You are on page 1of 17

‫تعد العدالة من المرافق ال تي تحظى بأهمي ة بالغ ة داخ ل النس يج المجتمعي‪ ،‬ب النظر ل دورها في ض مان‬

‫الحقوق‪ ،‬وصون الحريات‪ ،‬وحفظ األعراض واألم وال‪ ،‬وإش اعة قيم الع دل بين األف راد‪ ،‬والمس اهمة في‬
‫توفير مناخ آمن للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫ولما كان تحقيق هذه الغايات السامية يرتبط ببناء عدالة سليمة‪ ،‬تتميز بالفعالية والنجاعة ونزاهة المنتسبين‬
‫إليها‪ ،‬وتبسيط إجراءات الولوج إليها والقدرة على المساهمة في قيادة ق اطرة التنمي ة وتش جيع االس تثمار‪،‬‬
‫وهو الدور الذي ما ف تئ ص احب الجالل ة المل ك محم د الس ادس نص ره هللا وأي ده يؤك د علي ه في خطب ه‬
‫الس امية‪ ،‬حيث ق ال جاللت ه في كلم ة وجهت للمش اركين بمناس بة انعق اد ال دورة الثاني ة للم ؤتمر ال دولي‬
‫للعدالة‪ ،‬الذي افتتحت أشغاله يوم االثنين ‪ 21‬كتوبر ‪ 2019‬بمراكش‪ ،‬تحت ش عار “العدال ة واالس تثمار‪..‬‬
‫التحديات والرهانات” (وإذ نرحب بكم ضيوفا كراما على أرض المملكة المغربي ة‪ ،‬فإنن ا نش يد باختي اركم‬
‫لهذه الدورة موضوع “العدالة واالس تثمار‪ :‬التح ديات والرهان ات”‪ .‬لم ا يجس ده ه ذا الموض وع من وعي‬
‫بأهمية االستثمار كرافعة للتنمية‪ ،‬وبالدور الحاسم الذي تضطلع ب ه العدال ة في ال دفع ب النمو االقتص ادي‪،‬‬
‫عبر تعزيز دولة الحق والقانون‪ ،‬وضمان األمن القانوني والقضائي الالزم لتحقيق التنمي ة الش املة) انتهى‬
‫النطق الملكي السامي‪.‬‬

‫إن الرغبة األكيدة لبالدنا في بن اء عدال ة نزيه ة وفعال ة قريب ة من انش غاالت الم واطن‪ ،‬تجس د من خالل‬
‫اإلرتقاء بالقضاء إلى سلطة في ظل دستور ‪ ،2011‬والذي أقر استقالل ه ذه الس لطة القض ائية من ب اقي‬
‫السلط‪ ،‬ثم تال ذلك استقالل النيابة العامة من السلطة الحكومية‪ .‬وهو ما تمت ترجمت ه من خالل الق انونين‬
‫التنظيميين المتعلقين بالمجلس األعلى للسلطة القضائية والنظ ام األساس ي لرج ال القض اء‪ ،‬والق انون رقم‬
‫‪ 33.17‬المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى رئيس النيابة العامة‪.‬‬

‫وتعزيزا لهذه المكتسبات‪ ،‬واستكماال للبناء المؤسساتي لمرفق العدالة ببالدنا‪ ،‬والتطلع نحو إرس اء أسس ها‬
‫الكفيلة بتحقيق الغايات المرج وة‪ ،‬والمس اهمة في النم وذج التنم وي ال ذي تس عى بالدن ا إلى تحقيق ه‪ .‬فق د‬
‫بادرت رئاسة النيابة العامة إلى التفاعل إيجابا مع اللجنة المذكورة من خالل تق ديم ورق ة ح ول تص ورها‬
‫بشأن دور القضاء في النموذج التنموي الجديد‪ ،‬تضمن تشخيصًا واقعيًا للعدالة م ع إب راز م ا تحق ق‪ ،‬وم ا‬
‫ينبغي أن يتحقق واإلكراهات والعوائق والحلول الممكنة لذلك‪.‬‬

‫واألكيد أن ندوة هذا اليوم‪ ،‬تأتي في سياق التفاعل م ع مخرج ات التقري ر الع ام ال ذي قدم ه رئيس لجن ة‬
‫النموذج التنموي الجديد بين يدي ص احب الجالل ة ي وم ‪ 25‬م اي ‪ 2021‬بالقص ر الملكي الع امر بف اس‪،‬‬
‫والذي خلص إلى أن بنية العدالة بالرغم من اإلصالحات التي عرفتها‪ ،‬إال أنها م ع ذل ك م ا زالت تع اني‬
‫من بعض األعطاب‪ ،‬مثل طول أمد البت في الملفات القضائية‪ ،‬والنقص في الكف اءات‪ ،‬وض عف الش فافية‬
‫وغيرها …‪ ،‬مما يفرض على كل مكوناتها من قضاة وموظفي كتابة الضبط ومح امين وخ براء وع دول‬
‫وتراجمة ومفوضين قضائيين‪ ،‬وشرطة قضائية وغيرهم من مساعدي العدالة المشاركة في ورش إصالح‬
‫العدالة عبر االنخراط الجاد والمسؤول في إرس اء دع ائم التخلي ق وتك ريس قيم الحي اد والنزاه ة وخدم ة‬
‫الصالح العام‪ ،‬وتعزيز ثقة المواطن والمستثمر في عدالتنا‪.‬‬

‫إن رئاسة النيابة العامة‪ ،‬و انطالقا من وعيها بالمسؤولية الملقاة على عاتقها في هذه المرحلة الدقيقة ال تي‬
‫تمر بها بالدنا والتي تتميز بعدة تحديات‪ ،‬واعية بقيمة انخراط مختلف مكونات العدالة من أجل المس اهمة‬
‫الفعال ة في تنزي ل مض امين النم وذج التنم وي الجدي د‪ ،‬وفي ه ذا اإلط ار عق د المجلس األعلى للس لطة‬
‫القضائية ورئاسة النيابة العامة لقاًء تواصليًا مع الس يد رئيس لجن ة النم وذج التنم وي الجدي د رفق ة بعض‬
‫أعضائها بتاريخ ‪ 26‬يونيو ‪ ،2021‬قدمت خالله اللجنة خالصاتها حول ما جاء به التقرير الع ام بالنس بة‬
‫لمنظومة العدالة‪ ،‬وق د ك ان ه ذا اللق اء مناس بة إلطالع اللجن ة على بعض المعيق ات الواقعي ة والقانوني ة‬
‫واللوجستيكية التي تحول دون الوصول إلى عدالة قوية ومتراصة‪ ،‬واقتراح الحلول الكفيلة بمعالجتها‪.‬‬

‫إيمانا بمحورية االهتمام بالمواطن ضمن أولويات اشتغالها باعتباره يشكل ص لب النم وذج التنم وي‪ ،‬ف إن‬
‫رئاسة النيابة العامة وضعت استراتيجية عمل للمرحلة ترتكز باألساس على تعزيز ثق ة الم واطن والرف ع‬
‫من مستواها وتبسيط إجراءات الولوج إلى الخدمات التي تقدمها‪ ،‬والتعاطي إيجابا مع تظلماتهم وشكاياتهم‬
‫وطلباتهم‪ ،‬والسهر على معالجتها داخل آجال معقولة‪ ،‬فض ال عن مس اهمتها في تخلي ق الحي اة العام ة من‬
‫خالل انخراطها في االستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد عبر التشجيع على التبليغ على كل أشكال الفساد‬
‫واختالس المال العام‪.‬‬

‫إن العدالة ال تعد شأنا قضائيا صرفا‪ ،‬وإنما هي شأن مجتمعي ومج ال خص ب لع دة مت دخلين‪ ،‬م ا يجع ل‬
‫أزمة الثقة فيها تتقاسمها كل األطراف المتدخل ة في العملي ة القض ائية‪ ،‬وبالت الي تحم ل المس ؤولية بص فة‬
‫جماعية لرفع التحدي وكسب رهان تحقيق النموذج التنموي ال ذي يتطل ع إلي ه جاللت ه‪ ،‬عدال ة ق ادرة على‬
‫كسب ره ان التنمي ة لتك ون في مس توى انتظ ارات المغارب ة‪ ،‬عدال ة تحظى بالمص داقية‪ ،‬والثق ة‪ ،‬عدال ة‬
‫مستقلة وفعالة‪ ،‬تربط تحقيق النتائج باألهداف في إطار ربط المس ؤولية بالمحاس بة‪ ،‬عدال ة ق ادرة على أن‬
‫تكون قاطرة لتحقيق التنمية بمختلف تجلياتها‪.‬‬

‫وفي هذا السياق أود أن أؤكد لكم أن مكونات السلطة القضائية بما في ذلك رئاسة النياب ة العام ة‪ ،‬منكب ون‬
‫على دراسة وتحليل الخالصات التي وردت في التقرير العام للجنة النموذج التنموي الجديد‪ ،‬وذلك به دف‬
‫تعميق التشخيص الواقع الحالي لمنظومة العدال ة ببالدن ا والبحث عن مختل ف الص يغ المناس بة واآللي ات‬
‫الممكنة لتجاوز كل االختالالت‪ ،‬وتحقيق أقصى الغايات واألهداف المرجوة من طرح تلك الخالص ات أو‬
‫من خالل ما قد يتم الوقوف عليه من معطيات أخرى من شأنها تطوير وتجويد العدالة‪ ،‬وذلك ح تى تك ون‬
‫السلطة القضائية في الموعد من أجل كسب رهان التنمية ببالدنا‪.‬‬

‫‪---------------------------------------‬‬

‫بعد مرور زهاء ثالثة عقود من الّز من على نهاية الحرب الباردة‪ ،‬وما رافق ذلك من تبشير بوالدة‬
‫«نظام دولي جديد» يدعم تحقيق السلم واألمن الدوليين ونبذ الحروب‪،‬ويرّسخ احترام حقوق اإلنسان‪،‬‬
‫وتشجيع اإلصالحات الديمقراطية ‪،‬مازال الواقع الدولي يعّج باألزمات والنزاعات المسلحة‪ ،‬األمر الذي‬
‫تمخض عنه تفشي المخاطر والتهديدات العابرة للحدود كاإلرهاب وتلوث البيئة والجرائم الرقمية‪...‬‬
‫وعليه فإن الضوابط الدولية التقليدية التي أقّر ها القانون الدولي ومختلف المواثيق واالتفاقيات الدولية‪ ،‬لم‬
‫تعد قادرة على مواكبة التحوالت الدولية الراهنة بتعقد وتسارع أزماتها وتشابك قضاياها‪ ،‬األمر الذي‬
‫فرض تطويرها‪ ،‬والبحث عن سبل موازية تساهم في تعميق التواصل والحوار الدولي على طريق‬
‫ترسيخ سالم دولي مستدام‪ ،‬يدعم تحقيق الديمقراطية والتنمية‪ ،‬وفي هذا السياق‪ ،‬طرح على طاولة الشأن‬
‫الدبلوماسي العالمي مفهوم جديد يروم دعم الدبلوماسية الرسمية عبر تقويتها بميكانيزمات مستجدة ال‬
‫تتدخل فيها األنظمة الحكومية ببروتوكوالت رسمية أو ايتيكت خاص يقيد عملها وتصورها للعمل‬
‫الدبلوماسي الرسمي‪ ،‬يتعلق االمر بدبلوماسية تقودها الفعاليات الوطنية من مجتمع مدني ومؤسسات‬
‫دستورية و أخرى علمية وأكاديمية إضافة إلى الجامعات والمراكز البحثية والمجتمع المدني واالعالم‬
‫البّن اء المتتبع للشأن العام داخليا و دوليا‪.‬‬
‫ورغم أن هذا المفهوم قد استخدم ألول مرة من طرف باحثين كنديين وأمريكيين لتمييز االتصاالت‬
‫الدولية المنفردة لكل والية من الواليات المشكلة للدولة الفدرالية األمريكية والكندية‪ ،‬فإنه سرعان ما‬
‫انتشر في أرجاء المعمور بسبب تضاعف عدد الفاعلين ضمن هذا النوع المستجد من الدبلوماسية‪ ،‬مما‬
‫سمح بتطور سريع للتنظير للظاهرة أكاديميا وإعالميا أيضا بشكل برزت معه أنواع شتى من التسميات‬
‫لهذه الدبلوماسية‪ ،‬فلم يعد غريبا أن نسمع بدبلوماسية شعبية‪ ،‬وأخرى برلمانية‪ ،‬وثالثة روحية و قضائية‪.‬‬
‫وفي سياق كهذا‪ ،‬كان من الطبيعي أن تعمد الدول والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية إلى‬
‫تشجيع هذا النوع من الدبلوماسية ومحاولة استغالله في خدمة مصالحها‪ ،‬وجعله مكمال ورافدا لتحركاتها‬
‫الدبلوماسية الرسمية‪ ،‬وأحيانا مفتاحا سريا لحل أو حلحلة بعض القضايا التي تستعصي على االتصاالت‬
‫العلنية في مختلف مستوياتها‪.‬‬
‫واستنادا على ذلك ‪ ،‬لم يحد المغرب عن هذه القاعدة‪ ،‬بل كان سباقا إلى تبني هذا النوع المستجد من‬
‫الدبلوماسية والعمل على تأطيره‪ .‬لتكون أول إشارة رسمية في هذا االتجاه هي الكلمة التي ألقاها جاللة‬
‫الملك المغفور له الحسن الثاني رحمه هللا مهندس السياسة الخارجية و عميد التوجهات االستراتيجية ‪،‬عن‬
‫د إنشاء المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان حين طلب من أعضائه آنذاك الدفاع عما سماه وجه المغرب‬
‫الحقوقي والتصدي الفتراءات منظمة العفو الدولية التي قال إنها "تأتي‪ ...‬وتمارس علينا الرقابة وكأننا‬
‫تحت الحماية‪"..‬‬
‫واستكماال لهذا الورش الدبلوماسي الكبير‪ ،‬وإيمانا من المملكة المغربية الشريفة بدورها الطالئعي ضمن‬
‫كوكبة الدول الرائدة دبلوماسيا ‪ ،‬دشن جاللة الملك محمد السادس دام له النصر والتمكين منذ اعتالئه‬
‫سدة أسالفه المنعمين حقبة دبلوماسية جديدة تراوحت بين تأكيد الحضور الرسمي القوي في كل المحافل‬
‫الدولية ‪ ،‬وتعبئة الدبلوماسية الموازية ‪ ،‬الشيء الذي نتج عنه بعد الممارسة الواقعية‪ ،‬التقعيد لدبلوماسية‬
‫موازية مغربية خالصة ذات طابع مؤثر وخالق ‪،‬و لعل ما يؤكد هذه االستراتيجية الفريدة‪ ،‬الخطب‬
‫الملكية السامية الداعية لضرورة تكاثف الجهود العملية بين الدبلوماسية الرسمية والموازية ‪ ،‬نذكر منها‬
‫الخطاب الملكي السامي بمناسبة ثورة الملك و الشعب وعيد الشباب بتاريخ ‪ 21‬غشت ‪ 2002‬الذي‬
‫أعطى اللبنات األساسية للرؤية االستراتيجية في تدبير الشأن الدبلوماسي وأدخل المنظمات غير الحكومية‬
‫كفاعل فيها ‪،‬إضافة لذلك الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الخامسة العتالء الملك محمد السادس‬
‫العرش العلوي المجيد الذي حدد على إثره معالم السياسة الخارجية المغربية وحدد بعضا من توجهاتها‬
‫وجدد الدعوة الى اصالح الدبلوماسية المغربية‪ ،‬وتأهيلها وذلك باستثمار التحوالت الديمقراطية للمغرب‬
‫ورصيده التاريخي وموقعه الجيوستراتيجي كشريك دولي وقد تضمن الخطاب الملكي كذلك إشارات‬
‫واضحة إلرساء دبلوماسية مغربية قوية ومؤهلة لالطالع بدورها التاريخي في اجتياز المنعطف الحاسم‪.‬‬
‫( مقتطف من الخطاب الملكي السامي ) ‪ " :‬واذا كانت الدبلوماسية الرسمية تقوم بدورها التقليدي‬
‫والرئيسي في صنع القرار في ما يخص السياسة الخارجية للبالد‪ ,‬فإن النقاش الذي يطرح نفسه بإلحاح‬
‫هو ما يتعلق بالدبلوماسية الموازية كما اصطلح عليها خطاب العرش""‪.‬‬
‫تبعا لذلك‪،‬وعطفا على ما سلف‪ ،‬أكد ملكنا الهمام في مضامين الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى‪34‬‬
‫للمسيرة الخضراء‪ ,‬أهمية تفعيل الدبلوماسية الرسمية والموازية للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة‬
‫وحماية حقوق ومصالح الوطن‪ ,‬مسجال أن المسؤولية تقع اليوم‪ ,‬باألساس‪ ,‬على عاتق األوساط التي تأخذ‬
‫بزمام المبادرة‪.‬‬
‫وتجسيدا لهذه التوجيهات الملكية‪ ،‬تطورت أشكال وأنواع الدبلوماسية الموازية في المغرب وبرزت العديد‬
‫من الوجوه من ضمنها كما أسلفنا الذكر‪ ،‬كما تناسلت مؤسساتها ليصل بعضها إلى أن يصبح مؤسسة‬
‫دستورية‪ ،‬كما هو حال المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومجلس الجالية المغربية بالخارج‪ .‬وقد‬
‫خصصت لمعظم تنظيمات الدبلوماسية الموازية ميزانيات ووفرت لها إمكانيات لعلها تؤدي دورها بفعالية‬
‫وتقدم دعما لألجهزة الدبلوماسية التقليدية الرسمية وألدواتها‪.‬‬
‫اعتبارا لذلك ‪،‬وتثمينا لهذا لورش الدبلوماسي الحيوي‪،‬لم يكن القضاء بمعزل عن هذه التغيرات‬
‫االستراتيجية منذ عهد الحماية‪،‬باعتباره حامي الحقوق والحريات‪ ،‬ومنبع التنمية الشاملة‪ ،‬وعليه‬
‫واستشعارا ألدواره الجديدة التي لم تعد تقتصر على ما قضائي فقط ‪،‬أبى على نفسه إال أن يكون في‬
‫طليعة المؤسسات الدستورية المنافحة عن قضايا هذا الوطن الشريف‪،‬واضعا الحجر األساس لدبلوماسية‬
‫قضائية من نوع فريد تمزج بين أبعاد متعددة منها ما هو دفاعي عن الوحدة الترابية ومنها ما هو‬
‫اشعاعي واقتصادي‪،‬خاصة بعد التأسيس للمقتضيات القانونية الناظمة للسلطة القضائية‪ (،‬القانونين‬
‫التنظيميين رقم ‪ 100.13‬المتعلق بالمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬والنظام األساسي للقضاة رقم‬
‫‪،103.13‬عالوة على القانون الداخلي للمجلس األعلى للسلطة القضائية)‪ ،‬وتحديد اختصاصاته االصيلة‬
‫عن الوزارة الحكومية المكلفة بالعدل‪.‬‬
‫بناء على ما تقدم‪ ،‬يظهر أن القضاء كان وال زال في صلب كل القضايا الوطنية بقضاته وكفاءاته المجندة‬
‫من أجل خدمة المواطن والصالح العام ‪،‬بما يحفظ هيبته ومكانته كسلطة مستقلة ونزيهة‪ ،‬إضافة لكونه‬
‫فاعال محوريا في مسلسل اإلصالحات الهيكلية فيما يتعلق بالدبلوماسية الموازية عامة‪ ،‬والدبلوماسية‬
‫القضائية خاصة‪،‬الشيء الذي تم تنزيله في السنوات الماضية على مستوى محكمة النقض و تكريسه‬
‫بشكل أكبر بعد تنصيب المجلس األعلى للسلطة القضائية‪.‬‬
‫في خضم هذه االعتبارات‪ ،‬ومالمسة لموضوع مستجد وحيوي ضمن منظومة العدالة‪،‬كان البد من بسط‬
‫تساؤلين يرميان إلى التحديد الموضوعي لمجال واسع ومتشعب يتداخل فيه الدبلوماسي مع القانوني و‬
‫االقتصادي في بوثقة واحدة خادمة للشأن القضائي المغربي ومنفتحة على واجهات متعددة كما سنرى‬
‫آتيا‪.‬‬
‫فما هو موقع الدبلوماسية القضائية كفاعلة في خدمة القضايا الوطنية ؟ وما هي أبعادها الوظيفية و آفاقها‬
‫المستقبلية ؟‬
‫ومن أجل بسط متكامل لموضوع ذو راهنية وجدة ‪ ،‬كان لزاما تنزيله وفق قالب منهجي رصين‪،‬مقسم إلى‬
‫ثالث محاور ‪:‬‬

‫المحور األول ‪ :‬األبعاد الوظيفية للدبلوماسية القضائية المغربية‬ ‫‪‬‬


‫المحور الثاني ‪ :‬تجليات الدبلوماسية القضائية المغربية‬ ‫‪‬‬
‫المحور الثالث ‪ :‬آفاق الدبلوماسية القضائية (ورش استراتيجي نحو التموقع القضائي الدولي‬ ‫‪‬‬
‫المحور األول ‪ :‬األبعاد الوظيفية للدبلوماسية‬
‫القضائية المغربية‬

‫تتمأسس الدبلوماسية الرسمية على خدمة المصالح العليا للوطن‪ ،‬وتنفيذ االستراتيجيات الرامية لتبوأ‬
‫المملكة المغربية مكانتها البارزة ضمن المنتظم الدولي‪ ،‬وهو القاسم المحدد والمحوري في كل أنواع‬
‫الدبلوماسية‪ ،‬لذلك ساهم القضاء من جانبه في تحقيق هذه الغاية المشتركة عبر مالمسته لمجموعة من‬
‫االبعاد الوظيفية من ضمنها الدفاع عن الوحدة الترابية ( أوال) عالوة على الدور التعريفي بالتراث‬
‫القضائي المغربي ( ثانيا) و المساهمة في التنمية االقتصادية واالجتماعية عبر تشجيع االستثمار األجنبي‬
‫(ثالثا)‬

‫أوال‪ :‬بعد الدفاع عن الوحدة الترابية‬


‫تعد قضية الصحراء المغربية‪ ،‬قطب رحى األولويات الوطنية وشريان التحركات الدبلوماسية‪،‬خاصة مع‬
‫تعدد الروايات المغالطة للرأي العام الوطني والدولي‪ ،‬وضعفها كأسانيد في مواجهة المملكة المغربية‬
‫الشريفة‪ ،‬واعتبارا للدور الطالئعي للقضاء كدبلوماسية موازية فإنه كان وفيا لنصرة قضيته األولى‪ ،‬وإذا‬
‫كان الشرط مناسبة كما يقال فإنه يلزم الوقوف بروية و تأمل واالعتراف لقضاة أجالء كافحوا من أجل‬
‫وحدة هذا الوطن في أحلك الظروف‪ ،‬وقاوموا المستعمر بمحافظتهم على استقالليتهم وقدسية مهامهم إذ‬
‫وهبوا حياتهم للمحافظة على وطنهم واإلخالص لبيعتهم لملكهم‪.‬‬
‫بل األكثر من ذلك ‪ ،‬كانوا حصنا حصينا لألمة أمناء على وحدتها‪ ،‬بتوطيد العزم في نفوس الفقهاء‬
‫والعلماء والشرفاء والمرابطين في قبائل متفرقة من مغربنا الحبيب وشحذ هممهم لمحاربة المستعمر عن‬
‫كل شبر فيه‪ ،‬ونذكر على سبيل المثال الحملة الوطنية التي قام بها القاضي المفضل والفقيه المبجل أحمد‬
‫بن محمد بن عبد هللا الزدوتي رحمه هللا بهذا الشأن حيث نجد في اإلشهاد الذي خاطب عليه بتاريخ ‪7‬‬
‫شوال ‪ 1309‬هـ‪4/5/1892 /‬م وهو إشهاد استغاثة ونشدان من قبل قبائل ثكنة ومن لف لفها طالبين فيه‬
‫من موالنا الحسن بن محمد بن عبد الرحمان بن هشام العلوي االعتناء بالمناطق الجنوبية من وادي نون‬
‫إلى وادي الذهب وشد أزرهم في مواجهة الغزو اإلسباني على سواحل المنطقة‪،‬إضافة لذلك‪ ،‬نجد وثيقة‬
‫تجديد البيعة التاريخية التي تقدمت بها قبائل واد‪.‬‬
‫لقد أفرد التاريخ للقضاء مكانة هامة ودورا بارزا في تحقيق وحدة المملكة بعد االستقالل‪ ،‬إذ شكل إنشاء‬
‫المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا ) ضمن المنظومة القضائية بالمغرب محطة هامة في درب‬
‫اإلصالح القضائي باعتباره الساهر على توحيد االجتهاد القضائي والتطبيق السليم للقانون داخل المملكة‪،‬‬
‫كما نجد على المستوى الدولي محكمة العدل الدولية التي أكدت وجود روابط البيعة التاريخية بين جاللة‬
‫ملك المغرب وسكان الساقية الحمراء وواد الذهب حيث جاء في حكمها ‪» :‬كانت بين الصحراء والمملكة‬
‫المغربية روابط قانونية وروابط والء«‪ ،‬لينطلق بعدها الشعب المغربي في مسيرة خضراء أدهشت العالم‬
‫بأكمله‪،‬وليس غريبا أن نجد وثيقة تجديد البيعة التاريخية التي تقدمت بها قبائل واد الذهب سنة ‪1979‬‬
‫لصاحب الجاللة المغفور له الملك الحسن الثاني‪ ،‬بقلم القاضي البلدي أحمد حبيب اهلل برابوه‪ ،‬ليبدأ بعد‬
‫ذلك المغرب مسيرة الجهاد األكبر بتأسيس دولة تنموية عصرية بمؤسساتها القضائية النظامية وقوانينها‬
‫المستندة على المرجعيات المغربية الثابتة والمنفتحة في نفس اآلن على كافة التجارب التشريعية الدولية‬
‫وذلك دون تمييز بين أجزاء المغرب وأقاليمه في ظل وحدة مسطرية وموضوعية‪.‬‬
‫وعليه فإن القضاء كان على مر التاريخ القضائي جندا مجندا بأحكامه ومخلصا في عمله بما يوازي قيمته‬
‫العملية والمعنوية كفاعل في تجديد فروض االنتماء الوطني والدفاع عن كل بهمة وإخالص‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الدور التعريفي بالتراث القضائي المغربي‬


‫يعد التعريف بالثرات القضائي المغربي أحد االبعاد الوظيفية للدبلوماسية القضائية‪ ،‬لما يشكله من إرث‬
‫تاريخي ممتد عبر عبق التاريخ‪ ،‬و لما له من مرامي تذكيرية بالملحمات التاريخية للقضاء المغربي من‬
‫أجل إحقاق العدل وإشاعة السلم االجتماعي والدفاع عن وحدة الوطن وهويته االسالمية‪.‬‬
‫و عليه ‪،‬فإن النظام القضائي المغربي من أكثر النظم القضائية قدما في مبادئه‪ ،‬ألنه وليد تراث يمتد ألكثر‬
‫من ثالثة عشر قرنا‪ ،‬بدأ منذ دخول الحكم اإلسالمي في المغرب‪ ،‬ليستمر و يمد لحقب متتالية تعاقب على‬
‫حكم المملكة فيها دول كثيرة اشتركت والتقت في تواثرها على إرساء دعائم نظام قضائي ذو هوية‬
‫إسالمية‪ ،‬وذو اشعاع ثقافي وفكري يجسد انتماء المغرب إلى الحضارة االسالمية‪.‬‬
‫ولنا في أسبنة االحكام المغربية مثال ‪،‬فقد أعطى قضاة المملكة الشريفة درسا تاريخيا ينم عن االنتماء‬
‫األصيل لمغربنا بوحدته الوطنية واستطاعوا مجابهة الحماية االسبانية إبان قراراتها الجائرة بإدخال‬
‫األجهزة االسبانية في الحكم في القضاء الشرعي بعد سنة ‪ ، 1960‬خاصة بعد تعيين القضاة األجانب‪،‬‬
‫وربط أحكامها من حيث النقض بباريس أو مدريد‪.‬‬
‫وفي هذه الفترة سيظل التاريخ شاهدا للقضاة و لشيوخ القبائل وأعيانها على وطنيتهم الصادقة ووفائهم‬
‫للقيم اإلسالمية‪ ،‬إذ لم يقبلوا ولو يوما واحدا أن يتدخل الحكام اإلسبان في أمر القضاء‪ ،‬وال حتى أن‬
‫يتعايش القضاءان‪ ،‬عصري يحكم بالمسطرة والمدونة القانونية اإلسبانيين وشرعي تحسن نمطيا وبقي‬
‫على صله الشرعي‪ ،‬ومما يؤكد صمود هذا الجهاد القضائي هو أن القضاء الجنائي اإلسباني لم يطبق في‬
‫الصحراء أبدا‪ ،‬حتى إن حوادث السير التي تصل أحيانا إلى القتل عن طريق الخطأ ظلت خاضعة أل‬
‫حكام الحدود في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬إذ تعطى العاقلة الدية‪ ،‬وتطبق في كل أنواعها جميع النصوص التي‬
‫استمرت عبر التاريخ تميز القضاء المغربي عبر وحدة المسطرة ووحدة النصوص‪.‬‬
‫إضافة لما سلف‪ ،‬البد من التعريج على مكون قضائي استثنائي وفريد تمتاز به المملكة المغربية الشريفة‬
‫عن غيرها من التجارب المقارنة‪ ،‬يبرز غزارة التراث القضائي المغربي وإشعاعه على المستوى‬
‫اإلقليمي والدولي‪ ،‬و يؤكد عمقه التاريخي ‪ ،‬وهو القضاء العبري المتبنى منذ أكثر من قرن من الزمن‪ ،‬و‬
‫الممثل بُغ رفة قضائية للبت في شؤون اليهود من أحوال شخصية ودينية وتوزيع لإلرث وفض لبعض‬
‫الخالفات ‪ ،‬ومع توالي السنين‪ ،‬أولت القيادة المغربية اهتمامًا كبيرًا بهذا النوع من القضاء‪ ،‬وذلك حفظًا‬
‫لحقوق يهود البالد‪ ،‬وأولها الحق في التقاضي‪ ،‬إذ جاء ظهيران شريفان سنة ‪ 1957‬لمنح هذه المحاكم‬
‫تنظيمًا موازيا لنظيراتها األخرى التي يتقاضى فيها المسلمون‪ ،‬لتصبح بذلك كيانًا قضائيًا قائم الذات‪.‬‬
‫ويتلقى جميع القضاة الموجودين بهذه المحاكم تأطيرًا دينيا يهوديًا‪ ،‬ويعملون إلى جانب القضاء على ختان‬
‫األطفال اليهود‪ ،‬والنظر في حلة من حرام ما يتناوله يهود البالد من مواد غذائية‪.‬‬
‫ويأتي اختيار هؤالء‪ ،‬وفقًا لمعايير الكفاءة واإللمام بالشؤون الدينية اليهودية‪ ،‬وتضلعهم بالفقه القضائي‬
‫والتشريعات اليهودية‪.‬‬
‫إنها ُغ رفة مثلت استثناء قضائيًا مغربيًا حافظت عليه المملكة على الرغم من تناقص عدد اليهود في‬
‫المملكة‪،‬األمر الذي يبرز الرصيد التراثي القضائي المغربي وحجم تعدده وتميزه عن األنظمة القضائية‬
‫المقارنة‪،‬ما يدعم الدبلوماسية القضائية ويمنحها قصب السبق التراثي في مجال فريد ومتميز‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬البعد االقتصادي واالستثماري‬
‫إن متطلبات التنمية االقتصادية ترتبط بتوفير األمن واالستقرار وبقضاء مستقل يحمي حقوق المستثمرين‬
‫بمناسبة معامالتهم االقتصادية‪ ،‬لذلك فإن القضاء يعد سفيرا وممثال وفاعال محوري للتحفيز االستثماري‪،‬‬
‫إذ يمثل الوجه التعريفي للمستثمر األجنبي و مبناه المحدد من أجل تحويل رأسماله صوب المغرب من‬
‫خالل أحكامه و قراراته ‪ ،‬وتبعا لذلك فهو يمارس دبلوماسية غير مباشرة في استقطاب رؤوس األموال‪،‬‬
‫خاصة القضاء التجاري واإلداري اللذان لهما صلة بكل ما يرتبط بالنزاعات التي قد تثار منذ نشوء‬
‫المشروع بدء من تأسيس الشركة أو المقاولة إلى حين تصفيتها أو استمرارها‪...‬‬
‫لهذه االعتبارات‪ ،‬ومساهمة من القضاء في تكريس أحكام ذات جودة مطوقة بآجال معقولة‪،‬دشن المشرع‬
‫المغربي إصالحات هيكلية قانونيا ومؤسساتيا بتعديل قوانين األعمال (قانون الشركات‪،‬مدونة التجارة‪،‬‬
‫التأمين‪،‬القانون البنكي‪ ،‬ميثاق االستثمار) ‪،‬عالوة على المراكز الجهوية لالستثمار التي تبنت مقاربة‬
‫سلسة في تبسيط المساطر اإلدارية على المستثمر‪ ،‬و قانون إحداث المقاوالت بشكل الكتروني الذي من‬
‫شأنه ال محالة أن ييسر عملية التأسيس المقاوالتي في وقت قياسي بأقل تكلفة وأداء كل مستحقات‬
‫التسجيل بطريقة رقمية دونما الحضور الشخصي‪.‬‬
‫وعليه فإن القضاء معول عليه من أجل التمثيل القضائي المغربي في شقه االستثماري السيما خالل‬
‫الخمس سنوات األخيرة التي يراهن المغرب فيها أن يحظى بمؤشر متقدم ضمن ال‪ 50‬دولة في مقياس‬
‫سهولة ممارسة االعمال على المستوى العالمي‪،‬علما أنه يحتل االن الرتبة ‪ 53‬المعطى يؤكد انخراط‬
‫المملكة الشريفة في ركب التحول االقتصادي وإشعاعها القضائي واإلداري في تدبير الشأن االستثماري‪.‬‬

‫المحور الثاني ‪ :‬تجليات الدبلوماسية القضائية المغربية‬


‫ال غرو أن الدبلوماسية القضائية ‪،‬ورش استراتيجي مستمر يروم خدمة قضايا مختلفة ومالمسة أبعاد‬
‫متعددة ‪ ،‬منها ما سقناه أعاله ومنها ما سيستجد بتغير الزمان‪،‬لذلك كان لزاما تفعيل هذا الورش عبر‬
‫آليات مؤسساتية وموارد بشرية كفؤة تساهم في التنزيل المعقلن واالمثل لهذا الورش الحيوي‪ ،‬وهو ما‬
‫تجلى من خالل محكمة النقض (أوال) ‪ ،‬تم بعدها المجلس االعلى للسلطة القضائية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬على مستوى محكمة النقض‬


‫تعد محكمة النقض أعلى هيئة قضائية بالمملكة‪ ،‬لما تحتله من قيمة قضائية في توحيد االجتهاد القضائي‬
‫وإعمال سلطتها كمحكمة قانون في كل القضايا المعروضة عليها‪ ،‬غير أنه إلى جانب هذه االختصاصات‬
‫المركزية‪ ،‬تمارس محكمة النقض دبلوماسية موازية قضائية تستنبط من خالل تركيبتها الداخلية ‪،‬‬
‫فالمتأمل لمختلف تفرعات هيكلتها سيالحظ وجود قاض لإلعالم والتواصل (‪ )1‬مهمته تواصلية تفاعلية ‪،‬‬
‫إضافة إلى التمثيلية الخارجية في الملتقيات الدولية‪،‬وهو إحدى التجليات للدبلوماسية القضائية في أفق عقد‬
‫اتفاقيات دولية في مجال التعاون الدولي (‪ ،)2‬كما تساهم كذلك محكمة النقض في التعريف بالذاكرة‬
‫القضائية ( ‪) 3‬‬
‫‪.‬‬
‫‪.1‬قاضي التواصل واإلعالم‬
‫تأسست الخطوط الكبرى لمؤسسة قاضي التواصل بمحكمة النقض منذ سنة ‪ 2010‬باقتراح آنذاك من‬
‫السيد الرئيس األول لمحكمة النقض ‪ ،‬مهمتها جعل المحكمة منفتحة على جميع أطياف المجتمع المدني ‪،‬‬
‫والفاعلين في منظومة العدالة وعلى مختلف الجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحث العلمي في جميع‬
‫الشعب والتخصصات القانونية‬
‫وتنزيال لهذه األهداف‪ ،‬تم وضع استراتيجية للتواصل بمثابة ميثاق تواصلي يحدد قيمة المؤسسة ورؤيتها‬
‫وشعارها وأيضا منهجية عملها والبرامج التي ستسعى من خاللها الى خلق فضاء تواصلي مؤسساتي‬
‫يجمع بين الحوار واالنصات واالستماع لآلخر وتقديم جميع الخدمات القضائية واإلدارية التي تتميز‬
‫بالجودة والسرعة واالحترافية‪ ،‬عالوة على االنفتاح على كل التجارب المقارنة فيما يخص الشأن‬
‫القضائي‪ ،‬وربط جسور تبادل الخبرات والكفاءات الشيء الذي من شأنه أن ينقل الخبرة القضائية‬
‫المغربية لدول أخرى‪ ،‬وبالتالي تحقيق دبلوماسية موازية بينها وبين المجالس العليا للقضاء‪.‬‬

‫‪.2‬اتفاقيات التعاون القضائي الدولي‬


‫و تعد قطب الرحى للدبلوماسية الموازية لمحكمة النقض والوسيلة المثلى لخلق شبكة من المرتكزات‬
‫األمامية الحليفة للتعريف بقضايانا المختلفة على المستوى القاري والدولي والترويج لمطالبنا المشروعة‬
‫وصد أعداء وحدتنا الترابية والتأثير على الرأي العام الدولي والسعي لسحب اعترافات العديد من الدول‬
‫المغرر بها في قضيتها األولى (الصحراء المغربية)‪.‬‬
‫وقد أثبتت هذه البنيات فعاليتها في العديد من المناسبات من خالل نجاعتها المثمرة في االعتماد عليها‬
‫لصد مؤامرات عدة تحاك ضد المملكة من ضمنها مروجي أطروحات الكيان المزعوم وفضح زيف‬
‫ادعاءاتهم سيما وأن هذه البنيات تتشكل من قضاة أفاضل يكون لكلمتهم ورأيهم عظيم األثر ببلدانهم ودور‬
‫هام في تشكيل الرأي العام الرسمي لبلدانهم‪.‬‬
‫في هذا المضمار عقدت محكمة النقض العديد من الشراكات واالتفاقيات نأتي على ذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫اتفاقية توأمة مع محكمة النقض بفرنسا‪.‬‬
‫اتفاقية توأمة وتعاون مع محكمة النقض بجمهورية مصر العربية‪.‬‬
‫اتفاقية تعاون مبرمة بين المحكمة العليا والمجلس العام للسلطة القضائية بالمملكة اإلسبانية‪.‬‬
‫اتفاقية توأمة مع المجلس األعلى بكندا‪.‬‬
‫اتفاقية تعاون مع المحكمة العليا للعدل‬
‫اتفاقية تعاون ثنائية مع محكمة النقض ببوركينافاسو‪.‬‬
‫بروتوكول تعاون مع المحكمة العليا الفيدرالية بجمهورية البرازيل االتحادية‪.‬‬
‫اتفاقية تعاون مع مجلس القضاء للسلطة القضائية لدولة األرجنتين‪.‬‬
‫اتفاقية تعاون مع المحكمة العليا للعدل لجمهورية الباراغواي‪.‬‬
‫اتفاقية التوأمة والتعاون القضائي مع محكمة النقض للجمهورية السنغالية‪.‬‬
‫اتفاقية توأمة وتعاون مع المجلس األعلى بجمهورية البنين‪.‬‬
‫اتفاقية تعاون مع محكمة النقض ببوركينافاسو ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ‪.‬‬
‫اتفاقية توأمة مع المحكمة العليا بجمهورية السودان‪.‬‬
‫مذكرة اتفاق التعاون القضائي بين محكمة النقض ومحكمة التمييز بدولة الكويت‪.‬‬
‫اتفاقية توأمة وتعاون بين المحكمة االتحادية العليا باإلمارات العربية ومحكمة النقض ‪.‬‬
‫اتفـاقية توأمة وتعاون مع محكمة التمييز في المملكة األردنية الهاشمية‪.‬‬

‫‪.3‬متحف الذاكرة القضائية‬


‫إن التاريخ القضائي في شقه المتعلق بالتراث الفقهي والقضائي ‪ ،‬و شقه اآلخر المتمثل في الدفاع عن‬
‫الوحدة الترابية لهو في الواقع ملحمة تجسد التالحم التاريخي المجيد بين العرش والشعب يعكس المسار‬
‫الوضاء للحضارة المغربية األصيلة لذا بادرت محكمة النقض إلى ترصد جزء من هذا التاريخ شكلت من‬
‫خالله متحف الذاكرة القضائية والذي يحتوي على وثائق تاريخية نادرة تحمل رموز ودالالت مادية‬
‫معبرة لواقع الوحدة والتالحم عبر غنى المحطات البارزة في تاريخ القضاء المغرب من شماله إلى‬
‫جنوبه‪.‬‬
‫ويتوفر المتحف على دفتر ذهبي وقع عليه عدد هام من الوزراء والسفراء ورؤساء الدول والوفود‬
‫والبعثات األجنبية الصديقة والشقيقة تجاوز عددها ‪ 50‬توقيعا‪.‬‬
‫من خالل هذا المتحف أبرزت محكمة النقض المكانة الهامة التي أفردها التاريخ للقضاء المغربي وقضاته‬
‫ودورهم البارز في تحقيق وحدة المملكة بعد االستقالل‪.‬‬
‫و المناسبة شرط‪ ،‬فمن أهم معروضات المتحف‪:‬‬
‫حكم محكمة العدل الدولية الذي أكد وجود روابط البيعة التاريخية بين جاللة ملك المغرب وسكان الساقية‬
‫الحمراء وواد الذهب حيث جاء في حكمها‪( :‬كانت بين الصحراء والمملكة المغربية روابط قانونية‬
‫وروابط والء) لينطلق بعدها الشعب المغربي في مسيرة خضراء أدهشت العالم بأكمله‪.‬‬
‫وثيقة تجديد البيعة التاريخية التي تقدمت بها قبائل واد الذهب سنة ‪ 1979‬لصاحب الجاللة المغفور له‬
‫الملك الحسن الثاني‪ ،‬بقلم القاضي البلدي أحمد حبيب هللا برابوه ليبدأ بعد ذلك المغرب مسيرة الجهاد‬
‫األكبر بتأسيس دولة تنموية عصرية بمؤسساتها القضائية النظامية وقوانينها المستندة على المرجعيات‬
‫المغربية الثابتة والمنفتحة في نفس اآلن على كافة التجارب والتشريعات الدولية‪.‬‬
‫كما يتضمن المتحف شواهد عن القضاء الشرعي في األقاليم الجنوبية‪ ،‬تثبث ديدن قضاة الصحراء على‬
‫القضاء واإلفتاء بمذهب اإلمام مالك وباللاير الحسني واللاير العزيزي باعتبارهما العملة الوطنية‬
‫المتداولة آنذاك في كافة ربوع المملكة كما تدل على ذلك وثيقة الفتوى الصادرة عن القاضي محمد بن‬
‫يحضيه بن عبد الباقي أواخر القرن ‪ 19‬وأوائل ‪.20‬‬
‫و عليه فإن محكمة النقض تشكل تجلي بارز ورئيسي في ورش الدبلوماسية القضائية من خالل دورها‬
‫الثالثي المحدد حسب تصورنا تواصلي‪ ،‬التقائي ‪ ،‬تعريفي‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬على صعيد المجلس األعلى للسلطة القضائية‬


‫منذ تأسيس المجلس األعلى للسلطة القضائية بشكل فعلي ‪ ،‬عمد ألجرأة كل المهام الدستورية الموكولة‬
‫إليه بمقتضى الدستور المغربي والقوانين التنظيمية ‪ ،‬كما انكب على هيكلة نظامه الداخلي لتأثيت البيت‬
‫القضائي وفق المنظور الجديد المؤسس على استقاللية السلطة القضائية عن الوزارة الحكومية المكلفة‬
‫بالعدل‪ ،‬وذلك بتدبير الوضعية اإلدارية والمهنية الخاصة بالقضاة‪ ،‬وإنجاز الدارسات التقارير ‪ ،‬إضافة‬
‫الى ممارسة صالحيات أخرى من بينها التعاون الدولي في إطار تبادل الخبرات و التكوين المستمر‬
‫للعاملين بالمجلس األعلى للسلطة القضائية (‪ )1‬في أفق عقد اتفاقيات للتوأمة بينه و بين مجالس عليا‬
‫أخرى ‪ ،‬عالوة على تعيين قضاة لالتصال (‪ ،)2‬و مشاركته الفعالة في كل المناسبات الوطنية والدولية (‬
‫‪ )3‬ما يمتح ورش الدبلوماسية القضائية ويعطيه آليات متعددة من أجل اشعاع إقليمي و دولي‪.‬‬
‫‪1.‬شعبة التعاون الدولي‬
‫طبقا لمقتضيات المادة ‪ 40‬من النظام الداخلي للمجلس األعلى للسلطة القضائية فإن شعبة التعاون‬
‫والشراكة المهام التالية‪:‬‬

‫تنفيذ استراتيجية المجلس في مجال التعاون والشراكة على المستويين الوطني والدولي؛‬ ‫‪‬‬
‫دراسة الجوانب القانونية المتعلقة بإعداد وتنفيذ اتفاقيات وبرامج وتدابير التعاون والشراكة؛‬ ‫‪‬‬
‫إعداد مشاريع االتفاقيات والبرامج والتدابير التي تدخل في إطار التعاون والشراكة مع‬ ‫‪‬‬
‫المؤسسات األجنبية المماثلة والهيئات األجنبية المهتمة بقضايا العدالة؛‬
‫إعداد مشاريع االتفاقيات والبرامج والتدابير التي تدخل في إطار التعاون مع مؤسسات وهيئات‬ ‫‪‬‬
‫وطنية في مجال منظومة العدالة و كذا التنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون الخارجية‬
‫والتعاون‪.‬‬

‫بناء على المقتضى أعاله يظهر جليا أن المجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬أضحت له استراتيجية تعاونية‬
‫دولية تمكنه بموجبها من ممارسة دبلوماسية قضائية مرماها وحجر زاويتها التأثير في المشهد القضائي‬
‫وتسخير ذلك لخدمة التنمية الشاملة و التعريف بالقضايا الوطنية في المحافل القضائية الدولية والمنابر‬
‫المؤسساتية ذات الصلة بقطاع العدالة وهو ما سار على نهجه ليعقد بعد ذلك اتفاقيات للتوأمة سنراها فيما‬
‫هو آت‪.‬‬
‫‪.2‬قضاة االتصال‬
‫حتى عهد قريب لم يكن من المتصور أن يمارس قاض مهامه خارج ترابه الوطني ‪-‬باستثناء ما تعلق‬
‫بقضاة التوثيق الذين تقتصر ممارستهم مع الجالية المقيمة في المهجر داخل القنصليات‪-‬باعتبار أن العدالة‬
‫شأن سيادي ال يمكن للدولة أن تتنازل عن مراقبتها‪ ،‬إال أن تطور الجريمة وانتشارها وتباين األنظمة‬
‫القضائية للدول جعل التعاون القضائي الدولي يشتكي من بعض الثغرات أدت إلى خلق آليات جديدة‬
‫لمواجهة هذا النقص كان من بينها قاضي اإلتصال الذي ظهرت بوادره بتعيين فرنسا قاضيا مكلفا بمهمة‬
‫دبلوماسية إلى ايطاليا بمناسبة ما كان يعرف بقضية كوزا نوسترا (‪ )cosa nostra‬التي كان يتوالها‬
‫القاضي االيطالي الشهير جيوفاني فالكوني ‪، Geovani Falcone‬فك رموزها ولغزها‪ ،‬بتوجيهه‬
‫مراسالت وإنابات قضائية في إطار التعاون القضائي الدولي بقيت بدون جواب‪ ،‬الشيء الذي أدى إلى‬
‫إبرام اتفاقية ثنائية بين الدولتين المذكورتين في مارس‪ 1993‬تم بمقتضاها تعيين أول قاضي اتصال‬
‫فرنسي بإيطاليا لمواجهة الخلل الذي عرفه التعاون القضائي في المجال الجنائي لتتوسع بنود اإلتفاقية فيما‬
‫بعد لتشمل الجانب المدني أيضا‪ ،‬وبعد أن تبين نجاعة المبادرة المذكورة سعى مجلس االتحاد األوربي ‪le‬‬
‫‪ conseil de l'union européenne‬بتاريخ ‪ 1996-04-22‬بمقتضى العمل المشترك‬
‫‪ l'action commune‬إلى إقرار المبادرة المذكورة‪ ،‬وذلك بخلق إطار قانوني لتبادل قضاة وموظفين‬
‫في مجال التعاون القضائي الدولي بين الدول األعضاء على أساس اتفاقيات ثنائية‪.‬‬
‫أما على صعيد المملكة المغربية‪ ،‬فقد أثير موضوع قاضي اإلتصال ضمن توصيات اللقاء الثاني الذي‬
‫انعقد بالرباط سنة ‪ 2003‬بين المجلس العام للسلطة القضائية االسباني والمجلس األعلى المغربي‬
‫(محكمة النقض حاليا) ليتم تفعيل التوصية المذكورة سنة ‪ 2004‬ابتدأت بتعيين قاضيين لإلتصال في كل‬
‫من فرنسا واسبانيا‪،‬ليبلغ عددهم لحدود اآلن حسب آخر تحيين ‪ 4‬قضاة في كل من مدريد وباريس‬
‫وبروكسيل‪ ،‬وروما‪.‬‬
‫وعليه فإن مؤسسة قاضي االتصال مقتضى مستجد في التشريع المغربي‪ ،‬لم يكن منصوص عليها قبال‬
‫بنص خاص حتى دخول القانون التنظيمي ‪ 100.13‬المتعلق بالمجلس األعلى للسلطة القضائية حيز‬
‫التنفيذ ‪،‬ليخصص له المادة ‪ 81‬منه التي لم تتحدث عن مهامه ‪،‬واقتصرت على شكلية تعيينه بنصها على‬
‫أنه يعين قضاة االتصال‪،‬بقرار مشترك بين المجلس األعلى للسلطة للقضائية والوازرة المكلفة‬
‫بالعدل‪،‬ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون‪،‬طبقا للمادة ‪ 81‬من القانون التنظيمي ‪ 100.13‬المتعلق‬
‫بالمجلس األعلى للسلطة القضائية بعد استيفاء مسطرة االنتقاء التي تشرف عليها وزارة العدل‪.‬‬
‫وتتحدد مهام قاضي االتصال رغم تشعبها في ‪:‬‬

‫*تسهيل التعاون القضائي في المجالين المدني والجنائي‬


‫وهي الوظيفة األساسية التي فرضت ظهور قاضي اإلتصال ذلك أنه مطالب بالعمل على تذليل الصعاب‬
‫والمعوقات الحدودية وتيسير الترجمة الحقيقية إلرادة التعاون القضائي في إطار الحدود المسموح بها‬
‫والمتعارف عليها سواء تعلق األمر بالمجال الجنائي‪ ،‬حقل التعاون الدولي بامتياز من خالل اإلنابات‬
‫القضائية وقضايا تسليم المجرمين ونقل المعتقلين المحكوم عليهم وتتبع اإلتفاقيات المبرمة بين الدولتين‬
‫والسهر على احترام مقتضياتها وتفعيل بنودها‪ ،‬أو تعلق األمر بالمجال المدني الذي استقطب الحقا أهمية‬
‫قصوى من خالل تتبعه للقضايا الرائجة والنزاعات المدنية والتجارية أو ما له عالقة بقضايا األسرة من‬
‫نفقة وزيارة وحضانة وإرجاع األطفال أو اعتراف بالزواج والطالق إلى غير ذلك‬
‫‪.‬‬
‫* إنجاز دراسات تتعلق بالقانون المقارن‬
‫إن أي دولة ترغب في إجراء إصالحات قانونية تكون مطالبة بمعرفة تجارب البلدان األخرى خاصة تلك‬
‫التي حققت سبقا في مجال العدالة‪ ،‬ولعل قاضي اإلتصال هو المؤهل بامتياز لنقل هذه التجربة فسواء‬
‫في فرنسا التي تعتبر كمصدر تاريخي للقانون في المغرب أو إسبانيا التي تعتبر ورشا دائما لإلصالحات‬
‫لحداثة المنظومة القانونية اإلسبانية التي انطلقت بعد وفاة فرانكو وتنزيل دستور ‪ 1978‬كفيلتان بإفادة‬
‫اإلصالحات التي يقوم بها المغرب حاليا وإعطائها قيمة مضافة‪ .‬كما أن قاضي االتصال مطالب‬
‫بالتعريف باإلشعاع الحقوقي لبلده والتعريف بمضامين تشريعه الوطني وبالمؤسسات القضائية والمساطر‬
‫المباشرة أمامها والمجهودات المبذولة في سبيل تطوير العدالة‪،‬بل أكثر من ذلك فهو مطالب بإعادة قراءة‬
‫االتفاقيات التي تربط البلدين وتأويل مضامينها واإلتيان بالبديل الذي يسعف في تحقيق مصلحة جاليتنا‬
‫هناك‪.‬‬

‫* خلق عالقات مؤسساتية‬


‫يعتبر قاضي اإلتصال قناة للتواصل بامتياز ولذلك فإن من أبرز مهامه القيام بعملية تواصل مكثفة إلزالة‬
‫المعوقات وتبسيط السبل ليس فقط في المجال القضائي الصرف فحسب‪ ،‬بل في كافة المجاالت القانونية‬
‫ببلد االستقبال وذلك بالبحث عن سبل التواصل مع المهن القضائية بهدف خلق قنوات للتعارف وتبادل‬
‫التجارب التي تهم جميع الفاعلين القانونيين من معاهد قضائية وهيئات مهنية والجامعات والمحامين‬
‫واألعوان القضائيين والموثقين‪ ،‬وارتباطا بذلك فإن عليه ضبط قواعد وترتيبات وجداول أعمال‬
‫اللقاءات ‪.‬‬
‫*ممارسة دبلوماسية قضائية‬
‫ال يختلف اثنان في كون أن الدبلوماسية الموازية غدت استراتيجية مسعفة في نصرة القضايا الوطنية‬
‫وايصال صداها إلى كل الدول ‪،‬لذلك كان لقاضي االتصال جانب في هاته الممارسة الفعالة التي ما فتئت‬
‫تعرف بالمملكة المغربية وقضاياه العادلة والمشروعة إضافة لتصوراته الحقوقية‪،‬ولما كان االمر كذلك‪،‬‬
‫فإن قاضي االتصال اليوم مدعو لتفعيل مقاربة جيوستراتيجية تمزج بين مهامه الكالسيكية المذكورة آنفا‪،‬‬
‫و أدواره الجديدة التي قد تمكن المغرب من تبوأ تموقع دولي على الصعيد القضائي و االقتصادي ‪ ،‬ولن‬
‫يتحقق ذلك إال بتوسيع خريطة قضاة االتصال وتحديد مهامهم و توجيههم إلى دول تجمعنا بهم وشائج‬
‫الصداقة واألخوة كالسنغال ومالي والكوديفوار‪،‬الغابون‪....‬عالوة على الدول الخليجية كاإلمارات وقطر‬
‫والسعودية ‪،‬الن العدد الحالي ال يكفي نظرا لتعدد الشركاء االستراتيجيين وتشعب العالقات الدبلوماسية‬
‫مع الكثير من الدول الشقيقة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة ‪،‬أن المملكة المغربية تحظى كذلك بدبلوماسية موازية بتعيين عدد من قضاتها في بعض‬
‫الهيئات الدولية ‪ ،‬كمحكمة العدل الدولية بالهاي ‪ ،‬ومنظمة اليونيسف‪ ،‬االمر الذي يعطي القضاة المغاربة‬
‫قصب السبق في التعريف ببلدهم و نظامه القضائي وتمرير رسائله وقضاياه عبر أروقة المنظمات‬
‫والبرلمانات االوربية‬
‫‪.‬‬
‫‪ -3‬اتفاقيات التوأمة بين المجلس األعلى للسلطة القضائية والمجالس العليا للقضاء المقارنة‬
‫حرص المجلس األعلى للسلطة القضائية على اعمال جملة من االتفاقيات والشراكات مع مختلف‬
‫المجالس العليا للقضاء والمنظمات الحكومية‪،‬في إطار تعزيز انفتاحه الدولي ودبلوماسيته الموازية ‪ ،‬نذكر‬
‫منها اتفاقية التوأمة بين المجلس األعلى و المجلس األعلى البلجيكي سنة ‪،2019‬التي بمقتضاها سيتم‬
‫تبادل الخبرات القضائية بين الدولتين ونسج عالقات تعاونية ستسهم ال محالة في التأسيس لشراكات‬
‫أخرى مستقبال‬
‫‪.‬‬
‫‪ -4‬الفعاليات الدولية والوطنية‬
‫إضافة للدور االشعاعي للقضاء في بلورة نموذج قضائي متميز في الجانب المرتبط بتعزيز هياكله‬
‫وتجويد احكامه‪ ،‬فإنه مطالب كذلك بالسعي نحو استعادة ثقة المواطن باعتباره المستهدف من اصالح‬
‫العدالة‪ ،‬وسعيا لذلك ساهم المجلس األعلى للسلطة القضائية منذ تأسيسه على المشاركة في الفعاليات‬
‫الوطنية والدولية عبر ورشات أو ندوات ‪ ،‬نذكر منها المعرض الدولي للكتاب الذي دشن المجلس‬
‫مشاركته ضمن فعالياته في نسخته السادسة والعشرين تحت شعار‪ “ :‬العدل أساس التنمية الشاملة“ خالل‬
‫الفترة الممتدة من ‪ 06‬إلى ‪ 16‬فبراير ‪2019‬بالدار البيضاء ‪ ،‬وهو وجه من أوجه الدبلوماسية الموازية‬
‫التي يسعى المجلس لتكوينها وطنيا ودوليا في انتظار مبادرات أخرى مستقبال بعد انتهاء وباء كورونا‪،‬‬
‫عالوة على المؤتمر الدولي للعدالة في دورته األولى والثانية التي شكل حدثا بارزا للتعريف‬
‫باإلصالحات القضائية للمملكة لمجموعة من الوفود األجنبية التي زينت المدينة الحمراء مراكش وقد‬
‫زارت مختلف الوفود المشاركة من مغاربة وأجانب‪ ،‬هذا معرض تثمين الذاكرة القضائية الذي ضم‬
‫العديد من المخطوطات والوثائق التاريخية التي تؤكد على حضارة المغرب العريقة وعلى وحدة‬
‫أراضيه‪ ،‬والمتمثلة في وثائق وحجج قانونية وقضائية تاريخية دامغة تجسد فعال ارتباط جنوب المغرب‬
‫بشماله ووسطه في توليفة قانونية وقضائية موحدة‪ ،‬فضال عن وثائق للبيعة وأحكام قضائية صادرة‬
‫بالصحراء في جنوب المغرب لها مئات السنين تؤكد على عمق العالقة والعناية التي أوالها السالطين‬
‫والملوك المغاربة ألسرة القضاء‪.‬‬

‫المحور الثالث ‪ :‬آفاق الدبلوماسية القضائية (ورش استراتيجي نحو استكمال التموقع القضائي الدولي)‬

‫الشك أن الدبلوماسية القضائية ورش من االوراش االستراتيجية التي وضعها المجلس األعلى للسلطة‬
‫القضائية نصب أعينه منذ تأسيسه وهو ما يتجلى من خالل عقده لمجموعة من االتفاقيات والشراكات‬
‫ومشاركته في مجموعة من الفعاليات الوطنية والدولية‪ ،‬غير أن هذا الورش البد له من عناية‪ ،‬وقوة‬
‫اقتراحية وتفعيلية تدعم مسلسل ترسيخ دبلوماسية قضائية ترنو إلى التموقع الدولي ‪ ،‬لذلك أبينا من خالل‬
‫هذا البحث إال أن نسجل بعض من هاته االقتراحات تجويدا لعمل المجلس األعلى للسلطة‬
‫القضائية‪،‬وإيمانا بأن المقاربة التشاركية مفتاح الي تطور‬
‫‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬توسيع خريطة الدبلوماسية القضائية ( تجاه شركاء جدد )‬
‫تطورت الدبلوماسية المغربية منذ اعتالء عاهل المملكة المغربية محمد السادس عرش اسالفه المنعمين ‪،‬‬
‫وزادت قوتها وصداها خالل أوقات االزمات‪ ،‬فأصبحت معادلة صعبة في ميزان القوى الدبلوماسي‪،‬‬
‫خاصة بعد االعتراف التاريخي للواليات المتحدة االمريكية بمغربية الصحراء‪ ،‬واتفاقيات مع دول‬
‫استراتيجية كالصين والهند في إطار محاربة وباء كورونا‪.‬‬
‫تبعا لذلك‪ ،‬ومواكبة لهذه الطفرة الدبلوماسية في شقها الرسمي‪ ،‬كان البد من مواكبتها بشكل موازي عن‬
‫طريق توسيع الخريطة القضائية تجاه دول ـأخرى‪ ،‬و توجيه العالقات للدول االسيوية كالهند وماليزيا و‬
‫سنغافورة إضافة للدول الخليجية كالسعودية وقطر واالمارات باعتبارها ذات وزن ثقيل داخل القارة‬
‫الصفراء‪،‬و لن يتأتى ذلك إال عبر آليات سبق أن عالجناها كقضاة االتصال‪ ،‬أوقضاة ملحقين أو أطر‬
‫المجلس داخل هياكلها‪ ،‬ما سيعطي طابع التعاون بين المغرب ونظرائه الدول‪ ،‬وسيساعد الجالية المغربية‬
‫هناك على تيسير مصالحها واالستماع إلى مشاكلها وأزماتها‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إنشاء متحف للزيارات األجنبية داخل المجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫إسوة بمحكمة النقض‪،‬فإن المجلس األعلى للسلطة القضائية مدعو إلى انشاء متحف خاص يعطي إضافة‬
‫اشعاعية لدوره التاريخي قبل تأسيسه الفعلي (المجلس األعلى للقضاء)‪،‬وتطوره عبر التاريخ و ما‬
‫صاحب ذلك من وثائق وأرشيف تؤسس لعمل متواصل حرص فيه على االرتقاء بالمجلس إلى سلطة‬
‫مستقلة لها قيمتها الدستورية باعتبار رئيسها الفعلي ملك البالد وضامن استقالل السلطة القضائية‪.‬‬
‫وعليه فإن تأريخ كل هذه الفترات في متحف وثائقي و فوتوغرافي من شأنه أن يعطي إرثا قضائيا مهما‬
‫سيعزز من مكانة المجلس بين المجالس العليا للقضاء ويعطيه خطوة إضافية في سعيه للتموقع الدولي‬
‫‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬انشاء دفتر خاص بالمجلس األعلى للسلطة القضائية‬
‫تعزيزا للشق التعاوني بين المجلس األعلى والوفود رفيعة المستوى التي تزوره بمقره‪،‬أصبح لزاما‬
‫التفكير في خطوة حرية بالتفعيل داخل اروقته‪ ،‬يتعلق االمر بإنشاء دفتر دهبي خاص للتوقيع عليه في كل‬
‫مناسبة ينتقل فيها وفد أو شخصية قضائية كبيرة إليه من أجل التعرف على هذه المعلمة الدستورية‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫يظهر من خالل ما سلف أن الدبلوماسية القضائية ورش استراتيجي ومشروع واعد بدأت معالمه الكبرى‬
‫تتضح شيئا فشيئا و آلياته تفعل بشكل تدريجي ‪ ،‬األمر الذي لوحظ من خالل اعتماد المجلس األعلى على‬
‫شعبة لتدبير التعاون والشراكة من أجل رسم خططه المستقبلية وشعبة للتواصل المؤسساتي مع للتفاعل‬
‫البناء مع محيطه الداخلي‪ ،‬إضافة إلى إسهامه في تحقيق إشعاع قضائي عبر قضاته السيما قضاة‬
‫االتصال والقضاة الملحقين في الهيئات الدولية‪ ، ،‬األمر الذي سيشكل دون شك خطوة كبيرة في سيره‬
‫للتموقع القضائي الدولي‪.‬‬

‫‪---------------------------------------------‬‬

‫الممارسة االتفاقية للمغرب في مجال حقوق اإلنسان‪ :‬إنجازات مهمة وتحديات مفتوحة‬
‫واصل المغرب سنة ‪ 2009‬استكمال انخراطه التدريجي في المنظومة الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬مع إبق اءه‬
‫على مجموعة من التحفظات وعدم التصديق على بعض االتفاقيات أو البروتوكوالت‪.‬‬
‫استكمال االنخراط في المنظومة الدولية لحقوق اإلنسان وتعزيز الممارسة االتفاقية‬
‫واصلت المملكة المغربية انخراطها التدريجي في المنظومة الدولية لحق وق اإلنس ان من خالل مص ادقتها‬
‫على العديد من االتفاقيات والنصوص الدولية‪ ،‬حيث تمت المصادقة تحديدا على اتفاقية حقوق األش خاص‬
‫ذوي اإلعاق ة وبروتوكوله ا االختي اري (‪ 8‬أبري ل ‪ )2009‬واالتفاقي ة رقم ‪ 150‬ح ول إدارة الش غل (‪3‬‬
‫أبريل ‪ )2009‬واالتفاقي ة رقم ‪ 154‬الخاص ة بالمفاوض ة الجماعي ة (‪ 3‬أبري ل ‪ .)2009‬وباإلض افة إلى‬
‫هذه االتفاقيات‪ ،‬فقد تقررت المصادقة على مجموعة من االتفاقي ات ذات األث ر على حق وق اإلنس ان مث ل‬
‫االتفاقية العربية رقم ‪ 18‬لعام ‪ 1996‬بشأن عمل األحداث واالتفاقية العربية رقم ‪ 19‬لسنة ‪ 1998‬بش أن‬
‫تفتيش العمل واالتفاقية العربية رقم ‪ 17‬لعام ‪ 1993‬بشأن تأهيل وتشغيل المعوقين واالتفاقية العربية رقم‬
‫‪ 8‬بشأن الحريات والحق وق النقابي ة (م ارس ‪ )1977‬واالتفاقي ة رقم ‪ 151‬المتعلق ة بحماي ة ح ق التنظيم‬
‫وإجراءات تحديد شروط التشغيل في الوظيفة العمومية (المنظمة العالمية للش غل) ومعاه دة الويب و بش أن‬
‫حق المؤلف كما اعتمدها المؤتمر الدبلوماسي في ‪ 20‬دجنبر ‪( 1996‬المنظمة العالمي ة للملكي ة الفكري ة)‬
‫واتفاقية بشأن حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه (اليونسكو) والبروتوكول الثاني التفاقي ة اله اي لع ام‬
‫‪ 1954‬الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح (الهاي‪ 26 ،‬مارس ‪.)1999‬‬
‫كما عملت المملكة على المصادقة على تعديل الفقرة األولى من المادة ‪ 20‬من اتفاقية القض اء على جمي ع‬
‫أشكال التمييز ضد المرأة واعتماد بروتوكول منع وقمع االتجار باألشخاص‪ ،‬وخاص ة النس اء واألطف ال‪،‬‬
‫المكمل التفاقية األمم المتحدة لمكافح ة الجريم ة المنظم ة ع بر الوطني ة واالتفاقي ة العربي ة رقم ‪ 17‬لع ام‬
‫‪ ،1993‬بش أن تأهي ل وتش غيل المع وقين واالتفاقي ة العربي ة رقم ‪ 8‬بش أن الحري ات والحق وق النقابي ة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى نشر (في الجريدة الرسمية) اتفاقية فيينا لحماية طبقة األزون الموقع ة بفيين ا في ‪ 22‬م ارس‬
‫‪( 1985‬نوفمبر ‪ )2009‬والمعاهدة الدولية بش أن الم وارد الوراثي ة النباتي ة لألغذي ة والزراع ة الموقع ة‬
‫بروما في ‪ 27‬نوفمبر ‪.2001‬‬
‫هذا وتمت كذلك الموافقة‪ ،‬من حيث المبدأ‪ ،‬على انضمام المغرب إلى بروتوكول ‪ 2003‬الملحق باالتفاقية‬
‫الدولية بشأن إنشاء ص ندوق دولي للتع ويض عن أض رار التل وث الزي تي لع ام ‪ 1992‬وعلى المص ادقة‬
‫على االتفاقية الدولية لمكافح ة المنش طات في مج ال الرياض ة‪ .‬كم ا تمت المص ادقة ك ذلك على االتفاقي ة‬
‫الخاصة بالتدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع اس تيراد وتص دير ونق ل ملكي ة الممتلك ات الثقافي ة بط رق‬
‫غير مشروعة وإحداث المكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية‪ ،‬في إطار مالءم ة النص وص‬
‫الوطنية مع المواثيق الدولي ة المتعلق ة بالس المة الص حية‪ ،‬وهي المب ادرة ال تي من ش أنها تعزي ز اإلط ار‬
‫القانوني لحماية المستهلك‪ ،‬وإص دار النظ ام األساس ي ل دور الحض انة بمقتض ى الق انون ‪ ،40.04‬بحيث‬
‫يفرض تعزيز حماية الطفولة توفير الفضاءات الضرورية للتنشأة السليمة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يلتزم المغرب‪ ،‬بموجب اتفاقيات حقوق اإلنسان األساس ية ال تي ص ادق عليه ا ‪ ،‬بتق ديم‬
‫تقارير دورية أمام اللجان المعاهداتية المنشأة بمقتضى هذه االتفاقيات‪ .‬وهكذا فقد قدم المغ رب خالل س نة‬
‫‪ 2009‬التقريرين المجمعين ‪ 17‬و‪ 18‬حول إعمال االتفاقي ة الدولي ة للقض اء على جمي ع أش كال التمي يز‬
‫العنصري‪ ،‬والذي من المنتظر أن تتم مناقشتهما خالل سنة ‪ ،2010‬والتقرير الرابع ح ول إعمال ه اتفاقي ة‬
‫مناهضة التع ذيب وغ يره من ض روب المعامل ة أو العقوب ة القاس ية أو الالإنس انية أو المهين ة‪ ،‬ال ذي من‬
‫المتوقع أن يعرض على اللجنة المختصة خالل سنة ‪.2011‬‬
‫النصوص الدولية التي لم يصادق عليها المغرب بعد‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المغرب لم يصادق بعد على مجموعة من االتفاقيات وال بروتوكوالت االختياري ة‪.‬‬
‫إذ لم يصادق بعد على االتفاقية الدولية لحماية األشخاص من جميع أشكال االختف اء القس ري (وق ع عليه ا‬
‫في ‪ 6‬فبراير ‪ )2007‬والبروتوكوالن اإلضافيان الملحقان باتفاقيات جنيف األربع الخاصة بحماية ضحايا‬
‫النزاعات المسلحة والموقعة في ‪ 12‬غش ت ‪ ،1949‬ويتعل ق األم ر ب البروتوكول األول المتعل ق بحماي ة‬
‫ضحايا النزاعات الدولية المسلحة‪ ،‬والبروتوكول الثاني المتعلق بحماي ة ض حايا النزاع ات المس لحة غ ير‬
‫الدولية (وقع المغرب على هذين البروتوكولين في ‪ 12‬ديسمبر‪ ،1977‬لكنه لم يصادق عليهما بع د)‪ ،‬أم ا‬
‫البروتوكول الثالث المتعلق باعتماد شارة مميزة إضافية‪ ،‬الذي دخل حيز النفاذ في ‪ 14‬ين اير ‪ 2007‬بع د‬
‫اعتماده في ‪ 8‬ديسمبر ‪ ،2005‬فإن المغرب لم يوقع علي ه بع د‪ ،‬كم ا لم يص ادق بع د على ال بروتوكوالن‬
‫الملحقان بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والنظ ام األساس ي المح دث للمحكم ة الجنائي ة‬
‫الدولي ة (وق ع المغ رب على ه ذا النظ ام األساس ي في ‪ 8‬س بتمبر ‪ 2000‬لكن ه لم يص ادق علي ه بع د)‬
‫وال بروتوكول االختي اري الملح ق بالعه د ال دولي الخ اص ب الحقوق المدني ة والسياس ية وال بروتوكول‬
‫االختياري الملحق بالعه د ال دولي الخ اص ب الحقوق االقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة ال ذي تم اعتم اده‬
‫مؤخرا والبروتوكول االختياري التفاقي ة القض اء على جمي ع أش كال التمي يز ض د الم رأة‪ .‬كم ا لم ينض م‬
‫المغرب إلى البروتوكول االختياري التفاقية مناهض ة التع ذيب وغ يره من ض روب المعامل ة أو العقوب ة‬
‫القاسية أو الالإنسانية أو المهينة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ال يقبل المغرب باختصاص بعض اللجان التعاهدية فيم ا يتعل ق ب النظر في الش كايات‬
‫المقدمة من طرف األفراد ولم يصادق بعد على االتفاقية رقم ‪ 87‬لس نة ‪ 1948‬المتعلق ة بالحري ة النقابي ة‬
‫وبحماي ة ح ق التنظيم النق ابي واالتفاقي ة رقم ‪ 102‬لس نة ‪ 1952‬المتعلق ة بق انون الح د األدنى للض مان‬
‫االجتماعي واالتفاقية رقم ‪ 118‬لسنة ‪ 1962‬الخاصة بالمساواة في معامل ة مواط ني البل د وال ذين ليس وا‬
‫من مواطني البلد في مجال الضمان االجتماعي‪.‬‬
‫وج دير بال ذكر ك ذلك أن المغ رب لم يقم خالل س نة ‪ 2009‬بس حب أي تحف ظ من تحفظات ه بخص وص‬
‫االتفاقي ات ال تي ص ادق عليه ا‪ ،‬حيث أبقى على تحفظات ه بخص وص الم ادة ‪ 41‬للعه د ال دولي الخ اص‬
‫ب الحقوق المدني ة والسياس ية‪ ،‬حيث ال يع ترف المغ رب باختص اص لجن ة حق وق اإلنس ان لتلقي وفحص‬
‫رسائل تدعي فيها دولة طرف بأن دولة أخرى ال تفي بالتزاماتها المترتبة عن العهد ال دولي‪ ،‬والم ادة ‪30‬‬
‫التفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة‪ ،‬في م ا‬
‫يتعلق بالتحكيم الدولي حول أي خالف بين الدول األطراف يرتب ط بتفس ير االتفاقي ة‪ ،‬و الفق رة األولى من‬
‫المادة ‪ 92‬لالتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأف راد أس رهم والم ادة ‪ 22‬من اتفاقي ة‬
‫القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري‪ ،‬حيث ال يعترف المغ رب بمقتض ى ه ذا التحف ظ باختص اص‬
‫محكمة العدل الدولية بالنظر في الخالفات المتعلقة بتفسير االتفاقية‪.‬‬
‫مالحظات حول الممارسة االتفاقية للمغرب‪ :‬ضرورة تعزيز التنسيق الحكومي وإشراك المجتمع المدني‬
‫ص حيح أن المغ رب يب ذل جه ودا حثيث ة لتعزي ز الممارس ة االتفاقي ة واس تكمال انخراط ه في المنظوم ة‬
‫الدولي ة‪ ،‬إال أن هن اك بعض المالحظ ات ال تي تخص ه ذه الممارس ة‪ ،‬حيث يالح ظ أن هن اك بطء على‬
‫مستوى تفعي ل الق رارات المتخ ذة بخص وص مواص لة اس تكمال انخ راط المملك ة في االتفاقي ات الدولي ة‬
‫لحقوق اإلنسان وضعف جدول ة إع داد التق ارير الدوري ة وغي اب منهجي ة واض حة في كيفي ة إع داد ه ذه‬
‫التقارير وفقا للمبادئ التوجيهية والتوصيات العامة الصادرة عن الهيئات التعاهدي ة وض عف التنس يق بين‬
‫القطاعات الحكومية وعدم إشراكها في جميع مراحل إعداد التقارير‪ ،‬باإلضافة إلى ع دم ع رض مش اريع‬
‫التقارير على المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان إلبداء الرأي فيها قبل عرضها على اللج ان المعني ة في‬
‫مدة معقولة‪ .‬كم ا أن هن اك ض عف في إش راك جمعي ات المجتم ع الم دني وفي متابع ة تفعي ل مالحظ ات‬
‫وتوصيات الهيئات الدولية خصوصا منها تل ك الص ادرة عن الهيئ ات التعاهدي ة المعني ة بحق وق اإلنس ان‬
‫التابعة لألمم المتحدة بمناسبة فحصها للتقارير الوطنية لبالدن ا ووج ود تف اوت بين الدبلوماس ية الحكومي ة‬
‫في مجال حقوق اإلنسان وبين ما حقق ه المغ رب من مكتس بات وإنج ازات‪ ،‬ومن بين أوج ه ذل ك ض عف‬
‫المشاركة في المنتديات واألنشطة الدولية ذات الصلة بحقوق اإلنسان وض عف تمثيلي ة المملك ة في اللجن‬
‫والهيئات الدولية المعنية بحق وق اإلنس ان ووج ود خص اص على مس توى متابع ة التق ارير الص ادرة عن‬
‫المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في مجال حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫الدعوة إلى تكثيف جهود مالءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق اإلنسان‬
‫ومن أج ل تعزي ز الممارس ة االتفاقي ة المغ رب‪ ،‬يوص ي المجلس االستش اري لحق وق اإلنس ان بمواص لة‬
‫االنخ راط في الق انون ال دولي لحق وق اإلنس ان من خالل المص ادقة على اتفاقي ات األمم المتح دة لحق وق‬
‫اإلنسان التي لم يصادق عليها المغرب بعد والبرتوكوالت االختيارية الملحقة ببعض االتفاقيات والش روع‬
‫في اتخاذ اإلجراءات والتدابير الالزمة لتفعيل مقتضياتها على الصعيد الوطني ومواصلة وتكثيف الجه ود‬
‫الوطنية من أج ل مالءم ة كاف ة التش ريعات الوطني ة م ع المع ايير الدولي ة لحق وق اإلنس ان المترتب ة عن‬
‫اتفاقي ات حق وق اإلنس ان ال تي انض مت إليه ا بالدن ا والعم ل على رف ع التحفظ ات عن مقتض يات بعض‬
‫اتفاقي ات حق وق اإلنس ان واإلس راع بإنج از التق ارير الدوري ة والعم ل على ت دارك الت أخر الحاص ل في‬
‫إع دادها وتق ديمها في أق رب اآلج ال إلى اللج ان التعاهدي ة المعني ة والعم ل على نش ر التق ارير الدوري ة‬
‫والتوصيات الصادرة عن اللجان التعاهدية بشكل منتظم‪.‬‬
‫كم ا ي دعو المجلس إلى العم ل على تك ثيف الجه ود من أج ل تط وير التنس يق بين القطاع ات الحكومي ة‬
‫والمصالح الوزارية المعنية إلنجاز التقارير الدورية بشكل منتظم وتعزيز التنسيق ك ذلك في كاف ة قض ايا‬
‫حقوق اإلنسان وتسريع وثيرة التفاع ل اإليج ابي م ع التوص يات القابل ة للتنفي ذ واس تباق العدي د منه ا عن‬
‫طريق رصد قبلي لك ل مالحظ ات اللج ان التعاهدي ة‪ ،‬باإلض افة إلى إدراج التوص يات في إط ار تص ور‬
‫شمولي ينسجم مع مضمون التقرير الخت امي لهيئ ة اإلنص اف والمص الحة واق تراح الت دابير الرامي ة إلى‬
‫إنشاء وتطوير المؤسسات الكفيلة بدعم احترام حقوق اإلنسان والنهوض بها ومواص لة جه ود نش ر ثقاف ة‬
‫حقوق اإلنسان وتنميتها ودعمها وتعزيز مساهمة بالدنا في المفاوضات المتعلقة باتفاقيات حق وق اإلنس ان‬
‫وإبداء الرأي فيما يتعلق بااللتزام بها وتعزيز الحوار والتعاون مع المنظم ات الحقوقي ة الوطني ة والدولي ة‬
‫الحكومية وغير الحكومية ومختلف المؤسسات والهيئات المهتمة بحقوق اإلنسان في القض ايا ذات الص لة‬
‫بالممارسة االتفاقية لبالدنا‪.‬‬

You might also like