‬ ‫درس اﻟﻼﻫوت ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻣﺑردج و‬
‫ﻓﻲ اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ ﺗم ﺗﺣوﯾل إﻟﻰ ﺗدرﯾس ﻣﺎدة اﻟﺗﺎرﯾﺦ و اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟدﯾﻣوﻏراﻓﯾﺎ‪.‬‬

‫ﻋﺎش ﺗوﻣﺎس روﺑرت ﻣﺎﻟﺗوس ﻓﻲ ﻏرب أوروﺑﺎ ﻓﻲ ﻋﺻر ﻋرﻓت ﻓﯾﻪ أوروﺑﺎ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﺗﻐﯾرات‬
‫إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﻫزات إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل ﺗراﺟﻊ ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻧﻣو‪ ،‬و ﻗد ﻛﺎن ﻟﻬذا اﻟوﺿ ـﻊ اﻟذي ﻋﺎﺷـﻪ و‬
‫اﺳﺗﺷﻔﻪ ﺑﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ أﻓﻛﺎرﻩ و إﻧﺗﺎﺟﻪ اﻟﻔﻛر و ﻣن أﺷﻬر ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ ﻛﺗﺎب اﻟﻣﻌﻧون ﺑـ ﺑﺣث ﺣول ﻣﺑدأ اﻟﺳﻛﺎن‬
‫اﻟﺗﻲ أﺻدرﻩ ﺳﻧﺔ ‪ 1803‬و ﻫو اﻟﻛﺗﺎب اﻟذي ﺿﺎع ﻓﯾﻪ ﻣﺎﻟﺗوس ﻧظرﯾﺗﻪ اﻟﺷﻬﯾرة ﺣول اﻟﺳﻛﺎن‪.‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪ ،110‬ﻧﻘﻼ ﻋن روﺑر ﻫﯾﻠﯾروﻧر‪ ،‬ﻗﺎدة اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬اﻟﺗرﺟﻣﺔ راﺷد اﻟﺑراوي‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،1961 ،‬ص ‪.45‬‬


‫ﺣﺎزم اﻟﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.64-63‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -4‬ﺟون ﺑﺎﺗﯾﺳت ﺳﺎي )‪(1832-1767‬‬

‫ﺟون ﺑﺎﺗﯾﺳت ﺳﺎي إﻗﺗﺻﺎدي و رﺟل أﻋﻣﺎل ﻓرﻧﺳﻲ‪ ،‬وﻟد ﻓﻲ ‪ 05‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 1767‬ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﻟﯾون‬
‫اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ‪ ،‬أﺷﺗﻬر ﺟون ﺑﺎﺳﯾﺳت ﺳﺎي ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ّﻋرف ﺑﺈﺳﻣﻪ و ﻫو ﻗﺎﻧون اﻟﻣﻧﺎﻓذ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﺷﻬﯾر‬
‫اﻟﻣﻌﻧون ﺑـ ‪ :‬دروس ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻋرض ﻋﺑرﻩ ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺳط ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺷﻛﯾل و ﺗوزﯾﻊ و ﺗﻛوﯾن‬
‫اﻟﺛروات و اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻣن أﻫم اﻟﻣرﺟﻊ اﻟراﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﻫذا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻟﻛﺗب‬
‫أﻫﻣﻬﺎ ‪ :‬اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻣﻌﻧون ﺑـ ‪ :‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟذي أﺻدرﻩ ﺳﻧﺔ ‪ 1815‬و ﻛﺗﺎب اﻟدروس اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺗطﺑﯾﻘﻲ ﻋﺎم ‪ 1828‬و ‪.1829‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ظﻬرت ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻋرﻓت اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ ظﻬرت ﻓﯾﻬﺎ أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﺑﺎﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -1‬إﻧﺗﺻﺎر اﻟﻧظرة اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و ﺣﻠوﻟﻬﺎ ﻣﺣل اﻟﻧظرة اﻟدﯾﻧﯾﺔ ‪:‬‬
‫ﺑﺣﯾث أن ﻓﻼﺳﻔﺔ ﻋﺻر اﻟﺗﻧوﯾر اﻟﻌﺻر اﻟذي ﺑدأت ﺗظﻬر ﻓﯾﻪ أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧوا‬
‫ﯾرﯾدون أن ﯾﻌﯾدوا ﻟﻠﻔﻠﺳﻔﺔ ﻗﯾﻣﻬﺎ ﻣن أﺟل أن ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻌﻘل ﻫو اﻟﺳﯾد و ﻟﯾس ﺗراث اﻟﻘداﻣﻰ اﻟذي ﯾﻔرض‬
‫ﻧﻔﺳﻪ ﻣن ﻓوق‪ ،‬وﻟم ﯾﻌودوا ﯾﻘﺑﻠون أي ﺷﻲء إﻻ ﺑﻌد وﺿﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺣك اﻟﻌﻘل و ﻛﺷف اﻟﻣﺳﺑﺑﺎت اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺗﻲ أدت إﻟﻰ ذﻟك و اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻼﻫوﺗﯾﺔ اﻟﻐﯾﺑﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺟزات‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﺛورة اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ‪:‬‬


‫ﺳﺎﻫم اﻟﺗطور اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﻋرﻓﺗﻪ أوروﺑﺎ اﻟﻐرﺑﯾﺔ و ﺧﺎﺻﺔ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺗﻲ اﻧﺗﻘﻠت‬
‫ﻣن وﺳﺎﺋل ﺣرﻓﯾﺔ ﺑﺳﯾطﺔ إﻟﻰ آﻻت ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﺗوظف ﻓﻲ ﻋدة ﻗطﺎﻋﺎت ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ و زراﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺳﺎﻫم ﻓﻲ‬
‫ا زدﻫﺎر و ﺗطور اﻟﻣدن و طرق اﻟﻣواﺻﻼت‪ ،‬و ﺗﺣﺳﯾن اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻌﯾﺷﻲ ﻟﻸﻓراد‪ ،‬و إﻗﺑﺎﻟﻬم ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺗﺟﺎت‬
‫اﻟﻣﺻﻧﻌﺔ‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻬﺎ أدت إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن ﻧﺳﺑﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣن اﻟﯾد اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻌﻣل ﻓﻲ‬
‫اﻟﻧﺷﺎط اﻟزراﻋﻲ‪ ،‬ﺣﯾث اﺗﺟﻬت ﻓﺋﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣﻧﻬم إﻟﻰ اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ‪ .‬و ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ »ﻧﺷﺄت طﺑﻘﺔ‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻫﺎﺷم ﺻﺎﻟﺢ‪ ،‬ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﺗﻧوﯾر اﻷوروﺑﻲ‪ ،‬دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ ﻛﺎﻟطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺳﺑﺗﻣﺑر ‪ ،2005‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪.221‬‬
‫‪48‬‬
‫ﻋﺎﻣﻠﺔ ﺣول اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ و ظﻬرت ﺣرف ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ و ﺑدأ اﻟواﻗﻊ اﻟﺟدﯾد ﯾﺗﻐﯾر ﺑﺷﻛل ﻣﻠﻣوس أﻧﻣﺎط‬
‫اﻟﻌﯾش و ﻋﺎدات اﻟﻧﺎس و أﺧذ ﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻣدن ﻓﻲ اﻟﺗﺑدل ﻓﺄﺻﺑﺢ ﻣﻌﯾﺎرﻩ اﻷﺳﺎﺳﻲ وﺟود ﻣﺻﺎﻧﻊ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺑﺎﺗت ﺗﻣﯾز اﻟﺣواﺿر اﻟﻛﺑرى ﻋن اﻟوﺳط اﻟﻘروي اﻟذي ﻛﺎن أﻏﻠﺑﻪ ﻻ ﯾزال ﯾﻌﯾش ﻋﺻر ﻣﺎ ﻗﺑل‬
‫اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ«‪ ،1‬ﻓﻠﯾس ﻣن اﻟﻐرﯾب أن ﺗظﻬر أﻓﻛﺎر إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﻧظر ﻟﻬذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -3‬اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ‪:‬‬
‫ﻋﻣﻠت ﻣﺑﺎدئ اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯾﯾر اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﻌﯾﺷﻬﺎ اﻟﻔرد اﻷوروﺑﻲ‪ .‬ﻓﻘد‬
‫ﺗﻣﻛﻧت اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻣن ﻏرس ﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﺣرﯾر و ﻣﺑدأ ﺣرﯾﺔ اﻟﻔرد ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣﯾﺎة ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﺣرﯾﺔ‬
‫اﻟﻧﺷﺎط اﻻﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -4‬اﻧﺗﺷﺎر ﻓﻛرة اﻟﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ و اﻟﻧظرة اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻠﻛون ‪:‬‬

‫ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾق ﻓﻛرة اﻟﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻋﻠﻰ اﻟظواﻫر اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺑﺧﺿوﻋﻬﺎ ﻟﻧﻔس اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺿﻊ‬
‫ﻟﻬﺎ اﻟﻛون‪ ،‬و ﻫﻲ ﻗواﻧﯾن ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺎدﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ و داﺋﻣﺔ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﯾﻣﻛن اﻛﺗﺷﺎﻓﻬﺎ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬ﻣﺑﺎدئ و ﻧظرﯾﺎت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻣﺑﺎدئ و رﻛﺎﺋز اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﻫﻧﺎك ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻧدت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾرﻫﺎ ﻟﻠظواﻫر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﻔﻛرة اﻟﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﻲ ‪:‬‬


‫ﯾﻌﺗﻘد رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ أن اﻟظواﻫر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻫﻲ اﻷﺧرى ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻘواﻧﯾن ﻣوﺿوﻋﯾﺔ و ﻣﺎدﯾﺔ‬
‫ﻧظﺎﻣﺎ إﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ ﺛﺎﺑﺗًﺎ ﻻ ﯾﺗﻐﯾر اﻟزﻣﺎن‪.‬‬
‫ً‬ ‫أزﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻻ ﺗﺗﻐﯾر و ﻟﻬذا ﻓﺎﻟظﺎﻫرة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﻛون‬
‫ب‪ -‬ﻫدف ﻛل اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ إﻟﻰ اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺑﺣﺗﺔ ﺗﻔﺳر اﻟظﺎﻫرة‬
‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻬدف اﻟﻌﻠﻣﻲ ﺗﺟد أﻏﻠب‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬و ﺗﻔﺳر اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟظﺎﻫرة‪ ،‬و ً‬

‫اﻟﺛورة اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻣن اﻟﻣوﻗﻊ ‪ ، www.mormal.no :‬أﺧر زﯾﺎرة ‪.2019/11/24‬‬ ‫‪1‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣﺎروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.109-108‬‬ ‫‪2‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣﺎروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.109-108‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪49‬‬
‫رواد ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﻣظﻬر اﻟﻛﻣﻲ ﻟﻠظواﻫر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﺳﺗﺧدﻣﯾن طرﯾﻘﺔ اﻟﺗﺟرد ذات اﻟطﺑﯾﻌﺔ‬
‫‪1‬‬
‫اﻹﺳﺗﻘراﺋﯾﺔ‪ ،‬اﻻﺳﺗﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬
‫ج‪ -‬ﯾﻘوم رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ اﻟظواﻫر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ ﺣﯾث أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫وﻓﻘﺎ ﻟوظﺎﺋﻔﻬﺎ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻛون ﻣن ﺛﻼث طﺑﻘﺎت ﻣﺣددة ً‬
‫د‪ -‬ﯾﻘﺳم اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾون اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ طﺑﻘﺎت ﻫﻲ ‪:‬‬
‫‪ -‬اﻟطﺑﻘﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﻛﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟطﺑﻘﺔ اﻷرﺳﺗﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠك اﻷراﺿﻲ اﻟزراﻋﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗﺑﯾﻊ ﻗوة ﻋﻣﻠﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻫـ ‪ -‬ﯾرﻛز اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ ﻓﻲ ظل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺗﺳود ﻓﯾﻪ اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ اﻟﺗﺎﻣﺔ و اﻟﺗﻲ ﺑدورﻫﺎ ﺗﺣﻘق‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﺗوازن‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻧظرﯾﺎت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﻌددت ﻧظرﯾﺎت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﺑﺗﻌدد ﻣﻔﻛرﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﻗد ﺗوﺻل اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾون إﻟﻰ ﺑﻧﺎء ﻣﺟﻣوﻋﺔ‬
‫ﻣن اﻟﻧظرﯾﺎت ﺗﻣﺛل اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻌﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﻣﺎﻣﺎ‪،‬‬
‫اﻋﺗﺑر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾون أن اﻟﻌﻣل ﻫو اﻟﻣﻘﯾﺎس اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ اﻟذي ﺗﻘﺎس ﺑﻪ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ً‬
‫ﺑﻣﺎ أﻗر ﺑﻪ اﻟﺗﺟﺎرﯾون و اﻋﺗﺑﺎر أن ﻣﺻدر اﻟﺛروة ﻫو أﺳﻼك اﻟﻣﻌدن اﻟﻧﻔﯾس و ﻋﻛس اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾون اﻟذﯾن‬
‫اﻋﺗﺑروا أن ﻣﺻدر اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻫو اﻷرض و ﻣﺎ ﺗﻧﺗﺟﻪ ﻣن ﺳﻠﻊ‪ ،‬و ﻟﻘد رأى أدم ﺳﻣﯾث »أن ﺧﻠق اﻟﺛورة‬
‫اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻻ ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﻫﯾﺋﺔ ﺳﺑﺎﺋك ﻣن اﻟذﻫب و اﻟﻔﺿﺔ و إﻧﻣﺎ ﯾﺣدث ﺑﺗﺣول اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﺧﺎم ﻟﻸرض‬

‫ﺧﺑﺎﺑﺔ ﻋﺑد اﻟﻠﻊ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.56‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪50‬‬
‫وﺟﻬود اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﻣﻘﺗﻧﯾﺎت ﻣﻠﻣوﺳﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺎزل اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ و ﻫو ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻌد ﻣؤﺷراً ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﻟﻘﯾﺎس‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺛراء اﻧﺳﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺑﻼد«‬

‫و ﻗد دﻋﻰ آدم ﺳﻣﯾث إﻟﻰ ﺿرورة ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣل ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟزﯾﺎرة ﻣن اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻓﯾﺎﻟﻌﻣل‪ ،‬و ﺑﻬذا ﻓﻘد‬
‫ﺗﺣددت ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣل اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻹﻧﺗﺎﺟﻬﺎ‪.‬‬

‫و ﻗد أﻛد داﻓﯾدرﯾﻛﺎردو أن اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻧﺎﺗﺞ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻣﻧﻔﻌﺔ أي ﻓﺎﺋدﺗﻪ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻧﺎﺗﺞ‬
‫ﻧﺎﻓﻌﺎ ﻓﻲ إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺔ اﻷﻓراد‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻔﺗﻘر إﻟﻰ ﻗﯾﻣﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺑﺎدل‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻐﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ‬
‫إن ﻟم ﯾﻛن ً‬
‫ﻟﻠﺗﺑﺎدل ﻻ ﻗﯾﻣﺔ ﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ أﻛد أن اﻟﺳﻠﻌﺔ اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺑﺎدل ﺗﻧﺑﻊ ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ إﻣﺎ ﻣن اﻟﻧدرة و إﻣﺎ ﻣن ﻛﻣﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺣﺻول‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﯾﻘﺗﺑس داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﻋﺑﺎرة ﻣن آدم ﺳﻣﯾث ﯾﻘول ﻓﯾﻬﺎ » ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أن ﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎج ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة‬
‫إﻧﺗﺎﺟﻪ إﻟﻰ ﯾوﻣﯾن ﻣن اﻟﻌﻣل أو ﺳﺎﻋﺗﯾن ﯾﺟب أن ﯾﺳﺎوي ﺿﻌف ﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎج إﻧﺗﺎﺟﻪ ﻋﺎدة إﻟﻰ ﯾوم واﺣد‬
‫أو ﺳﺎﻋﺔ واﺣدة ﻣن اﻟﻌﻣل«‪ 2‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﺑﺎدﻟﯾﺔ ﻷﯾﺔ ﺳﻠﻌﺔ ﺗﺗﺣدد ﺑﻛﻣﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺑذول‬
‫ﻹﻧﺗﺎﺟﻬﺎ‪.‬‬

‫و ﻟﻘد ﻣﯾز ﻛل ﻣن آدم ﺳﻣﯾث واداﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﺑﯾن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻹﺳﺗﻌﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﺳﻠﻌﺔ و اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﺟﺎدﻟﯾﺔ ﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫» ﻓﺑﯾﻧﻣﺎ ﺑﯾﻧوا أن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻹﺳﺗﻌﻣﺎﻟﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣﺻل ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻔرد ﻣن ﺟراء اﺳﺗﻌﻣﺎل أو‬
‫اﺳﺗﻬﻼك ﻫذﻩ اﻟﺳﻠﻌﺔ أﻣﺎ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﺑﺎدﻟﯾﺔ ﻓﻬﻲ ﻣدى ﻗدرة ﺗﻠك اﻟﺳﻠﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟﺳﻠﻊ‬
‫اﻷﺧرى و أﺿﺎﻓﺎ أن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻟﯾﺔ ﺷرط أﺳﺎﺳﻲ ﻟوﺟود اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﺑﺎدﻟﯾﺔ ﻓﺎﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﻲ ﻟﯾﺳت‬
‫‪3‬‬
‫ﻟﻬﺎ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻟدى اﻷﻓراد ﯾﻛون ﻣﻌدل ﺗﺑﺎدﻟﻬﺎ ﺿﻌﯾف أو ﻣﻌدوم«‬

‫و ﻛﻣﺎ ﻓرق اﻟﻛﻼﺳﻛﯾون ﺑﯾن اﻟﺳﻌر اﻹﺳﻣﻲ و اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ و اﻟطﺑﯾﻌﻲ‪ .‬ﻓﺎﻟﺳﻌر اﻹﺳﻣﻲ ﻷﯾﺔ ﺳﻠﻌﺔ‬
‫ﻣﺎﻫو إﻻ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ ﺑوﺣدات اﻟﻧﻘود اﻟﻣﺗداوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺳوق‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺳﻌر اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻷﯾﺔ ﺳﻠﻌﺔ ﻓﻬو‬

‫أﯾﻣون ﺑﺎﺗﻠر‪ ،‬آدم ﺳﻣﯾث‪ ،‬ﻣﻘدﻣﺔ ﻣوﺟزة ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺣﺎرس‪ ،‬ﻣؤﺳﺳﺔ ﻫﻧداوي ﻟﻠﺗﻌﻠﯾم و اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪،2012 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.18‬‬
‫ﺟون ﻛﯾﻧﯾث ﺟﺎﻟﯾرت‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.97‬‬ ‫‪2‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.118‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪51‬‬
‫ﻛﻣ ﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﺗﻲ ﺗﺑﺎدل ﺑﻪ اﻟﺳﻠﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﺳﻌر اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻫو اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﺑﻣﻛﺎﻓﺄة اﻟﻌﺎﻣل ﺑﺎﻷﺟر و‬
‫اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟرﺑﺢ و ﻣﺎﻟك اﻷرض ﺑﺎﻟرﯾﻊ‪ 1.‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﻌﺎﺋدات اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺻل ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﺎﻟﻛوا ﻋﻧﺎﺻر اﻹﻧﺗﺎج‬
‫ﻣن أرض و ﻋﻣل و رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﻣﺗواﻓﻘﺔ ﻣﻊ ﺗﻛﺎﻟﯾﻔﻬم ﺑﺎﻟﺿﺑط‪.‬‬

‫و ﻹﺷﺎرة ﻓﺈن آدم ﺳﻣﯾث اﻟذي أﻗر ﺑﺄن اﻟﻌﻣل ﻛﺄﺳﺎس ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﻘﯾﻣﺔ‬
‫» ﻓﺈﻧﻪ ﻟم ﯾﻠﺑث أن ﺗﺑﯾن أن ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻻ ﺗﺻﻠﺢ إﻻ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑداﺋﯾﺔ و إﻧﻪ ﯾﻌد ﺗراﻛم رأس‬
‫أﯾﺿﺎ أن‬
‫اﻟﻣﺎل ﯾﺧﺗﻠف اﻟوﺿﻊ ﻓﻘﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ ﻻ ﺗﺗﺣدد ﺑﻣﺎ ﺑذل ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﻋﻣل ﻓﻘط‪ .‬و إﻧﻣﺎ ﯾﺟب ً‬
‫ﯾؤﺧذ ﻓﻲ اﻹﻋﺗﺑﺎر رأس اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺳﺗﺧدم ﻓ ﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﺑذﻟك ﯾدﺧل اﻟرﺑﺢ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻷﺟر ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد‬
‫‪2‬‬
‫ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ و ﻫﻛذا أدﺧل ﺳﻣﯾث اﻟرﺑﺢ ﻓﻲ ﻣﻛوﻧﺎت اﻟﻘﯾﻣﺔ«‬

‫ب‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج ‪:‬‬


‫اﻹﻧﺗﺎج ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻛﻼﺳﯾك ﻫو ﺧﻠق و زﯾﺎدة اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ‪ ،‬و ﻟﺗﺣﻘق ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج ﯾﺗطﻠب أن ﺗﺟﺗﻣﻊ ﺛﻼﺛﺔ‬
‫ﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﻹﻧﺗﺎج و ﺗﺟﻌل اﻟﻌﻣﺎل و أرﺑﺎب اﻟﻌﻣل‬
‫ﻋواﻣل أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻫﻲ اﻷرض ورأس أﻟﻣﺎل و اﻟﻌﻣل‪ .‬ﺗﺳﺎﻫم ً‬
‫و أﺻﺣﺎب اﻷرض ﯾﻌﺗﻣدون ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺿﻬم اﻟﺑﻌض و ﻟﻬذا ﻓﺈن‪:‬‬
‫أﺷﺧﺎﺻﺎ ﯾؤدون اﻟﻌﻣل و ﺗﺟﻬﯾز ﻛﺎﻷدوات و اﻵﻻت اﻟﺗﻲ‬
‫ً‬ ‫»اﻹﻧﺗﺎج اﻟﺣدﯾث ﺑﻣﺧﺗﻠف أﻧواﻋﻪ ﯾﺗطﻠب‬
‫ﯾﺣﺗﺎﺟﻬﺎ ﻫؤﻻء اﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻬم و ﻣﻛﺎ ًﻧﺎ ﯾﻌﻣﻠون ﻓﯾﻪ و ﻟﻬذا ﯾﻣﻛن ﺗﻘﺳﯾم ﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﻌﻣل‬
‫‪3‬‬
‫اﻹﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻌواﻣل اﻟﺛﻼث ﻟﻺﻧﺗﺎج«‪.‬‬

‫و ﻗد أﻛد آدم ﺳﻣﯾث أن ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣل ﯾزﯾد ﻣن اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﺑﺣﯾث أن‬


‫»اﻟﻣﻧﺗﺎﺟﺎت ﺗزداد ﻋﻠﻰ إﺧﺗﻼﻓﻬﺎ ﺟزاء ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣل اﻟذي ﯾﻣﻧﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣدﯾرة ﺗﻠك‬
‫اﻟﺛروة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺷر ﻟﺗﺑﻠﻎ أﻧﻰ اﻟﻧﺎس ﻣرﺗﺑﺔ«‪ 4‬ﻛﻣﺎ ﺗؤدي إﻟﻰ ‪:‬‬

‫‪ -‬زﯾﺎدة ﻣﻬﺎرة اﻟﯾد اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺣﯾث ﺗﺻﺢ ﻣؤﻫﻠﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.57‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.61‬‬ ‫‪2‬‬

‫إﯾﻣون ﺑﺎﺗﻠر‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪3‬‬

‫آدم ﺳﻣﯾث‪ ،‬ﺛروة اﻷﻣم‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﺣﺳﻧﻲ زﯾﻧﺔ‪ ،‬ﻣﻌﻬد اﻟدراﺳﺎت اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص ‪.20‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -‬اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﻓﻲ اﻟوﻗت ﺑﺣﯾث ﯾﺗﺧﺻص ﻛل ﻋﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﺟزء اﻟﻣﺧﺻص ﻟﻪ و ﻣن ﺛم ﯾوﻓر ﻋﻠﯾﻪ‬
‫اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻣن ﻋﻣل إﻟﻰ آﺧر‪.‬‬
‫‪ -‬زﯾﺎدة اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ ﻛﻣﯾﺔ اﻟﺳﻠﻊ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ زﯾﺎدة ﺗراﻛم رأﺳﻣﺎل أﻣﺎ اﻟﻣﻔﻛر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو‬
‫ﺣدا ﻣﻌﯾن ﺑﺑدأ ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﺗﻧﺎﻗص و ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻘطﺎع‬
‫ﻓﻘد أﻛد أن اﻹﻧﺗﺎج ﯾزداد و ﯾﺳﺗﻣر إﻻ أن ﯾﺑﻠﻎ ً‬
‫‪1‬‬
‫اﻟزراﻋﻲ و ﻫذا ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻘﺎﻧون ﺗﻧﺎﻗص اﻟﻐﻠﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗوزﯾﻊ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗوزﯾﻊ ﻋﻧد آدم ﺳﻣﯾث ‪:‬‬

‫ﺗوزع اﻟﺛورة اﻟﻣﻛﺗﺳﯾﺔ ﻣن اﻟﻌﻣل ﺑﯾن اﻟﻌﻣﺎل و أﺻﺣﺎب اﻷرض و رأس اﻟﻣﺎل و اﻟﺣﻛوﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻘد رﺑط‬
‫آدم ﺳﻣﯾث ﺗوزﯾﻊ اﻟدﺧل ﺑطﺑﻘﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬ﻓﻧﺻﯾب اﻟﻌﻣﺎل ﯾﺳﻣﻰ أﺟر‪ ،‬و ﻧﺻﯾب ﺻﺎﺣب اﻷرض ﺳﻣﻲ‬
‫‪2‬‬
‫دﺧﻼ و ﻧﺻﯾب ﺻﺎﺣب رأس ﻣﺎل ﯾﺳﻣﻲ رﺑﺣﺎ و ﻧﺻﯾب اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﯾﺳﻣﻰ ﺿرﯾﺑﺔ‪.‬‬

‫ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﺛروة اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ ﺗﻧﻘﺳم ﻋﻠﻰ ارﺑﻊ طﺑﻘﺎت ‪:‬‬


‫‪ -‬طﺑﻘﺔ اﻟﻌﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺧذ اﻷﺟور‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟطﺑﻘﺔ اﻟرأﺳﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺧذ اﻟرﺑﺢ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺧذ اﻟﺿرﯾﺑﺔ‪.‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬ﻧظرﯾﺔ اﻟرﯾﻊ ﻋﻧد آدم ﺳﻣﯾث‪.‬‬

‫ﯾﺑدي آدم ﺳﻣﯾث أراء ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺣول اﻟرﯾﻊ ﻓﺄﺣﯾﺎﻧﺎ ﯾﻌﺗﺑر أن اﻷرض ﻣن اﻟﻣﻛوﻧﺎت اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻫم‬
‫ﻋﺎﺋدا ﯾﺗوﻟد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺎ ﺗﻧﺗﺟﻪ اﻷرض أو‬
‫ً‬ ‫ﻓﻲ ﺧﻠق اﻟﻘﯾﻣﺔ و ﺗﻛوﯾن اﻟﺛﻣن‪ ،‬و ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ »ﯾﻌﺗﺑر اﻟرﯾﻊ‬
‫ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺎ ﺗﻘدﻣﻪ ﻣﻊ اﻟﻌواﻣل اﻷﺧرى ﻟﻺﻧﺗﺎج ﻓﻬﻲ ﻛﻠﻔﺔ ﻣن ﺗﻛﺎﻟﯾف اﻹﻧﺗﺎج«‪ ،3‬إﻻ أن آدم ﺳﻣﯾث ﻻ‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣﺎروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.119‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺟﯾﻔوس‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﻠﻲ أﺑو اﻟﻔﺗوح ﺑﺎﺷﺎ‪ ،‬دت‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬ط‪ ،2‬ص ص ‪.86-85‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﻛﺎﻣل وزﻧﻪ‪ ،‬آدم ﺳﻣﯾث‪ ،‬ﻗراءة ﻓﻲ إﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳوق‪ ،‬ﻣﻌﻬد اﻟدراﺳﺎت اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌراق‪ ،2007 ،‬ص ص ‪.32-31‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪53‬‬
‫ﯾﺗوﻗف ﻋﻧد ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﻟﻠرﯾﻊ ﻓﻔﻲ ﻣﺟﺎل آﺧر » ﯾﻌﺗﺑر اﻟرﯾﻊ ﻋﺎﺋد اﺣﺗﻛﺎري ﯾﺗوﻟد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻣﻠك اﻷرض و‬
‫‪1‬‬
‫اﺣﺗﻛﺎرﻫﺎ«‬

‫و ﯾرى آدم ﺳﻣﯾث ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺛﺎﻟث » أن اﻟرﯾﻊ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻣن و ﻻ ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻘﯾﻣﺔ أو اﻟﺛﻣن‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫ﻷن اﻟرﯾﻊ ﯾظﻬر ﻓﻘط ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺛﻣن ﻣرﺗﻔﻌﺎ«‬

‫ﻻ أن آدم ﺳﻣﯾث ﯾﻣﯾز ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟرﯾﻊ اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﺣﺗﻛﺎر اﻷﺳﻌﺎر‬


‫و ﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺿﺢ إﺟﻣﺎ ً‬
‫اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ و اﻟرﯾﻊ اﻟﺗﻔﺎﺿﻠﻲ اﻟذي ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ﺗﻔوق ﺑﻌض اﻷراﺿﻲ ﻋن اﻷﺧرى ﻓﻲ درﺟﺔ‬
‫‪3‬‬
‫اﻟﺧﺻوﺑﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬ﻧظرﯾﺔ اﻷﺟور و اﻷرﺑﺎح ﻋﻧد آدم ﺳﻣﯾث‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻧظرﯾﺔ اﻷﺟور ‪:‬‬

‫اﻷﺟر ﻋﺎﻣﺔ ﻫو ﻣﺎ ﯾﺄﺧذﻩ اﻟﻌﺎﻣل ﻧظﯾر أﺗﻌﺎﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﯾوم أو ﻓﻲ ﺷﻬر أو ﻓﻲ ﺳﻧﺔ‪ ،‬إﻻ أن آدم ﺳﻣﯾث‬
‫ﻻ ﯾﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾف واﺣد ﺑﺧﺻوص اﻷﺟر‪ ،‬و ﻟﻛن اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﺷﺎﺋﻊ ﻋﻧدﻩ ﻫو أﺟر اﻟﻛﻔﺎف ﺑﻣﻌﻧﻰ أن‬
‫اﻷﺟر ﻣﺣدد ﺑﺎﻟﺣد اﻷدﻧﻰ ﻟﻠﺗﻘوﯾﺔ أو اﻟﻛﻔﺎف‪.‬‬

‫و ﻟﻠﺗوﺿﯾﺢ أﻛﺛر ﻓﺈن اﻷﺟور ﺗﺳﺎوي »ﻋﺎدة ﻗﯾم اﻟﻣواد اﻟﻐﺎﺋﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﺳﺗﻣرار اﻟﻌﺎﻣل و ﻋﺎﺋﻠﺗﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻛﻔﺎف و ﯾﻌﺗﻣد ذﻟك ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺑﻠد أو اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣر ﺑﻬﺎ«‪ ،4‬ﻓﺎﻟﺑﻠد اﻟذي ﺑﻣر ﺑﻣرﺣﻠﺔ‬
‫ﻧﻣو و ازدﻫﺎر ﺣﯾث اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﯾﻛون ﻣﺗزاﯾد و رؤوس اﻷﻣوال ﺗزداد ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻛون اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻌﻣﺎﻟﺔ ﻣرﺗﻔﻊ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗرﺗﻔﻊ اﻷﺟور إﻟﻰ ﻣﺎ ﻓوق ﻣﺳﺗوى اﻟﻛﻔﺎف و اﻟﺣد اﻷدﻧﻰ ﻟﻠﺗﻘوﯾت أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺑﻠد‬
‫ﯾﻣر ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ رﻛود اﻗﺗﺻﺎدي ﺣﯾث ﯾﺗوﻗف اﻟﻧﻣو و ﺗﺟﻧﺢ اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻘرار‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ‬
‫ﯾﻧﻌﻛس ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻣو اﻟﺳﻛﺎﻧﻲ اﻟذي ﯾﺗوﻗف ﺑﻌدﻣﺎ ﺗزاﯾد ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬و ﻣن ﺛم ﺳﯾﻘل اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﯾد‬

‫ﻛﺎﻣل وزﻧﻪ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ص ‪.32-31‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ‪ ،‬ص ص ‪.32-31‬‬ ‫‪2‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.120‬‬ ‫‪3‬‬

‫ﻛﺎﻣل وزﻧﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.32-31‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪54‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ و ﺳﯾﻛون ﻋرﺿﻬﺎ أﻛﺛر ﻣن اﻟطﻠب اﻟواﻗﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ أو ﻣﺳﺎوﯾﺎ ﻟﻪ‪ .‬ﻣﻣﺎ ﯾﺧﻠق ﺟو ﻣن اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺑﯾن‬
‫اﻟﻌﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﻌﻣل ﻓﺗﻬﺑط اﻷﺟور ﻧدﻫﺎ إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻛﻔﺎف‪.‬‬

‫و ﻗد أدرك آدم ﺳﻣﯾث ﺿرورة رﻓﻊ أﺟور اﻟﻌﻣﺎل ﻷﻧﻬﺎ ﺗدﻓﻊ اﻟﻌﻣﺎل إﻟﻰ اﻟﻌﻣل و ﺗزﯾد ﻣن ﻗوﺗﻬم و‬
‫‪1‬‬
‫اﻧﺗﺎﺟﯾﺗﻬم‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻧظرﯾﺔ اﻟرﺑﺢ ﻋﻧد آدم ﺳﻣﯾث ‪:‬‬

‫ﯾﻌرف آدم ﺳﻣﯾث اﻟرﺑﺢ ﺑﺄﻧﻪ ‪ » :‬ذﻟك اﻟﺟزء ﻣن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟذي ﯾﺣﺻل ﻋﻠﯾﻪ ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل أو ﺻﺎﺣب‬
‫رأس اﻟﻣﺎل« ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟرﺑﺢ ﻫو ﻧﺗﺎج اﻟﺟﻬد اﻟﻐﯾر ﻣﺄﺟور اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟﻌﻣﺎل ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟرﺑﺢ ﻣﺎ ﻫو‬
‫إﻻ إﺳﺗﻘطﺎع ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ وﻟدﻫﺎ اﻟﻌﺎﻣل ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻣﺗﻠﻛﻪ ﻟﻸرض و رأس اﻟﻣﺎل و اﺣﺗﻛﺎرﻫﻣﺎ‬
‫ﻟﻪ‪.‬‬

‫ﯾﺗوﻗف ﻣﻘدار اﻟرﺑﺢ ﻋﻧد آدم ﺳﻣﯾث ﻋﻠﻰ ﻛﻣﯾﺔ رأس اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺳﺗﺧدم ﻓﻲ اﻹﻧﺗﺎج و ﻋﻠﻰ ﻣﻘدار‬
‫اﻟرأﺳﻣﺎل اﻟﻣﺳﺗﺛﻣر ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ‪ :‬ﻓزﯾﺎدة رؤوس اﻷﻣوال ﯾراﻓﻘﻪ إﺷﺗداد اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻧﺗﺟﯾن و ﻫﺑطت اﻷرﺑﺎح‬
‫و ارﺗﻔﻌت اﻷﺟور و ﻟﻬذا ﻓﺈن اﻷرﺑﺎح و اﻷﺟور ﺗرﺑطﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻛﺳﯾﺔ أي ﯾﺗﺣرﻛﺎن ﺑﺎﺗﺟﺎﻩ ﻣﻌﺎﻛس‬
‫‪2‬‬
‫ﻟﺑﻌﺿﻬﻣﺎ اﻟﺑﻌض‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗوزﯾﻊ ﻋﻧد داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ‪:‬‬

‫طﺑق داﻓﯾد رﯾﻛﺎر دو ﻧظرﯾﺗﻪ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻌﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ‪ ،‬ﺣﯾث اﻋﺗﺑر أن اﻟﻌﻣل ﺳﻠﻌﺔ ﺗﺗﺣدد ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ‬
‫ﺑﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﻧﺗﺎﺟﻬﺎ أي ﯾﺎﻟﺣد اﻷدﻧﻰ ﻟﻣﺳﺗوى ﻣﻌﯾﺷﺔ اﻷﻓراد و اﻟذي ﯾﻛﻔل اﺳﺗﻣرار اﻟﻌﻣﺎل‬
‫دون زﯾﺎدة أو ﻧﻘﺻﺎن‪ ،‬و ﻟﻬذا ﻓﺈن داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو اﻋﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺑﯾﺎن ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗوزﯾﻊ اﻟﺛروة اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن‬
‫اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻛﺎﻣل وزﻧﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.32-31‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ .1‬ﻧظرﯾﺔ اﻟرﯾﻊ ﻋﻧد داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ‪:‬‬
‫ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗوزﯾﻊ ﻓﻲ ﻧظرﺗﻪ إﻟﻰ اﻟرﯾﻊ ﺣﯾث إﺳﺗﺑﻌد اﻟرﯾﻊ ﻛﺄﺣد‬
‫ﻋﻧﺎﺻر ﺗﻛوﯾن اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬و اﻟرﯾﻊ ﺣﺳﺑﻪ ﻟﯾس ﺟزًءا ﻣن اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف و إﻧﻣﺎ ﻫو ذﻟك اﻟﻌﺎﺋد اﻟذي ﯾزﯾد ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻛﺎﻟﯾف اﻹﻧﺗﺎج‪.‬‬
‫‪ .2‬ارﺗﻔﺎع اﻟرﯾﻊ اﻟﺗﻔﺎﺿﻠﻲ ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ رﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎر و إﻧﻣﺎ اﻟﻌﻛس ﺻﺣﯾﺢ‪ ،‬ﻓﻬو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ‬
‫ﻻرﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر‪ ،‬و ﻟﻬذا ﻓﺈﻧﻪ ﻟن ﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﺣد ﻣن ﺳرﯾﺎن ﻗﺎﻧون اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﺑﺎدﻟﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن اﻟرﯾﻊ اﻟﺗﻔﺎﺿﻠﻲ ﻋﻧد داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو أﺷﺑﻪ إﻟﻰ ﺣد ﻛﺑﯾر ﺑﺎﻟﻣﻧﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ ﻟدى اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ‪،‬‬
‫ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر ﻛﻠﯾﻬﻣﺎ دﺧل أﺻﺣﺎب اﻷراﺿﻲ ﻫو اﻟﻌﺎﺋد اﻟﻔﺎﺋض ﻋﻠﻰ ﺗﻛﺎﻟﯾف اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬اﻹﺧﺗﻼف ﯾﻛﻣن ﻓﻲ‬
‫ﻧظرﺗﻬم إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﻔزﯾوﻗراط ﯾﻌﺗﺑرون أن اﻟﻣﻧﺗﺞ اﻟﺻﺎﻓﻲ ﻫو ﻣن ﻛرم وﺳﺧﺎء اﻟطﺑﯾﻌﺔ و أﻧﻪ ﯾﻧﺗﺞ‬
‫ﺑﺗﻔﺎﻋل اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎن أﻣﺎ داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو‪ ،‬ﻓﯾرى أن وﺟود اﻟرﯾـﻊ دﻟﯾل ﺷـ ﺢ و ﺑﺧل اﻟطﺑﯾﻌﺔ إذ أن ﻟم‬
‫ﯾﻧﺷﺄ إﻻ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻘﻠﺔ و ﻧدرة اﻷراﺿﻲ‪.‬‬
‫‪ .4‬اﻟرﯾﻊ ﻋﺎرة ﻋن ﻋﺎﺋد اﺣﺗﻛﺎري ﻟم ﯾﺣﺻل ﻋﻠﯾﻪ ﺻﺎﺣب اﻷرض ﻟﻘﺎء ﻣﺷﺎرﻛﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪ ،‬و‬
‫إﻧﻣﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻣﻠﻛﻪ و اﺣﺗﻛﺎرﻩ ﻟﻼراﺿﻲ اﻟﺧﺻﺑﺔ اﻟﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﻠزراﻋﺔ‪ ،‬و ﻟﻬذا ﯾﻌﺗﺑرﻩ داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﺑﺧل ﻏﯾر‬
‫‪1‬‬
‫ﻣﻛﺗﺳب ﻋن طرﯾق اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫‪ -2‬ﻧظرﯾﺔ اﻷﺟور و اﻷرﺑﺎح ﻋﻧد داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ‪:‬‬

‫ﻫو دﺧل اﻟﻌﺎﻣل اﻟذي ﯾﻣﺛل ﺟزء ﻣن اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﻫذا اﻟﻌﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﻗد ﺳﻌﻰ داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﻟﺗﺣدﯾد ﺣد ﺗوازن ﺛﺎﺑت ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﺗﻘر ﻋﻧدﻩ ﻣﺳﺗوى اﻷﺟر ﻓﻲ ﺗﻘﻠﺑﺎﺗﻪ ﻓﻲ‬
‫ﻣدة ﻗﺻﯾرة ﺣﯾث أﻛد أن ‪:‬‬

‫»ﻣﺳﺗوى ﺗوازن اﻷﺟور ﯾﺗﻌﺎدل ﻣﻊ اﻟﺣد اﻷدﻧﻰ اﻟﺿروري ﻟﻠﺣﯾﺎة أي أن ﻣﺳﺗوى اﻷﺟور ﯾﺗﺣدد ﺑﻣﺎ ﯾﻌﺎدل‬
‫‪2‬‬
‫ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣواد اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﻣﻌﯾﺷﺔ اﻟﻌﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﺣد اﻷدﻧﻰ«‬

‫ﻋﻣر و ﻫﺷﺎم ﻣﺣﻣد‪ ،‬ﻣدﺧل ﻓﻲ ﻣدارس اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬ﻧظرة ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗطورات اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻣن ﻣﻧظور‬ ‫‪1‬‬

‫اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ و اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ ،2013 ،414‬ص ص ‪.190-180‬‬
‫زﻛرﯾﺎء ﺑﻐور‪ ،‬داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﺗﺣت اﻟﻣﺟﻬر‪ ،‬ﻓﻲ ﻧﻘد اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺣوار اﻟﻣﻧﺗدى اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪،5054‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺳﻧﺔ ‪ ،www.ahewar.org ،2016‬اﻟزﯾﺎرة )‪.(2019/11/23‬‬


‫‪56‬‬
‫و ﺗﺟدر اﻟﻣﻼﺣظﺔ ﻫﻧﺎ إﻟﻰ أن اﻟﺣد اﻷدﻧﻰ ﻟﻠﺗﻘوﯾت أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺣد اﻟﻛﻔﺎف ﻫو اﻟذي ﯾﺣدد أﺟور‬
‫اﻟﻌﻣﺎل ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﻌﺎﻣل ﻟﻪ أي ﻓرﺻﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟرﺧﺎء و اﻟرﻓﺎﻫﯾﺔ و ﺣﺗﻰ ﻟﺗﺟﻣﯾﻊ ﺛروة ﻫـذﻩ ﻣن ﺟﻬـﺔ و ﻣن‬
‫ﺟﻬو أﺧرى ﻓﺈن ذﻟك ﯾﻌﻧﻲ أن اﻷﺟر ﻻ ﯾﺗﺣدد ﺑﺎﻟﺟﻬد اﻟذي ﻗدﻣﻪ اﻟﻌﺎﻣل ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ أي أن ﻛل‬
‫ﻣﺟﻬود زاﺋد ﻋن اﻟﺣد اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻻ ﯾﻌود ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣل ﺑﺄي ﻓﺎﺋدة و إﻧﻣﺎ ﯾذﻫب إﻟﻰ اﻟرأﺳﻣﺎل ﻛﺄرﺑﺎح‪ .‬ﻓﺎﻷرﺑﺎح‬
‫ﻫﻲ اﻟداﻓﻊ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠرأﺳﻣﺎل ﺑﺄن ﯾﺗﺟﻪ إﻟﻰ اﻹﺳﺗﺛﻣﺎر‪.‬‬

‫و ﯾﺑﯾن داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ ﺑﺎﻷرﺑﺎح إﻟﻰ اﻹﻧﺧﻔﺎض ﻓﻲ اﻟﻣدة اﻟطوﯾﻠﺔ‪ .‬ﻓﺈذا اﻧطﻠﻘﻧﺎ ﻣن‬
‫ﻓﻛرة أن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ ﺗﺗﺣدد ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺑذول ﻹﻧﺗﺎﺟﻬﺎ و ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻧﺗوج اﻟزراﻋﻲ و اﻟﺣﺑوب ﻓﺈن ﻗﯾﻣﺗﻬم‬
‫أﯾﺿﺎ‬
‫ﺗﺗﺣدد وﻓﻘﺎ ﻟظروف اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻷرض اﻷﻗل ﺧﺻوﺑﺔ و ﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺳﻠﻊ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ً‬
‫ﺗﺗﺣدد وﻓﻘﺎ ﻟﻛﻣﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺑذول ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﯾﺗم ﺗوزﯾﻊ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻧﺎﺗﺞ ﺑﯾن اﻷﺟور و اﻷرﺑﺎح ﻋﻠﻰ ﺣﺳب ﻣﻌدل‬
‫اﻷرﺑﺎح اﻟﻣﺣﻘق‪ ،‬ﻓﺗﻛون اﻷرﺑﺎح ﻣرﺗﻔﻌﺔ أو ﻣﻧﺧﻔﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب اﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ اﻷﺟور‪.‬‬

‫و ﺑﻣﺎ أن اﻷﺟور ﺗﺗﺣدد ﻋﻧد ﻣﺳﺗوى اﻟﻛﻔﺎف‪ ،‬ﻓﺈن ﻧ ﺳﺑﺔ ﻣﻌدل اﻷﺟور ﻣرﻫوﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى أﺳﻌﺎر‬
‫اﻟﻣواد اﻟﻐذاﺋﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ و ﻋﻠﻰ اﻟﺣﺑوب ﺑوﺟﻪ اﻟﺧﺻوص‪ ،‬و ﻣﻊ زﯾﺎدة اﻟطﻠب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑزﯾﺎدة ﻋدد‬
‫اﻟﺳﻛﺎن‪ ،‬ﺗرﺗﻔﻊ أﺳﻌﺎرﻫﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟزﯾﺎدة ﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻷرض اﻷﻗل ﺧﺻوﺑﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ إرﺗﻔﺎع‬
‫ﻟﻠﻌﻣﺎل اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﯾن ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ و ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟذﻟك ﺗﻣﯾل اﻷرﺑﺎح إﻟﻰ اﻹﻧﺧﻔﺎض‪.‬‬

‫ﺗﻣﺛل ﻓﻛرة ﻣﯾل اﻷرﺑﺎح إﻟﻰ اﻹﻧﺧﻔﺎض » ﺑداﯾﺔ ﺑزوغ اﻟﻧظرة اﻟﺗﺷﺎؤﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ذﻟك أن ﻣﻌدل‬
‫اﻷرﺑﺎح ﯾﻣﯾل إﻟﻰ اﻹﻧﺧﻔﺎض ﻓﻲ اﻟﻣدة اﻟطوﯾﻠﺔ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺗﻧﺎﻗص ﻣﻌدل ﺗراﻛم رأﺳﻣﺎل و ﻣن ﺛم اﻟﺗﻘدم‬
‫‪1‬‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ .‬ﻓﻣﺂل اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻫو اﻹﺗﺟﺎﻩ ﻧﺣو اﻟرﻛود«‪.‬‬

‫وﯾﻔرق داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﺑﯾن اﻟرﺑﺢ و اﻟﻔﺎﺋدة‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔﺎﺋدة ﺣﺳﺑﻪ ﻣﺎﻫﻲ إﻻ ﺟزء ﻣن اﻷرﺑﺎح‪.‬‬

‫»ﻓﺎﻟرﺑﺢ = اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﻛﻠﻲ )اﻹﻧﺗﺎج( – رأس اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج«‬


‫اﻟرﺑﺢ اﻟﻣﺗﺣﺻل ﻋﻠﯾﻪ ‪2‬‬
‫«‬ ‫و »اﻟرﺑﺢ ﻣﻌدل =‬
‫رأس اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﺑﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.71-70‬‬ ‫‪1‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.123‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -4‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻘود ‪:‬‬

‫ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻛﻼﺳﯾك أن ﻟﻠﻧﻘود دور ﺛﺎﻧوي ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﻌدو وﺳﯾﻠﺔ‬
‫ﻟﻠﺗﺑﺎدل و أداة ﻟﻘﯾﺎس اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬و ﻟﯾﺳت ﻣﺳﺗودع و ﻣﺧزون ﻟﻠﻘﯾم و أداة ﻟﺣﻔظ اﻟﻣدﺧرات‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺑﯾن رواد‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ أن اﻟﺗﻐﯾرات ﻓﻲ اﻷﺳﻌﺎر ﯾرﺟﻊ ﺳﺑﺑﻬﺎ اﻷول إﻟﻰ اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻛﻣﯾﺔ اﻟﻧﻘود‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﻌﺗﺑر أن اﻟﻧﻘود ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ واﺟﻬﺔ ﺗﻌﻛس اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫ﻣن إﻧﺗﺎج و ﺗﺷﻐﯾل و ﺗوزﯾﻊ و اﻟﺗﻲ اﻋﺗﺑرت دور اﻟﻧﻘود ﻣﺣﺎﯾدا و ﻏﯾر ذي ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -5‬ﻧظرﯾﺔ ﺗوﻣﺎس روﺑرت ﻣﺎﻟﺗوﯾس ﻓﻲ اﻟﺳﻛﺎن ‪:‬‬

‫أﯾﺿﺎ ﻣن أﻋﻣدة‬
‫ﯾﻌﺗﺑر ﺗوﻣﺎس ﻣن اﻟﺗﯾﺎر اﻟﻣﺗﺷﺎؤم ﻓﻲ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻣﺛل داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو و ﯾﻌد ً‬
‫اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ‪ ،‬ﺗرﺟﻊ ﺷﻬرة ﻫذا اﻟﻣﻔﻛر إﻟﻰ ﻧظرﯾﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺳﻛﺎن‪ .‬ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻌﻛس اﻟﻛﺛﯾر ﻣن‬
‫اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻟﻠذﯾن ﯾﻌﺗﻘدون أن ﻣﺑﻌث ﻛل اﻟﻌﻠل اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣردﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻐﯾر ﻋﺎدﻟﺔ ﻓﺈن‬
‫ﺗوﻣﺎس ﻣﺎﻟﺗوﯾس ﯾﻘر ﺑﻌﻛس ﻫذا و ﯾﻌﺗﻘد أن اﻟﻌﻠل و اﻟﺷرور اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾﺷﻬﺎ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻻ ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻣﻧظﻣﺎت‬
‫اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟردﯾﺋﺔ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ‪.‬‬

‫ﯾﺿﻊ ﺗوﻣﺎس روﺑﺎرت ﻣﺎﻟﺗوﯾس ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﻪ ﻟﻬذا اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﻓرﺻﯾﺗﯾن ﻟﺑﻧﺎء ﻧظرﯾﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺳﻛﺎن‬
‫‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﺿرورة ﺗوﻓر اﻟطﻌﺎم ﻟﺑﻘﺎء و اﺳﺗﻣ اررﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن‪.‬‬


‫ب‪ -‬ﺿرورة وﺟود اﻟﻌﺎطﻔﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن‪.‬‬

‫ﻫذﯾن اﻟﻔرﺿﯾﺗﯾن ﺳﺗﺑﻘﻰ ﻛذﻟك ﻣﺎ ﺑﻘﻲ اﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷري ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض ﻓﻬذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻣﻧذ أن‬
‫ﺑدأت ﻣﻌرﻓﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ و ﻟﻬذا ﻓﻘد أﺻﺑﺣت ﺛﺎﺑﺗﺔ و ﻣﺗﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ‪ ،‬و ﺣﺗﻣﺎ‬
‫ﯾﻧﺟر ﻋن ﻫذﯾن اﻟﻔرﺿﯾﺗﯾن ﺗزاﯾد ﻗوة اﻟﺳﻛﺎن أﻛﺑر ﻣن ﻗوة اﻷرض ﺣﯾث أن اﻟزﯾﺎدة اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ ﯾﺗم وﻓق ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ‬
‫ﻫﻧدﺳﺔ )‪ (... 256 ،16 ،4 ،2‬أﻣﺎ اﻟزﯾﺎدة اﻟﻣواد اﻟﻐذاﺋﯾﺔ ﻓﯾﺗم وﻓق ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﺣﺳﺎﺑﯾﺔ )‪32 ،16 ،8 ،4 ،2‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.123‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻋﺟﯾﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪58‬‬
‫‪...‬إﻟﺦ( و ﻫذا ﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻹﺧﺗﻼل ﻓﻲ ﺗوازن ﺑﯾن ﻋدد اﻟﺳﻛﺎن و ﻛﻣﯾﺔ اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻐذاﺋﯾﺔ و ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻫذا‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺧﻠل ﻓﻘد أﻗر ﺑوﺟود ﻣواﻧﻊ ﻟﻠزﯾﺎدة اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ .1‬اﻟﻣواﻧﻊ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻗﺎﻣﻌﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ اﻟﺗﻘﻠﯾل و اﻹﻧﻘﺎص ﻣن ﻋدد اﻟﺑﺷر ﻛﻠﻣﺎ ﺗزاﯾد ﻛﺎﻟﺣروب و‬
‫اﻷوﺑﺋﺔ‪.‬‬
‫‪ .2‬اﻟواﻧﻊ اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ‪ :‬ﻣﺎﻧﻌﺔ ﺗﺣول دون زﯾﺎدة اﻟﺳﻛﺎن ﻟﻣﺣدد اﻟﻧﺳل و اﻟﻌﻔﺔ ﻗﺑل اﻟزواج و اﻟﺗﺄﺧﯾر ﻋن‬
‫‪2‬‬
‫اﻟزواج‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺳﺑب اﻟرﺋ ﯾﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻘر اﻟذي ﺗﻌﯾﺷﻪ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﺳب إﻟﻰ ﻧظﺎم اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﺑل‬
‫ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻘوى اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ اﻹﻧﺗﺎج اﻟﺑﺷري ﺑﻣﻌدﻻت ﺗﻔوق ﺑﻛﺛﯾر ﻣﻌدﻻت اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ‬
‫اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻐذاﺋﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻓﻬو ﯾؤﻛد أن اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟوﺣﯾدة ﻟﺗﺣﺳﯾن طﺑﻘﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﯾﺳت ﻓﻲ رﻓﻊ اﻷﺟور ﻫذﻩ اﻟﻔﺋﺔ‪ ،‬ﺑل ﻓﻲ‬
‫ارﺗﻔﺎع اﻟﻣواﻧﻊ اﻟواﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣد ﻣن اﻟزﯾﺎدة اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ و إذا ﺗﺣﻘق ذﻟك ﺳﯾؤدي إﻟﻰ ﻧﻘﺻﺎن اﻟﻣﻌروض ﻣن‬
‫‪3‬‬
‫ﺧدﻣﺔ اﻟﻌﻣل ﻣﻣﺎ ﺳﯾؤدي إﻟﻰ رﻓﻊ ﺳﻌر اﻟﻌﻣل ﺑﺻﻔﺔ داﺋﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ -6‬ﻗﺎﻧون اﻟﻣﻧﺎﻓذ ‪ :‬ﻟﺟون ﺑﺎﺗﯾﺳت ﺳﺎي )‪: (1832-1767‬‬

‫ﯾﻣﺛل ﺟون ﺑﺎﺗﯾﺳت ﺳﺎي اﻟﺗﯾﺎر اﻟﻣﺗﻔﺎؤل ﻓﻲ اﻟ ﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻋﻛس داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو‪ ،‬و ﺗوﻣﺎس‬
‫روﺑرت ﻣﺎﻟﺗوﯾس وﺗظﻬر ﺗﻔﺎءل ﺳﺎي ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘﺎﻧون اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟذي وﺿﻌﻪ و اﻟذي ﺳﻣﻲ ﺑﺎﺳﻣﻪ‪.‬‬

‫ﯾرى ﺟون ﺑﺎﺗﯾﺳت ﺳﺎي أن أﯾﺔ ﺳﻠﻌﺔ ﺑﻣﺟرد إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ ﺗﺧﻠق ﺳوًﻗﺎ ﻟﺳﻠﻊ أﺧرى ﺗﺗﺳﺎوى ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ ﻣﻊ‬
‫ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ‪ ،‬و ﺑﻣﺟرد اﻧﺗﻬﺎء اﻟﻣﻧﺗﺞ ﻣن إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ ﯾﻛون ﻣﺗﺷوًﻗﺎ ﻟﺑﯾﻌﻬﺎ ﺧوًﻓﺎ ﻣن ﺗﻧﺎﻗص ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ‪ ،‬و‬
‫أﯾﺿﺎ ﻟﻠﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﻧﻘود ﺧوﻓﺎ ﻣن ﺗﻧﺎﻗص ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ‬
‫ﺑﻌد أن ﯾﺗﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻧﻘود ﻣن ﺟراء اﻟﺑﯾﻊ ﺗﺟدﻩ ﻣﺗﻠﻬف ً‬
‫و ﻫذا ﺑﺷراء ﺳﻠﻌﺔ أﺧرى‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺑﻣﺟرد أﻧﺗﺎج ﺳﻠﻌﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺧﻠق ﻟﻧﻔﺳﻬﺎ ﻣﻧﻔ ًذا ﻟﻠﺗﺑﺎدل ﻣﻊ ﺳﻠﻌﺔ أﺧرى‪،‬‬
‫أي ﺑﻣﺟرد إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ ﺗﺧﻠق اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻌﺔ أﺧرى‪.‬‬

‫ﺣﺳﯾن ﻋﻣر‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.48-47‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻛﺎﻣل وزﻧﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص‪.45‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺣﺳﯾن ﻋﻣر‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.51-50‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪59‬‬
‫‪1‬‬
‫و ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻧﺳﺗﺧﻠص ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﻛﻠﻣﺎ زاد ﻋدد اﻟﻣﻧﺗﺟﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﺗﻧوﻋت ﻣﻧﺗﺟﺎﺗﻬم زادت و ﺗﻧوﻋت ﻓرص اﻟﺑﯾﻊ ﻟﻬذﻩ‬
‫اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻻ ﯾﻠﺣق اﻟﺿرر ﺑﺎﻟﺑﺿﺎﻋﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ و اﻹﻧﺗﺎج اﻟوطﻧﻲ ﺑﺳﺑب اﻹﺳﺗراد ﻣن اﻟﺧﺎرج‪ ،‬ﺣﯾث‬
‫أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﺷراء أي ﺳﻠﻌﺔ ﻣن اﻷﺟﺎﻧب إﻻ ﺑﺎﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟد ﻟﻬﺎ أﺳواق ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .3‬ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛوﻣﺔ أن ﺗﺷﺟﻊ اﻹﻧﺗﺎج ﺑدل اﻻﺳﺗﻬﻼك ﻷن اﻹﻧﺗﺎج وﺣدة ﻫو ﻣن ﯾزودﻫﺎ ﺑوﺳﺎﺋل‬
‫اﻻﺳﺗﻬﻼك‪.‬‬

‫‪ -7‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾك ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﯾﺟﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﻌرف اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﺻورة اﻧﺗﻘﺎل اﻟﺳﻠﻊ و اﻟﺧدﻣﺎت و‬
‫اﻷﻓراد و رؤوس اﻷﻣوال‪ ،‬و ﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﺑﯾن أﻓراد ﯾﻘﯾﻣون ﻓﻲ وﺣدات ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬أو ﺑﯾن ﺣﻛوﻣﺎت‪ ،‬أو‬
‫‪2‬‬
‫ﺑﯾن ﻣﻧظﻣﺎت إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﻘطن وﺣدات ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫و ﻗد ﺣﺎوﻟت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ إﻋطﺎء ﺗﻔﺳﯾر و ﻣﺑرر ﻟﻘﯾﺎم اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟدول‪.‬‬

‫أ‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻹﻧﺗﺎج ﻋﻧد آدم ﺳﻣﯾث ‪:‬‬

‫وﺿﻊ آدم ﺳﻣﯾث ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻌروﻓﺔ ﺑﻧظرﯾﺔ ﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﻣطﻠﻘﺔ و ﻟﻔﻬم اﻟﻧظرﯾﺔ ﻗدم آدم ﺳﻣﯾث اﻟﻔرﺿﯾﺎت‬
‫اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺣرﯾﺔ ﺗﻧﻘل ﻋﻧﺎﺻر اﻹﻧﺗﺎج ﺑﯾن اﻟدول‪.‬‬


‫‪ .2‬ﺗﻌم اﻟﻔﺎﺋدة اﻟﻣرﺟوة ﻣن اﻟﺗﺑﺎدل ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻹﻧﺗﺎج و ﻟﯾﺳت اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .4‬إﻓﺗراض اﻟﺗﺑﺎدل ﯾﺗم ﺑﯾن دوﻟﺗﯾن ﻓﻘط ﺑﻧﺗﺟﺎن ﺳﻠﻌﺗﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔﺗﯾن ﻓﻘط‪.‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ص ‪.57-56‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺟﻣﺎل ﺟوﯾدان اﻟﺟﻣﯾل‪ ،‬اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﻛز اﻟﻛﺗﺎب اﻷﻛﺎدﯾﻣﻲ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪ ،2006 ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪60‬‬
‫وﻓﻘﺎ ﻟﻌدد‬
‫‪ .5‬اﻟﺗﻛﻠﻔﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻷي ﺳﻠﻌﺔ ﺗﻘﺎس ﺑﺎﻟوﻗت اﻟﻼزم ﻻﻧﺗﺎﺟﻬﺎ و ﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟﺗﺑﺎدل ﯾﺗم ً‬
‫‪1‬‬
‫ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺳﺗﻐرﻗﺔ ﻹﻧﺗﺎج اﻟﺳﻠﻌﺔ‪.‬‬

‫و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻔرﺿﯾﺎت ﻗﺎم آدم ﺳﻣﯾث ﺑﺈﻋداد ﺟدول ﯾﺑﯾن ﻓﯾﻪ ذﻟك‪ ،‬ﺣﯾث اﻓﺗرض أن ﻫﻧﺎك‬
‫دوﻟﺗﯾن ﻫﻣﺎ اﻧﺟﻠﺗ ار و اﻟﺑرﺗﻐﺎل ﯾﻧﺗﺟﺎن ﺳﻠﻌﺗﺎن ﻫﻣﺎ ‪ :‬اﻟﻧﺳﯾﺞ و اﻟﻘﻣﺢ و ﻓق اﻟﺟدول اﻟﺗﺎﻟﻲ ‪:‬‬

‫اﻟﺳﻠﻌﺔ‬
‫اﻟﻘﻣﺢ‬ ‫اﻟﻧﺳﯾﺞ‬
‫اﻟدوﻟﺔ‬

‫‪ 120‬وﺣدة ﻣن اﻟﻘﻣﺢ‬ ‫‪ 100‬وﺣدة ﻣن اﻟﻧﺳﯾﺞ‬ ‫اﻧﺟﻠﯾﺗ ار‬

‫‪ 100‬وﺣدة ﻣن اﻟﻘﻣﺢ‬ ‫‪ 120‬وﺣدة ﻣن اﻟﻧﺳﯾﺞ‬ ‫اﻟﺑرﺗﻐﺎل‬

‫ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﺟدول ﯾﺗﺿﺢ ﻟﻧﺎ أن ‪:‬‬

‫‪ ‬ﺗﻛﻠﻔﺔ إﻧﺗﺎج اﻟﻧﺳﯾﺞ ﻓﻲ إﻧﺟﻠﺗ ار أﻗل ﻣن ﺗﻛﻠﻔﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺑرﺗﻐﺎل‪.‬‬


‫‪ ‬ﺗﻛﻠﻔﺔ إﻧﺗﺎج اﻟﻘﻣﺢ ﻓﻲ اﻟﺑرﺗﻐﺎل أﻗل ﻣن ﺗﻛﻠﻔﺗﻪ ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار‪.‬‬

‫و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﺛﻣن اﻟﻧﺳﯾﺞ ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار ﺳﯾﻛون أﻗل ﻣن ﺛﻣﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺑرﺗﻐﺎل و ﺛﻣن اﻟﻘﻣﺢ ﻓﻲ اﻟﺑرﺗﻐﺎل‬
‫ﺳﯾﻛون أﻗل ﻣن ﺛﻣﻧﻪ ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار ﻣﻣﺎ ﺳﯾدﻓﻊ ﺑﺎﻟدوﻟﺗﯾن ﺑﺎﻟﺗﺧﺻص ﻓﻲ اﻟﺳﻠﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﯾزة اﻟﺗﻔوق اﻟﻣطﻠق‬
‫و ﻗﯾﺎم اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺟﺎري ﺑﯾﻧﻬﺎ‪.‬‬

‫و ﺑﻬذا ﻓﺈن اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻋﻧد آدم ﺳﻣﯾث ﺗوﻓر ﻟﻧﺎ ‪:‬‬

‫‪ -‬إﯾﺟﺎد ﻣﻧﻔذ ﻟﺗﺻرﯾف اﻟﻔﺎﺋض و اﺳﺗﺑداﻟﻪ ﺑﺳﻠﻊ أﺧرى ﺗﻛون ﺗﻛﻠﻔﺔ إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ ﻋﻧدﻫﺎ ﻣرﺗﻔﻌﺔ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬اﻟﺗوﺟﻪ ﻧﺣﺔ ﺗوﺳﯾﻊ اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﺗﺧﺻﯾص و ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣل و ﻓﺗﺢ أﺳواق ﺧﺎرﺟﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﻗد ﺗﻌرﺿت ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻹﻧﺗﺎج إﻟﻰ ﻋدة إﻧﺗﻘﺎدات ‪:‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪1‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.128‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -‬ﺗﻌﺗﺑر ﻧظرﯾﺔ ﺑﺳﯾطﺔ و ﺳطﺣﯾﺔ ﻟﺗﺣﺻر اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﺎدﻟﯾﺔ ﻓﻲ دوﻟﺗﯾن ﻓﻘط ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﺗﺑﺎدل‬
‫اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﯾﺗم ﺑﯾن ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟدول ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺎت ﻣﺗﺷﺎﺑﻛﺔ و ﻣﻌﻘدة‪.‬‬
‫‪ -‬ﻟﯾس ﻛل اﻟدول ﺗﺣظﻰ ﺑﺎﻟﺗﻔوق اﻟﻣطﻠق‪ ،‬ﻓﻣﺎ ﻣوﻗﻊ ﻫذﻩ اﻟدول ﻣن اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺟﺎري‪ ،‬ﻓوﻓﻘًﺎ ﻟﻬذﻩ‬
‫اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟدول‪ ،‬ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ ﺗﺻدﯾر أي ﺳﻠﻌﺔ إﻟﻰ ﺧﺎرج ﺣدودﻫﺎ‪ .‬ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ اﺳﺗراد أي‬
‫ﺳﻠﻌﺔ ﻣن اﻟدول اﻷﺧرى‪ .‬ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻧﻛﻣﺎش ﺣﺟم اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗﻌﺗﺑر ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻺﻧﺗﺎج ﻵدام ﺳﻣﯾث إﻣﺗداد ﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻛﻼ‬
‫‪1‬‬
‫ﯾﻌﺗﺑران وﺳﯾﻠﺔ و آﻟﯾﺔ ﻟﻠﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﻔﺎﺋض‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﻫﻧﺎك ﻓوارق ﺟوﻫرﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ﻟداﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ‪:‬‬

‫وﺿﻊ داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻔرﺿﯾﺎت ﻟﺷرح ﻧظرﯾﺔ ﯾﻣﻛن ذﻛرﻫﺎ ‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻟﺗﺑﺎدل ﯾﺗم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﻘﺎﯾﺿﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻋدم وﺟود اﻟﻧﻘود ﻛوﺳﯾﻠﺔ‪.‬‬
‫‪ .2‬اﻟﺑﺣث ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ دوﻟﺗﯾن ﻓﻘط ﺗﻧﺗﺞ ﺳﻠﻌﺗﯾن ﻓﻘط‪.‬‬
‫‪ .3‬ﻻ ﺗوﺟد رﺳوم ﺟﻣرﻛﯾﺔ أو ﻧﻔﻘﺎت اﻟﻧﻘل‪.‬‬
‫ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺣﺟم اﻹﻧﺗﺎج ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻹﻧﺗﺎج ﯾﺧﺿﻊ إﻟﻰ اﻟﻘﻧون ﺛﺑﺎت‬
‫‪ .4‬ﺗﻛﻠﻔﺔ إﻧﺗﺎج اﻟوﺣدة ﻻ ﺗﺗﻐﯾر ً‬
‫اﻟﻐﻠﺔ‪.‬‬

‫و ﻟﺷرح ﻧظرﯾﺔ إﻓﺗرض داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو وﺟود دوﻟﺗﺎن ﯾﻘوﻣﺎن ﺑﺈﻧﺗﺎج اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت و اﻟﺧﻣور‪ ،‬ﻓدوﻟﺔ‬
‫اﻧﺟﻠﺗ ار ﻹﻧﺗﺎج وﺣدة ﻣن اﻟﻧﺳﯾﺞ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ‪ 100‬ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﯾن أﻧﻬﺎ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ‪ 120‬ﺳﺎﻋﺔ ﻹﻧﺗﺎج وﺣدة‬
‫ﻣن اﻟﺧﻣور‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺑرﺗﻐﺎل ﻓﻺﻧﺗﺎج وﺣدة ﻣن اﻟﻧﺳﯾﺞ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ‪ 90‬ﺳﺎﻋﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ‪ 8‬ﺳﺎﻋﺔ ﻹﻧﺗﺎج‬
‫‪2‬‬
‫وﺣدة اﻟﺧﻣور‪.‬‬

‫ﻟﺗوﺿﯾﺢ ﻫذﻩ اﻷرﻗﺎم ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺟدول اﻟﺗﺎﻟﻲ ‪:‬‬

‫أﯾﺿﺎ ‪ :‬ﻣﺣﻣد دﯾﺎب اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻌوﻟﻣﺔ‪ ،‬دار‬


‫ﺟﻣﺎل ﺟوﯾدان اﻟﺟﻣﯾل‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪ .23‬و أﻧظر ً‬
‫‪1‬‬

‫اﻟﻣﻧﻪ اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،2010 ،‬ص ‪.97‬‬


‫ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز اﻟﻌﺟﯾﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.331-330‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪62‬‬
‫اﻟﺳﻠﻌﺔ‬
‫اﻟﺧﻣور‬ ‫اﻟﻧﺳﯾﺞ‬
‫اﻟدوﻟﺔ‬

‫‪120‬‬ ‫‪100‬‬ ‫اﻧﺟﻠﯾﺗ ار‬

‫‪80‬‬ ‫‪90‬‬ ‫اﻟﺑرﺗﻐﺎل‬

‫ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﺟدول و ﻫذﻩ اﻷرﻗﺎم ﯾﺗﺿﺢ أن دوﻟﺔ اﻟﺑرﺗﻐﺎل ﻣﺗﻔوﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺟﻠﺗ ار ﻓﻲ إﻧﺗﺎج‬
‫اﻟﺳﻠﻌﺗﯾن‪ ،‬ﻓﺣﺳب آدم ﺳﻣﯾث ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺗوﻗف ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺟﺎري ﺑﯾن اﻟدوﻟﺗﯾن‪ ،‬إﻻ أن رﯾﻛﺎردو‬
‫ﯾوﺿﺢ ﻛﯾف ﯾﺗم اﻟﺗﺑﺎدل ﻷن اﻟﻌﺑرة ﻓﻲ اﻹﺧﺗﻼف اﻟﻧﺳﯾﺞ ﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻹﻧﺗﺎج و ﻟﯾس اﻹﺧﺗﻼف اﻟﻣطﻠق‪.‬‬

‫ﻣﻌﺎ و ﺗﻛون ﻧﺳﺑﺔ‬


‫ﻟﻧﻔرض أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﻫﻧﺎك ﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟدوﻟﺗﯾن ﻓﺈن دوﻟﺔ إﻧﺟﻠﺗ ار ﺗﻧﺗﺞ اﻟﺳﻠﻌﺗﯾن ً‬
‫اﻟﺗﺑﺎدل ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ‪:‬‬

‫‪ 1‬وﺣدة ﻣن اﻟﺧﻣور = ‪ 1,2‬وﺣدة ﻣن اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت‬

‫ﻷن ﺗﻛﻠﻔﺔ إﻧﺗﺎج اﻟﺧﻣر ﻓﯾﻬﺎ أﻛﺑر ﻣن ﺗﻛﻠﻔﺔ اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت‪.‬‬

‫و ﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺑرﺗﻐﺎل ﺑﺈﻧﺗﺎج اﻟﺳﻠﻌﺗﯾن داﺧل أراﺿﻬﺎ ﺣﯾث ﺗﻛون ﻧﺳﺑﺔ اﻟﺗﺑﺎدل ‪:‬‬

‫‪ 1‬وﺣدة ﻣن اﻟﺧﻣور = ‪ 0,888‬وﺣدة ﻣن اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت‬

‫و اﻟﻣﻼﺣظ ﻟﻬذﻩ اﻟﻧﺳب ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ أن ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﻻ ﺟدال ﻓﻲ أن دوﻟﺔ اﻧﺟﻠﺗ ار ﺗﺣﻘق رﺑﺢ إذا ﺗﻣﻛﻧت ﻣن اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ وﺣدة ﻣن اﻟﺧﻣور‬
‫ﺑﺄﻗل ﻣن ‪ 1,2‬وﺣدة ﻣن اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت و ذﻟك ﻷن وﺣدة اﻟﺧﻣر ﺗﻛﻠﻔﻬﺎ ‪ 120‬ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﯾن أن‬
‫اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت ﺗﻛﻠﻔﻬﺎ ‪ 100‬ﺳﺎﻋﺔ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻻ ﺟدال ﻓﻲ أن دوﻟﺔ اﻟﺑرﺗﻐﺎل ﺗرﺑﺢ إذا ﺣﺻﻠت ﻋﻠﻰ أﻛﺛر ﻣن ‪ 0,888‬وﺣدة ﻣن‬
‫اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت ﻣﻘﺎﺑل وﺣدة ﻣن اﻟﺧﻣر و ذﻟك ﻷن اﻷوﻟﻰ ﺗﻛﻠﻔﻬﺎ ‪ 90‬ﺳﺎﻋﺔ ﻋﻣل ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻻ‬
‫ﺗﻛﻠﻔﻬﺎ إﻟﻰ ‪ 80‬ﺳﺎﻋﺔ ﻋﻣل‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﯾﺎم ﺗﺟﺎرة ﻣن اﻟدوﻟﺗﯾن ﻣﺎذا ﯾﺣدث ؟‬

‫ﺳﺗطﺎﻟب دوﻟﺔ اﻟﺑرﺗﻐﺎل ﺑﺄﻛﺛر ﻣن ‪ 0,888‬وﺣدة ﻣن اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت ﻣﻘﺎﺑل ﻛل ‪ 100‬وﺣدة ﻣن اﻟﺧﻣر‬


‫ﺣﺗﻰ ﺗﻌود ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻔﺎﺋدة‪.‬‬

‫و ﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟدوﻟﺔ إﻧﺟﻠﺗ ار‪ .‬اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻘﺑل ﺗﺻدﯾر أي ﻛﻣﯾﺔ أﻗل ﻣن ‪ 1200‬وﺣدة ﻣن‬
‫اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت ﻣﻘﺎﺑل ‪ 1000‬وﺣدة ﻣن اﻟﺧﻣر ﻷن اﻟﻛﻣﯾﺔ اﻷﻗل ‪ 1200‬وﺣدة ﯾﻣﺛل رﺑﺢ إﻧﺟﻠﺗ ار‪.‬‬

‫و إذا ﻓرﺿﻧﺎ أن ﻣﻌﺎﻣل اﻟﺗﺑﺎدل ﻫو ‪ :‬وﺣدة ﻣن اﻟﺧﻣور = وﺣدة ﻣن اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت‪ ،‬ﻓﯾﺣدث اﻵﺗﻲ ‪:‬‬

‫‪ -‬ﺳﺗﺣﺻل إﻧﺟﻠﺗ ار ﻋﻠﻰ وﺣدة ﻣن اﻟﺧﻣور ﻛﺎﻧت ﺗﻛﻠﻔﺗﻬﺎ ‪ 120‬ﺳﺎﻋﺔ ﻋﻣل ﻣﻘﺎﺑل وﺣدة ﻣن‬
‫اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت ﻣﻌﻧﺎﻩ أن ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ رﺑﺣت ‪ 20‬ﺳﺎﻋﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺳﺗﺣﺻل اﻟﺑرﺗﻐﺎل ﻋﻠﻰ وﺣدة ﻣن اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت ﻛﺎﻧت ﺗﻛﻠﻔﺗﻬﺎ ‪ 90‬ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻘﺎﺑل ﺗﺻدﯾرﻫﺎ ﻟوﺣدﻩ ﻣن‬
‫اﻟﺧﻣور و اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻛﻠﻔﻬﺎ إﻻ ‪ 80‬ﺳﺎﻋﺔ ﻋﻣل ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻬﺎ اﺳﺗطﺎﻋت رﺑﺢ ‪ 10‬ﺳﺎﻋﺎت ﻣن‬
‫اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬ﻣﺟﻣوع ﻣﺎ رﺑﺣﺗﻪ اﻟدوﻟﺗﯾن ﻣن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺑﺎدل ﻫو ‪ 30‬ﺳﺎﻋﺔ‪.‬‬

‫و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﻔﺳرﻩ اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺗﺟﺎري ﺑﯾن اﻟدول ﻓﯾرﻏم ﻣن اﻟﺗﻔوق اﻟﻣطﻠق ﻟﺗﻛﺎﻟﯾف اﻹﻧﺗﺎج ﻟﻠﺳﻠﻌﺗﯾن إﻻ‬
‫أن ﻫﻧﺎك ﻓﺎﺋدة ﻣن اﻟﺗﺧﺻص ﻓﻲ ﺳﻠﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔوق ﻓﯾﻬﺎ ﺑﻧﺳﺑﺔ أﻛﺑر و ﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻹﻧﺟﻠﺗ ار اﻟﺗﻲ‬
‫ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻬﺎ أن ﺗﺗﺧﺻص ﻓﻲ إﻧﺗﺎج اﻟﺳﻠﻌﺔ اﻟﺗﻲ درﺟﺔ اﻟﺗﺄﺧر ﻟم ﯾﻛون أﻗل‪.‬‬

‫و ﻛﻐﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺗﻌرﺿت ﻧظرﯾﺔ اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ﻟﻺﻧﺗﺎج إﻟﻰ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻹﻧﺗﻘﺎدات‬
‫ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾﺻﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ -‬إﻫﻣﺎل اﻟﻌﺎﻣل اﻟﻧﻘدي ﻓﻲ اﻟﻔرﺿﯾﺎت اﻟﺗﻲ اﻧطﻠﻘت ﻣﻧﻬﺎ‪.‬‬


‫ﻼ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺣﺻرت ﻧﻔﻘﺎت اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻓﻘط و أﻫﻣﻠت اﻟﻧﻔﻘﺎت اﻷﺧرى ﻹﻧﺗﺎج ﻛﻧﻔﻘﺎت اﻟﻧﻘل ﻣﺛ ً‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ﻋﺟز اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد و ﺗوﺿﯾﺢ ﻧﺳب و ﻣﻌدﻻت اﻟﺗﺑﺎدل اﻟدوﻟﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.332‬‬ ‫‪1‬‬

‫وﻟﯾد ﻋﺎﺑﻲ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ -8‬ﺗﻘﯾﯾم أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻣزاﯾﺎ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ‪:‬‬

‫دﻓﻌﺎ ﻗوﯾﺎ ﻟﻌﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻣن ﺧﻼل ﺗطرﻗﻬﺎ إﻟﻰ‬


‫‪ -‬أﻋطت اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺑﻬﺎ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ ً‬
‫ﻧظرﯾﺎت اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﻘﯾﻣﺔ و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬و ﻗد ﻛﺎن أب اﻟﻣدرﺳﺔ آدم ﺳﻣﯾث أول ﻣن أﻗر ﺑﺄن ﻣﺻدر‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺛروة ﺗﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫‪ -‬اﻋﺗﺑرت أﻓﻛﺎر اﻟﻣ درﺳﺔ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻹﻧطﻼﻗﺔ ﻷﻓﻛﺎر ﺟدﯾدة وﻗوة ﻟظﻬور ﻣدارس أﺧرى ﻓﻲ ﻣﯾدان ﻋﻠم‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﺗراﻛم رأس و أﻫﻣﯾﺔ ﺗراﻛﻣﻪ ﻓﻲ إﺣداث اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ و اﻟﻧﻣو‪.‬‬

‫ب‪ -‬اﻹﻧﺗﻘﺎدات اﻟﻣوﺟﺔ ﻟﻠﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ -‬ﺗﺑﻧﻬﺎ اﻟﻔﻛرة اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻌﺗﻘد أن اﻟﻘواﯾن اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ أزﻟﯾﺔ و ﻣطﻠﻘﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬إﻫﻣﺎل ﻋﻧﺎﺻر اﻹﻧﺗﺎج ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ و إﻗﺗﺻﺎر ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺎ ﯾﺑذﻟﻪ اﻟﻌﺎﻣل ﻣن ﺳﺎﻋﺎت‬
‫اﻟﻌﻣل‪.‬‬
‫‪ -‬إﻫﻣﺎل اﻟﻛﻼﺳﯾك ﻟدور اﻟﻧﻘود ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣﺟرد و ﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﺗﺑﺎدل ﻓﻲ ﺣﯾن أن‬
‫ﻟﻠﻧﻘودأﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟظواﻫر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﻣﻧﺎدة ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻣﺑدأ ﻋدم ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي و ﺗﺣدﯾد وظﯾﻔﺗﻬﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﺣﺎرس اﻟﻠﯾﻠﻲ اﻟذي ﯾﺣﻣﻲ اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ إﻟﻰ اﻹﺣﺗﻛﺎرات و إﻟﻰ ظﻬور أزﻣﺎت‪.‬‬
‫‪ -‬اﻹﻧﺗﻘﺎد اﻷﺧطر اﻟذي وﺟﻪ ﻟﻠﻣدرﺳﺔ ﻫو اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻧظرﯾﺗﻬم ﻟﻠﺗﺷﻐﯾل‪ ،‬ﻓﺎﻋﺗﻘﺎدﻫم أن اﻧﺧﻔﺎض‬
‫اﻷﺟور ﺳﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﺎﻟ ﺔ ﻫو رأي ﺧﺎطﺊ ﻷن اﻧﺧﻔﺎض اﻷﺟور ﺳﯾؤدي إﻟﻰ‬
‫اﻻﻧﺧﻔﺎض ﻓﻲ دﺧل اﻟﻌﻣﺎل و ﻣن ﺛم إﻟﻰ اﻧﺧﻔﺎض طﻠﺑﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ ﻣﺎ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.58‬‬ ‫‪1‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.131‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪65‬‬
‫ﺣﯾث أن اﻟﻣﻧﺗﺟﯾن ﺳﯾﺣﻔﺿون ﻣن إﻧﺗﺎﺟﻬم ﻟﻠﺳﻠﻊ و ﻛذﻟك ﺳﯾﺗﺧﻠﺻون ﻣن ﺟزء ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﻌﻣﺎل‬
‫‪1‬‬
‫ﻣﻣﺎ ﯾزﯾد ﻣن اﻟﺑطﺎﻟﺔ أﻛﺛر‪.‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.58‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪66‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ‬

‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‬

‫‪67‬‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‬

‫ظﻬرت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻛﻣذﻫب ﻓﻛري ف اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن‪ ،‬ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﻋرﻓت ﻓﯾﻬﺎ‬
‫ﻛﺑﯾر و ﻋﻠﻰ ﻧطﺎق واﺳﻊ‪ ،‬ﺣﯾث ﻋرف إﻧﺗﺎج اﻟﺳﻠﻊ و اﻟﺧدﻣﺎت ﺗطور و إزدﻫﺎر‬ ‫ﺗطور ًا‬
‫ًا‬ ‫اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ‬
‫ﻛﺑﯾرﯾن ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻺﺟراءات اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﻛﺑﯾرة اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﺗﻬﺎ اﻟﻔﺗرة‪.‬‬

‫و ﻗد ﺳﻣﯾت ﺑﺎﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﻣؤﺳﺳﻬﺎ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس اﻟذي ﺷﻬد ﻫذا اﻟﺗطور ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك‬
‫ﺷﻬد و ﺷﺎﻫد ﺣﺎﻟﺔ و وﺿﻊ اﻟﻣﻼﯾﯾن ﻣن اﻟﻌﻣﺎل اﻟذﯾن ﯾﻌﻣﻠون ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ و ﯾﻌﯾﺷون ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﺑؤس و‬
‫اﻟﻔﻘر و اﻟﺗﻌﺎﺳﺔ و ﺣﺗﻰ اﻟﺑطﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻫذﻩ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣرﻣﻬﺎ اﻟﺗﻧﺎﻗص ﺑﯾن ﻓﺋﺔ ﻗﻠﯾﻠﺔ ﻣن اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﯾن ﺗﻣﻠك‬
‫وﺳﺎﺋل اﻹﻧ ﺗﺎج و ﺗﻌﯾش ﻓﻲ ﺗرف و ﺑﯾن ﻓﺋﺔ ﻛﺑﯾرة ﺣوﻟﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺋﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾن إﻟﻰ ﻓﻘراء و ﻣﺿطﻬدﯾن‪ ،‬ﺳﺎﻫﻣت‬
‫ﻫذﻩ اﻟﺑﯾﺋﺔ ﻓﻲ ﺑروز اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎﻫض ﻟﻠواﻗﻊ و ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬ﻟﻣﺣﺔ ﻋن راﺋدي اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﻛﺎرل ﻣﺎﻛس ‪Karl marx (1883-1818) :‬‬
‫وﻟد ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﯾوم ‪ 05‬ﻣﺎي ‪ 1818‬ﺑﺑروﺳﯾﺎ )أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺣﺎﻟﯾﺎ( و ﻫو اﻹﺑن اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺗرﺗﯾب اﻷﺳرة‬
‫اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣن ﺗﺳﻌﺔ أﺑﻧﺎء‪ ،‬ﯾﻧﺣدر واﻟدﻩ ﻣن أﺳرة ﯾﻬودﯾﺔ‪ ،‬ﺿﻣت اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺣﺧﺎﻣﺎت و ﺗﺟﺎر ﻣزارع‬
‫اﻟﻛرم‪ ،‬إﻻ أن واﻟدﻩ إﺿطر إﻟﻰ إﻋﺗﻧﺎق اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﯾﺔ ﺳﻧﺔ ‪ 1816‬ﻣن أﺟل اﻟﺳﻣﺎح ﻟﻪ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻣﻬﻧﺔ‬
‫اﻟﻣﺣﺎﻣﺎة‪ ،‬أﻣﺎ واﻟدﺗﻪ ﻫﻧرﯾﯾت ﺑرﺳﯾورغ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻧﺣدر ﻣن ﻋﺎﺋﻠﺔ ﯾﻬودﯾﺔ ﻫوﻟﻧدﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺗﻠﻘﻰ ﻛﺎرل ﻣﺎﻛس ﺗﻌﻠﯾﻣﻪ اﻟﺛﺎﻧوي ﺑﻣﺳﻘط رأﺳﻪ ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﺗرﯾف‪ ،‬ﺛم اﻧﺗﻘل إﻟﻰ ﺑون ﺳﻧﺔ ‪1935‬‬
‫اﻟدراﺳﺔ اﻟﻘﺎﻧون‪ ،‬ﺛم إﻟﻰ ﺑرﻟﯾن ﺳﻧﺔ ‪ 1936‬ﻟﯾدرس ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺗﻬﺎ ﻓرﯾدرﯾش ﻓﯾﻠﻬﻠم اﻟﺗﺎرﯾـﺦ و اﻟﻔﻠﺳﻔـﺔ‪ ،‬و ﺷرع‬
‫ﻓﻲ إﻧﺟﺎز أطروﺣﺗﻪ ﻟﻠدﻛﺗوراة ﻋﺎم ‪ 1939‬ﺣول اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻷﺑﯾﻘورﯾﺔ‪ ،‬و ﻗد ﺗﺧرج ﺑدرﺟﺔ اﻟدﻛﺗوراﻩ ﺳﻧﺔ ‪1841‬‬
‫ﻣن ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﯾﯾﻧﺎ و ﻫﻲ ﻣن أﻋرق اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ‪.‬‬

‫أﻟف ﻛﺎرل ﻣﺎﻛس اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣؤﻟﻔﺎت‪ ،‬ﻣﻧﻬﺎ "ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﻘد اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬و ﻛﺗﺎب ﻧظرﯾﺎت‬
‫ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ" و ﻛﺗﺎب "ﺑﯾﺎن اﻟﺣرب اﻟﺷﯾوﻋﻲ" و ﻛﺗﺎب "ﺑؤس اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ و اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ و‬

‫ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺟزﯾرة ‪ :‬ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻣن اﻟﻣوﻗﻊ ‪ ، www.aljazeera.net :‬ﻛﺗب ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 7‬ﻣﺎي ‪ ،2015‬أﺧر زﯾﺎرة )‪23‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻧوﻓﻣﺑر ‪(2019‬‬
‫‪68‬‬
‫"أطروﺣﺎت ﺣول ﻓﯾورﺑﺎخ" و اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﯾﻬودﯾﺔ‪ ،‬إﻻ أن ﻛﺗﺎب "رأس اﻟﻣﺎل" ﯾﻌد أﻫم ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ و أﺷﻬرﻫﺎ‪ ،‬ﺣﯾث‬
‫ﻋﻣد ﻓﯾﻪ إﻟﻰ ﻧﻘد ﻧظرﯾﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺳﺎﺋدة ﻗﺑﻠﻪ و إﻟﻰ دراﺳﺔ اﻟﻧﻣط اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‪.‬‬

‫ﺗوﻓﻲ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻓﻲ ‪ 14‬ﻣﺎرس ‪ 1883‬و دﻓن ﺑﻣﻘﺑرة ﻫﺎي ﻏﯾت ﻓﻲ ﻟﻧدن ﯾوم ‪ 17‬ﻣﺎرس‬
‫‪1‬‬
‫‪1883‬م‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻓرﯾدرﯾك إﻧﺟﻠز ‪:‬‬

‫وﻟد ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﺑﺎرﻣن ﺑﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ ‪ 28‬ﻧوﻓﻣﺑر ‪ ،1820‬ﻟم ﯾﻛﻣل ﺗﻌﻠﯾﻣﻪ اﻟﺛﺎﻧوي ﺑﺳﺑب ﺗوﺟﻬﻪ ﻣﺳﺎﻋدة‬
‫واﻟدﻩ ﻓﻲ إدارة ﻣﺷﺎرﯾﻌﻪ ﻛون أن واﻟد إﻧﺟﻠز ﻛﺎن ﻣﺳﺗﻣر رأﺳﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬إﻻ أن ذﻟك ﻟم ﯾؤﺛر ﻋﻠﯾﻪ ﺣﯾث أن إﻧﺟﻠز‬
‫اﻧﻛب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟذاﺗﻲ و ﻗد إﺳﺗطﺎع اﺗﻘﺎن ‪ 20‬ﻟﻐﺔ إﻫﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﺣرﻛﺎت اﻟﻌﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﻛﺗب ﻣؤﻟﻔﺔ‬
‫‪2‬‬
‫إﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ ﻣﻼﺣظﺎﺗﻪ و أﺑﺣﺎﺛﻪ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ‪ ،‬أﺻدر ﻣﻊ زﻣﯾﻠﻪ ﻛﺎرل‬
‫ً‬ ‫وﺿﻊ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻋﺎم ‪1844‬‬
‫ﻣﺎﻛس ﺳﻧﺔ ‪ 1848‬ﺑﯾﺎﻧﻬﻣﺎ اﻟﻣﺷﺗرك اﻟﻣﺷﻬور و اﻟﻣﻌروف ﺑﺑﯾﺎن اﻟﺣرب اﺷﯾوﻋﻲ و اﻟذي ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ‬
‫إﺧﺗﺻﺎر ﺑﺎﻟﺑﯾﺎن اﻟﺷﯾوﻋﻲ‪.‬‬
‫ًا‬

‫ﺳﺎﻋد ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻣﺎدﯾﺎ ﻣن أﺟل إﺗﻣﺎم ﻛﺗﺎب رأس اﻟﻣﺎل و ﺑﻌد وﻓﺎة ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻧﺷر اﻧﺟﻠز‬
‫اﻟﺟزﺋﯾن اﻟﺛﺎﻧﻲ و اﻟﺛﺎﻟث ﻣن ﻫذا اﻟﻛﺗﺎب ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻛل ذﻟك ﻧظﺎم إﻧﺟﻠﻠز ﻣﺧﺗﻠف ﺗﺧﻣﯾﻧﺎت ﻛﺎرل‬
‫ﻣﺎرﻛس و اﻟذي ﯾﻌد اﻟﺟزء اﻟراﺑﻊ ﻣن ﻛﺗﺎب اﻟرأﺳﻣﺎل‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ﺗوﻓﻲ ﻓردرﯾك اﻧﺟﻠز ﻓﻲ ‪ 05‬أوت ‪ 1895‬ﻓﻲ ﻟﻧدن‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬ﻣﺻﺎدر اﻟﻣﺎرﻛﯾﺔ اﻟﺛﻼت‪.‬‬

‫ﻗﺑل اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺑﻬﺎ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻻﺑد ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺷﺎرب اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫أﺛرت ﻓﻲ ﻓﻛر رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﻧذﻛر ﻣﻧﻬﺎ ‪:‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣﺎروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.141‬‬ ‫‪2‬‬

‫اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺣرة وﻛﯾﺑﯾدﯾﺎ ‪ :‬ﻓردﯾرﯾك إﻧﺟﻠز‪ ،www.wikipedia.org ،‬أﺧر زﯾﺎرة )‪ 20‬ﻧوﻓﻣﺑر ‪.(2019‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪69‬‬
‫أ‪ -‬اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﯾﻘول ﻓﻼدﯾﻣﯾر ﻟﻧﯾن أﺣد أﺑرز اﻟﻘﺎدة اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﯾﯾن ‪:‬‬


‫» إن ﻛﺗﺎب رأس اﻟﻣﺎل ﻟﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻟﻪ ﺑدون ﻣذﻫب ﻫﯾﺟل اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ ﺗطور اﻟﺗﻧﺎﻗص أو‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ«‬

‫ﻋﺿوا ﻓﻲ إﺣدى ﻧوادي‬


‫ً‬ ‫و ﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ أن ﯾﺗﺄﺛر ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﺑﻔﻛرة اﻟﻔﯾﻠﺳوف ﻫﯾﺟل ﻛوﻧﻪ ﻛﺎن‬
‫اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﻧﺷﺄﻫﺎ ﺗﻼﻣﯾذ ﻣﯾﺟل اﻟﻣﺗﺄﺛرﯾن ﺑﻔﻠﺳﻔﺗﻪ‪ ،‬و ﺗﻌﺗﺑر ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﯾﺟل ﻣن أﻫم اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺎت ﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫و اﻟذي ﻗﺎدﻩ ﺑدورﻩ إﻟﻰ ﻣﺎدﯾﺔ ﻓورﺑﺎح و أﻫم ﻫذﻩ اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺎت ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ﻫﻲ ﻓﻛرة اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾك‪ ،‬أي‬
‫ﺑﻌدا ﻋن ﺿﯾق اﻷﻓق‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ ﺑﺳﺑﺑﻪ اﻟﻣﻌﺎر‬
‫ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطور ﺑﺄﻛﻣل ﻣظﺎﻫرﻫﺎ و أﺷدﻫﺎ ﻋﻣﻘﺎ و أﻛﺛرﻫﺎ ً‬
‫اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻛس اﻟﻣﺎدة ﻓﻲ ﺗطورﻫﺎ اﻟداﺋم‪.‬‬

‫ﻗد ﻛﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣﻔﻛر ﺗﺄﺛﯾر واﺿﺢ ﻓﻲ ﻛل أﻓﻛﺎر ﻓرﯾدرﯾك اﻧﺟﻠز و ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻷﻧﻪ ﻗدس اﻟﻣـﺎدة و‬
‫اﻋﺗﺑرﻫﺎ أﺳﺎس اﻟوﺟود و ﺑﺗﻌﺑﯾر آﺧر ﻓﺈن ﻓﯾورﺑﺎج ﺣررﻫﻣﺎ ﻣن ﻣﯾﺗﺎﻟﯾﺔ ﻣﯾﺟل ﻣﺳﺗﻔزان ﻣن أﻓﻛﺎرﻩ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫‪2‬‬
‫ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺟدﻟﯾﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ و اﻟﺟدﻟﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‪.‬‬

‫وﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﺗﺿﺢ ﺟﻠﯾﺎ ﻣدى ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫ب‪ -‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻹﻧﺟﻠﯾز ‪:‬‬

‫إﻗﺗﺻﺎدا ﻣﻠﺣوظًﺎ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟدول‬


‫ً‬ ‫ﻋرﻓت ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﺗﻘدﻣﺎ ﺻﻧﺎﻋﯾﺎ و‬
‫ﺗطور‪.‬‬
‫ًا‬ ‫اﻷوروﺑﯾﺔ اﻷﺧرى ﻓﻘد ﻛﺎﻧت أﻛﺛر اﻟﺑﻠدان اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ‬

‫ﺗﺳﺎﯾر ﻣﻊ ﻫذا اﻟﺗطور اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﯾﻛون اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ ﻋﻠﻰ ﯾد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن‬
‫ًا‬ ‫و‬
‫اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻟﻛﻼﺳﯾك و ﻋﻠﻰ رأﺳﻬم آدم ﺳﻣﯾث و داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو‪ ،‬ﻫذﻩ اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣﺣل دراﺳﺔ و‬

‫ﻣﺣﻣد ﺷﺎد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻣﺣﻣود‪ ،‬اﻟﻔﻛر اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻓﻲ ﻣﯾزان اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻔﺟر اﻟﺟدﯾد‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪،1982 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪.40‬‬
‫)د م(‪ ،‬ﻟﻧﯾن‪ ،‬ﻣﺧﺗﺎرات‪ ،‬دار اﻟﺗﻘدم‪ ،‬ﻣوﺳﻛو‪ ،‬روﺳﯾﺎ‪ ،‬ج‪ ،1977 ،1‬ص ص ‪.23-22‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪70‬‬
‫اﻧﺗﻘﺎد ﻣن ﻗﺑل ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس‪ .‬ﻓﻧظرﯾﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﺗﻲ اﻛﺗﺷﻔﻬﺎ آدم ﺳﻣﯾث و داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو‪ ،‬واﺻل ﻛﺎرل‬
‫أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻣﯾﺎ ﺧﺎﻟﺻﺎ و ﺑﯾن أن ﻗﯾﻣﺔ ﻛل ﺳﻠﻌﺔ ﻣﺷروطﺔ ﯾوﻗف‬
‫ً‬ ‫ﻣﺎرﻛس ﻋﻣﻠﻬﻣﺎ‪ ،‬ﺣﯾث أﻋطﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﻣل اﻟﺿروري إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ﻹﻧﺗﺎﺟﻬﺎ‪ .‬و ﻗد ﻛﺎن اﻟﻛﻼﺳﯾك ﯾرون أن اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺗﺗم ﺑﯾن اﻷﺷﯾﺎء أي ﻣﺑﺎدﻟﺔ‬
‫ﻣﻌﺗﺑر أن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺑﺎدل اﻟﺳﻠﻊ ﻣﺎ ﻫو إﻻ‬
‫ًا‬ ‫ﺳﻠﻌﺔ ﺑﺳﻠﻌﺔ أﺧرى‪ ،‬اﻛﺗﺷف ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن اﻟﻧﺎس‬
‫ﺗﻌﺗﺑر ﻋن اﻟﺻﻠﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺟﯾن اﻟﻣﻧﻔردﯾن و اﻟﻧﻘد ﺑواﺳطﺔ اﻟﺳوق‪ ،‬و ﻣﺎ ﯾﻌﺑر ﻋن اﺳﺗﻣرار ﺗطور‬
‫ﻫذى اﻟﺻﻠﺔ ﻫو اﻟرأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﺗؤدي ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ )ﻣﻧﺗﺞ‪-‬ﻣﺎل( إﻟﻰ إﻋﺗﺑﺎر ﻗوة اﻟﻌﺎﻣل ﻛﺑﺿﺎﻋﺔ أي أﻧﻪ ﯾﺑﯾﻊ‬
‫ﻗﺳﻣﺎ ﻣن ﯾوم اﻟﻌﻣل ﻟﺗﻐطﯾﺔ ﻧﻔﻘﺎت‬
‫ﻗوة ﻋﻣﻠﻪ ﻟﻣﺎﻟك اﻷرض أو إﻟﻰ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺎﻣل ﻫﻧﺎ »ﯾﺳﺗﺧدم ً‬
‫إﻋﺎﻟﺗﻪ و إﻋﺎﻟﺔ أﺳرﺗﻪ )اﻷﺟرة( و ﯾﺳﺗﺧدم اﻟﻘﺳم اﻵﺧر ﻟﻠﺷﻐل ﻣﺟﺎ ًﻧﺎ ﺧﺎﻟ ًﻘﺎ ﻟﻠرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟزاﺋدة اﻟﺗﻲ‬
‫ﻫﻲ ﻣﺻدر رﺑﺢ‪ ،‬ﻣﺻدر إﺛراء ﻟﻠطﺑﻘﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ«‪.‬‬

‫و ﺗﻌﺗﺑر ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻣﺿﺎﻓﺔ ﺣﺟر اﻟزاوﯾﺔ ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس‪ .‬و ذﻟك ﺑﺎﻷﺳﺗﻧﺎد ﻋﻠﻰ أﻓﻛﺎر‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻟذﯾن ﺑﯾﻧوا أن اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ اﻟﻌﻣل‪ .‬ﻣﻣﺎ ﯾﺑﯾن أن ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس أﺧذ اﻟﻌدﯾد ﻣن‬
‫أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻹﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ ﺳﺎﻫﻣت ﺑﺷﻛل ﺟﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﻠورة أﻓﻛﺎرﻩ و أﻓﻛﺎر ﺻدﯾﻘﻪ أﻧﺟﻠز‪.‬‬

‫ج‪ -‬اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﺑﻌدﻣﺎ ﺗم اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻹﻗطﺎﻋﻲ ﻓﻲ أوروﺑﺎ و ﺣل ﻣﺣﻠﻪ اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟﺣر‪ ،‬ﺗﺑﯾن أن‬
‫ﺟدﯾدا ﻹﺿطﻬﺎد و ﻟﻺﺳﺗﻐﻼل اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ دﻓﻊ ﺑظﻬور ﺗﯾﺎرات ﻓﻛرﯾﺔ و‬
‫ً‬ ‫ﻫذﻩ اﻟﺣرﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ ﻧظﺎﻣﺎ‬
‫ﻣﻧﻬﺑﯾﺔ ﺗﻧﺎدي ﺑﺎﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﯾد اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻛﺎﻧﺎ أﺷﻬرﻫم ﺳﺎن ﺳﯾﻣون و ﻓورﯾﺔ و ﻟﻛﻧﻬﺎ‬
‫إﺷﺗراﻛﯾﺔ طوﺑﺎوﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻘد ﻛﺎﻧت ﺗﻧﺗﻘد و ﺗﻠﻌن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ و ﺗﺣﻛم ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﻪ و إزاﻟﺗﻪ ﻣﺛل اﻟﻧظﺎم‬
‫اﻹﻗطﺎﻋﻲ و ﺗﺗﺧﯾل ﻧظﺎﻣﺎ أﻓﺿل و ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ إﻗﻧﺎع اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﯾن ﺑﺄن اﻹﺳﺗﺛﻣﺎر ﻣﻧﺎف ﻟﻸﺧﻼق‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ‬
‫أن اﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟطوﺑﺎوﯾﺔ ل ﺗﻛن ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎ د اﻟﻣﺧرج اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ و ﻣﻊ ذﻟك ﻓﻘد أﺧذ ﻛﺎرل ﻣﺎﻛس ﻣن‬
‫اﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﻔﻛرة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن اﻟﺷﻌوب ﺗﻌﯾش ﻓﻲ ﻓﺗرة ﺛورﯾﺔ ﯾﺣﺎول ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺿطﻬدون‬
‫ﺑﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﻬم ﺗﺣطﯾم اﻷﻏﻼل اﻟﺗﻲ ﺗﻛﯾل أﯾﺎدﯾﻬم‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‬

‫ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﻬم اﻷﻓﻛﺎر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس دون ﻓﻬم أﻓﻛﺎر وﻣﯾوﻻﺗﻪ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ‪ ،‬و ﻟﻬذا ﺳﻧﺗطرق‬
‫‪1‬‬
‫ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟدﯾﺎﻟﯾﻛﺗﯾﻛﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﻗﺑل اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾﻛﯾﺔ‪ ،‬ﯾﺟب أوﻻ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻌﻧﻰ اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾﻛﯾﺔ ‪»:‬ﻓﺎﻟدﯾﺎﻟﯾﻛﺗﯾﺔ‬
‫ﻣﺷﺗﻘﺔ ﻣن ﻛﻠﻣﺔ اﻟﺣوار و ﺗﺑﺎدل اﻟﺣﺟﺞ و ﻗد إﺳﺗﻌﺎر اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﻫﯾﺟل ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻠﻐوي‬
‫ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻣﻧﻬﺞ ﻣﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﯾﺄﺧذ ﺑﺎﻟﺗﻧﺎﻗص اﻟﻘﺎﺋم ﻓﻲ اﻷﺷﯾﺎء و اﻷﻓﻛﺎر و ﺗﻌﺗﺑر أن اﻷﺻل ﻫو‬
‫ﺗطور اﻷﺷﯾﺎء ﻻ ﯾﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻪ ﻟﺣظﺔ واﺣدة و إﻧﻣﺎ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﺗطور ﻣﺳﺗﻣر«‬

‫أﻣﺎ ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﻛﯾﺔ ﻓﻘد ﺳﻣﯾت ﻛذﻟك ﻷن أﺳﻠوﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧظر إﻟﻰ ﺣوادث اﻟطﺑﯾﻌﺔ أو‬
‫طرﯾﻘﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث و اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻓﻬﻲ دﯾﺎﻟﻛﺗﻛﯾﺔ‪ ،‬و ﻷن ﺗﻌﻠﯾﻠﻬﺎ ﻟﻠﺣوادث اﻟﺟﺎري ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ و ﺗﺻورﻫﺎ ﺗرﺟﻊ‬
‫‪2‬‬
‫ﻟﻠﻣﺎدة‪.‬‬

‫و ﯾرﺟﻊ ﻛل ﻣن ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس و ﻓردرﯾك إﻧﺟﻠز طرﯾﻘﺗﻬﻣﺎ اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾﻛﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻔﯾﻠﺳوف ﻫﯾﺟل أﺷﻬر و‬
‫أﻋظم اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﯾن ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ و اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻟذي أﺑﺎن اﻟﺧطوط اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠدﯾﺎﻟﻛﺗﯾك‪ ،‬و ﻗد إﻗﺗﺑس‬
‫ﻣﺎرﻛس و إﻧﺟﻠز ﻧواﺗﻪ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻓﻘط و طرﺣﺎ ﻗﺷرﺗﻪ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬

‫ﯾﻘول ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ‪:‬‬


‫» إن طرﯾﻘﺗﻲ اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾﻛﯾﺔ ﻻ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟﻬﯾﺟﻠﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻷﺳﺎس ﻓﺣﺳب‪ ،‬ﺑل ﻫﻲ ﺿدﻫﺎ‬
‫ﺗﻣﺎﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺣرﻛﻪ اﻟﻔﻛر‪ ،‬ﻫذا اﻟﻔﻛر اﻟذي ﯾﺷﺧﺻﻪ ﻫﯾﺟل و ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ إﺳم "اﻟﻔﻛرة" ﻫﻲ ﻓﻲ ﻧظرﻩ ﺧﺎﻟق‬
‫ً‬
‫اﻟواﻗﻊ و ﺻﺎﻧﻌﻪ‪ ،‬ﻓﻣﺎ اﻟواﻗﻊ إﻻ اﻟﺷﻛل اﻟﺣﺎدﺛﻲ ﻟﻠﻔﻛرة‪ ،‬أﻣﺎ ﻓﻲ ﻧظري‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻌﻛس‪ ،‬ﻟﯾﺳت ﺣرﻛﺔ اﻟﻔﻛر‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.90‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺳﺗﺎﻟﯾن‪ ،‬اﻟﻣﺎدة اﻟدﯾﺎﻟﻛﯾﺗﻛﯾﺔ و اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻗدري ﻣﺣﻣود ﺣﻧﻔﻲ‪ ،‬دار دﻣﺷق ﻟﻠطﺑﺎة و اﻟﻧﺷر‪ ،‬دﻣﺷق‪ ،‬ﺳورﯾﺎ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،2008‬ص ‪.17‬‬
‫‪72‬‬
‫ﺳوى إﻧﻌﻛﺎس اﻟﺣرﻛﺔ اﻟواﻗﻌﯾﺔ ﻣﻧﻘوﻟﺔ إﻟﻰ دﻣﺎغ اﻹﻧﺳﺎن و ﻣﺳﺗﻘرة ﻓﯾﻪ«‪ 1.‬ﻣﻣﺎ ﯾﺗﺑﯾن اﺗﻌﺎرض ﺑﯾن‬
‫اﻟﻣﯾﺗﺎﻟﯾﯾن و ﻋﻠﻰ رأﺳﻬم ﻫﯾﺟل و اﻟﻣﺎدﯾﯾن و ﻋﻠﻰ رأﺳﻬم ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻓﻲ طرﯾﻘﺗﻬﻣﺎ ﻟﺗﻔﺳﯾر اﻷﺣداث و‬
‫ﻟﺗﺻور اﻷﺷﯾﺎء و ﻋﻼﻗﺗﻬﺎ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ‪.‬‬

‫ﯾرﺟﻊ ﻛل ﻣن ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس و إﻧﺟﻠز ﻣﺎدﯾﺗﻬﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﻓﯾورﺑﺎخ و ﻧﻔس ﺣﺎل ﻫﯾﺟل‬
‫ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻔﯾﻠﺳوف اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ اﻟﻣﺎدي ﺣﯾث أﻧﻬﺎ )ﻣﺎرﻛس‪ ،‬إﻧﺟﻠز( اﻗﺗﺑﺳﺎ ﻣن ﻣﺎدﯾﺗﻪ ﺳوى ﻧواﺗﻬﺎ‬
‫اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﺛم وﺳﻌﺎﻫﺎ و ﺟﻌل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻧظرﯾﺔ ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣﺎدﯾﺔ و طرﺣﺎﺗﻬﻣﺎ ﻣﺎ ﺗراﻛم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺷور‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ و أﺧﻼﻗﯾﺔ و دﯾﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫و إذا ﺣﺎوﻟﻧﺎ اﺧﺗﺻﺎر ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﺎرﻛس ﻓﻲ ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﻟﻠﻣﺎدﯾﺔ ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧوﺟزﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻣﺎدة اﻟﻌﻧﺻر اﻷول و اﻟﻔﻛرة ﻣﺳﺗق ﻣﻧﻪ و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﻔرق ﺑﯾن اﻟﻧظرة اﻟﻣﺎدﯾﺔ و اﻟﻣﯾﺛﺎﻟﯾﺔ ﻟﻬذا‬
‫اﻟﻛون‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﻣﺎدة ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻣوﺟودة ﺧﺎرج اﻹدراك و اﻟﺷﻌور ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣوﺟود ﻣوﺟود ﺣﺗﻰ و إن ﻟم‬
‫ﻧﺗوﺻل ﺑﻌد إﻟﻰ إدراﻛﻪ أو اﻛﺗﺷﺎﻓﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻗدرة ﺗﻣﻛﻧﻪ ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ و اﻛﺗﺷﺎف ﻗواﻧﯾن اﻟﻌﺎﻟم ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟﻛون ﻣﺎ ﻻل ﯾﻣﻛن ﻣﻌرﻓﺗﻪ‪،‬‬
‫دون اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻣﻔﺎﻫﯾم ﻣﯾﺗﺎﻓزﯾﻘﯾﺔ ﻣﺛل اﻷدﯾﺎن ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻫذا اﻟﻛون‪.‬‬

‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺎدي ﻟﻠﻛون و اﻟذي ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻣﻔﻬوم ﻣﯾﺟل ﻟﻠﻛون ﯾﻘﺎل ﻋﺎدة ‪:‬‬
‫و ً‬
‫» أن ﻣﺎرﻛس ﻗد وﺟد اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﻋﻧد ﻫﯾﺟل ﻣﻘﻠوﺑﺔ‪ ،‬ﺗﻘف ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ‪ ،‬و أﻧﻪ ﻗﺎم ﺑﺗﺻﺣﯾﺢ اﻟﺟدل اﻟﻬﯾﺟﻠﻲ‬
‫‪3‬‬
‫و إﯾﻘﺎﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻗدﻣﯾﻪ«‬

‫أﻣﺎ إذا ﺣﺎوﻟﻧﺎ اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟطرﯾﻘﺔ اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾﻛﯾﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ﺑﻣﺎﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس‪ ،‬رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻣﺣﻣد ﻋﯾﺗﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣﺎﻋرف‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ج‪ ،1982 ،1‬ص ‪ .22‬أﻧظر أﯾﺿﺎ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺳﺗﺎﻟﯾن‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫ﺳﺗﺎﻟﯾن‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪73‬‬
‫اﻟدﯾﺎﻟﻛﯾﺗك ﻋﻛس اﻟﻣﯾﺗﺎﻓزﯾﻘﺎ‪ ،‬ﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺗراﻛﻣﺎ ﻋرﺿﯾﺎ ﻟﻸﺷﯾﺎء أو ظواﻫر ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻋن‬
‫اﺣدا ﻣﺗﻣﺎﺳك ﺗرﺗﺑط ﻓﯾﻪ اﻷﺷﯾﺎء ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض ارﺗﺑﺎطﺎ ﻋﺿوﯾﺎ‬
‫ﻼو ً‬‫ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض‪ ،‬ﺑل ﯾﻌﺗﺑر اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻛ ً‬
‫ﺑﺣﯾث ﯾﻛون ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺷرطﺎ ﻟﺑﻌض ﺑﺻورة ﻣﺗﻘﺎﺑﻠﺔ‪.‬‬

‫اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾك ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﻠﻣﯾﺗﺎﻓزﯾﻘﺎ‪ ،‬ﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻛون و ﺟﻣود داﺋم‪ ،‬ﺑل ﯾﻌﺗﺑرﻫﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺣرﻛﺔ‬
‫و ﺗﻐﯾﯾر داﺋﻣﯾن‪ ،‬و ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺟدد و ﺗطور داﺋﻣﯾن ﻓﻔﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدوام أﺷﯾﺎء ﺗوﻟد و ﺗﺗطور و أﺷﯾﺎء ﺗﻧﺿﺣل و‬
‫ﺗﻧﺣل و ﻟﻬذا ﯾﻘول ﻓرﯾدرﯾك إﻧﺟﻠز ‪:‬‬

‫»إن اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺑﺄﻛﻣﻠﻬﺎ ﻣن أﺿﺄل اﻷﺟزاء إﻟﻰ أﻛﺑر اﻷﺟﺳﺎم‪ ،‬ﻣن ﺣﺑﺔ اﻟرﻣل إﻟﻰ اﻟﺷﻣس ﻣن اﻟﺑروﺗﯾﺳت‬
‫)و ﻫﻲ اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻟﺣﯾﺔ اﻹﺑﺗداﺋﯾﺔ( إﻟﻰ اﻹﻧﺳﺎن‪ ،‬ﻫﻲ ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ داﺋﻣﺔ ﻣن اﻟﺳوء و اﻹﺿﻣﺣﻼل‪ ،‬ﻫﻲ ﻓﻲ‬
‫ﻣد ﻻ ﯾﻧﻘطﻊ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ و ﺗﻐﯾر ﻣﺳﺗﻣرﯾن أﺑدﯾﯾن«‪ 1‬و ﻟذﻟك ﻓﺎﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾك ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺑﻪ ﯾﻧظر ﺑﺎﻟدراﺟﺔ اﻷوﻟﻰ‬
‫إﻟﻰ اﻷﺷﯾﺎء و إﻟﻰ إﻧﻌﻛﺎﺳﻬﺎ اﻟﻌﻘﻠﻲ‪ ،‬ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗﺳﻠﺳل و ﻣن ﺣﯾث اﻟﺣرﻛﺔ و ﻣن ﺣﯾث ﺷؤﻣﻬﺎ و‬
‫اﺿﻣﺣﻼﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫ﺑﻌد اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺎدﯾﺔ و اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾﻛﯾﺔ ﻋﻧد ﻛل ﻣن ﻣﺎرﻛس و إﻧﺟﻠز‪ ،‬ﺳﻧﺗطرق اﻷن إﻟﻰ‬
‫ﻓﻬ ﻣﻬﺎ ﻟﻠﻣﺎدﯾﺔ اﻟدﯾﺎﻛﺗﯾﻛﯾﺔ ﺑﺈﺳﺗﺧدام ﻣﻔﻬوﻣﻬﻣﺎ ﻟﻠﻣﺎدة و ﺑﺎﺳﺗﺧدام ﻗواﻧﯾن اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾك ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻗﺎﻧون ﺗﺣول اﻟﻛم إﻟﻰ ﻛﯾف ‪:‬‬

‫ﺣﺗﻣﺎ‬
‫ﯾﻘﺻد ﺑﺗﺣول اﻟﻛم إﻟﻰ ﻛﯾف ﺑﺄن ﺣدوث اﻟﺗراﻛم اﻟﻛﻣﻲ و اﻟذي ﻧﻘﺻد ﺑﻪ اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﻛﻣﯾﺔ ﯾؤدي ً‬
‫ﻼ إذا ﻋرﺿﻧﺎﻩ إﻟﻰ‬
‫إﻟﻰ ﺗﻐﯾرات ﺟوﻫرﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗﻐﯾرات ﻓﻲ اﻟﻛﯾف أو اﻟﻧوع ﺑﺣﯾث طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺷﻲء‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺎء ﻣﺛ ً‬
‫اﻟﺣ اررة و اﻟﻣﺗزاﯾدة ﺳﯾﺗﺣول إﻟﻰ ﺑﺧﺎر ﺑﻌد ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﺎﺋﻼ‪.‬‬

‫و ﯾﻧطﺑق ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻣﺛﻼ اﻟﻧظﺎم اﻹﺷﺗراﻛﻲ ﺣﺎﺻل ﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫أﺳﺎﺳﺎ ﻓﻲ ﺗزاﯾد اﻟﻔوارق و اﻟﻬوة ﺑﯾن اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺷﻐﯾﻠﺔ و اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﻛﺔ‬
‫ً‬ ‫ﺗﻐﯾرات ﻛﻣﯾﺔ‪ .‬و اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ‬

‫ﺳﺗﺎﻟﯾن‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.27-26‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪74‬‬
‫ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬و ﻓﻲ ﻧﻘطﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﺣدث ﺛورة ﻋﻣﺎﻟﯾﺔ ﺗﻘﯾم ﻧظﺎﻣﺎ إﺷﺗراﻛﯾﺎ و ﻫو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺗطور أﺗﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﻐﯾرات ﻛﻣﯾﺔ‪.‬‬

‫و ﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻓب اﻧﺗﻘﺎل اﻟﻣﺟﻣﻌﺎت ﻣن إﻗﺗﺻﺎدي إﻟﻰ‬
‫آﺧر‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻗﺎﻧون وﺣدة و ﺻراع اﻷﺿداد ‪:‬‬

‫ﻫو أﻫم ﻗواﻧﯾن اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾك ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟظﺎﻫرة و ﻧﻘﯾﺿﻬﺎ أو اﻟﺿد ﻟﻬﺎ ﻣوﺟودان ﻓﻲ وﺣدو واﺣدة ﻻ‬
‫ﯾﻣﻛن اﻟﻔﺻل ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﻛل ظﺎﻫرة ﺗﺣﻣل اﻟﻧﻘﯾض أو اﻟﺿد ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﺣدة‪ ،‬ﻓﺎﻟوﺣدة‬
‫اﻟواﺣدة ﺗﻛون اﻷﺿداد ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺻراع و ﺣرﻛﺔ ﻣﺳﺗﻣرة‪ ،‬و ﻓﻲ ﺻﻠب ﻫذﻩ اﻟﺣرﻛﺔ و اﻟﺗطور ﯾﻘوم اﻟﺗﻧﺎﻗض‬
‫اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾﻛﻲ‪ ،‬أي إﻧﺷطﺎر اﻟﺷﻲء أو اﻟظﺎﻫرة إﻟﻰ ﺿدﯾن ﯾﻧﻔﻲ أﺣدﻫﻣﺎ آﺧر‪ ،‬ﻓﺎﻟﺷﻲء اﻟﻣﺗطور أي ﻛﺎن‬
‫ﯾﻧطوي ﻋﻠﻰ ﺟواﻧب و ﻧزاﻋﺎت داﺧﻠﯾﺔ ﻣﺗﻧﺎﻗﺻﺔ‪ .‬و ﯾطرح اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون أرﺑﻌﺔ ﻣراﺣل اﻟﺗﻲ ﺗﻣر ﺑﻬﺎ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‬
‫اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾﻛﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻟوﺣدة ﻟﻠظﺎﻫرة اﻟﻣﺗﺿﺎدة ‪ :‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﻛل ﻓﻲ وﺣدة واﺣدة‪.‬‬


‫‪ .2‬اﻟﺗﻧﺎﻓض و اﻹﻧﻔﺻﺎل ‪ :‬داﺧل ﻫذﻩ اﻟوﺣدة ﯾوﺟد اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺎن‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻹﺳﺗﻘطﺎب ‪ :‬اﻟﻣواﺟﻬﺔ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺎت‪.‬‬
‫‪ .4‬ﺗطور اﻟﺻراع وﺻوﻻً إﻟﻰ ﺣل اﻟﺗﻧﺎﻗض ﺑﺳﯾطرة أﺣد اﻟﺿدﯾن‪.‬‬

‫طﺑﻌﺎ ﻫذا اﻟﺣل ﻻ ﯾﻧﻔﻲ ظﻬور ﺗﻧﺎﻗض ﺟدﯾد و إﻻ ﺗوﻗف اﻟﺗطور‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﯾﻘﺎظ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون‬
‫ً‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ اﻟذي ﺗطرﺣﻪ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻛﺻراع ﺗﻧﺎﺣري ﺑﯾن اﻟطﺑﻘﺗﯾن ﺑﻘﺿﺎء طرف ﻋﻠﻰ ﻧﻘﯾﺿﻪ و‬
‫اﻟﺣﻠول ﻣﻛﺎﻧﻪ‪ ،‬أي ﯾﻘود اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ و اﺳﺗﻼﻣﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ‪ 2.‬ﻓﺎﻟوﺣدة ﻫﻲ‬
‫اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ و اﻷﺿداد ﻫﻲ اﻟطﺑﻘﺗﯾن و طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺻراع‪.‬‬

‫ﻣﺣﻣد رﺷﻰ ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻣﺣﻣود‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.45‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻧﺑﯾل ﻋودة ‪ :‬ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﺑﺳطﺔ‪ ،‬وﺣدة و ﺻراع اﻷﺿداد‪ ،‬اﻟﺣوار اﻟﻣﺗﻣدن‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ .4682‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 04‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪2015‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪ (www.ahewar.org‬أﺧر زﯾﺎرة ‪.2019/11/21‬‬


‫‪75‬‬
‫ج‪ -‬ﻗﺎﻧون ﻧﻔﻲ اﻟﻧﻔﻲ ‪:‬‬

‫ﯾؤﻛد ﻗﺎﻧون ﻧﻔﻲ اﻟﻧﻔﻲ أن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺗطور ﻟﯾﺳت ﺣرﻛﺔ ﺧطﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬ﺑل ﻫﻲ ﺣرﻛﺔ ﻟوﻟﺑﯾﺔ ﻣﺣورﻫﺎ‬
‫ﯾﺗﺣرك إﻟﻰ اﻷﻣﺎم و أﻋﻠﻰ دوﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﻠم اﻟﺗطور‪ ،‬ﺣﯾث أن ﻫذﻩ اﻟﺣرﻛﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻌود ﺑﺎﻟظﺎﻫرة إﻟﻰ‬
‫ﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻲ اﻧطﻠﻘت ﻣﻧﻬﺎ و ﻟﻛن ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى أﻋﻠﻰ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﯾﺛﺎل‪ ،‬ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﺣول اﻟﺑذرة إﻟﻰ ﻧﺑﺗﺔ ﺑﻌد‬
‫ﻏرﺳﻬﺎ ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻟﻧﺑﺗﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻧﻔﻲ ﻟﻠﺑذرة‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﺗﺣول ﻫذﻩ اﻟﻧﺑﺗﺔ إﻟﻰ ﺷﺟرة ﻓﺈن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻫﻲ‬
‫ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻧﻔﻲ ﻟﻠﻧﺑﺗﺔ أي أﻧﻬﺎ ﻧﻔﻲ اﻟﻧﻔﻲ‪ ،‬و ﻹﺷﺎرة ﻓﺈن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻧﻔﻲ اﻟﻧﻔﻲ ﻟﯾس ﺣﺗﻣﺎ إﻟﻐﺎء ﺗﺎم ﻟﻠﻣرﺣﻠﺔ‬
‫اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ و إﻧﻣﺎ ﻫو ﺗطوﯾر ﻟﻬﺎ‪ 1.‬و ﺧﻼﺻﺔ ﻧﻔﻲ اﻟﻧﻔﻲ اﻟدﯾﺎﻟﻛﺗﯾﻛﯾﺔ ﻫﻲ أن ﻻ ﺷﻲء ﯾﺑﻘﻰ ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻓﻲ اﻟﻛون و‬
‫ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة و اﻟﻔﻛر‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﺗطور ﻣﺗواﺻل ﻻ ﯾﺗوﻗف و اﻟﺷﻲء اﻟوﺣﯾد اﻟﻲ ﯾﺑﻘﻰ ﻫو اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﻻ‬
‫ﺗﻔﻧﻰ و ﻻ ﯾﺳﺗﺣدث و إﻧﻣﺎ ﺗﻧﺗﻘل ﻣن ﺷﻛل إﻟﻰ آﺧر‪ ،‬و ﺷرح اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ دور ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ اﻟﺗطور‬
‫اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﺎﻋﺎت أو ﺑﺎﻷﺣرى اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺑﺷري‪ ،‬إﻧطﻼ ًﻗﺎ ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻷول اﻟذي‬
‫ﻋرﻓﺗﻪ اﻟﺑﺷرﯾﺔ و ﻫو ﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺷﺎﻋﯾﺔ اﻟﺑداﺋﯾﺔ و ﻣﻊ ﺗطورﻩ‪ ،‬اﻧﺗﻘل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ أﻋﻠﻰ و ﻫو‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي ﻧﺎﻓﯾﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻷول‪ ،‬ﺛم ﻛﺎﻧت ﻧﻘﻠﻪ ﻧوﻋﯾﺔ أﺧرى‪ ،‬ﺣﯾث اﻧﺗﻘل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي إﻟﻰ‬
‫ﻣﺟﺗﻣﻊ أرﻗﻰ ﻣﻧﻪ ﻫو اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻗطﺎﻋﻲ‪ ،‬ﺛم ﺟﺎءت اﻟﺛورة اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ ﻟﺗﻧﻔﻲ ﻫﻲ اﻷﺧرى اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫اﻹﻗطﺎﻋﻲ ﻧﺣو ﻣﺟﺗﻣﻊ أرﻗﻰ ﻫو اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ و ﺑﻣﻌﺎدﻟﺔ ﺑﺳﯾطﺔ ﻓﺈن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻣﺎ ﻫو إﻻ ﻧﻔﻲ ﻧﻔﻲ‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي‪ ،‬و ﺣﺳب ﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻓﺈن طﺑﻘﺔ اﻟﻌﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﺳﺗﺑﻘﻰ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ و‬
‫‪2‬‬
‫ﺗؤﺳس ﺑﻠورﯾﺗﺎرﯾﺔ‬

‫‪ -2‬اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺗطﺑﯾق اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺟدﻟﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﺗطرق إﻟﯾﻪ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻣﺗداد و‬
‫ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻣﻧطق اﻟﺟدﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻌﺎت‪ ،‬ﻓﻬﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﺣث ﻋن اﻟﻘواﻧﯾن و‬
‫اﻟﻘوى اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺗطور ﺑﺻورة ﻋﺎدﯾﺔ و إﻟﻰ دراﺳﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت و‬
‫اﻟﺷﻌوب و ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﻐﯾر و ﺗطور اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ و ﻫﻛذا ﯾﺑدو أن اﻟﺗﺎرﯾﺦ‬
‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺎ ﻫو إﻻ إﺳﺗﻌراض ﻣن ﺻراع ﻻ ﯾﻧﻘطﻊ ﺑﯾن اﻟطﺑﻘﺎت ﻣن أﺟل ﺗﻘﺳﯾم اﻟﺛورة‬

‫ﻓرﯾدرﯾك إﻧﺟﻠز ‪ :‬دﯾﺎﻟﺗﯾك اﻟطﺑﯾﻌﺔ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﺗوﻓﯾق ﺳﻠوم‪ ،‬دار اﻟﻔراﺑﻲ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،2011 ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻧﺑﯾل ﻋودة‪ :‬ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﺑﺳطﺔ‪ ،‬ﻗﺎﻧون ﻧﻔﻲ اﻟﻧﻔﻲ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪76‬‬
‫اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻛﻠﻣﺎ ﺗم إﻛﺗﺷﺎف ﺗﻘﻧﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾوﺿﻔﻬﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﻠﻣﺎ أدى ذﻟك إﻟﻰ ﺗﻐﯾر ﺗﻘﺳﯾم طﺑﻘﺎت‬
‫اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﺗﻐﯾر اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻛﻛل‪ ،‬ﻓﺣﺳب ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ‪:‬‬

‫» أن اﻹﻧﺗﺎج اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ اﻟذي ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﻪ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ و اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج ﯾؤدي إﻟﻰ ﺻراع‬
‫و ﺗﺻﺎدم ﺑﯾن اﻟﺻراع اﻟﻌﻠوي و اﻟﻘﺎﻋدة‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﺻﺎﻧﻊ اﻟﻛﺑﯾرة ﺗطﻠﺑت اﻟﺗﺧطﯾط ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛرﻫﯾﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ‬
‫اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬و ﻟﻘد أﺻﺑﺣت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣﻌﻘدة ﻋﻠﻰ درﺟﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗوﺟﯾﻪ و ﻟﻛن إﺻرار اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﯾن‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺳﯾؤدي ﻋﻠﻰ ﺗدﻣﯾر اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ و وﻗوع أزﻣﺎت و ﺣﺎﻻت ﻛﺳﺎد و ﻓوﺿﻰ‬
‫‪1‬‬
‫إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﺑﻬذا ﻓﺈن اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﺳوف ﺗوﻟد ﻧظﺎم ﯾﺧﻠﻔﻬﺎ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ«‬

‫و ﻫو ﻣﺎ ﻓﺳر ﻣراﺣل اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﺎﻟﻣﺟﻣﻌﺎت‪.‬‬

‫اﺑﻌﺎ ‪ :‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ‪.‬‬


‫ر ً‬

‫ﺧﺻت اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﻣﺎرﻛس إﻟﻰ أﻓﻛﺎرﻩ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ و ﻛﺎﻧت أﻓﻛﺎرﻩ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻧﻘد ﻟﻠﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ و ﺗﺻور إﻧﻬﯾﺎرﻩ و ﺻﻌود اﻟﻧظﺎم اﻻﺷﺗراﻛﻲ دون ذﻛر اﻵﻟﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻣل ﺑﻬﺎ‬
‫ﻫذا اﻟﻧظﺎم‪ ،‬وﻣن أﻫم اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺑﻬﺎ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻫﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ و ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ ‪:‬‬

‫أﺧذا ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻋن أﻓﻛﺎر رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ ﺣﯾث ﺗﺣدد ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ‬
‫ﺑزﻣن إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ أو ﺑﻌدد ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺑذوﻟﺔ ﻹﻧﺗﺎﺟﻬﺎ‪ ،‬و ﻫذا اﻟﺻدد ﯾﻘول ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ‪:‬‬

‫ﻣﺣددا أو إذا ﺷﺋﺗم‬


‫ً‬ ‫ﻣﺗﺟﺳدا‬
‫ً‬ ‫ﻼ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ‬
‫ﺣﺻر ﺑوﺻﻔﻬﺎ ﻋﻣ ً‬
‫ًا‬ ‫»ﺣﯾن ﻧﻧظر إﻟﻰ اﻟﺑﺿﺎﺋﻊ ﻛﻘﯾم ﻧﻧظر إﻟﯾﻬﺎ‬
‫ﻣﺗﺑﻠور و ﻫﻲ ﻣن وﺟﻬﺔ اﻟﻧظر ﻫذﻩ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻋن ﺑﻌض إﻻ ﻣن ﺣﯾث أﻧﻬﺎ ﺗﻣﺛل ﻛﻣﯾﺔ‬
‫ًا‬
‫ﻣن اﻟﻌﻣل أﻛﺑر أﺻﻐر‪ ،‬ﻓﻣﺛﻼ ‪ :‬ﻧﺳﺗﺧدم ﻓﻲ إﻧﺗﺎج ﻣﻧدﯾل ﻣن اﻟﺣرﯾر ﻛﻣﯾﺔ ﻣن اﻟﻌﻣل أﻛﺑر ﻣن اﻟﻛﻣﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻣﺑذوﻟﺔ ﻓﻲ إﻧﺗﺎج أﺟرﻩ و ﻟﻛن ﺗﻘﺎس ﻛﻣﯾﺔ اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟزﻣن اﻟذي ﺗﺳﺗﻐرﻗﻪ ﺑﺎﻟﺳﺎﻋﺎت أو اﻷﯾﺎم«‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.144-143‬‬ ‫‪1‬‬

‫رﺷﯾدة ﺷرﻗﻲ‪ :‬اﻟﻘﯾﻣﺔ و اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋﻧد ﻛﺎرل ﻣﺎﻛس‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر‪ ،‬ﻗﺳم اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ‪ ،‬اﻟﺳﻧﺔ‬ ‫‪2‬‬

‫اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ )‪ ،(216-2015‬ص ‪.47‬‬


‫‪77‬‬
‫و ﺑﯾن ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس أن اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳﺎوى ﻓﯾﻬﺎ ﻛﻣﯾﺎت اﻟﻌﻣل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﻣﺗﺟﺳد ﻓﯾﻬﺎ ﺗﻛون ﻟﻬﺎ‬
‫ﻧﻔس اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗﻲ واﺟﻬت ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس أﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن أﻧواع ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻟﻌﻣل‪،‬‬
‫ﻓﯾوﺟد ﻋﻣل ﺳرﯾﻊ و ﻓﯾﻪ وﺳﺎﺋل ﻣﺗطورة ﻟﻺﻧﺗﺎج و ﻫﻧﺎك ﻋﻣل ﺑطﻲء ﺑوﺳﺎﺋل ﺑداﺋﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﺗطورة‪ ،‬ﻓﻬل‬
‫ﺗﻌﻧﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ أن ﻣﺎ ﺗﻧﺗﺟﻪ ﺳﺎﻋﺔ واﺣدة ﻣن اﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﻧوع اﻷول ﯾﺳﺎوي و ﯾوازي ﻣﺎ‬
‫ﺗﻧﺗﺟﻪ ﺳﺎ ﻋﺔ ﻋﻣل ﻣن اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬و ﻗد ﻛﺎﻧت إﺟﺎﺑﺔ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻹﺷﻛﺎل ﻫو أن اﻟﻌﺑرة ﻫﻲ‬
‫‪1‬‬
‫ﺑﻛﻣﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﻼزﻣﺔ إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ و ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى أن ﯾﻛون اﻟﻌﻣل ﺗﺣت اﻟظروف اﻟﻐﺎﻟﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﻧظرﯾﺔ ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫أ‪ -‬ﻓراﺿﯾﺎت ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻟﺗﻔﺳﯾر ﻣﻔﻬوم ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ .1‬اﻟﻌﻣل وﺣدﻩ ﻫو ﻣن ﯾﺧﻠق اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﻛل ﺷﻲء ﻟﯾس ﻣن إﻧﺗﺎج ﻋﻣل ﺑﺷرى ﻟن ﯾﻛون ﻟﻪ‬
‫ﻗﯾﻣﺔ و ﻟن ﯾﺿﯾق ﻗﯾﻣﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﻧﺗﺎﺟﻪ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻻ ﯾﻣﻛن ﻷﯾﺔ ﺳﻠﻌﺔ أن ﺗﻌطﻲ أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﺗﻣﻠك ﻫﻲ ذاﺗﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻟﺳﯾﺎدة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬
‫‪ .4‬اﻟﻣﻧﺗوﺟﺎت و اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ و ﺗﻔﺳر ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون‬
‫إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ )ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻋن طرﯾق اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ(‪ .‬ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻰ اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻹﻧﺗﺎج‬
‫اﻟﻔﻧﻲ أو ﻋن طرﯾق اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻔردي‪.‬‬
‫‪ .5‬وﺟود ﻣﻘﯾﺎس ﻋﺎم ﻟﻠﻛﻔﺎءة اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬ﻫذا اﻟﻣﻘﯾﺎس ﻋﺑر ﻋﻧﻪ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﺑﻛﻣﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﻣل اﻟﺿرورﯾﺔ إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﺣﺗﺳب ﻓﻲ ﻹﻧﺗﺎج اﻟﺳﻠﻊ إﻻ ﻛﻣﯾﺔ اﻟﺿرورﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج وﻓﻘﺎ ﻟﻬذا‬
‫اﻟﻣﻘﯾﺎس‪.‬‬

‫ب‪ -‬ﻣﻧﺷﺄ ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ ‪:‬‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.97‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﯾوﺳف إﺑراﻫﯾم ﯾوﺳف‪ ،‬وﻗﻔﺎت ﻣﻊ ﻓﻛرة ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ‪ ،‬ﺣوﻟﯾﺔ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺷرﯾﻌﺔ و اﻟدراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗطر‪ ،‬ﻗطر‪ ،1989 ،‬ص ‪.429‬‬


‫‪78‬‬
‫ﯾﻘﺻد ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﺑﻔﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺑﻐﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة ﻓوق اﻟﻘﺳم أو اﻟﺟزء‬
‫ﻣﺟﺎﻧﺎ دون ﻣﻘﺎﺑل‪ .‬ﻣﻌﻧﺎﻩ أن‬
‫ً‬ ‫اﻟﻣﺄﺟور ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﻓﺎﺋﺿﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻫﻲ اﻟﺟزء اﻟذي ﯾﻌﻣﻠﻪ اﻟﻌﺎﻣل‬
‫اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾذﻫب إﻟﻰ اﻟﺳوق ﻟﺷراء اﻟﺑﺿﺎﺋﻊ‪ ،‬ﯾﺷﺗرﯾﻬﺎ ﺑﻘﯾﻣﺗﻬﺎ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ )اﻟﻣﺎدة اﻷوﻟﯾﺔ‪ ،‬اﻷﻻت وﻗوة‬
‫اﻟﻌﻣل( و ﻟﻛﻧﻪ ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗﺷﻐﯾل اﻟﻌﺎﻣل اﻟﻣدة اﻟﻣﺳﺎوﯾﺔ و اﻟﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻹﻧﺗﺎج ﻗوة اﻟﻌﻣل اﻟﺗﻲ اﺷﺗراﻫﺎ ﻣﻧﻪ‪ ،‬ﺑل‬
‫ﯾﺷ ﻐﻠﻪ ﻣدة زﻣﻧﯾﺔ أﺧرى ﻛﻌﻣل زاﺋد ﺗﺧﻠق ﻫﻲ اﻷﺧرى ﻗﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﯾﺑﯾﻊ اﻟﺳﻠﻌﺔ ﺑﻘﯾﻣﺗﻬﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‬
‫ﻓﺈﻧﻪ ﺳﯾﺑﯾﻌﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺳﺎوي ﻛﻣﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺑذول ﻹﻧﺗﺎﺟﻬﺎ و اﻟﻔرق ﺑﯾن ﻗﯾﻣﺔ ﺑﯾﻊ اﻟﺳﻠﻌﺔ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ و ﺑﯾن ﻣﺎ‬
‫ﯾدﻓﻌﻪ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻟﺷراء ﻋﻧﺎﺻر اﻹﻧﺗﺎج و أﺟور اﻟﻌﻣﺎل ﯾﻣﺛل اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻔﺎﺋﺿﺔ و ﻫﻲ ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟﻌﻣل‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻣﺑذول اﻟﻣﻣﺗد اﻟﻐﯾر ﻣﺄﺟور‪.‬‬

‫و ﺑﺗﻌﺑﯾر آﺧر ﻓﺈن اﻵﻟﺔ ﻻ ﺗﻧﺗﺞ ﻗﯾﻣﺎ ﺟدﯾدة ﻷن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺟﻬﺎ ﻫذﻩ اﻵﻟﺔ ﻫﻲ ﻣﺟﻣوع ﻋدد‬
‫اﻟﺳﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ اﺳﺗﺧدﻣت ﻓﯾﻬﺎ ﻫذﻩ اﻵﻟﺔ ﻹﻧﺗﺎج اﻟﺳﻠﻌﺔ و ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ﻫذا ﻓﺈن ﻗوة اﻟﻌﻣل ﻋﻧد اﻟﻌﺎﻣل‬
‫ﻋددا ﻣن ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻣل أﻗل ﻣن‬
‫ﺗﺧﻠق اﻟﻘﯾم ﻛون أن اﻟﻌﺎﻣل ﯾﺣﺗﺎج ﻟﻛﻲ ﯾﻌﯾش إﻟﻰ اﺳﺗﻬﻼك ﺳﻠﻊ ﺗﻣﺛل ً‬
‫ﺳﻠﻌﺎ ﺗﻘدر ﺑـ ‪ 05‬ﺳﺎﻋﺎت ﻣن اﻟﻌﻣل ﻣﻊ أﻧﻪ‬
‫ﻋدد اﻟﺳﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺑذﻟﻬﺎ ﻣﺛل أن ﯾﺳﺗﻬﻠك اﻟﻌﺎﻣل ً‬
‫ﯾﻌﻣل ﻣدة ‪ 10‬ﺳﺎﻋﺎت ﻓﻬﻧﺎ اﻟﻔرق ﻫو ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ ﺗرﺟﻊ ﻟﻠرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻛﺄرﺑﺎح‪ 2.‬و ﺑﺳﺑب ﻫذﻩ‬
‫اﻟ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫﻲ ﻗدرة اﻟﻌﺎﻣل ﻋﻠﻰ أن ﯾﻧﺗﺞ ﻣﺎ ﻫو أﻛﺛر ﻗﯾﻣﺔ ﻣﻣﺎ اﺳﺗﻬﻠﻛﻪ و ﻫﻲ ﻣﯾزة ﯾﻧﻔرد ﺑﻬﺎ اﻟﻌﺎﻣل وﺣدﻩ‬
‫ﻋددا ﻣن اﻟﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻣل و ﻟﻛﻧﻪ ﯾﺷﺗري‬
‫دون اﻟوﺳﺎﺋل اﻷﺧرى ﻟﻺﻧﺗﺎج ﻓﺎﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺷﺗري ﻣن اﻟﻌﺎﻣل ً‬
‫‪3‬‬
‫ﻗوﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن ﻗوة اﻟﻌﻣل ﻫﻲ اﻷﺧرى ﺳﻠﻌﺔ ﯾﺷﺗرﯾﻬﺎ اﻟرأﺳﻣﺎل‪.‬‬

‫و ﻟﻛﻲ ﯾؤﻛد ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس أن اﻟﻌﻣل وﺣدﻩ ﻣن ﯾﺧﻠق اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻔﺎﺋﺿﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺳم رأس اﻟﻣﺎل إﻟﻰ‬
‫ﻗﺳﻣﯾن ‪:‬‬

‫أ‪ -‬رأﺳﻣﺎل اﻟﺛﺎﺑت ‪ :‬ﯾﺷﻣل وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج ﻣن ﻣواد ﺧﺎم و ﻣﻌدات و أدوات اﻟﻌﻣل و ﻫذا اﻟﺟزء ﻣن رأس‬
‫اﻟﻣﺎل ﻟﯾس ﻟﻪ أي ﻋﻼﻗﺔ ﻓﻲ ﺧﻠق ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.427‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻛﺎﻣل ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣود ﻋوﯾﺿﺔ‪ ،‬ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس‪ ،‬اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ و اﻹﺳﻼم‪ ،‬دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ط‪،1993 ،1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ص ‪.121-120‬‬
‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.97‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪79‬‬
‫ب‪ -‬رأس اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺗﻐﯾر ‪ :‬و ﯾﻌﻧﻲ اﻟﺟزء ﻣن رأس اﻟﻣﺎل اﻟﻣﺣول إﻟﻰ ﻗوة ﻋﻣل‪ ،‬أي اﻷﺟور و ﯾﻌﺗﺑر ﻛﺎرل‬
‫ﻣﺎرﻛس أن ﻫذا اﻟﻘﺳم ﻣن رأس اﻟﻣﺎل ﻫو اﻟذي ﯾﺧﻠق ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ .‬ﻓﻬو ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻧﺗﺞ ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺧﺎص‬
‫‪1‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ زﯾﺎدة ﻗﯾﻣﺔ زاﺋدة‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺛورة اﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﺗزاﯾد ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻌ ﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﺑﺎﺳﺗﻣرار و ذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﻘدم اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ و ظﻬور اﻵﻟﺔ و اﻟﺗﻲ‬
‫ﺑدورﻫﺎ أدت إﻟﻰ ﻗﻠﺔ اﻟﻌﻣﺎل و ازدﯾﺎد ﻋدد اﻟﻌﺎطﻠﯾن ﻋن اﻟﻌﻣل ﻣﻣﺎ ﯾﻧﺟم ﻧﻪ ﺑؤس ﻣﺗزاﯾد ﻋﻧد اﻟطﻠﺑﺔ‬
‫اﻟﻌﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻛﺎدﺣﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺻراع طﺑﻘﻲ ﺑﯾﻧﻬم و ﺑﯾن اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ ﺛورة ﻋﻧﯾﻔﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬و ﻣﯾﻼد اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻧﻘد أﻓﻛﺎر اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ‪:‬‬


‫ﻟﻘد أﺗﻰ ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﺑﻔﻛرة ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ و اﻟﻣﻔﺳرة ﻷرﺑﺎح اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ‪ .‬و ﻗد ﺑﯾﻧت ﻫذﻩ‬
‫أﯾﺿﺎ ظﺎﻫرة اﺳﺗﻐﻼل اﻟطﺑﻘﯾﺔ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ ﻟﻠطﺑﻘﺔ اﻟﺑﻠورﯾﺗﺎرﯾﺔ اﻟﻛﺎدﺣﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻧظرﯾﺔ ً‬
‫‪ -‬إﻧﺗﺷﺎر أﻓﻛﺎرﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟم ‪ :‬اﻧﺗﺷرت أﻓﻛﺎرﻩ ﺑﺳرﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﺧﺎﺻﺔ و أﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﻛر‬
‫اﻟﺛروة‪ ،‬ﻗﺎدت أﻓﻛﺎرﻩ إﻟﻰ ﺣرب إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻛﺎدت أن ﺗؤدي إﻟﻰ ﺣرب ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﺿد اﻷﻓﻛﺎر‬
‫اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﺑﻌد ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ و ﻣﻊ ذﻟك ﻓﻘد ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ اﻟداﻓﻌﺔ إﻟﻰ ظﻬور‬
‫ﺗﻧظﯾﻣﺎت و ﻧﻘﺎﺑﺎت ﻋﻣﺎﻟﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗطﺎﻟب ﺑﻘوﺗﻬﺎ و ﻗد ﺣﻘﻘت ﺑﻌض‬
‫اﻟﺗﻧﺎزﻻت‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗﺣﻘﻘت ﺑﻌض ﺗﻧﺑؤات اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾن ﺑﺧﺻوص ﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ و اﻧﻬﯾﺎرﻩ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل‬
‫اﻷزﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻣﺛﻼ اﻷزﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﺳﻧﺔ ‪ .1929‬ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ظﻬور‬
‫اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻛﻧزﯾﺔ اﻟﺗﻲ دﻋت إﻟﻰ ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻘطﺎﻋﺎت‪.‬‬

‫ب‪ -‬اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت ‪:‬‬

‫ﯾوﺳف إﺑراﻫﯾم ﯾوﺳف‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.427‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻛﺎﻣل ﻣﺣﻣﺞ ﻣﺣﻣود ﻋوﯾﺿﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.121‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬اﻋﺗﺑرت ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻋﻧد ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس أن اﻟﻌﻣل ﻫو اﻟﻌﻧﺻر اﻟوﺣﯾد‪ ،‬و إﻫﻣﺎل ﻋﻧﺎﺻر اﻹﻧﺗﺎج‬
‫اﻷﺧرى‪ ،‬ﺣﯾث ﺑﯾﻧت أن ﻗﯾﻣﺔ أﯾﺔ ﺳﻠﻌﺔ ﻫﻲ ﻛﻣﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﺑذول ﻹﻧﺗﺎﺟﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻏﯾﺎب ﻓﻛرة ﺗﺣدﯾد اﻷﺟر ﺑﺣد اﻟﻛﻔﺎف ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻟﺗطور اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ اﻟذي ﺗﻌرﻓﻪ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت و‬
‫اﻟﺗﻲ زادات ﻣن إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ اﻟﻌﻣل راﻓﻘﻬﺎ زﯾﺎدة اﻷﺟور ﻟﻠﻌﻣﺎل و ﺗﺣﺳن ﻣﺳﺗوى ﻣﻌﯾﺷﺗﻬم‪.‬‬
‫‪ -‬اﻋﺗﺑرت اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ أن اﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷﺧﯾرة ﻟﺗطور اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت و اﻟﺗﻲ ﺗﺻل إﻟﯾﻬﺎ‬
‫اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺑﻌد اﻟﺛورة ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ‪ ،‬إﻻ أن ﺑﻌض اﻟدول ﺗﺑﻧت اﻟﻧظﺎم اﻹﺷﺗراﻛﻲ‬
‫دون اﻟﻣرور ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻘد ﺗوطﻧت ﻓﯾﻬﺎ اﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ ﺑﻌد ﻣرﺣﻠﺔ اﻹﻗطﺎع‬
‫ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﺛل اﻟﺻﯾن اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ‪ 1،‬و ﺣﺗﻰ أن اﻟﺛورة اﻟﺗﻲ ﻗﺎدﻫﺎ اﻟزﻋﯾم اﻟﺻﯾﻧﻲ ﻣﺎوت ﺳﯾﺗوﻧﻎ ﻟم ﺗﻛن‬
‫ﺛورة ﻋﻣﺎل اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ ﻣﻣﺎ زﻋم ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس و إﻧﻣﺎ ﺛورة ﻓﻼﺣﯾن‪.‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣﺎروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.149-148‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪81‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ‬

‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ )اﻟﻧﯾوﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ(‬

‫‪82‬‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ )اﻟﻧﯾوﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ(‪:‬‬

‫ظﻬرت ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ أو ﻛﻣﺎﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة‪ ،‬أﻧﻬت اﻟﻌدﯾد ﻣن أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺳﺎﺋدة و ظﻠت أﻓﻛﺎر‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ﻣﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ظﻬور اﻟﻔﻛر اﻟﻛﻧزي ﻓﻲ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﺛﻼﺗﻧﯾﺎت ﻣن‬
‫اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪.‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬أﺳس و ﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻋﻧد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ‪.‬‬

‫ﯾﻣﺛل اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺣدي ﺛورة ﻓﻛرﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﻘل ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﺗﻘﺎﺑل اﻟﺛورة اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ أدﺧﻠﻬﺎ ﻛل ﻣن‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ﻧﯾوﺗن و ﻟﯾﺑز ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت‪ .‬ﻓﻔﻛرة اﻟﺣدﯾﺔ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﻌدو أن ﺗﻛون إﺳﻘﺎد إﻗﺗﺻﺎدي‬
‫ﺗﻌﺑﯾر ﻋن أﻫﻣﯾﺔ دراﺳﺔ اﻟﻣﺗﻐﯾرات ﺑﺎﻟﻐـﺔ اﻟﺻﻐـر و اﻟﺿﺂﻟﺔ ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ‬
‫ًا‬ ‫ﻟﻣﻌدل اﻟﺗﻐﯾرات ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت و‬
‫ﻓﻬم اﻟﺣرﻛﺔ و اﻟﺗﻐﯾﯾر‪ ،‬ﺣﯾث أﻛد ﻫذﯾن اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن ﻋﻠﻰ ﺿرورة دراﺳﺔ اﻟﻛﻣﯾﺎت اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻗوى‬
‫اﻟطﺑﯾﻌﺔ و ﻗواﻧﯾن اﻟﺣرﻛﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻐﯾرات ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺿﺂﻟﺔ‪ ،‬و ﻗد‬

‫» أدى ذﻟك إﻟﻰ ظﻬور اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟرﯾﺎﺿﻲ ‪ calculus‬اﻟذي ﯾدرس اﻟﺗﻐﯾرات ﻓﻲ اﻟﻛﻣﯾﺎت اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ‬
‫ﻣن ﺧﻼل ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟﻬﺎ ﻋﻧد ﺗﻐﯾر طﻔﯾف و اﻟذي أدى إﻟﻰ ظﻬور ﻓﻛرة اﻟﻣﺷﺗﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل‬
‫ﻣﻌدل اﻟﺗﻐﯾر ﻓﻲ أﯾﺔ ﻋﻼﻗﺔ رﯾﺎﺿﯾﺔ و ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة ﺑﺎﻟﺿﺑط ﻫﻲ ﻣﺎ أﺧذ ﺑﻪ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻹﻗﺗﺻﺎدي‬
‫اﻟﺣدي و اﻟذي ﯾﺑﺣث ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺣدث ﻟﻠﻣﺗﻐﯾرات اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋﻧد ﺣوث ﺗﻐﯾرات ﺻﻐﯾرة أو ﻣﺎ ﺳﻣﻲ‬
‫‪1‬‬
‫ﺑﺎﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟﺣدي«‬

‫و ﻟﻬذا ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺟد أن ﻣﻌظم اﻟﻘ اررات اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺗﺗﺧذ ﻓﻲ ﺷﻛل ﺟرﻋﺎت ﻣﺗﺗﺎﺑﻌﺔ ﻓﺎﻟوﺣدات‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﻗت ﻣﺎ ﯾﻌرض ﻋﻠﯾﻬﺎ اﺗﺧﺎذ ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﻻ ﺗوﺿﻊ ﻟﻬﺎ ﺧﯾﺎرﯾن ﻓﻘط و اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ أﻣﺎ ﻛل ﺷﻲء أو‬
‫ﻻ ﺷﻲء‪ ،‬ﻓﻬذﻩ اﻷﺣوال ﻻ ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟواﻗﻊ‪ ،‬ﻓﻌﺎدة ﯾﺗﺧذ اﻟﻘرار ﻓﻲ وﺣدات ﺻﻐﯾرة ﻣﺗﺗﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل‬
‫اﻟﻣﺛﺎل‪ ،‬اﻟﻣﻧﺗﺞ ﻓﻲ أي ﻧﺷﺎط اﻧﺗﺎﺟﻲ ﻻ ﯾواﺟﻪ ﺑﺎﻟﻘ ار ار ﺑﻺﻧﺗﺎج اﻟﻛﺎﻣل أو ﺑﻌدم اﻹﻧﺗﺎج أﺻﻼ‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﺗﻌرض‬
‫ﻼ ﺑزﯾﺎدة اﻟﻌﻣﺎل أو اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺗوج‪ ،‬ﻓﺳﻠوﻛﻪ ﻣرﻫون ﺑﻣﺎ ﯾﺣﻘﻘﻪ ﻫذا‬
‫ﻋﻠﯾﻪ ﺑداﺋل ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻘ اررات ﺗﺗﻌﻠق ﻣﺛ ً‬
‫اﻟﻘرار و ﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺗﺿﺣﯾﺔ و ﻣن ﺗﻛﻠﻔﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻬذﻩ اﻹﺿﺎﻓـ ﺔ و ﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﺑﺎﻹﺳﺗﻬﻼك‪،‬‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.108‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪83‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﺳﺗﻬﻠك ﻗﺑل أن ﯾﺳﺗﻬﻠك وﺣدة ﺟدﯾدة ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻘﺎرن ﺑﯾن زﯾﺎدة اﺳﺗﻬﻼك ﻫذﻩ اﻟوﺣدة و ﺑﯾن اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‬
‫اﻟﻣﺣﻘﻘﺔ ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬و ﻣن ﺛم ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﻘرار اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻻ ﯾﻧﺣﺻر ﻓﻘ ط ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪،‬‬
‫ﺑل ﯾﺗﻧﺎول اﻟﻣدى اﻟذي ﯾﺻل إﻟﯾﻪ أي ﺣﺟم اﻹﻧﺗﺎج أو اﻹﺳﺗﻬﻼك‪ ،‬و ﺑﻬذا ﯾﺗﺣدد اﻟﺳﻠوك اﻹﻗﺗﺻﺎدي‬
‫‪1‬‬
‫ﺑﺎﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﺎﺋد و اﻟﺗﻛﻠﻔﺔ ﻋﻧد اﻟﺣد و ﻫﻧﺎ ﺟﺎءت اﻟﺗﺳﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺣدي‪.‬‬

‫ﻓﺎﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺣدي ﯾﺑﯾن أن ﻛﻔﺎءة اﻹﺧﺗﯾﺎر ﺗﺗطﻠب اﻟﺗوﻗف ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﺳﺎوى اﻟﻌﺎﺋد اﻟﺣدي ﻣﻊ اﻟﺗﻛﻠﻔﺔ‬
‫اﻟﺣدﯾﺔ و ذﻟك ﺳواء ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ أو اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﺳﺗﻬﻼﻛﯾﺔ ﻓﻬذا اﻟﺗﺳـﺎوي ﺑﯾن اﻟﻌﺎﺋـد اﻟﺣـدي و اﻟﺗﻛﻠﻔﺔ‬
‫اﻟﺣدﯾﺔ و اﻟذي ﯾﺻﺑﺢ ﻋﻧدﻩ اﻟﻔﺎرق ﯾﺳﺎوي ﺻﻔر ﻣﺣﻘق اﻟﺗوازن ﻋﻧد ﺗﺳﺎوي ﻫذﻩ اﻷوﺿﺎع اﻟﺣدﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗؤﻛد ﻣدى اﻟﺗﻘﺎﺑل ﺑﯾن اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟرﯾﺎﺿﻲ و اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺣدي‪ ،‬ﻓﻘد ‪:‬‬

‫» أوﺿﺢ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟرﯾﺎﺿﻲ أن اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻻوﺿﺎع اﻟﻘﺻوى ﺗﺗﺣﻘق ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﻣﻌدل اﻟﺗﻐﯾﯾر‬
‫ﺻﻔر و ﯾﻣﻛن ﺗرﺟﻣﺔ ذﻟك اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟوﺿﻊ اﻷﻣﺛل ﯾﺗﺣﻘق ﻋﻧدﻣﺎ‬
‫ًا‬ ‫)اﻟﻣﺷﺗﻘﺔ(‬
‫‪2‬‬
‫ﺻﻔرا أي ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﺳﺎوى ﻫذﯾن اﻷﻣرﯾن«‪.‬‬
‫ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻔﺎرق ﺑﯾن اﻟﻌﺎﺋد اﻟﺣدي و اﻟﺗﻛﻠﻔﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ً‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬أﻫم رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ‪.‬‬

‫ظﻬرت أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﺳﺑق ذﻛرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر‪ ،‬إﻻ أن اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺣدﯾﺔ ﻛﺎﻧت‬
‫ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻬذا اﻟﺗﺎرﯾﺦ‪ ،‬و ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ 1871‬ﻧﺷر ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻔﻛرﯾن ﻣن ﺟﻧﺳﯾﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ و ﺑدون إﺗﺻﺎل ﻣﻧﻬم‪ ،‬و‬
‫ﺑﻠﻐﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣؤﻟﻔﺎت ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻧﻔس اﻷﻓﻛﺎر و اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺣدﯾﺔ و ﻫم ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﺟﯾل اﻷول ﻟﻬذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ‪:‬‬

‫‪ -‬ﺳﺗﺎﻧﻠﻲ ﺟﯾﻔوس ‪.(1882-1835) :‬‬

‫إﻗﺗﺻﺎدي إﻧﺟﻠﯾزي ﻣﺷﻬور‪ ،‬أﺳﺗﺎذ ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﯾﻌﺗﺑرﻣؤﺳس اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﻓﻲ إﻧﺟﻠﺗرا‪،‬‬
‫ﻣن أﺷﻬر ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ "ﻧظرﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ"‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.109‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.109‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪84‬‬
‫و ﻣن أﻫم أﻓﻛﺎرﻩ أن ﻣﺻدر اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻫﻲ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ و ﻟﯾس اﻟﻌﻣل و ﺑﻬذا ﯾوﺟﻪ اﻧﺗﻘﺎد ﻻذع ﻟﻠﻣدرﺳﺔ‬
‫اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘر ﺑﺄن اﻟﻌﻣل ﻫو ﻣﺻدر اﻟﻘﯾﻣﺔ و ﻗد داﻓﻊ ﻋن ﻣوﻗﻔﻪ ﺑﺣﻛﺎﯾﺔ اﻟﺻﯾﺎد اﻟذي ﻋوض أن‬
‫‪1‬‬
‫ﯾﺻطﺎد ﺳﻣﻛﺔ إﺻطﺎد أﻟﻣﺎس‪.‬‬

‫‪ -‬ﻟﯾون وﻟراس )‪(1910-1834‬‬


‫ﻓرﻧس اﻷﺻل ﻋﻣل أﺳﺗﺎذ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﺎﯾﺳﻲ ﺑﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟوزان اﻟﺳوﯾﺳرﯾﺔ ﺑﻌدﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫ﯾﻌﻣل ﻣﻬﻧدس‪ ،‬و ﯾﻌﺗﺑر ﻣؤﺳس اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﺑﻠوزان ﻣن أﺷﻬر ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ "دراﺳﺎت ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‬
‫اﻟطﺑﯾﻘﻲ" و ﻛﺗﺎب "ﻋﻧﺎﺻر اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺑﺣث" و ﻗد ﺟﺎء ﺑﻧظرﯾﺗﯾن ﻫﺎﻣﺗﯾن أﺷﺗﻬر ﺑﻬﻣﺎ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻧظرﯾﺔ ﺣول اﻟﻣﺑﺎدﻟﺔ و اﻟﻘﯾﻣﺔ ‪:‬‬


‫دور إﻧﺳﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ‪ » .‬و ﯾﻌطﻲ وﻟراس ﺗﻌرﯾف ﻟﻠﻣﻧﻔﻌﺔ‪،‬‬
‫ﺗﻠﻌب ظﺎﻫرة اﻟﻧدرة و اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ًا‬
‫ﺑﺄﻧﻬﺎ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺷﻲء ﻓﻲ إﺷﺑﺎع رﻏﺑﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻟﻸﻓراد وﯾﻌﺗﺑر أن ﻣﻘﯾﺎس ﺣدة اﻟرﻏﺑﺎت ﻫو رﻏﺑﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ‬
‫‪2‬‬
‫آﺧر وﺣدة أي اﻟوﺣدة اﻟﺣدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺟﯾب ﻟﺣﺎﺟﺎﯾﺔ«‬

‫ب‪ -‬اﻟﺻﺑﻐﺔ اﻟﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﯾﺔ ﻟﻠﺗﺻرﻓﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪:‬‬


‫ﯾرى ﻟﯾون وﻟراس أن اﻷﺳﻌﺎر ﻫﻲ ﻣﺟرد ﻣداﺧﯾل و ﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻗوة ﺷراﺋﯾﺔ أي أن ﻟﻬﺎ طﺑﯾﻌﺔ‬
‫ﻣﯾﻛﺎﻧﻛﯾﺔ‪ ،‬أي أن اﻟﻣﺣﯾط اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺳوق ﻛﺑﯾرة ﯾﺗوﺳطﻪ اﻟﻣﻧظﻣون اﻟذﯾن ﯾﺷﺗرون ﻋواﻣل‬
‫‪3‬‬
‫اﻹﻧﺗﺎج و ﺑﺑﻌون اﻹﻧﺗﺎج و ﯾﺣﺻل اﻟﺗوازن ﻋﻧد ﻣﺎ ﺗﺗﺣﻘق ﺛﻼث ﺷروط أﺳﺎﺳﯾﺔ ‪:‬‬
‫‪ .1‬ﺛﺑﺎت اﻟﺳﻌر ﻟﻠﺳﻠﻌﺔ ﻣن ﻧﻔس اﻟﻧوع و ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳوق‪.‬‬
‫‪ .2‬ﺳﻌر اﻟﺑﯾﻊ ﯾﺳﺎوي اﻟﻛﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺗﺎج ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻷرﺑﺎح ﺗﺳﺎوي ﺻﻔر‬
‫‪ .3‬اﻟﺳﻌر ﯾﺣدد ﺑﻣﻌﺎدﻟﺔ ﺑﯾن طﻠب اﻟﺳﻠﻊ و ﻋواﻣل اﻹﻧﺗﺎج و ﻋرﺿﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻣﺣﻣود ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص‪.69‬‬ ‫‪1‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪ ،159‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﻓﺗﺢ اﷲ و ﻟﻌﻠو‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ )د ب ن(‪ ،‬دار اﻟداﺛﺔ‪،1997 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪.131‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.159‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬ﻛﺎرل ﻣﺎﻧﺟر ‪.(1921-1840) :‬‬

‫ﻣؤﺳس اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓﯾﻧﺎ‪ ،‬ﻋﯾن أﺳﺗﺎذا ﺑﻬذﻩ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻌد ﺗﺄﻟﯾﻔﻪ ﻟﻠﻛﺗﺎب ﻓﻲ "ﻣﺑﺎدئ‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد" ﺳﻧﺔ ‪.1871‬‬

‫ﺗدور أﻓﻛﺎر ﻛﺎرل ﻣﺎﻧﺟر ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد ﺣول ﻓﻛرة اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ و اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻓﻘدم ﻧظرﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﺳﻠﻊ‬
‫ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺔ‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺑﯾن أن اﻟﺷﻲء ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﯾﻪ وﺻف اﻟﺳﻠﻌﺔ إﻻ إذا ﻛﺎن ًا‬
‫‪1‬‬
‫إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬أي ﺗﻛون ﻟﻪ ﻣﻧﻔﻌﺔ و ﯾﺣﻘق اﻟﺷروط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ -‬أن ﺗﻛون ﻫﻧﺎك ﺣﺎﺟﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ‬


‫‪ -‬أن ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺷﻲء ﻣن اﻟﺧﺻﺎﺋص ﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻪ ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ إﺷﺑﺎع ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﺟﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬أن ﯾﻌرف اﻹﻧﺳﺎن ﻗدرة اﻟﺷﻲء ﻋﻠﻰ إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺗﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﯾطرة و اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﻲء‪.‬‬
‫‪ -‬أن ﯾﻛون اﻹﻧﺳﺎن ًا‬

‫ﻧﺎﻓﻌﺎ ﺑل ﯾﺟب أن ﺗﻘوم ﺑﯾن‬


‫و ﺣﺗﻰ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻣﻧﺗوج ﺳﻠﻌﺔ إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﻓﻘط أن ﯾﻛون اﻟﻣﻧﺗوج ً‬
‫ﻋرﺿﻪ و ﺑﯾن اﻹﺣﺗﯾﺎﺟﺎت ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﺎﻹﺣﺗﯾﺎﺟﺎت ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﺎﻹﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻫﻲ ‪:‬‬

‫» ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺟﻣوع اﻟﺳﻠﻊ اﻻﺳﺗﻬﻼﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠزم اﻟﻔرد ﻹﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎﺗﻪ و ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﺟز ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻛﻲ‬
‫ﯾﺻدق وﺻف ﺳﻠﻌﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯾﺎء ﻓﻼﺑد أن ﯾﻛون ﻋرﺿﻬﺎ أﻗل ﻣن اﻹﺣﺗﯾﺎﺟﺎت‬
‫‪2‬‬
‫ﻟﻬﺎ«‬

‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة ﻓﺈن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﺑوﻓرة ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﺳﻠﻊ ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻓﻣﺛﻼً اﻟﻬواء‬
‫و ً‬
‫ﻻ ﯾﻌد ﺳﻠﻌﺔ ﻛوﻧﻪ ﻣﺗوﻓر ﺑﻛﺛرة ﻣﻣﺎ ﻧﺣﺗﺎج إﻟﯾﻪ‪.‬‬

‫أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻓﺈن » ﻣﺎ ﻧﺟر رأي ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹﺣﺗﯾﺎﺟﺎت و ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺎح ﻣن‬
‫اﻟﺳﻠﻌﺔ و ﻟﻌل أﻫم ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب ﻣﺎ ﻧﺟر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﺗﺗرﻛز ﻓﻲ ﺗﻘدﯾرﻩ ﺑﺄن اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻣن‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪86‬‬
‫إﺳﺗﻬﻼك اﻟﺳﻠﻌﺔ ﺗﺗﻧﺎﻗص ﻣﻊ زﯾﺎدة اﻟوﺣدات اﻟﻣﺳﺗﻬﻠﻛﺔ و ﻫذا ﻫو ﻣﺑدأ ﺗﻧﺎﻗص اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟذي ﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﻪ‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺣدﯾون ﺗﺣﻠﯾﻠﻬم«‬

‫‪ -2‬اﻟﺟﯾل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣدرﺳﺔ ‪:‬‬

‫‪ -‬اﻟﻔرد ﻣﺎرﺷﺎل )‪.(1924-1842‬‬

‫إﻧﺟﻠﯾزي اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ و أﺳﺗﺎذ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻣﺛل أﻏﻠب ﻣﻔﻛري اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻣﺑردج‪،‬‬
‫و ﯾﻌﺗﺑر ﻣؤﺳس اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ و ﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص أﻫم أﻓﻛﺎرﻩ ﻓﻲ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻘﯾﻣﺔ ‪:‬‬


‫ﺟﻣﻊ اﻟﻔرد ﻣﺎرﺷﺎل ﻓﻲ ﺗﺣدﯾدﻩ ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ ﺑﯾن ﻧﻔﻘﺔ اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ و ﺑﻬذا ﯾﻛون ﻗد ﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻓﻛرة‬
‫ﻣﻌﺎ‪ ،‬و ﺑرأي‬
‫اﻟﻛﻼﺳﻛﯾن و اﻟﺣدﯾﯾن ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻘﯾﻣﺔ ﺗﺗﺣدد ﻋﻧدﻩ ﺑﺎﻟﻌرض و اﻟطﻠب ً‬
‫ﻣﺎرﺷﺎل أﻧﻪ ﻣن اﻟﺻﻌوﺑﺔ ﺗﺣدﯾد ﻣن ﻫو اﻟﻣﺳؤول ﻋن اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﯾﺿرب ﻣﯾﺛﺎل اﻟﻣﻘص‪ ،‬ﻓﻣن‬
‫اﻟﺻﻌب ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳؤول ﻣن ﺑﯾن ﺣدي اﻟﻣﻘص ﻋن ﻗطﻊ اﻟورﻗﺔ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ب‪ -‬ﻋدم اﻋﺗﻣﺎدﻩ ﻋﻠﻰ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻣﺟرد ﻓﻘط ﺑل وظف ﻛذﻟك اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺗطﺑﯾﻘﻲ‪.‬‬
‫ﺗﺣدﯾدا‬
‫ً‬ ‫ج‪ -‬أدﺧل ﻓﻛرة اﻟﻣروﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬و وظﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻪ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻌطﻲ‬
‫ﻣطﻠﻘﺎ و ﻣﺳﺗﻘﻼ‬
‫ً‬ ‫اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻐﯾر دون أن ﺗوﻗف ﻋﻠﻰ وﺣدات اﻟﻘﯾﺎس اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ و ﺑذﻟك ﺗﻌﺗﺑر ﻣﻘﯾﺎﺳﺎ‬
‫‪3‬‬
‫ﻋن وﺣدات اﻟﻘﯾﺎس ﻟﺗﺑﯾﺎن و ﺗوﺿﯾﺢ ﺷﻛل اﻟﺗﻐﯾر ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬
‫د‪ -‬ﺗﻣﯾﯾزﻩ ﺑﯾن أرﺑﻌﺔ أرﺑﻌﺔ أﻧواع ﻣن اﻟدﺧول‪ :‬و ﻫﻲ اﻟدﺧل اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻷﺟر و اﻟدﺧل اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن اﻟرﯾﻊ و‬
‫‪4‬‬
‫اﻟدﺧل اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﻔﺎﺋدة و ﻋن اﻷرﺑﺎح‪.‬‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.71-70‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.124‬‬ ‫‪3‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬ﺑﺎرﯾﺗو اﻟﻔرﯾدو )‪.(1923-1848‬‬

‫إﻗﺗﺻﺎدي إﯾطﺎﻟﻲ درس اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ و ﻋﻠم اﻹﺟﺗﻣﺎع و اﻹﻗﺗﺻﺎد و اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت و اﻟﻬﻧدﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﺻل‬
‫ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎدة اﻟدﻛﺗوراﻩ‪ ،‬ﺷﻐل ﻣﻧﺻب أﺳﺗﺎذ ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟوزان ﺑﺳوﯾﺳرا‪ ،‬و ﻣن أﻫم ﻣؤﻟﻔﺎﺗﻪ‬
‫ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ "ﻋﺎم ‪ ،1896‬اﺗﺑﻊ ﺑﺎرﯾﺗو ﻧﻔس أﺳﻠوب ﻓﺎﻟرأس ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪،‬‬
‫ﻣﻊ اﻟزﯾﺎدة و اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻣﺎذج اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -‬ﻓون ﺑوم ﺑﺎﻓراك )‪.(1914-1851‬‬

‫ﯾﻌد ﺑﺎﻓراك ﻣن اﻷواﺋل اﻟﻠذﯾن ﻗدﻣوا اﻧﺗﻘﺎدات ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ و ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق‬
‫ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻘﯾﻣﺔ‪ ،‬و أﻫم ﻣﺎ اﺷﺗﻬر ﺑﻪ ﻫو ﻧظرﯾﺗﻪ ﻟرأس اﻟﻣﺎل و ﺳﻌر اﻟﻔﺎﺋدة‪.‬‬

‫ﻓرأس اﻟﻣﺎل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺑﺎﻓراك ﻫو ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺗطور اﻟﻔن اﻹﻧﺗﺎﺟﻲ‪ ،‬ﻓﺄﺳﺎﻟﯾب اﻹﻧﺗﺎج ﺗﺗطور ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻧﺣو‬
‫ﻣزﯾد ﻣن إطﺎﻟﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ زﯾﺎدة اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟوﺳطﯾﺔ ﻗﺑل اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ‪ ،‬و‬
‫ﯾﺗرﺗب ﻋن ﻫذﻩ اﻹطﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻛﻔﺎءة اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﯾظﻬر رأﺳﻣﺎل و اﻟذي‬
‫ﺳﻠﻌﺎ ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻧﺎدى‬
‫ﻫو ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻹطﺎﻟﺔ ﻓﺗرة اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬و ﺑذﻟك ﻓﺈن رأس اﻟﻣﺎل ﻻ ﯾﻌد و أن ﯾﻛون ً‬
‫ﺑﺎﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟرﺑﺢ و اﻟﻔﺎﺋدة‪ ،‬ﺣﯾث أﻛد أن اﻟرﺑﺢ ﻻﻣﻧظم و اﻟﻔﺎﺋدة ﻟﺻﺎﺣب رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻠﺗﻘﻲ ﻣﻊ‬
‫‪1‬‬
‫أﺣد رواد اﻟﻣدرﺳﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ ﺟون ﺑﺎﺗﯾﺳت ﺳﺎي ﻓﻲ ﻓﻛرة اﻟﻣﻧظم‪.‬‬

‫‪ -‬وﻓون وﯾرز ‪.(1926-1851) :‬‬

‫ﺗﺳﺎوي اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ‪ ،‬ﺗﺗرﻛز أﻓﻛﺎرﻩ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﻟﻌواﻣل اﻹﻧﺗﺎج ﺑﻣﻌﻧﻰ إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ آﺧر وﺣدة‬
‫‪2‬‬
‫ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻣن اﻟرؤوس اﻷﻣوال و اﻟﻌﻣل‪.‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.71‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.71‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪88‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬أﻫم أﻓﻛﺎر و ﻧظرﯾﺎت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -1‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ و اﻟﺳﻠﻊ ﻋﻧد اﻟﺣدﯾن ‪:‬‬

‫اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ‪ :‬ﻫﻲ ﻗدرة اﻟﺷﻲء ﻋﻠﻰ إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺔ و ﻫﻲ ﻟﯾﺳت ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎدﯾﺔ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن‬
‫اﻟﺳﻠﻌﺔ و اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﻬﺎ‪ ،‬و ﺗوﺿﺢ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ أن ﻟﻛل ﺳﻠﻌﺔ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻣن إﺳﺗﻬﻼﻛﻬﺎ‪ ،‬و أن ﻫذﻩ‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗدﻓﻊ اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك إﻟﻰ طﻠب ﺗﻠك اﻟﺳﻠﻌﺔ و ذﻟك ﻓﻲ ﺣدود دﺧﻠﻪ و إﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﻪ اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ«‬

‫و ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺗﺿﺢ أن ﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺳﻠﻌﺔ ﺗﻧﺑﻊ ﻣن ﺧﺎﺻﯾﺔ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻬذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻫﻲ اﻟداﻓﻊ اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺄي ﻧﺷﺎط اﻗﺗﺻﺎدي ﻓﺎﻟﺳﻠﻊ ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻧوﻋﯾن ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﺳﻠﻊ إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻﻠﺢ ﻹﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺔ و ﻫﻲ ﺑﻛﻣﯾﺎت أﻗل ﻣﻣﺎ ﯾطﻠﺑﻬﺎ اﻷﻓ ارد‪.‬‬
‫ب‪ -‬ﺳﻠﻊ ﻏﯾر إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪ :‬ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أﻧﻬﺎ ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻹﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗوﺟد ﺑﻛﻣﯾﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻻ ﺗﺧﻠق‬
‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﻘﺳﯾم ﻓﺈن اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك‬
‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺳﺗﻬﻠك ﻣﺷﻛﻠﺔ إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋﻧﻬﺎ و اﺳﺗﻐﻼﻟﻬﻣﺎ و ً‬
‫اﺷﺑﺎﻋﺎ و ﯾﻘﻔز ﻓﻘط ﺑﺷراء و ا ﺳﺗﻬﻼك اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻘق ﻟﻪ إﺷﺑﺎع‬
‫ً‬ ‫ﻻ ﯾﻘوم ﺑﺎﺳﺗﻬﻼك اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻘق ﻟﻪ‬
‫ﻣﻌﯾن‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫و ﺗﻘوم ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻓﺗراﺿﺎن أﺳﺎﺳﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺳﻠوك اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك رﺷﯾد و ﻋﻘﻼﻧﻲ ﺑﺣﯾث ﯾﺗﺧذ اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك اﻟﻘ اررات و اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﻣﻧﺳﺟﻣﺔ ﻣﻊ اﻟﻬدف‬
‫اﻟرﺋﯾﺳﻲ و ﻫو ﺗﻌظﯾم اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎس ﺑﻣﻌﻧﻰ اﺳﺗطﺎﻋﺔ اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك ﻗﯾﺎس اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺻل ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن اﺳﺗﻬﻼك اﻟﺳﻠﻌﺔ‬
‫ﻋددﯾﺎ‪.‬‬
‫‪ .3‬إﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻛل ﺳﻠﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﺳﻠﻊ اﻷﺧرى‪.‬‬
‫‪ .4‬ذوق اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك ﺛﺎﺑت ﻏﯾر ﻣﺗﻐﯾر‪.‬‬
‫‪ .5‬ﺛﺑﺎت دﺧل اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك‪.‬‬

‫ﻛﺎﻣل ﻋﻼوي ﻛﺎظم اﻟﻔﺗﻼوي و ﺣﺳﯾن ﻟطﯾف ﻛﺎظم اﻟزﺑﯾدي‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬دار اﻟﺻﻔﺎء ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻷردن‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ص‪.71‬‬


‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ .6‬وﺟود ﻋدد ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻬﻠﻛﯾن ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻘدر أي أﺣد ﻣﻧﻬم اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ ﺳﻌر اﻟﺳﻠﻌﺔ‪.‬‬

‫ﻓﻣﺣور اﺷﺗﻐﺎل رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓﻛرة أن ﺳﻠوك اﻷﻓراد ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي‬
‫ﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق أﻗﺻﻰ اﺳﺗﻣﺗﺎع و ﺑﺄﻗل أﻟم‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﯾؤﺛر ﻋدد اﻟوﺣدات اﻟﻣﺳﺗﻬﻠﻛﺔ ﻓﻲ ﺗﻐﯾر اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻛﻠﯾﺔ‪ ،‬و ﺳﻣﻲ ﻣﻘدار اﻟﺗﻐﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻛﻠﯾﺔ‬
‫ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻐﯾر اﻟﻛﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻬﻠﻛﺔ ﺑوﺣدة واﺣدة ﺑﺎﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺣدﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﻘدار اﻹﺷﺑﺎع اﻟزاﺋد أو‬
‫اﻹﺿﺎﻓﻲ اﻟذي ﯾﺗﺣﺻل ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك ﻋﻧد زﯾﺎدة إﺳﺗﻬﻼﻛﻪ ﻟﺳﻠﻌﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑوﺣدة واﺣدة‪ .‬ﻓﻬﻲ ﺑﺧﻼف‬
‫اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرف ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﻘدار اﻹ ﺷﺑﺎع اﻟذي ﯾﺣﺻل ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻔرد اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك ﻋﻧد إﺳﺗﻬﻼﻛﻪ‬
‫ﻟوﺣدات ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﺳﻠﻌﺔ‪.‬‬

‫ﯾﻣﻛن اﺣﺗﺳﺎب ﻣﻘدار اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫‪ -3‬ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎس ‪:‬‬

‫ﻣن ﺧﻼل ﺗوظﯾف اﻟﻣﻧﺗﺎﺟﺎ ت اﻟﺑﯾﺎﻧﯾﺔ و اﻟﻣﻌﺎدﻻت اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﺗوزﯾﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫‪ -4‬اﻟﻧدرة أﺳﺎس اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﻧﺷﺄ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ أدﺑﯾﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺑﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺳﻠﻌﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ أي اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون‬
‫ﻣﺳﺎوﯾﺔ ﻟﻣﺳﺗوى اﻟطﺎﻟب ﻋﻠﯾﻬﺎ و ﻫﻧﺎ ﺗﺧﻠق ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -5‬ﻗﺎﻧون ﺗﻧﺎﻗص اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﻣﻘدار أﻋﻠﻰ ﻣن اﻹﺷﺑﺎع‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟوﺣدات‬


‫ًا‬ ‫اﻟوﺣدات اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﺳﻠﻌﺔ اﻟﻣﺳﺗﻬﻠﻛﺔ ﺗﻌطﻲ اﻟﻔرد‬
‫اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌطﻲ ﻣﻘدار أﻗل ﻣن اﻹﺷﺑﺎع إﻟﻰ أن ﺗﺻل اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺣدﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺻﻔر‪.‬‬

‫ﻛﺎﻣل ﻋﻼوي ﻛﺎظم اﻟﻔﺗﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.75‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪90‬‬
‫و إذا ﺣﺎوﻟﻧﺎ إﺧﺗﺻﺎر أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﻧوﺟزﻫﺎ ﻓﻲ ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺗرﻛﯾز رواد و ﻣﻔﻛري اﻟﻣدرﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺣدي ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻐﯾر‪.‬‬
‫ﻻ ﻣن اﻹﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﻛل ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺳﻠوك‪.‬‬
‫‪ .2‬إﻫﺗﻣﺎم اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﺑﺎﻟوﺣدة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﻔرد ﺑد ً‬
‫‪ .3‬ﺑﻧﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺣدي ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟذي ﺗﻛون ﻓﯾﻪ اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﺣﻘﻘﺔ‪.‬‬
‫‪ .4‬ﺧﺿوع اﻟظﺎﻫرة اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ و اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﺣﯾث أﻫم طﻠب ﯾﺗﺣدد ﺑﺎﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺣدﯾﺔ و‬
‫اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ظﺎﻫرة ذﻫﻧﯾﺔ أو ﻧﻔﺳﯾﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻷﻓراد‪.‬‬
‫‪ .5‬أدرﺟت اﻟطﻠب ﻛﻣﺣدد رﺋﯾﺳﻲ ﻟﻠﺳﻌر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﺣددﺗﻪ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﻛﺎﻟﯾف اﻹﻧﺗﺎج‬
‫)اﻟﻌرض(‪ ،‬ﻟﻛن اﻟﻣﻔﻛر اﻟﺣدي اﻟﻔرﯾد ﻣﺎرﺷﺎل ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ أن ﻛﻼً ﻣن اﻟطﻠب و اﻟﻌرض ﯾﺷﺗرﻛﺎن ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد‬
‫اﻟﺳﻌر‪.‬‬
‫‪ .6‬داﻓﻌت ﻋن ﻣﺑدأ اﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﺛﻠﻬﺎ ﻣﺛل اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ و ﻋدم ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ .7‬إﻓﺗرﺿت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ أن ﺳﻠوك اﻷﻓراد ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﺳﻠوﻛﻲ رﺷﯾد ﻓﻬم ﯾﺗﺻرﻓون ﺗﺻرﻓًﺎ‬
‫رﺷﯾدا ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣوازﻧﺗﻬم ﺑﯾن اﻟﺳﻌﺎدة و اﻷﻟم‪ ،‬و ﺑﻣوارﺛﻬم ﻟﻠﺣﺎﺟﺎت و اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ اﻟﺣﺎﺿرة و ﻛذﻟك ﻋﻧد‬
‫ً‬
‫‪1‬‬
‫ﻗﯾﺎس اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﻣن اﺳﺗﻬﻼك اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‬

‫راﺑﻌﺎ ‪ :‬ﺗﻘﯾﯾم أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺳﺎﻫﻣت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﺑﺗطوﯾر اﻟﻛﺛﯾر ﻣن أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ و ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻛﻛل‪ ،‬و‬
‫ﻣﻌﺎ‪،‬‬
‫ﻫذا ﺑﺈدﺧﺎل و اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻋﻠم اﻟﻧﻔس و اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت ﻣن ﻗﺑل روادﻫﺎ ﻟﺗﻔﺳﯾر ﺳﻠوك اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك و اﻟﻣﻧﺗﺞ ً‬
‫إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻻﻗت ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻹﻧﺗﻘﺎدات ﯾﻣﻛن إﺟﺎزﻫﺎ ﻓﻲ ‪:‬‬

‫ﻗﯾﺎﺳﺎ‬
‫‪ .1‬اﻋﺗﺑرت اﻟﺣدﯾﺔ أن اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﺷﻲء ﻗﺎﺑل ﻟﻠﻘﯾﺎس‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺻﻌب ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ﻓﺎﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ﯾﻣﻛن ﻗﯾﺎﺳﻬﺎ ً‬
‫ﻧﺳﺑﯾﺎ أي ﺗﻔﺿﻠﯾﺎ‪.‬‬
‫‪ .2‬رﻛزت اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﻠب و أﻫﻣﻠت اﻟﻐرض ﻓﻲ ﺗﺣدﯾدﻫﺎ ﻟﻠﻘﯾﻣﺔ ﻋﻛس اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫اﻫﺗﻣت ﺑﺎﻟﻐرض‪ ،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﺣﺎﯾد اﻟﺻواب ﻓﻠﻛﻲ ﺗﺗﺣدد اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻻﺑد ﻣن ﺗوﻓر اﻟﺳﻠﻊ أوﻻ‪.‬‬

‫ﻋﻣر ﻫﺷﺎم ﻣﺣﻣد‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.167‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ .3‬اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ظﺎﻫرة ﻣوﺿوﻋﯾﺔ و ﻟﯾس ظﺎﻫرة ذاﺗﯾﺔ ﺗﺧﺿﻊ ﻟذوق و رﻏﺑﺎت اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك و ذﻟك ﻷن ﻣﻧﻔﻌﺔ‬
‫اﻟﺳﻠﻌﺔ ﺗﻌود إﻟﻰ ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ‪.‬‬
‫‪ .4‬ﻟم ﯾﻬﺗم اﻟﺣدﯾون ﻓﻲ ﺑﺣوﺛﻬم ﺑﻌﺎﻣل اﻟزﻣن‪.‬‬
‫‪ .5‬إﻗﺗﺻرت ﺑﺣوث اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟوﺣدوي ﻓﻘط‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ﺧﺎﻣﺳﺎ ‪ :‬ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ و اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺔ‪:‬‬

‫أوﺟﻪ اﻻﺧﺗﻼف‪:‬‬

‫اﻟﻤﺪرﺳـﺔ اﻟﺤﺪﯾـﺔ‬ ‫اﻟﻤﺪرﺳـﺔ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾـﺔ‬


‫‪ -‬دراﺳﺔ ﺳﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎن ﺑﯿﻦ اﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﻌﺪﯾﺪة واﻟﻐﯿﺮ ﻣﺘﻨﺎھﯿﺔ‬ ‫‪ -‬اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺼﺪر اﻟﺜﺮوة و ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻮزﯾﻌﮭﺎ‪.‬‬
‫و اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻨﺎدرة ذات اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬دراﺳﺔ اﻟﻈﻮاھﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ﺑﻤﻨﻄﻖ اﻟﺘﻮازن واﻟﻤﺒﺎدﻟﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﻤﻨﻔﻌﺔ و اﻟﻨﺪرة ﻣﺼﺪر ﻟﻠﻘﯿﻤﺔ‪ ،‬ھﺎﺗﮫ اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ‬ ‫‪ -‬دراﺳﺔ اﻟﻈﻮاھﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ﺑﻤﻨﻄﻖ اﻹﻧﺘﺎج و إﻋﺎدة اﻹﻧﺘﺎج‪.‬‬
‫ﻧﻈﺮة ذاﺗﯿﺔ ﻟﻠﻘﯿﻤﺔ‪.‬‬ ‫‪ -‬اﻟﻌﻤﻞ ھﻮ ﻣﺼﺪر اﻟﻘﯿﻤﺔ‪ ،‬ھﺬه اﻟﻨﻈﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻮﺿﻮﻋﯿﺔ‬
‫‪ -‬اﻟﻤﺸﻜﻞ ھﻮ اﺳﺘﺨﻼص اﻟﻤﻨﻔﻌﺔ اﻟﻘﺼﻮى ﻣﻦ اﻟﻤﻮارد‬ ‫ﻧﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺗﺤﻠﯿﻞ ﺷﺮوط اﻹﻧﺘﺎج‪.‬‬
‫اﻟﻨﺎدرة اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ‪.‬‬ ‫‪ -‬اﻟﻤﺸﻜﻞ اﻷﺳﺎﺳﻲ ھﻮ ﻣﺸﻜﻞ إﻧﺘﺎج و ﺗﻮزﯾﻊ و ﺗﺮاﻛﻢ رأس‬
‫‪ -‬اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺠﯿﻦ و ﻣﺴﺘﮭﻠﻜﯿﻦ ﯾﻤﻠﻜﻮن ﻋﻨﺎﺻﺮ‬ ‫اﻟﻤﺎل‪.‬‬
‫إﻧﺘﺎج و ﯾﺘﻘﺎﺿﻮن ﻣﻘﺎﺑﻞ ذﻟﻚ ﻣﺪاﺧﯿﻞ‪ ،‬ﺣﺴﺐ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‬ ‫‪ -‬اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻜﻮن ﻣﻦ طﺒﻘﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪ ،‬إذ ﺣﺴﺐ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‬
‫اﻟﺤﺪﯾﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ھﻮ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺑﺪون طﺒﻘﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‬ ‫اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ اﻟﻌﻤﺎل اﻷﺟﺮاء‪ ،‬ﻣﻼك اﻷراﺿﻲ و اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﯿﺔ‬
‫و ﻻ ﺻﺪﻣﺎت ﻣﻜﻮن ﻣﻦ ﻣﺴﺘﮭﻠﻜﯿﻦ و ﻣﻨﺘﺠﯿﻦ و ﻻ ﺗﻮﺟﺪ‬ ‫ﻓﻲ وﺿﻌﯿﺔ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﺣﻮل ﺗﻮزﯾﻊ اﻟﻔﺎﺋﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدي‪.‬‬
‫طﺒﻘﺎت ذات ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ‪.‬‬

‫أوﺟﻪ اﻟﺗﺷﺎﺑﻪ‪:‬‬

‫‪ -‬ﻣﺤﺮك اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ھﻮ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪ ،‬ﻓﮭﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﺤﻘﯿﻖ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ و ﻛﺄن ﻛﻞ‬
‫ﺷﺨﺺ ﻣﺴﯿﺮ ﺣﺴﺐ ﻋﺒﺎرة آدم ﺳﻤﯿﺚ "ﺑﯿﺪ ﺧﻔﯿﺔ"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪https://drive.google.com/file/d/0B6iNUbwq5ejKQjg3T0dUT1NXNFU/view‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -‬اﻟﺠﮭﺎز اﻟﻤﺤﺮك ھﻮ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌﺪﯾﺪة ﻟﻜﻞ ﻓﺮع اﻗﺘﺼﺎدي‪ .‬ﻛﻞ وﺣﺪة اﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ﺗﺨﻀﻊ‬
‫ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺔ و ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺴﻌﺮ ﻛﻤﺎ ھﻮ‪ ،‬اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﻌﺮض و اﻟﻄﻠﺐ ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ اﻟﺤﺮة و اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‬
‫– ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أي وﺣﺪة اﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ أن ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻌﺮ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻋﺪم ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺟﺎز اﻟﺴﻮق و اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗﻮﺳﻊ داﺋﺮة اﻟﻤﺒﺎدﻟﺔ ﯾﺆدي أو ﯾﻨﺘﺞ ﻋﻨﮫ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻤﺎ ﯾﻤﻨﺢ ﻗﻮة أﻛﺒﺮ ﻟﻠﺴﻮق ‪.‬‬
‫ﻣﻼﺣﻈﺎت‪:‬‬
‫‪ -‬ﻧﻘﺎط اﻟﺘﺸﺎﺑﮫ )ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ و اﻟﺤﺪﯾﺔ( ھﻲ ﻧﻘﺎط اﺧﺘﻼف ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ و اﻟﻤﺎرﻛﺴﯿﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻤﺎرﻛﺴﯿﺔ ﺗﻘﺘﺮب ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎط ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺨﺺ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﻘﯿﻤﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ‬
‫‪1‬‬
‫و أن اﻟﻌﻤﻞ ھﻮ ﻣﺼﺪر ﻟﻠﻘﯿﻤﺔ وﻓﻲ إﺑﺮاز اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺒﻘﺎت اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ‪.‬‬

‫‪ 1‬اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﮫ‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ‬

‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻧزﯾﺔ‬

‫‪94‬‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻧزﯾﺔ‬

‫طرﺣت اﻷزﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻟﺳﻧﺔ ‪ 1926‬ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺳﺋﻠﺔ ﺣول ﺣﻘﯾﻘﺔ و ﺻﺣﺔ‬
‫اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ اﻟﻣﻔﺳرة ﻟﻠﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬ﺣﯾث أن ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟم ﺗﺳﺗطﻊ ﺗﻔﺳﯾر أﺳﺑﺎب‬
‫ﺗدﻫور و ﺗراﺟﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ و إﻋطﺎء ﺣﻠول ﺗﺷﺟﻊ ﻣن اﻟﺗﺷﻐﯾل و اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻛﻛل‪ ،‬ﻣﻣﺎ‬
‫دﻓﻊ ﺑظﻬور أﻓﻛﺎر إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺟدﯾدة ﺗﺣﺎﻣل إﯾﺟﺎد ﺣﻠول ﻟﻬذا اﻟوﺿﻊ‪ .‬و ﺑﻬذا ظﻬر اﻟﻌﺎﻟم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﺟون‬
‫ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز )‪ .(1946-1883‬اﻟذي ﻗﺎم ﺑﺛورة ﻓﻛرﯾﺔ إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺣﺎول ﺑواﺳطﺗﻬﺎ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟوﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋم و‬
‫‪1‬‬
‫إدﺧﺎل ﺑﻌض اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺟدﯾدة ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟذي ﯾواﺟﻪ أزﻣﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ‪.‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬اﻟﺗﻌرﯾف ﺑراﺋد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻧزﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز إﻗﺗﺻﺎدي ﺑرﯾطﺎﻧﻲ وﻟد ﺳﻧﺔ ‪ ، 1883‬ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ ﺷﻬدت ﻓﯾﻬﺎ اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ‬
‫اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ أوج ﻗوﺗﻬﺎ ﻓﻘد ﻛﺎن ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻐﯾب ﻋﻧﻬﺎ اﻟﺷﻣس‪ ،‬ﻣن أﺳرة ﺑرﺟوازﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻛﺎن واﻟدﻩ أﺳﺗﺎذ ﻟﻠﻣﻧطق و اﻹﻗﺗﺻﺎد ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻣﺑردج و ﻗد ﺷﻐل ﻣﻧﺻب ﻣﺳﺟل ﺟﺎﻣﻌﺔ‪ .‬ﻫذﻩ اﻟظروف‬
‫اﻟﻣﺎدﯾﺔ و اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ )اﻟﻔﻛرﯾﺔ( أﻋطت ﻟﺟون ﻣﻧﺎرد ﻛﯾﻧز اﻟﻔرﺻﺔ ﻟﻠﺗﻣدرس ﻓﻲ أرﻗﻰ اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت‪ ،‬ﺣﯾث ذﻫب‬
‫ﻣﺗﻣﯾز ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ‬
‫ًا‬ ‫إﻟﻰ ﻣدرﺳﺗﻪ أﯾﺗن )‪ (Eton‬اﻟﻣﺷﻬورة ﻓﻲ ﺗﻌﻠﯾم أﺑﻧﺎء رﺟﺎل اﻟدوﻟـﺔ و اﻟﻧﺑـﻼء‪ ،‬و ﻗد ﻛﺎن‬
‫اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت ﺛم اﻧﺗﻘل إﻟﻰ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻣﺑردج ﻓﻲ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣﻠك و درس ﻓﯾﻬﺎ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت‪ ،‬و ﺑﻌد ﺗﺧرﺟﻪ أﻗﻧﻌﻪ‬
‫واﻟدﻩ ﺑدراﺳﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻘدم ﻟﻺﻣﺗﺣﺎن ﻓﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ و ﻣ اررة اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرات )ﻣﻛﺗب اﻟﻬﻧد‬
‫‪ (1905‬و ﻧﺟﺢ و اﺣﺗل اﻟﻣرﺗﺑﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﻋدد اﻟﻣﺷﺎرﻛﯾن اﻟﺑﺎﻟﻐﯾن ‪ 104‬ﻣﺷﺎرك‪ ،‬أﺟﻣﻊ أﺳﺗﺎذ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻣؤﻟﻔﺎ ﺣول اﻟﻧﻘود اﻟﻬﻧدﯾﺔ ﺑﻌﻧوان اﻟﺗداول اﻟﻧﻘدي‬
‫ﻛﺎﻣﺑردج ﺳﻧﺔ ‪ ،1920‬ﻋﻣل ﻣوظﻔﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻧد و ﻓﯾﻬﺎ ﻛﺗب ً‬
‫و اﻟﺗﻣوﯾل ﻓﻲ اﻟﻬﻧد "ﺛم ﻋﻣل ﻓﻲ و ازرة اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ )و ازرة اﻟﺧزاﻧﺔ( ﺑﻌد ﻗﯾﺎم اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬و‬
‫ﻋﻧد ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب أﺷرك ﻛﯾﻧز ﻓﻲ ﻣﻔﺎوﺿﺎت اﻟﺳﻼم ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر ﻓرﺳﺎي ﻋﺎم ‪ 1919‬ﺑﺻﻔﺔ ﻣﻧﺳوب ﻟو ازرة‬
‫اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ اﻧﺳﺣب ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﻔﺎوﺿﺎت ﺳﺑب اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﻧﻬزﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرب و ﻗد ﻛﺗب ﻓﻲ ﻫذا ﻋدة ﻣﻘﺎﻻت ﺑﻌد ذﻟك ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻟﻣﻌﻧون ﺑـ "اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﺳﻼم"‪ .‬و ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1936‬أﺻدر ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﻣﺷﻬور اﻟﻣﻌﻧون ﺑـ ‪ :‬اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻧﻘود و اﻟﻔﺎﺋدة و اﻹﺳﺗﺧدام‬
‫" و ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﻛﺗﺎب و ﻋدم ﺗﻧظﯾﻣﻪ ﻓﻘد ﻛﺎن اﻟﻣرﺟﻊ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣﻌظم اﻟدول اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻟﻣﺎ ﺑﻌد‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.74‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪95‬‬
‫اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺣﯾث أن أﻏﻠب اﻟﺣﻛوﻣﺎت ﺑﻌد اﻟﺣرب اﺗﺑﻌت ﺳﯾﺎﺳﺎت ﻣﺗﻔﻘﺔ ﻣﻊ أراﺋﻪ و ﻗد اﺳﺗﻣر‬
‫ذﻟك ﺣﺗﻰ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺳﺑﻌﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﺣﯾث ظﻬرت ﺑﻌض اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻟﻪ ﻛﺎﻧت ﻟم ﯾﺧرج‬
‫‪1‬‬
‫ﻋن اﻹطﺎر اﻟﻌﺎم ﻟﻔﻛر ﻛﺑﯾر‪.‬‬

‫وﻧظر ﻷن ﻣﺟﺎل إﻫﺗﻣﺎﻣﻪ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻫو اﻹﻗﺗﺻﺎد و اﻟﻣﺎل ﻓﺈﻧﻪ وﻓق ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن‪.‬‬


‫ًا‬

‫ﺛروة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﻣﺿﺎرﺑﺔ ﺑﺎﻟﻌﻣﻼت اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ و ﺑﻬذا ﻓﻬو ﺷﺑﻪ اﻟﻣﻔﻛر اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﻲ داﻓﯾد‬
‫رﯾﻛﺎردو ﻓﻲ وﺿﻌﻬﻣﺎ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻛﻼﻫﻣﺎ ﻛوﻧﺎ ﺛروة ﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬و ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ‪ 1946‬ﺗوﻓﻲ ﻛﯾﻧز ﺑﻌدﻣﺎ ﺗرك ﺗراﺛﺎ‬
‫ﻓﻛرﯾﺎ ﺿﺧﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻣرﺟﻊ ﻟﻠﻛﺛﯾر ﻣن دول و ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟم‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬أﺳس و ﻓرﺿﯾﺎت اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻛﯾﻧزﯾﺔ‪.‬‬

‫ﯾﻧطﻠق ﺟون ﻣﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﻣن اﻟﻔرﺿﯾﺎت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﯾرﻛز ﻛﯾﻧز ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺗرة اﻟﻘﺻﯾرة اﻷﺟل ‪:‬‬

‫ﯾﻌﺗﻘد ﺟون ﻣﻧﺎرد ﻛﯾﻧز أن اﻟﻔﺗرة اﻟﻘﺻﯾرة ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ ﺛﺑﺎت اﻟﺳﻛﺎن و ﺣﺟم رأس اﻟﻣﺎل و ﺣﺗﻰ اﻟﻔن‬
‫اﻹﻧﺗﺎﺟﻲ‪.‬‬

‫‪ -2‬ﺗﻔﻧﯾد ﻓﻛرة أن اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗوازن اﻻﺳﺗﺧدام اﻟﻛﺎﻣل‪ ،‬ﺑل أﻧﻪ و ﻓﻲ اﻷﻏﻠب‬
‫اﻷﺣﯾﺎن ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗوازن اﻟﻐﯾر ﻛﺎﻣل‪ ،‬و ﻫﻧﺎ ﯾﻔﺗرﺿﻛﯾﻧز أن ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﺧدام اﻟﻛﺎﻣل ﻣﺣﻘﻘﺔ و ﻟﻛﻧﻬﺎ‬
‫ﺗﺣدث ﻓﻲ ﻣدة ﻗﺻﯾرة‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﻔﺳر أن ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﯾﻠﻘﻲ اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﺣﺎﻻت‪.‬‬

‫‪ -3‬ﺗﺣﻠﯾل ﻛﯾﻧز ﺗﺣﻠﯾل ﻧﻘدي‪ ،‬ﻓﻬو ﯾرﻓض ﻓﻛرة أن اﻟﻧﻘود ﺣﯾﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻌﻛس‬
‫ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣن ذﻟك ﻓﺈن اﻟﻧﻘود ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻼ ﯾﻣﻛن اﻟﻔﺻل اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﯾﻧﻲ ﻋن اﻻﻗﺗﺻﺎد‬
‫اﻟﻧﻘدي‪.‬‬

‫‪ -4‬ﺿرورة ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ و ﺑﺷﻛل ﻓﻌﺎل ﺑواﺳطﺔ ﺳﯾﺎﺳﺎت إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻹرﺟﺎع وﺿﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدي إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ‬
‫ﺗوازن اﻻﺳﺗﺧدام اﻟﻛﺎﻣل‪.‬‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.132‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪96‬‬
‫‪ -6‬اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺗﺣﻘﯾق ﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺣرة و ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟواﻗﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -7‬أﺳﺎس اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻫو اﻟطﻠب اﻟﻛﻠﻲ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻛﻧزﯾﺔ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ﻟﻘد أدى اﻟﻛﺳﺎد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ ﻓﻛر ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﺑطرﯾﻘﺗﯾن ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﺑدد اﻟﻛﺳﺎد إﯾﻣﺎن ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﺑﻘوة اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ‪ ،‬و اﺳﺗﻧﺗﺞ ﻛﯾﻧز أن ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷر‬
‫ﻟﺗﻌزﯾز اﻹﺳﺗﺛﻣﺎرات اﻟﺟدﯾدة و دﻋﻣﻬﺎ‪ ،‬ﻗد ﯾﻛون اﻟﺳﺑﯾل ا ﻟوﺣﯾد ﻟﺗﻔﺎدي اﻟوﻗوع ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻛﺳﺎد اﻟطوﯾﻠﺔ‪.‬‬

‫‪ -2‬أدى اﻟﻛﺳﺎد ﺑﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﺑﺗﺣوﯾل أﻧظﺎرﻩ ﻣن ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ إﻟﻰ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻷن اﻷﺟور‬
‫و اﻷﺳﻌﺎر ﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻛﺎﻧت أﻛﺛر ﻣروﻧﺔ ﻣن ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ و ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﻘطﺎع اﻷﺟﻧﺑﻲ‬
‫اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﯾﻌد أﺻ ﻐر ﺑﻛﺛﯾر و ﻣﻊ ذﻟك إﻧﻬﯾﺎر‪ .‬ﻣﻣﺎ ﺣﻔز ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ ﻣﺷﻛﻠﺔ‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت اﻟﻐﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫أ‪ -‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗوازن اﻟﻌﺎم ‪:‬‬

‫ﻟم ﯾؤﻛد ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗوازن ﻋﻧد رواد اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾـﺔ أو اﻟذﯾن ﯾﻌﺗﺑ ـرون و‬
‫ﯾﻔﺗرﺿون ﻗﯾﺎم اﻟﺗوازن اﻟﻌﺎم ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻹﻧﺗﺎج ﯾﺳﺎوي اﻹﺳﺗﻬﻼك و أن اﻹﻧﺗﺎج ﻫو اﻟذي ﯾﺣدث اﻟطﻠب‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻣﻧﺗﺟﺔ و أن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﻫﻲ ﺟزء ﻣن اﻟدﺧـل ﯾﺧﺻص ﻟزﯾﺎدة اﻟﺗﺟﻬﯾـزات و وﺳﺎﺋل‬
‫اﻹﻧﺗﺎج‪ .‬ﻓﻛﯾﻧز ﯾرى أن اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﯾدي إﻟﻰ اﻟدﺧل و اﻟذي ﯾؤدي ﻫو ﻛذﻟك إﻟﻰ اﻹدﺧﺎر‪،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻣﺳﺗﺛﻣر ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺄﺧذ ﻗرار زﯾﺎدة اﻻﺳﺗﺛﻣ ﺎر ﻓﺈﻧﻪ ﯾوزع اﻷﻣوال ﻣﻘﺎﺑل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻋواﻣل اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬ﻣﻣﺎ‬
‫ﯾزﯾد ﻣن دﺧول اﻟذﯾن ﯾﺗﺣﺻﻠون ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﻣوال اﻟﻣوزﻋﺔ ﻣن طرف ﻫذا اﻟﻣﺳﺗﺛﻣـر‪ ،‬و زﯾﺎدة ﻫذا اﻟدﺧل‬
‫ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﺋﺔ ﻻ ﯾﻌﻧﻲ اﻟﺗوﺟﻪ إﻟﻰ اﻹﺳﺗﻬﻼك‪ ،‬ﻓﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﯾﻣﻛن زﯾﺎدة اﻹدﺧﺎر ﻋﻧدﻫم ﺑدل‬
‫اﻹﺳﺗﻬﻼك‪ ،‬ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻹﺳﺗﺛﻣﺎر ﻗﺎد إﻟﻰ اﻹدﺧﺎر‪.‬‬

‫ﺑن اﻟﺣﺎج ﺟﻠول ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻛﻠﻲ دروس و ﺗﻣﺎرﯾن‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ و ﻋﻠوم اﻟﺗﺳﯾﯾر‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ إﺑن‬ ‫‪1‬‬

‫ﺧﻠدون‪ ،‬ﺗﯾﺎرت‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،2018-2017 ،‬ص ‪.84‬‬


‫ﺟدا‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﺟدي اﻟﻬﻧداوي‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫روﺑرت ﺳﻛﯾدﻟﺳﻛﻲ‪ ،‬ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز‪ ،‬ﻣﻘدﻣﺔ ﻗﺻﯾرة ً‬
‫‪2‬‬

‫‪97‬‬
‫و ﺑﻬذا ﻓﺈن اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻛﻠﻲ = اﻟدﺧل اﻟﻛﻠﻲ؛‬

‫و ﻟﻠﺗوﺿﯾﺢ أﻛﺛر ﻓﺈن ‪:‬‬

‫* اﻻﻧﻔﺎق اﻟﻛﻠﻲ = اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ اﻹﺳﺗﻬﻼﻛﯾﺔ ‪ +‬اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫* اﻟدﺧل اﻟﻛﻠﻲ = اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ اﻹﺳﺗﻬﻼﻛﯾﺔ ‪ +‬اﻹدﺧﺎر‬

‫و ﺑﻣﻌﺎدﻟﺔ رﯾﺎﺿﯾﺔ ﯾﺗﺿﺢ ﻣﺎﯾﻠﻲ ‪:‬‬

‫اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ اﻻﺳﺗﻬﻼﻛﯾﺔ ‪ +‬اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎرﯾﺔ = اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ‬
‫اﻹﺳﺗﻬﻼﻛﯾﺔ ‪ +‬اﻹدﺧﺎر‬

‫و ﺑﺎﺧﺗزال اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﺎدﻟﺔ ﯾﻧﺗﺞ ‪:‬‬

‫اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ اﻹﺳﺗﺛﻣﺎرﯾﺔ = اﻹدﺧﺎر أي اﻹﺳﺗﺛﻣﺎر = اﻹدﺧﺎر‬

‫و ﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗوازن أﻧﻪ ﯾﺣدث ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻋﻛس ﻟﺑﺗوازن اﻟﻛﻼﺳﻛﻲ اﻟذي ﯾﻛون ﻓﻲ‬
‫ﺑداﯾﺔ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ و ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﺈن أﻟﯾﺔ اﻟﺗوازن ﻋﻧد ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ اﻟدﺧل‬
‫‪1‬‬
‫ﻋﻛس اﻟﻛﻼﺳﯾك اﻟذﯾن ﯾرﺟﻌون آﻟﯾﺔ اﻟﺗوازن إﻟﻰ اﻷﺳﻌﺎر‪.‬‬

‫‪ -2‬آﻟﯾﺎت ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗوظﯾف اﻟﻛﺎﻣل ‪:‬‬

‫ﯾرى ﻛﯾﻧز أن اﻟﻌﺑرة ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﺳﺗوى اﻟﺗﺷﻐﯾل ﻫﻲ اﻟطﻠب اﻟﻔﻌﺎل و ﺗﺣﻘﯾق ذﻟك ﯾﺟب ﺗﺗﺑﻊ اﻟدوﻟﺔ‬
‫اﻷﻟﯾﺎت و ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺣﻛوﻣﻲ‪.‬‬

‫ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣن أﻓﻛﺎر اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻌد اﻟدوﻟﺔ ﻋن اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻓﺈن‬
‫و ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ً‬
‫ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﯾﻌﺗﻘد أن ﻟﻬﺎ دور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎرﯾﻊ اﻟﻛﺑﯾرة و اﻟﺿﺧﻣﺔ ﺷﻣل إﻧﺷﺎء‬
‫اﻟﻣطﺎرات و ﺑﻧﺎء اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت و ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات اﻟﺧﺎﺻـ ﺔ و ﻫذا ﺑﺗﺧﻔﯾض ﺳﻌـر اﻟﻔﺎﺋـدة و ﻛذﻟك‬
‫ﺗﺧﻔﯾض ﺿرﯾﺑﺔ اﻟدﺧل ﻋﻠﻰ أﺻﺣﺎب اﻟدﺧول اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ و ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك إﻋﺎدة ﺗوزﯾﻊ اﻟدﺧل ﻋن طرﯾق‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪ ،78‬و أﻧظر أﯾﺿﺎ ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.146‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪98‬‬
‫ﻧﻘل ﺟزء ﻣن دﺧل اﻟطﺑﻘﺎت ذات اﻟدﺧول اﻟﻣرﺗﻔﻌﺔ إﻟﻰ أﺻﺣﺎب اﻟدﺧول اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ و ﻫذا ﺑﻧﻬﺞ ﺳﯾﺎﺳﺔ‬
‫‪1‬‬
‫ﺿرﯾﺑﯾﺔ ﺗﺻﺎﻋدﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ و اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻋﻧد ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ‪:‬‬

‫اﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ‪ ،‬و أﻧﻪ رﻛز ﻋﻠﻰ اﻹﻫﺗﻣﺎم ﻋﻠﻰ‬


‫ً‬ ‫ﯾﻌﺎب ﻋﻠﻰ ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز أﻧﻪ ﻛﺎن أﻗل‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ و اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ‪.‬‬

‫» أﻧﻪ ﯾﻧﺑﻐﻲ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻟدى ﻛﯾﻧز ﺑﯾن أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻧﻘود و اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧﻘدي ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ وﺑﯾن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻧﻘدﯾﺔ أو ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى‪ ،‬ﻓﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ‬
‫أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻧﻘود ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻔﺿل ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﻛﯾﻧز ﻓﻲ ﺿرورة إدﻣﺎج اﻟﻧﻘود ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﻧذ اﻟﺑداﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻬو ﯾرﻓض ﻓﻛرة ﺗﻘﺳﯾم اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻹﻗﺗﺻ ﺎدي إﻟﻰ اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻋﯾﻧﻲ ﺛم إﻟﻰ‬
‫‪2‬‬
‫ﺗﺣﻠﯾل ﻧﻘدي و ﯾرﻓض ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻣﻘوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرى أن اﻟﻧﻘود ﻣﺣﺎﯾدة و ﻻ ﺗﺄﺛﯾرﻟﻬﺎ«‬

‫طﻠﺑﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘود ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻣﺎ‬


‫ﻓﻛﯾﻧز ﯾﻌﺗﺑر أن اﻟﻧﻘود ﻟﯾﺳت ﻣﺟرد وﺳﯾط ﻟﻠﺗﺑﺎدل و إﻧﻣﺎ ﻫﻧﺎك ً‬
‫أﯾﺿﺎ‪.‬‬
‫ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘود ﻟﯾس ﻣﺷﺗﻘًﺎ ﻣن اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠﻊ و إﻧﻣﺎ ﻫو طﻠب ﻣﺳﺗﻘﺑل ﻟﻬﺎ ً‬

‫و ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ أوﻻﻫﺎ ﻛﯾﻧز إﻟﻰ اﻟﻧﻘود ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎن ﻗﻠﯾل اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ‬
‫ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻻﺧﺗﻼﻻت ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛﺎﻟﺑطﺎﻟﺔ و اﻟﺗﺿﺧم ﻣﺛﻼً ﻓﻘد ﻛﺎن ﯾرى أن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‬
‫ﺗﺄﺛﯾر ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺷﺑﺢ اﻟﺑطﺎﻟﺔ‪ .‬ﻓﺈن ﻛﺎن ﻗد ﺷﺧص ﻗﺿﯾﺔ اﻻﺣﺗﻼل اﻟﻌﺎم ﻓﻲ‬
‫)اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺎم( أﻛﺛر ًا‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﻧﻘص اﻟطﻠب اﻟﻔﻌﺎل أو اﻟﻘﺻور ﻓﻲ اﻟطﻠب اﻟﻔﻌـﺎل‪ ،‬ﻓﺈن ﻣﺣﺎرﺑـﺔ اﻟﺑطﺎﻟـﺔ و اﻟﻘﺿﺎء‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ ﯾﺗطﻠب زﯾﺎدة ﻫذا اﻟطﻠب و ﺧﺎﺻﺔ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر‪ .‬و ﻗد أﻗر ﺑﺄن ﻓرص ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر اﻟﺧﺎص ﻋن‬
‫طرﯾق ﺗﺧﻔﯾض أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋدة ﻗﻠﯾﻠﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾﺔ و ﻋدﯾﻣﺔ اﻟﺟدوى‪ ،‬ﻓﻠو ﻧﻔﺗرض أن أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋدة ﺗﻛون‬
‫ﻣﺷﺟﻌﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﻓﺄي ﺗﺧﻔﯾض ﻓﻲ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋدة أو زﯾﺎدة ﻓﻲ‬
‫ً‬ ‫ﻣﻧﺧﻔﺿﺔ‪ ،‬ﻓﺈن أي ﺗﺧﻔﯾض ﻟم ﯾﻛن‬
‫ﻛﻣﯾﺔ اﻟﻧﻘود ﻟم ﺗؤد إﻻ إﻟﻰ زﯾﺎدة اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﻟﻧﻘود )اﻹﻛﺗﻧﺎز( و ﻟﯾس إﻟﻰ ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻹﺳﺗﻌﻣﺎر‪.‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.79‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺣﺎزم اﻟﺑﯾﻼوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.149‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪99‬‬
‫و ﻟﻬذا ﻓﻘ د رأى أن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻫو اﻟطرﯾق اﻷﻧﺟﻊ و اﻷﻛﺛر ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ ﻟزﯾﺎدة اﻹﻧﻔﺎق و ﺗﺣرﯾك‬
‫اﻟطﻠب اﻟﻔﻌﺎل و ﻫذا ﺑزﯾﺎدة اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺣﻛوﻣﻲ‪ .‬و ﻗد ‪:‬‬

‫» ﺳﺎﻋدت ﻫذﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻋﻠﻰ اﻟﺧروج ﻣن اﻷزﻣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺛﻼﺛﯾﻧﯾﺎت ﻓﺄﺧذ ﺑﻬﺎ‪ ،‬رﺑﻣﺎ‬
‫ﺑﺷﻛل ﻏﯾر واع ﻫﺗﻠر ﻋﻧدﻣﺎ أﺳرف ﻓﻲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳﻠﯾﺢ و ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‬
‫)اﻟطرق( ﻣﻣﺎ ﺳﺎﻋد ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﺎﻟﺔ ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻗﺑل ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟدول اﻷوروﺑﯾﺔ‪ ،‬و ﻗد‬
‫أﺧذ روزﻓﻠت ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺷروﻋﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﻋرف ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟدﯾدة أو‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻌﻬد اﻟﺟدﯾد و ﻛﺎن ﻟﻬذﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ أﺛر واﺿﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﺎﻟﺔ ﻓﻲ ذﻟك اﻟوﻗت«‬

‫‪2‬‬
‫اﺑﻌﺎ ‪ :‬اﻹﻧﺗﻘﺎد اﻟﻣوﺟﻪ إﻟﻰ ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧزي‪.‬‬
‫ر ً‬

‫ﺗﻌﺗﺑر اﻹﻧﺗﻘﺎدات اﻟﻣوﺟﻬﺔ إﻟﻰ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻛﻧزﯾﺔ ﻣﺟرد اﻧﺗﻘﺎدات ﺷﻛﻠﯾﺔ ﻻ ﺗﻣس ﺑﺟوﻫر اﻟﻧظرﯾﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﯾﻣﻛن ﺣﺻرﻫﺎ ﻓﻲ ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر ﻧظرﯾﺔ ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز ﻧظرﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺑﻌض ﯾراﻫﺎ ﻻ ﺗﺻﻠﺢ ﻟﻛل زﻣﺎن و ﻣﻛﺎن‪،‬‬
‫ﻷن ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺟﺎءت ﻓﻲ ظروف اﻷزﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﺳﻧﺔ ‪.1926‬‬
‫‪ .2‬دﺣض ﻓﻛرة ﻋدم ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد و ﻫذا ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺗﻘﻠﯾل ﻣن اﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم‬
‫اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ و اﻟﺗﻲ ﻫﻲ )اﻟﺣرﯾﺔ( أﻫم رﻛﯾزة ﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ .3‬ﯾﻌﺗﺑر ﻓﻛر ﻛﯾﻧز ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻷﻓﻛﺎر ﺳﺎﺑﻘﯾﺔ )اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻔزﯾوﻗراطﯾﺔ اﻟﻛﻼﺳﻛﯾﺔ و ﺣﺗﻰ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ( و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ‬
‫اﻋﺗﺑﺎرﻩ أﺣدث ﺛورة ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻓﻬذا ﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﺣﻔظ‪.‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.149‬‬ ‫‪1‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.235‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪100‬‬
1
: ‫ﻧﻤﻮذج ﻛﻨﺰ‬
‫ﻧﻣوذج ﻛﯾﻧز‬

‫ﻣﺳﺗوى اﻟطﻠب اﻟﻔﻌﻠﻲ اﻹﺟﻣﺎﻟﻲ‬

Demande Effective Globale


‫اﻟﺪﺧﻞ‬ ‫ﻣﻌﺪل اﻟﻔﺎﺋﺪة‬
Revenu Taux d’intérêt

‫اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﻣوارد‬ ‫اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﻣوارد اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‬


‫اﻻﺳﺗﮭﻼﻛﯾﺔ ﻟﻸﺳر‬ ‫اﻻﺳﺗﺛﻣﺎرﯾﺔ ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺎت‬
Demande des biens de Demande des biens de
consommation production

‫ﻣﯿﻞ‬ ‫اﻟﻔﻌﺎﻟﯿﺔ‬
‫اﻻﺳﺘﮭﻼك‬ ‫اﻟﺤﺪﯾﺔ ﻟﺮأس اﻟﻤﺎل‬
Efficacité marginal du capital

‫ﻣﺳﺗوى اﻹﻧﺗﺎج‬
Niveau de la production

‫ﻣﺳﺗوى اﻟﺷﻐل‬
Niveau de l’emploi

1
https://drive.google.com/file/d/0B6iNUbwq5ejKQjg3T0dUT1NXNFU/view

101
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ‬

‫اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫‪102‬‬
‫اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫ﺗﺗﻣﺎﯾز ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺗوزﯾﻊ ﻣن ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟدول و ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ اﻟواﺣدة ﺣﯾث ﺗﻐﯾر ﻣن‬
‫أﺳﻠوب إﻧﺗﺎﺟﻬﺎ ﻣن ﻣرﺣﻠﺔ إﻟﻰ أﺧرى ﻋﻠﻰ ﺣﺳب اﻟظروف اﻟداﺧﻠﯾﺔ و اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣر ﺑﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ‪ .‬ﻫذا‬
‫اﻟﺗﻐﯾر ﻓﻲ أﺳﻠوب اﻹﻧﺗﺎج و اﻟﺗوزﯾﻊ ﯾﺗﻐﯾر ﻋﻠﻰ ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧظﺎم اﻻﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﺗﺑﻧﻰ‪.‬‬

‫ﻓﻣﺎذا ﻧﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي؟ و ﻣﺎﻫﻲ أﻧواع اﻷﻧظﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ؟‬

‫أوﻻ ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬


‫‪ -1‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ‪:‬‬
‫ﯾﻌرف اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ‪:‬‬
‫» ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم و ﺗدﯾر و ﺗﻧظم ﺣﯾﺎة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺎ‬
‫اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ ﻓﻲ زﻣن ﻣﻌﯾن‪ ،‬ﺣﯾث ﯾؤﺛر ﻫذا اﻟﻧظﺎم ﻓﻲ طﺑﯾﻌـ ﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟـﺔ ﺑﯾن اﻟﺑﺷـر و‬
‫‪1‬‬
‫ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣوارد و ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ«‬

‫أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ‪:‬‬


‫ﯾﻌرف ً‬

‫» ﺗوﻓﯾر ﻛﺎﻓﺔ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋد اﻷﻓراد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻹﺳﺗﻬﻼﻛﯾﺔ و ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ‬
‫‪2‬‬
‫ﺟﻌﻠﻬم ﯾﺳﺗﻔﯾدون ﻣن اﻟﻣﺻﺎدر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ و اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ و اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻬم«‬

‫أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ‪:‬‬


‫و ﯾﻌرف ً‬

‫»ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن آﻟﯾﺎت و ﻣؤﺳﺳﺎت ﻟﺻﻧﻊ اﻟﻘرار و ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻘرارات اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹﻧﺗﺎج و‬
‫‪3‬‬
‫اﻟدﺧل ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣﻌﻧﯾﺔ«‬

‫‪1‬‬
‫‪ -2‬اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ‪:‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﻣروان‪ ،‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬ﻣن ﻣوﻗﻊ ﻣوﺿوع ‪ www.mawdoo3.com :‬أﺧر زﯾﺎرة ﻟﻠﻣوﻗﻊ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2019/11/27‬‬
‫ﻣﺟد ﺧﺿر‪ ،‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬ﻣن ﻣوﻗﻊ ﻣوﺿوع ‪ www.mawdoo3.com :‬أﺧر زﯾﺎرة ﻟﻠﻣوﻗﻊ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.2019/11/27‬‬
‫ﻛوﯾﺳﻲ أﻣﯾن‪ ،‬اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ و اﻹﻗ اررات‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪103‬‬
‫وﺿﻊ اﻟﻣﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و وﯾرﻧرﺻوﻣﺑﺎ ت ﺛﻼث ﻋواﻣل رﺋﯾﺳﯾﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻟﻠﻧظﺎم‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي و ﻫﻲ ‪:‬‬

‫‪ -‬اﻟﻣﺣﻔزات ‪ :‬ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﻣﺣﻔزات ﺑﺎﻟدواﻓﻊ اﻟﻣؤﺛرة ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻣﺛل اﻟﺣروب و اﻹﻧﻛﻣﺎش‬
‫‪2‬‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻹﻧﺗﻌﺎش و اﻟﻧﻣو‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺷﻛل ‪ :‬ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﯾﻌد اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﺟزًءا ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺛل اﻟﻌﻣل و‬
‫طﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺗﺎج ‪...‬إﻟﺦ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟطﺑﯾﻌﺔ ‪ :‬ﻫﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟوﺳﺎﺋل و اﻟطرق اﻟﺗﻲ ﺗﺣول اﻟﻣواد اﻷوﻟﯾﺔ إﻟﻰ ﻣواد ذات ﻣﻧﻔﻌﺔ و ﯾﺗم ذﻟك‬
‫ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻵﻻت و اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ و ﺣﺗﻰ اﻷﺟﻬزة اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬أﻫﻣﯾﺔ دراﺳﺔ اﻷﻧظﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﯾﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ دراﺳﺔ اﻷﻧظﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ ‪:‬‬


‫أ‪ -‬ﻓﺗﺢ اﻟﻣﺟﺎل ﻟﻠﻔواﻋل اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻷﻫداف و اﻟﻐﺎﯾﺎت ﻣن ﺗﺑﻧﻲ ﻧظﺎم إﻗﺗﺻﺎدي دون‬
‫ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻷﻧظﻣﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺳﻬل ﻋﻠﯾﻬم ﻣﻌرﻓﺗﻪ و اﺳﺗﻌﺎﺑﻪ و اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﻧﺟﺎﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب ﻣواﻗﻌﻬم‪.‬‬
‫ب‪ -‬ﺗﺟﻧب اﻟوﻗﻊ ﻓﻲ أﻧظﻣﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ و ﺗﺗﺑﻊ ﻧﻬﺞ اﻷﻧظﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻧﺎﺟﺣﺔ‪.‬‬
‫ج‪ -‬أﺣداث ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﺗﺑﻊ و ﺑﯾن اﻷﻧظﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺟﻬﺎ اﻟدول‬
‫اﻷﺧرى ﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ أي اﻷﻧظﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻷﺻﻠﺢ و اﻷﻧﺟﻊ و اﻷوﻟﻰ ﺑﺈﺗﺑﺎﻋﻬﺎ‪.‬‬
‫د‪ -‬اﻹﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ﺗﺟﺎرب اﻷﻧظﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ اﻷزﻣﺎت و اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫‪3‬‬
‫ﻋرﻓﺗﻬﺎ‪.‬‬

‫‪ -4‬اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻟﻧﻣوذج اﻹﻗﺗﺻﺎدي ‪:‬‬

‫ﻣﺣﻣد ﺧﺿر‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أﯾﺿﺎ أﺣﻣد ﺿﯾﺎء اﻟدﯾن زﯾﺗون‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪،‬‬
‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ و أﻧظر ً‬
‫‪2‬‬

‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،2001 ،‬ص ص‪.29-28 ،‬‬


‫ﻣﺣﻣد إﺑراﻫﯾم أﺑو ﺷﺎدي‪ ،‬اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،2010 ،‬ص ص ‪.18-17‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪104‬‬
‫ﻟﻛﻲ ﻧﺣدد اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻟﻧﻣوذج اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﯾﺟب أوﻻ ﺗﺣدﯾد ﺗﻌرﯾف ﻟﻠﻧﻣوذج‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻧﻣوذج اﻹﻗﺗﺻﺎدي ‪:‬‬

‫ﯾﻌرف اﻟﻧﻣوذج اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ‪:‬‬


‫»ﺗﻣﺛﯾل ﻣﺑﺳط و ﻋﻼﺋﻘﻲ ﻟﻠﺣﻘﯾﻘﺔ و اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠﻌﺎﻟم ﺑﺎﻟﺗﺣﻠﯾل )ﺗﺣﻠﯾل اﻟواﻗﻊ( ﺣﯾث ﺗدرس‬
‫اﻟﻧﻣوذج و ﻟﯾس اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺣﻘﯾق‪ ،‬ﻫذا اﻟﺗﻣﺛﯾل ﯾﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯾن ﻣﺗﻐﯾرات‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ و اﻟذي ﯾﻌرف ﺑدورﻩ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ أﺳﺎﺳﯾﺎت ﺗﻧظﯾم اﻟظﺎﻫرة ﻣﺣل اﻟدراﺳﺔ«‪.‬‬

‫أﯾﺿﺎ ‪:‬‬
‫و ﯾﻌرف ً‬

‫»ﻋﺑﺎرة ﻋن اﺳﺗﺧدام اﻟﻠﻐﺔ اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ ﻹﻋﺎدة ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻣوﺿوع اﻟﻧﻣوذج ﻓﻲ ﺷﻛل ﯾﺑﺳط اﻟﻌﻼﻗﺎت‬
‫اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ )ﻋﻠﺔ و ﻣﻌﻠول( و اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ اﻟﺗﺷﻛﯾﻠﯾﺔ )اﻟﻣورﻓوﻟوﺟﯾﺔ( ﺑﯾن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣوﺿوع اﻷﺻﻠﻲ‪ ،‬و‬
‫ﺑﺗﻐﯾﯾر أﺧر ﻓﺈن اﻟﻧﻣوذج اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﺑﻬذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻫو ﻟﯾس طﺑق اﻷﺻل ﻋن ﻣوﺿوﻋﻪ‪ ،‬ﺑل ﯾﺧﺗﻠف‬
‫‪2‬‬
‫ﻋﻧﻪ ﻧوﻋﯾﺎ ﻓﺿﻼً ﻋن اﻻﺧﺗﻼف ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ«‬

‫و ﻣن ﺧﻼل ﻫذﯾن اﻟﺗﻌرﯾﻔﯾن ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﯾﺷﯾر إﻟﻰ اﻻﺳس و اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺣﯾﺎة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻧﻣوذج ﻓﻼ ﯾﺗﺿﻣن ﺳوى ﻣﺷﻛﻼت أﻏﻠﺑﻬﺎ ﻓﻧﻲ ﻻ ﯾﻣس ﻣﺑﺎﺷرة‬
‫أﺳس و ﻣﺑﺎدئ اﻟﻧظﺎم ﻧﻔﺳﻬﺎ‪ ،‬و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﻧظﺎم اﻹ ﻗﺗﺻﺎدي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳس و ﻣﺑﺎدئ واﺣدة‪ ،‬أﻣﺎ ﻣن‬
‫ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻧﺗﺞ أن ‪:‬‬
‫اﻟﺗطﺑﯾق ﻓﺎﻟﺑﺎب ﻣﻔﺗوح ﻻﺧﺗﻼف )ﻧﻣﺎذج( و ً‬

‫‪ .1‬ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﺗﺗواﺟد ﺗطﺑﯾﻘﺎت و ﻧﻣﺎذج ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻧﻔس اﻟﻧظﺎم دون اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻧظﺎم‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﻌﻧﯨﻲ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﯾﺛﺎل ﯾوﺟد إﺧﺗﻼﻓﺎت ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻛل ﻣن اﻟوﻻﯾﺎت‬
‫اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ و ﺣول ﻏرب أوروﺑﺎ‪ ،‬إﻻ أن ﻫذا اﻹﺧﺗﻼف ﻓﻲ اﻟﻧﻣﺎذج ﻟم ﯾﻣس اﻷﺳ ـس و اﻟﻣﺑﺎدئ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‪.‬‬

‫ﻋوﯾﺳﻲ أﻣﯾن‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪105‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ .2‬ﻣﻣﻛن ﻷﯾﺔ دوﻟﺔ أن ﺗﻧﺗﻘل ﻣن ﻧﻣوذج إﻗﺗﺻﺎدي إﻟﻰ آﺧر دون أن ﺗﻌﺗﺑر ﻣن ﻧظﺎﻣﻬﺎ اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬

‫ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.24-23‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪106‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﻌﺎﺷرة‬

‫ﺗﺻﻧﯾف اﻷﻧظﻣﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫‪ .1‬اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‬


‫‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫‪ .I‬اﻟﻧظﺎم اﻻﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ‪:‬‬

‫دﺧﻠت أوروﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر ﻣرﺣﻠﺔ ﺟدﯾدة ﻣﻐﺎﯾرة ﻟﻠﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎد ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻧظﺎم‬
‫اﻹﻗطﺎﻋﻲ‪ .‬و ﺳﻣﯾت ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺑﻧﺣو و ﺗطور اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺣرﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺷﺗﻐل ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺣرﻓﻲ و‬
‫ﻛذا اﻟﺗﺟﺎرة ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟطﻠب اﻟﻛﺛﯾر ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷدوات اﻟﺣرﻓﯾﺔ ﻟﺗوظﯾﻔﻬﺎ و اﺳﺗﻐﻼﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻟزراﻋﻲ‪ ،‬ﻣﻣﺎ‬
‫زاد ﻣن ﺷراء ﻫذﻩ اﻟطﺑﻘﺔ ﺑواﺳطﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ ﻟﻠﺗﺟﺎرة ﻓﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت طﺑﻘﺔ ﺣرﻓﯾﺔ ﻣﺗوﺳطﺔ أﺻﺑﺣت ﺗﻣﺎرس‬
‫اﻟﺗﺟﺎرة طﺑﻘﺔ ﺛرﯾﺔ أطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺑﺎﻟطﺑﻘﺔ اﻟﺑرﺟوازﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗﻠك رؤوس أﻣوال ﻛﺑﯾرة‪ ،‬أدت ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺗﺣوﻻت إﻟﻰ ﻣﯾﻼد ﻧظﺎم إﻗﺗﺻﺎدي ﺟدﯾد ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟ أرﺳﻣﺎﻟﻲ‪.‬‬

‫أ‪ -‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ‪:‬‬

‫» ﻧظﺎم اﻗﺗﺻﺎدي ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻧﻣط ﻣن اﻹﻧﺗﺎج ﯾرﺗﻛز ﻋﻠﻰ ﺗﻘﯾﯾم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ طﺑﻘﺗﯾن أﺳﺎﺳﯾﺗﯾن‪ :‬طﺑﻘﺔ‬
‫ﻣﺎﻟﻛﻲ وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج ) اﻷرض‪ ،‬اﻟﻣواد اﻷوﻟﯾﺔ‪ ،‬و أدوات اﻟﻌﻣل( ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن أﻓراد أو‬
‫ﺷرﻛﺎت أو ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟذﯾن ﯾﺷﺗرون ﻗوة اﻟﻌﻣل ﻟﺗﺷﻐﯾل ﻣﺷروﻋﺎﺗﻬم‪ ،‬و طﺑﻘﺔ اﻟﺑروﻟﯾﺗﺎرﯾﺎ )اﻟﻌﻣﺎل(‬
‫اﻟﻣﺟﺑرة ﻋﻠﻰ ﺑﯾﻊ ﻗوة ﻋﻣﻠﻬﺎ ﻷن ﻟﯾس ﻷﻓرادﻫﺎ وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج و ﻻ رأس اﻟﻣﺎل اﻟذي ﯾﺗﯾﺢ ﻟﻬم‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﻌﻣل ﻟﺣﺳﺎﺑﻬم اﻟﺧﺎص«‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫إذن ﻓﺎﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﺻطﻠﺢ ﯾطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﯾﻣﺗﻠك ﻓﯾﻪ اﻷﻓراد وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج‬

‫ب‪ -‬أﺳس و ﻣﺑﺎدئ اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ‪:‬‬

‫ﺗﺗﻣﺛل أﺳس و ﻣﺑﺎدئ اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ‪:‬‬


‫‪ .1‬اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻔردﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﻌﻧﻲ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻔردﯾﺔ ﺗﻘرﯾر و ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺣﻘوق ﻟﻠﻔرد ﻋﻠﻰ اﻷﻣـوال اﻟﺗﻲ ﯾﻛﺗﺳﺑﻬـﺎ‪ ،‬و ﻟﻪ‬
‫اﻟﺣق ﻓﻲ ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺻرف ﺑﻬذﻩ اﻷﻣوال ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﺳواء أﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻷﻣوال ﺗﺳﺗﺧدم ﻓﻲ إﺷﺑﺎع‬

‫ﻟوﻧﯾﺳﻲ ﻟطﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪ .256‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﻧﺑﯾﻠﺔ داود‪ ،‬اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻏرﯾب‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﻣﺻر‪ ،1991 ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪108‬‬
‫أﯾﺿﺎ اﻷﻣوال‬
‫اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻣﺗﻌددة ﻹﻧﺳﺎن ﻣﺑﺎﺷرة أو ﻛﺎﻧت إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﺗوظف ﻹﻧﺗﺎج اﻷﻣوال اﻹﺳﺗﻬﻼﻛﯾﺔ‪ ،‬و ً‬
‫اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ ﻣﺛل اﻷراﺿﻲ اﻟزراﻋﯾﺔ و اﻵﻻت و اﻷدوات‪ .‬و أﯾﺎ ﻛﺎن ﺷﻛل ﻫذﻩ اﻷﻣوال‪.‬‬

‫‪ .2‬ﺣرﯾﺔ اﻟﻣﺷروع ‪:‬‬

‫و ﻫﻲ ﺣق ﻛل ﻓرد ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﻪ ﺟﻬودﻩ و أﻣواﻟﻪ ﺣﯾﺛﻣﺎ ﯾرﯾد و ﻓﻲ أي ﺷﻛل ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﻧﺷﺎط‬


‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟذي ﯾرﯾدﻩ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﻪ ﻣﻊ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻠﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻘل ﺑﺣرﯾـﺔ إﻟﻰ أي ﻣﻛﺎن ﯾرﯾـدﻩ و‬
‫ﯾﺧﺗﺎرﻩ ﻫو ﺷﺧﺻﯾﺎ ﻛﻣﺎ ﻟﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس وﺣدات إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﻓﻲ أي ﻓرع أو ﻗطﺎع ﻣن ﻗطﺎﻋﺎت اﻟﻧﺷﺎط‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪.‬‬

‫‪ .3‬ﻧظﺎم اﻟﺳوق و اﻷﺛﻣﺎن )اﻷﺳﻌﺎر( ‪:‬‬

‫ﺗﺗﺣدد اﻷﺳﻌﺎر ﻓﻲ ظل ﻫذا اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ رﻏﺑﺎت اﻟﻣﺷﺗرﯾن و اﻟﺑﺎﺋﻌﯾن و ﻗدرﺗﻬم ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﻌﯾدا ﻋن ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻠﻌب ﺟﻬﺎز اﻟﺛﻣن دور اﻟﻣرﺷد ﻟﻠﻣﻧﺗﺞ و اﻟﻣﺳﺗﻬﻠك ﻟﯾﺗﻘرر ﺑﻧﺎء‬
‫اﻟﻣﺳﺎوﻣﺔ‪ً ،‬‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣﻣﺎ ﯾﻣﻛن إﻧﺗﺎﺟﻪ ﻣن ﺳﻠﻊ و ﺧدﻣﺎت و ﻣﺎ ﯾﺗم اﺳﺗﻬﻼﻛﻪ ﻣﻧﻬﺎ ﻛذﻟك‪.‬‬

‫ﻓرﻏﺑﺎت اﻟﻣﺳﺗﻬﻠﻛﯾن ﺗﺗﺣدد ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﻘوى اﻟطﻠب و ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﺗﺗﺣدد رﻏﺑﺎت اﻟﺑﺎﻟﻐﯾن ﻓﯾﻣﺎ‬
‫ﯾﺳﻣﻰ ﺑﻘوى اﻟﻌرض و ﻓﻲ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻼﻗﻰ ﻓﯾﻬﺎ ﻗوى اﻟﻌرض و اﻟطﻠب ﯾﺗم ﺗﺣدﯾد اﻟﺛﻣن ﻓﻲ اﻟﺳوق‪.‬‬
‫ﺗﻔﻌﺎ ﻓﺈﻧﻪ دﻟﯾل ﻋﻠﻰ رﻏﺑﺔ اﻟﻣﺳﺗﻬﻠﻛﯾن ﻓﻲ إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎﺗﻬم ﻣن ﺗﻠك‬
‫ﻓﺈذا ﺗﺣدد ﺳﻌر ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳوق و ﻛﺎن ﻣر ً‬
‫اﻟﺳﻠﻌﺔ و اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣزﯾد ﻣﻧﻬﺎ و ﯾﻌد ﻫذا اﻹرﺗﻔﺎع ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻣرﺷد ﻟﻠﻣﻧﺗﺧﺑﯾن ﻟﻠزﯾﺎدة ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺳﻠﻌﺔ و‬
‫‪1‬‬
‫ﻋرﺿﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺳوق‪ .‬و ﺑﻬذا ﻓﺈن ﺟﻬﺎز اﻟﺛﻣن ﯾوﺟﻪ اﻟﻣوارد ﻧﺣـو اﻹﻧﺗـﺎج و اﻹﺳﺗﻬﻼك‪.‬‬

‫‪ -4‬اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ‪:‬‬

‫ﯾﺳود اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﺟو اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻧﺗﺟﯾن اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾـ ن أﻧﻔﺳﻬـم و‬
‫ﺑﯾﻧﻬم و ﺑﯾن اﻟﻣﺷﺗرﯾن ﻓﻲ ﺳوق اﻟﺳﻠﻊ اﻹﺳﺗﻬﻼﻛﯾﺔ و ﺳوق ﻋواﻣل اﻹﻧﺗﺎج ﺑﻐﯾﺔ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ أﺟور و‬
‫أﻓﺿل اﻟﺷروط اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺳﻠﻊ و اﻟﺧدﻣﺎت ﻣﺣل اﻟﺗﻌﺎﻗد‪.‬‬

‫أﯾﺿﺎ زﯾﻧب ﺣﺳﯾن ﻋوض اﷲ و أﺧرون‪ ،‬أﺻول اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪،‬‬


‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ ص ‪ ،30‬ﻷﻧظر ً‬
‫‪1‬‬

‫دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،2000 ،‬ص ‪.113‬‬


‫‪109‬‬
‫‪ -5‬داﻓﻊ اﻟرﺑﺢ ‪:‬‬

‫ﻓﺎﻟرﺑﺢ ﻫو اﻟﻬدف اﻻﺳﺎﺳﻲ ﻣن اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ و ﯾﻌد اﻟرﺑﺢ ﻣن أﻛﺛر اﻷﺳس اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ارﺗﺑﺎطﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬و ﻟﻛﻲ ﯾﺗﺣﻘق اﻟرﺑﺢ ﯾﺗطﺎﻟب وﺟود ﺷرطﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن ﻣﺗداﺧﻠﯾن‪:‬‬

‫أ‪ -‬اﻟرﺑﺢ ﻫو اﻟداﻓﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪.‬‬


‫ﻣﻌﺎ ﻓﻲ‬
‫ب‪ -‬اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟزﯾﺎدة اﻹﯾرادات ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔﺎﻗﺎت ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟرﺑﺣو اﺟﺗﻣﺎع اﻟﻌﻧﺻرﯾن )أ و ب( ً‬
‫‪1‬‬
‫أﺳﺎﺳﺎ ﻻ ﯾوﺟد ﻓﻲ أي ﻧظﺎم إﻗﺗﺻﺎدي آﺧر‪.‬‬
‫ً‬ ‫ﺷﺧص واﺣد ﻫو ﻣن ﯾﺟﻌل ﻣن داﻓﻊ اﻟرﺑﺢ‬
‫ج‪ -‬ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ‪:‬‬

‫ﺗﺗﻣﺛل ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﺧﺻﺎﺋص ﺧﺻﺎﺋـص ﺗﻧظﯾﻣﯾـﺔ و‬


‫إﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﺧﺻﺎﺋص ﻓﻧﯾﺔ و اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ .1‬اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ‪:‬‬


‫ﯾﺑﻧﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺑـدأ اﻟﺣرﯾـﺔ ﻓﻲ ﻛﺎﻓـﺔ اﻟﻣﺟـﺎﻻت‪ ،‬اﻟﺳﯾﺎﺳﯾـﺔ و اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾـﺔ و اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬
‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻬﺎ‪ ،‬و ﯾرﻛز ﻫذا اﻟﻧظﺎم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ و ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗد‪،‬‬
‫ﺑﯾﻧﻣﺎ دور اﻟدوﻟﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻷﻓراد و ﺣراﺳﺔ ﻣﻛﺎﺳﺑﻬم ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام ﺣق اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫و ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗد‪.‬‬
‫‪ .2‬اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻔﻧﯾﺔ ‪:‬‬
‫ﯾﻘوم اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻓن إﻧﺗﺎﺟﻲ ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ اﻹﺧﺗراع و اﻹﻛﺗﺷﺎف و ﻋﻠﻰ ﺑﻧﯾﺎن‬
‫اﻗﺗﺻﺎدي ﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﺣرﯾﺔ اﻟﻘرار‪.‬‬
‫‪ -1‬اﻟﻔن اﻹﻧﺗﺎﺟﻲ ‪:‬‬

‫ﺗزاﻣن اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻣﻊ ظﻬور اﻟﺛورة اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺗﺛﻣر اﻟﺗﻘدم‬
‫اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ اﻟﻧﺎﺟم ﻋن ﻫذﻩ اﻟﺛورة‪ ،‬ﻛﻣﺎ طﺑﻘت اﻟﻔﻧون اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺗﺧﻠق ﺟو ﻣن اﻟﺳﻌ ﻲ إﻟﻰ ﺗﺣﺳﯾن وﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج ﻟﻠﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﺧﻔﯾض ﺗﻛﺎﻟﯾف اﻹﻧﺗﺎج و ﺗﺣﻘﯾق‬

‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ‪ ،‬ص ص ‪31-30‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.45‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪110‬‬
‫أﻛﺑر ﻗدر ﻣن اﻷرﺑﺎح‪ ،‬ﻓﻧﺟﺎح أي ﻣﻧﺗﺞ ﻓﻲ ﺗوظﯾف أي اﺧﺗراع ﺟدﯾد ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﻘﻠل ﻣن ﺗﻛﺎﻟﯾف اﻹﻧﺗﺎج‬
‫ﯾدﻓﻊ ﺑﺎﻟﻣﻧﺗﺟﯾن اﻷﺧرﯾن إﻟﻰ ﺗﻘﻠﯾد و ﺗطﺑﯾق ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛﻧوا ﻣن اﻟﺑﻘﺎء ﻓﻲ ﻣﺟﺎل‬
‫اﻹﻧﺗﺎج‪.‬‬

‫و ﻗد أدى اﺳﺗﺧـدام اﻟﻔن اﻹﻧﺗﺎﺟﻲ اﻟﻣﺗﻘدم إﻟﻰ ﺳرﻋـﺔ زﯾﺎدة ﻣﻌـدﻻت اﻟﻧﻣـو اﻹﻗﺗﺻـﺎدي‪ ،‬و ﺗطورات‬
‫ﻫذﻩ اﻟﻔﻧون دون ﺗوﻗف ﻟﻣواﺟﻬﺔ ﺗﻛﺎﺛر اﻟﺣﺎﺟﺎت‪ .‬ﺑﻣﺎ أدى إﻟﻰ زﯾﺎدة اﻹﻧﺗﺎج ﺧﻼل ﻓﺗرات ﻗﺻﯾرة‪ ،‬دﻋﻣت‬
‫‪1‬‬
‫ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻹزدﻫﺎر‪.‬‬
‫اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ و ﺟﻌﻠﺗﻪ ًا‬

‫‪ -2‬ﺣرﯾﺔ اﻟﻘرار اﻹﻗﺗﺻﺎدي ‪:‬‬

‫ﺗﺳﺗﻐل ﻋواﻣل اﻹﻧﺗﺎج ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺗﻔﺎﻋل اﻟﻘ اررات اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺧذﻫﺎ اﻷﻓراد دون ﺗﻠرﺟوع إﻟﻰ اﻟدوﻟﺔ أو‬
‫اﺳﺗﺷﺎرﺗﻬﺎ‪ ،‬و ذﻟك أن اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟذي ﯾﻣﺎرس اﻷﻓراد ﻓﻲ ظل اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑراﻣﺞ ﺗﺻﻧﻌﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬و إﻧﻣﺎ ﺗﺗم طﺑﻘﺎ ﻹدراة اﻷﻓراد‪ ،‬ﻓﺎﻷﻓراد ﻓﻲ ﺳﻌﯾﻬم إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺻﺎﻟﺣﻬم اﻟﺧﺎﺻﺔ و‬
‫اﻟﻔردﯾﺔ ﯾﺳﻌون ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﯾد اﻟﺧﻔﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗرف اﻟﻧظﺎم‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﺑﺣرﯾﺔ اﻹﺳﺗﻬﻼك‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻬم أﺣرار ﻓﻲ ﺗوزﯾﻊ دﺧوﻟﻬم ﺑﯾن اﻹﺳﺗﻬﻼك و اﻹدﺧﺎر‪،‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺣرﯾﺔ إﻧﺗﻘﺎل اﻟ ﺳﻠﻊ و رؤوس اﻷﻣوال ﺑﯾن اﻟدول و إﺗﺳﺎع اﻟﻣﺑﺎدﻻت اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬و ﺳﯾﺎدة ﺣرﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻣﺑﺎدﻻت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ‪.‬‬

‫د‪ -‬ﻣراﺣل ﺗطور اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ‪:‬‬

‫ﻣر اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻣﻧذ ﻧﺷﺄﺗﻪ ﺑﻣراﺣل ﻫﺎﻣﺔ أﻫﻣﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ .1‬اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ‪:‬‬

‫ظﻬر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺟﺎر اﻟذﯾن ﻗﺎﻣوا ﺑﻧﻘل اﻟﺳﻠﻊ و اﻟﺑﺿﺎﺋﻊ إﻟﻰ اﻟﺳوق و ﺑﯾﻌﻬﺎ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟطﻠب ﻟﺗﻠك اﻟﺑﺿﺎﺋﻊ و اﻟﺳﻠﻊ و ﻗد ﻛﺎن ﻟﻠﺗﺟﺎرة دور أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ رﻓﻊ ﻣﺳﺗوى اﻹﻧﺗﺎج و ﻫذا ﺑﺎﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ‬
‫ﻓﺗﺢ أﺳواق ﺟدﯾدة و ﻗد ﺳﺎﻫﻣت ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌواﻣل ﻓﻲ ظﻬور اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻧوﺟزﻫﺎ ﻓﻲ ‪:‬‬

‫ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.45‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ص ‪.46-45‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -‬اﻹﻛﺗﺷﺎﻓﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺛورة اﻟﻧﻘدﯾﺔ و اﻟﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﻣﻘﺎﯾﺿﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻧﺷﺄة اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﺑﻌد ﻣﻌﺎﻫدة وﺳﺗﻔﺎﻟﯾﺔ ‪.1648‬‬
‫‪ -‬اﻹﺻﻼح اﻟدﯾﻧﻲ و اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻠﺗﺎن ﻋرﻓﺗﻬﺎ أوروﺑﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗراﻛم رؤوس اﻷﻣوال ﻓﻲ ﯾد اﻟﺗﺟﺎر‪.‬‬
‫‪ -‬إﻧﺗﺷﺎر اﻷﻓﻛﺎر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫‪ .2‬اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ‪:‬‬


‫ظﻬرت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷ ر‪ ،‬ﺣﯾث ﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ظﻬورﻫﺎ اﻟﺗﻘدم اﻵﻟﻲ و‬
‫ﻣﻌﺎ‪ ،‬و ذﻟك ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻵﻻت ﻛﺄﺳﺎس‬
‫اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻋن ﺳﯾطرة رأﺳﻣﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻬﺎز اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ و اﻹﻧﺗﺎﺟﻲ ً‬
‫ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ‪ ،‬و ﻣﺎ ﻣﯾز ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة ﻋن ﻓﺗرة اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻫو ﺗوﺟﯾﻪ رؤوس اﻷﻣوال ﻟﺗوظﯾﻔﻬﺎ ﻓﻲ‬
‫‪1‬‬
‫اﻟﺟﻬﺎز اﻹﻧﺗﺎﺟﻲ‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬
‫ﺗﻣﺗﺎز ﻣرﺣﻠو اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﺑﺗطور وظﯾﻔﺔ اﻟﺑﻧوك ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات و ﺗزاﯾد ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺑورﺻﺎت ﻓﻲ‬
‫اﺳﻌﺎ ﻟﻠﺑﻧوك ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ دواﻟﯾب‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد إﯾﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ظﻬور اﻟﺗرﻛﯾز اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻫﻲ ﻓﺗﺢ اﻟﻣﺟﺎل و ً‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﻓﻘد ظﻬرت وظﺎﺋف ﺟدﯾدة ﻟﻠﺑﻧوك‪ ،‬ﻓﻠم ﺗﻌد ﺗﻘﺗﺻر وظﯾﻔﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺢ اﻟﻘروض ﻟﻠﺗﺟﺎر و‬
‫اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﯾن ﻓﻘط‪ ،‬ﺑل أﺻﺑﺣت ﺗوظف ﺟزًءا ﻣن رأﺳﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺻﺑﺣت ﻣؤﺳﺳﺔ ﺑﻧﻛﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫رأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ و ﺑذﻟك أﺻﺑﺣت اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻬﯾﻣﻧﺔ اﻟﺑﻧوك‪.‬‬

‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.27-26‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪112‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺣﺎدﯾﺔ ﻋﺷر‬

‫ﺗﺻﻧﯾف اﻷﻧظﻣﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫‪ .2‬اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻹﺷﺗراﻛﻲ‬


‫‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ .II‬اﻟﻧظﺎم اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻹﺷﺗراﻛﻲ ‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻹﺷﺗراﻛﻲ ‪:‬‬

‫اﻟﻧظﺎم اﻹﺷﺗراﻛﻲ ﻫو ذﻟك اﻟﻧظﺎم اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ و ﺗﺣﻛم اﻟدوﻟﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾر و إدارة اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺧطﯾط اﻟﻣرﻛزي و ﻗد ﺗم ﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي‬
‫أول ﻣرة ﺳﻧﺔ ‪ 1917‬ﺑﻌد اﻟﺛورة اﻟﺑﻠﺷﻔﯾﺔ ﺧﻼل ﺗﺑﻧﻲ ﻫذﻩ اﻟﺛورة ﻟﻺﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ أو اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و إﻗﺎﻣﺔ‬
‫‪1‬‬
‫أول دوﻟﺔ اﺷﺗراﻛﯾﺔ ﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻹﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﻲ‪.‬‬

‫و ﻣﻧذ إﻋﺗﻧﺎق اﻹﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﻲ اﻟﻣذﻫب اﻹﺷﺗراﻛﻲ‪ ،‬ﺑدأت اﻟدوﻟﺔ و ﺧﺎﺻﺔ اﻟدول اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺛﺎﻟث‬
‫ﺗﻧﺗﻬﺞ ﻫذا اﻟﻣذﻫب و ﺗﺑﻧﻲ اﻟﻧظﺎم اﻻﺷﺗراﻛﻲ ﻛﺧﯾﺎر إﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ و ﺑﻌد ﺗﺻدع اﻟﻣﻌﺳﻛر اﻟﺷﯾوﻋﻲ و‬
‫ﺗﻔﻛك اﻹﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﻲ‪ ،‬إﻧﻬﯾﺎرت ﻣﻌﻪ اﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾداﻓﻊ ﻋﻧﻬﺎ ﻣﻧذ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ‬
‫اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﻗﻣﺔ ﺑﺎرﯾس ‪.1990‬‬

‫‪ -2‬أﺳس و ﻣﺑﺎدئ اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻹﺷﺗراﻛﻲ ‪:‬‬

‫ﯾﻘوم اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻹﺷﺗراﻛﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﺳس و اﻟﻣﺑﺎدئ ﻧذﻛر أﻫﻣﻬﺎ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ ‪:‬‬


‫ﯾرﺗﻛز اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻻﺷﺗراﻛﻲ ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﺗدﺧل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟدواﻟﯾب اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻫذا ﻷﺟل‬
‫ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟذي ﯾﻌطﻲ ﻷﻓراد‬
‫ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻌﻛس ً‬
‫اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل وطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺗﺎج و ﺣرﯾﺔ اﻷﺳﺗﻬﻼك ﻓﺈن اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ظل اﻟﻧظﺎم اﻹﺷﺗراﻛﻲ ﺗﻘﯾد ﺟﻣﯾﻊ ﻫذﻩ‬
‫اﻟﺣرﯾﺎت‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ ﺑوﺿﻊ ﺧطﺔ ﻣدروﺳﺔ ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗﺧطﯾط اﻹﻗﺗﺻﺎدي و‬
‫ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺧطﺔ ﺗﻘوم اﻟدوﻟﺔ ﺑﺗﺣدﯾد ﻛﻣﯾﺔ و ﻧوﻋﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎج‪.‬‬
‫ً‬

‫أﺣﻣد ﻋﺎﺷور‪ ،‬اﻟﻧظﺎم اﻻﺷﺗراﻛﻲ ﻣﻔﻬوﻣﺔ‪ ،‬وأﺳﺳﻪ و ﻋﯾوﺑﻪ‪ ،‬ﻣوﻗﻊ اﻷﻟوﻛﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ‪ ، www.alukah.net ،‬أﺧر زﯾﺎرة‬ ‫‪1‬‬

‫ﻟﻠﻣوﻗﻊ‪2019/11/21 ،‬‬
‫‪114‬‬
‫ب‪ -‬اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج ‪:‬‬
‫ﻼ‬
‫ﺗﻬدف اﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج إﻟﻰ ﻣﺣو اﻟطﺑﻘﯾﺔ و وﺿﻊ ﺣدا ﻓﺎﺻ ً‬
‫ﻟﻠﺻراع ﺑﯾن اﻷﻓراد ﻣﻧذ ﻓﺗرة اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌﺑودي اﻟذي ﺧﻠق طﺑﻘﺗﯾن )اﻻﺳﯾﺎد و اﻟﻌﺑﯾد( ﻓﺎﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ‬
‫ﺟ ﻌل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ طﺑﻘﺔ واﺣدة ﯾزﯾل ﻋﻠﻰ أﺛرﻫﺎ اﻟﺗﻧﺎﻓض اﻟطﺑﻘﻲ اﻟذي ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ طﺑﻘﺗﯾن‪ ،‬و‬
‫ﯾﺗﺟﺳد ﻫذا اﻟزوال اﻟطﺑﻘﻲ‪ 1‬ﻓﻲ ﻣﺑدأ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج و إﻟﻐﺎء اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻔردﯾﺔ اﻟوﺳﺎﺋل‬
‫اﻹﻧﺗﺎج ﺣﯾث ﺗﻣﺗﻠك اﻟدوﻟﺔ ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋل و اﻟﻣوارد‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﺷﺗﻣل ‪:‬‬
‫» ﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺛورة اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ و ﻟﻠﻣﺷروﻋﺎت اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ و اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ و ﻟﻣﺷروﻋﺎت اﻟﻧﻘل‬
‫و اﻟﻣﺻﺎرف و ﻟﻠﻣﺷروﻋﺎت اﻟزراﻋﯾﺔ و ﻻ ﺧل ﺑﻣﺑدأ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻧﺎﺑﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﺑﻌض‬
‫اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻹدارة ﺑﻌض اﻟﻣﺷروﻋﺎت أو ﺗﻣﻠك ﺑﻌض اﻷدوات اﻹﻧﺗﺎج وﻓﻘﺎ ﻟﺧطﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫‪2‬‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ«‬

‫و إذا ﻛﺎﻧت اﻹﺷﺗراﻛﯾﺔ ﺗدﻋو إﻟﻰ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻧﺗﺎج ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﯾﻌﻧﻲ اﻹﻟﻐﺎء اﻟﺗﺎم‬
‫ﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﻔردﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺗﻌد ﻧظﺎم طﺑﯾﻌﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻷﻣوال اﻹﺳﺗﻬﻼك ﻓﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻧطﻘﻲ أن‬
‫ﯾﺳﺗﻬﻠك اﻟﻔرد ﺳﻠﻌﺔ أو ﻣﻧﺗوج دون أن ﯾﻛون ﻟﻪ ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺻرف ﻓﯾﻪ‪ ،‬و ﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي‬
‫اﻹﺷﺗراﻛﻲ ﯾﺳﻠم ﺑﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﺳﻠﻊ اﻻﺳﺗﻬﻼك‪ .‬ﻓﺎﻷﻓراد ﻟﻬم ﺣرﯾﺔ اﻟﺗﺻرف و اﻟﺗﻣﻠك ﻓﻲ ﻛل ﻣﺎ‬
‫ﯾﺣﺻﻠون ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻣداﺧﯾل و ﺣﺗﻰ ﺣق اﻹدﺧﺎر ﺷرﯾطﺔ أن ﻻ ﺗﺗﺣول ﻫذﻩ اﻟﻣدﺧرات إﻟﻰ رؤوس أﻣوال‬
‫‪3‬‬
‫ﻋﯾﻧﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻣﺳﺎﻛن و اﻟﺣداﺋق اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻬﺎ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ج‪ -‬ﺗوﺟﯾﻪ اﻹﻧﺗﺎج اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ‪:‬‬
‫اﻟﻬدف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻹﺷﺗراﻛﻲ ﻫو إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ و ﻫذا ﻣﺎ ﯾدﻓﻊ ﺑﺎﻟدوﻟﺔ‬
‫إﻟﻰ اﻹﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺞ اﻟﺳﻠﻊ و اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﺎﺟﻬﺎ ﻛل أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ إﺷﺑﺎع ﺣﺎﺟﺎﺗﻬم‬
‫اﻟﺿرورﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﻘوم اﻟ دوﻟﺔ ﺑﺗﺣﻔﯾز اﻟﻌﻣﺎل ﻣﺎدي و ﻣﻌﻧوﯾﺎ ﺑﻬدف اﻟزﯾﺎدة ﻣن اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬و أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص‬

‫ﻋوﯾﺳﻲ أﻣﯾن‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪2‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص‪.66‬‬ ‫‪3‬‬

‫رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.265‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪115‬‬
‫ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗوزﯾﻊ اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﻘوي ﻓﺈﻧﻪ ﯾوزع ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻌداﻟﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أي ﯾﺗم ﺗوزﯾﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺣﯾث ﯾﻛون‬
‫اﻟﻧﺎﺗﺞ ﻛل ﺣﺳب ﺣﺎﺟﺗﻪ‪.‬‬

‫‪ -3‬ﻋﯾوب اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻹﺷﺗراﻛﻲ ‪4:‬‬

‫ﯾﻣﻛن إﯾﺟﺎز ﻋﯾوب اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻹﺷﺗراﻛﻲ ﻓﻲ ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اﻟﺣواﻓز اﻟﻣﺎدﯾﺔ و اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻹﺷﺗراﻛﻲ ﻻ ﺗرﻗﻰ إﻟﻰ درﺟﺔ ﺣﺎﻓز اﻟرﺑﺢ ﻓﻲ اﻟﺗظﺎم‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‪،‬و ﻫذا ﻣﺎ ﯾﻔﺳر اﻟﺗراﺧﻲ و اﻟﺗﺳﯾب ﻣن ﺟﺎﻧب ﺑﻌض اﻟﻌﻣﺎل أو ﺑﻌض اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن‬
‫ﻋﻠﻰ إدارة اﻟﻣﺷروع‪.‬‬
‫ب‪ -‬ﺗﺗﺟﻣﻊ ﺳﻠطﺔ إﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار ﻓﻲ أﯾدي ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻗﻠﯾﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن و ﺑﺗرﺗﯾب ﻋﻠﻰ ذﻟك أن أي ﺧطﺄ‬
‫ﯾﻧﺟر ﻋن ﻫذا اﻟﻘرار ﺳﯾﻛون ﻟﻪ ﺣﺗﻣﺎ ﺗﺑﻌﺎت و أﺛﺎر ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﻛل‪ .‬ﻋﻛس اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي‬
‫اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ أﯾن ﯾﺗﺣﻣل ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺷروع وﺣدﻩ ﺗﺑﻌﺎت ﻗ اررﺗﻪ اﻟﺧﺎطﺋﺔ و اﻷﺛﺎر اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋﻧﻬﺎ‪.‬‬
‫ج‪ -‬اﻟروﺗﯾن و اﻟﺑ ﯾروﻗراطﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ وﺟود ﺟﻬﺎز رﻗﺎﺑﻲ ﺗﻧظﯾﻣﻲ ﻟﻠﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣرة و اﻟدﻗﯾﻘﺔ و اﻹﺷراف و‬
‫‪1‬‬
‫اﻟرﻗﺎﺑﺔ و ﻫو ﯾﻌطل اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ و ﯾﺳﺗﻧﻔذ اﻟطﺎﻗﺎت و ﯾﻬدر اﻟوﻗت و ﯾزﯾد ﻣن ﺗﻛﺎﻟﯾف اﻹﻧﺗﺎج‬

‫داﻟﯾﺎ ﻋﺎدل اﻟزﯾﺎدي‪ ،‬اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﯾن اﻟﺷﻣس‪) ،‬د ت م(‪ ،‬ص ‪.79‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪116‬‬
‫اﻟﻣﺣﺎﺿرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﺷر‬

‫اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬

‫ﻟﻘد ﻛﺎن إﻧﻬﯾﺎر اﻹﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﺣدﺛًﺎ ﻋﺎﻟﻣﯾﺎ ﺑﺈﻣﺗﯾﺎز‪ ،‬ﻓﻘد‬
‫ﺗﺣررت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻣن ﻛل ﻗﯾود‬
‫ﻛﺎﻧت ﺑداﯾﺔ ﻟﺗﺣول ﻧوﻋﯾن ﻓﻲ ﻣﺳﺎر اﻟﺗطور اﻟﻌﻠم ﻟﻠﺑﺷرﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻌد أن ّ‬
‫اﻟﺗوﺳﻊ اﻟﻼﻣﺣدود‪ ،‬ﻓﻘد ﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن ﺗطوﯾر و إﻧﺗﺎج اﻟﻧظم اﻟﻣﻌرﻓﯾﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ‬
‫ﻣﻊ ﺗﺑرﯾر و ﺗﻌزﯾز اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟﻣﺗﻔوق ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻹﺷﺗراﻛﻲ‪ .‬ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻌوﻟﻣ ـﺔ‪ ،‬و ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻌوﻟﻣﺔ‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ أﺣد رﻛﺎﺋزﻫﺎ‪.‬‬

‫أوﻻ ‪ :‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫ﻟم ﯾﻘف و اﻟﻣﻔﻛرﯾن و اﻟﻌﻠﻣﺎء و اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾف واﺣد ﻟﻠﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻟﻬذا‬
‫ﺳﻧﺣﺎول ﺗﻘدﯾم ﺗﻌﺎرﯾف ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠﻌوﻟﻣﺔ ﻛﻺﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪:‬‬

‫اﻟﺗﻌرﯾف اﻷول ‪:‬‬


‫»اﻟﻌوﻟﻣﺔ ﻫﻲ ﺣﻘﺑﺔ اﻟﺗﺣول اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﻣﻌﺎء ﻓﻲ ظل ﻫﯾﻣﻧﺔ دول اﻟﻣرﻛز و‬
‫‪1‬‬
‫ﺑﻘﯾﺎدﺗﻬﺎ و ﺗﺣت ﺳﯾطرﺗﻬﺎ و ﻓﻲ ظل ﺳﯾﺎدة ﻧظﺎم ﻋﺎﻟﻣﻲ ﻟﻠﺗﺑﺎدل ﻏﯾر اﻟﻣﺗﻛﺎﻓﺊ«‬
‫اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﺛﺎﻧﻲ ‪:‬‬
‫» ﻧﺷر اﻟﻘﯾم اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻹﻗﺗﺻﺎد ﻣﺛل‪ ،‬اﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻓﺗﺢ اﻷﺳواق و ﺗرك اﻷﺳﻌﺎر‬
‫ﻟﻠﻌرض و اﻟطﻠب و ﻋدم ﺗدﺧل اﻟﺣﻛوﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻗﺗﺻﺎدي و رﺑط إﻗﺗﺻﺎد اﻟدول اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ‬
‫اﺳﻌﺎ أﻣﺎم‬
‫ﺑﺎﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ و ﺗﻌﻛس ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة زﯾﺎدة ﺣرﻛﺔ رؤوس اﻷﻣوال و ﺗﻔﺗﺢ اﻟﻣﺟﺎل و ً‬
‫‪2‬‬
‫أﺻﺣﺎب رؤوس اﻷﻣوال ﻟﺟﻣﻊ اﻟﻣزﯾد ﻣن اﻟﻣﺎل«‬

‫ﺟﻣﯾﻠﺔ ﺟوزي‪ ،‬اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ -‬ﺗﺣدﯾﺎﺗﻬﺎ و اﻟﻣﺧﺎطر اﻟﺗﻲ ﺗﻬدد ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻬﺎ‪ ،‬اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻟﻠﻌوﻟﻣﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت‬ ‫‪1‬‬

‫اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر اﻟﻌدد ‪ ،2010 ،01‬ص ‪ ، 36‬ﻧﻘﻼ ﻋن اﻟﺳﯾد ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻟﻌرب و اﻟﻌوﻟﻣﺔ‪ ،‬ﻣرﻛز دراﺳﺎت اﻟوﺣدة اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪،‬‬
‫ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،1998 ،‬ص ‪.28‬‬
‫أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز و ﺟﺎﺳم زﻛرﯾﺎ‪ ،‬اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﺗﺄﺛﯾراﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻹدارة و‬ ‫‪2‬‬

‫اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻹدارة و اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣﺳﺗﻧﺻرﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌراق‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ ،2011 ،36‬ص ‪.66‬‬
‫‪118‬‬
‫ﺗﻌرﯾف اﻟﺛﺎﻟث ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫» ﻧﻔﻲ اﻵﺧر و إﺟﻼل اﻹﺣﺗراف اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ و اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ و ﻓرض ﻧﻣط واﺣد ﻻﺳﺗﻬﻼك و اﻟﺳﻠوك«‬

‫ﺗﻌرﯾف راﺑﻊ ‪:‬‬


‫» اﻟﻌوﻟﻣﺔ ﻫﻲ ﺷﻛل ﻛل ﺟدﯾد ﻣن أﺷﻛﺎل اﻟﻧﺷﺎط‪ ،‬ﺗم ﻓﯾﻬﺎ اﻹﻧﺗﻘﺎل ﺑﺷﻛل ﺣﺎﺳم ﻣن اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ‬
‫اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم ﺑﻌد اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ‪ ،‬و ﻫذا اﻟﺗﺣول ﺗﻘودﻩ ﻧﺧﺑﺔ ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ ﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ‬
‫‪2‬‬
‫ﺗدﻋﯾم اﻟﺳوق اﻟﻛوﻧﯾﺔ اﻟوﺣدة ﺑﺗطﺑﯾق ﺳﯾﺎﺳﺎت ﻣﺎﻟﯾﺔ و إﻧﻣﺎﺋﯾﺔ و ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ و إﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺷﺗﻰ«‬
‫و ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﺗﻌرف اﻟﻌوﻟﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺗﻠك اﻟﺣﺎﻟﺔ أو اﻟظﺎﻫرة اﻟﺗﻲ ﺗﺳود اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟراﻫﻧﺔ و‬
‫ﺗﺗﻣﯾز ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن ا ﻟﻌﻼﻗﺎت و اﻟﻌواﻣل و اﻟﻘوى ﺗﺗﺣرك ﺑﺳﻬوﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻛوﻧﻲ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ‪ ،‬ﻣﺗﺟﺎوزة‬
‫ﻛل ﻗﯾود اﻟﺣدود اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ﻟﻠدول و ﺗﺻﻌب اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬ﺗؤﯾدﻫﺎ و ﺗﺳﺎﻧدﻫﺎ إﻟﺗزاﻣﺎت دوﻟﯾﺔ و ﯾدﻋﻣﻬﺎ‬
‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬ﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ آﻟﯾﺎت ﻣﺗﻌددة و ﻣﻧﺗﺟﺔ ﻷﺛﺎر ﺗﺗﺣدى ﻧطﺎق اﻟدوﻟﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ‬
‫‪3‬‬
‫ﻟﺗرﺑط اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ ﺷﻛل ﻛﯾﺎن ﻣﺗﺷﺎﺑك اﻷطراف ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘرﯾﺔ اﻟﻛوﻧﯾﺔ‪.‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ‪ :‬أﻧواع اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫ﯾظﻬر ﺷﻛل اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ ظﺎﻫرﺗﯾن ﻣﻧﻔﺻﻠﺗﯾن ‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -1‬ﻋوﻟﻣﺔ اﻹﻧﺗﺎج ‪:‬‬

‫ﻋرﻓت ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﻧﺎت و ﻓﺗرة اﻟﺗﺳﻌﯾﻧﺎت ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﻋوﻟﻣﺔ ﺷرﯾﻌﺔ ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾ ـﺔ و‬
‫أﺳﻠوب اﻹﻧﺗﺎج ﻛﻛل‪ .‬و ﻫذا ﻋن طرﯾق ﻓرض ﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻌدﯾل اﻟﻬﯾﻛﻠﻲ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ و‬
‫ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ ﺻﻧدوق اﻟﻧﻘد اﻟدوﻟﻲ و اﻟﺑﻧك اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ‪ ،‬و ﻗد ﺗﺳﺎرﻋت وﺗﯾرة ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺟراء اﻹﺗﻔﺎﻗﯾﺎت‬
‫اﻟﻣﺗﻌددة اﻷطراف اﻟﺗﻲ ﻋززﺗﻬﺎ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻟﻠﺗﺟﺎرة و ﺗﻌد اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻣﺗﻌددة اﻟﺟﻧﺳﯾﺎت و اﻟﻌﺎﺑرة‬
‫ﻟﻠﻘﺎرات اﻟﻘوة اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﻣﺣرﻛﺔ ﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻧﺗﺎج‪.‬‬

‫أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز و ﺟﺎﺳم زﻛرﯾﺎ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺟﻣﯾﻠﺔ اﻟﺟوزي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪2‬‬

‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫‪3‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪119‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -2‬ﻋوﻟﻣﺔ اﻟﻣوارد اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﺟﺎءت ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣوارد اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻧﺗﺎج‪ .‬ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة‪ ،‬أﯾن وﺻﻠت‬
‫ﺣرﻛﺔ رؤوس اﻷﻣوال اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺳ ﺗوﯾﺎت ﻓﺎﺟﺄت ﻓﯾﻬﺎ ﻣﻌظم اﻟﻣراﻗﺑﯾن‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل‪ ،‬ﻛﺎن ﺗﺟﺎر‬
‫اﻟﻌﻣﻼت ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﻧﯾوﯾورك و ﻟﻧدن ﺳﻧﺔ ‪ 1986‬ﯾﺗداوﻟون ﯾوﻣﯾﺎ ﺣواﻟﻲ ‪ 188‬ﻣﻠﯾﺎر دوﻻر‪ ،‬إﻻ أن ﻫذا اﻟرﻗم‬
‫ﺑﻠﻎ ﺳﻧﺔ ‪ 1995‬ﺣواﻟﻲ ‪ 1.2‬ﺗرﻟﯾون دوﻻر و ﻫو ﻓﻲ ﺗﺻﺎﻋد ﻣﺳﺗﻣر‪.‬‬

‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ‪ :‬أﻫداف اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ﻫﻧﺎك ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻷﻫداف اﻟﻌﻠﻧﯾﺔ ﺗﺳﻌﻰ اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ -‬ﺗﻬﯾﺋﺔ اﻟﻔرﺻﺔ ﻟﻧﻣو اﻹﻗﺗﺻﺎدي ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟدول‪.‬‬


‫‪ -‬إﻧﻌﺎش اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ و ذﻟك ﺑزﯾﺎدة ﺣﺟم اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗﻘرﯾب اﻹﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻧﺣو ﺗﺣرﯾر أﺳواق اﻟﺗﺟﺎرة و رأس اﻟﻣﺎل ﻣﻊ اﻟﻌﻠم أن اﻟﻬدف اﻟرﺋﯾﺳﻲ‬
‫ﻣن وراء ذﻟك ﻫو اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ و ﺻﺑﻐﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟرأﺳﻣﺎل‪.‬‬
‫‪ -‬ﺣل اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺟز اﻟدول ﻋن ﺣﻠﻬﺎ ﺑﻣﻔردﻫﺎ ﻣﺛل اﻧﺗﺷﺎر أﺳﻠﺣﺔ اﻟدﻣﺎر اﻟﺷﺎﻣل و‬
‫اﻟﻣﺧدرات و ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺑﯾﺋﺔ و اﻧﺗﻘﺎل اﻷﯾﺎدي اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣن دوﻟﺔ ﻷﺧرى‪.‬‬

‫دور ﻓﻲ ﺗﺟﺳﯾد‬
‫إﻻ أن ﻫذﻩ اﻷﻫداف و اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎدي ﺑﻬﺎ اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻌب ًا‬
‫اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛﺻﻧدوق اﻟﻧﻘد اﻟدوﻟﻲ و اﻟﺑﻧك اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ و ﻣﻧظﻣـﺔ اﻟﺗﺟـﺎرة اﻟﻌﺎﻟﻣﯾـﺔ ﻟم ﺗﺗﺣﻘـق و ﺗﺗﺟﺳد‬
‫ﻼ‪ ،‬إ ﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻬﯾﻣﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﯾﻬﺎ اﻟدول‬
‫أﻧظر ﻟﻌدم إﻟﺗزام ﻫذﻩ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﺑﻬﺎ أﺻ ً‬
‫ًا‬ ‫ﻋﻠﻰ أرض اﻟواﻗﻊ‪،‬‬
‫اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذ ﻩ اﻟﻣﻧظﻣﺎت ﺑﻣﺎ ﯾﺗواﻓق ﻣﻊ ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻣﻌﺗﺑر أن‬
‫ًا‬ ‫ﻧظر ﻟﻬذﻩ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﻣﺟﺣﻔﺔ ظﻬر ﺗﯾﺎر راﻓض ﻟﻬذﻩ اﻟﻌوﻟﻣﺔ‬
‫و ًا‬
‫اﻷﻫداف اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻫﻲ اﻷﻫداف اﻟﺧﻔﯾﺔ و اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﯾﻣﻧﺔ اﻟدول اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﺑواﺳطﺔ ﺗوظﯾف ﻫذﻩ اﻟﻣؤﺳ ﺳﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ و اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻣﺗﻌددة اﻟﺟﻧﺳﯾﺎت اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ‪ .‬و‬
‫ﻓرض ﺗوﺳﯾﻊ اﻟﻧظﺎم اﻟرﺑوي و رﺑط ﻋﺟﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدات اﻟدول اﻟﻔﻘﯾرة اﻟﺳﺎﻋﯾﺔ إﻟﻰ أﺣداث ﺗﻧﻣﯾﺔ ﺑﺈﻗﺗﺻﺎدات‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪1‬‬

‫أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز و ﺣﺎﺗم زﻛرﯾﺎء‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪.67-66‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪120‬‬
‫اﻟدول اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗطورة ﻟﻠﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﻬﺎ و ﻧﻬت ﻣواردﻫﺎ و ﺛرواﺗﻬﺎ و اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻬوﯾﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ و‬
‫‪1‬‬
‫اﻟوطﻧﯾﺔ ﻛﺎﻹﻧﺳﺎن و إﺿﻌﺎف دور اﻟدوﻟﺔ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ‪:‬‬

‫ﺗﺗﻣﯾز اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺧﺻﺎﺋص ﯾﻣﻛن ذﻛر أﻫﻣﻬﺎ ‪:‬‬

‫‪ .1‬ﺳﯾﺎدة آﻟﯾﺎت اﻟﺳوق و اﻟﺳﻌﻲ ﻹﻛﺗﺳﺎب اﻟﻔﺗرات اﻟﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺔ و ذﻟك ﺑﺎﻹﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟﺛورة اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬
‫ﯾﻌرﻓﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟم و ﺛورة اﻹﺗﺻﺎﻻت و اﻟﻣواﺻﻼت و ﺣﺗﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺑﻬدف اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻹﻧﺗﺎج ﺑﺄﻗل ﺗﻛﻠﻔﺔ‬
‫ﻣﻣﻛﻧﺔ و ﺑﺟودة ﻋﺎﻟﯾﺔ و اﻟﺑﯾﻊ ﺑﺳﻌر ﺗﻧﺎﻓﺳﻲ و ﻓﻲ أﻗﺻر ﻣدة زﻣﻧﯾﺔ ﻣﻣﻛﻧﺔ ﻷن اﻟوﻗت أﺻﺑﺢ ﯾﻌد أﺣد‬
‫اﻟﻘدرات اﻟﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﻛﺗﺳب ﻓﻲ ظل اﻟﻌوﻟﻣﺔ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﺗزاﯾد دور و أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛﻌﺎﻣل رﺋﯾﺳﻲ ﻣن ﻋواﻣل ﻧﻣو اﻟدول اﻟﻔﻘﯾرة و اﻟﻣﺗﺧﻠﻔﺔ و اﻟﺗﻲ ﯾطﻠق‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟدول اﻟﺳﺎﺋرة ﻓﻲ طرﯾق اﻟﻧﻣو‪ ،‬ﺣﯾث أﺻﺑﺣت اﻟﺻﺎدرات ﻣﺣرﻛﺎ ﻟﻠﻧﻣو‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ درﺟﺔ اﻹﻋﺗﻣﺎد اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن إﻗﺗﺻﺎدات اﻟدول و ﻗد ﻛﺎن ﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ‬
‫دور رﺋﯾﺳﻲ ﻓﻲ زﯾﺎدة اﻹﻋﺗﻣﺎد اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻓﺎﻧﺿﻣﺎم اﻟدول إﻟﻰ ﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ أﺳﻔر ﻋﻧﻪ‬
‫ﺗﺣرﯾر اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ أو ﺣرﯾﺔ اﻧﺗﻘﺎل رؤوس اﻷﻣوال اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬و ﻓﻲ ظل اﻟﺛورة اﻟﺗﻛﻧﻠوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌرﻓﻬﺎ‬
‫اﻟﻌﺎﻟم اﺧﺗزﻟت اﻟﻣﺳﺎﻓﺎت ﺑﯾن اﻟﻘﺎرات و اﻟدول ﻣﻣﺎ زاد ﻣن اﻟدرﺟـﺔ اﻟﺗﺄﺛﯾـر و اﻟﺗﺄﺛر اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﯾن و اﯾﺟﺎد ﻧوع‬
‫‪2‬‬
‫ﺟدﯾد ﻣن ﺗﻘﯾﯾم اﻟﻌﻣل اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬و ﻗد أدى ﻫذا اﻟﺗوﺟﻪ إﻟﻰ ‪:‬‬

‫‪ -‬زﯾﺎدة اﻟﺗﻌرض ﻟﻠﺻدﻣﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻵﺗﯾﺔ ﻣن اﻟدول اﻷﺧرى‪.‬‬


‫‪ -‬ﺳرﻋﺔ اﻧﺗﻘﺎل و اﻧﺗﺷﺎر اﻟﺻدﻣﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗزاﯾد أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛﻌﺎﻣل ﻣﺣدد ﻟﻠﻧﻣو‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗزاﯾد دور و أﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛﻌﺎﻣل ﻣﺣدد ﻟﻠﻧﻣو‪.‬‬
‫‪ -‬زﯾﺎدة درﺟﺔ اﻟﺗﻧﺎﻓﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪1‬‬

‫اﻟﺟوزي ﺟﻣﯾﻠﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ‪.42‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪121‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -4‬ظﻬور أﻧﻣﺎط ﺟدﯾدة ﻣن اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣل اﻟدوﻟﻲ ‪:‬‬

‫ظﻬر ذﻟك ﺑﺷﻛل ﺟﻠﻲ ﻓﻲ ﻧوع و طﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﺞ اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻛن ﻷﯾﺔ دوﻟﺔ ﻣﻬﻣﺎ ﺗوﻓرت‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗدرات إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ أن ﺗﺳﺗﻘل ﺑﻣﻔردﻫﺎ ﻓﻲ إﻧﺗﺎﺟﻪ‪ ،‬و ﻟﻬذا ﻧﺟد اﻟﯾوم اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻧﺗﺎﺟﺎت اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻣﺛل‬
‫اﻟﺳﯾﺎرات ﺗﻘوم ﻛل دوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺗﺧﺻص ﻓﻲ ﺻﻧﻊ أﺣد ﻣﻛوﻧﺎﺗﻬﺎ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -5‬ﺗﻌﺎظم دور اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻌﺎﺑرة ﻟﻠﺣدود ‪:‬‬

‫و ﻫﻲ ﺷرﻛﺎت ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ اﻹﺳﺗﺛﻣﺎر‪ ،‬ﺗؤﺛر ﺑﻘوة ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ و ﻓﻲ إﻗﺗﺻﺎدات اﻟدول ﻣن ﺧﻼل‬
‫ﻣﺎ ﯾﺻﺎﺣب ﻧﺷﺎطﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻛل اﺳﺗﺛﻣﺎرات ﻣﺑﺎﺷرة ﻣن ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻧﻘل اﻟﺧﺑرات اﻟﺗﺳوﻗﯾﺔ و اﻹدارﯾـﺔ و‬
‫اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -6‬ﺗﻘﻠﯾص درﺟﺔ ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘطرﯾﺔ ‪:‬‬

‫و ﻫذا ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ ﻗوى و ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻌوﻟﻣﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻧﻘدﯾﺔ و اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث أﺟﺑرت ﻫذﻩ اﻟدول ﻋﻠﻰ إﻟﻐﺎء ﻗواﻧﯾن اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺳوق و ﺗطﺑﯾق ﺳﯾﺎﺳﺔ‬
‫ﺗﺣرﯾر و اﻟﺧﺿوع إﻟﻰ ﺳﻠطﺔ و ﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ )ﺻﻧدوق اﻟﻧﻘد اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬اﻟﺑﻧك اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬ﻣﻧظﻣﺔ‬
‫اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ(‪.‬‬

‫‪ -7‬اﻹﻧﻔﺗﺢ اﻟﻣﺎﻟﻲ و ارﺗﺑﺎط اﻷﺳواق اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠدول ﺑﺎﻷﺳواق اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻹﻟﻐﺎء اﻟﻘﯾود ﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺔ‬
‫‪4‬‬
‫رؤوس اﻷﻣوال‪.‬‬

‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪2‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.52‬‬ ‫‪3‬‬

‫اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.52‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪122‬‬
‫ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ‬

‫‪ .1‬اﻟﻛﺗب و اﻟﻣﺟﻼت‬

‫‪ ‬ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم طﻠﺑﺔ ‪ :‬ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻌض ﺟواﻧب‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻛﻠﻲ‪ ،‬ﻋواﻣل اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎھرة‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪.2008 ،‬‬
‫‪ ‬رو از ﻟوﻛﺳﻣﺑورغ ‪ :‬ﻣﺎﻫو اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ إﺑراﻫﯾم اﻟﻌرﯾس‪ ،‬دار إﺑن ﺧﻠدون‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪،‬‬
‫اﻷردن‪.1980 ،‬‬
‫‪ ‬ﻣﻧﺎور رﯾﺢ ﺣداد‪ ،‬ﺣﺎزم ﺑدر اﻟﺧطﯾب‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺟزﺋﻲ‪ ،‬دار اﻷﻣل ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪،‬‬
‫ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪.2004 ،‬‬
‫‪ ‬ﻏﺎزي ﻋﻧﺎﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ‪ ،‬ﻣﺣﺎﺿرات ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟرش اﻷﻫﻠﯾﺔ‪،‬‬
‫اﻷردن‪2007 ،‬م‬
‫‪ ‬ﻋﻣﺎر ﺑوﺣوش‪ ،‬ﻣﺣﻣد ذﻧﯾﺑﺎت‪ ،‬ﻣﻧﺎﻫﺞ اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ و طرق إﻋداد اﻟﺑﺣوث‪ ،‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت‬
‫اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.1995 ،‬‬
‫‪ ‬ﻓﺿﯾل دﻟﯾو‪ ،‬ﻣﻧﻬﺟﯾﺔ اﻟﺑﺣث اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﯾن اﻹﺳﺗﻧﺑﺎط و اﻹﺳﺗﻘراء‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻹﺣﯾﺎء‪ ،‬اﻟﻌدد ‪،04‬‬
‫‪.2001‬‬
‫‪ ‬رﻓﯾﻘﺔ ﺣروش‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ‪ ،‬ﺷرﻛﺔ دار اﻷﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ ‬إﺑراﻫﯾم ﺑوﻟﻣﻛﺎﺣل‪ ،‬ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣﺣﺎظرات ﻓﻲ ﻣﻘﯾﺎس ﻣدﺧل اﻟﻌﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬
‫‪ ‬ﻣﺣﻣد دوﯾدار‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬اﻟﺷرﻛﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.1981 ،‬‬
‫‪ ‬ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻋﺟﻣﯾﺔ و ﻣﺻطﻔﻰ رﺷدي ﺷﯾﺧﺔ‪ ،‬اﻟﺑﻧوك و اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ‪،‬‬
‫اﻟدار اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪.‬‬
‫‪ ‬ﻋﺑد اﷲ ﺳﺎﻗور‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬دار اﻟﻌﻠوم ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻋﻧﺎﺑﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬
‫‪ ‬ﻟوﯾﻧﯾﺳﻲ ﻟطﯾﻔﺔ‪ ،‬ﻣﺣﺎظرات ﻓﻲ اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻋﻠوم اﻟﺗﺳﯾﯾر‪،‬‬
‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﺟﻲ ﻣﺧﺗﺎر‪.‬‬
‫‪ ‬إﺑراﻫﯾم ﺑوﻟﻣﻛﺎﺣل‪ ،‬ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣﺣﺎظرات ﻣﻘﯾﺎس ﻣدﺧل ﻟﻌﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﻣﺣور اﻟﺛﺎﻧﻲ‪،‬‬
‫ﻣﻔﻬوم اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﻟطورﻫﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ‪ ،‬ﻧﻘﻼ ﻋن ﻋﺑد اﷲ ﺳﺎﻗور‪.‬‬
‫‪ ‬ﻋﺑد اﻟﺳﻼم اﻟﺗرﻣﺎﻧﯾﻧﻲ‪ ،‬اﻟرق‪ ،‬ﻣﺎﺿﯾﻪ و ﺣﺎﺿرﻩ‪ ،‬ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ‪ ،‬اﻟﻛوﯾت‪.1978 ،‬‬
‫‪ ‬ﻣﺣﻣود ﻣﺣﻣد اﻟﺣوﯾري‪ ،‬رؤﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﻘوط اﻹﻣﺑراطورﯾﺔ اﻟرﻣﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣﻌﺎرف‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪. ‬ﺑرﺗراﻧد راﺳل‪ ،‬ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ زﻛﻲ ﻧﺟﯾب ﻣﺣﻣود اﻟﺟﻧﺔ اﻟﺗﺄﻟﯾف و اﻟﺗرﺟﻣﺔ و‬
‫اﻟﻧﺷر‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪.1967 ،‬‬
‫‪ ‬ﻣﺧﺗﺎر ﻋﺑد اﻟﻣﺟﯾد طﻠﺑﺔ‪ ،‬ﻣﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻌض ﺟواﻧب‬
‫اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻛﻠﻲ‪ ،‬ﻋواﻣل اﻹﻧﺗﺎج‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪.2007 ،‬‬
‫‪ ‬ﺻدﯾﻘﻲ ﺷﻔﯾﻘﺔ‪ ،‬ﻣﺣﺎظرات ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‬
‫‪ ،3‬اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ‪.2017-2016‬‬
‫‪ ‬ﻣﻬدي ﻣﺣﻔوظ‪ ،‬اﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻔﻛر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﯾث‪ ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت و‬
‫اﻟﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ )ﻣﺟﻠﺔ(‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪.2007 ،‬‬
‫‪ ‬أﺳﺎﻣﺔ ﻋﻛﻧﺎن‪ ،‬إﻋﺻﺎر اﻟﺧﻠﯾﺞ‪ ،‬رﯾﺎح اﻟﺧﻠﯾﺞ ﺗﻬب ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻌﺎﻟم‪ ،‬دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺣﺗﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻟﺔ اﻟﻛﺑرى‪ ،‬ﺷرﻛﺔ اﻟﺷﻬﺎب‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬
‫‪ ‬ﺧﺎﻟد ﺳﻌﯾد اﻟﺑﺣﯾﺻﻲ‪ ،‬اﻟﺗطور ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻏزة‪.‬‬
‫‪ ‬ﻣﺣﻣد دﯾﺎب‪ ،‬اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻌوﻟﻣﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣﻧﻬل اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪.2010 ،‬‬
‫‪ ‬وﻟﯾد ﻋﺎﺑﻲ ‪ :‬ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺑﯾﺋﺔ و ﺗﺣرﯾر اﻟﺗﺟﺎرة اﻟﺧﺎرﯾﺟﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﺗﺟﺎرة‪ ،‬دراﺳﺔ‬
‫ﺣﺎﻟﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬أطروﺣﺔ ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺗﺧﺻص اﻹﻗﺗﺻﺎد‬
‫اﻟدوﻟﻲ و اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗداﻣﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬وﻋﻠوم اﻟﺗﺳﯾﯾر‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓرﺣﺎت ﻋﺑﺎس‪،‬‬
‫ﺳطﯾف‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬
‫‪ ‬ﻣﺣﻣد ﺧﻧوش‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬دار ﻗرطﺑﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﺑﺎب اﻟزوار‪،‬‬
‫اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ط‪.2015 ،1‬‬
‫‪ ‬ﺟﻌﻔر طﺎﻟب أﺣﻣد اﻟﺧز ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي )دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻟﻸﻓﻛﺎر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋﺑر‬
‫اﻟﺣﻘب اﻟزﻣﻧﯾﺔ( دار اﻟدﻛﺗور ﻟﻠﻌﻠوم اﻹدارﯾﺔ و اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻐداد‪ ،‬اﻟﻌراق‪ ،‬ط‪.2‬‬
‫‪ ‬ﺟوان ﻛﯾﻧت ﺟﺎﻟﺑرﯾت ‪ :‬ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬اﻟﻣﺎﺿﻲ ﺻورة اﻟﺣﺎﺿر‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ أﺣﻣد ﻓؤاد ﺑﻠﺑﺢ‬
‫ﻋﺎﻟم اﻟﻣﻌرﻓﺔ‪ ،‬اﻟﻛوﯾت‪.1978 ،‬‬
‫‪ ‬ﻣﺣﻣد اﻟﺷﯾﺦ و ﯾﺎﺳر اﻟطﺎﺋري‪ ،‬ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺣداﺛﺔ و ﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺣداﺛﺔ‪ ،‬دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و‬
‫اﻟﻧﺷر‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪.1996 ،‬‬
‫‪ ‬ﺣﺎرم اﻟﺑﺑﻼوي‪ ،‬دﻟﯾل اﻟرﺟل اﻟﻌﺎدي إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﻛر اﻻﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬دار اﻟﺷروق‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪،‬‬
‫ط‪.1995 ،1‬‬
‫‪ ‬أﻧطوان أﯾوب‪ ،‬دروس ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻣدرﯾﺔ اﻟﻛﺗب و اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬ﺣﻠب‪،‬‬
‫ﺳورﯾﺎ‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪.1965 ،1‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ ‬ﺳﻛﯾﻧﺔ ﺑن ﺣﻣود‪ ،‬دروس ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﺎﯾﺳﻲ‪ ،‬دار اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ و اﻹﻋﻼم‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪،‬‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ ‬رﻓﯾﻘﺔ ﺣﺎروش‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺑق ذﻛرﻩ‪ ،‬ص ص ‪ ،102-101‬ﻧﻘﻼ ﻋن ‪ :‬اﺳﻣﺎﻋﯾل ﺳﻔر ﻋﺎرف دﻟﯾﻠﺔ‪،‬‬
‫ﺗﺎرﯾﺦ اﻷﻓﻛﺎر اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻛﺗﺎب‪ ،‬دﻣﺷق‪ ،‬ﺳورﯾﺎ‪ ،‬ط‪.1995 ،5‬‬
‫‪ ‬ﺧﺑﺎﺑﺔ ﻋﺑد اﷲ‪ ،‬ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﺗﺳﯾﯾر و اﻟﻌﻠوم‬
‫اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺑوﺿﯾﺎف‪ ،‬اﻟﻣﺳﯾﻠﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.2019/2018 ،‬‬
‫‪ ‬ﻫﺎﺷم ﺻﺎﻟﺢ‪ ،‬ﻣدﺧل إﻟﻰ اﻟﺗﻧوﯾر اﻷوروﺑﻲ‪ ،‬دار اﻟطﻠﯾﻌﺔ ﻛﺎﻟطﺑﺎﻋﺔ و اﻟﻧﺷر‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫ﺳﺑﺗﻣﺑر ‪ ،2005‬ص ‪.221‬‬
‫‪ ‬أﯾﻣون ﺑﺎﺗﻠر‪ ،‬آدم ﺳﻣﯾث‪ ،‬ﻣﻘدﻣﺔ ﻣوﺟزة‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﻠﻲ اﻟﺣﺎرس‪ ،‬ﻣؤﺳﺳﺔ ﻫﻧداوي ﻟﻠﺗﻌﻠﯾم و اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ‪،‬‬
‫اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪.2012 ،‬‬
‫‪ ‬آدم ﺳﻣﯾث‪ ،‬ﺛروة اﻷﻣم ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﺣﺳﻧﻲ زﯾﻧﺔ‪ ،‬ﻣﻌﻬد اﻟدراﺳﺎت اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ ‬ﺟﯾﻔوس‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﻠﻲ أﺑو اﻟﻔﺗوح ﺑﺎﺷﺎ‪ ،‬دت‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬ط‪.2‬‬
‫‪ ‬ﻛﺎﻣل وزﻧﻪ‪ ،‬آدم ﺳﻣﯾث‪ ،‬ﻗراءة ﻓﻲ إﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳوق‪ ،‬ﻣﻌﻬد اﻟد ارﺳﺎت اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌراق‪.2007 ،‬‬
‫‪ ‬ﻋﻣر و ﻫﺷﺎم ﻣﺣﻣد‪ ،‬ﻣدﺧل ﻓﻲ ﻣدارس اﻟﻔﻛر اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬ﻧظرة ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗطورات اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬
‫اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﻣن ﻣﻧظور اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ و اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻌدد‬
‫‪.2013 ،414‬‬
‫‪ ‬ﺟﻣﺎل ﺟوﯾدان اﻟﺟﻣﯾل‪ ،‬اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﻛز اﻟﻛﺗﺎب اﻷﻛﺎدﯾﻣﻲ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪.2006 ،‬‬
‫‪ ‬ﻣﺣﻣد دﯾﺎب اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻌوﻟﻣﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣﻧﻪ اﻟﻠﺑﻧﺎﻧﻲ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪.2010 ،‬‬
‫‪ ‬ﻣﺣﻣد ﺷﺎد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﻣﺣﻣود‪ ،‬اﻟﻔﻛر اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻓﻲ ﻣﯾزان اﻹﺳﻼم‪ ،‬ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻔﺟر اﻟﺟدﯾد‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪،‬‬
‫ﻣﺻر‪.1982 ،‬‬
‫‪) ‬د م(‪ ،‬ﻟﻧﯾن‪ ،‬ﻣﺧﺗﺎرات‪ ،‬دار اﻟﺗﻘدم‪ ،‬ﻣوﺳﻛو‪ ،‬روﺳﯾﺎ‪ ،‬ج‪.1977 ،1‬‬
‫‪ ‬ﺳﺗﺎﻟﯾن‪ ،‬اﻟﻣﺎدة اﻟدﯾﺎﻟﻛﯾﺗﻛﯾﺔ و اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻗدري ﻣﺣﻣود ﺣﻧﻔﻲ‪ ،‬دار دﻣﺷق ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ‬
‫و اﻟﻧﺷر‪ ،‬دﻣﺷق‪ ،‬ﺳورﯾﺎ‪.2008 ،‬‬
‫‪ ‬ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس‪ ،‬رأس اﻟﻣﺎل‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻣﺣﻣد ﻋﯾﺗﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻛﺗﺑﺔ اﻟﻣﺎﻋرف‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ج‪.1982 ،1‬‬
‫‪ ‬ﻓرﯾدرﯾك إﻧﺟﻠز ‪ :‬دﯾﺎﻟﺗﯾك اﻟطﺑﯾﻌﺔ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﺗوﻓﯾق ﺳﻠوم‪ ،‬دار اﻟﻔراﺑﻲ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﺑﯾروت‪،‬‬
‫ﻟﺑﻧﺎن‪.2011 ،‬‬
‫‪ ‬رﺷﯾدة ﺷرﻗﻲ‪ :‬اﻟﻘﯾﻣﺔ و اﻟﺑﻧﯾﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋﻧد ﻛﺎرل ﻣﺎﻛس‪ ،‬ﻣذﻛرة ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر‪،‬‬
‫ﻗﺳم اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ‪ ،‬اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ )‪.(216-2015‬‬

‫‪125‬‬
‫‪ ‬ﯾوﺳف إﺑراﻫﯾم ﯾوﺳف‪ ،‬وﻗﻔﺎت ﻣﻊ ﻓﻛرة ﻓﺎﺋض اﻟﻘﯾﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ‪ ،‬ﺣوﻟﯾﺔ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺷرﯾﻌﺔ‬
‫و اﻟدراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗطر‪ ،‬ﻗطر‪.1989 ،‬‬
‫‪ ‬ﻛﺎﻣل ﻣﺣﻣد ﻣﺣﻣود ﻋوﯾﺿﺔ‪ ،‬ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس‪ ،‬اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ و اﻹﺳﻼم‪ ،‬دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺑﯾروت‪،‬‬
‫ﻟﺑﻧﺎن‪ ،‬ط‪.1993 ،1‬‬
‫‪ ‬ﻛﺎﻣل ﻋﻼوي ﻛﺎظم اﻟﻔﺗﻼوي و ﺣﺳﯾن ﻟطﯾف ﻛﺎظم اﻟزﺑﯾدي‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬دار اﻟﺻﻔﺎء‬
‫ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪ ،‬ط‪.2009 ،1‬‬
‫‪ ‬ﺑن اﻟﺣﺎج ﺟﻠول ﯾﺎﺳﯾن‪ ،‬اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻛﻠﻲ دروس و ﺗﻣﺎرﯾن‪،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ و‬
‫ﻋﻠوم اﻟﺗﺳﯾﯾر‪،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ إﺑن ﺧﻠدون‪ ،‬ﺗﯾﺎرت‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪.2018-2017 ،‬‬
‫ﺟدا‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﺟدي اﻟﻬﻧداوي‪.‬‬
‫‪ ‬روﺑرت ﺳﻛﯾدﻟﺳﻛﻲ‪ ،‬ﺟون ﻣﯾﻧﺎرد ﻛﯾﻧز‪ ،‬ﻣﻘدﻣﺔ ﻗﺻﯾرة ً‬
‫‪ ‬ﻛوﯾﺳﻲ أﻣﯾن‪ ،‬اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي و اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ و اﻹﻗرارات‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎد‬
‫اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬أﺣﻣد ﺿﯾﺎء اﻟدﯾن زﯾﺗون‪ ،‬ﻣﺑﺎدئ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪،‬‬
‫اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪.2001 ،‬‬
‫‪ ‬ﻣﺣﻣد إﺑراﻫﯾم أﺑو ﺷﺎدي‪ ،‬اﻟﻧظم اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ،‬ﻣﺻر‪.2010 ،‬‬
‫‪ ‬زﯾﻧب ﺣﺳﯾن ﻋوض اﷲ و أﺧرون‪ ،‬أﺻول اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻣﺻر‪.2000 ،‬‬
‫‪ ‬داﻟﯾﺎ ﻋﺎدل اﻟزﯾﺎدي‪ ،‬اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺗﺟﺎرة‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﯾن اﻟﺷﻣس‪) ،‬د ت م(‪.‬‬
‫‪ ‬ﺟﻣﯾﻠﺔ ﺟوزي‪ ،‬اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ -‬ﺗﺣدﯾﺎﺗﻬﺎ و اﻟﻣﺧﺎطر اﻟﺗﻲ ﺗﻬدد ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻬﺎ‪ ،‬اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﻌوﻟﻣﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر اﻟﻌدد ‪.2010 ،01‬‬
‫‪ ‬أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز و ﺟﺎﺳم زﻛرﯾﺎ‪ ،‬اﻟﻌوﻟﻣﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و ﺗﺄﺛﯾراﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ‬
‫اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻹدارة و اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﻛﻠﯾﺔ اﻹدارة و اﻹﻗﺗﺻﺎد‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣﺳﺗﻧﺻرﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌراق‪ ،‬اﻟﻌدد‬
‫‪.2011 ،36‬‬

‫‪ .2‬ﻣواﻗﻊ اﻷﻧﺗرﻧت‬
‫‪ ‬أﺣﻣد ﻣﺣﻣد ﻋﺎﺷور‪ ،‬اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣن ﻣوﻗﻊ ‪www.alukah.net :‬‬
‫‪ ‬ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻣن ﻣوﻗﻊ ‪repository.vobalylon.edu :‬‬
‫‪ ‬ﻣﺟد ﺧﺿر‪ ،‬ﺗﻌرﯾف اﻟدﯾﻣﻐراﻓﯾﺎ‪.www.mawdoo3.com ،‬‬
‫‪ ‬اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻔﺎھﯾم و ﻣﺻطﻼﺣﺎت‪ ،‬ﻧظﺎم اﻟﻣﺷﺎﻋﻲ اﻟﺑداﺋﻲ‪،‬‬
‫‪.www.marsciste.org‬‬
‫‪126‬‬
‫‪https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js ‬‬

‫‪ ‬اﻟﺛورة اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ ﻣن اﻟﻣوﻗﻊ ‪. www.mormal.no :‬‬


‫‪ ‬زﻛرﯾﺎء ﺑﻐور‪ ،‬داﻓﯾد رﯾﻛﺎردو ﺗﺣت اﻟﻣﺟﻬر‪ ،‬ﻓﻲ ﻧﻘد اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺣوار اﻟﻣﻧﺗدى‬
‫اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ ،5054‬ﺳﻧﺔ ‪.www.ahewar.org ،2016‬‬
‫‪ ‬ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺟزﯾرة ‪ :‬ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس ﻣن اﻟﻣوﻗﻊ ‪ ، www.aljazeera.net :‬ﻛﺗب ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪ 7‬ﻣﺎي‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ ‬اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺣرة وﻛﯾﺑﯾدﯾﺎ ‪ :‬ﻓردﯾرﯾك إﻧﺟﻠز‪.www.wikipedia.org ،‬‬
‫‪ ‬ﻧﺑﯾل ﻋودة ‪ :‬ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻣﺑﺳطﺔ‪ ،‬وﺣدة و ﺻراع اﻷﺿداد‪ ،‬اﻟﺣوار اﻟﻣﺗﻣدن‪ ،‬اﻟﻌدد ‪ .4682‬ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪04‬‬
‫ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪.(www.ahewar.org) 2015‬‬

‫‪ https://drive.google.com/file/d/0B6iNUbwq5ejKQjg3T0dUT1NXNFU/vi‬‬
‫‪ew‬‬
‫‪ https://drive.google.com/file/d/0B6iNUbwq5ejKQjg3T0dUT1NXNFU/vi‬‬
‫‪ew‬‬

‫‪ ‬ﻣﺣﻣد ﻣروان‪ ،‬ﻣﻔﻬوم اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬ﻣن ﻣوﻗﻊ ﻣوﺿوع ‪. www.mawdoo3.com :‬‬
‫‪ ‬ﻣﺟد ﺧﺿر‪ ،‬ﺗﻌرﯾف اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬ﻣن ﻣوﻗﻊ ﻣوﺿوع ‪.www.mawdoo3.com :‬‬
‫‪ ‬أﺣﻣد ﻋﺎﺷور‪ ،‬اﻟﻧظﺎم اﻻﺷﺗراﻛﻲ ﻣﻔﻬوﻣﺔ‪ ،‬وأﺳﺳﻪ و ﻋﯾوﺑﻪ‪ ،‬ﻣوﻗﻊ اﻷﻟوﻛﺔ اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ‪،‬‬
‫‪. www.alukah.net‬‬

‫‪127‬‬

You might also like