You are on page 1of 9

‫مفهوم الواقعية والفرق بينها وبين المثالية‬

‫واصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫تعريف الواقع؛ لغةً‬

‫ِ‬
‫سماعه‬ ‫لم تعرف اللغةُ العربيةُ مفهوم الواقع كمفهوم مجازي حديث‪ ،‬يدل على ما يدل عليه عند‬
‫شيء ِمن معناه الحديث‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫لدى اإلنسان العربي المعاصر‪ ،‬وإ ن اشترك مع المعنى القديم في‬

‫ووقوعا"‪ :‬السقوط‪ ،‬وإ نزال الشيء على‬


‫ً‬ ‫وقعا‪،‬‬
‫لغة‪ُ :‬يفيد الفعل الثالثي َ"وقَ َع"‪ ،‬واشتقاقاته "يقع‪ً ،‬‬
‫الشيء‪ ،‬وهذا ما ُيفيده في الكالم حقيقة‪ ،‬كأن تقول‪ :‬وقع الطير على أرض أو شجر‪ ،‬أو وقع‬
‫المطر على األرض‪ ،‬أو وقعت الدواب؛ أي‪ :‬ربضت على األرض‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫أما في االستخدام المجازي‪ ،‬فَ َوقَ َع بمعنى‪ :‬حصول الشيء وثبوته‪ ،‬كالقول‪ :‬وقع الحق؛ أي‪ :‬ثبت‪،‬‬
‫ووقع الحق عليه؛ أي‪ :‬ثبت‪ ،‬ووقع في الشرك‪ :‬حصل فيه‪.‬‬

‫ومن هنا فمفردة الواقع ضمن هذا السياق المجازي تعني‪ :‬الحاصل ومنها النازل‪ ،‬ومنها كلمة‬
‫نوازل‪ ،‬وقال الراغب األصفهاني‪" :‬وال تقال إال في ِّ‬
‫الش َّدة‬ ‫الواقعة؛ أي‪ :‬النازلة‪ ،‬ووقائع؛ أي‪ِ :‬‬
‫والمكروه"‪ ،‬وقد ُعرفت الوقائع عند العرب بـ(أيام العرب)‪ ،‬ودلَّ ِت الواقعةُ على "النازلة من‬
‫القرآن يوم القيامة بالواقعة في قوله تعالى‪ِ{ :‬إ َذا َوقَ َع ِت اْل َو ِاق َعةُ}‬
‫ُ‬ ‫سمى‬
‫صنوف الدهر"‪ ،‬وبهذا َّ‬
‫[الواقعة‪]1 :‬؛ أي‪ :‬القيامة بما فيها من ِش َّدة وأهوال‪.‬‬
‫والواقع أو الوقائع بمعنى النوازل ‪ -‬في االصطالح التقليدي للغة العربية ‪ -‬له داللة مرتبطة‬
‫صالً لواقعة أو‬
‫خبرا ُمتَ َح ِّ‬
‫منظورا‪ ،‬أو ً‬
‫ً‬ ‫ص َل وتَ َعَّين‪ ،‬وأصبح ً‬
‫عيانا‬ ‫بفعل َ"وقَ َع" في اللغة؛ أي‪ :‬ما َح َ‬
‫نازلة أو حدث‪ ،‬وهو بذلك وقع في زمن محصور وغير ممتد‪.‬‬

‫فنعرفه بـ‪ :‬ما يحيط باإلنسان والجماعة من حال ومجال وعصر‪ ،‬ويؤثِّر فيهما على‬
‫وأما "الواقع"‪ِّ ،‬‬
‫َّ‬
‫سبيل التشكيل الراهن ضمن َز َمن ُمتَ َح ِّرك‪ ،‬و"الواقع" بذلك‪ :‬هو حال اإلنسان والجماعة بما‬
‫يحمالنه من ِقَيٍم وأفكار‪ ،‬وطبائع وخصائص وسمات‪ ،‬ضمن مجاالت يحياها ٌّ‬
‫كل منهما ويعيشانها‪،‬‬
‫العامة التي تَ ُمر بها‬ ‫َّ‬
‫التاريخية َّ‬ ‫َّ‬
‫وثقافية‪َ ،‬و ْفق المرحلة‬ ‫َّ‬
‫واجتماعية‪،‬‬ ‫َّ‬
‫وسياسية‪،‬‬ ‫َّ‬
‫اقتصادية‪،‬‬ ‫من‬
‫المجتمعات بسماتها المختلفة‪ ،‬وهو ما نطلق عليه العصر‪ ،‬والحال والمجال والعصر معيش من‬
‫معاصرة الحال والمجال‪،‬‬
‫َ‬ ‫قبل اإلنسان والجماعة في زمن ممتد متحول‪ ،‬والواقع بذلك ليس إال‬
‫وتشكلهما في صيرورة الزمن المعاش[‪.]1‬‬

‫َّ‬
‫الواقعية‪:‬‬ ‫تعريف‬

‫وشاعت في العصر الحديث كلمات‪ :‬الواقع‪ ،‬والواقعي‪ ،‬والواقعة‪ ،‬والواقعية‪ ،‬ال ككلمات‬
‫ْ‬ ‫اشتهرت‬
‫ْ‬
‫ِّ‬
‫والفن‪ ،‬والفلسفة‪،‬‬ ‫َّ‬
‫مذهبية في األدب‪،‬‬ ‫َّ‬
‫لغوية لها دالالتها المفردة‪ ،‬بل كاصطالحات ومفاهيم‬
‫والسياسة‪.‬‬

‫فـ(الواقعية) ‪ - Realism‬كاصطالح مذهبي ‪ -‬ظهرت في لحظات التحوالت االجتماعية والفكرية‬


‫للتصورات التي تحلِّل الحوادث والظواهر‬
‫ُّ‬ ‫في الفكر الغربي‪ ،‬ضمن حركة الطرد واالستبعاد‬
‫وتُفَسِّرها وفق منظور الهوتي كنسي‪ ،‬أو مثالي طوباوي‪.‬‬
‫من‬ ‫َّ‬ ‫وغدت الواقعية مجموعة جديدة من ِ‬
‫ِ‬
‫المعرفية واالجتماعية‪ ،‬تعمل على تحرير اإلنسان َ‬ ‫القَيم‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫الالهوتية‪ ،‬وإ حالل الواقع الموضوعي المادي كمرجع وحيد لإلنسان؛ يستمد منه قيمه‬ ‫القيود‬
‫أساسا لتكوين العقل‬ ‫ِ‬
‫وأعادت االعتبار إلى العقل اإلنساني‪ ،‬وإ لى الشرط االجتماعي‬ ‫وتصوراته‪،‬‬
‫ُّ‬
‫ً‬
‫ق القانون العلمي القادر هو‬
‫صانعا للتاريخ َو ْف َ‬
‫ً‬ ‫واإلنسان‪ ،‬وتمجيد العقل كقيمة ُعليا‪ ،‬وجعل اإلنسان‬
‫على اكتشافه في الواقع المادي المحسوس‪.‬‬

‫تبعا لعقيدته أو‬


‫التعامل مع الواقع كما هو‪ ،‬وال يرفضه ً‬
‫ُ‬ ‫اإلنسان "الواقعي" هو الذي يقبل‬ ‫َ‬ ‫وشاع َّ‬
‫أن‬
‫الفكرية‪ ،‬والذي تَتَ َح َّدد عالقته بالواقع عالقة فهم واستيعاب؛ لالستفادة من المتاحات‬
‫َّ‬ ‫مرجعيته‬
‫تصور‬
‫الموجودة فيه‪ ،‬وتطويره وفق ما يسمح به الواقع نفسه‪ ،‬وليس تغييره على مقتضى ُّ‬
‫أيديولوجي سابق[‪.]2‬‬

‫وقد ظهرت الواقعية بعدما ضعف المذهب الرومانسي في فرنسا‪ ،‬وفي كثير من دول أوربا‬
‫وأمريكا‪ ،‬واشتاق الناس أن يحدثهم األدباء عن حياتهم الواقعية[‪.]3‬‬

‫فبعضهم يذهب إلى أنها تقوم على مالحظة‬


‫ُ‬ ‫والنقَّاد‪،‬‬
‫من األ َُدباء ُّ‬ ‫َّ‬
‫الواقعية عند كثير َ‬ ‫واختلف مفهوم‬
‫صور‪ ،‬فهو يحصر جهده في‬
‫مظاهر الحياة وتسجيلها كما هي‪ ،‬بحيث يكون األديب كعدسة ُم َ‬
‫اختيار المشهد الذي يروقه ويقوم بتصويره‪ ،‬وبعضهم يضيف إلى ذلك َّ‬
‫أن المناظر التي تحظى‬
‫باهتمام عدسة األديب الواقعي هي تلك التي تنبثق من مشكالت عامة الناس وقضاياهم‪ ،‬وتبرز‬
‫مآسيهم ومظالمهم[‪.]4‬‬
‫وتعريف الواقعية في الفلسفة‪ :‬مذهب يجعل للواقع المادي الدور األول‪ ،‬ويقول بحقيقة اإلنسان في‬
‫الع ْقل والفكر‪.‬‬ ‫ِ ًّ‬
‫ذاته مستَقال عن َ‬

‫والفن‪ :‬مذهب يمثِّل األشياء والطبيعة كما هي[‪.]5‬‬


‫ِّ‬ ‫أما تعريفها في األ ََدب‬

‫وبعضهم قال‪َّ :‬‬


‫إن معناها الطبيعة‪ ،‬وليس المقصود بالطبيعة نسبتها إلى الطبيعة‪ ،‬من حيث هي‬ ‫ُ‬
‫صوير الصادق للواقع اإلنساني‪ ،‬ولذا‬ ‫مظهر من مظاهر الحياة والفن والجمال‪ ،‬وإ نما يقصد بها التَّ ْ‬
‫من الناس‪ ،‬وهي ال تصور الواقع كما هو‪ ،‬وإ نما تترك ِل ِح ِّس‬ ‫دائما الطبقات األدنى َ‬
‫ميدانها ً‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫ممزوجا بصدى ذلك الواقع‬ ‫تصويرا‬ ‫تسهم في تصوير الواقع‬ ‫ِ‬
‫الشاعر وعاطفته الحريةَ في أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الحس والشعور‪ ،‬دون أن تترك الفرصة للعاطفة والخيال بأن تسيطر على عدسة األديب‬ ‫ِّ‬ ‫على‬
‫فتبعدها عن الواقع[‪.]6‬‬

‫بنيت على‬ ‫َّ‬


‫األدبية قد استنبطت من النظرية الفلسفية‪ ،‬التي ترى أن الحياة قد ْ‬ ‫هذا؛ وإ ن الواقعية‬
‫طالء زائفًا يموه واقع الحياة‪ ،‬ويخفي طبيعة‬
‫ً‬ ‫الشر‪ ،‬وأن ما يبدو فيها من مظاهر الخير ليس إال‬
‫َّ‬
‫الحقيقية‪.‬‬ ‫اإلنسان‬

‫خضوعا لمواقف‬
‫ً‬ ‫يأسا من الحياة‪ ،‬أو‬
‫فالشجاعةُ وبذل النفس رخيصة في ميادين البطولة ليس إال ً‬
‫دفعا‪ ،‬والجود والتسامي ما هما إال أثرة ومباهاة‪ ،‬يلبسهما اإلنسان لبوس‬
‫دفعت إليها الضرورة ً‬
‫الخير واإليثار‪ ،‬والعمل على بلوغ المجد‪ ،‬والتطلُّع إلى معالي األمور ال يزيد على كونه تكالًُبا‬
‫على الحياة‪ ،‬وتحقيقًا َلر َغبات َّ‬
‫الن ْفس في استدامتها‪ ،‬وهكذا‪...‬‬

‫خير بطبعه‪ ،‬طيب‬


‫وجه النظرية المثالية التي تؤمن بأن اإلنسان ّ‬
‫وقد وقفت النظرية الواقعية في ْ‬
‫لبثت تلك النظرة الفلسفية أن‬ ‫َّ‬
‫الحضرية هي التي تفسده‪ ،‬ثم ما ْ‬ ‫بفطرته‪ ،‬لكن الحياة االجتماعية‬
‫تحولت خالل القرن التاسع عشر إلى تيار أدبي قوي َن ِشط[‪.]7‬‬
‫ْ‬

‫االتجاه الواقعي في العالَم العربي اإلسالمي‪:‬‬

‫َّ‬
‫المذهبية‬ ‫تعاملها مع هذه النزعة‬ ‫ِ‬
‫تباينت تيارات الف ْكر والسِّياسة في عالمنا العربي اإلسالمي في ُ‬
‫ٍ‬
‫متشكك ورافض[‪.]8‬‬ ‫ومتبن لها‪ ،‬وبين‬‫ٍّ‬ ‫بين ممتثل‬

‫واتخذت الواقعية منحيين‪:‬‬

‫‪ -‬الواقعية الغربية‪ :‬وتميل إلى التشاؤم‪ ،‬وتصوير رذائل المجتمع ومخازيه‪ ،‬مع حرص على‬
‫تسجيل األحداث بكل فطنة وميل إلى األعمال الهزلية والسخرية‪.‬‬

‫‪ -‬وأما الواقعية الشرقية‪ :‬فتعارض عنف الواقعية الغربية‪ ،‬رافضة أن يكون اإلنسان بؤرة‬
‫للشرور واآلثام؛ ولذا توصف الواقعية الشرقية بأنها أكثر تفاؤالً من الغربية‪.‬‬
‫َّ‬
‫العربية مصورة للواقع كما ظنوا‪ ،‬وبرزت أوالً في بعض القصص السردية عند‬ ‫وبرزت الواقعية‬
‫بعض الكتاب‪ ،‬واستمروا على واقعيتهم من غير انغماس في مذهب الواقعية الفلسفي الشرقي أو‬
‫واتجاها حينما "عالجت قضايا اإلنسان المجرد‪ ،‬والعامل‬
‫ً‬ ‫مذهبا‬
‫ً‬ ‫الغربي‪ ،‬ثم برزت الواقعية العربية‬
‫المكافح‪ ،‬والفالح المقهور"[‪.]9‬‬

‫المثالية الواقعية أو اإلطار الفكري للفن اإلسالمي‪:‬‬

‫التصور اإلسالمي للوجود بخاصية‪ :‬المثالية‬


‫ُّ‬ ‫يمكن التعبير عن اإلطار الفكري الذي يعكس‬
‫الواقعية‪.‬‬

‫من الحياد في التعامل مع الواقع‪،‬‬


‫الممكنة َ‬
‫فالواقعية تعني أن اإلسالم يعمل على بلوغ الدرجات ُ‬
‫غشاء من الفكر المسبق على عقل اإلنسان‪ ،‬وهو يدرك الواقع‪ ،‬ولكن المسألة ليست‬
‫ً‬ ‫فال يضع‬
‫كافيا لتحديد ما يمكن اعتباره‬
‫بهذه البساطة؛ ألن تجريد النظر إلى الواقع من الفكر المسبق ليس ً‬
‫ًّ‬
‫واقعيا مما يمكن إدراكه من هذا الواقع‪.‬‬

‫فالماديون يحاولون اختزال اإلدراك الواقعي للحقائق في المدركات المادية فقط‪ ،‬مع أن‬
‫الموضوعية تقتضي اعتبار كل ما يمكن إدراكه من الحقائق الفاعلة في الواقع حقائق واقعية‪،‬‬
‫أيضا واقع‪ ،‬وكما أن قوى اإلنسان وإ مكاناته‬
‫فكما أن الحقائق المادية واقع‪ ،‬فإن الحقائق الروحية ً‬
‫أيضا‪ ،‬والواقعية الحقيقية هي التي تعني‬
‫وغرائزه واقع‪ ،‬فإن مشاعره وطموحاته وارتقاءه واقع ً‬
‫التصوري للفنان‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫وضع كل هذه المدركات في اإلطار‬
‫لكن الواقعية ال تعني الوقوف عند حد اإلدراك السلبي للواقع‪ ،‬فإن جاز هذا في الواقع الطبيعي‪،‬‬
‫فإنه ال يجوز في إدراك العالقات السائدة بين البشر‪ ،‬فإدراك وجود الحق أو الباطل في الواقع ال‬
‫ِّ‬
‫الحق‬ ‫مستقلَّة‪ ،‬تستطيع التمييز بين‬
‫ِ‬ ‫ُسس كمية‪ ،‬بل يستند في الضرورة إلى ِقَيم‬
‫يقوم على أ ُ‬
‫والباطل‪ ،‬مهما حوصر األول أو شاع الثاني‪.‬‬

‫أن إدراك الواقع ال يعني إقراره‪ ،‬فتلك هي الواقعية التي ال يفهمها سوى ُّ‬
‫الض َعفاء‬ ‫كما َّ‬
‫واالنهزاميين‪ ،‬الذين ال تعني الواقعية بالنسبة لهم سوى االستسالم لألمر الواقع‪ ،‬فالواقعية‬
‫والتصارع مع الباطل‪ ،‬وعدم االستسالم ِل ُمعطياته‪ ،‬حتى ولو نجح‬
‫ُ‬ ‫اإلسالمية تعني اقتحام الواقع‪،‬‬
‫واقعا بالفعل‪ ،‬ما دامت هناك اإلمكانات لتغييره‪ ،‬ووجود اإلمكانات الدائمة‬
‫أمرا ً‬‫في فرض نفسه ً‬
‫َّ‬
‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫لتغيير الباطل من ُمقتضيات العقائد‬

‫والصراع مع الباطل الهدف منه استنهاض الواقع‪ ،‬والعمل على إصالحه وتقويمه‪ ،‬والسمو به إلى‬
‫للتصور اإلسالمي‪ ،‬إنها‬
‫ُّ‬ ‫َّ‬
‫المثالية في اإلطار الفكري‬ ‫المثل العليا والغايات المنشودة‪ ،‬وهذا ما تعنيه‬
‫التعامل مع الواقع بموضوعية كاملة‪ ،‬والسمو به في نفس‬
‫ُ‬ ‫المثالية الواقعية التي تفرض على الفنان‬
‫الوقت إلى المثل العليا التي تحقق رضا اهلل ورضوانه‪ ،‬فالفنان المسلم رجل يعيش على األرض‬
‫بروح تُ َحلِّق في السماء‪ ،‬فهو يتفاعل مع الواقع االجتماعي بعقيدة ربانية ومنهج إلهي؛ ليسمو به‬
‫الخلُود الذي سوف يستقر به في نهاية المطاف[‪.]10‬‬
‫إلى غاياته التي يتطلع بها إلى عالَم ُ‬

‫ثم إن المسلم يرفض النظرية الفلسفية التي قام عليها المذهب الواقعي‪ ،‬والتي تقول‪ :‬إن الحياة قد‬
‫بنيت على الشر‪ ،‬وإ ن ما فيها من مظاهر الخير ليس إال طالء زائفًا يموه واقعها‪ ،‬ويخفي حقيقتها‪،‬‬
‫ففي الحياة الخير األصيل الذي يفيض عليها الطمأنينة والرضا والمرحمة‪ ،‬وفي الحياة الشر‬
‫المستطير الذي يقاوم هذا الخير ويناضله‪ ،‬وإ ن اإلسالم بخاصة واألديان السماوية بعامة إنما‬
‫جاءت لتكافح َّ‬
‫الشر وتناضله‪ ،‬وتعزز الخير وتؤازره[‪.]11‬‬

‫تماما عن تلك المذاهب الفنية‪ ،‬التي نشأت‬


‫يتباين ً‬
‫ومعنى ما سبق‪ :‬أن الفن اإلسالمي مذهب مستقل َ‬
‫أن َّ‬
‫الفن اإلسالمي‬ ‫عن تطور المفاهيم العلمانية في الغرب‪ ،‬ولكن ذلك ال يعني في نفس الوقت َّ‬
‫َّ‬
‫بالمثالية‬ ‫التصور اإلسالمي للوجود‪ ،‬والذي نعبر عنه هنا‬
‫ُّ‬ ‫ألن‬ ‫ُّ‬
‫للتجدد؛ َّ‬ ‫مدرسة فنية غير قابلة‬
‫الواقعية‪ ،‬يجمع ما بين الثابت والمتغير‪.‬‬

‫َّ‬
‫العقدية والقيمية للتصور اإلسالمي‪ ،‬والجانب المتغير هو الفاعلية‬ ‫َّ‬
‫المثالية‬ ‫فالجانب الثابت هو‬
‫ُّ‬
‫للتشكل الفني بحسب‬ ‫اإلنسانية التي يتعامل بها هذا التصورـ مع الواقع‪ ،‬وهذا المتغير قابل‬
‫العديد من‬
‫ُ‬ ‫التوجهات البشرية المختلفة‪ ،‬ومن المزج بين هذا وذاك َيتَّسع المجال ألن يتوالَد‬
‫دائما أنها تختلف عن تلك المدارس الفنية األخرى التي‬
‫المدارس الفنية المتجددة‪ ،‬ولكنه سيالحظ ً‬
‫تتفاعل على أرضية أيديولوجية فنية مختلفة‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى‪ :‬فإن كون العمل اإلبداعي ينطبق عليه معيار الفن اإلسالمي؛ َّ‬
‫فإن ذلك ال‬
‫يمنحه أي قدر من االرتقاء الفني‪ ،‬وكما قلنا سابقًا‪ :‬فإن المعايير الفنية للعمل اإلبداعي مستقلة‬
‫أي تصورات أيديولوجية أو أخالقية‪ ،‬فقد ينطبق على العمل اإلبداعي صفة الفن‬
‫بعيدا عن ِّ‬
‫بذاتها‪ً ،‬‬
‫رديئا‪ ،‬وقد ال ينطبق عليه تلك الصفة ويكون عمالً ًّ‬
‫فنيا‬ ‫ًّ‬
‫إسالميا ً‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬ومع ذلك يكون ًّفنا‬
‫رائعا[‪.]12‬‬
‫ً‬
‫ــــــــــ‬

‫[‪ ]1‬أنور أبو طه‪ ،‬باحث فلسطيني‪ ،‬محتويات العدد صفرين‪ ،‬موقع الملتقى‪.‬‬

‫[‪ ]2‬أنور أبو طه‪ ،‬باحث فلسطيني‪ ،‬محتويات العدد صفرين‪ ،‬موقع الملتقى‪.‬‬

‫[‪ ]3‬موقع‪www.moqatel.com :‬‬

‫[‪ ]4‬د‪ .‬عبدالرحمن رأفت الباشا‪ ،‬نحو مذهب إسالمي في األدب والنقد‪.‬‬

‫[‪ ]5‬موقع‪ :‬حياة اللغة‪ ،‬قاموس المصطلحات‪.‬‬

‫[‪ ]6‬د‪ .‬محمد بن سعد بن حسين‪ ،‬األدب الحديث تاريخ ودراسات‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬

‫[‪ ]7‬د‪ .‬عبدالرحمن رأفت الباشا‪ ،‬نحو مذهب إسالمي في األدب والنقد‪.‬‬

‫[‪ ]8‬أنور أبو طه‪ ،‬باحث فلسطيني‪ ،‬محتويات العدد صفرين‪ ،‬موقع الملتقى‪.‬‬

‫[‪ ]9‬موقع جريدة الرياض‪ ،‬ثقافة وفنون‪.‬‬

‫[‪ ]10‬موقع إسالم أون الين‪ ،‬اإلسالم وقضايا العصر‪.‬‬

‫[‪ ]11‬د‪ .‬عبدالرحمن رأفت الباشا‪ ،‬نحو مذهب إسالمي في األدب والنقد‪.‬‬

‫[‪ ]12‬موقع إسالم أون الين‪ ،‬اإلسالم وقضايا العصر‪.‬‬

You might also like