Professional Documents
Culture Documents
ملخص أحكام الصيام من تمام المنة
ملخص أحكام الصيام من تمام المنة
مقاالت متعلقة
الزيارات
208340 :
اعلم َ -رِح َم َك الله -أنه قد َو َر َد في فضل الَص ْو م أحاديث كثيرة ،نذكر منها قْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم" :الصيام والقرآن يشفعان
للعبد يوم القيامة ،يقول الصيام :أْي َرّب :منعُت ُه الطعاَم والشهوة ،فَش ِف ْع ني فيه ،ويقول القرآن :منعُت ُه النوَم بالليل ،فَش ِف ْع ني فيه ،قال:
فيشفعان" [.]2
وهناك بعض الفضائل األخرى الخاصة بَص ْو م رمضان ،نذكر منها قْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم" :إذا جاء رمضان ُف ِت َح ت أبواب
الجنة ،وُغ ِل قت أبواب الِن يران ،وُص ِّف َد ت ( -أيُ :س لِس َلت) -الشياطين" -وفي رواية عند الترمذي " -وينادي مناٍد :يا باِغ َي الخير أقبل،
ويا باِغ َي الشر أقِص ر ،وللِه ُع َت قاٌء من النار ،وذلك كل ليلة" [.]3
يجب الَص ْو م على المسلم ،العاقل ،البالغ ،الصحيح ،الُم ِق يم ،وُي َز اد في حق المرأة الطهارة من (الَح ْي ض والِن فاس).
وحقيقة الِن َّي ة :العزم على الِف عل امتثاًال ألمر الله َع َّز َو َج ّل ،فمتى عزَم على الَص ْو م بقلبه فقد تحققت الِن َّي ة ،وال َي لَز ُم ُه الَت َلُّف ظ بها -بأْن
يقول :نويُت الصيام غدًا ،-بل إن الَت َلُّف ظ بالِن َّي ة بدعة ،إذ َلم َي ثُب ت الَت َلُّف ظ ِب ها عن رسول الله َص ّلى الله عليه وسَّلم ،وال عن أصحابه،
وال عن الُخ َلفاء ،وال عن األئَّم ة( ،واعلم أَّن السُح ور في َح ّد ذاِتِه ُي عَت َب ر ِن َّي ة لصياِم الَغ د).
أّو ًال :بالنسبة لَص ْو م الفرض( :كَص ْو م رمضان وَص ْو م الكفارات وَص ْو م النذر -كأْن يقول قائل :نذرت أْن أَص ْو م يومًا إذا نجح ابني) ،-
ففي هذا النوع من الصيام البد أْن تكون الِن َّي ة في أي جزء من أجزاء الليل قبل الفجر.
ثانيًا :بالنسبة لَص ْو م الَنفل :فإنه َي ِص ّح إحداث الِن َّي ة في أي وقت من النهار( ،سواء كان قبل زوال الشمس -أي قبل بداية وقت الظهر
،-أو بعد ذلك) -على الراجح من أقوال العلماء ،-بشرط أْن ال يكون قد أتى بما ينافي الَص ْو م من أْكل أو ُش رب أوغير ذلك.
المسألة الثاِن َّي ة( :هل ُي شَت َر ط الِن َّي ة لكل يوم؟):
اختلف العلماء في ذلك ،فذهَب فريق منهم إلى أنه ُي ْج ِز ُئ ُه صيام الشهر بِن َّي ة واحدة ِم ن أّو له ،وذهَب فريق آخر إلى وجوب ِن َّي ة
مستقلة لكل يوم من أيام الصيام( ،سواء كانت األيام متتابعة كَص ْو م رمضان ،أو متفرقة) ،وهذا هو الراجح ألن كل يوم عبادة
مستقلة ،والله أعلم.
ُ -1ي شَت َر ط في الِن َّي ة( :الَج ْز م بها) ،فمتى تردَد فيها فال َت ِص ّح ،كأْن يتردد أْن يصوم غدًا أو ال يصوم ،أما إذا نوى الِف طر -يعني عزم
عزمًا جازمًا على الِف طر -فقد فَس َد َص ْو ُم ُه ،حتى وإْن لم يتناوْل ُم َف ِّط رًا .
-2إذا لم يعلم أن غدًا هو أّو ل رمضان ،فقال( :إْن كان غدًا من رمضان فأنا صائم َص ْو م رمضان ،وإال فأنا ُم فِط ر ،فالراجح ِص َّح ة ذلك؛
ألن هذا ليس ترددًا في الِن َّي ة كما في المسألة السابقة ،إنما هو تردد في ثبوت الشهر.
َ -3ي ُج وز إحداث الِن َّي ة للفرض أثناء النهار في حاالت :منها :إذا جاءه خبر هالل رمضان أثناء النهار ،أو أْن يكون قد نام في ليلته قبل
غروب الشمس حتى بعد الفجر ،وكذلك الصبي إذا احتلم أثناء النهار ،أو المجنون إذا أفاق أثناء النهار ،أو الكافر إذا أسلم أثناء النهار؛
فكل هؤالء ُي مِس ُكون عن الطعام والشراب بقية النهار ،وليس عليهم قضاء لهذا اليوم.
والمقصود باإلمساك :االمتناع عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.
-1ما يظنه كثير من الناس من االمتناع عن الطعام والشراب إذا سمعوا ما ُي عَر ف بمدفع اإلمساك ،أو إذا سمعوا التواشيح في
اإلذاعات ال أساَس له من الِص ّح ة ،فإن هذا كله ال َي مَنع الطعام ،وكذلك ال ُي عَر ف في الشرع ما ُي َس ّم ى بوقت اإلمساك الذي تعارف عليه
الناس ووضعوه في التقاويم ضمن مواقيت الصالة ،وأما وقت اإلمساك الحقيقي فهو أّو ل دخول وقت الفجر الصادق.
-2إذا أكَل الصائم وهو يظن أّن الشمس قد غربت ( -هذا عند اإلفطار) ،-أو أكل وهو يظن أَّن الفجر لم يطلع بعد ( -هذا عند
السحور) ،-ثم تبين له الحال خالف ظنه ،فالراجح :أنه ال يجب عليه قضاء ذلك اليوم ،لقْو ل الله تعالىَ ﴿ :و َلْي َس َع َلْي ُكْم ُج َناٌح ِف يَم ا
َأ ْخ َط ْأ ُت م ِب ِه َو َلِك ْن َّم ا َت َع َّم َد ْت ُق ُلوُب ُكْم َو َكاَن الَّلُه َغ ُف ورًا َّر ِح يمًا ﴾ [األحزاب ،]5 :ولقْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم" :إن الله وضع عن
أمتي الخطأ والنسيان وما اسُت كِر هوا عليه" [.]4
-3راكب الطائرة ال يعتمد في فطره على إفطار البلد الذي يسير فوقها ،حتى ولو تحقق فطرهم عنده ( -كأْن يعلم ذلك من ِم ذياع في
الطائرة أو غير ذلك) ،-بل ُي مِس ك حتى يرى َم ِغ يب الشمس (وذلك ألنه في الطائرة يرى من غروب الشمس ما اليراه غيره).
أوًال :هناك ما ُي بِط ل الَص ْو م وُي وِج ُب القضاء فقط (يعني ُي وِج ب قضاء ذلك اليوم الذي أفَس َد َص ْو مه) مثل:
-1األْكل والُش ْر ب َع ْم دًا :والمقصود إدخال الطعام والشراب عن طريق الفم ،فمتى ُأ ْد ِخ َل الطعام إلى َج ْو ِف ِه ذاكرًا متعمدًا ،فقد أفطر،
ويكوُن بذلك آِث مًاِ ،لَت َع ُّم ِد ِه معصية اللِه باإلفطار ،وَي لَز ُم ُه التوبة ،وعليه قضاء ذلك اليوم.
وأما إْن أَكَل أو َش ِر َب ناسيًا فال شئ عليهَ ،و ْلُي ِت ّم َص ْو مه ،فقد قال النبي َص ّلى الله عليه وسلم" :مْن َن ِس َي وهو صائم ،فأكل أو شرب،
فْلُي ِت ّم َص ْو مه ،فإنما أطعمه الله َو َس قاه"[.]5
وهذا الُح كم ( -وهو األكل أو الشرب ناسيًا أثناء الصيام) -يشمل الفريضة والنافلة ألن الحديث السابق لم يفرق بين الفرض والنفل،
وأما الجاهل بالتحريم :فإْن كان بعيدًا عن بالد اإلسالم ،أو كان قريب عهد باإلسالم؛ فهو معذور وال شئ عليه ،وأما إْن كان مخالطًا
للمسلمين ،بحيث ال َي خَف ى عليه تحريمه فقد َبُط َل َص ْو ُم ه.
-2الِق يء عمدًا :وسواء كان الِق يء قليًال أو كثيرًا ،ألن النبي َص ّلى الله عليه وسلم قالَ" :م ن َذ َرَع ُه الِق يء ( -أي :غلبه القيء) -وهو
صائم فليس عليه قضاء ،وَم ن استقاء ( -أي تعَم َد الِق يء) -فلَي قِض "[.]6
-3الَح ْي ض والِن فاس :حتى ولو خرج دم الَح ْي ض أو الِن فاس في اللحظة األخيرة قبل المغرب ،فال خالف بين العلماء بالِف طر ،ووجوب
قضاء ذلك اليوم عليها.
-1إذا تناول ما يؤذي ويضر كالسجائر ،فإنه يكون ُم فِط رًا ؛ ألنه تناوله من الَم نَف ذ الُم عتاد للطعام وهو الفم.
-2الُكحل وقطرة العين :ال ُت فِّط ر الصائم ،حتى لو وجد طعمها في حلقه ،ألن العين ليست َم نَف ذًا ُم عتادًا للطعام ،وليس هناك حديث
صحيح َي ُن ّص على أن الُكحل ُم َف ِّط ر ،والَص ْو م عبادة ال ُي حَكم بفسادها إال بدليل.
ويجري هذا الُح كم كذلك على قطرة األذن واألنف ،فإنها ال ُت فِّط ر الصائم ،لكن األوَلى في قطرة األنف االحتراز منها -إال لضرورة ،-
لنهيه َص ّلى الله عليه وسلم عن المبالغة في االستنشاق للصائم ،وسيأتي الحديث في ذلك.
ُ -3ي باح للصائم االغتسال واالنغماس في الماء للَت َب ُّر د.
-4المضمضة واالستنشاق :ال ُي َف ِّط ران الصائم ،لكنه ُي كَر ه له المبالغة في االستنشاق ،ألن النبي َص ّلى الله عليه وسلم قال" :وباِل غ في
االستنشاق إال أْن تكوَن صائمًا"[ ،]7فإْن سبقه الماء إلى جوفه بدون قصٍد منه ،حتى ولو مع المبالغة المكروهة في االستنشاق
فالصحيح أنه ال ُي فِط ر بذلك؛ ألنه غير متعمد.
-5الحجامة جائزة للصائم ،والراجح أنها ال ُت فِس د الَص ْو م؛ ألن النبي َص ّلى الله عليه وسلم احتجَم وهو صائم[ ،]8لكنها ُت كَر ه للصائم
من أجل ما تسببه من َض عف.
-6خروج الدم ال ُي فِس د الَص ْو م (سواء كاَن ِم ن َج َس ِد ه ،أو من أنفه ،أو من أسنانه ،أو ِم ن قْلع ِض رس) ،وسواء كاَن الدم قليًال أو كثيرًا ،
لكنه َي حتِر ز من ابتالعه ،وكذلك ال ُي فِس د الَص ْو َم خروُج الدم عن طريق الُح قن ألخذ َع ِّي نات ،أو للَت َب ُّر ع به.
-7الُح قن بأنواعها (سواء الُح قن الشرجية ،أو الُح قن في الَو ريد أو الَع َض ل) ،أو ما ُأ ْد ِخ َل عن طريق الفْر ج أو الُد ُبر من (دواء ،أو منظار،
أو لُب وس) ،كل ذلك ال ُي فِس د الَص ْو م ،وكذلك بخاخة الَر ْبو ال ُت فِّط ر.
واختلفوا في الُح قن المغذية (مثل ُح قن الفيتامينات وغيرها) باعتبار أنها مما َي تقَّو ى به اإلنسان ،وأنها تقوم مقام التغذية ،والراجح -
والله أعلم -أنها أيضا ال ُت فِّط ر الصائم ،ألن الطعام عن طريق الفم فيه معنى الَت َش ِّه ي والتلذذ بَم ْض ِغ ِه َو َب ْلِع ه ،وهذا ال يوجد في الُح قن.
َ -8ي ُج وز استعمال السواك للصائم في أي وقت ،سواء كان قبل الزوال أو بعده (يعني سواء كان استعمال السواك قبل وقت الظهر أو
بعد ذلك) ،وسواء كان السواك َر ْط بًا أو يابسًا.
واعلم أنه َي ُج وز أيضًا استعمال َم عُج ون األسنان ،ولكنه ُي كَر ه لقوة نفاِذ ِه إلى الَم ِع َد ة ،مما يؤدي إلى إفساد َص ْو مه ،وأما إْن كان َي أَم ن
من ذلك وليس له قوة نفاذ فال بأس.
َ -9ي ُج وز للصائم شم الروائح ،وال َي فَس د َص ْو ُم ُه بذلك ،وسواء كانت هذه الروائح سوائل أو ُب ُخ ور.
ُ -10ي باح للصائم َب ْلع ريِق ه ،حتي لو َج َم َع ُه ثم ابتلعه (طالما أنه داخل فمه) ،ولو شرب الصائم قبل الفجر ،ثم طلع الفجر ،فال يجب
عليه الَت ْف ل للتخلص من َط عم الماء الذي في فمه ،فهذا مما ُي تساَم ح فيه.
-11ال ُي فِس د الَص ْو م ما ال يمكن االحتراز منه :كُغ َب ار الطريق ،وُن خالة الدقيق ،وما تبقى من الطعام بين األسنان.
ُ -12ي باح للصائم ذْو ق الطعام بشرط أْن ال َي دُخ ل منه شئ إلى َح ْلِق ه ،ثم يتمضمض بعد ذلك للتخلص من طعمه.
َ -13م ن يعمل في األفران وفي األعمال الشاقة ال ُي باح لهم الِف طر ألنهم ُم َكَّلفون ،فَي ِج ب عليهم تبييت ِن َّي ة الَص ْو م بأْن ُي ْص ِب ُح وا
صائمين ،وَم ن اضطر منهم للِف طر أثناء النهار فَي ُج وز له أْن ُي فِط ر بما َي رفع اضطراره ،ثم ُي مِس ك َبقّي ة يومه ،وعليه قضاء ذلك اليوم.
-14إذا أصبح ُج ًنبًا (من جماع قبل الفجر أو من احتالم بالليل أو بالنهار) وهو صائم فَص ْو مه صحيح وال َي فَس د بذلك.
-15القبلة والُم عاَن قة :كل ذلك ال ُي َف ِّط ر الصائم ،إال إْن َخ ِش َي على نفسه إنزال الَم ِن ّي ،أو أْن يوقعه ذلك في الجماع.
ُ -16ح كم االستمناء للصائم ( -وهو طلب خروج الَم ِن ّي بوسيلة كالَي ّد ) :أنه إذا استَم ِن ّي فأنَز ل ،فقد ذهب األئمة األربعة وغيرهم إلى
َف َس اد َص ْو مه ،وعليه قضاء ذلك اليوم ،أما إذا فَّكَر فأْم َذ ى (أي خرج منه الَم ذي) ،فصيامه صحيح ،وال َي فَس د بذلك ،وهذا اختيار شيخ
اإلسالم ابن َت ْي ِم َي ة ،وهو مذهب أبي حنيفه والشافعي.
قال الشيخ عادل العَّز ازي( :ينبغي للعبد أْن يكون محاِف ظًا على عبادة ربهَ ،ي ُص وُن ها مما ُي ِخ ّل بها ليتحصل الثواب الكامل ،إذ إنه فرق
بين ِص َّح ة العمل وبين قبوله ،فُر َّب عمل وقع صحيحًا من حيث الُح كم الِف قهي ،لكنه خاَلَط ُه شوائب ُت بِط له وُتَض ِّي ُع ه).
واعلم أن االستمناء حرام ،ألنه طلٌب للشهوة من غير زوجة ،أو ما َم َلَكْت َي مين ،وقد قال تعالى ﴿ :والذين هم لفروجهم حافظون * ِإ َّال
َع َلى َأ ْز َو اِج ِه ْم َأ ْو َم ا َم َلَكْت َأ ْي َم اُن ُه ْم َف ِإ َّن ُه ْم َغ ْي ُر َم ُلوِم يَن * َف َم ِن اْبَت َغ ى َو َر اَء َذ ِلَك َف أّو لِئَك ُه ُم الَع اُد وَن ﴾ [المؤمنون( ]7 - 5 :والعادون:
هم الذين تعَّد وا حدوَد الله تعالى بالمعصية).
تنبيه :هناك بعض المسائل العالجية الحديثة ،وهي ال تفطر الصائم أيضًا ،وقد قرر ذلك مجلس مجمع الفقه اإلسالمي الُم نَع ِق د من 23
إلى َ 28ص َف ر 1418هـ ،وهذه األمور التي قررها المجلس ما يلي:
-1األقراص العالجية التي ُت وَض ع تحت اللسان لعالج الذبحة الصدرية وغيرها -إذا اجتنب ابتالع ما َي ْنفذ منها إلى الَح ْلق -ال ُي َف ِّط ر
الصائم.
َ( -2ح فر السن ،أو قْلع الِض رس ،أو تنظيف األسنان) -اذا اجتنب ابتالع ما َي ْنفذ إلى الَح ْلق -ال ُي َف ِّط ر الصائم.
-3المضمضة والغرغرة وبخاخ العالج الموضعي للفم -اذا اجتنب ما َي ْنفذ إلى الَح ْلق -ال ُي َف ِّط ر الصائم.
-4غاز األكسجين ال ُي َف ِّط ر الصائم.
-5غازات التخدير (البنج) ال ُتَف ِّط ر الصائم ،ما لم ُي عَط المريض سوائل مغذية (محاليل).
-6ما يدخل الجسم امتصاصًا من الجلد كالدهانات والمراهم والالصقات العالجية الُم َح َّم َلة بالمواد الدوائية أو الكيميائية ،ال ُي َف ِّط ر
الصائم.
-7إدخال (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو عالج أوعية القلب أو غيره من األعضاء ،ال ُي َف ِّط ر الصائم.
-8إدخال منظار من خالل البطن لفحص األحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها ،ال ُي َف ِّط ر الصائم.
-9أْخ ذ َع ّي نات من الكبد أو غيره من األعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل ،ال ُي َف ِّط ر الصائم.
-10دخول أي أداة أو مواد عالجية إلى الدماغ أو الُنخاع الشوكي ،الُي َف ِّط ر الصائم.
-11ما َي دخل الِم هَب ل من تحاميل (لُب وس) ،أو َغ ُس ول ،أو منظار ،أو فحص الطبيبة ،كل ذلك ال ُي َف ِّط ر الصائم.
وذلك ال يكون إال "بالِج ماع" ،فمتى جاَم َع الصائم في نهار رمضان عالمًا بتحريم الجماع أثناء الَص ْو م ،ومتعمدًا لذلك - ،وسواء أْن زل أو
لم ُي نزل ،-فقد أِثَم بذلك ،وفَس َد َص ْو ُم ه ووجب عليه القضاء والَكّف ارة.
والَكّف ارة هيِ :ع تق رقبة ،فإْن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ،فإْن لم يستطيع فإطعام ِس ِت يَن مسكينًا ،هكذا على هذا الترتيب ،فال
ُي طِع م ستين مسكينًا إال إذا لم َي قَو على صيام الشهَر ين ،وال َي ُص م إال إذا لم يجد الرقبة ،وهذا قْو ل الجمهور.
ُ -1ي شَت َر ط في َص ْو م الَكّف ارة أْن يكون شهرين متتابعين ،والمقصود به الشهر الهجري ال الميالدي.
-2لو جاَم َع في َص ْو م فْر ض غير رمضان (كَص ْو م النذر وَكّف ارة اليمين) ،أو جاَم َع في َص ْو م نفل :فقد فَس َد َص ْو ُم ه ،وال َت لَز ُم ُه الَكّف ارة،
وهذا ما ذهب إليه الجمهور.
-3إذا جاَم َع َم ن له ُر خصة بالِف طر (كالمسافر ،والمريض) في نهار رمضان ،فال إثم عليه وال َكّف ارة؛ ألنه ُأ بيح له الِف طر ،بشرط أال ُي فِس د
على الزوجة صيامها (إْن كانت صائمة) ،وإنما َي ُج وز له ذلك إذا كانت هي األخرى لها ُر خصة الِف طر ،أو كانت قد َط ُه َر ت من َح ْي ضها
أثناء النهار.
َ -4ي ِج ب على المرأة َكّف ارة أيضًا إْن طاَو َع ت الرجل في الجماع؛ وهذا رأي الجمهور ،وهو األرجح ،أما إْن كانت المرأة ُم كَر َهة أو لها
ُر خصة الِف طر ،فال شَئ عليها.
-5اختلف العلماء في مقدار اإلطعام؛ فذهب مالك والشافعي وأحمد بأْن ُي طِع م كل مسكين ُم ّد ًا من طعام( ،والُم ّد :هو الِح فنة التي
تمأل الَكَّف ْي ن معًا)( ،والمعنى أْن تكون َو جبة ُم شبعة للمسكين ،أما نوع الطعام فيكون حسب الحالة المادية لَم ن عليه الكفارة ،والله
أعلم).
-6إذا ُأ ْع ِس َر ( -أي وجد صعوبة في إخراج ثمن الَكّف ارة) -فلم يستطيع الَكّف ارة ،فإنها متعلقة بذمته إلى أْن يتيسر له ذلك ،وهذا هو
مذهب مالك وأبي حنيفة.
قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم" :تَس َّح روا فإن في السُح ور بركة"[ ،]9وقال أيضًا " :لسُح ور أْكُلُه بركة ،فال تَد ُع وه ولو أْن
يتجرع أحدكم جرعة ماء؛ فإن الله ومالئكته ُي َص ُّلون على المتَس ِّح رين"[.]10
(َ )1ي ُج وز السُح ور في أي وقت من الليل ،ولكْن ُي سَت َح ّب تأخيره ،لقْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم" :أمرنا معاشر األنبياء أْن نعجل
إفطارنا ،ونؤخر سحورنا ،ونضرب بأيماننا على شمائلنا في الصالة"[.]11
( )2إذا سمع األذان وكان شرابه في يده فله أْن يشرب حتى ينتهي منه ،لقْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم" :إذا سمع أحدكم النداء
واإلناء على يده فال يضعه حتى يقضي حاجته منه"[.]12
ُي سَت َح ّب للصائم تعجيل الِف طر متى غربت الشمس ،واعلم أنه يتحقق الِف طر بأقّل شئ من الطعام أو الشراب ،لكن األفضل والُم سَت َح ّب
أْن يكون ِف طُر ُه على ُر َط ب (بلح) ،فإْن لم يجد فالتمر ،فإْن لم يجد فالماء ،واعلم أيضًا أنه ُي سَت َح ّب الدعاء عند الِف طر ،وأَص ّح ما ثبَت
في الدعاء عند الِف طر أن رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم كان إذا أفَط َر قال" :ذهَب الظمأ واْبَت َّلْت العروق وثبت األجُر إْن شاء الله
[ ،]13ويجوز أيضًا الدعاء بغير ذلك.
وذلك بالَكف عن اللغو والرفث ( -وهو الكالم الفاحش) -وغير ذلك مما ُي نافي الَص ْو م ،فقد قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم" :إذا
كان يوم َص ْو م أحدكم فال َي رُف ث ،وال َي صَخ ب ( -ومعنى الَص َخ ب :الِخ صام والِص ياح) ،-وال َي جَه ل ،فإْن شاَت َم ُه أحد أو قاتله فليقل :إني
صائم"[ ،]14وقال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلمَ" :م ن لم َي َد ْع قْو َل الُز ور والعمل به ،فليس للِه حاجة في أْن َي َد ع طعاَم ُه وشراَبه"
[.]15
فعن ابن عباس رضي الله عنه قال" :كان النبي َص ّلى الله عليه وسلم أْج َو د الناس بالخير ،وكان أْج َو د ما يكون في رمضان حين يلقاه
جبريل ،وكان جبريل عليه السالم يلقاه كل ليلة في رمضان حتى َي نسلخ ( -أي حتى يمضي رمضان) َ ،-ي عرض عليه النبي َص ّلى الله
عليه وسلم القرآن ،فإذا لِق َي ُه جبريل عليه السالم كاَن أْج َو د بالخير من الريح الُم رَس َلة[.]16
فالَص ْو م دعوة إلى التوبة واالنتباه والرجوع إلى الله ،ولكْن إياَك أْن تجعل صيامك سبيًال إلى االزدياد من المعاصي ،وإن من أعظم
الَب الء الذي اْبُت ِل َي بِه كثيٌر من الَخ ْلق( :الُع ُكوف أمام آالت الَلْه و والمعازف والمسرحيات والمسلسالت ينظرون إلى الفواحش ،ويسمعون
الغناء والفجور).
وإليك -أخي الحبيب -بعض النصائح التي تعينك على التقوى بإذن الله تعالى:
( )1اتِخ ذ لك ُص حَب ة مؤمنة تعينك على الطاعة ،وابتعد عن قَر ناء الُس وء.
( )2اجعل قلبك ُم َع َّلقًا بالمساجد ،وحافظ على صالة الجماعة مهما كانت الظروف.
( )3ألزم نفسك بالُم واَظ بة على قراءة القرآن الكريم.
( )6استعن بالله على تْر ك الُم َح َّر ماتَ ،كُش رب الدخان ونحوه.
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال :قلُت يا رسول الله ،لم أرك تُص وم من شهر من الشهور ما تُص وم من شعبان ،قال "ذاك شهر
َي غفل الناس عنه بين رجب ورمضان ،وهو شهر ُت ْر َف ع فيه األعمال إلى رب العالمين ،فأحب أْن ُي ْر َف ع عملي وأنا صائم" [.]17
ففي هذا الحديث بيان للُح كمة من إكثار الَص ْو م في شعبان وهي :غفلة الناس عنه ،ورفع األعمال فيه إلى الله.
قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم" :إذا انتصف شعبان فال تُص وموا حتى يكون رمضان" [.]18
والُخ الصة من أقوال العلماء( :أن الَنْه ي في هذا الحديث محمول على اختصاص النصف األخير من شعبان بالصيام (كأْن يكون الرجل
ُم فِط رًا ُط وال شعبان ،حتى إذا بقَي من شعبان نصفه ،أخذ في الَص ْو م حتى يأتي رمضان) ،أو أن الَنْه ي محمول على عدم َو ْص ل
شعبان برمضان بدون أْن يفصل بينهم بيوٍم واحد على األقل ،ألن النبي َص ّلى الله عليه وسلم قال" :ال تقدموا َص ْو م رمضان بيوم أو
َي ْو َم ْي ن ،إال أْن يكون َص ْو م يصومه رجل ،فيصوم ذلك اليوم" [.]19
وعلى هذا فَم ن صام في أّو ل شعبان ولم يخص أخره بصيام ،ولم َي صْلُه برمضان ،فال حرج من صيامه ،والله أعلم.
واعلم أنه َي ُج وز صيام هذه األيام الستة من شوال متتابعة ،أو متفرقة في أي أيام الشهر ،عدا اليوم األّو ل ،وهو يوم عيد الِف طر فإنه
َي حُر ُم صيامه كما سيأتي.
قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم" :أفضل الصالة بعد المكتوبة :الصالة في َج ْو ف الليل ،وأفضل الصيام بعد شهر رمضان :شهر
الله الُم َح َّر م" [.]21
(َ )4ص ْو م يوم عرفة لغير الحاج ،وَص ْو م يوم عاشوراء (وهو اليوم العاشر من شهر الُم َح َّر م):
فقد قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلمَ ":ص ْو م يوم عرفة ُي َكِّف ر سنتين؛ ماضية ومقبلة ،وَص ْو م عاشوراء ُي َكِّف ر سنة ماضية"[.]22
-1لما كان النبي َص ّلى الله عليه وسلم في آخر عمره أراد مخالفة اليهود ( -ألن اليهود كانت تصوم يوم عاشوراء) -فقال" :لئن بِق يت
إلى قابل ( -أي :إلى السنة القادمة) -ألَص ْو َم َّن التاسع" [ ،]23وفي رواية( :فلم يأت العام الُم قبل حتى ُت ُو ِف َي رسول الله َص ّلى الله
عليه وسلم) ،فالُم سَت َح ّب في ذلك إذن صيام التاسع والعاشر.
-2جاء في بعض الروايات عند أحمدُ" :ص وموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود ،وُص وموا قبله يومًا" فهذا حديث ضعيف.
-3إْن فاته صيام التاسع ،فإنه يُج وز له صيام يوم العاشر منفردًا بال كراهة.
-4ليس هناك أحاديث صحيحة تُن ّص على فضيلة االكتحال يوم عاشوراء ،أواالغتسال فيه ،أوالَت ْو ِس َع ة على العيال فيه ،فُكل ما َو َر َد
في ذلك أحاديث َم وُض وعة ال ُي حَت ّج بها.
( )7صيام َي ْو َم ْي االثنين والخميس (طوال العام ،وليس في رجب وشعبان فقط كما يظن البعض):
فقد ُس ِئ ل رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم عن سبب صيامه يوم االثنين والخميس فقال" :إن األعمال ُت عَر ض يوم االثنين والخميس،
فأحب أْن ُي ْر فع عملي وأنا صائم" [ ،]25وقال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم" :األعمال ُت عَر ض كل اثنين وخميس ،فيغفر لكل مسلم
إال المتهاجرين ،فيقول :أخروهما"[.]26
قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم" :أحب الصيام إلى الله صيام داود؛ كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ،وأحب الصالة إلى الله صالة
داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه ،وينام سدسه"[.]27
قال النبي َص ّلى الله عليه وسلم" :ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه األيام -يعني أيام العشر :قيل :يا رسول الله
وال الجهاد في سبيل الله؟ ،قال :وال الجهاد في سبيل الله إال رجل خرج بنفسه وماله فلم َي رجع من ذلك بشئ"[ ،]28ولذلك ُي سَت َح ب
صيام التسع األَو ل من ذي الحجة لدخول الَص ْو م في ُج ملة العمل الصالح المذكور في الحديث ،وقد ثبَت أن رسول الله َص ّلى الله
عليه وسلم كان يصوم تسع ذي الحجة ،ويوم عاشوراء ،وثالثة أيام من كل شهر[.]29
تنبيه:
لم تثبت فضيلة إلفراد شهر رجب بصيام ،وال صيام أيام ُم َع َي نة منه ،بل صيامه كباقي الشهور :فَم ن كان له عادة بصيام ( -كصيام
االثنين والخميس ،و( 13و 14و ،)15أو صيام يوم وإفطار يوم) -فهو على عادته ،وَم ن لم يكن له عادة فال وجه لتخصيص َص ْو مه،
وال َص ْو م أّو له ،بل ثبت عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -الَنْه ي عن ذلك ،وكذلك ال يخص ليلة السابع والعشرين منه بقيام.
( )1نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام َي ْو َم ْي العيد ،وهما (يوم الِف طر ،ويوم األضحي).
( )2نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن َص ْو م أيام التشريق (وهي األيام الثالثة التي تلي يوم األضحى) ،فال ُي َر َخ ص في صيامها إال
للحاج الذي لم يجد الَه ْد ي لقْو له تعالىَ ﴿ :ف َم ن َّلْم َي ِج ْد َف ِص َي اُم َث الَث ِة َأ َّي اٍم ِف ي الَح ِّج َو َس ْب َع ٍة ِإ َذ ا َرَج ْع ُت ْم ﴾ [البقرة.]196 :
( )3نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن َص ْو م يوم الجمعة منفردًا ،أما إذا صام معه يومًا قبله أو يومًا بعده فإنه يجوز له ذلك ،ولكْن
ُي الَح ظ أنه َي ُج وز َص ْو م يوم الجمعة منفردًا في حالة ما إذا وافق صيامًا كان يصومه ،كيوم عرفة ،ويوم عاشوراء ،وصيام يوم وإفطار
يوم ،وغير ذلك.
( )4نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم السبت منفردًا ،ألن اليهود ُي َع ظمون يوم السبت ،أما إذا صاَم معه يومًا قبله أو
يومًا بعده فإنه يجوز له ذلك ،ولكْن ُي الَح ظ أنه َي ُج وز َص ْو م يوم السبت منفردًا في حالة ما إذا وافق صيامًا كان يصومه ،كيوم عرفة،
ويوم عاشوراء ،وصيام يوم وإفطار يوم ،وغير ذلك.
( )5نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الَش ك :ويوم الشك هو آخر يوم من شعبان ،وذلك إذا كان في السماء تراب ،أو
سحاب حاَل ُد ون رؤية هالل رمضان ،فعندئٍذ ُي حَت َم ل وجود الهالل وُي حَت َم ل عدم وجوده ،ومع هذا فال َي ُج وز َص ْو مه إال بالتحقيق من
الرؤية ،إال أْن يكون لَر ُج ل عادة بصيام ( -كأْن يكون من عادته أْن يصوم يومًا وُي فِط ر يومًا) ،-فوافق هذا اليوم عادته فال مانع من
َص ْو مه.
( )6نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن َص ْو م الدهر (وذلك بأْن يصوم كل أيام الَس َنة ،فال َي فصل بينها بإفطار).
( )7الَنْه ي عن الوَص ال ،والمقصود أْن ُي واصل صيام أيام متتالية دوَن أْن ُي فطر عند أذان مغرب أّي من هذه األيام ،بل ُي واصل الصيام
إلى انتهاء هذه األيام ،ثم ُي فطر بعد ذلك ،لكْن َي ُج وز أْن ُي واصل فقط إلى وقت الَس َح ر ،لما ثبت أن النبي َص ّلى الله عليه وسلم قال" :ال
تواصلوا ،فأُّي ُكم أراَد أْن ُي واصل فلُي واصل إلى الَس َح ر" (متفق عليه).
( )8نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عن َص ْو م الَت ّط ُّو ع إال بإذن زوجها طالما أنه حاضر معها ،لكن َي ُج وز لها أْن تُص وم وهو غائب
عنها (يعني إذا كان مسافرًا ،أو كان ال يمكنه التمتع بها لمرض أو غير ذلك).
تنبيه:
ال َي لَز م اإلتمام في صيام الَت ّط ُّو ع ،لكْن ينبغي لإلنسان أْن ال يقطع َص ْو م الَت ّط ُّو ع إال لغرض صحيح ،فإذا قطعه فال يجب عليه قضاء
ذلك اليوم -على الراجح -والله أعلم.
أحكام الصيام في الحاالت الخاصة:
ُي باح للمسافر الِف طر ،حتى ولو قوَي على الصيام ،لقْو ل الله تعالىَ ﴿ :ف َم ن َكاَن ِم نُكم َّم ِر يضًا َأ ْو َع َلى َس َف ٍر َف ِع َّد ٌة ِّم ْن َأ َّي اٍم ُأ َخ َر ﴾ [البقرة:
،]184ولكن مع وجود ُر خصة اإلفطار -هل َي ُج وز له أْن يصوم؟ وإذا صام هل ُي ْج زُئ ه؟
ذهب جمهور العلماء :إلى جواز َص ْو م المسافر ،وأن ذلك ُي ْج زُئ ه ،وذهب فريق آخر إلى أنه يجب الِف طر للمسافر وال ُي ْج زُئ ه الَص ْو م،
والراجح ما ذهب إليه الجمهور من جواز الَص ْو م للمسافر وأن ذلك ُي ْج زُئ ه ،فقد ثبت أن رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم صاَم في
السفر.
َع ِلْم نا أن الراجح هو قْو ل الجمهور بإباحة الِف طر للمسافر وجواز َص ْو مه ،ولكن هل الَص ْو م أفضل له أم الِف طر؟ اختلف العلماء في ذلك
على أقواٍل ِع َّد ة ،أْح َس ُنها وأفَض ُلَه ا أن الَص ْو م في السفر لَم ن قوَي عليه أفضل من الِف طر ،وأما َم ن شَّق عليه الَص ْو م فإن الِف طر له أفضل،
وأما َم ن لم يجد َم َش قة من السفر فإنه ُي َخ َّي ر بين الَص ْو م والِف طر.
(َ )1م ن دخل عليه شهر رمضان وهو في الَح َض ر (يعني وهو ُم ِق يم في بلده) ،ثم سافر بعد ذلك في أي يوم من أيام رمضان ُأ بيح له
الِف طر -على الراجح من أقوال العلماء ،وكذلك ُي باح له الِف طر إذا أصبح صائمًا وهو ُم ِق يم ،ثم أراد أْن يسافر بالنهار.
( )2إذا أراد المسافر أْن يأخذ بُر خصة الِف طر فإنه ُي باح له الِف طر قبل مغادرة بيته.
( )3ال َي ُج وز لإلنسان أْن يتَح َّي ل على اإلفطار في رمضان بالسفر؛ ألن التَح ُّي ل على إسقاط واجب ال ُي سِق ُط ُه ،كما أن التَح ُّي ل على
الُم َح َّر م ال يجعله ُم َب احًا.
( )4الذين يسافرون دائمًا كسائقي الشاحنات والقطارات والطائرات وَن ْح ِو هم لهم الترخص بُر خصة الِف طر ،وعليهم أْن يقضوا تلك
األيام في أيام ُع طَلته ،فإذا لم تكن له أيام ُع طلة فإنه ُي طعم عن كل يوم أفطره مسكينًا.
(ُ )5ي باح اإلفطار للمسافر حتى ولو كان سفره بوسائل النقل المريحة ،وسواء وجد َم َش َّق ة من السفر أو لم يجدها ،إذ أَّن سبب الِف طر:
(وجود السفر) دون الَت َق ُّي د بشئ آخر.
( )6إذا قِد َم المسافر أثناء النهار ُم فِط رًا ،فالصحيح أنه ال يجب عليه اإلمساك عن الطعام بقية النهار لعدم وجود دليل ُي وِج ُب عليه
ذلك.
ُي باح للحامل والُم رِض ع الِف طر في رمضان ،ولكن اختلف العلماء :ماذا عليها لو أخذت برخصة الِف طر وأفطرت( :هل ُت طِع م عن كل يوٍم
أفَط َر ته مسكينًا فقط؟ أم تقضي بعد رمضان األيام التي أفَط َر تها فقط؟ أم ُت طِع م وتقضي معًا؟) :على أقواٍل ،أرَج ُح ها وأَص ُّّح ها أن
الحامل أو الُم رِض ع إذا أفطرت فعليها أْن ُت طِع م عن كل يوم مسكينًا وال قضاء عليها لتلك األيام التي أفطرتها من رمضان.
( )1لو استؤجرت المرأة إلرضاع غير ولدها ،أو أرضعته تقُر بًا إلى الله؛ فإنه ُي باح لها الِف طر ،وُت طِع م عن كل يوم مسكينًا كما لو كانت
ترضع ولدها ،وال قضاء عليها لتلك األيام التي أفطرتها من رمضان.
( )2لو كانت الُم رِض ع أو الحامل مسافرة ،أو مريضة فأفطرت بِن َّي ة الترخص بالمرض ،أو السفر فال ِف دَي ة عليها بال خالف( ،يعني ال
تطعم عن كل يوم مسكينًا) ،ولكْن عليها قضاء هذه األيام بعد رمضان.
( )3على َم ن يجب اإلطعام؟ قال الشيخ ابن ُع َث ْي ِم ين (َرِح َم ُه الله)...( :اإلطعام واجب على َم ن تلزمه النفقة).
ثالثًا :المريض:
ُي باح للمريض الِف طر في رمضان لقْو ل الله تعالىَ ﴿ :ف َم ن َكاَن ِم نُكم َم ِر يضًا َأ ْو َع َلى َس َف ٍر َف ِع َّد ٌة ِّم ْن َأ َّي اٍم ُأ َخ َر ﴾[ البقرة.]184 :
فذهب فريق منهم إلى أنه المرض الذي تلحقه بسببه المشقة ،أو الذي يخاف زيادة مرضه بسبب الَص ْو م ،وقال أحمد (َرِح َم ُه الله) :هو
المرض الغالب -الشديد ،وعند الظاهرية :كل ما أطلق عليه اسم المرض لعموم اللفظ في اآلية.
وقد قَّس َم ُه الشيخ ابن ُع َث ْي ِم ين إلى ثالثة أقسام:
األّو ل :أال يتأثر بالَص ْو م مثل الُص داع والزكام ،فهذا ال َي ِح ّل له الِف طر.
الثانيَ :ي ُش ق عليه الَص ْو م ولكْن ال يضره ،فُي كَر ه له الَص ْو م وُي سَت َح ّب له الِف طر.
الثالثَ :ي ُش ق عليه الَص ْو م َو َي ُض ُّر هَ ،كَم ْر َض ى الُكَلى والُس َّكر .قال الشيخ :والَص ْو م عليه حرام.
لكْن ماذا يجب على المريض إذا أخذ برخصة الِف طر وأفطر؟
أ -إْن كان المرض مما ُي رَج ى شفاؤه ،فيجب عليه أْن يقضي هذه األيام في أيام أخر ،كما َو َر َد ذلك في اآلية.
ب -وإْن كان المرض مما ال ُي رَج ى شفاؤه ،كأْن يكون المرض ُم زِم نًا فعلى قْو لين:
القْو ل األّو لُ :ي طِع م عن كل يوم مسكينًا ،وهذا ما عليه جمهور العلماء.
القْو ل الثاني :يسقط عنه الَص ْو م (يعني ال ُي طِع م وال يقضي) ،لقْو ِلِه تعالىَ ﴿ :ف اَّتُق وا الَّلَه َم ا اْس َت َط ْع ُت ْم ﴾ [التغابن.]16 :
يجب على الحائض والُن َف ساء الِف طر ،وال َي ِص ّح َص ْو مها ،بل َي حُر ُم عليها الَص ْو م ،فلو صامت أِثَم ت ،وكان الَص ْو م باطًال ،ويجب عليها
القضاء ،فعن عائشة رضي الله عنها قالتُ :كَّنا َن ِح يض على عهد رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم فُنؤَم ر بقضاء الَص ْو م ،وال ُن ؤَم ر
بقضاء الصالة (رواه مسلم (.))335
وإذا َط ُه َر ت الحائض أثناء النهار (وكانت ُم فِط رة) ،فال َي لَز ُم ُه ا اإلمساك عن الطعام بقية النهار ،ألنه ليس هناك دليل يأمرها بذلك ،وعليها
قضاء هذا اليوم ،أما إذا َط ُه َر ت قبل الفجر الصادق ( -يعني قبل بداية يوم جديد في الصيام) -ولو بلحظة :فإنها تنوي الصيام
وتُص وم ،سواء اغتسلت قبل الفجر أو بعده ،ويكون َص ْو ُم ها صحيحًا.
أما إذا حاضت المرأة قبل غروب الشمس ،ولو بلحظة فعليها قضاء ذلك اليوم ،وأما إذا أَح َّس ت بأعراض الَح ْي ض من َو َج ع وتأُّلم وغير
ذلك ،ولكنها لم َت َر الدم خارجًا إال بعد غروب الشمس فالَص ْو م صحيح ،وال قضاء عليها.
تنبيهات:
-1الُم سَت َح اضة ( -وهي التي يخرج منها الدم في غير زمن الَح ْي ض) َ -ص ْو ُم ها صحيح على كل حال ،فال تمتنع عن الَص ْو م.
-2إذا أْس قَط ت المرأة قبل األربعين فاألرجح أنه دم ِن فاس (يعني ال تصوم وال تصلي).
-3لو تعاطت المرأة أدوية تمنع الَح ْي ض فلم تر الدم ،فَص ْو مها صحيح ،واألوَلى أْن تتعبد لله بفطرها وصيامها وال ُتَكِّلف نفسها هذا
الَع َناء ،وربما تسبب هذه األدوية إضرارًا لها.
أحكام القضاء (أي :قضاء الصوم) ،وأحكام الِف دَي ة (أي :إطعام المساكين):
تقدم أنه يجب على َم ن أفطر في رمضان :عدة من أياٍم أخر ،وهذا يشمل المسافر والمريض والُن َف ساء ،ويشمل أيضًا َم ن تعمد اإلفطار،
وُي الَح ظ أنه يتعلق بذلك بعض المسائل:
-1ال يجب التتابع في قضاء هذه األيام؛ فمن شاء صامها متتابعة ،ومن شاء صامها متفرقة.
-2وجوب قضاء هذه األيام على في أّي وقت من السنة قبل أْن يأتي رمضان الذي َي ِل يه ،لكَّن األوَلى( :المسارعة إلى قضاءها) ،لقْو له
تعالى ﴿ :أّو لِئَك ُي َس اِرُع وَن ِف ي الَخ ْي َر اِت َو ُه ْم َلَه ا َس اِب ُق وَن ﴾ [المؤمنون.]61 :
-3هل َي ُج وز أْن يصوم صيام َت ّط ُّو ع قبل أْن يقضي ما عليه ،أم يجب أْن يقضي ما عليه أّو ًال قبل أي َص ْو م آخر؟
الصحيح :نعم َي ُج وز له أْن يصوم صيام َت ّط ُّو ع قبل أْن يقضي ما عليه ،ألن وقت القضاء ُم َو َّس ع ،ولكَّن األوَلى أْن يقضي ما عليه أّو ًال،
ثم يصوم النفل إْن شاء.
-4إْن كان عليه أيام من رمضان ،فأَّخ َر قضاءها حتى جاء رمضان آخر ،فإنه يصوم الحاضر ،ثم يقضي ما عليه بعده ،وال ِف دَي ة عليه -
(يعني :وليس عليه إطعام مساكين بسبب تأخيره لقضاء تلك األيام) -على الراجح من أقوال العلماء ،سواء كان التأخير لُع ذر أم لغير
ُع ذر ،وهذا مذهب الحنفية والظاهرية.
قال الشيخ عادل العَّز ازي( :إال أنه يأثم بتأخيره.)...،
قال تعالىَ ﴿ :و َع َلى اَّلِذ يَن ُي ِط يُق وَن ُه ِف دَي ة َط َع اُم ِم ْس ِك يٍن ﴾ [البقرة ،]184 :ويدخل في ذلك الحامل ،والُم رِض ع ،والشيخ الكبير ،والمرأة
العجوز ،والمريض (مرضًا ُم زِم نًا ال ُي رَج ى شفاؤه) فكل هؤالء ُي طِع مون مسكينًا عن كل يوٍم أفطروه من رمضان.
-1يجوز أْن يكون إطعام المساكين في نفس األيام التي أفطر فيها ،و يجوز أْن يكون اإلطعام بعد هذه األيام ،ولكن ُي الَح ظ أنه ال
ُي طِع م قبلها؛ ألنه لم يتعلق بِذ َّم ِت ه ُو جوب اإلطعام إال بعد َم ِج ئ ذلك اليوم الذي أفَط َر فيه ،واعلم أنه َي ُج وز أْن يجعل إطعام األيام كلها
في آخر الشهر ،فقد ثبَت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه أفطر عند ِك َب ِر ه ،فأطَع َم ثالثين مسكينًا في آخر يوم.
-2اختلف العلماء في مقدار اإلطعام للمسكين الواحد ،وسبب ذلك أنه لم َي ُن ّص دليل على مقداره ،فذهب بعض العلماء أنه ُم ّد من
طعام لكل يوم ،كما تقدم في طعام الَكّف ارة -لمن جامع زوجته في نهار رمضان -أنه يعادل ُم ّد ًا لكل مسكين ،وقيل :نصف صاع
قياسًا على ِف دَي ة محظورات اإلحرام( ،والصاع هو مايعادل 2.5كيلو جرام تقريبًا) ،وَي ُج وز أْن يجمع كل المساكين على طعاٍم واحد
كما فعل أنس رضي الله عنه ،فاألمر ُم َو َّس ع والحمد لله.
-3لم َت ُن ّص اآلية كذلك على نوع الطعام ،واألشَب ه أْن ُي قالِ ﴿ :م ْن َأ ْو َس ِط َم ا ُت ْط ِع ُم وَن َأ ْه ِل يُكْم ﴾ [المائدة ،]89 :كما في إطعام َكّف ارة
اليمين ،وكما هو الحال في زكاة الِف طر.
-4ال ُي شَت َر ط أْن ُي َع ِّد د المساكين بعدد األيام ،فلو أطعم نفس المسكين كل يوم أجزأه ،وهذا بخالف الَكّف ارة ،فاألرجح في الَكّف ارة أْن
ُي َع ِّد َد هم َت َم ِّش َي ًا مع ظاهر الحديث" :أطِع م ستين مسكينًا" والله أعلم.
-5ال َي ُج وز إخراج ِق يمة اإلطعام نقودًا ؛ ألَّن اآلية َن َّص ت على اإلطعام ،فلو أخرج دراهم أو دنانير لم ُي جِز ُئ ه ذلك.
اختلفت آراء العلماء فيَم ن مات وعليه صيام( :هل يصوم عنه غيره أم ال؟) ،والصحيح من أقوال العلماء هو أْن يصوم عنه َو ِل ُّي ه -
والَو ِل ّي هو الوارث للميت أو كل قريٍب له ،واألوَلى َح مُلُه على "الوارث" فهو أقرب الناس إليه ،واعلم أنه لو صام عنه أجنبي -إْن كان
ذلك بإذن الولي َ -ص َّح صيامه عنه وإال ،فال -على األَص ّح .
-1هذا الُح كم في حالة إذا ما كان الميت متمكنًا في حياته من قضاء هذه األيام التي عليه ،ولم يقضها حتى مات ،وأما إْن استمَّر به
المرض -الذي ُي رَج ى شفاؤه -حتى مات فليس عليه شئ (ال صيام وال طعام) ،فال يجب أْن ُي َص ام عنه ،وال أْن ُي طِع م عنه ،أما إذا
المرض ُم زِم نًا أو ال ُي رجى شفاؤه فإنه ُي طِع م مسكينًا عن كل يوٍم أفطره.
-2أما بالنسبة للصالة فال يصلي عنه أحد صالة فائتة باإلجماع ،وكذلك اإلجماع على أنه ال يصوم عنه أحد في حياته ،إنما الخالف
في الميت.
-3األوَلى أْن ُي َص ام عنه بعدد األيام ،بمعنى أْن ُت َو َّز ع تلك األيام -التي عليه -على األوَلياء -سواء الورثة أو األقارب -بأْن يصوم كل
واحد منهم عددًا من األيام ،بحيث يصوم هذا في أياٍم غير التي صامها اآلخر؛ ويرى بعضهم أنه لو صام ثالثون رجًال يومًا واحدًا (بأْن
يصوموا كلهم في نفس اليوم) عن ثالثين يومًا فإن ذلك ُي جزُئ ه.
االعتكاف:
معنى االعتكاف :االعتكاف معناه( :مالزمة المسجد من أجل َح ْب س النفس على ِف عل ما يتقرب به إلى الله) ،واألصل أْن ال يفعل إال
األعمال الخاصة بالمساجد من (صالة وِذ كر وتالوة ،)...،ومما يدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها( :الُس َّنة على الُم عَت ِك ف أْن ال
َي ُع ود مريضًا ،وال يشهد جنازة ،وال َي َم ّس امرأة ..،وال يخرج لحاجة إال لما الُبَّد منه).
أما اعتكاف الَنذر فيؤديه الناذر حسب ما نذره (يعني حسب الُم َّد ة التي نذرها) ،وأما االعتكاف الجائز فقد اختلف العلماء في أقل
ُم َّد ة له ،فمنهم َم ن يرى أنه لو اعتكف ليلة أجزأه (يعني من أذان المغرب إلى الفجر) ،وذلك ألنهم ال يشترطون الَص ْو م في االعتكاف،
ومنهم َم ن يرى أنه ال ُي جزئه أقّل من يوم وليلة (يعني 24ساعة تقريبًا) ،وذلك ألنهم يشترطون الَص ْو م في االعتكاف ،وهذا هو قْو ل
الجمهور ،وهو األرَج ح ،ولكْن ال ُن نِك ر على الفريق اآلخر الذي يقول بأّن أقّل االعتكاف ليلة.
واعلم أّن ه من الُس َّنة أْن يكون االعتكاف في العشر األواخر من رمضان؛ ألن ذلك هو َهْد ُي ُه َص ّلى الله عليه وسلم ،وأما اعتكاف أي يوم
غير العشر األواخر من رمضان فجائز.
أركان االعتكاف:
ُّل
.1الِن َّي ة (وَم َح ُّلها القلب).
.2الُم كث في المسجد.
وُي شَت َر ط في الشخص الُم عَت ِك ف أْن يكون مسلمًا عاقًال ،وَي ِص ّح من الصبي ومن المرأة.
ذهب بعض العلماء إلى أن الُم عَت ِك ف يدخل ُم عَت َكفه قبل غروب شمس يوم الحادي والعشرين من رمضان ،وكذلك يرون خروجه بعد
غروب شمس أخر يوم من رمضان ،والراجح أن الُم عَت ِك ف يدخل ُم عَت َكفه قبل فجر يوم الحادي والعشرين ،ويخرج منه بعد صالة فجر
يوم العيد (فال ُي نكر أحٌد على أحد).
(َ )1ي ُج وز للُم عَت ِك ف الخروج لحاجته الضرورية ،مثل َج ْلب الطعام والشراب -إْن لم يجد َم ن يحمله إليه.
(َ )2ي ُج وز للُم عَت ِك ف الخروج للوضوء والُغ سل وقضاء الحاجة (هذا في حالة عدم وجود مكان في المسجد لذلك).
(َ )3ي ُج وز للُم عَت ِك ف تسريح الشعر ،وحلق الرأس ،وتقليم األظافر ،وتنظيف البدن ،فكل ذلك ال ُي َناِف ي لالعتكاف.
(َ )4ر َّخ َص الجمهور للُم عَت ِك ف في البيع والشراء لما الُبَّد له منه (يعني من أجل الحصول على طعامه وشرابه) ،واتفقوا على أنه ال
يشتغل بالتجارة ،وال بالحرفة لالكتساب ،ولكْن اعلم أنه يُج وز للمعتِك ف الذهاب ِل عمله (في حالة عدم استطاعته الحصول على راحة
من العمل فترة اعتكافه ،ويكون أجره على قدر الفترة التي اعتكفها بالمسجد).
( )5يجوز اشتغال الُم عَت ِك ف باألمور الُم َب احة ِم ن تشييع زائره ،والقيام معه ،والحديث مع غيره ،وإباحة ُخ لوة الُم عَت ِك ف بالزوجة،
وزيارة المرأة للُم عَت ِك ف.
( )6الراجح جواز الَت َط ُّي ب للُم عَت ِك ف ( -يعني َو ْض ع الِم سك وَن ْح ِو ه).
( )7إذا َت َع َّي َن عليه أداء شهادة (يعني كان أداء الشهادة فرض َع ْي ن عليه ،كأْن يكون هو الشاهد الوحيد مثًال) فإنه يجوز له الخروج
ألدائها وال َي بُط ل اعتكافهوذلك لقْو له تعالىَ ﴿ :و َال َي ْأ َب الُّش َه َد اُء ِإ َذ ا َم ا ُد ُع وا ﴾ [البقرة.]282 :
(َ )8ي ُج وز للُم سَت َح اضة ( -وهي التي يخرج منها الدم في غير زمن الَح ْي ض) -أْن تعتكف ،وأما الحائض فالمسألة مبِن َّي ة على ُح كم
ُم ْكث الحائض في المسجد ،وقد تقدم في باب الطهارة ترجيح جواز ُم ْكث الحائض في المسجد والله أعلم ،وهذا الُح كم ِلَم ن يري
عدم اشتراط الَص ْو م في االعتكاف (ألن الحائض ال تصوم).
( )9إذا أرادت المرأة االعتكاف :استأذنت زوجها ،فإذا اعتكفت بغير إذنه كان له أْن يخرجها ،وحتى إْن أذن لها ثم رأى بعد ذلك أْن
يرجع فيمنعها فله ذلك.
( )10أجمع العلماء على أن االعتكاف َي فَس د بالجماع عمدًا ،قال تعالىَ ﴿ :و َال ُت باَش َر وُه َّن َو َأ ْن ُت ْم َع اِك ُف وَن ِف ي الَم َس اِج ِد ﴾ [البقرة،]187 :
وإذا فعل الُم عَت ِك ف ذلك فعليه قضاء االعتكاف بعد رمضان بسبب إفساده العتكافه.
ليلة القدر:
اعلم -رحمك الله -أنه ُي ستحب االجتهاد في العشر األواخر من أجل َت َح ِّر ي ليلة القدر:
قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم" :تَح ُّر وا ليلة القدر في الوتر من العشر األواخر من رمضان" (متفق عليه) ،وكان َص ّلى الله عليه
وسلم يجتهد في العشر األواخر من رمضان ،وكان النبي َص ّلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر َش َّد ِم ئَز َر ه ( -يعني اجتهد في العبادة
واعتزل النساء) ،-وأحيا َلْي َلُه ( -يعني َس ِه َر ُه بالطاعة من صالة وقراءة القران والِذ كر وغير ذلك) ،-وأيقظ أهله ( -أي :للصالة)"
(متفق عليه).
واعلم أَّن َم ن فاتته ليلة القدر فقد فاته خير كثير ،فعن أنس رضي الله عنه قال :دخل رمضان ،فقال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم:
"إن هذا الشهر قد حضركم ،وفيه ليلة خيٌر من ألف شهرَ ،م ن ُح ِر َم َه ا فقد ُح ِر َم الخير كله ،وال ُي حَر ُم خيرها إال محروم" (انظر صحيح
الترغيب والترهيب (.)818 / 1
أ -االعتكاف :فقد كان النبي َص ّلى الله عليه وسلم يعتكف العشر األواخر من رمضان حتى توفاه الله (متفق عليه).
ب -قيام ليلها إيمانًا واحتسابًا :فقد قال النبي َص ّلى الله عليه وسلمَ" :م ن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"
(متفق عليه).
ج -الدعاء :فقد قالت عائشة رضي الله عنها للنبي َص ّلى الله عليه وسلم :أرايَت إْن وافقُت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال" :قولي:
اللهم إنك َع ُف ٌّو تحب العفو فاعُف عني" (انظر صحيح الجامع حديث رقم.))4423( :
ثامنًا :عالماتها:
( )2أن الشمس تخرج في صباح اليوم التالي لها حمراء ال شعاع لها.
[ُ ]1م خَت َص َر ة من كتاب (تمام الِم ّنة في ِف قه الكتاب وصحيح الُس ّنة) لفضيلة الشيخ عادل العّز ازي أثابه الله لمن أراد الرجوع لألدلة
والترجيح ،وأما الكالم الذي تحته خط أثناء الشرح من توضيٍح أو تعليٍق أو إضافٍة أو غير ذلك فهو من كالمي (أبو أحمد المصري)،
وقد تَّم مراجعة الُم َلَّخ ص من أحد تالميذ الشيخ عادل.