Professional Documents
Culture Documents
Salah
Salah
بالرغم من قصور اجلانب الفكري االقتصادي لديها ،عرفت احلضارات الشرقية القدمية تطورا وازدهارا
كبريا (حسب اإلمكانيات املتاحة يف ذلك الوقت) .هذا األمر يبني أنه كان هناك تنظيم اجتماعي دقيق
ومرن انعكس على التنظيم االقتصادي ،فقد عرفت احلضارات املصرية والبابلية والصينية القدمية جمتمعات
منظمة يف شىت اجلوانب ،وتطور الفكر الفلسفي على مستواها أخذا معه التفكري االقتصادي حنو جوانب
ميتافيزيقية وأخالقية ولكنها من اتساعه وفهمه للظواهر االقتصادي بشكل واضح وسليم وميكن حوصلة
األفكار االقتصادية للحضارات الشرقية القدمية
تعترب احلضارة اليونانية من بني أعرق احلضارات عرب التاريخ ،هلا إسهامات عديدة وواضحة املعامل يف
خمتلف اجملاالت سواء تعلق األمر بالعلوم كالرياضيات الفيزياء والفلك ،أو االقتصاد من خالل
مسامهات كل من أرسطو وأفالطون يف حتديد مفاهيم القيمة وامللكية.
عارض أرسطو بشدة فكرة إلغاء البواعث أو الدوافع الشخصية وإلغاء امللكية اخلاصة ،وقال بأنه من
املمكن التوفيق بني املصلحة الفردية اخلاصة واملصلحة اجلماعية العامة .فالدوافع واملصلحة الشخصية
حسبة قد تكون من أهم أسس حتقيق املصلحة العامة .كما ال رفض فكرة إلغاء امللكية اخلاصة حىت
بالنسبة لطبقة احلكام
(أفكار أرسطو فيما خيص املصلحة الفردية حتقق املصلحة العامة تعبري البذرة األوىل لألفكار الرأمسالية
اليت سادت يف العصر احلديث)
-فكر أرسطو يف تفسري الظواهر االقتصادية كان أعمق وأمشل من فكرة أفالطون خاصة فيما
خيص (القيمة والنقود وامللكية)
-تكلم أرسطو عل القيمة ،وفرق بني االستعمال وقيمة املبادلة .فقيمة االستعمال هي املنفعة من
السلعة (الشيء) بالنسبة للفرد أو املستعمل .أما قيمة املبادلة فهدفها حتديد معدل التبادل بني
املنتجات كما أن قيمة التبادل تتعلق بفكرة الثمن العادل ( فكرة أخالقية ) هلذا فإن الثمن
االحتكاري عند أرسطو هو عمل غري سليم ،ألهنا أمثان غري عادلة.
-بالنسبة للنقود فحسب أرسطو ظهورها راجع لعيوب املقايضة .
-أما بالنسبة لفكرة التوزيع ( توزيع الثروة وتوطينها ) فقد فرق بني اإلثراء الطبيعي وغري الطبيعي
فالنشاط التجاري غري حمبذ لدى أرسطو والثروة الناجتة عنه تعترب غري طبيعية ،مثله مثل الفائدة
املرتتبة على إقراض النقود ،فهذه األخرية حسب أرسطو غري منتجة يف حد ذاهتا وال تعترب سلعة
ميكن بيعها فهي هتتلك حال استعماهلا .
يرى الكثري من املفكرين واملؤرخني أن اقتباس العلوم واألدب والفلسفة من اليونانيني قد ساعد الرومانيون
على التطور واالزدهار ،ولكنه ليس بالقدر الكايف ،مما جعل حالة اجلمود الفكري يف التحليل
االقتصادي هي السائدة بصفة عامة متيزت الثقافة والفكر الروماين االقتصادي بالضحالة والقصر
الفلسفي حيث بقي الفكر الروماين تابعا بشكل كبري للفكر اليوناين من الناحية الفلسفية .
يف العهد الروماين حتول االقتصاد العائلي إىل اقتصاد زراعي مغلق ....مث اقتصاد استعماري إمرباطوري.
ظهرت العديد من املستجدات و الظواهر االقتصادية اليت مل تكن معروفة من قبل نتيجة لتوسع
اإلمرباطورية الرومانية و تعقد احلياة االقتصادية نتيجة هلذا التوسع ....مثل ظاهرة التضخم خاصة يف
القرن الثالث و اخلامس بعد امليالد.
تركز الفكر االقتصادي الروماين يف القرنني الثالث و اخلامس على أثر تنظيم األسواق و انعكاسها املباشر
و غري املباشر على التضخم و األسعار.
ميكن القول أن الفكر االقتصادي يف احلضارات القدمية قد غلبت على جوانبه النظرة الفلسفية ،و مل
يصطبغ بالصبغة العلمية الواضحة ،فكانت جممل األفكار اليت حاولت دراسة الظاهرة االقتصادية منبثقة
عن خلفيات فلسفية غري واضحة وغري دقيقة ،خاصة يف احلضارات الشرقية القدمية،إال أننا قد نلمس
بعض اجلوانب املنطقية لدى كل من أرسطو و أفالطون خاصة يف حتليلهم للقيمة و حمدداهتا و تفريقهم
بني قيمة االستعمال و قيمة املبادلة ،و حماولة البحث عن آليات الوصول للثمن العادل للسلع و
اخلدمات ،و كذلك يف إطار حبثهم عن حمددات امللكية و خصوصيتها،ومدى مسامهتها يف تكوين الثروة
(الرتاكم الرأمسايل) ،إال أن هذه األفكار و بالرغم من أمهيتها القصوى إال أهنا كانت سطحية ومل تعطي
التحليل الشامل للظاهرة االقتصادية يف تلك الفرتة.
كما تكلمنا سابقا ،مل يكن هناك تفكري اقتصادي علمي لدى مفكري العصور الوسطى يف أوروبا ،
ولكنهم حبثوا يف إطار الفلسفة الكنسية عن ماهية االقتصاد و العالقات اليت تنظمه ،وكذلك يف
إشكالية امللكية و حمدداهتا و مشروعيتها ،كما تكلموا عن مدى مشروعية النشاط التجاري ،و كذلك
الفائدة و القيمة و حمدداهتا ،وميكن إجياز ذلك فيما يلي:
أ-هل أعترب االقتصاد علم؟ :ساد يف العصور الوسطى اعتقاد راسخ بأن بان النشاط االقتصادي جيب
أن خيضع بشكل كامل للتعاليم الدينية الكنسية ،هلذا كانت القواعد األخالقية هي اليت تنظم احلياة
االقتصادية ...كما كانت أفكار أرسطو سائدة خاصة فيما يتعلق بامللكية و القيمة و فكرة الثمن
العادل.
ب-البحث يف إشكالية امللكية و حمدداهتا (هل امللكية مشروعة؟) كفي البدايات األوىل للعصور
الوسطى كانت النظرة للملكية حتكمها اعتبارات دينية فاعتقد رجال الكنيسة أن السعي وراء الثروة و
تكوين امللكيات اخلاصة يعرض الفرد للهالك ...فقد ناد القديس أوجستني( )augustineبان التجارة
تبعد الفرد عن اهلل ...فأثر هذا يف السعي حنو تكوين الثروة و زيادة الرتاكم الرأمسايل الذي يعترب أحد
أهم مقومات النهوض باالقتصاد.
يف منتصف العصور الوسطى ...تعرضت هذه األفكار للنقد الشديد ...حيث ظهر تعارض شديد بني
هذا الفكر و بني واقع اقتصادي تنمو فيه امللكية اخلاصة(اإلقطاعية) و تتطور فيه األنشطة التجارية
بشكل متسارع.
كما أن (توماس االكويين) أشهر مفكري العصور الوسطى ...تأثر بفكر أرسطو فيما خيص امللكية
اخلاصة و ابرز أمهيتها يف حتقيق املصلحة اجلماعية ،هلذا دافع توماس االكويين عن النظام القائم على
امللكية اخلاصة على أساس أهنا وظيفة اجتماعية ختدم مصاحل اجملتمع ككل.
ج-البحث يف مدى مشروعية النشاط التجاري؟ :ارتبط النشاط التجاري بالفكر االقتصادي املتعلق
بامللكية اخلاصة و حمدداهتا و مدى مشروعيتها ،فتوماس االكويين اتفق مع أرسطو من حيث املبدأ الذي
يقول بان التجارة نشاط غري جيد يف حد ذاته و لكنه شر البد منه.
وجيب أن تتوفر شروط حىت تكون التجارة مربرة حسب توماس االكويين:
د-البحث يف حمددات القيمة و آليات حتديد الثمن العادل؟ :تساءل مفكري العصور الوسطى عن
ماهية العوامل احملددة للقيمة ،و كذلك عن آليات حتديد الثمن العادل ،وقد امجعوا على وجود عامالن
أساسيان لذلك اقتصادي و طبيعي ،فقد رأى توماس االكويين بأن العامل الطبيعي يتعلق باحلاجات ،و
اهتم بدور العقيدة و الدين يف هتذيب احلاجات و ترتيبها ،أما العامل االقتصادي فيتعلق بالتكاليف
اإلنتاجية و العمل الضروري لإلنتاج.
كما نادى توماس االكويين بتطبيق فكرة الثمن العادل اليت بادر هبا أرسطو و أضاف إليها فكرة األجر
العادل و الربح العادل ،لكن مع تطور النشاط االقتصادي بدأت النظرة اىل فكرة الثمن العادل تتغري
تبعا لتغري حالة السوق ،فأصبح الثمن العادل هو مثن االتفاق بني طريف العقد ...و مع تطور النشاط
أكثر بدأت تظهر بوادر االلتزام بقانون العرض و الطلب الذي يف ظله تزول فكرة الثمن العادل.
الفكر االقتصادي اإلسالمي
يف الفرتة اليت كانت تعاين فيها أوروبا من انتشار و تفشي اجلهل و التخلف الثقايف و العلمي و
االقتصادي ،نتيجة لسيطرة الكنيسة على خمتلف مفاصل احلياة السياسية و االقتصادية ،كانت احلضارة
اإلسالمية تزدهر و تنمو ،عرب منو أفكارها احلداثية ،يف خمتلف اجملاالت العلمية و العملية ،كما تطور
الفكر االقتصادي اإلسالمي بشكل كبري و برزت العديد من األفكار اليت تبحث يف القيمة و النقود و
آليات تكوين الثروة و توزيعها ،و أساليب حتقيق التنمية االقتصادية و العدالة االجتماعية.
إن أمهية دراسة تاريخ الفكر االقتصادي اإلسالمي ال تقتصر فقط على توضيحه لغري املسلمني كرتاث
ثري وغين بالنظم والسياسات االقتصادية ،بل تتعدى فائدته للمسلمني يف الدول القومية احلديثة يف
وقتنا احلاضر بغية التعرف على القوانني االقتصادية والعالقات اليت حتكم النمو االقتصادي يف املاضي
ودورها يف التأثري على القطاعات اجملتمع األخرى حاضر ومستقبال يف حل العديد من املشاكل
االقتصادية يف املاضي الذي هو بطبيعة احلال ويف كثري من األحيان صور للحاضر ودليل مستقبل.
االقتصاد اإلسالمي واقعي متطابق مع الفطرة اإلنسانية لكن بصبغة أخالقية منطقية ويرتكز على مبادئ
أساسية
-مبدأ العدالة االجتماعية :احلرية االقتصادية يف إطار الفكر اإلسالمي املعتدل ،مرتبطة بتعزيز
العدالة االجتماعية عن طريق التوزيع العادل للثروة ولعوائد اإلنتاج على كافة عوامل دون
إجحاف أو تقصري
-مبدأ امللكية املزدوجة :امللكية حسب الفكر االقتصادي اإلسالمي قد تكون خاصة أو عامة
تابعة للدولة أو وقف شائع يستفيد منه مجيع أفراد اجملتمع .
-مبدأ احلرية االقتصادية املقيدة:
المحور الثالث:أبرز المفكرين المسلمين في العصور الوسطى
برز العديد من املفكرين املسلمني يف فرتة العصور الوسطى حني كانت احلضارة إسالمية يف أوج عطائها
وقوهتا ،وقد برزت أفكارهم يف مجيع اجملاالت العلمية والفلسفية والدينية ،وكان لالقتصاد جمال حبث
واسع يف حتليالهتم للظاهرة االجتماعية والعالقات اإلنسانية وكيفية تنظيمها وفق الضوابط اليت ختدم
مصاحل الفرد واجملتمع ومن بني هؤالء األعالم نذكر:
درس ابن خلدون والواقع االقتصادية التارخيية إلبراز ارتباط األحداث االجتماعية والسياسية واالقتصادية
مع بعضها البعض يف منط متسق وقد استخدم املنطق يف استنتاج القواعد العامة للفكر االقتصادي بناءا
على التحليل االجتماعي للعالقات البشرية ،وميكن تلخيص أهم أفكار ابن خلدون االقتصادية يف
النقاط:
بني أن هناك أثر كبري للبيئة االجتماعية على النشاط االقتصاد لإلنسان
بني أن البيئة اجلغرافية كذلك تؤثر يف النشاط
حتدث أن عوامل اإلنتاج حسبه هي العمل ورأس املال واملوارد الطبيعية ،وأمهها العمل
الدخل عند ابن خلدون هو نتيجة طبيعية للسعي والعمل
الصناعية حسب ابن خلدون نشاط متطور ال يتحقق إال يف مراحل االستقرار وتكوين املدينة حلل
ابن خلدون فكرة الريع املرتبط باألرض ( االرتباط بني نفقات الزراعة)
هناك عالقة طردية دائمة بني األسعار وبني الضرائب
الربح هو الفرق مثن الشراء والبيع
تزايد السكان يؤدي إىل تقسيم العمل وبالتايل زيادة اإلنتاج زيادة وبالتايل زيادة الدخل الفردي ...
يزداد الطلب على السلع الكمالية
حسب ابن خلدون فإن النمو االقتصادي للمجتمع مير مبراحل متعددة (العمران)
كما ركز يف حتليله على أن العوامل الطبيعية هلا تأثري كبري على النمو االقتصادي (العمران)
عارض ابن خلدون تدخل الدولة يف النشاط االقتصادي (إن التدخل املباشر يكون مرتبطا بظلم
احلاكم وجوره)
.2تقي الدين أمحد بن على املقريزي( )870-422
اهتم املقريزي يف اجلانب االقتصاد من فلسفته بالنقود ،واليت حلل على أساسها خمتلف االقتصادية ،كما
عمل على حتليل أسباب الغالء (التضخم) وأرجعها لسوء السياسية االقتصادية للدولة وميكن إبراز أهم
أفكار فيما يلي:
ظهر يف أوروبا الغربية خالل الفرتة املمتدة من القرن اخلامس عشر إىل غاية النصف األول من القرن
الثامن عشر فكر اقتصادي جديد أطلق عليه " الفكر املريكانتيلي" أو الفكر التجاري .وقد تزامن
ظهور هذا الفكر مع تفكك اجملتمع اإلقطاعي وازدياد نفوذ التجار وقوهتم يف اجملتمعات الغربية باإلضافة
إىل رسوخ كيان السلطة املركزية وظهور الدولة القومية
تويل املريكانتيلية املعدنية اهتماما شديدا ملراكمة املعادن النفيسة باعتبارها ثورة يف حد ذاهتا ،وقد مثل
هذا االجتاه احلكومة االسبانية يف تلك الفرتة واليت حرصت بشدة على حتقيق دخول كميات كبرية من
الذهب إىل البالد مستفيدة من مناجم الذهب الغنية املكتشفة يف مستعمراهتا يف أمريكا اجلنوبية كما
قامت باملقابل مبنع خروجه مبختلف الوسائل مبا فيها اللجوء إىل العقوبات القاسية
غري أن تلك السياسة كانت هلا عواقب وخيمة على اقتصاد البالد بسبب ما أدت إليه من ارتفاع كبري يف
أسعار املنتجات احمللية وتراجع كبري يف قدرهتا على املنافسة اخلارجية
اختارت احلكومة الفرنسية بسبب الضعف النسيب لتجارهتا اخلارجية وعدم توفرها على مستعمرات غنية
مبناجم الذهب اللجوء إىل رفع القدرات اإلنتاجية الصناعية احمللية هبدف توجيه منتجاهتا إىل التصدير
ومن مث احلصول على املعادن النفسية .وقد كان هلذا التدخل احلكومي أثر إجيايب كبري يف نشأة وتطوير
القطاع الصناعي يف االقتصاد الفرنسي ،مع كل ما رافق ذلك من اختاذ إلجراءات متنوعة كان اهلدف
منها تشجيع التصدير وختفيض تكاليف اإلنتاج واحلد من االسترياد
- 4تقييم الفكر الميركانتيلي :اشتمل الفكر املريكانتيلي على كثري من النقاط االجيابية لكنة
بالقابل مل يسلم من بعض النقاط السلبية.
.1النقاط االجيابية يف الفكر املريكانتيلي:
-اهتمام الكتاب املريكانتيليني بدعم الدولة املركزية وتقويتها وما كان لذلك من أثر يف تكامل
اقتصاديات البلدان االوروبية الغربية ومنوها وتنوعها
-اهتمامهم بالتوسع يف االنشطة التجارية والصناعية وكل ما جنم عن ذلك من زيادة كبرية يف استخدام
النقود وظهور البنوك والبورصات وشركات التأمني وغريها
-إبرازهم لفكر امليزان التجاري وألمهية العالقات االقتصادية مع اخلارج
-إبرازهم للعالقة بني مستوى االسعار وكمية النقود
-تبنيهم لسياسة اقتصادية تدخليه تلقي على الدولة مهمة االشراف على تنمية وتطوير االقتصاد
باستخدام كل الوسائل املتاحة لذلك يف ظل احرتام امللكية ال اخلاصة
.2النقاط السلبية يف الفكر املريكانتيلي :
-حصر املفكرين املريكانتليني ،وخاصة األوائل منهم والثروة املعادن النفيسة وتركيزهم الشديد
على مراكمتها إحداث آثار سلبية على االقتصاد منها على سبيل املثال ارتفاع الشديد يف
االسعار الذي حدث يف اسبانيا وتردي أوضاع القطاع الزراعي يف فرنسا
-إضرار السياسات املركانتيلية باملستعمرات اليت سيطرت عليها البلدان االوروبية نتيجة لالنفتاح
التجاري إلجباري الذي فرض عليها وسياسات االحتكار اليت مورست ضد مصلحها
-ارتفاع األسعار يؤثر على الداخل
ظهرت املدرسة الطبيعية بفرنسا يف النصف الثاين القرن الثامن عشر بقيادة الدكتور فرانسوا كيناي،
طبيب امللك لويس اخلامس عشر .وقد كان ظهورها كرد فعل ملا سببته األفكار املركانتيلية من آثار
سلبية على النشاط الزراعي هبذا البلد نتيجة إعطاء احلكومة األولوية إىل التجارة والصناعة .وسنتعرض
يف هذا البحث إىل أهم األفكار اليت نادي هبا الفيزوقراط يف عنصر أول مث تقييم عام هلا يف عنصر ثان
يعترب االقتصاد االجنليزي آدم مسيث هو مؤسس املدرسة الكالسيكية من خالل ما أحدثه من نقلة
نوعية فارقة يف الفكر االقتصادي بفضل كتابة الشهرية املعروف ب" ثروة األمم " الذي صدر سنة
.1441مث جاء بعد آدم مسيث مفكرون آخرون ساروا على خطاه وقدموا مسامهات هامة كان هلا أثر
كبري يف اكتمال النظرية الكالسيكية
تقوم املدرسة الكالسيكية على مجلة من املبادئ واألفكار األساسية اليت تؤكد على ضرورة احرتام احلرية
الفردية وامللكية اخلاصة وتؤكد على حرية املنافسة ،وعلى أمهية رعاية الدولة هلذه األسس بتوفري احلماية
الالزمة هلا من خالل ما توفره من أمن داخلي و دفاع خارجي وتقدمي اخلدمات الضرورية املختلفة اليت
ال يستطيع األفراد توفريها من تلقاء أنفسهم
وتنظيم خمتلف املعامالت يف ظل النظام بفضل قوى العرض والطلب على مستوى أسواق السلع
واخلدمات ،والعمل وكذلك رأس املال .وترى املدرسة الكالسيكية أن هذا النظام يستطيع احلفاظ على
توازنه بشكل ذايت كما يستطيع أن يضمن االستخدام الكامل للموارد ،حيث تعترب أن النقود حيادية
وتستخدم أساسا من أجل تسهيل التبادل ،كما تعترب أيضا أن األسعار مبا فيها األجور وأسعار الفائدة
تتمتع باملرونة التامة
وقد كان من نتائج هذه االفرتاضات أن تتوج النظام االقتصادي الكالسيكي بقانون مشهور هو قانون
ساي لألسواق ،الذي مفاده أن العرض الكلي للسلع واخلدمات خيلق الطلب عليه ألن العلمية
اإلنتاجية تنتج سلعا من جهة ويرتتب عنها دخول بقيمة تلك السلع توزع على عوامل اإلنتاج املسامهة
يف إنتاجها من جهة أخرى .فهناك دائما بالتايل قوة شرائية كافية لتصريف كل السلع املنتجة
ثانيا :آدم سميث:آدم مسيث ()1427-1475هو مفكر اسكتلندي ،كان أستاذ للفلسفة
واألخالق جبامعة جالسكو بربيطانيا ،واهتم كثريا بالدراسات االقتصادية وترك عدة مؤلفات من أشهر
كتاب " ثروة األمم" الذي صدر يف .1441
من أهم املواضيع اليت تناوهلا واألفكار اليت طرحها آدم مسيث نورد هنا باختصار ما يلي:
الثروة :
انتقد آدم مسيث املريكانتليني خبصوص حصرهم الثروة يف املعادن النفيسة ،واعترب أن الثروة تكمن يف
اإلنتاج والقدرة على اإلنتاج ،كما انتقد الفيزيوقراط الذين اعتربوا الزراعة النشاط االقتصادي الوحيد
املنتج وباقي النشاطات عقيمة ،وأكد على املكانة للصناعة يف إنتاج الثروة لكن مسيث مل يدخل مع
ذلك النشاطات اخلدمية ضمن النشاطات على الرغم من إقراره بأمهيتها
تقسيم العمل:
أكد مسيث كثريا على أن تقسيم العمل له أثار اجيابية كبرية جدا يف زيادة الثروة ،ألنه يؤدي إىل
رفع مستويات اإلنتاجية ،خاصة إذا تعلق األمر بالعملية اإلنتاجية اجملزأة اليت تؤدي إىل ختصص
العمال وإكساهبم املزيد من املهارة و اخلربة ،باإلضافة إىل اختزال األوقات املرتبطة باالنتقال من
عملية ألخرى يف ظل اخنفاض مستوى التخصص.
من جهة أخرى أشار مسيث إىل أن هناك عالقة إجيابية بني مستوى تقسيم العمل و بني حجم
السوق ،فكلما كان حجم السوق كبريا كلما كان تقسيم العمل شديدا.
احلرية االقتصادية و انسجام املصاحل اخلاصة و العامة:
يرى مسيث أن الدوافع احملركة للنشاطات االقتصادية يف اجملتمع تعود أساسا إىل املصاحل
الشخصية لألفراد .و يف ظل نظام اقتصادي مبين على احرتام امللكية اخلاصة لألفراد و ضمان
حرية املنافسة بينهم ،فإن سعي كل فرد لتحقيق مصلحته الشخصية يؤدي يف النهاية إىل حتقيق
املصلحة العامة املتمثلة يف توفري خمتلف املنتجات و اخلدمات اليت حيتاج إليها كل أفراد اجملتمع،
وهو ما يعرف بانسجام املصاحل اخلاصة مع املصلحة العامة.
نظرية القيمة:
يف إطار دراسته هلذا املوضوع الحظ مسيث أن كلمة "قيمة" هلا معنيان ،فهي تستخدم أحيانا للداللة
على منفعة شيء ما و أحيانا أخرى للداللة على القدرة الشرائية اليت نستطيع احلصول مبوجبها على
ملكية ذلك الشيء .و هو ما يعرب عن املعىن االول بالقيمة االستعمارية و عن املعىن الثاين بالقيمة
التبادلية .لكنه الحظ أن هناك أشياء هلا قيمة استعماليه كبرية يف حني أن قيمتها التبادلية تبدو ضئيلة ،
بينما توجد هناك أشياء أخرى تتوفر على قيمة استعماليه ال تكاد تذكر يف حني أن قيمتها التبادلية تبدو
جد مرتفعة ،وهو ما أمساه بلغز القيمة ،وضرب مثاال عن ذلك باألملاس و املاء .و قد أدى هذا بأدم
مسيث إىل استبعاد عامل املنفعة يف حتديد القيمة التبادلية.
و فيه بيانه للعوامل احملددة للقيمة التبادلية استند مسيث يف البداية على عامل العمل وحده ،حيث يرى
أن السلع تتبادل على أساس كميات العمل املتساوية اليت ختتزهنا.
نظرية التوزيع:
يف توزيع الدخل املتحقق من جراء بيع الناتج حيدد مسيث ثالثة أنصبة تتمثل يف األجور و الربح و
الريع .فاألجور متثل التكلفة املرتبطة بعنصر العمل املستخدم يف العملية اإلنتاجية ،و هي تتحدد
بالظروف املعيشية لفئة العمال أنفسهم ،أما الربح فيمثل نصيب رأس املال املستخدم يف اإلنتاج و هو
يتأثر بكمية رأس املال من جهة و باملنافسة املوجودة بني املنتجني من جهة اخرى .وأما الريع فيعود إىل
مالك االرض باعتباره عنصرا من عناصر التكاليف احملددة للقيمة.
نظرا القتناعه بأمهية تقسيم العمل يف رفع إنتاجية العمل و زيادة الثروة،و بأن تقسيم العمل يزداد شدة
كلما ازداد حجم السوق الذي يوجه له اإلنتاج،فإن مسيث يرى أن حترير التجارة اخلارجية يعود بالفائدة
على البلدان اليت تفتح جمال التعامل التجاري احلر فيما بينها .ألن ذلك سيؤدي حسبه إىل ختصص كل
بلد يف إنتاج السلع اليت تكون تكاليفها متدنية لديه و بالتايل إىل مستويات أعلى من الكفاءة و
الرفاهية.
تعترب هذه املدرسة امتدادا للمدرسة الكالسيكية ،ألهنا تؤمن بالليبريالية كمنطق للنشاط االقتصادي ،
ولكنها ختتلف عنها يف نقطتني مهمتني أال و مها :يف طريقة التحليل و نظرية القيمة ،لذلك يعترب
االقتصاديون املدرسة احلدية ،مبثابة مدرسة كالسيكية حديثة ". "New classics
وقد جاءت األفكار النيوكالسيكية بشكلها احلدي تعبريا عن مراجعة موضوعية ألوضاع الفكر و
املمارسة ،فبدال من الرتكيز على اجلانب املوضوعي للسلعة تركز املدرسة احلدية على اجلانب الذايت ،أي
بدال من االهتمام باإلنتاج كما هو احلال يف التحليل الكالسيكي و املاركسي ،أصبح التحليل
النيوكالسيكي (احلدي) منصبا على حتليل الطلب ،مبعىن أن يكون االهتمام باالستهالك بدال من
االهتمام باإلنتاج ،أي إضعاف االهتمام بتحليل القيمة و فائض القيمة ،وهذا ال يعين أن املدرسة
احلدية هي من خارج منظومة الفكر الرأمسايل ،بل يعدها البعض حماولة تطويرية و أكثر ليربالية من
الكالسيكية ،ولقد ظهرت هذه املدرسة على مستوى ثالث جامعات سنة 1841وهذا عن طريق ثالث
مفكرين اقتصاديني وهم :كارل ما جنر بالنمسا Carl Menger-و" ولراس WALRASيف لوزان
بسويسرا وستانلي جيفنس بكامربدج باجنلرتا ،مت تالهم عدد من املفكرين فيما بعد
ويالحظ أن هؤالء املفكرين قد أتو بطريقة جديدة للتحليل واستخدمت لدراسة املشكالت االقتصادية
املختلفة وأصنب هذه الطريقة من بعدهم مفتاحا عاما يستعمله كل االقتصاديني يف حبثهم ،ومن أجل
ذلك ميكن النظر إليهم على أهنم مدرسة خاصة ملا مييزها عن غريها من املدارس ومسيت باحلدية إال أهنا
أقامت حتليلها على فكرة املنفعة احلدية أي منفعة الوحدة األخرية وتسمى أيضا باملدرسة الرياضية ألن
فالراس وجايفونز قد طبقا طريقة رياضية يف البحث
حياول املفكرون احلدييون اإلجابة على تساؤل مفاده ماهي العوامل اليت حتدد قيمة االشياء؟ فبني
هؤالء املفكرون أن قيمة كل سلعة إمنا تتوقف على منفعتها احلدية ،ويقصد باملنفعة ما يقوم به مال من
األموال من إشباع للحاجات بسبب ما يوجد به من صفات ويقصد باحلدية ما يتصل بالوحدة األخرية
،فقيمة أي سلعة إمنا تتوقف على منفعتها ،وميكن تلخيص أهم األفكار هلذه املدرسة يف اآليت :
ركزت هذه املدرسة على املفهوم احلدي ،أي نقطة التغري ،وذلك لتفسري الظواهر االقتصادية ،ومت
استخدام املفهوم احلدي يف كل النظريات االقتصادية
اهتمت املدرية احلدية بالوحدة االقتصادية أو الفرد بذال من االهتمام باجملتمع ككل يف حتليل
السلوك
بين التحليل احلدي على نظام اقتصادي يعتمد على املنافسة الكاملة ،مع ألخذ يف احلسبان بعض
احلاالت اليت يسود فيها االحتقار املطلق
أصبح االقتصاد حبسب املفهوم احلدي شيئا غري موضوعي ،أي خيضع لألحكام النفسية
والشخصية فالطلب يتحدد باملنفعة احلدية اليت هي ظاهرة ذهنية أو نفسية من الفرد ،ويف املقابل
افرتضت القياس الكمي هلذه املنفعة ولبقية الظواهر
أدخل الطلب كمحدد رئيسي للسعر ،إذ ركزت املدرسة الكالسيكية على تكاليف اإلنتاج (أي
العرض) وجعلته هو احملدد للقيمة أو السعر ،لكن ألفريد مارشال يقول :إن كال من الطلب
والعرض يشرتكان يف حتديد السعر التوازين
سارت املدرسة احلدية على هنج املدرسة الكالسيكية يف الدفاع عن مبدأ احلرية االقتصادية ،وعدم
تدخل الدولة يف قوانني الطبيعية ،إذا ما كان اهلدف هو تعظيم املنفعة للمجتمع ككل
استخدمت املدرسة احلدية األشكال البيانية واملعادالت الرياضية يف توضيح العالقات االقتصادية
والتغريات اليت تطرأ عليها ،بالتايل سامهت هذه املدرسة يف جعل علم االقتصاد قابال للقياس
افرتضت هذه املدرسة أن األفراد يتصرفون تصرفا رشيدا يف ما يتعلق مبوازنتهم بني السعادة واألمل،
وكذلك عند قياس املنفعة احلدية من استهالك السلع املختلفة ،وعند موازنتهم للحاجات واملنافع
احلاضر واملستقبلية
أن أهم ما يوجه للمدرسة احلدية من انتقادات هو أهنا أقامت حتليلها على الوحدات االقتصادية الصغرية
فنظرت للفرد واملستهلك وأمهلت إمهاال تاما الوحدات االقتصادية الكلية أو الكبرية مثل الدخل القومي
واالستهالك والقومي واالدخار القومي ،لعلها وقعت هنا يف خطأ معني هو افرتاضها أن األحجام الكلية
ليست سوى جمموع األحجام اجلزئية املتعددة وهذا التفكري خاطئ ألن األحجام الكلية قد ال ميكن
احلصول عليها من جمرد إضافة األحجام اجلزئية ،وكمثال لذلك االدخار ،فعندما يزيد بعض األشخاص
من ادخارهم ،يزيد ادخار هؤالء األفراد بالذات ولكن قد ال يزيد االدخار الكلي الن زيادة ادخار هؤالء
األفراد معناه نقص طلبهم على السلع فتنقص دخول املنظمني ويقل ادخارهم ،وقد يكون نقص ادخار
املنظمني أكرب نسبيا من زيادة ادخار األفراد املشار إليهم ،فينقص االدخار الكلي عما كان عليه ففي
هذه احلالة ال تؤدي إىل الزيادة يف االدخار الفردي للبعض إىل زيادة مماثلة يف االدخار اجلماعي
من بني أهم عوامل ظهور الفكر الكينزي املدرسة الكينزية مايلي:
-االضطرابات الدورية اليت كانت حتدث يف االقتصاديات اليت انتهجت الرأمسالية بطريقة التنظري
الكالسيكية والنيوكالسيكية.
-عدم فعالية آلية السوق يف احتواء هذه االضطرابات.
-أصبح قانون ساي قانون (املنافذ) غري فعال يف بعض احلاالت اليت تتطلب أن يكون الطلب هو
احملفز األساسي للعرض وليس العكس.
-الركود االقتصادي الذي عاىن منه االقتصاد العاملي بداية من العشرينيات من القرن املاضي،
والذي حتول ألزمة اقتصادية حادة سنة .1727وعدم قدرة النظرية الكالسيكية على إجياد
سبل حلل هذه األزمة
تعرب نظرية الطلب الفعال لكينز أساسا عن انتقاد جوهري لنظرية العرض خيلق الطلب ،أو ما يسمى
بقانون املنافذ لساي.
حيث أن كينز انتقد قانون ساي بشدة ،فحسب كينر فالطلب هو من خيلق العرض ،لذا جيب
أن يكون الرتكيز عليه ،بل وحتفيز الطلب حىت يستعيد االقتصاد توازنه من فرتة ألخرى ،خاصة يف حالة
الركود.
فحسب النظرية الكينزية :اإلنتاج يكون على أساس توقعات الطلبة وعند إدماج النقود يف التحليل
االقتصادي من البداية ،جند أن النقود تطلب لذاهتا ،هلذا لن يكون صحيحا يف كل األحوال أن يتحول
الدخل الكلي إىل طلب أو استهالك كلي ،بل جزء منه يتحول إىل إذخار نتيجة للطلب على النقود
غري املشتق من الطلب على السلع ونتيجة لفكرة تفضيل السيولة كما قال كينز.
إذا فحسب كينز قد ينشأ ما يسمى بتفضيل السيولة الذي قد يؤثر على التوازن االمجايل بني العرض
والطلب .وحىت يكون هناك توازن يف االقتصاد الكلي للدولة جيب أن يتم حتفيز الطلب الكلي الطلب
الفعال) ،وهذا يكون عن طريق حتفيز الطلب على السلع االستهالكية وكذلك حتفيز الطلب على السلع
االستثمارية اليت يكون الطلب عليها مشتقا أساسا من الطلب على السلع االستهالكية.
من هنا يأيت دور تدخل الدولة عن طريق سياسات اإلنفاق احلكومي التوسعية ،اليت من شأهنا أن تزيد
من الطلب الكلي عن طريق إطالق مشاريع استثمارية كبرية تؤدي إىل زيادة التوظيف وبالتايل زيادة
الدخل وزيادة الطلب ،وتؤدي كذلك إىل زيادة املشاريع وبالتايل زيادة االستثمارات املرافقة هلا ومنه زيادة
الطلب على السلع االستثمارية مث االستهالكية يف هناية املطاف وبالتايل فعند حتفيز هذا الطلب الذي
سيصبح فعاال يف زيادة العرض سيزيد اإلنتاج الكلي ،وبالتايل يزيد الدخل القومي االمجايل ،حىت وإن
كانت اإلستثمارات احلكومية األولية أتت عن طريق االقرتاض أو التوسع فيه يف حال ما اذا كانت موارد
الدولة شحيحة ولكن مضاعف االستثمار سيؤدي دوره على أكمل وجه يف التغلب على هذا اإلشكال.
يتناول كينز يف حتليله االستهالك الكلي واالستثمار الكلي ،وال يتناوله من ناحيه جزئيه عكس
النيوكالسيك .فدالة االستهالك ترتبط بالطلب والعوامل اليت يتوقف عليها اإلنفاق االستهالكي.
كما أن كينز أدخل عنصر اإلدخار يف التحليل (االدخار هو استهالك سليب ألنه جزء من الدخل يتم
استهالكه) ،فاالستهالك يعتمد أساسا على الدخل (لكن إذا زاد الدخل يزيد االستهالك بنسب أقل)
(امليل احلدي لالستهالك) ،ويف حالة اإلدخار يكون العكس صحيح.
االستثمار عند الكنيزية هو إنفاق إمجايل يضاف أساسا إىل الطلب االمجايل لكن هذا غري صحيح
بشكل دقيق ،ألن االستثمار هو أيضا زيادة يف حجم االنتاج على املدى املتوسط والطويل) حيث أن
االستثمار متغري مستقل عن الدخل ،له حمددات أخرى ،اضافية فإنه يتأثر بالدرجة األوىل بالكفاءة
احلدية لرأس املال وبأسعار الفائدة العائد على االستثمار وتكلفة النقد ،فإذا كان األول أكرب من الثاين
فاالستثمار يكون فعاال.
كما أن حمددات الدخل الوطين االمجايل ومستوى التشغيل يف النظرية الكينزية تتحدد على أساس
جمموعة من املتغريات األساسية هي:
.1امليل احلدي لالستهالك.
.2الكفاءة احلدية الرأس املال.
يعتقد كينز أن السياسة املالية خاصة سياسة االنفاق العام التوسعية تكون أكثر فعالية لالقتصاد ،خاصة
يف حالة االضطرابات الدورية وكذلك ملعاجلة إشكالية البطالة.
أما بالنسبة للسياسة النقدية مل يوهلا كينز اهتماما كبريا ،فحسب النظرية الكينزية التقليدية السياسة
النقدية ال تكون فعالة فتشجيع اإلستثمار اخلاص بإتباع سياسة نقدية تعتمد على ختفيض سعر الفائدة
تكون عدمية اجلدوى ،خاصة يف حالة األزمات أين يكون الركود االقتصادي سائد ومستفحل ،فاذا
سادت موجة من التشاؤم يف االقتصاد فإن هذا التخفيض يف سعر الفائدة ال يشجع االستثمار ،بل
سيزيد من إدخار النقود واكتنازها خاصة يف حالة زيادة العرض النقدي (ما يعرف مبصيدة السيولة).
وحسب كينز كذلك ،قيام احلكومة بالتوسع يف اإلنفاق احلكومي عن طريق سياسة االنفاق العام
سياسة مالية حىت عن طريق االقرتاض عجز املوازنة ،يكون أكثر فعالية لتحريك الطلب الفعال يف
اجتاهات موجبة تدفع عجلة االنتاج واالستثمار إىل التحرك والنمو.
يف أواخر عقد الستينات وخالل عقد السبعينات من القرن املاضي ،ظهرت مشكالت وحتديات كبرية
متثلت يف تزايد معدالت البطالة والتضخم معاً ،وهو ما عرف فيما بعد بظاهرة الركود التضخمي
" ،"Stagflationومل تستطع النظرية الكينزية من تفسري هذه الظاهرة اجلديدة ومعاجلتها ،وعندها ظهر
تيار يف الواليات املتحدة األمريكية واملعروف باملدرسة النقدية (مدرسة شيكاغو) ،حيث كان
االقتصادي األمريكي املشهور "ميلتون فريدمان" قد طور نظرية نقدية منذ األربعينات ،غري أن أفكاره مل
حتظى بالقبول إال بعد عدة عقود من السنني أي يف السبعينات ،وهذا راجع لنجاعة السياسات الكينزية
يف معاجلة االقتصاديات األوروبية وحىت االقتصاد األمريكي مسببات األزمة وحتقيق نوع من االستقرار
النسيب واالزدهار اجلزئي لالقتصاد.
)1-1دور النقود :يؤكد النقديون على دور النقود يف حتديد التوازن يف الناتج احمللي اإلمجايل احلقيقي
واألسعار فالتغريات يف عرض النقد يف نظرهم هلا أثار واسعة على االنفاق ،من خالل كل من االستثمار
واالستهالك يف حني أن الكينزيني افرتضوا بأن السياسة النقدية تؤثر على الطلب الكلي وبالتايل فهي
تؤثر على االنفاق االستثماري .فالزيادة يف عرض النقد بالنسبة للنقديني تدفع منحىن الطلب الكلي إىل
األعلى ،من خالل الزيادة يف االنفاق من قبل رجال األعمال والعائالت وبالتايل ترفع مستوى التوازين
للناتج احلقيق.
)1-2رفض الكينزية :إن االقتصاد يف نظر النقديني حيقق التوازن بشكل آيل مع تقلبات بسيطة ،وأن
الكساد العميق ينتج عن سياسة نقدية غري مالئمة وليس عن تغريات مستقلة يف جانب االنفاق كما أن
السياسة املالية ،يف نظر النقديني غري فعالة إال اذا ترافقت مع تغريات يف عرض النقد ،وحىت يف هذه
احلالة فإهنا تكون غري فعالة يف ظل وجود التوقعات الرشيدة.
)1-7سلوك أمثلي :يؤكد اقتصاديو املدرسة النقدية على املبدأ الكالسيكي احملدث بأن الناس حياولون
تعظيم رفاهيتهم ،وأن الوحدة االقتصادية األساسية هي الفرد ،ويتجمع األفراد لتحقيق منافع من
التخصص والتبادل ،والناس يتخذون خيارات عقالنية وأن املستهلكني والعمال واملنشآت يستجيبون
للمحفزات املالية اإلجيابية منها والسلبية.
)1-7األسعار واألجور مقارنة ملثيالهتا التنافسية إن األسعار واألجور الفعلية متيل بشكل عام ،وتكون
مقاربة ملثيالهتا التنافسية يف األمد الطويل ،وتعكس تكاليف الفرصة للمجتمع يف اجلانب احلدي،
واملنافسة يف النهاية تولد منتجات جديدة وتكنولوجيا من شأهنا أن حتطم االحتكارات.
)1-0حكومة حمدودة :إن احلكومة يف نظر النقديني بطبيعتها غري كفوءة كوكيل لتحقيق األهداف
اليت ميكن أن تتحقق من خالل التبادل فيما بني األفراد فاملسؤولون احلكوميون هلم أهدافهم اخلاصة هبم
اليت يسعون لتعظيمها ،ولذلك حيولون حصة من املوارد يف اجتاهات ال ختدم دافعي الضرائب.
)2السياسات المالئمة لدى النقديين:
ميكن تلخيص أبرز النقاط لدى املدرسة النقدية خبصوص السياسات فيما يلي:
)1يؤكد النقديون على الدور الذي تلعبه التغريات يف عرض النقد يف حتديد الناتج احلقيقي التوازين
ومستوى األسعار.
)2ال يعتقد النقديون بأن االقتصاد خيضع إىل حالة عدم التوازن يف سوق العمل وسوق السلع ،أو أن
احلكومة جيب أن تلعب دوراً فعاال يف االقتصاد.
)7إن تأثري السياسة االقتصادية يعمل بفاصل زمين طويل ومتغري فإن حماوالت من قبل احلكومة لتحقيق
االستقرار يف االقتصاد جتعل األمور أسوأ.
)7يعتقد النقديون بأن القواعد الرمسية جيب أن حتكم عملية صنع السياسات االقتصادية.