You are on page 1of 122

‫=‬

‫‪Ïá‬‬‫◊‪ìƒ‬‬
‫^‬‫=‬
‫–‪Ή‬‬
‫‪Ã‬‬‫◊‬‫^‬
‫=‬‫‪tÈ‬‬
‫‪á‬‬‫‪k‬‬
‫◊‬‫^‬
‫‪:‬‬
‫ﺗﻒ‬‫ﺎ‬
‫ﻫ‬
‫=‬
‫‪⁄Ë‬‬‫‪€a‬‬
‫^∫‬‫=‪Á‬‬
‫^‪≈œ‬‬
‫‪Ë‬‬‫◊‬‫^‬ ‫‪:‬‬
‫ل‬‫ﺎ‬
‫ﺳ‬‫ﺮ‬
‫ﻣ‬
‫ﺒ‪:‬‬
‫ﺸ‬‫ﻟ‬
‫ا‬‫ﻊ‬
‫ﻗ‬‫ﻮ‬‫ﳌ‬
‫ا‬
‫د‬
‫ا‬
‫ﺪ‬‫ﻋ‬‫إ‬ ‫‪ht‬‬
‫‪t‬‬‫‪ps‬‬
‫‪:‬‬‫‪/‬‬
‫‪/‬‬‫‪uni‬‬
‫‪t‬‬‫‪s‬‬
‫‪.‬‬‫‪i‬‬
‫‪ma‬‬‫‪mu.‬‬
‫‪e‬‬‫‪du.‬‬
‫‪s‬‬‫‪a‬‬‫‪/‬‬
‫‪r‬‬‫‪c‬‬‫‪e‬‬
‫‪nt‬‬‫‪r‬‬
‫‪e‬‬‫‪s‬‬‫‪/‬‬
‫‪r‬‬‫‪c‬‬‫‪e‬‬
‫‪s‬‬
‫ﺎﺏ‬
‫ﺤﻄ‬‫ﻟ‬
‫ﻠﻲﺍ‬
‫ﻦﻋ‬‫ﻦﺑ‬
‫ﻤ‬‫ﺣ‬‫ﺮ‬
‫ﻟ‬‫ﺒﺪﺍ‬
‫‪.‬ﻋ‬‫‪.‬ﺩ‬
‫ﺃ‬
‫ﺔ‬
‫ﻴ‬‫ﻣ‬
‫ﻼ‬‫ﺳ‬‫ﻹ‬
‫ا‬‫ﺔ‬‫ﻌ‬
‫ﻣ‬‫ﺎ‬
‫ﺠ‬‫ﻟ‬
‫ﺎ‬
‫ﺑ‬‫ﺔ‬‫ﻌ‬
‫ﻳ‬‫ﻟﴩ‬
‫ا‬‫ﺔ‬
‫ﻴ‬‫ﻠ‬
‫ذﰲﻛ‬
‫ﺎ‬‫ﺘ‬
‫ﺳ‬‫ﻷ‬
‫ا‬

‫ﱃ‬‫و‬‫ﻷ‬‫ا‬
‫ﺔ‬‫ﻌ‬‫ﺒ‬
‫ﻄ‬‫ﻟ‬
‫ا‬
‫م‬
‫‪٢‬‬‫‪٠‬‬‫‪٢‬‬
‫‪٢‬‬‫‪/‬‬
‫ـ‬‫ﻫ‬‫‪١‬‬
‫‪٤‬‬‫‪٤‬‬‫‪٤‬‬
‫‪:‬‬
‫ﻣﻚ‬‫د‬
‫ر‬
‫=‬
‫‪Ïá‬‬‫◊‪ìƒ‬‬
‫^‬‫=‬
‫–‪Ή‬‬
‫‪Ã‬‬‫◊‬‫^‬
‫=‬‫‪tÈ‬‬
‫‪á‬‬‫‪k‬‬
‫◊‬‫^‬
‫=‬
‫‪⁄Ë‬‬‫‪€a‬‬
‫^∫‬‫=‪Á‬‬
‫^‪≈œ‬‬
‫‪Ë‬‬‫◊‬‫^‬

‫د‬
‫ا‬
‫ﺪ‬‫ﻋ‬‫إ‬
‫ﺎﺏ‬
‫ﺤﻄ‬‫ﻟ‬
‫ﻠﻲﺍ‬
‫ﻦﻋ‬‫ﻦﺑ‬
‫ﻤ‬‫ﺣ‬‫ﺮ‬
‫ﻟ‬‫ﺒﺪﺍ‬
‫‪.‬ﻋ‬‫‪.‬ﺩ‬
‫ﺃ‬
‫ﺔ‬
‫ﻴ‬‫ﻣ‬
‫ﻼ‬‫ﺳ‬‫ﻹ‬
‫ا‬‫ﺔ‬‫ﻌ‬
‫ﻣ‬‫ﺎ‬
‫ﺠ‬‫ﻟ‬
‫ﺎ‬
‫ﺑ‬‫ﺔ‬‫ﻌ‬
‫ﻳ‬‫ﻟﴩ‬
‫ا‬‫ﺔ‬
‫ﻴ‬‫ﻠ‬
‫ذﰲﻛ‬
‫ﺎ‬‫ﺘ‬
‫ﺳ‬‫ﻷ‬
‫ا‬

‫ﱃ‬‫و‬‫ﻷ‬‫ا‬
‫ﺔ‬‫ﻌ‬‫ﺒ‬
‫ﻄ‬‫ﻟ‬
‫ا‬
‫م‬
‫‪٢‬‬‫‪٠‬‬‫‪٢‬‬
‫‪٢‬‬‫‪/‬‬
‫ـ‬‫ﻫ‬‫‪١‬‬
‫‪٤‬‬‫‪٤‬‬‫‪٤‬‬
‫مقدمات فقه النوازل‬

‫قْاعد اليغز يف املزنش ّضْابطُ‪:‬‬


‫أٌ ٓهووٌْ مْضووْب الب ووح يف اليووْاسل الهكَٔوو٘ املزتبطوو٘ بْاقو‬ ‫‪.1‬‬
‫الياظ ّاجملتن ‪.‬‬
‫أٌ ٓتصف بادتدٗ ّاألصال٘ يف امليَر ّاملعادت٘‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أال ٓهو ووٌْ الب و ووح مك و وودما صد دَ و وو٘ أخ و ووز‪ ٚ‬بكص و وود ْٓل و ووُ أّ‬ ‫‪.3‬‬
‫اذتصْل عل‪ ٙ‬درد٘ علنٔ٘‪.‬‬
‫أال ٓهٌْ الب ح مضتال مً عنل علنٕ صابل‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ٓته حتهٔه الب ح مً قبل متدصصني اثيني عل‪ ٙ‬األقل موً‬ ‫‪.5‬‬
‫محل٘ عَادٗ الدنتْراِ‪.‬‬
‫ميغووووْرات املزنووووش الووووؤ حتنوووول أربووووا‪ ٛ‬م لهَٔووووا ال تعوو و‬ ‫‪.6‬‬
‫بالطووزّرٗ عووً رأٖ املزنووش ّٓيغووزٍا املزنووش مووا داو الووزأٖ‬
‫مكبْال يف صطار االدتَاد الهكَٕ العاو‪.‬‬
‫ختط و الب ووْخ ل صووْل الهئوو٘ املعتنوودٗ م وً املزنووش فٔنووا‬ ‫‪.7‬‬
‫ٓتعلل خبدمات ما قبل الطباع٘‪.‬‬
‫ٓغرتط يف الب ح أال تكل صه اتُ عً مثاىني صه ٘‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫ٓغوورتط يف املغووارٓ العلنٔوو٘ أٌ ختط و للطووْاب املعتنوودٗ‬ ‫‪.9‬‬
‫لتنْٓل املغارٓ الب جٔ٘ مً املزنش‪.‬‬
‫ال تعاد الب ْخ صد أص ابَا عيد عدو ىغزٍا‪.‬‬ ‫‪.11‬‬

‫الطْاب الهئ٘‪:‬‬
‫‪ ‬الْرم‪ :‬املكاظ الكٔاصٕ ( ‪.29×21 )A‬‬
‫‪ ‬خ الهتاب٘ (‪.)Traditional Arabic‬‬
‫‪ ‬حذه ارت ‪ :‬املنت‪ :‬بي ‪ّ 18‬اذتْاعٕ‪ :‬بي ‪.14‬‬
‫‪ ‬اذتْاعٕ ادتاىبٔ٘‪ 2.5 :‬مً ادتَات األرب ‪.‬‬
‫‪ ‬املضاف٘ بني الضطْر‪ :‬مهزد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ .‬مركز اتمميز اتثي ز يف فقز‬
‫اتقضايا املعارصة‪1444 ،‬هز‪.‬‬

‫فهرسة مكمثة امللك فهد اتوطنية أثناء اتنرش‪.‬‬


‫احلطاب‪ ،‬عثد اترمحن بن عيل‪.‬‬
‫التخريج الفقهي العرصي – الواقع واملأمول ‪ .-‬عبد الرمحن بن عيل احلطاب‬
‫اترياض‪1444 ،‬هز‪2022/‬م‪( .‬سلسلة قضايا فقهية معارصة؛ ‪)62‬‬
‫‪ 116‬ص‪24×17 ،‬سم‬
‫ردمك‪978-603-8374-26-9 :‬‬
‫‪ -1‬فق إسالم ‪ .‬أ‪ .‬اتعنوان ب‪ .‬اتسلسلة‬
‫‪1444/2836‬‬ ‫ديوي ‪250‬‬

‫رقم اإليداع‪1444/2836 :‬‬

‫ردمك ‪978-603-8374-26-9:‬‬

‫مجيع احلقوق حمفوظة؛ الطبعة األوىل ‪1444‬هـ‪2022/‬م‬


‫مركز التميز البحثي يف فقه القضايا املعارصة‬
‫اتعنوان‪ :‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‬
‫مثنى اتعامدات املساندة (‪ – )2‬اتدور ات اتث‬
‫هاتزف‪966 )11( 2594102 :‬‬
‫‪tameiz@imamu.edu.sa‬‬ ‫مرسال‪:‬‬
‫املوقع الشبكي‪:‬‬
‫‪https://units.imamu.edu.sa/rcentres/rces/Pages/default.aspx‬‬
‫‪www.rej.org.sa‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫ملخص البحث‬
‫التخريج الفقهي هو‪ :‬عملية استنباطية هتدف إىل إحلاق النوازل بفروع‬
‫املذهب أو أصوله‪.‬‬
‫ومن خالل التعريف يعرف الطريق الذي يرسمه البحث للنظر يف النازلة‪.‬‬
‫وقد اعتمدت يف بيان هذا الطريق عىل املنهج الوصفي لبيان مفهوم‬
‫التخريج الفقهي وواقعه‪ ،‬واملنهج االستداليل لبيان كيفية إحلاق النوازل عن‬
‫طريق التخريج الفقهي‪.‬‬
‫وبينت دواعي التخريج الفقهي العرصي‪ ،‬واملعوقات التي حتول دون‬
‫تطبيقه‪.‬‬
‫ثم طبقت نازلتني من نوازل كورونا‪ ،‬بطريق التخريج الفقهي؛ لتكون‬
‫نموذجا للتخريج املأمول‪.‬‬
‫الكلامت املفتاحية‪ :‬التخريج الفقهي ‪ -‬جمتهد املذهب ‪ -‬املخرجون ‪-‬‬
‫استنباط‬

‫‪5‬‬
│ - ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول‬

Study Title:
Modern Jurisprudencial Extraction
Reality and Expectation
By: Abdurrahman Bin Ali Al-Hattab
Research Summary
Jurisprudencial Extraction: Is a deductive process that aims to attach
the new occurrences to the sub-rullings of the Madhhab or its
Fundamentals.
Through the definition, one can identify the medium the research uses
to look into the new occurrence.
In explaining this medium, I relied on the descriptive approach to
explain the concept of Jurisprudential Extraction and its reality, and
the inductive approach to explain how to attach new occurrences
through jurisprudential extraction.
I explained the needs for the modern Jurisprudential Extraction, and
the obstacles that prevent its application.
Then I applied two new occurrences of Corona, using Jurisprudential
Extraction; To serve as a preamble for the expected extraction.
Keywords: Jurisprudential Extraction - Mujtahid of the Madhhab -
Extractors - Deduction of new Occurrences

6
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫مقدمة المركر‬
‫احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم عىل رسول اهلل‪ ،‬وعىل آله وصحبه ومن‬
‫اهتدى هبداه إىل يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن من أبرز أعامل مركز التميز البحثي يف فقه القضايا املعارصة‬
‫استكتاب الباحثني املختصني يف العلوم الرشعية يف املوضوعات املتعلقة‬
‫بالنوازل الفقهية‪ ،‬وقضايا العرص املستجدة التي تتطلب بيان احلكم‬
‫الرشعي فيها‪ .‬فكانت هذه السلسلة يف قضايا الفقه املعارصة منجزا من‬
‫منجزات املركز‪ ،‬وعمال من أعامله املتجددة؛ إذ يصدر املركز يف العام‬
‫اجلامعي جمموعة من البحوث الفقهية املحكمة يف القضايا املعارصة‪ ،‬التي‬
‫استُكتب فيها املختصون‪.‬‬
‫ومركز التميز البحثي يف فقه القضايا املعارصة يرسه أن يقدم لطلبة‬
‫العلم األعزاء‪ ،‬ولعموم القراء الفضالء إصداره الثاين والستني ضمن‬
‫سلسلته املتجددة (قضايا فقهية معاصرة)‪ ،‬وعنوان هذا اإلصدار هو‪:‬‬
‫(التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪.)-‬‬
‫وقد أعد هذا البحث وأنجزه فضيلة األستاذ الدكتور‪ :‬عبد الرمحن بن‬
‫عيل احلطاب‪ ،‬عضو هيئة التدريس يف قسم أصول الفقه ‪ -‬كلية الرشيعة‪،‬‬
‫باجلامعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫ويأيت هذا البحث ضمن املشاريع البحثية خلطة املركز لعام ‪1444‬ـهـ‪،‬‬
‫وقد شارك به فضيلة الدكتور يف احللقة البحثية التي عقدها املركز بعنوان‪:‬‬
‫‪ -‬بتاريخ‬ ‫‪ -‬كورونا أمنوذجاً‬ ‫واقع التخريج الفقهي يف النوازل‬
‫‪1443/8/20‬ـه‪ ،‬املوافق ‪2022/3/23‬م‪ ،‬وقد أوصت اللجنة العلمية‬
‫بطباعته ونرشه ضمن إصدارات املركز هلذا العام اجلامعي ‪1444‬ـه ‪-‬‬
‫‪2023/2022‬م‪.‬‬
‫واملركز إذ ينرش هذا البحث ليشكر فضيلة الدكتور‪ :‬عبد الرمحن‬
‫احلطاب عىل ما قدمه من جهد يف اإلعداد واإلنجاز‪ ،‬ويأمل أن ُيسهم بحثه‬
‫يف نفع الباحثني‪ ،‬وإثراء املكتبة الفقهية بالبحوث املتعلقة بقضايا العرص‪.‬‬
‫وهبذه املناسبة‪ ،‬فإن املركز يشكر معايل رئيس اجلامعة األستاذ الدكتور‬
‫أمحد بن سامل العامري‪ ،‬عىل دعمه املتواصل للمركز‪ ،‬ويشكر مجيع من‬
‫أسهم يف إنجاز هذا البحث وإخراجه‪ ،‬ويأمل أن جيد فيه القارئ ما يفيده‬
‫وينفعه‪.‬‬

‫د‪ .‬حممد بن حسن بن عبد العزيز آل الشيخ‬


‫مدير مركز التميز البحثي يف فقه القضايا املعاصرة‬

‫‪8‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫المقدمة‬
‫رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل نبيه األمني‪،‬‬
‫احلمد هلل ِّ‬
‫أي نازلة‬
‫نبينا حممد وعىل آله وصحبه أمجعني‪ ،‬وبعد‪ :‬فإن النظر يف ِّ‬
‫الستنباط حكمها ال خيلو طريقة االستنباط فيها من النظر إىل نظري‬
‫هلا تلحق وتقاس عليه‪ ،‬أو قواعد فقهية كل َّية حي ِّقق الناظر مناط‬
‫النازلة فيها‪ ،‬أو ينظر يف أدلة الرشع من أدلة نقلية أو عقل َّية‪،‬‬
‫وإعامل القواعد األصول َّية الستنباط أحكامها‪ ،‬وال خيرج مجيع ما‬
‫معني‪ ،‬أو ال يكون‬
‫سبق من أن يكون الناظر ملتزما بمذهب َّ‬
‫كذلك‪ ،‬فاألول صورته صورة التخريج الفقهي إن حتققت رشوطه‬
‫وضوابطه‪ ،‬وصورة الثاين‪ :‬مطلق االجتهاد‪ ،‬وهذا البحث يتعرض‬
‫للصورة األوىل‪ ،‬لذا كان من املهم املرور عىل طبقات املجتهدين‪،‬‬
‫ووظيفة وعمل كل طبقة‪ ،‬مع بيان صفاهتم‪ ،‬والرتكيز عىل طبقة‬
‫املخرجني‪ ،‬وواقع التخريج العرصي‪ ،‬واملأمول منه‪ .‬لذا رأيت‬
‫من املناسب تسميته ب ـ‪( :‬البخريج الفقهي العصري‪ ،‬الواقع والمأمول) وكاشفا‬
‫رشفني به‬
‫عن مضامينه‪ ،‬وجعلت وباء كورونا أنموذجا‪ ،‬ألجل ما ر‬
‫اإلخوة يف مركز التميز البحثي يف فقه القضايا املعارصة‪ ،‬التابع‬

‫‪9‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫جلامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالم َّية من مشاركة يف ندوة‪:‬‬


‫(واقع التخريج الفقهي يف النوازل‪ ،‬كورونا منوذجًا) التي أقيمت –‬
‫بحمد اهلل – حتت رعايتهم وإرشا فهم‪ .‬أسأل اهلل العون والتوفيق‬
‫والسداد‪.‬‬
‫وقد رست يف هذا البحث عىل اخلطة اآلتية‪:‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التعريف بالتخريج ومراحله‪ ،‬وواقعه‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف التخريج الفقهي وأقسامه‪ ،‬والقائم‬
‫به‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬التعريف بالتخريج الفقهي‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أقسام التخريج الفقهي‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬القائم بالتخريج الفقهي‪ :‬مرتبته وصفاته‬
‫املخرج‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬مراحل النظر يف النازلة عند‬
‫املبحث الثالث‪ :‬واقع التخريج ومدى احلاجة إليه اليوم‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬واقع التخريج‪ ،‬والبديل املأمول‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬مدى احلاجة إىل التخريج اليوم‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬معوقات التخريج العرصي‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫الفصل الثاين‪ :‬ختريج بعض نوازل كورونا‪.‬‬


‫املبحث األول‪ :‬التعريف بــ(وباء كورونا ‪-‬كوفيد‪)19‬‬
‫والتكييف الفقهي حلكمه‬
‫خمرجة عىل أصول إمام‬
‫املبحث الثاين‪ :‬نوازل من كورونا َّ‬
‫معني‪.‬‬
‫َّ‬
‫املطلب األول‪ :‬صالة العيد يف البيوت‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التباعد بني املصلني يف الصف‪.‬‬
‫وسرت يف البحث على املنهج اآليت‪:‬‬
‫‪.1‬عملت عىل املنهج الوصفي‪ ،‬للوقوف عىل حقيقة التخريج‬
‫الفقهي‪ ،‬ثم املنهج االستداليل لتنزيل بعض النوازل عىل مفهوم‬
‫التخريج الفقهي‪ ،‬للوقوف عىل إمكانية القيام به يف هذا العرص‪.‬‬
‫‪.2‬التزمت باملنهج العلمي املعتمد يف البحوث الرشعية‪ ،‬من‬
‫حيث التخريج والتوثيق والعزو‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫الفصل األول‪:‬‬

‫التعريف بالتخريج ومراحله‪ ،‬وواقعه‪.‬‬

‫وحتته أربعة مباحث‪:‬‬


‫املبحث األول‪ :‬تعريف التخريج الفقهي وأقسامه‪ ،‬والقائم به‪.‬‬
‫ِّ‬
‫املبحث الثاني‪ :‬مراحل النظر يف النازلة عند املخرج‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬واقع التخريج ومدى احلاجة إليه اليوم‪.‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬معوقات التخريج الفقهي العصري‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املبحث األول‪:‬‬

‫تعريف التخريج الفقهي وأقسامه‪ ،‬والقائم به‪.‬‬

‫وحتته ثالثة مطالب‪:‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التعريف بالتخريج الفقهي‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أقسام التخريج الفقهي‬

‫املطلب الثالث‪ :‬القائم بالتخريج الفقهي‪ :‬مرتبته وصفاته‬

‫‪15‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املطلب األول‪ :‬التعريف بالتخريج الفقهي‪.‬‬

‫التخريج الفقهي مركب وصفي‪ ،‬يضم مصطلحني‪ :‬التخريج‪،‬‬


‫والفقه‪ ،‬ويتبني معنى التخريج الفقهي بعد تعريف أفراد هذا‬
‫املركب‪ ،‬وبيان أقسام التخريج الفقهي‪.‬‬
‫خرج ‪-‬املض رعف‪ -‬فهو يفيد‬
‫والتخريج لغة(‪ :)1‬مصدر للفعل ر‬
‫الترعد رية بأن ال يكون اخلروج ذاتيا‪ ،‬بل من خارج عنه‪.‬‬
‫وترجع معانيه كام قال ابن فارس إىل أصلني‪:‬‬
‫األول‪ :‬النفاذ عن اليشء‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬اختالف لونني‪.‬‬
‫يج فالن؛ إذا كان يتعلم‬ ‫ِ‬
‫األول قوهلم‪ :‬فالن خ ِّر ُ‬
‫ومن األصل ر‬
‫منه‪ ،‬كأنه هو الذي أخرجه من حد اجلهل‪.‬‬
‫وهكذا الفروع خترج بواسطة الفروع بالقياس عليها‪ ،‬أو‬
‫بواسطة األصول‪ ،‬بتسليطها عىل النص الستخراج احلكم منه‪ ،‬كام‬
‫سيأيت‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬مقاييس اللغة البن فارس (‪ ،)175/2‬لسان العرب البن منظور‬
‫(‪ ،)249/2‬الصحاح للجوهري (‪ ،)309/1‬تاج العروس للزبيدي‬
‫(‪.)508/5‬‬

‫‪17‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫األول‪ :‬ما ورد يف القاموس املحيط‪« :‬واالستخراج‬


‫ومن األصل ر‬
‫واالخرتاع‪ :‬االستنباط»(‪.)1‬‬
‫وهكذا الفروع تستنبط من األدلة بواسطة األصول‪ ،‬أو بإحلاقها‬
‫بنظائرها لتأخذ حكمها‪.‬‬
‫واصطالحا‪ :‬يعرف بحسب ما يضاف إليه‪ ،‬وسيأيت تعريفه‬
‫بحسب اإلضافة‪.‬‬
‫والفقهي‪ :‬نسبة إىل علم الفقه‪ ،‬والفقه لغة‪ :‬الفهم(‪.)2‬‬
‫واصطالحا‪« :‬العلم باألحكام ر‬
‫الرشع رية الفرع رية عن أدلتها‬
‫التفصيلية باالستدالل»(‪.)3‬‬
‫ويسمى الفقه‪ :‬الفروع‪ .‬قال البزدوي‪« :‬علم الفروع‪ ،‬وهو‬
‫الفقه»(‪.)4‬‬
‫وقال الزركيش‪« :‬ونقل الفقه إىل علم الفروع بغلبة‬

‫(‪ )))1‬القاموس املحيط (‪.)185/1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ينظر‪ :‬لسان العرب (‪ ،)522/13‬واملعجم الوسيط (‪. )698/2‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬رشح خمترص الروضة للطويف (‪ ،)133/1‬رفع احلاجب (‪.)244/1‬‬
‫(‪ )4‬أصول البزدوي (‪. )46/1‬‬

‫‪18‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫االستعامل»(‪.)1‬‬
‫ولذا جرى اصطالح العلامء – كام سيأيت يف البحث وأقسام‬
‫التخريج – عىل القول‪ :‬بتخريج الفروع عىل الفروع‪ ،‬وختريج الفروع‬
‫عىل األصول‪.‬‬
‫املخرج هنا هو‬
‫َّ‬ ‫وجمموع هذين القسمني هو التخريج الفقهي؛ إذ‬
‫الفرع والفقه‪ ،‬وهذا من عمل الفقيه‪.‬‬
‫قال الغزايل‪...« :‬فخصوص النظر يف اآلحاد ليس من شأن‬
‫األصوليني‪ ،‬وإنام عىل األصوليني ضبط القواعد‪ ،‬وتأسيس‬
‫األجناس‪ ،‬ثم إدخال التفاصيل يف اجلمل من شأن الفقهاء‬
‫الناظرين يف تفاصيل املسائل»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬البحر املحيط (‪.)31/1‬‬


‫(‪ )2‬شفاء العليل (‪.)59‬‬

‫‪19‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أقسام التخريج الفقهي‪.‬‬

‫ينقسم التخريج الفقهي إىل قسمني‪:‬‬


‫القسم األول‪ :‬ختريج الفروع عىل الفروع‪.‬‬
‫ولتخريج الفروع عىل الفروع صورتان مشهورتان‪ ،‬ومها‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬استخراج حكم مسألة ليس فيها حكم منصوص عن‬
‫إمام املذهب من مسألة منصوصة عنه‪ ،‬وهذه الصورة هي أكثر‬
‫الصور وقوعا وذكرا عىل ألسنة الفقهاء‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ويسمى الفرع املستخرج بالوجه‪.‬‬
‫الصالة جاهال عىل‬
‫ومثاهلا(‪ :)1‬ختريج احلنابلة حكم املتكلم يف ر‬
‫حكم املتكلم فيها ناسيا‪ ،‬فجعلوا يف اجلاهل من الروايات كام يف‬
‫النايس خترجيا؛ بجامع العذر فيهام‪.‬‬

‫(‪ )1‬هناك رسائل علمية يمكن الرجوع إليها منها مرشوع علمي قام به عدد من‬
‫طالب املاجستري بقسم الفقه باجلامعة اإلسالمية بعنوان (الفروع الفقهية التي‬
‫ذكرها ابن قدامة يف املغني خترجيا)‪ ،‬ورسالة من مطبوعات دار ابن حزم بعنوان‬
‫املخرجة عند اإلمام ابن القاص الشافعي) للدكتور حممد‬
‫َّ‬ ‫(املسائل الفقهية‬
‫مزياين‪.‬‬
‫الوناس ْ‬

‫‪20‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫قال ابن قدامة عن مسألة املتكلم جاهال‪« :‬واألوىل أن خيرج‬


‫هذا عىل الروايتني يف كالم النايس؛ ألنره معذور مثله»(‪.)1‬‬
‫وملا كان الراجح من املذهب بطالن صالة من تكلم ناسيا‪ ،‬كان‬
‫الراجح فيه بطالن صالة من تكلم جاهال(‪.)2‬‬
‫ينص اإلمام عىل حكم مسألة‪ ،‬وينص عىل‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أن َّ‬
‫حكم خمالف عىل مسألة مثلها يف وقت آخر‪ ،‬وال يوجد فارق‬
‫بينهام‪ ،‬فينقل األصحاب حكم أحدمها إىل األخرى‪ ،‬فيكون يف كل‬
‫خمرج‪ُ ،‬أخذ من‬
‫واحدة منهام قوالن‪ ،‬قول منصوص‪ ،‬وقول َّ‬
‫منصوص األخرى‪.‬‬
‫قال ابن محدان يف صورهتا‪« :‬كنصه عىل حكمني خمتلفني يف‬
‫فيخرج من كل واحدة يف األخرى‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫مسألتني متشاهبتني يف وقتني‪،‬‬
‫خمرج»(‪.)3‬‬
‫فيكون له يف كل مسألة قوالن‪ :‬قول منصوص‪ ،‬وقول َّ‬
‫املخرج‪ ،‬أو الرواية‬
‫َّ‬ ‫املخرج‪ ،‬بالقول‬
‫ر‬ ‫قلت‪ :‬ويسمى الفرع‬
‫املخرجة‪ ،‬والعملية االستنباطية‪ :‬بالنقل والتخريج‪.‬‬
‫ر‬

‫(‪ )1‬املغني (‪.)36/2‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬تصحيح الفروع (‪.)282/2‬‬
‫(‪ )3‬صفة املفتي (‪.)21‬‬

‫‪21‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫مثاهلا(‪ :)1‬ما ذكره الشافعيون يف حكم الفدية عىل من ارتكب‬


‫نص اإلمام الشافعي يف «األم» عىل وجوب الفدية‬
‫حمظورا‪ ،‬فقد َّ‬
‫املح ِرمني جاهال أو‬ ‫عىل من ق َّلم أظفاره‪ ،‬أو َّ‬
‫قص شعره من ْ‬
‫ناسيا(‪.)2‬‬
‫مس طيبا‪،‬‬
‫ونص يف مسألة أخرى مشاهبة بعدم الفدية عىل من ر‬
‫ر‬
‫أو لبس ما هني عن لبسه يف احلج من الثياب املخيطة ناسيا أو‬
‫جاهال(‪.)3‬‬
‫ووجه الشبه‪ :‬أن كال من احللق والتقليم والطيب واللبس‬
‫حمظور من حمظورات اإلحرام‪.‬‬
‫فنقلوا حكم املسألة األوىل‪ ،‬وجوب الفدية بالتخريج إىل‬
‫املسألة الثانية‪ ،‬فأصبح يف املسألة الثانية ٌ‬
‫قول منصوص بعدم‬
‫خمرج بوجوب الفدية‪.‬‬
‫الفدية‪ ،‬وقول ر‬

‫(‪ )1‬هناك رسالة ماجستري من نرش وتوزيع دار الضياء بعنوان (األقوال املخرجة يف‬
‫الفقه الشافعي وأثرها) للباحث حممد مجعة العيسوي‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬األم (‪.)226/2‬‬
‫(‪ )3‬املرجع السابق (‪.)165/2‬‬

‫‪22‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫ونقلوا حكم املسألة الثانية وهي عدم وجوب الفدية‪ ،‬إىل‬


‫املسألة األوىل‪ ،‬فأصبح يف املسألة األوىل قول منصوص‪ ،‬وهو‬
‫خمرجة بعدم الفدية(‪.)1‬‬
‫وجوب الفدية‪ ،‬وقول ورواية َّ‬
‫وهاتان الصورتان من التخريج جيمعهام قول ابن تيمية‪...« :‬وأ رما‬
‫التخريج‪ :‬فهو نقل حكم مسألة إىل ما يشاهبها والتسوية بينهام‬
‫فيه»(‪.)2‬‬
‫ومثله قول الطويف عن التخريج‪« :‬يكون من نص لإلمام‪ ،‬بأن‬
‫ُينقل من حمل إىل غريه باجلامع املشرتك بني املحلني»(‪.)3‬‬
‫وجعله كثري من العلامء مرادفا للقياس‪ ،‬يقول الزركيش‪:‬‬
‫«القياس يعمل به قطعا عندنا يف نص الشارع‪ ،‬أ رما بالنسبة إىل نص‬

‫(‪ )1‬وين َّبه إىل أن التخريج هنا مل يصح؛ إذ إن اإلمام الشافعي ن َّبه عىل الفرق بني‬
‫املسألتني عند عرضه ملسألة التطيب واللبس‪ ،‬وأن الق ْل َم والقص فيه إتالف للمكان‬
‫بخالف اللبس والتطيب ينظر‪ :‬األم (‪ ،)168-167/2‬املجموع للنووي‬
‫(‪ ،)364/7‬وروضة الطالبني له (‪ ،)137/3‬األقوال املخرجة للعيسوى‬
‫(‪.)185-184‬‬
‫(‪ )2‬املسودة (‪ ،)533‬وينظر‪ :‬اإلنصاف (‪.)6/1‬‬
‫(‪ )3‬رشح خمترص الروضة (‪.)644/3‬‬

‫‪23‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫املجتهد‪ ،‬كام لو نص عىل حكم‪ ،‬فهل تستنبط الع َّلة ويعدى‬


‫املعّب عنه بالتخريج»(‪.)1‬‬
‫احلكم؟‪ ...‬وهذا ر‬

‫وقال الشوكاين‪« :‬جعل التخريج نوعا مستقال مغايرا للقياس هو‬


‫جمرد دعوى ال برهان عليها أصال»(‪.)2‬‬

‫لذا كان من أهم رشوطهام عدم وجود الفارق بني املسألتني‪.‬‬

‫جاء يف املسودة‪« :‬ورشط التخريج‪ :‬أن ال جيد بني املسألتني‬


‫فارقا»(‪.)3‬‬

‫القسم الثاين‪ :‬ختريج الفروع عىل األصول‬


‫مل يفرد ختريج الفروع عىل األصول عند املتقدمني بعلم‬
‫مستقل‪ ،‬بل ذكرت مباحثه يف أوائل بعض كتب الفقه‪ ،‬وعند‬
‫أحكام القضاء‪ ،‬للنظر يف أهلية القايض‪ ،‬واشرتاط كونه جمتهدا‪،‬‬

‫(‪ )1‬البحر املحيط (‪.)40-39/7‬‬


‫(‪ )2‬السيل اجلرار (‪.)28-27/1‬‬
‫(‪ )3‬ينظر‪ :‬املسودة (‪ ،)548‬أدب الفتوى للنووي (‪ ،)29‬صفة الفتوى البن محدان‬
‫(‪ ،)21‬اإلنصاف (‪.)462/1‬‬

‫‪24‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫ويف كتب أصول الفقه يف أحكام االجتهاد‪ ،‬ومراتب املجتهدين‪،‬‬


‫املخرجني طبقة من طبقات املجتهدين‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫باعتبار‬
‫أما عند املعارصين فقد اجتهدوا يف تعريفه كعلم من العلوم‬
‫الرشعية‪ ،‬التي يمكن أن يكون له استقالل عن غريه من العلوم‪.‬‬
‫وقبل ذكر التعريف البد أن ُيعلم أن التخريج عملية استنباط َّية‪،‬‬
‫أصل هذا العلم‪ ،‬واصطلح‬
‫وهذا األمر يؤخذ من رصيح عبارات من َّ‬
‫عليه‪.‬‬
‫املخرج‬
‫ِّ‬ ‫قال ابن الصالح عند حديثه عن رشوط جمتهد املذهب ‪-‬‬
‫‪ -‬وعمله‪ ،‬وأنه جيب أن يكون‪« :‬تام االرتياض يف التخريج‬
‫واالستنباط‪ ....‬ويتخذ أصول نصوص إمامه أصوال يستنبط‬
‫منها‪ ،‬نحو ما يفعله املستقل بنصوص الشارع»(‪.)1‬‬
‫وما يفعله املجتهد املستقل يف نصوص الشارع هو استنباط‬
‫األحكام منها‪.‬‬
‫ثم‬
‫ومثل كالم ابن الصالح قول النووي‪ ،‬وعبارته‪َّ ...« :‬‬

‫(‪ )1‬أدب الفتوى واملفتي واملستفتي البن الصالح (‪ )95‬وانظر‪ :‬صفة املفتي البن‬
‫محدان (‪.)19‬‬

‫‪25‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫يتخذ نصوص إمامه أصوال يستنبط منها كفعل املستقل بنصوص‬


‫الشارع»(‪.)1‬‬
‫وتوارد عند متأخري الشافعية ‪-‬عند حديثهم عن رشوط‬
‫االجتهاد يف القضاء والفتوى ‪ -‬قوهلم‪« :‬فإن قدر عىل الرتجيح دون‬
‫االستنباط فهو جمتهد الفتوى‪ ،‬وإن قدر عىل االستنباط من قواعد‬
‫إمامه وضوابطه فهو جمتهد املذهب‪ ،‬أو عىل االستنباط من الكتاب‬
‫والسنة فهو املجتهد املطلق»(‪.)2‬‬
‫ويف إعانة الطالبني‪ ...« :‬جمتهد املذهب‪ ،‬وهو من يستنبط‬
‫األحكام من قواعد إمامه»(‪ ،)3‬والنصوص يف هذا كثرية‪ ،‬ولعل‬
‫ما ذكر يكون كافيا‪.‬‬
‫ومن خالل النصوص السابقة يتبني أن التخريج يقوم عىل‬
‫األركان اآلتية‪:‬‬
‫معني وقواعده‪.‬‬
‫‪ -1‬أن يكون التخريج عىل أصول إمام َّ‬

‫(‪ )1‬أدب الفتوى واملفتي واملستفتي للنووي (‪ ،)27‬واملجموع له (‪.)43/1‬‬


‫(‪ )2‬انظر‪ :‬حاشية قليويب وعمرية (‪ ،)215/4‬وحاشية اجلمل لرشح املنهج‬
‫(‪ ،)182/5‬وحاشية البجريمي (‪.)248/4‬‬
‫(‪ )3‬إعانة الطالبني (‪.)243/4‬‬

‫‪26‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املخرج من جمتهدي املذهب‪.‬‬


‫ِّ‬ ‫‪ -2‬أن يكون‬
‫وعليه فتخريج الفروع عىل األصول هو‪ :‬استنباط جمتهد‬
‫املذهب أحكام الوقائع التي مل ينص عليها إمامه من أصول إمامه‬
‫وقواعده‪.‬‬
‫وختريج الفروع عىل األصول من شأن الفقهاء‪ ،‬كام سبق بيانه‪،‬‬
‫وسبق القول بأن التخريج الفقهي يشمل القسمني‪ ،‬ختريج الفرع‬
‫عىل الفرع‪ ،‬وختريج الفرع عىل األصل‪.‬‬
‫املخرجة (األوجه واألقوال‬
‫َّ‬ ‫ثم َّ‬
‫إن الفروع املنصوصة أو‬ ‫َّ‬
‫املخرجة) داخلة يف مسمى املذهب(‪ ،)1‬وإحلاق النوازل إىل‬
‫َّ‬
‫املذهب أو إىل أصوله وقواعده هو ما يمكن أو يصح أن يسمى‬
‫بالتخريج الفقهي‪ ،‬ويمكن تعريفه بأنه‪ :‬عملية استنباطية هتدف إىل‬
‫إحلاق النوازل بفروع املذهب أو أصوله‪.‬‬

‫(‪ )1‬قال ابن محدان يف صفة املفتي (‪« :)113‬فقول أصحابنا وغريهم املذهب كذا قد‬
‫يكون بنص اإلمام أو بإيامئه أو بتخرجيهم ذلك واستنباطهم من قوله أو تعليله»‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬القائم بالتخريج الفقهي‪ :‬مرتبته وصفاته‬

‫الناظر يف النوازل هم املجتهدون‪ ،‬واملجتهد هو‪« :‬املستفرغ‬


‫وسعه يف درك األحكام الرشعية»(‪.)1‬‬
‫قسم العلامء املجتهدين إىل طبقات‪ ،‬اختلفت مناهجهم يف‬
‫وقد َّ‬
‫ذلك‪ ،‬وسأكتفي بمنهج ابن الصالح(‪ )2‬لتتابع مجع من العلامء عىل‬
‫تقسيمه(‪.)3‬‬
‫وقد جعل ابن الصالح املجتهدين عىل قسمني‪:‬‬
‫األول‪ :‬املجتهد املستقل‪ ،‬وهو الذي يستقل بإدراك األحكام‬
‫الرشعية من غري تقليد وتقيد بمذهب أحد‪ ،‬فهو جمتهد مطلق(‪،)4‬‬

‫(‪ )1‬هناية السول لإلسنوي (‪.)288/3‬‬


‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬أدب املفتي واملستفتي البن الصالح (‪.)101-87‬‬
‫(‪ )3‬ينظر ‪ :‬صفة الفتوى (‪ ،)16‬مقدمة املجموع للنووي (‪.)75/1‬‬
‫(‪ )4‬أي غري املقيد يف اجتهاده بمذهب من املذاهب‪ ،‬وربام عّب عنه باملجتهد‬
‫املستقل‪ ،‬أو املفتي املستقل‪ ،‬وسمي مستقال؛ ألنه استقل بقواعد لنفسه يبني‬
‫عليها الفقه خارجا عن قواعد املذاهب املقررة‪ ،‬أو ألنه يستقل بإدراك األحكام‬
‫الرشعية من األدلة الرشعية من غري تقليد وال تقييد‪.‬‬
‫انظر‪ :‬صفة الفتوى (‪ ،)16‬وأدب الفتوى (‪ ،)37 ،35‬واملسودة (‪،)546‬‬
‫والرد عىل من أخلد إىل األرض للسيوطي (‪.)112‬‬

‫‪28‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫وذكر أن مثل هذا املجتهد قد طوي بساطه منذ دهر طويل‪ ،‬وأن‬
‫أمر الفتوى أصبح من نصيب الفقهاء املنتسبني إىل أئمة املذاهب‬
‫املتبوعة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬املجتهد غري املستقل‪ ،‬وهو عىل أربع طبقات وهي‪:‬‬
‫الطبقة األوىل‪ :‬من بلغ درجة االجتهاد املطلق‪ ،‬إال أنه انتسب‬
‫إىل أحد األئمة املجتهدين‪ ،‬وسلك طريقه يف االجتهاد ودعا إىل‬
‫مذهبه‪.‬‬
‫الطبقة الثانية‪ :‬من كان جمتهدا يف مذهب إمامه ومقيدا به‪ ،‬فهو‬
‫يقرر مذهبه بالدليل‪ ،‬لكنه ال يتجاوز يف أدلته أصول إمامه‬
‫وقواعده‪.‬‬
‫وهذه هي طبقة القائمني بالتخريج الفقهي‪ ،‬وسيأيت بيان‪:‬‬
‫مرتبتهم وصفاهتم‪.‬‬
‫الطبقة الثالثة‪ :‬من كان فقيه النفس(‪ )1‬حافظا ملذهب إمامه‪،‬‬

‫(‪ )1‬يقول زكريا األنصاري يف غاية الوصول (‪« :)147‬فقيه النفس أي‪ :‬شديد الفهم‬
‫بالطبع ملقاصد الكـالم»‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫عارفا بأدلته‪ ،‬قائام بتقريرها‪ ،‬وبنرصته‪ ،‬يصور وحيرر ويمهد‬


‫ويقرر ويزيف ويرجح‪ ،‬فهو مل يبلغ ما بلغه علامء الطبقة السابقة‬
‫من حفظ املذهب‪ ،‬ومل يرتض يف التخريج واالستنباط‬
‫كارتياضهم‪ ،‬وقد أطلق عليهم لقب‪ :‬جمتهد الرتجيح‪.‬‬
‫الطبقة الرابعة‪ :‬من يقوم بحفظ املذهب ونقله وفهمه يف‬
‫واضحات املسائل ومشكالهتا ولكنه يتسم بالضعف يف تقرير‬
‫األدلة وحترير األقيسة‪ ،‬ففتواه تعتمد عىل ما ينقله من نصوص‬
‫األئمة‪ ،‬وما ال جيده منقوال ليس له أن يفتي فيه إال إذا وجد يف‬
‫املذهب نصا يف معناه‪ ،‬بحيث يدرك من دون فضل فكر وتأمل‪،‬‬
‫أن ال فرق بينهام‪ .‬أو كان يدخل حتت ضابط منقول ممهد يف‬
‫املذهب وقد أطلق عليه بعضهم لقب‪ :‬جمتهد الفتيا‪.‬‬
‫ومن خالل العرض السابق لطبقات املجتهدين وصفاهتم يتبني‬
‫أن األصل أن الناظر يف النوازل جيب أال يقل عن طبقة املخرجني‬
‫خيرج أصحاب‬
‫‪-‬وهي الطبقة الثانية من القسم الثاين‪ ،-‬وقد ِّ‬
‫الطبقة الثالثة ‪-‬أهل الرتجيح‪ ،)1(-‬باعتبار أهنم أهل للتخريج‬

‫(‪ )1‬بل إن بعض العلامء جعلهم طبقة واحدة ينظر‪ :‬أعالم املوقعني (‪-212/4‬‬
‫‪ ،)214‬ومجع اجلوامع مع رشحه تشنيف املسامع (‪.)575/4‬‬

‫‪30‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫فيلحقون هبم‪ ،‬وإال فاألصل عند من َّفرق أن األخري لـم يرتض يف‬
‫التخريج واالستنباط ‪-‬كام سبق‪ -‬فدوره النظر فيام قد ُخ ِّرج عند‬
‫تعدد الروايات فيقوم بالرتجيح والتزييف فيام يصح أو ال يصح‬
‫كونه املذهب‪.‬‬
‫أما الطبقة األخرية فهم مق ِّلدة يف احلقيقة‪ ،‬ليس هلم التخريج‪،‬‬
‫بل عملهم يقترص عىل نقل ما حفظه وفهمه من أقوال إمامه‬
‫وأصحابه‪.‬‬
‫وعودا إىل طبقة القائمني بالتخريج الفقهي‪ ،‬وبيان مرتبتهم‬
‫وصفاهتم‪ ،‬فإنه يشرتط فيهم ما يشرتط يف املجتهد املطلق‪ ،‬ولكن‬
‫بدرجة أقل؛ إذ هم أقل درجة منهم‪ ،‬وهذا مما يصعب تقديره‪ ،‬وقد‬
‫أطلق عليهم العلامء صفات منها‪ :‬جمتهدو املذهب‪ ،‬أو جمتهدو‬
‫نصوا عىل رشوطهم‪.‬‬
‫التخريج‪ ،‬أو أصحاب الوجوه والطرق‪ .‬و َّ‬
‫قال ابن الصالح يف صفته‪« :‬أن يكون يف مذهب إمامه جمتهدا‬
‫مق َّيدا‪ ،‬فيستقل بتقرير مذهبه بالدليل غري أنه ال يتجاوز يف أدلته‬
‫أصول إمامه وقواعده‪ ،‬ومن شأنه أن يكون عاملا بالفقه خبريا‬
‫بأصول الفقه‪ ،‬عارفا بأدلة األحكام تفصيال‪ ،‬بصريا بمسالك‬
‫‪31‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫األقيسة واملعاين‪ ،‬تام االرتياض يف التخريج واالستنباط‪ ،‬ق ِّيام بإحلاق‬


‫ما ليس بمنصوص عليه يف مذهب إمامه بأصول مذهبه‬
‫وقواعده»(‪.)1‬‬
‫وقال ابن اهلامم‪« :‬واحلاصل أن يكون له ملكة االقتدار عىل‬
‫استنباط أحكام الفروع املتجددة التي ال نقل فيها عن صاحب‬
‫املذهب من األصول التي مهدها صاحب املذهب‪ ،‬وهو املسمى‬
‫باملجتهد يف املذهب» (‪.)2‬‬
‫املخرج أن يكون متبحرا يف الفقه وأصوله‪ ،‬مع‬
‫ِّ‬ ‫ويشرتط يف‬
‫ا ُلدربة يف االستنباط‪ ،‬ولذا كان من ضمن أسامء أصحاب هذه‬
‫الطبقة‪ :‬طبقة املتبحرين‪.‬‬
‫وبسبب هذه الرشوط ادعى بعض العلامء انقراض أصحاب هذه‬
‫الطبقة‪ ،‬عىل ما سيأيت‪.‬‬
‫اخلاصة هبم بام يأيت‪:‬‬
‫ر‬ ‫وخلص الدكتور يعقوب الباحسني الرشوط‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬أدب املفتي (‪ ،)59-94‬وأدب الفتوى للنووي (‪ ،)26‬واملجموع (‪.)43/1‬‬


‫(‪ )2‬التقرير والتحبري (‪.)346/3‬‬

‫‪32‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫ألهنا‬
‫‪ )1‬أن يكون عالـام بالفقه‪ ،‬أي الفروع الثابتة يف املذهب؛ ر‬
‫من مصادره األساسية يف االجتهاد‪ ،‬بـخالف املجتهد املطلق الذي‬
‫ال يشرتط له ذلك‪.‬‬
‫‪ )2‬أن يكون تام االرتياض يف التخريج واالستنباط‪ ،‬بأن‬
‫يكون قادرا عىل إحلاق ما ليس منصوصا عليه إلمامه بأصوله‪.‬‬
‫‪ )3‬أن يكون ملتزما بأصول إمامه وقواعده‪ ،‬وال يتجاوزها‬
‫عند التخريج واالستنباط‪.‬‬
‫‪ )4‬أن يكون متمكنا من الفرق واجلمع والنظر واملناظرة فيام‬
‫تقدم‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل ا ألول‪ :‬الد را سة النظريّة‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املبحث الثاني‪:‬‬

‫مراحل النظر يف النازلة عند املخرِّج‬

‫‪35‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫األصل يف مراحل النظر يف النازلة‪ :‬النظر يف األدلة املؤثرة يف‬


‫حكم النازلة؛ وذلك بعد تصور النازلة‪ ،‬ونصوص العلامء يف هذا‬
‫كثرية؛ ومن ذلك‪ :‬قول الشافعي‪« :‬وليس يؤمر أحد أن حيكم بحق‬
‫إال وقد علم احلق‪ ،‬وال يكون احلق معلوما إال عن اهلل نصا‪ ،‬أو‬
‫داللة من اهلل‪ ،‬فقد جعل اهلل احلق يف كتابه‪ ،‬ثم سنة نبيه ‪ ‬فليس‬
‫تنزل بأحد نازلة إال والكتاب يدل عليها نصا أو مجلة»(‪.)1‬‬
‫قال الغزايل‪« :‬إذا وقعت الواقعة فليعرضها املجتهد عىل‬
‫نصوص الكتاب‪.)2(»...‬‬
‫املقري‪ ...« :‬فإذا عرضت نازلة عرضها‬
‫وقال أبو عبد اهلل ِّ‬
‫عىل النصوص‪ ،‬فإن وجد فيها فقد كفي أمرها‪ ،‬وإال طلبها‬
‫باألصول املبنية عليها»(‪.)3‬‬
‫وتلك النصوص حممولة يف نظري عىل املجتهد املطلق‪ ،‬وقد‬
‫علم من كالم األصوليني أهنم إذا أطلقوا مصطلح املجتهد‪ ،‬فاملراد‬

‫(‪ )1‬األم (‪.)493/7‬‬


‫(‪ )2‬املنخول (ص‪.)466‬‬
‫(‪ )3‬القواعد للمقري (‪.)151/1‬‬

‫‪37‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫به املطلق؛ إ ْذ هو املخول للنظر يف النازلة ابتداء‪ ،‬والبدء‬


‫بالنصوص ملن كان أهال للنظر واستجمع رشوط االجتهاد حق ال‬
‫مرية فيه‪.‬‬
‫واملجتهدون طبقات‪ ،‬ولكل طبقة وظيفة كام سبق‪ ،‬فإن‬
‫املجتهد إن «قدر عىل الرتجيح دون االستنباط فهو جمتهد الفتوى‪،‬‬
‫وإن قدر عىل االستنباط من قواعد إمامه وضوابطه فهو جمتهد‬
‫املذهب‪ ،‬أو عىل االستنباط من الكتاب والسنة فهو املجتهد‬
‫املطلق»(‪.)1‬‬
‫املخرج يتعامل مع نصوص إمامه معاملة‬
‫ِّ‬ ‫نص العلامء عىل أن‬
‫و َّ‬
‫املجتهد املطلق مع نصوص الرشع؛ ومن ذلك‪ :‬قول النووي‪« :‬ثم‬
‫يتخذ نصوص إمامه أصوال يستنبط منها كفعل املستقل بنصوص‬
‫الرشع»(‪.)2‬‬
‫املخرج تكون حسب‬
‫ِّ‬ ‫وعليه؛ فإن مراحل النظر يف النازلة عند‬
‫اآليت‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حاشية قليويب وعمرية (‪ ،)215/4‬وحاشية اجلمل لرشح املنهج‬


‫(‪ )182/5‬وحاشية البجريمي (‪.)248/4‬‬
‫(‪ )2‬املجموع (‪.)43/1‬‬

‫‪38‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫أوال‪ :‬العلم بصورة املسألة وحقيقتها‪ ،‬وتصورها تصورا‬


‫سليام‪ ،‬يدرك به الفرق بينها وبني نظائرها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إحلاقها بنظري هلا من منصوصات اإلمام أو خترجيات‬
‫نص عليه اإلمام أو األصحاب ‪-‬وهو‬
‫األصحاب‪ ،‬فينقل حكم ما َّ‬
‫املذهب‪ -‬إىل النازلة‪ ،‬وهذا يسمى‪ :‬ختريج فرع عىل فرع‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إن أمكن ختريج النازلة عىل فرع منصوص يف املذهب ‪-‬‬
‫كام يف املرحلة السابقة‪ -‬فإن الغرض قد حتقق‪ ،‬وال حاجة بعد ذلك‬
‫خيرج‬
‫إىل مزيد اجتهاد‪ ،‬وإن مل جيد فرعا منصوصا يف املذهب‪ ،‬فإنه ِّ‬
‫النازلة عىل أصول اإلمام وقواعده‪ ،‬وال حيق له االنتقال إىل هذه‬
‫املرحلة إال عند عدم املرحلة السابقة‪.‬‬
‫قال ابن الصالح عن جمتهد املذهب‪« :‬وخترجيه تارة يكون من‬
‫نص معني إلمامه يف مسألة معينة‪ ،‬وتارة ال جيد إلمامه نصا معينا‬
‫خرج عىل وفق أصوله»(‪.)1‬‬
‫خيرج منه‪ ،‬ف ُي ِّ‬
‫ِّ‬
‫وهذه املرحلة أصعب من سابقتها‪-‬كام سيأيت يف العوائق ‪ -‬إذ‬

‫(‪ )1‬أدب الفتوى (ص‪.)97‬‬

‫‪39‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫فيها عودة إىل أدلة الرشع‪ ،‬وإعامل أصول اإلمام يف استنباط احلكم‬
‫منها‪.‬‬
‫وهي أسهل من استنباط املجتهد املطلق من حيث كون طرق‬
‫االستنباط حمصورة بأصول إمام معني‪.‬‬
‫وقد ذكر العلامء من رشوط املجتهد يف املذهب «أن يكون‬
‫عاملا بالفقه خبريا بأصوله الفقه‪ ،‬عارفا بأدلة األحكام تفصيال‪،‬‬
‫بصريا بمسالك األقيسة واملعاين‪ ،‬تام االرتياض يف التخريج‬
‫واالستنباط‪ ،‬قيام بإحلاق ما ليس بمنصوص عليه يف مذهب إمامه‬
‫بأصول مذهبه وقواعده»(‪.)1‬‬
‫ومن كان كذلك فإنه حري بإصابة احلق يف اجتهاده بإذن اهلل‪.‬‬
‫وأختم هذا املبحث بقول عمر بن اخلطاب يف كتابه أليب‬
‫ثم قس األمور عندك فاعمد إىل‬
‫موسى‪« :‬اعرف األمثال واألشباه َّ‬
‫أحبها إىل اهلل وأشبهها باحلق فيام ترى»‪ .‬قال السيوطي‪« :‬وهي‬
‫رصحية يف األمر بتتبع النظائر وحفظها ليقاس عليها ما ليس‬

‫(‪ )1‬أدب الفتوى (ص‪ ،)100-99‬وصفة الفتوى البن محدان (‪.)23‬‬

‫‪40‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫منقول»(‪.)1‬‬
‫وقول احلافظ ابن عبدالّب‪« :‬إن االجتهاد ال يكون إال عىل‬
‫أصول يضاف إليها التحليل والتحريم‪ ،‬وأنه ال جيتهد إال عالـم‬
‫هبا‪ ،‬ومن أشكل عليه يشء لزمه الوقوف‪ ،‬ومل جيز له أن ُيـحيل عىل‬
‫اهلل قوال يف دينه ال نظري له من أصل‪ ،‬وال هو يف معنى أصل‪ ،‬وهذا‬
‫الذي ال خالف فيه بني أئمة األمصار قديام وحديثا فتدبره»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬األشباه والنظائر للسيوطي (‪.)7‬‬


‫(‪ )2‬جامع بيان العلم وفضله (‪.)848/2‬‬

‫‪41‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املبحث الثالث‪:‬‬

‫واقع التخريج ومدى احلاجة إليه اليوم‬

‫وحتته مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬واقع التخريج الفقهي العصري‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مدى احلاجة إىل التخريج الفقهي‬


‫العصري (دواعي التخريج)‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املطلب األول‪ :‬واقع التخريج الفقهي العصري‪.‬‬

‫للتخريج أركان‪ ،‬أمهها‪ :‬أن يكون القائم بعملية التخريج ‪-‬‬


‫االستنباط‪ -‬جمتهد املذهب‪ ،‬أصحاب الوجوه‪ ،‬أو املجتهد املطلق‬
‫املنتسب حال كونه ملتزما بقواعد املذهب(‪ ،)1‬ونتيجة التخريج‬
‫تسمى وجها‪.‬‬
‫املخرجني فقدت من زمن‬
‫ِّ‬ ‫والذي ال شك فيه عندي أن طبقة‬
‫طويل‪.‬‬
‫قال ابن حجر اهليتمي يف فتاويه‪ ...« :‬واملتبحر يف الفقه هو‬
‫الذي أحاط بأصول إمامه يف كل باب من أبواب الفقه‪ ،‬بحيث‬

‫(‪ )1‬عىل اختالف يف اعتبار قول األخري وجها حال انفراده باالختيار قال اإلسنوي يف‬
‫املهامت يف ترمجة املزين (‪« :.)148-147/1‬وذكر الرافعي يف كتاب اخللع يف الكالم‬
‫عىل اختالع الوكيل‪ ،‬أن بعض املعلقني نقل عن اإلمام أنه قال‪ :‬أرى كل اختيار‬
‫للمزين خترجيا‪ ،‬فإنه ال خيالف أصول الشافعي‪ ،‬ال كأيب يوسف وحممد‪ ،‬فإهنام خيالفان‬
‫أصول صاحبهام كثريا ‪ ،‬هذا كالمه‪ ،‬لكن نقل الرافعي أيضا يف باب األحداث عن‬
‫خرج ‪-‬يعني املزين‪ -‬فتخرجيه أوىل من ختريج غريه‪ ،‬وإال‬
‫اإلمام ما خيالفه‪ ،‬فقال‪ :‬إنه َّ‬
‫فالرجل صاحب مذهب مستقل» انتهى‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫يمكنه أن يقيس ما مل ينص إمامه عليه عىل ما نص عليه‪ ،‬وهذه‬


‫مرتبة جليلة ال توجد اآلن؛ ألهنا مرتبة أصحاب الوجوه‪ ،‬وقد‬
‫انقطعت منذ أربعامئة سنة»(‪.)1‬‬
‫وعليه فإن التخريج الفقهي اليوم منقطع‪ ،‬وما وجد اليوم من‬
‫اجتهادات فإهنا تنسب إىل أصحاهبا املستنبطني هلا ال إىل املذهب‪،‬‬
‫وإن نسبوا ذلك إىل املذهب اجتهادا منهم‪ ،‬لكن ال أحد يعتّب‬
‫قوهلم وجها يف املذهب‪ ،‬ونتيجة التخريج – كام سبق ‪ -‬هي‬
‫األوجه‪.‬‬
‫والبديل يف نظري هو االجتهاد اجلامعي يف إطار املذهب‬
‫الواحد‪ ،،‬وهذا االجتهاد املنشود وإن كان اخلارج منه ال يعد‬
‫وجها يف املذهب‪ ،‬لكنه قارب اليشء‪ ،‬فلعله يأخذ حكمه يف كونه‬
‫بديال وسا َّدا لفرض الكفاية مما جيب عىل األمة القيام به‪.‬‬
‫وال يمكن أن يكون له النجاح والقبول إال إذا ضبط جملس‬
‫االجتهاد اجلامعي بضوابط أمهها ما يتعلق بالكفاءات العلمية‪،‬‬

‫(‪ )1‬فتاوى ابن حجر اهليتمي (‪.)289/4‬‬

‫‪46‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫فيختار مثال من عرف بالتأليف والتدريس لكتب املذهب‪ ،‬بحيث‬


‫تتعدد املتون الشارح هلا‪ ،‬ويتعدد أهل االختصاص فيه داخل‬
‫املذهب‪ ،‬ففيه الفقيه واألصويل‪.‬‬
‫وال يعود اختيار تلك الكفاءات إىل جهة حكومية ملا سيأيت يف‬
‫العوائق‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ففي االجتهاد اجلامعي حتصل املشاورة بني أهل العلم‬
‫واالختصاص‪ ،‬يف مجيع مراحل النظر بدءا من التصور‪ ،‬حتى‬
‫إصدار احلكم وخترجيه‪ ،‬وأمهية هذا األمر معلومة ببداهة العقول‪،‬‬
‫فإن حصل يف املجلس اجلامعي‪ ،‬وإال فيجتهد الناظر يف الوصول‬
‫إىل أهل العلم للتباحث والتشاور‪ ،‬وقد تيرست طرقه‪ ،‬وال أقل‬
‫من استشارة من حوله‪.‬‬
‫قال اخلطيب‪« :‬ثم يذكر املسألة ‪-‬أي املفتي‪ -‬ملن بحرضته ممن‬
‫يصلح لذلك من أهل العلم ويشاورهم يف اجلواب»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬الفقيه واملتفقه (‪.)390/2‬‬

‫‪47‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مدى احلاجة إىل التخريج الفقهي العصري‬


‫(دواعي التخريج)‪.‬‬

‫املخرج منقطع‪ ،‬ولكن االجتهاد ال‬


‫ِّ‬ ‫سبق القول إن املجتهد‬
‫ينقطع‪ ،‬وليس بني الناظر يف النازلة اليوم سوى خيارين‪ :‬إما أن‬
‫املخرج‪ ،‬واألخري يف ظني‬
‫ِّ‬ ‫ينظر فيها نظر املجتهد املطلق‪ ،‬أو بنظر‬
‫هو األنسب‪ ،‬و ُأ ِ‬
‫مجل ذلك يف األمور اآلتية‪:‬‬
‫األمر األول‪ :‬إن النظر يف أدلة الرشع ابتداء‪ ،‬واستنباط‬
‫األحكام منها‪ ،‬هو من عمل املجتهد املطلق‪ ،‬وعند عدمه ينتقل إىل‬
‫ما هو أقل درجة منه‪ ،‬فإن عدمت فالعمل عىل طريقتهم أوىل من‬
‫العمل عىل طريقة من قبلهم من الدرجات؛ إ ْذ االجتهاد قد يكون‬
‫كالرضورة‪ ،‬وإن استطاع الناظر يف املسألة أن يكون له إمام يف‬
‫املسألة أو جنسها فعليه األخذ بقوله ‪-‬ومن ذلك التخريج عليها‪،‬‬
‫وقد حذر اإلمام أمحد من أن يتكلم أحد يف مسألة ليس له فيها‬
‫إمام(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)241/26‬‬

‫‪48‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫وما أحسن اعتذار شيخ اإلسالم ابن تيمية بعد أن َّبني اختياره‬
‫يف طواف احلائض‪ ،‬حيث قال‪« :‬هذا هو الذي توجه عندي يف‬
‫هذه املسألة‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل العيل العظيم‪ ،‬ولوال‬
‫وعمال ملا تـجشمت الكالم‪،‬‬‫رضورة الناس واحتياجهم إليها ِعلام َ‬
‫حيث لـم أجد فيها كالما لغريي‪ ،‬فإن االجتهاد عند الرضورة مما‬
‫أمرنا اهلل به‪.)1(»...‬‬
‫قال ابن نجيم‪« :‬ال أرى ألحد أن يفتي بيشء ال يفهمه‪ ،‬وال‬
‫يتحمل أثقال الناس‪ ،‬فإن كانت مسائل قد اشتهرت وظهرت‬
‫وانجلت عن أصحابنا رجوت أن يسع االعتامد عليها يف‬
‫النوازل»(‪.)2‬‬
‫معني أسهل‬
‫األمر الثاين‪ :‬إن تـخريج النازلة عىل مذهب إمام َّ‬
‫من استنباط حكمها من أدلة الرشع‪.‬‬
‫قال ابن محدان‪« :‬فاملجتهد يف مذهب أمحد ‪-‬مثال‪ -‬إذا أحاط‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)241/26‬‬


‫(‪ )2‬البحر الرائق (‪.)80/1‬‬

‫‪49‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫بقواعد مذهبه‪ ،‬وتدرب يف مقاييسه وترصفاته‪ ،‬تنزل من االحلاق‬


‫بمنصوصاته وقواعد مذهبه‪ ،‬منزلة املجتهد املستقل‪ ،‬يف إحلاقه ما‬
‫لـم ينص عليه الشارع بام نص عليه»(‪.)1‬‬
‫ثم قال‪« :‬وهذا أقدر عىل ذا من ذاك عىل ذاك؛ فإنه جيد يف‬
‫مذهب إمامه قواعد ممهدة‪ ،‬وضوابط مهذبة ما ال جيد املستقل يف‬
‫أصول الرشع ونصوصه»‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيم َّية‪« :‬وكثري من الفقهاء املتأخرين أو‬
‫أكثرهم يقولون‪ :‬إهنم عاجزون عن تلقي مجيع األحكام الرشع َّية‬
‫نص‬
‫من جهة الرسول‪ ،‬فيجعلون نصوص أئمتهم بمنزلة ِّ‬
‫الرسول‪ ،‬ويقلدوهنم‪ ،‬وال ريب أن كثريا من الناس حيتاج إىل تقليد‬
‫العلامء يف األمور العارضة التي ال يستقل هو بمعرفتها‪ ...‬وهلذا‬
‫كان عامة املشايخ إذا احتاجوا يف مسائل الرشع‪ ،‬مثل مسائل‬
‫النكاح والفرائض والطهارة‪ ،‬وسجود السهو ونحو ذلك‪ ،‬ق َّلدوا‬
‫الفقهاء؛ لصعوبة أخذ ذلك عليهم من النصوص»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬صفة الفتوى (ص‪.)20-19‬‬


‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)274 - 272/19‬‬

‫‪50‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املخرج يف ختريج النازلة عىل فرع منصوص‪ ،‬أو‬


‫ِّ‬ ‫وذلك ألن‬
‫خمرج سابق ال حيتاج إال للنظر يف صحة القياس‪ ،‬وما يمكن أن‬
‫يتطرق إليه من خلل‪ ،‬فيتجنبه‪ ،‬وأوجه تطرق اخلطأ للقياس‬
‫حمصورة(‪ ،)1‬بـخالف من يتطرق إىل مجيع أدلة الرشع النقلية‬

‫(‪ )1‬قال الشيخ الشنقيطي يف املذكرة يف أصول الفقه (‪« :)297-296‬اعلم أن‬
‫القياس يتطرق إليه اخلطأ من مخسة أوجه‪:‬‬
‫‪ -1‬أال يكون احلكم معلال كان يعلل نقض الوضوء بلحم اجلزور بأنه " حار " فيلحق‬
‫به حلم الظبي فيجعله ناقضا‪ .‬وهذا بناء عىل أن نقض الوضوء بلحم اجلزور ليس‬
‫تعبديا‪.‬‬
‫‪ -2‬أال يصيب علته يف نفس األمر كأن ال تكون علة الربا يف الّب الطعم بالنسبة إىل من‬
‫يعلل بالطعم‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يقرص يف بعض أوصاف العلة‪ ،‬كأن يقول‪ :‬علة القصاص " القتل العمد "‬
‫وحيذف العدوان‪ .‬فيلزم عىل علته القصاص من ويل الدم إذا اقتص من القاتل ألن‬
‫قصاصه منه قتل عمد‪.‬‬
‫‪ -4‬أن جيمع إىل العلة ما ليس منها كام لو جعل علة وجوب الكفارة عىل املواقع يف‬
‫هنار رمضان كونه أعرابيا جممعا فيلزم عليه أن مجاع احلرضي ليس علة الكفارة وهو‬
‫باطل‪.‬‬
‫‪ -5‬أن خيطئ يف وجود العلة يف الفرع كام لو ظن التفاح مكيال فيلحقه بالّب يف الربا‬
‫بجامع الكيل»‪ .‬وينظر أصلها‪ :‬املستصفى (‪ ،)304/1‬وروضة الناظر (‪.)185/2‬‬

‫‪51‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫والعقلية‪ ،‬فاالستنباط من النصوص الرشعية أصعب؛ إذ قد يكون‬


‫من معنى النص‪ ،‬أو شبهه‪ ،‬أو عمومه‪ ،‬أو إمجاله‪ ،‬أو أحواله‪،‬‬
‫ودالئله‪ ،‬وأمارته كام ذكر املاوردي وم َّثل هلا(‪.)1‬‬
‫فاالستنباط ال يكون فقط من ظاهر النص‪ ،‬بل «ومن لـم‬
‫يتفطن لوقوع املقاصد يف األوامر والنواهي‪ ،‬فليس عىل بصرية من‬
‫وقوع الرشيعة»‪ ،‬كام قال اجلويني(‪.)2‬‬
‫وقال أيضا‪« :‬لينظر كيف اختبطت املذاهب عىل العلامء؛‬
‫لذهوهلم عن قاعدة القصد وهي رس األوامر والنواهي»(‪.)3‬‬
‫ثم إن ظواهر النصوص وداللتها قد تتعارض‪« ،‬وتعارض‬
‫دالالت األقوال وترجيح بعضها عىل بعض‪ ،‬بـحر خضم»(‪.)4‬‬
‫وإذا كان التخريج املذهبي أسهل‪ ،‬فإنه «يبعد أن تقع واقعة مل‬
‫ينص عىل حكمها يف املذهب‪ ،‬وال هي يف معنى املذهب‪ ،‬وال هي‬

‫(‪ )1‬ينظر ‪ :‬أدب القايض للاموردي (‪ ، )516/1‬البحر املحيط (‪.)232 -231/6‬‬


‫(‪ )2‬الّبهان يف أصول الفقه (‪)295 /1‬‬
‫(‪ )3‬الّبهان يف أصول الفقه (‪.)313 /1‬‬
‫(‪ )4‬جمموع الفتاوى (‪.)246/20‬‬

‫‪52‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫يف معنى بعض املنصوص عليه‪ ،‬من غري فرق‪ ،‬وال مندرجة حتت‬
‫يشء من ضوابط املذهب املحررة فيه» قاله ابن محدان(‪.)1‬‬
‫وإن كانت النوازل اليوم قد ختالف بالكلية اجتهادات‬
‫السابقني‪ ،‬وقد يعرس وجود نظائر هلا‪ ،‬إال َّ‬
‫أن أصول هذه املسائل‬
‫وأجناسها‪ ،‬قد ضبطت وكذا قواعد املذهب وأصوله‪ ،‬ومن ضبط‬
‫ذلك سهل عليه كثري من هذه الصعوبات‪.‬‬
‫األمر الثالث‪ :‬البعد عن التخبط يف استنباط أحكام النوازل‪.‬‬
‫أمر ال ينكره أحدٌ‬
‫إن الضعف العام عند العلامء املعارصين ٌ‬
‫درس الفقه وأصوله‪ ،‬ووقف عىل رشوط الفقيه املجتهد‪ ،‬ونظر‬
‫أنصاف املتعلمني مما حيصل به الفساد للدين والدنيا‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪« :‬قال بعض الناس‪ :‬أكثر ما يفسد الدنيا‪ :‬نصف‬
‫متكلم‪ ،‬ونصف متفقه‪ ،‬ونصف متط ِّبب‪ ،‬ونصف نحوي‪ ،‬هذا‬
‫يفسد األديان‪ ،‬وهذا يفسد البلدان‪ ،‬وهذا يفسد األبدان‪ ،‬وهذا‬
‫يفسد اللسان»(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬صفة الفتوى (‪.)169‬‬


‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)119-118/5‬‬

‫‪53‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫ومما خيفف ويسدُّ شيئا من هذا الضعف االلتزام بالتخريج‬


‫الفقهي املذهبي؛ لكونه أسهل كام سبق؛ وألمور أخرى منها‪:‬‬
‫املخرجة عليه‪ ،‬والتي جعلت أصال يقاس‬
‫َّ‬ ‫األول‪ :‬إن املسألة‬
‫وخيرج عليه‪ ،‬املستنبطة من قبل اإلمام أو أصحابه عىل أصوله‬
‫َّ‬
‫وقواعده‪ ،‬قد ضبطت من قبل أوئلك األعالم‪ ،‬ون ُِّزل الفرع موافقا‬
‫ملقتضاها‪ ،‬فإذا أحلقت النازلة هبا إحلاقا صحيحا‪ ،‬فإهنا تكون مثل‬
‫املخرج عليه‪ ،‬مضبوطة بضوابط املذهب وقواعده وأصوله‬
‫َّ‬ ‫أصلها‬
‫املخرج عليه‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ويراعى منها كذلك لوازم األصل‬
‫ويف ضبط األصل ضبط للفرع‪ ،‬يقول الغزايل‪« :‬وال مطمع يف‬
‫اإلحاطة بالفرع وتقريره‪ ،‬واالطالع عىل حقيقته إال بعد متهيد‬
‫األصل وإتقانه؛ إذ مثار التخبط يف الفروع ينتج عن التخبط يف‬
‫األصول»(‪.)1‬‬
‫الثاين‪ :‬البعد عن األقوال الضعيفة والشاذة‪ ،‬وتتبع الرخص‪،‬‬
‫أو البعد عن التشديد املجاف للعدل والوسط؛ وذلك ألن أصول‬
‫املذاهب متنع ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬املنخول (‪.)59‬‬

‫‪54‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫وقال ابن الصالح‪« :‬واعلم أن من يكتفي بأن يكون يف فتياه أو‬


‫عمله موافقا لقول أو وجه يف املسألة‪ ،‬ويعمل بام شاء من األقوال‬
‫أو الوجوه من غري نظر يف الرتجيح‪ ،‬وال تق ريد به‪ ،‬فقد جهل‬
‫وخرق اإلمجاع»(‪.)1‬‬
‫وقال ابن تيمية‪ ...« :‬فام أكثر ما حيكى عن األئمة ما ال حقيقة‬
‫له‪ ،‬وكثري من املسائل خيرجها بعض األتباع عىل قاعدة متبوعة‪،‬‬
‫مع أن ذلك اإلمام لو رأى أهنا تفيض إىل ذلك ملا التزمها‪ ،‬والشاهد‬
‫يرى ما ال يرى الغائب»(‪.)2‬‬
‫الثالث‪ :‬البعد عن التلفيق بني املذاهب واألقوال؛ ألن من‬
‫التزام مذهبا معينا يف إحلاق النازلة يكون من أبعد الناس عن‬
‫التلفيق‪ ،‬ملا سبق ذكره قبل أسطر‪ ،‬من منقول ابن الصالح‪ ،‬بأن‬
‫البناء يكون عىل الراجح من املذهب‪.‬‬

‫(‪ )1‬أدب الفتوى (‪ ،)111‬وينظر‪ :‬اإلحكام يف متييز الفتاوى عن األحكام (‪،)92‬‬


‫وإعالم املوقعني (‪ ،)211/4‬وروضة الطالبني للنووي (‪.)110/11‬‬
‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)92/6‬‬

‫‪55‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املبحث الرابع‪:‬‬

‫معوقات التخريج الفقهي العصري‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫ال شك َّ‬
‫أن طريق االجتهاد طريق ليس بالسهل‪ ،‬والواجب عىل‬
‫املجتهد بذل وسعه يف درك احلكم الرشعي‪ ،‬وثمة عوائق اليوم‬
‫تقف يف طريق الناظر يف النوازل‪ ،‬أسلط الضوء عليها – فيام ظهر‬
‫يل – متجاوزا ما يقابل ذلك مما تيرس هلم بفضل اهلل ثم التقنيات‬
‫احلديثة‪ ،‬وهذه العوائق هي‪:‬‬
‫املعوق األول‪ :‬تدخل السياسة العاملية يف إحداث أمر أو‬
‫ِّ‬
‫إخفائه‪ ،‬مع تضليل اإلعالم‪ ،‬مما يمنع بيان حقيقة األمر‪ ،‬وخروج‬
‫النازلة عىل مراد الساسة‪.‬‬
‫ومتى كان اخللل يف التصور موجودا‪ ،‬فام ُبني عليه باطل‪،‬‬
‫جر بيان أمهية التصور الصحيح‪ ،‬وطرق إثباته‪،‬‬
‫ولست بحاجة إىل ِّ‬
‫فالتكييف ال بد َّ‬
‫أن يكون سليام مطابقا للوا قع‪ ،‬فإن نقص التصور‬
‫أو الزيادة فيه حيدث فارقا يمنع إحلاق النازلة بمنصوص اإلمام أو‬
‫تـخريج أصحابه‪.‬‬
‫املعوق الثاين‪ :‬عدم وضع كفاءات علمية يف املناصب الرشعية‪،‬‬
‫سواء كان يف دور اإلفتاء‪ ،‬أو الوزارات واإلدارات العليا‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫وقد قال ابن تيمية ‪- ، ‬وهو أمر مسلم‪ ،‬لكن قوله داللة‬
‫عىل أثر هذا العمل‪ ،-‬قال‪« :‬املنصب والوالية ال جيعل من ليس‬
‫عاملا جمتهدا‪ :‬عاملا جمتهدا»(‪.)1‬‬
‫ونحن نرى اليوم من حيمل شهادة علم َّية عالية يف ختصصه وهو‬
‫قليل البضاعة يف ختصصه‪ ،‬ويكون من هو أقل درجة أكفأ منه‪.‬‬
‫املعوق الثالث‪ :‬جتزؤ طلبة العلم يف ختصصاهتم الرشعية‪ ،‬مع‬
‫إمهال شديد يف العلوم األخرى‪ ،‬فخرج لنا أشباه طلبة علم‪ ،‬وقد‬
‫قيل فيمن هم أقدر منهم وهم أنصاف العلامء «نعوذ باهلل من‬
‫نصف متكلم‪ ،‬ونصف طبيب؛ فذلك يفسد الدين‪ ،‬وهذا يفسد‬
‫احلياة يف الدنيا»(‪.)2‬‬
‫املعوق الرابع‪ :‬تعدد املذاهب يف النظر يف النازلة يف اهليئات‬
‫الرشعية الرسمية‪ ،‬وجمامع الفقه‪ ،‬ومن غلبت حجته وحلنه‬
‫ُخ ِّرجت النازلة عىل مذهب إمامه‪.‬‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)296/27‬‬


‫(‪ )2‬ميزان العمل (ص‪ ،)261‬وينظر‪ :‬جمموع الفتاوى (‪.)119-118/5‬‬

‫‪60‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املخرج‬
‫ِّ‬ ‫املعوق اخلامس‪ :‬تسارع األحداث والوقائع‪ ،‬حتى إن‬
‫ال يستطيع أن يستويف النظر يف املسألة األوىل حتى تظهر واقعة‬
‫أخرى‪ ،‬كام أن السابقة يطرأ عليها تغريات توجب جتديد النظر‬
‫واالجتهاد فيها‪ ،‬وبسبب هذا التسارع‪ ،‬يقع التقصري يف استيفاء‬
‫النظر‪ ،‬سواء يف النظائر املشاهبة يف أقواهلا أو أدلتها‪ ،‬أو أصول‬
‫وقواعد املذهب بعد النظر يف األدلة املؤثرة يف حكمها‪.‬‬
‫قال ابن القيم‪« :‬فكثريا ما يقع غلط املفتي يف هذا القسم‪،‬‬
‫فاملفتي ترد إليه املسائل يف قوالب متنوعة جدا‪ ،‬فإن مل يتفطن حلقيقة‬
‫السؤال وإال هلك وأهلك‪ ،‬فتارة تورد عليه املسألتان صورهتام‬
‫واحدة وحكمهام خمتلف‪ ،‬فصورة الصحيح واجلائز صورة الباطل‬
‫واملحرم‪ ،‬وخيتلفان باحلقيقة‪ ،‬فيذهل بالصورة عن احلقيقة فيجمع‬
‫بني ما فرق اهلل ورسوله بينه‪ ،‬وتارة تورد عليه املسألتان صورهتام‬
‫خمتلفة وحقيقتهام واحدة وحكمهام واحد‪ ،‬فيذهل باختالف الصورة‬
‫عن تساوهيام يف احلقيقة‪ ،‬فيفرق بني ما مجع اهلل بينه‪ ،‬وتارة تورد عليه‬
‫املسألة جمملة حتتها عدة أنواع فيذهب ومهه إىل واحدة منها‪ ،‬ويذهل‬

‫‪61‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫عن املسئول عنه منها‪ ،‬فيجيب بغري الصواب‪...‬وأكثر الناس‬


‫نظرهم قارص عىل الصورة ال يتجاوزوهنا إىل احلقائق‪ ،‬فهم حمبوسون‬
‫يف سجن األلفاظ مقيدون بقيود العبارات»(‪.)1‬‬
‫وقال ابن تيمية‪...« :‬فأما من حكى خالفا يف مسألة ومل‬
‫يستوعب أقوا ل الناس فيها فهو ناقص‪ ،‬إذ قد يكون الصواب يف‬
‫الذي تركه»(‪.)2‬‬
‫وقال رمحه اهلل‪« :‬كثري من املنتسبني إىل العلم والدِّ ين قارصون‬
‫أو مقرصون يف معرفة ما جاء به من الدالئل السمعية‬
‫والعقلية»(‪.)3‬‬
‫املعوق السادس‪ :‬حماكاة الغرب وتقليدهم‪ ،‬وفرض ثقافتهم‪،‬‬
‫وطريقة حياهتم يف جوانب التجارة‪ ،‬والصناعة‪ ،‬والزراعة‪...‬‬
‫إلخ‪ ،‬وغري ذلك مما أدى إىل استجالب معامالت أجنبية وافدة مع‬

‫(‪ )1‬إعالم املوقعني (‪.)193/4‬‬


‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)368/13‬‬
‫(‪ )3‬املرجع السابق (‪.)251 /16‬‬

‫‪62‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫مصطلحات دخيلة‪ ،‬وحماولة التكلف يف ترشيعها‪ ،‬مع ما يف‬


‫بعضها من مقصود وأسس فاسدة‪ ،‬باإلضافة إىل خروج كثري من‬
‫النوازل عن نظائرها السابقة‪ ،‬وحاجتها إىل نظر واجتهاد جديد‪،‬‬
‫وخترجيها عىل أصول وقواعد اإلمام‪ ،‬وهذه ‪-‬كام سبق‪ -‬مرحلة‬
‫تالية حتتاج إىل النظر إىل األدلة وبيان أثر أصول اإلمام فيها‪.‬‬
‫وقال ابن القيم بعد ذكره لبعض صور الرهان «الصواب أن هذا‬
‫العقد مستقل بنفسه‪ ،‬له أحكام يتميز هبا عن سائر هذه العقود‪ ،‬فال‬
‫تؤخذ أحكامه منه»(‪.)1‬‬
‫لذا كان الشاطبي يرى َّ‬
‫أن‪« :‬كل صورة من صور النازلة‪ ،‬نازلة‬
‫مستأنفة يف نفسها‪ ،»...‬فتحتاج إىل نظر جديد‪.‬‬
‫املعوق السابق يف جوانب‪ ،‬وألمهيته‬
‫املعوق السابع‪ :‬وهو يتبع ِّ‬
‫املعوق هو‪ :‬تغري األعراف وتبدهلا الرسيع بسبب‬
‫ِّ‬ ‫أفردته‪ ،‬وهذا‬
‫أجهزة التواصل احلديثة‪ ،‬حتى أصبح العا َلـم كالقرية الواحدة‪ ،‬بل‬
‫إن الغرب بأدواته وتقنياته حياول فرض تقاليده وعاداته‪ ،‬ومن‬

‫(‪ )1‬الفروسية (ص‪.)81‬‬

‫‪63‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫تلك العادات ما يمكن اإلفادة منها‪ ،‬وكثري منها معاويل هدم‪ ،‬وإنا‬
‫هلل وإنا إليه راجعون‪ ،‬بل أصبحت الدول حمكومة يف معامالهتا‬
‫بمنظامت دول َّية عاملية جتارية وصح َّية وغري ذلك‪ ،‬وتلتزم الدول‬
‫بقوانني وسياسات هذه املنظامت‪ ،‬ومن مل يدرك واقع هذه األمور‬
‫فإنه غري قادر عىل تنزيل احلكم الصحيح‪ ،‬فال بد من معرفة‬
‫األعراف الدولية‪ ،‬ال جلعلها حاكمة‪ ،‬بل ملراعاهتا عند احلكم‪،‬‬
‫فقد تنزل منزلة الرضورة أو احلاجة العامة‪ ،‬فيستثنى احلكم‬
‫بسببها‪ ،‬أو جيد احلاكم خمرجا للمكلفني من سطوة هذه األعراف‪.‬‬
‫وهذا يتطلب النظر يف أثر العرف‪ ،‬وترك بعض االجتهادات‬
‫املستنبطة من األئمة واملخرجني‪ ،‬املبنية عىل العرف؛ إذ إن قواعد‬
‫املذاهب تراعي ذلك‪.‬‬
‫قال القرايف‪« :‬فمهام جتدد العرف اعتّبه‪ ،‬ومهام سقط أسقطه‪،‬‬
‫وال جتمد عىل املسطور يف الكتب طول عمرك‪.)1(»...‬‬
‫وع َّلق عليه ابن القيم‪ ،‬وقال‪« :‬وهذا حمض الفقه‪ ،‬ومن أفتى‬

‫(‪ )1‬الفروق (‪.)321/1‬‬

‫‪64‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫الناس بمجرد املنقول يف الكتب عىل اختالف عرفهم وعوائدهم‪،‬‬


‫وأزمنتهم وأحواهلم‪ ،‬وقرائن أحواهلم‪ ،‬فقد ضل وأضل»(‪.)1‬‬
‫وإنام يتبع العرف املعتّب‪ ،‬والبعد عن املحرم ما استطاع إليه‬
‫سبيال‪ ،‬فإن كان مضطرا للعمل به‪ ،‬فدور الناظر إجياد املخرج‬
‫السليم‪ ،‬والرخصة املعتّبة‪ ،‬ورحم اهلل اإلمام سفيان حني قال يف‬
‫ضابط تلك الرخصة‪« :‬إنام العلم عندنا الرخصة من ثقة‪ ،‬فأما‬
‫التشديد فيحسنه كل أحد»(‪.)2‬‬
‫املعوق الثامن‪ :‬وهو متعلق بأصول اإلمام‪ ،‬وهي بحاجة إىل‬
‫معرفة تامة من أئمة املذهب بعيدة عن أصول املتكلمني‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم عن املتكلمني‪« :‬صنفوا يف أصول الفقه‪- ،‬‬
‫وهو علم مشرتك بني الفقهاء واملتكلمني‪ ،-‬فبنوه عىل أصوهلم‬
‫الفاسدة»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬إعالم املوقعني (‪.)78/3‬‬


‫(‪)2‬ينظر‪ :‬املجموع (‪ ،)76 /1‬وصفة املفتي (‪ ،)32‬روضة الطالبني (‪،)110 /11‬‬
‫وإعالم املوقعني (‪ ،)282 /4‬سنن الدارمي (‪.)60 ،57 /1‬‬
‫(‪ )3‬االستقامة (‪.)50/1‬‬

‫‪65‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫وقال ‪« :‬وكذلك أهل املذاهب األربعة وغريها‪ ،‬السيام‬


‫وكثري منهم قد تلبس ببعض املقاالت األصول َّية‪ ،‬وخلط هبذا ‪،‬‬
‫فاحلنبيل والشافعي واملالكي خيلط بمذهب مالك والشافعي وأمحد‬
‫شيئا من أصول األشعر َّية والسامل َّية وغري ذلك‪ ،‬ويضيفه إىل‬
‫مذهب مالك والشافعي وأمحد‪ ،‬وكذلك احلنفي خيلط بمذهب أيب‬
‫والكرام َّية والكالب َّية‪ ،‬ويضيفه إىل‬
‫َّ‬ ‫حنيفة شيئا من أصول املعتزلة‬
‫مذهب أيب حنيفة» (‪.)1‬‬
‫وقد حاول بعض العلامء تنقية أصول املذهب عن أصول‬
‫املتكلمني‪ ،‬وكثريا ما كان يفصل الشريازي بني مذهب الشافعي‬
‫ومذهب األشاعرة‪ ،‬بقوله‪« :‬وقالت األشعرية»(‪.)2‬‬
‫ومثله ابن السمعاين يف قواطعه‪ ،‬فقد ذكر من أسباب تأليفه‬
‫لكتابه قواطع األدلة ما رآه من بعض أصحابه من كونه «حاد عن‬
‫حمجة الفقهاء يف كثري من املسائل‪ ،‬وسلك طريق املتكلمني الذين‬
‫هم أجانب عن الفقه ومعانيه‪ ،‬بل ال قبيل هلم فيه وال دبري‪ ،‬وال‬

‫(‪ )1‬منهاج السنة (‪.)261/5‬‬


‫(‪ )2‬التبرصة (‪.)173 ، 105، 99، 66 ، 27 ، 22‬‬

‫‪66‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫نقري وال قطمري»(‪.)1‬‬


‫ومن األمور املتعلقة هبذا العائق من عوائق التخريج دعوى‬
‫املتكلمني أهنم ال ينظرون يف التأصيل إىل خصوص املذاهب‪،‬‬
‫وذمهم ختريج األصول من الفروع(‪.)2‬‬
‫يقول اجلويني‪...« :‬ثم إنَّا نجري ذكر هذه األمثلة هتذيبا‬
‫لألصول وتدريبا فيها‪ ،‬وإال فحق األصويل أال يلتفت إىل مذاهب‬
‫أصحاب الفروع‪ ،‬وال يلتزم مذهبا خمصوصا يف املسائل املظنونة‬
‫الرشع َّية»(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬قواطع األدلة (‪.)6/1‬‬


‫(‪ )2‬ينظر اجلامع البهيج (‪.)112 -111 ،108‬‬
‫(‪ )3‬الربهان (‪.)534/2‬‬
‫‪67‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ختريج بعض نوازل كورونا‬

‫وفيه مبحثان‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬التعريف بـــ (وباء كورونا ‪-‬كوفيد‪)19‬‬


‫والتكييف الفقهي حلكمه‬
‫َّ‬
‫املبحث الثاني‪ :‬نوازل من كورونا خمرجة على أصول‬
‫َّ‬
‫إمام معين‬

‫‪69‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املبحث األول‪:‬‬

‫التعريف بـ ـ (وباء كورونا ‪-‬كوفيد‪)19‬‬


‫والتكييف الفقهي حلكمه‬

‫‪71‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫القصد من التعريف هبذا الفايروس‪ ،‬وهذا الوباء تصوره‪ ،‬ليتم‬


‫احلكم عليه بام تقتضيه األدلة الرشعية‪ ،‬والقواعد املرعية‪،‬‬
‫وسأكتفي بام ذكرته منظمة الصحة العاملية‪ ،‬وما ذكر يف مقدمات‬
‫قرار جممع الفقه اإلسالمي‪ ،‬وهيئة كبار علامء اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬ليعرف ما بنوا عليه أحكامهم‪.‬‬
‫وقبل ذلك ين َّبه إىل َّ‬
‫أن كثريا من نوازل كورونا يف جانب‬
‫معامالت الناس كانت نتيجة لإلجراءات االحرتازية التي اختذهتا‬
‫الدول‪ ،‬كمنع التجول والسفر‪ ،‬وما يتعلق باشرتاطات التحصني‬
‫إىل غري ذلك‪ ،،‬فهي آثار مرتتبة عىل وجود هذه اجلائحة‪ ،‬وعليه‬
‫فإن التوصيفات اآلتية ينظر باعتبارها رضورة أو حاجة عامة‬
‫اقتضت رشعية اإلجراءات االحرتازية ألصحاب القرار‪ ،‬فهي‬
‫مانع ومؤثر حقيقي أو حكمي يف كثري من املعامالت‪ ،‬أما‬
‫العبادات فالتوصيف املذكور اآليت مؤثر يف حكم أكثرها مبارشة‪،‬‬
‫وفيام يأيت توصيفاهتم‪:‬‬
‫ورد يف موقع منظمة الصحة العاملية يف وصف مرض كوفيد‪-‬‬
‫‪ 19‬أنه‪« :‬مرض معد يسببه آخر فريوس تم اكتشافه من ساللة‬
‫‪73‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫فريوسات كورونا‪ .‬ومل يكن هناك أي علم بوجود هذا الفريوس‬


‫اجلديد ومرضه قبل بدء تفشيه يف مدينة ووهان الصينية يف كانون‬
‫حتول كوفيد‪ 19-‬اآلن إىل جائحة‬
‫األول‪ /‬ديسمّب ‪ .2019‬وقد ر‬
‫تؤثر عىل العديد من بلدان العامل»‪.‬‬
‫‪.‬‬

‫وذكروا من أعراضه‪« :‬احلمى واإلرهاق والسعال اجلاف‪،‬‬


‫وتشمل األعراض األخرى األقل شيوعا ولكن قد ُيصاب هبا‬
‫بعض املرىض‪ :‬اآلالم واألوجاع‪ ،‬واحتقان األنف‪ ،‬والصداع‪،‬‬
‫والتهاب امللتحمة‪ ،‬وأمل احللق‪ ،‬واإلسهال‪ ،‬وفقدان حاسة الذوق‬
‫أو الشم‪ ،‬وظهور طفح جلدي أو تغري لون أصابع اليدين أو‬
‫القدمني‪ .‬وعادة ما تكون هذه األعراض خفيفة وتبدأ بشكل‬
‫تدرجيي‪ .‬ويصاب بعض الناس بالعدوى دون أن يشعروا إال‬
‫بأعراض خفيفة جدا‪.‬‬
‫ويتعاىف معظم الناس (نحو ‪ )%80‬من املرض دون احلاجة إىل‬
‫عالج خاص‪ .‬ولكن األعراض تشتد لدى شخص واحد تقريبا‬
‫من بني كل مخسة أشخاص مصابني بمرض كوفيد‪ 19-‬فيعاين من‬

‫‪74‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫صعوبة يف التنفس‪ .‬وتزداد خماطر اإلصابة بمضاعفات وخيمة بني‬


‫املسنني واألشخاص املصابني بمشاكل صحية أخرى مثل ارتفاع‬
‫ضغط الدم أو أمراض القلب والرئة أو السكري أو الرسطان‪ .‬وينبغي‬
‫جلميع األشخاص‪ ،‬أيا كانت أعامرهم‪ ،‬التامس العناية الطبية فورا إذا‬
‫أصيبوا باحلمى أو السعال املصحوبني بصعوبة يف التنفس وضيق‬
‫النفس وأمل أو ضغط يف الصدر أو فقدان القدرة عىل النطق أو احلركة‪.‬‬
‫ويوىص‪ ،‬قدر اإلمكان‪ ،‬باالتصال بالطبيب أو بمرفق الرعاية الصحية‬
‫مسبقا‪ ،‬ليتسنى توجيه املريض إىل العيادة املناسبة»‪.‬‬
‫وجاء يف قرار جممع الفقه اإلسالمي الدويل تصوير هذا الوباء‬
‫بأنه‪ :‬مرض الفريوس التاجي ‪ 2019‬املعروف اختصارا بكوفيد‬
‫‪ 19‬هو التهاب يف اجلهاز التنفيس بسبب فريوس تاجي جديد‪،‬‬
‫وقد أعلنت منظمة الصحة العاملية رسميا أن هذا الوباء جائحة‬
‫عاملية يف ‪ 11‬مارس ‪2020‬م‪ ،....،‬وأما انتقاله من إنسان آلخر‬
‫فقد ثبت أنه واسع االنتشار‪ .‬وترتاوح العدوى بني حامل‬
‫الفريوس من دون أعراض إىل أعراض شديدة‪ .‬تشمل احلمى‬
‫والسعال وضيق التنفس (يف احلاالت املتوسطة إىل الشديدة)؛ قد‬
‫‪75‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫يتطور املرض خالل أسبوع أو أكثر من معتدل إىل حاد‪ .‬ونسبة‬


‫كبرية من احلاالت املرضية حتتاج إىل عناية رسيرية مركزة؛ ومعدل‬
‫الوفيات بني احلاالت املشخصة بشكل عام حوايل ‪ %2‬إىل ‪%3‬‬
‫ولكنها ختتلف حسب البلد وشدة احلالة‪ .‬وال يوجد لقاح متاح‬
‫ملنع هذه العدوى‪ .‬وتبقى تدابري مكافحة العدوى هي الدعامة‬
‫األساسية للوقاية (‪ ،)1‬واملعرفة هبذا املرض غري مكتملة وتتطور‬
‫مع الوقت؛ عالوة عىل ذلك‪ ،‬فمن املعروف أن الفريوسات‬
‫التاجية تتحول وتتجمع يف كثري من األحيان‪ ،‬وهذا يمثل حتديا‬
‫مستمرا لفهم املرض وكيفية مواجهته (‪.)2‬‬
‫وجاء يف صدر فتيا هيئة كبار العلامء يف اململكة العربية‬
‫السعودية بتاريخ ‪1441-7-22‬ـه‪ ،‬ورقم (‪ ،)247‬ما ييل‪:‬‬
‫«احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل نبينا حممد‬
‫وعىل آله وصحبه أمجعني‪ .‬أما بعد‪:‬‬

‫(‪ )1‬ذكروا من التدابري‪ :‬غسل اليد وكظم السعال‪ ،‬والتباعد اجلسدي للذين يعتنون‬
‫باملرىض باإلضافة إىل ما يسمى بالتباعد االجتامعي بني الناس‪.‬‬
‫(‪http://www.iifa-aifi.org/5254.html )2‬‬

‫‪76‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫فقد اطلعت هيئة كبار العلامء يف دورهتا االستثنائية اخلامسة‬


‫والعرشين املنعقدة بمدينة الرياض يوم الثالثاء بتاريخ ‪-7-22‬‬
‫‪1441‬ـه عىل ما يتعلق بجائحة كورونا‪ ،‬ورسعة انتشارها‪ ،‬وكثرة‬
‫الوفيات هبا‪ ،‬واطلعت عىل التقارير الطبية املوثقة املتعلقة هبذه‬
‫اجلائحة املشمولة بإيضاح معايل وزير الصحة لدى حضوره يف هذه‬
‫اجللسة التي أكدت عىل خطورهتا املتمثلة يف رسعة انتقال عدواها‬
‫بني الناس بام هيدد أرواحهم‪ ،‬وما بينه معاليه من أنه ما مل تكن‬
‫هناك تدابري احرتازية شاملة دون استثناء فإن اخلطورة ستكون‬
‫متضاعفة مبينا أن التجمعات تعتّب السبب الرئيس يف انتقال‬
‫العدوى»(‪.)1‬‬
‫من خالل النقل السابق يتبني ما ييل‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه مرض يصيب اجلهاز التنفيس بالتهاب شديد‪ ،‬وكثري من‬
‫احلاالت املرضية حتتاج إىل عناية رسيرية مركزة‪ ،‬وعند كتابة هذه‬
‫األسطر بدأنا بحمد اهلل نسمع بحاالت شفاء كثرية‪.‬‬

‫(‪https:\\www.spa.gov.sa )1‬‬

‫‪77‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫‪ -2‬أنه رسيع وواسع االنتشار‪.‬‬


‫‪ -3‬أنه معد‪ ،‬وقد ال تظهر أعراضه‪.‬‬
‫‪ -4‬أنه ال يوجد له لقاح متاح حتى اآلن‪.‬‬
‫وهبذا املعطيات يدور تكييف هذا الوباء عىل أنه‪:‬‬
‫مرض معدر ‪ ،‬ويأخذ أحكامه؛ لذا اختذت الدول تدابري‬ ‫•‬

‫ملكافحته‪ ،‬ومن تلك القرارات إغالق املساجد‪ ،‬ومنع‬


‫الصلوات املفروضات واجلمع فيها‪.‬‬
‫مرض خموف‪ ،‬فيأخذ أحكامه‪.‬‬ ‫•‬

‫مرض مما تعم به البلوى‪.‬‬ ‫•‬

‫وما سبق قابل لدراسات مؤكدة أو خمالفة له‪ ،‬وهو عىل كل‬
‫حال قد اتفقت اهليئات واملنظامت الرشعية عىل عدِّ ه عذرا‬
‫مؤثرا يف األحكام الرشعية‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املبحث الثاني‪:‬‬

‫نوازل من كورونا خمرَّجة على أصول إمام معيَّن‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬نازلة صالة العيد يف البيوت‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬ختريج نازلة التباعد بني املصلني يف الصف‬


‫الواحد‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫تمهيد‬
‫قبل بيان بعض نوازل كورونا أود التنبيه إىل أمرين‪:‬‬
‫األول‪َّ :‬‬
‫أن األوىل يف ختريج النوازل العرصية عىل املذاهب‬
‫أضبط من التخريج عىل قواعد الرشع‪ ،‬ملا سبق بيانه‪ ،‬وعليه‬
‫فيتلمس الفرع القريب الذي يمكن ختريج النازلة عليها‪ ،‬وإال‬
‫ينتقل إىل قواعد وأصول ذلك املذهب‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬ملا كان شيخ اإلسالم صاحب مذهب ضبط أصوله‪،‬‬
‫ومل تضطرب فروعه(‪ ،)1‬أردت التخريج عليه‪ ،‬وإالَّ فإن شيخ‬
‫املخرجني؛ بل ذهب املرداوي إىل درجة‬
‫ِّ‬ ‫اإلسالم ال يقل عن درجة‬
‫أعىل – وهي األليق بشيخ اإلسالم – وهو كونه جمتهدا مطلقا –‬
‫ولعله يراد املطلق املنتسب ‪ ،-‬فقد ع َّقب عىل قول النووي‪ُ «:‬ف ِقد‬
‫اآلن املجتهد املطلق‪ ،‬ومن دهر طويل‪ ...‬وقال الرافعي‪ :‬ألن‬

‫(‪ )1‬ومن ذلك قول ابن اللحام يف قواعده (‪ )18‬القاعدة األوىل‪« :‬إذ تقرر هذا فيتفرع‬
‫عىل العمل بالظن فروع كثرية ومل يطرد أصل أصحابنا يف ذلك ففي بعض‬
‫األماكن قالوا‪ :‬يعمل بالظن ويف بعضها قالوا‪ :‬البد من اليقني‪ ،‬وطرد أبو العباس‬
‫أصله وقال‪ :‬يعمل بالظن يف عامة أمور الرشع واهلل أعلم»‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫الناس اليوم كاملجمعني أن ال جمتهد اليوم»‪ ،‬قال املرداوي‪« :‬قال‬


‫ابن مفلح – ملا نقل كالمهام ‪ :-‬وفيه نظر انتهى‪ .‬وهو كام قال‪ ،‬فإنه‬
‫وجد من املجتهدين بعد ذلك مجاعة‪ ،‬منهم الشيخ تقي الدين‬
‫‪.)1(»‬‬
‫وكان شيخ اإلسالم ‪ ‬معظام لإلمام أمحد ‪ ‬عاملا بأقواله‪،‬‬
‫وأصوله وقواعده‪ ،‬وكثريا ما يشري إىل قوله وأصله‪ ،‬وتتابع علامء‬
‫احلنابلة من أهل التصحيح يف املذهب عن النقل عنه‪ ،‬كابن مقلح‬
‫واملرداوي‪ ،‬مما يقوي جعل اختياراته‪ ،‬واستنباطاته يف النوازل‬
‫ملحقة باألوجه‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن القيم أن اختيارات شيخ اإلسالم ابن تيمية تعدُّ‬
‫أوجها يف املذهب‪.‬‬
‫فقال‪« :‬وأقل درجات اختياراته أن يكون وجها يف املذهب‪،‬‬
‫ومن املمتنع أن يكون اختيار ابن عقيل وأيب اخلطاب‪ ،‬والشيخ أيب‬
‫حممد وجوها ُيفتى هبا‪ ،‬واختيارات شيخ اإلسالم ال تصل إىل هذه‬

‫(‪ )1‬التحبري رشح التحرير (‪)4069 -4068/8‬‬

‫‪82‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫املرتبة !!»(‪.)1‬‬
‫وقال أيضا‪« :‬وال خيتلف عاملان متحليان باإلنصاف أن‬
‫اختيارات شيخ اإلسالم ال تتقارص عن اختيارات ابن عقيل وأيب‬
‫اخلطاب‪ ،‬بل وشيخهام أيب يعىل‪ ،‬فإذا كانت اختيارات هؤالء‬
‫وأمثاهلم وجوها ُيفتى هبا يف اإلسالم‪ ،‬وحيكم هبا احلكام‪،‬‬
‫فالختيارات شيخ اإلسالم أسوة هبا‪ ،‬إن مل ترجح عليها»(‪.)2‬‬

‫│‬

‫(‪ )1‬الصواعق املرسلة (‪.)624/2‬‬


‫(‪ )2‬إعالم املوقعني (‪.)90/4‬‬

‫‪83‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫املطلب األول‪ :‬نازلة صالة العيد يف البيوت‪.‬‬

‫تكلم شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ‬عن اشرتاط اإلقامة‬


‫واالستيطان لصاليت اجلمعة والعيدين‪ ،‬ويمكن أن تكون فتياه فيها‬
‫أصال يقاس عليه فرع نازلة صالة العيد يف البيوت‪ ،‬وتلخيص رأي‬
‫شيخ اإلسالم ابن تيمية – رمحه اهلل – يف األصل املقيس عليه جيمل‬
‫يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬جعل صالة العيد من جنس صالة اجلمعة‪ ،‬وقد قال‪:‬‬
‫«‪ ...‬فعلم أن العيد كان عندهم [أي الصحابة] من جنس اجلمعة‬
‫ال من جنس التطوع املطلق وال من جنس صالة اجلنازة»(‪،)1‬‬
‫واملذكور نوع ختريج وتكييف‪ ،‬وما بعده سيكون مبنيا عليه‪.‬‬
‫ثاني َا‪ :‬من رشوط التخريج عدم الفارق املؤثر بني الفرعني‪،‬‬
‫وقد ذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ‬أمورا كثرية جتعل العيد من‬
‫جنس اجلمعة منها‪ :‬ما سيق السؤال عنه وهو كون اإلقامة رشطا‬
‫للجمعة والعيد‪ ،‬حيث قال‪« :‬تنازع الناس يف صالة اجلمعة‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)179/24‬‬

‫‪84‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫والعيدين هل تشرتط هلام اإلقامة أم تفعل يف السفر؟»(‪ ،)1‬وقد‬


‫نسب شيخ اإلسالم رشط اإلقامة لألكثرين‪ ،‬ثم ختم األقوال‬
‫بقوله‪« :‬والصواب بال ريب هو القول األول‪ ،‬وهو أن ذلك ليس‬
‫بمرشوع للمسافر»(‪ ،)2‬أي صاليت اجلمعة والعيد‪ ،‬وذكر أدلته‪،‬‬
‫وختمها بقوله‪« :‬فقد دخل مكة عام الفتح ودخلها يف شهر رمضان‬
‫فأدرك فيها عيد الفطر ومل يصل هبا يوم العيد صالة العيد ومل ينقل‬
‫ذلك مسلم‪ .‬ومن املعلوم أهنم لو كان صىل هبم صالة العيد بمكة‬
‫مع كثرة املسلمني معه كانوا أكثر من عرشة آالف لكان هذا من‬
‫أعظم ما تتوفر اهلمم والدواعي عىل نقله‪ ،‬وكذلك بدر كانت يف‬
‫شهر رمضان وأدركه يوم العيد يف السفر ومل يصل صالة عيد يف‬
‫السفر»(‪.)3‬‬
‫وكذا من األمور التي تدل عىل أن العيد من جنس اجلمعة ما‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)177 /24‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق (‪.)178/24‬‬
‫(‪ )3‬املرجع السابق (‪.)179/24‬‬

‫‪85‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫قاله‪« :‬وأيضا فإنه مل يكن أحد يصيل صالة العيد باملدينة إال معه‪،‬‬
‫كام مل يكونوا يصلون اجلمعة إال معه‪ ،‬وكان باملدينة مساجد كثرية‬
‫لكل دار من دور األنصار مسجد‪ ،‬وهلم إمام يصيل هبم‪ ،‬واألئمة‬
‫يصلون هبم الصلوات اخلمس‪ ،‬ومل يكونوا يصلون هبم ال مجعة وال‬
‫عيدا»‪ ،‬ثم قال ما سبق‪« :‬فعلم أن العيد كان عندهم من جنس‬
‫اجلمعة»(‪.)1‬‬
‫ثالثا‪ :‬يؤكد ابن تيمية ‪ ‬كون العيد ملحقا باجلمعة بأثر عيل بن‬
‫أيب طالب ‪ ‬أنه استخلف من يصيل العيد بالضعفاء يف املسجد‬
‫اجلامع(‪ ،)2‬وقد ذكره يف سياق بيانه أن بعض فروض الكفايات‬
‫ترشع آلحاد الناس كام ترشع جلامعتهم‪ ،‬بخالف العيد فإنه ال‬
‫يرشع إال مجاعة‪ ،‬فقال‪« :‬فلام كان االستسقاء يرشع بغري صالة وال‬
‫خطبة وآلحاد الناس مل يلحق بالعيد»(‪ ،)3‬وكذا عند عدم رشعية‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)179/24‬‬


‫(‪ )2‬أخرجه البيهقي يف سننه (‪ )434/3‬وذكر أن يف سنده أبا قيس األودي‪ ،‬وهو‬
‫خمتلف يف عدالته‪.‬‬
‫(‪)3‬جمموع الفتاوى (‪.)180/24‬‬

‫‪86‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫صالة العيد يف البيت للمرأة القادرة عىل اخلروج إىل املصىل‪ ،‬حيث‬
‫قال‪« :‬وأيضا لو كان ذلك [أي صالهتا يف بيتها] جائزا لفعله‬
‫النساء عىل عهده كام كن يصلني التطوعات‪ ،‬فلام مل ينقل أحد أن‬
‫أحدا من النساء صىل العيد عىل عهده يف البيت وال من الرجال؛‬
‫بل كن خيرجن بأمره إىل املصىل‪ ،‬علم أن ذلك ليس من‬
‫رشعه»(‪.)1‬‬
‫ووجه االستشهاد بأثر عيل ‪ ‬عىل وجوب صالهتا مجاعة‪،‬‬
‫قال ابن تيمية‪« :‬فلو كان الواحد يفعلها مل حيتج إىل االستخالف‬
‫الذي مل متض به السنة»(‪ ،)2‬وهو قد أكد ذلك من قبل بقوله‪« :‬ومل‬
‫يكن الناس يعرفون قبل عيل أن يصيل أحد العيد إال مع اإلمام يف‬
‫الصحراء‪ ،‬فإذا كانت سنة رسول اهلل ‪ ‬وخلفائه مل يكن فيها‬
‫صالة عيد إال مع اإلمام بطل أن يكون بمنزلة ما كانوا يفعلونه‬
‫وحدانا ومجاعة»(‪ ،)3‬أي كام فعل يف االستسقاء وغريه من فروض‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)181/24‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق (‪.)181/24‬‬
‫(‪ )3‬املرجع السابق (‪.)180/24‬‬

‫‪87‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫الكفايات‪ ،‬والتطوعات‪ ،‬وهو يريد التفريق بني حكمها وحكم‬


‫العيد وأن صالة العيد فرض عني كاجلمعة‪ ،‬ال من السنن وال من‬
‫فروض الكفايات‪ ،‬حيث قال‪« :‬والقول بوجوبه عىل األعيان‬
‫أقوى من القول بأنه فرض عىل الكفاية‪ .‬وأما قول من قال إنه‬
‫ثم ذكر أدلة كونه فرض عني‪.‬‬
‫تطوع فهذا ضعيف جدا»(‪َّ ،)1‬‬
‫رابعا‪ :‬اعتمد شيخ اإلسالم عىل أثر عيل ‪ ‬يف جواز صالة‬
‫العيد يف اجلامع‪ ،‬وق َّيد ذلك بمن كان عاجزا عن اخلروج إىل‬
‫املصىل‪ ،‬فقال ‪« : ‬فإن عيل بن أيب طالب ملا استخلف للناس‬
‫من يصيل العيد بالضعفاء يف املسجد اجلامع أمره أن يصيل أربع‬
‫ركعات‪ ،‬كام أن من مل يصل اجلمعة صىل أربعا»(‪ ،)2‬وقال‪ « :‬ودل‬
‫ما فعله أمري املؤمنني عيل عىل الفرق بني القادر عىل اخلروج إىل‬
‫املصىل والعاجز عنه‪ ...‬وأما من كان يوم العيد مريضا أو حمبوسا‬
‫وعادته يصيل العيد فهذا ال يمكنه اخلروج فهؤالء بمنزلة الذين‬
‫استخلف عيل ‪ ‬من يصيل هبم‪ ،‬فيصلون مجاعة وفرادى‪،‬‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)183/24‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق (‪.)180/24‬‬

‫‪88‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫ويصلون أربعا كام يصلون يوم اجلمعة بال تكبري وال جهر بالقراءة‬
‫وال أذان وإقامة؛ ألن العيد ليس له أذان وإقامة فال يكون يف املبدل‬
‫عنه‪ ...‬وأما من كان عاجزا عن شهودها مع اإلمام فهذا أهل أن‬
‫يفعل ما يقدر عليه؛ فإن الرشيعة فرقت يف املأمورات كلها بني‬
‫القادر والعاجز‪ ،‬فالقادر عليها إذا مل يأت برشوطها مل يكن له‬
‫فعلها‪ ،‬والعاجز إذا عجز عن بعض الرشوط سقط عنه‪ ،‬فمن كان‬
‫قادرا عىل الصالة إىل القبلة قائام بطهارة مل يكن له أن يصيل بدون‬
‫ذلك‪ ،‬بخالف العاجز فإنه يصيل بحسب حاله كيفام أمكنه‪ ،‬فيصيل‬
‫عريانا وإىل غري القبلة‪ ،‬وبالتيمم إذا مل يمكنه إال ذلك‪ ،‬فهكذا يوم‬
‫العيد إذا مل يمكنه اخلروج مع اإلمام سقط عنه ذلك وجوز له أن‬
‫يفعل ما يقدر عليه؛ ليحصل له من العبادة يف هذا اليوم ما يقدر‬
‫عليه‪ ،‬فيصيل أربعا‪ ،‬وتكون الركعتان بدل اخلطبة التي مل يصل‬
‫هبا‪ ،‬كام كانت اخلطبة يوم اجلمعة قائمة مقام ركعتني‪ ،‬والتكبري إنام‬
‫رشع يف الصالة الثنائية التي تكون معها خطبة‪ ،‬وكذلك اجلهر‬
‫بالقراءة‪ ،‬كام أنه يف اجلمعة جيهر اإلمام يف الثنائية وال جيهر من‬

‫‪89‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫يصيل األربع كذلك يوم العيد ال جيهر من يصيل األربع‪،‬‬


‫فاملحبوس واملريض والذي خرج ليصيل ففاتته الصالة مع اإلمام‬
‫يصلون يوم العيد‪ ،‬بخالف من تعمد الرتك‪.‬‬
‫فهذا أصل عظيم مضت به السنة يف الفرق بني اجلمعة والعيد‬
‫وقد اختلفت الرواية عن أمحد فيمن فاته العيد هل يصيل أربعا أو‬
‫ركعتني أو خيري بينهام؟ عىل ثالث روايات»(‪ )1‬انتهى‪.‬‬
‫ومن خالل هذا النص أخلص األحكام التي ختص مسألتنا‪:‬‬
‫‪ -1‬قوله يف املحبوس واملريض‪« :‬فهذا ال يمكنه اخلروج‪،‬‬
‫فهؤالء بمنزلة الذين استخلف عيل» بيان منه بتنزيل هذه املسألة‬
‫عىل أثر عيل ‪ ،‬والناس يف هذه النازلة حمبوسون بسبب احلظر‪،‬‬
‫أو حبس املسجد عنهم‪ ،‬والتنزيل ظاهر‪.‬‬
‫‪ -2‬قوله‪« :‬يصلون أربعا كام يصلون يوم اجلمعة» ظاهر أيضا‬
‫يف أن ابن تيمية ‪ ‬فهم من اجتهاد أمري املؤمنني ‪ ‬ختريج العيد‬
‫عىل اجلمعة‪ ،‬وما قيل يف سبب كوهنا أربع ركعات ملن فاتته هي‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)182-181/24‬‬

‫‪90‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫كوهنا فاتته مع اإلمام‪« :‬فيصيل أربعا‪ ،‬وتكون الركعتان بدل‬


‫اخلطبة‪ ،»..‬وفيه عدم اخلطبة؛ إذ ال جيتمع البدل واملبدل منه‪.‬‬
‫‪ -3‬ليس هناك تكبريات زوائد يف الركعات األربع‪ ،‬لقوله‪:‬‬
‫«والتكبريات إنام ترشع يف الصالة الثنائية التي تكون معها‬
‫خطبة‪.»..‬‬
‫‪ -4‬ال جيهر بالقراءة‪ ،‬لقوله‪« :‬كام أنه يف اجلمعة جيهر اإلمام يف‬
‫الثنائية‪ ،‬وال جيهر من يصيل األربع‪ ،‬كذا يوم العيد ال جيهر من‬
‫يصيل األربع»‪.‬‬
‫‪ -5‬كل األحكام السابقة ال إشكال يف التخريج – واهلل أعلم ‪-‬‬
‫فيام إذا أقيمت صالة العيد يف البلد‪ ،‬كاحلرمني – بإذن اهلل ‪.-‬‬
‫‪ -6‬ذكر ابن تيمية ‪ ‬مع املحبوس واملريض «والذي خرج‬
‫ليصيل ففاتته الصالة مع اإلمام يصلون العيد‪ ،‬بخالف من تعمد‬
‫الرتك»‪ ،‬وقد َّبني يف أن التارك املتعمد القادر إن فاتته فإهنا إىل غري‬
‫بدل‪ ،‬ويفهم منه أن غري املتعمد كاملحبوس – ولو مل تقم صالة‬
‫العيد يف بلده‪ ،‬أو يف املصليات املعتادة يف مدينته – له البدل(‪،)1‬‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)182/24‬‬

‫‪91‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫وقد قال ‪ ‬يف هذه الفتوى‪« :‬والعاجز إذا عجز عن بعض‬


‫الرشوط سقط عنه‪ .....‬فهكذا يوم العيد إذا مل يمكنه اخلروج مع‬
‫اإلمام سقط عنه ذلك‪ ،‬وجوز له أن يفعل ما يقدر عليه؛ ليحصل‬
‫له من العبادة يف هذا اليوم ما يقدر عليه»(‪ ،)1‬وهذا يستقيم عىل‬
‫فتياه بأن الصالة فرض عني‪ ،‬إذا هي واحلالة كذلك ال تسقط بفعل‬
‫البعض‪ ،‬فكيف إذا مل يفعلها أحد‪ ،‬وهي من شعائر اإلسالم‪،‬‬
‫فلعل فعلها بالبيت من باب أوىل‪ ،‬والعلم عند اهلل‪.‬‬
‫وخترجيها عىل أصل الشيخ املذكور من سقوط الواجبات ‪-‬‬
‫الرشوط ‪ -‬بالعجز‪ ،‬إذا قيل إن من رشطها األداء مع اإلمام‪ ،‬أو‬
‫سبق األداء‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫لكن عىل رأي شيخ اإلسالم ال يصلون إال أربع ركعات؛ ألهنا‬
‫تنزل منزلة اجلمعة لو عطلت يف بلد ما‪ ،‬ملا سبق؛ ألن صالة العيد‬
‫من جنس صالة اجلمعة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬قول شيخ اإلسالم‪« :‬فهذا أصل عظيم مضت به السنة‬
‫يف الفرق بني اجلمعة والعيد» راجع ‪ -‬والعلم عند اهلل ‪ -‬فيمن‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)186 -185/24‬‬

‫‪92‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫ترك العيد عمدا وهو قادر‪ ،‬فإنه ال يرشع له صالهتا؛ ألهنا ال بدل‬
‫هلا‪ ،‬بخالف اجلمعة فلها بدل وهو صالهتا ظهرا ‪َّ ،‬‬
‫دل عليه سياق‬
‫كالمه‪ ،‬كام أنه فرق بينهام يف حق املرأة بأمرها باخلروج هلا بخالف‬
‫اجلمعة‪ ،‬ومجع بني النساء والعجزة يف احلكم فأثبت احلكم هلام بأثر‬
‫عيل ‪ ‬وقاس عليه املحبوس واملريض‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬ختريج نازلة التباعد بني املصلني يف الصف الواحد‬

‫من نعم اهلل علينا ما سمعناه من فتح املساجد‪ ،‬بعد التعليق‬


‫الذي دام أكثر من شهرين بسبب جائحة كورونا‪ ،‬وهذا السامح‬
‫مرشوط باختاذ االحرتازات الوقائية‪ ،‬ومنها التباعد بني املصلني يف‬
‫الصف الواحد بام يقارب املرتين‪.‬‬
‫وبعد قراءة ما قاله شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪ ‬يف جمموع فتاويه‬
‫من املجلد الثالث والعرشين‪ ،‬حول مسألتني مها أصل هلذه النازلة‬
‫‪ -‬ومها حكم صالة اجلامعة‪ ،‬وحكم املصافة والرتاص يف صالة‬
‫اجلامعة ‪ -‬للوقوف عىل أصله عند حدوث تعارض بني املسألتني‪،‬‬
‫وتنزيل النازلة عىل ذلك األصل‪ ،‬فأقول مستعينا باهلل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أصل شيخ اإلسالم ‪ ‬الذي اعتمد عليه يمكن سوقه‬
‫عىل شكلني‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا تعارض واجبان وتعذر اجلمع بينهام قدر م أرجحهام‪.‬‬
‫قال ‪ ‬بعد أن ساق الفروع اآليت ذكرها‪« :‬وإنام الغرض‬
‫التنبيه عىل قواعد الرشيعة التي تعرفها القلوب الصحيحة‪ ،‬التي‬

‫‪94‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫دل عليها قوله تعاىل‪ :‬ﭐﱡﭐ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﱠ [التغابن‪،]16 :‬‬


‫وقوله ‪( : ‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)(‪ )1‬وأنه إذا‬
‫تعذر مجع الواجبني قدم أرجحهام‪ ،‬وسقط اآلخر بالوجه‬
‫الرشعي‪ ،‬والتنبيه عىل ضوابط من مآخذ العلامء ‪ )2(» ‬ا‪.‬ـه‬
‫‪ -2‬قياس الواجبات يف اجلامعة يف سقوطها بالعذر عىل سقوط‬
‫واجبات الصالة ذاهتا – من رشوط وأركان وواجبات – عند‬
‫العجز‪.‬‬
‫قال ‪« :‬ومن اهتدى هلذا األصل وهو أن نفس واجبات‬
‫الصالة تسقط بالعذر‪ ،‬فكذلك الواجبات يف اجلامعات ونحوها‪،‬‬
‫فقد هدى ملا جاءت به السنة من التوسط بني إمهال بعض واجبات‬
‫الرشيعة رأسا‪ ،‬كام قد يبتىل به بعضهم‪ ،‬وبني اإلرسا ف يف ذلك‬
‫الواجب حتى يفيض إىل ترك غريه من الواجبات التي هي أوكد منه‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري يف كتاب االعتصام بالسنة‪ ،‬باب االقتداء بسنن رسول اهلل ‪،‬‬
‫برقم (‪ ،)7288‬ومسلم يف كتاب احلج‪ ،‬باب فرض احلج مرة يف العمر‪ ،‬برقم‬
‫(‪.)1337‬‬
‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)249/23‬‬

‫‪95‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫عن العجز عنه‪ ،‬وإن كان ذلك األوكد مقدورا عليه‪ ،‬كام قد يبتىل‬
‫به آخرون‪ .‬فإن فعل املقدور عليه من ذلك دون املعجوز عنه هو‬
‫الوسط بني األمرين»(‪.)1‬‬
‫ثانيا‪ :‬يشري األصالن إىل أمور‪:‬‬
‫‪ -1‬أن التعارض يكون بني واجبني‪ ،‬وال يمكن اجلمع بينهام‪،‬‬
‫وقد تعارض يف مسألتنا واجبان‪ ،‬املصا َّفة والرتاص مع حتصيل‬
‫صالة اجلامعة‪ ،‬ومها واجبان عند شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬بل يرى‬
‫أن صالة اجلامعة فرض عني‪ ،‬ورشط صحة للصالة‪.‬‬
‫واملقصود أن التخريج عىل هذا األصل ال يستقيم مع القول‬
‫بأن أحدمها – صالة اجلامعة أو الرتاص ‪ -‬واجب واآلخر سنة‪ ،‬إذ‬
‫تقديم الواجب عند تعارضهام هو املتعني‪.‬‬
‫‪ -2‬ال بد أن يكون أحدمها أوكد من اآلخر‪ ،‬وشيخ اإلسالم‬
‫يشري تكرارا إىل اتفاق العلامء عىل أن صالة اجلامعة‪« :‬من أوكد‬
‫العبادات‪ ،‬وأجل الطاعات‪ ،‬وأعظم شعائر اإلسالم»(‪ ،)2‬وقال‪:‬‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)247/23‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق (‪.)222/23‬‬

‫‪96‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫«الصالة يف اجلامعات التي تقام يف املساجد من شعائر اإلسالم‬


‫الظاهرة‪ ،‬وسنته اهلادية‪ .‬كام يف الصحيح عن ابن مسعود ‪ ‬أنه‬
‫قال‪( :‬إن هذه الصلوات اخلمس يف املسجد الذي تقام فيه الصالة‬
‫من سنن اهلدى‪ ،‬وإن اهلل رشع لنبيكم سنن اهلدى‪ ،‬وإنكم لو‬
‫صليتم يف بيوتكم كام صىل هذا املتخلف يف بيته لرتكتم سنة نبيكم‪،‬‬
‫ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم‪ ،‬وما يتخلف عنها إال منافق معلوم‬
‫النفاق‪ ،‬ولقدم كان الرجل يؤتى به هيادى بني الرجال حتى يقام يف‬
‫الصف) (‪.)2(»)1‬‬
‫وحتصيل صالة اجلامعة عنده أوكد من املصا رفة والرتاص‪ ،‬قال‬
‫‪« :‬انفراد الرجل املأموم حلاجة‪ ،‬وهو ما إذا مل حيصل له مكان‬
‫يصيل فيه إال منفردا‪ ،‬فهذا قياس قول أمحد وغريه؛ ألن واجبات‬
‫الصالة وغريها تسقط باألعذار‪ ،‬فليس االصطفاف إال بعض‬
‫واجباهتا‪ ،‬فسقط بالعجز يف اجلامعة‪ ،‬كام يسقط غريه فيها‪ ،‬ويف‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم يف كتاب املساجد ومواضع الصالة‪ ،‬باب صالة اجلامعة من سنن‬
‫اهلدى‪ ،‬برقم (‪.)654‬‬
‫(‪ )2‬جمموع الفتاوى (‪.)251- 250/23‬‬

‫‪97‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫متن الصالة» (‪ ،)1‬أي داخلها من واجبات وأركان عند العجز‪.‬‬


‫وخالصة ما سبق أن نازلتنا عىل رأي شيخ اإلسالم ينظر إليها‬
‫ثم يقدم أرجحها‪ ،‬والواجبان‬
‫عند تعذر اجلمع بني الواجبني ومن ر‬
‫مها إما أن تصىل مع املصا رفة والرتاص‪ ،‬وال يكون هذا يف املسجد‬
‫بل يف البيت مجاعة‪ ،‬أو يكون السعي اىل حتصيل اجلامعة ويسقط‬
‫واجب التصاف والرتاص‪ ،‬وال شك أن شيخ اإلسالم يقدم‬
‫واجب حتصيل اجلامعة كام سبق‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬بعض الفروع التي ذكرها شيخ اإلسالم حتت هذا‬
‫األصل‪ ،‬تذكر تعضيدا هلذا األصل‪ ،‬وتقوية له‪ ،‬وخترجيا للنازلة‬
‫عليها‪ ،‬ختريج فرع عىل فرع‪ ،‬أو إحلاق نظري بنظريه‪ ،‬ومن تلك الفروع‬
‫وأكتفي بأقل اجلمع ثالث‪ ،‬ويرجع إىل املصدر ملن أراد املزيد‪:‬‬
‫‪ -1‬مسألة انفراد املأموم خلف الصف‪ ،‬فهو إما أن يصيل عىل‬
‫حاله منفردا خلف الصف ويدرك اجلامعة ويسقط عنه التصاف‪،‬‬
‫أو تفوته اجلامعة‪ ،‬ومصلحة حتصيل اجلامعة أوكد‪ ،‬ومثله ما ذكره‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)246/23‬‬

‫‪98‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫فيمن مل جيد مكان ُا إال أمام اإلمام فيصيل أمامه لتحصيل اجلامعة(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬من الفروع التي أكد عليها شيخ اإلسالم – وهو يعتّب من‬
‫أدلة هذا األصل – صالة اخلوف مجاعة‪ ،‬فقال ‪« :‬وهلذا كان‬
‫حتصيل اجلامعة يف صالة اخلوف واملرض ونحومها مع استدبار‬
‫القبلة‪ ،‬والعمل الكثري‪ ،‬ومفارقة اإلمام‪ ،‬ومع ترك املريض القيام‪:‬‬
‫أوىل»(‪.)2‬‬
‫‪ -3‬يشرتط للجامعة عدالة االمام وكون املكان ِحال‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فإن العلامء جوزوا «بل أوجبوا فعل صلوات اجلمعة‬
‫والعيدين واخلوف واملناسك ونحو ذلك خلف األئمة الفاجرين‪،‬‬
‫ويف األمكنة املغصوبة إذا أفىض ترك ذلك إىل ترك اجلمعة‬
‫واجلامعة»(‪.)3‬‬
‫│‬

‫(‪ )1‬جمموع الفتاوى (‪.)246/23‬‬


‫(‪ )2‬املرجع السابق (‪.)246/23‬‬
‫(‪ )3‬املرجع السابق (‪.)247 -246/23‬‬

‫‪99‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫خامتة‬

‫‪101‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫تتلخص نتائج البحث بالنقاط اآلتية‪:‬‬


‫التخريج الفقهي‪ :‬عملية استنباطية هتدف إىل إحلاق النوازل‬
‫بفروع املذهب أو أصوله‪.‬‬
‫وهو يشمل نوعني من أنواع التخريج‪ ،‬ومها‪ :‬ختريج الفروع‬
‫عىل الفروع‪ ،‬وختريج الفروع عىل األصول‪ ،‬وكالمها من عمل‬
‫الفقيه‪.‬‬
‫القائم بالتخريج‪ :‬هو من كان يف طبقة املخرجني‪ ،‬وقد حيصل‬
‫ممن دوهنم‪ ،‬ولكنه قليل‪ ،‬وحيصل ممن فوقهم‪ ،‬ويشرتط فيه أن‬
‫يكون قد التزم يف خترجيه مذهب إمامه‪.‬‬
‫التخريج عملية استنباطية‪ ،‬هيدف منها إحلاق ما مل ينص عليه‬
‫املخرج – بعد تصور النازلة – بالبحث عن‬
‫ِّ‬ ‫اإلمام إىل مذهبه‪ ،‬يبدأ‬
‫منصوص لإلمام‪ ،‬فإن وجد أحلق النازلة هبا‪ ،‬وينتهي بذلك‬
‫التخريج لتحقق غرضه‪ ،‬وهو إحلاق غري املنصوص عىل حكمه‬
‫خرج النازلة عىل‬
‫باملنصوص‪ ،‬وإن مل جيد منصوصا عن اإلمام َّ‬
‫قواعد وأصول إمامه‪ ،‬وال ينتقل إىل هذه املرحلة إال عند فقد‬
‫األوىل‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫التخريج الفقهي منقطع اليوم النقطاع القائم به‪ ،‬والبديل هو‬


‫االجتهاد اجلامعي يف داخل املذهب الواحد‪.‬‬
‫رغم تيرس كثري من وسائل التقنية للوصول إىل املعلومة إال َّ‬
‫أن‬
‫ثمة عوائق تعيق الناظر يف النازلة اليوم‪ ،‬تعرض البحث هلا‪.‬‬
‫تم وضع نموذجني لنوعي التخريج‪ ،‬املقصود منه بيان كون‬
‫االستنباط يف إطار املذهب الواحد أسهل وأضبط‪.‬‬
‫وما أويص به هو ما ختمت به النتائج السابقة‪ ،‬وهو العمل عىل‬
‫البديل املنشود عن التخريج الفقهي‪ ،‬وهو االجتهاد اجلامعي‬
‫داخل املذهب‪ ،‬عىل ما ذكر يف البحث من رشوط حيسن األخذ‬
‫هبا‪.‬‬
‫رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل نبيه األمني ‪‬‬
‫واحلمد هلل ِّ‬

‫‪104‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫ثبت املصادر واملراجع‬

‫‪105‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫اإلهباج يف رشح املنهاج‪ :‬لإلمام عيل بن عبدالكايف‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬


‫بريوت‪ ،‬ط‪1418 ،1‬ـه‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلحكام يف أصول األحكام‪ :‬لإلمام عيل بن حممد اآلمدي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫د‪ /‬سيد اجلمييل‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1418 ،3‬ـه‪.‬‬
‫‪ -2‬األشباه والنظائر‪ ،‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪ ،‬جالل الدين‬
‫السيوطي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1411 ،‬ـه‪.‬‬
‫‪ -3‬أصول الرسخيس‪ ،‬حممد بن أمحد بن أيب سهل شمس األئمة‬
‫الرسخيس‪ ،‬دار املعرفة ‪ -‬بريوت‪.‬‬
‫‪ -4‬إعالم املوقعني عن رب العاملني‪ ،‬حممد بن أيب بكر الشهري بابن‬
‫قيم اجلوزية‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عبد السالم إبراهيم‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪-‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1411 ،‬ـه‪.‬‬
‫‪ -5‬اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف‪ ،‬عالء الدين أيب احلسن عيل‬
‫بن سليامن بن أمحد املرداوي‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬عبد اهلل بن عبد املحسن الرتكي‪،‬‬
‫ط‪ :‬األوىل‪1415 ،‬ـه ‪1995 -‬م‪ ،‬هجر للطباعة والنرش والتوزيع‬
‫واإلعالن‪.‬‬
‫‪ -6‬البحر املحيط يف أصول الفقه‪ :‬لبدر الدين الزركيش‪ ،‬دار الكتبي‬
‫الطبعة‪ :‬األوىل‪1414 ،‬ـه ‪1994 -‬م‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫‪ -7‬الّبهان يف أصول الفقه‪ ،‬إلمام احلرمني عبد امللك بن عبد اهلل‬


‫اجلويني‪ ،‬حتقيق صالح بن حممد بن عويضة‪ ،‬دار الكتب العلمية بريوت ‪-‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة‪ ،‬األوىل ‪ 1418‬ـه ‪ 1997 -‬م‪.‬‬

‫حممد بن‬
‫ملحمد بن ر‬
‫ر‬ ‫‪ -8‬تاج العروس من جواهر القاموس‪،‬‬
‫عبدالرزاق احلسيني‪ ،‬أبو الفيض‪ ،‬املل رقب بمرتىض‪َّ ،‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬حتقيق‬ ‫ر‬
‫جمموعة من املحققني‪ ،‬النارش‪ :‬دار اهلداية‬

‫‪ -9‬التحبري يف رشح التحرير‪ :‬لعالء الدين املرداوي‪ ،‬حتقيق‪:‬‬


‫عبدالرمحن اجلّبين‪ ،‬وعوض القرين‪ ،‬وأمحد الرساح‪ ،‬مكتبة الرشد‬
‫نارشون‪( ،‬ط‪1421 ،)1‬ـه‪.‬‬

‫‪ -10‬تنقيح الفصول ورشحه‪ :‬لشهاب الدين القرايف‪ ،‬حتقيق‪ :‬طه‬


‫عبدالرؤوف‪ ،‬مكتبة الكليات األزهرية‪ ،‬ط‪1414 ،2‬ـه‪.‬‬

‫‪ -11‬دراسة حتليلية مؤصلة لتخريج الفروع عىل األصول عند‬


‫األصوليني والفقهاء‪ ،‬للدكتور جّبيل املهدي عيل ميغا‪ ،‬رسالة دكتوراه من‬
‫جامعة أم القرى (آلة)‪ ،‬نوقشت عام ‪1422-1421‬ـه‪.‬‬

‫‪ -12‬روضة الطالبني وعمدة املفتني‪ ،‬أبو زكريا حميي الدين حييى بن‬
‫رشف النووي‪ ،‬حتقيق‪ :‬زهري الشاويش‪ ،‬ط‪ :‬الثالثة‪1412 ،‬ـه ‪1991 -‬م‪،‬‬
‫املكتب اإلسالمي‪ ،‬ودار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬دمشق‪ ،‬عامن‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫‪ -13‬روضة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه‪ :‬ملوفق الدين ابن‬


‫قدامة‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪/‬عبد الكريم النملة‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫‪1416‬ـه‪.‬‬

‫‪ -14‬رشح خمترص الروضة‪ :‬لنجم الدين سليامن بن عبد القوي‬


‫الطويف‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪/‬عبد اهلل الرتكي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1419 ،2‬ـه‪.‬‬

‫‪ -15‬شفاء الغليل يف بيان الشبه واملُخيل ومسالك التعليل‪ ،‬أليب حامد‬


‫حممد بن حممد الغزايل‪ ،‬حتقيق الدكتور محد الكبييس‪ ،‬طبعة إحياء الرتاث‬
‫اإلسالمي باجلمهورية العراقية‪ ،‬نرش مكتبة ابن تيمية‪.‬‬

‫‪ -16‬الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬أليب نرص إسامعيل بن محاد‬


‫اجلوهري الفارايب‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد عبد الغفور عطار‪ ،‬دار العلم للماليني ‪-‬‬
‫بريوت‪ ،‬ط‪ ،‬الرابعة ‪ 1407‬ـه ‪ 1987 -‬م‪.‬‬

‫‪ -17‬صحيح البخاري (اجلامع الصحيح املسند من حديث رسول اهلل‬


‫‪ ‬وسننه وأيامه)‪ ،‬لإلمام احلافظ احلجة أيب عبدالله حممد بن إسامعيل بن‬
‫إبراهيم البخاري‪ ،‬ط‪ :‬األوىل ‪1417‬ـه‪1997-‬م‪ ،‬دار السالم‪.‬‬

‫‪ -18‬صحيح مسلم (اجلامع الصحيح)‪ ،‬أليب احلجاج مسلم بن‬


‫احلجاج القشريي النيسابوري‪ ،‬ط‪ :‬األوىل ‪1419‬ـه‪ ،‬دار املغني‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫‪ -19‬الفروق عند األصوليني والفقهاء دراسة تأصيلية‪ ،‬الدكتور‬


‫عبدالرمحن بن عبدالله الشعالن‪ ،‬دار التدمرية‪ ،‬الطبعة األوىل‪1436 ،‬ـه‪.‬‬

‫‪ -20‬القاموس املحيط‪ ،‬ملجد الدين أيب طاهر حممد بن يعقوب‬


‫الفريوزآبادي‪ ،‬حتقيق‪ :‬مكتب حتقيق الرتاث يف مؤسسة الرسالة‪ ،‬نرش‬
‫مؤسسة الرسالة للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬بريوت ‪ -‬لبنان‪ ،‬الطبعة‪:‬‬
‫الثامنة‪ 1426 ،‬ـه ‪ 2005 -‬م‪.‬‬

‫‪ -21‬املجموع رشح املهذب أليب زكريا حميي الدين حييى بن رشف‬


‫النووي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪ -22‬جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬أمحد بن تيم رية‪ ،‬مجع‪:‬‬
‫عبدالرمحن بن حممد بن قاسم وابنه حممد‪ ،‬دار عامل الكتب للطباعة والنرش‪،‬‬
‫‪1412‬ـه‪.‬‬

‫‪ -23‬املحصول يف علم األصول‪ :‬فخر الدين حممد بن عمر الرازي‪،‬‬


‫حتقيق‪ :‬طه جابر العلواين‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1412 ،2‬ـه‪.‬‬

‫‪ -24‬املستصفى من علم األصول‪ :‬أليب حامد حممد بن حممد الغزايل‪،‬‬


‫حتقيق‪ :‬د‪ /‬حممد سليامن األشقر‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1417‬ـه‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫‪ -25‬املسودة يف أصول الفقه‪ :‬آلل تيمية‪ ،‬مجع‪ :‬شهاب الدين أيب‬


‫العباس احلراين‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حمي الدين عبد احلميد‪ ،‬دار الكتاب العريب‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫‪ -26‬املعجم الوسيط‪ ،‬املؤلف‪ :‬جممع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬النارش‪:‬‬
‫دار الدعوة‪.‬‬
‫‪ -27‬مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ ،‬رشح‪ :‬الشيخ‬
‫حممد اخلطيب الرشبيني عىل متن منهاج الطالبني لإلمام أيب زكريا بن رشف‬
‫النووي‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -28‬املغني‪ ،‬البن قدامة‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬عبد اهلل بن عبد املحسن‬
‫الرتكي‪ ،‬ود‪ .‬عبد الفتاح حممد احللو‪ ،‬ط‪ :‬الثانية‪1412 ،‬ـه ‪1992 -‬م‪،‬‬
‫هجر للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -29‬املنخول من تعليقات األصول‪ :‬لإلمام أيب حامد الغزايل‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد حسن هيتو‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1419 ،3‬ـه‪.‬‬
‫‪ -30‬هناية السول يف رشح املنهاج‪ :‬جلامل الدين عبد الرحيم‬
‫األسنوي‪ ،‬عامل الكتب‪.‬‬
‫‪ -31‬هناية املحتاج إىل رشح املنهاج‪ ،‬شمس الدين حممد بن أيب‬
‫العباس أمحد بن محزة شهاب الدين الرميل‪ ،‬ط‪ :‬األخرية‪1404 ،‬ـه ‪-‬‬
‫‪1984‬م‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫فهرس املوضوعات‬

‫‪113‬‬
‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬ ‫│‬

‫ص‬ ‫املوضوع‬
‫‪5‬‬ ‫ملخص البحث‬
‫‪7‬‬ ‫مقدمة املركز‬
‫‪9‬‬ ‫مقدمة الباحث‬
‫‪13‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬التعريف بالتخريج ومراحله‪ ،‬وواقعه‬
‫‪15‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬تعريف التخريج الفقهي وأقسامه‪ ،‬والقائم به‬
‫‪17‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬التعريف بالتخريج الفقهي‬
‫‪20‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬أقسام التخريج الفقهي‬
‫‪29‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬القائم بالتخريج الفقهي‪ :‬مرتبته وصفاته‬
‫‪37‬‬ ‫املخرج‬
‫ِّ‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬مراحل النظر يف النازلة عند‬
‫‪45‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬واقع التخريج ومدى احلاجة إليه اليوم‬
‫‪47‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬واقع التخريج‪ ،‬والبديل املأمول‬
‫‪50‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬مدى احلاجة إىل التخريج اليوم‬
‫‪59‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬معوقات التخريج العرصي‬
‫‪71‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬ختريج بعض نوازل كورونا‬
‫‪73‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬التعريف بــ(وباء كورونا ‪-‬كوفيد‪ )19‬والتكييف الفقهي‬
‫حلكمه‬
‫‪81‬‬ ‫معني‬
‫خمرجة عىل أصول إمام َّ‬
‫املبحث الثاين‪ :‬نوازل من كورونا َّ‬
‫‪83‬‬ ‫متهيد‬
‫‪86‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬صالة العيد يف البيوت‬

‫‪115‬‬
‫│‬ ‫التخريج الفقهي العصري – الواقع واملأمول ‪-‬‬

‫ص‬ ‫املوضوع‬
‫‪96‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬التباعد بني املصلني يف الصف‬
‫‪103‬‬ ‫اخلامتة‬
‫‪107‬‬ ‫فهرس املصادر واملراجع‬
‫‪115‬‬ ‫فهرس املوضوعات‬

‫‪116‬‬
‫سلسلة قضايا فقهية معاصرة‬

‫املؤلف‬ ‫الكتاب‬ ‫م‬


‫اللجنة العلمية يف املركز‬ ‫مراحل النظر يف النازلة الفقهية‬ ‫‪1‬‬
‫اللجنة العلمية يف املركز‬ ‫اإللزام باألعامل التطوعية يف العقوبة التعزيرية‬ ‫‪2‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن حممد احلجيالن‬
‫التعزير باخلدمة االجتامعية‬ ‫‪3‬‬
‫د‪ .‬إبراهيم بن حممد قاسم امليمن‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد السالم بن حممد الشويعر‬ ‫أثر عمل املرأة يف النفقة الزوجية‬ ‫‪4‬‬
‫د‪ .‬عبد اهلل بن غدير التوجيري‬
‫أدلة القبلة اإللكرتونية‬ ‫‪5‬‬
‫د‪ .‬أمحد بن عبد اهلل اليوسف‬
‫د‪ .‬أمل بنت إبراهيم الدبايس‬ ‫التخلص من النفايات الطبية‪ :‬دراسة فقهية‬ ‫‪6‬‬
‫منتجات رشكات االتصاالت لألفراد يف اململكة العربية د‪ .‬عبد اهلل بن حممد العمراين‬
‫‪7‬‬
‫د‪ .‬حممد بن إبراهيم السحيباين‬ ‫السعودية‪ :‬دراسة فقهية تطبيقية‬
‫د‪ .‬أمل بنت إبراهيم الدبايس‬ ‫مسؤولية الشخصية االعتبارية‪ :‬دراسة فقهية‬ ‫‪8‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عياض بن نامي السلمي‬ ‫مبادئ االجتهاد يف التعزير‬ ‫‪9‬‬
‫د‪ .‬صالح بن عبد العزيز الغليقة‬ ‫تكرار صالة اجلمعة يف املسجد الواحد لضيق املكان‬ ‫‪10‬‬
‫د‪ .‬هيلة بنت عبد الرمحن اليابس‬ ‫حساب عمر احلمل عند األطباء والفقهاء‬ ‫‪11‬‬
‫د‪ .‬عبد احلكيم بلمهدي‬ ‫نوازل املال املوقوف‬ ‫‪12‬‬
‫اجلهاد‪ ،‬معناه وغاياته وتنزيل أحكامه‪ :‬دراسة تكشف‬
‫د‪ .‬خالد بن عبد الرمحن املزيني‬ ‫‪13‬‬
‫أغالط اجلامعات القتالية املعارصة‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬سليامن بن صالح الغصن‬ ‫أسباب االنحراف يف مفهوم اجلهاد ووسائل عالجه‬ ‫‪14‬‬
‫د‪ .‬أمل بنت إبراهيم الدبايس‬ ‫التقرير الطبي الكاذب‪ :‬دراسة تأصيلية‬ ‫‪15‬‬
‫د‪ .‬هيلة بنت عبد الرمحن اليابس‬ ‫الطالق الصوري‪ :‬حقيقته وحكمه يف الفقه اإلسالمي‬ ‫‪16‬‬
‫أثر علم أصول الفقه يف سن األنظمة وصياغتها وتفسري أ‪.‬د‪ .‬عبد العزيز بن عبد الرمحن‬
‫‪17‬‬
‫املشعل‬ ‫نصوصها واملوازنة بينها‬
‫املؤلف‬ ‫الكتاب‬ ‫م‬
‫د‪ .‬هيلة بنت إبراهيم التوجيري‬ ‫الصورية يف عقود التوظيف‪ :‬حقيقته وحكمه‬ ‫‪18‬‬
‫الصورية يف عقود التوظيف وعالقتها بربنامج نطاقات‪:‬‬
‫د‪ .‬عاصم بن منصور أبا حسني‬ ‫‪19‬‬
‫دراسة يف الفقه والنظام‬
‫صور مشكلة للمرابحة املرصفية قبل التعاقد‪ :‬دراسة فقهية‬
‫د‪ .‬عبد اهلل بن منصور الغفييل‬ ‫‪20‬‬
‫تطبيقية‬
‫د‪ .‬عبد املجيد بن صالح املنصور‬ ‫التكييف الفقهي إلجراءات نظام اإلفالس اجلديد‬ ‫‪21‬‬
‫معايل الشيخ عبد اهلل بن حممد آل‬
‫تنزيل األحكام عىل الوقائع القضائية والفتوية‬ ‫‪22‬‬
‫خنني‬
‫االختصاص وتنازعه بني اجلهات القضائية‪ :‬نظرة تأصيلية‬
‫الشيخ عبد امللك بن حممد اجلارس‬ ‫‪23‬‬
‫تطبيقية‬
‫مسائل يف الطهارة علل الفقهاء حكمها بأمر طبي‬
‫د‪ .‬عيسى بن سليامن العيسى‬ ‫‪24‬‬
‫ومقارنتها بالطب احلديث‬
‫د‪ .‬هناء بنت نارص األحيدب‬ ‫صناعة احليل بالطرق احلديثة وأثرها يف ربا النسيئة‬ ‫‪25‬‬
‫بيع حيل الذهب عن طريق مواقع التواصل االجتامعي‪:‬‬
‫د‪ .‬هند بنت عبد العزيز بن باز‬ ‫‪26‬‬
‫صوره وأحكامه‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد الرمحن بن عايد العايد‬ ‫الرقية عرب وسائل التواصل احلديثة‬ ‫‪27‬‬
‫د‪ .‬حاتم بن حممد بوسمة‬ ‫املقاصد الرشعية ألحكام العيوب املسوغة لفسخ النكاح‬ ‫‪28‬‬
‫د‪ .‬يارس بن إبراهيم اخلضريي‬ ‫املعاوضة يف األلعاب اإللكرتونية‪ :‬دراسة فقهية تطبيقية‬ ‫‪29‬‬
‫د‪ .‬هيلة بنت عبد الرمحن اليابس‬ ‫املعاوضات يف األلعاب اإللكرتونية‬ ‫‪30‬‬
‫د‪ .‬عبد الرمحن بن إبراهيم العثامن‬ ‫أثر األمراض الوراثية يف فسخ عقد النكاح‬ ‫‪31‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬عبد اهلل بن مبارك آل سيف‬ ‫األدوات العلمية يف التخريج الفقهي يف النوازل املعارصة‬ ‫‪32‬‬
‫الشيخ محزة مصطفى يعقوب‬ ‫تقريب الطرق الرياضية حلل املسائل الفقهية احلسابية‬ ‫‪33‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز بن إبراهيم الشبل‬ ‫خل اخلمر واستعامله يف األطعمة‪ :‬دراسة فقهية‬ ‫‪34‬‬
‫املؤلف‬ ‫الكتاب‬ ‫م‬
‫د‪ .‬هناء بنت نارص األحيدب‬ ‫تبادل اهلدايا بالقرعة‪ :‬صوره املعارصة وأحكامها‬ ‫‪35‬‬
‫د‪ .‬عبري بنت عيل املديفر‬ ‫لقطة احلرم‪ :‬رؤية فقهية معارصة‬ ‫‪36‬‬
‫د‪ .‬هتاين بنت عبد اهلل اخلنيني‬ ‫األمراض املعنوية وأثرها يف فسخ النكاح‬ ‫‪37‬‬
‫مقدمات فقه النوازل‪ :‬مدخل تأصييل تطبيقي ملقرر فقه‬
‫د‪ .‬عبد العزيز بن إبراهيم الشبل‬ ‫‪38‬‬
‫النوازل‬
‫د‪ .‬أمحد بن عبد الرمحن الرشيد‬ ‫مراعاة اخلالف يف الفتوى تأصيال وتطبيقا‬ ‫‪39‬‬
‫فسخ املرأة النكاح بالعيوب املعنوية‪ :‬مرشوعيته‪ ،‬أمثلته‪،‬‬
‫د‪ .‬إيامن بنت سالمه الطويرش‬ ‫‪40‬‬
‫ضوابطه‬
‫د‪ .‬خالد بن سعد اخلشالن‬ ‫اخللع مع استقامة احلال رؤية فقهية معارصة‬ ‫‪41‬‬
‫التحور يف املستحرضات التجميلية رؤية رشعية من خالل‬
‫د‪ .‬عادل بن حممد املطرودي‬ ‫‪42‬‬
‫الواقع الصناعي‬
‫االئتامم بإمام احلرم يف الغرف واملصليات واألسواق‬
‫د‪ .‬أمحد بن عبد اهلل الشاليل‬ ‫‪43‬‬
‫والطرقات القريبة‬
‫الشيخ‪ /‬إبراهيم بن فرهيد العنزي‬ ‫آثار جائحة كورونا عىل العقود املالية‬ ‫‪44‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬فهد بن عبد العزيز الداود‬ ‫األطعمة املشتبهة يف بالد األقليات‪ :‬قواعد وضوابط‬ ‫‪45‬‬
‫القواعد األصولية املؤثرة يف تنزيل األحكام الرشعية عىل‬
‫د‪ .‬أمل بنت عبد اهلل القحيز‬ ‫‪46‬‬
‫احلاالت املرضية‬
‫د‪ .‬بدرية بنت مشعل احلارثي‬ ‫إشكاالت األطعمة يف بالد األقليات – رؤية رشعية ‪-‬‬ ‫‪47‬‬
‫د‪ .‬عبد الرمحن بن إبراهيم العثامن‬ ‫تغرير الطبيب باملريض – دراسة فقهية ‪-‬‬ ‫‪48‬‬
‫د‪ .‬هناء بنت نارص األحيدب‬ ‫ملكية الشقق والطوابق – دراسة فقهية معارصة ‪-‬‬ ‫‪49‬‬
‫د‪ .‬هناء بنت عبد الرمحن املايض‬ ‫متويل اخلدمات‪ :‬أحكامه الرشعية وتطبيقاته املرصفية‬ ‫‪50‬‬
‫د‪ .‬هند بنت عبد العزيز ابن باز‬ ‫املسؤولية الطبية عن التغرير باملريض – دراسة فقهية ‪-‬‬ ‫‪51‬‬
‫املؤلف‬ ‫الكتاب‬ ‫م‬
‫االنحرافات املعارصة عن األحكام الرشعية الثابتة املتعلقة‬
‫د‪ .‬منال بنت حممد اخلميس‬ ‫‪52‬‬
‫باملرأة – دراسة نقدية ‪-‬‬
‫د‪ .‬حممد بن حسن آل الشيخ‬ ‫زكاة الديون اآلجلة ديون رشكات التقسيط أنموذجا‬ ‫‪53‬‬
‫املرض املخوف دراسة للضبط الفقهي يف ضوء الطب‬
‫د‪ .‬طارق بن طالل عنقاوي‬ ‫‪54‬‬
‫احلديث‬
‫ملكية الشقق والطوابق دراسة فقهية مقارنة بالنظام‬
‫السعودي مللكية الوحدات العقارية وفرزها وإدارهتا د‪ .‬عبد اهلل بن راشد الفضيل‬ ‫‪55‬‬
‫(‪)1441‬‬
‫د‪ .‬عبد الرمحن بن إبراهيم العثامن‬ ‫مرض املوت دراسة فقهية تطبيقية‬ ‫‪56‬‬
‫ملكية الشقق والطوابق األحكام الفقهية واإلجراءات‬
‫د‪ .‬أفنان بنت حممد العيل‬ ‫‪57‬‬
‫النظامية‬
‫د‪ .‬هتاين بنت عبد اهلل اخلنيني‬ ‫تقدير التعويض عن السجن خطأ‬ ‫‪58‬‬
‫د‪ .‬حممد بن هائل املدحجي‬ ‫غرامات التأخري‪ :‬تكييفها وحكم اشرتاطها‬ ‫‪59‬‬
‫د‪ .‬عيسى بن سليامن العيسى‬ ‫النوازل املتعلقة باألذان‬ ‫‪60‬‬
‫عامر بن عبد اهلل احلجاج‬ ‫إجارة العني ملن باعها إجارة منتهية بالتمليك‬ ‫‪61‬‬

You might also like