You are on page 1of 24

‫شبكة األلوكة ‪ /‬آفاق الشريعة ‪ /‬دراسات شرعية ‪ /‬فقه وأصوله‬

‫ملخص أحكام الصيام من تمام المنة‬


‫رامي حنفي محمود‬

‫مقاالت متعلقة

‫تاريخ اإلضافة‪ 7/7/2012 :‬ميالدي ‪ 18/8/1433 -‬هجري


‫الزيارات‪
208340 :‬‬

‫ُم َلَّخ ص أحكام الصيام‪  ‬من


‫المختصر البسيط لكتاب تمام المنة‬

‫في فقه الكتاب وصحيح السنة‬

‫لفضيلة الشيخ عادل العزازي أثابه الله [‪]1‬‬

‫‪ ‬‬

‫فضيلة الَص ْو م‪:‬‬

‫اعلم ‪َ -‬رِح َم َك الله ‪ -‬أنه قد َو َر َد في فضل الَص ْو م أحاديث كثيرة‪ ،‬نذكر منها قْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬الصيام والقرآن يشفعان‬
‫للعبد يوم القيامة‪ ،‬يقول الصيام‪ :‬أْي َرّب ‪ :‬منعُت ُه الطعاَم والشهوة‪ ،‬فَش ِف ْع ني فيه‪ ،‬ويقول القرآن‪ :‬منعُت ُه النوَم بالليل‪ ،‬فَش ِف ْع ني فيه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فيشفعان" [‪.]2‬‬

‫‪ ‬‬

‫وهناك بعض الفضائل األخرى الخاصة بَص ْو م رمضان‪ ،‬نذكر منها قْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا جاء رمضان ُف ِت َح ت أبواب‬
‫الجنة‪ ،‬وُغ ِل قت أبواب الِن يران‪ ،‬وُص ِّف َد ت ‪( -‬أي‪ُ :‬س لِس َلت) ‪ -‬الشياطين" ‪ -‬وفي رواية عند الترمذي ‪" -‬وينادي مناٍد ‪ :‬يا باِغ َي الخير أقبل‪،‬‬
‫ويا باِغ َي الشر أقِص ر‪ ،‬وللِه ُع َت قاٌء من النار‪ ،‬وذلك كل ليلة" [‪.]3‬‬
‫‪ ‬‬

‫على َم ن َي ِج ب الَص ْو م؟‬

‫يجب الَص ْو م على المسلم‪ ،‬العاقل‪ ،‬البالغ‪ ،‬الصحيح‪ ،‬الُم ِق يم‪ ،‬وُي َز اد في حق المرأة الطهارة من (الَح ْي ض والِن فاس)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ما هي أركان الصيام؟ للَص ْو م ُر كنان أساسيان وهما‪:‬‬

‫‪ ‬الُر كن األّو ل‪ :‬الِن َّي ة‪:‬‬

‫وحقيقة الِن َّي ة‪ :‬العزم على الِف عل امتثاًال ألمر الله َع َّز َو َج ّل ‪ ،‬فمتى عزَم على الَص ْو م بقلبه فقد تحققت الِن َّي ة‪ ،‬وال َي لَز ُم ُه الَت َلُّف ظ بها ‪ -‬بأْن‬
‫يقول‪ :‬نويُت الصيام غدًا ‪ ،-‬بل إن الَت َلُّف ظ بالِن َّي ة بدعة‪ ،‬إذ َلم َي ثُب ت الَت َلُّف ظ ِب ها عن رسول الله َص ّلى الله عليه وسَّلم‪ ،‬وال عن أصحابه‪،‬‬
‫وال عن الُخ َلفاء‪ ،‬وال عن األئَّم ة‪( ،‬واعلم أَّن السُح ور في َح ّد ذاِتِه ُي عَت َب ر ِن َّي ة لصياِم الَغ د)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وُي الَح ظ أنه يتعلق بالِن َّي ة بعض المسائل‪:‬‬

‫• المسألة األوَلى‪( :‬متى أنوي الصيام؟)‪:‬‬

‫أّو ًال‪ :‬بالنسبة لَص ْو م الفرض‪( :‬كَص ْو م رمضان وَص ْو م الكفارات وَص ْو م النذر‪ -‬كأْن يقول قائل‪ :‬نذرت أْن أَص ْو م يومًا إذا نجح ابني) ‪،-‬‬
‫ففي هذا النوع من الصيام البد أْن تكون الِن َّي ة في أي جزء من أجزاء الليل قبل الفجر‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا‪ :‬بالنسبة لَص ْو م الَنفل‪ :‬فإنه َي ِص ّح إحداث الِن َّي ة في أي وقت من النهار‪( ،‬سواء كان قبل زوال الشمس ‪ -‬أي قبل بداية وقت الظهر‬
‫‪ ،-‬أو بعد ذلك) ‪ -‬على الراجح من أقوال العلماء ‪ ،-‬بشرط أْن ال يكون قد أتى بما ينافي الَص ْو م من أْكل أو ُش رب أوغير ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬المسألة الثاِن َّي ة‪( :‬هل ُي شَت َر ط الِن َّي ة لكل يوم؟)‪:‬‬

‫اختلف العلماء في ذلك‪ ،‬فذهَب فريق منهم إلى أنه ُي ْج ِز ُئ ُه صيام الشهر بِن َّي ة واحدة ِم ن أّو له‪ ،‬وذهَب فريق آخر إلى وجوب ِن َّي ة‬
‫مستقلة لكل يوم من أيام الصيام‪( ،‬سواء كانت األيام متتابعة كَص ْو م رمضان‪ ،‬أو متفرقة)‪ ،‬وهذا هو الراجح ألن كل يوم عبادة‬
‫مستقلة‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ُم الَح ظات‪:‬‬

‫‪ُ -1‬ي شَت َر ط في الِن َّي ة‪( :‬الَج ْز م بها)‪ ،‬فمتى تردَد فيها فال َت ِص ّح ‪ ،‬كأْن يتردد أْن يصوم غدًا أو ال يصوم‪ ،‬أما إذا نوى الِف طر ‪ -‬يعني عزم‬
‫عزمًا جازمًا على الِف طر ‪  -‬فقد فَس َد َص ْو ُم ُه ‪ ،‬حتى وإْن لم يتناوْل ُم َف ِّط رًا ‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪ -2‬إذا لم يعلم أن غدًا هو أّو ل رمضان‪ ،‬فقال‪( :‬إْن كان غدًا من رمضان فأنا صائم َص ْو م رمضان‪ ،‬وإال فأنا ُم فِط ر‪ ،‬فالراجح ِص َّح ة ذلك؛‬
‫ألن هذا ليس ترددًا في الِن َّي ة كما في المسألة السابقة‪ ،‬إنما هو تردد في ثبوت الشهر‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪َ -3‬ي ُج وز إحداث الِن َّي ة للفرض أثناء النهار في حاالت‪ :‬منها‪ :‬إذا جاءه خبر هالل رمضان أثناء النهار‪ ،‬أو أْن يكون قد نام في ليلته قبل‬
‫غروب الشمس حتى بعد الفجر‪ ،‬وكذلك الصبي إذا احتلم أثناء النهار‪ ،‬أو المجنون إذا أفاق أثناء النهار‪ ،‬أو الكافر إذا أسلم أثناء النهار؛‬
‫فكل هؤالء ُي مِس ُكون عن الطعام والشراب بقية النهار‪ ،‬وليس عليهم قضاء لهذا اليوم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫الُر كن الثاني‪ :‬اإلمساك‪:‬‬

‫والمقصود باإلمساك‪ :‬االمتناع عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ُم الَح ظات‪:‬‬

‫‪ -1‬ما يظنه كثير من الناس من االمتناع عن الطعام والشراب إذا سمعوا ما ُي عَر ف بمدفع اإلمساك‪ ،‬أو إذا سمعوا التواشيح في‬
‫اإلذاعات ال أساَس له من الِص ّح ة‪ ،‬فإن هذا كله ال َي مَنع الطعام‪ ،‬وكذلك ال ُي عَر ف في الشرع ما ُي َس ّم ى بوقت اإلمساك الذي تعارف عليه‬
‫الناس ووضعوه في التقاويم ضمن مواقيت الصالة‪ ،‬وأما وقت اإلمساك الحقيقي فهو أّو ل دخول وقت الفجر الصادق‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬إذا أكَل الصائم وهو يظن أّن الشمس قد غربت ‪( -‬هذا عند اإلفطار) ‪ ،-‬أو أكل وهو يظن أَّن الفجر لم يطلع بعد ‪( -‬هذا عند‬
‫السحور) ‪ ،-‬ثم تبين له الحال خالف ظنه‪ ،‬فالراجح‪ :‬أنه ال يجب عليه قضاء ذلك اليوم‪ ،‬لقْو ل الله تعالى‪َ ﴿ :‬و َلْي َس َع َلْي ُكْم ُج َناٌح ِف يَم ا‬
‫َأ ْخ َط ْأ ُت م ِب ِه َو َلِك ْن َّم ا َت َع َّم َد ْت ُق ُلوُب ُكْم َو َكاَن الَّلُه َغ ُف ورًا َّر ِح يمًا ﴾ [األحزاب‪ ،]5 :‬ولقْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬إن الله وضع عن‬
‫أمتي الخطأ والنسيان وما اسُت كِر هوا عليه" [‪.]4‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬راكب الطائرة ال يعتمد في فطره على إفطار البلد الذي يسير فوقها‪ ،‬حتى ولو تحقق فطرهم عنده ‪( -‬كأْن يعلم ذلك من ِم ذياع في‬
‫الطائرة أو غير ذلك) ‪ ،-‬بل ُي مِس ك حتى يرى َم ِغ يب الشمس (وذلك ألنه في الطائرة يرى من غروب الشمس ما اليراه غيره)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ما هي ُم بِط الت الَص ْو م؟‬

‫أوًال‪ :‬هناك ما ُي بِط ل الَص ْو م وُي وِج ُب القضاء فقط (يعني ُي وِج ب قضاء ذلك اليوم الذي أفَس َد َص ْو مه) مثل‪:‬‬

‫‪ -1‬األْكل والُش ْر ب َع ْم دًا ‪ :‬والمقصود إدخال الطعام والشراب عن طريق الفم‪ ،‬فمتى ُأ ْد ِخ َل الطعام إلى َج ْو ِف ِه ‪ ‬ذاكرًا متعمدًا ‪ ،‬فقد أفطر‪،‬‬
‫ويكوُن بذلك آِث مًا‪ِ ،‬لَت َع ُّم ِد ِه معصية اللِه باإلفطار‪ ،‬وَي لَز ُم ُه التوبة‪ ،‬وعليه قضاء ذلك اليوم‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫وأما إْن أَكَل أو َش ِر َب ناسيًا فال شئ عليه‪َ ،‬و ْلُي ِت ّم َص ْو مه‪ ،‬فقد قال النبي َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬مْن َن ِس َي وهو صائم‪ ،‬فأكل أو شرب‪،‬‬
‫فْلُي ِت ّم َص ْو مه‪ ،‬فإنما أطعمه الله َو َس قاه"[‪.]5‬‬

‫‪ ‬‬

‫وهذا الُح كم ‪( -‬وهو األكل أو الشرب ناسيًا أثناء الصيام) ‪ -‬يشمل الفريضة والنافلة ألن الحديث السابق لم يفرق بين الفرض والنفل‪،‬‬
‫وأما الجاهل بالتحريم‪ :‬فإْن كان بعيدًا عن بالد اإلسالم‪ ،‬أو كان قريب عهد باإلسالم؛ فهو معذور وال شئ عليه‪ ،‬وأما إْن كان مخالطًا‬
‫للمسلمين‪ ،‬بحيث ال َي خَف ى عليه تحريمه فقد َبُط َل َص ْو ُم ه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬الِق يء عمدًا ‪ :‬وسواء كان الِق يء قليًال أو كثيرًا ‪ ،‬ألن النبي َص ّلى الله عليه وسلم قال‪َ" :‬م ن َذ َرَع ُه الِق يء ‪( -‬أي‪ :‬غلبه القيء) ‪ -‬وهو‬
‫صائم فليس عليه قضاء‪ ،‬وَم ن استقاء ‪( -‬أي تعَم َد الِق يء) ‪ -‬فلَي قِض "[‪.]6‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬الَح ْي ض والِن فاس‪ :‬حتى ولو خرج دم الَح ْي ض أو الِن فاس في اللحظة األخيرة قبل المغرب‪ ،‬فال خالف بين العلماء بالِف طر‪ ،‬ووجوب‬
‫قضاء ذلك اليوم عليها‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫مسائل وُم الَح ظات هامة جدًا ‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا تناول ما يؤذي ويضر كالسجائر‪ ،‬فإنه يكون ُم فِط رًا ؛ ألنه تناوله من الَم نَف ذ الُم عتاد للطعام وهو الفم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬الُكحل وقطرة العين‪ :‬ال ُت فِّط ر الصائم‪ ،‬حتى لو وجد طعمها في حلقه‪ ،‬ألن العين ليست َم نَف ذًا ُم عتادًا للطعام‪ ،‬وليس هناك حديث‬
‫صحيح َي ُن ّص على أن الُكحل ُم َف ِّط ر‪ ،‬والَص ْو م عبادة ال ُي حَكم بفسادها إال بدليل‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ويجري هذا الُح كم كذلك على قطرة األذن واألنف‪ ،‬فإنها ال ُت فِّط ر الصائم‪ ،‬لكن األوَلى في قطرة األنف االحتراز منها ‪ -‬إال لضرورة ‪،-‬‬
‫لنهيه َص ّلى الله عليه وسلم عن المبالغة في االستنشاق للصائم‪ ،‬وسيأتي الحديث في ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ُ -3‬ي باح للصائم االغتسال واالنغماس في الماء للَت َب ُّر د‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -4‬المضمضة واالستنشاق‪ :‬ال ُي َف ِّط ران الصائم‪ ،‬لكنه ُي كَر ه له المبالغة في االستنشاق‪ ،‬ألن النبي َص ّلى الله عليه وسلم قال‪" :‬وباِل غ في‬
‫االستنشاق إال أْن تكوَن صائمًا"[‪ ،]7‬فإْن سبقه الماء إلى جوفه بدون قصٍد منه‪ ،‬حتى ولو مع المبالغة المكروهة في االستنشاق‬
‫فالصحيح أنه ال ُي فِط ر بذلك؛ ألنه غير متعمد‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪ -5‬الحجامة جائزة للصائم‪ ،‬والراجح أنها ال ُت فِس د الَص ْو م؛ ألن النبي َص ّلى الله عليه وسلم احتجَم وهو صائم[‪ ،]8‬لكنها ُت كَر ه للصائم‬
‫من أجل ما تسببه من َض عف‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -6‬خروج الدم ال ُي فِس د الَص ْو م (سواء كاَن ِم ن َج َس ِد ه‪ ،‬أو من أنفه‪ ،‬أو من أسنانه‪ ،‬أو ِم ن قْلع ِض رس)‪ ،‬وسواء كاَن الدم قليًال أو كثيرًا ‪،‬‬
‫لكنه َي حتِر ز من ابتالعه‪ ،‬وكذلك ال ُي فِس د الَص ْو َم خروُج الدم عن طريق الُح قن ألخذ َع ِّي نات‪ ،‬أو للَت َب ُّر ع به‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -7‬الُح قن بأنواعها (سواء الُح قن الشرجية‪ ،‬أو الُح قن في الَو ريد أو الَع َض ل)‪ ،‬أو ما ُأ ْد ِخ َل عن طريق الفْر ج أو الُد ُبر من (دواء‪ ،‬أو منظار‪،‬‬
‫أو لُب وس)‪ ،‬كل ذلك ال ُي فِس د الَص ْو م‪ ،‬وكذلك بخاخة الَر ْبو ال ُت فِّط ر‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫واختلفوا في الُح قن المغذية (مثل ُح قن الفيتامينات وغيرها) باعتبار أنها مما َي تقَّو ى به اإلنسان‪ ،‬وأنها تقوم مقام التغذية‪ ،‬والراجح ‪-‬‬
‫والله أعلم ‪ -‬أنها أيضا ال ُت فِّط ر الصائم‪ ،‬ألن الطعام عن طريق الفم فيه معنى الَت َش ِّه ي والتلذذ بَم ْض ِغ ِه َو َب ْلِع ه‪ ،‬وهذا ال يوجد في الُح قن‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪َ -8‬ي ُج وز استعمال السواك للصائم في أي وقت‪ ،‬سواء كان قبل الزوال أو بعده (يعني سواء كان استعمال السواك قبل وقت الظهر أو‬
‫بعد ذلك)‪ ،‬وسواء كان السواك َر ْط بًا أو يابسًا‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫واعلم أنه َي ُج وز أيضًا استعمال َم عُج ون األسنان‪ ،‬ولكنه ُي كَر ه لقوة نفاِذ ِه إلى الَم ِع َد ة‪ ،‬مما يؤدي إلى إفساد َص ْو مه‪ ،‬وأما إْن كان َي أَم ن‬
‫من ذلك وليس له قوة نفاذ فال بأس‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪َ -9‬ي ُج وز للصائم شم الروائح‪ ،‬وال َي فَس د َص ْو ُم ُه بذلك‪ ،‬وسواء كانت هذه الروائح سوائل أو ُب ُخ ور‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ُ -10‬ي باح للصائم َب ْلع ريِق ه‪ ،‬حتي لو َج َم َع ُه ثم ابتلعه (طالما أنه داخل فمه)‪ ،‬ولو شرب الصائم قبل الفجر‪ ،‬ثم طلع الفجر‪ ،‬فال يجب‬
‫عليه الَت ْف ل للتخلص من َط عم الماء الذي في فمه‪ ،‬فهذا مما ُي تساَم ح فيه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -11‬ال ُي فِس د الَص ْو م ما ال يمكن االحتراز منه‪ :‬كُغ َب ار الطريق‪ ،‬وُن خالة الدقيق‪ ،‬وما تبقى من الطعام بين األسنان‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ُ -12‬ي باح للصائم ذْو ق الطعام بشرط أْن ال َي دُخ ل منه شئ إلى َح ْلِق ه‪ ،‬ثم يتمضمض بعد ذلك للتخلص من طعمه‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪َ -13‬م ن يعمل في األفران وفي األعمال الشاقة ال ُي باح لهم الِف طر ألنهم ُم َكَّلفون‪ ،‬فَي ِج ب عليهم تبييت ِن َّي ة الَص ْو م بأْن ُي ْص ِب ُح وا‬
‫صائمين‪ ،‬وَم ن اضطر منهم للِف طر أثناء النهار فَي ُج وز له أْن ُي فِط ر بما َي رفع اضطراره‪ ،‬ثم ُي مِس ك َبقّي ة يومه‪ ،‬وعليه قضاء ذلك اليوم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -14‬إذا أصبح ُج ًنبًا (من جماع قبل الفجر أو من احتالم بالليل أو بالنهار) وهو صائم فَص ْو مه صحيح وال َي فَس د بذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -15‬القبلة والُم عاَن قة‪ :‬كل ذلك ال ُي َف ِّط ر الصائم‪ ،‬إال إْن َخ ِش َي على نفسه إنزال الَم ِن ّي ‪ ،‬أو أْن يوقعه ذلك في الجماع‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ُ -16‬ح كم االستمناء للصائم ‪( -‬وهو طلب خروج الَم ِن ّي بوسيلة كالَي ّد )‪ :‬أنه إذا استَم ِن ّي فأنَز ل‪ ،‬فقد ذهب األئمة األربعة وغيرهم إلى‬
‫َف َس اد َص ْو مه‪ ،‬وعليه قضاء ذلك اليوم‪ ،‬أما إذا فَّكَر فأْم َذ ى (أي خرج منه الَم ذي)‪ ،‬فصيامه صحيح‪ ،‬وال َي فَس د بذلك‪ ،‬وهذا اختيار شيخ‬
‫اإلسالم ابن َت ْي ِم َي ة‪ ،‬وهو مذهب أبي حنيفه والشافعي‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫قال الشيخ عادل العَّز ازي‪( :‬ينبغي للعبد أْن يكون محاِف ظًا على عبادة ربه‪َ ،‬ي ُص وُن ها مما ُي ِخ ّل بها ليتحصل الثواب الكامل‪ ،‬إذ إنه فرق‬
‫بين ِص َّح ة العمل وبين قبوله‪ ،‬فُر َّب عمل وقع صحيحًا من حيث الُح كم الِف قهي‪ ،‬لكنه خاَلَط ُه شوائب ُت بِط له وُتَض ِّي ُع ه)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫واعلم أن االستمناء حرام‪ ،‬ألنه طلٌب للشهوة من غير زوجة‪ ،‬أو ما َم َلَكْت َي مين‪ ،‬وقد قال تعالى‪ ﴿ :‬والذين هم لفروجهم حافظون * ِإ َّال‬
‫َع َلى َأ ْز َو اِج ِه ْم َأ ْو َم ا َم َلَكْت َأ ْي َم اُن ُه ْم َف ِإ َّن ُه ْم َغ ْي ُر َم ُلوِم يَن * َف َم ِن اْبَت َغ ى َو َر اَء َذ ِلَك َف أّو لِئَك ُه ُم الَع اُد وَن ﴾ [المؤمنون‪(  ]7 - 5 :‬والعادون‪:‬‬
‫هم الذين تعَّد وا حدوَد الله تعالى بالمعصية)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫تنبيه‪ :‬هناك بعض المسائل العالجية الحديثة‪ ،‬وهي ال تفطر الصائم أيضًا‪ ،‬وقد قرر ذلك مجلس مجمع الفقه اإلسالمي الُم نَع ِق د من ‪23‬‬
‫إلى ‪َ 28‬ص َف ر ‪ 1418‬هـ‪ ،‬وهذه األمور التي قررها المجلس ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬األقراص العالجية التي ُت وَض ع تحت اللسان لعالج الذبحة الصدرية وغيرها ‪ -‬إذا اجتنب ابتالع ما َي ْنفذ منها إلى الَح ْلق ‪ -‬ال ُي َف ِّط ر‬
‫الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪َ( -2‬ح فر السن‪ ،‬أو قْلع الِض رس‪ ،‬أو تنظيف األسنان) ‪ -‬اذا اجتنب ابتالع ما َي ْنفذ إلى الَح ْلق ‪ -‬ال ُي َف ِّط ر الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬المضمضة والغرغرة وبخاخ العالج الموضعي للفم ‪ -‬اذا اجتنب ما َي ْنفذ إلى الَح ْلق ‪ -‬ال ُي َف ِّط ر الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪ -4‬غاز األكسجين ال ُي َف ِّط ر الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -5‬غازات التخدير (البنج) ال ُتَف ِّط ر الصائم‪ ،‬ما لم ُي عَط المريض سوائل مغذية (محاليل)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -6‬ما يدخل الجسم امتصاصًا من الجلد كالدهانات والمراهم والالصقات العالجية الُم َح َّم َلة بالمواد الدوائية‪    ‬أو الكيميائية‪ ،‬ال ُي َف ِّط ر‬
‫الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -7‬إدخال (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو عالج أوعية القلب أو غيره من األعضاء‪ ،‬ال ُي َف ِّط ر الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -8‬إدخال منظار من خالل البطن لفحص األحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها‪ ،‬ال ُي َف ِّط ر الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -9‬أْخ ذ َع ّي نات من الكبد أو غيره من األعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل‪ ،‬ال ُي َف ِّط ر الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -10‬دخول أي أداة أو مواد عالجية إلى الدماغ أو الُنخاع الشوكي‪ ،‬الُي َف ِّط ر الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -11‬ما َي دخل الِم هَب ل من تحاميل (لُب وس)‪ ،‬أو َغ ُس ول‪ ،‬أو منظار‪ ،‬أو فحص الطبيبة‪ ،‬كل ذلك ال ُي َف ِّط ر الصائم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا‪ :‬هناك ما ُي بِط ل الَص ْو م وُي وِج ُب القضاء والَكّف ارة‪:‬‬

‫وذلك ال يكون إال "بالِج ماع"‪ ،‬فمتى جاَم َع الصائم في نهار رمضان عالمًا بتحريم الجماع أثناء الَص ْو م‪ ،‬ومتعمدًا لذلك‪ - ،‬وسواء أْن زل أو‬
‫لم ُي نزل ‪ ،-‬فقد أِثَم بذلك‪ ،‬وفَس َد َص ْو ُم ه ووجب عليه القضاء والَكّف ارة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫والَكّف ارة هي‪ِ :‬ع تق رقبة‪ ،‬فإْن لم يجد فصيام شهرين متتابعين‪ ،‬فإْن لم يستطيع فإطعام ِس ِت يَن مسكينًا‪ ،‬هكذا على هذا الترتيب‪ ،‬فال‬
‫ُي طِع م ستين مسكينًا إال إذا لم َي قَو على صيام الشهَر ين‪ ،‬وال َي ُص م إال إذا لم يجد الرقبة‪ ،‬وهذا قْو ل الجمهور‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫مسائل وُم الَح ظات‪:‬‬

‫‪ُ -1‬ي شَت َر ط في َص ْو م الَكّف ارة أْن يكون شهرين متتابعين‪ ،‬والمقصود به الشهر الهجري ال الميالدي‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬لو جاَم َع في َص ْو م فْر ض غير رمضان (كَص ْو م النذر وَكّف ارة اليمين)‪ ،‬أو جاَم َع في َص ْو م نفل‪ :‬فقد فَس َد َص ْو ُم ه‪ ،‬وال َت لَز ُم ُه الَكّف ارة‪،‬‬
‫وهذا ما ذهب إليه الجمهور‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬إذا جاَم َع َم ن له ُر خصة بالِف طر (كالمسافر‪ ،‬والمريض) في نهار رمضان‪ ،‬فال إثم عليه وال َكّف ارة؛ ألنه ُأ بيح له الِف طر‪ ،‬بشرط أال ُي فِس د‬
‫على الزوجة صيامها (إْن كانت صائمة)‪ ،‬وإنما َي ُج وز له ذلك إذا كانت هي األخرى لها ُر خصة الِف طر‪ ،‬أو كانت قد َط ُه َر ت من َح ْي ضها‬
‫أثناء النهار‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪َ -4‬ي ِج ب على المرأة َكّف ارة أيضًا إْن طاَو َع ت الرجل في الجماع؛ وهذا رأي الجمهور‪ ،‬وهو األرجح‪ ،‬أما إْن كانت المرأة ُم كَر َهة أو لها‬
‫ُر خصة الِف طر‪ ،‬فال شَئ عليها‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -5‬اختلف العلماء في مقدار اإلطعام؛ فذهب مالك والشافعي وأحمد بأْن ُي طِع م كل مسكين ُم ّد ًا من طعام‪( ،‬والُم ّد ‪ :‬هو الِح فنة التي‬
‫تمأل الَكَّف ْي ن معًا)‪( ،‬والمعنى أْن تكون َو جبة ُم شبعة للمسكين‪ ،‬أما نوع الطعام فيكون حسب الحالة المادية لَم ن عليه الكفارة‪ ،‬والله‬
‫أعلم)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -6‬إذا ُأ ْع ِس َر ‪( -‬أي وجد صعوبة في إخراج ثمن الَكّف ارة) ‪ -‬فلم يستطيع الَكّف ارة‪ ،‬فإنها متعلقة بذمته إلى أْن يتيسر له ذلك‪ ،‬وهذا هو‬
‫مذهب مالك وأبي حنيفة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ما هي آداب الَص ْو م؟‬

‫للَص ْو م آداب عديدة‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫أّو ًال‪ :‬السُح ور‪:‬‬

‫قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬تَس َّح روا فإن في السُح ور بركة"[‪ ،]9‬وقال أيضًا‪ " :‬لسُح ور أْكُلُه بركة‪ ،‬فال تَد ُع وه ولو أْن‬
‫يتجرع أحدكم جرعة ماء؛ فإن الله ومالئكته ُي َص ُّلون على المتَس ِّح رين"[‪.]10‬‬

‫‪ ‬‬

‫ُم الَح ظات‪:‬‬

‫(‪َ )1‬ي ُج وز السُح ور في أي وقت من الليل‪ ،‬ولكْن ُي سَت َح ّب تأخيره‪ ،‬لقْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬أمرنا معاشر األنبياء أْن نعجل‬
‫إفطارنا‪ ،‬ونؤخر سحورنا‪ ،‬ونضرب بأيماننا على شمائلنا في الصالة"[‪.]11‬‬

‫‪ ‬‬
‫(‪ )2‬إذا سمع األذان وكان شرابه في يده فله أْن يشرب حتى ينتهي منه‪ ،‬لقْو ل النبي َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا سمع أحدكم النداء‬
‫واإلناء على يده فال يضعه حتى يقضي حاجته منه"[‪.]12‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا‪ :‬تعجيل الفطور‪:‬‬

‫ُي سَت َح ّب للصائم تعجيل الِف طر متى غربت الشمس‪ ،‬واعلم أنه يتحقق الِف طر بأقّل شئ من الطعام أو الشراب‪ ،‬لكن األفضل والُم سَت َح ّب‬
‫أْن يكون ِف طُر ُه على ُر َط ب (بلح)‪ ،‬فإْن لم يجد فالتمر‪ ،‬فإْن لم يجد فالماء‪ ،‬واعلم أيضًا أنه ُي سَت َح ّب الدعاء عند الِف طر‪ ،‬وأَص ّح ما ثبَت‬
‫في الدعاء عند الِف طر أن رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم كان إذا أفَط َر قال‪" :‬ذهَب الظمأ واْبَت َّلْت العروق وثبت األجُر إْن شاء الله‬
‫[‪ ،]13‬ويجوز أيضًا الدعاء بغير ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثالثًا‪ :‬مالزمة التقوى‪:‬‬

‫وذلك بالَكف عن اللغو والرفث ‪( -‬وهو الكالم الفاحش) ‪ -‬وغير ذلك مما ُي نافي الَص ْو م‪ ،‬فقد قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا‬
‫كان يوم َص ْو م أحدكم فال َي رُف ث‪ ،‬وال َي صَخ ب ‪( -‬ومعنى الَص َخ ب‪ :‬الِخ صام والِص ياح) ‪ ،-‬وال َي جَه ل‪ ،‬فإْن شاَت َم ُه أحد أو قاتله فليقل‪ :‬إني‬
‫صائم"[‪ ،]14‬وقال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪َ" :‬م ن لم َي َد ْع قْو َل الُز ور والعمل به‪ ،‬فليس للِه حاجة في أْن َي َد ع طعاَم ُه وشراَبه"‬
‫[‪.]15‬‬

‫‪ ‬‬

‫رابعًا‪ :‬الُج ود (يعني الكرم)‪ ،‬وُم داَر َس ة القرآن‪:‬‬

‫فعن ابن عباس رضي الله عنه قال‪" :‬كان النبي َص ّلى الله عليه وسلم أْج َو د الناس بالخير‪ ،‬وكان أْج َو د ما يكون في رمضان حين يلقاه‬
‫جبريل‪ ،‬وكان جبريل عليه السالم يلقاه كل ليلة في رمضان حتى َي نسلخ ‪( -‬أي حتى يمضي رمضان) ‪َ ،-‬ي عرض عليه النبي َص ّلى الله‬
‫عليه وسلم القرآن‪ ،‬فإذا لِق َي ُه جبريل عليه السالم كاَن أْج َو د بالخير من الريح الُم رَس َلة[‪.]16‬‬

‫‪ ‬‬

‫خامسًا‪ :‬تجديد التوبة‪:‬‬

‫فالَص ْو م دعوة إلى التوبة واالنتباه والرجوع إلى الله‪ ،‬ولكْن إياَك أْن تجعل صيامك سبيًال إلى االزدياد من المعاصي‪ ،‬وإن من أعظم‬
‫الَب الء الذي اْبُت ِل َي بِه كثيٌر من الَخ ْلق‪( :‬الُع ُكوف أمام آالت الَلْه و والمعازف والمسرحيات والمسلسالت ينظرون إلى الفواحش‪ ،‬ويسمعون‬
‫الغناء والفجور)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وإليك ‪ -‬أخي الحبيب ‪ -‬بعض النصائح التي تعينك على التقوى بإذن الله تعالى‪:‬‬

‫(‪ )1‬اتِخ ذ لك ُص حَب ة مؤمنة تعينك على الطاعة‪ ،‬وابتعد عن قَر ناء الُس وء‪.‬‬

‫(‪ )2‬اجعل قلبك ُم َع َّلقًا بالمساجد‪ ،‬وحافظ على صالة الجماعة مهما كانت الظروف‪.‬‬
‫(‪ )3‬ألزم نفسك بالُم واَظ بة على قراءة القرآن الكريم‪.‬‬

‫(‪ )4‬إياك وسماع األغاني‪ ،‬فإنها ُت نِب ُت النفاق في القلب‪.‬‬

‫(‪ )5‬ابتعد تمامًا عن الجلوس أمام األفالم والمسرحيات‪.‬‬

‫(‪ )6‬استعن بالله على تْر ك الُم َح َّر مات‪َ ،‬كُش رب الدخان ونحوه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫َص ْو م الَت ّط ُّو ع‬

‫وينقسم هذا الَص ْو م إلى نوعين‪( :‬نوع ُم سَت َح ّب ‪ ،‬ونوع َم ْن ِه ي عنه)‪:‬‬

‫أّو ًال‪ :‬الَص ْو م الُم سَت َح ّب ‪:‬‬

‫(‪َ )1‬ص ْو م شعبان‪:‬‬

‫عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال‪ :‬قلُت يا رسول الله‪ ،‬لم أرك تُص وم من شهر من الشهور ما تُص وم من شعبان‪ ،‬قال "ذاك شهر‬
‫َي غفل الناس عنه بين رجب ورمضان‪ ،‬وهو شهر ُت ْر َف ع فيه األعمال إلى رب العالمين‪ ،‬فأحب أْن ُي ْر َف ع عملي وأنا صائم" [‪.]17‬‬

‫‪ ‬‬

‫ففي هذا الحديث بيان للُح كمة من إكثار الَص ْو م في شعبان وهي‪ :‬غفلة الناس عنه‪ ،‬ورفع األعمال فيه إلى الله‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ُح كم الَت ّط ُّو ع بعد النصف من شعبان‪:‬‬

‫قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا انتصف شعبان فال تُص وموا حتى يكون رمضان" [‪.]18‬‬

‫‪ ‬‬

‫والُخ الصة من أقوال العلماء‪( :‬أن الَنْه ي في هذا الحديث محمول على اختصاص النصف األخير من شعبان بالصيام (كأْن يكون الرجل‬
‫ُم فِط رًا ُط وال شعبان‪ ،‬حتى إذا بقَي من شعبان نصفه‪ ،‬أخذ في الَص ْو م حتى يأتي رمضان)‪ ،‬أو أن الَنْه ي محمول على عدم َو ْص ل‬
‫شعبان برمضان بدون أْن يفصل بينهم بيوٍم واحد على األقل‪ ،‬ألن النبي َص ّلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ال تقدموا َص ْو م رمضان بيوم أو‬
‫َي ْو َم ْي ن‪ ،‬إال أْن يكون َص ْو م يصومه رجل‪ ،‬فيصوم ذلك اليوم" [‪.]19‬‬

‫‪ ‬‬

‫وعلى هذا فَم ن صام في أّو ل شعبان ولم يخص أخره بصيام‪ ،‬ولم َي صْلُه برمضان‪ ،‬فال حرج من صيامه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪َ )2‬ص ْو م ستة أيام من شوال‪:‬‬


‫قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪َ" :‬م ن صام رمضان وأْت َب َع ُه ستًا من شوال كان كَص ْو م الدهر"[‪.]20‬‬

‫‪ ‬‬

‫واعلم أنه َي ُج وز صيام هذه األيام الستة من شوال متتابعة‪ ،‬أو متفرقة في أي أيام الشهر‪ ،‬عدا اليوم األّو ل‪ ،‬وهو يوم عيد الِف طر فإنه‬
‫َي حُر ُم صيامه كما سيأتي‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪َ )3‬ص ْو م الُم َح َّر م‪:‬‬

‫قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬أفضل الصالة بعد المكتوبة‪ :‬الصالة في َج ْو ف الليل‪ ،‬وأفضل الصيام بعد شهر رمضان‪ :‬شهر‬
‫الله الُم َح َّر م" [‪.]21‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪َ )4‬ص ْو م يوم عرفة لغير الحاج‪ ،‬وَص ْو م يوم عاشوراء (وهو اليوم العاشر من شهر الُم َح َّر م)‪:‬‬

‫فقد قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪َ ":‬ص ْو م يوم عرفة ُي َكِّف ر سنتين؛ ماضية ومقبلة‪ ،‬وَص ْو م عاشوراء ُي َكِّف ر سنة ماضية"[‪.]22‬‬

‫‪ ‬‬

‫تنبيهات خاصة بَص ْو م عاشوراء‪:‬‬

‫‪ -1‬لما كان النبي َص ّلى الله عليه وسلم في آخر عمره أراد مخالفة اليهود ‪( -‬ألن اليهود كانت تصوم يوم عاشوراء) ‪ -‬فقال‪" :‬لئن بِق يت‬
‫إلى قابل ‪( -‬أي‪ :‬إلى السنة القادمة) ‪ -‬ألَص ْو َم َّن التاسع" [‪ ،]23‬وفي رواية‪( :‬فلم يأت العام الُم قبل حتى ُت ُو ِف َي رسول الله َص ّلى الله‬
‫عليه وسلم)‪ ،‬فالُم سَت َح ّب في ذلك إذن صيام التاسع والعاشر‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬جاء في بعض الروايات عند أحمد‪ُ" :‬ص وموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود‪ ،‬وُص وموا قبله يومًا" فهذا حديث ضعيف‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬إْن فاته صيام التاسع‪ ،‬فإنه يُج وز له صيام يوم العاشر منفردًا بال كراهة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -4‬ليس هناك أحاديث صحيحة تُن ّص على فضيلة االكتحال يوم عاشوراء‪ ،‬أواالغتسال فيه‪ ،‬أوالَت ْو ِس َع ة على العيال فيه‪ ،‬فُكل ما َو َر َد‬
‫في ذلك أحاديث َم وُض وعة ال ُي حَت ّج بها‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪َ )6‬ص ْو م األيام الِب يض (‪ 13‬و‪ 14‬و‪ )15‬من الشهر العربي‪:‬‬


‫فعن ابن عباس رضي الله عنه "أن رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم كان ال َي َد ع َص ْو م أيام البيض في سفر وال حضر"[‪ ،]24‬واأليام‬
‫البيض هي أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر‪ ،‬وقد َو َر َد في فضيلة َص ْو مها أنها تعدل صيام الَد هر‪ ،‬وسيأتي الحديث في‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )7‬صيام َي ْو َم ْي االثنين والخميس (طوال العام‪ ،‬وليس في رجب وشعبان فقط كما يظن البعض)‪:‬‬

‫فقد ُس ِئ ل رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم عن سبب صيامه يوم االثنين والخميس فقال‪" :‬إن األعمال ُت عَر ض يوم االثنين والخميس‪،‬‬
‫فأحب أْن ُي ْر فع عملي وأنا صائم" [‪ ،]25‬وقال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬األعمال ُت عَر ض كل اثنين وخميس‪ ،‬فيغفر لكل مسلم‬
‫إال المتهاجرين‪ ،‬فيقول‪ :‬أخروهما"[‪.]26‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )8‬صيام يوم وإفطار يوم‪:‬‬

‫قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬أحب الصيام إلى الله صيام داود؛ كان يصوم يومًا ويفطر يومًا‪ ،‬وأحب الصالة إلى الله صالة‬
‫داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه‪ ،‬وينام سدسه"[‪.]27‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪َ )9‬ص ْو م العشر من ذي الحجة‪:‬‬

‫قال النبي َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه األيام ‪ -‬يعني أيام العشر‪ :‬قيل‪ :‬يا رسول الله‬
‫وال الجهاد في سبيل الله؟‪ ،‬قال‪ :‬وال الجهاد في سبيل الله إال رجل خرج بنفسه وماله فلم َي رجع من ذلك بشئ"[‪ ،]28‬ولذلك ُي سَت َح ب‬
‫صيام التسع األَو ل من ذي الحجة لدخول الَص ْو م في ُج ملة العمل الصالح المذكور‪  ‬في الحديث‪ ،‬وقد ‪ ‬ثبَت أن رسول الله َص ّلى الله‬
‫عليه وسلم كان يصوم تسع ذي الحجة‪ ،‬ويوم عاشوراء‪ ،‬وثالثة أيام من كل شهر[‪.]29‬‬

‫‪ ‬‬

‫تنبيه‪:‬‬

‫فيما يتعلق بَص ْو م رجب‪:‬‬

‫لم تثبت فضيلة إلفراد شهر رجب بصيام‪ ،‬وال صيام أيام ُم َع َي نة منه‪ ،‬بل صيامه كباقي الشهور‪ :‬فَم ن كان له عادة بصيام ‪( -‬كصيام‬
‫االثنين والخميس‪ ،‬و(‪ 13‬و‪ 14‬و‪ ،)15‬أو صيام يوم وإفطار يوم) ‪ -‬فهو على عادته‪ ،‬وَم ن لم يكن له عادة فال وجه لتخصيص َص ْو مه‪،‬‬
‫وال َص ْو م أّو له‪ ،‬بل ثبت عن عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬الَنْه ي عن ذلك‪ ،‬وكذلك ال يخص ليلة السابع والعشرين منه بقيام‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا‪ :‬األيام الَم ْن ِه ي عن صيامها‪:‬‬

‫(‪ )1‬نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام َي ْو َم ْي العيد‪ ،‬وهما (يوم الِف طر‪ ،‬ويوم األضحي)‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫(‪ )2‬نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن َص ْو م أيام التشريق (وهي األيام الثالثة التي تلي يوم األضحى)‪ ،‬فال ُي َر َخ ص في صيامها إال‬
‫للحاج الذي لم يجد الَه ْد ي لقْو له تعالى‪َ ﴿ :‬ف َم ن َّلْم َي ِج ْد َف ِص َي اُم َث الَث ِة َأ َّي اٍم ِف ي الَح ِّج َو َس ْب َع ٍة ِإ َذ ا َرَج ْع ُت ْم ﴾ [البقرة‪.]196 :‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )3‬نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن َص ْو م يوم الجمعة منفردًا ‪ ،‬أما إذا صام معه يومًا قبله أو يومًا بعده فإنه يجوز له ذلك‪ ،‬ولكْن‬
‫ُي الَح ظ أنه َي ُج وز َص ْو م يوم الجمعة منفردًا في حالة ما إذا وافق صيامًا كان يصومه‪ ،‬كيوم عرفة‪ ،‬ويوم عاشوراء‪ ،‬وصيام يوم وإفطار‬
‫يوم‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )4‬نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم السبت منفردًا ‪ ،‬ألن اليهود ُي َع ظمون يوم السبت‪ ،‬أما إذا صاَم معه يومًا قبله أو‬
‫يومًا بعده فإنه يجوز له ذلك‪ ،‬ولكْن ُي الَح ظ أنه َي ُج وز َص ْو م يوم السبت منفردًا في حالة ما إذا وافق صيامًا كان يصومه‪ ،‬كيوم عرفة‪،‬‬
‫ويوم عاشوراء‪ ،‬وصيام يوم وإفطار يوم‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )5‬نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الَش ك‪ :‬ويوم الشك هو آخر يوم من شعبان‪ ،‬وذلك إذا كان في السماء تراب‪ ،‬أو‬
‫سحاب حاَل ُد ون رؤية هالل رمضان‪ ،‬فعندئٍذ ُي حَت َم ل وجود الهالل وُي حَت َم ل عدم وجوده‪ ،‬ومع هذا فال َي ُج وز َص ْو مه إال بالتحقيق من‬
‫الرؤية‪ ،‬إال أْن يكون لَر ُج ل عادة بصيام ‪( -‬كأْن يكون من عادته أْن يصوم يومًا وُي فِط ر يومًا) ‪ ،-‬فوافق هذا اليوم عادته فال مانع من‬
‫َص ْو مه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )6‬نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن َص ْو م الدهر (وذلك بأْن يصوم كل أيام الَس َنة‪ ،‬فال َي فصل بينها بإفطار)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )7‬الَنْه ي عن الوَص ال‪ ،‬والمقصود أْن ُي واصل صيام أيام متتالية دوَن أْن ُي فطر عند أذان مغرب أّي من هذه األيام‪ ،‬بل ُي واصل الصيام‬
‫إلى انتهاء هذه األيام‪ ،‬ثم ُي فطر بعد ذلك‪ ،‬لكْن َي ُج وز أْن ُي واصل فقط إلى وقت الَس َح ر‪ ،‬لما ثبت أن النبي َص ّلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ال‬
‫تواصلوا‪ ،‬فأُّي ُكم أراَد أْن ُي واصل فلُي واصل إلى الَس َح ر" (متفق عليه)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )8‬نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عن َص ْو م الَت ّط ُّو ع إال بإذن زوجها طالما أنه حاضر معها‪ ،‬لكن َي ُج وز لها أْن تُص وم وهو غائب‬
‫عنها (يعني إذا كان مسافرًا ‪ ،‬أو كان ال يمكنه التمتع بها لمرض أو غير ذلك)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫تنبيه‪:‬‬

‫ال َي لَز م اإلتمام في صيام الَت ّط ُّو ع‪ ،‬لكْن ينبغي لإلنسان أْن ال يقطع َص ْو م الَت ّط ُّو ع إال لغرض صحيح‪ ،‬فإذا قطعه فال يجب عليه قضاء‬
‫ذلك اليوم ‪ -‬على الراجح ‪ -‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫أحكام الصيام في الحاالت الخاصة‪:‬‬

‫أّو ًال‪ :‬الَص ْو م في السفر‪ ،:‬ويتعلق بذلك بعض المسائل‪:‬‬

‫المسألة األوَلى‪ :‬ما ُح كم الَص ْو م في السفر؟‬

‫ُي باح للمسافر الِف طر‪ ،‬حتى ولو قوَي على الصيام‪ ،‬لقْو ل الله تعالى‪َ ﴿ :‬ف َم ن َكاَن ِم نُكم َّم ِر يضًا َأ ْو َع َلى َس َف ٍر َف ِع َّد ٌة ِّم ْن َأ َّي اٍم ُأ َخ َر ﴾ [البقرة‪:‬‬
‫‪ ،]184‬ولكن مع وجود ُر خصة اإلفطار ‪ -‬هل َي ُج وز له أْن يصوم؟ وإذا صام هل ُي ْج زُئ ه؟‬

‫ذهب جمهور العلماء‪ :‬إلى جواز َص ْو م المسافر‪ ،‬وأن ذلك ُي ْج زُئ ه‪ ،‬وذهب فريق آخر إلى أنه يجب الِف طر للمسافر وال ُي ْج زُئ ه الَص ْو م‪،‬‬
‫والراجح ما ذهب إليه الجمهور من جواز الَص ْو م للمسافر وأن ذلك ُي ْج زُئ ه‪ ،‬فقد ثبت أن رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم صاَم في‬
‫السفر‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫المسألة الثاِن َّي ة‪ :‬هل الَص ْو م أفضل للمسافر أم الِف طر؟‬

‫َع ِلْم نا أن الراجح هو قْو ل الجمهور بإباحة الِف طر للمسافر وجواز َص ْو مه‪ ،‬ولكن هل الَص ْو م أفضل له أم الِف طر؟ اختلف العلماء في ذلك‬
‫على أقواٍل ِع َّد ة‪ ،‬أْح َس ُنها وأفَض ُلَه ا أن الَص ْو م في السفر لَم ن قوَي عليه أفضل من الِف طر‪ ،‬وأما َم ن شَّق عليه الَص ْو م فإن الِف طر له أفضل‪،‬‬
‫وأما َم ن لم يجد َم َش قة من السفر فإنه ُي َخ َّي ر بين الَص ْو م والِف طر‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ُم الَح ظات وتنبيهات‪:‬‬

‫(‪َ )1‬م ن دخل عليه شهر رمضان وهو في الَح َض ر (يعني وهو ُم ِق يم في بلده)‪ ،‬ثم سافر بعد ذلك في أي يوم من أيام رمضان ُأ بيح له‬
‫الِف طر ‪ -‬على الراجح من أقوال العلماء‪ ،‬وكذلك ُي باح له الِف طر إذا أصبح صائمًا وهو ُم ِق يم‪ ،‬ثم أراد أْن يسافر بالنهار‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )2‬إذا أراد المسافر أْن يأخذ بُر خصة الِف طر فإنه ُي باح له الِف طر قبل مغادرة بيته‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )3‬ال َي ُج وز لإلنسان أْن يتَح َّي ل على اإلفطار في رمضان بالسفر؛ ألن التَح ُّي ل على إسقاط واجب ال ُي سِق ُط ُه ‪ ،‬كما أن التَح ُّي ل على‬
‫الُم َح َّر م ال يجعله ُم َب احًا‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )4‬الذين يسافرون دائمًا كسائقي الشاحنات والقطارات والطائرات وَن ْح ِو هم لهم الترخص بُر خصة الِف طر‪ ،‬وعليهم أْن يقضوا تلك‬
‫األيام في أيام ُع طَلته‪ ،‬فإذا لم تكن له أيام ُع طلة فإنه ُي طعم عن كل يوم أفطره مسكينًا‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫(‪ُ )5‬ي باح اإلفطار للمسافر حتى ولو كان سفره بوسائل النقل المريحة‪ ،‬وسواء وجد َم َش َّق ة من السفر أو لم يجدها‪ ،‬إذ أَّن سبب الِف طر‪:‬‬
‫(وجود السفر) دون الَت َق ُّي د بشئ آخر‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )6‬إذا قِد َم المسافر أثناء النهار ُم فِط رًا ‪ ،‬فالصحيح أنه ال يجب عليه اإلمساك عن الطعام بقية النهار لعدم وجود دليل ُي وِج ُب عليه‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الحامل والُم رِض ع‪:‬‬

‫ُي باح للحامل والُم رِض ع الِف طر في رمضان‪ ،‬ولكن اختلف العلماء‪ :‬ماذا عليها لو أخذت برخصة الِف طر وأفطرت‪( :‬هل ُت طِع م عن كل يوٍم‬
‫أفَط َر ته مسكينًا فقط؟ أم تقضي بعد رمضان األيام التي أفَط َر تها فقط؟ أم ُت طِع م وتقضي معًا؟)‪ :‬على أقواٍل ‪ ،‬أرَج ُح ها وأَص ُّّح ها أن‬
‫الحامل أو الُم رِض ع إذا أفطرت فعليها أْن ُت طِع م عن كل يوم مسكينًا وال قضاء عليها لتلك األيام التي أفطرتها من رمضان‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ُم الَح ظات وتنبيهات‪:‬‬

‫(‪ )1‬لو استؤجرت المرأة إلرضاع غير ولدها‪ ،‬أو أرضعته تقُر بًا إلى الله؛ فإنه ُي باح لها الِف طر‪ ،‬وُت طِع م عن كل يوم مسكينًا كما لو كانت‬
‫ترضع ولدها‪ ،‬وال قضاء عليها لتلك األيام التي أفطرتها من رمضان‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )2‬لو كانت الُم رِض ع أو الحامل مسافرة‪ ،‬أو مريضة فأفطرت بِن َّي ة الترخص بالمرض‪ ،‬أو السفر فال ِف دَي ة عليها بال خالف‪( ،‬يعني ال‬
‫تطعم عن كل يوم مسكينًا)‪ ،‬ولكْن عليها قضاء هذه األيام بعد رمضان‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )3‬على َم ن يجب اإلطعام؟ قال الشيخ ابن ُع َث ْي ِم ين (َرِح َم ُه الله)‪...( :‬اإلطعام واجب على َم ن تلزمه النفقة)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثالثًا‪ :‬المريض‪:‬‬

‫ُي باح للمريض الِف طر في رمضان لقْو ل الله تعالى‪َ ﴿ :‬ف َم ن َكاَن ِم نُكم َم ِر يضًا َأ ْو َع َلى َس َف ٍر َف ِع َّد ٌة ِّم ْن َأ َّي اٍم ُأ َخ َر ﴾‪[  ‬البقرة‪.]184 :‬‬

‫‪ ‬‬

‫وقد اختلف العلماء في نوع المرض الُم ِب يح للِف طر‪:‬‬

‫فذهب فريق منهم إلى أنه المرض الذي تلحقه بسببه المشقة‪ ،‬أو الذي يخاف زيادة مرضه بسبب الَص ْو م‪ ،‬وقال أحمد (َرِح َم ُه الله)‪ :‬هو‬
‫المرض الغالب ‪ -‬الشديد‪ ،‬وعند الظاهرية‪ :‬كل ما أطلق عليه اسم المرض لعموم اللفظ في اآلية‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫وقد قَّس َم ُه الشيخ ابن ُع َث ْي ِم ين إلى ثالثة أقسام‪:‬‬

‫األّو ل‪ :‬أال يتأثر بالَص ْو م مثل الُص داع والزكام‪ ،‬فهذا ال َي ِح ّل له الِف طر‪.‬‬

‫الثاني‪َ :‬ي ُش ق عليه الَص ْو م ولكْن ال يضره‪ ،‬فُي كَر ه له الَص ْو م وُي سَت َح ّب له الِف طر‪.‬‬

‫الثالث‪َ :‬ي ُش ق عليه الَص ْو م َو َي ُض ُّر ه‪َ ،‬كَم ْر َض ى الُكَلى والُس َّكر‪ .‬قال الشيخ‪ :‬والَص ْو م عليه حرام‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫لكْن ماذا يجب على المريض إذا أخذ برخصة الِف طر وأفطر؟‬

‫أ‪ -‬إْن كان المرض مما ُي رَج ى شفاؤه‪ ،‬فيجب عليه أْن يقضي هذه األيام في أيام أخر‪ ،‬كما َو َر َد ذلك في اآلية‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ب‪ -‬وإْن كان المرض مما ال ُي رَج ى شفاؤه‪ ،‬كأْن يكون المرض ُم زِم نًا فعلى قْو لين‪:‬‬

‫القْو ل األّو ل‪ُ :‬ي طِع م عن كل يوم مسكينًا‪ ،‬وهذا ما عليه جمهور العلماء‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫القْو ل الثاني‪ :‬يسقط عنه الَص ْو م (يعني ال ُي طِع م وال يقضي)‪ ،‬لقْو ِلِه تعالى‪َ ﴿ :‬ف اَّتُق وا الَّلَه َم ا اْس َت َط ْع ُت ْم ﴾ [التغابن‪.]16 :‬‬

‫‪ ‬‬

‫واألْح َو ط في ذلك العمل بالقْو ل األّو ل بأْن ُي طِع م عن كل يوم مسكينًا‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫رابعًا‪ :‬الحائض والُن َف ساء‪:‬‬

‫يجب على الحائض والُن َف ساء الِف طر‪ ،‬وال َي ِص ّح َص ْو مها‪ ،‬بل َي حُر ُم عليها الَص ْو م‪ ،‬فلو صامت أِثَم ت‪ ،‬وكان الَص ْو م باطًال‪ ،‬ويجب عليها‬
‫القضاء‪ ،‬فعن عائشة رضي الله عنها قالت‪ُ :‬كَّنا َن ِح يض على عهد رسول الله َص ّلى الله عليه ‪ ‬وسلم فُنؤَم ر بقضاء الَص ْو م‪ ،‬وال ُن ؤَم ر‬
‫بقضاء الصالة (رواه مسلم (‪.))335‬‬

‫‪ ‬‬

‫وإذا َط ُه َر ت الحائض أثناء النهار (وكانت ُم فِط رة)‪ ،‬فال َي لَز ُم ُه ا اإلمساك عن الطعام بقية النهار‪ ،‬ألنه ليس هناك دليل يأمرها بذلك‪ ،‬وعليها‬
‫قضاء هذا اليوم‪ ،‬أما إذا َط ُه َر ت قبل الفجر الصادق ‪( -‬يعني قبل بداية يوم جديد في الصيام) ‪ -‬ولو بلحظة‪ :‬فإنها تنوي الصيام‬
‫وتُص وم‪ ،‬سواء اغتسلت قبل الفجر أو بعده‪ ،‬ويكون َص ْو ُم ها صحيحًا‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫أما إذا حاضت المرأة قبل غروب الشمس‪ ،‬ولو بلحظة فعليها قضاء ذلك اليوم‪ ،‬وأما إذا أَح َّس ت بأعراض الَح ْي ض من َو َج ع وتأُّلم وغير‬
‫ذلك‪ ،‬ولكنها لم َت َر الدم خارجًا إال بعد غروب الشمس فالَص ْو م صحيح‪ ،‬وال قضاء عليها‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫تنبيهات‪:‬‬

‫‪ -1‬الُم سَت َح اضة ‪( -‬وهي التي يخرج منها الدم في غير زمن الَح ْي ض) ‪َ -‬ص ْو ُم ها صحيح على كل حال‪ ،‬فال تمتنع عن الَص ْو م‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬إذا أْس قَط ت المرأة قبل األربعين فاألرجح أنه دم ِن فاس (يعني ال تصوم وال تصلي)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬لو تعاطت المرأة أدوية تمنع الَح ْي ض فلم تر الدم‪ ،‬فَص ْو مها صحيح‪ ،‬واألوَلى أْن تتعبد لله بفطرها وصيامها وال ُتَكِّلف نفسها هذا‬
‫الَع َناء‪ ،‬وربما تسبب هذه األدوية إضرارًا لها‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫أحكام القضاء (أي‪ :‬قضاء الصوم)‪ ،‬وأحكام الِف دَي ة (أي‪ :‬إطعام المساكين)‪:‬‬

‫أّو ًال‪ :‬القضاء‪:‬‬

‫تقدم أنه يجب على َم ن أفطر في رمضان‪ :‬عدة من أياٍم أخر‪ ،‬وهذا يشمل المسافر والمريض والُن َف ساء‪ ،‬ويشمل أيضًا َم ن تعمد اإلفطار‪،‬‬
‫وُي الَح ظ أنه يتعلق بذلك بعض المسائل‪:‬‬

‫‪ -1‬ال يجب التتابع في قضاء هذه األيام؛ فمن شاء صامها متتابعة‪ ،‬ومن شاء صامها متفرقة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬وجوب قضاء هذه األيام على في أّي وقت من السنة قبل أْن يأتي رمضان الذي َي ِل يه‪ ،‬لكَّن األوَلى‪( :‬المسارعة إلى قضاءها)‪ ،‬لقْو له‬
‫تعالى‪ ﴿ :‬أّو لِئَك ُي َس اِرُع وَن ِف ي الَخ ْي َر اِت َو ُه ْم َلَه ا َس اِب ُق وَن ﴾ [المؤمنون‪.]61 :‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬هل َي ُج وز أْن يصوم صيام َت ّط ُّو ع قبل أْن يقضي ما عليه‪ ،‬أم يجب أْن يقضي ما عليه أّو ًال قبل أي َص ْو م آخر؟‬

‫‪ ‬‬

‫الصحيح‪ :‬نعم َي ُج وز له أْن يصوم صيام َت ّط ُّو ع قبل أْن يقضي ما عليه‪ ،‬ألن وقت القضاء ُم َو َّس ع‪ ،‬ولكَّن األوَلى ‪ ‬أْن يقضي ما عليه أّو ًال‪،‬‬
‫ثم يصوم النفل إْن شاء‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -4‬إْن كان عليه أيام من رمضان‪ ،‬فأَّخ َر قضاءها حتى جاء رمضان آخر‪ ،‬فإنه يصوم الحاضر‪ ،‬ثم يقضي ما عليه بعده‪ ،‬وال ِف دَي ة عليه ‪-‬‬
‫(يعني‪ :‬وليس عليه إطعام مساكين بسبب تأخيره لقضاء تلك األيام) ‪ -‬على الراجح من أقوال العلماء‪ ،‬سواء كان التأخير لُع ذر أم لغير‬
‫ُع ذر‪ ،‬وهذا مذهب الحنفية والظاهرية‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫قال الشيخ عادل العَّز ازي‪( :‬إال أنه يأثم بتأخيره‪.)...،‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الِف دَي ة (يعني‪ :‬إطعام المساكين)‪:‬‬

‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َع َلى اَّلِذ يَن ُي ِط يُق وَن ُه ِف دَي ة َط َع اُم ِم ْس ِك يٍن ﴾ [البقرة‪ ،]184 :‬ويدخل في ذلك الحامل‪ ،‬والُم رِض ع‪ ،‬والشيخ الكبير‪ ،‬والمرأة‬
‫العجوز‪ ،‬والمريض (مرضًا ُم زِم نًا ال ُي رَج ى شفاؤه) فكل هؤالء ُي طِع مون مسكينًا عن كل يوٍم أفطروه من رمضان‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وُي الَح ظ أنه يتعلق بذلك بعض المسائل‪:‬‬

‫‪ -1‬يجوز أْن يكون إطعام المساكين في نفس األيام التي أفطر فيها‪ ،‬و يجوز أْن يكون اإلطعام بعد هذه األيام‪ ،‬ولكن ُي الَح ظ أنه ال‬
‫ُي طِع م قبلها؛ ألنه لم يتعلق بِذ َّم ِت ه ُو جوب اإلطعام إال بعد َم ِج ئ ذلك اليوم الذي أفَط َر فيه‪ ،‬واعلم أنه َي ُج وز أْن يجعل إطعام األيام كلها‬
‫في آخر الشهر‪ ،‬فقد ثبَت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه أفطر عند ِك َب ِر ه‪ ،‬فأطَع َم ثالثين مسكينًا في آخر يوم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬اختلف العلماء في مقدار اإلطعام للمسكين الواحد‪ ،‬وسبب ذلك أنه لم َي ُن ّص دليل على مقداره‪ ،‬فذهب بعض العلماء أنه ُم ّد من‬
‫طعام لكل يوم‪ ،‬كما تقدم في طعام الَكّف ارة ‪ -‬لمن جامع زوجته في نهار رمضان ‪  -‬أنه يعادل ُم ّد ًا لكل مسكين‪ ،‬وقيل‪ :‬نصف صاع‬
‫قياسًا على ِف دَي ة محظورات اإلحرام‪( ،‬والصاع هو مايعادل ‪2.5‬كيلو جرام تقريبًا)‪ ،‬وَي ُج وز أْن يجمع كل المساكين على طعاٍم واحد‬
‫كما فعل أنس رضي الله عنه‪ ،‬فاألمر ُم َو َّس ع والحمد لله‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬لم َت ُن ّص اآلية كذلك على نوع الطعام‪ ،‬واألشَب ه أْن ُي قال‪ِ ﴿ :‬م ْن َأ ْو َس ِط َم ا ُت ْط ِع ُم وَن َأ ْه ِل يُكْم ﴾ [المائدة‪ ،]89 :‬كما في إطعام َكّف ارة‬
‫اليمين‪ ،‬وكما هو الحال في زكاة الِف طر‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -4‬ال ُي شَت َر ط أْن ُي َع ِّد د المساكين بعدد األيام‪ ،‬فلو أطعم نفس المسكين كل يوم أجزأه‪ ،‬وهذا بخالف الَكّف ارة‪ ،‬فاألرجح في الَكّف ارة أْن‬
‫ُي َع ِّد َد هم َت َم ِّش َي ًا مع ظاهر الحديث‪" :‬أطِع م ستين مسكينًا" والله أعلم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -5‬ال َي ُج وز إخراج ِق يمة اإلطعام نقودًا ؛ ألَّن اآلية َن َّص ت على اإلطعام‪ ،‬فلو أخرج دراهم أو دنانير لم ُي جِز ُئ ه ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫مسألة‪ :‬فيَم ن مات وعليه صيام‪:‬‬

‫اختلفت آراء العلماء فيَم ن مات وعليه صيام‪( :‬هل يصوم عنه غيره أم ال؟)‪ ،‬والصحيح من أقوال العلماء هو أْن يصوم عنه َو ِل ُّي ه ‪-‬‬
‫والَو ِل ّي هو الوارث للميت أو كل قريٍب له‪ ،‬واألوَلى َح مُلُه على "الوارث" فهو أقرب الناس إليه‪ ،‬واعلم أنه لو صام عنه أجنبي ‪ -‬إْن كان‬
‫ذلك بإذن الولي ‪َ -‬ص َّح صيامه عنه وإال‪ ،‬فال ‪ -‬على األَص ّح ‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫ُم الَح ظات‪:‬‬

‫‪ -1‬هذا الُح كم في حالة إذا ما كان الميت متمكنًا في حياته من قضاء هذه األيام التي عليه‪ ،‬ولم يقضها حتى مات‪ ،‬وأما إْن استمَّر به‬
‫المرض ‪ -‬الذي ُي رَج ى شفاؤه ‪ -‬حتى مات فليس عليه شئ (ال صيام وال طعام)‪ ،‬فال يجب أْن ُي َص ام عنه‪ ،‬وال أْن ُي طِع م عنه‪ ،‬أما إذا‬
‫المرض ُم زِم نًا أو ال ُي رجى شفاؤه فإنه ُي طِع م مسكينًا عن كل يوٍم أفطره‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬أما بالنسبة للصالة فال يصلي عنه أحد صالة فائتة باإلجماع‪ ،‬وكذلك اإلجماع على أنه ال يصوم عنه أحد في حياته‪ ،‬إنما الخالف‬
‫في الميت‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ -3‬األوَلى أْن ُي َص ام عنه بعدد األيام‪ ،‬بمعنى أْن ُت َو َّز ع تلك األيام ‪ -‬التي عليه ‪ -‬على األوَلياء ‪ -‬سواء الورثة أو األقارب ‪ -‬بأْن يصوم كل‬
‫واحد منهم عددًا من األيام‪ ،‬بحيث يصوم هذا في أياٍم غير التي صامها اآلخر؛ ويرى بعضهم أنه لو صام ثالثون رجًال يومًا واحدًا (بأْن‬
‫يصوموا كلهم في نفس اليوم) عن ثالثين يومًا فإن ذلك ُي جزُئ ه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫االعتكاف‪:‬‬

‫معنى االعتكاف‪ :‬االعتكاف معناه‪( :‬مالزمة المسجد من أجل َح ْب س النفس على ِف عل ما يتقرب به إلى الله)‪ ،‬واألصل أْن ال يفعل إال‬
‫األعمال الخاصة بالمساجد من (صالة وِذ كر وتالوة‪ ،)...،‬ومما يدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها‪( :‬الُس َّنة على الُم عَت ِك ف أْن ال‬
‫َي ُع ود مريضًا‪ ،‬وال يشهد جنازة‪ ،‬وال َي َم ّس امرأة‪ ..،‬وال يخرج لحاجة إال لما الُبَّد منه)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ما هي أقل ُم َّد ة لالعتكاف؟‬

‫أما اعتكاف الَنذر فيؤديه الناذر حسب ما نذره (يعني حسب الُم َّد ة التي نذرها)‪ ،‬وأما االعتكاف الجائز فقد اختلف العلماء في أقل‬
‫ُم َّد ة له‪ ،‬فمنهم َم ن يرى أنه لو اعتكف ليلة أجزأه (يعني من أذان المغرب إلى الفجر)‪ ،‬وذلك ألنهم ال يشترطون الَص ْو م في االعتكاف‪،‬‬
‫ومنهم َم ن يرى أنه ال ُي جزئه أقّل من يوم وليلة (يعني ‪ 24‬ساعة تقريبًا)‪ ،‬وذلك ألنهم يشترطون الَص ْو م في االعتكاف‪ ،‬وهذا هو قْو ل‬
‫الجمهور‪ ،‬وهو األرَج ح‪ ،‬ولكْن ال ُن نِك ر على الفريق اآلخر الذي يقول بأّن أقّل االعتكاف ليلة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫واعلم أّن ه من الُس َّنة أْن يكون االعتكاف في العشر األواخر من رمضان؛ ألن ذلك هو َهْد ُي ُه َص ّلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأما اعتكاف أي يوم‬
‫غير العشر األواخر من رمضان فجائز‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫أركان االعتكاف‪:‬‬

‫ُّل‬
‫‪ .1‬الِن َّي ة (وَم َح ُّلها القلب)‪.‬‬

‫‪ .2‬الُم كث في المسجد‪.‬‬

‫‪ .3‬الشخص الُم عَت ِك ف‪.‬‬

‫‪ .4‬الُم عتَكف فيه‪ ،‬وهو المسجد‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫وُي شَت َر ط في الشخص الُم عَت ِك ف أْن يكون مسلمًا عاقًال‪ ،‬وَي ِص ّح من الصبي ومن المرأة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫متى يدخل الُم عَت ِك ف ُم عَت َكفه‪ ،‬ومتى يخرج منه؟‬

‫ذهب بعض العلماء إلى أن الُم عَت ِك ف يدخل ُم عَت َكفه قبل غروب شمس يوم الحادي والعشرين من رمضان‪ ،‬وكذلك يرون خروجه بعد‬
‫غروب شمس أخر يوم من رمضان‪ ،‬والراجح أن الُم عَت ِك ف يدخل ُم عَت َكفه قبل فجر يوم الحادي والعشرين‪ ،‬ويخرج منه بعد صالة فجر‬
‫يوم العيد (فال ُي نكر أحٌد على أحد)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ما ُي باح للُم عَت ِك ف‪:‬‬

‫(‪َ )1‬ي ُج وز للُم عَت ِك ف الخروج لحاجته الضرورية‪ ،‬مثل َج ْلب الطعام والشراب ‪ -‬إْن لم يجد َم ن يحمله إليه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪َ )2‬ي ُج وز للُم عَت ِك ف الخروج للوضوء والُغ سل وقضاء الحاجة (هذا في حالة عدم وجود مكان في المسجد لذلك)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪َ )3‬ي ُج وز للُم عَت ِك ف تسريح الشعر‪ ،‬وحلق الرأس‪ ،‬وتقليم األظافر‪ ،‬وتنظيف البدن‪ ،‬فكل ذلك ال ُي َناِف ي لالعتكاف‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪َ )4‬ر َّخ َص الجمهور للُم عَت ِك ف في البيع والشراء لما الُبَّد له منه (يعني من أجل الحصول على طعامه وشرابه)‪ ،‬واتفقوا على أنه ال‬
‫يشتغل بالتجارة‪ ،‬وال بالحرفة لالكتساب‪ ،‬ولكْن اعلم أنه يُج وز للمعتِك ف الذهاب ِل عمله (في حالة عدم استطاعته الحصول على راحة‬
‫من العمل فترة اعتكافه‪ ،‬ويكون أجره على قدر الفترة التي اعتكفها بالمسجد)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )5‬يجوز اشتغال الُم عَت ِك ف باألمور الُم َب احة ِم ن تشييع زائره‪ ،‬والقيام معه‪ ،‬والحديث مع غيره‪ ،‬وإباحة ُخ لوة الُم عَت ِك ف بالزوجة‪،‬‬
‫وزيارة المرأة للُم عَت ِك ف‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫(‪ )6‬الراجح جواز الَت َط ُّي ب للُم عَت ِك ف ‪( -‬يعني َو ْض ع الِم سك وَن ْح ِو ه)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )7‬إذا َت َع َّي َن عليه أداء شهادة (يعني كان أداء الشهادة فرض َع ْي ن عليه‪ ،‬كأْن يكون هو الشاهد الوحيد مثًال) فإنه يجوز له الخروج‬
‫ألدائها وال َي بُط ل اعتكافهوذلك لقْو له تعالى‪َ ﴿ :‬و َال َي ْأ َب الُّش َه َد اُء ِإ َذ ا َم ا ُد ُع وا ﴾ [البقرة‪.]282 :‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪َ )8‬ي ُج وز للُم سَت َح اضة ‪( -‬وهي التي يخرج منها الدم في غير زمن الَح ْي ض) ‪ -‬أْن تعتكف‪ ،‬وأما الحائض فالمسألة مبِن َّي ة على ُح كم‬
‫ُم ْكث الحائض في المسجد‪ ،‬وقد تقدم في باب الطهارة ترجيح جواز ُم ْكث الحائض في المسجد والله أعلم‪ ،‬وهذا الُح كم ِلَم ن يري‬
‫عدم اشتراط الَص ْو م في االعتكاف (ألن الحائض ال تصوم)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )9‬إذا أرادت المرأة االعتكاف‪ :‬استأذنت زوجها‪ ،‬فإذا اعتكفت بغير إذنه كان له أْن يخرجها‪ ،‬وحتى إْن أذن لها ثم رأى بعد ذلك أْن‬
‫يرجع فيمنعها فله ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫(‪ )10‬أجمع العلماء على أن االعتكاف َي فَس د بالجماع عمدًا ‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬و َال ُت باَش َر وُه َّن َو َأ ْن ُت ْم َع اِك ُف وَن ِف ي الَم َس اِج ِد ﴾ [البقرة‪،]187 :‬‬
‫وإذا فعل الُم عَت ِك ف ذلك فعليه قضاء االعتكاف بعد رمضان بسبب إفساده العتكافه‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ليلة القدر‪:‬‬

‫اعلم ‪ -‬رحمك الله ‪ -‬أنه ُي ستحب االجتهاد في العشر األواخر من أجل َت َح ِّر ي ليلة القدر‪:‬‬

‫قال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪" :‬تَح ُّر وا ليلة القدر في الوتر من العشر األواخر من رمضان" (متفق عليه)‪ ،‬وكان َص ّلى الله عليه‬
‫وسلم يجتهد في العشر األواخر من رمضان‪ ،‬وكان النبي َص ّلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر َش َّد ِم ئَز َر ه ‪( -‬يعني اجتهد في العبادة‬
‫واعتزل النساء) ‪ ،-‬وأحيا َلْي َلُه ‪( -‬يعني َس ِه َر ُه بالطاعة من صالة وقراءة القران والِذ كر وغير ذلك) ‪ ،-‬وأيقظ أهله ‪( -‬أي‪ :‬للصالة)"‬
‫(متفق عليه)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫واعلم أَّن َم ن فاتته ليلة القدر فقد فاته خير كثير‪ ،‬فعن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬دخل رمضان‪ ،‬فقال رسول الله َص ّلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"إن هذا الشهر قد حضركم‪ ،‬وفيه ليلة خيٌر من ألف شهر‪َ ،‬م ن ُح ِر َم َه ا فقد ُح ِر َم الخير كله‪ ،‬وال ُي حَر ُم خيرها إال محروم" (انظر صحيح‬
‫الترغيب والترهيب (‪.)818 / 1‬‬

‫‪ ‬‬

‫ومن األعمال الُم سَت َح ّب ة في هذه الليلة‪:‬‬

‫أ‪ -‬االعتكاف‪ :‬فقد كان النبي َص ّلى الله عليه وسلم يعتكف العشر األواخر من رمضان حتى توفاه الله (متفق عليه)‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫ب‪ -‬قيام ليلها إيمانًا واحتسابًا‪ :‬فقد قال النبي َص ّلى الله عليه وسلم‪َ" :‬م ن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"‬
‫(متفق عليه)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ج‪ -‬الدعاء‪ :‬فقد قالت عائشة رضي الله عنها للنبي َص ّلى الله عليه وسلم‪ :‬أرايَت إْن وافقُت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال‪" :‬قولي‪:‬‬
‫اللهم إنك َع ُف ٌّو تحب العفو فاعُف عني" (انظر صحيح الجامع حديث رقم‪.))4423( :‬‬

‫‪ ‬‬

‫د‪ -‬إيقاظ أهله للصالة‪ :‬وقد تقدم الحديث في ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثامنًا‪ :‬عالماتها‪:‬‬

‫(‪ )1‬أنها ليلة ال حارة وال باردة‪.‬‬

‫(‪ )2‬أن الشمس تخرج في صباح اليوم التالي لها حمراء ال شعاع لها‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪" ‬التلخيص على مسؤولية الكاتب"‬

‫‪ ‬‬

‫[‪ُ ]1‬م خَت َص َر ة من كتاب (تمام الِم ّنة في ِف قه الكتاب وصحيح الُس ّنة) لفضيلة الشيخ عادل العّز ازي أثابه الله لمن أراد الرجوع لألدلة‬
‫والترجيح‪ ،‬وأما الكالم الذي تحته خط أثناء الشرح من توضيٍح أو تعليٍق أو إضافٍة أو غير ذلك فهو من كالمي (أبو أحمد المصري)‪،‬‬
‫وقد تَّم مراجعة الُم َلَّخ ص من أحد تالميذ الشيخ عادل‪.‬‬

‫[‪( ]2‬انظر صحيح الجامع (‪.))3882‬‬

‫[‪( ]3‬متفق عليه)‪.‬‬

‫[‪( ]4‬انظر صحيح سنن ابن ماجه)‪.‬‬

‫[‪( ]5‬متفق عليه)‪.‬‬

‫[‪( ]6‬انظر صحيح الجامع حديث‪.)6243 :‬‬

‫[‪( ]7‬انظر صحيح الجامع حديث‪.)927 :‬‬

‫[‪( ]8‬رواه البخاري (‪.)1939‬‬


‫[‪( ]9‬متفق عليه)‪.‬‬

‫[‪( ]10‬انظر صحيح الترغيب (‪.))1066‬‬

‫[‪( ]11‬انظر صحيح الجامع (‪.))2286‬‬

‫[‪( ]12‬انظر صحيح الجامع ‪.)607‬‬

‫[‪( ]13‬انظر صحيح الجامع ‪.)4678‬‬

‫[‪( ]14‬متفق عليه)‪.‬‬

‫[‪( ]15‬متفق عليه)‪.‬‬

‫[‪( ]16‬متفق عليه)‪.‬‬

‫[‪( ]17‬انظر صحيح الترغيب (‪.)1022‬‬

‫[‪( ]18‬انظر صحيح الجامع حديث‪.)397 :‬‬

‫[‪( ]19‬متفق عليه)‪.‬‬

‫[‪( ]20‬رواه مسلم (‪.))1164‬‬

‫[‪( ]21‬رواه مسلم (‪.))1163‬‬

‫[‪( ]22‬رواه مسلم (‪.))1162‬‬

‫[‪( ]23‬رواه مسلم (‪)1134‬‬

‫[‪( ]24‬انظر صحيح الجامع (‪.))4848‬‬

‫[‪( ]25‬صحيح‪ :‬رواه النسائي (‪.))201 / 4‬‬

‫[‪( ]26‬انظر صحيح الجامع حديث‪.)4804 :‬‬

‫[‪( ]27‬متفق عليه)‪.‬‬

‫[‪( ]28‬البخاري (‪.)969‬‬

‫[‪( ]29‬انظر صحيح سنن أبي داود)‪.‬‬


‫حقوق النشر محفوظة ©
‪1443‬هـ ‪2022
/‬م لموقع األلوكة

‫آخر تحديث للشبكة بتاريخ ‪20/8/1443 :‬هـ ‪ -‬الساعة‪
19:19 :‬‬

You might also like