You are on page 1of 23

‫الفكر االقتصادي في العصور القديمة والوسطى‬

‫المحور األول‪ :‬الفكر االقتصادي للحضارات الشرقية القديمة‬

‫بالرغم من قصور اجلانب الفكري االقتصادي لديها ‪ ،‬عرفت احلضارات الشرقية القدمية تطورا وازدهارا‬
‫كبريا (حسب اإلمكانيات املتاحة يف ذلك الوقت)‪ .‬هذا األمر يبني أنه كان هناك تنظيم اجتماعي دقيق‬
‫ومرن انعكس على التنظيم االقتصادي ‪،‬فقد عرفت احلضارات املصرية والبابلية والصينية القدمية جمتمعات‬
‫منظمة يف شىت اجلوانب‪ ،‬وتطور الفكر الفلسفي على مستواها أخذا معه التفكري االقتصادي حنو جوانب‬
‫ميتافيزيقية وأخالقية ولكنها من اتساعه وفهمه للظواهر االقتصادي بشكل واضح وسليم وميكن حوصلة‬
‫األفكار االقتصادية للحضارات الشرقية القدمية‬

‫‪ -‬مل تكن هناك أفكار اقتصادية باملعىن الصريح والواضح‬


‫‪ -‬أفكار معظمها مرتبط باجلانب الديين واألخالقي‬
‫‪ -‬مل تكن أفكار علمية دقيقة وواضحة املعامل‬
‫‪ -‬مل جيدو معىن امللكية والتوجيهات املرتبطة هبا‬
‫‪ -‬مل تكن هناك أفكار هتتم بدراسة الظواهر االقتصادية وكيفية الرتابط والتدخل بينهما واحملددات‬
‫والعوامل اليت حتكمها‬
‫‪ -‬مل يكن هناك حتديد ملفهوم القيمة وال لألفكار واملفاهيم األخرى املرتبطة هبا‬
‫‪ -‬بالنسبة للنقود فقد كان مفهومها بصفة عامة على أن هلا قيمة يف حد ذاهتا‬

‫المحور الثاني‪ :‬الفكر االقتصادي للحضارات الغربية القديمة‬

‫أوال ‪ :‬الفكر االقتصادي للحضارة اليونانية ‪:‬‬

‫تعترب احلضارة اليونانية من بني أعرق احلضارات عرب التاريخ ‪ ،‬هلا إسهامات عديدة وواضحة املعامل يف‬
‫خمتلف اجملاالت سواء تعلق األمر بالعلوم كالرياضيات الفيزياء والفلك‪ ،‬أو االقتصاد من خالل‬
‫مسامهات كل من أرسطو وأفالطون يف حتديد مفاهيم القيمة وامللكية‪.‬‬

‫‪ .1‬الفكر االقتصادي ألفالطون(‪774-724‬ق م‬


‫تطرق يف أفكاره وكتاباته الفلسفية لبعض املشكل االقتصادية خاصة يف كتاب ( اجلمهورية) و(‬
‫القوانني) كما يرى أفالطون أن نشأة الدولة ترجع أساسا العتبارات اقتصادية‪ .‬أيضا يرى أن‬
‫حاجات اإلنسان متعددة ومتزايدة‪.....‬هلذا البد من اجتماع األفراد من كيان سياسي اجتماعي‬
‫متكامل حىت ميكن إشباع وتلبية تلك احلاجات‬
‫جعل أفالطون الدولة وحسب (املدينة) حجما أو حيزا مثاليا على أساسا ميكن حتقيق إشباع‬
‫حاجات األفراد بشكل أفضل‪ ،‬وكذلك تكون إدارهتا رشيدة (حسب أفالطون فيجب أن يكون‬
‫عدد أفراد املدينة الفاضلة ‪0575‬فردا)( حسب كتاب اجلمهورية ألفالطون)‬
‫‪ -‬يف نفس السياق وحسب أفالطون‪ ،‬فانه جيب تقسيم العمل والرتكيز على التخصص يف العمل‬
‫واملزايا بني طبقات اجملتمع‬
‫‪ -‬احلكم عند أفالطون يكون لطبقة الفالسفة واحلكماء‪....‬مث هناك طبقة النبالء واحملاربون‪....‬‬
‫أما الطبقة الدنيا فهي العمال واملزارعني والصناع‬
‫‪ -‬بالنسبة للملكية‪...‬فأفكار أفالطون تنص على إلغاء امللكية اخلاصة للطبقة احلاكمة ( ألن‬
‫امللكية اخلاصة تسبب االحنراف للدولة ككل واهنيار النظام االقتصادي)‬
‫‪ -‬حفز على امللكية اخلاصة الفردية للمزارعني والعمال واحلرفيني‪...‬ألهنم يهدفون أساسا حتقيق‬
‫الربح واملصلحة اخلاصة‪ ...‬عكس الطبقة احلاكمة اليت جيب أن تسعى للمصلحة العامة فقط؟‬
‫‪ -‬الرق والعبيد عند أفالطون أمر البد منه ألنه عنصر مرتسخ يف احلضارة اإلنسانية‬
‫‪ -‬حبذ أفالطون فكرة الشيوعية ( االشرتاكية باملعين احلديث) لطبقة احلكام‪ ،‬وعكسها بالنسبة‬
‫للعمال (وهذا ما سبب إشكال وتناقض كبري لفكر أفالطون وإمكانية تطبيقه على أرض‬
‫الواقع)؟؟؟‬
‫‪ .2‬الفكر االقتصادي ألرسطو(‪ 722-782‬ق م)‬

‫عارض أرسطو بشدة فكرة إلغاء البواعث أو الدوافع الشخصية وإلغاء امللكية اخلاصة‪ ،‬وقال بأنه من‬
‫املمكن التوفيق بني املصلحة الفردية اخلاصة واملصلحة اجلماعية العامة ‪ .‬فالدوافع واملصلحة الشخصية‬
‫حسبة قد تكون من أهم أسس حتقيق املصلحة العامة‪ .‬كما ال رفض فكرة إلغاء امللكية اخلاصة حىت‬
‫بالنسبة لطبقة احلكام‬
‫(أفكار أرسطو فيما خيص املصلحة الفردية حتقق املصلحة العامة تعبري البذرة األوىل لألفكار الرأمسالية‬
‫اليت سادت يف العصر احلديث)‬

‫‪ -‬فكر أرسطو يف تفسري الظواهر االقتصادية كان أعمق وأمشل من فكرة أفالطون خاصة فيما‬
‫خيص (القيمة والنقود وامللكية)‬
‫‪ -‬تكلم أرسطو عل القيمة‪ ،‬وفرق بني االستعمال وقيمة املبادلة‪ .‬فقيمة االستعمال هي املنفعة من‬
‫السلعة (الشيء) بالنسبة للفرد أو املستعمل‪ .‬أما قيمة املبادلة فهدفها حتديد معدل التبادل بني‬
‫املنتجات كما أن قيمة التبادل تتعلق بفكرة الثمن العادل ( فكرة أخالقية ) هلذا فإن الثمن‬
‫االحتكاري عند أرسطو هو عمل غري سليم ‪ ،‬ألهنا أمثان غري عادلة‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للنقود فحسب أرسطو ظهورها راجع لعيوب املقايضة ‪.‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة لفكرة التوزيع ( توزيع الثروة وتوطينها ) فقد فرق بني اإلثراء الطبيعي وغري الطبيعي‬
‫فالنشاط التجاري غري حمبذ لدى أرسطو والثروة الناجتة عنه تعترب غري طبيعية‪ ،‬مثله مثل الفائدة‬
‫املرتتبة على إقراض النقود‪ ،‬فهذه األخرية حسب أرسطو غري منتجة يف حد ذاهتا وال تعترب سلعة‬
‫ميكن بيعها فهي هتتلك حال استعماهلا ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الفكر االقتصادي للحضارة الرومانية ‪:‬‬

‫يرى الكثري من املفكرين واملؤرخني أن اقتباس العلوم واألدب والفلسفة من اليونانيني قد ساعد الرومانيون‬
‫على التطور واالزدهار‪ ،‬ولكنه ليس بالقدر الكايف ‪ ،‬مما جعل حالة اجلمود الفكري يف التحليل‬
‫االقتصادي هي السائدة بصفة عامة متيزت الثقافة والفكر الروماين االقتصادي بالضحالة والقصر‬
‫الفلسفي حيث بقي الفكر الروماين تابعا بشكل كبري للفكر اليوناين من الناحية الفلسفية ‪.‬‬

‫يف العهد الروماين حتول االقتصاد العائلي إىل اقتصاد زراعي مغلق ‪ ....‬مث اقتصاد استعماري إمرباطوري‪.‬‬

‫ظهرت العديد من املستجدات و الظواهر االقتصادية اليت مل تكن معروفة من قبل نتيجة لتوسع‬
‫اإلمرباطورية الرومانية و تعقد احلياة االقتصادية نتيجة هلذا التوسع‪ ....‬مثل ظاهرة التضخم خاصة يف‬
‫القرن الثالث و اخلامس بعد امليالد‪.‬‬
‫تركز الفكر االقتصادي الروماين يف القرنني الثالث و اخلامس على أثر تنظيم األسواق و انعكاسها املباشر‬
‫و غري املباشر على التضخم و األسعار‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬تقييم الفكر االقتصادي للحضارات القديمة‬

‫ميكن القول أن الفكر االقتصادي يف احلضارات القدمية قد غلبت على جوانبه النظرة الفلسفية‪ ،‬و مل‬
‫يصطبغ بالصبغة العلمية الواضحة‪ ،‬فكانت جممل األفكار اليت حاولت دراسة الظاهرة االقتصادية منبثقة‬
‫عن خلفيات فلسفية غري واضحة وغري دقيقة‪ ،‬خاصة يف احلضارات الشرقية القدمية‪،‬إال أننا قد نلمس‬
‫بعض اجلوانب املنطقية لدى كل من أرسطو و أفالطون خاصة يف حتليلهم للقيمة و حمدداهتا و تفريقهم‬
‫بني قيمة االستعمال و قيمة املبادلة ‪ ،‬و حماولة البحث عن آليات الوصول للثمن العادل للسلع و‬
‫اخلدمات‪ ،‬و كذلك يف إطار حبثهم عن حمددات امللكية و خصوصيتها‪،‬ومدى مسامهتها يف تكوين الثروة‬
‫(الرتاكم الرأمسايل) ‪ ،‬إال أن هذه األفكار و بالرغم من أمهيتها القصوى إال أهنا كانت سطحية ومل تعطي‬
‫التحليل الشامل للظاهرة االقتصادية يف تلك الفرتة‪.‬‬

‫المحور الرابع‪ :‬المعالم األساسية للفكر االقتصادي األوروبي في العصور الوسطى‬

‫كما تكلمنا سابقا‪ ،‬مل يكن هناك تفكري اقتصادي علمي لدى مفكري العصور الوسطى يف أوروبا ‪،‬‬
‫ولكنهم حبثوا يف إطار الفلسفة الكنسية عن ماهية االقتصاد و العالقات اليت تنظمه ‪ ،‬وكذلك يف‬
‫إشكالية امللكية و حمدداهتا و مشروعيتها ‪ ،‬كما تكلموا عن مدى مشروعية النشاط التجاري‪ ،‬و كذلك‬
‫الفائدة و القيمة و حمدداهتا ‪ ،‬وميكن إجياز ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪-‬هل أعترب االقتصاد علم؟ ‪:‬ساد يف العصور الوسطى اعتقاد راسخ بأن بان النشاط االقتصادي جيب‬
‫أن خيضع بشكل كامل للتعاليم الدينية الكنسية ‪ ،‬هلذا كانت القواعد األخالقية هي اليت تنظم احلياة‬
‫االقتصادية‪ ...‬كما كانت أفكار أرسطو سائدة خاصة فيما يتعلق بامللكية و القيمة و فكرة الثمن‬
‫العادل‪.‬‬

‫ب‪-‬البحث يف إشكالية امللكية و حمدداهتا (هل امللكية مشروعة؟) كفي البدايات األوىل للعصور‬
‫الوسطى كانت النظرة للملكية حتكمها اعتبارات دينية فاعتقد رجال الكنيسة أن السعي وراء الثروة و‬
‫تكوين امللكيات اخلاصة يعرض الفرد للهالك ‪ ...‬فقد ناد القديس أوجستني(‪ )augustine‬بان التجارة‬
‫تبعد الفرد عن اهلل‪ ...‬فأثر هذا يف السعي حنو تكوين الثروة و زيادة الرتاكم الرأمسايل الذي يعترب أحد‬
‫أهم مقومات النهوض باالقتصاد‪.‬‬

‫يف منتصف العصور الوسطى‪ ...‬تعرضت هذه األفكار للنقد الشديد‪ ...‬حيث ظهر تعارض شديد بني‬
‫هذا الفكر و بني واقع اقتصادي تنمو فيه امللكية اخلاصة(اإلقطاعية) و تتطور فيه األنشطة التجارية‬
‫بشكل متسارع‪.‬‬

‫كما أن (توماس االكويين) أشهر مفكري العصور الوسطى‪ ...‬تأثر بفكر أرسطو فيما خيص امللكية‬
‫اخلاصة و ابرز أمهيتها يف حتقيق املصلحة اجلماعية‪ ،‬هلذا دافع توماس االكويين عن النظام القائم على‬
‫امللكية اخلاصة على أساس أهنا وظيفة اجتماعية ختدم مصاحل اجملتمع ككل‪.‬‬

‫ج‪-‬البحث يف مدى مشروعية النشاط التجاري؟ ‪:‬ارتبط النشاط التجاري بالفكر االقتصادي املتعلق‬
‫بامللكية اخلاصة و حمدداهتا و مدى مشروعيتها‪ ،‬فتوماس االكويين اتفق مع أرسطو من حيث املبدأ الذي‬
‫يقول بان التجارة نشاط غري جيد يف حد ذاته و لكنه شر البد منه‪.‬‬

‫وجيب أن تتوفر شروط حىت تكون التجارة مربرة حسب توماس االكويين‪:‬‬

‫‪-‬االعتدال يف الثورة‬ ‫‪-‬عدالة التبادل‬

‫د‪-‬البحث يف حمددات القيمة و آليات حتديد الثمن العادل؟ ‪:‬تساءل مفكري العصور الوسطى عن‬
‫ماهية العوامل احملددة للقيمة‪ ،‬و كذلك عن آليات حتديد الثمن العادل ‪ ،‬وقد امجعوا على وجود عامالن‬
‫أساسيان لذلك اقتصادي و طبيعي‪ ،‬فقد رأى توماس االكويين بأن العامل الطبيعي يتعلق باحلاجات ‪ ،‬و‬
‫اهتم بدور العقيدة و الدين يف هتذيب احلاجات و ترتيبها ‪ ،‬أما العامل االقتصادي فيتعلق بالتكاليف‬
‫اإلنتاجية و العمل الضروري لإلنتاج‪.‬‬

‫كما نادى توماس االكويين بتطبيق فكرة الثمن العادل اليت بادر هبا أرسطو و أضاف إليها فكرة األجر‬
‫العادل و الربح العادل ‪،‬لكن مع تطور النشاط االقتصادي بدأت النظرة اىل فكرة الثمن العادل تتغري‬
‫تبعا لتغري حالة السوق‪ ،‬فأصبح الثمن العادل هو مثن االتفاق بني طريف العقد‪ ...‬و مع تطور النشاط‬
‫أكثر بدأت تظهر بوادر االلتزام بقانون العرض و الطلب الذي يف ظله تزول فكرة الثمن العادل‪.‬‬
‫الفكر االقتصادي اإلسالمي‬

‫يف الفرتة اليت كانت تعاين فيها أوروبا من انتشار و تفشي اجلهل و التخلف الثقايف و العلمي و‬
‫االقتصادي‪ ،‬نتيجة لسيطرة الكنيسة على خمتلف مفاصل احلياة السياسية و االقتصادية ‪ ،‬كانت احلضارة‬
‫اإلسالمية تزدهر و تنمو ‪ ،‬عرب منو أفكارها احلداثية ‪،‬يف خمتلف اجملاالت العلمية و العملية ‪ ،‬كما تطور‬
‫الفكر االقتصادي اإلسالمي بشكل كبري و برزت العديد من األفكار اليت تبحث يف القيمة و النقود و‬
‫آليات تكوين الثروة و توزيعها ‪ ،‬و أساليب حتقيق التنمية االقتصادية و العدالة االجتماعية‪.‬‬

‫المحور األول‪ :‬أهمية دراسة الفكر االقتصادي اإلسالمي‬

‫إن أمهية دراسة تاريخ الفكر االقتصادي اإلسالمي ال تقتصر فقط على توضيحه لغري املسلمني كرتاث‬
‫ثري وغين بالنظم والسياسات االقتصادية‪ ،‬بل تتعدى فائدته للمسلمني يف الدول القومية احلديثة يف‬
‫وقتنا احلاضر بغية التعرف على القوانني االقتصادية والعالقات اليت حتكم النمو االقتصادي يف املاضي‬
‫ودورها يف التأثري على القطاعات اجملتمع األخرى حاضر ومستقبال يف حل العديد من املشاكل‬
‫االقتصادية يف املاضي الذي هو بطبيعة احلال ويف كثري من األحيان صور للحاضر ودليل مستقبل‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬المبادئ األساسية لالقتصاد اإلسالمي‬

‫االقتصاد اإلسالمي واقعي متطابق مع الفطرة اإلنسانية لكن بصبغة أخالقية منطقية ويرتكز على مبادئ‬
‫أساسية‬

‫‪ -‬مبدأ العدالة االجتماعية ‪ :‬احلرية االقتصادية يف إطار الفكر اإلسالمي املعتدل‪ ،‬مرتبطة بتعزيز‬
‫العدالة االجتماعية عن طريق التوزيع العادل للثروة ولعوائد اإلنتاج على كافة عوامل دون‬
‫إجحاف أو تقصري‬
‫‪ -‬مبدأ امللكية املزدوجة‪ :‬امللكية حسب الفكر االقتصادي اإلسالمي قد تكون خاصة أو عامة‬
‫تابعة للدولة أو وقف شائع يستفيد منه مجيع أفراد اجملتمع ‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ احلرية االقتصادية املقيدة‪:‬‬
‫المحور الثالث‪:‬أبرز المفكرين المسلمين في العصور الوسطى‬

‫برز العديد من املفكرين املسلمني يف فرتة العصور الوسطى حني كانت احلضارة إسالمية يف أوج عطائها‬
‫وقوهتا‪ ،‬وقد برزت أفكارهم يف مجيع اجملاالت العلمية والفلسفية والدينية ‪ ،‬وكان لالقتصاد جمال حبث‬
‫واسع يف حتليالهتم للظاهرة االجتماعية والعالقات اإلنسانية وكيفية تنظيمها وفق الضوابط اليت ختدم‬
‫مصاحل الفرد واجملتمع ومن بني هؤالء األعالم نذكر‪:‬‬

‫‪ .1‬ابن خلدون( ‪)1751-1777‬م‬

‫درس ابن خلدون والواقع االقتصادية التارخيية إلبراز ارتباط األحداث االجتماعية والسياسية واالقتصادية‬
‫مع بعضها البعض يف منط متسق وقد استخدم املنطق يف استنتاج القواعد العامة للفكر االقتصادي بناءا‬
‫على التحليل االجتماعي للعالقات البشرية ‪ ،‬وميكن تلخيص أهم أفكار ابن خلدون االقتصادية يف‬
‫النقاط‪:‬‬

‫‪ ‬بني أن هناك أثر كبري للبيئة االجتماعية على النشاط االقتصاد لإلنسان‬
‫‪ ‬بني أن البيئة اجلغرافية كذلك تؤثر يف النشاط‬
‫‪ ‬حتدث أن عوامل اإلنتاج حسبه هي العمل ورأس املال واملوارد الطبيعية‪ ،‬وأمهها العمل‬
‫‪ ‬الدخل عند ابن خلدون هو نتيجة طبيعية للسعي والعمل‬
‫‪ ‬الصناعية حسب ابن خلدون نشاط متطور ال يتحقق إال يف مراحل االستقرار وتكوين املدينة حلل‬
‫ابن خلدون فكرة الريع املرتبط باألرض ( االرتباط بني نفقات الزراعة)‬
‫‪ ‬هناك عالقة طردية دائمة بني األسعار وبني الضرائب‬
‫‪ ‬الربح هو الفرق مثن الشراء والبيع‬
‫‪ ‬تزايد السكان يؤدي إىل تقسيم العمل وبالتايل زيادة اإلنتاج زيادة وبالتايل زيادة الدخل الفردي ‪...‬‬
‫يزداد الطلب على السلع الكمالية‬
‫‪ ‬حسب ابن خلدون فإن النمو االقتصادي للمجتمع مير مبراحل متعددة (العمران)‬
‫‪ ‬كما ركز يف حتليله على أن العوامل الطبيعية هلا تأثري كبري على النمو االقتصادي (العمران)‬
‫‪ ‬عارض ابن خلدون تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي (إن التدخل املباشر يكون مرتبطا بظلم‬
‫احلاكم وجوره)‬
‫‪ .2‬تقي الدين أمحد بن على املقريزي( ‪)870-422‬‬

‫اهتم املقريزي يف اجلانب االقتصاد من فلسفته بالنقود‪ ،‬واليت حلل على أساسها خمتلف االقتصادية‪ ،‬كما‬
‫عمل على حتليل أسباب الغالء (التضخم) وأرجعها لسوء السياسية االقتصادية للدولة وميكن إبراز أهم‬
‫أفكار فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ربط اخنفاض األسعار بزيادة اإلنتاج ووفرته‬


‫‪ -‬املنافسة حسب املقريزي تؤدي للرخاء‬
‫‪ -‬تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي مضر مبصاحل الناس‪ ،‬فالدولة حسبه ستستهلك الطرق‬
‫االحتكاري‬
‫‪ -‬يعترب املقريزي املؤسس األول للنظرية النقدية ( فحسبه زيادة كمية النقود املتداولة تؤدي بالضرورة‬
‫الرتفاع تكاليف اإلنتاج وبالتايل ارتفاع األسعار)‬
‫‪ -‬بني تأثري النقود على مجيع املتغريات االقتصادية ( ابان دور غري حيادي‪ ...‬عكس الفكر‬
‫الكالسيكي فيما بعد )‬
‫‪ -‬كلما تغريت كمية النقود اثر ذلك على النشاط االقتصادي‬
‫‪ -‬نادى بسك النقود من املعادن النفسية للحد من زيادهتا وتأثريها السليب على النشاط االقتصادي ‪.‬‬
‫‪ -‬كان املقريزي أول من وضع قاعدة الغطاء الذهيب للنقود‬

‫الفكر االقتصادي عند التجاريين‬

‫ظهر يف أوروبا الغربية خالل الفرتة املمتدة من القرن اخلامس عشر إىل غاية النصف األول من القرن‬
‫الثامن عشر فكر اقتصادي جديد أطلق عليه " الفكر املريكانتيلي" أو الفكر التجاري ‪ .‬وقد تزامن‬
‫ظهور هذا الفكر مع تفكك اجملتمع اإلقطاعي وازدياد نفوذ التجار وقوهتم يف اجملتمعات الغربية باإلضافة‬
‫إىل رسوخ كيان السلطة املركزية وظهور الدولة القومية‬

‫‪ )1‬السمات العامة للفكر التجاري‪:‬‬


‫من أهم ما اتسم به الفكر املريكانتيلي يف إطار التحوالت االجتماعية والفكرية اليت جرت يف اجملتمعات‬
‫الغربية خالل القرون الثالثة اليت سبقت الثورة الصناعية نورد هنا على اخلصوص ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬ختلي هذا الفكر عن املرجعية الدينية وحترر منها بشكل كلي‬


‫تركيز الفكر املريكانتيلي اهتمامه على هدف أساسي هو حتقيق قوة الدولة ووحدهتا وزيادة ثروهتا‬ ‫‪-‬‬
‫من خالل زيادة ثروة جتارها‬
‫‪ -‬اهتمامه الكبري باجلوانب العلمية للسياسة االقتصادية للدولة بغرض حتقيق األهداف املشار إليها‬
‫وجعل الدراسات اليت تقوم هبا الظواهر االقتصادية وسيلة لذلك‬
‫‪ -‬مل يشكل هذا التيار مدرسة فكرية حمددة حيث مل يكن له أستاذ قائد وال كتاب مرجع اإلضافة إىل‬
‫عدم وجود تالميذ تابعني‬
‫‪ )2‬أهم األفكار التي نادى بها الميركانتيليون‪ :‬من أهم األفكار اليت الكتاب املريكانتيليون‬
‫نورد هنا ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الثروة واملعادن النفسية ‪ :‬اعتقد املريكاتيليون أن الثروة هي قوام الدولة القوية ولذلك جعلوا من واجب‬
‫هذه األخرية أن تسعى باستمرار لتشجيع اإلكثار من مجعها ومراكمتها‬
‫ب‪ -‬ضرورة تدخل يف النشاط االقتصادي‪ :‬نادى املريكانتيليون بضرورة تدخل الدولة يف النشاط‬
‫االقتصادي لإلشراف املستمر على سريه وذلك بغرض إجياد الظروف املواتية ملراكمة املعادن النفسية‬
‫بالبالد وزيادة ثراء البالد وقوة الدولة خصوصا وأن هذا األمر يقضي االعتماد على التجارة اخلارجية‬
‫اليت تعترب السبيل الوحيد‪ ،‬يف غياب مناجم لتلك املعادن بالدخل‪ ،‬للحصول على الذهب والفضة‬
‫من البلدان األجنبية‪ .‬لكن هذا التدخل ال يقصد به بطبيعة احلال احلد من امللكية اخلاصة أو إعادة‬
‫النظر إىل آليات السوق كوسيلة أساسية لتوجيه النشاط االقتصادي‬
‫ت‪ -‬إعطاء األولوية للتجارة اخلارجية ‪:‬تأيت التجارة اخلارجية يف مقدمة األنشطة االقتصادية اليت كانوا‬
‫ينادون بتشجيعها‪ ،‬وذلك لكوهنا مرتبطة مباشرة بإمكانيات تدفق املعادن النفيسة إىل البالد بشكل‬
‫مستمر‪ .‬مث تأيت الصناعة يف الدرجة الثانية من األمهية وذلك مبا تستطيع توفري من منتجات قابلة‬
‫للتصدير والتصريف يف أسواق خمتلف البلدان األخرى أما الزراعة فتأيت يف املرتبة األخرية لقلة‬
‫مسامهتها يف الصادرات وتدين قيمة منتجاهتا على العموم‬
‫ث‪ -‬السكان ‪ :‬دعا املريكانتيليون إىل اختاذ خمتلف التدابري من أجل زيادة عدد السكان بتشجيع الزواج‬
‫املبكر وجلب العمال املهرة من اخلارج عند احلاجة‪ ،‬وذلك من أجل تعزيز اإلمكانيات اإلنتاجية‬
‫للبالد بزيادة عدد أفراد الفئات املنتجة ومن أجل زيادة القوة العددية للجيش‬
‫‪ )3‬األشكال الرئيسية للمركانتيلية التي اعتمدت في بعض البلدان االوروبية ‪:‬‬
‫ميز املؤرخون عدة أشكال من املريكانتيلية اليت طبقت يف البلدان األوروبية يتمثل أمهها يف الثالثة‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬املريكانتيلية املعدنية (إسبانيا)‬

‫تويل املريكانتيلية املعدنية اهتماما شديدا ملراكمة املعادن النفيسة باعتبارها ثورة يف حد ذاهتا‪ ،‬وقد مثل‬
‫هذا االجتاه احلكومة االسبانية يف تلك الفرتة واليت حرصت بشدة على حتقيق دخول كميات كبرية من‬
‫الذهب إىل البالد مستفيدة من مناجم الذهب الغنية املكتشفة يف مستعمراهتا يف أمريكا اجلنوبية كما‬
‫قامت باملقابل مبنع خروجه مبختلف الوسائل مبا فيها اللجوء إىل العقوبات القاسية‬

‫غري أن تلك السياسة كانت هلا عواقب وخيمة على اقتصاد البالد بسبب ما أدت إليه من ارتفاع كبري يف‬
‫أسعار املنتجات احمللية وتراجع كبري يف قدرهتا على املنافسة اخلارجية‬

‫ب‪ -‬املريكانتيلية الصناعية (فرنسا)‬

‫اختارت احلكومة الفرنسية بسبب الضعف النسيب لتجارهتا اخلارجية وعدم توفرها على مستعمرات غنية‬
‫مبناجم الذهب اللجوء إىل رفع القدرات اإلنتاجية الصناعية احمللية هبدف توجيه منتجاهتا إىل التصدير‬
‫ومن مث احلصول على املعادن النفسية ‪ .‬وقد كان هلذا التدخل احلكومي أثر إجيايب كبري يف نشأة وتطوير‬
‫القطاع الصناعي يف االقتصاد الفرنسي‪ ،‬مع كل ما رافق ذلك من اختاذ إلجراءات متنوعة كان اهلدف‬
‫منها تشجيع التصدير وختفيض تكاليف اإلنتاج واحلد من االسترياد‬

‫‪- 4‬تقييم الفكر الميركانتيلي‪ :‬اشتمل الفكر املريكانتيلي على كثري من النقاط االجيابية لكنة‬
‫بالقابل مل يسلم من بعض النقاط السلبية‪.‬‬
‫‪ .1‬النقاط االجيابية يف الفكر املريكانتيلي‪:‬‬
‫‪ -‬اهتمام الكتاب املريكانتيليني بدعم الدولة املركزية وتقويتها وما كان لذلك من أثر يف تكامل‬
‫اقتصاديات البلدان االوروبية الغربية ومنوها وتنوعها‬
‫‪ -‬اهتمامهم بالتوسع يف االنشطة التجارية والصناعية وكل ما جنم عن ذلك من زيادة كبرية يف استخدام‬
‫النقود وظهور البنوك والبورصات وشركات التأمني وغريها‬
‫‪ -‬إبرازهم لفكر امليزان التجاري وألمهية العالقات االقتصادية مع اخلارج‬
‫‪ -‬إبرازهم للعالقة بني مستوى االسعار وكمية النقود‬
‫‪ -‬تبنيهم لسياسة اقتصادية تدخليه تلقي على الدولة مهمة االشراف على تنمية وتطوير االقتصاد‬
‫باستخدام كل الوسائل املتاحة لذلك يف ظل احرتام امللكية ال اخلاصة‬
‫‪ .2‬النقاط السلبية يف الفكر املريكانتيلي ‪:‬‬
‫‪ -‬حصر املفكرين املريكانتليني‪ ،‬وخاصة األوائل منهم والثروة املعادن النفيسة وتركيزهم الشديد‬
‫على مراكمتها إحداث آثار سلبية على االقتصاد منها على سبيل املثال ارتفاع الشديد يف‬
‫االسعار الذي حدث يف اسبانيا وتردي أوضاع القطاع الزراعي يف فرنسا‬
‫‪ -‬إضرار السياسات املركانتيلية باملستعمرات اليت سيطرت عليها البلدان االوروبية نتيجة لالنفتاح‬
‫التجاري إلجباري الذي فرض عليها وسياسات االحتكار اليت مورست ضد مصلحها‬
‫‪ -‬ارتفاع األسعار يؤثر على الداخل‬

‫الفكر االقتصادي عند الطبيعيين(الفيزوقراط)‬

‫ظهرت املدرسة الطبيعية بفرنسا يف النصف الثاين القرن الثامن عشر بقيادة الدكتور فرانسوا كيناي‪،‬‬
‫طبيب امللك لويس اخلامس عشر‪ .‬وقد كان ظهورها كرد فعل ملا سببته األفكار املركانتيلية من آثار‬
‫سلبية على النشاط الزراعي هبذا البلد نتيجة إعطاء احلكومة األولوية إىل التجارة والصناعة‪ .‬وسنتعرض‬
‫يف هذا البحث إىل أهم األفكار اليت نادي هبا الفيزوقراط يف عنصر أول مث تقييم عام هلا يف عنصر ثان‬

‫‪ )1‬أهم االفكار التي نادى بها الفيزوقراط‬


‫أ‪ -‬النظام الطبيعي‪:‬‬
‫يعتقد الفيزوقراط أن العامل حمكوم بقوانني عامة وثابتة تتغري وأن هذه القوانني ال تقتصر على العامل‬
‫الطبيعي وإمنا تشمل أيضا اجملتمع االنساين ‪ ،‬كما أهنا تسري من تلقاء نفسها دون أي حاجة‬
‫لتدخل اإلنسان بناء عليه يكون على الدولة اليت يقوم بإصدار القوانني املنظمة لشؤون اجملتمع أن‬
‫تتوافق يف ذلك مع القوانني الطبيعية السارية املفعول إذ أن هذه القوانني طبيعية ميكن اكتشافها‬
‫باالعتماد على البحث العلمي‬
‫ب‪ -‬احلرية االقتصادية ‪:‬‬
‫وفقا العتقاد الفيزوقراط ‪ ،‬فإن النظام الطبيعي يقوم على ضمان احلرية الشخصية لألفراد وخاصة‬
‫ما تعلق منها بالنشاط االقتصادي ‪ .‬وهم يرون أن تدخل احلكومة كما كان ينادي به املريكانتيليون‬
‫خيل بالسري الطبيعي للحياة االقتصادية ‪ ،‬ولذلك دعوا إىل ضرورة فتح جمال للحرية االقتصادية‬
‫رافعني شعارهم املشهور "دعه يعمل دعه مير"‬
‫ت‪ -‬اجلدول االقتصاد‪:‬‬
‫يعترب الكثري من االقتصاديني أن فرانسوا كيناي جاء بفكرة غري مسبقة بتقدميه لتصور كلي للنشاط‬
‫االقتصادي يف الدولة من خالل منوذج هو عبارة عن جدول يربز املكونات الرئيسية لذلك‬
‫النشاط والتدفقات حتدث فيه متأثرا يف ذلك خبلفية تكوينيه الطيب عن اإلنسان وتدفق الدم‬
‫والعملية اليت تتم بني األعضاء من خالله‪ .‬حيث اعترب كيناي أن اجملتمع مكون من ثالث طبقات‬
‫هي ‪ :‬طبقة املزارعني وطبقة الصناعيني والتجار وأن الثروة املنتجة تتداول بني هذه الطبقات الثالث‬
‫على حنو حاول بيانه من خالل اجلدول أو النموذج الذي قدمه‬
‫ث‪ -‬الضريبة الوحيدة‪:‬‬
‫نتيجة العتبارهم أن األرض هي املصدر الوحيد املنتج للثروة فقد دعا الفيزيوقراط إىل اقتصار‬
‫الضريبة على الناتج الصايف وحده وإلغاء الضرائب املفروضة على الطبقات األخرى معتقدين أن‬
‫هذا اإلجراء يقلل من نفقات اجلباية ومن السلبية للضرائب على النشاط االقتصادي‪.‬‬

‫الفكر االقتصادي للمدرسة الكالسيكية‬

‫يعترب االقتصاد االجنليزي آدم مسيث هو مؤسس املدرسة الكالسيكية من خالل ما أحدثه من نقلة‬
‫نوعية فارقة يف الفكر االقتصادي بفضل كتابة الشهرية املعروف ب" ثروة األمم " الذي صدر سنة‬
‫‪ .1441‬مث جاء بعد آدم مسيث مفكرون آخرون ساروا على خطاه وقدموا مسامهات هامة كان هلا أثر‬
‫كبري يف اكتمال النظرية الكالسيكية‬

‫أوال ‪:‬المعالم الرئيسية للمدرسة الكالسيكية ‪:‬‬

‫‪ )1‬املبادئ العامة اليت تقوم عليها املدرسة الكالسيكية ‪:‬‬

‫تقوم املدرسة الكالسيكية على مجلة من املبادئ واألفكار األساسية اليت تؤكد على ضرورة احرتام احلرية‬
‫الفردية وامللكية اخلاصة وتؤكد على حرية املنافسة ‪ ،‬وعلى أمهية رعاية الدولة هلذه األسس بتوفري احلماية‬
‫الالزمة هلا من خالل ما توفره من أمن داخلي و دفاع خارجي وتقدمي اخلدمات الضرورية املختلفة اليت‬
‫ال يستطيع األفراد توفريها من تلقاء أنفسهم‬

‫وتنظيم خمتلف املعامالت يف ظل النظام بفضل قوى العرض والطلب على مستوى أسواق السلع‬
‫واخلدمات ‪ ،‬والعمل وكذلك رأس املال‪ .‬وترى املدرسة الكالسيكية أن هذا النظام يستطيع احلفاظ على‬
‫توازنه بشكل ذايت كما يستطيع أن يضمن االستخدام الكامل للموارد ‪ ،‬حيث تعترب أن النقود حيادية‬
‫وتستخدم أساسا من أجل تسهيل التبادل ‪ ،‬كما تعترب أيضا أن األسعار مبا فيها األجور وأسعار الفائدة‬
‫تتمتع باملرونة التامة‬

‫وقد كان من نتائج هذه االفرتاضات أن تتوج النظام االقتصادي الكالسيكي بقانون مشهور هو قانون‬
‫ساي لألسواق‪ ،‬الذي مفاده أن العرض الكلي للسلع واخلدمات خيلق الطلب عليه ألن العلمية‬
‫اإلنتاجية تنتج سلعا من جهة ويرتتب عنها دخول بقيمة تلك السلع توزع على عوامل اإلنتاج املسامهة‬
‫يف إنتاجها من جهة أخرى ‪ .‬فهناك دائما بالتايل قوة شرائية كافية لتصريف كل السلع املنتجة‬

‫ثانيا ‪ :‬آدم سميث‪:‬آدم مسيث (‪)1427-1475‬هو مفكر اسكتلندي ‪ ،‬كان أستاذ للفلسفة‬
‫واألخالق جبامعة جالسكو بربيطانيا ‪ ،‬واهتم كثريا بالدراسات االقتصادية وترك عدة مؤلفات من أشهر‬
‫كتاب " ثروة األمم" الذي صدر يف ‪.1441‬‬

‫من أهم املواضيع اليت تناوهلا واألفكار اليت طرحها آدم مسيث نورد هنا باختصار ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الثروة ‪:‬‬
‫انتقد آدم مسيث املريكانتليني خبصوص حصرهم الثروة يف املعادن النفيسة ‪ ،‬واعترب أن الثروة تكمن يف‬
‫اإلنتاج والقدرة على اإلنتاج ‪ ،‬كما انتقد الفيزيوقراط الذين اعتربوا الزراعة النشاط االقتصادي الوحيد‬
‫املنتج وباقي النشاطات عقيمة ‪ ،‬وأكد على املكانة للصناعة يف إنتاج الثروة لكن مسيث مل يدخل مع‬
‫ذلك النشاطات اخلدمية ضمن النشاطات على الرغم من إقراره بأمهيتها‬

‫‪ ‬تقسيم العمل‪:‬‬
‫أكد مسيث كثريا على أن تقسيم العمل له أثار اجيابية كبرية جدا يف زيادة الثروة‪ ،‬ألنه يؤدي إىل‬
‫رفع مستويات اإلنتاجية ‪ ،‬خاصة إذا تعلق األمر بالعملية اإلنتاجية اجملزأة اليت تؤدي إىل ختصص‬
‫العمال وإكساهبم املزيد من املهارة و اخلربة‪ ،‬باإلضافة إىل اختزال األوقات املرتبطة باالنتقال من‬
‫عملية ألخرى يف ظل اخنفاض مستوى التخصص‪.‬‬
‫من جهة أخرى أشار مسيث إىل أن هناك عالقة إجيابية بني مستوى تقسيم العمل و بني حجم‬
‫السوق ‪ ،‬فكلما كان حجم السوق كبريا كلما كان تقسيم العمل شديدا‪.‬‬
‫‪ ‬احلرية االقتصادية و انسجام املصاحل اخلاصة و العامة‪:‬‬
‫يرى مسيث أن الدوافع احملركة للنشاطات االقتصادية يف اجملتمع تعود أساسا إىل املصاحل‬
‫الشخصية لألفراد ‪ .‬و يف ظل نظام اقتصادي مبين على احرتام امللكية اخلاصة لألفراد و ضمان‬
‫حرية املنافسة بينهم ‪ ،‬فإن سعي كل فرد لتحقيق مصلحته الشخصية يؤدي يف النهاية إىل حتقيق‬
‫املصلحة العامة املتمثلة يف توفري خمتلف املنتجات و اخلدمات اليت حيتاج إليها كل أفراد اجملتمع‪،‬‬
‫وهو ما يعرف بانسجام املصاحل اخلاصة مع املصلحة العامة‪.‬‬

‫نظرية القيمة‪:‬‬

‫يف إطار دراسته هلذا املوضوع الحظ مسيث أن كلمة "قيمة" هلا معنيان‪ ،‬فهي تستخدم أحيانا للداللة‬
‫على منفعة شيء ما و أحيانا أخرى للداللة على القدرة الشرائية اليت نستطيع احلصول مبوجبها على‬
‫ملكية ذلك الشيء‪ .‬و هو ما يعرب عن املعىن االول بالقيمة االستعمارية و عن املعىن الثاين بالقيمة‬
‫التبادلية ‪ .‬لكنه الحظ أن هناك أشياء هلا قيمة استعماليه كبرية يف حني أن قيمتها التبادلية تبدو ضئيلة ‪،‬‬
‫بينما توجد هناك أشياء أخرى تتوفر على قيمة استعماليه ال تكاد تذكر يف حني أن قيمتها التبادلية تبدو‬
‫جد مرتفعة‪ ،‬وهو ما أمساه بلغز القيمة‪ ،‬وضرب مثاال عن ذلك باألملاس و املاء ‪ .‬و قد أدى هذا بأدم‬
‫مسيث إىل استبعاد عامل املنفعة يف حتديد القيمة التبادلية‪.‬‬

‫و فيه بيانه للعوامل احملددة للقيمة التبادلية استند مسيث يف البداية على عامل العمل وحده‪ ،‬حيث يرى‬
‫أن السلع تتبادل على أساس كميات العمل املتساوية اليت ختتزهنا‪.‬‬

‫‪ ‬نظرية التوزيع‪:‬‬

‫يف توزيع الدخل املتحقق من جراء بيع الناتج حيدد مسيث ثالثة أنصبة تتمثل يف األجور و الربح و‬
‫الريع‪ .‬فاألجور متثل التكلفة املرتبطة بعنصر العمل املستخدم يف العملية اإلنتاجية ‪،‬و هي تتحدد‬
‫بالظروف املعيشية لفئة العمال أنفسهم‪ ،‬أما الربح فيمثل نصيب رأس املال املستخدم يف اإلنتاج و هو‬
‫يتأثر بكمية رأس املال من جهة و باملنافسة املوجودة بني املنتجني من جهة اخرى‪ .‬وأما الريع فيعود إىل‬
‫مالك االرض باعتباره عنصرا من عناصر التكاليف احملددة للقيمة‪.‬‬

‫‪ ‬نظرية التجارة اخلارجية‪:‬‬

‫نظرا القتناعه بأمهية تقسيم العمل يف رفع إنتاجية العمل و زيادة الثروة‪،‬و بأن تقسيم العمل يزداد شدة‬
‫كلما ازداد حجم السوق الذي يوجه له اإلنتاج‪،‬فإن مسيث يرى أن حترير التجارة اخلارجية يعود بالفائدة‬
‫على البلدان اليت تفتح جمال التعامل التجاري احلر فيما بينها‪ .‬ألن ذلك سيؤدي حسبه إىل ختصص كل‬
‫بلد يف إنتاج السلع اليت تكون تكاليفها متدنية لديه و بالتايل إىل مستويات أعلى من الكفاءة و‬
‫الرفاهية‪.‬‬

‫الفكر االقتصادي للمدرسة النيوكالسيكية (الحدية)‬

‫نشأة المدرسة الحدية و بداياتها‪:‬‬

‫تعترب هذه املدرسة امتدادا للمدرسة الكالسيكية‪ ،‬ألهنا تؤمن بالليبريالية كمنطق للنشاط االقتصادي ‪،‬‬
‫ولكنها ختتلف عنها يف نقطتني مهمتني أال و مها‪ :‬يف طريقة التحليل و نظرية القيمة ‪ ،‬لذلك يعترب‬
‫االقتصاديون املدرسة احلدية‪ ،‬مبثابة مدرسة كالسيكية حديثة "‪. "New classics‬‬
‫وقد جاءت األفكار النيوكالسيكية بشكلها احلدي تعبريا عن مراجعة موضوعية ألوضاع الفكر و‬
‫املمارسة ‪ ،‬فبدال من الرتكيز على اجلانب املوضوعي للسلعة تركز املدرسة احلدية على اجلانب الذايت‪ ،‬أي‬
‫بدال من االهتمام باإلنتاج كما هو احلال يف التحليل الكالسيكي و املاركسي‪ ،‬أصبح التحليل‬
‫النيوكالسيكي (احلدي) منصبا على حتليل الطلب‪ ،‬مبعىن أن يكون االهتمام باالستهالك بدال من‬
‫االهتمام باإلنتاج ‪ ،‬أي إضعاف االهتمام بتحليل القيمة و فائض القيمة ‪ ،‬وهذا ال يعين أن املدرسة‬
‫احلدية هي من خارج منظومة الفكر الرأمسايل‪ ،‬بل يعدها البعض حماولة تطويرية و أكثر ليربالية من‬
‫الكالسيكية‪ ،‬ولقد ظهرت هذه املدرسة على مستوى ثالث جامعات سنة‪ 1841‬وهذا عن طريق ثالث‬
‫مفكرين اقتصاديني وهم‪ :‬كارل ما جنر بالنمسا‪ Carl Menger-‬و" ولراس ‪ WALRAS‬يف لوزان‬
‫بسويسرا وستانلي جيفنس بكامربدج باجنلرتا‪ ،‬مت تالهم عدد من املفكرين فيما بعد‬

‫ويالحظ أن هؤالء املفكرين قد أتو بطريقة جديدة للتحليل واستخدمت لدراسة املشكالت االقتصادية‬
‫املختلفة وأصنب هذه الطريقة من بعدهم مفتاحا عاما يستعمله كل االقتصاديني يف حبثهم ‪ ،‬ومن أجل‬
‫ذلك ميكن النظر إليهم على أهنم مدرسة خاصة ملا مييزها عن غريها من املدارس ومسيت باحلدية إال أهنا‬
‫أقامت حتليلها على فكرة املنفعة احلدية أي منفعة الوحدة األخرية وتسمى أيضا باملدرسة الرياضية ألن‬
‫فالراس وجايفونز قد طبقا طريقة رياضية يف البحث‬

‫التحليل النظري للمدرسة الحدية في موضوع القيمة ‪:‬‬

‫حياول املفكرون احلدييون اإلجابة على تساؤل مفاده ماهي العوامل اليت حتدد قيمة االشياء؟ فبني‬
‫هؤالء املفكرون أن قيمة كل سلعة إمنا تتوقف على منفعتها احلدية‪ ،‬ويقصد باملنفعة ما يقوم به مال من‬
‫األموال من إشباع للحاجات بسبب ما يوجد به من صفات ويقصد باحلدية ما يتصل بالوحدة األخرية‬
‫‪ ،‬فقيمة أي سلعة إمنا تتوقف على منفعتها‪ ،‬وميكن تلخيص أهم األفكار هلذه املدرسة يف اآليت ‪:‬‬

‫‪ ‬ركزت هذه املدرسة على املفهوم احلدي ‪ ،‬أي نقطة التغري ‪ ،‬وذلك لتفسري الظواهر االقتصادية ‪ ،‬ومت‬
‫استخدام املفهوم احلدي يف كل النظريات االقتصادية‬
‫‪ ‬اهتمت املدرية احلدية بالوحدة االقتصادية أو الفرد بذال من االهتمام باجملتمع ككل يف حتليل‬
‫السلوك‬
‫‪ ‬بين التحليل احلدي على نظام اقتصادي يعتمد على املنافسة الكاملة ‪ ،‬مع ألخذ يف احلسبان بعض‬
‫احلاالت اليت يسود فيها االحتقار املطلق‬
‫‪ ‬أصبح االقتصاد حبسب املفهوم احلدي شيئا غري موضوعي‪ ،‬أي خيضع لألحكام النفسية‬
‫والشخصية فالطلب يتحدد باملنفعة احلدية اليت هي ظاهرة ذهنية أو نفسية من الفرد‪ ،‬ويف املقابل‬
‫افرتضت القياس الكمي هلذه املنفعة ولبقية الظواهر‬
‫‪ ‬أدخل الطلب كمحدد رئيسي للسعر ‪ ،‬إذ ركزت املدرسة الكالسيكية على تكاليف اإلنتاج (أي‬
‫العرض) وجعلته هو احملدد للقيمة أو السعر‪ ،‬لكن ألفريد مارشال يقول‪ :‬إن كال من الطلب‬
‫والعرض يشرتكان يف حتديد السعر التوازين‬
‫‪ ‬سارت املدرسة احلدية على هنج املدرسة الكالسيكية يف الدفاع عن مبدأ احلرية االقتصادية ‪ ،‬وعدم‬
‫تدخل الدولة يف قوانني الطبيعية ‪ ،‬إذا ما كان اهلدف هو تعظيم املنفعة للمجتمع ككل‬
‫‪ ‬استخدمت املدرسة احلدية األشكال البيانية واملعادالت الرياضية يف توضيح العالقات االقتصادية‬
‫والتغريات اليت تطرأ عليها ‪ ،‬بالتايل سامهت هذه املدرسة يف جعل علم االقتصاد قابال للقياس‬
‫‪ ‬افرتضت هذه املدرسة أن األفراد يتصرفون تصرفا رشيدا يف ما يتعلق مبوازنتهم بني السعادة واألمل‪،‬‬
‫وكذلك عند قياس املنفعة احلدية من استهالك السلع املختلفة ‪ ،‬وعند موازنتهم للحاجات واملنافع‬
‫احلاضر واملستقبلية‬

‫نقد المدرسة الحدية ‪:‬‬

‫أن أهم ما يوجه للمدرسة احلدية من انتقادات هو أهنا أقامت حتليلها على الوحدات االقتصادية الصغرية‬
‫فنظرت للفرد واملستهلك وأمهلت إمهاال تاما الوحدات االقتصادية الكلية أو الكبرية مثل الدخل القومي‬
‫واالستهالك والقومي واالدخار القومي ‪ ،‬لعلها وقعت هنا يف خطأ معني هو افرتاضها أن األحجام الكلية‬
‫ليست سوى جمموع األحجام اجلزئية املتعددة وهذا التفكري خاطئ ألن األحجام الكلية قد ال ميكن‬
‫احلصول عليها من جمرد إضافة األحجام اجلزئية ‪ ،‬وكمثال لذلك االدخار‪ ،‬فعندما يزيد بعض األشخاص‬
‫من ادخارهم‪ ،‬يزيد ادخار هؤالء األفراد بالذات ولكن قد ال يزيد االدخار الكلي الن زيادة ادخار هؤالء‬
‫األفراد معناه نقص طلبهم على السلع فتنقص دخول املنظمني ويقل ادخارهم‪ ،‬وقد يكون نقص ادخار‬
‫املنظمني أكرب نسبيا من زيادة ادخار األفراد املشار إليهم ‪ ،‬فينقص االدخار الكلي عما كان عليه ففي‬
‫هذه احلالة ال تؤدي إىل الزيادة يف االدخار الفردي للبعض إىل زيادة مماثلة يف االدخار اجلماعي‬

‫الفكر االقتصادي للمدرسة الكنزية‬

‫كبريا حيث نشر كتابه املشهور سنة ‪ "1772‬النظرية العامة يف التشغيل‬


‫اهتم كينز بالبطالة اهتماما ً‬
‫والفائدة والنقود" تضمن تقداً شديداً لنظرية الكالسيك‬

‫المحور األول‪ :‬عوامل ظهور المدرسة الكينزية‬

‫من بني أهم عوامل ظهور الفكر الكينزي املدرسة الكينزية مايلي‪:‬‬

‫‪ -‬االضطرابات الدورية اليت كانت حتدث يف االقتصاديات اليت انتهجت الرأمسالية بطريقة التنظري‬
‫الكالسيكية والنيوكالسيكية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم فعالية آلية السوق يف احتواء هذه االضطرابات‪.‬‬
‫‪ -‬أصبح قانون ساي قانون (املنافذ) غري فعال يف بعض احلاالت اليت تتطلب أن يكون الطلب هو‬
‫احملفز األساسي للعرض وليس العكس‪.‬‬
‫‪ -‬الركود االقتصادي الذي عاىن منه االقتصاد العاملي بداية من العشرينيات من القرن املاضي‪،‬‬
‫والذي حتول ألزمة اقتصادية حادة سنة ‪ .1727‬وعدم قدرة النظرية الكالسيكية على إجياد‬
‫سبل حلل هذه األزمة‬

‫المحور الثاني‪ :‬الخصائص العامة للتحليل الكينزي‬

‫‪ -‬التحليلية الكينزي يعتمد على الفرتة قصرية األجل؛‬


‫‪ -‬يف الفرتة القصرية يكون حجم السكان ورأس املال ثابت باإلضافة إىل تقنيات االنتاج‬
‫‪ -‬اإلستثمار جزء من اإلنفاق الكلي والطلب الكلي فقط (مل يهتم كينز بأن االستثمار هو زيادة‬
‫يف الطاقة االنتاجية الكلية للدولة وهذا ناتج عن إمهاله للفرتة طويلة األجل اليت يصبح فيها‬
‫االستثمار فعال يف زيادة الطاقة االنتاجية (الكلية)‬
‫‪ -‬الزيادة أو النقص يف حجم التشغيل هو أساس زيادة أو نقص حجم الدخل االمجايل مبين على‬
‫افرتاض ثبات عناصر االنتاج األخرى يف الفرتة القصرية)‬
‫‪ -‬يعتمد حتليل املدرسة الكينزية على التحليل الكلي اقتصاد كلي)‪ ،‬أي التعامل على أساس‬
‫االستثمار الكلي االستهالك الكلي الطلب والعرض الكلي؛‬
‫‪ -‬التحليل الكينزي يدمج النقود يف النظرية االقتصادية من البداية لتحليل نقدي)‪ ،‬أي أن كينز‬
‫رأى أن للنقود دور هام يف االقتصاد وليس دورها حيادي كما قال الكالسيكي فالنقود خمزن‬
‫للقيم وتطلب لذاهتا وطلبها ليس مشتقا من الطلب على السلع واخلدمات‬
‫‪ -‬إعتقد كينز أن الفائض يف عرض العمل إذا رافقه عدم تغري يف األجور لن يزيد من الطلب على‬
‫العمل يف سوق العمل‪ ،‬وبالتايل ال تزيد العمالة إال بتوافر شروط إضافية ترتبط اساسا بزيادة‬
‫الطلب الكلي‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬أسس نظرية الطلب الفعال‬

‫تعرب نظرية الطلب الفعال لكينز أساسا عن انتقاد جوهري لنظرية العرض خيلق الطلب‪ ،‬أو ما يسمى‬
‫بقانون املنافذ لساي‪.‬‬

‫حيث أن كينز انتقد قانون ساي بشدة‪ ،‬فحسب كينر فالطلب هو من خيلق العرض‪ ،‬لذا جيب‬

‫أن يكون الرتكيز عليه‪ ،‬بل وحتفيز الطلب حىت يستعيد االقتصاد توازنه من فرتة ألخرى‪ ،‬خاصة يف حالة‬
‫الركود‪.‬‬

‫فحسب النظرية الكينزية‪ :‬اإلنتاج يكون على أساس توقعات الطلبة وعند إدماج النقود يف التحليل‬
‫االقتصادي من البداية‪ ،‬جند أن النقود تطلب لذاهتا‪ ،‬هلذا لن يكون صحيحا يف كل األحوال أن يتحول‬
‫الدخل الكلي إىل طلب أو استهالك كلي‪ ،‬بل جزء منه يتحول إىل إذخار نتيجة للطلب على النقود‬
‫غري املشتق من الطلب على السلع ونتيجة لفكرة تفضيل السيولة كما قال كينز‪.‬‬

‫إذا فحسب كينز قد ينشأ ما يسمى بتفضيل السيولة الذي قد يؤثر على التوازن االمجايل بني العرض‬
‫والطلب‪ .‬وحىت يكون هناك توازن يف االقتصاد الكلي للدولة جيب أن يتم حتفيز الطلب الكلي الطلب‬
‫الفعال)‪ ،‬وهذا يكون عن طريق حتفيز الطلب على السلع االستهالكية وكذلك حتفيز الطلب على السلع‬
‫االستثمارية اليت يكون الطلب عليها مشتقا أساسا من الطلب على السلع االستهالكية‪.‬‬

‫من هنا يأيت دور تدخل الدولة عن طريق سياسات اإلنفاق احلكومي التوسعية‪ ،‬اليت من شأهنا أن تزيد‬
‫من الطلب الكلي عن طريق إطالق مشاريع استثمارية كبرية تؤدي إىل زيادة التوظيف وبالتايل زيادة‬
‫الدخل وزيادة الطلب‪ ،‬وتؤدي كذلك إىل زيادة املشاريع وبالتايل زيادة االستثمارات املرافقة هلا ومنه زيادة‬
‫الطلب على السلع االستثمارية مث االستهالكية يف هناية املطاف وبالتايل فعند حتفيز هذا الطلب الذي‬
‫سيصبح فعاال يف زيادة العرض سيزيد اإلنتاج الكلي‪ ،‬وبالتايل يزيد الدخل القومي االمجايل ‪ ،‬حىت وإن‬
‫كانت اإلستثمارات احلكومية األولية أتت عن طريق االقرتاض أو التوسع فيه يف حال ما اذا كانت موارد‬
‫الدولة شحيحة ولكن مضاعف االستثمار سيؤدي دوره على أكمل وجه يف التغلب على هذا اإلشكال‪.‬‬

‫المحور الرابع‪ :‬دالة االستهالك‪ ،‬االدخار‪ ،‬االستثمار‬

‫يتناول كينز يف حتليله االستهالك الكلي واالستثمار الكلي‪ ،‬وال يتناوله من ناحيه جزئيه عكس‬
‫النيوكالسيك‪ .‬فدالة االستهالك ترتبط بالطلب والعوامل اليت يتوقف عليها اإلنفاق االستهالكي‪.‬‬

‫كما أن كينز أدخل عنصر اإلدخار يف التحليل (االدخار هو استهالك سليب ألنه جزء من الدخل يتم‬
‫استهالكه)‪ ،‬فاالستهالك يعتمد أساسا على الدخل (لكن إذا زاد الدخل يزيد االستهالك بنسب أقل)‬
‫(امليل احلدي لالستهالك)‪ ،‬ويف حالة اإلدخار يكون العكس صحيح‪.‬‬

‫االستثمار عند الكنيزية هو إنفاق إمجايل يضاف أساسا إىل الطلب االمجايل لكن هذا غري صحيح‬
‫بشكل دقيق‪ ،‬ألن االستثمار هو أيضا زيادة يف حجم االنتاج على املدى املتوسط والطويل) حيث أن‬
‫االستثمار متغري مستقل عن الدخل‪ ،‬له حمددات أخرى ‪،‬اضافية فإنه يتأثر بالدرجة األوىل بالكفاءة‬
‫احلدية لرأس املال وبأسعار الفائدة العائد على االستثمار وتكلفة النقد‪ ،‬فإذا كان األول أكرب من الثاين‬
‫فاالستثمار يكون فعاال‪.‬‬

‫كما أن حمددات الدخل الوطين االمجايل ومستوى التشغيل يف النظرية الكينزية تتحدد على أساس‬
‫جمموعة من املتغريات األساسية هي‪:‬‬
‫‪ .1‬امليل احلدي لالستهالك‪.‬‬
‫‪ .2‬الكفاءة احلدية الرأس املال‪.‬‬

‫وهذه هي حمددات الطلب الفعال سواء على السلع االستهالكية أو االستثمارية‪.‬‬

‫المحور الخامس‪ :‬السياسة االقتصادية للمدرسة الكينزية‬

‫يعتقد كينز أن السياسة املالية خاصة سياسة االنفاق العام التوسعية تكون أكثر فعالية لالقتصاد‪ ،‬خاصة‬
‫يف حالة االضطرابات الدورية وكذلك ملعاجلة إشكالية البطالة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للسياسة النقدية مل يوهلا كينز اهتماما كبريا‪ ،‬فحسب النظرية الكينزية التقليدية السياسة‬
‫النقدية ال تكون فعالة فتشجيع اإلستثمار اخلاص بإتباع سياسة نقدية تعتمد على ختفيض سعر الفائدة‬
‫تكون عدمية اجلدوى‪ ،‬خاصة يف حالة األزمات أين يكون الركود االقتصادي سائد ومستفحل‪ ،‬فاذا‬
‫سادت موجة من التشاؤم يف االقتصاد فإن هذا التخفيض يف سعر الفائدة ال يشجع االستثمار‪ ،‬بل‬
‫سيزيد من إدخار النقود واكتنازها خاصة يف حالة زيادة العرض النقدي (ما يعرف مبصيدة السيولة)‪.‬‬

‫وحسب كينز كذلك‪ ،‬قيام احلكومة بالتوسع يف اإلنفاق احلكومي عن طريق سياسة االنفاق العام‬
‫سياسة مالية حىت عن طريق االقرتاض عجز املوازنة‪ ،‬يكون أكثر فعالية لتحريك الطلب الفعال يف‬
‫اجتاهات موجبة تدفع عجلة االنتاج واالستثمار إىل التحرك والنمو‪.‬‬

‫الفكر االقتصادي للمدرسة النقدية‬

‫يف أواخر عقد الستينات وخالل عقد السبعينات من القرن املاضي‪ ،‬ظهرت مشكالت وحتديات كبرية‬
‫متثلت يف تزايد معدالت البطالة والتضخم معاً‪ ،‬وهو ما عرف فيما بعد بظاهرة الركود التضخمي‬
‫"‪ ،"Stagflation‬ومل تستطع النظرية الكينزية من تفسري هذه الظاهرة اجلديدة ومعاجلتها‪ ،‬وعندها ظهر‬
‫تيار يف الواليات املتحدة األمريكية واملعروف باملدرسة النقدية (مدرسة شيكاغو)‪ ،‬حيث كان‬
‫االقتصادي األمريكي املشهور "ميلتون فريدمان" قد طور نظرية نقدية منذ األربعينات‪ ،‬غري أن أفكاره مل‬
‫حتظى بالقبول إال بعد عدة عقود من السنني أي يف السبعينات‪ ،‬وهذا راجع لنجاعة السياسات الكينزية‬
‫يف معاجلة االقتصاديات األوروبية وحىت االقتصاد األمريكي مسببات األزمة وحتقيق نوع من االستقرار‬
‫النسيب واالزدهار اجلزئي لالقتصاد‪.‬‬

‫‪ )1‬المبادئ الرئيسية للمدرسة النقدية‪ :‬تتمحور يف النقاط الرئيسية اآلتية‪:‬‬

‫‪ )1-1‬دور النقود‪ :‬يؤكد النقديون على دور النقود يف حتديد التوازن يف الناتج احمللي اإلمجايل احلقيقي‬
‫واألسعار فالتغريات يف عرض النقد يف نظرهم هلا أثار واسعة على االنفاق‪ ،‬من خالل كل من االستثمار‬
‫واالستهالك يف حني أن الكينزيني افرتضوا بأن السياسة النقدية تؤثر على الطلب الكلي وبالتايل فهي‬
‫تؤثر على االنفاق االستثماري‪ .‬فالزيادة يف عرض النقد بالنسبة للنقديني تدفع منحىن الطلب الكلي إىل‬
‫األعلى‪ ،‬من خالل الزيادة يف االنفاق من قبل رجال األعمال والعائالت وبالتايل ترفع مستوى التوازين‬
‫للناتج احلقيق‪.‬‬

‫‪ )1-2‬رفض الكينزية‪ :‬إن االقتصاد يف نظر النقديني حيقق التوازن بشكل آيل مع تقلبات بسيطة‪ ،‬وأن‬
‫الكساد العميق ينتج عن سياسة نقدية غري مالئمة وليس عن تغريات مستقلة يف جانب االنفاق كما أن‬
‫السياسة املالية‪ ،‬يف نظر النقديني غري فعالة إال اذا ترافقت مع تغريات يف عرض النقد‪ ،‬وحىت يف هذه‬
‫احلالة فإهنا تكون غري فعالة يف ظل وجود التوقعات الرشيدة‪.‬‬

‫‪ )1-7‬سلوك أمثلي‪ :‬يؤكد اقتصاديو املدرسة النقدية على املبدأ الكالسيكي احملدث بأن الناس حياولون‬
‫تعظيم رفاهيتهم‪ ،‬وأن الوحدة االقتصادية األساسية هي الفرد‪ ،‬ويتجمع األفراد لتحقيق منافع من‬
‫التخصص والتبادل‪ ،‬والناس يتخذون خيارات عقالنية وأن املستهلكني والعمال واملنشآت يستجيبون‬
‫للمحفزات املالية اإلجيابية منها والسلبية‪.‬‬

‫‪ )1-7‬األسعار واألجور مقارنة ملثيالهتا التنافسية إن األسعار واألجور الفعلية متيل بشكل عام‪ ،‬وتكون‬
‫مقاربة ملثيالهتا التنافسية يف األمد الطويل‪ ،‬وتعكس تكاليف الفرصة للمجتمع يف اجلانب احلدي‪،‬‬
‫واملنافسة يف النهاية تولد منتجات جديدة وتكنولوجيا من شأهنا أن حتطم االحتكارات‪.‬‬

‫‪ )1-0‬حكومة حمدودة‪ :‬إن احلكومة يف نظر النقديني بطبيعتها غري كفوءة كوكيل لتحقيق األهداف‬
‫اليت ميكن أن تتحقق من خالل التبادل فيما بني األفراد فاملسؤولون احلكوميون هلم أهدافهم اخلاصة هبم‬
‫اليت يسعون لتعظيمها‪ ،‬ولذلك حيولون حصة من املوارد يف اجتاهات ال ختدم دافعي الضرائب‪.‬‬
‫‪ )2‬السياسات المالئمة لدى النقديين‪:‬‬
‫ميكن تلخيص أبرز النقاط لدى املدرسة النقدية خبصوص السياسات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ )1‬يؤكد النقديون على الدور الذي تلعبه التغريات يف عرض النقد يف حتديد الناتج احلقيقي التوازين‬
‫ومستوى األسعار‪.‬‬

‫‪ )2‬ال يعتقد النقديون بأن االقتصاد خيضع إىل حالة عدم التوازن يف سوق العمل وسوق السلع‪ ،‬أو أن‬
‫احلكومة جيب أن تلعب دوراً فعاال يف االقتصاد‪.‬‬

‫‪ )7‬إن تأثري السياسة االقتصادية يعمل بفاصل زمين طويل ومتغري فإن حماوالت من قبل احلكومة لتحقيق‬
‫االستقرار يف االقتصاد جتعل األمور أسوأ‪.‬‬

‫‪ )7‬يعتقد النقديون بأن القواعد الرمسية جيب أن حتكم عملية صنع السياسات االقتصادية‪.‬‬

You might also like