Professional Documents
Culture Documents
المعنى اللغوي لمصطلح االقتصاد السياسي :كلمة االقتصاد في العربية مشتقة من 1-
قصد و لها عدة معاني ،لكن يهمنا منها ما له عالقة بالمال و االنفاق و نحوهما و القصد
هو االعتدال في السلوك كله ،قال تعالى " و اقصد في مشيك و اغضض من صوتك "
صدق هللا العظيم ،سورة لقمان اآلية . 19و لقد جاء على لسلن العرب ان القصد في
الشىء على خالف االفراط و هو ما بين االسراف و التقتير ،و القصد في المعيشة ان ال
.يسرف و ال يقتر ،يقال فالن مقتصد في النفقة و قد اقتصد في امره اي استقام .
كما جاء في المعجم الوسيط :قصد في الحكم ،بمعنى عدل و قصد في النفقة لي لم
.يسرف فيها و لم يقتر و اقتصد في امره اي توسط
و قد يحدث احيانا خلط في اللغة العربية بين كلمتين تمت ترجمتها من االنجايزية ،الكلمة
االولى فترجمت ) ( economicsترجمت الى " اقتصاد " اما الثانية ) (economy
الى " علم االقتصاد " او الدراسة المنهجية لالقتصاد ،.و من جهة اخرى جاء في قاموس
،الطبعة السابعة سنة ) ( oxford advanced learner dixtionaryاكسفورد المشهور
" " 2005.العالقة بين االنتاج و التجارة و عرض النقود في دولة او اقليم محدد
اما بالنسبة الى االصل اللغوي لتعبير " االقتصاد السياسي " ،فقد اشتق من ثالثة كلمات
.اغريقية ينصرف معناها الى "قواعد ذمة المدينة و هي بيت المال و قواعد قانون
و عالقته بمصطلح السياسة االقتصادية التعريف االصطالحي لعلم االقتصاد السياسي 2-
التعريف االصطالحي لعام االقتصاد السياسي و عالقته بمصطلح السياسة االقتصادية 2 -
ان االمر يتعلق بقوانين اقتصاد الدولة ) ،االقتصاد السياسي ) قاصدا بصفة ( السيسي
كما انه اضفى على االقتصاد صفة السياسي النشغاالت شخصية يتطلع من خاللها الى
.خلق علم جديد و هو فن الحصول على ايرادات للدولة
فمن خالل هذا العمل الذي اشتمل على عبارة االقتصاد السياسي ،كان يرمي الكاتب
المذكور الى تحديد السياسة التي يجب ان تتبعها الدولة للزيادة من ثروتها و هكذا ظهر
االقتصاد كوصف ألسلوب تنظيمي و سياسي للرفع من المستوى المادي للسكان و الدولة
،لذلك يذهب الكثير من الدارسين الى ان استعمال تعبير االقتصاد السياسي من طرف
انطوان دي منكريتيان كان يقصد من وراءه جملة النصائح و االرشادات التي تعطى
لألمير او الملك حتى يدير مالية المدينة او الدولة ،و لو امعنا النظر فيما اراده ،لوجدنا
انه كان يعرف ( السياسة االقتصادية ) و على ذلك فهو ينصرف حسب اصول المصطلح
قواعد ذمة المدينة الى علم المالية العامة .و ليس علم االقتصاد السياسي و " اليوناني
:هذا خلط وقع فيه انطوان المذكور ،الن الفرق كبير بين المصطلحين
فن عملي جزئي يعتمد في اغلب االحيان على العلم النظري و :السياسة االقتصادية
هي تشير في معناها الى مخطط الدولة او الوحدة االقتصادية ( شركة ،مصنع )...لترة
معينة لتحقيق غاية اقتصادية او اجتماعية او سياسية
.
المحاضرة الثانية
لقد ظهرت السياسة االقتصادية كفن عملي قبل ظهور االقتصاد السياسي كعلم
نظري مستقل في القرن الثامن عشر ،و يرجع سبب وصف االقتصاد بأنه سياسي كونه
كان يهدف في عهد التجاريين إلى حل مشكالت عملية ،لذلك اختلط مفهوم االقتصاد
السياسي في هذه المرحلة بالسياسة االقتصادية التي كانت توضع في سبيل هدف و
غاية معينة وواحدة هي زيادة الدخل االمير من الذهب و الفضة و المعادن الثمينة .
و في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ،كانت البدايات األولى لظهور علم االقتصاد
،كعلم مستقل على يد الفيزيوقراطيون ،ثم على يد االنجليز ،بحيث عمل هؤالء
االقتصاديون رغبة منهم في ابراز ما لعلمهم من استقالل ،على تجنب هذا الخلط بين
مدلول علم االقتصاد و السياسة االقتصادية ،و لم يرفع هذا الخلط إال بعد أنّ كتب " ادم
سميث" كتابه عن ثورة األمم سنة 1776و الذي حاول من خالله أنّ يتقيد بالموضوعية
العلمية في دراسته للظواهر االقتصادية ،ليصبح مصطلح االقتصاد السياسي يستعمل
للداللة على علم الثروة ،و من ثم يرى بعض االقتصاديين أنّ االهتمام باالقتصاد بوصفه
علما مستقال بدأ فعال مع كتاب " ادم سميث " المذكور ،اآلمر الذي جعله يوصف بأنه
][2مؤسس علم االقتصاد السياسي .
غير أنّ هذه المحاولة لتجنب الخلط بين علم االقتصاد السياسي و السياسة االقتصادية
من طرف هؤالء المفكرين االقتصاديين ،لم يحدث االنفصال بينهما ،اذ لم يكن لديهم
فكرة الفصل بين المعرفة و التصرف ،اآلمر الذي اثر على مصداقية الموضوعية في
دراستهم ،اذ لم تكن المعرفة لديهم مجردة من الغرض العملي ،فقد كان " ادم سميث
" يهدف في تحليله إلى البحث عن طرق اغتناء الدولة ،غير أنهم استندوا في تحقيق هذا
الغرض العملي إلى فروض و نماذج ،اي إلى التحليل المجرد ،و لذلك درجوا إلى
استخدام تعبير "االقتصاد السياسي" .
تغير مدلول" االقتصاد السياسي" في منتصف القرن التاسع عشر و أصبح كثير من
الكتاب يستعمل بدله تعبير " علم االقتصاد" ،و اتضح من خالل هذا أنّ هناك محاوالت
جادة للفصل التام بين ما هو تجريدي و ما هو تطبيقي ،أي الفصل بين االقتصاد كعلم
نظري مجرد و السياسة االقتصادية التطبيقية ،و كانت هذه رغبة منهم في إبراز ما
لعلمهم من استقالل عن العلوم األخرى ،و خاصة علم االجتماع و السياسة و في أنّ
يضفوا عليه ما يتوفر في العلوم الطبيعية و الرياضية من صفة الحياد ،خاصة من الناحية
االجتماعية ،و لذالك احتجزوا جزء من من البحث و جردوه عن كل غرض عملي اي
فصلوا بين المعرة و التصرف من حيث القيمة و الهدف و قصروا مهمة علم االقتصاد في
الكشف عن القوانين التي تحكم الظواهر االقتصادية بغرض المعرفة وحدها و ليس
تحقيق أهداف و أغراض عملية ،ليتخلوا عندها عن تعبير االقتصاد السياسي و يستبدلونه
][3باسم " علم االقتصاد "أو االقتصاد التجريدي ".
لكن على الرغم من قوة هذا االتجاه االنجلوسكسوني ،في تعريف علم االقتصاد ،إال
أنّ تعبير االقتصاد السياسي قد استمر حتى في األوقات الراهنة و استرجع القوة التي
كانت له بعد أنّ فقدها مع اتساع الهوة بين االقتصاد التطبيقي و االقتصاد التجريدي .
خالصة :
من هنا يتضح كيف أنّ االقتصاد كان في أول األمر سياسيا ( السياسة االقتصادية ) ثم
ضعف هذا االتجاه ،ثم عاد فأصبح االقتصاد سياسيا مرة ثانية عند ظهور األفكار
الماركسية الشيوعية ،آي كل ما تتدخل الدولة في االقتصاد ،يصبغ بالصفة السياسية ،و
هذا باعتبار انه أصبح يهتم باألمور السياسية و المشكالت السياسية و االجتماعية ،خاصة
مشكالت العدالة االجتماعية و الرفاهية القومية ،لذلك أصبح من غير المعقول فصل
][4الحياة االقتصادية عن الحياة السياسة ،ليصبح مدلول االقتصاد السياسي مبرر .
المحاضرة الثالثــــــة
لم يستقر الفقه على تعريف موحد لالقتصاد السياسي ،بل هناك عدة تعاريف لهذا
المدلول و منها :
يرى هذا الفريق أنّ علم االقتصاد السياسي يرتبط ارتباطا وثيقا بين التناقض
الموجود بين المواد و نذراها من جهة وبين اجتهاد اإلنسان و بحثه المستمر عن هذه
المواد و هذا ما يعبر عنة بالمشكلة االقتصادية .
المفهوم الثاني :
يرى فريق أخر من الفقه" أنّ علم االقتصاد يدرس تسيير الموارد الناذرة و
أشكال تحويل هذه المواد " ،فهو علم يبين السبل التي يتبعها اإلفراد و المجتمعات
لمواجهة الحاجيات العديدة و التي ال حصر يها باستعمالهم وسائل محدودة "
على ضوء التعريف السابق ،يمكن أنّ نستخلص أنّ علم االقتصاد يهتم بظاهرتين :
-األولى تخص بندرة الموارد التي يرغب اإلنسان في الحصول عليها .
-الثانية تتعلق بظاهرة اجتهاد اإلنسان في تحويل هذه الموارد قصد إشباع رغباته .
يرى المفكر الفرنسي ريمون بار أنّ علم االقتصاد هو علم دراسة عالقات األفراد بعضهم
ببعض،وعالقاتهم باألشياء ،في سعيهم نحو الوصول إلى الرفاهية المادية.
علم االقتصاد هو ( :علم دراسة الحياة االقتصادية في أطار التنظيم االجتماعي ومرحلة
][2التطور التاريخي).
] ([3علم القوانين التي تضبط مختلف العالقات االجتماعية وأساليب اإلنتاج ).
-دراسة العالقات االجتماعية لألفراد الناتجة عن ملكية وسائل اإلنتاج ،في سياق تطورها
التاريخي.
-البنية االقتصادية هي التي تحدد طبيعة البنية الفوقية السياسية والقانونية واالجتماعية.
-علم االقتصاد هو علم التطور التاريخي لكيان اإلنتاج االجتماعي.
( -ذلك العلم الذي يدرس عالقات األفراد االقتصادية ،بهدف التحقيق وإشباع حاجاتهم
المادية ،في إطار التشريعات اإلسالمية المحددة لطبيعة وحدود النشاط االقتصادي ).
-ال يفصل الدين اإلسالمي بين األهداف الدنيوية لنشاط االقتصادي واألهداف األخروية،
فتلبية حاجات األفراد المادية عنى بها اإلسالم كوسيلة لبلوغ الحياة الكريمة التي ترعى
القيم ،وتنمي خصائص اإلنسان العليا ،وتزكي ثواب هللا في اآلخرة ،وهذا مصداقا لقوله
تعالى:
{ وابتغ فيما آتاك هللا الدار اآلخرة وال تنسى نصيبك من الدنيا }( سورة القصص االية
)77
من خالل هذه التعاريف المختلفة يمكن أن يحدد محتوى علم االقتصاد /االقتصاد
][4السياسي في المسائل التالية :
-1يهتم علم االقتصاد في المقام األول بوصف طرق أدارة الموارد النادرة .فهو يالحظ
ويصنف المعلومات الناتجة عن التجارب اإلنسانية.
-2يهتم علم االقتصاد في المقام الثاني بتنظيم الوقائع على نحو يظهر الوحدة والدورية
(التشابه الناتج عن التكرار) التي تطبع تصرفات إنسانية .فمن مهام النظرية االقتصادية أو
التحليل االقتصادي تأسيس األفكار ،والبحث عن محددات الظواهر االقتصادية واثارها،
وإيضاح وتفسير العالقات العامة الثابتة التي تقوم بينها ،أي اكتشاف القوانين الموضوعة
التي تقيم نظما منطقية تشكل نماذج شارحة للحقيقة االقتصادية.
-3يساهم علم االقتصاد في توجيه السياسة االقتصادية .فهو ال يقترح أهدافا سياسية أو
اجتماعية ،ولكنه يسعى إلى تحديد السياسة االقتصادية المتكاملة التي تالئم تحقيق
أهداف سياسية واجتماعية معينة .ويبين مدى التناسق بين األهداف وإمكانية تحقيقها من
الناحية االقتصادية والوسائل التي تستجيب لتحقيق هذه األهداف و أفضل هذه الطرق.
-4في مواجهة أهداف معينة وفي إطار ظروف عملية محددة ،يقدم علم االقتصاد
قواعد االستخدام األمثل للموارد االقتصادية وصيغ تحقيق الرفاهية المادية.
أنّ اكتشاف القوانين بصفة عامة ال يتطلب الموهبة و القدرة العملية فحسب ،و
إنما يتطلب في كثير من األحيان قدرا كبيرا من الشجاعة ،و يصدق هذا القول في حالة
قوانين الحياة االقتصادية ،فالقوانين التي يدرسها علن االقتصاد غالبا ما تمتد بآثارها
إلى نختلف الطبقات و الفئات االجتماعية ،فالقوانين االقتصادية التي يكشف عنها علم
االقتصاد ال تعتبر ذات قيمة نظرية محضة ،ب
كانت الفعاليات االقتصادية للفرد موجهة دائما نحو إخضاع قوى الطبيعة المحيطة به و
كذلك نحو إخضاع الوسائل الي تساعد ه في النضال ضد عامل الندرة المنتشر في
المجتمع ،و بناء اقتصاد متوازن لتحقيق الرقي و التقدم المادي .
و كل هذا يصب في رغبة اإلنسان لتلبية حاجاته المتعددة و المستجدة باستمرار ،و
عملية اإلنتاج هذه مرتبطة باستهالك المواد أو الخدمات التي يرغب فيها اإلنسان ،و لكن
استهالك المادة أم يتم دون استخراجها من الطبيعة ،تم تحويلها لتصبح صالحة
لالستهالك و تلك هي عملية اإلنتاج ،
و على هذا األساس يمكن القول أنّ النشاط االقتصادي يشتمل على جميع تصرفات
األفراد التي تتصل بثالثة عمليات ( اإلنتاج ،المبادلة ،االستهالك )
تقوم عملية اإلنتاج على تجميع العوامل الطبيعية أو األدوات الفنية مع العمل من
اجل الحصول على سلع و خدمات لالستهالك ،وهذا باعتبار أنّ اإلنتاج يتضمن عمليات
تحويل
إذن ،فعملية اإلنتاج هي عملية تنسيق لكل عوامل العناصر اإلنتاجية من اجل الحصول
على مواد أو خدمات صالحة لالستجابة إلى حاجة معينة.
-رأس المال و هو اإلمكانية المادية التي تستعمل لتحويل المواد الخام إلى منتجات
صناعية أو زراعية .
ال يمكن اإلنسان أنّ يقاوم الندرة في الطبيعة لوحدة ،بل يحتاج إلى التعاون مع أعضاء
الجماعة حتى يتمكن من حفظ بقاءه على ظهر المعمورة .
و بالتالي فان عملية اإلنتاج هي بطبيعتها عملية اجتماعية ،كما أنّ تقسيم العمل يكون
بتخصص فئة في إنتاج معين و يقوم البعض األخر بتلبية حاجات أخرى ،و يتم توزيع
الباقي على أفراد المجتمع .
و تعتبر النقود األداة األساسية لتبادل السلع و الخدمات ،لكونها نوفر مقياس موحد لقيمة
المنتجات ،و تعتبر النقود من المسائل الهامة ذات الصلة بالمشكلة االقتصادية و قد أدى
استخدامها إلى تسهيل المبادالت بنحالل التبادل غير المباشر ،محل التبادل المباشر أو ما
يعرف بالمقايضة ،فالنقود أدت إلى زيادة مرونة الصفقات االقتصادية .
ج -عملية االستهالك :
االستهالك هو العملية التي بها تشبع الحاجات االقتصادية و الذي يأخذ صورة إنهاء
السلعة أو الخدمة و استنفاذ ما فيها من منفعة ،فالخبو مثال يستهلك بأكله ليخفف
إحساسا بالجوع ،و المشهد المسرحي يستهلك عندما ينتهي بنشباع الرغبة في التسلية ،و
السيارة هي سلعة استهالكية معمرة يجب أنّ تستبدل بها سيارة أخرى عندما تقطع عدد
معين من آالف الكيلومترات .
و من جهة أخرى تقوم الحياة االقتصادية في مختلف النظم االقتصادية المعروفة ،على
الوجود المتالزم لنإنسان و األشياء ،فاإلنسان يحس بحاجيات متعددة يجد إشباعها في
الخيرات التي يقدمها و يسخرها له هللا سبحانه و تعالى و يستعمل من اجل ذلك نشاطه
االقتصادي .
و تبدأ المشكلة االقتصادية في الظهور في الحالة التي يجد اإلنسان نفسه أمام عدد كبير
من الحاجيات المتزايدة و المتجددة ،في مقابل الندرة و قلة الوسائل و الموارد الالزمة
الحاجيات . لتلبية
و في األخير نقول ،أنّ المشكلة االقتصادية تعتبر احد العوامل الرئيسية في ظهور
الصراع السياسي بالمجتمعات و كذلك فكرة قيام التنظيم السياسي ( الدولة ) باعتبار أنّ
من بين الوظائف األساسية للدولة هو توزيع الثروات الطبيعية بشكل عادل.
( مناهج علم االقتصاد السياسي ) المحاضرة الخامسة
يؤكد االقتصاديون الصفة العلمية االقتصاد ،اذ يرون ان لهذا العلم قوانينه الخاصة و
يسعون دائما إلى الكشف عن هذه القوانين و صياغة النظريات االقتصادية المختلقة و
بالتالي يعتقد االقتصاديون انه يمكن تطبيق المناهج العلمية المعروفة على علم االقتصاد
السياسي .
أنّ علم االقتصاد السياسي يسعى إلى للوصول إلى إلى إظهار الصالت و العالقات
الثابتة و المتشابهة بين الوقائع و الظواهر االقتصادية ،إذا تحققت لها شروط معينة
للظهور .
و قد ارتبط ظهور علم االقتصاد السياسي في العصر الحديث بالقدرة على اكتشاف
قوانين اقتصادية علمية تبين العالقات الثابتة بين ظواهر و معطيات معينة و كان
الفيزيزقراطيون هم أول من قال بالقوانين االقتصادية ،حتى أنهم بنوا كل نظرياتهم
االقتصادية على فكرة " قانون النظام الطبيعي " و قصروا مهمة الباحث على اكتشاف
هذه القوانين .
كما أنّ هناك من عرف االقتصاد بأنه " :هو معرفة القوانين الطبيعية و الدائمة التي
تحكم عالقات البشر و التي بدونها لما استطاع الناس االجتماع و العيش "
لقد فرضت التجربة االقتصادية بعض القوانين العامة التي ال يمكن مناقشة صحتها ،
الن تطبيقها أصبح صحيحا في كل البلدان و كل المراحل التاريخية و من أهم هذه
القوانين :
-قانون االستثمار :هو أنّ أي رغبة يوالي إشباعها دون توقف تتناقص حدتها حتى تنتهي
باالنعدام بعد أنّ كانت مرتفعة في بدايتها و هذا هو قانون تناقص حدة الحاجات أو
قابلية الحاجات لنإشباع .
-قانون التكرار :هو أنّ اإلحساس المريح عندما يتكرر و تتناقص درجة حدة الرغبة و
مدتها و تتناقص حدة الرغبة و مدتها بسرعة كلما كان التكرار متعاقبا على فترات قصيرة
.
و من جهة أخرى يؤدي التقدم االقتصادي إلى مرور االقتصاد من مرحلة البنية األولية إلى
البنية الثانية .
-قانون العرض و الطلب :تحدد األسعار بناء على مبدأ العرض و الطلب ،فكلما زاد
العرض و نقص الطلب يؤدي هذا إلى انخفاض الثمن و العكس صحيح .
-قانون ضرورة التوافق بين عالقات اإلنتاج و طبيعة القوى المنتجة .
-قانون ضرورة التوافق بين التركيب الفوقي و األساس االقتصادي ،قالبنى الفوقية هي
الي تحدد اإلطار العام لطبيعة النشاط االقتصادي و أساليب اإلنتاج ،كما أنّ التغيير على
مستوى األساس االقتصادي يؤدي حتما إلى التغيير في البناء الفوقي ( البنى الفكرية و
الحضارية و األخالقية و السياسية و القانونية ) ،خاصة عند االنتقال من أسلوب إنتاجي
إلى آخر .
-1نسبية التطبيق :يمكن القول أنّ القوانين االقتصادية التي تنطبق في دولة متقدمة ،
يمكن أن ال تطبق في بلد متخلف ،و تلك التي تطبق في بلد رأسمالي قد ال تنطبق في
بلد ذات نظام اقتصادي اشتراك
-3تتميز القوانين االقتصادية بعدم دقتها الحسابية ،فهي ال يمكن االعتماد عليها للوصول
إلى نتائج دقيقة و محددة و إنما هي تعبر عن مجرد ميل أو اتجاه معين .
مقدمـــــة :
يمكن القول أنّ يعتبر سلوك اإلنسان و تصرفاته المختلفة موضوع الدراسة
لكل فروع العلوم االجتماعية المتعددة التي يتعلق موضوعها بمختلف المشترك
مظاهر النشاط اإلنساني داخل المجتمع ( االقتصاد السياسي ،علم السياسة ،الجغرافيا
،التاريخ ،علم النفس ،القانون ،علم االجتماع ...الخ )
و الجدير بالمالحظة أنّ كل تخصص معرفي يدرس هذا السلوك من زاوية معينة و
يحاول أنّ يفهم طبيعة العالقات بين األفراد داخل المجتمع ،و على اعتبار علم االقتصاد
السياسي احد فروع العلوم االجتماعية ،باعتبار انه حقق قدر من االستقاللية بموضوعه
و مناهجه و قوانينه و نظرياته ،و بالتالي تحاول الدراسة فهم طبيعة العالقة بين علم
االقتصاد السياسي و بين باقي فروع العلوم االجتماعية األخرى و إبراز االعتماد المتبادل
فيما بين االقتصاد و هذه العلوم .
يعتبر علم السياسة من العلوم األكثر ارتباطا بعلم االقتصاد ،فالظاهرة السياسية و
االقتصادية تشكالن وجهان لعملة واحدة و تعتبر الدولة من الموضوعات الرئيسية التي
يهتم بدراستها علم السياسة ،و في الوقت ذاته تعتبر قوة الدولة و استقرارها االقتصادي
من أهم المواضيع البحث و الدراسة لدى االقتصاديين .
لذلك يستحيل على الباحث االقتصادي أنّ يتجاهل ما تم التوصل إليه في حقل علم
السياسة و كذلك الشأن بالنسبة للباحث السياسي ،فالكثير من األزمات السياسية
اليوم التي يتولد عنها النزاعات السياسية و الحروب المستمرة ،و يرجع تفسيرها إلى
عوامل اقتصادية و األمثلة على ذلك كثيرة ( ،الحرب العراقية من ورائها أطماع اقتصادية
أمريكية )
و من جهة أخرى ،فان دارسو النظم السياسية المعاصرة يؤكدون على الترابط
الوثيق بين االستقرار السياسي من جهة و الرخاء االقتصادي من جهة أخرى ’ فكلما
تمكن نظام سياسي معين من تامين حاجيات اقتصادية لمواطنيه ،كلما زاد االستقرار
السياسي داخله .
،فموضوع علم علم االجتماع هو علم القوانين العامة لتطور المجتمع اإلنساني
االجتماع يتعلق بالظواهر االجتماعية في حركتها الكلية ،في حين أنّ علم االقتصاد
السياسي يهتم بمستوى واحد من مستويات الظواهر االجتماعية و هو المستوى المتعلق
باالرتباطات المادية
و يمكن تلخيص العالقة بين االقتصاد السياسي و علم ا الجتماع في النقاط التالية :
-أهمية النشاط االقتصادي و تأثيره على الكل االجتماعي ،أي أثر األساس االقتصادي
في تحديد طبيعة التفاعالت وبنية العالقات االجتماعية ،و يعتبر ابن خلدون من األوائل
الذين ابرزوا طبيعة هذه العالقة ،بحيث يرجع سبب ظهور المجتمع إلى الضرورة الملحة
التي تدفع الناس للتجمع بهدف إنتاج وسائل المعيشة ،أي انه أعطى تفسير مادي لنشأة
المجتمع ،فالمجتمع ظاهرة طبيعية أدى إليها عمران التكافل االجتماعي .
-تتجلى العالقة بين العلمين و تكون أكثر وضوحا من خالل ظهور تخصص فرعي ضمن
االقتصاد هو علم االقتصاد االجتماعي أو ضمن علم االجتماع هو علم االجتماع
االقتصادي ،فاألول هو اتجاه يميل إلى تفسير المعطيات أو الظواهر االجتماعية وواقع
البنية االجتماعية ،أما الثاني فهو يزودنا بالمعرفة الضرورية الخاصة باإلطار االجتماعي
الذي يمارس في ظله النشاط االقتصادي.
يرتبط االقتصاد أحيانا بعلم التاريخ ،ألن هذا األخير يسعى لمعرفة األحداث
والوقائع وتفسيرها عبر تطورها التاريخي ،في حين أنّ االقتصاد يعمل على استكشاف
وصياغة القوانين التي تحكم التفاعالت االقتصادية ،لذلك يحتاج االقتصادي لمعرفة نتائج
عمل المؤرخ أي معرفة اإلطار التاريخي والزمني النشاط االقتصادي لنتأكد من صحة
القوانين االقتصادية وعموميتها ،فالتاريخ يعتبر بمثابة المختبر السياسي داخله ،كذلك نجد
أنّ من متطلبات الحكم الراشد المعاصر ضرورة ضمان الحقوق االقتصادية لألفراد و
التأكيد على تطبيق تنمية مستدامة فعالة من شأنها أنّ تطور الجوانب المادية للدولة و
األفراد .
كذلك نجد أنّ شكل النظام السياسي و قيمه و إيديولوجيته عوامل رئيسية في تحديد
بنية النظام االقتصادي ،بحيث نجد أنّ النظم الديمقراطية الحرة تتبنى بالضرورة نظام
اقتصادي رأسمالي حر ،عكس النظم االشتراكية التي تدعو إلى تطبيق مبادئ االقتصاد
الموجه و المركزي و التخطيط .
كما أنّ المؤرخ بدوره يحتاج إلى معلومات اقتصادية ألنها تسهل عليه جزءا من بحثه و
يحتاج كذلك إلى التحليل االقتصادي الن التطورات المادية االقتصادية للمجتمعات يمكن
أنّ تستعمل كوسيلة تفسير لمتابعة المراحل التاريخية .
تتمثل العالقة بين االقتصاد والقانون في المجتمعات البشرية في أنّ القانون هو
اإلطار التنظيمي المحدد لمختلف التفاعالت االقتصادية ،فالعالقة بينهما عالقة وطيدة إذ
أنّ القانون يدرس القوانين التي اختارها مجتمع ما لنفسه ،و ما كانت هذه القوانين
سوى ترجمة لواقع البنيات االقتصادية التي تفرضها على المجتمع.
يرتبط االقتصاد السياسي بعلكم النفس ،فاالقتصاد السياسي انطلق أساسا من
أرضية نفسية تتعلق باألنانية ،معتبرا أنّ التصرفات االقتصادية تعتمد على المصلحة
الشخصية و تعلق الفرد بضرورة إشباع رغباته ،وهنا نجد أنّ الحاجة كأحد عناصر
المشكلة االقتصادية هي حالة نفسية بالدرجة األولى ،تحرك الفرد للقيام بنشاطات
اقتصادية لتلبيتها ،كما أنّ لعدة ظواهر اقتصادية مثل الظواهر النقدية أو ظاهرة القيمة
أو ظواهر التقلبات الوقتية أرضية نفسية ال يشك في صحتها .فتأثيرا لشائعة مثال على
الحياة االقتصادية يؤكد على صحة التصور ،لنفرض مثال شائعة مفادها أنّ أزمة اقتصادية
ستحل بالمجتمع ،فترى األفراد نتيجة هذه الشائعة يهرعون إلى المصارف لسب
و هذا ما جرى فعال عام 1929عندما اجتاحت العالم األزمة ودائعهم أو لشراء الذهب
الكبرى التي عرفها النظام الرأسمالي بأمريكا ،فبعد االنخفاض الكبير الذي حدث في
بورصة نيويورك ،تدافع الناس نحو صناديق المصارف لسحب أموالهم و ودائعهم و شراء
الذهب خوفا من انهيار قيمة الدوالر ،إال أنهم بهذا العمل ساهموا مساهمة فعالة و
قوية في تخفيض أسعار الدوالر .
تمهيد
انبثق عن الفكر االقتصادي الرأسمالي نظاما مكتمال كان من وراءه عدة مفكرين
عاشوا في فترة العصور الوسطى و جسدت أفكارهم التي قامت في بداية األمر ضد
مرحلة النظام اإلقطاعي التي ساد أوربا في تلك الفترة ،و في هذا الصدد يذهب بعض
مؤرخي الفكر االقتصادي إلى القول أنّ النظام اإلقطاعي الذي ساد في أوربا في
العصور الوسطى ،ساهم في ظهور نظام اقتصادي مكتمل قام على أنقاض النظام
اإلقطاعي ،سمي فيما بعد بالنظام االقتصادي الرأسمالي أو الحر .
يقوم النظام الرأسمالي القائم أساسا على نظام اقتصاد السوق (أي حرية التجارة و
تطبيق قانون العرض و الطلب ) ،على فن إنتاجي يرتكز على االختراع و حرية المبادرة
و القرار الفردي .
ال شك أنّ النظام الرأسمالي قام في ظل الثورة الصناعية التي شهدتها أوربا في
القرنين الثامن عشر و العشرين ،كان قد ارتكز على التقدم التكنولوجي الناتج عن هذه
الثورة وطبقت في هذا المجال قوانين الفنون اإلنتاجية المستمدة من المبادرة الفردية و
قوانين المنافسة .
ففي ظل قوانين المنافسة ،يسعى المنتجون إلى تحسين وسائل اإلنتاج و هذا من
اجل تخفيض نفقات اإلنتاج و تحقيق اكبر قدر من األرباح ،فنجاح أي منتج في استخدام
وسائل جديدة من شانها تخفيض التكاليف ،يدفع المنتجين اآلخرين إلى تطبيق مثل هذه
الوسائل الحديثة حتى يتمكنوا من البقاء في مجال المنافسة و اإلنتاج المستمر .
و من جهة أخرى ،يجد تقدم الفن اإلنتاجي أساسه في االختراع الذي يعبر عن حركة
التطور الصناعي ،و قد يأخذ االختراع شكل االختراعات الميكانيكية أو شكل تغيير نسب
التأليف بين عوامل اإلنتاج ،فالنظام الرأسمالي اعتمد في البداية على أسلوب اإلنتاج الذي
يستخدم العمل بنسبة اكبر من استخدام رأس المال ،تم أصبح يعتمد على طرق إنتاجية
تعتمد على رأس المال أكثر من اعتمادها على العمل .
يتم استغالل عوامل اإلنتاج نتيجة لتفاعل القرارات التي يتخذها األفراد دون إشراف من
جانب الدولة .
خالصـــــــــــة
يمكن القول في خالصة دراستنا للنظام الرأسمالي القائم على الملكية الفردية
لوسائل اإلنتاج و المبني أساسا على مفهوم اإلرادة الحرة في توجيه االقتصاد و
االعتماد على المنافسة الحرة في اإلنتاج و اإلنتاجية ،فقد ثبت تاريخيا أنّ سبق النظام
االقتصادي الرأسمالي ،المذهب الفكري و ذلك خالل أفكار و تنبؤات بعض رجال الفكر
،والذي كان من أهمهم العالم االقتصادي االنجليزي آدم سميت ،والذي ظهر في كتابة
الشهير" ثروة األمم " والصادر عام . 1776
الفلسفية ،أو التعليقات الشخصية ،تذكر الحقائق العظيمة النابعة من المسرح االقتصادي
البريطاني ،/واعتقادهم أن النظام الرأسمالي أو النظام الكالسيكي أو نظام اقتصاد
السوق كان بريطانيا أكثر مما ينبغي ،وذلك بالنظر إلى أنّ بريطانيا كانت هي القوى
االقتصادية السائدة في العالم طوال القرن التاسع عشر ومن ثم كان علم االقتصادية
في أغلبه ذا هوية بريطانية .ولكن كان الهجوم الكبير من جانب اقتصاديين أصبح يطلق
عليهم اسم االشتراكيين ،وهم الذين شككوا في سالمة القوة والدوافع والسلوك التي
ارتبطت بالحيازة الخاصة للممتلكات ،والسعي إلى إحراز الثروة .وقد وجد هؤالء
االقتصاديون ،وفي السنوات الوسطي من القرن التاسع عشر النتقاداتهم وهجومهم ،
الجذور في التراث الكالسيكي نفسه ،وذلك انطالقا من فكرة أنّ القيمة تجد أساسها
في العمل والتي نادى بها ريكاردو ،وفكرة فائض القيمة الذي يستولي عليه الرأسمالي
بطريقة خادعة ،والرأي القائل بأن كل الحصيلة من البضائع .