‫اسهامات المقريزي االقتصادية‬

‫لقب المقريزي بأبي النقود‪ ،‬حيث ُي عتبر من أوائل الكّتاب الذين كتبوا في األزمات‪ ،‬وأول َم ن تكَّلم عن أثر السياس ة‬

‫النقدية في األوضاع االقتصادية واالجتماعية (التضخم واألس عار)‪ ،‬وأول َم ن رب ط بين السياس ة النقدي ة والتقلب ات‬

‫االقتصادية (األزمات والمجاعات) حيث اهتم هذا المفكر باالزم ات االقتص ادية وبخاص ة باالزم ة ال تي م رت بالع الم‬

‫االسالمي للفترة (‪ 1392‬ـ ‪1404‬م) وبالتخصص في مصر‪.‬‬

‫حيث تعرضت للمجاعة الطاحنة هذا من جهة ومن جهة ثانية ف إن الس لطات الفاس دة تعم د إلى فتح كمي ات من‬

‫النقود ومن الن وع ال رديء (ذات العي ار المنخفض) لتلبي ة متطلباته ا في االدارة واألمن (وهي نفق ات غ ير منتج ة)‬

‫فتزداد البلة طينًا‪ ،‬فترتفع اسعار المنتجات مرة ثالثة وهكذا‪..‬‬

‫وهنا وضع المقريزي يده على االساس لنظرية كمية النقود التي صاغها بعده ارفنج فيشر بحوالي خمسة ق رون‪..‬‬

‫واثرها على المتغيرات االقتصادية‪.‬‬

‫حاول المقريزي ان يضع حًال لمشكلة زيادة عرض النقود فطالب بان تصك من المعادن النفيسة حتى يمكن تحدي د‬

‫كميتها وتقليص عرضها‪ ،‬نظ رًا لك ون ع رض ه ذه المع ادن مح دودًا‪ .‬ورأى ان يقتص ر الص ك على مع دن واح د (ام ا‬

‫الذهب أو الفضة) واستبعاد النحاس (النه يؤدي إلى اختفاء التداول في المع ادن النفيس ة) ورأى ان للفض ة قيم ة‬

‫سلعية اخرى وثمينة غير النق ود‪ .‬وه ذه القيم ة الس لعية للفض ة تختلف عن قيمته ا االس مية كنق ود‪ ،‬مم ا دف ع‬

‫مالكيها إلى صهرها واستعمالها في استخدامات اخرى‪.‬‬

‫إن اهتمام المقريزي بالسياسة النقدية كأساس للتأثير على الهيكل العام لالقتص اد الق ومي يض عه ايض ًا من رواد‬

‫الفكر االقتصادي النقدي حتى يومنا هذا‪ ،‬ذلك الفرع من االقتصاد الذي بدأ االهتمام به من ذ الرب ع االول من الق رن‬

‫الحالي على يد الكتاب السويديين ثم على يد االقتصادي البريطاني الشهير (جون مينارد كينز) الذي احدثت آراؤه‬

‫ثورة في علم االقتصاد‪ .‬واخيرًا على يد اقتصاديي مدرسة شيكاغو الحالية في الواليات المتحدة االمريكية وزعيمها‬

‫فريدمان‪ .‬تلك المدرسة التي تعد قمة االهتمام بالجوانب النقدية في علم االقتصاد‪.]3[.‬‬

‫————————–————————–————————–——————‬

‫المراجع ‪:‬‬

‫المذاهب االقتصادية – الموسوعة العربية – مجلد (‪ )18‬صفحة ‪283‬‬ ‫‪-‬‬

 ‫‪ -‬رواد الفكر االقتصادي اإلسالمي – أ‪.‬د‪ .‬محمد عارف كيالي – صحيفة البيان االقتصادي‬

‫‪ -‬المقريزي‪ ..‬إسهاماته العلمية في احتواء األزمات االقتصادية – د‪ .‬عبد الحليم عمار غربي – مجلة‬

‫االقتصاد اإلسالمي‪.‬‬

‫المطلب الثالث ابن خلدون والمقريزي‬

‫بالنسبة البن خلدون والمقريزي فإن الروح اإلسالمية واض حة في نظرياتهم ا االقتص ادية إض افة إلى اإلط ار‬
‫السياسي واالجتماعي الذي عاشا فيه وتأثرا به‪ .‬وفي ذلك ارتباط وثي ق بين ال دين واالقتص اد‪ ،‬فال يمكن فص ل‬
‫المع امالت والس لوكات االقتص ادية وبن اء النظري ات والتأس يس لعلم ق ائم بذات ه‪ ،‬أو البحث عن ح ل ألزم ة‬
‫اقتصادية معينة بعيدا عن الدين في ظل إهمال األبعاد القيمية األخالقية‪.‬‬

‫أسس ابن خلدون نظريته في العمران والتي تشكل الدراسة االقتصادية واحدا من أهم أركانها األساس ية " على‬
‫أنه مجتمع إسالمي الحكومة والرعية‪ ،‬وقد خصص المقدمة كلها ‪ -‬إال القليل‪ -‬لهذا األمر‪ .‬وق ررأن يك ون الحكم‬
‫خالفة‪ ،‬وأن الخالفة لحراسة الدين وسياسة الدنيا" ‪.‬‬

‫ويرى البعض أن المقريزي في عنايته بالجوانب االقتصادية واالجتماعية إنم ا ت أثر بأس تاذه عب د ال رحمن بن‬
‫خل دون ال ذي التقي ب ه وتتلم ذ على يدي ه‪ ،‬ف ترة وج ود ابن خل دون بمص ر‪ .‬والواق ع أن المتفحص لمؤلف ات‬
‫المقري زي‪ ،‬سيض ع الي د على وف رة وغ زارة من المعلوم ات التاريخي ة ذات الط ابع االجتم اعي جعلت من‬
‫المقريزي مؤرخا حصيفا‪ ،‬ال يقف عند ح دود الظ اهرة التاريخي ة‪ ،‬ب ل يتجاوزه ا إلى الج وهر والق انون ال ذي‬
‫يحكمها‪.‬‬