Professional Documents
Culture Documents
9 9 1444
9 9 1444
9 9 1444
ُ ُ ُ ٌ
تربية النفس
ِ خطبة بعنوان :الصوم وأثره يف
بتاريخ 9 :رمضان 1444هـ – 31مارس 2023م
ُ
اخلطبة:
ِ عناصر
ُ ُ ا ُ
أوًل :الصوم والرتبية اإلميانية.
ُ ُ ُ ا
ثانيا :الصوم والرتبية األخالقية.
ُ ُ ُ ا
ثالثا :الصوم والرتبية الروحية.
ُ ُ ُ ا
رابعا :الصوم والرتبية اًلجتماعية.
ُ ُ ا
خامسا :الصوم والرتبية الصحية.
ُ ُ ا
املشاق.
ِ حتمل
ِ سادسا :الصوم والرتبية على
املـــوضــــــــــوع
ُ ُ ا
أوًل :الصوم والرتبية اإلميانية
التقوى ،قا َل تعالى{ :يَا أَيُّ َها َ الصيام هيِ ألن الغايةَ ِمن للصائم؛ َّ ِ الصيام مدرسةٌ إيمانيةٌ َ َّ
إن
علَى الَّذِينَ ِم ْن قَ ْب ِل ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَتَّقُونَ }( .البقرة.)183 : ب َ علَ ْي ُك ُم ِ
الص َيا ُم َك َما ُك ِت َ الَّذِينَ آ َمنُوا ُك ِت َ
ب َ
ألن العب َد الصوم؛ َِّ ُ
يتحقق في واجتناب النوا ِهي .وهذا ُ األوامر،
ِ ومضمون التقوى :امتثا ُل ُ
الصحيحينَ « :م ْن
ِ يمان ،ولهذا يقو ُل الرسو ُل ﷺ كما جا َء في التقوى واإل ِ َ يكون في غاي ِة ُ
سابًا، احتِ َضانَ ِإي َمانًا َو ْام َر َم َ غ ِف َر لَهُ َما تَقَد ََّم ِم ْن ذَ ْنبِ ِهَ ،و َم ْن قَ َ سابًا ُ احتِ َضانَ ِإي َمانًا َو ْ ام َر َم َ ص َ َ
غ ِف َر لَهُ َما تَقَد ََّم ِم ْن ذَ ْن ِب ِه».
سابًاُ ، احتِ َام لَ ْيلَةَ القَ ْد ِر ِإي َمانًا َو ْ
غ ِف َر لَهُ َما تَقَد ََّم ِم ْن ذَ ْن ِب ِهَ ،و َم ْن قَ َ ُ
حق مقتص ٌد فضيلتُهُ .ومعنَى احتسابًا: ي ":معنَى إيمانًا :أي تصديقًا بأنَّهُ ٌ يقو ُل اإلما ُم النوو ُّ
اإلخالص ،والمرا ُد َ يخالف
ُ غير ذلك مما الناس وال َ ِ هللا تعالى وح َدهُ ال يقص ُد رؤيةَ أن يري َد َ ْ
التراويح".
ِ بقيام رمضانَ صالة ُ ِ
والقيام
ِ والتسبيح
ِ الذكر
ِ الصائم على األعما ِل التي تعم ُل على زيادةِ إيمانِ َك ِمن َ أخي فاحرص ِ
ْ
علَ ْي ِه ْم آيَاتُهُ زَ ا َدتْ ُه ْم ِإي َمانًا} (األنفال .)٢ :وقا َل
ت َ {و ِإذَا ت ُ ِليَ ْ
وغير ذلك ،قا َل تعالىَ : ِ القرآن
ِ وتالوةِ
وب}( .الرعد.)٢٨ : َّللا ت َْط َمئِ ُّن ْالقُلُ ُ ج َّل شأنُهُ{ :الَّذِينَ آ َمنُوا َوت َْط َمئِ ُّن قُلُوبُ ُه ْم ِب ِذ ْك ِر َّ ِ
َّللا أ َ َال ِب ِذ ْك ِر َّ ِ
رب ِه،
ذكر ِ
أكثر ِمن ِ
إيمان العب ِد كل َما َ ُ ب وطمأنينةٌ وسكينةٌ ،فيزدا ُد عز وج َّل في ِه حياة ٌ للقل ِ فذكر هللاِ َّ
ُ
2
نهار رمضانَ فهل صيامي صحي ٌح؟!! أقولُ :هؤالء محرومون ِمن ويسألُ؟ فعلتُ كذا وكذا في ِ
الوزر.
ُ وثبت
َ األجر
ُ صيام ِهم وعليهم اإلعادةُ ،وإنَّما نقو ُل لهم :ضا َ
ع ِ ببطالن
ِ األجر ،ال نقو ُل ِ
ْ
ام ِه ِإالَّ ال ُجوعَُ ،و ُربَّ قَا ِئ ٍم ْس لَهُ ِم ْن ِ
ص َي ِ صا ِئ ٍم لَي َ
سو ُل هللاِ ﷺُ ”:ربَّ َ ف َع ْن أ َ ِبي هُ َري َْرة َ ،قَا َل :قَا َل َر ُ
س َه ُر( .“ .النسائي ،وابن ماجه والحاكم ،وصححه). ام ِه إِالَّ ال َّْس لَهُ ِم ْن قِيَ ِ
لَي َ ُ ُ ٌ ا
ثالثا :الصوم والرتبية الروحية
طين ومرجعهُ طين وغذاؤهُ ِمن ٍ قسمين :جس ٌد ورو ٌح ،فالجس ُد ُخ ِلقَ ِمن ٍ ِ يتكون ِمن ُ إن اإلنسانَ َّ
اجدِينَ } وحي فَقَعُوا لَهُ َ
س ِ س َّو ْيتُهُ َونَفَ ْختُ فِي ِه ِم ْن ُر ِ روح هللاِ {فَإِذَا َ ِ للطين ،والرو ُح مخلوقةٌ ِمن ِ
وغيرهَا ،والصائ ُم ال ُ ي هو العبادة ُ والصالة ُ والصو ُم (الحجر ،)29 :وغذا ُؤهَا غذا ٌء روح ٌّ
ط َع ُم} ( .األنعام ،)14 :وحين َما يمتن ُع ط ِع ُم َوالَ يُ ْ {وهُ َو يُ ْ سهُ فقا َلَ : وصف نف َ َ هللا تعالى يُطع ُم ،و ُ
األرض – فإنَّه في هذه الحا ِل ِ غذاء الجس ِد – الذي يشتركُ في ِه مع با ِقي دوا ِ
ب ِ اإلنسان عن ُ
ألن االستغنا َء الرب والمالئك ِة؛ َّ ِ ت يكون قد حم َل صفةً ِمن صفا ِ ُ – أعنِي حالةَ صيام ِه –
تقرب الصائ ُم إلي ِه بما َ الرب ج َّل جالله ،فل َّما ِ ت
ت ِمن صفا ِ الطعام وغير ِه ِمن الشهوا ِ ِ عن
أن أعما َل العبا ِد مناسبةٌ ألحوا ِل ِهم إال ي " :معناه َّ يوافق صفاتهُ أضافهُ إلي ِه .قال القرطب ُّ ُ
بأمر هو ي ٍ يتقرب إل َّ ُ الصائم
َ الحق ،كأنَّهُ يقو ُل َّ
إن ِ تمناسب لصف ٍة ِمن صفا ِ ٌ الصيام ،فإنَّهُ
ت هللاِ تعالى اتصف بصف ٍة ِمن صفا ِ َ الصائم
َ َّ
فكأن متعلق بصف ٍة ِمن صفاتِي"( .فتح الباري). ٌ
والكريم
َ العالم ِمنَّا
َ ق الربوبي ِة ،كما َّ
أن يليق ِمن البشري ِة ،وكمالهُ هللِ على استحقا ِ قدر ما ُ على ِ
قدر البشري ِةَ ،أال ترى أنَّك تقولُ: متصف بصف ٍة يستحقُّ َها هللاُ ،وللعب ِد في َها نسبةٌ على ِ ٌ والرحيم
َ
خصوص ُ أن يكونَ يجوز ْ ُ بصير … وهكذا ،فل َّما كان كذلك ٌ ٌ
وفالن وفالن كري ٌم ٌ فالن رحي ٌم ٌ
ورب ِه ومالئكت ِه .والمعنى على هذا الوج ِه: المشترك بينَ العب ِد ِ ِ الصوم
ِ اإلضاف ِة إلى نفس ِه في
مناسب لصف ٍة ِمن صفاتِي ،وكأنَّه يقولُ: ٌ ك ُّل أعما ِل العبا ِد مناسبةٌ ألحوال ِهم َّإال الصيام ،فإنَّه
جزي ب ِه. متعلق ُبصف ٍة ِمن صفا ِتي ،فأنَا أ َ ِ ٌ بأمر هو ي ٍُ يتقرب إل َّ ُ
ُ
الصائم
َ ا
إن َّ
رابعا :الصوم والرتبية اًلجتماعية
عب الحاجاتِ ،فالصائ ُم إذا جا َ والمساكين وأصحا ِ ِ للفقراء
ِ اإلحسان
ِ المسلم على َ الصيا ُم يعي ُن
اإلحسان إلي ِهم والشفق ِة ِ أحس بالظامئين ،فيحفزهُ ذلك على َّ عطش َ أحس بحاج ِة الجائعين ،وإذا َّ
كثير والفرح علي ِهم .ولهذا كان ﷺ َ ِ السرور
ِ سد ُج ْوع ِهم وظمأ ِهم ،وإدخا ِل عليهم ،والسعي ِ في ِ
اس؛ َو َكانَ أَجْ َو ُد جْو َد النَّ ِ َّللا ﷺ أ َ َ سو ُل َّ ِ َّاس قَا َلَ ":كانَ َر ُ عب ٍ والكرم في رمضانَ ،ف َع ْن اب ِْن َ ِ الجو ِد
سهُ ْالقُ ْرآنَ ؛ ضانَ فَيُ َد ِار ُ ضانَ ِحينَ َي ْلقَاهُ ِجب ِْريلُ؛ َو َكانَ َي ْلقَاهُ ِفي ُك ِل لَ ْيلَ ٍة ِم ْن َر َم َ َما َي ُكو ُن ِفي َر َم َ
سلَ ِة(".متفق عليه). يح ْال ُم ْر َ الر ِ جْو ُ ُد بِ ْال َخي ِْر ِم ْن ِ سلَّ َم أ َ َ علَ ْي ِه ُ َو َ
َّللا َ صلَّ ُى َّ ُ َّللا َ سو ُل َّ ِ
َ ُ ا
فَلَر
خامسا :الصوم والرتبية الصحية
األمراض النفسي ِة والجسمي ِة، ِ لكثير ِمن ٍ مذهب
ٌ للصيام فوائ ُد صحيةٌ كثيرة ٌ وعديدةٌ ،فهو ِ
ويطهر األمعا َءُ الجسم،
ِ وبعض الغد ِد المنتشرةِ في َ الهضمي وال ُكلى والكب َد ِ ويصل ُح الجهازَ
ب. خطر على القل ِ ٌ ت التي هي ويذيب الشحوما ِ ُ والسموم التي تحدث ُ َها البطنةُ، ِ تِمن العفونا ِ
الصيام الصحي ِة أنَّه يفنِي الموا َد ِ ”ومن فوائ ِد قال العالمةُ ُمحمد رشيد رضا رحمه هللاِ :
4
ت ويجفف الرطوبا ِ ُ النهم وقلي ِلي العم ِل، ِ المترفين أوليِ ُ
أبدان البدن وال سيما ِ الراسب َة في
الشحم ،أو َ ويذيب
ُ والسموم التي تحدث ُ َها البطنةُ، ِ ب
ويطهر األمعا َء ِمن فسا ِد الذر ِ ُ الضارة َ،
كتضمير الخي ِل الذي ِ ب ،فهو الخطر على القل ِ ِ لجوف وهي شديدة ُ ِ يحو ُل دونَ كثرت ِه في ا
شهر واح ٍد في السن ِة ٍ صيام
َ إناإلفرنجَّ :
ِ أطباء
ِ بعض ُ والفر… وقال ِ يزي ُدهَا قوة ً على ِ
الكر
البدن مدة َ سنةٍ”. ت الميت ِة في يذهب بالفضال ِ ُ
ِ ُ ا
املشاق
ِ وحتمل
ِ الصرب
ِ سادسا :الرتبية على
ترك محبوبات ِه وشهوات ِه، الصبر والتحم ِل والجلدِ؛ ألنه يحملهُ على ِ ِ المسلم على َ الصيا ُم يعو ُد
أقوى العوام ِل على النفس في ِه مشقةٌ عظيمةٌ ،ولهذا كان الصو ُم ِمن َ ِ جماح
ِ أن كب َح ومعلو ٌم َّ
وصبر ٌ محارم هللاِ ِ وصبر عن ٌ صبر على طاع ِة هللاِ، ٌ الصبر الثالثة ،وهي ِ أنواع
ِ تحصي ِل
صا ِب ُرونَأدخلت العب َد الجنةَ بإذن هللاِ ،قال تعالىِ { :إنَّ َما يُ َوفَّى ال َّ ْ ْ
اجتمعت أقدار هللاِ ،ومتى ِ على
األجر ،بل تر َكهُ مفاجأة ً َ هلل تعالَى لم يحد ْد ل ُهم ب} [الزمر من اآلية .]10:فا ُ سا ٍ أ َ ْج َرهُ ْم ِبغَي ِْر ِح َ
وزن ي :ال يُ ُ عطي ،كما يقو ُل اإلما ُم األوزاع ُّ قدر الم ِ لهم وتكري ًما في اآلخرةِ ،والعطيةُ على ِ
غرف لهم غرفًا . لهم بميزان ،وال يُكا ُل لهم بمكيا ٍل ،وإنما يُ ُ
ت بجميع جوان ِب َها؛ ليص َل ب َها إلى أعلَى درجا ِ ِ النفس وتزكيتِ َها ِ وهكذا يعم ُل الصيا ُم على تربي ِة
الكما ِل المنشودِ.
ت حتى تخر َج ِمن رمضانَ وقيام وطاعا ٍ ٍ صيام
ٍ لخير ِمن تلزم طريقَ ا ِ أن َ فعليك أخي الصائم ْ َ
والشيطان ،حتى ال ِ الشر
ِ واحذر طرقَ ْ تقدم ِمن ذنبِ ِه. غ ِف َر لهُ ما َ وقد تحققَ فيك قولُهُ ﷺُ ":
األمين ،وأ َّمنَ خلفَهُ خات ُم المرسلين .فعَ ْن أَبِي هُ َري َْرة َ ”،أَن ُ عا عليهم جبري ُل تكونَ ِمن الذين د َ
َّللاَِ ،ما سو َل َّ سلَّ َم َرقَى ْال ِم ْنبَ َر ،فَقَا َلِ :آمينَ ِ ،آمينَ ِ ،آمينَ ” ،قِي َل لَهُ :يَا َر ُ علَ ْي ِه َو َ َّللا َ صلَّى َّ ُ ي َ النَّبِ َّ
ع ْب ٍد أ َ ْد َر َك أَبَ َو ْي ِه أ َ ْو أ َ َح َدهُ َما لَ ْم يُ ْد ِخ ْلهُ ف َصنَ ُع َهذَا؟ فَقَا َل :قَا َل ِلي ِجب ِْريلَُ :ر ِغ َم أ َ ْن ُ ت تَ ْ ُك ْن َ
ان لَ ْم يُ ْغفَ ْر لَهُ ،فَقُ ْلتُ ِ :آمينَ ،ث ُ َّم علَ ْي ِه َر َم َ
ض ُ ع ْب ٍد َد َخ َل َ ف َ ْال َجنَّةَ ،قُ ْلتُ ِ :آمينَ ،ث ُ َّم قَا َلَ :ر ِغ َم أ َ ْن ُ
علَي َْك ،فَقُ ْلتُ ِ :آمينَ ”( .أحمد والترمذي وحسنه). ص ِل َ ت ِع ْن َدهُ فَلَ ْم يُ َ ئ ذُ ِك ْر َ ف ا ْم ِر ٍ قَا َلَ :ر ِغ َم أ َ ْن ُ
وليكن لك العبرة ُ والعظةُ من هذه المرأ ِة الصوام ِة القوام ِة .ف َع ْن أ َ ِبي هُ َري َْرة ،قَا َل :قَا َل َر ُج ٌل: ْ
غي َْر أَنَّ َها تُؤْ ذِي ص َدقَتِ َهاَ ، ام َهاَ ،و َ ص َي ِ ص َالتِ َهاَ ،و ِ َّللاِِ ،إ َّن فُ َالنَةَ يُ ْذ َك ُر ِم ْن َكثْ َرةِ َ سو َل َّ َيا َر ُ
ام َها، ص َي ِ َّللاِ ،فَإِ َّن فُ َالنَةَ يُ ْذ َك ُر ِم ْن قِلَّ ِة ِ سو َل َّ ار ” ،قَا َلَ :يا َر ُ ي فِي النَّ ِ سانِ َها ،قَا َلِ ”:ه َ يرانَ َها ِب ِل َ ِج َ
سانِ َها ،قَا َل” : َّق ِب ْاألَثْ َو ِار ِمنَ ْاألَقِ ِطَ ،و َال تُؤْ ذِي ِج َ
يرانَ َها ِب ِل َ صد ُ ص َالتِ َهاَ ،و ِإنَّ َها ت َ َ ص َدقَتِ َهاَ ،و َ َو َ
ي فِي ْال َجنَّ ِة ” ( .أحمد وابن حبان والحاكم وصححه). ِه َ
ت ويحسن أخالقَ َك ويهذب نفسك ِمن طاعا ٍ ُ كل ما يزي ُد إيمان ََك الصائم على ِ َ فاحرص أخي ْ
ئ أخالقَ َك ِمن معاصي ِ وسيئاتٍ. نقص إيمان ََك ،ويس ُ وقرباتٍ ،واجتنبْ ك َّل ما يُ ُ
اللهم كما حسنتَ خلقنَا فحسنْ أخالقنَا ،وآتِ نفوسَنَا تقوهَا ،وزكِّهَا فأنتَ خيرُ مَن زكَّاها.
الدعاء ،،،وأقم الصالة ،،،،كتبه :خادم الدعوة اإلسالمية د /خالد بدير بدوي