Professional Documents
Culture Documents
الفكر االقتصادي ىو الفكر االنساني في مجال الحیاة االقتصادیة ،ویتولى دراسة القوانین التي
تحكم الظواىر االقتصادیة ویستنتج النظریات ویكتشف القوانین االقتصادیة التي تفسر وتحكم ىذه
الظواىر ،وكذلك یضع السیاسات من أجل تطبیقيا وحل المشكمة االقتصادیة ،فتطور الفكر االقتصادي
ىو دراسة التطور الذي شيده الفكر االنساني في المجال االقتصادی مدحت القریشي( ،3122ص.)31 .
كان لعبد الرحمن ابن خمدون بعض االىتمام بالظواىر االقتصادیة إلى جانب دراساتو المتعمقة
بعمم االجتماع ،فتناوليا في مقدمتو في الباب األول من الكتاب الخامس تحت عنوان; "في المعاش
ووجوبه من الكسب والصنائع وما يعرض في ذلك كمه من األحوال وفيه مسائل (بویمي سكینة ص
.)218
یرى ابن خمدون أن العمل ىو مصدر القیمة وأن المنفعة شرط القیمة ،أي أنو لكي تكون لمسمعة أو
الخدمة قیمة یتعین أن تكون مطموبة اجتماعیا،وقد ذكر ابن خمدون أن تقسیم العمل لو أىمیة كبیرة،
خاصة وأن مجاالت الحیاة متعددة واإلنسان بذلك ال یستطیع قضاء حاجاتو بمعزل عن بني جنسو ،ولكن
حمیش عبد
ىناك بعض الحرف التي تعتبر أميات الصنائع كالفالحة ،والبناء ،والتجارة ،وصناعة الحیاكة( ِّ
الحق ،ص .):5-:4
ویمكن ایجاز أىم األفكار االقتصادیة التي جاء بيا ابن خمدون من خالل معالجتو بعض الظواىر
االقتصادیة كما یمي; ( مدحت القریشي ،2011 ،ص.)76
درس الحاجات البشریة ،معتب ار أن االنسان یحتاج الى أشیاء أساسیة وأخرى ثانویة ،حیث تنشأ
الحاجات الكمالیة مع رقي وتطور المجتمع.
درس طبیعة االنتاجیة وتقسیم العمل ،وأكد عمى ان انتاج السمع یحتاج الى تعاون أفراد المجتمع
وتقسیم العمل بینيم ،كما میز بین عوامل االنتاج وىي العمل ورأس المال والموارد الطبیعیة،
واعتبر العمل أىميا.
درس النشاط االقتصادي واكتساب الدخل ،وأقر بأن الدخل ال یتحقق إال نتیجة العمل ،ومیز بین
أنواع النشاط االقتصادي المختمفة.
قام بتحمیل األسعار ووضح تأثیر العرض والطمب في تحدید مستوى األسعار وتقمباتيا ،كما بحث
في أثر اختالف الثروة فیما بین الدول عمى طمب كل منيا عمى أنواع السمع المختمفة وعرضيا ،وأثر كل
ذلك عمى ما یعرف الیوم بالمستوى العام لألسعار.
قام بتحمیل تطور المجتمع وتقدمو االقتصادي ،ورأى أن زیادة السكان تؤدي الى تقسیم العمل وىو
ما یؤدي الى زیادة االنتاج ودخل أفراد المجتمع ،ویدفعيم ذلك الى توجیو جزء من نشاطيم
االنتاجي النتاج السمع الكمالیة وبالتالي یزداد الطمب عمى ىذه السمع أیضا.
المقريزي (2001-2310م):
رغم تأثر المقریزي باستاذه ابن خمدون ،إال أنو أخذ مسمكا آخر في تفسیر الظواىر االقتصادیة
فإذا كان ابن خمدون ركز في تحمیمو االقتصادي عمى نظریة القیمة فإن المقریزي كان تحمیمو االقتصادي
عمى أساس نقدي من خالل اىتمامو بتحمیل أسباب الظاىرة التاریخیة ،وبتحمیمو لبعض المشكالت كالنقود
والغالء وتوزیع المكاسب ومعامالت األسواق وأكد في كتابو"اغاثة األمة بكشف الغمة "بأن الغالء والرخاء
یتعاقبان منذ القدم.
وعند دراستو لممجاعة التي تعرف في الفكر الرأسمالي الحدیث باألزمة االقتصادیة ،أرجعيا إلى أسباب
طبیعیة كالجفاف والقحط ،وأخرى سیاسیة تتمثل في فساد اإلدارة أضف إلى ذلك الضرائب الكثیرة ،وأسباب
اقتصادیة مثل ارتفاع تكمفة البذور وأجور العمال ،ما أدى إلى ندرة السمع في السوق مع تواجد مرتفع
لمعمالت النقدیة مما جعل سعر السمع یقفز إلى مستویات عالیة (أسامة سعید ،3126،ص.)45-44
األفرد ،في حین أن شیوع
ا وأكد المقریزي أن تدخل الدولة في النشاط االقتصادي قد یضر بمصالح
المنافسة في األسواق یؤدي الى الرخاء ،وعمیو فقد حاول المقریزي تحمیل أسباب األزمات من خالل
فساد سیاسة الحكم وسوء االدارة (مدحت القریشي ،2011،ص.)8
وذكر المقریزي تاریخ ظيور النقود في مصر ،إذ كان الدینار الذىبي ىو العممة الوحیدة المتداولة
الدرىم الفضی ة الستعمميا في تمبیة النفقات الیومیة التي لم یتقبميا
إلى غایة القرن العاشر ،حیث أدخمت ا
أفراد المجتمع إال في القرن الثالث عشر ،ثم ظيرت الفموس (نقود من معادن رخیصة) لتسویة بعض
المعامالت ذات القیمة الصغیرة .فالدینار والدرىم كمعادن نفیسة كانت تستخدم في المعامالت الكبیرة ،أما
الفموس فاستخدمت في المعامالت الیومیة الصغیرة(أسامة سعید 3126،ص ،)45-44ونتیجة زیادة
تداوليا فقد أخذت شیئا فشیئا تحل محل نقود المعدنین.
وبالنسبة لممقریزي فأن سبب االرتفاع المستمر في تكالیف االنتاج و بالتالي ارتفاع األسعار ،یرجع
أساسا الى زیادة كمیة النقود المتداولة ،وىنا وضع المفكر األساس األول لمنظریة النقدیة والتي جاء بيا
فیشرفیما بعد ،ولكن فكر المقریزي كان أعمق من الفكر االقتصادي الكالسیكي ،حیث أشار إلى تأثیر
النقود عمى كل المتغییرات االقتصادیة وأكد عمى عدم حیادیة النقود ،كما أكد أیضا عمى فعالیة تغیر كمیة
النقود عمى مستوى النشاط االقتصادي ،ولحل مشكمة كمیة النقود طالب المقریزي بأن یتم صك النقود من
المعادن النفیسة حتى یمكن تحدید كمیتيا ،وبین أن النقود الردیئة ستطرد النقود الجیدة من السوق في
حاالت األزمات والغالء وبيذا نجد في فكر المقریزي جوىر ما یسمى في ما بعد بقانون غریشام (دویدار،
،1993ص .):9-:8