Professional Documents
Culture Documents
التاريخ الاقتصادي
التاريخ الاقتصادي
مقدمة عامة
يعتبر الفكر االقتصادي قديم قدم اإلنسان وكان متداخال مع االعتبارات الفلسفية والدينية
ًا
والسياسية ولم يقع الفصل بين البحث في االقتصاد وفروع املعرفة األخرى إال حديث عندما
ظهر االقتصاد كعلم متميز الحدود .
علم االقتصاد حديث النشأة ويمكن اعتبار كتاب آدم سميث سنة ( 1776ثروة -
األمم ) أول دراسة إعالمية منظمة لالقتصاد السياسي .غير أن هناك من يعتبر
ًا ًا
كتابات الطبيعيين السابقة آلدم سميث لها منهج علمي ويمكن أن تكون ايض منطلق
ًا
لعلم االقتصاد .عموم هناك جدل حول تاريخ ميالد علم االقتصاد ولكن مهما كان
هذا الجدل فإن علم االقتصاد يبقى حديث النشأة.
الفرق بين التاريخ االقتصادي وتاريخ عصر االقتصاد وتاريخ الفكر االقتصادي
الواقع االقتصادي ليس ثابت بسبب ما يرتبط به من ظروف اإلنتاج ومواد وتوزيع ونظر
قانونية غيرها هذا يعني أن التاريخ االقتصادي يشير إلى ظروف اإلنتاج بكل مجمع ومدى
تطورها كما يشير إلى شكل التنظيم القانوني للعالقات االقتصادية .إذن التاريخ االقتصادي
يختلف من دولة إلى أخرى لكن هذا اليمنع من سيطرة إتجاهات عامة للتطور االقتصادي
ًال
مثل االتصال بين الدول والشعوب الذي لم ينقطع في أي وقت من األوقات .مث اكتشاف
نشاط أو وسيلة معينة اليلبث أن ينتقل ويصبح مع الوقت ملكية عامة لجميع الشعوب مثل
اكتشاف الزراعة أو ا لنار أو غيرها مثل النفط ،ركوب البحر.
ًا
مالحظة :هناك التاريخ االقتصادي الخاص بكل دولة أو إقليم وهناك أيض اتجاهات
ًا
التاريخ االقتصادي العام لتطور الواقع االقتصادي في العالم مرور بجميع املراحل مثل
الري ،الزراعة ،الثروة الصناعية ،ثورة االنترنت ،الخ ..
ًا
مالحظة :اشكال التنظيم االقتصادي تختلف من مكان آلخر لكن أيض مع وجود اتجاهات
عامة فهناك مرحلة االقتصاد البدائي ومرحلة االقطاع ،والرأسمالية التجارية ثم
الرأسمالية الصناعية ثم االشتراكية وغيرها وكل هذا يعني موضوعات التاريخ االقتصادي
العام والخاص .
تاريخ علم االقتصاد :يعني البحث في تطور التحليل االقتصادي سواء من حيث ظهور
ًا
نظريات جديدة أو تطوير النظريات القائمة أو ايض تطور منهج الدراسة االقتصادية في
1
استخالص النظريات واملبادئ او تطور الوسائل املتاحة للتحقق من صحة هذه النظريات
واختبارها .إذن تاريخ علم االقتصاد يخضع لضوابط دراسة العلوم األخرى.
تاريخ الفكر االقتصادي :يتعلق بتاريخ األفكار والخواطر التي عرضت اإلنسان في حياته
ًا ًا
االقتصادية وليس بالضرورة أن يكون علمي ألن هذا الفكر ظهر في الغالب مختلط
ًا ًا
ومندمج مع أفكار سياسية باعتبار أن املنهج العلمي االقتصادي لم يظهر إال حديث لذلك
كان تناول املسائل االقتصادية بأسلوب تقديري حيث كان الحكم على املسائل االقتصادية
( خير أو شر ) يخضع العتبارات دينية وأخالقية وإلى اآلن فإن الفصل بين الدراسة العلمية
للظواهر االقتصادية واألحكام التقديرية لم يتحقق وذلك لتأثر شخصية الباحث باملوضوع
الذي يبحث فيه والذي يوجه نتائجه كما يرى حسب اعتقاداته وانتماءاته الدينية
والسياسية وغيرها.
مالحظة ( : )1اليمكن فصل تاريخ الفكر االقتصادي عن التاريخ االقتصادي واألوضاع
االقتصادية السائدة فالتاريخ االقتصادي يحدد اإلطار العام للمشاكل االقتصادية املطروحة
وبالتالي يؤثر في اتجاه الفكر االقتصادي وفهم األفكار االقتصادية اليمكن أن يكون بمعزل
عن األوضاع االقتصادية.
مالحظة ( : )2استمرار الفكر االقتصادي على نحو معين يؤثر في سلوك اإلغراء وبوجه
األوضاع االقتصادية إلى اتجاه معين.
لدراسة الفكر االقتصادي البد من االستعانة بعلم االقتصاد والنظريات االقتصادية ألن
دراسة تاريخ الفكر اإلقتصادي هي بطبيعتها انتقائية وال وجود ملجموعة من الوثائق أو اآلثار
التي تتعلق فقط باملسائل االقتصادية وإنما يتداخل هذا الفكر ضمن أمور أخرى في
ًا
السياسة واألخالق ولذلك البد من اختيار ما يمكن اعتباره اقتصادي وفي هذه الحالة فإن
النظرية االقتصادية تساعد على حسن اختيار األفكار االقتصادية.
علم االقتصاد لم ينشأ دفعة واحدة كنتيجة للطبيعة الكاملة بين املراحل االقتصادية
ًا
السابقة ولكن النظرية نشأت تدريجي نتيجة محاوالت فكرية متتابعة اختلط فيها التحلل
االقتصادي مع العديد من األفكار األخرى وبالتالي فإن فهم تاريخ علم االقتصاد اليمكن أن
يكون بمعزل عن تطور الفكر االقتصادي بصفة عامة .ويمكن اعتبار تاريخ العلم
االقتصادي هو تاريخ تخلص األفكار االقتصادية من العناصر الغير علمية.
أهمية دراسة تاريخ الفكر االقتصادي :
2
اإلنسان كائن تاريخي واليمكن أن يفهم تاريخه إال من خالل دراسة تاريخية كما أن مستقبله
محكوم إلى حد كبير بتراثه التاريخي لذلك تظهر أهمية الدراسات التاريخية لكل فروع
املعرفة.
دراسة تاريخ الفكر االقتصادي تبرز عنصر االستمرار في االفكار االقتصادية وتبين معرفة
وضع االقتصاد بين العلوم االجتماعية.
كما أن الفكر السائد في عصر ما يؤثر على القرارات السياسية بصفة عامة لذلك دراسة
تاريخ الفكر االقتصادي تساعد على فهم الكثير من التصرفات وما ترتب عنها من أوضاع
اقتصادية .كما أن دراسة التاريخ تساعد على تطوير الحاضر ( نفس األسباب تؤدي إلى نفس
النتائج ) .
دراسة التطور التاريخي من شأنها أن تساعد على نضوج العقلية العلمية فاالعتقاد في صحة
بعض النظريات القائمة يؤدي إلى التعصب والجمود وهو ما يتعارض مع الفعلية العلمية
القائمة على النسبة ونقد ومجاوزة األفكار السابقة وهذا يساعد على القدرة االنتقادية
للباحث وهي أمور جوهرية للعقل العلمي.
3
الجانب االقتصادي وكانت الكتابات القديمة تقتصر على بعض األفكار االقتصادية والدينية
وتنظيم الحكم.
ولقد وردت حسب املؤرخين بعض األفكار االقتصادية لليهود في العهد القديم حيث كان
ًا
االقتصاد اليهودي قائم على الحياة القبلية التي تستند إلى السيطرة األبوية وكان النفوذ
ًا
الديني والسياسي لليهود كبير وكانت االرض هي املظهر الوحيد للثروة والزراعة هي النشاط
االقتصادي الرئيسي فقامت امللكية الخاصة لألرض واعترف بحق اإلرث لالبن األكبر.
كما أجاز القانون املوسوي اقتضاء فائدة على القروض.
ًا
اليونان :بدأ االقتصاد اإلغريقي عائلي وبالتالي لم تنشأ مشاكل اقتصادية نظرية وعرف
االقتصاد في هذه املرحلة على أنه علم إدارة املغزل أي سيادة االقتصاد العائلي على
الحضارة اليونانية ولم تحصل مشاكل إال في وقت متأخر نتيجة الحصول على غنائم
ًال ًا ًا ًا
وازدهار التجارة وبالرغم من ذلك اليوجد بناء فكري اقتصادي متكام رغم اهتمام
اإلغريق باملسائل الفكرية ويفسر ذلك بأن اإلغريق احتقروا العمل اليدوي وتركوه للرق
ولم يكن العمل ما عدا الزراعة محل اهتمام املفكرين ولهذا تراجع االهتمام باالنتاج ومن
األفكار لدى بعض الفالسفة اليونانيين يمكن أن نذكر :
أ -أفالطون :تناول بعض املشاكل االقتصادية في كتاباته الفلسفية خاصة في كتاب "
الجمهورية " وكتاب " القوانين " ويبرز نشأة الدولة باعتبارات اقتصادية حيث البد من
ًا
اجتماع األفراد لتلبية حاجياتهم وجعل للدول حجم إلدارتها إدارة رشيدة وهذا الحجم هو
5040ودعا إلى مدينة مثالية قائمة على تقسيم العمل واالختصاصات واملزايا بين طبقات
املجتمع .
بالنسبة ألفالطون فإن الحكومة هو للفالسفة والحكماء والنبالء واملحاربون والبقية تتولى
العمل في الزراعة والصناعة .
كما على أفالطون إلى إلغاء امللكية الخاصة وامليراث بالنسبة للطبقة الحاكمة لكي تكون لها
رغبة في الخدمة العامة أما بقية الناس يحق لهم امللكية الفردية لتشجيعهم على اإلنتاج
والربح .
مالحظة :بالنسبة ألفالطون الرق هو عنصر دائم واليمكن االستغناء عنه وأفضل عنه
وأفضل العبيد عنده هم األجانب املستولي عليهم في الحرب.
مالحظة :أشهر ما عرف به أفالطون في ميدان الفكر االقتصادي هو تجنيده لفكرة
الشيوعية بالنسبة لطبقة الحكام في مدينته املثالية .
4
ب -أرسطو :عارض أرسطو فكرة إلغاء امللكية الخاصة ورأى أنه من املمكن التوفيق بين
ًا
املصلحة العامة والخاصة وهذه الفكرة تعتبر بذرة لألفكار التي سادت بعد ذلك خصوص
مع آدم سميث في اليد الخفية.
حاول أرسطو تفسير بعض الظواهر االقتصادية مثل الفرق بين قيمة االستعمال وقيمة
التبادل .
مالحظة :نظرية القيمة عند أرسطو كانت نموذجية وأخالقية أكثر منها علمية ألنها
اقتصرت على فكرة الثمن العادل ولذلك أدان االحتكار وتحدث عن عيوب املقايضة.
رغم عدم وجود نظرية واضحة عن التوزيع إال أن أرسطو قدم إشارات في ذلك حيث ذكر
نظرية االستغالل من خالل التفرقة بين اإلثراء الطبيعي واإلثراء غير الطبيعي واعتبر
ًا
التجارة من قبيل اإلثراء غير الطبيعي وعارض سعر الفائدة مبرر ذلك بأن النفوذ غير
منتجة وفوائدها هي إثراء غير طبيعي وفرق بين األموال التي تهلك باالستعمال واألموال التي
ال تهلك باالستعمال .
روما :رغم سيطرة روما العسكرية على العالم إال أنها بقيت تابعة لليونان من ناحية الفكر
ًا ًا ًا
واملعرفة باستثناء بعض األعمال القانونية فال نجد فكر روماني خالص رغم وجود أوضاع
جديدة مثل دخول االقتصاد العائلي إلى اقتصاد زراعي مغلق ثم إعتقاد استعماري
أمبراطوري وكذلك ظهر التضخم الشديد في القرن الثالث والخامس بعد امليالد .ولكن هذه
ًال
املشاكل لم تجد مجا للفكر سوى بعض األفكار عن الفن اإلنتاجي في مجال الزراعة
ومعارضة صور االستغالل الكبير لألرض وتأثيره على اإلنتاج الغذائي .
كما استنكر رفض سعر الفائدة .لكن رغم كل هذا فال يمكن اإلقرار بوجود نظرية
اقتصادية عن الرومان لعل املشاكل االقتصادية.
الفكر االقتصادي في العصور الوسطى :
العصور الوسطى هي الفترة بين سقوط اإلمبراطورية الرومانية وحتى عصر النهضة
واإلصالح الديني وسقوط القسطنطينية وتسمى العصور الوسطى ألنها تعتبر حسب
املؤرخين فترة بين الحضارة القديمة ( روما واليونان القديمة ) والعصر الحديث وتعتبر
عصر الظالمات والتأخير الحضاري لكن هذا اليصح إال بالنسبة ألوربا الن انهيار أوربا قابلة
ازدهار الدولة اإلسالمية.
5
الفكر االقتصادي في أوروبا في العصور الوسطى :
من القرن الرابع إلى القرن العاشر مرت أوروبا بتدهور اقتصادي وأخالقي وعادت بوادر
االنتعاش في القرن 11حيث ظهرت بعض املمالك القوية مثل فرنسا وازدهرت بعض
ًا
الصناعات الحرفية وبنيت الكنائس في القرن 13لكن البحث العلمي كان متأخر في
مجموعة وتأثر بتفكير أرسطو وأفالطون.
سان توماس األكويني ( . ) 1274 -1226
عادت فكرة العدل التي أشار إليها أرسطو إلى االهتمام وذلك من خالل رجال الكنية ومن
أهم املفكرين سان توماس األكويني.
بالنسبة ألرسطو فرق بين العدل التوزيعي والعدل التعويضي إذ أن العدل التوزيعي يأخذ
بعين االعتبار االختالفات النسبية لكل فرد حيث توزع املنافع مع مراعاة االختالف في
الظروف الطبيعية بين األفراد وهذا هو أساس العدل عند ارسطو أما العدل التعويضي أو
التبادلي هو الذي يضمن استمرار العدل التوزيعي أي إعادة التوزيع عند وجود خلل في
العدل التوزيعي.
أعاد سان توماس فكرة العدل التوزيعي عند أرسطو وحدد املقابل العادل في املعامالت
( السعر العادل ) ولكن هذا التفكير أخالقي وليس اقتصادي وقد طبق سان توماس فكرة
املقابل العادل على األجر والربح.
-مثل أفالطون فإن سان توماس أعطي حجة للملكية العامة باعتبار أن هللا خلق األرض وما
عليها ولكنه بالرجوع إلى وجهة نظر أرسطو في اهمية امللكية الفردية رأى أنه هناك
اعتبارات تبيع امللكية الفردية ولكن هذه امللكية ليست مطلقة.
-رفض سان توماس سعر الفائدة مثل أرسطو وتبنى نفس الحجج إذ يعتبر أن في سعر
ًال
الفائدة استغالل للفقراء وبالتالي حرمت الفوائد على رجال الدين أو ثم على جميع
املسيحيين في القرن . 13
ًا
خالصة :الطابع العام للفكر االقتصادي األوروبي في العصور الوسطى كان أخالقي
واهتم بالدرجة األولى بالعدل واألخالق املسيحية وكان سان توماس خير من عبر على هذه
الفترة.
6
الفكر االقتصادي عند املسلمين في العصور الوسطى :
على عكس أوربا ال ،العصور الوسطى كانت عصر الحضارة بالنسبة للدولة اإلسالمية
وازدهار العلوم وتمكين االعتماد على إبن خلدون لدراسة الفكر اإلسالمي عند املسلمين في
ذلك العصر.
ابن خلدون ( : )1406 -1332هو أبوزيد عبدالرحمان ابن خلدون تقلد مناصب السياسة
والقضاء في تونس واملغرب ومصر من أهم مؤلفاته كتاب " العبر وديوان املبتدأ والخبر "
ومقدمة هذا الكتاب تعرف بمقدمة ابن خلدون يعتبر من مؤسسي علم االجتماع وأفكاره
االقتصادية كانت لدراسة املجتمع وتاريخ العرب والبربر ومن أهم هذه األفكار االقتصادية
يمكن أن نذكر:
العمران :املجتمع ظاهرة طبيعية أدى إليها عمران التكافل االجتماعي ويقسم العمل أي أن -1
األفراد في حاجة لبعضهم البعض لتحقيق ما حاجاتهم من هنا تظهر أهمية تقسيم العمل.
فكرة السوق :يعتبر ابن خلدون أن ثروة البلد ودرجة تقدمه في العمران يحددان نوع -2
وثمن ما يطلب من السلع وهذا الطلب يؤثر في الصناعات وتقدمها .حجم السوق عند
ابن خلدون يعتمد على زيادة عدد السكان ويقسم العمل وهذا يقترب من التفكير الحالي .
الدولة :بالنسبة البن خلدون فإن الدولة لها عمر معين مثل االشخاص وفي الغالب ال -3
تتجاوز ثالثة أجيال وهذا يعني أن ابن خلدون وضع نموذج لتطور املجتمع يقوم فيه
السكان بدور هام إذ أنهم يتزايدون مع زيادة العمران إلى أن تنتهي الدولة واسباب نهاية
الدولة تعود إلى بعض األشياء االجتماعية التي تفكر الدولة.
اإلنتاج :أعطى ابن خلدون أهمية كبرى للعمل الذي هو أساس الكسب .لكن الكسب قد -4
يتحقق بدون عمل ( الربع) وقد أشار ابن خلدون إلى هذه الفكرة عندما اعتبر أن بعض
األموال تزيد قيمتها ألسباب ال ترجع إلى عملها وحائزها وأشار في هذا الجانب إلى ما
يعتبره معاش غير طبيعي .
تطور هياكل أو األنظمة االقتصادية :ابن خلدون يرتب الشعوب حسب أساليب االنتاج -5
فيها ويضع في املقام األول الحياة الحضرية أي الصناعة ثم الفالحة ثم البدو وكما يشير
إلى عالقة الصناعة بالزراعة وهذه إشارة إلى فكرة النمو االقتصادي وتطور االقتصاديات
7
ًا
من هيكل اقتصادي إلى آخر وما أشار إليه ابن خلدون اليبعد كثير عما يسمى نظرية
التنمية والتخلف .
ًا
الصناعة :أولى ابن خلدون الصناعة دور كبير حيث تناول القضايا العامة للصناعة -6
وخصائص بعض الصناعات وأشار إلى تخصص بعض الدول في صناعات معينة في إطار
تقسم العمل على املستوى الدولي والتخصص وهو ما يناسب نظرية التجارة الدولية أو
التخصص الدولي ويفسر ذلك باختالف ظروف اإلنتاج من بلد آلخر ،والتخصص يؤدي
إلى املهارات واملزايا النسبية وقد حلل هذا بعد ذلك ريكاردو بأكثر دقة ولكن بذور نظرية
املزايا النسبة تعود البن خلدون.
وفي دراسة للصناعة أشار ابن خلدون إلى العديد من مشاكل األسواق إذ ميز بيع السلع
الضرورية والسلع الكمالية وحذر من االحتكار وأشار إلى أهمية التدريب والتعليم في
الصناعة ونشرها .
-كما أشار إلى أهمية الطلب ( مثل كاينز ) الزدهار الصناعة.
املالية العامة :من أهم أفكار ابن خلدون التي لها صلة باالقتصاد والحديث حيث اهتم -7
بالضرائب والنفقات وكان ذلك ضمن نظرته العامة للدولة وتطورها من الشباب
والحيوية إلى الهرم والكهولة ويرى ابن خلدون أن العمران البشري ال بدله من سياسة
تنظمه.
-كما كان يعتقد بأن تخفيض الضرائب يحفز على العمل واإلنتاج وهذا يزيد من وعاء
الضريبة بالنسبة للدولة .وهذه الفكرة تعتبر اآلن من أهم النظريات التي تعرف بنظرية
العرض املرتبطة بالضرائب :تخفيض الضرائب يؤدي إلى الزيادة في الجباية ومداخيل
الدولة.
العقالنية :توجد مقتطفات في مقدمة ابن خلدون تدل على أساس السلوك االقتصادي مثل -8
العقالنية والرشد ومقارنة بين التكلفة والعائد وقد ذكر هذا من خالل تصور من خالل
رد فعل األفراد إذا أفرطت الدولة الضرائب وقد ذكر ذلك في عبارة " النفع والغرم "
وهذا ما قدمته بعد ذلك املدرسة التقليدية الحديثة.
-يفرق إبن خلدون بين آثار الضرائب على االقتصاد القومي وعلى الخزينة العامة ويعتبر
أن األهم هو تأثير الضرائب على االقتصاد
( استثمار ،إنتاج ،إلخ ) .
8
-هناك بذور لفكرة املرونة ملا تحدث عن انخفاض الضرائب التي يسميها األعباء العامة
واألسعار ما يصاحبه من زيادة في االنتاج واالستثمار.
تدخل الدولة في االقتصاد :اعتبر ابن خلدون أن تدخل السلطات في السوق يلحق مضار -9
ألن السلطات يستعمل نفوذه لتطويع آلية السوق لصالحه ( الدولة ال تخضع للسوق ).
-حذر من خلط السلطة بالتجارة وانغماس الدولة في النشاط االقتصادي العادي ويعتبر
أن تجارة السلطات مضرة بالرعاية ومفسدة للجباية.
الدولة تلجأ إلى مزايا السلطة العامة وقهرها وبذلك تفسد السوق والذي الينجح إال -
إذا توفرت املساواة واملنافسة الشريفة بين جميع املتعاملين.
اعتبر ابن خلدون ان تدخل الدولة في السوق يكون بسبب في غم ونكد بالنسبة -
للعامة وكسب غير مبرر للدولة.
ًا
تحدث أيض ابن خلدون على خطورة انعدام الخبرة في القطاع العام وكذلك خطورة -
انعدام الثقة وهو ما تالحظه اليوم من فساد إداري ورشوة غيرها.
مقريزي :هو تقي الدين أحمد بن علي املقريزي ولد بالقاهرة سنة 766هـ تولى عدة وظائف
خاصة في التعليم والقضاء ودرس واألزهر .يعتبر من رواد الفكر االقتصادي اإلنساني قبل
ًا
وأثناء عصره بالرغم من تأثر املقريزي بأستاذه إبن خلدون إال أنه سلك مسلك آخر في
تفسير الظواهر االقتصادية حيث أن ابن خلدون اهتم بالقيمة في تفسير الظواهر
االقتصادية بينما أهم املقريزي بالجانب النقدي وقد أشار في تحليله إلى سوء توزيع الدخل
القومي بين أفراد املجتمع اإلسالمي وطالب بضرورة إعادة توزيعه لتحقيق العدالة
االجتماعية والرفاهة االقتصادية .
-وزاد اهتمام املقريزي باملشاكل االقتصادية في الفترة من 1392إلى 1404حيث مر العالم
اإلسالمي بأزمات اقتصادية كبرى خاصة املجاعة في مصر والتي كان تسببها سوء توزيع
الدخل وضعف االنتاج وارتفاع األسعار وفسر املقريزي هذه املجاعات بفساد سياسة
الحكم التي كانت تخص نفسها بكمية كبيرة من اإلنتاج الذي كان يتراكم عندها بسبب
التوزيع الغير عادل والضرائب املرتفعة حتى أنها كانت تعرض املخزون عندها من اإلنتاج
في األسواق وبأسعار مرتفعة.
9
-وكذلك الحظ املقريزي سوء اإلدارة االقتصادية وزيادة تكلفة عوامل اإلنتاج معا أدى إلى
زيادة أسعار املنتجات النهائية .ويفسر املقريزي هذا التضخم بزيادة كمية النقود
املتداولة في االقتصاد اإلسالمي وبهذا يكون قد وضع أول نظرية في التاريخ االقتصادي
والنقدي يتعرض لكمية النقود وأثرها على املتغيرات االقتصادية .حيث الحظ أن زيادة
كمية النقود مع طاقة إنتاجية محددة تؤدي إلى التضخم وهوما يؤثر على التشغيل
ودرجة اإلشباع وطريقة توزيع الدخل مما يضر بمصلحة الطبقات الفقيرة واملنتجين
الصغار مما يساعد على ظهور االحتكارات والتكتالت في اإلنتاج والتوزيع وبالتالي يمكن
اعتبار املقريزي مؤسس النظرية النقدية التي قدمها بعده إيفزبح فيشر والكالسيك إال
ًا
أن فكر املقريزي كان أعم وأدق من الكالسيك حيث أنه اكد ضمني بأثر النقود على
املتغيرات االقتصادية وبالتالي اعترف بعدم حياد النقود على عكس الكالسيك الذين يرون
أن تغير كمية النقود ويؤثر فقط في األسعار ألنهم يعتقدون ثبات حجم املعامالت وسرعة
دوران النقود.
ًال
-حاول املقريزي أن يجد ح ملشكلة زيادة النقود وطالب بأن تصك النقود من املعادن
ًا
النفيسة حتى نتمكن تحديد كميتها ألن عرض هذه محدود وهذا تجد أيض في قدرة
الدولة على التوسع في اإلصدار النقدي وطالب املقريزي أن تكون العملة من معدن واحد
فقط ألنه الحظ تداول النحاس والفضة وبالتالي نجد أن الفكر النقدي للمقريزي قد
وضع أساس لكل من قاعدة الذهب وقانون جريشام.
-بالنسبة لقاعدة الذهب فقد ساعد نظام قاعدة الذهب فقد ساعد نظام قاعدة الذهب في
اوروبا وأمريكا وبعض الدول النامية في إعادة تخصيص املوارد وتوزيعها وتحقيق التوازن
االقتصادي في ظل املنافسة الكاملة واالقتصاديات الحرة حيث تحقق االستمرار النقدي
ًا
وثبات األسعار بقدر محترم جد .
ًا
كان املقريزي ببسا في االبتعاد عن املعادن الرخيصة كنقود والتي كانت سبب في ارتفاع
األسعار .الن اعتماد الذهب أو املعادن النفيسة كما اقترح املقريزي يحد من ارتفاع األسعار
ًا
ألن هذه املعادن نادرة ومكلفة وبالتالي فإن كمية تداولها تحدد تلقائي من خالل السوق
ًا
وليس طبق لرغبة الحكام وهذا يؤكد ان املقريزي كان من أنصار الحرية االقتصادية
والليبرالية النقدية.
10
-أما قانون جريشام الذي يقول بأن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من التداول ( فإن
جذوره توجد عند املقريزي عندما أكد بأن اختفاء العمالت الفضية ( العملة الجيدة )
ًا
من التداول تاركة الساحة للعمالت النحاسية ( الرديئة ) كان سبب في ارتفاع األسعار.
اإلمام أبو حامد الغزالي :ولد في طوس من عائلة بسيطة وكان أبوه يعمل في الغزل لذلك
لقب بالغزالي .أهم ما ساهم به فكرته عن املجتمع فقد تأثر باإلغريق في نظرتهم إلى املدينة
الفاضلة وكيف يظل املجتمع متماسك ونظرتهم إلى األرباح ومن أهم أفكار الغزالي
االقتصادية نجد :
اهتم اإلمام الغزالي أن يعيش املجتمع في وئام والعمل على توفير ضرورات الحياة ويقع ذلك
في دالة الرفاهية االجتماعية باملفهوم الحديث وقامت فكرته على املصلحة واملفسدة ،لكل
عمل وبالتالي يجب على املجتمع واألفراد القيام به باألعمال الصالحة وتفادي األعمال
املفسدة وتعتمد مصلحة املجتمع على الحفاظ على ما يلي :الدين ،النسل ،األسرة ،
العقل ،النفس ( الحفاظ على التعليم ) ،املال.
أما النواحي االقتصادية لدالة الرفاهية االجتماعية فتتمثل في توفر الضروريات املادة مثل
املأكل وامللبس واملشرب .
-ضرورة أن يكون هناك عدل وامن واستقرار داخلي وخارجي.
-ضرورة توفر الحاجات هي تشمل جميع األشياء التي تسهل الحياة ،وكذلك التحسينات وهى
األشياء الترفيهية إذا لم تخالف الشريعة اإلسالمية.
-وكما يرى اإلمام الغزالي ان اإلنسان يجب عليه ان يعمل ليحسن من مستواه واليكتفى
مايسد رمقه ألن التخاذل يجعل األجساد تضعف وإنتاجيه األفراد تضعف أيضا.
-مقارنة باإلغريق (ارسطو) الذين قاموا بتوفر االحتياجات فإن اإلمام الغزالي أضاف
املحسنات ،يرى اإلمام ان على الدولة توفير الضروريات وهى حد الكفاية وهو حد
متغير مع الزمن.
-الثروة :توصل اإلمام الغزالي إلى تقسيم النشاط اإلنتاجي إلى :
-نشاط أولى :يضم الصناعات مثل الصناعات الغذائية ( ملبس ،تشييد املساكن :يعني
الصناعات األولية – صناعات تخدم الصناعات األولية مثل صناعة الحديد والتجارة.
-األنشطة التكميلية مثل صناعة الخبز وطحن الحبوب دور الدولة هو التنسيق بين جميع
الصناعات.
11
وتوصل إلى مبدأ تقسيم العمل من خالل العملية اإلنتاجية وأعطى مثال لإلبرة بأنها تمر بـ
25مرحلة إنتاجية قبل أن تصل للمستهلك وهو يشبه ماقاله آدم سميث عن الدبوس
وبالتالي يمكن اعتبار أن سميث طور فكره الغزالي بخصوص تقسيم العمل لكن سميث كان
أوضح عندما تحدث عن التخصص بشكل واضح.
واهتم اإلمام الغزالي بالتعاون في العملية اإلنتاجية واعتبر أن اإلنتاج يتبعه االحتياج لعملية
املبادلة واعتبر أن النقود تنقسم إلى ذهب وفضة ( مثل ارسطو ).
شبه النقود باملرأة له لون وتجلي كل لون. -
عمل السوق:
ان الطريقة التي حلل بها اإلمام الغزالي عمل السوق جعلت من املؤرخين يعتبرونه أول من
أسس الروح الرأسمالية فقد نادى بالحرية الكاملة في عمل األسواق وحرية التسعير وان
الثمن العادل هو الناتج من التقاء ثمن البائع مع املشترى والذي عرف بسعر التوازن فيما
بعد
دعى اإلمام الغزالي إلى ضرورة وجود مراقبة على السوق ملحاربة التخزين والبيع بسعر
مرتفع محاربة الغش والتدليس.
دور الدولة:
من واجبات الدولة األساسية عند الغزالي هي املراقبة على األسواق واألنشطة األساسية
سواء زراعية أو صناعية والنمو االقتصادي يستلزم تدخل الدولة إلقرار العدالة واألمن
واالستقرار .
املالية العامة:أهمية إدارة أموال الدولة بكفاءة ،اى البد ان تكون الضرائب عادلة اى
تصاعدية واإلنفاق يكون على تقديم الخدمات.
12
الفكر االقتصادي السابق على التقليديين
املدرسة التجارية :
النظرية االقتصادية لعلم مستقل لم تبدأ بشكل واضح إال مع النظرية التقليدية في نهاية
القرن 18وبداية القرن 19حيث أن الحضارات القديمة والعصور الوسطى لم تتناول
الفكر اإلقتصادي إال بشكل عارض ضمن األفكار الدينية أو األخالقية أو القانونية لكن بدأ
االهتمام بالسياسات االقتصادية مع نشأة الدولة الحديثة في القرن 16ولعل أهم االفكار
وردت عند التجاريين ثم الطبيعيين بالنسبة للمدرسة التجارية فإنها تشمل املفكرين من
القرن 16إلى القرن . 18
ًا
بعد العصور الوسطى وابتداء من القرن 13أصبح البحث يستهدف باعتبارات الساسة -
حيث ظهرت الدولة كوحدة سياسية جديدة وكان أول ظهورها في فرنسا وعلى رأسها
لويس ثم هنري الثامن في انجلترا وشارل كان في إسبانيا .
استخدم آدم سميث مصطلح التجاريين للتعبير عن األفكار السائدة قبله وانتقدها في -
كتابه " ثورة األمم " حيث كان تجمع بين السياسات التي تهدف إلى تقوية الدولة .
االهتمام بقوة الدولة في ذلك العصر كان بسبب اكتشاف أمريكا وزيادة الطموح للدول -
املستعمرة وكذلك بسبب االهتمام بمشاكل التجارة الخارجية وذلك لبعد املسافة بين
مصادر املواد األولية واألسواق.
كذلك اإلصالح الديني ساعد على إيجاد تيار فلكري جديد يتماشى مع ا التجاهات -
الحديثة وإعالء قيمة الربح والتغيير الديني يعود إلى أفكار كلفن الذي بين أهمية العمل
الفردي حيث اعتبر أن النجاح املالي في الحياة دليل على االختيار اإللهي وبذلك أزيل
التناقض بين الدنيا واآلخرة وبالتالي اضيفت املشروعية على باعث الربح.
تميزت هذه الفترة باحتالل التجارة املكان األ,ل في التفكير االقتصادي رغم أن االقتصاد -
كان يعتمد على الزراعة لكن االهتمام بالتجار ظهر باعتبارها النشاط االقتصادي الذي
شغل أفكار االقتصاديين واملفكرين ألن التجارة عندهم كانت قادرة على ثراء الدولة.
نتيجة :اقتضى نمو التجارة االهتمام بالصناعة فكانت الصناعة تابعة للتجارة وسميت هذه
الفترة بالبرجوازية التجارية .
ازدهار التجارة أدى إلى ظهور أساليب جديدة مثل استخدام األوراق التجارية وظهور -
بعض األشكال الجديدة للشركات التجارية وظهور البرجوازية.
13
مالحظة :اختلفت سياسات زيادة قوة الدولة وثروتها النقدية من دولة إلى أخرى حيث
اهتمت اسبانيا والبرتقال بحماية ما لديها من معدن نفيس باستغالل مناجم الذهب والفضة
في مستعمراتها في القارة األمريكية ،كذلك وضع قيود على التجارة الخارجية ،منع تصدير
الذهب للخارج إال في حاالت استثنائية مثل تسديد الديون امللكية وبعثات الحكومة
للخارج. .
أما انجلترا التي ليس لديها مستعمرات فقد سعت إلى تحقيق فائض في امليزان التجاري الذي
ًا
يدفع ذهب ،أما فرنسا فقد شجعت الصناعات املحلية للزيادة في الصادرات ألن االعتقاد
كان بأن الصناعة أقدر على الزيادة والتوسع من الزراعة.
ودافع على هذه السياسة الوزير كولبرت ( ) Colbertحيث انشأ الحكومة صناعات ثقيلة .
منعت الدولة ارتفاع أسعار املواد الغذائية واألجر وأباحت توريد املواد الغذائية لتقليل
نفقات اإلنتاج في الزراعة وتشجيع الصناعة كما وضعت الدولة قيود كبيرة على توريد
املنتجات الصناعية ومنح إعانات لتصدير هذه املنتجات.
تقدير مذهب التجاريين ( تقويم ) :
يمكن اعتبار أن مجموع أفكار التجاريين كان وليد الحجة العلمية املالئمة للظروف في ذلك
العصر ولم تكن هذه التوصيات نتيجة لتحليل نظري إال في حاالت قليلة.
احتكارات الصادرات :موقف التجاريين من احتكار الصادرات لم يستند إلى تقليل نظري
لحاالت املناقشة واإلحتكار وآثارها االقتصادية وإنما فقط إلى فوائد الدولة.
الرقابة على الصرف :أوصى التجاريون بإخضاع التجارة الدولية لرقابة الدولة وهو ما
يشابه نظام الرقابة على الصرف وذلك لتحقيق مصالح الدولة على حساب مصالح
الدول األخرى ( إقتصاديات الحرب حيث يوجه كل نشاط اقتصادي حسب مصلحة
الدولة لتحقق النصر ).
مالحظة :املحاولة النظرية الوحيدة تعود إلى ماليناس malynesحيث حلل العالقة -
بين الصرف والتوازن في العالقات الدولية والحظ أن وجود فائض في الدولة يترتب
عليه دخول املعدن النفيس مما يؤدي إلى ارتفاع األسعار.
فكرة امليزان التجاري :املهم بالنسبة للتجاريين هو تكوين فائض إيجابي للدولة عن -
ًا
طريق زيادة الصادرات وهذا يعتبر تقدم على مستوى التحلل النظري لكن هذه
الفكرة ليست كاملة ألنها لم تأخذ بعين االعتبار عديد من العناصر التي أدت إلى
14
ًا
ظهور فكرة ميزان املدفوعات فيما بعد .كما أن الفائض التجاري اليكون دائم
ًا
مرتبط باقتصاد منتعش.
مالحظة :تعرض التجاريون لعديد من الحجج التي تعيد التجارة مثل حماية -
الصناعات املحلية الوليدة ،الحجة العسكرية ،تحقيق االكتفاء الذاتي لكن هذه
الحجج كانت مجرد إشارات عابرة دون دراسة أثرها على االقتصاد القومي .
بوادر النظرية النقدية عند التجاريين :
جان بودان كان أول من الحظ العالقة بين كمية النقود واألسعار وبذلك أعطى صورة
بدائية للنظرية الكمية للنقود كما أشار بعد ذلك مونكويستيان إلى عالقة النقود باإلنتاج في
عهد لويس 13حيث أعتبر أن ليس الذهب والفضة هي التي سبب في الثروة ولكن توفر
السلع من شأنه أن يزيد في كمية الذهب والفضة.
املدرسة الطبيعية ( الطبيعيون )
نشأت في فرنسا مجموعة من األفكار االقتصادية في نهاية حكم لويس 15أصطلح على
تسميتها بأفكار الطبيعيين وكان ذلك عن طريق فالسفة اقتصاديين قدموا نظرية على
النشاط االقتصادي وهي نظرية مبنية على دراسة اإلنسان وعالقاته بالعالم الطبيعي وعلى
رأس هذه املدرسة طبيب فرنسي ( ) Frengan Yuconeyومن أهم مؤلفاته الجدول
ًا ًا
االقتصادي " وقد انتشرت أفكاره والقت نجاح كبير في األوساط العلمية والسياسية.
يتميز أصحاب املدرسة الطبيعية بأمرين وهما أنهم آخر املفكرين الذين تعرضوا ملشكلة
التفضل بين أنواع النشاط االقتصادي والبحث عن أفضل املهن وكذلك أول املفكرين الذي
بحثوا بطريقة منظمة عن أفضل النظم االقتصادية التي تحقق الرفاهية وطالبوا باألخذ
بنظام امللكية الخاصة وضرورة الحرية الفردية .
نظرية الناتج الصافي
استبعد الطبيعيون في تعريفهم للثروة فكرة املعدن النفيس ويعتبرون النقود ثروة عقيمة
ويعّر ف Mercein Dela Leuriecالثروة على أساس أنها مجموعة القيم التي يمكن استهالكها
عند الرغبة دون إفقار مصدرها .لذلك اعتبر الطبيعيون أن الزراعة تمنح لإلنسان أكثر
مما حصل عليه أي أنها النشاط الوحيد القادر على خلق الناتج الصافي .
السبب في تميز الزراعة هو اعتبارها هبة من الطبيعة ويؤدي تضافر جهد اإلنسان مع
الطبيعة إلى خلق قيمة جديدة وهي الناتج الصافي .كما يؤجد تسبب اجتماعي لتفضيل
15
الزراعة وهو إيجاد حجج لتبرير دخل املالك العقاريين الذين يحصلون على هذا الدخل دون
عمل من جانبهم .
مالحظة :فشل الطبيعيون في الوصول إلى فكرة املنفعة لذلك عجزوا عن تصور أن
ًا
الصناعة والتجارة يمكن أن يكون أيض منتجين حتى لو اقتصر دورهما على تحويل املواد
فإنهما يضيفان منفعة جديدة لكن عدم األخذ بعين االعتبار فقوة املنفعة جعل من
الطبيعيين يعتبرون الصناعة والتجارة مهن أو حرف عقيمة.
مالحظة :عامل الطبيعيون الصناعات االستخراجية معاملة الزراعة حيث ان املتاجم
تعطي أكثر مما تأخذ .
الجدول االقتصادي :استعمل هذا الجدول لتوزيع الناتج الصافي وكان ذلك عن طريق
كيناي الطبيب الذي وضع هذا الجدول على نموذج الدورة الدموية ليبين كيفية توزيع الناتج
الصافي بين طبقات املجتمع وهو ليس بنظرية للتوزيع باملعنى الحديث ولكن يكتفي بعرض
دوره الناتج الصافي بانتقال الدخول من طبقة إلى أخرى وقسم كيناي املجتمع إلى ثالثة
طبقات .
الطبقة املنتجة :العمال في الزراعة والذين يقومون بانتاج الناتج الصافي .
طبقة املالك العقاريين :لهم مكانة حتى ولو لم يساهموا في اإلنتاج.
الطبقة العقيمة :أصحاب الحرف غير الزراعية.
يقوم الجدول االقتصادي ببيان تداول اإلنتاج الصافي بين هذه الطبقات ويكون مغلق مثل
الدورة الدموية ويعتبر هذا الجدول أول بداية تحليلية لوضع نماذج التوازن الشامل
لالقتصاد وقد أدى هذا إلى وضع نماذج فالرأس ونماذج املنتج – املستخدم للتوازن.
مالحظة :أولى الطبيعيون املالك مكانة خاصة رغم عدم انتاجهم وذلك ألهمية هذا الطبقة
في حفظ النظام االجتماعي ولدورهم الكبير في االستثمار العقاري وحفظ قيمة األرض .
ًا ًا
النظام الطبيعي :اعتقد الطبيعون في ضرورة وجود نظام ألنه يمثل نظام مثالي يحقق
التوافق بين املصالح املتعددة في املجتمع ويتكون هذا النظام من جميع األنظمة التي تساعد
على تحقيق الرخاء ويساعد على ازدهار الزراعة ويستند هذا النظام على فكرة امللكية في
صورها املتعددة واحترامها وهي جزء من النظام الطبيعي .وهذه امللكية تشمل امللكية
الشخصية ( حق استغالل اململكات الذهنية مغاير أحد أي الحق في الحرية ) ،امللكية
املنقولة ( حق الشخص في امللكية عمله ) وامللكية العقارية ( ملكية األراضي الزراعية ) هذا
16
النظام الطبيعي يساعد على زيادة االنتاج الزراعي وينادي بحرية التجارة الداخلية
والخارجية بدون قيود على عكس املدرسة التجارية.
مالحظة :حرية التجارة كانت تعني زيادة داخل ألن فرنسا كان قادرة على تصدير املنتوجات
الزراعية وبالتالي ارتفاع األجور في هذا القطاع وقد نادى الطبيعيون إلى ضرورة زيادة
األجور لشراء املنتوجات الزراعية.
في خصوص الضرائب دعى الطبيعون إلى فرض ضريبة فقط على األرض باعتبارها -
املصدر الوحيد للناتج الصافي.
أثر املدرسة الطبيعية :
تأثر الفكر االقتصادي بأفكار الطبيعيين فرغم أن فكرة اإلنتاج الصافي ال تهم الزراعة
وحدها وإنما بقية القطاعات إال أن هذا الفكر الزم بعض املفكرين بصفة مباشرة أو غير
مباشرة مثل آدم سميث رغم انتقاده للطبيعيين قد ميز بين األعمال املنتجة واالعمال غير
املنتجة وهذا من أثر الطبيعيين وهو التميز بين العمل املنتج والعمل الغير منتج .كذلك
الشأن بالنسبة ملاركس الذي قام بنفس التمييز.
كما حظيت املدرسة باحترام وقدر كبير من االقتصاديين املعاصرين مثل شمبيتر الذي اعتبر
كيناي واحد من أكبر العقول االقتصادية كما أشار ليونتيف إلى كيناي عند إعداده لجدول
املنتج املستخدم.
مالحظة :تعرض الطبيعون إلى عدة انتقادات في عصرهم مثل انتقادات فولتير
ومونتسكيو .
ًا ًال
مالحظة :ترجو ( ) Turgotهو صديق لكيناي لكنه يمثل استغال فكري عن الطبيعيين
رفض أفكارهم السياسية ولم يقبل فكرة أن الزراعة هي النشاط الوحيد املنتج ويمكن
اعتبار ترجو الذي كان وزير املالية فرنسا من أتباع املدرسة الحرة حيث قام بعديد من
االصالحات لتحرير التجارة كما أشار لقانون تناقص الغلة وفرق بين األثمان الحقيقية
( نفقة اإلنتاج ) وبين أثمان السوق ( عرض وطلب ) .
في نظرية التوزيع فإن ترجو لم يقتصر فقط على النفقات النقدية بين الطبقات مثل
الطبيعيين وإنما حلل ذلك مثل شكل نفقات وأثمان وكان هذا منطق النظرية الحديثة
للقيمة.
املدرسة التقليدية
17
ًا
-نشأت املدرسة التقليدية في منتصف القرن 18في انجلترا خاصة حيث عرف االقتصاد عهد
ًا
جديد وساعد على ذلك مكانة انجلترا التي كانت على رأس الصناعة وكانت مهد للنظام
الرأسمالي .
-بعض أفكار املدرسة التقليدية وجدت متأثرة عند املفكرين السابقين وقوة هذه املدرسة انها
ًال ًا ًا
أعطت انسجام لهذه األفكار وبناء متكام لنظرية اقتصادية واحدة.
-هدف التقليديين هو تحليل املبادئ التي تحكم النظام الرأسمالي يعتقد رواد هذه املدرسة
وجود قوانين تحكم الظاهرة االجتماعية وأن االنحراف على هذه القوانين البد وأن يعيد
الحالة االجتماعية إلى التوازن.
-اغلب التشاؤم عند البعض من التقليديين واالنقليز بخصوص مستقبل االقتصاد الرأسمالي
وهو الوصول إلى الركود .أعطى التقليديون املصلحة الخاصة مكانة هامة ويرونها كفيلة
بتحقيق املصلحة العامة .كما حاول هؤالء تحرير االقتصاد من سلطة األخالق لكي يكون
ًا
فرع للمعرفة واهتموا بخلق الثروة بالدرجة األولى ثم توزيعها بالدرجة الثانية.
-على عكس التجاريين الذين يبحثون على ثراء الدولة على حساب الدول األخرى فإن
التقليديون يهدفون إلى اإلضافة وخلق الثروة لجميع الدول وبالتالي فإن الثروة لم تعد
كميات الذهب والفضة وإنما زيادة اإلنتاج من السلع داخل كل دولة وبالتالي فإن التجارة
لم تعد وسيلة للثراء على حساب الغير وإنما وسيلة لزيادة الثراء لجميع األطراف ونادى
ًال
الطبيعيون بإزالة االستعمار ألنه يعتبر استغال .
مالحظة :كتاب سميث ظهر في نفس السنة التي استقلت فيها أمريكا عن انجلترا ولقد دافع
سميث على ذلك .
-حذر التقليديون من عديد من األشياء وبالتالي لم يكونوا كما يعتقد البعض محافظون
ومؤيدون لألوضاع القائمة حيث عارضوا االستعمار والعبودية الذات يمثالن مصالح
ًا
الطبقة الحاكمة .وحذروا أيض من خطورة االحتكار وسطو الرأسماليين ،كذلك غلبت
عليهم روح الشك في حكمة رجال السياسة وذلك إلهمالهم املصالح العامة وسوء
تصرفهم في الضرائب وإهدارها ،كما عارض التقليديون أصحاب األراضي واعتبر ريكادرو
أن ثروتهم بدون مجهود .
ًا ًا
إذ يمكن أن نقول بأن الفكر التقليدي لم يكن محافظ لألوضاع القائمة وإنما كان متمرد
عليها وكان تيار للتحرر والتقدم.
18
ًا ًا
-كان التقليديون يؤمنون باقتصاد السوق ولكن ليس إيمان مطلق حيث أقروا بإخالالت
السوق ( مثل االحتكار ) وبالتالي وهو اليعارضون بشكل مطلق تدخل الدولة في االقتصاد
وبالتالي يمكن أن تقول بان التوجه العام للتقليدين هو الحرية االقتصادية لكن بدون
تعصب أو جمود.
-لم يكن رواد املدرسة التقليدية من الطبقات الحاكمة وإنما من أقليات عرقية ودينية
فسميث وجون ستوارت ميل من االسكتلنديين الذين يمثلون أقلية في املجتمع االنقليزي
بينما كان رتيارد من عائلة يهودية وبالتالي لم يكن الفكر التقليدي خدمة للمصالح وإنما
ًا
بناء للمستقبل.
-تميز رواد هذه املدرسة بأخالق عالية تجاوز املصلحة الذاتية فسميث أرجع مصاريف طلبته
في الجامعة عندما شعر بأنه لم يدرسهم كما يجب وهاجم رتياردو أصحاب األراضي رغم
أنه كان يملك أراضي شاسعة في حين دافع مالتس عن أصحاب األراضي رغم أنه اليملك
ًا
منها شيئ .
آدم سميث :
إذا كان الخلق باإلنسان بدأ مع سيدنا آدم فإن هناك من يعتقد بأن االقتصاد كفكر واضح
بدأ مع سميث ألنه أول اقتصادي يكتب في النظرية االقتصادية وساعده على ذلك مدرسيه
بالجامعة وأشهر مؤلفاته " ثروة األمم " سنة . 1776
ويالحظ في هذا الكتاب أن أفكار سميث لم تكن كلها مبتكرة حيث أنه اعتمد من الناحية
الفلسفية على أفكار املدرسة الطبيعية التي تعتقد بوجود قانون طبيعي يوفق بين املصلحة
الخاصة واملصلحة العامة ملا توجد في كتاب سميث بعض اإلشارات لكيناي .
األساس النظري لفلسفة سميث :تجرد كتاب سميث من الفلسفة السياسية التي يؤمن بها
وتقوم فلسفة سميث على االقتصاد في سالمة وكفاءة النظام الطبيعي وأفضليته على أي
نظام صناعي آخر ويعتبر سميث في هذا النظام بأن الفرد هو أفضل حكم على تقرير
ًا
مصلحته الخاصة ويجب تركه حر في سلوكه.
ًا
حسب سميث فإن هذا النظام الطبيعي يحقق انسجام بين املصلحة الخاصة والعامة وهذه
هي فكرة "اليد الخفية " التي تعني أن األفراد يحققون املصلحة العامة من خالل سعيهم
لتحقيق مصالحهم الخاصة بدون أن يشعروا بذلك .إذن فاملصلحة الخاصة هي آلية لتحقيق
ًال
املصلحة العامة ولم يكن سميث في هذا الجانب داعية لألنانية أو متجاه للمصلحة العامة.
19
-بالنسبة لسميث فإن السوق هو تنظيم اجتماعي لضبط سلوك األفراد وفيه تتكفل املصالح
الخاصة بتحقيق املصالح العامة ويرى سميث بأن السوق بحاجة إلى الدولة من خالل
حماية الحقوق واحترام العقود لذلك أولى عناية خاصة بالقانون والقضاء ،واستخلص
سميث أن تدخل الدولة املفرط والذي يتجاوز وضع اإلطار القانوني واالقتصادي السليم
يحول دون تحقيق املصلحة العامة والخاصة :الدولة ضرورية ولكن ال تتجاوز الحدود
ًا
الطبيعية لكي التصبح خطر على الرفاهية العامة .دور الدولة بالنسبة لسميث هو توفير
االمن في الداخل والخارج وتوفير القضاء العام والقيام باملشروعات التي اليقدر عليها
األفراد والباقي فإن اليد الخفية كفيلة بأن تحقق املصلحة العامة.
-كان سميث إذن من أهم املدافعين عن الحرية االقتصادية وهاجم القيود التي تفرض من
طرف الدولة وبعض التجار .
ًال ًا
-لم يعد البحث عن الربح عم أناني وإنما مساهم في ذلك العصر في تحقيق املصلحة العامة
عن طريق اليد الخفية وكان بالتالي رجال الصناعة من أهم املساندين ألفكار سميث .
ًا
-رغم اقتناع سميث بأن امللكية الفردية قد تكون سبب في القهر والتفاوت االجتماعي إال أنه
ًا
لم يعتبرها متعارضة مع النظام الطبيعي وانما متفقة معه تمام .
20
كان الفكر السابق لسميث يعتبر أن البحث عن املصالح الشخصية واملنافع املادية تعبير عن
الجانب الحيواني لإلنسان ( أنانية ) لكن سميث يرى ذلك أساس التقدم كما يرى أن ظهور
املجتمعات التجارية الحرة هو مظهر لتقدم اإلنسانية .
لم ينجح سميث في إيجاد نظرية واحدة واضحة للقيمة التبادلية ويرى بعض االقتصاديين
أن سميث عرض على األقل ثالثة نظريات للقيمة :نظرية العمل بعض عناصر الطلب ،
بعض عناصر العرض حيث اعتبر أن عناصر االنتاج تأخذ بعين االعتبار في النفقة على
اإلنتاج.
ًا ّل
خ ط سميث بين مقياس القيمة وأساس تحديد القيمة حيث استعمل العمل أحيان على أنه
ًا
مقياس القيمة وأحيان أخرى على أنه اساس لتحديد القيمة.
استعمال العمل لتحديد القيمة غير كافي واليصلح إال للمجتمعات القديمة والبدائية التي
تستعمل العمل فقط وبعد تراكم رأس املال فقد اختلف الوضع وأدخل سميث الربح في
مكونات القيمة وأنتهى به األمر إلى نظرية " نفقة اإلنتاج" لتحديد القيمة ( أجر ،ربح ،
ريع ) .
وأشار إلى أن هذه القيمة قد تختلف عن ثمن السوق الذي يحدده العرض والطلب لكن
ًا
هناك اتجاه لثمن السوق إلى املساواة مع الثمن الطبيعي الذي يتحدد باملعدل الطبيعي لكل
ًال
من األجر والربح والريع فمث املعدل الطبيعي لالجر عن سميث هو القدر الالزم لحفظ
حياة العامل واليوجد تفسير عند سميث للمعدل الطبيعي للربح ولكنه أشار لوجود عالقة
عكسية بين الربح واألجر ،أما الريع فإنه اليدخل في تحديد الثمن أو القيمة وإنما هو نتيجة
ًا
له وأشار إلى أن الريع يكون مرتفع في املشروعات األكثر كفاءة.
نظرية رأس املال فرق سميث بين العمل املنتج والعمل الغير منتج واعتبر أن العمل املنتج
هو الذي يساهم في زيادة رأس املال وكان يعتبر أن ثروة األمم تعتمد على تراكم رأس املال .
العمل املنتج عند سميث هو الذي يخلق القيمة والقادر على توفير فائض .
ًا
-فرق سميث ايض بين راس املال الثابت ورأس املال املتداول .
21
ما تربحه دولة تخسره دولة أخرى .كما أكد على أن زيادة الذهب والفضة ال تؤدي إلى زيادة
الثروة ولكنها تؤدي إلى ارتفاع األسعار وبالتالي انخفاض الصادرات وضعف الواردات
وبالتالي خروج الذهب والعودة إلى التوازن .كما عارض سميث الضرائب الجمركية
واعتبرها تؤدي إلى سوء توجيه راس املال كما اعتبر أن اإلدخار يمثل تضحية بالنسبة للفرد
ولكنه يساعد على بناء راس املال .كما دعى سميث إلى توفير الشروط املناسبة للنشاط
االقتصادي لتحقيق التقدم مع وجود الضوابط االجتماعية لكي تعمل السوق في إطار من
القانون .
ريكاردو :من أهم مؤلفاته مبادئ االقتصاد السياسي والضرائب سنة 1817م واستخدم في
أفكاره طريقة االستنباط املنطقي واعتمد على عدة فروض مثل العقالنية حيث أن الفرد
يسعى إلى تحقيق أكثر ما يمكن من اإلشباع.
ًا
-مع ريتارد ولم تعد اليد الخفية التي توفق بين املصلحة العامة والخاصة تعبير عن العناية
اإللهية والتنظيم الطبيعي وإنما أصبحت نتيجة للتنظيم االجتماعي وخاصة املنافسة بين
األفراد .
-اعتنى ريكاردو باملشاكل العلمية التي واجهت عصره وفي مقدمتها مشكلة الضرائب على
الحبوب وساهم في تطوير النظرية االقتصادية وبالخصوص نظرية القيمة وتعتبر
إضافات ريكاردو في التجارة الخارجية وفي فكرة الريع أساس الفكر املعاصر جعل من
نظرية التوزيع هدف الدراسة االقتصادية بينما الهدف بالنسبة لسميث هو خلق الثروة.
22
ًال
لها أو قيمة استعمال لكن قيمة االستعمال أو املنفعة التصلح كمعيار لقيمة املبادلة التي
تحدد حسب الندرة والعمل املبذول في السلعة.
ًا ًال
-رأس املال بالنسبة لريكاردو هو عم مختزن بشكل غير مباشر وبالتالي تحديد قيمة السلعة
يتطلب تحديد العمل املبذول فيها بشكل مباشر أو بشكل عمل مختزن رأي رأس املال )
وبهذا الشكل تكون نظرية العمل صالحة في املجتمعات البدائية وفي املجتمعات الرأسمالية .
-فرق ريكاردو بين الثمن والقيمة .فالثمن قد يختلف عن القيمة وهو وليد أو نتيجة العرض
والطلب في السوق وهو يتجه إلى القيمة الحقيقية.
ًا
-طبق ريكاردو نظرية القيمة على العمل الذي يعتبر ايض سلعة وتتحدد قيمته بساعات
العمل الالزمة النتاجه أي الحد األدنى ملستوى املعيشة الذي يضمن استمرار عدد العمال (
مستوى الكفاف ) ولذلك فإن األجور تحدد بالحد األدنى ملستوى املعيشة ( األجر
الطبيعي ).
-لم يقبل ريكاردو فكرة االستغالل من طرف رأس املال التي أشار إليها ماركس بعده ورفض
فكر سميث بأن رأس املال عنصر انتاج مستقل عن العمل لكنه قبل فكرة سميث
بخصوص نفقة االنتاج.
-اعتقد ريكاردو أنه يمكن فصل نظرية التوزيع عن نظرية القيمة لكنه لم يعطي تفسير
لألرباح واكتفى فقط بتفسير األجر الذي يساوي قيمة العمل لكن فسر الريع واستبعد من
ًا
عناصر القيمة فالريع هو نتيجة للثمن وليس سبب له .
-الريع بالنسبة لريكاردو يعود إلى اختالف خصوبة األرض وضرورة تغطية اإلنتاج في
األراضي األقل خصوبة ( الحدية ) وبالتالي تحصل األراضي األكثر خصوبة على دخل الذي
يمثل الريع ويعادل الفرق بين خصوبة األرض واألرض األقل خصوبة وبذلك فإن الريع
اليدخل في تحديد القيمة التي تتحدد بقيمة العمل املبذول في أقل األراضي خصوبة ( وهذا
هو األساس في قانون تناقص الغلة ) وكان هذا التحليل منطلق للدراسات الحدية.
24
مالحظة ( : )3هذا التحليل يعتبر أساس التوجه االشتراكي الذي يحارب امللكية الفردية
والربح وامللكية العقارية .
-ال توجد عند ريكاردو إشارات خاصة لألزمات االقتصادية وهو ما كان موضوع جدل مع
مالتيس .
بالنسبة لريكاردو فإن النظام الرأسمالي قادر على إيجاد توازنه من جديد وهذا ما أكده بعد
ذلك االقتصادي الفرنسي جون باتست ساي من خالل قانون العرض يخلق الطلب املقابل
له عن طريق توزيع دخول معادلة لحجم االنتاج .
مالحظة ( : )4بالنسبة للتقليديين فإن التوازن العام بين العرض الكلي والطلب الكلي
والطلب الكلي اليمنع من ظهور إخالالت جزئية في بعض األسواق ولكنها تتعادل فيما بينها
ويكون بالتالي التوازن الشامل.
مالتيس :
يعتبر من أول من وجهوا النقد للفكر التقليدي وترجع شهرته في نظرية السكان .
نظرية السكان عند مالتيس :
يعتبر أن تزايد السكان واملواد الغذائية يختلفان في الزمن أي ليس بنفس املعدل ويؤدي هذا
إلى ظهور املظالم االجتماعية .فاألفراد يتزايدون بمعدل أكبر في حين أن اإلنتاج الغذائي
زيادته تخضع لقيود طبيعية وبالتالي تكون أقل بكثير من الزيادة في السكان .وإلبراز فكرته
فقد شبه مالتيس زيادة السكان بمتوالية هندسية في حين شبه زيادة اإلنتاج بمتوالية
عددية وأشار إلى أن السكان قادرون على مضاعفة عددهم كل 25سنة واإلنتاج اليستطيع
مواكبة هذه الزيادة .ويؤدي هذا الخلل إلى تدخل عوامل خارجية إلعادة التوازن وهذه
العوامل تتمثل فيما سماه مالتيس باملوانع اإليجابية مثل الحروب واملجاعات واألمراض
واألوبئة وبالتالي فإنه حسب مالتيس اليمكن أن ندين الحروب واملجاعات وهذا ما جعل
بعض املفكرين يتهمونه بالرجعي ألنه يبرر املظالم االجتماعية واألوضاع الفاسدة.
كيف أضاف مالتيس في الطبعة الثانية من كتابه " محاولة في مبادئ السكان " ما سماه
باملوانع األخالقية مثل الزواج املتأخر مع العفة ولم يود إطالق وسائل تحديد النسل أو
ًا
الوقائية نظر الرتباطه بالكنيسة وبالتالي فإن التوازن اليمكن أن يتحقق بين اإلنتاج وعدد
السكان إال باملوانع اإليجابية واملوانع األخالقية.
25
أراد مالتيس لم ترتبط بدراسة تطبيقية أو إحصائية وإنما بنيت على املالحظة البسيطة
وهذا ما يضعف من أراء مالتيس حيث تبين عدد كبير من السكان مع تحسين ظروف
معيشتهم ولقد كانت تجربة اإلنتاج في أمريكا أكبر دليل على ذلك وعلى عدم صدق أراء
مالتيس بصفة مطلقة ويفسر ذلك بأن مالتيس لم يأخذ بعين االعتبار التقدم الفني املمكن
في اإلنتاج الزراعي خاصة في أمريكا وأوربا.
ًا
لكن بالرغم من ذلك فنالحظ أن دول العالم الثالث تواجه نوع من املشاكل التي تعرض لها
مالتيس حيث يزيد السكان بنسبة كبيرة في حين أن اإلنتاج اليزيد بالقدر الكافي .
نظرية الطلب الفعلي عند مالتيس :املدرسة التقليدية بصفة عامة أخذت بقانون جون
باتست ساي ( قانون املنافذ ) وبالتالي اليمكن أن يوجد خلل متواصل في السوق وإن وجد
اليطول وبالتالي يمكن أن نفه نظرية ريكاردو التي تعتبر بأن االقتصاد السياسي البد أن
يعتني بمسألة التوزيع فقط أما حجم اإلنتاج فإنه ال يثير أي مشكل ذلك أن اإلنتاج يستقر
ًا
دائم عند مستوى التشغيل الكامل ألنه من غير املتصور بأن يزيد العرض اإلجمالي على
الطلب اإلجمالي .
ًا
لكن قانون جون باتست ساي إهتز تمام مع أفكار كينز حيث نازع مالتيس قبل كينز هذه
ًا
الفكرة وكان أول من أعطى سند نظري لألزمات االقتصادية فقد الحظ أنه ليس من
الضروري بان يكون الطلب اإلجمالي مساوي للعرض اإلجمالي إذا كان هناك نقص في
االستهالك وزيادة في اإلدخار لم يعوضها طلب على السلع االستثمار في هذه الحالة فإن
العرض يكون أكبر من الطلب .وقد دافع مالتيس بهذا التحليل على مالك األراضي وتحقيقها
ألرباح مرتفعة النه يعتبر هؤالء املالك يمثلون طبقة مستهلكة وبالتالي تساعد على زيادة
الطلب الفعلي ودخول دون نقص الطلب الفعلي وبالتالي تفادي األزمات والركود .لذلك فإن
ًا
وجه مالتيس لبقاء املالك لألراضي هي بقاء النشاط االقتصادي مرتفع ولهذا السبب فقد
ًا
هاجم ماركس واتباعه مالتيس ألنه يدافع على الطبقة املالكة واعتبروه رجعي .
رغم هذا فإن نظرية الطلب الفعلي ومعارضة قانون ساي على املستوى العلمي تعود لكينز.
املدرسة االشتركية
أدى النظام الرأسمالي إلى ظهور طبقة العمال من ناحية وتعدد األزمات االقتصادية لذلك تم
انتقاد النظام الرأسمالي برفض فكرة االنسجام التلقائي بين املصالح الخاصة واملصلحة
العامة.
26
معارضة النظام الرأسمالي قبل املاركسية :
لقد تم انتقاد املدرسة التقليدية من قبل عديد من االقتصاديين والفالسفة قبل ماركس
ومن أهم هؤالء نجد :
سيسموندي :ينتقد املنهج الذي يتبعه التقليديون في دراسة اإلقتصاد حيث يعتبر أن
أسلوب الدراسة املجرد واملنهج املنطقي اليالءم االقتصاد الذي هو علم أخالقي كما يعتق أن
موضوع الدراسة هو اإلنسان وليس الثروة كما أثار الشك حول فكرة االنسجام بين
املصالح الخاصة واملصلحة العامة وكان من أنصار تدخل الدولة .
ًا
سان سيمون وأتباعه ( السانسيمونين ) :يعتبر أن دور الدولة مهم جد في زيادة الرفاهية
على عكس التقليديين الذين كانوا من أنصار الحرية االقتصادية ولكنه لم يدعو إلى إلغاء
امللكية الخاصة لكن اتباع سان سيمون انتقدوا امللكية الخاصة وخاصة التي تدر دخل ال
مبرر له ( دخل دون عمل ) كما هاجموا مبدأ اإلرث ألنه الوجود لضمان بأن يكون الوارث
أكفأ من غيره في استخدام األموال املوروثة لذلك دعوا بأن تكون الدولة الوارث الوحيد
وهذا اتجاه الراديكاليين في فرنسا .
التعاونيون :يعتقدون أن التعاون واملشاركة الحرة بين األفراد كفيالن بإعطاء الحلول
السليمة للمشكالت االجتماعية واليرون ضرورة االشتراكية التامة ملعالجة مشاكل النظام
الرأسمالي الذي يؤدي حسب رأيهم إلى القضاء على الفردية وطمسها باستثناء املحظوظين
كما يرون أن مجتمع النظام الرأسمالي هو مجتمع غير طبيعي مفتعل ولهذا يدعون لخلق
مجتمع طبيعي وهنا يظهرون من بقايا املدرسة الطبيعية .يهاجم التعاونيون فكرة املنافسة
والربح الذي يرتبط بها والذي يؤدي إلى مشاكل اجتماعية .من أهم رواد هذه املدرسة نجد
روبرت أوين وشارل فورييه .
روبرت أوين :يعتبر أحد دعاة االشتراكية وأبو الحركة التعاونية حيث قام بدعوة إلصالح
أحوال العمال وأول من استعمل شعار االشتراكية حيث حفظ في ساعات العمل من 17إلى
15في مصنعه باسكوتلندا وامتنع عن تشغيل األطفال دون 10سنوات وأنشأ مدارس
لتعليم أبناء العمال لديه وألغى نظام الغرامات التي تقطع من األجور مما زاد في اإلنتاجية
وجعل مصنعه من أكبر املصانع .
27
ًا
شارك أيض في الحركات النقابية ويمكن تلخيص أفكاره كما يلي :دعى إلى خلق بيئة جديدة
مالئمة لنمو عالقات جديدة ويعتبر أن اإلنسان هو نتيجة للبيئة التي يعيش فيها من ظروف
عمل وغيرها.
كما دعى إلى إلغاء الربح الذي يعتبره أساس البالء وعدم العدالة ومسؤول عن األزمات
االقتصادية ويرى أن إلغاء الربح يتم عبر استبعاد النقود من التعامل .
شارل فورييه :دعى إلى االشتراك املعيشة االجتماعية التي تؤدي إلى انخفاض النفقات من
خالل املثال الذي ضربه على مدينته الفاضلة والتي سماها الفالنستير وهي عبارة عن فندق
ًا
ضخم يتسع لـ 1500شخص ويعتبر أن الحياة املشتركة ستكون سبب في خلق بيئة جديدة
غير فاسدة كما دعى إلى التعاون الكامل بين األفراد والفالنستير يمكن اعتباره كجمعية
تعاونية لإلنتاج واالستهالك .بالنسبة لشارل فورييه فإن الفالنستير هو 400هكتار ال تكون
موضوع ملكية فردية وإنما موزعة على العدل ورأس املال واملواهب.
-يدعو إلى العودة إلى األرض وينصح بتوزيع السكان على عدد كبير من الفالنستير وذلك
لتفادي التكدس في املدن الكبرى والعودة إلى األرض تعني البعد عن الصناعة.
كما يعتبر أن العمل في األرض عمل مشرف أي أنه عمل مرغوب فيه وليس بحكم الضرورة
.
كما دعى إلى ضرورة توفير ضروريات الحياة لكل فرد حتى ال يلتجأ للعمل إال إذا ما كان
يرغب فيه .
مالحظة :نقد فورييه للنظام الرأسمالي لم يكن لعيوب الرأسمالية كما هو األمر بالنسبة
ألوين وإنما لخصائص املجتمع الصناعي.
املاركسية :
يعتبر املذهب املاركسي من أهم املذاهب تأثير في الحياة العملية .
كارل ماركس ( ) 1883 – 1818
يرى ماركس من خالل الحادية التاريخية أن التاريخ ليس مجرد حكايات وقصص متناثرة
وإنما يخضع التطور التاريخي لقوانين عامة ومهمة الباحث هي اكتشاف هذه القوانين.
يميز ماركس بين قوى اإلنتاج وعالقات اإلنتاج والتي تعتبر الهيكل أو البنيان األساسي
لالقتصاد وبين مجموعة األفكار والعالقات السياسية والقانونية والتي تمثل الهيكل العلوي .
28
بالنسبة ملاركس يضع األفراد التاريخ عند قيامهم باإلنتاج الذي يعتبر أهم حدث تاريخي
وهذا اإلنتاج يؤدي إلى قيام عالقات بين األفراد لذلك البد من التمييز بين قوى اإلنتاج
وعالقات اإلنتاج أي بين أدوات ووسائل اإلنتاج والروابط بين األفراد ببعضهم البعض وبين
األفراد وعالقات اإلنتاج ( ملكية وغيرها ) .
تطور قوي اإلنتاج يؤدي إلى تطور عالقات اإلنتاج لكن ال يعني هذا أن هناك تناسق بين
قوى اإلنتاج وعالقات اإلنتاج وفي غياب هذا التناسق ووجود تناقض فالبد من تغيير من
خالل ثورة اجتماعية تؤدي إلى إزالة التعارض.
-يعتبر ماركس أن عالقات اإلنتاج تحكم جميع مظاهر الحياة االجتماعية ( هيكل علوي )
لكن تطور املجتمع يبقى رهين تطور قوي اإلنتاج وهذا هو املقصود باملادية التاريخية أو
التفسير املادي للتاريخ أو التفسير االقتصادي للتاريخ.
-من خالل املادية التاريخية فإن اإلنسانية مرت بعديد من األنظمة االجتماعية ولكل نظام
عالقات إنتاج وقوى إنتاج .
-يرى ماركس أن تطور وسائل اإلنتاج لن يقف عند النظام الرأسمالي إذ أ تطور أدوات
اإلنتاج سيجعل العالقات اإلنتاجية الرأسمالية عقبة في سبيل التطور .فالتطور املعني
يؤدي إلى مزيد من تقسيم العمل والتخصص وبالتالي يؤدي هذا التطور إلى جماعية وهو ما
يؤدي إلى إضفاء الصفة االجتماعية على أساليب اإلنتاج وهذا اليستقيم مع العالقات
الرأسمالية القائمة على امللكية الفردية لذلك يرى ماركس من ضرورة تغيير هذه العالقات
وقيام نوم جديد من امللكية الجماعية تتناسب مع تطور أساليب اإلنتاج فأمام جماعية
اإلنتاج البد من جماعية ملكية عناصر اإلنتاج أي االشتراك في عناصر اإلنتاج.
-يرى ماركس بأن هذا التطور للنظام الرأسمالي هو حتمي نتيجة الناقض األساسي في املجتمع
وانقسامه إلى طبقة البروليتاريا وطبقة البرجوازية.
29
االقتصادية التي تناولها ماركس هي :نظرية القيمة ،ميل معدل الربح للتناقض تركز رأس
املال الفقر العام واألزمات االقتصادية.
30
ويحصل الرأسمالي على فائدة إذا كانت النقود التي أنفقها في االول أقل من النقود التي
تحصل عليها في اآلخر ويرى ماركس أن هذا النقود ناتجة عن فائض في القيمة وفائض
القيمة ناتج عن استغالل العمال الذين يعتبرون املنتجين الوحيدين ،وحصول الرأسمالي
على هذا الفائض ليس له ما يبرره سوى النظم البائدة.
تعديل نظرية القيمة عند ماركس :
في الجزء الثالث من كتابة " رأس املال " عدل ماركس نظرية القيمة ولفهم ذلك البد من
املخططات التالية :
-رأس املال املتغير :هو ما يدفعه الرأسمالي للعمال.
-رأس املال الثابت :ما يدفعه الرأسمالي كثمن لآلالت واملعدات.
-معدل فائض القيمة أو معدل االستغالل هو النسبة أو الفرق بين فائض القيمةوبين رأس
املال متغير .
-معدل الربح :هو النسبة بين فائض القيمة وبين رأس املال الكلي ( املتغير والثابت ).
-التركيب العضوي لرأس املال :النسبة بين رأس املال الثابت ورأس املال الكلي.
-يطلق ماركس على أجور العمال راس املال املتغير ألن العمل يزيد من قيمة السلعة التي
ينتجها بينما املعدات ال تزيد في قيمة السلعة وإنما تنتقل إليها قيمتها فقط.
الحظ ماركس في الصياغة الجديدة لنظرية القيمة أن معدل التبادل اليتوقف على العمل
ًا
وحده وإنما أيض على معدل الربح وهذا يعني أن ماركس أقر بنظرية نفقة اإلنتاج بمعنى أن
ًا
راس املال املستخدم ( رأس املال الثابت ) يؤثر أيض في قيمة السلعة.
)3ميل معدل الربح إلى التناقص:
يعتقد ماركس مثل املدرسة التقليدية بان االقتصاد الرأسمالي يميل إلى الركود حيث
ينخفض معدل الربح مما يحول دون القيام باستثمارات جديدة.
)3تركز رأس املال :ويقصد بهذا أن النظام الرأسمالي تكون فيه املشروعات تتجه إلى
استخدام وسائل إنتاجية أكثر رأسمالية وكذلك نحو االحتكار ويعني أن النظام الرأسمالي
يمتاز عن األنظمة األخرى بزيادة تراكم راس املال من هنا جاءت تسميته بالنظام
الرأسمالي .
) 4الفقر العام :بالنسبة للمدرسة التقليدية فإن األجور تتحدد عند الحد األدنى الالزم
للمعيشة وقد انتهى ماركس إلى نفس النتيجة وأعتبر أن النظام الرأسمالي يبقى العمال في
31
حالة فقر مستمر واليمكن أن تزيد االجور عن مستوى الكفاف ويعود ذلك إلى االستعمال
املكثف من رأس املال الذي يجد من طلب اليد العاملة وبالتالي انخفاض األجور.
مالحظة :هناك تناقض في أفكار ماركس فميل معدل الربح إلى االنخفاض والفقر العام
واستمرار األجور عند حد الكفاف وزيادة رأس املال اليمكن أن تكون كلها صحيحة في نفس
الوقت .
)5األزمات االقتصادية :
توجد عدة تفسيرات عند ماركس لالزمات االقتصادية إذ يعتبر أن أسباب األزمات
االقتصادية هو اإلفراط في اإلنتاج أو نقص االستهالك خاصة مع تراكم راس املال وضعف
األجور.
-السبب اآلخر لألزمات هو انخفاض معدل الربح وانخفاض االستثمار – كذلك الفوضى في
النظام الرأسمالي وعدم معرفة حاجيات السوق على وجه الدقة يمكن أن يؤدي إلى
تقلبات شديدة وقد يترتب عنها اإلفراط في إنتاج بعض السلع مما يجعل خلل في السوق .
)6الترابط في االقتصاد :
حاول ماركس مثل كسناي ( ) kusneyتفسير الترابط بين القطاعات وقسم االقتصاد إلى
قطاعين األول إلنتاج السلع الرأسمالية والثاني إلنتاج السلع االستهالكية ووضع كيفية
الترابط بينهما.
32
الفكر االجتماعي عند املدرسة التقليدية الجديدة
ًا
يعتبر جون استوارت ميل آخر االقتصاديين حيث كان منظر للنظام الرأسمالي ومطالب في
ًا
نفس الوقت بالعديد من اإلصالحات االجتماعية مما جعله قريب من االشتراكيين .
تركز املدرسة التقليدية الجديدة على سلوك الوحدات االقتصادية األولية -
( االقتصاد الجزئي ) وانخفض االهتمام بالتطورات اإلجمالية للنظام االقتصادي
( اقتصاد كلي ).
النظرية املوضوعية والنظرية الشخصية :
أخذت الدراسات االقتصادية في مرحلة أولى بعين االعتبار فقط االعتبارات املوضوعية مثل
عوامل البيئة والظروف الفنية لإلنتاج وذلك إلى الربع األخير من القرن التاسع عشر وكان
ذلك خاصة في نظريات القيمة التي استبعدت املنفعة في تحديد قيمة السلع .وفي مرحلة ثانية
ًا
كانت النظرة التشخيصية التي تركز على االعتبارات النفسية للفرد فقد أولت اهتمام
للمنفعة كعنصر محدد للقيمة وقد ساعد على ذلك فكرة واكتشاف التحليل الحدي ومن ثم
ربط القيمة باملنفعة الحدية.
لقد ساعد تطور الدراسات النفسية على نمو النظريات التشخيصية مثل أعمال Weben
ويبير الذي أوضح أهمية العوامل النفسية وكذلك فشنر Fechnerسنة 1960الذي بين
ًا
أيض مدى تأثر األحاسيس بالعوامل الخارجية حيث أنه إذا عرض الفرد لجرعات متساوية
من مؤثر خارجي فإن كثافة اإلحساس به تتناقص باستمرار ويعتبر هذا القانون األساس
النظري لفكرة تناقص املنفعة الحدية.
ًال ًا
-لقد وجدت املدرسة الحدية في فكرة املنفعة أساس معقو إلقامة نظرية عامة للسلوك
االقتصادي وساعد على ذلك إزدهار مذهب املنفعة .فالفرد يبحث عن املنفعة ويحاول
أن يتجنب األلم ( تعريف فلسفي ) وبالتالي كان الحديث عن إنسان اقتصادي من أهم
رواد املدرسة الحدية التي تستعمل األسلوب الرياضي في تحليلها نجد فالرأس ،حيوفنز ،
باريتو ،كورنو وهؤالء أخذوا بالتحليل الحدي لذلك يمكن أن نطلق عليهم اسم املدرسة
الحدية ( ) Mazginalismوتوجت جهود هؤالء مع مارشال الذي يمثل خالصة الفكر
ًا
التقليدي في توجه القديم والحديث مع .
مفهوم التحليل الحدي :
33
التحليل الحدي الذي بدأ في الربع األخير من القرن )1870 ( 19يمثل ثورة فكرية في التفكير
االقتصادي وفكرة الحدية تهدف إلى البحث فيما يحدث للمتغيرات االقتصادية عند حدوث
تغير طفيف أو ما يسمى بالتغير الحدي.
-معظم القرارات االقتصادية تتخذ في شكل جرعات متتابعة ( وليس إما كل شيء أو الشيء )
مثل اإلضافة في اإلنتاج أو في عناصر اإلنتاج وبالتالي فإن املنتج البد أن يقارن بين زيادة
اإلنتاج وما يترتب عنها من تضحية أو تكلفة جديدة وكذلك األمر بالنسبة للمستهلك الذي
يقارن املنفعة اإلضافية والفرص البديلة – وهذا يعني أن السلوك االقتصادي يتحدد
باملقارنة بين العائد والتكلفة عند الحد ومن هنا جاءت التسمية بالتحليل الحدي .
االختبار يتوقف عندما يتساوى العائد الحدي مع التكلفة الحدية.
-يرتبط التحليل الحدي بعديد من الفروض النظرية حول اإلنتاج واالستهالك والغرض
األساسي هو مبدأ تناقض املنفعة بالنسبة للمستهلك أما بالنسبة للمنتج فإن املبدأ
األساسي هو تزايد النفقات الحدية أي أن زيادة اإلنتاج يؤدي إلى تكاليف أكبر للوحدات
الجديدة مما يتجاوز العائد الحدي منها .
-كما أن التحليل الحدي يفترض القابلية للتجزئة واالنقسام .
مدارس الفكرة الحدية أو املنفعة الحدية :
املدرسة النمساوية من رواد هذه املدرسة التي ساهمت في وضع تطوير املنفعة الحدية نجد
:
كارل منجر :يعتبر أن عدة علوم تشترك في االهتمام بدراسة الظواهر االقتصادية مثل
التاريخ العلوم ،العلوم التطبيقية ،االحصاء ،الخ .
أفكار منجر تدور حلو فكرة املنفعة والحاجة فأقام نظرية عامة للسلع :لكي يكون الشيء
سلعة فالبد أن يكون قادر على إشباع حاجة أن تكون له منفعة ويعرف اإلنسان قدر أو
قيمة هذا الشيء على إشباع حاجته وقادر على السيطرة والتصرف في هذا الشيء وعلى هذا
األساس رتب منجر السلع حسب قربها من اإلنسان فوضع الخبز في املرتبة األولى والدقيق
في املرتبة األولى والدقيق في املرتبة الثانية ،الخ .
ًا ًا
واهتم باألساس بالسلع االستهالكية أي الطلب الذي يعتبره مهم جد ،بينما الطلب على
السلع االستثمارية هو طلب مشتق من الطلب على السلع االستهالكية.
34
-كذلك يعتبر منجر السلع اقتصادية إذا كانت تتميز بالندرة ( الهواء اليعتبر سلعة اقتصادية )
.
-من أهم مساهمة منجر هو تقديره بأن املنفعة تتناقص مع زيادة الوحدات االستهالكيةوهذا
هو مبدأ تناقص املنفعة.
فريدريك فون فيز :
ًا
أخذ أيض بفكرة املنفعة الحدية ولعل أهم ما ذكره هو أن قيمة عناصر العمل هي مشتقة
من منافع السلعة التي تساهم في انتاجها وعلى ذلك فإن قيمة هذه العناصر تتحدد
باالنتاجية الحدية لها وبالتالي رفض نظرية العمل التقليدية ورفض فكرة أن األجور تتحدد
عند مستوى الكفاف.
بوهيم بافزيك :
اشتهر بنظريته لرأس املال وسعر الفائدة وانتقد بشدة النظرية املاركسية الخاصة بالعمل
يعتبر أن سعر الفائدة يدفع من طرف املنتج مقابل الزيادة في اإلنتاجية وبالتالي فإن سعر
ًا
الفائدة يعتبر ثمن لرأس املال كما سعر الفائدة يأخذه املستهلك مقابل إدخاره ألنه ضحى
بالحاضر مقابل املستقبل ويتم تحديد سعر الفائدة من خالل مقارنة تضحية املستهلك
وكسب املنتج.
املدرسة الرياضية :
استعلمت املدرسة الحدية إتجاهها يعتمد على الرياضيات لشرح املسائل االقتصادية ومن
أهم روادها نجد :
كورنو :فرنسي وهو أول من استعمل التفاضل والتكامل في االقتصاد ،كذلك يعتبر أول
من ادخل فكرة منحنى الطلب ( قانون الطلب ) حيث قبل كورنو كان هناك خلط بين تأثير
الثمن على الطلب وبين تغير الكميات املطلوبة على الثمن ( هذه ظروف الطلب ) .
أشار كورنو :إلى أنه في ظل املنافسة الكاملة يتجه الثمن إلى التساوي مع النفقة الحدية كما
أوضح أن الطلب والعرض والثمن كميات مترابطة األمر الذي يعتبر مقدمة ملا يعرف
بنظرية التوازن الشامل.
35
ًال
اهتم باالستهالك مستعم صيغ التفاضل والتكامل وبالتالي حلل فكرة املنفعة وربط القيمة
واملنفعة وليس بالنفقة كما فعل التقليديون ويعتبر أحد مكتشفي املنفعة الحدية وتنافسها.
اعتبر انه عند التوازن تتحقق املساواة بين املنافع النهائية ( الحدية ) وساند فكرة الريع عند
ريكاردو .
ليون فالراس :
إلى جانب اهتمامه بفكرة املنفعة الحدية فقد وضع فالراس فكرة التوازن الشامل لالقتصاد
وأوضح مدى الترابط في االقتصاد ومختلف عالقات العرض والطلب لجميع السلع وقد
ًا
استخدم في هذا الغرض نظام من املعادالت الرياضية لكي يبين أن التوازن في االقسام هو
مترابط يشمل السلع والخدمات من خالل استعمال دوال الطلب ودوال العرض .
الحل الذي نعطيه جميع املحاوالت يحدد أثمان التوازن وكميات التوازن وبتغير األثمان
تتعدل أوضاع الطلب والعرض إلى تحقيق التوازن وبالتالي فإن تغير األسعار عن طريق آلية
السوق هو آلية لتحقيق التوازن النهائي .
أوضح فالراس عن طريق نظام التوازن الشامل العالقة بين اسعار السلع وأسعار عناصر
اإلنتاج التي تعتبر مشتقة من األسعار النهائية للسلع االستهالكية.
-اعتبر النقود سلعة مثل بقية السلع النهائية دورها القياس فقط في نظام التوازن الشامل
رغم أن هذا النظام هو عيني التوجد فيه نقود باملعنى الحقيقي ولكن فالراس أشار إليها
كوسيط للتبادل ووضع محاولة تهم طلب النقود.
-أشار لبعض مشاكل االقتصاد االجتماعي وعدالة التوزيع وأطلق شعار وهو " مساواة
الشروط وعدم مساواة املراكز " بمعنى أنه البد للدولة أن توفر شروط متساوية للجميع
ولكن اختالف إمكانيات األفراد يؤدي إلى عدم التساوي في املراكز.
ًا
لقد كان فالراس ليبيرالي ال يطالب باملساواة الفعلية ولكنه ينادي باملساواة القانونية -
( املساواة عند البداية وليس النهاية) .
باريتو :
يعتبر بارتيو أن أساس االقتصاد هو نظرية تحديد األثمان في ظل شروط املنافسة الكاملة.
-يعتبر أن املنفعة غير قابلة للقياس وبالتالي فهي ترتيبة وليست قياسية أو كميته واستخدم
بالتالي منحنيات السواء التي قدمها قبله أدجوارث .
36
-استخدم فكرة التوازن الشامل لفالراس ورأى أنه البد من يقسم االقتصاد إلى جزئين وهما
جزء ديناميكي وجزء ستاتيكي .
-كان أول االقتصاديين الذين تعرضوا إلى كيفية تحقيق التوازن في النظام االشتراكي .
-اهتم بتوزيع الدخول.
-وضع ما يسمى بافضلية باريتو التي تقول " اليمكن القول بأن توازن ما أحسن من توازن
آخر إذ ترتب على ذلك منافع للبعض دون أن يقابل ذلك تضحية من البعض اآلخر" .
املدرسة السويدية :
يعتبر فيكسل مؤسس املدرسة السويدية وأهم ما يميز هذه املدرسة هو االهتمام بدراسة
املشاكل النقدية والرغبة في تحقيق املزيد من االندماج بين النقود والنظرية االقتصادية
العينية .عند التقليديين دور النقود يقتصر على تحديد املستوى العام لألسعار وهو ما
يعرف " بنظرية كمية النقود " .
-توصل فيكسل من التمييز بين سعر الفائدة العيني وسعر الفائدة النقدي .فسر الفائدة
العيني هو الذي يمكن أن يسوء في ظل اقتصاد عيني ويساوي االنتاجية الحقيقية لراس
املال أما سعر الفائدة النقدي فهو الذي تقتضيه البنوك مقابل أقراض املستثمرين.
-بالنسبة لفيكسل فإن التوازن في االقتصاد يتحقق عندما يتساوى سعر الفائد العيني مع
سعر الفائدة النقدي – أمكن فيكسل من هذه املقارنة في دراسة التقلبات االقتصادية
وأتى بفكرة الحركات التراكمية فإذا كان سعر الفائدة النقدي أقل من سعر الفائدة
العيني فهذا يؤدي إلى زيادة الطلب على االستثمار ألن الزيادة في إنتاجية رأس املال ( سعر
الفائدة العيني ) يزيد على التكلفة النقدية باالقتراض ( سعر الفائدة النقدي ) وهذه
الزيادة في الطلب تؤدي إلى ارتفاع األسعار .
-كما أن الزيادة في الطلب على االستثمار يصاحبها ارتفاع األجور في الصناعات االستمارية
وانتقال العمال إلى هذه الصناعات وبالتالي انخفاض انخفاض في عرض السلع االستهالكية
النخفاض نشاط القطاع االستهالكي نتيجة انتقال العمال إلى الصناعات االستثمارية .
استمرار الزيادة في الطلب على االستثمار يؤدي إلى مزيد من األرباح وارتفاع األسعار ال
يتوقف األمر إال إذا تدخلت البنوك برفع سعر الفائدة النقدي لصنع التضخم.
37
-عادة فإن البنوك ترفع سعر الفائدة النقدي أكثر من سعر الفائدة العيني مما يؤدي إلى
انخفاض االستثمار وانكماش أو ركود اقتصادي .
املدرسة التقليدية الجديدة أو النيوكالسيكية :
تعرضت املدرسة التقليدية إلى عدة انتقادات وكان جون استوارات ميل هو آخر كتاب هذه
املدرسة.
انتقدت املدرسة التقليدية من عدة جوانب فمن ناحية أعيب عليها التجريد واالستنباط
كأساس الستخالص القوانين االقتصادية وكذلك انتقدت من طرف املدرسة الحدية التي
ترى أن التقليديين أهملوا جانب املنفعة والطلب بصفة عام مما جعل هذه املدرسة الحدية
ًا
تقيم نظرية للقيمة تعتمد أساس على املنفعة الحدية.
قامت املدرسة التقليدية الجديدة او النيوكالسكية بإعادة صياغة النظرية االقتصادية
باستعادة أساسيات االقتصاد كما أرساها التقليديون وإضافة التعديالت الالزمة من أفكار
املدرسة الجدية التي تعتني باملنفعة ومن أهم رواد هذه املدرسة نجد ألفريد مارشال الذي
جمع بين أفكار املدرسة الحدية واملدرسة التقليدية ووفق بينهما .
ألفريد مارشال ( )1924 – 1842
درس الرياضيات والفيزياء الجزئية وانشغل بالفلسفة ثم االقتصاد السياسي من خالل
دراسته ألعمال جون استوارت ميل التي وجد فيها غايته واعتراف بقيمة مارشال فإنه يقال
" إذا كانت العلوم في العصور الوسطى تتركز على ثالثة محاور ،علم الالهوت وبه صفاء
الروح وعلم القانون وبه استقرار العدل وعلم الطب وبه سالمة الصحة البدنية فقد اخاف
مارشال االقتصاد وتتحدد به رفاهية املجتمع "
-من أهم تالمذته في كمبردج نجد كينز وجون روبنسون وأصدر كتاب عنوان " مبادئ
االقتصاد " سنة 1890الذي بقي مرجع في تدريس االقتصاد لوقت طويل في الجامعات
االمريكية واالنقليزية لوقت طويل .
-في خصوص املنهج فإنه دعى إلى ضرورة الجمع بين االستنباط واالستقراء واستعمل
األسلوب املجرد والعديد من األحداث التاريخية واملعاصرة للتدليل على صحة أفكاره.
-استعمل أسلوب تحليل التوازن الجزئي وبالتالي اختلف عن فالراس باريتو الذين اعتمدا
على أسلوب التوازن الشامل كما أنه يعتبر أن املتغيرات االقتصادية متعددة ومتداخلة
38
لذلك البد من اعتماد العزل من خالل فرضية " بقاء األشياء األخرى على حالها ( .
) ceten 's pasitusوهو ما يعرف بأسلوب تحليل التوازن الجزئي .
أهم االفكار االقتصادية ملارشال :
)1نظرية القيمة :
التقليديون بصفة عامة يلخصون القيمة في نفقة االنتاج ( قيمة العمل أو العمل ورأس املال
) واملدرسة الحدية تلخص القيمة في املنفعة الحدية أما مارشال فقد جمع بين .
ًا
النفقة واملنفعة أي أن القيمة عنده تتحدد بالعرض والطلب مع ويعتبر انه يصعب تحديد
من املسؤول منهما أكثر على تحديد القيمة.
-اهتم مارشال بدراسة املنفعة ودرس منحنى الطلب وجعل من االستهالك أساس النشاط
االقتصادي وتحدث على فائض املستهلك .
-كذلك من أهم األفكار الهامة التي أدخلها مارشال في التحليل االقتصادي نجد فكرة املرونة
لدراسة طبيعة العالقات بين املتغيرات االقتصادية .أما بخصوص من االنتاج فإن مارشال
أخذ بفكرة الحلول أو اإلحالل ( ) substitutiryبين عناصر اإلنتاج حيث يختار املنتج
توازنه بالتوفيق بين أسعار عناصر اإلنتاج واإلنتاجية الحدية لهذه العناصر .
-أدخل مارشال الزمن في التحليل عند التمييز بين الفترة القصيرة والفترة الطويلة والفترة
املتوسطة ويستعمل في الغالب أسلوب سلوتسكي .
-الزمن عند مارشال هو ليس مرور الوقت وليس فترة محددة وإنما تصور منطقي لظروف
اإلنتاج لذلك فقد عرف الفترة على أساس أنها مجموعة من الشروط أو الزمن الضروري
لتحقيق جملة من الشرو وأسلوب مارشال في التحليل هو الستاتيكية املقارنة compantive
staticsوالفترة القصيرة هي التي التسمح للمنتج أن يغير فيها ظروف اإلنتاج والتغير في
العرض يأتي فقط من التغير املخزون أما الفترة الطويلة فهي تتغير فيها الطاقة اإلنتاجية
وبالتالي العرض ولكن اليوجد عند مارشال أي تفسير لالنتقال من توازن آلخر .
ًا
-استخدام مارشال فكرة تناقص املنفعة الحدية وأعطاها مزيد من الوضوح.
-فيما يخص توزيع الدخل القومي فإنه يتحدد عند مارشال حسب انتاجية كل عنصر إنتاج.
-فيما يخص شكل السوق فإنه درس التوازن في سوق املنافسة الكاملة واإلحتكار واستخدم
فكرة اإليراد الصافي ولكنه لم يدرس املنافسة االحتكارية .
39
ًا
-من األفكار التي قدمها مرشال أيض فكرة شبه الريع quafirentالتي يحصل عليها الفرد
لظروفه الخاصة.
ًا ًا
خالصة :تأثير أفكار مارشال كان عميق جد وما زالت تحاليله تستعمل إلى اآلن مثل
االعتماد على املنحنيات الهندسية ولكنه اعتنى باالقتصاد الجزئي على حساب االقتصاد
الكلي.
-كان يؤمن بقانون املنافذ لجون باتنت ساي حيث العرض يخلق الطلب وبالتالي فإن أصل
التوازن عند مارشال هو التوظيف الكامل ويرى مارشال أن التقلبات الطارئة تزول بفعل
السوق.
ًا
-كان أيض يعتقد في صحة نظرية كمية النقود ويرى أن دور النقود هو فقط تحديد األسعار
وال أثر لها مثل التقليديين على النشاط االقتصادي وبالخصوص على البطالة واإلنتاج .
املدرسة الكاينزية
يعتبر كينز من أشهر االقتصاديين في القرن 20وكتب كتابة " النظرية العامة للتشغيل
وسعر الفائدة والنقود " الذي اليقل أهمية عن كتاب " ثروة األمم " آلدم سميث أو كتاب "
رأس املال " ملاركس حيث غير كينز وجه التفكير والنظرية االقتصادية الكلية وأفكار كينز لم
ًا
تقتصر فقط على السياسات النقدية وإنما أيض طالت النظام النقدي الدولي هو بريطاني
من عائلة بورجوازية ولم يدرس االقتصاد في البداية وإنما درس الرياضيات ولكن بعد
تخرجه من الرياضيات أقنعه والده بأن يدرس االقتصاد .
-اهتم كينز بدراسة النقود واعتبر أن املساواة بين اإلدخار واالستثمار هي قاعدة التوازن
العام واعتبر أن قرار انجلترا بالعودة إلى قاعدة الذهب ستة 1925قرار خاطئ ألنه يدمر
اقتصاد انجلترا من حيث املناقشة.
-خالل الثالثينات واجه العالم أزمة اقتصادية خانقة ولم تقدر توصيات النظريات القديمة
على الخروج من األزمة ألنها كانت تعتقد بان قوى السوق هي الكفيلة بالعودة إلى التوازن
لذلك كتب كينز كتابه واعتبر أن االختالل االقتصادي أمر ممكن والبد من سياسات إليجاد
التوازن وبين كينز أن التوازن يمكن أن يحدث عند مستويات متعددة من التشغيل حتى
دون التوظيف الكامل وبالتالي فإن البطالة أمر ممكن ودعى لتدخل الدولة عبر سياسات
معينة للحد من البطالة وعارض بالتالي دعاة الحرية االقتصادية وعدم تدخل الدولة في
40
االقتصاد وبالتالي يمكن اعتبار كينز في هذا الجانب معارض للنظام الرأسمالي ومن جهة
ًا
أخرى يمكن اعتبار كينز مدافع عن النظام الرأسمالي وذلك بإيجاد حلول لتفادي أزمات
هذا النظام وأصبح كتاب كينز يمثل الفكر املعتمد ملعظم الدول الصناعية بعد الحرب
العاملية وذلك إلى حدود السبعينيات حين ظهرت أفكار معارضة لكينز رغم عدم خروجها
من اإلطار العام الذي وضعه كينز .
ًا ًا
-لعب كينز دور كبير في اإلعداد ملؤتمر بريتون وود عام 1944وكان إنشاء صندوق النقد
الدولي من أراء كينز واالقتصادي األمريكي وايت .وتوفي كينز سنة . 1946
41
االقتصادية العينية ( النظرية الكمية للنقود ) أما كينز فإنه يعتبر أن النقود لها دور كبير
في االقتصاد واليمكن فصلها عن االقتصاد العيني وهذا يرتبط بافتراض هام وتجاهلته
املدرسة التقليدية وهو الخداع النقدي الذي يمكن حسب كينز أن يقع فيه األفراد :العامل
ًا
يفكر باألجور اإلسمية وليس األجور الحقيقية إذ يقبل الزيادة في األسعار واليقبل إطالق
انخفاض األجور اإلسمية حتى ولو كانت النتيجة واحدة على املقدرة الشرائية .هذا
الخداع جعل كينز يفترض أن األجور النقدية جامدة ال تعرف املرونة والقدرة على التغيير
وهذا لعدة اسباب منها ما هو نفسي ومنها ما يرتبط بالنقابات وغيرها.
-افتراض أن األسعار جامدة لها تأثير على طبيعة التوازن وتحقيقه فإذا كانت األسعار متغيرة
فإن توازن السوق يكون عبر تغير األسعار أما إذا كانت األسعار جامدة فإن التوازن يكون
عبر الكميات وتغيرها.
ًال
-عند التقليدين فإن وجود فائض في عرض العمل مث يؤدي إلى انخفاض االجور ويؤدي إلى
زيادة الطلب لتحقيق التوازن أما عند كينز فإن وجود فائض في عرض العمل مع أجور
ثابتة لن يزيد في طلب العمل وبالتالي اليمكن القضاء على البطالة إال إذا توفرت شروط
أخرى ترتبط بزيادة الطلب الكلي الذي يدفع إلى زيادة اإلنتاج وبالتالي في طلب العمال .
-افتقاد قانون جون باتست ساي والطلب الفعلي أو الفعال
انتقاد قانون جون باتست ساي والطلب الفعلي او الفعال عند كينز :
يعتمد التقليديون على قانون ساي الذي يعتبر أن العرض بخلق الطلب املناسب له ( قانون
املنافذ ) ويكون بهذا الشكل :اإلنتاج يعطي سلع ويؤدي إلى توزيع دخول على عناصر اإلنتاج
تساوي بالضبط قيمة اإلنتاج وهذه الدخول النقدية تتحول إلى طلب سلع النقود هنا لها
دور وسيط فقط للتبادل ونجد بالتالي الحلقة التالية :
اإلنتاج ← العرض اإلجمالي للسلع ← دخول نقدية ← طلب إجمالي على السلع .
وبالتالي حسب ساي فإن العرض اإلجمالي يساوي الطلب اإلجمالي واليمكن الحديث عن
أزمة طلب ويكون التوازن .
مالحظة :بالنسبة للتقليديين يمكن أن نجد إخالالت في أسواق جزئية ولكن يقابلها
إخالالت في اإلتجار املعاكس في أسواق أخرى وبالتالي فإن التوازن الكلي هو السائد
والنتيجة النهائية او القاعدة العامة هي التوازن الشامل تؤدي املنافسة إلى إزالة اإلخالالت
عبر آلية السوق وذلك بتغير األسعار التي توازي في النهاية بين العرض والطلب .ويعتبر
42
التقليديون أن التوازن يكون عند التوظيف الكامل لعناصر اإلنتاج لكن يعترف التقليديون
بإمكانية وجود بطالة مؤقتة .بصفة عامة يمكن اعتبار النموذج التقليدي نموذج للتوازن
املستقر عند مستوى التشغيل الكامل بدون بطالة إجبارية وبالتالي فإن التقليديون
ينصحون بعدم تدخل الدولة ألن السوق كفيل وحده على تحقيق التوازن وبالتالي اليمكن
الحديث عن السياسات االقتصادية لتصحيح األوضاع لدى املدرسة التقليدية .
ًا
بالنسبة لكينز فإن الطلب هو الذي يخلق العرض بمعنى أن املنتج يسعى لكي يلبي طلب
ًا ًا ًا
موجود أو متوقع وهذا يؤدي إلى نظرة مغايرة للنقود ودورها إذ ليس صحيح أن النقود
ًا ًا
هي فقط وسيط للتبادل وأن كل دخل نقدي يتحول آلي إلى طلب سلع وإنما النقود أيض
مخزن للقيم يمكن أن تطلب لحد ذاتها وتدخر أو تخزن وال تصرف في شراء السلع وبالتالي
اليتحقق الطلب ( تفضيل السيولة أو االكتناز ) ،كما يمكن للطلب أن يفوق العرض إذا ما
أنفقت بعض األموال املدخرة في فترات معينة أو لزيادة عرض النقود من السلطات النقدية
وبالتالي ليس بشرطه أن يحصل التوازن اآللي بين العرض والطلب الكلي ويظهر دور مؤثر
ًا
جد للنقود في النشاط االقتصادي.
كانت نظرية كينز مقدمة إلدماج نظرية األموال املالية في النظرية االقتصادية .فطلب -
النقود أو السيولة يعتمد على املقارنة بين مزايا االحتفاظ بالنقود سائلة وبين العائد
الذي تحققه األصول املالية وخاصة السندات .
ًا ًا
يعتبر كينز أن الطلب الفعلي أو الفعال هو الذي يلعب دور هام في تحديد مستوى -
التشغيل والبطالة فالطلب الفعلي هو الذي يحدد اإلنتاج وبالتالي كميات عناصر اإلنتاج
ًا ًا
الكامل أي مع وجود البطالة وبالتالي فإن كينز يعتبر أن البطالة ليست أمر استثنائي
ًا ًا
وإنما أمر عادي .
لهذا السبب فقد أولى كينز عناية خاصة بعناصر الطالب أو مكوناته وهي الطلب على -
االستثمار والطلب على االستهالك.
وجود بطالة يتطلب تدخل الدولة عبر سياسات هدفها الترفيع من الطلب حتى يرتفع -
العرض وبالتالي يزداد اإلقبال على عناصر اإلنتاج وتنخفض البطالة.
االستهالك واالستثمار عند كينز :
ًال
أدخل كينز تعدي مقارنة بالتقليديين عند البحث عن دالة االستهالك حيث أن املدرسة
التقليدية كانت تبحث عنها من زاوية اإلدخار ويتساءلون عن العوامل التي تحكم اإلدخار
43
بينما كينز يتساءل عن العوامل التي تحكم االستهالك وهذا يعود إلى االختالف بين
املدرستين حيث أن التقليديين اهتموا بقضية النمو والتطور أما القضية بالنسبة لكينز هو
تحديد مستوى التشغيل لهذا إهتم التقليديون بتكوين راس املال أي اهتموا باالستثمار أو
البحث عن وسائل تمويلية ومنها اإِل دخار بينما كينز كان همه هو مستوى النشاط
االقتصادي وبالتالي اهتم بعناصر اإلنفاق وفي مقدمتها االستهالك.
من حيث العوامل املؤثرة في اإلدخار واالستهالك فإن التقليديون ينظرون من زاوية -
تراكم رأس املال والتمويل وبالتالي فإن العنصر االساسي هو الدخل.
بالنسبة لكينز فإن االستهالك اليزيد مع الدخل لكن بنسبة أقل مما يجعل ميل -
∆c
ويميز كينز بين امليل الحدي لالستهالك ( منحنى االستهالك أقل من الواحد ()2
∆y
وامليل املتوسط لالستهالك .دالة اإلدخار تشتق عند كينز من دالة االستهالك.
استخلص كينز نظريته في االستهالك من خالل حجج منطقية وليس من دراسات -
تطبيقية واعتبر أن االستهالك يتوقف على ما اسماه القانون النفسي وهو يعني أن
االستهالك يزيد مع الدخل لكن بنسبة أقل.
طور بعض االقتصاديين نظرية كينز لالستهالك حيث تحدث لوزنبري على الدخل -
النسبي وأكد على إمكانية عدم انخفاض االستهالك عند انخفاض الدخل إذ ما
اكتسب املواطنون عادات استهالك يصعب التنازل عنها.
كما أضاف فريدمان فكرة الدخل الدائم مؤكد أن االستهالك اليعتمد فقط على -
ًا
دخل الفترة القصيرة وإنما أيض احتماالت تغير الدخل في الفترة الطويلة.
بالنسبة لالستثمار فإن كينز ينظر إليه كجزء من الطلب وله دور كبير في تغيرات -
مستوى الدخل القومي والتشغيل.
ًا
يعتبر كينز أن االستهالك مستقر نظر الستقرار عادات االستهالك ( القانون النفسي -
لالستهالك ) .
ًا
أما االستثمار فهو متغير متقلب ألسباب مستقلة عن الدخل .
مثل املدرسة التقليدية فإن االستثمار عند كينز يعتمد على سعر الفائدة وذلك من -
خالل مقارنة الكفاءة الحدية لرأس املال ( عند القيام بمشروع ) وسعر الفائدة
( عند اإلدخار)
44
قرار االستثمار يعتمد على ثالثة عناصر وهي تكلفة االستثمار اإليرادات املتوقعة -
من استخدام رأس املال وسعر الفائدة .
استعمل كينز بما يسمى سعر الخصم الذي يسوي بين ثمن عرض رأس املال أو -
تكلفة رأس املال بين القيمة الحالية املتوقعة طيلة عمر املشروع وهو ما يسمى
بمعدل العائد الداخلي لالستثمار ويقارن هذا مع سعر الفائدة فإذا ما كان هذا
العائد أكبر من سعر الفائدة فالقرار يكون االستثمار إما إذا كان أصغر من سعر
الفائدة فالقرار هو عدم االستثمار.
املعدل الداخلي لالستثمار أطلق عليه كينز اسم الكفاية الحدية لرأس املال . -
العنصر الذي إضافة كينز في هذا املجال هو إدخال التوقعات في تحديد اإليرادات -
املتوقعة لالستثمار فإذا ساء التفاءل زاد االستثمار أما إذا زاد التشاؤم انخفض
االستثمار .
بالنسبة لسعر الفائدة الذي يحدد االستثمار فإن كينز يعتبره ظاهرة نقدية يتحدد -
حسب العرض والطلب للنقود.
عرض النقود تحدده السلطات املالية أما طلب النقود يعتبر إضافة بالنسبة لكينز
الذي يعتبر طلب النقود نتيجة للمضاربة ويعتمد على سعر الفائدة.
الطلب الجملي على النقود عند كينز يعتمد على الدخل بصفة إيجابية ويعتمد بصفة
عكسية على سعر الفائدة من خالل املضاربة ( شراء أصول وسندات ) .
خالصة :
من خالل كل هذا يتضح أن محددات الدخل القومي والبطالة عند كينز تنحصر في ثالثة
عناصر وهي االستهالك ،الكفاءة الحدية لرأس املال وسعر الفائدة وهذه العناصر تحدد
عند كينز الطلب الفعلي أو الفعال من استهالك واستثمار.
املساواة بين اإلدخار واالستثمار :
اإلدخار واالستثمار ناتجان عن قرارات من طرف واحداث وحدات مختلفة فاإلدخار هو
قرار أصحاب الدخول أو املستهلكين أما االستثمار وهو قرار املنتجين يعني أن اإلدخار هو
قرار قطاع األفراد أو العائلي أما االستثمار فهو قرار قطاع املجموعات أو القطاع اإلنتاجي
وبالتالي فهذه قرارات تأتي من قطاعات مختلفة وبالتالي يمكن أن يختلف اإلدخار عن
45
االستثمار واألمر يتعلق بالقرارات املرغوب فيها لكن في النهاية يتساوى اإلدخار في نهاية كل
فترة .وهذه هي نظرية كينز في توازن السوق الذي يعني املساواة بين اإلدخار واالستثمار.
مضاعف االستثمار :
من أهم أدوات التحليل التي ظهرت مع كينز فكرة املضاعف رغم أنه تلميذه كان ( )khan
قد سبق أن قدم هذه الفكرة بأن زيادة االستثمار تؤدي إلى زيادة الدخل القومي.
السياسة النقدية والساسة املالية عند كينز :
ًا
يعاب على كينز أنه أقل اهتمام بالسياسة النقدية وركز االهتمام على السياسات املالية .
ينبغي التمييز لدى كينز بين أهمية النقود والتحليل النقدي من ناحية وبين السياسة
االقتصادية املناسبة سواء كانت نقدية أو مالية فمن ناحية أهمية النقود في االقتصاد فإن
الفضل يرجع لكينز في إدماج النقود في النظرية االقتصادية ورفض التحليل االقتصادي إلى
تحليل عيني ثم إلى تحليل نقدي وبالتالي فكرة أن النقود محايدة.
في خصوص السياسة االقتصادية فإن كينز كان قليل الثقة في فاعلية السياسة النقدية
( تغييرات أسعار الفائدة) وكان يرى أن السياسة املالية ( اإلنفاق العام ) أكثر فاعلية في
محاربة البطالة ويرى أن تشجيع االستثمار الخاص عن طريق تخفيض سعر الفائدة إنما
عديم الجدوى أو له فاعلية قليلة خاصة إذا ما كان املواطنين يجندون السيولة أو ما يعرف
بمصيدة السيولة ولهذا السبب يعتقد كينز أن السياسة املالية التي تعتمد على االنفاق العام
تكون أكثر جدوى لتحريك الطلب الفعال وقد ساعدت هذه السياسة في الخروج من أزمة
الثالثينات .
كينز والنظرية التقليدية :
كينز يهتم بالفترة القصيرة في حين أن النظرية التقليدية تهتم بالفتر الطويلة ألنها تركز على
النمو والتطور ولهذا فإن عدد من أتباع كينز استخدموا النفوذ الكينزي وطوره لألخذ بعين
االعتبار املدة الطويلة وكان ذلك عبر نماذج النمو على غرار نموذج هاردد ودرمار وكالدور
ًال
فض عن كتابات تلميذه روبنسون . Robinson
عند التوظيف الكامل فإن نتائج نموذج كينز يتطابق مع نتائج املدرسة التقليدية حيث أن -
زيادة الطلب ال تؤدي إلى زيادة الدخل القومي وإنما فقط إلى زيادة األسعار.
46
التقليديون يعتبرون أن اإلدخار أكثر أهمية في النمو وأن دور االستثمار وهو سلبي وعلى -
عكس ذلك فإن كينز يعتبر بأن االستثمار هو العامل األكثر أهمية وأن اإلدخار ليس له إال
دور سلبي ألنه يخفض من الطلب.
الخالف بين كينز والتقليدين يعكس اختالف الظروف التي قدمت فيها النظريتين .فالنظرية -
التقليدية كانت في ظروف أقرب إلى ظروف الدول النامية ونظرية كينز أقرب إلى ظروف
الدول املتقدمة .فالتقليديون كتبوا في ظروف بناء االقتصاديات الصناعية وكانت الحاجة في
ذلك العصر باالستثمار ملحة وكانت فرص الربح وافرة وكان القيد الحقيقي هو التمويل
ولهذا أولوا عناية خاصة باإلدخار وبالتالي فإن قانون جون باتست ساي اتفق مع تلك
الظروف.
أما مع تقدم االقتصاد وضعف فرص الربح ومرونة فإن القرار الهام يصبح قرار مستثمرين -
إذا توافر لديهم الحافز على االستثمار فإن الجهاز اإلنتاج يمكن أن يستجيب لزيادة اإلنتاج
إذا زاد الطلب ويصبح االستثمار هو العامل الحاسم ألنه يؤدي إلى زيادة اإلنتاج والدخل
ًا
وتوليد اإلدخار أيض الذي لم يعدله سوى دور سلبي النه يقلل من الطلب.
خالصة :ظهور نظرية كينز هي تعبير عن تغير األوضاع االقتصادية وتمثل مظهر من مظاهر
الدول الصناعية املتقدمة ونفهم أن النظرية التقليدية ما زالت مناسبة لظروف الدول
النامية.
47
االتجاهات املعاصرة للفكر االقتصادي
رغم ما تعرض له كينز من نقد فال يمكن الحديث بعده عن ثورة فكرية في االقتصاد ولكن
هناك مزيد من التعديالت والتحفظات وفي اتجاه عام يتبع ما ورثناه عن كينز واملدرسة
التقليدية الجديدة باستعمال لبعض التقنيات الجديدة مثل االقتصاد الرياضي واإلحصاء
التي تمكن من اختبار الفرد في النظرية في االقتصاد الجزئي أو في االقتصاد الكلي.
بالنسبة لالقتصاد الكلي فاإلطار النظري املرجعي هو كينز مع اختالفات عديدة تخص دالة
االستهالك واالستثمار ومدى تأثير النقود على االقتصاد وربما يرجع ذلك إلى طبيعة
األحداث وضح كينز واجه العالم مشكلة نقص في الطلب لكن بعد الحرب العاملية الثانية أي
بعد كينز واجه العالم زيادة في الطلب وكان االعتقاد بأن نصائح كينز ملشكلة البطالة تصلح
معكوسة ملعالجة مشاكل التضخم لكن هذا لم يتحقق بسهولة.
كذلك ظهرت مشاكل جديدة لم تكن معروفة تخص باألساس ظهور البطالة والتضخم في
ًا
نف سالوقت أوما يعرف بالركود التضخمي وظهرت أيض قضايا جديدة لم تكن مطروحة
مثل التنمية االقتصادية خاصة في دول العالم الثالث ولهذا ظهر فرع جديد في االقتصاد
يعتني بمشاكل النقود والتنمية في األجل الطويل وأصبح ينظر إلى هذه القضايا من باب
ًا
نقص االستثمار واإلدخار وايض مشكلة سياسات اقتصادية ومشكلة مؤسسات حيث أصبح
ينظر للتنمية على أساس أنها تغيير شامل في قيم املجتمع وفي املؤسسات االجتماعية.
ًا
كذلك ونظر للترابط والتداخل في العالقات الدولية فقد احتلت قضايا التجارة وموازين
ًا ًا
املدفوعات واالستثمارات الخارجية اهتمام كبير وأصبح مفهوم االقتصاد العالمي أكثر
ًا
تأثير لذلك احتلت قضايا األسعار والصرف والبورصات أهمية بالغة.
كذلك ظهرت مؤسسات دولية على غرار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة
التجارة الدولية فكان لهذه املؤسسات دور كبير في بلورة السياسات االقتصادية والتنموية
خاصة.
كذلك توفر االحصائيات والبيانات لعب دور هام في التأكد من صحة النتائج النظرية
وتطويرها وتجاوز املالحظات والفروض العابرة .كما ساعدت هذه االحصائيات والبياتات
ًا ًا
على تطوير النماذج االقتصادية وأصبح علم االقتصاد قريب جد من العلوم الطبيعية
واعترف له سنة 1969بمكان ضمن جوائز نوبل العاملية.
48
لقد ساعدت البيانات واإلحصائيات على تطوير السلوك االقتصادي وذلك من خالل
التوقعات عن التطورات االقتصادية لدى املستثمرين واملستهلكين ( مدرسة التوقعات
ًا
الرشيدة ) وكان لهذا أيض أثر على السياسات االقتصادية لتفادي املفاجآت الناتجة عن
سلوك األفراد وردة فعلهم تجاه بعض السياسات االقتصادية.
ًا
عموم يمكن القول بأن هناك إسهامات بعد كينز واملدرسة التقليدية الجديدة
( النيوكالسيك ) أضيفت إلى الفكر االقتصادي ونذكر بالخصوص املدرسة النقدية
لفردمان وأتباعه ،املدرسة املؤسسة واملدرسة الليبرالية الحديثة.
املدرسة النقدية :
رغم أن كينز انتقد التقليديين ألنهم اعتبروا النقود مجرد ستار يحجب العالقات
االقتصادية الحقيقية إال أنه تفرض لنقد من مدرسة شيكافو وعلى رأسها ميلتون فردمان
حيث اعتبرت هذه املدرسة أن كينز أهمل دور النقود في السياسة االقتصادية ورأت هذه
املدرسة أنه من املهم االعتناء بعرض النقود.
ملتون فردمان :
دافع فردمان على نظرية كمية النقود في ثوب جديد وبين من خالل دراسته على االقتصاد
األمريكي وجود عالقة بين عرض النقود واالنتعاش أو الركود االقتصادي ويرى فردمان أن
العرض مرتبط بالتضخم ويعتقد أنه من بين أسباب أزمة 1929هو رفض السلطات
النقدية االمريكية توفير السيولة للبنوك.
ًا
ينتقد فبردمان على عكس كينز يعتبر أن طلب النقود أكثر استقرار مما يدعي كينز ويتوقف
بصفة عامة على الدخل الدائم وليس على الدخل في كل فترة.
خالصة :بما أن الطلب على النقود مستقر فإن زيادة عرض النقود يؤدي مباشرة إلى زيادة
االستهالك ويؤثر بالتالي على االسعار.
-كينز يعتبر أن سعر تداول النقود غير مستقرة ويرى فردمان العكس .كينز شكك في
استقرار سرعة التداول واعتبر أن زيادة النقود يمكن أن تؤثر في األسعار وفي سرعة
تداول النقود باالنخفاض وهي النتيجة التي رفضها فردمان.
-كذلك فإن النقديون الجدد يعتبرون أن زيادة االنفاق الحكومي لحل مشكلة البطالة البد أن
يتبعه زيادة في عرض النقود ألن زيادة االنفاق الحكومي يقابلها انخفاض في اإلنفاق الخاص
49
وبذلك اليمكن أن يحدث أي أثر إضافي على الطلب مالم يزد عرض النقود وبالتالي فإن
العبرة وإنما هي في زيادة عرض النقود.
-يرى فردمان أن االستقرار االقتصادي يتطلب زيادة عرض النقود بنسبة ثابتة تتفق مع
معدل النمو االقتصادي وبالتالي على السلطات العاملية مراقبة كمية النقود لتجعل منها
موازي للنمو االقتصادي .أفكار فردمان جلعت الدول تهتم وتحصي كميات النقود وهو ما
خلق مشاكل وذلك لتعدد االدوات النقدية املتاحة حيث ظهرت تعريفات عديدة للنقود .
هذه املشاكل بخصوص تعريف النقود جعل املدرسة النقدية موضوع نقد من كالدور
وغيره.
-اعتمدت كثير من الدول نصائح فردمان مثل الواليات املتحدة في عهد ريغن وبريطانيا في
عهد تاتشر .كما أثرت نظرية فردمان على سياسات صندوق النقد الدولي.
ًا ًا
-رغم كل هذا اليمكن القول بصفة عامة ومطلقة أن املدرسة النقدية تمثل فكر متعارض
مع كينز حيث عدل كثير من اتباع كينز عن فكرة ثبات عرض النقود كما عدل وتنازل كثير
من النقديين عن فكرة ثبات سرعة النقود.
ًا
-بعيد عن عرض النقود فإن فردمان يدعو إلى آلية السوق والحرية االقتصادية ويدعو إلى
حصر دور الدولة ألنه يشك في كفاءتها كما يرى أن الحكومات املستهترة املحدد لسعر
الفائدة ويعتبر أن تاريخ سياسات البنوك املركزية هو تاريخ االخطاء واعماقه.
50
السيطرة راجعة إلى اعتبارات فنية أو قانونية أو تكنولوجية ولقد حظيت فكرة القوة أو
السيطرة االقتصادية باهتمام كبير لدى املدرسة املؤسسية وكان دور الحكومة جوهري.
مرت هذه املدرسة بمرحلتين :في املرحلة االولى كانت تنتقد وتعارض الفكر السائد وترى
أنه اليجب أن يكون محور االهتمام األسعار والسوق وإنما املؤسسات .
في املرحلة الثانية درست جميع املؤسسات االجتماعية وذلك مع املدرس املؤسسية الحديثة
التي تستعمل أساليب التحليل االقتصادي مثل املقارنة بين العائد والتكلفة واملواطن الرشيد
وليس في االقتصاد فقط وإنما في مجاالت أخرى مثل حقوق امللكية وأحكام القضاء ،تفسير
الجريمة ،التمييز العنصري ونشاط السلطة.
في الحقيقة هناك العديد من رواد هذه املدرسة ولكن نكتفي بفبلن وجالبرث
فبلن :
يمثل املرحلة األولى من هذه املدرسة وهاجم النظرية النيوكالسكية ( املدرسة التقليدية
ًا
الحديثة ) واعتبر أنه ليس صحيح أن الفرد مستهلك رشيد يستلهم رغباته وأولوياته
باستقالل عن اآلخرين والصحيح هو أن الفرد كائن اجتماعي يتأثر بمن حوله ويحاول
ًا ًا
تقليده والذوق ليس أمر فردي بقدر ما هو تأثير جماعي.
ًا
كما بين أنه ليس دائم يكون الطلب عكس السعر وإنما قد يكونان في عالقة طردية نتيجة
التفاخر ( االستهالك التفاخري ) وخاصة لدى الطبقة الغنية التي يرى فيها أمل ويرى أن
أمل املستقبل هم املهندسين ألنهم يخترعون األشياء ويضيفون إلى الثروة العامة.
جالبرث : )2
يرى أنه كلما أدت قوى السوق إلى االحتكار إال وخلقت قوى معارضة ومناهضة مثل
ًا
النفايات التي تكون أكثر قوة وتنظيم حيث تتركز الصناعة.
كما يرى في تركز الصناعات قدرة على تحقيق التقدم التكنولوجي ناقش خصائص املجتمع
التكنولوجي وأعطى أهمية لطبقة الفنيين ويرى بان في هذا املجتمع تراجع لدور الرأسمالي
ليترك مكانه للفني واإلداري لحكم التقدم التكنولوجي وبالتالي أصبح الفنيون هم الذين
يسيطرون على معظم القرارات في املجتمع الصناعي وأصبحوا أصحاب السلطة وهذه هي
فكرة انفصال امللكية عن اإلدارية ويرى جالبرث أنه على عكس الرأسماليين الذين يلهثون
وراء الربح فإن الفنيين يسعون لتوسيع املشروع.
51
كما أكد أنه ليس صحيح بأن املستهلك في اقتصاد السوق هو مستهلك رشيد ألنه -
يخضع ملؤثرات الدعاية والحقيقة فإن املنتج هو الذي يحدد أذواق املستهلك
ورغباته وفرق جالبرث بين الحاجات والرغبات وأكد أن الرغبات هي من صنع
املجتمع.
يعتبر جالبرث أقل ثقة في قوى السوق ويرى أن الرقابة على األسعار أمر البد منه -
لضبط التضخم.
ًا
املؤسسة الحديثة :تعتبر أن التحليل االقتصادي ليس خاطئ ولكنه قاصر ودور املؤسسة
ًال
الحديثة هو مد أدوات النظرية االقتصادية وهي الجوانب املؤسسية فمث لم يعد االهتمام
ًا
فقط بالسياسة االقتصادية وإنما أيض باساليب الحكم واإلدارة أي االهتمام بطبيعة
املؤسسات القائمة على اتخاذ القرار والبحث عن املؤسسات املناسبة وبالتالي كانت الدعوة
إلى الخصخصة وإلى اإلصالح السياسي والدستوري .
أدت هذه املدرسة إلى االنتقال من االهتمام باإلنتاج واألسعار إلى االهتمام بالتصرفات مما
أدى إلى ما يعرف باقتصاديات التصرفات أي الظروف التي تتم فيها هذه التصرفات من
إدارة رقابة وحوافز وغيرها من تطبيق القوانين واحترامها.
كما أشارت هذه املدرسة إلى قضية املصداقية واحترام التعهدات التي لها تأثير كبير على
التصرفات االقتصادية وخاصة في مجال االستثمار وسياسة الحكومة ومن هنا تظهر اهمية
اإلطار القانوني والدستوري .
وخالصة القول أن نجاح السوق اليمكن أن يكون من فراغ وإنما يرتبط بعديد من
املؤسسات املناسبة.
52
أمريكا سنة 1776لكن في القرن التاسع عشر كثرت الدعوات لتدخل الدولة وكذلك تميز
القرن فيه بعدة أنظمة تدخلية من فاشية ونازية وماركسية وكان تدخل الدولة بتأثير من
أفكار كينز وبتدخل نقابات العمال املتزايدة وصار االعتقاد بأن الليبرالية أصبحت من
التراث وال تتجاوب مع حقائق العصر لكن مع انهيار االشتراكية في اإلدخار السوفياتي بدأ
الحديث من جديد عن الليبرالية الجديدة.
-حافظت الليبرالية الجديدة على مبادئها في الدفاع عن الحرية االقتصادية الفردية بصفة
عامة لكنها في املقابل أصبحت تؤمن بأن الدولة لها دور ال يمكن تجاهله مثل تحقيق
االستقرار وتوفير شروط وضمانات التقدير وتوفير العدالة االجتماعية ولكن تدخل
الدولة البد أن يكون عن طريق السياسات االجتماعية ولكن تدخل الدولة البد أن يكون
عن طريق السياسات وليس األوامر فالدولة الليبرالية هي دولة القانون وليس دولة األوامر
:مثال الدولة ال تقوم باإلنتاج ولكنها تؤثر في اإلنتاج .
-ساعدت املدرسة النقدية في بروز عودة الليبرالية من خالل الشك في قدره الحكومات على
تحقيق االستمرار االقتصادي عبر السياسات املالية .
-كذلك املدرسة املؤسسية ساعدت على الليبرالية من خالل املنادات ببعث املؤسسة وتفعيل
دورها وتهيئة املناخ املالئم بصفة عامة ويعتبره فوهايك من أهم رذاذ املدرسة الليبرالية .
53
-أسس سنة 1947جمعية " مون بلدن " في سويسرا ملناهضة الدعوات الشمولية وتدخل
الدولة واعتبرته األوساط اليسارية رجعي حتى إن هرمان فينز كتب كتابات للرد على
هايك عنوانه " الطريق إلى الرجعية " سنة . 1945
-لقد انتقد بشدة هايك النظر الشمولية مثل الفاشية والنازية ( اليمن املتطرف ) واملاركسية
( اليسار املتطرف ) ألن هذه النظم تمتاز بسيطرة السياسة السلطة على مقدرات املجتمع
وبتالشي فيها دور الفرد.
-يعرف هايك النظم الشمولية بأنها تبحث عن املدينة الفاضلة أو البيوتوبيا وربط بين تحقيق
هذه املدينة الفاضلة وبين فكرة تنظيم املجتمع ورفض بالتالي فكرة املدينة الفاضلة ألن
ًا
املجتمع ليس باملادة الصماء يتم تشكيلها وفق إلرادة الحاكم وإنما املجتمع هو كائن
متطور بقوى ذاتية.
ًا
-بين هايك في كتابه األخير " الغرور القاتل " أنه ليس صحيح أن العقل وحده يغير النظم
االجتماعية فهناك بين العقل والغريزة منطقة هامة تخضع ملؤثرات أخرى للتغيير وهي
تلك الناجمة عن التطور الثقافي .فاغلب النظم االجتماعية لم تنشأ نتيجة تصور عقلي
وإنما نتيجة للخبرة التاريخية املتراكمة التي اثبتت فاعليتها ونجاحها .والعقل اليجب أن
يأخذ كمعطاء بقدر ما هو نتيجة للتطور الثقافي والحضاري ومن هنا تظهر أهمية دور
التطور وتراكم الخبرات والتجارب في نشأة النظم االجتماعية فاللغة والسوق والنقود
واألوراق التجارية لم تنشأ نتيجة فكرة عبقرية وإنما نتيجة حاجة املجتمع لذلك.
-يقول هايك عندما تظهر الدولة كجحيم فإن ذلك يكون عادة نتيجة محاولة األفراد إقامة
الجنة على األرض.
كما حذر هايك إخضاع االقتصاد لبعض العالقات الرياضية واإلفراط في إدعاء العلمية
واملحاوالت لتشبيه االقتصاد بالعلوم الطبيعية تضر أكثر مما تنفع حيث يلتجأ الباحث
ًا
أحيان إلى بعض العالقات الهامشية التي تقبل القياس ويستمد عن العوامل الحقيقية املؤثرة
ملجرد أنها غير قابلة للقياس.
-انتقد التخطيط الشامل املركزي عندما اليقتصر دور الدولة على وضع اإليطار املناسب
للجميع والتدخل بإفراط في إدارة املجتمع فالتخطيط هنا يستبعد السوق ويحل محلها.
54
تدخل الدولة باإلدارة الشاملة واملركزية وإتخاذها للقرارات في كل ما يتعلق بالنشاط
االقتصادي يبعد الدولة عن فكرة دولة القانون وإتباع اقتصاد األوامر وليس باقتصاد
القواعد ( أي دولة القانون ) .
ًا ًا
تلعب فكرة دولة القانون دور محوري في تصور هايك للمجتمع الحر ودولة القانون تعني
ًا ًا
أن تكون جميع أفعال الحكومة محددة وفق لقواعد عامة معروفة مسبق بما ال يترك
ًال
مجا للتحكم أو املفاجأة أمام أفعال الحكومة وهكذا يمكن تجنب دولة األوامر.
-توسع دور الدولة يتعارض مع الديمقراطية لعدة أسباب منها :
اليمكن حصول اتفاق عام في بعض األمور التي تتعارض فيها املصالح وبالتالي
تفرض إرادة الدولة بالسلطة والقهر.
سياسة التخطيط املركزي تعتمد على الفنيين وقد يختار هؤالء السياسات
حسب تفضالتهم التي قد ال تتفق مع رغبة األغلبية.
يعتقد هايك أن النظم الشمولية تستبعد عادة أفضل العناصر من الحكام تستعمل -
العناصر االنتهازية كما يعتقد بأ ،النظم الشمولية تلتجأ إلى تعبئة الرأي العام وراء
خططها وقراراتها دون كثير من االعتبار للحقيقة ذاتها ألن املسؤولين يريدون ان
يوهموا الشعب بان املصلحة العامة تبرر كل شيء .
بوكنان ونظرية االختيار العام :
االقتصاد في األمر يهتم بعالقات التبادل ويغلب عليه اعتبارات املصلحة الخاصة أما
السياسة تهتم بقرارات السلطة بالتالي املصلحة العامة وبالتالي جاءت مدرسة االختيار العام
بفكرة معاملة السياسة كنوع من النشاط الجاري أو االقتصادي.
-من املمكن حسب هذه املدرسة استخدام أدوات التحليل االقتصادي على أكثر من وجه في
النشاط العام وخاصة سلوك اإلدارة والبيروقراطية فرجال السياسة واإلدارة ليسو
منزهين عن البحث عن مصالحهم الخاصة بالتالي فإذا كانت البيروقراطية تعبر عن
املصلحة العامة فهذا اليعني أن املسؤولين عليها هم أشخاص لهم مصالحهم الذاتية وبما
أن الدولة تملك أساليب القهر املشروع فتجد مشروعيتها في حماية مصالح فئة معينة
فقط تتعارض مصلحة املجتمع .
55
-يعتبر بوكنان من أهم االقتصاديين الذين درسوا سلوك رجال السياسة واإلدارة حيث أكد
أن هؤالء هم منطبقون مع أنفسهم وتحركهم املصالح الذاتية وهم مثل املنتج الذي يسعى
لتحقيق أرباح ومصلحتهم تتمثل في الجاه والنفوذ والسلطة أو الكسب املادي وهؤالء ال
يتحملون تكاليف قراراتهم وإنما تتحملها الخزانة العامة وبالتالي املواطن العادي السلوك
البيروقراطية يمتاز بالتبذير ويظهر ذلك من خالل عجز امليزانية العامة لكن مزايا
وعائدات االنفاق على البيروقراطية تعود بالنفع على رجال السياسة واإلدارة والعائد
يتمثل في السلطة وزيادة النفوذ.
ًا ًا
-أخذت نظرية املصلحة العامة أو ما يعرف بالسلع العامة اهتمام كبير من عدد من
االقتصاديين النيوكالسيك مثل سمويليسون .
خالصة :
نظرية االختيار العام أرست األساس املنطقي لعدم كفاءة سالمة القرارات العامة في كثير
من األحوال وساهمت في دعم االتجاهات الليبرالية الجديدة وضرورة وضع الحدود والقيود
على نشاط الدولة.
56