You are on page 1of 56

‫تاريخ الفكر االقتصادي‬

‫مقدمة عامة‬
‫يعتبر الفكر االقتصادي قديم قدم اإلنسان وكان متداخال مع االعتبارات الفلسفية والدينية‬
‫ًا‬
‫والسياسية ولم يقع الفصل بين البحث في االقتصاد وفروع املعرفة األخرى إال حديث عندما‬
‫ظهر االقتصاد كعلم متميز الحدود ‪.‬‬
‫علم االقتصاد حديث النشأة ويمكن اعتبار كتاب آدم سميث سنة ‪ ( 1776‬ثروة‬ ‫‪-‬‬
‫األمم ) أول دراسة إعالمية منظمة لالقتصاد السياسي ‪ .‬غير أن هناك من يعتبر‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫كتابات الطبيعيين السابقة آلدم سميث لها منهج علمي ويمكن أن تكون ايض منطلق‬
‫ًا‬
‫لعلم االقتصاد ‪ .‬عموم هناك جدل حول تاريخ ميالد علم االقتصاد ولكن مهما كان‬
‫هذا الجدل فإن علم االقتصاد يبقى حديث النشأة‪.‬‬
‫الفرق بين التاريخ االقتصادي وتاريخ عصر االقتصاد وتاريخ الفكر االقتصادي‬
‫الواقع االقتصادي ليس ثابت بسبب ما يرتبط به من ظروف اإلنتاج ومواد وتوزيع ونظر‬
‫قانونية غيرها هذا يعني أن التاريخ االقتصادي يشير إلى ظروف اإلنتاج بكل مجمع ومدى‬
‫تطورها كما يشير إلى شكل التنظيم القانوني للعالقات االقتصادية ‪ .‬إذن التاريخ االقتصادي‬
‫يختلف من دولة إلى أخرى لكن هذا اليمنع من سيطرة إتجاهات عامة للتطور االقتصادي‬
‫ًال‬
‫مثل االتصال بين الدول والشعوب الذي لم ينقطع في أي وقت من األوقات ‪ .‬مث اكتشاف‬
‫نشاط أو وسيلة معينة اليلبث أن ينتقل ويصبح مع الوقت ملكية عامة لجميع الشعوب مثل‬
‫اكتشاف الزراعة أو ا لنار أو غيرها مثل النفط ‪ ،‬ركوب البحر‪.‬‬
‫ًا‬
‫مالحظة ‪ :‬هناك التاريخ االقتصادي الخاص بكل دولة أو إقليم وهناك أيض اتجاهات‬
‫ًا‬
‫التاريخ االقتصادي العام لتطور الواقع االقتصادي في العالم مرور بجميع املراحل مثل‬
‫الري ‪ ،‬الزراعة ‪ ،‬الثروة الصناعية ‪ ،‬ثورة االنترنت ‪ ،‬الخ ‪..‬‬
‫ًا‬
‫مالحظة ‪ :‬اشكال التنظيم االقتصادي تختلف من مكان آلخر لكن أيض مع وجود اتجاهات‬
‫عامة فهناك مرحلة االقتصاد البدائي ومرحلة االقطاع ‪ ،‬والرأسمالية التجارية ثم‬
‫الرأسمالية الصناعية ثم االشتراكية وغيرها وكل هذا يعني موضوعات التاريخ االقتصادي‬
‫العام والخاص ‪.‬‬
‫تاريخ علم االقتصاد ‪ :‬يعني البحث في تطور التحليل االقتصادي سواء من حيث ظهور‬
‫ًا‬
‫نظريات جديدة أو تطوير النظريات القائمة أو ايض تطور منهج الدراسة االقتصادية في‬

‫‪1‬‬
‫استخالص النظريات واملبادئ او تطور الوسائل املتاحة للتحقق من صحة هذه النظريات‬
‫واختبارها ‪ .‬إذن تاريخ علم االقتصاد يخضع لضوابط دراسة العلوم األخرى‪.‬‬
‫تاريخ الفكر االقتصادي ‪:‬يتعلق بتاريخ األفكار والخواطر التي عرضت اإلنسان في حياته‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫االقتصادية وليس بالضرورة أن يكون علمي ألن هذا الفكر ظهر في الغالب مختلط‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫ومندمج مع أفكار سياسية باعتبار أن املنهج العلمي االقتصادي لم يظهر إال حديث لذلك‬
‫كان تناول املسائل االقتصادية بأسلوب تقديري حيث كان الحكم على املسائل االقتصادية‬
‫( خير أو شر ) يخضع العتبارات دينية وأخالقية وإلى اآلن فإن الفصل بين الدراسة العلمية‬
‫للظواهر االقتصادية واألحكام التقديرية لم يتحقق وذلك لتأثر شخصية الباحث باملوضوع‬
‫الذي يبحث فيه والذي يوجه نتائجه كما يرى حسب اعتقاداته وانتماءاته الدينية‬
‫والسياسية وغيرها‪.‬‬
‫مالحظة (‪ : )1‬اليمكن فصل تاريخ الفكر االقتصادي عن التاريخ االقتصادي واألوضاع‬
‫االقتصادية السائدة فالتاريخ االقتصادي يحدد اإلطار العام للمشاكل االقتصادية املطروحة‬
‫وبالتالي يؤثر في اتجاه الفكر االقتصادي وفهم األفكار االقتصادية اليمكن أن يكون بمعزل‬
‫عن األوضاع االقتصادية‪.‬‬
‫مالحظة (‪ : )2‬استمرار الفكر االقتصادي على نحو معين يؤثر في سلوك اإلغراء وبوجه‬
‫األوضاع االقتصادية إلى اتجاه معين‪.‬‬
‫لدراسة الفكر االقتصادي البد من االستعانة بعلم االقتصاد والنظريات االقتصادية ألن‬
‫دراسة تاريخ الفكر اإلقتصادي هي بطبيعتها انتقائية وال وجود ملجموعة من الوثائق أو اآلثار‬
‫التي تتعلق فقط باملسائل االقتصادية وإنما يتداخل هذا الفكر ضمن أمور أخرى في‬
‫ًا‬
‫السياسة واألخالق ولذلك البد من اختيار ما يمكن اعتباره اقتصادي وفي هذه الحالة فإن‬
‫النظرية االقتصادية تساعد على حسن اختيار األفكار االقتصادية‪.‬‬
‫علم االقتصاد لم ينشأ دفعة واحدة كنتيجة للطبيعة الكاملة بين املراحل االقتصادية‬
‫ًا‬
‫السابقة ولكن النظرية نشأت تدريجي نتيجة محاوالت فكرية متتابعة اختلط فيها التحلل‬
‫االقتصادي مع العديد من األفكار األخرى وبالتالي فإن فهم تاريخ علم االقتصاد اليمكن أن‬
‫يكون بمعزل عن تطور الفكر االقتصادي بصفة عامة ‪ .‬ويمكن اعتبار تاريخ العلم‬
‫االقتصادي هو تاريخ تخلص األفكار االقتصادية من العناصر الغير علمية‪.‬‬
‫أهمية دراسة تاريخ الفكر االقتصادي ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫اإلنسان كائن تاريخي واليمكن أن يفهم تاريخه إال من خالل دراسة تاريخية كما أن مستقبله‬
‫محكوم إلى حد كبير بتراثه التاريخي لذلك تظهر أهمية الدراسات التاريخية لكل فروع‬
‫املعرفة‪.‬‬
‫دراسة تاريخ الفكر االقتصادي تبرز عنصر االستمرار في االفكار االقتصادية وتبين معرفة‬
‫وضع االقتصاد بين العلوم االجتماعية‪.‬‬
‫كما أن الفكر السائد في عصر ما يؤثر على القرارات السياسية بصفة عامة لذلك دراسة‬
‫تاريخ الفكر االقتصادي تساعد على فهم الكثير من التصرفات وما ترتب عنها من أوضاع‬
‫اقتصادية‪ .‬كما أن دراسة التاريخ تساعد على تطوير الحاضر ( نفس األسباب تؤدي إلى نفس‬
‫النتائج ) ‪.‬‬
‫دراسة التطور التاريخي من شأنها أن تساعد على نضوج العقلية العلمية فاالعتقاد في صحة‬
‫بعض النظريات القائمة يؤدي إلى التعصب والجمود وهو ما يتعارض مع الفعلية العلمية‬
‫القائمة على النسبة ونقد ومجاوزة األفكار السابقة وهذا يساعد على القدرة االنتقادية‬
‫للباحث وهي أمور جوهرية للعقل العلمي‪.‬‬

‫الفكر اإلقتصادي في الحضارات القديمة وفي العصور الوسطى‬


‫ًا‬
‫مقدمة ‪ :‬ظل الفكر االقتصادي وحتى بداية العصر الحديث مختلط بالفكر الديني‬
‫ًا‬
‫والفلسفي واألخالقي الن الفكر اإلنساني حول الظواهر االجتماعية كان دائم يتجه نحو‬
‫األفكار الغيبية‪.‬‬

‫الحضارات القديمة ‪:‬‬


‫ًا‬
‫الحضارات الشرقية ‪ :‬عرفت الحضارات القديمة في الشرق ازدهار كبير مما يوحي بوجود‬ ‫‪)1‬‬
‫تنظيم اقتصادي واجتماعي دقيق ‪ .‬وكانت هذه الحضارات ( الحضارة املصرية القديمة ‪،‬‬
‫البابليين ‪ ،‬الحضارة الصينية ) تمتاز باملركزية والزراعة املتقدمة واملنظمة وسيطرة الدولة‬
‫على تنظيم الحياة االقتصادية وخاصة تنظيم الري ( في مصر والعراق ) ولكن التوجد‬
‫وثائق كافية ملعرفة الفكر االقتصادي في هذه الحضارات رغم وجود بعض األفكار عن‬
‫امللكية وتنظيمها في قانون حمورابي لكن هذا يهم فقط الجانب القانوني والديني وليس‬

‫‪3‬‬
‫الجانب االقتصادي وكانت الكتابات القديمة تقتصر على بعض األفكار االقتصادية والدينية‬
‫وتنظيم الحكم‪.‬‬
‫ولقد وردت حسب املؤرخين بعض األفكار االقتصادية لليهود في العهد القديم حيث كان‬
‫ًا‬
‫االقتصاد اليهودي قائم على الحياة القبلية التي تستند إلى السيطرة األبوية وكان النفوذ‬
‫ًا‬
‫الديني والسياسي لليهود كبير وكانت االرض هي املظهر الوحيد للثروة والزراعة هي النشاط‬
‫االقتصادي الرئيسي فقامت امللكية الخاصة لألرض واعترف بحق اإلرث لالبن األكبر‪.‬‬
‫كما أجاز القانون املوسوي اقتضاء فائدة على القروض‪.‬‬
‫ًا‬
‫اليونان ‪ :‬بدأ االقتصاد اإلغريقي عائلي وبالتالي لم تنشأ مشاكل اقتصادية نظرية وعرف‬
‫االقتصاد في هذه املرحلة على أنه علم إدارة املغزل أي سيادة االقتصاد العائلي على‬
‫الحضارة اليونانية ولم تحصل مشاكل إال في وقت متأخر نتيجة الحصول على غنائم‬
‫ًال‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫وازدهار التجارة وبالرغم من ذلك اليوجد بناء فكري اقتصادي متكام رغم اهتمام‬
‫اإلغريق باملسائل الفكرية ويفسر ذلك بأن اإلغريق احتقروا العمل اليدوي وتركوه للرق‬
‫ولم يكن العمل ما عدا الزراعة محل اهتمام املفكرين ولهذا تراجع االهتمام باالنتاج ومن‬
‫األفكار لدى بعض الفالسفة اليونانيين يمكن أن نذكر ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أفالطون ‪ :‬تناول بعض املشاكل االقتصادية في كتاباته الفلسفية خاصة في كتاب "‬
‫الجمهورية " وكتاب " القوانين " ويبرز نشأة الدولة باعتبارات اقتصادية حيث البد من‬
‫ًا‬
‫اجتماع األفراد لتلبية حاجياتهم وجعل للدول حجم إلدارتها إدارة رشيدة وهذا الحجم هو‬
‫‪ 5040‬ودعا إلى مدينة مثالية قائمة على تقسيم العمل واالختصاصات واملزايا بين طبقات‬
‫املجتمع ‪.‬‬
‫بالنسبة ألفالطون فإن الحكومة هو للفالسفة والحكماء والنبالء واملحاربون والبقية تتولى‬
‫العمل في الزراعة والصناعة ‪.‬‬
‫كما على أفالطون إلى إلغاء امللكية الخاصة وامليراث بالنسبة للطبقة الحاكمة لكي تكون لها‬
‫رغبة في الخدمة العامة أما بقية الناس يحق لهم امللكية الفردية لتشجيعهم على اإلنتاج‬
‫والربح ‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬بالنسبة ألفالطون الرق هو عنصر دائم واليمكن االستغناء عنه وأفضل عنه‬
‫وأفضل العبيد عنده هم األجانب املستولي عليهم في الحرب‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬أشهر ما عرف به أفالطون في ميدان الفكر االقتصادي هو تجنيده لفكرة‬
‫الشيوعية بالنسبة لطبقة الحكام في مدينته املثالية ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ب‪ -‬أرسطو ‪ :‬عارض أرسطو فكرة إلغاء امللكية الخاصة ورأى أنه من املمكن التوفيق بين‬
‫ًا‬
‫املصلحة العامة والخاصة وهذه الفكرة تعتبر بذرة لألفكار التي سادت بعد ذلك خصوص‬
‫مع آدم سميث في اليد الخفية‪.‬‬
‫حاول أرسطو تفسير بعض الظواهر االقتصادية مثل الفرق بين قيمة االستعمال وقيمة‬
‫التبادل ‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬نظرية القيمة عند أرسطو كانت نموذجية وأخالقية أكثر منها علمية ألنها‬
‫اقتصرت على فكرة الثمن العادل ولذلك أدان االحتكار وتحدث عن عيوب املقايضة‪.‬‬
‫رغم عدم وجود نظرية واضحة عن التوزيع إال أن أرسطو قدم إشارات في ذلك حيث ذكر‬
‫نظرية االستغالل من خالل التفرقة بين اإلثراء الطبيعي واإلثراء غير الطبيعي واعتبر‬
‫ًا‬
‫التجارة من قبيل اإلثراء غير الطبيعي وعارض سعر الفائدة مبرر ذلك بأن النفوذ غير‬
‫منتجة وفوائدها هي إثراء غير طبيعي وفرق بين األموال التي تهلك باالستعمال واألموال التي‬
‫ال تهلك باالستعمال ‪.‬‬
‫روما ‪ :‬رغم سيطرة روما العسكرية على العالم إال أنها بقيت تابعة لليونان من ناحية الفكر‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫واملعرفة باستثناء بعض األعمال القانونية فال نجد فكر روماني خالص رغم وجود أوضاع‬
‫جديدة مثل دخول االقتصاد العائلي إلى اقتصاد زراعي مغلق ثم إعتقاد استعماري‬
‫أمبراطوري وكذلك ظهر التضخم الشديد في القرن الثالث والخامس بعد امليالد‪ .‬ولكن هذه‬
‫ًال‬
‫املشاكل لم تجد مجا للفكر سوى بعض األفكار عن الفن اإلنتاجي في مجال الزراعة‬
‫ومعارضة صور االستغالل الكبير لألرض وتأثيره على اإلنتاج الغذائي ‪.‬‬
‫كما استنكر رفض سعر الفائدة ‪ .‬لكن رغم كل هذا فال يمكن اإلقرار بوجود نظرية‬
‫اقتصادية عن الرومان لعل املشاكل االقتصادية‪.‬‬
‫الفكر االقتصادي في العصور الوسطى ‪:‬‬
‫العصور الوسطى هي الفترة بين سقوط اإلمبراطورية الرومانية وحتى عصر النهضة‬
‫واإلصالح الديني وسقوط القسطنطينية وتسمى العصور الوسطى ألنها تعتبر حسب‬
‫املؤرخين فترة بين الحضارة القديمة ( روما واليونان القديمة ) والعصر الحديث وتعتبر‬
‫عصر الظالمات والتأخير الحضاري لكن هذا اليصح إال بالنسبة ألوربا الن انهيار أوربا قابلة‬
‫ازدهار الدولة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الفكر االقتصادي في أوروبا في العصور الوسطى ‪:‬‬
‫من القرن الرابع إلى القرن العاشر مرت أوروبا بتدهور اقتصادي وأخالقي وعادت بوادر‬
‫االنتعاش في القرن ‪ 11‬حيث ظهرت بعض املمالك القوية مثل فرنسا وازدهرت بعض‬
‫ًا‬
‫الصناعات الحرفية وبنيت الكنائس في القرن ‪ 13‬لكن البحث العلمي كان متأخر في‬
‫مجموعة وتأثر بتفكير أرسطو وأفالطون‪.‬‬
‫سان توماس األكويني ( ‪. ) 1274 -1226‬‬
‫عادت فكرة العدل التي أشار إليها أرسطو إلى االهتمام وذلك من خالل رجال الكنية ومن‬
‫أهم املفكرين سان توماس األكويني‪.‬‬
‫بالنسبة ألرسطو فرق بين العدل التوزيعي والعدل التعويضي إذ أن العدل التوزيعي يأخذ‬
‫بعين االعتبار االختالفات النسبية لكل فرد حيث توزع املنافع مع مراعاة االختالف في‬
‫الظروف الطبيعية بين األفراد وهذا هو أساس العدل عند ارسطو أما العدل التعويضي أو‬
‫التبادلي هو الذي يضمن استمرار العدل التوزيعي أي إعادة التوزيع عند وجود خلل في‬
‫العدل التوزيعي‪.‬‬
‫أعاد سان توماس فكرة العدل التوزيعي عند أرسطو وحدد املقابل العادل في املعامالت‬
‫( السعر العادل ) ولكن هذا التفكير أخالقي وليس اقتصادي وقد طبق سان توماس فكرة‬
‫املقابل العادل على األجر والربح‪.‬‬
‫‪ -‬مثل أفالطون فإن سان توماس أعطي حجة للملكية العامة باعتبار أن هللا خلق األرض وما‬
‫عليها ولكنه بالرجوع إلى وجهة نظر أرسطو في اهمية امللكية الفردية رأى أنه هناك‬
‫اعتبارات تبيع امللكية الفردية ولكن هذه امللكية ليست مطلقة‪.‬‬
‫‪ -‬رفض سان توماس سعر الفائدة مثل أرسطو وتبنى نفس الحجج إذ يعتبر أن في سعر‬
‫ًال‬
‫الفائدة استغالل للفقراء وبالتالي حرمت الفوائد على رجال الدين أو ثم على جميع‬
‫املسيحيين في القرن ‪. 13‬‬
‫ًا‬
‫خالصة ‪ :‬الطابع العام للفكر االقتصادي األوروبي في العصور الوسطى كان أخالقي‬
‫واهتم بالدرجة األولى بالعدل واألخالق املسيحية وكان سان توماس خير من عبر على هذه‬
‫الفترة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفكر االقتصادي عند املسلمين في العصور الوسطى ‪:‬‬
‫على عكس أوربا ال‪ ،‬العصور الوسطى كانت عصر الحضارة بالنسبة للدولة اإلسالمية‬
‫وازدهار العلوم وتمكين االعتماد على إبن خلدون لدراسة الفكر اإلسالمي عند املسلمين في‬
‫ذلك العصر‪.‬‬
‫ابن خلدون ( ‪ : )1406 -1332‬هو أبوزيد عبدالرحمان ابن خلدون تقلد مناصب السياسة‬
‫والقضاء في تونس واملغرب ومصر من أهم مؤلفاته كتاب " العبر وديوان املبتدأ والخبر "‬
‫ومقدمة هذا الكتاب تعرف بمقدمة ابن خلدون يعتبر من مؤسسي علم االجتماع وأفكاره‬
‫االقتصادية كانت لدراسة املجتمع وتاريخ العرب والبربر ومن أهم هذه األفكار االقتصادية‬
‫يمكن أن نذكر‪:‬‬
‫العمران ‪ :‬املجتمع ظاهرة طبيعية أدى إليها عمران التكافل االجتماعي ويقسم العمل أي أن‬ ‫‪-1‬‬
‫األفراد في حاجة لبعضهم البعض لتحقيق ما حاجاتهم من هنا تظهر أهمية تقسيم العمل‪.‬‬
‫فكرة السوق ‪ :‬يعتبر ابن خلدون أن ثروة البلد ودرجة تقدمه في العمران يحددان نوع‬ ‫‪-2‬‬
‫وثمن ما يطلب من السلع وهذا الطلب يؤثر في الصناعات وتقدمها ‪ .‬حجم السوق عند‬
‫ابن خلدون يعتمد على زيادة عدد السكان ويقسم العمل وهذا يقترب من التفكير الحالي ‪.‬‬
‫الدولة ‪ :‬بالنسبة البن خلدون فإن الدولة لها عمر معين مثل االشخاص وفي الغالب ال‬ ‫‪-3‬‬
‫تتجاوز ثالثة أجيال وهذا يعني أن ابن خلدون وضع نموذج لتطور املجتمع يقوم فيه‬
‫السكان بدور هام إذ أنهم يتزايدون مع زيادة العمران إلى أن تنتهي الدولة واسباب نهاية‬
‫الدولة تعود إلى بعض األشياء االجتماعية التي تفكر الدولة‪.‬‬
‫اإلنتاج ‪ :‬أعطى ابن خلدون أهمية كبرى للعمل الذي هو أساس الكسب ‪ .‬لكن الكسب قد‬ ‫‪-4‬‬
‫يتحقق بدون عمل ( الربع) وقد أشار ابن خلدون إلى هذه الفكرة عندما اعتبر أن بعض‬
‫األموال تزيد قيمتها ألسباب ال ترجع إلى عملها وحائزها وأشار في هذا الجانب إلى ما‬
‫يعتبره معاش غير طبيعي ‪.‬‬

‫تطور هياكل أو األنظمة االقتصادية ‪ :‬ابن خلدون يرتب الشعوب حسب أساليب االنتاج‬ ‫‪-5‬‬
‫فيها ويضع في املقام األول الحياة الحضرية أي الصناعة ثم الفالحة ثم البدو وكما يشير‬
‫إلى عالقة الصناعة بالزراعة وهذه إشارة إلى فكرة النمو االقتصادي وتطور االقتصاديات‬

‫‪7‬‬
‫ًا‬
‫من هيكل اقتصادي إلى آخر وما أشار إليه ابن خلدون اليبعد كثير عما يسمى نظرية‬
‫التنمية والتخلف ‪.‬‬
‫ًا‬
‫الصناعة ‪ :‬أولى ابن خلدون الصناعة دور كبير حيث تناول القضايا العامة للصناعة‬ ‫‪-6‬‬
‫وخصائص بعض الصناعات وأشار إلى تخصص بعض الدول في صناعات معينة في إطار‬
‫تقسم العمل على املستوى الدولي والتخصص وهو ما يناسب نظرية التجارة الدولية أو‬
‫التخصص الدولي ويفسر ذلك باختالف ظروف اإلنتاج من بلد آلخر‪ ،‬والتخصص يؤدي‬
‫إلى املهارات واملزايا النسبية وقد حلل هذا بعد ذلك ريكاردو بأكثر دقة ولكن بذور نظرية‬
‫املزايا النسبة تعود البن خلدون‪.‬‬
‫وفي دراسة للصناعة أشار ابن خلدون إلى العديد من مشاكل األسواق إذ ميز بيع السلع‬
‫الضرورية والسلع الكمالية وحذر من االحتكار وأشار إلى أهمية التدريب والتعليم في‬
‫الصناعة ونشرها ‪.‬‬
‫‪ -‬كما أشار إلى أهمية الطلب ( مثل كاينز ) الزدهار الصناعة‪.‬‬
‫املالية العامة ‪ :‬من أهم أفكار ابن خلدون التي لها صلة باالقتصاد والحديث حيث اهتم‬ ‫‪-7‬‬
‫بالضرائب والنفقات وكان ذلك ضمن نظرته العامة للدولة وتطورها من الشباب‬
‫والحيوية إلى الهرم والكهولة ويرى ابن خلدون أن العمران البشري ال بدله من سياسة‬
‫تنظمه‪.‬‬
‫‪ -‬كما كان يعتقد بأن تخفيض الضرائب يحفز على العمل واإلنتاج وهذا يزيد من وعاء‬
‫الضريبة بالنسبة للدولة‪ .‬وهذه الفكرة تعتبر اآلن من أهم النظريات التي تعرف بنظرية‬
‫العرض املرتبطة بالضرائب ‪ :‬تخفيض الضرائب يؤدي إلى الزيادة في الجباية ومداخيل‬
‫الدولة‪.‬‬
‫العقالنية ‪ :‬توجد مقتطفات في مقدمة ابن خلدون تدل على أساس السلوك االقتصادي مثل‬ ‫‪-8‬‬
‫العقالنية والرشد ومقارنة بين التكلفة والعائد وقد ذكر هذا من خالل تصور من خالل‬
‫رد فعل األفراد إذا أفرطت الدولة الضرائب وقد ذكر ذلك في عبارة " النفع والغرم "‬
‫وهذا ما قدمته بعد ذلك املدرسة التقليدية الحديثة‪.‬‬
‫‪ -‬يفرق إبن خلدون بين آثار الضرائب على االقتصاد القومي وعلى الخزينة العامة ويعتبر‬
‫أن األهم هو تأثير الضرائب على االقتصاد‬
‫( استثمار ‪ ،‬إنتاج ‪ ،‬إلخ ) ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬هناك بذور لفكرة املرونة ملا تحدث عن انخفاض الضرائب التي يسميها األعباء العامة‬
‫واألسعار ما يصاحبه من زيادة في االنتاج واالستثمار‪.‬‬
‫تدخل الدولة في االقتصاد ‪ :‬اعتبر ابن خلدون أن تدخل السلطات في السوق يلحق مضار‬ ‫‪-9‬‬
‫ألن السلطات يستعمل نفوذه لتطويع آلية السوق لصالحه ( الدولة ال تخضع للسوق )‪.‬‬

‫‪ -‬حذر من خلط السلطة بالتجارة وانغماس الدولة في النشاط االقتصادي العادي ويعتبر‬
‫أن تجارة السلطات مضرة بالرعاية ومفسدة للجباية‪.‬‬
‫الدولة تلجأ إلى مزايا السلطة العامة وقهرها وبذلك تفسد السوق والذي الينجح إال‬ ‫‪-‬‬
‫إذا توفرت املساواة واملنافسة الشريفة بين جميع املتعاملين‪.‬‬
‫اعتبر ابن خلدون ان تدخل الدولة في السوق يكون بسبب في غم ونكد بالنسبة‬ ‫‪-‬‬
‫للعامة وكسب غير مبرر للدولة‪.‬‬
‫ًا‬
‫تحدث أيض ابن خلدون على خطورة انعدام الخبرة في القطاع العام وكذلك خطورة‬ ‫‪-‬‬
‫انعدام الثقة وهو ما تالحظه اليوم من فساد إداري ورشوة غيرها‪.‬‬
‫مقريزي ‪ :‬هو تقي الدين أحمد بن علي املقريزي ولد بالقاهرة سنة ‪766‬هـ تولى عدة وظائف‬
‫خاصة في التعليم والقضاء ودرس واألزهر‪ .‬يعتبر من رواد الفكر االقتصادي اإلنساني قبل‬
‫ًا‬
‫وأثناء عصره بالرغم من تأثر املقريزي بأستاذه إبن خلدون إال أنه سلك مسلك آخر في‬
‫تفسير الظواهر االقتصادية حيث أن ابن خلدون اهتم بالقيمة في تفسير الظواهر‬
‫االقتصادية بينما أهم املقريزي بالجانب النقدي وقد أشار في تحليله إلى سوء توزيع الدخل‬
‫القومي بين أفراد املجتمع اإلسالمي وطالب بضرورة إعادة توزيعه لتحقيق العدالة‬
‫االجتماعية والرفاهة االقتصادية ‪.‬‬
‫‪ -‬وزاد اهتمام املقريزي باملشاكل االقتصادية في الفترة من ‪ 1392‬إلى ‪ 1404‬حيث مر العالم‬
‫اإلسالمي بأزمات اقتصادية كبرى خاصة املجاعة في مصر والتي كان تسببها سوء توزيع‬
‫الدخل وضعف االنتاج وارتفاع األسعار وفسر املقريزي هذه املجاعات بفساد سياسة‬
‫الحكم التي كانت تخص نفسها بكمية كبيرة من اإلنتاج الذي كان يتراكم عندها بسبب‬
‫التوزيع الغير عادل والضرائب املرتفعة حتى أنها كانت تعرض املخزون عندها من اإلنتاج‬
‫في األسواق وبأسعار مرتفعة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬وكذلك الحظ املقريزي سوء اإلدارة االقتصادية وزيادة تكلفة عوامل اإلنتاج معا أدى إلى‬
‫زيادة أسعار املنتجات النهائية‪ .‬ويفسر املقريزي هذا التضخم بزيادة كمية النقود‬
‫املتداولة في االقتصاد اإلسالمي وبهذا يكون قد وضع أول نظرية في التاريخ االقتصادي‬
‫والنقدي يتعرض لكمية النقود وأثرها على املتغيرات االقتصادية‪ .‬حيث الحظ أن زيادة‬
‫كمية النقود مع طاقة إنتاجية محددة تؤدي إلى التضخم وهوما يؤثر على التشغيل‬
‫ودرجة اإلشباع وطريقة توزيع الدخل مما يضر بمصلحة الطبقات الفقيرة واملنتجين‬
‫الصغار مما يساعد على ظهور االحتكارات والتكتالت في اإلنتاج والتوزيع وبالتالي يمكن‬
‫اعتبار املقريزي مؤسس النظرية النقدية التي قدمها بعده إيفزبح فيشر والكالسيك إال‬
‫ًا‬
‫أن فكر املقريزي كان أعم وأدق من الكالسيك حيث أنه اكد ضمني بأثر النقود على‬
‫املتغيرات االقتصادية وبالتالي اعترف بعدم حياد النقود على عكس الكالسيك الذين يرون‬
‫أن تغير كمية النقود ويؤثر فقط في األسعار ألنهم يعتقدون ثبات حجم املعامالت وسرعة‬
‫دوران النقود‪.‬‬
‫ًال‬
‫‪ -‬حاول املقريزي أن يجد ح ملشكلة زيادة النقود وطالب بأن تصك النقود من املعادن‬
‫ًا‬
‫النفيسة حتى نتمكن تحديد كميتها ألن عرض هذه محدود وهذا تجد أيض في قدرة‬
‫الدولة على التوسع في اإلصدار النقدي وطالب املقريزي أن تكون العملة من معدن واحد‬
‫فقط ألنه الحظ تداول النحاس والفضة وبالتالي نجد أن الفكر النقدي للمقريزي قد‬
‫وضع أساس لكل من قاعدة الذهب وقانون جريشام‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لقاعدة الذهب فقد ساعد نظام قاعدة الذهب فقد ساعد نظام قاعدة الذهب في‬
‫اوروبا وأمريكا وبعض الدول النامية في إعادة تخصيص املوارد وتوزيعها وتحقيق التوازن‬
‫االقتصادي في ظل املنافسة الكاملة واالقتصاديات الحرة حيث تحقق االستمرار النقدي‬
‫ًا‬
‫وثبات األسعار بقدر محترم جد ‪.‬‬
‫ًا‬
‫كان املقريزي ببسا في االبتعاد عن املعادن الرخيصة كنقود والتي كانت سبب في ارتفاع‬
‫األسعار‪ .‬الن اعتماد الذهب أو املعادن النفيسة كما اقترح املقريزي يحد من ارتفاع األسعار‬
‫ًا‬
‫ألن هذه املعادن نادرة ومكلفة وبالتالي فإن كمية تداولها تحدد تلقائي من خالل السوق‬
‫ًا‬
‫وليس طبق لرغبة الحكام وهذا يؤكد ان املقريزي كان من أنصار الحرية االقتصادية‬
‫والليبرالية النقدية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -‬أما قانون جريشام الذي يقول بأن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من التداول ( فإن‬
‫جذوره توجد عند املقريزي عندما أكد بأن اختفاء العمالت الفضية ( العملة الجيدة )‬
‫ًا‬
‫من التداول تاركة الساحة للعمالت النحاسية ( الرديئة ) كان سبب في ارتفاع األسعار‪.‬‬
‫اإلمام أبو حامد الغزالي ‪ :‬ولد في طوس من عائلة بسيطة وكان أبوه يعمل في الغزل لذلك‬
‫لقب بالغزالي‪ .‬أهم ما ساهم به فكرته عن املجتمع فقد تأثر باإلغريق في نظرتهم إلى املدينة‬
‫الفاضلة وكيف يظل املجتمع متماسك ونظرتهم إلى األرباح ومن أهم أفكار الغزالي‬
‫االقتصادية نجد ‪:‬‬
‫اهتم اإلمام الغزالي أن يعيش املجتمع في وئام والعمل على توفير ضرورات الحياة ويقع ذلك‬
‫في دالة الرفاهية االجتماعية باملفهوم الحديث وقامت فكرته على املصلحة واملفسدة ‪ ،‬لكل‬
‫عمل وبالتالي يجب على املجتمع واألفراد القيام به باألعمال الصالحة وتفادي األعمال‬
‫املفسدة وتعتمد مصلحة املجتمع على الحفاظ على ما يلي ‪ :‬الدين ‪ ،‬النسل ‪ ،‬األسرة ‪،‬‬
‫العقل ‪ ،‬النفس ( الحفاظ على التعليم ) ‪ ،‬املال‪.‬‬
‫أما النواحي االقتصادية لدالة الرفاهية االجتماعية فتتمثل في توفر الضروريات املادة مثل‬
‫املأكل وامللبس واملشرب ‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة أن يكون هناك عدل وامن واستقرار داخلي وخارجي‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة توفر الحاجات هي تشمل جميع األشياء التي تسهل الحياة ‪ ،‬وكذلك التحسينات وهى‬
‫األشياء الترفيهية إذا لم تخالف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬وكما يرى اإلمام الغزالي ان اإلنسان يجب عليه ان يعمل ليحسن من مستواه واليكتفى‬
‫مايسد رمقه ألن التخاذل يجعل األجساد تضعف وإنتاجيه األفراد تضعف أيضا‪.‬‬
‫‪ -‬مقارنة باإلغريق (ارسطو) الذين قاموا بتوفر االحتياجات فإن اإلمام الغزالي أضاف‬
‫املحسنات ‪ ،‬يرى اإلمام ان على الدولة توفير الضروريات وهى حد الكفاية وهو حد‬
‫متغير مع الزمن‪.‬‬
‫‪ -‬الثروة ‪ :‬توصل اإلمام الغزالي إلى تقسيم النشاط اإلنتاجي إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬نشاط أولى ‪ :‬يضم الصناعات مثل الصناعات الغذائية ( ملبس ‪ ،‬تشييد املساكن ‪ :‬يعني‬
‫الصناعات األولية – صناعات تخدم الصناعات األولية مثل صناعة الحديد والتجارة‪.‬‬
‫‪ -‬األنشطة التكميلية مثل صناعة الخبز وطحن الحبوب دور الدولة هو التنسيق بين جميع‬
‫الصناعات‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫وتوصل إلى مبدأ تقسيم العمل من خالل العملية اإلنتاجية وأعطى مثال لإلبرة بأنها تمر بـ‬
‫‪ 25‬مرحلة إنتاجية قبل أن تصل للمستهلك وهو يشبه ماقاله آدم سميث عن الدبوس‬
‫وبالتالي يمكن اعتبار أن سميث طور فكره الغزالي بخصوص تقسيم العمل لكن سميث كان‬
‫أوضح عندما تحدث عن التخصص بشكل واضح‪.‬‬
‫واهتم اإلمام الغزالي بالتعاون في العملية اإلنتاجية واعتبر أن اإلنتاج يتبعه االحتياج لعملية‬
‫املبادلة واعتبر أن النقود تنقسم إلى ذهب وفضة ( مثل ارسطو )‪.‬‬
‫شبه النقود باملرأة له لون وتجلي كل لون‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫عمل السوق‪:‬‬
‫ان الطريقة التي حلل بها اإلمام الغزالي عمل السوق جعلت من املؤرخين يعتبرونه أول من‬
‫أسس الروح الرأسمالية فقد نادى بالحرية الكاملة في عمل األسواق وحرية التسعير وان‬
‫الثمن العادل هو الناتج من التقاء ثمن البائع مع املشترى والذي عرف بسعر التوازن فيما‬
‫بعد‬
‫دعى اإلمام الغزالي إلى ضرورة وجود مراقبة على السوق ملحاربة التخزين والبيع بسعر‬
‫مرتفع محاربة الغش والتدليس‪.‬‬
‫دور الدولة‪:‬‬
‫من واجبات الدولة األساسية عند الغزالي هي املراقبة على األسواق واألنشطة األساسية‬
‫سواء زراعية أو صناعية والنمو االقتصادي يستلزم تدخل الدولة إلقرار العدالة واألمن‬
‫واالستقرار ‪.‬‬
‫املالية العامة‪:‬أهمية إدارة أموال الدولة بكفاءة ‪ ،‬اى البد ان تكون الضرائب عادلة اى‬
‫تصاعدية واإلنفاق يكون على تقديم الخدمات‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الفكر االقتصادي السابق على التقليديين‬
‫املدرسة التجارية ‪:‬‬
‫النظرية االقتصادية لعلم مستقل لم تبدأ بشكل واضح إال مع النظرية التقليدية في نهاية‬
‫القرن ‪ 18‬وبداية القرن ‪ 19‬حيث أن الحضارات القديمة والعصور الوسطى لم تتناول‬
‫الفكر اإلقتصادي إال بشكل عارض ضمن األفكار الدينية أو األخالقية أو القانونية لكن بدأ‬
‫االهتمام بالسياسات االقتصادية مع نشأة الدولة الحديثة في القرن ‪ 16‬ولعل أهم االفكار‬
‫وردت عند التجاريين ثم الطبيعيين بالنسبة للمدرسة التجارية فإنها تشمل املفكرين من‬
‫القرن ‪ 16‬إلى القرن ‪. 18‬‬
‫ًا‬
‫بعد العصور الوسطى وابتداء من القرن ‪ 13‬أصبح البحث يستهدف باعتبارات الساسة‬ ‫‪-‬‬
‫حيث ظهرت الدولة كوحدة سياسية جديدة وكان أول ظهورها في فرنسا وعلى رأسها‬
‫لويس ثم هنري الثامن في انجلترا وشارل كان في إسبانيا ‪.‬‬
‫استخدم آدم سميث مصطلح التجاريين للتعبير عن األفكار السائدة قبله وانتقدها في‬ ‫‪-‬‬
‫كتابه " ثورة األمم " حيث كان تجمع بين السياسات التي تهدف إلى تقوية الدولة ‪.‬‬
‫االهتمام بقوة الدولة في ذلك العصر كان بسبب اكتشاف أمريكا وزيادة الطموح للدول‬ ‫‪-‬‬
‫املستعمرة وكذلك بسبب االهتمام بمشاكل التجارة الخارجية وذلك لبعد املسافة بين‬
‫مصادر املواد األولية واألسواق‪.‬‬
‫كذلك اإلصالح الديني ساعد على إيجاد تيار فلكري جديد يتماشى مع ا التجاهات‬ ‫‪-‬‬
‫الحديثة وإعالء قيمة الربح والتغيير الديني يعود إلى أفكار كلفن الذي بين أهمية العمل‬
‫الفردي حيث اعتبر أن النجاح املالي في الحياة دليل على االختيار اإللهي وبذلك أزيل‬
‫التناقض بين الدنيا واآلخرة وبالتالي اضيفت املشروعية على باعث الربح‪.‬‬
‫تميزت هذه الفترة باحتالل التجارة املكان األ‪,‬ل في التفكير االقتصادي رغم أن االقتصاد‬ ‫‪-‬‬
‫كان يعتمد على الزراعة لكن االهتمام بالتجار ظهر باعتبارها النشاط االقتصادي الذي‬
‫شغل أفكار االقتصاديين واملفكرين ألن التجارة عندهم كانت قادرة على ثراء الدولة‪.‬‬
‫نتيجة ‪ :‬اقتضى نمو التجارة االهتمام بالصناعة فكانت الصناعة تابعة للتجارة وسميت هذه‬
‫الفترة بالبرجوازية التجارية ‪.‬‬
‫ازدهار التجارة أدى إلى ظهور أساليب جديدة مثل استخدام األوراق التجارية وظهور‬ ‫‪-‬‬
‫بعض األشكال الجديدة للشركات التجارية وظهور البرجوازية‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫مالحظة ‪ :‬اختلفت سياسات زيادة قوة الدولة وثروتها النقدية من دولة إلى أخرى حيث‬
‫اهتمت اسبانيا والبرتقال بحماية ما لديها من معدن نفيس باستغالل مناجم الذهب والفضة‬
‫في مستعمراتها في القارة األمريكية ‪ ،‬كذلك وضع قيود على التجارة الخارجية ‪ ،‬منع تصدير‬
‫الذهب للخارج إال في حاالت استثنائية مثل تسديد الديون امللكية وبعثات الحكومة‬
‫للخارج‪. .‬‬
‫أما انجلترا التي ليس لديها مستعمرات فقد سعت إلى تحقيق فائض في امليزان التجاري الذي‬
‫ًا‬
‫يدفع ذهب ‪ ،‬أما فرنسا فقد شجعت الصناعات املحلية للزيادة في الصادرات ألن االعتقاد‬
‫كان بأن الصناعة أقدر على الزيادة والتوسع من الزراعة‪.‬‬
‫ودافع على هذه السياسة الوزير كولبرت ( ‪ ) Colbert‬حيث انشأ الحكومة صناعات ثقيلة ‪.‬‬
‫منعت الدولة ارتفاع أسعار املواد الغذائية واألجر وأباحت توريد املواد الغذائية لتقليل‬
‫نفقات اإلنتاج في الزراعة وتشجيع الصناعة كما وضعت الدولة قيود كبيرة على توريد‬
‫املنتجات الصناعية ومنح إعانات لتصدير هذه املنتجات‪.‬‬
‫تقدير مذهب التجاريين ( تقويم ) ‪:‬‬
‫يمكن اعتبار أن مجموع أفكار التجاريين كان وليد الحجة العلمية املالئمة للظروف في ذلك‬
‫العصر ولم تكن هذه التوصيات نتيجة لتحليل نظري إال في حاالت قليلة‪.‬‬
‫احتكارات الصادرات ‪ :‬موقف التجاريين من احتكار الصادرات لم يستند إلى تقليل نظري‬
‫لحاالت املناقشة واإلحتكار وآثارها االقتصادية وإنما فقط إلى فوائد الدولة‪.‬‬
‫الرقابة على الصرف ‪ :‬أوصى التجاريون بإخضاع التجارة الدولية لرقابة الدولة وهو ما‬
‫يشابه نظام الرقابة على الصرف وذلك لتحقيق مصالح الدولة على حساب مصالح‬
‫الدول األخرى ( إقتصاديات الحرب حيث يوجه كل نشاط اقتصادي حسب مصلحة‬
‫الدولة لتحقق النصر )‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬املحاولة النظرية الوحيدة تعود إلى ماليناس ‪ malynes‬حيث حلل العالقة‬ ‫‪-‬‬
‫بين الصرف والتوازن في العالقات الدولية والحظ أن وجود فائض في الدولة يترتب‬
‫عليه دخول املعدن النفيس مما يؤدي إلى ارتفاع األسعار‪.‬‬
‫فكرة امليزان التجاري ‪ :‬املهم بالنسبة للتجاريين هو تكوين فائض إيجابي للدولة عن‬ ‫‪-‬‬
‫ًا‬
‫طريق زيادة الصادرات وهذا يعتبر تقدم على مستوى التحلل النظري لكن هذه‬
‫الفكرة ليست كاملة ألنها لم تأخذ بعين االعتبار عديد من العناصر التي أدت إلى‬

‫‪14‬‬
‫ًا‬
‫ظهور فكرة ميزان املدفوعات فيما بعد ‪ .‬كما أن الفائض التجاري اليكون دائم‬
‫ًا‬
‫مرتبط باقتصاد منتعش‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬تعرض التجاريون لعديد من الحجج التي تعيد التجارة مثل حماية‬ ‫‪-‬‬
‫الصناعات املحلية الوليدة ‪ ،‬الحجة العسكرية ‪ ،‬تحقيق االكتفاء الذاتي لكن هذه‬
‫الحجج كانت مجرد إشارات عابرة دون دراسة أثرها على االقتصاد القومي ‪.‬‬
‫بوادر النظرية النقدية عند التجاريين ‪:‬‬
‫جان بودان كان أول من الحظ العالقة بين كمية النقود واألسعار وبذلك أعطى صورة‬
‫بدائية للنظرية الكمية للنقود كما أشار بعد ذلك مونكويستيان إلى عالقة النقود باإلنتاج في‬
‫عهد لويس ‪ 13‬حيث أعتبر أن ليس الذهب والفضة هي التي سبب في الثروة ولكن توفر‬
‫السلع من شأنه أن يزيد في كمية الذهب والفضة‪.‬‬
‫املدرسة الطبيعية ( الطبيعيون )‬
‫نشأت في فرنسا مجموعة من األفكار االقتصادية في نهاية حكم لويس ‪ 15‬أصطلح على‬
‫تسميتها بأفكار الطبيعيين وكان ذلك عن طريق فالسفة اقتصاديين قدموا نظرية على‬
‫النشاط االقتصادي وهي نظرية مبنية على دراسة اإلنسان وعالقاته بالعالم الطبيعي وعلى‬
‫رأس هذه املدرسة طبيب فرنسي ( ‪ ) Frengan Yuconey‬ومن أهم مؤلفاته الجدول‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫االقتصادي " وقد انتشرت أفكاره والقت نجاح كبير في األوساط العلمية والسياسية‪.‬‬
‫يتميز أصحاب املدرسة الطبيعية بأمرين وهما أنهم آخر املفكرين الذين تعرضوا ملشكلة‬
‫التفضل بين أنواع النشاط االقتصادي والبحث عن أفضل املهن وكذلك أول املفكرين الذي‬
‫بحثوا بطريقة منظمة عن أفضل النظم االقتصادية التي تحقق الرفاهية وطالبوا باألخذ‬
‫بنظام امللكية الخاصة وضرورة الحرية الفردية ‪.‬‬
‫نظرية الناتج الصافي‬
‫استبعد الطبيعيون في تعريفهم للثروة فكرة املعدن النفيس ويعتبرون النقود ثروة عقيمة‬
‫ويعّر ف ‪ Mercein Dela Leuriec‬الثروة على أساس أنها مجموعة القيم التي يمكن استهالكها‬
‫عند الرغبة دون إفقار مصدرها ‪ .‬لذلك اعتبر الطبيعيون أن الزراعة تمنح لإلنسان أكثر‬
‫مما حصل عليه أي أنها النشاط الوحيد القادر على خلق الناتج الصافي ‪.‬‬
‫السبب في تميز الزراعة هو اعتبارها هبة من الطبيعة ويؤدي تضافر جهد اإلنسان مع‬
‫الطبيعة إلى خلق قيمة جديدة وهي الناتج الصافي ‪ .‬كما يؤجد تسبب اجتماعي لتفضيل‬

‫‪15‬‬
‫الزراعة وهو إيجاد حجج لتبرير دخل املالك العقاريين الذين يحصلون على هذا الدخل دون‬
‫عمل من جانبهم ‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬فشل الطبيعيون في الوصول إلى فكرة املنفعة لذلك عجزوا عن تصور أن‬
‫ًا‬
‫الصناعة والتجارة يمكن أن يكون أيض منتجين حتى لو اقتصر دورهما على تحويل املواد‬
‫فإنهما يضيفان منفعة جديدة لكن عدم األخذ بعين االعتبار فقوة املنفعة جعل من‬
‫الطبيعيين يعتبرون الصناعة والتجارة مهن أو حرف عقيمة‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬عامل الطبيعيون الصناعات االستخراجية معاملة الزراعة حيث ان املتاجم‬
‫تعطي أكثر مما تأخذ ‪.‬‬
‫الجدول االقتصادي ‪ :‬استعمل هذا الجدول لتوزيع الناتج الصافي وكان ذلك عن طريق‬
‫كيناي الطبيب الذي وضع هذا الجدول على نموذج الدورة الدموية ليبين كيفية توزيع الناتج‬
‫الصافي بين طبقات املجتمع وهو ليس بنظرية للتوزيع باملعنى الحديث ولكن يكتفي بعرض‬
‫دوره الناتج الصافي بانتقال الدخول من طبقة إلى أخرى وقسم كيناي املجتمع إلى ثالثة‬
‫طبقات ‪.‬‬
‫الطبقة املنتجة ‪ :‬العمال في الزراعة والذين يقومون بانتاج الناتج الصافي ‪.‬‬
‫طبقة املالك العقاريين ‪ :‬لهم مكانة حتى ولو لم يساهموا في اإلنتاج‪.‬‬
‫الطبقة العقيمة ‪ :‬أصحاب الحرف غير الزراعية‪.‬‬
‫يقوم الجدول االقتصادي ببيان تداول اإلنتاج الصافي بين هذه الطبقات ويكون مغلق مثل‬
‫الدورة الدموية ويعتبر هذا الجدول أول بداية تحليلية لوضع نماذج التوازن الشامل‬
‫لالقتصاد وقد أدى هذا إلى وضع نماذج فالرأس ونماذج املنتج – املستخدم للتوازن‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬أولى الطبيعيون املالك مكانة خاصة رغم عدم انتاجهم وذلك ألهمية هذا الطبقة‬
‫في حفظ النظام االجتماعي ولدورهم الكبير في االستثمار العقاري وحفظ قيمة األرض ‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫النظام الطبيعي ‪ :‬اعتقد الطبيعون في ضرورة وجود نظام ألنه يمثل نظام مثالي يحقق‬
‫التوافق بين املصالح املتعددة في املجتمع ويتكون هذا النظام من جميع األنظمة التي تساعد‬
‫على تحقيق الرخاء ويساعد على ازدهار الزراعة ويستند هذا النظام على فكرة امللكية في‬
‫صورها املتعددة واحترامها وهي جزء من النظام الطبيعي ‪ .‬وهذه امللكية تشمل امللكية‬
‫الشخصية ( حق استغالل اململكات الذهنية مغاير أحد أي الحق في الحرية ) ‪ ،‬امللكية‬
‫املنقولة ( حق الشخص في امللكية عمله ) وامللكية العقارية ( ملكية األراضي الزراعية ) هذا‬

‫‪16‬‬
‫النظام الطبيعي يساعد على زيادة االنتاج الزراعي وينادي بحرية التجارة الداخلية‬
‫والخارجية بدون قيود على عكس املدرسة التجارية‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬حرية التجارة كانت تعني زيادة داخل ألن فرنسا كان قادرة على تصدير املنتوجات‬
‫الزراعية وبالتالي ارتفاع األجور في هذا القطاع وقد نادى الطبيعيون إلى ضرورة زيادة‬
‫األجور لشراء املنتوجات الزراعية‪.‬‬
‫في خصوص الضرائب دعى الطبيعون إلى فرض ضريبة فقط على األرض باعتبارها‬ ‫‪-‬‬
‫املصدر الوحيد للناتج الصافي‪.‬‬
‫أثر املدرسة الطبيعية ‪:‬‬
‫تأثر الفكر االقتصادي بأفكار الطبيعيين فرغم أن فكرة اإلنتاج الصافي ال تهم الزراعة‬
‫وحدها وإنما بقية القطاعات إال أن هذا الفكر الزم بعض املفكرين بصفة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة مثل آدم سميث رغم انتقاده للطبيعيين قد ميز بين األعمال املنتجة واالعمال غير‬
‫املنتجة وهذا من أثر الطبيعيين وهو التميز بين العمل املنتج والعمل الغير منتج ‪ .‬كذلك‬
‫الشأن بالنسبة ملاركس الذي قام بنفس التمييز‪.‬‬
‫كما حظيت املدرسة باحترام وقدر كبير من االقتصاديين املعاصرين مثل شمبيتر الذي اعتبر‬
‫كيناي واحد من أكبر العقول االقتصادية كما أشار ليونتيف إلى كيناي عند إعداده لجدول‬
‫املنتج املستخدم‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬تعرض الطبيعون إلى عدة انتقادات في عصرهم مثل انتقادات فولتير‬
‫ومونتسكيو ‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًال‬
‫مالحظة ‪ :‬ترجو ( ‪ ) Turgot‬هو صديق لكيناي لكنه يمثل استغال فكري عن الطبيعيين‬
‫رفض أفكارهم السياسية ولم يقبل فكرة أن الزراعة هي النشاط الوحيد املنتج ويمكن‬
‫اعتبار ترجو الذي كان وزير املالية فرنسا من أتباع املدرسة الحرة حيث قام بعديد من‬
‫االصالحات لتحرير التجارة كما أشار لقانون تناقص الغلة وفرق بين األثمان الحقيقية‬
‫( نفقة اإلنتاج ) وبين أثمان السوق ( عرض وطلب ) ‪.‬‬
‫في نظرية التوزيع فإن ترجو لم يقتصر فقط على النفقات النقدية بين الطبقات مثل‬
‫الطبيعيين وإنما حلل ذلك مثل شكل نفقات وأثمان وكان هذا منطق النظرية الحديثة‬
‫للقيمة‪.‬‬
‫املدرسة التقليدية‬

‫‪17‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬نشأت املدرسة التقليدية في منتصف القرن ‪ 18‬في انجلترا خاصة حيث عرف االقتصاد عهد‬
‫ًا‬
‫جديد وساعد على ذلك مكانة انجلترا التي كانت على رأس الصناعة وكانت مهد للنظام‬
‫الرأسمالي ‪.‬‬
‫‪ -‬بعض أفكار املدرسة التقليدية وجدت متأثرة عند املفكرين السابقين وقوة هذه املدرسة انها‬
‫ًال‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫أعطت انسجام لهذه األفكار وبناء متكام لنظرية اقتصادية واحدة‪.‬‬
‫‪ -‬هدف التقليديين هو تحليل املبادئ التي تحكم النظام الرأسمالي يعتقد رواد هذه املدرسة‬
‫وجود قوانين تحكم الظاهرة االجتماعية وأن االنحراف على هذه القوانين البد وأن يعيد‬
‫الحالة االجتماعية إلى التوازن‪.‬‬
‫‪ -‬اغلب التشاؤم عند البعض من التقليديين واالنقليز بخصوص مستقبل االقتصاد الرأسمالي‬
‫وهو الوصول إلى الركود ‪ .‬أعطى التقليديون املصلحة الخاصة مكانة هامة ويرونها كفيلة‬
‫بتحقيق املصلحة العامة‪ .‬كما حاول هؤالء تحرير االقتصاد من سلطة األخالق لكي يكون‬
‫ًا‬
‫فرع للمعرفة واهتموا بخلق الثروة بالدرجة األولى ثم توزيعها بالدرجة الثانية‪.‬‬
‫‪ -‬على عكس التجاريين الذين يبحثون على ثراء الدولة على حساب الدول األخرى فإن‬
‫التقليديون يهدفون إلى اإلضافة وخلق الثروة لجميع الدول وبالتالي فإن الثروة لم تعد‬
‫كميات الذهب والفضة وإنما زيادة اإلنتاج من السلع داخل كل دولة وبالتالي فإن التجارة‬
‫لم تعد وسيلة للثراء على حساب الغير وإنما وسيلة لزيادة الثراء لجميع األطراف ونادى‬
‫ًال‬
‫الطبيعيون بإزالة االستعمار ألنه يعتبر استغال ‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬كتاب سميث ظهر في نفس السنة التي استقلت فيها أمريكا عن انجلترا ولقد دافع‬
‫سميث على ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬حذر التقليديون من عديد من األشياء وبالتالي لم يكونوا كما يعتقد البعض محافظون‬
‫ومؤيدون لألوضاع القائمة حيث عارضوا االستعمار والعبودية الذات يمثالن مصالح‬
‫ًا‬
‫الطبقة الحاكمة‪ .‬وحذروا أيض من خطورة االحتكار وسطو الرأسماليين ‪ ،‬كذلك غلبت‬
‫عليهم روح الشك في حكمة رجال السياسة وذلك إلهمالهم املصالح العامة وسوء‬
‫تصرفهم في الضرائب وإهدارها‪ ،‬كما عارض التقليديون أصحاب األراضي واعتبر ريكادرو‬
‫أن ثروتهم بدون مجهود ‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫إذ يمكن أن نقول بأن الفكر التقليدي لم يكن محافظ لألوضاع القائمة وإنما كان متمرد‬
‫عليها وكان تيار للتحرر والتقدم‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫‪ -‬كان التقليديون يؤمنون باقتصاد السوق ولكن ليس إيمان مطلق حيث أقروا بإخالالت‬
‫السوق ( مثل االحتكار ) وبالتالي وهو اليعارضون بشكل مطلق تدخل الدولة في االقتصاد‬
‫وبالتالي يمكن أن تقول بان التوجه العام للتقليدين هو الحرية االقتصادية لكن بدون‬
‫تعصب أو جمود‪.‬‬
‫‪ -‬لم يكن رواد املدرسة التقليدية من الطبقات الحاكمة وإنما من أقليات عرقية ودينية‬
‫فسميث وجون ستوارت ميل من االسكتلنديين الذين يمثلون أقلية في املجتمع االنقليزي‬
‫بينما كان رتيارد من عائلة يهودية وبالتالي لم يكن الفكر التقليدي خدمة للمصالح وإنما‬
‫ًا‬
‫بناء للمستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬تميز رواد هذه املدرسة بأخالق عالية تجاوز املصلحة الذاتية فسميث أرجع مصاريف طلبته‬
‫في الجامعة عندما شعر بأنه لم يدرسهم كما يجب وهاجم رتياردو أصحاب األراضي رغم‬
‫أنه كان يملك أراضي شاسعة في حين دافع مالتس عن أصحاب األراضي رغم أنه اليملك‬
‫ًا‬
‫منها شيئ ‪.‬‬
‫آدم سميث ‪:‬‬
‫إذا كان الخلق باإلنسان بدأ مع سيدنا آدم فإن هناك من يعتقد بأن االقتصاد كفكر واضح‬
‫بدأ مع سميث ألنه أول اقتصادي يكتب في النظرية االقتصادية وساعده على ذلك مدرسيه‬
‫بالجامعة وأشهر مؤلفاته " ثروة األمم " سنة ‪. 1776‬‬
‫ويالحظ في هذا الكتاب أن أفكار سميث لم تكن كلها مبتكرة حيث أنه اعتمد من الناحية‬
‫الفلسفية على أفكار املدرسة الطبيعية التي تعتقد بوجود قانون طبيعي يوفق بين املصلحة‬
‫الخاصة واملصلحة العامة ملا توجد في كتاب سميث بعض اإلشارات لكيناي ‪.‬‬
‫األساس النظري لفلسفة سميث ‪ :‬تجرد كتاب سميث من الفلسفة السياسية التي يؤمن بها‬
‫وتقوم فلسفة سميث على االقتصاد في سالمة وكفاءة النظام الطبيعي وأفضليته على أي‬
‫نظام صناعي آخر ويعتبر سميث في هذا النظام بأن الفرد هو أفضل حكم على تقرير‬
‫ًا‬
‫مصلحته الخاصة ويجب تركه حر في سلوكه‪.‬‬
‫ًا‬
‫حسب سميث فإن هذا النظام الطبيعي يحقق انسجام بين املصلحة الخاصة والعامة وهذه‬
‫هي فكرة "اليد الخفية " التي تعني أن األفراد يحققون املصلحة العامة من خالل سعيهم‬
‫لتحقيق مصالحهم الخاصة بدون أن يشعروا بذلك ‪ .‬إذن فاملصلحة الخاصة هي آلية لتحقيق‬
‫ًال‬
‫املصلحة العامة ولم يكن سميث في هذا الجانب داعية لألنانية أو متجاه للمصلحة العامة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لسميث فإن السوق هو تنظيم اجتماعي لضبط سلوك األفراد وفيه تتكفل املصالح‬
‫الخاصة بتحقيق املصالح العامة ويرى سميث بأن السوق بحاجة إلى الدولة من خالل‬
‫حماية الحقوق واحترام العقود لذلك أولى عناية خاصة بالقانون والقضاء ‪ ،‬واستخلص‬
‫سميث أن تدخل الدولة املفرط والذي يتجاوز وضع اإلطار القانوني واالقتصادي السليم‬
‫يحول دون تحقيق املصلحة العامة والخاصة ‪ :‬الدولة ضرورية ولكن ال تتجاوز الحدود‬
‫ًا‬
‫الطبيعية لكي التصبح خطر على الرفاهية العامة‪ .‬دور الدولة بالنسبة لسميث هو توفير‬
‫االمن في الداخل والخارج وتوفير القضاء العام والقيام باملشروعات التي اليقدر عليها‬
‫األفراد والباقي فإن اليد الخفية كفيلة بأن تحقق املصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬كان سميث إذن من أهم املدافعين عن الحرية االقتصادية وهاجم القيود التي تفرض من‬
‫طرف الدولة وبعض التجار ‪.‬‬
‫ًال ًا‬
‫‪ -‬لم يعد البحث عن الربح عم أناني وإنما مساهم في ذلك العصر في تحقيق املصلحة العامة‬
‫عن طريق اليد الخفية وكان بالتالي رجال الصناعة من أهم املساندين ألفكار سميث ‪.‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬رغم اقتناع سميث بأن امللكية الفردية قد تكون سبب في القهر والتفاوت االجتماعي إال أنه‬
‫ًا‬
‫لم يعتبرها متعارضة مع النظام الطبيعي وانما متفقة معه تمام ‪.‬‬

‫تقسيم العمل ‪:‬‬


‫بالنسبة لسميث فإن تقسيم العمل يؤدي إلى زيادة االنتاجية ويعود بالفائدة على املجتمع‬
‫لهذا البد االخذ بالحرية االقتصادية وحذف القيود أمام التجارة الخارجية وأمام املنافسة‬
‫الحرة في الداخل‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر سميث العمل املصدر النهائي للثروة ويتوقف ذلك على حجم العمل وقوة العمل وأكد‬
‫سميث على أن تقسيم العمل يزيد في االنتاجية ويساعد على التبادل والتكافل والتكامل‬
‫االجتماعي في الداخل والخارج ‪ ،‬كما يرى سميث أن حجم السوق يرتفع كلما زاد تقسيم‬
‫العمل‪.‬‬
‫نظرية القيمة عند سميث ‪:‬‬
‫فرق سميث بين قيمة االستعمال وقيمة التبادل األولي شخصية وذاتية والثانية موضوعية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫كان الفكر السابق لسميث يعتبر أن البحث عن املصالح الشخصية واملنافع املادية تعبير عن‬
‫الجانب الحيواني لإلنسان ( أنانية ) لكن سميث يرى ذلك أساس التقدم كما يرى أن ظهور‬
‫املجتمعات التجارية الحرة هو مظهر لتقدم اإلنسانية ‪.‬‬
‫لم ينجح سميث في إيجاد نظرية واحدة واضحة للقيمة التبادلية ويرى بعض االقتصاديين‬
‫أن سميث عرض على األقل ثالثة نظريات للقيمة‪ :‬نظرية العمل بعض عناصر الطلب ‪،‬‬
‫بعض عناصر العرض حيث اعتبر أن عناصر االنتاج تأخذ بعين االعتبار في النفقة على‬
‫اإلنتاج‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ّل‬
‫خ ط سميث بين مقياس القيمة وأساس تحديد القيمة حيث استعمل العمل أحيان على أنه‬
‫ًا‬
‫مقياس القيمة وأحيان أخرى على أنه اساس لتحديد القيمة‪.‬‬
‫استعمال العمل لتحديد القيمة غير كافي واليصلح إال للمجتمعات القديمة والبدائية التي‬
‫تستعمل العمل فقط وبعد تراكم رأس املال فقد اختلف الوضع وأدخل سميث الربح في‬
‫مكونات القيمة وأنتهى به األمر إلى نظرية " نفقة اإلنتاج" لتحديد القيمة ( أجر ‪ ،‬ربح ‪،‬‬
‫ريع ) ‪.‬‬
‫وأشار إلى أن هذه القيمة قد تختلف عن ثمن السوق الذي يحدده العرض والطلب لكن‬
‫ًا‬
‫هناك اتجاه لثمن السوق إلى املساواة مع الثمن الطبيعي الذي يتحدد باملعدل الطبيعي لكل‬
‫ًال‬
‫من األجر والربح والريع فمث املعدل الطبيعي لالجر عن سميث هو القدر الالزم لحفظ‬
‫حياة العامل واليوجد تفسير عند سميث للمعدل الطبيعي للربح ولكنه أشار لوجود عالقة‬
‫عكسية بين الربح واألجر ‪ ،‬أما الريع فإنه اليدخل في تحديد الثمن أو القيمة وإنما هو نتيجة‬
‫ًا‬
‫له وأشار إلى أن الريع يكون مرتفع في املشروعات األكثر كفاءة‪.‬‬
‫نظرية رأس املال فرق سميث بين العمل املنتج والعمل الغير منتج واعتبر أن العمل املنتج‬
‫هو الذي يساهم في زيادة رأس املال وكان يعتبر أن ثروة األمم تعتمد على تراكم رأس املال ‪.‬‬
‫العمل املنتج عند سميث هو الذي يخلق القيمة والقادر على توفير فائض ‪.‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬فرق سميث ايض بين راس املال الثابت ورأس املال املتداول ‪.‬‬

‫شروط ونتائج التقدم عند سميث ‪:‬‬


‫ارتبط التقدم عند سميث بتراكم رأس املال ‪ ،‬كما بين أن التجارة الدولية تقوم على أساس‬
‫املزايا املطلقة ويمكن ان يتسبب في مكاسب للدول على عكس التجاريين الذين يعتقدون أن‬

‫‪21‬‬
‫ما تربحه دولة تخسره دولة أخرى‪ .‬كما أكد على أن زيادة الذهب والفضة ال تؤدي إلى زيادة‬
‫الثروة ولكنها تؤدي إلى ارتفاع األسعار وبالتالي انخفاض الصادرات وضعف الواردات‬
‫وبالتالي خروج الذهب والعودة إلى التوازن ‪ .‬كما عارض سميث الضرائب الجمركية‬
‫واعتبرها تؤدي إلى سوء توجيه راس املال كما اعتبر أن اإلدخار يمثل تضحية بالنسبة للفرد‬
‫ولكنه يساعد على بناء راس املال ‪ .‬كما دعى سميث إلى توفير الشروط املناسبة للنشاط‬
‫االقتصادي لتحقيق التقدم مع وجود الضوابط االجتماعية لكي تعمل السوق في إطار من‬
‫القانون ‪.‬‬
‫ريكاردو ‪ :‬من أهم مؤلفاته مبادئ االقتصاد السياسي والضرائب سنة ‪1817‬م واستخدم في‬
‫أفكاره طريقة االستنباط املنطقي واعتمد على عدة فروض مثل العقالنية حيث أن الفرد‬
‫يسعى إلى تحقيق أكثر ما يمكن من اإلشباع‪.‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬مع ريتارد ولم تعد اليد الخفية التي توفق بين املصلحة العامة والخاصة تعبير عن العناية‬
‫اإللهية والتنظيم الطبيعي وإنما أصبحت نتيجة للتنظيم االجتماعي وخاصة املنافسة بين‬
‫األفراد ‪.‬‬
‫‪ -‬اعتنى ريكاردو باملشاكل العلمية التي واجهت عصره وفي مقدمتها مشكلة الضرائب على‬
‫الحبوب وساهم في تطوير النظرية االقتصادية وبالخصوص نظرية القيمة وتعتبر‬
‫إضافات ريكاردو في التجارة الخارجية وفي فكرة الريع أساس الفكر املعاصر جعل من‬
‫نظرية التوزيع هدف الدراسة االقتصادية بينما الهدف بالنسبة لسميث هو خلق الثروة‪.‬‬

‫نظرية القيمة والتوزيع عند ريكاردو ‪:‬‬


‫بالنسبة لسميث فإن نظرية القيمة تأخذ بنفقة اإلنتاج وقد اقتصر في قيمة العمل على‬
‫املجتمع البدائي لكن مع تراكم رأس املال فقيمة السلعة البد أن تكون أكبر من العمل‬
‫املبذول فيها ولذلك ظهر الربح إلى جانب العمل واألجر وانتهى سميث إلى األخذ بعين‬
‫االعتبار بكل من الربع واألجر واعتبر ماركس بعد ذلك مظهر من مظاهر استغالل العامل‬
‫بالنسبة لريكاردو فإنه لم يقتنع بقصر نظرية العمل على املجتمع البدائي فقط وإنما جعل‬
‫منها نظرية عامة‪.‬‬
‫فرق ريكاردو بين قيمة االستعمال وقيمة املبادلة وبين أن الغرض من نظرية القيمة هو‬
‫البحث في محددات قيمة املبادلة ورأي أنه حتى يكون للسلعة قيمة مبادلة فالبد أن يكون‬

‫‪22‬‬
‫ًال‬
‫لها أو قيمة استعمال لكن قيمة االستعمال أو املنفعة التصلح كمعيار لقيمة املبادلة التي‬
‫تحدد حسب الندرة والعمل املبذول في السلعة‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًال‬
‫‪ -‬رأس املال بالنسبة لريكاردو هو عم مختزن بشكل غير مباشر وبالتالي تحديد قيمة السلعة‬
‫يتطلب تحديد العمل املبذول فيها بشكل مباشر أو بشكل عمل مختزن رأي رأس املال )‬
‫وبهذا الشكل تكون نظرية العمل صالحة في املجتمعات البدائية وفي املجتمعات الرأسمالية ‪.‬‬
‫‪ -‬فرق ريكاردو بين الثمن والقيمة ‪ .‬فالثمن قد يختلف عن القيمة وهو وليد أو نتيجة العرض‬
‫والطلب في السوق وهو يتجه إلى القيمة الحقيقية‪.‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬طبق ريكاردو نظرية القيمة على العمل الذي يعتبر ايض سلعة وتتحدد قيمته بساعات‬
‫العمل الالزمة النتاجه أي الحد األدنى ملستوى املعيشة الذي يضمن استمرار عدد العمال (‬
‫مستوى الكفاف ) ولذلك فإن األجور تحدد بالحد األدنى ملستوى املعيشة ( األجر‬
‫الطبيعي )‪.‬‬
‫‪ -‬لم يقبل ريكاردو فكرة االستغالل من طرف رأس املال التي أشار إليها ماركس بعده ورفض‬
‫فكر سميث بأن رأس املال عنصر انتاج مستقل عن العمل لكنه قبل فكرة سميث‬
‫بخصوص نفقة االنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬اعتقد ريكاردو أنه يمكن فصل نظرية التوزيع عن نظرية القيمة لكنه لم يعطي تفسير‬
‫لألرباح واكتفى فقط بتفسير األجر الذي يساوي قيمة العمل لكن فسر الريع واستبعد من‬
‫ًا‬
‫عناصر القيمة فالريع هو نتيجة للثمن وليس سبب له ‪.‬‬
‫‪ -‬الريع بالنسبة لريكاردو يعود إلى اختالف خصوبة األرض وضرورة تغطية اإلنتاج في‬
‫األراضي األقل خصوبة ( الحدية ) وبالتالي تحصل األراضي األكثر خصوبة على دخل الذي‬
‫يمثل الريع ويعادل الفرق بين خصوبة األرض واألرض األقل خصوبة وبذلك فإن الريع‬
‫اليدخل في تحديد القيمة التي تتحدد بقيمة العمل املبذول في أقل األراضي خصوبة ( وهذا‬
‫هو األساس في قانون تناقص الغلة ) وكان هذا التحليل منطلق للدراسات الحدية‪.‬‬

‫النفقات النسبية ونظرية التجارة الخارجية عند ريكاردو ‪:‬‬


‫نعتبر كتابات ريكاردو في مجال التجارة الخارجية من أهم ما كتب بالنسبة لسميث اليوجد‬
‫فرق بين أسباب قيام التجارة الداخلية وأسباب قيام التجارة الخارجية باعتبار أن التجارة‬
‫تقوم على أساس امليزة املطلقة ويكون التخصص كذلك على نفس هذا األساس‪ .‬وكان‬
‫‪23‬‬
‫سميث من املنادين بحرية التجارة ألنها تساعد على اتساع األسواق وتساهم في تقسيم‬
‫العمل وزيادة االنتاجية‪.‬‬
‫بالنسبة لريكاردو فإن أسباب قيام التجارة الداخلية تختلف عن أسباب قيام التجارة‬ ‫‪-‬‬
‫الخارجية واعتبر أن التجارة تقوم على أساس املزايا النسبية أو النفقات النسبية وليس‬
‫املطلقة ومن أهم فروض ريكاردو في هذا املجال هو عدم تنقل عناصر اإلنتاج بين الدول‪.‬‬
‫بالنسبة لريكاردو فإنه من مصلحة كل دولة أن تتخصص في إنتاج السلعة التي لها فيها ميزة‬ ‫‪-‬‬
‫نسبية وإلى حد اآلن فإن نظرية امليزة النسبية تستعمل في التجارة بين الدول ‪.‬‬

‫نظرية التطور عند ريكاردو ‪:‬‬


‫طبق ريكاردو أفكاره في القيمة والتوزيع على تحليل تطور االقتصاد الرأسمالي ‪.‬‬
‫بالنسبة لسميث فإن التطور يمتاز في املدة الطويلة بانخفاض في الربح مع التقدم‬
‫االقتصادي وذلك بسبب زيادة رأس املال واملنافسة ‪ .‬ريكاردو لم يقبل هذا التفسير بصفة‬
‫مطلقة ولكن بين شروط وأسباب انخفاض معدل الربح في املدة الطويلة ‪ :‬بالنسبة‬
‫ًا‬
‫للمنتوجات الزراعية فإن قيمة السلعة تتحدد وفق لظروف اإلنتاج في األرض األقل‬
‫ًا‬
‫خصوبة أما بالنسبة للمنتوجات الصناعية تتحدد قيمة السلع وفق لكمية العمل وتكون‬
‫األرباح منخفضة أو مرتفعة حسب قيمة األجور التي تتحدد عند مستوى الكفاف وبالتالي‬
‫فإن معدل األجور يتوقف على أسعار املواد الغذائية وخاصة الحبوب التي ترتفع أسعارها‬
‫مع زيادة التوسع وعدد السكان مما يؤدي إلى ارتفاع األجور لصفات مستوى الكفاف‬
‫وبالتالي تنخفض األرباح‪ .‬إذن معدل الربح ينخفض بسبب ارتفاع أسعار املواد الغذائية‬
‫كنتيجة الستغالل األرض األقل خصوبة‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬تظهر من خالل هذا التحليل بذور النظرة التشاؤمية في االقتصاد ألن انخفاض‬
‫معدل األرباح في األجل الطويل يؤدي إلى انخفاض تراكم رأس املال وبالتالي الركود‬
‫االقتصادي ‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬فكرة اليد الخفية التي نادى بها آدم سميث قد توارت ولم يعد االنسجام بين‬
‫املصالح هو األساس باعتبار وجود تعارض بين املصلحة العامة ومصالح أصحاب األراضي‬
‫الذين يحرصون على زيادة الربح مما يؤدي إلى انخفاض األرباح واالتجاه نحو الركود وهذه‬
‫النتائج تعتمد على قانون تناقص الغلة‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫مالحظة (‪ : )3‬هذا التحليل يعتبر أساس التوجه االشتراكي الذي يحارب امللكية الفردية‬
‫والربح وامللكية العقارية ‪.‬‬
‫‪ -‬ال توجد عند ريكاردو إشارات خاصة لألزمات االقتصادية وهو ما كان موضوع جدل مع‬
‫مالتيس ‪.‬‬
‫بالنسبة لريكاردو فإن النظام الرأسمالي قادر على إيجاد توازنه من جديد وهذا ما أكده بعد‬
‫ذلك االقتصادي الفرنسي جون باتست ساي من خالل قانون العرض يخلق الطلب املقابل‬
‫له عن طريق توزيع دخول معادلة لحجم االنتاج ‪.‬‬
‫مالحظة (‪ : )4‬بالنسبة للتقليديين فإن التوازن العام بين العرض الكلي والطلب الكلي‬
‫والطلب الكلي اليمنع من ظهور إخالالت جزئية في بعض األسواق ولكنها تتعادل فيما بينها‬
‫ويكون بالتالي التوازن الشامل‪.‬‬
‫مالتيس ‪:‬‬
‫يعتبر من أول من وجهوا النقد للفكر التقليدي وترجع شهرته في نظرية السكان ‪.‬‬
‫نظرية السكان عند مالتيس ‪:‬‬
‫يعتبر أن تزايد السكان واملواد الغذائية يختلفان في الزمن أي ليس بنفس املعدل ويؤدي هذا‬
‫إلى ظهور املظالم االجتماعية ‪ .‬فاألفراد يتزايدون بمعدل أكبر في حين أن اإلنتاج الغذائي‬
‫زيادته تخضع لقيود طبيعية وبالتالي تكون أقل بكثير من الزيادة في السكان ‪ .‬وإلبراز فكرته‬
‫فقد شبه مالتيس زيادة السكان بمتوالية هندسية في حين شبه زيادة اإلنتاج بمتوالية‬
‫عددية وأشار إلى أن السكان قادرون على مضاعفة عددهم كل ‪ 25‬سنة واإلنتاج اليستطيع‬
‫مواكبة هذه الزيادة ‪ .‬ويؤدي هذا الخلل إلى تدخل عوامل خارجية إلعادة التوازن وهذه‬
‫العوامل تتمثل فيما سماه مالتيس باملوانع اإليجابية مثل الحروب واملجاعات واألمراض‬
‫واألوبئة وبالتالي فإنه حسب مالتيس اليمكن أن ندين الحروب واملجاعات وهذا ما جعل‬
‫بعض املفكرين يتهمونه بالرجعي ألنه يبرر املظالم االجتماعية واألوضاع الفاسدة‪.‬‬
‫كيف أضاف مالتيس في الطبعة الثانية من كتابه " محاولة في مبادئ السكان " ما سماه‬
‫باملوانع األخالقية مثل الزواج املتأخر مع العفة ولم يود إطالق وسائل تحديد النسل أو‬
‫ًا‬
‫الوقائية نظر الرتباطه بالكنيسة وبالتالي فإن التوازن اليمكن أن يتحقق بين اإلنتاج وعدد‬
‫السكان إال باملوانع اإليجابية واملوانع األخالقية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫أراد مالتيس لم ترتبط بدراسة تطبيقية أو إحصائية وإنما بنيت على املالحظة البسيطة‬
‫وهذا ما يضعف من أراء مالتيس حيث تبين عدد كبير من السكان مع تحسين ظروف‬
‫معيشتهم ولقد كانت تجربة اإلنتاج في أمريكا أكبر دليل على ذلك وعلى عدم صدق أراء‬
‫مالتيس بصفة مطلقة ويفسر ذلك بأن مالتيس لم يأخذ بعين االعتبار التقدم الفني املمكن‬
‫في اإلنتاج الزراعي خاصة في أمريكا وأوربا‪.‬‬
‫ًا‬
‫لكن بالرغم من ذلك فنالحظ أن دول العالم الثالث تواجه نوع من املشاكل التي تعرض لها‬
‫مالتيس حيث يزيد السكان بنسبة كبيرة في حين أن اإلنتاج اليزيد بالقدر الكافي ‪.‬‬
‫نظرية الطلب الفعلي عند مالتيس ‪ :‬املدرسة التقليدية بصفة عامة أخذت بقانون جون‬
‫باتست ساي ( قانون املنافذ ) وبالتالي اليمكن أن يوجد خلل متواصل في السوق وإن وجد‬
‫اليطول وبالتالي يمكن أن نفه نظرية ريكاردو التي تعتبر بأن االقتصاد السياسي البد أن‬
‫يعتني بمسألة التوزيع فقط أما حجم اإلنتاج فإنه ال يثير أي مشكل ذلك أن اإلنتاج يستقر‬
‫ًا‬
‫دائم عند مستوى التشغيل الكامل ألنه من غير املتصور بأن يزيد العرض اإلجمالي على‬
‫الطلب اإلجمالي ‪.‬‬
‫ًا‬
‫لكن قانون جون باتست ساي إهتز تمام مع أفكار كينز حيث نازع مالتيس قبل كينز هذه‬
‫ًا‬
‫الفكرة وكان أول من أعطى سند نظري لألزمات االقتصادية فقد الحظ أنه ليس من‬
‫الضروري بان يكون الطلب اإلجمالي مساوي للعرض اإلجمالي إذا كان هناك نقص في‬
‫االستهالك وزيادة في اإلدخار لم يعوضها طلب على السلع االستثمار في هذه الحالة فإن‬
‫العرض يكون أكبر من الطلب ‪ .‬وقد دافع مالتيس بهذا التحليل على مالك األراضي وتحقيقها‬
‫ألرباح مرتفعة النه يعتبر هؤالء املالك يمثلون طبقة مستهلكة وبالتالي تساعد على زيادة‬
‫الطلب الفعلي ودخول دون نقص الطلب الفعلي وبالتالي تفادي األزمات والركود‪ .‬لذلك فإن‬
‫ًا‬
‫وجه مالتيس لبقاء املالك لألراضي هي بقاء النشاط االقتصادي مرتفع ولهذا السبب فقد‬
‫ًا‬
‫هاجم ماركس واتباعه مالتيس ألنه يدافع على الطبقة املالكة واعتبروه رجعي ‪.‬‬
‫رغم هذا فإن نظرية الطلب الفعلي ومعارضة قانون ساي على املستوى العلمي تعود لكينز‪.‬‬
‫املدرسة االشتركية‬
‫أدى النظام الرأسمالي إلى ظهور طبقة العمال من ناحية وتعدد األزمات االقتصادية لذلك تم‬
‫انتقاد النظام الرأسمالي برفض فكرة االنسجام التلقائي بين املصالح الخاصة واملصلحة‬
‫العامة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫معارضة النظام الرأسمالي قبل املاركسية ‪:‬‬
‫لقد تم انتقاد املدرسة التقليدية من قبل عديد من االقتصاديين والفالسفة قبل ماركس‬
‫ومن أهم هؤالء نجد ‪:‬‬
‫سيسموندي ‪ :‬ينتقد املنهج الذي يتبعه التقليديون في دراسة اإلقتصاد حيث يعتبر أن‬
‫أسلوب الدراسة املجرد واملنهج املنطقي اليالءم االقتصاد الذي هو علم أخالقي كما يعتق أن‬
‫موضوع الدراسة هو اإلنسان وليس الثروة كما أثار الشك حول فكرة االنسجام بين‬
‫املصالح الخاصة واملصلحة العامة وكان من أنصار تدخل الدولة ‪.‬‬
‫ًا‬
‫سان سيمون وأتباعه ( السانسيمونين ) ‪ :‬يعتبر أن دور الدولة مهم جد في زيادة الرفاهية‬
‫على عكس التقليديين الذين كانوا من أنصار الحرية االقتصادية ولكنه لم يدعو إلى إلغاء‬
‫امللكية الخاصة لكن اتباع سان سيمون انتقدوا امللكية الخاصة وخاصة التي تدر دخل ال‬
‫مبرر له ( دخل دون عمل ) كما هاجموا مبدأ اإلرث ألنه الوجود لضمان بأن يكون الوارث‬
‫أكفأ من غيره في استخدام األموال املوروثة لذلك دعوا بأن تكون الدولة الوارث الوحيد‬
‫وهذا اتجاه الراديكاليين في فرنسا ‪.‬‬
‫التعاونيون ‪ :‬يعتقدون أن التعاون واملشاركة الحرة بين األفراد كفيالن بإعطاء الحلول‬
‫السليمة للمشكالت االجتماعية واليرون ضرورة االشتراكية التامة ملعالجة مشاكل النظام‬
‫الرأسمالي الذي يؤدي حسب رأيهم إلى القضاء على الفردية وطمسها باستثناء املحظوظين‬
‫كما يرون أن مجتمع النظام الرأسمالي هو مجتمع غير طبيعي مفتعل ولهذا يدعون لخلق‬
‫مجتمع طبيعي وهنا يظهرون من بقايا املدرسة الطبيعية‪ .‬يهاجم التعاونيون فكرة املنافسة‬
‫والربح الذي يرتبط بها والذي يؤدي إلى مشاكل اجتماعية‪ .‬من أهم رواد هذه املدرسة نجد‬
‫روبرت أوين وشارل فورييه ‪.‬‬
‫روبرت أوين ‪ :‬يعتبر أحد دعاة االشتراكية وأبو الحركة التعاونية حيث قام بدعوة إلصالح‬
‫أحوال العمال وأول من استعمل شعار االشتراكية حيث حفظ في ساعات العمل من ‪ 17‬إلى‬
‫‪ 15‬في مصنعه باسكوتلندا وامتنع عن تشغيل األطفال دون ‪ 10‬سنوات وأنشأ مدارس‬
‫لتعليم أبناء العمال لديه وألغى نظام الغرامات التي تقطع من األجور مما زاد في اإلنتاجية‬
‫وجعل مصنعه من أكبر املصانع ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ًا‬
‫شارك أيض في الحركات النقابية ويمكن تلخيص أفكاره كما يلي ‪ :‬دعى إلى خلق بيئة جديدة‬
‫مالئمة لنمو عالقات جديدة ويعتبر أن اإلنسان هو نتيجة للبيئة التي يعيش فيها من ظروف‬
‫عمل وغيرها‪.‬‬
‫كما دعى إلى إلغاء الربح الذي يعتبره أساس البالء وعدم العدالة ومسؤول عن األزمات‬
‫االقتصادية ويرى أن إلغاء الربح يتم عبر استبعاد النقود من التعامل ‪.‬‬
‫شارل فورييه ‪ :‬دعى إلى االشتراك املعيشة االجتماعية التي تؤدي إلى انخفاض النفقات من‬
‫خالل املثال الذي ضربه على مدينته الفاضلة والتي سماها الفالنستير وهي عبارة عن فندق‬
‫ًا‬
‫ضخم يتسع لـ ‪ 1500‬شخص ويعتبر أن الحياة املشتركة ستكون سبب في خلق بيئة جديدة‬
‫غير فاسدة كما دعى إلى التعاون الكامل بين األفراد والفالنستير يمكن اعتباره كجمعية‬
‫تعاونية لإلنتاج واالستهالك‪ .‬بالنسبة لشارل فورييه فإن الفالنستير هو ‪ 400‬هكتار ال تكون‬
‫موضوع ملكية فردية وإنما موزعة على العدل ورأس املال واملواهب‪.‬‬
‫‪ -‬يدعو إلى العودة إلى األرض وينصح بتوزيع السكان على عدد كبير من الفالنستير وذلك‬
‫لتفادي التكدس في املدن الكبرى والعودة إلى األرض تعني البعد عن الصناعة‪.‬‬
‫كما يعتبر أن العمل في األرض عمل مشرف أي أنه عمل مرغوب فيه وليس بحكم الضرورة‬
‫‪.‬‬
‫كما دعى إلى ضرورة توفير ضروريات الحياة لكل فرد حتى ال يلتجأ للعمل إال إذا ما كان‬
‫يرغب فيه ‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬نقد فورييه للنظام الرأسمالي لم يكن لعيوب الرأسمالية كما هو األمر بالنسبة‬
‫ألوين وإنما لخصائص املجتمع الصناعي‪.‬‬
‫املاركسية ‪:‬‬
‫يعتبر املذهب املاركسي من أهم املذاهب تأثير في الحياة العملية ‪.‬‬
‫كارل ماركس ( ‪) 1883 – 1818‬‬
‫يرى ماركس من خالل الحادية التاريخية أن التاريخ ليس مجرد حكايات وقصص متناثرة‬
‫وإنما يخضع التطور التاريخي لقوانين عامة ومهمة الباحث هي اكتشاف هذه القوانين‪.‬‬
‫يميز ماركس بين قوى اإلنتاج وعالقات اإلنتاج والتي تعتبر الهيكل أو البنيان األساسي‬
‫لالقتصاد وبين مجموعة األفكار والعالقات السياسية والقانونية والتي تمثل الهيكل العلوي ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫بالنسبة ملاركس يضع األفراد التاريخ عند قيامهم باإلنتاج الذي يعتبر أهم حدث تاريخي‬
‫وهذا اإلنتاج يؤدي إلى قيام عالقات بين األفراد لذلك البد من التمييز بين قوى اإلنتاج‬
‫وعالقات اإلنتاج أي بين أدوات ووسائل اإلنتاج والروابط بين األفراد ببعضهم البعض وبين‬
‫األفراد وعالقات اإلنتاج ( ملكية وغيرها ) ‪.‬‬
‫تطور قوي اإلنتاج يؤدي إلى تطور عالقات اإلنتاج لكن ال يعني هذا أن هناك تناسق بين‬
‫قوى اإلنتاج وعالقات اإلنتاج وفي غياب هذا التناسق ووجود تناقض فالبد من تغيير من‬
‫خالل ثورة اجتماعية تؤدي إلى إزالة التعارض‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر ماركس أن عالقات اإلنتاج تحكم جميع مظاهر الحياة االجتماعية ( هيكل علوي )‬
‫لكن تطور املجتمع يبقى رهين تطور قوي اإلنتاج وهذا هو املقصود باملادية التاريخية أو‬
‫التفسير املادي للتاريخ أو التفسير االقتصادي للتاريخ‪.‬‬
‫‪ -‬من خالل املادية التاريخية فإن اإلنسانية مرت بعديد من األنظمة االجتماعية ولكل نظام‬
‫عالقات إنتاج وقوى إنتاج ‪.‬‬
‫‪ -‬يرى ماركس أن تطور وسائل اإلنتاج لن يقف عند النظام الرأسمالي إذ أ تطور أدوات‬
‫اإلنتاج سيجعل العالقات اإلنتاجية الرأسمالية عقبة في سبيل التطور ‪ .‬فالتطور املعني‬
‫يؤدي إلى مزيد من تقسيم العمل والتخصص وبالتالي يؤدي هذا التطور إلى جماعية وهو ما‬
‫يؤدي إلى إضفاء الصفة االجتماعية على أساليب اإلنتاج وهذا اليستقيم مع العالقات‬
‫الرأسمالية القائمة على امللكية الفردية لذلك يرى ماركس من ضرورة تغيير هذه العالقات‬
‫وقيام نوم جديد من امللكية الجماعية تتناسب مع تطور أساليب اإلنتاج فأمام جماعية‬
‫اإلنتاج البد من جماعية ملكية عناصر اإلنتاج أي االشتراك في عناصر اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬يرى ماركس بأن هذا التطور للنظام الرأسمالي هو حتمي نتيجة الناقض األساسي في املجتمع‬
‫وانقسامه إلى طبقة البروليتاريا وطبقة البرجوازية‪.‬‬

‫االقتصاد املاركسي ‪:‬‬


‫املسائل االقتصادية التي تناولها ماركس خضع فيها لنظريته الفلسفية وأهم شيء قام به‬
‫ماركس هو نقده للنظام الرأسمالي واعتقاده بإنهيار هذا النظام وسقوطه وذلك للتناقضات‬
‫التي توجد فيه ولكنه لم يبين كيفية عمل عمل النظام االشتراكي ولعل أهم املواضيع‬

‫‪29‬‬
‫االقتصادية التي تناولها ماركس هي ‪ :‬نظرية القيمة ‪ ،‬ميل معدل الربح للتناقض تركز رأس‬
‫املال الفقر العام واألزمات االقتصادية‪.‬‬

‫نظرية القيمة عند ماركس ‪:‬‬


‫أخذ ماركس في األول بنظرية العمل وبالتالي فهو يؤيد نظرية القيمة عند املدرسة التقليدية‬
‫حيث يفرق ماركس بين قيمة االستعمال وقيمة التبادل مع السلع األخرى‪ .‬ويعتبر ماركس‬
‫أن القيمة التبادلية لسعلة مع سلعة أخرى البد أن تعبر عن شيء مشترك بين هذه السلع‬
‫ُت‬
‫كأن تكون سلعة ثالثة بين قيمة السلع ببعضها البعض ( مثل املقام املوحد ) وكان العمل‬
‫هو العنصر الثالث الذي يبحث عنه ماركس ملقارنة السلع ببعضها البعض‪.‬‬
‫واجه ماركس مشكلة في تحديد قيمة العمل وذلك من خالل التمييز بين أنواع مختلفة من‬
‫العمل فهناك عمل بطيء بأدوات تقليدية متأخرة وهناك عمل نشيط بأدوات متقدمة‬
‫وساعة عمل من الثاني ولتفادي هذا املشكل أجاب ماركس بأن العبرة هي كمية العمل الالزم‬
‫ًا‬
‫اجتماعي " أي العمل تحت الطرق السائدة أو الغالية في املجتمع‪.‬‬
‫ًا‬
‫املشكل الثاني أن العمل ليس عنصر متجانس فهناك العمل اليدوي وهناك العمل الفني‬
‫املاهر والعمل الذهني وملقارنة هذه األعمال أجاب ماركس بأن املقارنة تتم في الواقع من‬
‫وراء ظهر املنتجين‪.‬‬
‫وكان الهدف االساسي من وراء تفسير نظرية القيمة عند ماركس هو تغيير فائض القيمة‬
‫التي يتحصل عليه الرأسماليون في ظل النظام الرأسمالي‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬يرى ماركس أن التبادل يختلف في ظل النظام الرأسمالي عنه في ظل اإلنتاج‬
‫البسيط ‪ :‬ففي اإلنتاج البسيط يبيع املنتج سلعة مقابل نقود للحصول على سلعة أخرى‬
‫ويحقق فائدة إذا كانت منفعة السلعة التي يأخذها أكبر من السلعة التي يبيعها ‪ :‬ويكون‬
‫التبادل بهذا الشكل سلعة أ ← نقود ← سلعة أما في النظام الرأسمالي فإن الدورة تكون‬
‫نقود لشراء اليد العاملة واملواد األولية ثم بيع السلع ثم املحصول على نقود ← سلع ←‬
‫نقود ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ويحصل الرأسمالي على فائدة إذا كانت النقود التي أنفقها في االول أقل من النقود التي‬
‫تحصل عليها في اآلخر ويرى ماركس أن هذا النقود ناتجة عن فائض في القيمة وفائض‬
‫القيمة ناتج عن استغالل العمال الذين يعتبرون املنتجين الوحيدين ‪ ،‬وحصول الرأسمالي‬
‫على هذا الفائض ليس له ما يبرره سوى النظم البائدة‪.‬‬
‫تعديل نظرية القيمة عند ماركس ‪:‬‬
‫في الجزء الثالث من كتابة " رأس املال " عدل ماركس نظرية القيمة ولفهم ذلك البد من‬
‫املخططات التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬رأس املال املتغير ‪ :‬هو ما يدفعه الرأسمالي للعمال‪.‬‬
‫‪ -‬رأس املال الثابت ‪ :‬ما يدفعه الرأسمالي كثمن لآلالت واملعدات‪.‬‬
‫‪ -‬معدل فائض القيمة أو معدل االستغالل هو النسبة أو الفرق بين فائض القيمةوبين رأس‬
‫املال متغير ‪.‬‬
‫‪ -‬معدل الربح ‪ :‬هو النسبة بين فائض القيمة وبين رأس املال الكلي ( املتغير والثابت )‪.‬‬
‫‪ -‬التركيب العضوي لرأس املال ‪ :‬النسبة بين رأس املال الثابت ورأس املال الكلي‪.‬‬
‫‪ -‬يطلق ماركس على أجور العمال راس املال املتغير ألن العمل يزيد من قيمة السلعة التي‬
‫ينتجها بينما املعدات ال تزيد في قيمة السلعة وإنما تنتقل إليها قيمتها فقط‪.‬‬
‫الحظ ماركس في الصياغة الجديدة لنظرية القيمة أن معدل التبادل اليتوقف على العمل‬
‫ًا‬
‫وحده وإنما أيض على معدل الربح وهذا يعني أن ماركس أقر بنظرية نفقة اإلنتاج بمعنى أن‬
‫ًا‬
‫راس املال املستخدم ( رأس املال الثابت ) يؤثر أيض في قيمة السلعة‪.‬‬
‫‪ )3‬ميل معدل الربح إلى التناقص‪:‬‬
‫يعتقد ماركس مثل املدرسة التقليدية بان االقتصاد الرأسمالي يميل إلى الركود حيث‬
‫ينخفض معدل الربح مما يحول دون القيام باستثمارات جديدة‪.‬‬
‫‪ )3‬تركز رأس املال ‪ :‬ويقصد بهذا أن النظام الرأسمالي تكون فيه املشروعات تتجه إلى‬
‫استخدام وسائل إنتاجية أكثر رأسمالية وكذلك نحو االحتكار ويعني أن النظام الرأسمالي‬
‫يمتاز عن األنظمة األخرى بزيادة تراكم راس املال من هنا جاءت تسميته بالنظام‬
‫الرأسمالي ‪.‬‬
‫‪ ) 4‬الفقر العام ‪ :‬بالنسبة للمدرسة التقليدية فإن األجور تتحدد عند الحد األدنى الالزم‬
‫للمعيشة وقد انتهى ماركس إلى نفس النتيجة وأعتبر أن النظام الرأسمالي يبقى العمال في‬
‫‪31‬‬
‫حالة فقر مستمر واليمكن أن تزيد االجور عن مستوى الكفاف ويعود ذلك إلى االستعمال‬
‫املكثف من رأس املال الذي يجد من طلب اليد العاملة وبالتالي انخفاض األجور‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬هناك تناقض في أفكار ماركس فميل معدل الربح إلى االنخفاض والفقر العام‬
‫واستمرار األجور عند حد الكفاف وزيادة رأس املال اليمكن أن تكون كلها صحيحة في نفس‬
‫الوقت ‪.‬‬
‫‪ )5‬األزمات االقتصادية ‪:‬‬
‫توجد عدة تفسيرات عند ماركس لالزمات االقتصادية إذ يعتبر أن أسباب األزمات‬
‫االقتصادية هو اإلفراط في اإلنتاج أو نقص االستهالك خاصة مع تراكم راس املال وضعف‬
‫األجور‪.‬‬
‫‪ -‬السبب اآلخر لألزمات هو انخفاض معدل الربح وانخفاض االستثمار – كذلك الفوضى في‬
‫النظام الرأسمالي وعدم معرفة حاجيات السوق على وجه الدقة يمكن أن يؤدي إلى‬
‫تقلبات شديدة وقد يترتب عنها اإلفراط في إنتاج بعض السلع مما يجعل خلل في السوق ‪.‬‬
‫‪ )6‬الترابط في االقتصاد ‪:‬‬
‫حاول ماركس مثل كسناي ( ‪ ) kusney‬تفسير الترابط بين القطاعات وقسم االقتصاد إلى‬
‫قطاعين األول إلنتاج السلع الرأسمالية والثاني إلنتاج السلع االستهالكية ووضع كيفية‬
‫الترابط بينهما‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الفكر االجتماعي عند املدرسة التقليدية الجديدة‬
‫ًا‬
‫يعتبر جون استوارت ميل آخر االقتصاديين حيث كان منظر للنظام الرأسمالي ومطالب في‬
‫ًا‬
‫نفس الوقت بالعديد من اإلصالحات االجتماعية مما جعله قريب من االشتراكيين ‪.‬‬
‫تركز املدرسة التقليدية الجديدة على سلوك الوحدات االقتصادية األولية‬ ‫‪-‬‬
‫( االقتصاد الجزئي ) وانخفض االهتمام بالتطورات اإلجمالية للنظام االقتصادي‬
‫( اقتصاد كلي )‪.‬‬
‫النظرية املوضوعية والنظرية الشخصية ‪:‬‬
‫أخذت الدراسات االقتصادية في مرحلة أولى بعين االعتبار فقط االعتبارات املوضوعية مثل‬
‫عوامل البيئة والظروف الفنية لإلنتاج وذلك إلى الربع األخير من القرن التاسع عشر وكان‬
‫ذلك خاصة في نظريات القيمة التي استبعدت املنفعة في تحديد قيمة السلع ‪.‬وفي مرحلة ثانية‬
‫ًا‬
‫كانت النظرة التشخيصية التي تركز على االعتبارات النفسية للفرد فقد أولت اهتمام‬
‫للمنفعة كعنصر محدد للقيمة وقد ساعد على ذلك فكرة واكتشاف التحليل الحدي ومن ثم‬
‫ربط القيمة باملنفعة الحدية‪.‬‬
‫لقد ساعد تطور الدراسات النفسية على نمو النظريات التشخيصية مثل أعمال ‪Weben‬‬
‫ويبير الذي أوضح أهمية العوامل النفسية وكذلك فشنر ‪ Fechner‬سنة ‪ 1960‬الذي بين‬
‫ًا‬
‫أيض مدى تأثر األحاسيس بالعوامل الخارجية حيث أنه إذا عرض الفرد لجرعات متساوية‬
‫من مؤثر خارجي فإن كثافة اإلحساس به تتناقص باستمرار ويعتبر هذا القانون األساس‬
‫النظري لفكرة تناقص املنفعة الحدية‪.‬‬
‫ًال‬ ‫ًا‬
‫‪ -‬لقد وجدت املدرسة الحدية في فكرة املنفعة أساس معقو إلقامة نظرية عامة للسلوك‬
‫االقتصادي وساعد على ذلك إزدهار مذهب املنفعة ‪ .‬فالفرد يبحث عن املنفعة ويحاول‬
‫أن يتجنب األلم ( تعريف فلسفي ) وبالتالي كان الحديث عن إنسان اقتصادي من أهم‬
‫رواد املدرسة الحدية التي تستعمل األسلوب الرياضي في تحليلها نجد فالرأس ‪ ،‬حيوفنز ‪،‬‬
‫باريتو ‪ ،‬كورنو وهؤالء أخذوا بالتحليل الحدي لذلك يمكن أن نطلق عليهم اسم املدرسة‬
‫الحدية ( ‪ ) Mazginalism‬وتوجت جهود هؤالء مع مارشال الذي يمثل خالصة الفكر‬
‫ًا‬
‫التقليدي في توجه القديم والحديث مع ‪.‬‬
‫مفهوم التحليل الحدي ‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫التحليل الحدي الذي بدأ في الربع األخير من القرن ‪ )1870 ( 19‬يمثل ثورة فكرية في التفكير‬
‫االقتصادي وفكرة الحدية تهدف إلى البحث فيما يحدث للمتغيرات االقتصادية عند حدوث‬
‫تغير طفيف أو ما يسمى بالتغير الحدي‪.‬‬
‫‪ -‬معظم القرارات االقتصادية تتخذ في شكل جرعات متتابعة ( وليس إما كل شيء أو الشيء )‬
‫مثل اإلضافة في اإلنتاج أو في عناصر اإلنتاج وبالتالي فإن املنتج البد أن يقارن بين زيادة‬
‫اإلنتاج وما يترتب عنها من تضحية أو تكلفة جديدة وكذلك األمر بالنسبة للمستهلك الذي‬
‫يقارن املنفعة اإلضافية والفرص البديلة – وهذا يعني أن السلوك االقتصادي يتحدد‬
‫باملقارنة بين العائد والتكلفة عند الحد ومن هنا جاءت التسمية بالتحليل الحدي ‪.‬‬
‫االختبار يتوقف عندما يتساوى العائد الحدي مع التكلفة الحدية‪.‬‬
‫‪ -‬يرتبط التحليل الحدي بعديد من الفروض النظرية حول اإلنتاج واالستهالك والغرض‬
‫األساسي هو مبدأ تناقض املنفعة بالنسبة للمستهلك أما بالنسبة للمنتج فإن املبدأ‬
‫األساسي هو تزايد النفقات الحدية أي أن زيادة اإلنتاج يؤدي إلى تكاليف أكبر للوحدات‬
‫الجديدة مما يتجاوز العائد الحدي منها ‪.‬‬
‫‪ -‬كما أن التحليل الحدي يفترض القابلية للتجزئة واالنقسام ‪.‬‬
‫مدارس الفكرة الحدية أو املنفعة الحدية ‪:‬‬
‫املدرسة النمساوية من رواد هذه املدرسة التي ساهمت في وضع تطوير املنفعة الحدية نجد‬
‫‪:‬‬
‫كارل منجر ‪ :‬يعتبر أن عدة علوم تشترك في االهتمام بدراسة الظواهر االقتصادية مثل‬
‫التاريخ العلوم ‪ ،‬العلوم التطبيقية ‪ ،‬االحصاء ‪ ،‬الخ ‪.‬‬
‫أفكار منجر تدور حلو فكرة املنفعة والحاجة فأقام نظرية عامة للسلع ‪ :‬لكي يكون الشيء‬
‫سلعة فالبد أن يكون قادر على إشباع حاجة أن تكون له منفعة ويعرف اإلنسان قدر أو‬
‫قيمة هذا الشيء على إشباع حاجته وقادر على السيطرة والتصرف في هذا الشيء وعلى هذا‬
‫األساس رتب منجر السلع حسب قربها من اإلنسان فوضع الخبز في املرتبة األولى والدقيق‬
‫في املرتبة األولى والدقيق في املرتبة الثانية ‪ ،‬الخ ‪.‬‬
‫ًا ًا‬
‫واهتم باألساس بالسلع االستهالكية أي الطلب الذي يعتبره مهم جد ‪ ،‬بينما الطلب على‬
‫السلع االستثمارية هو طلب مشتق من الطلب على السلع االستهالكية‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬كذلك يعتبر منجر السلع اقتصادية إذا كانت تتميز بالندرة ( الهواء اليعتبر سلعة اقتصادية )‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬من أهم مساهمة منجر هو تقديره بأن املنفعة تتناقص مع زيادة الوحدات االستهالكيةوهذا‬
‫هو مبدأ تناقص املنفعة‪.‬‬
‫فريدريك فون فيز ‪:‬‬
‫ًا‬
‫أخذ أيض بفكرة املنفعة الحدية ولعل أهم ما ذكره هو أن قيمة عناصر العمل هي مشتقة‬
‫من منافع السلعة التي تساهم في انتاجها وعلى ذلك فإن قيمة هذه العناصر تتحدد‬
‫باالنتاجية الحدية لها وبالتالي رفض نظرية العمل التقليدية ورفض فكرة أن األجور تتحدد‬
‫عند مستوى الكفاف‪.‬‬
‫بوهيم بافزيك ‪:‬‬
‫اشتهر بنظريته لرأس املال وسعر الفائدة وانتقد بشدة النظرية املاركسية الخاصة بالعمل‬
‫يعتبر أن سعر الفائدة يدفع من طرف املنتج مقابل الزيادة في اإلنتاجية وبالتالي فإن سعر‬
‫ًا‬
‫الفائدة يعتبر ثمن لرأس املال كما سعر الفائدة يأخذه املستهلك مقابل إدخاره ألنه ضحى‬
‫بالحاضر مقابل املستقبل ويتم تحديد سعر الفائدة من خالل مقارنة تضحية املستهلك‬
‫وكسب املنتج‪.‬‬
‫املدرسة الرياضية ‪:‬‬
‫استعلمت املدرسة الحدية إتجاهها يعتمد على الرياضيات لشرح املسائل االقتصادية ومن‬
‫أهم روادها نجد ‪:‬‬
‫كورنو ‪ :‬فرنسي وهو أول من استعمل التفاضل والتكامل في االقتصاد ‪ ،‬كذلك يعتبر أول‬
‫من ادخل فكرة منحنى الطلب ( قانون الطلب ) حيث قبل كورنو كان هناك خلط بين تأثير‬
‫الثمن على الطلب وبين تغير الكميات املطلوبة على الثمن ( هذه ظروف الطلب ) ‪.‬‬
‫أشار كورنو ‪ :‬إلى أنه في ظل املنافسة الكاملة يتجه الثمن إلى التساوي مع النفقة الحدية كما‬
‫أوضح أن الطلب والعرض والثمن كميات مترابطة األمر الذي يعتبر مقدمة ملا يعرف‬
‫بنظرية التوازن الشامل‪.‬‬

‫ستافلي حيوفنز ‪ml;ehiam stannty Josersm :‬‬


‫ًال‬
‫انتقد جون ستيورات ميل واعتبره مسؤو عن تأخر الدراسات االقتصادية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫ًال‬
‫اهتم باالستهالك مستعم صيغ التفاضل والتكامل وبالتالي حلل فكرة املنفعة وربط القيمة‬
‫واملنفعة وليس بالنفقة كما فعل التقليديون ويعتبر أحد مكتشفي املنفعة الحدية وتنافسها‪.‬‬
‫اعتبر انه عند التوازن تتحقق املساواة بين املنافع النهائية ( الحدية ) وساند فكرة الريع عند‬
‫ريكاردو ‪.‬‬
‫ليون فالراس ‪:‬‬
‫إلى جانب اهتمامه بفكرة املنفعة الحدية فقد وضع فالراس فكرة التوازن الشامل لالقتصاد‬
‫وأوضح مدى الترابط في االقتصاد ومختلف عالقات العرض والطلب لجميع السلع وقد‬
‫ًا‬
‫استخدم في هذا الغرض نظام من املعادالت الرياضية لكي يبين أن التوازن في االقسام هو‬
‫مترابط يشمل السلع والخدمات من خالل استعمال دوال الطلب ودوال العرض ‪.‬‬
‫الحل الذي نعطيه جميع املحاوالت يحدد أثمان التوازن وكميات التوازن وبتغير األثمان‬
‫تتعدل أوضاع الطلب والعرض إلى تحقيق التوازن وبالتالي فإن تغير األسعار عن طريق آلية‬
‫السوق هو آلية لتحقيق التوازن النهائي ‪.‬‬
‫أوضح فالراس عن طريق نظام التوازن الشامل العالقة بين اسعار السلع وأسعار عناصر‬
‫اإلنتاج التي تعتبر مشتقة من األسعار النهائية للسلع االستهالكية‪.‬‬
‫‪ -‬اعتبر النقود سلعة مثل بقية السلع النهائية دورها القياس فقط في نظام التوازن الشامل‬
‫رغم أن هذا النظام هو عيني التوجد فيه نقود باملعنى الحقيقي ولكن فالراس أشار إليها‬
‫كوسيط للتبادل ووضع محاولة تهم طلب النقود‪.‬‬
‫‪ -‬أشار لبعض مشاكل االقتصاد االجتماعي وعدالة التوزيع وأطلق شعار وهو " مساواة‬
‫الشروط وعدم مساواة املراكز " بمعنى أنه البد للدولة أن توفر شروط متساوية للجميع‬
‫ولكن اختالف إمكانيات األفراد يؤدي إلى عدم التساوي في املراكز‪.‬‬
‫ًا‬
‫لقد كان فالراس ليبيرالي ال يطالب باملساواة الفعلية ولكنه ينادي باملساواة القانونية‬ ‫‪-‬‬
‫( املساواة عند البداية وليس النهاية) ‪.‬‬
‫باريتو ‪:‬‬
‫يعتبر بارتيو أن أساس االقتصاد هو نظرية تحديد األثمان في ظل شروط املنافسة الكاملة‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر أن املنفعة غير قابلة للقياس وبالتالي فهي ترتيبة وليست قياسية أو كميته واستخدم‬
‫بالتالي منحنيات السواء التي قدمها قبله أدجوارث ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬استخدم فكرة التوازن الشامل لفالراس ورأى أنه البد من يقسم االقتصاد إلى جزئين وهما‬
‫جزء ديناميكي وجزء ستاتيكي ‪.‬‬
‫‪ -‬كان أول االقتصاديين الذين تعرضوا إلى كيفية تحقيق التوازن في النظام االشتراكي ‪.‬‬
‫‪ -‬اهتم بتوزيع الدخول‪.‬‬
‫‪ -‬وضع ما يسمى بافضلية باريتو التي تقول " اليمكن القول بأن توازن ما أحسن من توازن‬
‫آخر إذ ترتب على ذلك منافع للبعض دون أن يقابل ذلك تضحية من البعض اآلخر" ‪.‬‬
‫املدرسة السويدية ‪:‬‬
‫يعتبر فيكسل مؤسس املدرسة السويدية وأهم ما يميز هذه املدرسة هو االهتمام بدراسة‬
‫املشاكل النقدية والرغبة في تحقيق املزيد من االندماج بين النقود والنظرية االقتصادية‬
‫العينية ‪ .‬عند التقليديين دور النقود يقتصر على تحديد املستوى العام لألسعار وهو ما‬
‫يعرف " بنظرية كمية النقود " ‪.‬‬
‫‪ -‬توصل فيكسل من التمييز بين سعر الفائدة العيني وسعر الفائدة النقدي‪ .‬فسر الفائدة‬
‫العيني هو الذي يمكن أن يسوء في ظل اقتصاد عيني ويساوي االنتاجية الحقيقية لراس‬
‫املال أما سعر الفائدة النقدي فهو الذي تقتضيه البنوك مقابل أقراض املستثمرين‪.‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لفيكسل فإن التوازن في االقتصاد يتحقق عندما يتساوى سعر الفائد العيني مع‬
‫سعر الفائدة النقدي – أمكن فيكسل من هذه املقارنة في دراسة التقلبات االقتصادية‬
‫وأتى بفكرة الحركات التراكمية فإذا كان سعر الفائدة النقدي أقل من سعر الفائدة‬
‫العيني فهذا يؤدي إلى زيادة الطلب على االستثمار ألن الزيادة في إنتاجية رأس املال ( سعر‬
‫الفائدة العيني ) يزيد على التكلفة النقدية باالقتراض ( سعر الفائدة النقدي ) وهذه‬
‫الزيادة في الطلب تؤدي إلى ارتفاع األسعار ‪.‬‬
‫‪ -‬كما أن الزيادة في الطلب على االستثمار يصاحبها ارتفاع األجور في الصناعات االستمارية‬
‫وانتقال العمال إلى هذه الصناعات وبالتالي انخفاض انخفاض في عرض السلع االستهالكية‬
‫النخفاض نشاط القطاع االستهالكي نتيجة انتقال العمال إلى الصناعات االستثمارية ‪.‬‬
‫استمرار الزيادة في الطلب على االستثمار يؤدي إلى مزيد من األرباح وارتفاع األسعار ال‬
‫يتوقف األمر إال إذا تدخلت البنوك برفع سعر الفائدة النقدي لصنع التضخم‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -‬عادة فإن البنوك ترفع سعر الفائدة النقدي أكثر من سعر الفائدة العيني مما يؤدي إلى‬
‫انخفاض االستثمار وانكماش أو ركود اقتصادي ‪.‬‬
‫املدرسة التقليدية الجديدة أو النيوكالسيكية ‪:‬‬
‫تعرضت املدرسة التقليدية إلى عدة انتقادات وكان جون استوارات ميل هو آخر كتاب هذه‬
‫املدرسة‪.‬‬
‫انتقدت املدرسة التقليدية من عدة جوانب فمن ناحية أعيب عليها التجريد واالستنباط‬
‫كأساس الستخالص القوانين االقتصادية وكذلك انتقدت من طرف املدرسة الحدية التي‬
‫ترى أن التقليديين أهملوا جانب املنفعة والطلب بصفة عام مما جعل هذه املدرسة الحدية‬
‫ًا‬
‫تقيم نظرية للقيمة تعتمد أساس على املنفعة الحدية‪.‬‬
‫قامت املدرسة التقليدية الجديدة او النيوكالسكية بإعادة صياغة النظرية االقتصادية‬
‫باستعادة أساسيات االقتصاد كما أرساها التقليديون وإضافة التعديالت الالزمة من أفكار‬
‫املدرسة الجدية التي تعتني باملنفعة ومن أهم رواد هذه املدرسة نجد ألفريد مارشال الذي‬
‫جمع بين أفكار املدرسة الحدية واملدرسة التقليدية ووفق بينهما ‪.‬‬
‫ألفريد مارشال ( ‪)1924 – 1842‬‬
‫درس الرياضيات والفيزياء الجزئية وانشغل بالفلسفة ثم االقتصاد السياسي من خالل‬
‫دراسته ألعمال جون استوارت ميل التي وجد فيها غايته واعتراف بقيمة مارشال فإنه يقال‬
‫" إذا كانت العلوم في العصور الوسطى تتركز على ثالثة محاور ‪ ،‬علم الالهوت وبه صفاء‬
‫الروح وعلم القانون وبه استقرار العدل وعلم الطب وبه سالمة الصحة البدنية فقد اخاف‬
‫مارشال االقتصاد وتتحدد به رفاهية املجتمع "‬
‫‪ -‬من أهم تالمذته في كمبردج نجد كينز وجون روبنسون وأصدر كتاب عنوان " مبادئ‬
‫االقتصاد " سنة ‪ 1890‬الذي بقي مرجع في تدريس االقتصاد لوقت طويل في الجامعات‬
‫االمريكية واالنقليزية لوقت طويل ‪.‬‬
‫‪ -‬في خصوص املنهج فإنه دعى إلى ضرورة الجمع بين االستنباط واالستقراء واستعمل‬
‫األسلوب املجرد والعديد من األحداث التاريخية واملعاصرة للتدليل على صحة أفكاره‪.‬‬
‫‪ -‬استعمل أسلوب تحليل التوازن الجزئي وبالتالي اختلف عن فالراس باريتو الذين اعتمدا‬
‫على أسلوب التوازن الشامل كما أنه يعتبر أن املتغيرات االقتصادية متعددة ومتداخلة‬

‫‪38‬‬
‫لذلك البد من اعتماد العزل من خالل فرضية " بقاء األشياء األخرى على حالها ‪( .‬‬
‫‪ ) ceten 's pasitus‬وهو ما يعرف بأسلوب تحليل التوازن الجزئي ‪.‬‬
‫أهم االفكار االقتصادية ملارشال ‪:‬‬
‫‪ )1‬نظرية القيمة ‪:‬‬
‫التقليديون بصفة عامة يلخصون القيمة في نفقة االنتاج ( قيمة العمل أو العمل ورأس املال‬
‫) واملدرسة الحدية تلخص القيمة في املنفعة الحدية أما مارشال فقد جمع بين ‪.‬‬
‫ًا‬
‫النفقة واملنفعة أي أن القيمة عنده تتحدد بالعرض والطلب مع ويعتبر انه يصعب تحديد‬
‫من املسؤول منهما أكثر على تحديد القيمة‪.‬‬
‫‪ -‬اهتم مارشال بدراسة املنفعة ودرس منحنى الطلب وجعل من االستهالك أساس النشاط‬
‫االقتصادي وتحدث على فائض املستهلك ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك من أهم األفكار الهامة التي أدخلها مارشال في التحليل االقتصادي نجد فكرة املرونة‬
‫لدراسة طبيعة العالقات بين املتغيرات االقتصادية ‪ .‬أما بخصوص من االنتاج فإن مارشال‬
‫أخذ بفكرة الحلول أو اإلحالل ( ‪ ) substitutiry‬بين عناصر اإلنتاج حيث يختار املنتج‬
‫توازنه بالتوفيق بين أسعار عناصر اإلنتاج واإلنتاجية الحدية لهذه العناصر ‪.‬‬
‫‪ -‬أدخل مارشال الزمن في التحليل عند التمييز بين الفترة القصيرة والفترة الطويلة والفترة‬
‫املتوسطة ويستعمل في الغالب أسلوب سلوتسكي ‪.‬‬
‫‪ -‬الزمن عند مارشال هو ليس مرور الوقت وليس فترة محددة وإنما تصور منطقي لظروف‬
‫اإلنتاج لذلك فقد عرف الفترة على أساس أنها مجموعة من الشروط أو الزمن الضروري‬
‫لتحقيق جملة من الشرو وأسلوب مارشال في التحليل هو الستاتيكية املقارنة ‪compantive‬‬
‫‪ statics‬والفترة القصيرة هي التي التسمح للمنتج أن يغير فيها ظروف اإلنتاج والتغير في‬
‫العرض يأتي فقط من التغير املخزون أما الفترة الطويلة فهي تتغير فيها الطاقة اإلنتاجية‬
‫وبالتالي العرض ولكن اليوجد عند مارشال أي تفسير لالنتقال من توازن آلخر ‪.‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬استخدام مارشال فكرة تناقص املنفعة الحدية وأعطاها مزيد من الوضوح‪.‬‬
‫‪ -‬فيما يخص توزيع الدخل القومي فإنه يتحدد عند مارشال حسب انتاجية كل عنصر إنتاج‪.‬‬
‫‪ -‬فيما يخص شكل السوق فإنه درس التوازن في سوق املنافسة الكاملة واإلحتكار واستخدم‬
‫فكرة اإليراد الصافي ولكنه لم يدرس املنافسة االحتكارية ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬من األفكار التي قدمها مرشال أيض فكرة شبه الريع ‪ quafirent‬التي يحصل عليها الفرد‬
‫لظروفه الخاصة‪.‬‬
‫ًا ًا‬
‫خالصة ‪ :‬تأثير أفكار مارشال كان عميق جد وما زالت تحاليله تستعمل إلى اآلن مثل‬
‫االعتماد على املنحنيات الهندسية ولكنه اعتنى باالقتصاد الجزئي على حساب االقتصاد‬
‫الكلي‪.‬‬
‫‪ -‬كان يؤمن بقانون املنافذ لجون باتنت ساي حيث العرض يخلق الطلب وبالتالي فإن أصل‬
‫التوازن عند مارشال هو التوظيف الكامل ويرى مارشال أن التقلبات الطارئة تزول بفعل‬
‫السوق‪.‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬كان أيض يعتقد في صحة نظرية كمية النقود ويرى أن دور النقود هو فقط تحديد األسعار‬
‫وال أثر لها مثل التقليديين على النشاط االقتصادي وبالخصوص على البطالة واإلنتاج ‪.‬‬

‫املدرسة الكاينزية‬
‫يعتبر كينز من أشهر االقتصاديين في القرن ‪ 20‬وكتب كتابة " النظرية العامة للتشغيل‬
‫وسعر الفائدة والنقود " الذي اليقل أهمية عن كتاب " ثروة األمم " آلدم سميث أو كتاب "‬
‫رأس املال " ملاركس حيث غير كينز وجه التفكير والنظرية االقتصادية الكلية وأفكار كينز لم‬
‫ًا‬
‫تقتصر فقط على السياسات النقدية وإنما أيض طالت النظام النقدي الدولي هو بريطاني‬
‫من عائلة بورجوازية ولم يدرس االقتصاد في البداية وإنما درس الرياضيات ولكن بعد‬
‫تخرجه من الرياضيات أقنعه والده بأن يدرس االقتصاد ‪.‬‬
‫‪ -‬اهتم كينز بدراسة النقود واعتبر أن املساواة بين اإلدخار واالستثمار هي قاعدة التوازن‬
‫العام واعتبر أن قرار انجلترا بالعودة إلى قاعدة الذهب ستة ‪ 1925‬قرار خاطئ ألنه يدمر‬
‫اقتصاد انجلترا من حيث املناقشة‪.‬‬
‫‪ -‬خالل الثالثينات واجه العالم أزمة اقتصادية خانقة ولم تقدر توصيات النظريات القديمة‬
‫على الخروج من األزمة ألنها كانت تعتقد بان قوى السوق هي الكفيلة بالعودة إلى التوازن‬
‫لذلك كتب كينز كتابه واعتبر أن االختالل االقتصادي أمر ممكن والبد من سياسات إليجاد‬
‫التوازن وبين كينز أن التوازن يمكن أن يحدث عند مستويات متعددة من التشغيل حتى‬
‫دون التوظيف الكامل وبالتالي فإن البطالة أمر ممكن ودعى لتدخل الدولة عبر سياسات‬
‫معينة للحد من البطالة وعارض بالتالي دعاة الحرية االقتصادية وعدم تدخل الدولة في‬
‫‪40‬‬
‫االقتصاد وبالتالي يمكن اعتبار كينز في هذا الجانب معارض للنظام الرأسمالي ومن جهة‬
‫ًا‬
‫أخرى يمكن اعتبار كينز مدافع عن النظام الرأسمالي وذلك بإيجاد حلول لتفادي أزمات‬
‫هذا النظام وأصبح كتاب كينز يمثل الفكر املعتمد ملعظم الدول الصناعية بعد الحرب‬
‫العاملية وذلك إلى حدود السبعينيات حين ظهرت أفكار معارضة لكينز رغم عدم خروجها‬
‫من اإلطار العام الذي وضعه كينز ‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫‪ -‬لعب كينز دور كبير في اإلعداد ملؤتمر بريتون وود عام ‪ 1944‬وكان إنشاء صندوق النقد‬
‫الدولي من أراء كينز واالقتصادي األمريكي وايت ‪ .‬وتوفي كينز سنة ‪. 1946‬‬

‫النظرية الكينزية ‪:‬‬


‫خصائص التحليل عند كينز ‪:‬‬
‫يعتمد كينز على الفترة القصيرة حيث افترض ثبات السكان ورأس املال والفن اإلنتاجي ونظر‬
‫إلى املتغيرات التي تحدث في الفترة القصيرة أما بالنسبة للفترة الطويلة فإن كينز يقول " أنه‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫في املدة الطويلة فإننا سنكون جميع اموات " وبالتالي فقد نظر إلى االستثمار باعتباره جزء‬
‫من اإلنفاق والطلب الكلي وأهمل دور االستثمار كطاقة انتاجية وكمغير لحجم رأس املال في‬
‫األجل الطويل‪.‬‬
‫اعتمد واعتنى كينز باالستثمار كعنصر طلب من خالل (نظرية املضاعف وتجاهل نظرية‬
‫ًا‬
‫املعجل حيث يلعب االستثمار دور في زيادة العرض والطاقة االنتاجية ‪.‬‬
‫اعتماد كينز على الفترة القصيرة يجعل من التغير في االنتاج والدخل القومي يعتمد فقط‬
‫على التغير في عنصر العمل وبالتالي فهو يبحث في محددات التشغيل والدخل القومي وأدت‬
‫نظرية كينز إلى ما يعرف باسم الحسابات القومية‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل كينز هو تحليل كلي ويتعامل مع كميات كلية أو جملية واليناقش السلوك الفردي أي‬
‫أن كينز منظر لالقتصاد الكلي ( الدخل القومي ‪ ،‬االستثمار القومي ‪ ،‬االستهالك القومي ‪،‬‬
‫البطالة ‪ ،‬التضخم ‪ ،‬إلخ ) ويعتبر تحليل كينز هو األساس لظهور التحليل الكلي ‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل كينز هو نقدي بينما يعتبر التقليديون أن إدخال النقود في التحليل االقتصادي اليغير‬
‫ًا‬
‫شيئ سوى تحدد املستوى العام لألسعار ويعتبرون أن النقود محايدة واليؤثر في العالقات‬

‫‪41‬‬
‫االقتصادية العينية ( النظرية الكمية للنقود ) أما كينز فإنه يعتبر أن النقود لها دور كبير‬
‫في االقتصاد واليمكن فصلها عن االقتصاد العيني وهذا يرتبط بافتراض هام وتجاهلته‬
‫املدرسة التقليدية وهو الخداع النقدي الذي يمكن حسب كينز أن يقع فيه األفراد ‪ :‬العامل‬
‫ًا‬
‫يفكر باألجور اإلسمية وليس األجور الحقيقية إذ يقبل الزيادة في األسعار واليقبل إطالق‬
‫انخفاض األجور اإلسمية حتى ولو كانت النتيجة واحدة على املقدرة الشرائية ‪ .‬هذا‬
‫الخداع جعل كينز يفترض أن األجور النقدية جامدة ال تعرف املرونة والقدرة على التغيير‬
‫وهذا لعدة اسباب منها ما هو نفسي ومنها ما يرتبط بالنقابات وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬افتراض أن األسعار جامدة لها تأثير على طبيعة التوازن وتحقيقه فإذا كانت األسعار متغيرة‬
‫فإن توازن السوق يكون عبر تغير األسعار أما إذا كانت األسعار جامدة فإن التوازن يكون‬
‫عبر الكميات وتغيرها‪.‬‬
‫ًال‬
‫‪ -‬عند التقليدين فإن وجود فائض في عرض العمل مث يؤدي إلى انخفاض االجور ويؤدي إلى‬
‫زيادة الطلب لتحقيق التوازن أما عند كينز فإن وجود فائض في عرض العمل مع أجور‬
‫ثابتة لن يزيد في طلب العمل وبالتالي اليمكن القضاء على البطالة إال إذا توفرت شروط‬
‫أخرى ترتبط بزيادة الطلب الكلي الذي يدفع إلى زيادة اإلنتاج وبالتالي في طلب العمال ‪.‬‬
‫‪ -‬افتقاد قانون جون باتست ساي والطلب الفعلي أو الفعال‬
‫انتقاد قانون جون باتست ساي والطلب الفعلي او الفعال عند كينز ‪:‬‬
‫يعتمد التقليديون على قانون ساي الذي يعتبر أن العرض بخلق الطلب املناسب له ( قانون‬
‫املنافذ ) ويكون بهذا الشكل ‪ :‬اإلنتاج يعطي سلع ويؤدي إلى توزيع دخول على عناصر اإلنتاج‬
‫تساوي بالضبط قيمة اإلنتاج وهذه الدخول النقدية تتحول إلى طلب سلع النقود هنا لها‬
‫دور وسيط فقط للتبادل ونجد بالتالي الحلقة التالية ‪:‬‬
‫اإلنتاج ← العرض اإلجمالي للسلع ← دخول نقدية ← طلب إجمالي على السلع ‪.‬‬
‫وبالتالي حسب ساي فإن العرض اإلجمالي يساوي الطلب اإلجمالي واليمكن الحديث عن‬
‫أزمة طلب ويكون التوازن ‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬بالنسبة للتقليديين يمكن أن نجد إخالالت في أسواق جزئية ولكن يقابلها‬
‫إخالالت في اإلتجار املعاكس في أسواق أخرى وبالتالي فإن التوازن الكلي هو السائد‬
‫والنتيجة النهائية او القاعدة العامة هي التوازن الشامل تؤدي املنافسة إلى إزالة اإلخالالت‬
‫عبر آلية السوق وذلك بتغير األسعار التي توازي في النهاية بين العرض والطلب ‪ .‬ويعتبر‬
‫‪42‬‬
‫التقليديون أن التوازن يكون عند التوظيف الكامل لعناصر اإلنتاج لكن يعترف التقليديون‬
‫بإمكانية وجود بطالة مؤقتة ‪ .‬بصفة عامة يمكن اعتبار النموذج التقليدي نموذج للتوازن‬
‫املستقر عند مستوى التشغيل الكامل بدون بطالة إجبارية وبالتالي فإن التقليديون‬
‫ينصحون بعدم تدخل الدولة ألن السوق كفيل وحده على تحقيق التوازن وبالتالي اليمكن‬
‫الحديث عن السياسات االقتصادية لتصحيح األوضاع لدى املدرسة التقليدية ‪.‬‬
‫ًا‬
‫بالنسبة لكينز فإن الطلب هو الذي يخلق العرض بمعنى أن املنتج يسعى لكي يلبي طلب‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫موجود أو متوقع وهذا يؤدي إلى نظرة مغايرة للنقود ودورها إذ ليس صحيح أن النقود‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫هي فقط وسيط للتبادل وأن كل دخل نقدي يتحول آلي إلى طلب سلع وإنما النقود أيض‬
‫مخزن للقيم يمكن أن تطلب لحد ذاتها وتدخر أو تخزن وال تصرف في شراء السلع وبالتالي‬
‫اليتحقق الطلب ( تفضيل السيولة أو االكتناز ) ‪ ،‬كما يمكن للطلب أن يفوق العرض إذا ما‬
‫أنفقت بعض األموال املدخرة في فترات معينة أو لزيادة عرض النقود من السلطات النقدية‬
‫وبالتالي ليس بشرطه أن يحصل التوازن اآللي بين العرض والطلب الكلي ويظهر دور مؤثر‬
‫ًا‬
‫جد للنقود في النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫كانت نظرية كينز مقدمة إلدماج نظرية األموال املالية في النظرية االقتصادية ‪ .‬فطلب‬ ‫‪-‬‬
‫النقود أو السيولة يعتمد على املقارنة بين مزايا االحتفاظ بالنقود سائلة وبين العائد‬
‫الذي تحققه األصول املالية وخاصة السندات ‪.‬‬
‫ًا ًا‬
‫يعتبر كينز أن الطلب الفعلي أو الفعال هو الذي يلعب دور هام في تحديد مستوى‬ ‫‪-‬‬
‫التشغيل والبطالة فالطلب الفعلي هو الذي يحدد اإلنتاج وبالتالي كميات عناصر اإلنتاج‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫الكامل أي مع وجود البطالة وبالتالي فإن كينز يعتبر أن البطالة ليست أمر استثنائي‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫وإنما أمر عادي ‪.‬‬
‫لهذا السبب فقد أولى كينز عناية خاصة بعناصر الطالب أو مكوناته وهي الطلب على‬ ‫‪-‬‬
‫االستثمار والطلب على االستهالك‪.‬‬
‫وجود بطالة يتطلب تدخل الدولة عبر سياسات هدفها الترفيع من الطلب حتى يرتفع‬ ‫‪-‬‬
‫العرض وبالتالي يزداد اإلقبال على عناصر اإلنتاج وتنخفض البطالة‪.‬‬
‫االستهالك واالستثمار عند كينز ‪:‬‬
‫ًال‬
‫أدخل كينز تعدي مقارنة بالتقليديين عند البحث عن دالة االستهالك حيث أن املدرسة‬
‫التقليدية كانت تبحث عنها من زاوية اإلدخار ويتساءلون عن العوامل التي تحكم اإلدخار‬

‫‪43‬‬
‫بينما كينز يتساءل عن العوامل التي تحكم االستهالك وهذا يعود إلى االختالف بين‬
‫املدرستين حيث أن التقليديين اهتموا بقضية النمو والتطور أما القضية بالنسبة لكينز هو‬
‫تحديد مستوى التشغيل لهذا إهتم التقليديون بتكوين راس املال أي اهتموا باالستثمار أو‬
‫البحث عن وسائل تمويلية ومنها اإِل دخار بينما كينز كان همه هو مستوى النشاط‬
‫االقتصادي وبالتالي اهتم بعناصر اإلنفاق وفي مقدمتها االستهالك‪.‬‬
‫من حيث العوامل املؤثرة في اإلدخار واالستهالك فإن التقليديون ينظرون من زاوية‬ ‫‪-‬‬
‫تراكم رأس املال والتمويل وبالتالي فإن العنصر االساسي هو الدخل‪.‬‬
‫بالنسبة لكينز فإن االستهالك اليزيد مع الدخل لكن بنسبة أقل مما يجعل ميل‬ ‫‪-‬‬
‫‪∆c‬‬
‫ويميز كينز بين امليل الحدي لالستهالك‬ ‫(‬ ‫منحنى االستهالك أقل من الواحد (‪)2‬‬
‫‪∆y‬‬
‫وامليل املتوسط لالستهالك ‪ .‬دالة اإلدخار تشتق عند كينز من دالة االستهالك‪.‬‬
‫استخلص كينز نظريته في االستهالك من خالل حجج منطقية وليس من دراسات‬ ‫‪-‬‬
‫تطبيقية واعتبر أن االستهالك يتوقف على ما اسماه القانون النفسي وهو يعني أن‬
‫االستهالك يزيد مع الدخل لكن بنسبة أقل‪.‬‬
‫طور بعض االقتصاديين نظرية كينز لالستهالك حيث تحدث لوزنبري على الدخل‬ ‫‪-‬‬
‫النسبي وأكد على إمكانية عدم انخفاض االستهالك عند انخفاض الدخل إذ ما‬
‫اكتسب املواطنون عادات استهالك يصعب التنازل عنها‪.‬‬
‫كما أضاف فريدمان فكرة الدخل الدائم مؤكد أن االستهالك اليعتمد فقط على‬ ‫‪-‬‬
‫ًا‬
‫دخل الفترة القصيرة وإنما أيض احتماالت تغير الدخل في الفترة الطويلة‪.‬‬
‫بالنسبة لالستثمار فإن كينز ينظر إليه كجزء من الطلب وله دور كبير في تغيرات‬ ‫‪-‬‬
‫مستوى الدخل القومي والتشغيل‪.‬‬
‫ًا‬
‫يعتبر كينز أن االستهالك مستقر نظر الستقرار عادات االستهالك ( القانون النفسي‬ ‫‪-‬‬
‫لالستهالك ) ‪.‬‬
‫ًا‬
‫أما االستثمار فهو متغير متقلب ألسباب مستقلة عن الدخل ‪.‬‬
‫مثل املدرسة التقليدية فإن االستثمار عند كينز يعتمد على سعر الفائدة وذلك من‬ ‫‪-‬‬
‫خالل مقارنة الكفاءة الحدية لرأس املال ( عند القيام بمشروع ) وسعر الفائدة‬
‫( عند اإلدخار)‬

‫‪44‬‬
‫قرار االستثمار يعتمد على ثالثة عناصر وهي تكلفة االستثمار اإليرادات املتوقعة‬ ‫‪-‬‬
‫من استخدام رأس املال وسعر الفائدة ‪.‬‬
‫استعمل كينز بما يسمى سعر الخصم الذي يسوي بين ثمن عرض رأس املال أو‬ ‫‪-‬‬
‫تكلفة رأس املال بين القيمة الحالية املتوقعة طيلة عمر املشروع وهو ما يسمى‬
‫بمعدل العائد الداخلي لالستثمار ويقارن هذا مع سعر الفائدة فإذا ما كان هذا‬
‫العائد أكبر من سعر الفائدة فالقرار يكون االستثمار إما إذا كان أصغر من سعر‬
‫الفائدة فالقرار هو عدم االستثمار‪.‬‬
‫املعدل الداخلي لالستثمار أطلق عليه كينز اسم الكفاية الحدية لرأس املال ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫العنصر الذي إضافة كينز في هذا املجال هو إدخال التوقعات في تحديد اإليرادات‬ ‫‪-‬‬
‫املتوقعة لالستثمار فإذا ساء التفاءل زاد االستثمار أما إذا زاد التشاؤم انخفض‬
‫االستثمار ‪.‬‬
‫بالنسبة لسعر الفائدة الذي يحدد االستثمار فإن كينز يعتبره ظاهرة نقدية يتحدد‬ ‫‪-‬‬
‫حسب العرض والطلب للنقود‪.‬‬
‫عرض النقود تحدده السلطات املالية أما طلب النقود يعتبر إضافة بالنسبة لكينز‬
‫الذي يعتبر طلب النقود نتيجة للمضاربة ويعتمد على سعر الفائدة‪.‬‬
‫الطلب الجملي على النقود عند كينز يعتمد على الدخل بصفة إيجابية ويعتمد بصفة‬
‫عكسية على سعر الفائدة من خالل املضاربة ( شراء أصول وسندات ) ‪.‬‬

‫خالصة ‪:‬‬
‫من خالل كل هذا يتضح أن محددات الدخل القومي والبطالة عند كينز تنحصر في ثالثة‬
‫عناصر وهي االستهالك ‪ ،‬الكفاءة الحدية لرأس املال وسعر الفائدة وهذه العناصر تحدد‬
‫عند كينز الطلب الفعلي أو الفعال من استهالك واستثمار‪.‬‬
‫املساواة بين اإلدخار واالستثمار ‪:‬‬
‫اإلدخار واالستثمار ناتجان عن قرارات من طرف واحداث وحدات مختلفة فاإلدخار هو‬
‫قرار أصحاب الدخول أو املستهلكين أما االستثمار وهو قرار املنتجين يعني أن اإلدخار هو‬
‫قرار قطاع األفراد أو العائلي أما االستثمار فهو قرار قطاع املجموعات أو القطاع اإلنتاجي‬
‫وبالتالي فهذه قرارات تأتي من قطاعات مختلفة وبالتالي يمكن أن يختلف اإلدخار عن‬
‫‪45‬‬
‫االستثمار واألمر يتعلق بالقرارات املرغوب فيها لكن في النهاية يتساوى اإلدخار في نهاية كل‬
‫فترة ‪ .‬وهذه هي نظرية كينز في توازن السوق الذي يعني املساواة بين اإلدخار واالستثمار‪.‬‬
‫مضاعف االستثمار ‪:‬‬
‫من أهم أدوات التحليل التي ظهرت مع كينز فكرة املضاعف رغم أنه تلميذه كان ( ‪)khan‬‬
‫قد سبق أن قدم هذه الفكرة بأن زيادة االستثمار تؤدي إلى زيادة الدخل القومي‪.‬‬
‫السياسة النقدية والساسة املالية عند كينز ‪:‬‬
‫ًا‬
‫يعاب على كينز أنه أقل اهتمام بالسياسة النقدية وركز االهتمام على السياسات املالية ‪.‬‬
‫ينبغي التمييز لدى كينز بين أهمية النقود والتحليل النقدي من ناحية وبين السياسة‬
‫االقتصادية املناسبة سواء كانت نقدية أو مالية فمن ناحية أهمية النقود في االقتصاد فإن‬
‫الفضل يرجع لكينز في إدماج النقود في النظرية االقتصادية ورفض التحليل االقتصادي إلى‬
‫تحليل عيني ثم إلى تحليل نقدي وبالتالي فكرة أن النقود محايدة‪.‬‬
‫في خصوص السياسة االقتصادية فإن كينز كان قليل الثقة في فاعلية السياسة النقدية‬
‫( تغييرات أسعار الفائدة) وكان يرى أن السياسة املالية ( اإلنفاق العام ) أكثر فاعلية في‬
‫محاربة البطالة ويرى أن تشجيع االستثمار الخاص عن طريق تخفيض سعر الفائدة إنما‬
‫عديم الجدوى أو له فاعلية قليلة خاصة إذا ما كان املواطنين يجندون السيولة أو ما يعرف‬
‫بمصيدة السيولة ولهذا السبب يعتقد كينز أن السياسة املالية التي تعتمد على االنفاق العام‬
‫تكون أكثر جدوى لتحريك الطلب الفعال وقد ساعدت هذه السياسة في الخروج من أزمة‬
‫الثالثينات ‪.‬‬
‫كينز والنظرية التقليدية ‪:‬‬
‫كينز يهتم بالفترة القصيرة في حين أن النظرية التقليدية تهتم بالفتر الطويلة ألنها تركز على‬
‫النمو والتطور ولهذا فإن عدد من أتباع كينز استخدموا النفوذ الكينزي وطوره لألخذ بعين‬
‫االعتبار املدة الطويلة وكان ذلك عبر نماذج النمو على غرار نموذج هاردد ودرمار وكالدور‬
‫ًال‬
‫فض عن كتابات تلميذه روبنسون ‪. Robinson‬‬
‫عند التوظيف الكامل فإن نتائج نموذج كينز يتطابق مع نتائج املدرسة التقليدية حيث أن‬ ‫‪-‬‬
‫زيادة الطلب ال تؤدي إلى زيادة الدخل القومي وإنما فقط إلى زيادة األسعار‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫التقليديون يعتبرون أن اإلدخار أكثر أهمية في النمو وأن دور االستثمار وهو سلبي وعلى‬ ‫‪-‬‬
‫عكس ذلك فإن كينز يعتبر بأن االستثمار هو العامل األكثر أهمية وأن اإلدخار ليس له إال‬
‫دور سلبي ألنه يخفض من الطلب‪.‬‬
‫الخالف بين كينز والتقليدين يعكس اختالف الظروف التي قدمت فيها النظريتين ‪ .‬فالنظرية‬ ‫‪-‬‬
‫التقليدية كانت في ظروف أقرب إلى ظروف الدول النامية ونظرية كينز أقرب إلى ظروف‬
‫الدول املتقدمة‪ .‬فالتقليديون كتبوا في ظروف بناء االقتصاديات الصناعية وكانت الحاجة في‬
‫ذلك العصر باالستثمار ملحة وكانت فرص الربح وافرة وكان القيد الحقيقي هو التمويل‬
‫ولهذا أولوا عناية خاصة باإلدخار وبالتالي فإن قانون جون باتست ساي اتفق مع تلك‬
‫الظروف‪.‬‬
‫أما مع تقدم االقتصاد وضعف فرص الربح ومرونة فإن القرار الهام يصبح قرار مستثمرين‬ ‫‪-‬‬
‫إذا توافر لديهم الحافز على االستثمار فإن الجهاز اإلنتاج يمكن أن يستجيب لزيادة اإلنتاج‬
‫إذا زاد الطلب ويصبح االستثمار هو العامل الحاسم ألنه يؤدي إلى زيادة اإلنتاج والدخل‬
‫ًا‬
‫وتوليد اإلدخار أيض الذي لم يعدله سوى دور سلبي النه يقلل من الطلب‪.‬‬
‫خالصة ‪ :‬ظهور نظرية كينز هي تعبير عن تغير األوضاع االقتصادية وتمثل مظهر من مظاهر‬
‫الدول الصناعية املتقدمة ونفهم أن النظرية التقليدية ما زالت مناسبة لظروف الدول‬
‫النامية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫االتجاهات املعاصرة للفكر االقتصادي‬
‫رغم ما تعرض له كينز من نقد فال يمكن الحديث بعده عن ثورة فكرية في االقتصاد ولكن‬
‫هناك مزيد من التعديالت والتحفظات وفي اتجاه عام يتبع ما ورثناه عن كينز واملدرسة‬
‫التقليدية الجديدة باستعمال لبعض التقنيات الجديدة مثل االقتصاد الرياضي واإلحصاء‬
‫التي تمكن من اختبار الفرد في النظرية في االقتصاد الجزئي أو في االقتصاد الكلي‪.‬‬
‫بالنسبة لالقتصاد الكلي فاإلطار النظري املرجعي هو كينز مع اختالفات عديدة تخص دالة‬
‫االستهالك واالستثمار ومدى تأثير النقود على االقتصاد وربما يرجع ذلك إلى طبيعة‬
‫األحداث وضح كينز واجه العالم مشكلة نقص في الطلب لكن بعد الحرب العاملية الثانية أي‬
‫بعد كينز واجه العالم زيادة في الطلب وكان االعتقاد بأن نصائح كينز ملشكلة البطالة تصلح‬
‫معكوسة ملعالجة مشاكل التضخم لكن هذا لم يتحقق بسهولة‪.‬‬
‫كذلك ظهرت مشاكل جديدة لم تكن معروفة تخص باألساس ظهور البطالة والتضخم في‬
‫ًا‬
‫نف سالوقت أوما يعرف بالركود التضخمي وظهرت أيض قضايا جديدة لم تكن مطروحة‬
‫مثل التنمية االقتصادية خاصة في دول العالم الثالث ولهذا ظهر فرع جديد في االقتصاد‬
‫يعتني بمشاكل النقود والتنمية في األجل الطويل وأصبح ينظر إلى هذه القضايا من باب‬
‫ًا‬
‫نقص االستثمار واإلدخار وايض مشكلة سياسات اقتصادية ومشكلة مؤسسات حيث أصبح‬
‫ينظر للتنمية على أساس أنها تغيير شامل في قيم املجتمع وفي املؤسسات االجتماعية‪.‬‬
‫ًا‬
‫كذلك ونظر للترابط والتداخل في العالقات الدولية فقد احتلت قضايا التجارة وموازين‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫املدفوعات واالستثمارات الخارجية اهتمام كبير وأصبح مفهوم االقتصاد العالمي أكثر‬
‫ًا‬
‫تأثير لذلك احتلت قضايا األسعار والصرف والبورصات أهمية بالغة‪.‬‬
‫كذلك ظهرت مؤسسات دولية على غرار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة‬
‫التجارة الدولية فكان لهذه املؤسسات دور كبير في بلورة السياسات االقتصادية والتنموية‬
‫خاصة‪.‬‬
‫كذلك توفر االحصائيات والبيانات لعب دور هام في التأكد من صحة النتائج النظرية‬
‫وتطويرها وتجاوز املالحظات والفروض العابرة‪ .‬كما ساعدت هذه االحصائيات والبياتات‬
‫ًا ًا‬
‫على تطوير النماذج االقتصادية وأصبح علم االقتصاد قريب جد من العلوم الطبيعية‬
‫واعترف له سنة ‪ 1969‬بمكان ضمن جوائز نوبل العاملية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫لقد ساعدت البيانات واإلحصائيات على تطوير السلوك االقتصادي وذلك من خالل‬
‫التوقعات عن التطورات االقتصادية لدى املستثمرين واملستهلكين ( مدرسة التوقعات‬
‫ًا‬
‫الرشيدة ) وكان لهذا أيض أثر على السياسات االقتصادية لتفادي املفاجآت الناتجة عن‬
‫سلوك األفراد وردة فعلهم تجاه بعض السياسات االقتصادية‪.‬‬
‫ًا‬
‫عموم يمكن القول بأن هناك إسهامات بعد كينز واملدرسة التقليدية الجديدة‬
‫( النيوكالسيك ) أضيفت إلى الفكر االقتصادي ونذكر بالخصوص املدرسة النقدية‬
‫لفردمان وأتباعه ‪ ،‬املدرسة املؤسسة واملدرسة الليبرالية الحديثة‪.‬‬
‫املدرسة النقدية ‪:‬‬
‫رغم أن كينز انتقد التقليديين ألنهم اعتبروا النقود مجرد ستار يحجب العالقات‬
‫االقتصادية الحقيقية إال أنه تفرض لنقد من مدرسة شيكافو وعلى رأسها ميلتون فردمان‬
‫حيث اعتبرت هذه املدرسة أن كينز أهمل دور النقود في السياسة االقتصادية ورأت هذه‬
‫املدرسة أنه من املهم االعتناء بعرض النقود‪.‬‬
‫ملتون فردمان ‪:‬‬
‫دافع فردمان على نظرية كمية النقود في ثوب جديد وبين من خالل دراسته على االقتصاد‬
‫األمريكي وجود عالقة بين عرض النقود واالنتعاش أو الركود االقتصادي ويرى فردمان أن‬
‫العرض مرتبط بالتضخم ويعتقد أنه من بين أسباب أزمة ‪ 1929‬هو رفض السلطات‬
‫النقدية االمريكية توفير السيولة للبنوك‪.‬‬
‫ًا‬
‫ينتقد فبردمان على عكس كينز يعتبر أن طلب النقود أكثر استقرار مما يدعي كينز ويتوقف‬
‫بصفة عامة على الدخل الدائم وليس على الدخل في كل فترة‪.‬‬
‫خالصة ‪ :‬بما أن الطلب على النقود مستقر فإن زيادة عرض النقود يؤدي مباشرة إلى زيادة‬
‫االستهالك ويؤثر بالتالي على االسعار‪.‬‬
‫‪ -‬كينز يعتبر أن سعر تداول النقود غير مستقرة ويرى فردمان العكس ‪ .‬كينز شكك في‬
‫استقرار سرعة التداول واعتبر أن زيادة النقود يمكن أن تؤثر في األسعار وفي سرعة‬
‫تداول النقود باالنخفاض وهي النتيجة التي رفضها فردمان‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك فإن النقديون الجدد يعتبرون أن زيادة االنفاق الحكومي لحل مشكلة البطالة البد أن‬
‫يتبعه زيادة في عرض النقود ألن زيادة االنفاق الحكومي يقابلها انخفاض في اإلنفاق الخاص‬

‫‪49‬‬
‫وبذلك اليمكن أن يحدث أي أثر إضافي على الطلب مالم يزد عرض النقود وبالتالي فإن‬
‫العبرة وإنما هي في زيادة عرض النقود‪.‬‬
‫‪ -‬يرى فردمان أن االستقرار االقتصادي يتطلب زيادة عرض النقود بنسبة ثابتة تتفق مع‬
‫معدل النمو االقتصادي وبالتالي على السلطات العاملية مراقبة كمية النقود لتجعل منها‬
‫موازي للنمو االقتصادي ‪ .‬أفكار فردمان جلعت الدول تهتم وتحصي كميات النقود وهو ما‬
‫خلق مشاكل وذلك لتعدد االدوات النقدية املتاحة حيث ظهرت تعريفات عديدة للنقود ‪.‬‬
‫هذه املشاكل بخصوص تعريف النقود جعل املدرسة النقدية موضوع نقد من كالدور‬
‫وغيره‪.‬‬
‫‪ -‬اعتمدت كثير من الدول نصائح فردمان مثل الواليات املتحدة في عهد ريغن وبريطانيا في‬
‫عهد تاتشر ‪ .‬كما أثرت نظرية فردمان على سياسات صندوق النقد الدولي‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫‪ -‬رغم كل هذا اليمكن القول بصفة عامة ومطلقة أن املدرسة النقدية تمثل فكر متعارض‬
‫مع كينز حيث عدل كثير من اتباع كينز عن فكرة ثبات عرض النقود كما عدل وتنازل كثير‬
‫من النقديين عن فكرة ثبات سرعة النقود‪.‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬بعيد عن عرض النقود فإن فردمان يدعو إلى آلية السوق والحرية االقتصادية ويدعو إلى‬
‫حصر دور الدولة ألنه يشك في كفاءتها كما يرى أن الحكومات املستهترة املحدد لسعر‬
‫الفائدة ويعتبر أن تاريخ سياسات البنوك املركزية هو تاريخ االخطاء واعماقه‪.‬‬

‫املدرسة املؤسسية ‪:‬‬


‫منذ التقليديين فإن الفكر االقتصادي حاول البحث عن قوانين مجردة تكاد تتجاهل‬
‫الظروف التاريخية واالجتماعية رغم بعض املحاوالت ملراعاة هذا الجانب مثل آدم سميث‬
‫وأصبح االهتمام نحو صياغة قوانين اقتصادية في شكل رياضي يهتم بسلوك املواطن‬
‫ًا‬
‫الرشيد بعيد عن الظروف االجتماعية واملؤسسية املوجودة ‪ .‬ماركس خرج عن هذا بما أنه‬
‫ًا‬
‫اعتنى أيض بالوضع االجتماعي ونقده وجاءت أفكاره ذات طابع اجتماعي ومؤسسي‪.‬‬
‫املدرسة املؤسسة تجد جذورها في املدرسة التاريخية األملانية وكذلك مع أفكار ماركس فيبر‬
‫وازدهرت في الواليات املتحدة االمريكية وترى هذه املدرسة أن العبرة باملؤسسات السائدة‬
‫وأن السوق هو إحدى هذه املؤسسات ( النظام القانوني والقيم السائدة ) فاالقتصاد‬
‫املؤسسي يوجه عناية للتنظيمات القائمة وشكل السيطرة على االقتصاد سواء كانت هذه‬

‫‪50‬‬
‫السيطرة راجعة إلى اعتبارات فنية أو قانونية أو تكنولوجية ولقد حظيت فكرة القوة أو‬
‫السيطرة االقتصادية باهتمام كبير لدى املدرسة املؤسسية وكان دور الحكومة جوهري‪.‬‬
‫مرت هذه املدرسة بمرحلتين ‪ :‬في املرحلة االولى كانت تنتقد وتعارض الفكر السائد وترى‬
‫أنه اليجب أن يكون محور االهتمام األسعار والسوق وإنما املؤسسات ‪.‬‬
‫في املرحلة الثانية درست جميع املؤسسات االجتماعية وذلك مع املدرس املؤسسية الحديثة‬
‫التي تستعمل أساليب التحليل االقتصادي مثل املقارنة بين العائد والتكلفة واملواطن الرشيد‬
‫وليس في االقتصاد فقط وإنما في مجاالت أخرى مثل حقوق امللكية وأحكام القضاء ‪ ،‬تفسير‬
‫الجريمة ‪ ،‬التمييز العنصري ونشاط السلطة‪.‬‬
‫في الحقيقة هناك العديد من رواد هذه املدرسة ولكن نكتفي بفبلن وجالبرث‬

‫فبلن ‪:‬‬
‫يمثل املرحلة األولى من هذه املدرسة وهاجم النظرية النيوكالسكية ( املدرسة التقليدية‬
‫ًا‬
‫الحديثة ) واعتبر أنه ليس صحيح أن الفرد مستهلك رشيد يستلهم رغباته وأولوياته‬
‫باستقالل عن اآلخرين والصحيح هو أن الفرد كائن اجتماعي يتأثر بمن حوله ويحاول‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫تقليده والذوق ليس أمر فردي بقدر ما هو تأثير جماعي‪.‬‬
‫ًا‬
‫كما بين أنه ليس دائم يكون الطلب عكس السعر وإنما قد يكونان في عالقة طردية نتيجة‬
‫التفاخر ( االستهالك التفاخري ) وخاصة لدى الطبقة الغنية التي يرى فيها أمل ويرى أن‬
‫أمل املستقبل هم املهندسين ألنهم يخترعون األشياء ويضيفون إلى الثروة العامة‪.‬‬
‫جالبرث ‪:‬‬ ‫‪)2‬‬
‫يرى أنه كلما أدت قوى السوق إلى االحتكار إال وخلقت قوى معارضة ومناهضة مثل‬
‫ًا‬
‫النفايات التي تكون أكثر قوة وتنظيم حيث تتركز الصناعة‪.‬‬
‫كما يرى في تركز الصناعات قدرة على تحقيق التقدم التكنولوجي ناقش خصائص املجتمع‬
‫التكنولوجي وأعطى أهمية لطبقة الفنيين ويرى بان في هذا املجتمع تراجع لدور الرأسمالي‬
‫ليترك مكانه للفني واإلداري لحكم التقدم التكنولوجي وبالتالي أصبح الفنيون هم الذين‬
‫يسيطرون على معظم القرارات في املجتمع الصناعي وأصبحوا أصحاب السلطة وهذه هي‬
‫فكرة انفصال امللكية عن اإلدارية ويرى جالبرث أنه على عكس الرأسماليين الذين يلهثون‬
‫وراء الربح فإن الفنيين يسعون لتوسيع املشروع‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫كما أكد أنه ليس صحيح بأن املستهلك في اقتصاد السوق هو مستهلك رشيد ألنه‬ ‫‪-‬‬
‫يخضع ملؤثرات الدعاية والحقيقة فإن املنتج هو الذي يحدد أذواق املستهلك‬
‫ورغباته وفرق جالبرث بين الحاجات والرغبات وأكد أن الرغبات هي من صنع‬
‫املجتمع‪.‬‬
‫يعتبر جالبرث أقل ثقة في قوى السوق ويرى أن الرقابة على األسعار أمر البد منه‬ ‫‪-‬‬
‫لضبط التضخم‪.‬‬
‫ًا‬
‫املؤسسة الحديثة ‪ :‬تعتبر أن التحليل االقتصادي ليس خاطئ ولكنه قاصر ودور املؤسسة‬
‫ًال‬
‫الحديثة هو مد أدوات النظرية االقتصادية وهي الجوانب املؤسسية فمث لم يعد االهتمام‬
‫ًا‬
‫فقط بالسياسة االقتصادية وإنما أيض باساليب الحكم واإلدارة أي االهتمام بطبيعة‬
‫املؤسسات القائمة على اتخاذ القرار والبحث عن املؤسسات املناسبة وبالتالي كانت الدعوة‬
‫إلى الخصخصة وإلى اإلصالح السياسي والدستوري ‪.‬‬
‫أدت هذه املدرسة إلى االنتقال من االهتمام باإلنتاج واألسعار إلى االهتمام بالتصرفات مما‬
‫أدى إلى ما يعرف باقتصاديات التصرفات أي الظروف التي تتم فيها هذه التصرفات من‬
‫إدارة رقابة وحوافز وغيرها من تطبيق القوانين واحترامها‪.‬‬
‫كما أشارت هذه املدرسة إلى قضية املصداقية واحترام التعهدات التي لها تأثير كبير على‬
‫التصرفات االقتصادية وخاصة في مجال االستثمار وسياسة الحكومة ومن هنا تظهر اهمية‬
‫اإلطار القانوني والدستوري ‪.‬‬
‫وخالصة القول أن نجاح السوق اليمكن أن يكون من فراغ وإنما يرتبط بعديد من‬
‫املؤسسات املناسبة‪.‬‬

‫الليبرالية الجديدة ‪:‬‬


‫تجد الليبرالية جذورها عند دعاة الحرية االقتصادية مثل جون لوك في عصر التنوير ‪،‬‬
‫مونتسيكيو ‪ ،‬فولتير ‪ ،‬وافيد هيوم وسميث وجون ستوارت ميك الخ‪.‬‬
‫‪ -‬تدعو هذه املدرسة إلى الحرية والفردية واالستقاللية أي الديمقراطية وهي تنادي بعدم‬
‫املساس بالحقوق األساسية وذلك من خالل الديمقراطية الدستورية‪.‬‬
‫‪ -‬عرفت الليبرالية عدد من املراحل إذ يمكن اعتبار الثورة املجيدة في انجلترا سنة ‪1688‬‬
‫اعتراف سياسي بالنظام الليبرالي واستقرت الليبرالية مع الثورة الفرنسية ‪ 1789‬وقبلها في‬

‫‪52‬‬
‫أمريكا سنة ‪ 1776‬لكن في القرن التاسع عشر كثرت الدعوات لتدخل الدولة وكذلك تميز‬
‫القرن فيه بعدة أنظمة تدخلية من فاشية ونازية وماركسية وكان تدخل الدولة بتأثير من‬
‫أفكار كينز وبتدخل نقابات العمال املتزايدة وصار االعتقاد بأن الليبرالية أصبحت من‬
‫التراث وال تتجاوب مع حقائق العصر لكن مع انهيار االشتراكية في اإلدخار السوفياتي بدأ‬
‫الحديث من جديد عن الليبرالية الجديدة‪.‬‬
‫‪ -‬حافظت الليبرالية الجديدة على مبادئها في الدفاع عن الحرية االقتصادية الفردية بصفة‬
‫عامة لكنها في املقابل أصبحت تؤمن بأن الدولة لها دور ال يمكن تجاهله مثل تحقيق‬
‫االستقرار وتوفير شروط وضمانات التقدير وتوفير العدالة االجتماعية ولكن تدخل‬
‫الدولة البد أن يكون عن طريق السياسات االجتماعية ولكن تدخل الدولة البد أن يكون‬
‫عن طريق السياسات وليس األوامر فالدولة الليبرالية هي دولة القانون وليس دولة األوامر‬
‫‪ :‬مثال الدولة ال تقوم باإلنتاج ولكنها تؤثر في اإلنتاج ‪.‬‬
‫‪ -‬ساعدت املدرسة النقدية في بروز عودة الليبرالية من خالل الشك في قدره الحكومات على‬
‫تحقيق االستمرار االقتصادي عبر السياسات املالية ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك املدرسة املؤسسية ساعدت على الليبرالية من خالل املنادات ببعث املؤسسة وتفعيل‬
‫دورها وتهيئة املناخ املالئم بصفة عامة ويعتبره فوهايك من أهم رذاذ املدرسة الليبرالية ‪.‬‬

‫فون هايك ( ‪: )1992 -1899‬‬


‫يعتبر األب الروحي للمدرسة الليبرالية حيث دعى إلى الحرية الفردية ومقاومة النظم‬
‫املسئولية في السياسة واالقتصاد وخاصة التخطيط املركزي وأهم كتاباته " الطريق إلى‬
‫العبودية " قبل نهاية الحرب العاملية الثانية حيث حذر مخاطر التدخل الشمولي على حرية‬
‫األفراد وحقوقهم وأصبح منذ ذلك الوقت من أهم املدافعين على إقتصاد السوق ودولة‬
‫القانون‪.‬‬
‫‪ -‬كان من دعاة العودة إلى نظام السوق بعدما أفرطت الدولة في تدخلها معتمدة على بضائع‬
‫كينز وبهذا فإنه يمثل االساس الفلسفي لفردمان أهم أنصار اقتصاد السوق‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬أسس سنة ‪ 1947‬جمعية " مون بلدن " في سويسرا ملناهضة الدعوات الشمولية وتدخل‬
‫الدولة واعتبرته األوساط اليسارية رجعي حتى إن هرمان فينز كتب كتابات للرد على‬
‫هايك عنوانه " الطريق إلى الرجعية " سنة ‪. 1945‬‬
‫‪ -‬لقد انتقد بشدة هايك النظر الشمولية مثل الفاشية والنازية ( اليمن املتطرف ) واملاركسية‬
‫( اليسار املتطرف ) ألن هذه النظم تمتاز بسيطرة السياسة السلطة على مقدرات املجتمع‬
‫وبتالشي فيها دور الفرد‪.‬‬
‫‪ -‬يعرف هايك النظم الشمولية بأنها تبحث عن املدينة الفاضلة أو البيوتوبيا وربط بين تحقيق‬
‫هذه املدينة الفاضلة وبين فكرة تنظيم املجتمع ورفض بالتالي فكرة املدينة الفاضلة ألن‬
‫ًا‬
‫املجتمع ليس باملادة الصماء يتم تشكيلها وفق إلرادة الحاكم وإنما املجتمع هو كائن‬
‫متطور بقوى ذاتية‪.‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬بين هايك في كتابه األخير " الغرور القاتل " أنه ليس صحيح أن العقل وحده يغير النظم‬
‫االجتماعية فهناك بين العقل والغريزة منطقة هامة تخضع ملؤثرات أخرى للتغيير وهي‬
‫تلك الناجمة عن التطور الثقافي ‪ .‬فاغلب النظم االجتماعية لم تنشأ نتيجة تصور عقلي‬
‫وإنما نتيجة للخبرة التاريخية املتراكمة التي اثبتت فاعليتها ونجاحها‪ .‬والعقل اليجب أن‬
‫يأخذ كمعطاء بقدر ما هو نتيجة للتطور الثقافي والحضاري ومن هنا تظهر أهمية دور‬
‫التطور وتراكم الخبرات والتجارب في نشأة النظم االجتماعية فاللغة والسوق والنقود‬
‫واألوراق التجارية لم تنشأ نتيجة فكرة عبقرية وإنما نتيجة حاجة املجتمع لذلك‪.‬‬
‫‪ -‬يقول هايك عندما تظهر الدولة كجحيم فإن ذلك يكون عادة نتيجة محاولة األفراد إقامة‬
‫الجنة على األرض‪.‬‬
‫كما حذر هايك إخضاع االقتصاد لبعض العالقات الرياضية واإلفراط في إدعاء العلمية‬
‫واملحاوالت لتشبيه االقتصاد بالعلوم الطبيعية تضر أكثر مما تنفع حيث يلتجأ الباحث‬
‫ًا‬
‫أحيان إلى بعض العالقات الهامشية التي تقبل القياس ويستمد عن العوامل الحقيقية املؤثرة‬
‫ملجرد أنها غير قابلة للقياس‪.‬‬
‫‪ -‬انتقد التخطيط الشامل املركزي عندما اليقتصر دور الدولة على وضع اإليطار املناسب‬
‫للجميع والتدخل بإفراط في إدارة املجتمع فالتخطيط هنا يستبعد السوق ويحل محلها‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫تدخل الدولة باإلدارة الشاملة واملركزية وإتخاذها للقرارات في كل ما يتعلق بالنشاط‬
‫االقتصادي يبعد الدولة عن فكرة دولة القانون وإتباع اقتصاد األوامر وليس باقتصاد‬
‫القواعد ( أي دولة القانون ) ‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫تلعب فكرة دولة القانون دور محوري في تصور هايك للمجتمع الحر ودولة القانون تعني‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫أن تكون جميع أفعال الحكومة محددة وفق لقواعد عامة معروفة مسبق بما ال يترك‬
‫ًال‬
‫مجا للتحكم أو املفاجأة أمام أفعال الحكومة وهكذا يمكن تجنب دولة األوامر‪.‬‬
‫‪ -‬توسع دور الدولة يتعارض مع الديمقراطية لعدة أسباب منها ‪:‬‬
‫اليمكن حصول اتفاق عام في بعض األمور التي تتعارض فيها املصالح وبالتالي‬ ‫‪‬‬
‫تفرض إرادة الدولة بالسلطة والقهر‪.‬‬
‫سياسة التخطيط املركزي تعتمد على الفنيين وقد يختار هؤالء السياسات‬ ‫‪‬‬
‫حسب تفضالتهم التي قد ال تتفق مع رغبة األغلبية‪.‬‬
‫يعتقد هايك أن النظم الشمولية تستبعد عادة أفضل العناصر من الحكام تستعمل‬ ‫‪-‬‬
‫العناصر االنتهازية كما يعتقد بأ‪ ،‬النظم الشمولية تلتجأ إلى تعبئة الرأي العام وراء‬
‫خططها وقراراتها دون كثير من االعتبار للحقيقة ذاتها ألن املسؤولين يريدون ان‬
‫يوهموا الشعب بان املصلحة العامة تبرر كل شيء ‪.‬‬
‫بوكنان ونظرية االختيار العام ‪:‬‬
‫االقتصاد في األمر يهتم بعالقات التبادل ويغلب عليه اعتبارات املصلحة الخاصة أما‬
‫السياسة تهتم بقرارات السلطة بالتالي املصلحة العامة وبالتالي جاءت مدرسة االختيار العام‬
‫بفكرة معاملة السياسة كنوع من النشاط الجاري أو االقتصادي‪.‬‬
‫‪ -‬من املمكن حسب هذه املدرسة استخدام أدوات التحليل االقتصادي على أكثر من وجه في‬
‫النشاط العام وخاصة سلوك اإلدارة والبيروقراطية فرجال السياسة واإلدارة ليسو‬
‫منزهين عن البحث عن مصالحهم الخاصة بالتالي فإذا كانت البيروقراطية تعبر عن‬
‫املصلحة العامة فهذا اليعني أن املسؤولين عليها هم أشخاص لهم مصالحهم الذاتية وبما‬
‫أن الدولة تملك أساليب القهر املشروع فتجد مشروعيتها في حماية مصالح فئة معينة‬
‫فقط تتعارض مصلحة املجتمع ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -‬يعتبر بوكنان من أهم االقتصاديين الذين درسوا سلوك رجال السياسة واإلدارة حيث أكد‬
‫أن هؤالء هم منطبقون مع أنفسهم وتحركهم املصالح الذاتية وهم مثل املنتج الذي يسعى‬
‫لتحقيق أرباح ومصلحتهم تتمثل في الجاه والنفوذ والسلطة أو الكسب املادي وهؤالء ال‬
‫يتحملون تكاليف قراراتهم وإنما تتحملها الخزانة العامة وبالتالي املواطن العادي السلوك‬
‫البيروقراطية يمتاز بالتبذير ويظهر ذلك من خالل عجز امليزانية العامة لكن مزايا‬
‫وعائدات االنفاق على البيروقراطية تعود بالنفع على رجال السياسة واإلدارة والعائد‬
‫يتمثل في السلطة وزيادة النفوذ‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫‪ -‬أخذت نظرية املصلحة العامة أو ما يعرف بالسلع العامة اهتمام كبير من عدد من‬
‫االقتصاديين النيوكالسيك مثل سمويليسون ‪.‬‬
‫خالصة ‪:‬‬
‫نظرية االختيار العام أرست األساس املنطقي لعدم كفاءة سالمة القرارات العامة في كثير‬
‫من األحوال وساهمت في دعم االتجاهات الليبرالية الجديدة وضرورة وضع الحدود والقيود‬
‫على نشاط الدولة‪.‬‬

‫‪56‬‬

You might also like