Professional Documents
Culture Documents
الفكر الاقتصادي في اليونان القديم آرسطو
الفكر الاقتصادي في اليونان القديم آرسطو
(أرسطو)
األستاذ الدكتور مصطفى العبد هللا الكفري
Contents
– االختالفات بني فكر املعلم أفالطون وتلميذه أرسطو2 ............. :
-أفالطون خيالياً وفيلسوفاً شاعرايً ،أرسطو كان منطقياً ونظامياً وعملياً3:
-الرقيق ،يف فكر أرسطو4 ........................................ :
-امللكية يف فكر أرسطو4 .........................................:
-القيمة يف فكر أرسطو5 .........................................:
-النقود يف فكر أرسطو5 ......................................... :
-الشروط اليت ينادي هبا أرسطو يف املدينة املبنية6 ................... :
-اخلامتة6 ....................................................... :
الفكر االقتصادي يف اليوانن القدمي
(أرسطو)
األستاذ الدكتور مصطفى العبد هللا الكفري
مل يكن الفكر االقتصادي عند اليواننيني واضحاً ومتميزاً أو مستقالً ،بل كان
اتبعاً .حقاً إننا جند يف فلسفة سقراط وأفالطون وأرسطو ،بل أحياانً يف أشعار
هومريوس ،بعض األفكار االقتصادية ،ولو أهنا موجزة .لكن اليواننيني القدماء مل
يكفوا ،من أجل عرض أفكارهم االقتصادية ،عن اللجوء إىل صيغ أو صور أو أمثلة
مستمدة من الفلسفة والتشريح بل واألدب والشعر أحياانً .إنه من الصعب حقاً
احلديث عن األفكار االقتصادية من خالل األدب والتشريح والشعر والفلسفة.
ولكننا سنحاول فيما يلي مناقشة األفكار االقتصادية لدى أحد الفالسفة اليوانن
(أرسطو).
حاول الفيلسوف اليوانين أرسطو ( 322 - 384ق .م) أن يقف وقفة حتليلية
أمام بعض املشكالت والظواهر االقتصادية .لذلك يعد أرسطو من أول املفكرين
القدماء الذين أعطوان ما ميكن تسميته (بذور نظرية اقتصادية) تقوم على حتليل
الظواهر واملشكالت املتعلقة ابلنشاط االقتصادي .أي أنه دفع االقتصاد دفعة قوية
حنو األمام يف سبيل أن يصبح االقتصاد علماً متميزاً ومستقالً ومتكامالً ،على الرغم
()1
من أنه مل يتمكن من جعله علماً مستقالً.
– االختالفات بني فكر املعلم أفالطون وتلميذه أرسطو:
نالحظ أن أرسطو خيتلف يف عدد من األمور مع معلمه أفالطون ،ويرى أرسطو
أن مجهورية أفالطون غري قابلة للتطبيق وغري إنسانية أو سعيدة ،وخاصة ما يتعلق
ببعض املبادئ اليت اندى هبا أفالطون مثل :مشاعية النساء واألمالك ابلنسبة للطبقة
احلاكمة واجلنود ،تقسيم اجملتمع وبشكل حاد إىل طبقات ،التضحيات اليت كان
يطلبها اجملتمع من كل مواطن .وحياول أرسطو التأكيد على الشروط العامة اليت
تؤمن حسن سري العمل يف (املدينة) ،بدالً من فرض نظام سياسي دقيق وحمدد كما
يفعل أفالطون .ويسعى أرسطو ألن يقيم ما هو أكثر من مدينة عادلة على غرار
( -)1د .لبيب شقري ،اتريخ الفكر االقتصادي ،دار هنضة مصر للطبع والنشر يف القاهرة ،نقالً عن د .أمحد
درغام ،اتريخ الفكر االقتصادي ،مذاهب اقتصادية ،جامعة دمشق ،1982ص 18و.19
أفالطون ،أنه يسعى إىل إقامة مدينة عادلة وسعيدة( .وهو يرى أن السعادة تكمن
يف املمارسة الكاملة للفضيلة).
أما ابلنسبة للشروط العامة اليت حيددها أرسطو لتؤمن حسن سري العمل يف
املدينة وجعلها سعيدة فهي :امتداد معتدل ،أراض حمدودة حبيث يسهل الدفاع
عنها ،ومتكن مجيع الناس فيها أن يعرف بعضهم بعضاً ،وضع جغرايف قريب من
البحر لتأمني املواصالت وسهولتها .وتتغري هذه الشروط بتغري منط الدولة :فحكم
األقلية حيتاج إىل قلعة ،والدميقراطية تتالءم مع السهول املنبسطة واملساحات
()2
الواسعة.
ظل أرسطو ضمن دائرة الصيغ التقليدية اليت جاء هبا من سبقه من الفالسفة
اإلغريق .من خالل :مناصرته ودعوته للمدينة احملدودة (املقلصة) ،وأن يبقى املواطن
احلر متحرراً من سائر املشاغل اليدوية (العمل اجلسدي) أو التجارية حترراً كلياً،
واألعمال الوحيدة اليت أُعجب هبا أرسطو هي املداولة والعدالة أو اجليش أو الدين،
وهو يرفض الطغيان املفرط وامللكية الناقصة ،وهو هنا يربط بني املوضوع السياسي
واملوضوع االجتماعي.
-أفالطون خيالياً وفيلسوفاً شاعرايً ،أرسطو كان منطقياً ونظامياً وعملياً:
ففي حني كان أفالطون خيالياً وفيلسوفاً شاعرايً خلط بني السياسة واألخالق،
جند أن أرسطو كان منطقياً ونظامياً وعملياً يف آرائه وأحباثه ونظرايته .ونستطيع أن
()3
نوضح االختالف بني املعلم أفالطون وتلميذه أرسطو وفقاً ملا يلي:
• لقد جعل أفالطون األخالق علماً أساسياً وعد السياسة فرعاً من فروعها،
أما أرسطو فقد عكس األمر ونظر إىل السياسة على أهنا علم العلوم أما األخالق
واالقتصاد فع ّدمها فرعني يف فروع السياسة هتدف إىل إسعاد اجلماعة البشرية.
• كان أفالطون مؤمناً حبكم األقلية اليت تتصف بسمو مداركها وملكيتها
للثروة ،أما أرسطو فقد حدد أن أفضل أنواع الدول هي اليت يشرتك أفرادها اشرتاكاً
فعلياً يف إدارة شؤون بالدهم عندما يكون ذلك مبقدورهم.
( - )2أنظر :جان توشار ،اتريخ األفكار السياسية ،ترمجة د .انجي الدرواشة ،وزارة الثقافة ،دمشق ،1984
ج ،1ص.71-70
( - )3أنظر :د .يوسف مجيل نعيسة ،اتريخ الفكر السياسي ،جامعة دمشق ،مطبعة رايض ،دمشق ،1982
ص.116-114
• أنكر أرسطو القاعدة اليت تقول إن قوانني الدولة تطاع فيما إذا وافقت
مصاحل األفراد ،واندى بضرورة إطاعة قوانني الدولة سواءً صادفت هوى يف نفس
الفرد أم مل تصادف .ألن اإلنسان مدين بطبيعته .والدولة نظام طبيعي وضروري.
• (احلق والعدل موجودان طبيعياً .وإن وظيفة الدولة تطبيق هاتني القوتني
"احلق والعدل" الطبيعيتني مبا يتناسب مع حاجات األفراد املختلفة ،معدلة قواعدها
()4
العامة يف بعض األحيان حىت متنع الظلم عنهم وحتقق اإلنصاف بينهم).
• اندى أفالطون ابملساواة الطبيعية بني الرجل واملرأة ،يف حني يرى أرسطو
أن هذه املساواة غري واقعية ألن املرأة يف ذاهتا أقل من الرجل.
• حاول أفالطون إمهال دور األسرة ،ولكن أرسطو ميجد األسرة ويرى فيها
جمتمعاً بسيطاً يتم فيه تعلم الفضائل املدنية واكتساهبا.
-الرقيق ،يف فكر أرسطو:
أقر أرسطو وجود الرقيق ،ذلك ألن األفراد خمتلفون يف قواهم العقلية والفكرية،
فخلق فريق منهم سيداً وخلق فريق آخر مسوداً رقيقاً( .ومن امتاز من الفريق األول
ابلعقل ومسو اإلدراك صلح للحكم ،أما الباقي من هذا الفريق فعليه أن ينفذ أوامر
احلكام ويطيع ما يصدرونه من أوامر وتعليمات) .كما احتقر أرسطو كل املهن اليت
تتصل إبنتاج الثروة وقال( :إهنا من أحقر وظائف األسرة مع اعرتافه بضرورهتا).
وخصص العبيد واألجانب "غري اليواننيني" للقيام هبذه احلرف واملهن .كما أكد
على أن العمل يف الزراعة وتربية احليوان والصيد يف الرب والبحر أشرف من االشتغال
يف التجارة .أما ابلنسبة للراب "إقراض النقود بفائدة" فلم يقره أرسطو وع ّده عمالً
منافياً للعدالة .وهو يرى (أن توزيع الثروة بني األفراد من العوامل اهلامة اليت تؤثر يف
شكل احلكومة ،كما أن مهنتهم تؤثر يف كفايتهم وخطتهم السياسية ،وأن الثورات
ما هي يف الغالب إىل مشاحنات بني الذين ميلكون الكثري من الثروة والذين ال
()5
ميلكون إال القليل منها).
-امللكية يف فكر أرسطو:
انتقد أرسطو اآلراء اليت كانت تنادي إبلغاء امللكية اخلاصة ،واستبداهلا بنظام
امللكية اجلماعية أو املشاعية .ذلك ألن النظام اجلماعي أو املشاعي – حسب رأيه
( – )7أنظر ،د .أمحد درغام ،اتريخ الفكر االقتصادي ،مذاهب اقتصادية ،جامعة دمشق ،1982ص-26
.27