Professional Documents
Culture Documents
تحالف العلماء والدولة: عقبة أمام الديمقراطية والتنمية في العالم الإسلامي
تحالف العلماء والدولة: عقبة أمام الديمقراطية والتنمية في العالم الإسلامي
أحمد ت .كورو
المحتويات
الملخص التنفيذي
المقدمة
الجزء األول :األصول التاريخية
الجزء الثاني :األنظمة المعاصرة
الخاتمة
نبذة عن المؤلف
يقترح هذا التقرير تفسيرا بديال وهو أن السبب الرئيس للسلطوية والتأخر في العديد من البلدان ذات األغلبية
المسلمة هو التحالف بين علماء الدين وسلطات الدولة .شهدت الفترة بين القرنين الثامن والحادي عشر
عرفت بالعصر الذهبي لإلسالم حين كانت طبقتا العلماء والتجار هي المحرك الذي دفع التقدم العلمي حقبة ُ
واالقتصادي لألمام .لكن في منتصف القرن الحادي عشر بدأ تحالف علماء الدين مع الدولة يترسخ ،وقام
قرون من الركود الفكري ٍ هذا التحالف تدريجيًا بتهميش العلماء والتجار المستقلين ،مما أدى إلى
واالقتصادي في العالم اإلسالمي.
صحيح أن الحكام اإلصالحيين والعلمانيين في القرن التاسع عشر والعشرين أضعفوا تحالفاتهم مع علماء
بدال من أن يشجعوا ظهور طبقات فكرية واقتصادية ديناميكية لملء فراغ السلطة الذي نتجالدين؛ إال أنهم ً
عن ذلك؛ مدد هؤالء الحكام دور البيروقراطيين من العسكريين والمدنيين الذين اعتنقوا أيديولوجيات
سلطوية وفرضوا سيطرة الدولة على االقتصاد.
منذ سبعينيات القرن الماضي شهدت العديد من الدول اإلسالمية الرئيسية مثل :إيران ومصر وباكستان
األسلمة ،مما أعاد إحياء التحالفات مع العلماء وأعطى صفةً دستوريةً للشريع ِة .وفي أعقاب أزمة النفط
النفط
ِ ً
"دوال ريعية"؛ تستخدم ري َع عام 1973أصبحت العديد من الدول اإلسالمية ،وال سيما في الخليج،
لتموي ِل تحالف العلماء والدولة في الداخل وأجندات اإلسالميين في الخارج.
تقع اليوم معظم الدول اإلسالمية تحت تأثير تحالفات علماء الدين مع الدولة واالقتصادات الريعية .ومن
الضروري تفكيك تلك التحالفات وإعادة هيكلة االقتصادات من أجل تحسين قدرة هذه البلدان على تحقيق
الديمقراطية والتنمية.
أوال :من الضروري االعتراف بالمشكلة المتمثلة في السلطوية والتأخر الذي ابتليت به معظم البلدان ً
اإلسالمية .فلم يعد من المجدي إنكارها وتبريرها بالنسبية الثقافية أو غيرها من الخطابات واألعذار.
ثانيًا :من الضروري الكف عن إلقاء اللوم على اإلسالم أو االستعمار الغربي ،فاتهام اإلسالم كعائق للتنمية
ال أساس له من الصحة ،وقد كان اإلسالم متوافقًا تما ًما مع التقدم في تاريخه المبكر واستمر العالم اإلسالمي
في تقديم مفكرين المعين حتى في فترات الحقة .عالوة على ذلك فإن العالم اإلسالمي المعاصر ليس كتلة
واحدة من البلدان السلطوية والمتأخرة ،فهو يضم بعض األنظمة الديمقراطية التي تحقق قدرا من التنمية.
ضارا بال شك بالبلدان اإلسالمية إال أنه ليس بادئ مشكالتها .فاإللقاء بالالئمة
ً وبينما كان االستعمار الغربي
على اإلمبريالية الغربية وحدها يغض الطرف عن المشكالت الداخلية للبلدان اإلسالمية.
ثالثًا :من الضروري أن نفهم كيف قام تحالف العلماء والدولة بتهميش المثقفين ورواد األعمال
االقتصاديين في العالم اإلسالمي .وهذا ال يعني الدعوة إلى اضطهاد العلماء والسعي وراء حالة من
الفوضوية في نظام الدولة .بل هي دعوة إلنشاء أنظمة منفتحة تعتمد على الجدارة والتنافسية حيث تكون
الطبقات السياسية والدينية والفكرية واالقتصادية قادرة على العمل بشكل مستقل وال تهيمن أي منها على
األخرى .يتطلب هذا اإلصال ُح إطالقَ الحرية للفكر وإلغا َء أحكام الردةِ وازدراء األديان وحمايةً أكبر
ضا مأسسة الفصل بين الدين للملكيات الخاصة عن طريق منع استيالء الدولة عليها .يقتضي اإلصالح أي ً
والدولة.
واإلسالم بطبيعته ال يعارض ذلك؛ فقد كان هناك مستوى معين من الفصل بين السلطة الدينية والسياسية
في التاريخ اإلسالمي المبكر.
وصحيح أنه في أعقاب المشاركات العسكرية والسياسية الفاشلة لبعض الدول الغربية في العالم اإلسالمي
عا جديدًا من الشراكة
مالت هذه الدول إلى سياسة فك االرتباط في معظم أجزاء العالم اإلسالمي؛ إال أن نو ً
الحديثة بين الدول اإلسالمية والغربية قد يساعد في عمليات اإلصالح باالتجاه نحو الديمقراطية والتنمية.
باإلضافة إلى ذلك ربما توفر هذه اإلصالحات قواعد فكرية واجتماعية واقتصادية أقوى ألي مشاركة
جديدة بين الجهتين.
المقدمة
في 6يناير 2020افتتح جهاز المخابرات الوطني التركي -الذي يجمع معلومات استخبارية عن المواطنين
األتراك واألجانب -مقره الجديد ،تال رئيس الشؤون الدينية التركية (ديانت) -وهي المؤسسة التي تسيطر
رئيس الشؤون
ِ على المساجد وتدفع رواتب األئمة -دعا ًء مدته خمس دقائق مباركةً لالفتتاح .يتناقض ضم
الدينية (ديانت) ودعائه إلى هذا المستوى الرفيع داخل بروتوكول الدولة مع صورةِ تركيا التي تعود إلى
قرن من الزمان باعتبارها الدولة األكثر علمانية في العالم اإلسالمي ،على غرار النموذج العلماني الحازم
الفرنسي .صعد الرئيس رجب طيب أردوغان وعشرات من كبار السياسيين اآلخرين وكبار قضاة المحاكم
ب أمام الجمهور،
العليا باإلضافة إلى قادة الجيش والبحرية والقوات الجوية إلى المنصة للوقوف جنبًا إلى جن ٍ
ورفعوا أيديهم ليقولوا معًا "آمين" .أشار الدعاء إلى هللا بأسماء محددة منها السميع العليم الخبير؛ بما يلمح
ضمنًا إلى أن جمع المعلومات االستخباراتية هو عمل صالح .1سلط هذا االحتفا ُل الضو َء على تحالفٍ طويل
األمد في العالم اإلسالمي ،وهو العالقة بين العلماء والدولة.
تركيا واحدة من 50دول ٍة ذات أغلبية مسلمة وتشكل هذه الدول ربع مجموع دول العالم .2تسجل البلدان
اإلسالمية مستويات أقل من المتوسط العالمي وفقًا للمعايير الرئيسية المستخدمة لتقييم درجات الديمقراطية
والتنمية االجتماعية واالقتصادية في بلد ما .وعلى الرغم من أن 60بالمائة من مجموع دول العالم
ديمقراطيات انتخابية ،إال أننا نجد 14في المائة فقط من الدول اإلسالمية تدخل تحت هذا التصنيف 3.ونجد
متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي اإلجمالي للدول اإلسالمية -على الرغم من عائداتها النفطية الكبيرة
دوالر أمريكي .بينما المتوسط العالمي 13,200دوالر .كما أن متوسط العمر المتوقع في ٍ -هو 9,100
الدول اإلسالمية هو 66عا ًما ،بينما يبلغ المتوسط العالمي 69عا ًما .كما أن الدول اإلسالمية لديها متوسط
معدل وفيات األطفال ( )%49أعلى من المتوسط العالمي ( 5.)%34وبينما يبلغ متوسط معدل اإللمام
بالقراءة والكتابة في جميع أنحاء العالم 84في المائة ،بمتوسط 7سنوات ونصف من التعليم المدرسي،
يبلغ متوسط معدل اإللمام بالقراءة والكتابة في البلدان اإلسالمية 73في المائة بمتوسط 5.8سنوات من
6
الدراسة.
ما هو أصل هذه السلطوية والتأخر المنتشرين في العالم اإلسالمي؟ عادة ما يشار إلى تفسيرين شهيرين
لكنهما معيبان.
ب رئيسية. ُ
ثالث عيو ٍ األول يشير إلى اإلسالم ويصف الدين بأنه هو العائق أمام التقدم ،وهذه الحجة لها
أوال :كان التقدم العلمي واالقتصادي الذي حققته البلدان اإلسالمية متفوقًا على ما حققته دول أوروبا
ً
الغربية من القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر ،مما يثبت أن اإلسالم والتقدم تعايشا لعدة قرون .ثانيًا:
حتى بعد القرن الثاني عشر ،استمرت المجتمعات اإلسالمية في إنتاج علماء بارزين ،مثل ابن خلدون،
ودعم المدن المزدهرة ،مثل اسطنبول ،على الرغم من المعاناة من ركو ٍد نسبي بشكل عام مقارنة بالقرون
وأخيرا :هناك تباين داخل العالم اإلسالمي من حيث درجات الديمقراطية والتنمية اليوم؛ فال
ً السابقة.
يمكن تعريفه على أنه منطقة تعاني من السلطوية والتأخر بكاملها.
التركيز على االستعمار الغربي كسبب رئيسي للتخلف يمنع الدول اإلسالمية من
معالجة مشاكلها األيديولوجية والمؤسسية
ومنذ القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا قام هذان التفسيران مقام الوقود الذي يغذي ً
كال من العلمانية المعادية
ضا آثار سيئة في ضا المشاعر المعادية للغرب في البلدان اإلسالمية .كان لهذه التفسيرات أي ً
لإلسالم وأي ً
الدول الغربية ،إما بتشجيع اإلسالموفوبيا أو تشجيع احتمالية أن يوصف أي تحليل نقدي للمجتمعات المسلمة
"باالستشراقي" -أي تحيزه االستعماري ضد األشخاص أو الشعوب غير الغربية.
تفسيرا ً
بديال الستمرار انتشار السلطوية والتأخر في العالم اإلسالمي ،بنا ًء على العالقات ً يقدم هذا التقرير
المتغيرة بين الطبقات الدينية والسياسية والفكرية واالقتصادية .ويجادل بأن التحالف بين علماء الدين
والطبقة الحاكمة قد قام بتهميش المفكرين والمثقفين والتجار في هذه البلدان ،وينبغي أن يتحمل هذا التحالف
مسؤولية الركود العلمي واالجتماعي واالقتصادي ،وأيضا السلطوية التي تشهدها اليوم معظم البلدان ذات
7
األغلبية المسلمة.
يتتبع التقرير األصول التاريخية لتحالف العلماء والدولة ،ويفحص األنظمة السياسية واالقتصادية الحالية
في العالم اإلسالمي -ال سيما تحليل تأثير "الريعية" أو السعي وراء إيرادات المصادر غير اإلنتاجية -
وأخيرا يقدم توصيات للتعامل
ً ويصنف 50دولة إسالمية وفقًا لقوة تحالفات العلماء والدولة فيها وأثرها.
مع هذه التحالفات اإلشكالية في المستقبل.
يتناول الجزء األول األصول التاريخية لتحالف العلماء والدولة في مراحل رئيسية .يتعلق األول بالسيادة
المبكرة للطبقات العلمية والتجارية ثم التهميش الالحق لها ،تلك الطبقات التي كانت محركات التقدم العلمي
واالقتصادي بين القرنين الثامن والحادي عشر .خالل تلك الفترة كانت هناك درجة معينة من الفصل بين
السلطات الدينية والسياسية .ومع ذلك ففي منتصف القرن الحادي عشر ،بدأ تحالف العلماء والدولة في
الترسخ مؤسسيًا وبدأ التهميش تدريجيًا للعلماء والتجار المستقلين ،مما أدى إلى قرون من الركود الفكري
واالقتصادي في العالم اإلسالمي.
ثم يتابع هذا القسم التاريخي دراسة الحكام اإلصالحيين في القرن التاسع عشر الذين أضعفوا تحالفهم مع
العلماء ،وبناة الدولة في أوائل القرن العشرين في العالم اإلسالمي ومعظمهم من العلمانيين .كان لدى هؤالء
الحكام اإلصالحيين وبناة الدولة مشكلة مشتركة؛ فتوجهات وسياسات كال المجموعتين تمركزت حول
بدال من تشجيع ظهور طبقات فكرية واقتصادية ديناميكية ،فقاموا بتوسيع دور البيروقراطيين الدولة ً
العسكريين والمدنيين ،واعتنقوا أيديولوجيات السلطوية األوروبية وفرضوا سيطرة الدولة على االقتصاد.
ينتهي الجزء األول بالتركيز على الجوانب االجتماعية والسياسية والقانونية لألسلمة التي أثرت على معظم
البلدان اإلسالمية في العقود األربعة الماضية .ويبحث في كيفية نجاح ثالث جهات فاعلة رئيسية :العلماء
عا اجتماعيًا وسياسيًا
والسياسيون اإلسالميون وشيوخ الصوفية ،في الترويج لألسلمة بصفتها مشرو ً
وتشريعيًا.
ينظر الجزء الثاني من التقرير في األنظمة السياسية واالقتصادية في العالم اإلسالمي .يشرح كيف أعاق
ريع النفط -أي اإليرادات من موارد النفط والغاز الطبيعي -التحول الديمقراطي و َخلَق ً
دوال ريعية .ال
تحتاج الدول الريعية إلى ضرائب الناس ،بل توزع عائدات النفط على الناس وتديم العالقات السلطوية بين
الدولة والمجتمع.
يشير هذا الجزء إلى الجمع بين تحالف العلماء مع الدولة واألنظمة الريعية بصفتهما السببين الرئيسيين
للسلطوية والتأخر في البلدان اإلسالمية .وتعرف أحكام الردة بصفتها أداة هذا التحالف لمعاقبة من يعبر
ضا وسيلة هذا التحالفعن اآلراء المخالفة .كما يشدد على أن مصادرة الدولة للممتلكات الخاصة هي أي ً
لفرض سيطرته على االقتصاد ،أي البحث عن الريع من خالل مصادرة أصول يمتلكها المواطنون.
وينتهي الجزء الثاني بتصنيف 50دولة إسالمية إلى ثالث مجموعات .تتألف المجموعة األولى من البلدان
التي تشهد أقوى تحالفات العلماء والدولة ،كما يتضح من دساتيرهم التي تستند إلى الشريعة اإلسالمية،
سا إلى عائداتها النفطية.
وأكثر االقتصادات الريعية اعتمادًا على الريع قيا ً
أما بلدان المجموعة الثانية فهي تواجه درجة أقل فيما يخص ا
كال من قوة تحالف العلماء والدولة والريعية
تأثرا بتحالف العلماء والدولة (معظم هذه
مقارنة بالمجموعة األولى .تشمل المجموعة الثالثة البلدان األقل ً
البلدان لديها دساتير علمانية) والريعية (معظمها تفتقر إلى النفط).
وينتهي التقرير بتوصيات من أجل تحقيق الديمقراطية وتشجيع التنمية في العالم اإلسالمي ،ويؤكد على
ضرورة ترك تحالفات العلماء والدولة واالقتصادات الريعية إلى أنظمة أكثر انفتا ًحا تقوم على الجدارة
سا لعالقة جديدة بين الدول اإلسالمية والغربية.
ضا أسا ً
واإلنتاجية التي قد تصبح أي ً
الجزء األول :األصول التاريخية
كانت المجتمعات اإلسالمية بين القرنين الثامن والحادي عشر مزدهرة بطبقات فكرية واقتصادية ديناميكية
نموا زراعيًا ملحو ً
ظا سهلت تشييد عصرهم الذهبي الفلسفي والتجاري 8.أثناء هذه الفترة شهد المسلمون ً
وزرعوا محاصيل جديدة مختلفة وانتشر الكثير منها إلى أوروبا وجاءت أسماؤها اإلنجليزية (الخرشوف
والقطن والليمون والبرتقال والسبانخ) في األصل من العربية 9.وقد أكد العلماء أن الرأسمالية الحديثة تدين
بالكثير لالبتكارات المالية التي توصل إليها المسلمين األوائل مثل الشيك والكمبيالة 10على حد تعبير فرناند
بروديل" :أي شيء قامت باستيراده الرأسمالية الغربية قد أتى بال شك من اإلسالم" 11.كما قام المسلمون
بتعليم األوروبيين الغربيين كيفية إنتاج الورق .وقام علماء مسلمون في بغداد وعدة مدن أخرى ،مثل ابن
سينا -الذي غالبًا ما يُنظر إليه على أنه أبو الطب الحديث المبكر -بتقديم مساهمات علمية رائدة في
12
الرياضيات والبصريات والطب.
كانت السمة الرئيسية للعصر الذهبي لإلسالم هي درجة معينة من الفصل بين العلماء -الذين يمثلون
المعارف والعلوم واألحكام اإلسالمية -والحكام السياسيين .بدأ هذا االنفصال بتأسيس الدولة األموية (-661
)750عندما صعد مؤسسو الدولة األموية إلى الحكم بقتل بعض آل النبي ومنهم سبطه الحسين .دفع ذلك
عددًا من علماء السنة وكل علماء الشيعة للنظر إلى الحكام األمويين وخلفائهم بصفتهم مستبدين ومطعون
في أخالقهم بشكل عام ،وبالتالي رفض معظم العلماء من حيث المبدأ إقامة عالقات وثيقة مع الطبقة الحاكمة.
ومنذ ذلك الوقت وحتى منتصف القرن الحادي عشر كانت الغالبية العظمى من العلماء وأسرهم يعملون
في وظائف غير حكومية وخاصة في التجارة 13.أولئك الذين شغلوا مناصب القضاة على سبيل المثال كانوا
أقلية بين العلماء 14.هذا الواقع التاريخي يدحض الكليشيه الحديث القائل بأن اإلسالم يرفض بطبيعته فصل
15
الدين عن الدولة.
كان الحال يشبه ما حدث في شمال إيطاليا خالل قرون عصر النهضة الالحقة ،فرعى التجار الفنون وطلب
العلم في التاريخ اإلسالمي المبكر 16.وحصل الفالسفة الذين درسوا علوم اليونان القديمة وبالد فارس والهند
وغيرها على رعاية كبيرة من الطبقة الحاكمة ،ولكن على عكس الرعاية السياسية للعلماء بعد القرن الحادي
عشر ،فإن الرعاية السياسية للفالسفة قبل القرن الحادي عشر لم تخنق اإلبداع الفكري ألن الفالسفة لم
يدافعوا عن "مذهب سائد" ولم يدينوا الجماعات المعارضة باعتبارها "مرتدة" ولم يمنحوا شرعية دينية
للحكام .كان التعقيد الذي اتسم به عمل هؤالء الفالسفة يعني أن تأثيرهم على الجماهير كان محدودًا في
أمرا في غاية الصعوبة.
النهاية مما جعل التأثير السياسي القوي ً
بعد منتصف القرن الحادي عشر بدأ الحظ ينعكس تدريجيًا مع تحول العالقات الطبقية في كال المنطقتين.
شهدت أوروبا الغربية إضفاء الطابع المؤسسي على الفصل بين الكنيسة والدولة ،وافتتاح الجامعات وظهور
"المدن -الدول" التجارية ،مما أدى إلى ظهور طبقات فكرية واقتصادية ديناميكية .كان التقدم التدريجي
عا بما تعلموه واكتسبوه من المسلمين ،بما في ذلك إنتاج المحاصيل واألدوات لألوروبيين الغربيين مدفو ً
19
المصرفية والورق والفلسفة والعلوم.
تحوال عكسيًا ،فمنذ منتصف القرن الحادي عشر بدأ تحالف العلماء ً في غضون ذلك ،شهد العالم اإلسالمي
20
والدولة في الظهور فيما يعرف اليوم بآسيا الوسطى وإيران والعراق .كان هذا التحول متعدد المستويات:
من الناحية االقتصادية :كان هناك تحو ٌل من االقتصاد النقدي إلى النظام شبه اإلقطاعي ،حيث وزع الحكام
بدال من دفع رواتبهم نقدًا .وكان التغيير الهيكلي يحدث في األوساط عائدات األراضي على المسؤولين ً
ضا؛ ففي أوائل القرن الحادي عشر ،أعلن الخليفة العباسي القادر باهلل عقيدة لتوحيد السنة الذين الدينية أي ً
تشكلوا حديثًا ضد الشيعة اإلسماعيليين والمعتزلة (فرقة كالمية تميل للنزعة العقالنية) والمسلمين غير
المتدينين 21.ومن الناحية السياسية :أسس السالجقة ( )1194-1040دولتهم مع التركيز على الفتوحات
22
العسكرية بالتحالف مع الخليفة العباسي وعلماء السنة.
تهميش نسبي ٍ ألصحاب األراضيٍ أدى تزايد عسكرة الدولة وتوسيع سيطرة الدولة على االقتصاد إلى
الخاصة والتجار .ومن ثم أدى ذلك إلى إضعاف التمويل التجاري لطبقة العلماء ،حيث لم يعد بإمكان الطبقة
التجارية توفير رعاية كبيرة للعلماء .سد الوزير السلجوقي الشهير نظام الملك هذه الفجوة من خالل إنشاء
سلسلة من المدارس (الكليات اإلسالمية) سميت النظامية ،التي جاء تمويلها من األوقاف بدوافع سياسية.
احتكارا للتعليم اإلسالمي السني .ومال العلماء من خريجي المدارس
ً وبالتدريج أسس نظام المدرسة هذا
23
النظامية إلى التحالف مع الطبقة الحاكمة .كان أشهر من خرجته هذه المدارس الغزالي ،العالم العبقري
الذي كتب كتبًا تهاجم الشيعة اإلسماعيلية والفالسفة ،وهما هدفان رئيسان لهجوم تحالف العلماء والدولة
الناشئ والمرتكز على المذهب السني السائد .وعلى الرغم من أن حياة الغزالي لم تخ ُل من تناقضات فيما
يتعلق بعالقاته مع الحكام ،إال أن كتبه نُظر لها دائ ًما على أنها ضرورية لإلطار النظري الرئيسي لتحالف
24
العلماء والدولة.
امتد تحالف العلماء والدولة -الذي عززته مدارسه الدينية ونظام اإلقطاع -إلى سوريا وفلسطين ومصر
تحت حكم األيوبيين ثم المماليك في الفترة من القرن الثاني عشر إلى الرابع عشر 25.خالل هذه الفترة
عززت الغزوات الصليبية والمغولية بشكل غير مقصود تحالف دولة العلماء ألن الجماهير المسلمة لجأت
إلى أبطال عسكريين مثل صالح الدين ،الذي هزم الصليبيين في القدس وأسس الدولة األيوبية ،لمواجهة
الغزاة ومذابحهم .وفي وقت الحق حل المماليك محل األيوبيين وأوقفوا المغول قبل وصولهم للقدس
واكتسبوا تقدير الجماهير المسلمة.
ثم أنشأ الحكام المسلمون على مدى القرون الثالثة التالية ،ثالث دول قوية :العثمانية ذات األغلبية السنية،
والصفوية ذات األغلبية الشيعية والمغولية ذات األغلبية الهندوسية 26.يبرهن قيام هذه الدول على أنه رغم
القرون المستمرة من الغزوات الصليبية والمغولية ،استمرت القوة العسكرية والجيوسياسية اإلسالمية،
ولكن ال يسعنا قول الشيء نفسه عن اإلنتاجية العلمية أو الديناميكية االقتصادية في هذه الدول اإلسالمية
التاريخية .ويُعزى االنخفاض في هذين المجالين في الغالب إلى هيمنة تحالف العلماء والدولة وتهميشه
للطبقات الفكرية واالقتصادية.
في القرنين الخامس عشر والسادس عشر شهدت أوروبا الغربية ثورات تنموية متعددة من خالل استخدام
ثالث أدوات رئيسية في المقام األول وهي المطبعة والبوصلة البحرية والبارود .ومع ذلك لم تستخدم هذه
الدول اإلسالمية سوى البارود فقط بشكل فعال من بين هذه األدوات بسبب تركيزها على الجانب العسكري،
في حين استغرق األمر ثالثة قرون حتى تبنت تكنولوجيا الطباعة ،ألن الدول اإلسالمية لم يكن لديها طبقة
فكرية تقدر األهمية العلمية للمطبعة ،وال طبقة من التجار لفهم الفرص المالية للرأسمالية المطبعية .ولم ير
القادة العسكريون في الدول اإلسالمية الثالث قيمة المطبعة بل اعتبرها العلماء تهديدًا الحتكارهم للتعليم.
وكانت النتيجة ظهور فجوة في معدالت اإللمام بالقراءة والكتابة بين أوروبا الغربية والعالم اإلسالمي.
وبينما شهدت الفترة بين القرنين الثامن والثاني عشر أكبر المكتبات في المجتمعات اإلسالمية بمئات اآلالف
من الكتب ،لم يكن لدى أكبر المكتبات في أوروبا الغربية سوى ما يقل عن ألف كتاب .إال أنه مع ظهور
ثورة الطباعة ،انعكست حال المنطقتين ،فسرعان ما تبنت المجتمعات األوروبية هذه التكنولوجيا بينما
فشلت المجتمعات اإلسالمية في القيام بذلك .فقامت مطابع العثمانيين على مدار القرن الثامن عشر بأكمله
27
على سبيل المثال بطباعة حوالي 50ألف نسخة من الكتب ،بينما طبعت المطابع األوروبية مليار نسخة.
ومن الواضح أنه بحلول الوقت الذي بدأ فيه االستعمار األوروبي الواسع لألراضي اإلسالمية في القرن
28
الثامن عشر كان الركود العلمي واالقتصادي في العالم اإلسالمي يسيطر على المشهد.
في القرن التاسع عشر حاول بعض الحكام المسلمين اإلصالحيين الثأر من كل من االستعمار األوروبي
وتحالف العلماء والدولة ،مما أدى إلى خنق التقدم العلمي واالقتصادي لفترة طويلة .ويبحث القسم التالي
في هذه المحاوالت.
في أوائل القرن التاسع عشر ح َّل الحك ُم االستعماري البريطاني الدولة المغوليةَ ،بينما استُبدلت الدولة
الصفوية بساللة القاجار الضعيفة الال مركزية ،والتي كانت منفتحة على التأثيرات االستعمارية لبريطانيا
وروسيا .وظلت الدولة العثمانية القوة اإلسالمية الرئيسية الوحيدة في حين واجهت معظم األراضي
اإلسالمية االستعمار على يد القوى األوروبية.
كان السلطان العثماني سليم الثالث -الذي حكم من 1789إلى - 1807مدر ًكا لضرورة إصالح المؤسسات
لمواكبة المستويات األوروبية للتنمية العسكرية واالقتصادية .ومع ذلك عارض اإلنكشاريون الذين هم قواته
عزل سليم الثالث ثم اُغتيل .وانتظر العسكرية النخبوية اإلصالح العسكري لدرجة أنهم ثاروا عليه ،و ُ
السلطان الجديد ،محمود الثاني (حكم من 1808إلى )1839أن تتاح الظروف المالئمة قبل تنفيذ اإلصالح،
وفي عام 1826أمر وحدات أخرى من الجيش بمهاجمة ثكنات اإلنكشارية بالمدافع وقتل اآلالف منهم ،ثم
قام بإلغاء مؤسسة اإلنكشارية تما ًما .ونتيجة لذلك فإن العلماء "الذين عارضوا السالطين المصلحين بشكل
29
فعال من خالل تحالفهم مع اإلنكشارية قد فقدوا ذراعهم القوية اآلن".
ومن خالل إلغاء اإلنكشارية وتهميش العلماء اكتسب محمود وبيروقراطيو بالطه السيطرة التي يحتاجون
إليها لتحديث الدولة العثمانية .ففتحوا كليات عسكرية على النمط الغربي ومن ثم كسروا الروابط التقليدية
بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة الدينية بشكل فعال 30.وفي عام 1839أصدر السلطان العثماني
ت الذي كفل حماية "حياة جميع رعايا الدولة العثمانية وشرفهم والبيروقراطيون فرمانَ التنظيما ِ
وممتلكاتهم" 31.أطلق هذا المرسوم سلسلة من سياسات التصحيح عرفت بالتنظيمات .وفي عام 1844ألغى
تغيير قانوني عقوبة اإلعدام لمن تخلوا عن معتقداتهم اإلسالمية .وفي عام 1856وعد فرمان اإلصالحات
32
بالمساواة الكاملة والحرية الدينية للرعايا غير المسلمين.
خالل عملية اإلصالح هذه تولى البيروقراطيون بعض المناصب العامة التي كان يشغلها العلماء سابقًا.
وعكست التطورات في قطاع التعليم بشكل واضح خفض منزلة الطبقة الدينية ،فاعتُبرت المدارس الدينية
بالية من الناحية التعليمية ومحدودة جدًا بسبب اختصاصها في العلوم الشرعية فقط ،إلى الحد الذي اضطر
اإلصالحيين العثمانيين إلى إنشاء كليات ومدارس جديدة تما ًما على أساس النماذج الغربية لتعليم الطالب
الممارسة العسكرية والحكم والدبلوماسية والطب والهندسة .وصحيح أن العلماء كانوا ال يزالون مسؤولين
عن المدارس الدينية وبعض الكتاتيب في األحياء السكنية ،لكنهم فقدوا احتكارهم للتعليم .ومع ظهور المحاكم
ضا.
والقوانين التجارية على النمط الغربي ،ضاقت الوظائف القضائية والتشريعية على العلماء أي ً
في هذه األثناء واصلت مصر إصالحاتها الخاصة على النمط الغربي .كان محمد علي باشا ضاب ً
طا عثمانيًا
من أصل ألباني أُرسل إلى مصر بعد وقت قصير من غزو نابليون عام .1798ثم أصبح حاك ًما لمصر بعد
بضع سنوات في عام .1805في عام 1811دعا محمد علي قادة المماليك لالحتفال في قلعته في القاهرة
ثم قتلهم ،وأرسل قواته في أنحاء مصر للقضاء على ما تبقى من القوات المملوكية .ومن ثم أنهى حكم
المماليك الذي استمر لقرون .كما قوض محمد علي سلطة العلماء من خالل مصادرة أصول معينة
للمؤسسات الدينية التي كانت تقدم التمويل للمدارس الدينية بما في ذلك األزهر مركز التعليم السني الشهير.
وبعد قضاء محمد علي على أصحاب السلطة القدامى ،سعى في تغريب الجيش والبيروقراطية والضرائب
والطب والتعليم .فأرسل البعثات الطالبية إلى دول أوروبا الغربية من أجل التعليم 33.في البداية كان محمد
علي مواليًا للسلطان العثماني ،وبأمر منه دمر جيش محمد علي الدولة الوهابية السعودية األولى في شبه
الجزيرة العربية عام .1818لكنه انقلب الحقًا على السلطان وهزم الجيش العثماني وأسس أسرة حاكمة
شبه مستقلة في مصر استمرت حتى عام .1953
أدت إصالحات الدولة العثمانية ومحمد علي إلى ظهور طبقة من المثقفين المتعلمين على النمط الغربي في
كل من الدولة العثمانية ومصر .وقد سعى هؤالء المثقفون وتحديدًا "العثمانيون الشباب" ،إلى إقامة ملكية
دستورية ،فاعتلى عبد الحميد الثاني العرش ( )1909-1876بدعمهم مقابل وعود سياسية .وبالفعل شكل
ضا أول برلمان متعدد األديان حقًا لدولة كبرى .ولكن
عبد الحميد أول برلمان عثماني كما وعد ،فأصبح أي ً
بعد عام ونصف فقط من حكمه حل عبد الحميد البرلمان وحكم البالد بصفته الحاكم المطلق ألكثر من ثالثة
34
عقود.
باختصار ،شهدت بعض الدول اإلسالمية في القرن التاسع عشر إصالحات التغريب بقيادة الدولة وأنتجت
بعض المثقفين ،وضعف التحالف التقليدي للعلماء مع الدولة بشكل كبير .حققت اإلصالحات بعض التقدم
في الدولة العثمانية ومصر من حيث تحديث الجيش ونظام الضرائب والظروف الطبية والتعليم .لكن فشلت
هذه الجهود اإلصالحية خالل القرن التاسع عشر في نهاية المطاف في مساعدة المسلمين على "اللحاق
بالغرب" في التنمية السياسية واالجتماعية واالقتصادية.
فشلت هذه الجهود اإلصالحية خالل القرن التاسع عشر في نهاية المطاف في
مساعدة المسلمين على "اللحاق بالغرب" من حيث التنمية السياسية
واالجتماعية واالقتصادية.
ويمكن ذكر ثالثة أسباب رئيسية لفشل إصالحات القرن التاسع عشرً .
أوال :على الرغم من تهميش العلماء
إلى حد كبير وظهور طبقة فكرية مستقلة؛ غالبًا ما استمرت المشكالت الطبقية في العالم اإلسالمي كما
هي .مأل الحكام وبيروقراطيُّوهم الفراغ الذي تركه العلماء .كان السلطان العثماني محمود الثاني ومحمد
علي في مصر ومعظم خلفائهم حكا ًما مستبدين رفضوا تقاسم السلطة مع مؤسسات أو طبقات أخرى ،بينما
كانوا يسعون وراء اإلصالحات من األعلى إلى األسفل.
ثانيًا :سيطر هؤالء الحكام المسلمون اإلصالحيون على االقتصاد دون تشجيع كافٍ لتراكم رأس المال
الخاص أو صعود برجوازية محلية .في الدولة العثمانية على سبيل المثال ،أعطت بعض اإلصالحات
36
القانونية وعودًا لحماية الملكية الخاصة 35ولكن في الممارسة العملية استمر انتهاك الدولة لحقوق الملكية.
وصحيح أنه ازدهرت طبقة برجوازية ،لكنها كانت تقريبًا نتاج دعم القوى األوروبية للتجار غير المسلمين.
أدى ذلك إلى انعدام ثقة عميق بين الطبقة الحاكمة العثمانية والتجار غير المسلمين وقد كان كثير منهم من
مزدوجي الجنسية للدولة العثمانية وإحدى الدول األوروبية.
وأخيرا :واجهت جهود التغريب مقاومة سياسية ودينية .فكانت المقاومة السياسية للتغريب في الدولة
ً ثالثًا
العثمانية أقوى في ظل حكم عبد الحميد الذي اتبع سياسة "التحديث اإلسالمي" .من ناحية قام عبد الحميد
بحل البرلمان وهاجم العديد من المثقفين ووظف العلماء وشيوخ الصوفية في المناصب السياسية المحلية ِ
والدولية ،ومن ناحية أخرى فتح العديد من المدارس ذات النمط الغربي وأنشأ خطوط السكك الحديدية.
وجاءت المقاومة الدينية الرئيسية ضد اإلصالح من العلماء 37.ألنه في أواخر العهد العثماني كان العلماء
ال يزالون جز ًءا من الحكومة ولديهم حق النقض في بعض القضايا ،مثل نشر إحدى الترجمات التركية
38
للقرآن.
أوائل القرن العشرين :بناة الدولة العلمانيون
عززت تداعيات الحرب العالمية األولى االستعمار البريطاني والفرنسي في الشرق األوسط .وبعد انهيار
الدولة العثمانية برزت تركيا كأول جمهورية علمانية بمجتمع ذي أغلبية مسلمة .اعتقد مؤسسو تركيا ،أي
عرف فيما بعد بأتاتورك (حكم من 1923إلى – )1938ومواليه -الذي مصطفى كمال باشا – والذي ُ
سموا فيما بعد الكماليين -أن إصالحات التغريب العثماني فشلت بسبب تعايش المدارس والقوانين والمحاكم
العلمانية ونظيرتها اإلسالمية معًا .فرأوا أنه يجب على الجمهورية الجديدة القضاء على هذه االزدواجية.
أغلق قانون توحيد التعليم الذي أقره البرلمان التركي عام 1924حوالي 479مدرسة دينية وأنشأ نظا ًما
مدرسيًا علمانيًا موحدًا .تزايد إقصاء الكماليين للتعليم اإلسالمي من خالل إلغاء التعليم الديني من المناهج
المدرسية في عام ،1927ومحو دورات اللغات العربية والفارسية في عام ،1929وإغالق جميع المدارس
مؤخرا في عام 1930وأُغلق قسم الالهوت الوحيد في دار الفنون ً الثانوية اإلسالمية الحديثة التي افتتحت
(جامعة اسطنبول اآلن) عام .1933من ذلك الوقت حتى عام 1949أصبح أي شكل من أشكال التعليم
اإلسالمي تقريبًا غير قانوني .في هذه األثناء أصبح النظام القانوني بأكمله علمانيًا وأُلغي دور العلماء في
39
صياغة القانون وداخل المحاكم.
في 3مارس 1924أنشأ البرلمان التركي رئاسة الشؤون الدينية "ديانت" التابعة لمكتب رئيس الوزراء
ضا الخالفة .ثم صدر بعد عاملتحل محل وزارة الشؤون الدينية القديمة .وفي نفس اليوم ألغى البرلمان أي ً
قانون جديد أغلق أضرحة األولياء وأغلق جميع الزوايا الصوفية .جعل هذا القانون جميع المنظمات
والمناصب الدينية اإلسالمية غير قانونية ،باستثناء المساجد التي تسيطر عليها "ديانت" واألئمة الذين
أصبحوا موظفين مدنيين .و ُحظرت النسخة العربية من األذان واستبدلت بنسخة تركية في عام .1933
دورا حازما ً في
باختصار ،تبنى الكماليون نظام علماني حازم "على النمط الفرنسي" ،حيث تلعب الدولة ً
استبعاد الدين من المجال العام .كان هذا مختلفًا تما ًما عن العلمانية السلبية "على النمط األمريكي" التي
40
دورا حياديًا وتسمح بظهور الدين في الحياة العامة.
تتطلب من الدولة أن تلعب ً
ألهمت إصالحات العلمنة الكمالية العديد من بناة الدولة في العالم اإلسالمي ،بما في ذلك شاه إيران رضا
بهلوي (حكم )1941-1925والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة (حكم .)1987-1956أجبر الشاه الرجال
عل ى ارتداء القبعات الغربية مثلما فعل أتاتورك بل تجاوز أتاتورك من خالل فرض حظر واسع النطاق
ضا شاه أفغانستان أمان هللا (حكم )1929-1919ورئيس إندونيسيا سوكارنو على حجاب النساء 41.ويعد أي ً
42
(حكم )1967-1945من بناة الدولة الذين تأثروا بمساعي أتاتورك نحو سياسات التحديث.
بغض النظر عن دور أتاتورك ،من الواضح أن االتجاه اإلصالحي العلماني قد ترسخ بين قادة البلدان
اإلسالمية الناشئة حديثًا بين عشرينيات وسبعينيات القرن الماضي ،بما في ذلك مؤسس دولة باكستان محمد
علي جناح (حكم )1948-1947والرئيس المصري جمال عبد الناصر ( )1970-1956وأنظمة البعث
في العراق ( )2003-1968وسوريا ( 1963وحتى اآلن) .كانت القومية واالشتراكية خاصة في الدول
العربية من المكونات المهمة لهذا التيار العلماني.
كانت المملكة العربية السعودية ،التي قامت عام 1932على أساس التحالف بين علماء الوهابية والسلطة
سا خالل هذه الفترة العلمانية .وكان التأثير السعودي على الدول اإلسالمية
الملكية السعودية استثنا ًء رئي ً
األخرى هامشيًا؛ فقد تضاءلت جاذبيتها األيديولوجية أمام الناصرية في العالم العربي ،وكانت قوتها
العسكرية أضعف من جيرانها مثل تركيا وإيران .لم تكن المملكة العربية السعودية قد بدأت في جني كمية
كافية من عائدات النفط لتوسيع نفوذها اإلقليمي حتى أزمة النفط عام .1973
باختصار ،قام التيار العلماني الذي كان سائدًا بين عشرينيات وسبعينات القرن الماضي بتهميش علماء
الدين في العديد من البلدان اإلسالمية .ولكن إذا كان هذا هو الحال ،فلماذا إذن استمرت مشكالت السلطوية
والتأخر في البلدان التي لم يعد فيها تحالف العلماء والدولة؟ إجابة هذا السؤال تتكون من شقين.
في تركيا أنشأ الكماليون "ديانت" إلبقاء اإلسالم تحت سيطرة الدولة ،ومن ثم لم تستهدف العلمانية الكمالية
ً
فصال حقيقيًا بين الدين والدولة .بعد عام 1950انتقلت تركيا إلى الديمقراطية التعددية ،على الرغم الحازمة
من حدوث انقالبات عسكرية في كل عقد تقريبًا منذ ذلك الحين .واستخدم السياسيون المحافظون
واإلسالميون الخطاب اإلسالمي لتوسيع جمهورهم وتعبئته في النصف الثاني من القرن العشرين .وبعد
انقالب ،1980حتى الجنراالت العسكريون دعموا مستوى معينًا من التعليم اإلسالمي الحتواء "التهديد
الشيوعي" .ونتيجة لهذه العملية أصبحت "ديانت" -التي تسيطر على أكثر من 80ألف مسجد -العبًا
مركزيًا في الحياة االجتماعية السياسية التركية تدريجيًا.
كما واجهت مصر عملية أسلمة تدريجية .كان ناصر مثل نظرائه األتراك ،يهدف إلى وضع المؤسسات
اإلسالمية ،وال سيما األزهر ،تحت سيطرة الدولة إداريًا وماليًا .استمر الرؤساء الالحقون -أنور السادات
وحسني مبارك -في توسيع اإلشراف الحكومي على المؤسسات اإلسالمية .فزادت نسبة المساجد التي
تسيطر عليها الدولة من أقل من الخمس في عام 1962إلى أكثر من ثالثة أخماس في عام ،1994في حين
ضا من أقل من 20ألف إلى حوالي 70ألف مسجد 43.وأنشئ مجلس ارتفع إجمالي عدد المساجد أي ً
بيروقراطي للبت في مواضيع خطب الجمعة التي سيتم تناولها في هذه المساجد التي تسيطر عليها الدولة.
فضال عن "هيمنتهم على األزهر من خالل ً استفاد الرؤساء الثالثة من سيطرة الدولة على المساجد،
استصدار فتاوى تضفي الشرعية على سياساتهم" 44.على الرغم من أن الرؤساء المصريين استخدموا
المؤسسات اإلسالمية ألغراضهم السياسية الخاصة ،إال أن المؤسسات نفسها استفادت من هذه العالقة ألنها
وسعت تأثيرها االجتماعي والسياسي والقانوني في مصر 45.في الواقع كانت العالقة بين الطبقة السياسية
والطبقة الدينية عمو ًما تغذيها المنفعة المتبادلة ،كما سيكشف القسم التالي بمزيد من التفصيل.
شهدت معظم الدول اإلسالمية في العقود األربعة الماضية أسلمة اجتماعية وسياسية انعكست في حكوماتها
ومعارضتها وخطابها العام ،وأسلمة قانونية كما يتضح في دساتيرها وغيرها من القوانين والمحاكم .كان
هذا التحول جز ًءا من اتجاه عالمي؛ حيث كان صعود الحركات الدينية واض ًحا في العديد من البلدان في
جميع أنحاء العالم ،بتشجيع من مجموعات مختلفة بما في ذلك اإلنجيليين في الواليات المتحدة والسياسيين
المتدينين في إسرائيل والسياسيين الهندوس القوميين في الهند.
في البلدان اإلسالمية :كانت السياسات التي اتسمت بالقمع السياسي وانعدام الفاعلية االجتماعية واالقتصادية
سا في هذا التحول .استخدمت ثالث مجموعات من الفاعلين التي فرضتها األنظمة العلمانية سببًا رئي ً
اإلسالميين إخفاقات العلمانيين السياسية للترويج ألجنداتهم في األسلمة .إحدى هذه المجموعات هي العلماء،
الذين درسوا العلوم الشرعية من الفقه والحديث والتفسير وغيرها في المدارس الدينية أو شبيهاتها األحدث.
وتتكون المجموعة الثانية من اإلسالميين الذين انخرطوا في السياسة االنتخابية أو غير ذلك من األنشطة
السياسة من خالل األحزاب والحركات .أما المجموعة الثالثة هم شيوخ الصوفية وهم زعماء روحيين
واجتماعيين للطرق الصوفية .قد تنتمي بعض الشخصيات إلى أكثر من مجموعة مما يعكس الحدود غير
الواضحة بين هذه المجموعات .فالزعيم اإليراني روح هللا الخميني ،على سبيل المثال ،يجمع بين كونه
ضا إلى اإلسالم
عال ًما شيعيًا وسياسيًا إسالميًا ،والعالم السني المصري يوسف القرضاوي ينتمي أي ً
46
السياسي.
استخدمت هذه المجموعات الثالث مواردها من المساجد والمدارس الدينية واألحزاب اإلسالمية وزوايا
ضا المفاهيم الغربية فيما يتعلق بالعقالنية
شيوخ الصوفية لتحدي ،ليس الدولة العلمانية فحسب ،ولكن أي ً
والمساواة بين الجنسين والديمقراطية الليبرالية .عززت هذه المجموعات الثالث التعليم التقليدي وعارضت
المساواة بين الجنسين ودعمت أحكام الردة وازدراء األديان .كما أن الدعوة إلدخال الشريعة اإلسالمية في
األنظمة القانونية في بلدانهم تمثل أجندة مشتركة .وكانت هذه الجماعات بحاجة إلى سلطة الدولة لمتابعة
تنفيذ هذه األجندة .ومن ثم فقد دعموا النسخ الحديثة لتحالف العلماء والدولة من خالل استخدام نفس تفسيرات
اإلسالم التي ظهرت في فترة ما بعد القرن الحادي عشر.
تجسد ك ٌّل من تحالف العلماء والدولة واألسلمة األشد راديكالية في إيران ما بعد ثورة 47.1979قبل الثورة،
كان الخميني ( )1989-1979قد أوضح رؤيته إليران في نظريته عن "والية الفقيه" ،التي بموجبها ال
ضا على السلطة التنفيذية .ومن ثميتمتع العلماء بالسلطة التشريعية والقضائية فحسب ،بل يسيطرون أي ً
أصبحت إيران استثنا ًء؛ حيث نما تحالف العلماء والدولة ليصبح نظا ًما شبه ثيوقراطي يكون فيه العلماء هم
48
القوة المطلقة.
وفقًا للخميني :منح هللا العلماء -وال سيما الفقهاء -سلطة تطبيق الشريعة .اقتصر الحكم ببساطة كما فهمه
الخميني على تطبيق الشريعة ال سيما في القانون الجنائي .ومن وجهة نظره يرى أن الوسيط البشري ليس
له أي سلطة في وضع القانون .جادل الخميني بأنه حتى لو كان النبي محمد أو اإلمام علي على قيد الحياة
في العصر الحديث فلن يكون لهما وساطة وتدخل في قوانين الشريعة أكثر من أي فقيه عادي في الحكم.
وشرح تأكيده هذا بمثال" :حاليا عقوبة الزاني مائة جلدة ،هل إذا كان النبي هو الذي يطبق هذه العقوبة
ستصبح مائة وخمسين ومع اإلمام علي مائة ومع الفقيه خمسين؟" 49ولكنه بعد أن أصبح المرشد األعلى
إليران ناقض وجهة نظره السابقة من خالل التأكيد على أن احتياجات جمهورية إيران اإلسالمية يجب أن
50
يكون لها األولوية المطلقة ،حتى لو كان هذا يعني إلغاء "الصالة والصوم والحج".
ضا ،ففي ذلك العام اتخذ الجنرال ضياء الحق (-1978 كان عام 1979نقطة تحول بالنسبة لباكستان أي ً
،)1988الذي وصل إلى السلطة بانقالب عسكري ،خطوات مهمة نحو إصدار حزمة من القوانين الجنائية
اإلسالمية وأسلمة نظام التعليم واالقتصاد 51.ويعكس تحالف ضياء قصير األمد مع الجماعة اإلسالمية تقليدًا
له جذور تاريخية عميقة .وقد جسد التحالف "الصيغة الكالسيكية لنظام الحكم اإلسالمي؛ وهي مسلم صالح
52
وتقي ملتزم بتطبيق الشريعة بالتشاور مع العلماء والجماعة اإلسالمية".
قام ضياء الحق بتمكين العلماء من خالل إنشاء محكمة الشريعة االتحادية التي تتمتع بصالحية مراجعة
التشريعات الباكستانية وتحديد مدى توافقها مع الشريعة .لكن ليس مستغربا أنه لم يسمح لهذه المحكمة
باتخاذ خطوات تقدمية؛ ففي عام 1981عندما أعلنت المحكمة أن الرجم ليس من اإلسالم في قضية الزنا،
قام ضياء بتعبئة المحكمة بقضاة جدد لنقض هذا القرار 53.ومنذ عهد ضياء حتى وقتنا الحاضر دعا بعض
الفاعلين اإلسالميين في باكستان الستمرار السلطوية وقيدوا الحرية الدينية للمسلمين من غير السنة
54
واألقليات غير المسلمة وكذلك أيدوا الحد من حقوق المرأة.
شرح الجزء األول من هذا التقرير األصول التاريخية لتحالف العلماء والدولة وأشار إلى أن هذا التحالف
قد تأسس بعد منتصف القرن الحادي عشر ،ولم يكن مبنيًا على نصوص اإلسالم المقدسة وال على التاريخ
بدال من ذلك كان هناك مستوى معين من الفصل بين العلماء والحكام بين القرن الثامن اإلسالمي المبكرً .
ت مدهشة من التطور الفلسفي ومنتصف القرن الحادي عشر ،حيث حققت شعوب البلدان اإلسالمية مستويا ٍ
واالقتصادي .يعطي هذا السياق التاريخي األمل في المستقبل ،فهو يظهر أن اإلصالح وحل تحالف العلماء
والدولة وفصل الدين عن الدولة أمر ممكن في العالم اإلسالمي ،عالوة على ذلك فإن اإلسالم ال يرفض
مثل هذا اإلصالح.
وقد شرحت كيف قام تحالف العلماء والدولة بتهميش طبقات الفالسفة والتجار ،مما أدى إلى الركود الفكري
واالقتصادي في العالم اإلسالمي بين القرنين الثاني عشر والثامن عشر .في القرن التاسع عشر وأوائل
القرن العشرين حاول الحكام اإلصالحيون وبناة الدولة العلمانيون القيام بإصالحات التحديث من خالل
تهميش العلماء ،ولكن غالبًا ما فشلت محاوالت اإلصالح هذه ألن هؤالء الحكام وبناة الدولة كانوا
متمركزين حول الدولة ،ولم يقدروا بشكل كافٍ أهمية المثقفين أو رواد األعمال االقتصاديين.
في أواخر القرن العشرين استخدم العلماء واإلسالميون وشيوخ الصوفية إخفاقات سياسات األنظمة العلمانية
للترويج ألجنداتهم الخاصة لألسلمة االجتماعية والسياسية والقانونية .وكما يوضح الجزء التالي ،تُظهر
دساتير الدول اإلسالمية المعاصرة وأنظمتها السياسية اليوم تباينًا؛ نتيجة اإلرث المختلط لفترة العلمنة
القديمة وعملية األسلمة الجديدة.
الجزء الثاني :األنظمة المعاصرة
السلطوية والتأخر االجتماعي واالقتصادي مشكلتان مختلفتان ولكنهما مترابطتان .ويشكل االثنان معًا في
العديد من البلدان حلقة مفرغة ،على الرغم من أنه في بعض الحاالت االستثنائية -كما هو الحال في الصين
-تتعايش السلطوية مع التنمية ،إال أنه من السابق ألوانه معرفة ما إذا كان هذا التعايش سوف يمتد أمده أم
56
ال.
من الناحية األيديولوجية :أعاق تحالف العلماء والدولة ظهور المعارضة الدينية والسياسية في عدد من
البلدان .وتستند األفكار الدينية التي دعا لها هذا التحالف إلى المنهج الفقهي لإلمام الشافعي (.)820-767
نظرا للتأكيد على إجماع العلماء
تعطي هذه المنهجية األولوية للقرآن والحديث وإجماع العلماء والقياسً .
باعتباره أحد المصادر األربعة للمعرفة اإلسالمية ،فمن الصعب للغاية تحدي احتكار العلماء لتفسير
اإلسالم.
أعاق تحالف العلماء والدولة ظهور المعارضة الدينية والسياسية في العديد من
البلدان.
كما أنه من الصعب تحدي األفكار السياسية التي يروج لها تحالف العلماء والدولة ألنها قُدمت للجماهير
بصفتها أحكام اإلسالم المقدسة .على سبيل المثال ،فسر العديد من العلماء عبارة القرآن عن السلطة "أُو ِلي
أاأل َ أم ِر" (النساء )59كما لو كانت تطلب من المسلمين طاعة العلماء والحكام (على الرغم من أن اآلية لم
تذكر العلماء وال الحكام) .ومن ثم روج العلماء وشركاؤهم السياسيون ،من خالل ادعاء المكانة المقدسة،
آلراء سياسية غير ليبرالية حول العالقات بين الجنسين والمواطنة والسلطة.
كما وظف تحالف العلماء والدولة المؤسسات الضخمة ،مثل المدارس الدينية وغيرها من المؤسسات
التعليمية بما في ذلك األزهر في مصر ،والهيئات الحكومية التي تسيطر على المساجد ومنها "ديانت"
التركية لخدمة أهدافه .هذه المؤسسات لها تكاليف باهظة ومن ثم فهي تحتاج دع ًما ماليًا .منذ سبعينيات
القرن الماضي مول ريع النفط تحالف العلماء والدولة ومؤسساته في العديد من البلدان .سيتناول القسم
التالي بالتفصيل العالقة بين ريع النفط وتحالف العلماء والدولة والسلطوية في العالم اإلسالمي.
االقتصادات الريعية
ً
تمويال خارجيًا ألن العلماء وحكام الدولة ال يمثلون طبقة منتجة اقتصاديًا. يتطلب تحالف العلماء والدولة
وكما ذكرنا أعاله في العرض التاريخي ،استخدم التحالف اإليرادات الزراعية من خالل نظام اإلقطاع،
فعلى مدى نصف القرن الماضي كان ريع النفط هو المصدر الرئيسي إليرادات التحالف.
إن النفط والموارد الطبيعية األخرى التي تقوم بدور مصادر الريع هي هدايا من الطبيعة؛ وال تتطلب إنتا ًجا
عرف الدولة بأنها "ريعية" إذا كان ريع النفط أو الموارد األخرى يشكل أكثر من 40في كثيف العمالة .وت ُ َّ
57
المائة من إيراداتها.
على مدى نصف القرن الماضي ،كان ريع النفط هو المصدر الرئيسي إليرادات
التحالف.
ال يعتمد حكام الدول الريعية على الضرائب كمورد مالي؛ لذلك ال يمكن للناس استخدام الضرائب كوسيلة
كبيرا جدًا من
ً ضغط لمحاسبة الحكام .في نظام االستخالص غير الريعي ،يشكل دافعو الضرائب عددًا
المواطنين الذين باستطاعتهم الحركة نسبيًا من حيث رأسمالهم وإنتاجهم أي أنهم باستطاعتهم مغادرة البلد
حاملين معهم رؤوس أموالهم إذا فقدت الحكومة شرعيتها .وفي حالة فقدان الحكومة غير الريعية شرعيتها،
يصبح عسيًرا عليها مراقبة دافعي الضرائب وإكراههم على المكوث في البلد إذا قرروا مغادرتها .وإذا
طالب المواطنون بالمشاركة السياسية ،فباستطاعتهم استخدام الضرائب كوسيلة ضغط؛ فهم يستطيعون
قول "ال ضرائب بدون تمثيل" .بيد أن إنتاج النفط ثابتٌ جغرافيًا ويسيطر عليه عدد قليل من النخب .وعوائده
أسهل بكثير على الحكومة من حيث رصده واستخراجه ،على عكس الدخل المتأتي من أنواع اإلنتاج
األخرى .وعالوة على ذلك توزع الدول الريعية عائدات النفط على الناس في شكل أموال ووظائف وخدمات
اجتماعية ،وتجعل الناس يعتمدون على المخصصات الحكومية.
وفي هذا الصدد من الصعب النظر إلى العالقة بين الدولة والمجتمع في الدولة الريعية على أنها عالقة
ديمقراطية ألنها قائمة على فكرة "عقد اجتماعي" ما .فالعالقة بين الدولة والمجتمع في سياق الدولة الريعية
بدال من االتفاق المتبادل حول واجبات كل طرف .تخلق ترتكز على التفوق السياسي واالقتصادي للدولة ً
ً
فضال عن تعزيز التبعية في االقتصادات الريعية عالقة الراعي والعميل (الزبونية) بين الحكام والشعب،
ً
مستحيال بدون أحزاب سياسية المجتمع السياسي واالقتصادي والمدني .ومن ثم يصبح تأسيس الديمقراطية
58
مستقلة وال طبقة ريادة أعمال اقتصادية وال جمعيات مدنية.
من أصل 28دولة ريعية في العالم توجد 20دولة منها ذات أغلبية مسلمة 59.هناك ثالثة أسباب لهذه النسبة
60 العاليةً .
أوال :يوجد حوالي 60في المائة من احتياطيات النفط في العالم في دول ذات أغلبية مسلمة.
ثانيًا :تأثير النفط على األنظمة السياسية ليس مطلقًا ،بل نسبي إلى حجم اقتصاد البلد .وكما ذكرت أعاله
ورثت البلدان اإلسالمية المعاصرة إرثًا من التأخر االقتصادي له جذور تاريخية تعود إلى قرون ،ولهذا
السبب هيمنت عوائد النفط بسهولة على العديد من البلدان اإلسالمية وجعلت دولها ريعية .وبعبارة أخرى
لو كانت االقتصادات اإلسالمية أكبر ،لما هيمن عليها ريع النفط تلك الهيمنة الساحقة.
وأخيرا فإن الحكام السلطويين في البلدان اإلسالمية هم عمو ًما من الباحثين عن الريع .وفي بعض الحاالت
ً
وحتى لو كانت البالد فقيرة من النفط ،يسعى الحكام إلى الحصول على مصادر أخرى للريع من خالل بيع
األراضي أو فرض رسوم قناة أو المطالبة بمساعدات دولية على أساس األهمية الجيوسياسية لبلدانهم.
وتقترن مشكلة الحكام الذين يسعون للحصول على الريع من النفط والمصادر األخرى في كثير من البلدان
اإلسالمية بعدم حماية الممتلكات الخاصة بالقدر الكافي .وفي بعض الحاالت تنظر الدول إلى مصادرة
أصول المواطنين على أنه مصدر للدخل .وفي الدول اإلسالمية الكبرى مثل المملكة العربية السعودية
ومصر وتركيا لطالما رأى الحكام أن االستيالء على الممتلكات الخاصة وسيلة لزيادة اإليرادات الحكومية
ومعاقبة المعارضين السياسيين.
في يناير 2018أعلنت الحكومة السعودية أنها صادرت أكثر من 100مليار دوالر من خالل تسويات
مالية مع عشرات من رجال األعمال والمسؤولين الذين اعتقلوا خالل حملة قمعية على الفساد 61.وفي
سبتمبر 2018أعلنت الحكومة المصرية مصادرة أصول يملكها مؤيدو اإلخوان المسلمين تبلغ قيمتها 3.4
مليار دوالر 62.وفي سبتمبر 2020قدر تقرير أن الحكومة التركية صادرت 32مليار دوالر في
64
العقارات 63.من المؤسسات واألفراد التابعين لحركة غولن.
وتبين هذه األمثلة مدى هشاشة حماية الملكية الخاصة وتسييسها في بعض البلدان اإلسالمية .بدون هذه
6
الحماية يستحيل ظهور رواد أعمال اقتصاديين مستقلين عن الحكومة .كما يؤكد باحثو المؤسسية الحديثة
أنه ليس من المرجح أن تظهر ابتكارات منهجية أو يحدث تطور اقتصادي طويل األمد بدون حماية الملكية
الخاصة .ويُعد الجمع بين عدم حماية الممتلكات الخاصة بالقدر الكافي من جهة واالعتماد على الريع من
جهة إشكالية للتنمية االقتصادية على وجه الخصوص.
تعد الريعية باإلضافة إلى استيالء الدولة على الممتلكات الخاصة ،من سمات السلطوية في العالم اإلسالمي.
وتُظهر معظم الدول السلطوية في المنطقة درجات عالية من التحالف بين العلماء والدولة كما هو مبين في
دساتيرها القائمة على الشريعة اإلسالمية.
الدستور المستند إلى الشريعة يدل على إضفاء الطابع المؤسسي العميق على التحالف بين العلماء والدولة.
فهو يمنح العلماء -الذين يحددون ما هي الشريعة -سلطات تشريعية وقضائية .والتخصيص الدستوري
للوضع القانوني للشريعة يعني تعريف القانون ،جزئيًا على األقل ،بأنه شيء يجب أن يصوغه العلماء.
هذا النظام يكاد يكون عكس المفهوم الديمقراطي القائم على سن القوانين على يد البرلمانيين عبر النظر في
الظروف المتغيرة والرأي العام .إن صياغة العلماء ألحكام الشريعة اإلسالمية تستبعد مشاركة الشعب في
العملية القانونية ،ومن ثم يتعارض بطبيعته مع العمليات والمثل الديمقراطية .وإلى جانب هذا التحفظ
النظري ،تدل تجربة العقود القليلة الماضية على أن توسيع الدور القانوني للعلماء يصاحبه درجات أعلى
من السلطوية عدد كبير من البلدان اإلسالمية.
مصدرا
ً فقد تم إصدار أحكام جديدة لمعاقبة الردة وازدراء األديان في عدد من البلدان التي أصبحت الشريعة
ضا األصوات الدينيةللتشريع فيها .وال تقيد هذه القوانين الحرية الدينية وحرية التعبير فحسب ،بل تعاقب أي ً
66
والسياسية المعارضة.
وعبر خمسين دولة إسالمية في العالم ،هناك تباين واضح فيما يتعلق بدور الشريعة في أنظمتها القانونية،
فنجد أن بعضها لديه دساتير قائمة على الشريعة ،بينما تمتلك بعضها دساتير علمانية أو مختلطة .وبالمثل
تُظهر الدول اإلسالمية تباينًا فيما يتعلق بأنظمتها االقتصادية ،فتعتمد بعضها على الريع وأخرى ليست
كذلك .سيتناول القسم التالي هذه االختالفات بالدرس والتحليل.
أدوارا مختلفة في دساتير الخمسين دولة ذات األغلبية المسلمة .يقسم الجدول 1هذا ً أُعطيت الشريعة
مصدرا
ً االختالف الدستوري إلى ثالث فئات )1 :الدساتير المستندة إلى الشريعة (باستخدام الشريعة
للتشريع أو المصدر الوحيد له ،أو دساتير تتطلب أن تكون القوانين متوافقة مع الشريعة) )2 ،الدساتير
المختلطة (ترسيخ اإلسالم دينًا رسميًا للدولة دون اإلشارة إلى الشريعة) )3 ،الدساتير العلمانية (صراحة
أو ضمنًا تعريف الدولة أو الجمهورية على أنها علمانية).
ضا األنظمة االقتصادية في 50دولة إسالمية إذا كانت ريعية أم غير ريعية .كماكما يصنف الجدول أي ً
يحدد الجدول إذا ما كانت هذه البلدان ديمقراطية أو سلطوية .سوف تشرح األقسام الفرعية التالية مجموعات
البلدان الثالث الواردة في الجدول 1وتحللها من خالل التركيز على بعض الحاالت التمثيلية.
من بين 50دولة إسالمية يوجد 18دولة لديها دساتير مستندة إلى الشريعة :أفغانستان واإلمارات العربية
المتحدة وإيران وباكستان والبحرين وبروناي وجزر المالديف وسلطنة عمان وسوريا والصومال والعراق
وقطر والكويت وليبيا ومصر والمملكة العربية السعودية وموريتانيا واليمن .توجد في هذه البلدان الثمانية
عشر محاكم الشريعة التي تملك سلطة قضائية فيما يتعلق بمسائل قانون األسرة بما في ذلك الزواج والطالق
ضا مع مسائل القانون الجنائي في العديد من هذه البلدان .كل هذه والميراث .وتتعامل محاكم الشريعة أي ً
67
الدول لديها أحكام تعاقب على الردة ووازدراء األديان ،وقد تصل العقوبة في بعض الحاالت لإلعدام.
ويعد ثلثي هذه البلدان تقريبًا دول ريعية.
في هذه المجموعة سننظر في حالتين على وجه التحديد :أفغانستان الفقيرة من النفط والمملكة العربية
السعودية الغنية بالنفط .بعد الغزو السوفيتي عام 1979عانت أفغانستان من حرب أهلية ونظام طالبان ثم
صا من الشرق الغزو األمريكي في عام .2001جلبت هذه الظروف معها الجهاديين إلى أفغانستان خصو ً
فضال عن أنها عرقلت أي احتمالية لقيام ديمقراطية أو حدوث تنمية 68.في ظل نظام طالبان لمً األوسط
ضا .ثم انتهى نظام
يهيمن العلماء على السلطة التشريعية والقضائية فحسب ،بل على السلطة التنفيذية أي ً
صدق عليه عام - 2004أبقى على جوانب معينة طالبان بعد الغزو األمريكي لكن الدستور الجديد -الذي ُ
من النظام اإلسالمي 69.بعد بدء عملية انسحاب القوات األمريكية وحلف شمال األطلسي عام 2021استولت
طالبان على السلطة مرة أخرى في أفغانستان.
تمتلك المملكة العربية السعودية أطول تاريخ في النظام القانوني المستند إلى الشريعة .فعلى الرغم من
انتقاداتهم للعلماء التقليديين أسس الوهابيون طبقة العلماء الخاصة بهم 70.كما أعادوا إحياء المفهوم
الكالسيكي للتحالف بين العلماء والسلطة الملكية .حاليًا يواجه العلماء الذين ينتقدون الدولة السعودية أحكا ًما
بالسجن وحتى اإلعدام 71.منذ سبعينيات القرن الماضي استخدمت السعودية ريع النفط ليس لتمويل تحالف
72
ضا لنشر األفكار السلفية عالميًا.
العلماء والدولة فحسب ولكن أي ً
باختصار ،تجمع البلدان في هذه المجموعة إلى حد كبير بين الدساتير القائمة على الشريعة واألنظمة
الريعية ،وهما يرتبطان بشكل مشترك بالسلطوية.
هناك عشر دول إسالمية في المجموعة الثانية لديها دساتير "مختلطة" تعترف باإلسالم دينًا رسميًا للدولة
دون اإلشارة إلى الشريعة كمصدر للتشريع .هذه البالد هي :األردن وبنغالديش وتونس والجزائر وجزر
القمر وجيبوتي والسودان وغامبيا وماليزيا والمغرب .في هذه البلدان تُستخدم الشريعة فيما يتعلق بقانون
األسرة وتفسر بدرجات متفاوتة من الشدة على عكس البلدان في المجموعة األولى .جميع البلدان في
المجموعة الثانية لديها أحكام كفر ،لكن نصفها فقط لديها أحكام الردة وال تنص أي من هذه القوانين على
عقوبة اإلعدام.
سنتناول ثالث دول من هذه المجموعة بالتفصيل :سننظر في حالة السودان (الحالة الوحيدة التي انتقلت
مؤخرا من المجموعة األولى إلى المجموعة الثانية) وجارتان من شمال إفريقيا ،أي الجزائر (وهي دولة
ً
مؤخرا
ً ريعية ويسيطر عليها الحكم االستبدادي القوي) وتونس (وهي ليست دولة ريعية وأصبحت
الديمقراطية العربية الوحيدة).
كان السودان دولة ريعية .في عام 1989وصل عمر البشير إلى السلطة عن طريق انقالب عسكري وأسس
تغييرا دستوريًا يجعل الشريعة
ً تحالفًا مع حسن الترابي ،وهو سياسي إسالمي مشهور .أجرى البشير
البشير الترابي وعزز
ُ مصدرا للتشريع ،باإلضافة إلى تطبيق الشريعة حتى في القانون الجنائي .ثم سجن ً
حكمه الشخصي .في عام 2019عقب االحتجاجات الشعبية أطاح الجيش بالبشير ولم يعد اإلعالن
الدستوري للحكومة االنتقالية يشير إلى الشريعة .كما ألغت الحكومة القانون الذي يحظر الردة ،والذي كان
73
يقضي بعقوبة اإلعدام.
كانت الريعية والسلطوية من الخصائص الثابتة للدولة الجزائرية .تخضع المساجد الجزائرية البالغ عددها
17ألف مسجد لسيطرة الدولة .يعمل أئمة المساجد ومعلمو القرآن والخطباء والقائمون على المؤسسات
الدينية كلهم بصفتهم موظفين حكوميين .هذه ليست مجرد سيطرة دولة من جانب واحد ،بل يحصل العلماء
في المقابل على التمويل والشرعية والمكانة (كما هو الحال مع المفتي العام) والمنظمات الرسمية (مثل
المجلس اإلسالمي األعلى) .ويطبق العلماء بالشراكة مع الدولة الشريعة في حالة قانون األسرة على سبيل
74
المثال.
أما تونس فلم تكن أبدًا دولة ريعية .وهي الديمقراطية الوحيدة في هذه المجموعة .يتمثل أحد األبعاد الرئيسية
إلرساء الديمقراطية الناجحة نسبيًا في تونس في توازن القوى بين األحزاب السياسية اإلسالمية والعلمانية.
لم يقترح الحزب اإلسالمي الرئيسي في تونس -النهضة -تضمين الشريعة في دستور ما بعد الثورة ،وذلك
عكس ما فعله اإلخوان المسلمون في مصر 75.في وقت كتابة هذا التقرير أصبح مستقبل الديمقراطية
الوحيدة التي أنتجها الربيع العربي ( )2012-2010غير مؤكد ألن الرئيس التونسي أقال رئيس الوزراء
وجمد البرلمان ،واتهمه حزب النهضة بالقيام بانقالب.
المجموعة الثالثة تتكون من 22دولة إسالمية ذات دساتير علمانية .من بين هذه البلدان هناك 13دولة لديها
دساتير تشير إلى الدولة (أو الجمهورية) على أنها "علمانية" :أذربيجان وبوركينا فاسو وتركمانستان
وتركيا وتشاد والسنغال وطاجيكستان وغينيا وغينيا بيساو وقيرغيزستان وكازاخستان وكوسوفو ومالي.
أما دساتير الدول التسع المتبقية إريتريا وألبانيا وإندونيسيا وأوزبكستان والبوسنة والهرسك وسيراليون
ضا ال تعترف باإلسالم بصفته الدين
ولبنان والنيجر ونيجيريا ،فال تستخدم مصطلح "علماني" لكنها أي ً
76
الرسمي .ومن ثم فهم يعرفون دولهم ضمنيًا على أنها علمانية.
في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أظهرت بوركينا فاسو وسيراليون وخاصة السنغال مزي ًجا من علمانية
الدولة وغياب أحكام الردة وازدراء األديان واالقتصادات غير الريعية ،ونجحوا في الوصول إلى
ديمقراطية انتخابية رغم الظروف االقتصادية الصعبة لمنطقتهم 77.وفي البلقان تقدم لنا ألبانيا وكوسوفو
وإنجازا مشابهين إلنجاز دول أفريقيا جنوب الصحراء على الرغم من عدم االستقرار السياسي ً مزي ًجا
78
والعسكري في منطقتهم.
تعد إندونيسيا أكبر بلد مسلم من حيث تعداد السكان ،وقد كانت دولة ريعية في أواخر القرن العشرين ،ثم
مستوردًا صافيًا للنفط .وهي ديمقراطية انتخابية وإن كان بها بعض السمات المتناقضة؛ِ أصبحت اليوم
فدستورها الفيدرالي علماني ،باستثناء مقاطعة واحدة تطبق الشريعة في قضايا معينة من القانون الجنائي.
79
شهرا بتهمة التجديف.
سجن بعد ذلك لمدة ً 20 وكان حاكم عاصمتها وأكبر مدنها ،جاكرتا ،مسيحيًا إال أنه ُ
ضا .فمن ناحية ،توجد أمثلة كثيرة على الشراكةوتعد العالقات بين العلماء والدولة في إندونيسيا معقدة أي ً
بين علماء معينين والدولة عبر التاريخ وحتى وقتنا الحاضر .لكن من ناحية أخرى كان العلماء في إندونيسيا
عا من العلماء في دول الشرق األوسط 80.على سبيل المثال تضم أكبر جماعتين أكثر ال مركزية وتنو ً
إسالميتين في إندونيسيا – جمعية نهضة العلماء والجمعية المحمدية -عشرات الماليين من األعضاء.
81
حافظت هاتان المجموعتان على استقالليتهما التنظيمية على الرغم من وجود بعض التفاعالت مع الدولة.
من بين جمهوريات ما بعد االتحاد السوفياتي الست ذات األغلبية المسلمة ،تعد أذربيجان وكازاخستان
دوال ريعية ،في حين تعد قيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان ً
دوال غير ريعية .ورغم أن وتركمانستان ً
هذه الدول تتبع أنظمة علمانية حازمة ،مع استثناء محتمل لقيرغيزستان؛ إال أنها ال تمارس حقًا الفصل بين
الدين والدولة وال تحافظ بشكل كافٍ على الحرية الدينية .بل فرضت سيطرة الدولة الشديدة على المؤسسات
82
الدينية ،عن طريق توظيف العلماء بصفتهم موظفين حكوميين بشكل عام.
أما تركيا فلديها أطول تاريخ في الديمقراطية متعددة األحزاب في العالم اإلسالمي .ولكن منذ عام 2017
صنف فريدوم هاوس Freedom Houseتركيا باستمرار على أنها دولة سلطوية 83.وعلى الرغم من أن
دستورا علمانيًا؛ إال أنه يحكمها اآلن نظام أردوغان اإلسالمي الشعبوي 84.وتنسق
ً دستور تركيا ال يزال
ديانت -التي تمثل التحالف بين العلماء وأردوغان -خطب الجمعة في المساجد وغيرها من األنشطة الدينية
لخدمة النظام 85.وصحيح أن تركيا دولة فقيرة من النفط ومن ثم فهي غير ريعية؛ إال أن أردوغان يسعى
مؤخرا عدة مرات اكتشافات للغاز الطبيعي في تركيا 86.كما أنه سعى أي ً
ضا ً وراء الريعية ولذلك فقد أعلن
إلى ريع غير نفطي من خالل تحويل األراضي العامة إلى مشاريع بناء .أدى رد الفعل الشعبي على مشاريع
أردوغان ،التي تسعى إلى تحويل المساحات الخضراء في إسطنبول إلى مراكز تجارية ومساكن ،إلى
اندالع احتجاجات منتزه غيزي في صيف .2013ويقوم أردوغان اآلن ببناء قناة موازية للبوسفور بهدف
تحصيل رسوم القناة وبيع األراضي على جانبيها.
وبشكل عام تُظهر العديد من البلدان اإلسالمية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والبلقان وجنوب شرق
آسيا أنه كلما ضعفت قوة تحالف العلماء وانخفض االعتماد على الريعية ،ارتفعت احتمالية التحول
الديمقراطي .لكن جمهوريات ما بعد االتحاد السوفيتي في آسيا الوسطى والقوقاز تكشف أن العلمانية ليست
كافية إلرساء الديمقراطية .بل من المرجح أن يكون نظام هذه الدول علماني حازم يهدف إلى السيطرة على
مؤخرا الحالة األخيرة التي
ً دوال سلطوية خاصة إذا كانت اقتصاداتها ريعية .شهدت األديان ،وأن تكون ً
نظرنا فيها ،تركيا ،انهيار الديمقراطية والذي تزامن مع صعود االتجاه اإلسالمي الشعبوي والريعية .ويبدو
أن إعادة إرساء الديمقراطية في تركيا في المستقبل مرتبطة بهبوط االتجاه اإلسالمي الشعبوي والريعية.
يشير تحليل المجموعات الثالث من البلدان إلى أن تحالف العلماء والدولة هو األكثر مؤسسية في البلدان
مصدرا للتشريع .ويقوم العلماء بدور تشريعي وقضائي رسمي ً التي تشير دساتيرها إلى الشريعة بصفتها
في هذه الحاالت .في العديد من البلدان اإلسالمية يقترن هذا التحالف ذو الطابع المؤسسي القوي بين العلماء
والدولة باالقتصادات الريعية .وقد جعل هذا من أنظمتهم السلطوية كيانات قوية جدًا.
في المستقبل قد تؤدي عوامل مختلفة (نفاد احتياطات النفط وزيادة االستهالك المحلي وابتكار تقنيات الطاقة
انخفاض حا ٍد في ريع النفط .وقد يفقد تحالف العلماء والدولة في هذا السيناريو دعامته التمويلية.
ٍ الجديدة) إلى
هذا ال يعني أن هذا التحالف سيتم حله تلقائيًا ،ألن تفكيكه يتطلب ً
عمال متأنيًا من األفراد اإلصالحيين .ولكنه
يعني أن البلدان اإلسالمية التي تحكمها تحالفات العلماء والدولة ال يمكنها االحتفاظ بالوضع الراهن ،وقد
تجبرهم التغيرات االقتصادية على إعادة هيكلة اقتصاداتهم وإعادة النظر في العالقات بين الدين والدولة،
وهذا ما سأناقشه في توصيات القسم التالي.
جدول ( :)1العالم اإلسالمي :الدستور واالقتصاد والنظام السياسي
علماني أم مختلط
*نظام فيدرالي حيث تطبق بعض المقاطعات الشريعة في القانون الجنائي .ويشير البنط العريض إلى الديموقراطيات االنتخابية.
المصادر :أحمد ت .كورو ،اإلسالم والسلطوية والتأخر (ص ،)52-37دساتير البلدان المسلمةInternational Monetary Fund, “Country Information: Article IV Staff ،
Reports”, 2007–2011, www.imf.org/external/country/index.htm; Freedom House, “List of Electoral Democracies”, 2020,
https://freedomhouse.org/report/freedom-world/2020/leaderless-struggle- democracy.
الخاتمة
إن العوائق الهيكلية التي أعاقت التقدم في العالم اإلسالمي ،وعلى وجه الخصوص تحالف العلماء والدولة
ضا
ونظامه الريعي ،لها جذور تاريخية عميقة .إال أن هذا التقرير يكشف أن التاريخ اإلسالمي يتضمن أي ً
تجارب نموذجية قد تلهم إصالح العالقات بين الدولة والدين والقيام بتقويمات اقتصادية في المستقبل.
تاريخيا ،ارتبطت اإلخفاقات الشاملة للحكام اإلصالحيين والعلمانيين في القرن التاسع عشر وأوائل القرن
العشرين بمركزية الدولة .يحتاج العالم اإلسالمي اليوم إلى إصالحات من شأنها أن تشجع ظهور طبقات
ديناميكية من المثقفين ورواد األعمال االقتصاديين الذين يمكنهم تحقيق التوازن بين قوة العلماء وسلطات
الدولة.
ما هي الخطوات الالزمة إلعمال مثل هذه اإلصالحات الهيكلية؟ يقترح هذا التقرير أربع توصيات رئيسية
لهذه الخطوات مقدمة ألولئك الذين يهتمون بتعزيز الديمقراطية والتنمية في العالم اإلسالمي.
أوال :من المهم أن نعترف بمشكلتي السلطوية والتأخر في العالم اإلسالمي .ألنه من غير المجدي إنكارهاً
باستخدام خطابات ما بعد الحداثة أو النسبية الثقافية أو غيرها كذريعة وطرح أسئلة مثل "كيف نعرف أن
الديمقراطية جيدة؟" أو "أليست التنمية مفهو ًما غربيًا؟" كما أن تصنيف أولئك الذين يسعون إلى تحليل هذه
ضا.
المشكالت بأنهم "مستشرقون" ليس ذو نفع أي ً
ثانيًا :من الضروري تجنب لوم اإلسالم أو االستعمار الغربي وإال سنقع في مخاطرة المساهمة في
المشكالت القائمة بالفعل كاإلسالموفوبيا في الغرب ومعاداة الغرب في العالم اإلسالمي .كان اإلسالم متوافقًا
تما ًما مع التقدم في تاريخه المبكر ،واستمر العالم اإلسالمي في تقديم العلماء النابغين حتى في فترات الحقة.
عا واختالفًا
كذلك فإن العالم اإلسالمي ليس كتلة واحدة تتسم بالسلطوية والتأخر؛ بل تُظهر دوله الخمسين تنو ً
اليوم .وصحيح أن االستعمار الغربي أضر بالدول اإلسالمية ،لكنه لم يبدأ مشكالت هذه البلدان .يجب على
المجتمعات اإلسالمية أن تنظر إلى داخلها وأن تركز على حل مشكالتها ً
بدال من االستمرار في إلقاء اللوم
على االستعمار الغربي.
ثالثًا :من المهم أن ندرك مدى الضرر الذي أحدثه تحالف العلماء والدولة ،ال سيما قيامه بتهميش المثقفين
ورواد األعمال االقتصاديين في العالم اإلسالمي .هذه التوصية ال تعني هجو ًما على العلماء وال دعوة إلى
فوضى في نظام الدولة؛ بل تطلب من الدول اإلسالمية تأسيس أنظمة منفتحة قائمة على الجدارة والتنافسية.
ضا توسيع نطاق حرية الفكر من خالل إلغاء أحكام الردة وازدراء األديان يتطلب هذا النوع من اإلصالح أي ً
وحماية أكبر للممتلكات الخاصة من خالل منع استيالء الدولة عليها .كما ينبغي للبلدان اإلسالمية أن تؤسس
لفصل حقيقي بين الدين والدولة للحفاظ على المواطنة العالمية والمشاركة السياسية 87.إن اإلسالم بطبيعته
كل من اإلسالميين وكارهي اإلسالم .فالتحليل ال يعارض مثل هذا الفصل ،على الرغم من ادعاءات ٍ
التاريخي يُظهر أنه كان هناك مستوى معين من الفصل بين السلطات الدينية والسياسية في العالم اإلسالمي
حتى منتصف القرن الحادي عشر.
تتعلق التوصية الرابعة واألخيرة باإلصالح االقتصادي .غذى ريع النفط تحالفات العلماء والدولة
والسلطوية في العديد من البلدان اإلسالمية .وقد ينخفض في المستقبل القريب هذا الريع نتيجة الستنفاد
احتياطيات النفط وزيادة االستهالك المحلي وابتكار تقنيات الطاقة الجديدة .لذا ستحتاج البلدان اإلسالمية
إلى إعادة هيكلة اقتصادية قائمة على أنظمة إنتاجية تشجع ريادة األعمال للتكيف مع ظروف ما بعد
النفط .سيتطلب مثل هذا اإلصالح حلول اجتماعية واقتصادية مبتكرة ،ومن ثم سينهي سيطرة تحالف العلماء
والدولة على الحياة االجتماعية والسياسية.
ضا لتحسين عالقاتهاهذه التوصيات مهمة ليس إلصالح السياسة الداخلية للدول اإلسالمية فحسب ولكن أي ً
مع الغرب .بعد فشل المشاركات العسكرية والسياسية التي انخرطت فيها بعض الدول الغربية في العالم
اإلسالمي ،يتجه بعض صانعي السياسة الغربيين اآلن إلى دعم فك االرتباط عن العالم اإلسالمي 88.لكن
هناك خطر متزايد للتأثير السلبي الصيني في المنطقة ،وال يسعنا تناول هذه النقطة بالتفصيل هناً 89.
بدال
من ذلك قد تساعد شراكة يعاد تحديد مالمحها من جديد بين الدول اإلسالمية والغربية في عمليات اإلصالح
والتحول الديمقراطي وتحقيق التنمية .وقد تزيد مثل هذه اإلصالحات في البلدان اإلسالمية عملية تفاعلها
مع الدول الغربية بأبعاد فكرية واجتماعية اقتصادية أوسع.
نبذة عن المؤلف
الدكتور أحمد ت .كورو هو بروفيسور العلوم السياسية في جامعة سان دييغو في الواليات المتحدة
األمريكية ،وحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة واشنطن .شغل منصب باحث ما بعد الدكتوراه في
جامعة كولومبيا.
ألف كورو كتابا ً حصد به جوائز أكاديمية مهمة ،وهو «العلمانية وسياسات الدولة تجاه الدين :الواليات
المتحدة وفرنسا وتركيا» الصادر عن جامعة كامبريدج في 2009وترجم إلى العربية ونشرته الشبكة
العربية لألبحاث والنشر في .2012كما نشر له أيضا ً في 2019كتاب «اإلسالم والسلطوية والتأخر:
مقارنة تاريخية وعالمية» الحائز على جائزة قسم التاريخ والسياسة الدولية من الجمعية األمريكية للعلوم
السياسية ونشرت الشبكة العربية نسخته العربية في ( 2021ترجمة حبيبة حسن).
تُرجمت أعماله إلى العربية والبوسنية والصينية والفرنسية واأللمانية واإلندونيسية والماليزية والفارسية
والتركية.
الهوامش
) أيضًا تباي ًنا طويل - يعكس تحليل نتائج مؤسسة فريدوم هاوس الديمقراطية في السنوات السابقة (
األمد بين البلدان اإلسالمية وبقية العالم
أحمد ت .كورو ،اإلسالم والسلطوية والتأخر :مقارنة عالمية وتاريخية ،ترجمة حبيبة حسن ،الشبكة
العربية لألبحاث والنشر
‐
) فترة قصيرة استثنائية من العالقات الوثيقة بين علماء المعتزلة ،وهم فرقة كالمية - كانت المحنة (
كانت هذه فترة اضطهاد للحنابلة وبعض العلماء من غير المعتزلة تغلب عليهم النزعة العقلية ،والخلفاء العباسيين.
فقد أدت تلك وتعد هذه الفترة التي امتدت لخمسة عشر عا ًما استثنا ًء يثبت القاعدة في "العصر الذهبي" لإلسالم.
المحاولة لصوغ دين رسمي عقالني إلى نتائج عكسية وأدت إلى إضعاف المعتزلة
بدالً من كلمة "الحرية" في عبارة لوك ("الحياة ،الحرية ،المِ لك [الملكية]”) ،استخدم الفرمان كلمة
"الشرف"
وعد "فرمان التنظيمات" بإلغاء المصادرة ال يجوز حرمان الورثة األبرياء لمجرم من حقوقهم في
الميراث بسبب مصادرة ممتلكات هذا المجرم"
في مصر ،رفض كبار العلماء اقتراح محمد عبده بإصالح األزهر واتهم شيخ األزهر محمد عبده بالرغبة في أن
يهدم معالم التعليم الديني في األزهر ،ويحول هذا المسجد العظيم الى مدرسة فلسفة وآداب تحارب الدين وتطفئ
نوره في هذا البلد وغيره من البالد االسالمية ويضيف الشيخ ما سوى ذلك من أمور الدنيا وعلوم العصر فال
عالقة لألزهر به وال ينبغي له
،أحمد ت كورو العلمانية وسياسات الدولة تجاه الدين الواليات المتحدة ،فرنسا ،تركيا ،ترجمة ندى السيد
،الفصل السابع الشبكة العربية لألبحاث والنشر
المصدر نفسه
كان سوكارنو متأثرا بأتاتورك أكثر من أي مصلح آخر خصوصا فيما يتعلق بقضية عالقة الدولة بالدين.
المصدر نفسه
،أضيفت اإلشارة إلى الشريعة بأنها مصدرا للتشريع إلى الدستور المصري .وفي وقت في عهد السادات ،في
،تمت مراجعة تلك المادة الدستورية ليُشار إلى الشريعة بأنها المصدر الرئيسي للتشريع. الحق ،أي عام
بالرغم من أن الصورة السائدة عن اإلسالميين هي أنهم دائما ما يعارضون العلماء ،وهي صورة مغلوطة ،منحت جماعة
،كبار علماء األزهر سلطة استشارية في األمور اإلخوان المسلمين المصرية ،التي قادت صياغة دستور جديد في نوفمبر
المتعلقة بالشريعة في المسودة الجديدة المادة
فيما يتعلق بانتقادات بعض العلماء اإليرانيين لـ "وصاية الفقيه" انظر
.
تتسم األولى بحضور تختلف السلطوية في البلدان ذات األغلبية المسلمة عن السلطوية في شرق آسيا.
تحالف العلماء والدولة والريعية والتوسع العسكري واالستثمارات المنخفضة في التعليم وعدم كفاءة
الحكومة ،في حين أن األخيرة ليس لديها رجال دين يعيقون التقدم وتعتمد على اإلنتاجية الموجهة للتصدير
والتوسع االقتصادي واالستثمار العالي في التعليم وكفاءة الحكومة
- كورو ،اإلسالم والسلطوية والتأخر ،ص.
- كورو ،اإلسالم والسلطوية والتأخر ،ص.
من مؤيدي اإلخوان المسلمين أو المتعاطفين معهم، صادرت الحكومة المصرية "أصوال تخص
موقعًا إلكترونيًا مستشفى و مدارس و منظمة غير حكومية و شركة و باإلضافة إلى
وقناة تلفزيونية لها صالت مزعومة" باإلخوان
تضمنت هذه الممتلكات مصرفا ً وعشرات الجامعات ومئات المدارس ووسائل اإلعالم المختلفة وعدة مستشفيات،
فضالً عن الممتلكات الخاصة لألفراد.
لالطالع على تحالف أردوغان األولي مع جماعة فتح هللا غولن ثم الصراع الالحق معهم واضطهادهم حاليا،
انظر
لإلطالع على مقارنة بين جماعة فتح هللا غولن واإلخوان المسلمين انظر :أحمد ت .كورو ،من
. السلطة إلى االضطهاد ،اإلخوان في مصر وأنصار غولن في تركيا ،مجلة أواصر ،أغسطس
مايو أحمد ت .كورو ،القرآن ال يدعو لعقاب مدنسي المقدسات بل السلطان ،قنطرة،
انظر لالطالع على حالة أخرى من السيطرة البيروقراطية على اإلسالم في شمال إفريقيا ،وهي المغرب
بعد الثورة ،أصبحت .خالل العصر العلماني السلطوي ،انتقدت حركة النهضة سيطرة الحكومة على المساجد
النهضة هي الحزب القيادي .في غضون ذلك ،فقدت الدولة التونسية السيطرة على العديد من المساجد التونسية
أدى التطرف السلفي ورد الفعل العلماني تجاهه .البالغ عددها 5000مسجد ووقع المئات منها تحت النفوذ السلفي
إلى تغيير حزب النهضة لموقفه وبسط سيطرة الحكومة على المساجد
تعد األنظمة القانونية ألربع حاالت من بين هذه البلدان التسعة (ألبانيا والبوسنة والهرسك والنيجر وأوزبكستان)
وفي حالة واحدة وهي سيراليون ،يعد قانون األسرة اإلسالمي قانو ًنا عرفيًا ويخضع الختصاص علمانية تما ًما
أما في الحالتين في حالتين وهما إريتريا ولبنان توجد محاكم شرعية لقضايا قانون األسرة المحاكم المحلية
المتبقيتين ،إندونيسيا وخاصة نيجيريا ،تستند النظم القانونية لبعض المقاطعات ،بما في ذلك قانون األسرة والقانون
الجنائي ،إلى الشريعة اإلسالمية
،قاد األمين العام لنهضة العلماء يحيى خليل ستاقوف إصال ًحا داخل الحركة تحت عنوان منذ عام
"اإلسالم اإلنساني" ،والذي يهدف إلى تعزيز المواطنة العالمية في إندونيسيا من خالل انتقاد جهود اإلسالميين
وأسست هذه الحركة ،لتصنيف المواطنين غير المسلمين على أنهم "كفار" وفرض الشريعة وبناء خالفة دولية
في أنشطتها العالمية ،شراكة مع التحالف اإلنجيلي العالمي
ويعد أحمد شافعي معارف ،الذي كان زعيمها عززت الجمعية المحمدية بشكل عام االعتدال في إندونيسيا
،مفكرا بارزا إلى انظر صفحة الويب الخاصة بمعهده .من
انسحبت إدارة أردوغان من "اتفاقية اسطنبول" التي تحمي المرأة من العنف المنزلي ،مما يعد دليال حديثا
يهدف هذا االنسحاب إلى االستجابة إلى المطالب األبوية للمحافظين على توجهها اإلسالمي الشعبوي
اإلسالميين.
دعم العديد من العلمانيين القوميين المتطرفين أيضًا نظام أردوغان وأحد أسباب هذا الدعم هو تالقيهم في
مواقفهم العدائية ضد النشطاء األكراد أما السبب اآلخر هو معاداتهم المشتركة للغرب ودعم العلمانيون
القوميون المتطرفون بشكل خاص عالقات نظام أردوغان العميقة مع روسيا والصين
مؤخرا إلى مستوى التطهير العرقي والديني من خالل وضع أكثر من مليون مسلم
ً وصلت السلطوية الصينية
من األويغور في معسكرات االعتقال.
FOLLOW US
GENERAL ENQUIRIES