Professional Documents
Culture Documents
دراسة شرعية وقانونية لوسائل ونظم الدفع الالكتروني
دراسة شرعية وقانونية لوسائل ونظم الدفع الالكتروني
كلـيـــة الحقـــــــــــــوق
قسم الشريعة اإلسالمية
مقدمة من الباحث
ثم تناول الدفع اإللكتروني بدراسة شرعية وقانونية ،من حيث ماهيته وخصائصه وطبيعته
القانونية والحجية القانونية للدفع اإللكتروني من خالل دراسة للمستندات اإللكترونية والتوقيع
اإللكتروني ،وشهادات التصديق اإللكترونية ،باإلضافة إلى دراسة المحيط الذي يعمل فيه الدفع
اإللكتروني ،فتناولت العمليات المصرفية اإللكترونية والتجارة اإللكترونية والبنوك اإللكترونية،
كما بين الباحث الفرق بين نظم الدفع اإللكتروني ووسائله.
وتناولت الرسالة أهم وسائل الدفع اإللكترونية كالبطاقات االئتمانية بأنواعها المختلفة ،من حيث
نشأتها وماهيتها والعالقات الناشئة عنها واألوضاع الشرعية ألطرافها ،وطبيعتها القانونية
والعالقات القانونية التي تنشأ بين أطرافها.
كما تناولت النقود اإللكترونية ،فبينت كيفية نشأتها وأنواعها المختلفة والخالف حول ماهيتها،
وأهم التطبيقات العملية لها ،باإلضافة إلى وضعها القانوني والشرعي ،كما تناولت الشيكات
اإللكترونية بأنواعها المختلفة ،وتعرضت أخيراً إلى الوسائل المساعدة لوسائل الدفع
اإللكتروني ،وهي المحفظة اإللكترونية وعمليات الدفع عبر المحمول.
كما تضمنت الرسالة دراسة تاريخية واقتصادية وشرعية لوسائل الدفع التقليدية المحلية
واألجنبية ،وأوضحت الرسالة أن التكييف المستقر عليه لألوراق النقدية بأنها "نقد قائم بذاته"
هو تكييف غير دقيق وال يحقق المطالب الشرعية واالقتصادية السليمة ،وقد وضع الباحث
تكييفاً مقترحاً لها ،بناء على تعريف وتحليل دقيقين للنقود ،وبناء على مفهوم جديد للمالية
والنقدية ،وتحليل للخالف الفقهي القديم الحديث حول مسألة خلقية النقود.
حيث يقضي التكييف المقترح بأن األوراق النقدية في صورتها الحالية هي "نقد قائم بغيره".
وخلص الباحث إلى عدم صالحية األوراق النقدية األجنبية في صورتها الحالية للقيام بالدور
النقدي الذي تتطلبه الشريعة اإلسالمية ،بالنظر إلى حالة األوراق النقدية األجنبية المتداولة في
هذا العصر ،وعدم تغطيتها بأي غطاء فعلي من أي نوع ،وعدم توافر الضوابط التي تضمن
قيامها بالوظيفة النقدية العادلة .وقد وضع الباحث حكماً اجتهادياً حول االحتفاظ والتعامل بهذه
األوراق ،مفاده" :عدم جواز االحتفاظ بأوراق النقد األجنبية نهائياً ،وعدم جواز التعامل بها إال
للضرورة" .وذلك لتوافر األدلة الشرعية من الكتاب والسنة واإلجماع والقياس والمصلحة
المرسلة والعرف ،باإلضافة إلى مجموعة من األدلة االقتصادية التي تثبت عدم قيام الدوالر
األمريكي بالوظائف االقتصادية المعتبرة في النقود المحلية ناهيك عنه كعملة احتياط دولية،
وإ لى األدلة القانونية المتعلقة بتجريم الغش والغبن وتزييف الحقائق ،وتجريم االحتيال
والسرقة ،وكل ذلك موجود في التعامل بالعمالت األجنبية وعلى رأسها الدوالر الورقي
األمريكي.
كما تناولت الدراسة الخطوط العريضة للسياسة النقدية ،ومدى مالءمتها لألوضاع الشرعية،
وما يحتاجه االقتصاد اإلسالمي من أدوات نقدية ،ومشروعية استخدام األدوات النقدية التي
تستخدمها السلطات النقدية في معظم دول العالم المعاصر.
ونبهت الرسالة إلى خطورة الدور الذي تقوم به النقود االئتمانية التي تصدرها البنوك التجارية
عن طريق ما يسمى بتوليد االئتمان على النظام النقدي والنظام االقتصادي بشكل عام ،وبحثت
مدى مشروعية هذا التوليد ،ودور المنظومة النقدية المحلية في تالفي هذه المشكلة.
A summary
Researcher began the letter clarifying the relationship and electronic
means of payment money, explaining the nature of money and its origin
and stages of development, where he explained that modern methods
.are, in fact, means or methods to make money is not money per se
He then discussed the e-payment study of legitimacy and legality, in
terms of what it is and its characteristics and nature of the legal and
legal authority for electronic payment through the study of electronic
documents and electronic signature, and certification of electronic, as
well as study of the ocean, which employs electronic payment, touching
on electronic banking, electronic commerce and electronic banking, as
between the researcher the difference between the electronic payment
.systems and means
The letter most important means of electronic payment credit tokens of
various types, in terms of origins and the nature and relations arising
therefrom and conditions legitimacy to parties, and their legal status and
.legal relations that arise between the parties
Also dealt with electronic money, showing how the origins and the
different kinds and disagreement about what it is, and the most
important practical applications, in addition to their legal status and
legal, also dealt with electronic checks of various types, and has recently
been subjected to the aids of the means of electronic payment, an
.electronic wallet and payment via mobile phone
The letter also study the historical, economic and legal means of
payment of traditional local and foreign, and pointed out the message
that the adjustment established by the banknote as "criticism of stand-
alone" is an adaptation of inaccurate and achieve the legitimate
demands and sound economic management, has developed a
ِر َجاالً َكثِيراً َونِ َسا ًء َواتَّقُوا هَّللا َ الَّ ِذي تَ َسا َءلُونَ بِ ِه َواَْألرْ َحا َم ِإ َّن هَّللا َ َكانَ َعلَ ْي ُك ْم َرقِيباً"(" ،)2يَا َأيُّهَا
الَّ ِذينَ آ َمنُوا اتَّقُوا هَّللا َ َوقُولُوا قَوْ الً َس ِديداً .يُصْ لِحْ لَ ُك ْم َأ ْع َمالَ ُك ْم َويَ ْغفِرْ لَ ُك ْم ُذنُوبَ ُك ْم َو َم ْن ي ُِط ِع هَّللا َ
الح ِديث كتاب اهللَ ،وأحسن اْلهَ ْدي هدي ُم َح َّمد صلى َظيما ً" ِ ،إن أصدق َ
()3
َو َرسُولَهُ فَقَ ْد فَا َز فَوْ زاً ع ِ
ضاللَة ،وكل دعة َ دعة ،وكل بِ َ اُألمور محدثاتها ،وكل محدثة بِ َ اهلل عليه وآله وسلمَ ،وشر ُ
ضاللَة ِفي َّ
النار. َ
وبعد ..فإن الحمد هلل الذي خلق اإلنسان ،وسخر له المخلوقات ،وانزل له الشرائع التي
تهديه إلى العيش القويم والتعامل السليم مع بني جنسه ،ليعمر األرض ،فبنى وحرث وتكاثر
حتى أصبح الناس شعوبا وقبائل ،ونمت العالقات فيما بينهم فكونوا نظماً اجتماعية واقتصادية
وسياسية لتسير عليها حياتهم.
والصالة والسالم على سيدنا ونبينا محمد المبعوث هدى ورحمة للعالمين ،في كل مكان
ومجال وحين ،فقد ختم بشريعته تلك الشرائع ،وأضحت الشريعة الرشيدة الهادية ألقوم النظم
وأصلح السبل للعدالة بين البشر أجمعين.
وإ ن من أهم النظم التي كونها الناس وتعارفوا عليها في تسيير أمورهم المعيشية
وعالقاتهم االقتصادية خاصة -أو ما يعتبر بحق االختراع األهم في حياة اإلنسان االقتصادية-
وقد بدأ هذا النظام في العصور القديمة من حياة اإلنسان على األرض بداية متواضعة
تالئم الطريقة التي كان يعيش عليها الناس ،وتنسجم مع الحياة االقتصادية البسيطة التي كانت
سائدة بينهم ،وكانت مكونات النظام النقدي بسيطة باعتبارها مجرد أدوات لتنظيم عملية
التبادل ،فكانت السلع كالحبوب والثمار كافية ألداء دور النقود.
وعندما تطور اإلنتاج واحتاج المنتجون إلى مخزن لقيمة ذلك اإلنتاج يحميه من التلف
ويوفر عليهم نفقات الحفاظ عليه ،تطور النظام النقدي ليلبي هذه الوظيفة الجديدة ،فاستخدم
اإلنسان سلعاً ذات قبول عام وقيمة ذاتية ،وذات صفات فريدة بحيث ال تحتاج إلى نفقات
للحفاظ عليها وال يعتريها التلف ،فاستخدم اإلنسان المعادن الثمينة من الذهب والفضة.
وال أجد في التعبير عن مدى األهمية البالغة لخلق هذين المعدنين في حياة اإلنسان ،وما
يستوجبه ذلك من الحمد والشكر للخالق سبحانه وتعالى ،خيراً من تعبير اإلمام الغزالي رحمه
اهلل حيث يقول في "كتاب الصبر والشكر" عن الحكمة الخفية في خلق الدراهم والدنانير:
"ولنذكر مثاالً واحداً للحكم الخفية التي ليست في غاية الخفاء حتى تعتبر بها وتعلم طريقة
الشكر والكفران على النعم فنقول :من نعم اهلل تعالى خلق الدراهم والدنانير وبهما قوام الدنيا
()4
وذكر الحكم التي في وهما حجران ال منفعة في أعيانهما ولكن يضطر الخلق إليهما"..
خلقهما ،وأن فيهما حكم يطول ذكرها.
وبناء على هذا االعتبار الخلقي للنقود ،فيمكن اعتبار أن تطور النظام النقدي قد وصل
إلى غايته ومنتهاه ،وأن هذه الصورة النقدية المكونة من المعدنين الثمينين الذهب والفضة هي
الصورة المثالية للنقود ،بل إن بعض الفقهاء قديما وحديثاً اعتقدوا أنها الصورة الشرعية
الوحيدة للنقود ،بينما يعتبر غالبية الفقهاء أن اختيار نوع وشكل النقود من المسائل
االصطالحية التي تعتمد على تعارف الناس عليها.
وتفسير ذلك أنه وفي النصف الثاني من القرن السابع عشر في انجلترا –وفي عدد آخر
من الدول الغربية فيما بعد -انتشرت عادة االحتفاظ بالنقود المعدنية لدى بعض التجار أو
الصيارفة أو رجال الدين أو الخزانة العامة ،وذلك خوفاً من التعرض لمخاطر السرقة أو
()5
الضياع عند االنتقال بها.
ثم طور الصيارفة عملهم بابتكار خدمة تحويل األموال من مكان إلى آخر عبر ممثلين
لهم في البلدان المختلفة ،وإ عطاء صاحب المال سند يذكر فيه اسمه والمبلغ المحول ،ويأخذون
مقابالً لهذه الخدمة ،وأصبح لدى الناس ثقة كبيرة في هذه السندات ،حتى أنهم كانوا يتبادلونها
بدالً عن النقود المعدنية المذكورة فيها ،وتطورت السندات فأصبحت لحاملها بعد أن كانت
اسمية ،ثم تنوعت بمقادير مجزأة لألموال ،حتى احتلت مكانة هامة لدى التجار واألفراد،
وأصبحت ممثالً دائماً لألموال المودعة.
وقام الصيارفة –ومن بعدهم البنوك والحكومات -باستخدام األموال المودعة كرؤوس
أموال في عمليات إنتاج جديدة ،وهي في األصل أموال عاملة بالسندات الممثلة لها ،فكأنها
رؤوس أموال وهمية تشارك في عمليات إنتاج حقيقية ،ولم يكتفوا بذلك بل تطور األمر إلى
إصدار سندات دون أموال تغطيها ،واستثمارها في اإلنتاج )6(،فأصبحت األموال تعمل بثالث
()7
وهذا يؤدي في نهاية أو أربع أمثالها ،بواسطة ما سمي فيما بعد بعمليات خلق االئتمان،
وبعد أن الحظت الدول مدى الفائدة التي لحقت بالصيارفة –الذين كونوا مؤسسات كبيرة
سميت البنوك -من وراء عملهم في إصدار السندات –التي سميت بنكنوت -Banknoteقامت
الحكومات -بدالً من تصحيح تلك المشكلة وإ عادة الحق إلى أصحابه -باستغالل تلك الفجوة
لتقوية نفوذ سلطاتها ،فقامت بتكوين بنوك مركزية تابعة لها ،تقوم بإصدار البنكنوت ،واستغالل
مجتمعاتها كما فعل الصيارفة ،وتطورت السندات حتى أضحت في شكل النقود الورقية التي
نتداولها اليوم.
ثم بدأت الدول تتنافس فيما بينها على إصدار نقود ورقية صعبة ،ومكمن صعوبتها أنها
تستخدم في التجارة الدولية بديالً عن الذهب والفضة ،بل وتستخدم كغطاء للعمالت األخرى
()8
فقد أدى اختالل موازين القوى العسكرية التي تصدرها الدول ذات السهولة النقدية،
واالقتصادية إلى استئثار دول بعينها بإصدار األوراق النقدية ،وإ لزام الدول األخرى التي تحت
سيطرتها بقبول هذه األوراق النقدية واتخاذ احتياطياتها منها بدالً عن الذهب ،كما حدث مع
الدول التي كانت تحت االحتالل البريطاني ،حيث ألزمتها بريطانيا باستخدام الجنية اإلسترليني
كعملة احتياط لها ،مقابل ذهبها الذي أودع في بريطانيا في ظل نظام قاعدة الذهب الذي ساد
قبل الحرب العالمية األولى(.)9
واستمر الحال على هذا المنوال ,فكلما استطاعت دولة أن تهيمن على الدول األخرى
()10
وهذا ما حدث -كتطور هام -بالنسبة للدوالر ألزمتها باستخدام عملتها كنقد احتياطي لها.
)( 8وهي صفات تدعو إىل السخرية ،حيث يفرتض أن النقود متساوية الدرجة باعتبار أهنا جمرد وسائل لنقل القيمة املختزنة فيها ،وال
متثل قيمة مستقلة K،وبالتايل فال مربر لتفاوت درجاهتا لوال التدخل يف حتديد قيمتها.
)(9رمزي زكي :التاريخ النقدي للتخلف K،ص.7
)(10واستشهد هنا بقول للدكتور Kرمزي زكي يف استهالل كتابه "التاريخ النقدي للتخلف" Kحيث يقول :إن نظام النقد الدويل ،قد
عكس دائما ،يف مراحله املختلفة ،املصاحل االقتصادية والعسكرية والسياسية للطرف األقوى يف هذا النظام ،فهو إذن ليس نظاماً عاملياً
حمايداً ،له قواعد وآليات مثلى خيضع هلا اجلميع ،وتتعامل معها الدول من مواقع متكافئة ويف ضوء معاملة الند للند" رمزي زكي:
التاريخ النقدي للتخلف ،ص .7 ،6ويرى أن "إذا أردنا عالج أزمات النقد ،يتعني علينا دائماً أن نستطلع احلل من خالل تعديل
ظروف اإلنتاج" ويبدو Kأن وجهة نظر الباحث الشرعي ختتلف عن رؤية االقتصاديني ،فكما اتضح لنا فإن اخللل النقدي هو الذي سبب
االضطراب يف اإلنتاج ،وبالتايل فتعديل ظروف اإلنتاج يستوجب إصالح اخللل النقدي أوالً ،وليس العكس .ولذلك أيضاً فإن عنوان
wwww.yemen- الصفحة 10من 34
nic.info
األمريكي بعد اتفاقية بريتون وودز سنة 1945م بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وخروج
الواليات المتحدة األمريكية كمنتصر أكبر من تلك الحرب ومهيمن وحيد على العالم في ذلك
الوقت.
واألخطر من كل ذلك أن هذه الدولة لم تكتفي بإصدار األموال الوهمية المتمثلة في
الدوالرات الورقية في نظير الثقة التي توليها إياها دول وشعوب العالم المغلوب على أمرها،
بل وصل بها األمر إلى اإلعالن عن تعويم هذه الدوالرات ،بمعنى نزع الغطاء الرسمي عنها،
()11
مما يعني أن هذه األوراق وترك قيمتها لتحددها قوى السوق والعرض والطلب عليها،
أصبحت دون أي غطاء رسمي ،وأن بقاءها رهن بمدى قبول المتعاملين بها ،وهو األمر الذي
يتهاوى يوماً بعد يوم ،حتى نصل إلى االنهيار الكبير الذي قد يعيد األمور إلى نصابها رغم
الكلفة الباهظة لهذا التصحيح.
وبرغم أن دوالً أخرى بعد ذلك قد أصدرت عمالت دولية سميت بالعمالت الصعبة إال أن
ذلك ال يعدو أن يكون مشاركة في الغنيمة المتمثلة في سلع وخدمات الشعوب ذات العمالت
السهلة التي تتخذ من العمالت الصعبة احتياطيات لها ،ولذلك قامت أوروبا بإصدار عملتها
األصعب اليورو ,لتنافس بها الدوالر األمريكي في االستحواذ على حصة من الكعكة العالمية.
ذلك أن هذه العمالت الجديدة هي األخرى دون أي غطاء رسمي ،أو سعر رسمي مقارن
بشيء ملموس ،وكل ما هنالك هو المقارنات بين قيم العمالت بعضها ببعض ،وهذه هي
الخدعة الكبرى ،فعندما تقل قيمة عملة مثل الدوالر مقابل اليورو ،ترتفع أسعار القيم الحقيقية
من معادن وحبوب ونفط ونحوها بنسبة ذلك الهبوط ،بينما يعود الدوالر مرة أخرى لالستقرار
أمام اليورو بمعنى أن سعر الدوالر قد تحسن ،بينما هذا التحسن هو في الحقيقة هبوط لليورو
وليس ارتفاعاً في قيمة الدوالر إذا ما قارنا بين الدوالر والذهب مثالً ،وبمعنى أوضح ،فإن أي
كتاب الدكتور رمزي زكي -يف وجهة النظر هذه K-كان سيعرب عن املشكلة بصورة أوضح لو كان "تاريخ التخلف النقدي" بدالً Kمن
"التاريخ النقدي للتخلف"K.
)(11بعد إعالن الرئيس نيكسون يف أغسطس 1971م عن تعومي الدوالر وعدم قابلية حتويله Kإىل ذهب كما كان معموالً به عند سعر
35دوالر لألونصة-وصل السعر اآلن ألكثر من 1060دوالر لألونصة ،-وهو ما أحدث فوضى يف أسواق النقد الدولية ،واضطراباً
شديداً يف املعامالت االقتصادية الدولية الزالت مستمرة حىت اآلن .رمزي زكي :االقتصاد السياسي للبطالة ،الكتاب رقم 226من
سلسلة Kعامل املعرفة -الكويت 1998م ،ص.47
wwww.yemen- الصفحة 11من 34
nic.info
هبوط في قيمة أي عملة رئيسية هو هبوط في قيم كل العمالت ولكن بنسب متفاوتة ،والمستفيد
من هذه الهبوط هو الذي أخذ الفارق ،وهم أصحاب العمالت الورقية بالطبع.
وباإلضافة إلى مشاكل اإلنتاج واالضطرابات االقتصادية والهيمنة ،فهناك مشاكل أخرى
ال تقل أهمية ،تسبب بها االنحراف في تطور النظام النقدي ،تتمثل في الظلم الواقع على
المتعاملين بالنقود في هذه الصورة المختلة ،سواء فيما يتعلق بنقص القيم التي تحصل في
المجتمع ككل نتيجة إصدار النقود دون غطاء ،أو نتيجة التظالم الذي يحدث نتيجة استمرار هذا
التناقص ،حيث أصبحت النقود تمثل عصب المعامالت بين الناس ،وبسببها تحدث الكثير من
االضطرابات في تلك المعامالت.
ومن ناحيتهم حاول االقتصاديون معالجة اآلثار من وجهة نظرهم ،فمنهم من يعتقد أن
استمرار الوضع على ما هو عليه أكثر فائدة لالقتصاد ،حيث وضعوا حلوالً كثيرة تعتمد على
استمرار التضخم ،فهو يساعد في دفع اإلنتاج عبر زيادة الطلب الكلي –كما يرى الكينزيون،-
وخفض البطالة ،وما إلى هنالك ،ومنهم من يعترض على استمرار الوضع ويرى أنه سيؤدي
إلى كوارث عديدة.
وحاول فقهاء الشريعة من ناحيتهم وضع حلول آلثار التغير في قيمة النقود على
االلتزامات ،وأفاضوا في ذلك ،ووضعت الكثير من الحلول الهامشية التي تعالج اآلثار دون أن
تتعرض للسبب الرئيسي للمشكلة ،وهذا كمن يعالج المشاكل التي تحدث بين أصحاب المال
المسلوب دون أن يعالج السرقة ذاتها ،ودون أن يحاسب السارق ،بل وصلوا أبعد من ذلك
عندما وضعوا تكييفات للنقود في محاولة إلخراجها من دائرة الحرمة إلى دائرة االجتهاد
المباح لولي األمر ،في إطار سيطرة فكرة األسلمة لكل ما هو موجود -بتطويع الشريعة
اإلسالمية أحياناً -ومن ذلك أدوات النظام االقتصادي الوضعي الموجود كالبنوك والشركات
وأسواق رأس المال (البورصات) وغيرها ،برغم أن من ذلك ما يمكن أسلمته ،ومنها ما ال
أساس له في الشريعة ،وال يمكن تطويعها له دون الخروج عن المسلمات.
وبعد أن وضحت الفكرة األساسية لتطور النظام النقدي سنحاول في هذه الدراسة استجالء
موقف الشريعة اإلسالمية من النظام النقدي الموجود واستخالص صورة للنظام النقدي الموافق
wwww.yemen- الصفحة 12من 34
nic.info
للشريعة اإلسالمية وللتطور السليم الذي يخدم التطور االقتصادي باعتباره مجرد نظام خدمي
لنظام منتج وباعتبار أن النقود هي أداة أو وسيلة للمنتجين وللقيمة المنتجة وليست أداة إنتاج
في حد ذاتها ،ومعرفة التكييف السليم للنقود بصورتها الحالية ،وفقاً للتعريف والتصنيف
الصحيح لها.
كما نستعرض التطورات الحديثة في أساليب تقديم النقود (وليست تطورات في النظام
النقدي) من وسائل دفع إلكترونية ،وما يمكن أن تضيفه هذه األساليب للنظام النقدي ,وكيف
يمكن استخدامها لتصحيح المسار الخاطئ الذي سار عليه النظام النقدي في مراحل تطوره,
وموقف الشريعة اإلسالمية من كل ذلك.
عند بداية هذه الدراسة كان البحث يقتصر على وسائل ونظم الدفع اإللكترونية من حيث
معرفة ماهيتها وتكييفها ومدى مشروعية المعامالت التي تتم بواسطتها وتنظيمها القانوني،
بمعنى أنها كانت دراسة في المعامالت المالية في الشريعة اإلسالمية مع مقارنتها بالقانون.
وكان يفترض أن يكون األساس الهيكلي لوسائل ونظم الدفع اإللكتروني واضحاً بحيث
تبنى عليه الدراسة المعامالتية ،وهذا األساس هو النقود التقليدية التي تطورت لتساير
التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في التجارة اإللكترونية بحيث أصبحت نقوداً غير تقليدية أو
إلكترونية ،ومن الدارج في مثل هذه األبحاث أن تشمل جزءاً تمهيدياً يبحث في التكييف
الشرعي والتنظيم القانوني للنقود االصطالحية باعتبارها األساس للنقود اإللكترونية.
ولكن لم تكن الرؤية واضحة بالنسبة للنقود االصطالحية ،نتيجة للتطورات الكثيرة
والمتالحقة التي طرأت عليها ،خصوصاً تلك التي حدثت خالل العقود القليلة الماضية،
واالنتقال بها من نقود مستندية مضمونة إلى أوراق نقدية غير مغطاة ،مما جعل كثير من
الدراسات التي أجريت عليها تخلط بين األوضاع المختلفة في تكييفاتها للنقود الحالية.
ولذلك كان البد من دراسة تكييف النقود االصطالحية في صورتها المعاصرة ،باعتبارها
مسألة بالغة األهمية في الدراسات الشرعية والقانونية المعاصرة من ناحية ،وباعتبارها
األساس الذي يفترض بناء دراسة الوسائل اإللكترونية عليها من ناحية أخرى ،حتى تخرج
الدراسة بحد أدنى من المنطقية والسالمة المنهجية.
كما أن الدراسة الشرعية لوسائل ونظم الدفع اإللكتروني قد دفعت باتجاه البحث في
مشروعية السياسات النقدية ،وعالقة تلك الوسائل باألنظمة النقدية المعاصرة ودورها في
اقتصاد شرعي ،مما أدخل على البحث جزءاً من دراسات االقتصاد النقدي اإلسالمي ،وعالقة
هذا االقتصاد بالنقود األجنبية ،خصوصاً في ظل السطوة والسيطرة المحكمة لوسائل ونظم
الدفع األجنبية بنوعيها التقليدي واإللكتروني ،في محاولة إليجاد سياسة شرعية نقدية.
وفيما يتعلق بالدراسات السابقة في النقود والسياسة النقدية في االقتصاد الوضعي ،أمكن
االستغناء عن الدراسات الدقيقة ،باعتبار أن هذا المجال عريق وكتبت فيه الكثير من الكتب
والمؤلفات ،كما أن المطلوب منه في هذه الدراسة هو مجرد خطوط عامة ورئيسية أصبحت
من المسلمات ،ودراسة تاريخية توضح مراحل تطوره ،وأثره على االقتصاد النقدي اإلسالمي،
وهذه الموضوعات أصبحت معروفة ومكررة في العديد من المراجع.
وقد كان البحث الفعلي عن الدراسات التي تناولت النقود من منظور شرعي ،فأغلب هذه
الدراسات كانت قديمة تتناول النقود في مراحل مختلفة عن وضعها الحالي ،بينما كانت
الدراسات الحديثة التي أولت اهتماماً بالنقود الورقية معدودة ،وقليل منها الذي تناول التكييف
الشرعي لهذه النقود ،وقد أمكن االطالع منها على األبحاث التالية:
-حكم األوراق النقدية الصادر عن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية،
والذي صدر بعد تبني الهيئة للبحث الذي قدمه الشيخ عبداهلل بن منيع ومناقشته في دورتها
الثالثة المنعقدة في شهر ربيع الثاني عام 1393هـ.
-أبحاث حول أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة ،مقدمة لمجمع الفقه اإلسالمي
التابع لمنظمة المؤتمر اإلسالمي ،في دورته الثالثة المنعقدة بعمان في المملكة األردنية
الهاشمية ،في شهر صفر 1407هـ ،أكتوبر 1986م .وفي دورة مؤتمره الخامس بالكويت من
1إلى 6جمادى األولى 1409هـ 10 ،إلى 15ديسمبر1998م .وفي دورة مؤتمره التاسع
-باإلضافة إلى بعض الرسائل العلمية حول الموضوع ،ومنها :رسالة دكتوراه مقدمة من
الباحث أحمد حسن ،بعنوان :األوراق النقدية في االقتصاد اإلسالمي ،قيمتها وأحكامها،
منشورة سنة 1999م ،ورسالة ماجستير مقدمة من الباحث ستر بن ثواب الجعيد ،بعنوان:
أحكام األوراق النقدية والتجارية ،كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية ،جامعة أم القرى،
المملكة العربية السعودية1406 ،هـ .ورسالة ماجستير مقدمة من موسى آدم عيسى،
بعنوان :آثار التغيرات في قيمة النقود وكيفية معالجتها في االقتصاد اإلسالمي ،كلية
الشريعة والدراسات اإلسالمية ،جامعة أم القرى ،المملكة العربية السعودية1405 ،هـ.
ورسالة ماجستير مقدمة من عالء الدين محمود زعتري ،بعنوان :النقود ،وظائفها
األساسية ،وأحكامها الشرعية ،كلية الشريعة ،جامعة األزهر ،مصر.
-باإلضافة لدراسات عامة حول النقود لم تتناول التكييف الشرعي للنقود االصطالحية
()12
وبعض بشكل واضح ،أو استندت في التكييف إلى قرارات المجامع الفقهية المذكورة،
هذه الدراسات كان يتناول موضوعات فرعية ،مثل التغير في قيمة النقود وآثاره المختلفة،
أو إصدار النقود المصرفية من قبل المصارف التجارية وآثارها على االقتصاد اإلسالمي.
()13
)(12ومن هذه الدراسات :رفيق املصري :اإلسالم والنقود .متويل وشحاتة K:اقتصاديات النقود .حممد عمر شابرا :حنو نظام نقدي
عادل .سامي حسن محود :تطوير األعمال املصرفية مبا يتفق والشريعة اإلسالمية .إمساعيل إبراهيم بدوي :التوزيع والنقود يف االقتصاد
اإلسالمي واالقتصاد الوضعي.
)( 13ومن هذه الدراسات :رسالة دكتوراه للباحث :حممود دياب الشاعر ،بعنوان :أثر التغري يف قيمة النقود على االلتزامات يف الفقه
اإلسالمي .رسالة ماجستري للباحث :عباس أمحد حممد الباز ،بعنوان :صرف النقود والعمالت يف الفقه اإلسالمي وتطبيقاته املعاصرة.
رسالة ماجستري للباحث :إبراهيم بن صاحل العمر ،بعنوان :النقود االئتمانية ،دورها وأثرها يف اقتصاد إسالمي .رسالة ماجستري للباحث:
هايل عبداحلفيظ يوسف داود ،بعنوان :تغري القيمة الشرائية للنقود الورقية .حبث ماجستري للباحث :مضر نزار العاين ،بعنوان :أثر تغري
قيمة العملة النقدية يف تسديد القرض.
wwww.yemen- الصفحة 16من 34
nic.info
()14
-وقد استفاد البحث عموماً بالرسائل المتخصصة في النقود للعديد من فقهاء السلف،
وإ لى كتب الفقه التي تناولت أحكام النقدين والفلوس والدراهم والدنانير المغشوشة ،وهذه
األمور مذكورة في أغلب كتب الفقه في مختلف المذاهب ،ولكن جميع هذه الرسائل
والكتب الفقهية ،كانت بطبيعة الحال تتعرض للنقود الذهبية والفضية قبل وجود النقود
الحديثة ،إال أن بعض فقهاء السلف أشاروا في معرض حديثهم إلى مواضيع خاصة بفكرة
()15
النقود ذاتها.
-أما بالنسبة لدراسة االقتصاد النقدي اإلسالمي ،فباإلضافة إلى الكتب األصلية في
()16
أمكن االطالع على مجموعة من الدراسات الحديثة في هذا المجال، السياسة الشرعية،
()17
ولكنها كانت عامة ،كما لم تتناول أي منها عالقة هذا االقتصاد بالنقود األجنبية
بوضوح ،خصوصاً ما يتعلق بمشروعية التعامل بالنقود األجنبية في ظل أوضاعها
الحالية ،حيث تعذر العثور على أي دراسة تتناول هذا الموضوع برغم أهميته.
لذلك تم الرجوع إلى المصادر األصلية في الفقه وأصوله والقواعد الفقهية في مختلف
المذاهب المعروفة ،واستخراج األدلة الشرعية التي يمكن تطبيقها على الوضع المعاصر للنقود
األجنبية ،واستنباط أحكام وضوابط التعامل بها.
أما الجانب الثالث المتعلق بتقنيات الدفع المصرفية الحديثة ،فقد استفاد الباحث من
المؤتمرات العلمية الشرعية والقانونية التي عقدت لدراسة هذه التقنيات ،إال أن بعض وسائل
الدفع الحديثة كالنقود اإللكترونية والوسائل المساعدة لها كتقنية الدفع عبر المحمول ،لم تأخذ
)(14وهي :رسالة السيوطي بعنوان :قطع اجملادلة عند تغيري املعاملة K.ورسالة التمرتاشي :بذل اجملهود يف مسألة تغري النقود .ورسالة ابن
عابدين :تنبيه الرقود على مسائل النقود .ورسالة عبدالقادر احلسيين يف تراجع سعر النقود .باإلضافة إىل كتاب املقريزي :شذور العقود
يف ذكر النقود.
)(15ومن هؤالء الفقهاء :الغزايل يف إحياء علوم الدين .وابن تيمية يف جمموع Kالفتاوى .وابن القيم يف إعالم املوقعني ،ويف مفتاح دار
السعادة .وجعفر بن قدامة يف كتاب اخلراج وصناعة الكتابة .والبالذري يف فتوح البلدان .وابن خلدون يف مقدمته .والقلقشندي يف
صبح األعشى .واملقريزي يف كتاب :إغاثة األمة بكشف الغمة .وعلي باشا مبارك يف اخلطط التوفيقية .والكتاين يف الرتاتيب اإلدارية.
)(16و منها :األحكام السلطانية للماوردي ،وبدائع السلك يف طبائع امللك البن األزرق ،والطرق احلكمية البن القيم.
)(17ومن هذه الدراسات :يوسف كمال :املصرفية اإلسالمية -السياسة النقدية K.متويل وشحاتة :اقتصاديات النقود يف إطار الفكر
اإلسالمي .عبدالفتاح عبداجمليد :اقتصاديات النقود رؤية إسالمية K.عوف الكفراوي :السياسة املالية والنقدية يف ظل االقتصاد اإلسالمي.
حممد أمحد سراج :النظام املصريف اإلسالمي .محدي عبدالعظيم :السياسات املالية والنقدية يف امليزان ومقارنة إسالمية.
wwww.yemen- الصفحة 17من 34
nic.info
كفايتها من البحث ،وخصوصاً جانب التكييف الفقهي لها ،حيث لم يعثر على أي دراسة
شرعية لها ،وإ ن كانت وسائل أخرى كالبطاقات االئتمانية قد قتلت بحثاً.
منهج البحث :يسعى البحث إلى تحليل مكونات وسائل ونظم الدفع التقليدية واإللكترونية،
للوصول إلى حقيقتها ،ومعرفة أسلوب عملها ،حتى يمكن وضع التصور الفقهي الكامل لها،
انطالقاً من قاعدة "الحكم على الشيء فرع عن تصوره".
وال يستغني البحث عن الرجوع لألصول التاريخية لتتبع التغيرات التي طرأت على تلك
الوسائل ،وتقييم االستنادات الفقهية المعاصرة لألحكام والتكييفات الفقهية السابقة ،ومدى
مالءمتها لألوضاع النقدية في العصر الحديث.
ثم يأتي دور الدراسة الوصفية والتحليلية لوسائل الدفع اإللكترونية الحديثة ،لمعرفة
جوانبها المستحدثة ،ومن ثم بناء رأي فقهي حولها ،وتنقيتها من الشوائب ،حتى يمكن االستفادة
من تطورها في إطار فقه واقتصاد إسالمي ،عبر استنباط األحكام الشرعية المالئمة ،من خالل
البحث عن اآلراء والمذاهب الفقهية المختلفة في مصادرها األصلية.
يتضح من األبحاث والنقاشات التي دارت حول موضوع األوراق النقدية تركيز
الجميع على مسألة واحدة ،وهي كيفية تخريج األوراق النقدية حتى يمكن استيفاء األحكام
الشرعية المترتبة عليها من زكاة ومنع الربا والسلم...الخ ،وهذه غاية محمودة ،والجهد
المبذول تسيره نيات مخلصة بإذن اهلل .وقد جاءت النتائج كما أراد الباحثون ،فالنتيجة تطبيق
األحكام الشرعية على األوراق النقدية ،أياً كان التخريج ،فكل الطرق كانت في النهاية ستؤدي
إلى نتائج متقاربة.
لكن المشكلة الرئيسية التي كان ينبغي دراستها في األصل ،والتي سببت كل هذا
الخالف ،هي عدم استيفاء هذه األوراق للحد األدنى المقبول شرعاً من الشروط لتصلح كنقد
وكثمن شرعي ،فهل يجوز التعامل بها كنقود شرعاً ،وما هي النقود الشرعية ،ما مواصفات
الثمن الذي يصلح للمعامالت؟
أليس الحد األدنى يقتضي أن تكون هذه النقود معروفة القيمة وإ ال كان التعامل بها من
قبيل الغرر ،أال يشترط الفقهاء أن يكون الثمن معلوماً؟
ولو تسامحنا في الغرر أليس من المنطقي أن يشترط في النقود ثبات القيمة ،ولذلك تعتبر
النقود مخزن للقيمة ،وأداة الختزان الثروات ،والجميع يعلم أن األوراق النقدية بحالتها اليوم
غير مستقرة القيمة ،والجميع يعلم ماذا يعني التضخم.
إن هذه الدراسات لألسف لم تقف كثيراً عند التغير الجوهري الذي طرأ على األوراق
النقدية في العصر الحديث ،وبنت النتائج على اآلراء الفقهية القديمة ،هذا التغير هو رفع
الغطاء الذهبي عن الدوالر األمريكي في 15أغسطس سنة 1971م ،ومن ورائه كل العمالت
التي كانت تغطى بالدوالر وتقيم به.
فمن ناحية فإن رفع الغطاء الذهبي عن العمالت واستبداله بالغطاء االئتماني االقتصادي
حسب قوة الدولة االقتصادية ،هو أمر غير منضبط ،وتتجاذبه الكثير والكثير من العوامل ،التي
تجعل عدم االستقرار وعدم الثبات هي السمة األصلية في قيمة العملة ،إذ ال معيار ثابت يمكن
التقييم به ،وتقييم العمالت بعضها ببعض هو كربط السفن بعضها ببعض في عرض البحر،
فكلها عائمة ،وال يوجد أساس يمكن التقييم به ،ال سيما بعد أن ألغى مؤتمر صندوق النقد
الدولي في جاميكا عام 1976م السعر الرسمي للذهب ،ونزع الصفة النقدية عنه ،وحظر أي
وظيفة له في ترتيبات سعر الصرف.
ومن ناحية أخرى فإن هذا يفتح المجال للتالعب باإلصدارات الورقية النقدية من كل
الدول ،والغلبة ستكون لألكثر دهاءاً وخبرةً في اللعبة ،ولألكثر سطوةً على اآلخرين بحيث
يجبرهم على قبول أوراقه واستبدالها بالسلع والخدمات.
ليس االعتراض في هذا البحث على اتخاذ نقد من الورق أو من الجلد أو من غيره ،لكن
يجب أن يكون هذا النقد مغطى بمال يعادل قيمته حقيقة ،وأن يكون المعيار الذي يقاس به
المقابل مستقراً وواقعياً ومحددا تحديدا ينفي الجهالة ،فاللاير الورقي السعودي مثالً ،صحيح أنه
يمثل قيمة معينة ،لكن هذه القيمة غير محددة ،وهي تتغير في كل لحظة.
وبعيداً عن الثقة والغطاء وأن الدولة تضمن القيمة ،فالمطلوب أوالً تحديد هذه القيمة،
وذلك بربط قيمة اللاير بقيمة مال معين من ذهب أو فضة أو غيره ،حتى يكون من حق صاحب
المال تغييره متى شاء وفق قيمة معلومة ومستقرة ،فقد يقال ان صاحب المال يستطيع تغيير
النقود الورقية بشراء الذهب أو الفضة ،وذلك صحيح ولكن بقيم تختلف من وقت آلخر ،فهو ال
wwww.yemen- الصفحة 21من 34
nic.info
يضمن بقاء قيمة النقود الورقية على حاله أمام الذهب أو غيره حتى في أضيق األوقات ،فهذه
القيمة تختلف كل لحظة ،وهذا االختالف ليس بسبب طبيعي ،ولكنه بسبب تعويم قيمة األوراق
النقدية التي يفترض فيها الثبات ،بل إن االستقرار في قيمتها من أهم شروط نقديتها.
لكل ذلك فإن عدم ربط النقد بالمال هو أكل ألموال الناس بالباطل ،وهو تخريب لالقتصاد
من خالل التالعب بعوامل اإلنتاج ،وهو محق ألهم أداة للتداول بين الناس ،وهو كسر لسكة
المسلمين ،وهو باب للفساد والتالعب باألرزاق ،وباب لتسرب أموال المسلمين إلى الدول
األخرى ذات العمالت الصعبة ،وفيه تقليل من قيمة ثروات األمة ،فالربط بالمال يجعل النقد
مقبول عالمياً ،وموثوق فيه ،ويجعل من نقودنا عمالت صعبة على الغير ،سهلة على العباد.
إذا أمكن التسليم باالختالف بين النقد والمال ،فال يمكن أبداً التسليم بأن النقد يخلق
األموال ،فال تخلق الوسيلة غايتها ،وال يقبل شرعأ وال عقالً أن نعطي األوراق قيمة مقابل
حصة شائعة هي في األصل ملك للغير ،فالدولة ال تحتفظ بتلك الحصة مقابل األوراق ،ولكنها
تستخدمها في أمور أخرى ،ولو أن كمية من النقود تراضينا عليها أن تعمل كوسيط في
المجتمع للتبادل وانتهى األمر ،لوجدنا لذلك بعض المبررات ،ولكن طبع النقود مستمر ،ونقص
القيمة مستمر ،والتضخم منه المحلي ومنه المستورد ،وأكل أموال الناس بالباطل مستمر ،لذلك
البد من الرجوع إلى الحق ،واستخدام العقل والمنطق ،لتسير األمور بشكل صحيح ،وهذا من
أهم األمور ،ففيه قضاء حوائج الناس وقوتهم وأرزاقهم.
وقد يستطيع بعض التجار والعارفين بأمور المال واألعمال التعامل مع التضخم وتفادي
آثاره ،ولكن عامة الناس ال حول لهم وال قوة ،وهم سيسألون أولياء أمورهم عن نقص أموالهم
وأرزاقهم ،وقد يسأل من أجاز مثل هذا الوضع ،أو برر له وأفتى بجوازه ،وإ ن كان في
األصل مجتهداً ،ولكن يجب بذل المزيد من التحري والدقة في مثل هذه النوازل" ،فعمل الباحث
في االقتصاد اإلسالمي ،شأن أي باحث في كافة المجاالت اإلسالمية ،هو تطبيقي ال إنشائي،
ذلك ألنه ال ينشئ وال يثبت حكماً من عنده ،وإ نما هو يظهر ويكشف حكم اهلل في المسألة
()18
المطروحة".
)( 18حممد شوقي الفنجري :ذاتية السياسة االقتصادية اإلسالمية وأمهية االقتصاد اإلسالمي ،سلسلة Kقضايا إسالمية الصادرة عن وزارة
األوقاف املصرية ،العدد 1428 ،152هـ2007-م ،ص.17
wwww.yemen- الصفحة 22من 34
nic.info
إن من غير المفهوم اعتماد الفقهاء على النقود المغشوشة أو على الفلوس التي يفترض
أنها أثمان ثانوية لتبرير وضع األوراق النقدية ،لماذا نبحث دائماً عن شوارد األقوال واآلراء
ونبني عليها أسس وتبريرات ألمور نعلم خطأها ،ثم نبحث عن حلول للمشاكل التي أوقعتنا
فيها هذه األمور الخاطئة ،أال يمكن القول بأن هذه األوراق في هذه الصورة هي ببساطة غير
جائزة شرعاً ،ومن ثم وضع الضوابط التي يجب بناء نقود صحيحة عليها؟.
أال يمكن القول في النقود بأنها استغالل غير جائز من ولي األمر للرعية ،وأنها سبيل
ألكل أموال الناس بالباطل ،وسبب للتظالم بين الناس ،وأنه يجب أن يكون لها غطاء حقيقي،
وأن تكون لها قيمة حقيقية مستقرة؟ أال تستحق جميع معامالت الناس نقوداً صحيحة شرعا
وفقها وعقال واقتصادا وقانونا؟
أال يمكن القول في البنوك اإلسالمية أنها ترتكب الكثير من األخطاء الشرعية ،وأن
المرابحة في هذه الصورة هي تحايل على الربا وهي ليست سبيل االستثمار في البنوك ،وأن
االقتصاد اإلسالمي هو اقتصاد المشاركة ال المراباة ،وهل من المنطق البحث عن قول شارد
البن شبرمة لتبرير إلزام الناس بالوعد؟.
هل يستجدي االقتصاد اإلسالمي األقوال والنظريات لكي يصبح اقتصاداً مقبوالً؟ وهل
يجوز تطويع الشريعة لتالئم األهواء المعاصرة وتكون شريعة عصرية؟ وهل أصبحت
الشريعة هي التابع؟ وهل أصبح الفقهاء مهندسي تطبيع للحكام أو التجار؟.
أال يتفق الفقهاء واالقتصاديون والقانونيون والعقالء عموماً على أن األوراق النقدية في
صورتها الحالية ليست نقوداً سليمة ،وتتسبب في مشاكل عديدة أبرزها وأشهرها مشكلة
التضخم أو ما يسميه الفقهاء التغير في قيمة النقود ،فلماذا يبحث الجميع عن حل لمشكلة
()19
أليس السؤال البديهي هو هل تتغير قيمة النقود؟ التضخم وال يعالجون سبب المشكلة،
)(19بعض الباحثني يقر بذلك ،ويعترب هذه الدراسات كعالج مؤقت للمشكلة K،حيث يقول يف حبثه يف تغري قيمة النقود" :وأؤكد Kهنا
أن ما أقوله يف هذا البحث ليس عرضاً بديالً عن اإلدارة النقدية الشرعية اليت ينبغي أن تسعى إىل حتقيق استقرار يف قيمة النقود وتقي
االقتصاد من تقلباهتا ،فذلك هو املطلب الشرعي األول؛ ولن تربأ الذمم بدونه ملا ينجم عن غيابه من تظامل حتمي" .عبداجلبار السبهاين:
وجهة نظر يف تغري قيمة النقود ،حبث منشور يف جملة جامعة امللك عبدالعزيز :االقتصاد اإلسالمي ،م ،11ص1419(.5هـ1999/م).
wwww.yemen- الصفحة 23من 34
nic.info
إن تعويم العمالت يتناقض مع مبادئ الفقه اإلسالمي ومع االستقرار الذي يتميز به
االقتصاد اإلسالمي ،فالفقه اإلسالمي هو فقه الحقيقة ،واالقتصاد اإلسالمي اقتصاد واقعي ،وال
يمكن أن يقبل هذا الواقع وال تلك الحقيقة أساساً عائماً تقوم عليه معامالت الناس وزكواتهم
وتعبداتهم ،وتبنى عليه الصروح التجارية واالستثمارية ،وتقوم عليه السياسات االقتصادية.
إن دور النقود في شتى مناحي الحياة يجعل من أي حركة في بنيانها بمثابة زلزال يتأثر
به الجميع ،وتهتز معه الثقة في االقتصاد ككل ،السيما بعد أن أصبحت الثقة هي الدعامة
الرئيسية لالقتصاد في ظل الحياة االئتمانية الشاملة التي يعيشها العالم اليوم.
لقد جعلت الصورة الحالية للنقود الناس تعيش في عالم من الدكتاتوريات النقدية،
واإلجبار ثم اإلجبار على االئتمان والمداينة ،وأصبحت المالذات اآلمنة ألموال الناس محدودة
وصعبة المنال ،وأصبح صائدو األموال يتسابقون ويتفننون في استحداث أساليب االستيالء
عليها ،وتنوعت هذه األساليب بحسب موقع كل صياد منهم ،فالدول العظمى تستخدم العمالت
الصعبة ،وتستولي على أموال العالم كل بحسب مكانته ودوره وسطوته ،والدول الصغرى
تستولي على أموال شعوبها الضعيفة ،والقطاع الخاص ببنوكه وصناديقه المالية وبورصاته
يستولي على المضاعفات االئتمانية للنقود الصعبة والسهلة ،والضحايا هم الناس ،كل الناس،
سواء بظلم الدول العظمى للدول الضعيفة ،أو بظلم الدول لشعوبها ،أو لتظالم الناس فيما بينهم،
وهو ما نهانا ربنا عز وجل عنه في قوله تعالى(:وال تَْأ ُكلُوا َأموالَ ُكم ب ْيَن ُكم بِاْلب ِ
اط ِل َوتُ ْدلُوا بِهَا َْ ْ َ ْ َ َ
ون) (البقرة. )188: ِ
اس بِاإلثْم َو َْأنتُ ْم تَ ْعلَ ُم َ
الن ِ ِإلَى اْل ُح َّك ِام ِلتَْأ ُكلُوا فَ ِريقاً ِم ْن َأمو ِ
ال َّ َْ
النتائج
بحمد اهلل ومنه وكرمه وتوفيقه توصلت هذه الرسالة إلى بعض النتائج ،ومنها ما يلي:
وضحت الدراسة موقع وسائل ونظم الدفع اإللكترونية من النقود بأنواعها المختلفة ،ودور هذه -
الوسائل الحديثة في تقديم النقود بأساليب وأشكال جديدة تالئم تطورات التجارة اإللكترونية
ونمط التعامالت المعاصرة.
بينت الدراسة الوضع الشرعي لبعض وسائل الدفع اإللكترونية التي لم تبحث من الناحية -
الشرعية من قبل ،وهي النقود اإللكترونية بأنواعها المختلفة ،والشيك اإللكتروني ،والوسائل
المساعدة للدفع اإللكتروني ،وهي المحفظة اإللكترونية وعملية الدفع عبر المحمول.
وضع الباحث تحليالً للخالف الفقهي القديم الحديث حول مسألة خلقية النقود ،وبين أهمية النقود -
الخلقية من حيث استيفائها لشروط النقدية ودورها في وضع أدق معايير القيمة واالحتفاظ بها،
وبين وجهة نظره حول استحداث النقود ودقة الضوابط التي يجب االلتزام بها لذلك.
تناولت الدراسة الخطوط العريضة للسياسة النقدية ،ومدى مالءمتها لألوضاع الشرعية ،وما -
يحتاجه االقتصاد اإلسالمي من أدوات نقدية ،ومشروعية استخدام األدوات النقدية التي
تستخدمها السلطات النقدية في معظم دول العالم المعاصر.
أن التكييف المستقر عليه لألوراق النقدية بأنها نقد قائم بذاته هو تكييف غير دقيق وال يحقق -
المطالب الشرعية واالقتصادية السليمة ،وقد وضع الباحث تكييفاً مقترحاً لها ،بناء على تعريف
وتحليل دقيقين للنقود ،ووضع مفهوم جديد للمالية والنقدية ،ويقضي هذا التكييف بأن األوراق
النقدية في صورتها الحالية هي نقد قائم بغيره ،ووضع تكييفاً للقيمة الضامنة لهذه األوراق
على أنها وديعة لدى مصدرها ،وهذا الوضع يضع حالً لمشكلة مشروعية هذه األوراق من
ناحية ،ويضمن أداءها لكافة أدوارها الشرعية ،ويضمن حقوق المتعاملين بها من ناحية أخرى،
ويمنع التالعب بالنقود من قبل مصدرها من ناحية ثالثة.
بينت الدراسة أن التعامل باألوراق النقدية األجنبية بصورتها الحالية محل نظر شرعي -
وقانوني واقتصادي ،وقد وضع الباحث حكماً اجتهادياً حول االحتفاظ والتعامل بهذه األوراق،
)( 20وقد تنبهت إليها عندما وجدهتا أوىل نتائج رسالة أحد الباحثني ،وهو سرت بن ثواب اجلعيد ،يف رسالته :أحكام األوراق النقدية
والتجارية يف الفقه اإلسالمي ،فجزاه اهلل خريا.
wwww.yemen- الصفحة 26من 34
nic.info
التوصيات
ويوصي الباحث بناء على هذه النتائج بما يلي:
يجب البدء بعملية تصحيح نقدية ،حتى يؤتي التصحيح ثماره ،يجب أن يكون شامالً
لجميع جوانب المشكلة ،بحيث تدعم إجراءاته بعضها بعضاً ،ويمكن القول بأن الجانب
التشريعي في هذه المرحلة هو أهم جوانب المشكلة التي يجب أن يبدأ تصحيح األوضاع من
ناحيتها ،ألن توضيح الرؤية الشرعية بالنسبة للجمهور العريض من الشعوب اإلسالمية يمكن
أن يكفل جزءاً مهماً من الحل ،فهذه الشعوب المخلصة لدينها ،والتواقة إلى نهضة أمتها ال
يمكن أن تتوانى عن فعل كل ما تقدر عليه لتحقيق هذه النهضة ،وقد سبق أن بينت هذه األمة
صدق توجهها نحو شرع ربها في المجال االقتصادي خاصة ،عندما دعمت العمل في البنوك
اإلسالمية منذ اللحظة األولى لوالدتها ،برغم المخاطر التي تحيط بالمشروعات الوليدة دوماً،
وبرغم الخوف الذي يسيطر على أرباب األموال ،ومع ذلك فتوجه األموال المسلمة لم يهب
شيئاً من ذلك ،معتمداً ومتوكالً على الخالق سبحانه ،وإ يماناً بأنه هو باسط الرزق لمن يشاء
بغير حساب.
وهذه الخطوات التشريعية يجب أن تشمل وضع المعايير الصحيحة والضوابط الحاكمة
لعمليات إصدار النقود بجميع أنواعها وأشكالها ،سواء من قبل الدولة أو من قبل القطاع
الخاص ،ووضع السبل المؤدية إلى استفادة المجتمع ككل من هذه العمليات ،والعمل على الحد
من استئثار أشخاص بعينهم على مورد يعد من الموارد العامة التي يجب أن يكون الناس كلهم
شركاء فيه.
كما يجب إصدار حكم شرعي واضح وصريح حول التعامل بالنقود األجنبية ،سواء
الورقية أو اإللكترونية ،وتوضيح مكامن الخلل في الوضع الحالي ،وأنواع الغبن التي يتعرض
لها العالم بأكمله ،والدول والشعوب اإلسالمية خاصة ،ووضع البدائل الالزمة لحين تصحيح
الوضع بالكامل.
وفي المجال التقني ،يجب العمل على توحيد الجهود بين مختلف المؤسسات المالية
اإلسالمية ،والعمل على إنشاء شركات إسالمية تتولى تطوير وسائل ونظم الدفع اإللكترونية
الحديثة ،والعمل على تمكينها من المنافسة الدولية في هذا المجال ،واالستقالل عن المنظمات
العالمية الغربية التي تستغل هذه المؤسسات ،خاصة في مجال البطاقات االئتمانية ،ال سيما
وأن للمؤسسات والمصارف اإلسالمية جمهورها الخاص الذي يفضل التعامل معها لسياساتها
القائمة على االلتزام الشرعي ،خصوصاً بعد أن أثبتت جدارتها خالل العقود القليلة الماضية،
وخالل األزمات المالية التي ألمت بالعالم أجمع ،وخرجت منه البنوك اإلسالمية بأقل الخسائر،
مما دفع العالم المالي الغربي والشرقي إلى التطلع إلى العالم اإلسالمي ودراسة منهجه وأسلوبه
المالي ،بل وإ نشاء فروع إسالمية للبنوك الربوية العالمية ،ومن ذلك أيضاً السماح بإنشاء هذه
الفروع والسماح بإنشاء بنوك إسالمية بالكامل في دول علمانية كانت ترفض السماح بذلك مثل
فرنسا.
فعلى البنوك والمؤسسات اإلسالمية استغالل هذا النجاح ،واستغالل خصوصية هذا
الجمهور الذي يفضل الفضيلة على الفائدة ،وهو جمهور عريض وكبير وال يستهان به ،بل
يسيل عليه لعاب البنوك العالمية ،فعليهم بناء منظمتهم العالمية الخاصة لرعاية البطاقة
االئتمانية اإلسالمية العالمية الخاصة بالمسلمين ومن يسير على نهجهم ،وإ صدار بطاقاتهم
الشرعية بالكامل ،والعمل على تطوير المنهج والتقنية في آن واحد ،وإ صدار النقود اإللكترونية
الخاصة ،وال مانع من إصدار عملة جديدة موحدة بين هذه البنوك تكون من الوحدات
اإللكترونية ،وتكون مقومة بالذهب ،فهو العملة الوحيدة المقبولة على مستوى العالم ،وقد القت
فكرة الربط بالذهب نجاحاً كبيراً عندما طبقها أحد البنوك اإللكترونية هو "بنك الذهب
كما يجب على الدول اإلسالمية العمل على التحرر من الهيمنة الغربية واألمريكية على
وجه الخصوص في مجال االتصاالت ،ودعم إنشاء مجال اتصاالت مستقل ،خاصة بين الدول
المتجاورة ،كالدول العربية والدول اإلسالمية الشرقية واألفريقية ،كما هو الحال في بعض دول
الخليج ،وفيما بين سوريا ولبنان.
ويجب العمل على تحرير شبكة اإلنترنت ،أو العمل مع الدول األخرى كالصين والهند
وغيرها من الدول المعتدلة والموضوعية ،على استقالل شبكاتهم عن الهيمنة والتجسس
األمريكي ،فهذه الدول تمثل األغلبية السكانية في العالم ،وبمرور الوقت ستمثل شعوبها
األغلبية على الشبكة ،ومن المعيب حقاً أن تتجسس عليها وبعلمها دولة واحدة مهما كانت
سطوتها.
)(21تأسست شركة e-goldيف سنة 1996م ميالدية و أصبحت يف سنوات قليلة من أكرب شركات تبادل وحتويل العمالت
الكرتونياً ،وما مييز هذه الشركة أن التبادل و الشراء و البيع بواسطتها ال يتأثر بفرق سعر العمالت العادية ،وإمنا يتأثر بسعر جرام
الذهب Kمقابل تلك العمالت ،املزيد حول هذا البنك يف موقعه اإللكرتوين.http://www.e-gold.com :
wwww.yemen- الصفحة 29من 34
nic.info
المحتويات
الصفحة الموضوع
5 المقدمة
الفصل التمهيدي
17
مفهوم النقود وموقع وسائل الدفع الحديثة منها
19 المبحث األول :المقصود بالنقود ووظائفها
20 المطلب األول :النقود في القران والسنة
20 الفرع األول :النقود في القران الكريم
22 الفرع الثاني :النقود في السنة النبوية
25 المطلب الثاني :التعريف بالنقود
26 الفرع األول :النقود في اللغة
28 الفرع الثاني :النقود في اصطالح الفقهاء
31 المطلب الثالث :وظائف النقود
37 المبحث الثاني :أنواع النقود ونشأتها وتطورها
38 المطلب األول :أنواع النقود
42 المطلب الثاني :نشأة وتطور النقود
42 الفرع األول :مرحلة ما قبل النقود (المقايضة)
44 الفرع الثاني :النقود ذات مخزن القيمة الذاتي
51 الفرع الثالث :النقود االئتمانية
52 الفرع الرابع :األوراق النقدية القانونية
54 الفرع الخامس :نقود الودائع
الباب االول
57 الدفع اإللكتروني ووسائله
الفصل األول
59
ماهية الدفع اإللكتروني وأحكامه
61 المبحث األول :تعريف وخصائص الدفع اإللكتروني