Professional Documents
Culture Documents
علاقة الأنثروبولوجيا بعلم الأحياء
علاقة الأنثروبولوجيا بعلم الأحياء
اﻟﻣﻘدﻣﺔ
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
اﻟﻣﻘدﻣﺔ:
ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻛﻌﻠم ﻣﺳﺗﻘ ّل ﺑذاﺗﮫ ،ﯾدرس اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺣﯾث ﻧﺷﺄﺗﮫ وﺗطوّ ره
وﺛﻘﺎﻓﺗﮫ ،ﻓﻣﺎ زال اﻟﻌﻠﻣﺎء ،وﻻ ﺳﯾّﻣﺎ ﻋﻠﻣﺎء اﻹﻧﺳﺎن ﯾﺧﺗﻠﻔون ﺣول ﺗﺻﻧﯾف ھذا اﻟﻌﻠم ﺑﯾن اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ..
ﻓﯾرى ﺑﻌﺿﮭم أ ّﻧﮫ ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻛﻌﻠم اﻟﻧﻔس واﻻﺟﺗﻣﺎع واﻟﺗﺎرﯾﺦ واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ .وﯾرى ﺑﻌﺿﮭم أﯾﺿﺎ ً أ ّﻧﮫ
ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ،ﻛﺎﻟرﯾﺎﺿﯾﺎت واﻟطب واﻟﻔﻠك .ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾرى ﺑﻌﺿﮭم اﻵﺧر أ ّﻧﮫ ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻛﺎﻟﻔﻠﺳﻔﺔ
واﻟﻔﻧون واﻟدﯾﺎﻧﺎت ..
ﻟﻛن ھذه اﻟﻌﻠوم ﻛﻠّﮭﺎ دﺧﻠت ﻋﻠﻰ ﻣرّ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﻟﺷﻌب ﻣﺎ ،إﻟﻰ ﺟﺳد ھذه اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ وأﺻﺑﺣت ﺟزءاً ﻣﻧﮭﺎ ،
وﻣﻛوّ ﻧﺎ ً ﻣن ﻣﻛوّ ﻧﺎﺗﮭﺎ ،اﻷﻣر اﻟذي أدى ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ إﻟﻰ اﺧﺗﻼف اﻟﺛﻘﺎﻓﺎت ﺑﯾن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ .وﻣن ھﻧﺎ
ﻛﺎن ﻋﻠم اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ،ذا ﺻﻠﺔ ﺑﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌﻠوم أﺧرى.
ﻓﻌﻠم اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ اﺿطرّ اﻟﻣرة ﺗﻠو اﻟﻣرّ ة ،إﻟﻰ اﻻﻧﺗظﺎر رﯾﺛﻣﺎ ﺗﻧﺟﺢ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﺟﻼء ﻧﻘطﺔ
ك ﻓﯾﮫ أنّ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻷﺑﺣﺎث اﻟﺗﻲ أﺟراھﺎ ﻣﻌﯾّﻧﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﺗﻲ ﺗﺟرى ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾواﻧﺎت .وﻣﻣّﺎ ﻻ ﺷ ّ
ﻋﻠﻣﺎء اﻟوراﺛﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟرذان وذﺑﺎب اﻷﺷﺟﺎر اﻟﻣﺛﻣرة ،ھﻲ اﻟﺗﻲ ﻣﮭّدت اﻟطرﯾق ﻟﻔﮭم ﻗواﻧﯾن اﻟوراﺛﺔ ﻋﻧد
اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،وﻟﺟﻼء اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﻣ ّﺗﺻﻠﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﺳﻣّﻰ )اﻟﻌروق أو اﻷﺟﻧﺎس اﻟﺑﺷرﯾﺔ ( .ﻏﯾر أ ّﻧﻧﺎ
ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى ،ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘول :إنّ اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﺗﻲ اﻛﺗﺷﻔﺗﮭﺎ اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،ﻻ ﺗﺳﺎﻋد ﻛﺛﯾراً ﻓﻲ ﻓﮭم طﺑﯾﻌﺔ
اﻟﺳﻠوك اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ،وذﻟك ﻷنّ ﻣﻌظم اﻟظﺎھرات اﻟﺳﻠوﻛﯾﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻻ ﺗﺟد ﻣﺎ ﯾﻣﺎﺛﻠﮭﺎ ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ وﺛﯾﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد
اﻟﺣﯾواﻧﻲ .
ّ
وﯾﺻدق ھذا ﺑوﺟﮫ ﺧﺎص ﻋﻠﻰ اﻟظﺎھرات اﻟﻣ ّﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ .ﻓﻣﻊ أنّ ﻋﻠﻣﺎء اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ
اﺳﺗطﺎﻋوا اﺳﺗﺧدام ﺑﻌض اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻲ طوّ رﺗﮭﺎ اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﺈ ّﻧﮭم ﻗﻠّﻣﺎ اﺿطرّ وا إﻟﻰ اﻧﺗظﺎر ﺗطوّ ر
ﻣﺛل ھذه اﻷﺳﺎﻟﯾب .واﻟواﻗﻊ أنّ إﺳﮭﺎﻣﮭم ﻓﻲ ﺗطوّ ر اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻻ ﯾﻘ ّل ﺷﺄﻧﺎ ً ﻋن إﺳﮭﺎم ھذه اﻟﻌﻠوم ﻓﻲ
ﺗطوّ ر اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ.
وﺳﻧﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗﺑﯾﺎن ﺻﻠﺔ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺔ ﺑﻌﻠم اﻷﺣﯾﺎء ،وﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع وﻋﻠم اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ،وﻋﻠم اﻟﻧﻔس ،وﻋﻠم
اﻟﺟﯾوﻟوﺟﯾﺎ واﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ،وﻧﺗرك ﺻﻠﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻷﺧرى ﻷ ّﻧﮭﺎ ﺳﺗرد ﻓﻲ اﻟﻔﺻول اﻟﻼﺣﻘﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﻋرض
ﻓروع اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ.
ﯾﺗﻧﺎول ﻋﻠم اﻷﺣﯾﺎء دراﺳﺔ اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾّﺔ ﻣن وﺣﯾد اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻷﺑﺳط ﺗرﻛﯾﺑﺎً ،وﺣﺗﻰ ﻛﺛﯾر اﻟﺧﻼﯾﺎ واﻷﻛﺛر ﺗﻌﻘﯾداً
.وﻟذﻟك ﯾﻌرّ ف ﺑﺄ ّﻧﮫ :اﻟﻌﻠم اﻟذي ﯾدرس اﻹﻧﺳﺎن ﻛﻔرد ﻗﺎﺋم ﺑذاﺗﮫ ،ﻣن ﺣﯾث ﺑﻧﯾﺔ أﻋﺿﺎﺋﮫ وﺗطوّ رھﺎ .
وﯾرﺗﺑط ﻋﻠم اﻷﺣﯾﺎء ﺑﺎﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ،وﻻ ﺳﯾّﻣﺎ ﻋﻠم وظﺎﺋف اﻷﻋﺿﺎء واﻟﺗﺷرﯾﺢ وﺣﯾﺎة اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ .وﺗدﺧل
ﻓﻲ ذﻟك ،ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطوّ ر اﻟﺗﻲ ﺗﻘول ﺑﺄن أﺟﺳﺎم أﺟﻧﺎس اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾّﺔ وأﻧواﻋﮭﺎ ووظﺎﺋف أﻋﺿﺎﺋﮭﺎ ،ﺗﺗﻐﯾّر
ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﻣﺎ داﻣت ھذه اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت ﺗﺗﻛﺎﺛر وﺗﻧﺗﺞ أﺟﯾﺎﻻً ﺟدﯾدة ،ﻗد ﺗﻛون أرﻗﻰ ﻣن اﻷﺟﯾﺎل اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﻛﻣﺎ ھﻲ
اﻟﺣﺎل ﻋﻧد اﻹﻧﺳﺎن.
ﻛﻣﺎ ﺗﺳﺗﻧد ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ إﻟﻰ أنّ اﻹﻧﺳﺎن ﺑدأ ﻛﺎﺋﻧﺎ ً ﺣ ّﯾﺎ ً ﺑﺧﻠﯾﺔ واﺣدة ،ﺗﻛﺎﺛرت ﻓﻲ إطﺎر ﺑﻧﯾﺗﮫ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،إﻟﻰ أن
اﻧﺗﮭﻰ إﻟﻰ ﻣﺎ ھو ﻋﻠﯾﮫ اﻵن ﻣن اﻟﺗطوّ ر اﻟﻌﻘﻠﻲ واﻟﻧﻔﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .وھذا ﻣﺎ دﻟّت ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻘﺎﯾﺎ ﻋظﺎم اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت
اﻟﺣﯾّﺔ اﻟﻣﻛﺗﺷﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻔرﯾﺎت اﻷﺛرﯾﺔ .
ﻓﺎﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ،ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻧظرﯾﺔ ،ﺷدﯾدة اﻟﻘرب ﻣن اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺎ ؛ ﻓﻛﻼھﻣﺎ ﯾدرس ﻋﻣﻠﯾﺔ إﻋﺎدة إﻧﺗﺎج
اﻟﺣﯾﺎة ،وﻛﻼھﻣﺎ ﻣﺑﻧﻲّ ﻋﻠﻰ ﻧﻣوذج ﻧظري ﻟﻠﺗﻧوّ ع ،وﻛ ّل ﻓﻲ ﺗﺧﺻّﺻﮫ.
ﻟﻛنّ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺣوار ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ ،أ ّدت ﻛﻣﺎ ﯾﻘول /ﻛﺎرﻟوس ﺳﺎﻓﯾدرا /إﻟﻰ أنّ اﻟﻣﺑﺎدىء اﻟﺗﻲ ﺗﺄﺳّﺳت
ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطوّ ر ﺗﺗﺑﻊ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ واﻟﻣﻧﮭﺟﯾّﺔ ،ﺗواﻟﯾﺎ ً أو ﻧﻣوذﺟﺎً ،ﯾﺳﯾر ﻣن اﻟﺛﺑﺎت إﻟﻰ اﻟﺗﻐﯾّر..
ﻓﺑﻧو اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﺻل واﺣد ،ﺳواء أﻛﺎن اﻟﺗطوّ ر ﺑﺎﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﺗطوّ ري أو ﺑﺗرﻛﯾب اﻟﺣﻣض اﻟﻧووي ﺑﺎﻟﺗﻌﺑﯾر
اﻟﺗزاﻣﻧﻲ ..وﻟﻛن ھﻧﺎك أﯾﺿﺎ ً – ﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ – ﺗﺷوّ ھﺎت وﺗﻐﯾّرات ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻷﺷﻛﺎل ،ﺑﻧﯾوﯾﺔ وﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ
ﺑﺎﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ .
وﯾﺣظﻰ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗﻧوّ ع ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻣﯾن ،ﺑدور ﺣﯾوي :اﻟﺗﻧوّ ع اﻟﺟﯾﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﻠم )اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺎ( واﻟﺗﻧوّ ع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ
)اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ( ,ﻓﺎﻟﺗﻧوّ ع أﻣر أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣﺎ ﺗﺳﻣّﯾﮫ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺎ " اﻟﻔﺎﻋﻠﯾﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ " وھﻲ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ
ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة ،وإﺧﻼف اﻟذرﯾﺔ .واﻷﻣر ذاﺗﮫ ﻧﺟده ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﮫ :إﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺎت
اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ.
ﯾﻌ ّد /دارون /راﺋد ﻋﻠم اﻷﺣﯾﺎء ،اﻟذي اﺳﺗﻧد ﻓﯾﮫ إﻟﻰ ﻧظرﯾﺔ )اﻟﻧﺷوء واﻻرﺗﻘﺎء ( ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن ،واﻟﺗﻲ
ﯾﺗﻠﺧص ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ: ﻗ ّدم ﻟﮭﺎ ﺗﻔﺳﯾراً ﻣﻧﮭﺟﯾﺎ ً ﻣﻌﻘوﻻًّ ،
-1إنّ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﺗﺗﺎﺑﻌﺔ ﺑﻣﻌطﯾﺎﺗﮭﺎ وظروﻓﮭﺎ ،ﺗﻧﺗﺞ ﻛﺎﺋﻧﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن أﺻوﻟﮭﺎ ..أي أنّ أﻧواع ھذه
اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت ﻻ ﺗﺗﻛرّ ر ھﻲ ذاﺗﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻛﺎﺛر ،ﺑل ﺗﺗﻧوّ ع ﻓﻲ أﺷﻛﺎﻟﮭﺎ وﻣظﺎھرھﺎ .
-2إنّ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣ ّﺗﻊ ﺑﮭﺎ ﺑﻌض اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾّﺔ ،ﺗﺟﻌﻠﮭﺎ أﻛﺛر ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻘﺎء ﻣن ﺑﻌﺿﮭﺎ اﻵﺧر،
ﺣﯾث ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﻼؤم ﻣﻊ اﻟظروف اﻟﺑﯾﺋﯾّﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾط ﺑﮭﺎ .
-3إنّ اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾّﺔ اﻟﺟدﯾدة ،اﻷﻛﺛر ﻗدرة ورﻗ ّﯾﺎً ،ﺗﻣﺗﻠك ﻋواﻣل اﻟﺗﻛﺎﺛر واﻻﺳﺗﻣرار ﻋﻠﻰ ﻗﯾد اﻟﺣﯾﺎة ،ﻟﻔﺗرة
أطول ﻣﻣّﺎ ھﻲ ﻋﻧد ﺑﻌض اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ اﻷﺧرى ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌرّ ض ﻟﻼﻧﻘراض اﻟﺳرﯾﻊ .
-4إنّ ﺑﻌض اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ) اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻣﮭﻠﻛﺔ( ﻋﻧد ﺑﻌض أﻧواع اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾّﺔ ﺗؤ ّدي إﻟﻰ ﻣوﺗﮭﺎ
ﺑﺻورة ﺳرﯾﻌﺔ ،ورﺑّﻣﺎ ﻣﺑﺎﺷرة ،إذا ﻟم ﺗﻛن ھذه اﻟﺧﺻﺎﺋص ﺗؤھّﻠﮭﺎ ﻟﻠﺗﻛﯾّف ﻣﻊ اﻟظروف اﻟﺑﯾﺋﯾّﺔ .وھذا ﻣﺎ ّ
ﯾؤﺛر
ﺳﻠﺑﺎ ً ﻓﻲ ﻧﺳل ھذه اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت ﻣن ﺣﯾث اﻟﺑﻧﯾﺔ واﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ.
وﺗﺗﻣﺣور ﻋﻼﻗﺔ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﺑﻌﻠم اﻷﺣﯾﺎء ﻣن ﺧﻼل ﺗﺣﻠﯾل ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطور ﻟﻛﺎرﻟوس ﺳﺎﻓﯾدرا وﻧظرﯾﺔ
اﻟﻧﺷوء واﻻرﺗﻘﺎء ﻟدارون راﺋد ﻋﻠم اﻷﺣﯾﺎء.
أوﻻ :ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطور ﻟﻛﺎرﻟوس ﺳﺎﻓﯾدرا :
ﺗرﻛز ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطور ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ واﻟﻣﻧﮭﺟﯾﺔ ،ﺑﺷﻛل ﺗواﻟﻲ أو ﺑﺷﻛل ﻧﻣوذج ،ﯾﺗﺣرك ﻣن
اﻟﺛﺑﺎت إﻟﻰ اﻟﺗﻐﯾر ،ﻓﺑﻧوا اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﺻل واﺣد ،ﺳواء أﻛﺎن اﻟﺗطور ﺑﺎﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﺗطوري أو ﺑﺗرﻛﯾب
اﻟﺣﻣض اﻟﻧووي أو ﺑﺎﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﺗزاﻣﻧﻲ ،وﻟﻛن ھﻧﺎك أﯾﺿﺎ ً ﺗﺷوھﺎت وﺗﻐﯾرات ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻷﺷﻛﺎل،
ﺑﻧﯾوﯾﺔ وﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﻲ ،وﯾﺣظﻰ ﺗﺣﻠﯾل ﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطور ﺑدورﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن دور
ﺣﯾوي ھو اﻟﺗﻧوع اﻟﺟﯾﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﻠم )اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺎ( و اﻟﺗﻧوع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ )اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ( ،ﻓﺎﻟﺗﻧوع
أﻣر أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣﺎ ﺗﺳﻣﯾﮫ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺎ “اﻟﻔﺎﻋﻠﯾﺔ اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ” وھﻲ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة،
واﺧﺗﻼف اﻟذرﯾﺔ .واﻷﻣر ذاﺗﮫ ﻧﺟده ﻓﻲ اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾُطﻠق ﻋﻠﯾﮫ إﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ.
ﯾرﻛز دارون راﺋد ﻋﻠم اﻷﺣﯾﺎء ،ﻓﻲ ﻧظرﯾﺔ )اﻟﻧﺷوء واﻻرﺗﻘﺎء( ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺎة اﻹﻧﺳﺎن ،وﺗﻧوع أﺷﻛﺎﻟﮭﺎ
وﻣظﺎھرھﺎ وﺗﻼؤﻣﮭﺎ ﻣﻊ اﻟظروف اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻗدم ﻟﮭﺎ ﺗﻔﺳﯾراً ﻣﻧﮭﺟﯾﺎ ً ﻣﻌﻘوﻻًّ ،
ﯾﺗﻠﺧص ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
إن ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﺑﻣﻌطﯾﺎﺗﮭﺎ وﻛﺎﻓﺔ ظروﻓﮭﺎ ،ﺗﻧﺗﺞ ﻛﺎﺋﻧﺎت ﺣﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن أﺻوﻟﮭﺎ ،و ●
ھذا ﯾﻌﻧﻲ أن أﻧواع ھذه اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت ﻻ ﺗﺗﻛرر ھﻲ ذاﺗﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻛﺎﺛر ،ﺑل ﺗﺗﻧوع ﻓﻲ أﺷﻛﺎﻟﮭﺎ
وﻣظﺎھرھﺎ.
إن ﻣﻌظم اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻣدھﺎ ﺑﻌض اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾﺔ ،ﺗﻣﻛﻧﮭﺎ ﻣن اﻟﺑﻘﺎء أﻛﺛر ﻣن ﺑﻌﺿﮭﺎ ●
اﻵﺧر ،ﺣﯾث ﺗﺳﺗطﯾﻊ ھذه اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾﺔ اﻟﺗﻼؤم ﻣﻊ اﻟظروف اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾط ﺑﮭﺎ.
إن اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ،اﻷﻛﺛر ﻗدرة ورﻗﯾﺎً ،ﺗﻛﺗﺳب ﻋواﻣل اﻟﺗﻛﺎﺛر واﻻﺳﺗﻣرار ﻋﻠﻰ ﻗﯾد ●
ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺑﻌض اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ اﻷﺧرى ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌرض ﻟﻼﻧﻘراض اﻟﺳرﯾﻊ. ً اﻟﺣﯾﺎة ،ﻟﻔﺗرة أطول
إن ﺑﻌض اﻟﺻﻔﺎت اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ )اﻟﺻﻔﺎت اﻟﻣﮭﻠﻛﺔ( ﻋﻧد ﺑﻌض أﻧواع اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ ●
ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻟم ﺗﻛن ھذه اﻟﺧﺻﺎﺋص ﺗدﻓﻌﮭﺎ ﻟﻠﺗﻛﯾف ﻣﻊ ً ﻣوﺗﮭﺎ ﺑﺷﻛل ﺳرﯾﻊ ،وأﺣﯾﺎﻧﺎ ً ﻣﺑﺎﺷرة،
اﻟظروف اﻟﺑﯾﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،وھذا ﻣﺎ ّ
ﯾؤﺛر ﺳﻠﺑﺎ ً ﻓﻲ ﻧﺳل ھذه اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت ﻣن ﺣﯾث اﻟﺑﻧﯾﺔ واﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ
وﺑﻧﺎ ًء ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﮭﺎ دارون ﻓﻲ أﺻل اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾﺔ وطرﯾﻘﺔ ﺗطورھﺎ ،ووﺻوﻻً
إﻟﻰ وﺿﻌﮫ اﻟﺣﺎﻟﻲ ،اﻛﺗﺷف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗـواﻧﯾن اﻟوراﺛﺔ وﻣﺎ ﯾﺗﺑﻌﮭﺎ ﻣن اﻟﺟﯾﻧﺎت )اﻟﺧﻼﯾﺎ( اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل
ﺻﻔﺎت اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ ،وﺗﻧﻘﻠﮭﺎ ﻣن اﻵﺑﺎء إﻟﻰ اﻷﺑﻧﺎء ،ﻋﺑر اﻟﺗﻠﻘﯾﺢ واﻟﺗﻛﺎﺛر ،ﻣﺎ ﺟﻌل ﻋﻠﻣﺎء
اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﯾﻌﺗﻘدون ﺑﺄن اﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷري ﻣر ﺑﻣراﺣل ﺗطورﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺣﺗﻰ وﺻل إﻟﻰ
اﻹﻧﺳﺎن )اﻟﺣﯾوان اﻟﻧﺎطق واﻟﻌﺎﻗل(.
ﺛﺎﻟﺛﺎ :اﻟﺗطور ﻓﻲ اﻹﻧﺳﺎن
وﻧظرﯾﺔ اﻟﺗطور ﺗﻘول ﺑﺄن اﻷﺣﯾﺎء ﻛﻠﮭﺎ ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ أﺻل واﺣد ،ھﻲ اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﻣﺎزﻟﻧﺎ ﻧرى ﻣﺛﺎًﻻ ﻟﮭﺎ
ﻓﻲ اﻵﻣﯾﺑﺔ،ﻓﺈذا ص ﱠﺣت ھذه اﻟﻧظرﯾﺔ وﺟب ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧرى آﺛﺎراﻷﺣﯾﺎء اﻟﻘدﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻣر ﻓﯾﮭﺎ ﺗطور اﻹﻧﺳﺎن
ﻣن اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﺣﺗﻰ ﺻﺎر ﺑﺣﺎﻟﺗﮫ اﻟراھﻧﺔ.
وﺑدھﻲ أﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﻧﺗظر أن ﻧرى ھذه اﻵﺛﺎر ظﺎھرة ﻗوﯾﺔ؛ أي ﺑﻘوة ﻣﺎ ﻧرى ﻣن اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾﺗرﻛﮭﺎ اﻷب ﻟﻼﺑن؛
ﻓﺂﺛﺎر اﻟوراﺛﺔ ﺗﺿﻌف وﺗﻛﺎد ﺗﺗﻼﺷﻰ ﺑﻧﺳﺑﺔ ﺑُﻌد اﻟﻔرد اﻟذي ﻧرث ﻋﻧﮫ ﺷﯾ ًﺋﺎ ﻓﻲ ﺟﺳﻣﻧﺎ أو ذھﻧﻧﺎ ،وﻋﻠﺔ ھذا
اﻟﺿﻌف ﻟﯾﺳت ﺗﻘﺎدم اﻟزﻣن ،وإﻧﻣﺎ طروء اﻷﺟﯾﺎل ﺟﯾًﻼ ﺑﻌد ﺟﯾلَ ،وطﺑْﻊ ﻛل ﺟﯾل ﺳﻣﺎﺗﮫ ﻓﯾﻌﻘﺑﮫ ،ﺑﺣﯾث
ﺗظﮭرھﻲ وﺗﺳﺗﻣرﺳﻣﺎت اﻷﺟﯾﺎل اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ.
ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻛﻔﺎﯾﺎﺗﮫ اﻟوراﺛﯾﺔ أﺷﺑﮫ ﺷﻲء ﺑﺎﻟﺑﺻﻠﺔ؛ أظﮭر ﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ھذه اﻟﻛﻔﺎﯾﺎت ﻣﺎ ورﺛﮫ ﻋن أﺑوﯾﮫ ،ﺛم
ﺗﺳﺗﺗر طﺑﻘﺔ وراء أﺧرى ،وﺗﺗﺿﺎءل ھذه اﻟطﺑﻘﺎت ،ﺣﺗﻰ ﺗﺻل إﻟﻰ ﻋﮭد اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄت ﻣﻧﮭﺎ ﺟﻣﯾﻊ
أﻧواع اﻟﺣﯾوان واﻟﻧﺑﺎت ،وﻣﻧﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎن.
وﻋﻣر اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻻ ﯾﺑﺗدئ ﻣن ﻋﮭد ﺧروﺟﮫ ﻣن رﺣم اﻷم ،ﺑل ﻣن ﻋﮭد ظﮭور اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ
اﻟﻌﺎﻟم؛ ﻓﻛل ﻣﻧﺎ ﻗد ﻋﺎش؛ أي ﻗد ﺑﻘﻲ ﺣ ﱟﯾﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة ﻣﺗﺻﻠﺔ إﻟﻰ ﻋﮭد ظﮭور اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻷوﻟﻰ؛أي إن ﻋﻣﮭره
ﻻﯾ ﱠﻘدر ﺑﺄﻗل ﻣن ﻣﺋﺎت اﻟﻣﻼﯾﯾن ﻣن اﻟﺳﻧﯾن.
راﺑﻌﺎ :ارﺗﻘﺎء اﻟﻌﻘل اﻟﺑﺷري
اﻟﺟﮭﺎز اﻟﻌﺻﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﯾوان ھو أداة اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻟﺣﻲ ﻟﻠﻌوارض اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ؛ ﻟذﻟك ﻛﺎن أول ظﮭوره ﻋﻠﻰ اﻟﺳطﺢ
اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻟﻠﺟﺳم ،ﺣﺗﻰ إذا ﺗرﱠ ﻛز ﺑﻌض اﻟﺣواس ﻓﻲ اﻟرأس؛ ﻛﺎﻟﺳﻣﻊ واﻟﺷم واﻟﻧظر واﻟذوق ،ﺻﺎر ﻣﻛﺎن اﻟرأس ﻣرﻛز
اﻟﻘوى اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ ﻟﻠﺣﯾوان ،وأﺧذ اﻟرأس ﯾﻛﺑرﺑﺎﻟﺗدرﯾﺞ؛ﻷﻧﮭذااﻟﺟﮭﺎزﺻﺎرﯾﻧﻣوﺑﺗﻘدﻣﺎﻟﺣﯾواﻧﻔﯾﺎﻟﺗطور؛ﻓﺄﻛﺑراﻟﺣﯾواﻧدﻣﺎًﻏﺎ
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﺟﺳﻣﮫ ھو اﻹﻧﺳﺎن ،وھو آﺧر وأﻋﻠﻰ ﺣﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺗطور .وﻧﺣن ﻧﻌرف ﻣن ﻗﺻﺔ اﻟﺗطور أن
اﻟﻘﺷرﯾﺎت؛ ﻣﺛل اﻟﺟﻧﺑري ،ﻗد ﺳﺑﻘت اﻟﺳﻣك،
واﻟﺳﻣك ﻗد ﺳﺑق اﻟزواﺣف ،واﻟزواﺣف ﻗد ﺳﺑﻘت اﻟطﯾور ،وأن اﻟﻠﺑوﻧﺎت أﻛﺛر ﺗطو ًرا ﻣن اﻟطﯾور ،ﻓﺈذا ﻧﺣن ﻗﺳﻧﺎ
أدﻣﻐﺔ ھذه اﻟﺣﯾواﻧﺎت وﺟدﻧﺎھﺎ ﻣﺗﻧﺎﺳﺑﺔ ﻣﻊ درﺟﺔ ﺗطورھﺎ؛
ﻣﺛﻼ ﯾزﯾد ﻋﻠﻰ دﻣﺎغ اﻟﺳﻣﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﻓﻲ ﺣﺟﻣﮫ ﺑﻧﺣو ﺛﻼﺛﯾن ﺿﻌًﻔﺎ .وﻗد ﻛﺎن ﻣﻧﺿر وﺑﺎﻟﻠﺑﺎﻗﺔاﻟﺗﯾ َﯾﻌت ﻓدﻣﺎغ اﻟﻐراب ً
ﱡدﺑﮭﺎاﻟﻣﻌﺎرﺿوﻧﻠﻧظرﯾﺔداروﯾﻧﻘوﻟﮭﻣﺈن ﻟﻺﻧﺳﺎﻧﻌ ًﻘﻼوأﻧﻠﻠﺣﯾواﻧﻐرﯾزة،ﻓﻧﺣﻧﻧﻌﻘﻠوھوﻻﯾﻌﻘل،وﻟﻛن ھذا اﻻﻋﺗراض ﻗد ﺿﻌف
اﻵن أو ﺑطل ،وﻟﯾس ﺷك ﻓﻲ أﻧﻧﺎ إذا ﻧظرﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺣﺷرات اﻟﻌﻠﯾﺎ؛ ﻛﺎﻟﻧﻣل واﻟﻧﺣل واﻟزﻧﺎﻧﯾر ،ﻧﺟد ٩٩ﻓﻲ اﻟﻣﺋﺔ ﻣن
أﻋﻣﺎﻟﮭﺎ ﻏرﯾزة ﻣﺣﻔوظﺔ آﻟﯾﺔ ﻻ أﺛر ﻟﻠﻌﻘل ﻓﯾﮭﺎ ،وﻟﻛن ﺑذرة اﻟﻌﻘل ﻻﺗزال ﻓﯾﮭﺎ ،ﺛم إﻧﻧﺎ إذا ﻧظرﻧﺎ إﻟﻰ اﻹﻧﺳﺎن ،وھو
اﻟﻐرﯾزة،وﺣْ ﺳﺑُﻧﺎ دﻟﯾًﻼﻋﻠﻰ ذﻟك أن أﻛﺑر ﻣﺎﯾدﻓﻌﮫ
َ أرﻗﻰ اﻟﺣﯾوان ﻋ ًﻘﻼ ،وﺟدﻧﺎه ﯾﻌﺗﻣد ﻓﻲ أﻛﺛرﻣن ﻧﺻف أﻋﻣﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ
ﯨﺎﻟﺳﻌﻲ
واﻟﻧﺷﺎط ﻏرﯾزﺗﺎن؛ ھﻣﺎ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷﻧﺛﻰ ،واﻟﺑﺣث ﻋن اﻟطﻌﺎم .وﻟﯾﺳت اﻟﻐرﯾزة ﺳوى ﻋﻣل ﻣﺗﻛرر أﺷﺑﮫ ﺑﺄﻋﻣﺎﻟﻧﺎ
اﻟﺗﻲ ﺗﻧطﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﻌﻘل اﻟﺑﺎطن
وﻟﻛن دﻣﺎغ اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻌذﻟك ﯾﻔوق دﻣﺎغ ﺳﺎﺋراﻟﺣﯾوان،ﺑﺣﯾث إن اﻟﮭوة اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻﻠﮫ ﻋﻧﮭﺎ ﻛﺑﯾرة ﺟﱟ دا؛ ﻓﻼ ﺑد ﻣن أن ﻧﻌﺗﺑر
اﻟظروف اﻟﺗﻲ دﻋت إﻟﻰ ھذا اﻟﺗﻔوق ،و أھم ھذه اﻟظروف:
)3أن ﻟﮫ ﻟﻐﺔ(.
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ ھذه اﻟﻣﺑﺎدىء اﻟﺗﻲ ﻗ ّدﻣﮭﺎ دارون ﻓﻲ أﺻل اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾّﺔ وﺗطوّ رھﺎ ،وﺻوﻻً إﻟﻰ وﺿﻊ اﻹﻧﺳﺎن
اﻟﺣﺎﻟﻲ ،اﻛﺗﺷف اﻟﻌﻠﻣﺎء ﻗواﻧﯾن اﻟوراﺛﺔ وﻣﺎ ﯾﺗﺑﻌﮭﺎ ﻣن اﻟﺟﯾﻧﺎت )اﻟﺧﻼﯾﺎ( اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣل ﺻﻔﺎت اﻹﻧﺳﺎن ،وﺗﻧﻘﻠﮭﺎ
ﻣن اﻵﺑﺎء إﻟﻰ اﻷﺑﻧﺎء ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻠﻘﯾﺢ واﻟﺗﻛﺎﺛر .وھذا ﻣﺎ ﺟﻌل ﻋﻠﻣﺎء اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﯾﻌﺗﻘدون ﺑﺄن اﻟﺟﻧس
اﻟﺑﺷري ﻣرّ ﺑﻣراﺣل ﺗطوّ رﯾﺔ ﻋدﯾدة ،ﺣﺗﻰ وﺻل إﻟﻰ اﻹﻧﺳﺎن ) اﻟﺣﯾوان اﻟﻧﺎطق واﻟﻌﺎﻗل (.
وﻣﮭﻣﺎ ﯾﻛن اﻷﻣر ،ﻓﺈنّ اﻟﻧﻘﺎش ﻣﺎ زال ﻣﻔﺗوﺣﺎ ً ﺣول دور اﻷﻧﺛروﺑوﻟوﺟﯾﺎ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗطوّ ر
اﻹﻧﺳﺎن ھذا اﻟﺗطوّ ر اﻟذي ﯾدﺧل ﻓﻲ اﻹطﺎر اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ،وﻟﻛن ﺑطﺑﯾﻌﺔ ﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،ﻻ ﺑ ّد ﻣن دراﺳﺔ ﻣﺑﺎدﺋﮭﺎ
وﻣظﺎھر ﺗﻐﯾّرھﺎ .