You are on page 1of 12

‫بحث عن االقتصاد اإلسالمي نشأة وتطورة‬

‫الفرقة‪ :‬االولي‬

‫مجموعة‪ :‬أ‬

‫االسم‪ :‬أمير عماد أدوار‬

‫تحت اشراف دكتور‪ :‬سليم محمد‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬

‫هو مجموعة المبادئ واألصول االقتصادية التي تحكم نشاط اقتصاد‬


‫للدولة اإلسالمية التي وردت في نصوص القرآن والسنة النبوية‪،‬‬
‫والتي يمكن تطبيقها بما يتالءم مع ظروف الزمان والمكان‪ .‬يعالج‬
‫االقتصاد اإلسالمي مشاكل المجتمع االقتصادية وفق المنظور‬
‫اإلسالمي للحياة ‪ ،‬و من هذا التعريف يتضح أن األصول و مبادئ‬
‫االقتصاد اإلسالمية التي وردت في القرآن والسنة ‪ ،‬وهي أصول ال‬
‫تقبل التعديل ألنها صالحة لكل زمان ومكان بصرف النظر عن تغير‬
‫الظروف مثل الزكاة‪ ،‬فالنظام االقتصادي اإلسالمي يتضمن تلك القيم‬
‫والمبادئ والتنظيمات التي جاء بها اإلسالم ليسير النشاط االقتصادي‬
‫وفقها ويلتزم بها الفرد والمجتمع في الحياة االقتصادية ‪ ،‬وإلى جانب‬
‫ذلك فإن االقتصاد اإلسالمي يتضمن القوانين التي تفسر الظواهر‬
‫االقتصادية وتبين طبيعة سلوك المتغيرات االقتصادية في ظل‬
‫االلتزام باألحكام الشرعية اإلسالمية‪.‬‬

‫‪http://commercemagazine.freetzi.com/issue1/IslamicEcon.htm‬‬

‫‪2‬‬
‫نشأة االقتصاد اإلسالمي‬
‫إن املتأمل يف مفردات تعريف االقتصاد اإلسالمي ‪-‬واليت أشران هلا سابقا‪ -‬من ثروة‬
‫ومال وتكسب ومتلك وإنفاق وإنتاج واستثمار وخدمات وتوفري وادخار ومسائل الفقر‬
‫والغىن‪ ،‬ليدرك أن املسلمني من أوائل من اعتىن وألف الكتب يف مسائل االقتصاد‪.‬‬

‫وهذا يدفعنا إىل التفريق بني مصطلحني‪:‬‬

‫األول‪ :‬املذهب االقتصادي اإلسالمي‬

‫وميثل األصول العامة اليت وردت يف األدلة الشرعية من كتاب وسنة وغريمها‪ ،‬وهي أصول‬
‫اثبتة ال تتغري وال تتبدل‪ ،‬وتشكل مبجموعها قواعد انظمة للحياة االقتصادية بكلياهتا‪،‬‬
‫ويصلح أن نصفها بقولنا‪ :‬هي القواعد الكلية اليت يتفرع عنها التطبيقات املتنوعة‬
‫واجلزئيات التفصيلية ملفردات االقتصاد اإلسالمي‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬النظام االقتصادي اإلسالمي‬

‫وميثل الناحية التطبيقية جبزئياهتا الفرعية‪ ،‬واليت ختتلف ابختالف الزمان واملكان‪ ،‬وهي‬
‫حمل اجتهاد العلماء‪ ،‬ونظر الفقهاء‪ ،‬وما احلكم على املستجدات الفقهية واملسائل‬
‫املعاصرة يف املعامالت املالية واالقتصاد إال شكل من أشكال النظام االقتصادي‬
‫اإلسالمي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ولذلك يصلح أن نقول‪" :‬االقتصاد اإلسالمي إهلي من حيث املذهب‪ ،‬ووضعي من‬
‫حيث النظام أو التطبيق" (انظر؛ ذاتية السياسة االقتصادية اإلسالمية وأمهية االقتصاد‬
‫اإلسالمي للدكتور حممد شوقي الفنجري ص‪.)18‬‬

‫فإذا نظران إىل املذهب االقتصادي اإلسالمي وجدان أن اإلسالم هو األسبق يف تقرير‬
‫األصول العامة والقواعد الكلية اليت ينبين عليها تقرير النظام االقتصادي بتطبيقاته‬
‫املختلفة‪.‬‬

‫فقواعد العدالة وحترمي الراب والظلم والغنب الفاحش والغش‪ ،‬بل وقواعد امللكية واالستهالك‬
‫واإلنتاج والتوزيع وغريها‪ ،‬كلها جندها يف القرآن الكرمي ويف السنة النبوية املطهرة‪ ،‬ويف‬
‫كتب التفسري واحلديث والفقه‪.‬‬

‫{ه َو الَّ ِذي‬


‫فقد أمر هللا تعاىل ابلعمل والذي ميثل االنتاج أبوضح صوره‪ ،‬قال هللا تعاىل‪ُ :‬‬
‫ور} امللك‪.15/‬‬ ‫ُّش‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫جعل لَ ُكم أاألَرض ذَلُوال فَام ُشوا ِيف منَاكِبِها وُكلُوا ِمن ِرأزقِ ِه وإِلَي ِ‬
‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ أ‬ ‫أ‬ ‫َ َ َ‬ ‫أ‬ ‫ََ َ ُ أ َ‬
‫كما جاء يف السنة املطهرة احلديث عن امللكية العامة كما يف قوله صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫"الناس شركاء يف ثالث‪ :‬الكأل واملاء والنار" سنن أيب داود‪.‬‬

‫أما امللكية اخلاصة فآايت املواريث حالة واضحة وصورة جلية لتطبيقاهتا‪ ،‬ويف قول النيب‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪( :‬ال حيل مال امريء إال بطيب نفس منه) السنن الكربى للبيهقي‬

‫‪4‬‬
‫كما جند احلديث عن التوازن االقتصادي يف اجملتمع وطرق حتقيقه بتحرمي االحتكار‬
‫ني أاألَ أغنِيَ ِاء‬
‫والراب والظلم واجلور‪ ،‬إضافة إىل جتلية ذلك بقوله تعاىل‪َ { :‬ك أي َال يَ ُكو َن ُدولَة بَأ َ‬
‫ِمأن ُك أم} احلشر‪ 7 /‬واليت ختتصر علينا ِح َكما كثرية للزكاة واإلنفاق وتشغيل األموال وعدم‬
‫االكتفاء ابدخارها وحترمي االحتكار والراب مما حيقق مبجموعه التوازن االقتصادي الطبيعي‬
‫الذي جيب أن يكون عليه اجملتمع املسلم‪.‬‬

‫ولو استقصينا كل األمثلة من األدلة الشرعي يف توضيح مفردات االقتصاد اإلسالمي‬


‫لطال بنا املقام‪ ،‬ولكن نكتفي مبا متت اإلشارة إليه‪.‬‬

‫وإذا نظران إىل النظام االقتصادي اإلسالمي وما ميثله من نواحي تطبيقية ومن فرعيات‬
‫جزئية لوجدان كما من الكتب املتخصصة يف بعض فرعيات االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬عالوة‬
‫على ما جنده منثورا من املعارف االقتصادية يف تفصيالت املعامالت يف كتب الفقه‬
‫واحلديث والتفسري املختلفة‪.‬‬

‫بل جند "كتاابت ابن خلدون واملقريزي والعيين والدجلي يف أواخر القرن الرابع عشر‬
‫والقرن اخلامس عشر امليالدي نقطة البدء للمدرسة العلمية يف االقتصاد احلديث"‬
‫(الوجيز يف االقتصاد اإلسالمي للدكتور حممد شوقي الفنجري ص ‪.)27‬‬

‫ويقرر الدكتور زكي حممود شبانة وكيل جامعة األزهر سابقا أن مقدمة ابن خلدون اليت‬
‫ظهرت سنة ‪784‬ه ـ هي صورة مماثلة لكتاب (ثروة األمم) ملن يسمونه أبو االقتصاد‬
‫احلديث آدم مسيث والذي ألفه سنة ‪1776‬م‪ ،‬فابن خلدون سبقه خبمسة قرون‬
‫‪5‬‬
‫(الوجيز للفنجري ص‪ ،27‬والنظام االقتصادي اإلسالمي للدكتور حممود اخلطيب‬
‫ص‪.)16‬‬

‫ونظرة فاحصة ملقدمة ابن خلدون تنبيك عن حجم املعرفة االقتصادية املتخصصة‬
‫واملوجودة بني ثنااي هذا الكنز احلضاري‪ ،‬بل تؤسس املقدمة لنظرايت اقتصادية حديثة‬
‫ومتقدمة كما يف احلديث عن النمو االقتصادي ونظرية السكان والنشاط االقتصادي‬
‫للدولة‪( .‬املسلمون وعلم االقتصاد‪ :‬ابن خلدون مؤسس علم االقتصاد للدكتور شوقي‬
‫أمحد دنيا ص‪)6‬‬

‫انهيك عن الكتب األخرى اليت ألفت يف مفردات االقتصاد اإلسالمي املتنوعة يف القرون‬
‫اهلجرية األوىل؛ مثل‪ :‬كتاب اخلراج أليب يوسف املتوىف سنة ‪182‬هــ‪ ،‬واخلراج ليحىي بن‬
‫آدم القرشي املتوىف سنة ‪ 203‬هــ‪ ،‬وكتاب األموال أليب عبيد املتوىف سنة ‪ 224‬ه ـ‬

‫ويف النصف الثاين من القرن العشرين وبعد ظهور املذاهب االقتصادية الوضعية‬
‫احلديثة‪ ،‬وتطور النظم االقتصادية املعاصرة‪ ،‬بدأت الدراسات االقتصادية اإلسالمية‬
‫ابلظهور‪ ،‬وبدأ االقتصاد اإلسالمي كعلم وفكر ابلطرح من خالل املؤمترات الدولية‬
‫واليت افتتحت ابملؤمتر األول لالقتصاد اإلسالمي مبكة املكرمة عام ‪1946‬‬
‫‪https://www.aliftaa.jo/Article.aspx?ArticleId=1457‬‬

‫‪6‬‬
‫عصور االقتصاد اإلسالمي‬
‫الرغم من األسس الشرعية والفكرية القديمة لالقتصاد في الفكر‬
‫اإلسالمي إال أن مصطلح االقتصاد اإلسالمي في حد ذاته لم يظهر إال‬
‫في أواخر القرن الرابع عشر الهجري أو في النصف الثاني من القرن‬
‫العشرين‪ .‬وال بد من القول أن ظهور المصطلح لم يكن مجرد عثور‬
‫على اسم لشيء موجودا ً بل كان يعني أكثر من هذا على سبيل التأكيد‪.‬‬
‫لقد كان المصطلح مرتبطا ً بعدة أمور بالرغبة في إقامة نظام اقتصادي‬
‫عصري في إطار الشريعة اإلسالمية وصياغة نظريات وسياسات‬
‫اقتصادية تالئم االحتياجات الواقعية لألقطار اإلسالمية وتساعدها على‬
‫تحقيق التقدم‪.‬‬
‫لقد ظهرت الرغبة في إقامة نظام اقتصادي عصري يحفظ هوية‬
‫األقطار اإلسالمية ويحقق مصالحها وقوتها إثر انهيار الدولة‬
‫العثمانية (التي اُعتبري آخر حلقات الخالفة في الدولة اإلسالمية‬
‫الكبرى) وظهور النزعات االستقاللية في األقطار اإلسالمية التي‬
‫وقعت تحت سيطرة الدول الغربية االستعمارية‪ .‬ولم تكن السلطات‬
‫االستعمارية تُخفي نزعتها الفكرية المسيحية في التأثير على الثقافة‬
‫والتعليم وتوجهاتها في إعادة صياغة التشريعات ووضع القوانين التي‬
‫تتفق مع توجهاتها العلمانية‪ ،‬وذلك على المستويين المدني والتجاري‪.‬‬
‫وكل هذا مما أثار حفيظة الصفوة من المثقفين الوطنيين وجعلهم أكثر‬
‫رغبة واستعدادا ً لخوض معركة االستقالل الفكري للحفاظ على الهوية‬
‫اإلسالمية‪ .‬وكان من الشائع في خضم هذه المعركة الفكرية أن‬
‫االستقالل السياسي ضرورة لتصفية التبعية الفكرية‪ ،‬وأن االستقالل‬
‫االقتصادي في اإلطار اإلسالمي هو القاعدة األساسية لالستقالل‬
‫‪7‬‬
‫قوى حافز الصفوة من المثقفين والوطنيين اإلسالميين ورغبتهم‬
‫ومما ّ‬
‫في‬
‫(‪ )١‬عبد الرحمن يسري أحمد‪ ،‬االقتصاد اإلسالمي بين منهاجية البحث‬
‫وإمكانية التطبيق‪ ،‬سلسلة محاضرات العلماء الفائزين بجائزة البنك‬
‫رقم (‪ ، )١٥‬المعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب‪ ،‬البنك اإلسالمي‬
‫للتنمية‪ ١٩٩٩ ،‬م‪.‬‬
‫تحقيق الهوية االقتصادية اإلسالمية ظهور حركات ومذاهب اقتصادية‬
‫جديدة مضادة للنظام الرأسمالي مثل االشتراكية التعاونية والماركسية‪.‬‬
‫فقد كان ثمة اعتقاد شائع بأن الرأسمالية هي سر سيطرة الغرب وأنتها‬
‫الطريق الوحيد إلى القوة‪.‬‬
‫وفي إطار مناخ التحدي للرأسمالية العالمية تزايدت الدعوة إحياء‬
‫الشريعة والقيم والنظم اإلسالمية بآليات مناسبة حتى تتم مواجهة‬
‫الرأسمالية وتحدياتها االستعمارية ويمكن لألقطار اإلسالمية التخلص‬
‫من سيطرة الحركات واألفكار الجديدة التي ال تتفق أيضا ً مع الشريعة‬
‫اإلسالمية وتحقق التقدم في المجال االقتصادي‪ ،‬وقد صار من الجلي ما‬
‫للقوة االقتصادية من أهمية عظمى في البناء السياسي واالجتماعي‪.‬‬
‫وهكذا ظهر االهتمام بإقامة االقتصاد اإلسالمي فكرا ً وتطبيقا ً منذ أوائل‬
‫القرن العشرين في غمرة أحداث وتطورات عديدة داخل األقطار‬
‫اإلسالمية وخارجها‪.‬‬
‫وفي الفترة التالية للحرب العالمية الثانية نالت األقطار اإلسالمية‬
‫الواحدة تلو األخرى استقاللها السياسي من الدول االستعمارية الغربية‬
‫وبدأت مسيرتها لتحقيق التنمية االقتصادية‪ .‬وفي ذلك اإلطار الجديد‬
‫ظهرت عدة توجهات فكرية وسياسية تستهدف العمل على إقامة أو‬
‫إعادة تشكيل النظام االقتصادي والتأثير في السياسات االقتصادية‬
‫‪8‬‬ ‫الكلية‪.‬‬
‫ومن أبرز هذه التوجهات‪:‬‬
‫‪ - ١‬التوجه إلى إقامة نظام اقتصادي وطني مستقل ينخفض فيه االعتماد‬
‫على الخارج‪ ،‬وتُعطى فيه أولوية للسياسات التي تهتم بتلبية احتياجات‬
‫السكان األساسية وتعمل على تحقيق التنمية اعتمادا ً على الموارد الذاتية‬
‫بصفة أساسية‪.‬‬
‫‪ - ٢‬الحفاظ على النظام االقتصادي السابق لالستقالل من حيث هويته‬
‫الرأسمالية‪ ،‬واستمرار اعتماد السياسات التي تؤكد الصلة بالعالم‬
‫الخارجي وبالدول االستعمارية السابقة ولكن على أسس جديدة تسعى‬
‫لتحقيق المصلحة الوطنية‪.‬‬
‫‪ - ٣‬العمل على إقامة نظام اقتصادي ذو نزعة اشتراكية (أو‬
‫اجتماعية) يتعاظم فيه دور القطاع العام واالرتباط مع الكتلة الشرعية‬
‫على المستوى العالمي بدالً من الكتلة الغربية الرأسمالية‪.‬‬
‫‪ - ٤‬المناداة بإقامة نظام اقتصادي إسالمي يسعى لتحقيق المصالح‬
‫االقتصادية في إطار وطني مستقل‪ ،‬والحفاظ على عالقات متوازنة مع‬
‫العالم الخارجي مع السعي على تحقيق التكامل مع بقية األقطار‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ولقد لقي التوجه األول تأييدا ً عريضا ً وكان أكثر التوجهات بروزا ً من‬
‫الناحية الواقعية خالل الخمسينات والستينات خاصة على مستوى الكثير‬
‫من األقطار اإلسالمية‪ .‬وبقي التوجه الثاني محدودا ً إال أنه كان قويا ً من‬
‫حيث التأكيد على العالقات االقتصادية بالعالم الخارجي‪ .‬وقد عملت‬
‫الدول االستعمارية السابقة من جهتها على دعم هذا التوجه من خالل‬
‫تنظيمات‪ ،‬مثل الكومنولث البريطاني ‪British Commonwealth‬‬
‫والكتلة الفرانكفونية (فرنسا) ‪ ،‬وذلك ألجل استمرا مصالحه‬
‫‪9‬‬ ‫االقتصادية‪.‬‬
‫أما التوجه االشتراكي فقد لقي رواجا ً في عدد من األقطار اإلسالمية‬
‫خالل الستينات والسبعينات والثمانينات‪ ،‬وقد لقي هذا التوجه تأييدا ً‬
‫ودعما ً من االتحاد السوفيتي السابق إلى أن انهار هذا في بداية‬
‫التسعينات وانهارت معه التجربة االشتراكية على المستوى العالمي‪.‬‬
‫وبالنسبة للتوجه اإلسالمي فقد وجد طريقه إلى الواقع في حاالت‬
‫معدودات وهي باكستان والمملكة العربية السعودية والسودان وإيران‪،‬‬
‫ولكنه ما يزال في طور التجريب إلى اآلن‪ .‬أما في بقية األقطار‬
‫اإلسالمية فإنه بالرغم من أن التوجه اإلسالمي لقي تأييدا ً شعبيا ً كبيرا ً‬
‫منذ حصولها على االستقالل السياسي إال أنه لقي أيضا ً تحديات‬
‫ومعارضات سياسية هائلة من الداخل ومن الخارج على ح ٍد سواء‪ .‬وقد‬
‫استهدفت المعارضة أحيانا ً القضاء على التوجه اإلسالمي وأحيانا ً‬
‫أخرى دمجه أو مزجه من التوجه الوطني الرأسمالي أو مع التوجه‬
‫االشتراكي‪.‬‬
‫وخالل نصف قرن مضى اآلن على حصول معظم األقطار اإلسالمية‬
‫على استقاللها السياسي لم تنجح األنظمة االقتصادية البديلة للنظام‬
‫اإلسالمي في تحقيق االستقالل السياسي لهذه األقطار أو دفع عجلة‬
‫التنمية فيها على نحو يقلل من الفجوة االقتصادية بينها وبين الدول‬
‫المتقدمة‪ .‬على العكس من ذلك فقد عانى العديد من األقطار اإلسالمية‬
‫من ازدياد حدّة المشكالت االقتصادية في شكل عجز مستمر في موازين‬
‫المدفوعات وارتفاع غير عادي في الدين العام الخارجي وكذلك الدين‬
‫العام الداخلي واشتداد حدّة التضخم وزيادة حالة الفقراء سواء‪.‬‬
‫ولقد تسببت هذه التطورات في نقد األنظمة االقتصادية القائمة وإثارة‬
‫التساؤالت عن مالئمتها وجدوى استمرارها‪ ،‬وقد أتاح هذا ألصحاب‬
‫التوجهات اإلسالمية سواء من المفكرين أو من العاملين في المجاالت‬
‫‪10‬‬
‫السياسية واالجتماعية أن يطرحوا بقوة قضية االقتصاد اإلسالمي‪،‬‬
‫والذي من خالله يمكن تقديم عالج شامل ويتالءم مع البيئة العقدية‬
‫واالجتماعية لعامة الناس‪ .‬وفي هذا المناخ لم تنقطع اجتهادات المفكرين‬
‫اإلسالميين في تحليل مشكالت مجتمعاتهم وعرض أنواع العالج‬
‫المالئمة لها في إطار إسالمي‪ .‬وهكذا تطور الفكر االقتصادي اإلسالمي‬
‫الحديث وظهرت مساهمات عديدة عن خصائص النظام االقتصادي‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وفي مجاالت النقود والربا والبنوك اإلسالمية والزكاة‬
‫والضرائب والتنمية االقتصادية والتضخم وكيفية تحقيق االستقرار‬
‫النقدي‪ ،‬وكذلك في مجال التعاون والتكامل االقتصادي بين األقطار‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫وبطبيعة األمر فإن بعض هذه المساهمات يقل من جهة اإلتقان العلمي‬
‫أو القابلية للتطبيق العلمي عن البعض اآلخر‪ ،‬ولكنها جميعا ً اتجهت إلى‬
‫محاولة إرساء معالم نظام اقتصادي إسالمي ووضع قواعد لعلم‬
‫اقتصادي إسالمي حديث‪ .‬وكان للمؤتمرات والندوات العلمية العالمية‬
‫في االقتصاد اإلسالمي دور كبير في تنظيم المساهمات الفكرية‬
‫وتمحيصها‪.‬‬
‫وكان لجامعة الملك عبد العزيز جدة فضل في المبادرة بأول مؤتمر‬
‫عالمي لالقتصاد اإلسالمي أُقيم في مكة المكرمة عام ‪ ١٩٧٦‬م‪ ،‬كما‬
‫كان للمعهد اإلسالمي للبحوث والتدريب بالبنك اإلسالمي للتنمية دور‬
‫كبير في إقامة وإنجاح معظم الندوات والمؤتمرات التي أُقيمت‪ .‬ولقد‬
‫عقد‬
‫عقدت هذه المؤتمرات والندوات على نحو شبه مستمر منذ أن ُ‬ ‫ُ‬
‫األول منها في مكة المكرمة‪ ،‬وتم نشر أعمالها أيضا ً على مستوى‬
‫عالمي باللغتين العربية واإلنجليزية وأحيانا ً الفرنسية أو بلغات أخرى‪.‬‬
‫التجديد في الجوانب المؤسسية لالقتصاد اإلسالمي‪:‬‬
‫‪11‬‬
‫لقي االقتصاد اإلسالمي أيضا ً دفعة كبيرة في الجانب المؤسسي في‬
‫الربع قرن األخير على جبهتين أساسيتين‪ :‬التعليم والمصرفية‪ .‬وعلى‬
‫مستوى التعليم الجامعي‬
‫األول والعالي في األقطار اإلسالمية تم إنشاء أقسام علمية أو شعب‬
‫متخصصة في االقتصاد اإلسالمي في جامعة أم القرى وجامعات أخرى‬
‫بالمملكة العربية السعودية‪ ،‬وفي جامعة أم درمان اإلسالمية وخمس‬
‫جامعات أخرى بالسودان وفي إيران‪ ،‬وتم إنشاء المعهد العالي لالقتصاد‬
‫اإلسالمي في إسالم أبد بباكستان‪ ،‬وكلية االقتصاد والعلوم اإلدارية‬
‫بالجامعة اإلسالمية العالمية في ماليزيا والتي تمنح درجات جامعية في‬
‫االقتصاد مع إعطاء األهمية الكبرى لمقررات االقتصاد اإلسالمي‪.‬‬
‫وغير ذلك هناك عدد من الجامعات في العالم اإلسالمي تعرض‬
‫مقررات ودبلومات متخصصة في االقتصاد اإلسالمي ضمن مقرراتها‬
‫األكاديمية منها جامعة اإلسكندرية بمصر‪ ،‬وجامعة اليرموك في األردن‬
‫وفي هذا اإلطار تخرجت أعداد كبيرة من الشباب الجامعي الذين‬
‫يحملون فكرا ً اقتصاديا ً إسالميا ً قابالً للتطبيق والتطوير‪ ،‬كما تم إنجاز‬
‫عشرات من الرسائل العلمية في االقتصاد اإلسالمي ‪.‬‬
‫أما خارج العالم اإلسالمي فقد وجد علم االقتصاد اإلسالمي طريقه أيضا ً‬
‫إلى عدد من الجامعات والمعاهد العليا‪ ،‬كما لقي احتراما ً من بعض‬
‫المنظمات الدولية (كصندوق النقد الدولي ‪ )IMF‬وعل سبيل المثال فإن‬
‫جامعة ‪ Loughborough‬وجامعة ‪ Durham‬في وسط وشمال‬
‫انجلترا تقدم مقررات متخصصة في االقتصاد اإلسالمي ولدى األخيرة‬
‫برنامج على مستوى الماجستير يتيح التخصص في التمويل اإلسالمي‬
‫‪https://ketabonline.com/ar/books/93440/read?part=1&page=17&index=638220/638222‬‬

‫‪12‬‬

You might also like